ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 252221 / تحميل: 4419
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وقد ذكر ( الدهلوي ) في ( أُصول الحديث ) له، والصدّيق حسن خان في ( الحطة في ذكر الصحاح الستة ) كتاب « الخصائص » في الكتب المصنفة في ( المناقب ) قالا: « وللنسائي رسالة طويلة الذيل في مناقبه كرّم الله وجهه، وعليها نال الشهادة في دمشق من أيدي نواصب الشام، لفرط تعصبهم وعداوتهم معهرضي‌الله‌عنه ».

واستشهد ( الدهلوي ) في كتابه ( التحفة ) بقصّة النسائي وكتابه « الخصائص » في مقام الدفاع عن أهل السنّة، ودفع ما قيل من أنّهم يبطنون بغض أمير المؤمنين عليه الصلاة والسّلام، ولكن العجب منه تكذيبه حديث الطير وحديث الولاية المخرجين في هذا الكتاب، فهو مرةً يستشهد باستشهاد النسائي على أيدي النواصب وبتصنيفه كتاب الخصائص لولاء أهل نحلته لأهل البيت الأمجاد، ومرةً يشاقق النسائي بتكذيب حديث الولاية، واُخرى بتكذيب حديث الطير، ويسرّ قلوب أهل النصب والعناد، وهل هذا إلّا تدافع وتهافت وتناقض؟!

وهكذا، فقد باهى تلميذه رشيد الدين خان في كتابه ( إيضاح لطافة المقال ) وافتخر بكتاب « الخصائص »، وعدّه من مصنّفات عظماء أهل التحقيق من أهل السنّة في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن شيخه ( الدهلوي ) قد أبطل هذا الافتخار بإبطال حديث الولاية وحديث الطير، المسرودين في ( الخصائص ) وغيره من الأسفار المشهورة بالإِعتبار

(١٠)

رواية أبي يعلى

رواه بقوله: « ثنا الحسن بن حمّاد الوراق ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع - ثقة - ثنا عيسى بن عمر عن إسماعيل السدّي، عن أنس بن مالك: إن رسول

١٦١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان عنده طائر فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير، فجاء أبو بكر فردّه ثم جاء عمر فردّه ثم جاء عثمان فردّه ثم جاء علي فأذن له »(١) .

و قال أبو يعلى أيضاً: « ثنا قطن بن نسير، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، ثنا عبد الله بن مثنى، ثنا عبد الله بن أنس، عن أنس قال: اُهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجل مشوي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطعام، فقالت عائشة: اللّهم اجعله أبي، وقالت حفصة: اللّهم اجعله أبي، قال أنس فقلت أنا: اللهم اجعله سعد به عبادة. قال أنس: سمعت حركة الباب، فإذا علي فسلَّم، فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف، ثم سمعت حركة الباب فسلَّم علي، فسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صوته فقال: اُنظر من هذا؟ فخرجت فإذا علي، فجئت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبرته، فقال: ائذن له فأذنت له فدخل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم وإليَّ اللّهم وإليَّ ».

إعتبار مسند أبي يعلى

ومسند أبي يعلى من المسانيد المعتبرة المشهورة، والأسفار المقبولة المعروفة، ومن مرويّات مشاهير العلماء: كالسيوطي، والثعالبي، والكردي، والأمير، والشوكاني، وشاه ولي الله، وغيرهم.

وقال الذهبي بترجمة أبي يعلى: « أبو يعلى، الموصلي، الحافظ الثقة، محدّث الجزيرة صاحب المسند الكبير ».

قال: « قال السمعاني: سمعت إسماعيل بن محمّد بن الفضل الحافظ يقول: قرأت المسانيد، كمسند العدني ومسند أبي منيع، وهي كالأنهار، ومسند

____________________

(١). مسند أبي يعلى ٧ / ١٠٥.

١٦٢

أبي يعلى كالبحر يكون مجتمع الأنهار.

قلت: سمعنا مسند أبي يعلى بفوت نصف جزءٍ بالإِجازة العالية، ويقع من حديثه بعلو لابن البخاري »(١) .

وقال في ( العبر ) له: « أبو يعلى الموصلي، أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى، التميمي، الحافظ، صاحب المسند »(٢) .

وكذا قال: صلاح الدين الصفدي، واليافعي بترجمته. وقد أورد السيّوطي، والثعالبي في ( طبقات الحفاظ ) و ( مقاليد الأسانيد ) و ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) كلمة إسماعيل بن الفضل الحافظ المتقدمة.

* وقال الحافظ الهيثمي: « عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقدّم فرخاً مشويّاً، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الفرخ، فجاء علي ودقَّ الباب، فقال أنس: من هذا؟ قال: علي، فقلت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجة، فانصرف، ثمّ تنّحى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكل، ثمّ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ الخلق إليك وإليَّ يأكل معي من هذا الفرخ، فجاء علي فدقَّ الباب دقّاً شديداً، فسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا أنس، من هذا؟ قلت: علي. قال: أدخله، فدخل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لقد سألت الله ثلاثا أن يأتيني بأحبّ الخلق إليه وإليّ يأكل معي من هذا الفرخ، فقال علي: وأنا - يا رسول الله - فقد جئت ثلاثاً، كلّ ذلك يردّني أنس. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس، ما حملك على ما صنعت؟ قال: أحببت أن تدرك الدعوة رجلاً من قومي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يلام الرجل على

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٢). العبر في خبر من غبر ٢ / ١٣٤.

١٦٣

حبّ قومه.

وفي روايةٍ: كنت مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حائط، وقد أُتي بطائر.

و في روايةٍ قال: أهدت أُمّ أيمن إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طائراً بين رغيفين، فجاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر.

قلت: عند الترمذي طرف منه.

رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار.

و أبو يعلى باختصار كثير، إلّا أنّه قال: فجاء أبو بكر فردّه، ثم جاء عمر فردّه، ثم جاء علي فأذن له.

وفي إسناد الكبير: حمّاد بن المختار ولم أعرفه، وبقيّة رجاله رجال الصحيح.

وفي أحد أسانيد الأوسط: أحمد بن عياض بن أبي طيبة، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.

ورجال أبي يعلى ثقات، وفي بعضهم ضعف »(١) .

رجال الحديث

ورجال أبي يعلى ثقات. أمّا الحديث الأوّل فرجاله رجال النسائي في الخصائص، وقد عرفتهم، وأمّا الحديث الثاني فهم ثقات بلا كلام.

وقول الهيثمي - بعد توثيق رجال إسناد أبي يعلى - « وفي بعضهم ضعف » ما هو إلّا إشارة إلى تكلّم بعضهم - عن تعصّبٍ - في « السدّي »، وقد عرفت أنّه من رجال الصّحاح.

____________________

(١). مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥.

١٦٤

ترجمة أبي يعلى

وأبو يعلى - أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي - فهو من الحفاظ المشاهير الأعلام، وهذه طائفة من مصادر ترجمته - وقد ترجمنا له في بعض المجلّدات بالتفصيل -:

١ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧.

٢ - العبر ٢ / ١٣٤.

٣ - الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

٤ - مرآة الجنان ٢ / ٢٤٩.

٥ - البداية والنهاية ١١ / ١٣٠.

٦ - النجوم الزاهرة ٣ / ١٩٧.

٧ - طبقات الحفاظ: ٣٠٦.

٨ - دول الإِسلام ١ / ١٨٦.

٩ - سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٧٤.

وقد وصفه الذهبي في ( سيره ) بـ « الإِمام، الحافظ، شيخ الإِسلام ».

(١١)

رواية ابن جرير الطّبري

وأبو جعفر محمد بن جرير الطّبري من رواة حديث الطّير، وقد جمع طرقه في مؤلّف مفرد لكثرتها. قال الحافظ ابن كثير - في ذكر الحديث -: « وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنّفات مفردة، منهم: أبو بكر ابن مردويه، والحافظ أبو طاهر محمّد بن أحمد بن حمدان - فيما رواه شيخنا الذهبي - ورأيت فيه مجلَّداً في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر محمّد بن جرير الطبري المفسّر

١٦٥

صاحب التاريخ »(١) .

ترجمته

وقد ترجمنا لابن جرير الطّبري في بعض المجلّدات. ومن مصادرها:

١ - تاريخ بغداد ٢ / ١٦٢.

٢ - معجم الأدباء ١٨ / ٤٠.

٣ - الأنساب - الطبري.

٤ - تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٧٨.

٥ - طبقات الحفّاظ: ٣٠٧.

٦ - تذكرة الحفاظ ٢ / ٧١٠.

٧ - طبقات السبكي ٣ / ١٢٠.

٨ - طبقات الداودي ٢ / ١٠٦.

٩ - الوافي بالوفيات ٢ / ٢٨٤.

١٠ - العبر ٢ / ١٤٦.

١١ - طبقات القراء ٢ / ١٠٦.

١٢ - مرآة الجنان ٢ / ٢٦٠.

١٣ - البداية والنهاية ١١ / ١٤٥.

١٤ - شذرات الذهب ٢ / ٢٦٠.

ه فوة من ابن كثير

وأمّا قول ابن كثير بعد العبارة المذكورة: « ثمّ وقفت على مجلَّد كبير في ردّه وتضعيفه سنداً ومتناً، للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلّم ».

____________________

(١). البداية والنهاية ٧ / ٣٥٤.

١٦٦

فيضعّف بأنّ الباقلّاني لا يبلغ أدنى المراتب الحاصلة للطبري في معرفة الحديث والرجال، وأين الثريّا من الثّرى؟ وأين الدرّ من الحصى؟! فلا وجه لهذه المعارضة

بل لا يخفى على الممارس لعلم الحديث والعارف بأحوال العلماء والرّجال: أنّ الباقلاني لا يعدّ من علماء الحديث، ولا يلتفت إلى أقواله في هذا الفن، وقد نصّ على ذلك شاه وليّ الله والد ( الدهلوي ) في كتاب ( قرة العينين ).

(١٢)

رواية أبي القاسم البغوي

رواه من حديث سفينة مولى - رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - « قال: أهدت امرأة من الأنصار طائرين في رغيفين إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن في البيت غيري وغير أنس، فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا بغدائه فقلت: يا رسول الله، قد أهدت لك امرأة من الأنصار هديّة، فقدّمت إليه الطّائرين فقال: اللّهم إئتني بأحبّ خلقك إليك وإلى رسولك، فجاء علي بن أبي طالب، فضرب الباب ضرباً خفيفاً، فقلت: من هذا؟ فقال: أبو الحسن، ثمّ ضرب الباب ورفع صوته فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من هذا؟ قلت: علي بن أبي طالب، قال: افتح له، ففتحت له، فأكل معه من الطيرين حتى فنيا»(١) .

ترجمته

١ - السمعاني: « أبو القاسم عبد الله بن محمّد بن عبد العزيز بن المرزبان

____________________

(١). معجم الصحابة - مخطوط.

١٦٧

ابن سابور بن شاهنشاه البغوي ابن بنت أحمد بن منيع البغوي كان محدّث العراق في عصره، عمّر العمر الطويل حتى رحل الناس إليه، وكتب عنه الأجداد والأحفاد والآباء والأولاد، وكان ثقة مكثراً فهماً عارفاً بالحديث، وكان يورق أوّلاً ثم رجع، وصنف المعجم الكبير للصحابة، وجمع حديث علي بن الجعد، وغيره.

سمع: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وعلي بن الجعد، وخلف ابن هشام، ومحمّد بن عبد الوهاب الهاروني ...، وخلقاً يطول ذكرهم من شيوخ البخاري ومسلم سوى هؤلاء.

روى عنه: يحيى بن محمّد بن صاعد، وعلي بن إسحاق بن البحتري الماوردي، وعبد الباقي بن قانع، وحبيب بن الحسن الفرّاء، وأبو بكر محمّد ابن عمر بن الجعابي، وأبو حاتم البستي، وأبو أحمد بن عدي الحافظ، وأبو بكر الإِسماعيلي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو بكر ابن المقرئ، وأبو الحسن الدار قطني، ومحمّد بن المظفّر، وخلق كثير سوى هؤلاء »(١) .

٢ - الذهبي: « البغوي، الحافظ الثقة الكبير، مسند العالم قال ابن أبي حاتم: أبو القاسم البغوي يدخل في الصحيح، وقال الدار قطني: كان البغوي قلّ أنْ يتكلّم على الحديث، فإذا تكلّم كان كلامه كالمسمار في السّاج. قال ابن عدي: كان البغوي صاحب حديث

قلت: وقد احتجّ به عامّة من خرّج الصحيح، كالإِسماعيلي، والدار قطني، والبرقاني. وعاش مائة سنة وثلاث سنين، قال الخطيب: أبو بكر كان ثقة ثبتاً فهماً عارفاً. وقال السلمي: سألت الدّار قطني عن البغوي فقال: ثقة إمام جبل إمام، أقلّ المشايخ خطأً »(٢) .

____________________

(١). الأنساب - البغوي.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٣٧.

١٦٨

٣ - الذهبي أيضاً: « وكان محدّثاً حافظاً مجوّداً مصنفاً، انتهى إليه علوّ الإِسناد في الدنيا ...»(١) .

٤ - السيوطي: « البغوي، الحافظ الكبير الثقة مسند العالم »(٢) .

(١٣)

رواية ابن صاعد

قال الخوارزمي: « أخبرنا صمصام الأئمة أبو عفان عثمان بن أحمد الصرام الخوارزمي قال: أخبرنا عماد الدين أبو بكر بن الحسن النسفي قال: حدّثني الشيخ الفقيه أبو القاسم ميمون بن علي الميموني قال: حدّثنا الشيخ. الزاهد أبو محمّد إسماعيل بن الحسين قال: حدّثنا أبو الحسن القاضي علي ابن الحسن بن علي بن مطرف الجراحي ببغداد قال: حدّثنا يحيى بن صاعد قال: حدّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدّثنا أبو أحمد الحسين بن محمّد قال: حدّثنا سليمان بن قرم، عن محمّد بن شعيب، عن داود بن علي ابن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جدّه عبد الله بن عباس -رضي‌الله‌عنه - قال: أُتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطائر، فقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك، فجائه علي بن أبي طالب »(٣) .

ترجمته

١ - الذهبي: « يحيى بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور، الحافظ الإِمام الثقة قال الدار قطني: ثقة ثبت حافظ، وقال أحمد بن عبدان

____________________

(١). العبر ٢ / ١٧٠.

(٢). طبقات الحفاظ: ٣١٢.

(٣). مناقب علي بن أبي طالب: ٥٨.

١٦٩

الشيرازي: هو أكثر حديثاً من محمّد بن محمّد الباغندي، ولا يتقدّمه أحد في الدراية، قال أبو علي النيسابوري: لم يكن بالعراق في أقران ابن صاعد أحد في فهمه، والفهم عندنا أجلّ من الحفظ، وهو فوق ابن أبي داود في الفهم والحفظ، وسئل ابن الجعابي: هل كان ابن صاعد يحفظ؟ فتبسّم وقال: لا يقال لأبي محمّد يحفظ، كان يدري قال الخطيب: كان ابن صاعد ذا محلٍّ من العلم، وله تصانيف في السنن والأحكام

قلت : لابن صاعد كلام متين في الرجال والعلل، يدل على تبحّره، مات في ذي القعدة سنة ٣١٨ »(١) .

٢ - اليافعي ووصفه بـ « الحافظ الحجة »(٢) .

٣ - السيوطي: « يحيى بن محمّد بن صاعد بن كاتب، مولى أبي جعفر المنصور، الحافظ الإِمام الثقة »(٣) .

(١٤)

رواية ابن أبي حاتم الرازي

رواه بإسنادٍ أجود من إسناد الحاكم، قال ابن كثير في ذكر حديث الطّير في فضائل مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ورواه ابن أبي حاتم، عن عمّار ابن خالد الواسطي، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن أنس، فذكر الحديث. وهذا أجود من إسناد الحاكم »(٤) .

____________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٧٦.

(٢). مرآة الجنان ٢ / ٢٧٧.

(٣). طبقات الحفّاظ: ٢٣٥.

(٤). البداية والنهاية ٧ / ٣٥٣.

١٧٠

ترجمته

١ - الذهبي: في حوادث ٣٢٧ « وفيها: توفي عبد الرحمن بن أبي حاتم محمّد بن إدريس بن المنذر، الحافظ الجامع، التميمي الرازي بالراء، وقد قارب التسعين، رحل به أبوه في سنة خمس وخمسين ومائتين، فسمع أبا سعيد الأشج، والحسن بن عرفة وطبقتهما، قال أبو يعلى الخليلي: أخذ عن أبيه وأبي زرعة، كان بحراً في العلوم ومعرفة الرجال، صنّف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، ثمّ قال: وكان زاهداً يعدّ من الإِبدال »(١) .

٢ - اليافعي ووصفه بـ « الحافظ العالم » ثمّ نقل كلام الخليلي المتقدم(٢) .

٣ - السبكي: « الإِمام ابن الإِمام، حافظ الري وابن حافظها، كان بحراً في العلم، وله المصنفات المشهورة »(٣) .

وقد ترجمنا له في مجلد حديث الغدير.

(١٥)

رواية ابن عبد ربّه

رواه في كتابه في إحتجاجٍ للمأمون على الفقهاء، في بحوثٍ مفصّلة جرت، فذكر حديث الطير ومفاده، وهذه عبارة ابن عبد ربّه حيث قال: « إحتجاج المأمون على الفقهاء في فضل علي: إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل بن حماد ابن زيد قال: بعث إليَّ يحيى بن أكثم وإلى عدة من أصحابي، وهو يومئذ قاضي القضاة فقال: إن أمير المؤمنين أمرني أن أحضر معي غدا مع الفجر أربعين

____________________

(١). العبر ٢ / ٢٠٨.

(٢). مرآة الجنان حوادث: ٣٢٧.

(٣). طبقات السبكي ٣ / ٣٢٤.

١٧١

رجلاً، كلّهم فقيه يفقه ما يقال له ويحسن الجواب، فسمّوا من تظنّونه يصلح لما يطلب أمير المؤمنين، فسمّينا له عدّةً وذكر هو عدّة، حتى تم العدد الذي أراد، وكتب تسمية القوم وأمر بالبكور في السحر، وبعث إلى من لم يحضر فأمره بذلك، فغدونا عليه قبل طلوع الفجر، فوجدناه قد لبس ثيابه وهو جالسٌ ينتظرنا، فركب وركبنا معه حتى صرنا إلى الباب، فإذا بخادم واقف فلمـّا نظر إلينا قال: يا أبا محمّد، أمير المؤمنين ينتظرك. فأدخلنا، فأمرنا بالصلاة، فأخذنا فيها، فلم نستتمها حتى خرج الرّسول فقال: اُدخلوا، فدخلنا فإذا أمير المؤمنين جالس على فراشه وعليه سوادة وطيلسانه والطويلة وعمامته، فوقفنا وسلّمنا فردّ السلام، وأمر لنا بالجلوس، فلمـّا استقرّ بنا المجلس تحدّر عن فراشه ونزع عمامته وطيلسانه ووضع قلنسوته، ثمّ أقبل علينا فقال: إنّما فعلت ما رأيتم لتفعلوا مثل ذلك، وأما الخف فمنع من خلفه علّة، من قد عرفها منكم فقد عرفها، ومن لم يعرفها فسأعرّفه، ومدّ رجله. وقال: انزعوا قلانسكم وخفافكم وطيالستكم، قال: فأمسكنا فقال لنا يحيى: انتهوا إلى ما أمركم به أمير المؤمنين، فتنحّينا، فنزعنا أخفافنا وطيالستنا وقلانسنا ورجعنا، فلمـّا استقرّ بنا المجلس قال:

إنما بعثت إليكم - معشر القوم - في المناظرة، فمن كان به شيء من الخبثين لم ينتفع بنفسه ولم يفقه ما يقول، فمن أراد منكم الخلاء فهناك، وأشار بيده، فدعونا له.

ثمّ ألقى مسألةً من الفقه فقال: يا أبا محمّد قل وليقل القوم من بعدك، فأجابه يحيى، ثمّ الذي يلي يحيى، ثمّ الذي يليه، حتى أجاب آخرنا في العلّة وعلّة العلّة وهو مطرق لا يتكلّم، حتى إذا انقطع الكلام التفت إلى يحيى فقال: يا أبا محمّد، أصبت الجواب وتركت الصواب في العلّة، ثمّ لم يزل يردّ على كلّ واحدٍ منا مقالته، ويخطّئ بعضنا ويصوّب بعضنا، حتى أتى على آخرنا.

ثمّ قال: إني لم أبعث فيكم لهذا، ولكني أحببت أنْ أبسطكم، إنّ أمير

١٧٢

المؤمنين أراد مناظرتكم في مذهبه الذي هو عليه والذي يدين الله به، قلنا: فليفعل أمير المؤمنين وفّقه الله فقال:

إن أمير المؤمنين يدين الله على أنّ علي بن أبي طالب خير خلفاء الله بعد رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأولى الناس بالخلافة له.

قال إسحاق: فقلت: يا أمير المؤمنين، إنّ فينا من لا يعرف ما ذكر أمير المؤمنين في علي، وقد دعانا أمير المؤمنين للمناظرة! فقال: يا إسحاق، اختر، إنْ شئت سألتك أسألك، وإنْ شئت أن تسأل فقل. قال إسحاق: فاغتنمتها منه. فقلت: بل أسألك يا أمير المؤمنين قال: سل.

قلت: من أين قال أمير المؤمنين إن علي بن أبي طالب أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالخلافة بعده؟

قال: يا إسحاق، خبّرني عن الناس بما يتفاضلون حين يقال: فلان أفضل من فلان؟ قلت: بالأعمال الصالحة، قال: صدقت. قال: فأخبرني عمّن فضل صاحبه على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ إنّ المفضول عمل بعد وفاة رسول الله بأفضل من عمل الفاضل على عهد رسول الله يلحق به. قال: فأطرقت، فقال لي: يا أبا إسحاق لا تقل: نعم، فإنّك إنْ قلت نعم أوجدتك في دهرنا هذا من هو أكثر منه جهاداً وحجاً وصياماً وصلاةً وصدقة، فقلت: أجل، يا أمير المؤمنين لا يلحق المفضول على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفاضل أبداً.

قال: يا إسحاق فانظر ما رواه لك أصحابك - ومن أخذت عنهم دينك وجعلتهم قدوتك - من فضائل علي بن أبي طالب فقس عليها ما أتوك به من فضائل أبي بكر، فإنّي رأيت فضائل أبي بكر تشاكل فضائل علي فقل إنّه أفضل منه، لا والله، ولكن قس إلى فضائله ما روي لك من فضائل أبي بكر وعمر، فإنْ وجدت لهما من الفضائل ما لعلي وحده فقل إنّهما أفضل منه، لا والله، ولكن قس إلى فضائله فضائل أبي بكر وعمر وعثمان، فإنْ وجدتها مثل فضائل

١٧٣

علي فقل إنّهم أفضل منه، لا والله، ولكن قس بفضائل العشرة الذين شهد لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالجنّة، فإن وجدتها تشاكل فضائله فقل إنّهم أفضل منه.

قال: يا إسحاق، أيّ الأعمال كانت أفضل يوم بعث الله رسوله؟ قلت: الإِخلاص بالشهادة، قال: أليس السبق إلى الإِسلام؟ قلت: نعم، قال: إقرأ ذلك في كتاب الله تعالى، يقول:( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) إنّما عنى من سبق إلى الإِسلام، فهل علمت أحداً سبق علياً إلى الإِسلام؟ قلت: يا أمير المؤمنين إنّ علياً أسلم وهو حديث السن لا يجوز عليه الحكم، وأبو بكر أسلم وهو مستكمل يجوز عليه الحكم. قال: أخبرني أيّهما أسلم قبل ثمّ اُناظرك من بعده في الحداثة والكمال؟ قلت: علي أسلم قبل أبي بكر، على هذه الشريطة، فقال: نعم. فأخبرني عن إسلام علي حين أسلم لا يخلو من أنْ يكون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاه إلى الإِسلام أو يكون إلهاماً من الله؟ قال: فأطرقت، فقال لي: يا إسحاق لا تقل إلهاماً، فتقدّمه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّ رسول الله لم يعرف الإِسلام حتى أتاه جبرئيل عن الله تعالى. قلت: أجل، بل دعاه رسول الله إلى الإِسلام، قال: يا إسحاق، فهل يخلو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين دعا إلى الإسلام، من أن يكون دعاه بأمر الله أو تكلّف ذلك من نفسه؟ قال: فأطرقت، فقال: يا إسحاق لا تنسب رسول الله إلى التكلف، فإنّ الله يقول:( وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ) . قلت: أجل، يا أمير المؤمنين، بل دعاه بأمر الله، قال: فهل من صفة الجبّار - جلّ ذكره - أن يكلّف رسله دعاء من لا يجوز عليه حكم؟ قلت: أعوذ بالله، فقال: أفتراه في قياس قولك - يا إسحاق -: إنّ عليا أسلم صبيّا لا يجوز عليه الحكم، قد كلّف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دعاء الصبيان ما لا يطيقون، فهل يدعوهم السّاعة ويرتدّون بعد ساعة فلا يجب عليهم في ارتدادهم شيء، ولا يجوز عليهم حكم الرسولعليه‌السلام ، أترى هذا جائزاً

١٧٤

عندك أنْ تنسبه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قلت: أعوذ بالله، قال: يا إسحاق فأراك إنّما قصدت لفضيلة فضّل بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً على هذا الخلق، إبانة بها منهم ليعرفوا فضله، ولو كان الله أمره بدعاء الصبيان لدعاهم كما دعا علياً، قلت: بلى، قال: فهل بلغك أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا أحداً من الصبيان من أهله وقرابته لئلّا تقول: إنّ علياً ابن عمّه؟ قلت: لا أعلم ولا أدري فعل أو لم يفعل، قال: يا إسحاق، أرأيت ما لم تدره ولم تعلمه هل تسئل عنه؟ قلت: لا، قال: فدع ما قد وضعه الله عنا وعنك.

قال: ثمّ أيّ الأعمال كانت أفضل بعد السبق إلى الإِسلام؟ قلت: الجهاد في سبيل الله، قال: صدقت، فهل تجد. لأحدٍ من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما تجد لعلي في الجهاد؟ قلت: في أيّ وقت؟ قال: في أيّ الأوقات شئت.

قلت: بدر. قال: لا أريد غيرها، فهل تجد لأحدٍ إلّا دون ما تجد لعلي يوم بدر؟ أخبرني كم قتلى بدرٍ؟ قلت: نيف وستّون رجلاً من المشركين. قال: فكم قتل علي وحده؟. قلت: لا أدري، قال: ثلاثة وعشرين، أو اثنين وعشرين، والأربعون لسائر الناس، قلت: يا أمير المؤمنين: كان أبو بكر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عريشه، قال: ما ذا يصنع؟ قلت: يدبّر، قال: ويحك يدبّر دون رسول الله، أو معه شريكاً، أم افتقاراً مره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى رأيه؟ أيّ الثلاث أحبّ إليك؟ قلت: أعوذ بالله أنْ يدبّر أبو بكر دون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أو يكون معه شريكاً، أو أنْ يكون برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتقار إلى رأيه، قال: فما الفضيلة بالعريش إذا كان الأمر كذلك؟ أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول الله أفضل ممّن هو جالس؟ قلت: يا أمير المؤمنين كلّ الجيش كان مجاهداً، قال: صدقت كلّ مجاهد، ولكنّ الضارب بالسيف المحامي عن رسول الله صلي الله

١٧٥

عليه وسلّم وعن الجالس أفضل من الجالس، أما قرأت كتاب الله:( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ، فَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى، وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً ) ؟ قلت: وكان أبو بكر وعمر مجاهدين، قال: فهل كان لأبي بكر وعمر فضل على من لم يشهد ذلك المشهد؟ قلت: نعم، قال: فكذلك سبق الباذل نفسه فضل أبي بكر وعمر، قلت: أجل.

قال: يا إسحاق هل تقرأ القرآن؟ قلت: نعم، قال: اقرأ عليَّ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) فقرأت منها حتى بلغت:( يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً - إلى قوله -وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) قال: على رسلك، فيمن نزلت هذه الآيات؟ قلت: في علي، قال: فهل بلغك أنّ علياً حين أطعم المسكين واليتيم والأسير قال:( إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ ) ؟ وهل سمعت الله وصف في كتابه أحدا بمثل ما وصف به علياً؟ قلت: لا، قال: صدقت، لأن الله - جلّ ثناؤه - عرف سيرته.

يا إسحاق، ألست تشهد أنّ العشرة في الجنّة؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: أرأيت لو انّ رجلاً قال: والله ما أدري هذا الحديث صحيح أم لا، ولا أدري أن كان رسول الله قاله أم لم يقله، أكان عندك كافراً؟ قلت: أعوذ بالله، قال: أرأيت لو أنّه قال: ما أدري هذه السورة من كتاب الله أم لا كان كافراً؟ قلت: نعم، قال: يا إسحاق أرى بينهما فرقاً، يا إسحاق: أتروي الحديث؟ قلت: نعم.

قال: فهل تعرف حديث الطير؟

قلت: نعم.

قال: فحدثني به.

قال: فحدّثته الحديث. فقال:

١٧٦

يا إسحاق، إني كنت أكلّمك وأنا أظنّك غير معاندٍ للحق، فأمّا الآن فقد بان لي عنادك، إنّك توقن أنّ هذا الحديث صحيح؟ قلت: نعم، رواه من لا يمكنني ردّه، قال: أفرأيت أنّ من أيقن أنّ هذا الحديث صحيح ثمّ زعم أنّ أحداً أفضل من علي. لا يخلو من إحدى ثلاثة: من أنْ يكون دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنده مردودة عليه، أو أن يقول: عرف الفاضل من خلقه وكان المفضول أحبّ إليه، أو أن يقول: إن الله عزّ وجلّ لم يعرف الفاضل من المفضول، فأيّ الثلاثة أحبّ إليك أنْ تقول؟ فأطرقت، ثم قال: يا إسحاق لا تقل منها شيئاً، فإنّك إن قلت منها شيئاً استتبتك، وإن كان للحديث عندك تأويل غير هذه الثلاثة الأوجه فقله.

قلت: لا أعلم.

وإنّ لأبي بكر فضلاً، قال: أجل لو لا أن له فضلاً لما قيل إنّ علياً أفضل منه، فما فضله الذي قصدت له الساعة؟

قلت: قول الله عزّ وجلّ:( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ) فنسبه إلى صحبته. قال: يا إسحاق، أمّا إني لا أحملك على الوعر من طريقك إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه ورضى عنه كافراً وهو قوله:( قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ) قلت: إن ذلك كان صاحبا كافرا، وأبو بكر مؤمن، قال: فإذا جاز أن ينسب إلى صحبته من رضيه كافراً جاز أنْ ينسب إلى صحبة نبيّه مؤمناً، وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث. قلت: يا أمير المؤمنين إن قدر الآية عظيم، إنّ الله يقول:( ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا ) قال: يا إسحاق تأبى الآن إلّا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك، أخبرني عن حزن أبي بكر، أكان رضا أم سخطاً؟ قلت: إن أبا بكر إنّما حزن من أجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خوفاً عليه وغمّاً أن يصل إلى رسول الله شيء من

١٧٧

المكروه، قال: ليس هذا جوابي، إنّما كان جوابي أن تقول رضى أم سخط، قلت: بل كان رضاً لله، قال: وكان الله جلّ ذكره بعث إلينا رسولاً ينهى عن رضا الله عزّ وجلّ وعن طاعته! قلت: أعوذ بالله، قال: أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟ قلت: بلى قال: أولم تجد أنّ القرآن يشهد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: لا تحزن، نهياً له عن الحزن؟ قلت: أعوذ بالله. قال: يا إسحاق إنّ مذهبي الرفق بك، لعلّ الله يردّك إلى الحق، ويعدل بك عن الباطل، لكثرة ما تستعيذ به.

وحدثني عن قول الله:( فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) من عنى بذلك، رسول الله أم أبو بكر؟ قلت: بل رسول الله قال: صدقت.

قال: فحدّثني عن قول الله عزّ وجلّ:( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ - إلى قوله -ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) ، أتعلم من « المؤمنين » الذين أراد الله في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري يا أمير المؤمنين، قال: الناس جميعاً انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا سبعة نفر من بني هاشم: علي يضرب بسيفه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله، والخمسة محدقون به خوفاً من أنْ يناله من جراح القوم شيء، حتى أعطى الله لرسوله الظفر، فالمؤمنون في هذا الموضع عليّ خاصة ثم من حضره من بني هاشم، قال: فمن أفضل، من كان مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك الوقت أم من انهزم عنه ولم يره الله موضعا لينزلها عليه؟ قلت: بل من أنزلت عليه السكينة.

قال: يا إسحاق، من أفضل، من كان معه في الغار أم من نام على فراشه ووقاه بنفسه حتّى تمّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أراد من الهجرة؟ إن الله تبارك وتعالى أمر رسوله أنْ يأمر علياً بالنوم على فراشه، وأنْ يقي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بنفسه، فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك،

١٧٨

فبكى عليرضي‌الله‌عنه فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يبكيك يا علي أجزعاً من الموت؟ قال: لا والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ولكن خوفاً عليك، أفتسلم يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: سمعاً وطاعةً وطيبة نفسي بالفداء لك يا رسول الله، ثمّ أتى مضجعه واضطجع وتسجّى بثوبه، وجاء المشركون من قريش فحفّوا به لا يشكّون أنّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد أجمعوا أن يضربه من كلّ بطنٍ من بطون قريش رجل ضربة بالسيف، لئلاّ يطلب الهاشميّون من البطون بطنا بدمه، وعلي يسمع القوم فيه من تلاف نفسه ولم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع صاحبه في الغار، ولم يزل علي صابرا محتسباً، فبعث الله ملائكته فمنعته من مشركي قريش حتى أصبح، فلمـّا أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا: أين محمّد؟ قال: وما علمي بمحمّد أين هو؟ قال: فلا نراك إلّا مغرراً بنفسك منذ ليلتنا، فلم يزل علي أفضل ما بدأ به يزيد ولا ينقص حتى قبضه الله إليه.

يا إسحاق، هل تروي حديث الولاية؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: اروه، ففعلت، قال: يا إسحاق، أرأيت هذا الحديث هل أوجب على أبي بكر وعمر ما لم يوجب لهما عليه؟ قلت: إن النّاس ذكروا أنّ الحديث إنّما كان بسبب زبد بن حارثة، لشيء جرى بينه وبين علي وأنكر ولاء علي، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: في أيّ موضع قال هذا؟ أليس بعد منصرفه من حجة الوداع؟ قلت: أجل، قال: فإن قتل زيد بن حارثة قبل الغدير، كيف رضيت لنفسك بهذا؟ أخبرني لو رأيت ابنا لك قد أتت عليه خمسة عشر سنة يقول: مولاي مولى ابن عمي أيها الناس فاعلموا ذلك، أكنت منكرا ذلك عليه تعريفه الناس ما لا ينكرون ولا يجهلون؟ فقلت: اللهم نعم، قال: يا إسحاق أفتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟.

ويحكم لا تجعلوا فقهائكم أربابكم، إنّ الله جلّ ذكره قال في كتابه:

١٧٩

( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ ) ولم يصلّوا لهم ولا صاموا ولا زعموا أنّهم أرباب، ولكنْ أمروهم فأطاعوا أمرهم.

يا إسحاق: أتروي حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين، قد سمعته وسمعت من صحّحه وجحده، قال: فمن أوثق عندك، من سمعت منه فصحّحه أو من جحده؟ قلت: من صحّحه، قال: فهل يمكن أن يكون الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مزح بهذا القول؟ قلت: أعوذ بالله، قال: فقال قولاً لا معنى له فلا يوقف عليه؟ قلت: أعوذ بالله، قال: أفما تعلم ان هارون كان أخا موسى لأبيه وأمّه؟ قلت: بلى، قال: فعلي من رسول الله لأبيه واُمّه؟ قلت: لا، قال: أوليس هارون نبياً وعلي غير نبي؟ قلت: بلى، قال: فهذان الحالان معدومان في علي وقد كانا في هارون فما معنى أنت منّي بمنزلة هارون من موسى؟ قلت له: إنّما أراد أن يطيّب بذلك نفس علي لمـّا قال المنافقون إنّه خلّفه استثقالاً له، قال: فأراد أن يطيّب نفسه بقول لا معنى له؟ قال: فأطرقت، قال: يا إسحاق له معنىً في كتاب الله بيّن، قلت: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: قوله عزّ وجلّ حكايةً عن موسى أنّه قال لأخيه هارون:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) قلت: يا أمير المؤمنين: إن موسى خلّف هارون في قومه وهو حي ومضى إلى ربّه، وإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلّف علياً كذلك حين خرج إلى غزاته، قال: كلّا ليس كما قلت، أخبرني عن موسى حين خلّف هارون هل كان معه حين ذهب إلى ربّه أحد من أصحابه أو أحد من بني إسرائيل؟ قلت: لا، قال: أو ليس استخلفه على جماعتهم؟ قلت: نعم، قال: فأخبرني عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين خرج إلى غزاته هل خلّف إلّا الضعفاء والنساء والصبيان؟ فأنّى يكون مثل ذلك؟!

وله عندي تأويل آخر من كتاب الله يدلّ على استخلافه إيّاه، لا يقدر أحد أن يحتجّ فيه، ولا أعلم أحداً احتجّ به، وأرجو أنْ يكون توفيقاً من الله. قلت:

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

قال : سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في علي بن أبي طالبعليه‌السلام خصالا لو كانت واحدة منها في رجل كانت تكفي في شرفه وفضله ، وهي قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : [«من كنت مولاه فعليّ مولاه.

وقوله : علي منّي كهارون من موسى.

وقوله : عليّ منّي وأنا منه.

وقوله : عليّ منّي كنفسي ، طاعته طاعتي ، ومعصيته معصيتي.

وقوله : حرب عليّ حرب الله ، وسلم علي سلم الله.

وقوله : وليّ عليّ وليّ الله ، وعدوّ عليّ عدوّ الله.

وقوله : عليّ حجة الله على عباده.

وقوله : حبّ عليّ إيمان ، وبغضه كفر.

وقوله : حزب عليّ حزب الله ، وحزب أعدائه حزب الشيطان.

وقوله : عليّ مع الحقّ والحق معه لا يفترقان.

وقوله : عليّ قسيم الجنّة والنار.

وقوله : من فارق عليّا فقد فارقني ، ومن فارقني فقد فارق الله.

وقوله : شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة»].

ويختم الباب بحديث آخر رواه عن المناقب أيضا ، جاء في آخره ، : «أقسم بالله الذي بعثني بالنبوّة ، وجعلني خير البريّة ، إنّك لحجّة الله على خلقه ، وأمينه على سرّه وخليفة الله على عباده».

أمثال هذه الأحاديث الشريفة كثيرة في صحاحكم ومسانيدكم المعتبرة ، ولو نظرتم فيها بنظر الإنصاف لأذعنتم أنّها قرائن على المجاز الذي نقوله في اتّحاد نفس المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ المرتضىعليه‌السلام وهي

٥٠١

تؤيّد نظرنا أنّ كلمة( أَنْفُسَنا ) في آية المباهلة دليل واضح على تقارب نفسي النبيّ والوصي إلى حدّ التساوي في الكمالات الروحية والتماثل في الصفات النفسية.

فإذا ثبت هذا الأمر ، فقد ثبت اعتقادنا بأفضليّة عليّعليه‌السلام وتقدّمه على الرسل والأنبياءصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما عدا خاتم النبيّين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

استدلال آخر

جاء في الحديث النبويّ الشريف : «علماء أمّتي كأنبياء بني إسرائيل».

أخرجه جماعة من أعلامكم ، منهم :

الإمام الغزالي في إحياء العلوم ، وابن أبي الحديد في «شرح نهج البلاغة» والفخر الرازي في تفسيره ، وجار الله الزمخشري ، والبيضاوي ، والنيسابوري ، في تفاسيرهم.

وجاء في رواية أخرى :

«علماء أمّتي أفضل من أنبياء بني إسرائيل».

فإذا كان علماء المسلمين الّذين أخذوا علمهم من منبع النبوّة ومدرسة الرسالة والقرآن الحكيم كأنبياء بني إسرائيل أو أفضل ، فكيف بعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام الذي نصّ فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها(١) ، وأنا مدينة الحكمة وعليّ بابها؟!»

__________________

(١) ألّف ابن الصدّيق المغربي ـ وهو من علماء العامة ـ كتابا حول هذا الحديث وأسماه ب «فتح الملك العلي بصحّة حديث باب مدينة العلم علي» قال في مقدّمته :

٥٠٢

__________________

وأمّا حديث باب العلم فلم أر من أفرده بالتأليف ، ولا وجّه العناية إليه بالتصنيف ، فأفردت هذا الجزء لجمع طرقه ، وترجيح قول من حكم بصحّته

ورواه جمع غفير من أعلام القوم ، منهم :

١ ـ تاريخ بغداد : ٢ / ٣٧٧ و ٤ / ٣٤٨ و ١١ / ٤٨ و ٤٩ و ٤٨٠.

٢ ـ المعجم الكبير ـ للطبراني ـ : ١١ / ٦٥ / ح ١١٠٦١.

٣ ـ التدوين بذكر أهل العلم بقزوين : ٣ / ٣.

٤ ـ أحسن التقاسيم : ١٢٧.

٥ ـ تاريخ ابن عساكر : في ترجمة أمير المؤمنين عليه‌السلام : ح رقم ٩٩٤ و ٩٩٥.

٦ ـ تاريخ جرجان : ٢٤ ط حيدرآباد.

٧ ـ شواهد التنزيل : ٨١.

٨ ـ المفردات ـ للراغب ـ : ٦٤.

٩ ـ أسد الغابة : ٤ / ٢٢.

١٠ ـ الفائق في غريب الحديث : ١ / ٢٨.

١١ ـ خصائص العشرة : ٩٨ ط بغداد.

١٢ ـ فرائد السمطين : ١ / ٩٨.

١٣ ـ تذكرة الحفاظ : ٤ / ٢٨ ط حيدرآباد.

١٤ ـ البداية والنهاية : ٧ / ٣٥٨.

١٥ ـ لباب الألباب في فضائل الخلفاء والأصحاب : فصل الأخبار المسندة في علي عليه‌السلام .

١٦ ـ وسيلة المتعبّدين : ٢ / ١٦٤.

١٧ ـ بهجة النفوس : ٢ / ١٧٥ و ٤ / ٢٤٣.

١٨ ـ لمع الأدلّة ـ لابن الأنباري ـ : ٤٦.

١٩ ـ نهاية الأرب : ٢٠ / ٦.

٢٠ ـ مجمع الزوائد : ٩ / ١١٤.

٥٠٣

__________________

٢١ ـ صبح الأعشى : ١٠ / ٤٢٥.

٢٢ ـ عمدة القاري في شرح صحيح البخاري ٧ / ٦٣١.

٢٣ ـ تمييز الطيّب من الخبيث : ٤١.

٢٤ ـ مناقب الخلفاء ـ لمقدسي الحنفي ـ.

٢٥ ـ جمع الفوائد : ٣ / ٢٢١.

٢٦ ـ سمط النجوم العوالي : ٤٩١.

٢٧ ـ كشف الخفاء : ح رقم ٦١٨.

٢٨ ـ إتحاف السادة المتّقين ٦ / ٢٤٤.

٢٩ ـ الفتوحات الإسلامية ٢ / ٥١٠.

٣٠ ـ تاريخ آل محمّد : ٥٦.

٣١ ـ مقاصد الطالب ـ للبرزنجي ـ.

٣٢ ـ الفتح الكبير ٢ / ١٧٦ ـ ١٧٧.

٣٣ ـ شجرة النور الزكية ٢ / ٧١.

٣٤ ـ جامع الأحاديث ٣ / ٢٣٧.

٣٥ ـ المستدرك ـ للحاكم ـ : ٣ / ١٢٦ و ١٢٧ و ١٢٩.

٣٦ ـ ميزان الاعتدال : ١ / ح رقم ١٥٢٥.

٣٧ ـ الجامع الصغير ـ للسيوطي ـ : ١ / ٣٦٤ بالرقم ٢٧٠٥.

٣٨ ـ منتخب كنز العمّال : ٥ / ٣٠.

٣٩ ـ ينابيع المودّة : الباب الرابع عشر.

٤٠ ـ مناقب ابن المغازلي : ح رقم ١٢٠ الى ١٢٩.

٤١ ـ وقد خصّص العلاّمة الكنجي الشافعي في كتابه «كفاية الطالب» الباب الثامن والخمسين ، بعنوان (في تخصيص عليّ عليه‌السلام بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا مدينة العلم وعليّ بابها)». فذكر الحديث بإسناده من طرق شتّى بعبارات متعدّدة إلاّ أنّها متّحدة المعنى.

٥٠٤

وحلّ وقت العشاء ، وبعد ما صلّوا صلاة العشاء وانعقد المجلس ، بدأت بالكلام قائلا :

الإمام عليّعليه‌السلام جامع فضائل الأنبياء

لا شكّ أنّ أنبياء الله سبحانه وهم من أرسلهم وبعثهم لهداية عباده كانوا يتخلّفون بأجمل الأخلاق ، وكانوا يتّصفون بأحمد الصفات ، وكانوا يتزيّنون بأحسن الفضائل والخصال ، إلاّ أنّ كلا منهم امتاز بصفة واشتهر بفضيلة حتّى امتاز بها عن الآخرين.

وعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام جمع كلّ الفضائل التي امتاز بها الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعين.

وقد شهد بذلك سيّد الرسل وخاتم النبيّين محمّد الصادق الأمينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما جاء في مناقب الخوارزمي : ٤٩ و ٢٤٥ ، والرياض النضرة ٢ / ٢١٧ ، وذخائر العقبى : ٩٣ وغيرها ، أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ مع بعض الاختلافات اللفظية ـ : «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريّا في زهده وإلى موسى بن عمران

__________________

وبعده علّق عليه في آخر الباب تعليقا قيّما ، وختم تعليقه بالسطور التالية :

فقد قال العلماء من الصحابة والتابعين وأهل بيته بتفضيل عليّ ٧ ، وزيادة علمه وغزارته ، وحدّة فهمه ، ووفور حكمته ، وحسن قضاياه وصحّة فتواه ؛ وقد كان أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من علماء الصحابة يشاورونه في الأحكام ، ويأخذون بقوله في النقض والإبرام ، اعترافا منهم بعلمه ووفور فضله ورجاعة عقله وصحّة حكمه ، وليس هذا الحديث في حقّه بكثير ؛ لأنّ رتبته عند الله وعند رسوله ٦ وعند المؤمنين من عباده أجلّ وأعلى من ذلك. انتهى. «المترجم»

٥٠٥

في بطشه ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب».

ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه «ينابيع المودّة» الباب الأربعين ، قال : أخرج أحمد بن حنبل في مسنده وأحمد البيهقي في صحيحه عن ابن الحمراء ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في عزمه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب».

قال القندوزي : وقد نقل هذا الحديث في «شرح المواقف» و «الطريقة المحمّدية».

ونقله ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة : ١٢١ عن البيهقي أيضا.

ونقله ـ مع بعض الاختلافات اللفظية ـ الامام الفخر الرازي في تفسيره الكبير ، ذيل آية المباهلة.

ومحيي الدين ابن العربي في كتابه اليواقيت والجواهر ، المبحث ٣٢ : ١٧٢.

ونقله العلاّمة الكنجي الشافعي في كتابه «كفاية الطالب» وخصّص له الباب الثالث والعشرين ، ثمّ شرحه وعلّق عليه ، وإليك ذلك : روى بإسناده عن ابن عبّاس ، قال : بينما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في جماعة من اصحابه إذ أقبل عليعليه‌السلام فلما بصر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أراد منكم أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في حكمته ، وإلى إبراهيم في حلمه ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب».

وعلّق العلاّمة الكنجي بقوله :

قلت : تشبيهه لعليّعليه‌السلام بآدم في علمه ، لأنّ الله علّم آدم صفة

٥٠٦

كلّ شيء كما قال عزّ وجلّ :( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ) (١) فما من شيء ولا حادثة ولا واقعة إلاّ وعند عليّعليه‌السلام فيها علم ، وله في استنباط معناها فهم.

وشبّهه بنوح في حكمته ـ أو في رواية : في حكمه ، وكأنّه أصحّ ـ لأنّ عليّاعليه‌السلام كان شديدا على الكافرين رءوفا بالمؤمنين كما وصفه الله تعالى في القرآن بقوله :( وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ) (٢) وأخبر عزّ وجلّ عن شدّة نوحعليه‌السلام على الكافرين بقوله :( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) (٣) .

وشبّهه في الحلم بإبراهيمعليه‌السلام خليل الرحمن كما وصفه الله عزّ وجلّ بقوله :( إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) (٤) فكانعليه‌السلام متخلّقا بأخلاق الأنبياء ، متّصفا بصفات الأصفياء. انتهى.

وروى في الرياض النضرة ٢ / ٢١٨ عن ابن عباس ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أراد أن ينظر إلى إبراهيم في حلمه ، وإلى نوح في حكمه ، وإلى يوسف في جماله ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب».

قال : أخرجه الملاّ في سيرته.

والملاّ هو عمر بن خضر من كبار علمائكم ، توفّي عام ٥٧٠.

وفي الرياض النضرة ٢ / ٢٠٢ قال : أخرج الملاّ في سيرته ، قيل : يا رسول الله! كيف يستطيع عليّعليه‌السلام أن يحمل لواء الحمد؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) : «وكيف لا يستطيع ذلك وقد أعطي خصالا شتّى : صبرا كصبري ، وحسنا كحسن يوسف ، وقوّة

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ٣١.

(٢) سورة الفتح ، الآية ٢٩.

(٣) سورة نوح ، الآية ٢٦.

(٤) سورة التوبة ، الآية ١١٤.

٥٠٧

كقوّة جبريلعليه‌السلام ».

وروى السيّد مير علي الهمداني في كتابه «مودّة القربى» المودّة الثامنة ، قال : عن جابر ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من أراد أن ينظر إلى إسرافيل في هيبته ، وإلى ميكائيل في رتبته ، وإلى جبرائيل في جلالته ، وإلى آدم في علمه ، وإلى نوح في خشيته ، وإلى إبراهيم في خلّته ، وإلى يعقوب في حزنه ، وإلى يوسف في جماله ، وإلى موسى في مناجاته ، وإلى أيّوب في صبره ، وإلى يحيى في زهده ، وإلى عيسى في عبادته ، وإلى يونس في ورعه ، وإلى محمد في حسبه وخلقه ، فلينظر إلى عليّ ، فإنّ فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء ، جمعها الله فيه ولم يجمعها في أحد غيره».

نقله الشيخ سليمان القندوزي في ينابيع المودّة ١ / ٣٠٤ الطبعة السابعة ، سنة ١٣٨٤ هجرية ١٩٦٥ ميلادية.

قال : وعدّ ذلك في كتاب «جواهر الأخبار».

وإليك ما رواه كمال الدين القرشي محمد بن طلحة ، في كتابه القيّم «مطالب السئول في مناقب آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » الفصل السادس ، ج ١ / ٦١ ، ط دار الكتب ، قال :

ومن ذلك ما رواه الإمام البيهقي «رض» في كتابه المصنّف في فضائل الصحابة ، يرفعه بسنده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في حلمه ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى عليّ بن أبي طالب».

فقد أثبت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّعليه‌السلام بهذا الحديث ، علما يشبه علم

٥٠٨

آدم ، وتقوى تشبه تقوى نوح ، وحلما يشبه حلم إبراهيم ، وهيبة تشبه هيبة موسى ، وعبادة تشبه عبادة عيسى ، وفي هذا تصريح لعليّعليه‌السلام بعلمه وتقواه وحلمه وهيبته وعبادته ، وتعلو هذه الصفات إلى أوج العلى حيث شبّهها بهؤلاء الأنبياء المرسلينعليهم‌السلام من الصفات المذكورة والمناقب المعدودة.

مقارنته بالأنبياءعليهم‌السلام

لقد حدّثنا المؤرّخون والمحدّثون أنّهعليه‌السلام في آخر يوم من حياته الكريمة ، حينما كان على فراش الشهادة ، حضر عنده جماعة من أصحابه لعيادته ، وكان ممّن حضر صعصعة بن صوحان ، وهو من كبار الشيعة في الكوفة ، وكان خطيبا بارعا ، ومتكلّما لامعا ، وهو من الرواة الثقات حتّى عند أصحاب الصحاح الستّة وأصحاب المسانيد عندكم ، فإنّهم يروون عنه ما ينقله من الإمام عليّعليه‌السلام ، وقد ترجم له كثير من أعلامكم مثل ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» وابن سعد في «الطبقات الكبرى» وابن قتيبة في «المعارف» وغيرهم ، فكتبوا أنّه كان عالما صادقا ، وملتزما بالدين ، ومن خاصّة أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام .

في ذلك اليوم سأل صعصعة الإمام عليّاعليه‌السلام قائلا :

[يا أمير المؤمنين! أخبرني أنت أفضل أم آدمعليه‌السلام ؟

فقال الإمامعليه‌السلام : يا صعصعة! تزكية المرء نفسه قبيح ، ولو لا قول الله عزّ وجلّ :( وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ) (١) ما أجبت.

يا صعصعة! أنا أفضل من آدم ؛ لأن الله تعالى أباح لآدم كلّ

__________________

(١) سورة الضحى ، الآية ١١.

٥٠٩

الطيّبات المتوفّرة في الجنّة ونهاه عن أكل الحنطة فحسب ، ولكنّه عصى ربّه وأكل منها!

وأنا لم يمنعني ربّي من الطيّبات ، وما نهاني عن أكل الحنطة ، فأعرضت عنها رغبة وطوعا].

[كلامهعليه‌السلام كناية عن أنّ فضل الإنسان وكرامته عند الله عزّ وجلّ بالزهد في الدنيا وبالورع والتقوى ، وأعلى مراتبه أن يجتنب الماندات ويعرض عن الشهوات والطيّبات المباحة ـ من باب رياضة النفس ـ حتّى يتمكّن منها ، ويمسك زمامها ، فيسوقها في طريق الورع والتقوى(١) ].

فقال صعصعة : أنت أفضل أم نوح؟

فقالعليه‌السلام : أنا أفضل من نوح ؛ لأنّه تحمّل ما تحمّل من قومه ، ولما رأى منهم العناد دعا عليهم وما صبر على أذاهم ، فقال :( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) (٢) .

ولكنّي بعد حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحمّلت أذى قومي وعنادهم ، فظلموني كثيرا فصبرت وما دعوت عليهم(٣) .

__________________

(١) قالعليه‌السلام في كتابه لعثمان بن حنيف واليه على البصرة : [.... وإنّما هي نفسي أروّضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق.

ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفّى هذا العسل ، ولباب هذا القمح ، ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ...] إلى آخر مقاله القيم الثمين.

(٢) سورة نوح ، الآية ٢٦.

(٣) في الخطبة المعروفة بالشقشقية والمذكورة في «نهج البلاغة» يصف سلام الله عليه جانبا من الوضع الذي قاساه فصبر ، قال :

٥١٠

[كلامهعليه‌السلام كناية عن أنّ أقرب الخلق إلى الله سبحانه أصبرهم على بلائه وأكثرهم تحمّلا من جهال زمانه سوء تصرفهم ، وهو يقابلهم بالحكمة والموعظة الحسنة وبحسن سلوكه وأخلاقه ، قربة إلى الله تعالى].

فقال صعصعة : أنت أفضل أم إبراهيم؟

فقالعليه‌السلام : أنا أفضل ؛ لأنّ إبراهيم قال :( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (١) .

ولكنّي قلت وأقول : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا(٢) .

__________________

[وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا إلى آخر خطبته البليغة]. «المترجم»

(١) سورة البقرة ، الآية ٢٦٠.

(٢) جاء في كتاب «مطالب السئول» لمحمد بن طلحة القرشي الشافعي ١ / ٨٩ ط دار الكتب ، قال : [وقد كان عليّعليه‌السلام منطويا على يقين لا غاية لمداه ، ولا نهاية لمنتهاه ، وقد صرّح بذلك تصريحا مبينا ، فقالعليه‌السلام : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ...] إلى آخره.

أقول : اعلم يرحمك الله سبحانه ، أنّ اليقين على مراتب : علم اليقين ، وحقّ اليقين ، وعين اليقين.

فلو شاهد إنسان دخانا ولم يشاهد النار ، علم يقينا بوجود النار ، فلو شاهد النار بعينه حصل له حقّ اليقين ، وليس هذا كالذي يمسّ النار بيده فيحس بحرارتها ، فهو في عين اليقين. وكان عليّ عليه‌السلام في هذه المرتبة من اليقين بالغيب ، قال تعالى : ( الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) . سورة البقرة ، الآية ١ ـ ٣. «المترجم»

٥١١

[كلامهعليه‌السلام كناية عن أنّ مرتبة العبد عند الله سبحانه تكون بمرتبة يقينه ، فكلّما ازداد العبد يقينا بالله عزّ وجلّ وبالمعتقدات الدينية ، ازداد قربا من الله سبحانه وتعالى].

قال صعصعة : أنت أفضل أم موسى؟

قالعليه‌السلام : أنا أفضل من موسى ؛ لأنّ الله تعالى لمّا أمره أن يذهب إلى فرعون ويبلّغه رسالته( قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ) (١) .

ولكنّي حين أمرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر الله عزّ وجلّ حتّى أبلّغ أهل مكّة المشركين سورة براءة ، وأنا قاتل كثير من رجالهم وأعيانهم! مع ذلك أسرعت غير مكترث ، وذهبت وحدي بلا خوف ولا وجل ، فوقفت في جمعهم رافعا صوتي ، وتلوت الآيات من سورة براءة ، وهم يسمعون!!

[كلامه كناية عن أنّ فضل الإنسان عند الله سبحانه بالتوكّل عليه عزّ وجلّ والإقدام في سبيل الله وأن لا يخشى العبد أحدا إلاّ ربّه تعالى شأنه].

قال صعصعة : أنت أفضل أم عيسى؟

قالعليه‌السلام : [أنا أفضل ؛ لأنّ مريم بنت عمران لمّا أرادت أن تضع عيسى ، كانت في البيت المقدّس ، جاءها النداء يا مريم اخرجي من البيت! هاهنا محلّ عبادة لا محل ولادة ، فخرجت( فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ ) (٢) ولكن أمّي فاطمة بنت أسد لمّا قرب مولدي جاءت

__________________

(١) سورة القصص ، الآية ٣٣.

(٢) سورة مريم ، الآية ٢٣.

٥١٢

إلى بيت الله الحرام والتجأت إلى الكعبة ، وسألت ربّها أن يسهّل عليها الولادة ، فانشقّ لها جدار البيت الحرام وسمعت النداء : يا فاطمة ادخلي! فدخلت وردّ الجدار على حاله فولدتني في حرم الله وبيته(١) ].

__________________

(١) اتّفق العلماء على أنّهعليه‌السلام ولد في الكعبة حتّى أنّ الشعراء ذكروا له هذه الفضيلة ، منهم : إسماعيل الحميري ، سيّد الشعراء في القرن الثاني ، قال :

[ولدته في حرم الإله وأمنه

والبيت حيث فناؤه والمسجد

بيضاء طاهرة الثياب كريمة

طابت وطاب وليدها والمولد]

وقال محمد بن منصور السرخسي ، من شعراء القرن السادس ، في قصيدة منها :

[ولدته منجبة وكان ولادها

في جوف كعبة أفضل الأكنان]

وللمرحوم السيّد ميرزا إسماعيل الشيرازي قصيدة موشّحة في ميلاد الإمام عليّ عليه‌السلام فيها :

[هذه فاطمة بنت أسد

أقبلت تحمل لاهوت الأبد

فاسجدوا ذلا له فيمن سجد

فله الأملاك خرّت سجّدا

إذ تجلّى نوره في آدم إن يكن يجعل لله البنون وتعالى الله عمّا يصفون

فوليد البيت أحرى أن يكون

لوليّ البيت حقّا ولدا

لا عزيز لا ولا ابن مريم سيّد فاق علا كلّ الانام كان إذ لا كائن وهو إمام

شرّف الله به البيت الحرام

حين أضحى لعلاه مولدا

فوطى تربته بالقدم]

والقصيدة جميلة جدّا ، تحتوي على نكات لطيفة ، وهي طويلة اكتفينا منها بما نقلنا.

وإنّ خبر ولادته عليه‌السلام في الكعبة أمر مشهور ، لا ينكره إلاّ المعاند المتعصّب.

قال الحاكم في المستدرك ٣ / ٤٨٣ : وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في جوف الكعبة.

وقال الشيخ أحمد الدهلوي الشهير بشاه ولي ، وهو والد عبد العزيز الدهلوي ، مصنّف «التحفة الاثنا عشرية في الردّ على الشيعة» قال في كتابه «إزالة الخفاء» :

٥١٣

[لا أدري هل هذه المقارنة تنبئ عن أفضلية فاطمة بنت أسد على مريم بنت عمران كما أنّ ابنها عليّاعليه‌السلام كان أفضل وأشرف عند الله تعالى من عيسى بن مريمعليها‌السلام ؟! ربّما].

بالله عليكم فكّروا قليلا وأنصفوا ، مع وجود هذه الروايات والأحاديث المنقولة في كتبكم ، والمرويّة بطرقكم ، هل يجوز أن تقدّموا أحدا على الإمام عليّعليه‌السلام في الخلافة؟!!

وهل يجوز عند العقلاء والنبلاء تقديم المفضول على الفاضل؟! كما يقول ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ١٠ / ٢٢٦ : أمّا الذي استقرّ عليه رأي المعتزلة بعد اختلاف كثير بين قدمائهم في التفضيل؟؟؟ يره ، أنّ علياعليه‌السلام أفضل الجماعة ، وأنّهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها!

ويقول في صفحة ٢٢٧ : وبالجملة أصحابنا يقولون : [إن الأمر

__________________

تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّا في جوف الكعبة ، فإنّه ولد يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب ، بعد عام الفيل بثلاثين سنة في الكعبة ، ولم يولد فيها أحد سواه قبله ولا بعده.

وقال شهاب الدين الآلوسي ، صاحب التفسير الكبير «روح المعاني» في شرح القصيدة العينية لعبد الباقي العمري الموصلي ، عند قوله :

[أنت العليّ الذي فوق العلى رفعا

ببطن مكّة وسط البيت إذ وضعا]

قال : وكون الأمير كرّم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا ، وذكر في كتب الفريقين السنّة والشيعة ـ إلى أن قال : ـ وما أحرى بإمام الأئمة أن يكون وضعه في ما هو قبلة للمؤمنين! وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين. «المترجم»

٥١٤

كان له [لعليّ]عليه‌السلام ، وكان هو المستحق والمتعيّن!]

ويقول في شرح الخطبة الشقشقية في شرح نهج البلاغة ١ / ١٥٧ ط دار إحياء التراث العربي : لمّا كان أمير المؤمنينعليه‌السلام هو الأفضل والأحقّ وعدل عنه إلى من لا يساويه في فضل ولا يوازيه في جهاد وعلم ، ولا يماثله في سؤدد وشرف ، ساغ إطلاق هذه الألفاظ إلى آخره.

فلا ينكر أحد تفضيل الإمام عليّعليه‌السلام على غيره إلاّ عن تعصّب وعناد ، وإلا فإنّ أعلامكم المنصفين ذهبوا أيضا مذهب المعتزلة في ذلك :

فقد روى العلاّمة الكنجي الشافعي في «كفاية الطالب» الباب الثاني والستّين ، بسنده عن ابن التيمي ، عن أبيه ، قال : فضّل عليّ بن أبي طالب على سائر الصحابة بمائة منقبة وشاركهم في مناقبهم.

وقال العلاّمة الكنجي. وابن التيمي هو موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي ، ثقة وابن ثقة ، أسند عنه العلماء والأثبات ثم ذكر المائة منقبة بالتفصيل(١) .

__________________

(١) منها ما رواه في صفحة ١٢٤ ـ ١٢٥ ط مطبعة الغري سنة ١٣٥٦ هجرية بإسناده عن عيسى بن عبد الله ، عن أبيه ، قال : قال رجل لابن عباس : سبحان الله ما أكثر مناقب عليّ وفضائله!! إنّي لاحسبها ثلاثة آلاف ، فقال ابن عبّاسرضي‌الله‌عنه :أولا تقول إنّها إلى ثلاثين ألفا أقرب؟!

ثمّ قال العلاّمة الكنجي : خرّج هذا الأثر جماعة من الحفّاظ في كتبهم.

وروى بعدها بإسناده عن محمد بن منصور الطوسي ، قال : سمعت الإمام أحمد

٥١٥

ونقل الشيخ سليمان القندوزي في كتابه «ينابيع المودة» الباب الأربعين ، قال : أخرج موفّق بن أحمد ، عن محمد بن منصور ، قال : سمعت أحمد بن حنبل يقول : ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام .

وقال أحمد : قال رجل لابن عبّاس سبحان الله! ما أكثر فضائل عليّ بن أبي طالب ومناقبه! إنّي لأحسبها ثلاثة آلاف منقبة. فقال ابن عبّاس : أو لا تقول إنّها إلى ثلاثين ألفا أقرب؟!(١) .

__________________

ابن حنبل يقول : ما جاء لأحد من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما جاء لعليّ بن أبي طالب.

ثمّ قال العلاّمة الكنجي : قال الحافظ البيهقي : وهو [عليّ عليه‌السلام ] أهل كلّ فضيلة ومنقبة ، ومستحقّ لكلّ سابقة ومرتبة ، ولم يكن أحد في وقته أحقّ بالخلافة منه.

«المترجم»

(١) أرى من المناسب نقل الرواية التالية التي رواها جماعة من أعلام السنة ، منهم :القندوزي في ينابيع المودّة ١ / ١٤٣ رواها عن الخوارزمي عن ابن عبّاس.

ورواها المير السيّد علي الهمداني الحنفي في المودّة الخامسة من كتابه «مودّة القربى» عن عمر بن الخطّاب.

ورواه موفّق ابن أحمد في المناقب : ١٨.

والعلاّمة الكنجي الشافعي في «كفاية الطالب» الباب الثاني والستّين : ١٢٣.

كلاهما عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أنّ الغياض أقلام ، والبحر مداد ، والجنّ حسّاب ، والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب.

وعن عمر : لو أنّ البحر مداد ، والرياض أقلام ، والإنس كتّاب ، والجنّ حسّاب ، ما أحصوا فضائلك يا أبا الحسن. قالها النبيّ لعليّ. «المترجم»

٥١٦

وقال ابن أبي الحديد في مقدّمة شرح نهج البلاغة ١ / ١٧ ط دار إحياء التراث العربي : وما أقول في رجل أقرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جحد مناقبه ولا كتمان فضائله؟! وما أقول في رجل تعزى إليه كلّ فضيلة ، وتنتهي إليه كلّ فرقة ، وتتجاذبه كلّ طائفة؟! فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها ، وسابق مضمارها ومجلّي حلبتها. كلّ من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى.

ويقول في خاتمة المقدّمة : ٣٠ : وجب أن نختصر ونقتصر ، فلو أردنا شرح مناقبه وخصائصه لاحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا ، بل يزيد عليه. وبالله التوفيق.

فلا أدري بأيّ عذر أخّروا هذا الرجل الفذّ ، والإنسان العبقري ، العملاق العظيم ، العليّ على البشر بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولما ذا لم يستشيروه في أمر الخلافة؟!

وهل لهم دليل على تقديم الآخرين عليه؟!

فأنصفوا ولا تتّبعوا التعصّب والعناد!

الحافظ : وأنتم أيضا أنصفوا وانظروا هل يجوز لكم أن تنسبوا لأصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المقرّبين ، غصب الخلافة ومخالفة أمر الله والرسول؟!

وكيف تعتقدون بأنّ أمّة الإسلام اجتمعت على الباطل والضلال؟!!

أما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تجتمع أمّتي على الخطأ؟!»

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تجتمع أمّتي على ضلالة».

٥١٧

فلذلك نحن لا نقلّد أسلافنا تقليد الأعمى ، ولا نسير خلفهم سير الحمقى ، بل قلّدناهم وأخذنا مذهبهم إطاعة لأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث صحّح إجماع المسلمين وأيّد كلّ ما أجمعت عليه الصحابة المهتدون.

دعوى : إجماع الأمة على خلافة أبي بكر

قلت : أرجو أن تبيّنوا لنا أدلّتكم على صحّة خلافة أبي بكر؟

الحافظ : إنّ أقوى دليل على إثبات خلافة أبي بكر وصحّتها هو إجماع الأمّة على خلافته.

وأضف على هذا كبر السنّ والشيخوخة ، فإن عليّا (كرّم الله وجه) مع فضله وسوابقه المشرّفة وقربه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن المسلمين أخّروه لصغر سنّه.

وأنتم لو فكّرتم قليلا وأنصفتم لأعطيتم الحقّ للمسلمين ، فلا يجوز عقلا أن يتقدّم في هذا الأمر العظيم شابّ حدث السنّ مع وجود شيوخ قومه وكبراء أهله وإنّ تأخر سيّدنا عليّ لا يكون نقصا له بل كماله ، وإن أفضليّته على أقرانه ثابتة ولا ننكرها.

ثمّ إنّ المسلمين سمعوا حديثا رواه عمر بن الخطّاب ، قال : لا تجتمع النبوّة والملك في أهل بيت واحد.

ولمّا كان عليّ من أهل بيت النبوّة ما بايعوه

هذه أسباب تقدّم أبي بكر وتأخّر عليّ في أمر الخلافة.

قلت : إنّ أدلّتكم هذه تضحك الثّكلى ، وإنّ مثلكم كمثل الذي يغمض عينيه فيصبح كالأعمى ، فلا يرى الشمس الطالعة في الضّحى ، وينكر ضوء النهار إذا تجلّى ؛ فافتحوا أعينكم ، وانظروا إلى منار

٥١٨

الهدى ، واسلكوا طريق الحقّ والتقى ، ولا تتّبعوا الهوى ، وتجنّبوا المزلق والمهوى ، ولا تغرّنّكم الدنيا ، فإنّ الآخرة خير وأبقى.

وإنّي أرجوكم أن تقرءوا كتبنا وتدقّقوا النظر في أدلتنا وتعمّقوا الفكر في عقائدنا.

أقول هذا ، لأنّي فتّشت أسواق الشام والقاهرة والحجاز والأردن ، وغيرها من البلاد الاسلامية التي غالب سكّانها أهل السنّة أو حكّامها من أهل السنّة والجماعة ، فما وجدت كتب الشيعة في مكتباتها فكأنّكم ـ مع الأسف ـ آليتم أن لا تطالعوا كتب الشيعة ، فلا أدري هل حكمتم عليها بأنّها كتب الضلال فحرّمتم قراءتها؟!!

وإنّي دخلت بيوت كثير من إخواننا أهل السنّة والجماعة ، علمائهم وغير علمائهم ، الّذين يهوون مطالعة الكتب ويملكون مكتبات شخصيّة في بيوتهم ، فوجدت فيها كتب مختلفة حتّى كتب غير المسلمين من الشرقيّين والغربيّين ، ولم أجد كتابا واحدا من كتب الشيعة!!

بينما نحن في بلادنا نطبع كتبكم وننشرها ، وندعو أهل العلم والمثقفين لمطالعتها.

فهذه مدينة النجف الأشرف وكربلاء المقدّسة في العراق ، وهذه مدينة قم ومشهد الإمام الرضاعليه‌السلام في إيران ، وهي مراكز الشيعة التي فيها حوزاتنا العلمية ومراجعنا الكرام ، وكذلك طهران وشيراز واصفهان ، وغيرها من البلاد التي تسكنها الشيعة ، فتحت أبواب مكتباتها لعرض كتبكم وبيعها بدون أيّ مانع ورادع.

ولا أجد مكتبة واحدة من مكتباتنا العامّة أو الشخصية تخلو من

٥١٩

كتبكم وصحاحكم ومسانيدكم وتواريخكم وتفاسيركم ، لا لحاجة منّا إليها ، لأنّ مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام غنيّة ، والأخبار المرويّة عن العترة الطاهرة الهادية تناولت جميع جوانب الحياة وكلّ ما يحتاجه الإنسان في أمر الدين والدنيا.

ولكن نريد أن نحاجكم بكتبكم ، ونلزمكم بأقوال علمائكم وآراء أعلامكم ، وننقدها نقدا بنّاء حتّى نصل معكم إلى التفاهم ، وكما تجدونني في هذه المحاورات والمناقشات لا أنقل إلاّ عن كتبكم ومسانيدكم وصحاحكم وتفاسيركم.

إجماع أم مؤامرة!!

لقد ادّعيتم أنّ إجماع الصحابة هو أقوى دليل على إثبات خلافة أبي بكر وصحّتها. واستدللتم بحديث : لا تجتمع أمّتي على خطأ ، أو : لا تجتمع أمّتي على ضلال.

فالأمّة أضيفت إلى ياء المتكلّم ، فتفيد العموم كما قال النحويّون ، فعلى فرض صحّة الحديث يكون معناه : إنّ أمّتي كلّهم من غير استثناء إذا أجمعوا على أمر فذاك الأمر لا يكون خطأ أو ضلالا.

وهذا هو الإجماع الذي يتضمّن رأي حجّة الله تعالى في خلقه ؛ لأنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ ـ كما جاء في روايات الفريقين ـ.

ثم إنّ هذا الحديث ـ على فرض صحّته ـ لا ينسخ الأحاديث النبوية والنصوص الجلية في تعريف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خليفته في البريّة.

ولو تنزّلنا وسلّمنا برأيكم والتزمنا بهذا المقال ، بأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205