ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235671 / تحميل: 3888
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

٢ ـ حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ألبان الإبل والغنم والبقر وأبوالها ولحومها فقال لا توضأ منه إن أصابك منه شيء أو ثوبا لك فلا تغسله إلا أن تتنظف.

قال وسألته عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله وإن شككت فانضحه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه.

_________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام « إن أصابك منه شيء » في التهذيب(١) ـ وإن أصابك ـ مع الواو ، فيحتمل أن يكون المراد انتقاض الوضوء بشرب الألبان ، أو هي مع الأبوال ، ويحتمل أن يكون المراد بالتوضي غسل البدن منه ، ويكون ما بعده تأكيدا له.

واختلف الأصحاب في أبوال البغال والحمير والدواب ، فذهب الأكثر إلى طهارتها وكراهة مباشرتها ، وقال الشيخ في النهاية وابن الجنيد بنجاستها ، وأجاب القائلون بالطهارة عن الأخبار الدالة على النجاسة بالحمل على الاستحباب ، وهو مشكل لانتفاء ما يصلح للمعارضة وهذا كله في أبوالها ، فأما أرواثها فقال السيد في المدارك يمكن القول بنجاستها أيضا لعدم القائل بالفصل ولا يبعد الحكم بطهارتها تمسكا بمقتضى الأصل السالم عن المعارض ، وبرواية الحلبي وأبي مريم انتهى ولعل ما اختاره أخيرا أقوى.

الحديث الثالث : حسن.

__________________

(١) التهذيب ج ١ ص ٢٦٤ ح ٥٨.

١٦١

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن عروة ، عن بكير بن أعين ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهه فقلت له أليس لحومها حلالا قال بلى ولكن ليس مما جعله الله للأكل.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي مريم قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها قال أما أبوالها فاغسل إن أصابك وأما أرواثها فهي أكثر من ذلك.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن أبان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بروث الحمير واغسل أبوالها.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عما يخرج من منخر الدابة يصيبني قال لا بأس به.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أصاب الثوب شيء من بول السنور فلا يصلح الصلاة فيه حتى تغسله.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن جميل بن دراج ،

_________________________________________

الحديث الرابع : مجهول ، وهو جامع بين الأخبار فيشكل القول بالطهارة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « من ذلك » أي من أن يمكن الاحتراز عنها.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : حسن أو موثق.

الحديث التاسع : حسن.

١٦٢

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كل شيء يطير فلا بأس ببوله وخرئه.

١٠ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن أبي الأعز النخاس قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب أحدها برجله أو يده فينضح على ثيابي فأصبح فأرى أثره فيه فقال ليس عليك شيء.

(باب)

(الثوب يصيبه الدم والمدة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم ، عن المعلى أبي عثمان ، عن أبي بصير قال دخلت على أبي جعفرعليه‌السلام وهو يصلي فقال لي قائدي إن في ثوبه دما فلما انصرف قلت له إن قائدي أخبرني أن بثوبك دما فقال لي إن بي دماميل ولست أغسل ثوبي حتى تبرأ.

_________________________________________

الحديث العاشر : مجهول.

باب الثوب يصيبه الدم والمدة

وفي القاموس المدة بالكسر ما يجتمع في الجرح من القيح.

الحديث الأول : موثق.

ولا خلاف بين الأصحاب في العفو عن دم القرح والجرح في الجملة فمنهم من قال بالعفو مطلقا ، ومنهم من اعتبر السيلان في جميع الوقت أو تعاقب الجريان على وجه لا يتسع فتراتها لأداء الفريضة ، والذي يستفاد من الروايات العفو عن هذا الدم في الثوب والبدن سواء شقت إزالته أم لا وسواء كان له فترة ينقطع فيها بقدر الصلاة أم لا وأنه لا يجب إبدال الثوب ولا تخفيف النجاسة ولا عصب موضع الدم بحيث يمنعه من الخروج كما اختاره جماعة ، واستقرب العلامة في المنتهى وجوب الإبدال مع الإمكان. وقال في المدارك : ينبغي أن يراد بالبرء الأمن من خروج الدم منهما وإن لم يندمل أثرهما.

١٦٣

٢ ـ أحمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سألته عن الرجل به القرح أو الجرح ولا يستطيع أن يربطه ولا يغسل دمه قال يصلي ولا يغسل ثوبه كل يوم إلا مرة فإنه لا يستطيع أن يغسل ثوبه كل ساعة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة قال إن رأيت وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل وإن لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك ما لم

_________________________________________

الحديث الثاني : موثق.

وقال في المعالم : ذهب جماعة من الأصحاب منهم العلامة في النهاية والمنتهى والتحرير إلى أنه يستحب لصاحب القروح والجروح غسل ثوبه في كل يوم مرة ، واحتج له في المنتهى والنهاية بأن فيه تطهيرا من غير مشقة فكان مطلوبا ، وبرواية سماعة ، والوجه الأول من الحجة غير صالح لتأسيس حكم شرعي ، والرواية في طريقها ضعف وكان البناء في العمل بها على التساهل في أدلة السنن.

الحديث الثالث : حسن.

وأجمع الأصحاب على أن الدم المسفوح وهو الخارج من ذي النفس الذي ليس أحد الدماء الثلاثة ولا دم القروح والجروح إن كان أقل من درهم بغلي لم تجب إزالته للصلاة وإن كان أزيد من مقدار الدرهم وجبت إزالته وإنما الخلاف بينهم فيما بلغ حد الدرهم فقال الشيخان وابنا بابويه وابن إدريس تجب إزالته وقال السيد في الانتصار وسلار لا تجب إزالته ومستندا هما قويان ، ويمكن حمل الإعادة في مقدار الدرهم على الاستحباب.

ثم الروايات إنما تضمنت لفظ الدرهم وليس فيها توصيف بكونه بغليا أو غيره ، ولا تعيين لقدره والواجب حمله على ما كان متعارفا في زمانهمعليهم‌السلام ، وذكر الصدوق أن المراد بالدرهم الوافي الذي قدره درهم وثلث ، ونحوه قال المفيد ، وقال

١٦٤

يزد على مقدار الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشيء رأيته قبل أو لم تره وإذا كنت قد رأيته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن علياعليه‌السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك يكون في الثوب فيصلي فيه الرجل يعني دم السمك.

٥ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن

_________________________________________

ابن الجنيد : إنه ما كانت سعته سعة العقد الأعلى من الإبهام ولم يذكروا تسميته بالبغلي ، وقال المحقق في المعتبر والدرهم هو الوافي الذي وزنه درهم وثلث ، ويسمى البغلي نسبة إلى قرية بالجامعين وضبطها المتأخرون بفتح الغين وتشديد اللام ، ونقل عن ابن إدريس أنه شاهد هذه الدراهم المنسوبة إلى هذه القرية ، وقال إن سعتها تقرب من أخمص الراحة وهو ما انخفض من الكف والمسألة قوية الإشكال.

ثم الأصحاب قطعوا باستثناء دم الحيض عن هذا الحكم ، ووجوب إزالة قليله وكثيره كما ورد في بعض الأخبار ، وألحق به الشيخ دم الاستحاضة والنفاس ، وألحق القطب الراوندي دم نجس العين والكل محل نظر ، ثم إن الأحاديث الواردة في هذا الباب إنما دلت على العفو عن نجاسة الثوب بهذا القدر من الدم ، وليس فيها ذكر البدن ، لكن الأصحاب حكموا بأنه لا فرق في هذا الحكم بين الثوب والبدن ولكن لا يعلم فيه مخالف وقد يفهم من بعض الأخبار أيضا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

قوله « ما لم يذك » أي لا يحتاج إلى التذكية من الذبح أو النحر في الحل والطهارة.

الحديث الخامس : موثق.

١٦٥

رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه أن يغسل باطنه يعني جوف الأنف فقال إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال سألته أم ولد لأبيه فقالت جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي منه قال سلي ولا تستحيي قالت أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره فقال اصبغيه بمشق حتى يختلط ويذهب.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال دمك أنظف من دم غيرك إذا كان في ثوبك شبه النضح من دمك

_________________________________________

ويدل على عدم وجوب إزالة البواطن كما هو المشهور.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس : المشق بالكسر والفتح المغرة ، وقال : المغرة ويحرك طين أحمر ، والظاهر أنه لم يكن عبرة باللون بعد إزالة العين ، ويحصل من رؤية اللون أثر في النفس فلذا أمرهاعليه‌السلام بالصبغ لئلا تتميز ويرتفع استنكاف النفس. ويحتمل أن يكون الصبغ بالمشق مؤثرا في إزالة الدم ولونه لكنه بعيد.

الحديث السابع : مرفوع.

وقد اختلف الأصحاب في وجوب إزالة الدم المتفرق إذا كان بحيث لو جمع بلغ الدرهم ، فقال ابن إدريس ، والشيخ في المبسوط والمحقق : لا يجب إزالته مطلقا يجب إزالته وقال الشيخ في النهاية : لا يجب ، إزالته ما لم يتفاحش ، وقال سلار ، وابن حمزة : واختاره العلامة في جملة من كتبه.

ثم الفرق بين دم المصلي وغيره خلاف المشهور بين الأصحاب ، ويمكن أن يكون ذلك لكونه جزءا من حيوان غير مأكول اللحم فلذا لا يجوز الصلاة فيه ، فيكون الحكم مخصوصا بدم مأكول اللحم ، ويؤيده أن أخبار جواز الصلاة

١٦٦

فلا بأس وإن كان دم غيرك قليلا أو كثيرا فاغسله.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة فيه قال لا وإن كثر فلا بأس أيضا بشبهه من الرعاف ينضحه ولا يغسله.

وروي أيضا أنه لا يغسل بالريق شيء إلا الدم.

٩ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الريان قال كتبت إلى الرجلعليه‌السلام هل يجري دم البق مجرى دم البراغيث وهل يجوز لأحد أن يقيس

_________________________________________

في ما نقص عن الدرهم وعمومها معارض بعموم أخبار عدم جواز الصلاة في أجزاء ما لا يوكل لحمه وبينهما عموم من وجه وليست إحداهما أولى بالتخصيص من الأخرى فتبقى أخبار عدم جواز الصلاة في الدم سالمة عن المعارض.

ومع جميع ذلك لا يبعد القول بالكراهة لضعف الخبر ، وإرساله ، وأصل البراءة مع تحقق الشك في الحكم ، ومنع كون الأمر للوجوب ، ويمكن حمله على ما زاد على الدرهم مجتمعا ويكون المعنى أنه إذا كان من جرح أو قرح بك فلا بأس به وإن كان من غيرك تجب إزالته لكونه زائدا عن الدم فيكون مؤيدا للقول الأخير والله يعلم

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور ، وآخره مرسل.

وقال في المدارك : طهارة دم ما لا نفس له كدم السمك مذهب الأصحاب وحكى فيه الشيخرحمه‌الله في الخلاف والمصنف في المعتبر الإجماع ، وربما ظهر من كلام الشيخرحمه‌الله في المبسوط والجمل نجاسة هذا النوع من الدم وعدم وجوب إزالته وهو بعيد ولعله يريد بالنجاسة المعنى اللغوي.

قولهعليه‌السلام « ينضحه » قال الوالد (ره) : صفة للرعاف أي يكون الرعاف متفرقا ولا يوجد فيه مقدار درهم مجتمعا ، ويحتمل أن يكون مبنيا على طهارة

١٦٧

بدم البق على البراغيث فيصلي فيه وأن يقيس على نحو هذا فيعمل به فوقععليه‌السلام يجوز الصلاة والطهر منه أفضل.

(باب)

(الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره مما يكره أن يمس شيء منه)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد

_________________________________________

الدم القليل مثل رأس الإبر كما قال به بعض العلماء ويكون معفوا انتهى.

ثم اعلم أن المشهور اختصاص العفو بالدم المتفرق ، وحكى العلامة في المختلف عن ابن إدريس أنه قال بعض أصحابنا إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الإبر من النجاسات فلا بأس بذلك ثم قال ابن إدريس والصحيح وجوب إزالتها قليلة كانت أم كثيرة.

قولهعليه‌السلام « لا يغسل بالريق » يمكن حمله على الدم الخارج في داخل الفم فإنه يطهر الفم بزوال عينه فكأن الريق طهره أو على ما كان أقل من الدرهم فتكون الإزالة لتقليل النجاسة لا للتطهير ، وقال ابن الجنيد في مختصره : لا بأس أن يزال بالبصاق عين الدم من الثوب ، ونسب الشهيد في الذكرى إليه القول بطهارة الثوب بذلك ، وحمل العلامة ـرحمه‌الله ـ هذا الخبر على الدم الطاهر كدم السمك.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

وقال الفاضل التستريرحمه‌الله : ليس في هذه الأخبار دلالة على الطهارة والنجاسة فإن كان الأصل في الدم مطلقا النجاسة ولا أتحققه لم يمكن الخروج منه بمجرد هذه الأخبار لاحتمالها بمجرد العفو ، وإن كان الأصل الطهارة وعدم وجوب الاجتناب مطلقا فهذه تصلح تأييدا.

باب الكلب يصيب الثوب والجسد وغيره مما يكره أن يمس شيء منه

الحديث الأول : مرسل.

ولا خلاف بين الأصحاب في وجوب الغسل بمس الكلب والخنزير رطبا إلا

١٦٨

عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مس ثوبك الكلب فإن كان يابسا فانضحه وإن كان رطبا فاغسله.

٢ ـ حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي أصابه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي النيسابوري ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه موسىعليه‌السلام قال سألته عن الفأرة الرطبة قد وقعت في الماء تمشي على الثياب أيصلى فيها قال اغسل ما رأيت من أثرها وما لم تره فانضحه بالماء.

_________________________________________

ما يظهر من كلام الصدوقرحمه‌الله من الاكتفاء بالرش في كلب الصيد ، ولا خلاف أيضا في استحباب الرش بمسهما جافين ، ويعزى إلى ابن حمزة القول بوجوب الرش وهو الظاهر من كلام المفيدرحمه‌الله ، بل الظاهر من الأخبار أن قلنا إن الظاهر من الأمر فيها الوجوب ويزيد هنا أنه جمع مع الغسل الواجب ، وقال في المعالم عزى في المختلف إلى ابن حمزة إيجاب مسح البدن بالتراب إذا أصابه الكلب أو الخنزير أو الكافر بغير رطوبة.

وقال الشيخ في النهاية : إن مس الإنسان بيده كلبا أو خنزيرا أو ثعلبا أو أرنبا أو فأرة أو وزغة أو صافح ذميا أو ناصبيا معلنا بعداوة آل محمدعليهم‌السلام وجب غسل يده إن كان رطبا ، وإن كان يابسا مسحه بالتراب ، وحكي في المعتبر عن الشيخ أنه قال في المبسوط : كل نجاسة أصابت البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها وإنما يستحب مسح اليد بالتراب ولا نعرف للمسح بالتراب وجوبا أو استحبابا وجها.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

وذهب الشيخ في النهاية ، والمفيدرحمه‌الله إلى نجاسة الفأرة والوزغة ، واستدل لهم في الفأرة بهذا الخبر وفي الوزغة بالأخبار الواردة بالنزح ، والمشهور بين

١٦٩

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته هل يحل أن يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد الميت قال إن كان غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان لم يغسل فاغسل ما أصاب ثوبك منه يعني إذا برد الميت.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر ذلك وهو في صلاته كيف يصنع قال إن كان دخل

_________________________________________

الأصحاب الطهارة ، وحملوا الأخبار على الاستحباب.

الحديث الرابع : مرسل.

وقال في المدارك : بهذه الرواية استدل الشهيدرحمه‌الله في الذكرى على تعدي نجاسة الميتة مع اليبوسة وهو غير جيد إذ اللازم منه ثبوت الحكم المذكور مع الحياة أيضا وهو معلوم البطلان ، والأجود حملها على الاستحباب لضعف سندها ووجود المعارض.

قولهعليه‌السلام « ولكن يغسل يده » أي وجوبا في بعض الموارد واستحبابا في بعضها.

الحديث الخامس : مجهول.

ولا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في نجاسة ميتة الحيوان ذي النفس السائلة سواء كان آدميا أو غيره ، لكن الآدمي لا ينجس إلا بالبرد ويطهر بالغسل ، ولا خلاف في نجاسة ما لاقى الميتة رطبا مطلقا ، وأما إذا لاقاها مع الجفاف فالمشهور

١٧٠

في صلاته فليمض وإن لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه إلا أن يكون فيه أثر فيغسله.

(باب)

(صفة التيمم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد ، عن سهل جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن التيمم

_________________________________________

عدم النجاسة ، وذهب العلامة إلى أن ما يلاقيها ينجس نجاسة حكمية يجب غسله ولا يتعدى إلى غيره بل تردد في نجاسة ما يلاقي الشعر والوبر منها أيضا.

الحديث السادس : صحيح.

باب صفة التيمم

الحديث الأول : حسن أو موثق.

ويدل على الاكتفاء بالضربة الواحدة في التيمم مطلقا ، واختلف الأصحاب في عدد الضربات فيه فقال الشيخان في النهاية والمبسوط والمقنعة : ضربة للوضوء وضربتان للغسل ، وهو اختيار الصدوق ، وسلار ، وأبي الصلاح ، وابن إدريس ، وأكثر المتأخرين ، وقال المرتضى في شرح الرسالة : الواجب ضربة واحدة في الجميع ، وهو اختيار ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل ، والمفيد في المسائل الغرية ، ونقل عن المفيد في الأركان اعتبار الضربتين في الجميع ، وحكاه المحقق في المعتبر ، والعلامة في المنتهى والمختلف عن علي بن بابويه وظاهر كلامه في الرسالة اعتبار ثلاث ضربات ضربة باليدين للوجه ، وضربة باليسار لليمين ، وضربة باليمين لليسار ولم يفرق بين الوضوء والغسل ، وحكي في المعتبر القول بالضربات الثلاث عن قوم منا وقال الطيبي في شرح المشكاة في شرح حديث عمار : أن في الخبر فوائد منها أنه يكفي في التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين ، وهو قول علي وابن عباس وعمار وجمع من التابعين ، والأكثرون من فقهاء الأمصار إلى أن التيمم ضربتان ، انتهى.

١٧١

فضرب بيده الأرض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينيه وكفيه مرة واحدة.

_________________________________________

فظهر من هذا أن القول المشهور بين العامة الضربتان ، وأن الضربة مشهور عندهم من مذهب أمير المؤمنين صلوات عليه ، وعمار التابع له ، وابن عباس التابع لهعليه‌السلام في أكثر الأحكام فظهر أن أخبار الضربة أقوى وأخبار الضربتين حملها على التقية أولى.

قولهعليه‌السلام « فنفضها » استحباب نفض اليدين مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا وقد أجمعوا على عدم وجوبه واستحب الشيخ مسح إحدى اليدين بالأخرى بعد النفض ولا نعلم مستنده ، والمشهور بين الأصحاب عدم اشتراط علوق شيء من التراب بالكف ، ونقل عن ابن الجنيدرحمه‌الله اشتراطه.

قولهعليه‌السلام « جبينيه » ظاهره أنه يكفي مسح طرفي الجبهة بدون مسحها ، ويمكن أن يراد بهما الجبهة معهما بأن تكون الجبهة نصفها مع الجبين الأيمن ونصفها مع الأيسر والإتيان بهذه العبارة لتأكيد إرادة الجبينين كأنهما مقصودان بالذات.

ثم اعلم أن مسح الجبهة من قصاص شعر الرأس إلى طرف الأنف إجماعي ، وأوجب الصدوق مسح الجبينين والحاجبين أيضا ، وقال أبوه يمسح الوجه بأجمعه ، والمشهور في اليدين أن حدهما الزند ، وقال علي بن بابويه امسح يديك من المرفقين إلى الأصابع ، وذكر العلامة ومن تأخر عنه أنه يجب البدأة في مسح الكف بالزند إلى أطراف الأصابع ، وأجمعوا على وجوب تقديم مسح الجبهة على اليد اليمنى واليمنى على اليسرى ، وأيضا نقل الإجماع على وجوب الموالاة فيه ، ولو أخل بالمتابعة بما لا يعد تفريقا عرفا لم يضر قطعا ، وإن طال الفصل أمكن القول بالبطلان وذكر جمع من الأصحاب أن من الواجبات طهارة محل المسح وهو أحوط مع القدرة.

قولهعليه‌السلام « مرة واحدة » الظاهر أنه متعلق بالمسح ويمكن تعلقه بالضرب أيضا على التنازع.

١٧٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية : «وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما » وقال «فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ » قال فامسح على كفيك من حيث موضع القطع وقال «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ».

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن الكاهلي قال سألته عن التيمم قال فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم مسح كفيه إحداهما

_________________________________________

الحديث الثاني : مرسل.

ويمكن أن يكون المعنى أن المراد هنا في الآية ما يقوله العامة في القطع ويكون ذكر الآيتين لبيان أن لليد معاني متعددة ، وقولهعليه‌السلام «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا »(١) لبيان أن الله تعالى لم يبهم أحكامه بل بينها بحججهعليهم‌السلام فيجب الرجوع إليهم ، ولعل الأظهر أن هذا استدلال منهعليه‌السلام بأنه تعالى لما ذكر اليد في القطع لم يحدها ، وفي الوضوء حدها بالمرافق وقد تبين من السنة أن القطع من الزند فتبين أن كلما أطلق تعالى اليد أراد بها إلى الزند ، ولذا قالعليه‌السلام ـ وما كان ربك نسيا ـ أي أنه تعالى لم ينس بيان أحكامه بل بينها في كتابه على وجه يفهمها حججهعليهم‌السلام .

وفيه : إن موضع القطع عند أصحابنا أصول الأصابع فهو مخالف للمشهور وموافق لما ذهب إليه بعض أصحابنا من أن التيمم من موضع القطع ، ويمكن أن يقال : هذا إلزامي على العامة وموضع القطع عندهم الزند ، ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب أن المسح من أصول الأصابع إلى رؤوسها في التيمم وهذا الخبر [ إلزام ] يصلح مستندا لهم.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في الحبل المتين : ما تضمنه هذا الخبر من ضربهعليه‌السلام بيده على البساط

__________________

(١) مريم : ٦٤.

١٧٣

على ظهر الأخرى.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن التيمم فقال إن عمار بن ياسر أصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلت له كيف التيمم فوضع يده على المسح ثم رفعها فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا ورواه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسين بن علي الكوفي ، عن النوفلي ، عن غياث

_________________________________________

لا إشعار فيه بما يظهر من كلام المرتضىرحمه‌الله من جواز التيمم بغبار البساط ونحوه.

قولهعليه‌السلام « أحدهما » لعل المراد كلا منهما.

الحديث الرابع : صحيح ، وسنده الثاني حسن.

وقال في الصحاح : تمعكت الدابة أي تمرغت ، والمسح بالكسر البلاس ، وفي بعض النسخ السنج بالسين المهملة المفتوحة والنون الساكنة وأخره جيم معرب سنك والمراد به حجر الميزان ، ويقال له صبخة بالصاد أيضا ، وربما يقرأ بالياء المثناة من تحت والحاء المهملة والمراد به ضرب من البرد أو عباءة مخططة ، ولا إشعار فيه على التقدير الأول بجواز التيمم على الحجر ، ولا على الثاني بجوازه بغبار الثوب ، لما عرفت وقد يقرأ بالباء الموحدة.

قولهعليه‌السلام « فوق الكف » كان فيه عدم وجوب استيعاب ظهر الكف ، ومثله أفتى ابن بابويه في بيان التيمم للجنابة ، ويحتمل أن يكون المراد أنه مسح الكف وابتدأ من فوق الكف أي من الزند ، أو من فوق الزند من باب المقدمة.

الحديث الخامس : مجهول.

ويدل على كراهة التيمم من موضع يطأه الناس بأرجلهم.

١٧٤

ابن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات لله عليه لا وضوء من موطإ قال النوفلي يعني ما تطأ عليه برجلك.

٦ ـ الحسن بن علي العلوي ، عن سهل بن جمهور ، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، عن الحسن بن الحسين العرني ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن يتيمم الرجل بتراب من أثر الطريق.

(باب)

(الوقت الذي يوجب التيمم ومن تيمم ثم وجد الماء)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد ماء وأردت التيمم فأخر التيمم إلى آخر الوقت فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض.

_________________________________________

الحديث السادس : مجهول.

باب الوقت الذي يوجب التيمم ومن تيمم ثم وجد الماء

الحديث الأول : صحيح.

وأجمع الأصحاب على عدم جواز التيمم للفريضة الموقتة قبل دخول الوقت ، كما أطبقوا على وجوبه مع تضيقه ولو ظنا وإنما الخلاف في جوازه مع السعة فذهب الشيخ والسيد المرتضى وجمع من الأصحاب إلى أنه لا يصح إلا في آخر الوقت ، ونقل عليه السيد الإجماع ، وذهب الصدوقرحمه‌الله إلى جوازه في أول الوقت ، وقواه في المنتهى ، واستقر به في البيان ، وقال ابن الجنيد : إن وقع اليقين بفوت الماء آخر الوقت أو غلب الظن فالتيمم في أول الوقت أحب إلى ، واستجوده المحقق في المعتبر ، واختاره العلامة في أكثر كتبه ، وفي قوله : « فإن فاتك الماء » إشعار برجاء وجود الماء.

١٧٥

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض ويصلي فإذا وجد ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام

_________________________________________

الحديث الثاني : حسن.

ويدل على وجوب الطلب ما دام الوقت باقيا وعدم تقديره بقدر وسيأتي القول فيه :

الحديث الثالث : حسن.

وقال في المدارك : من تيمم تيمما صحيحا وصلى ثم خرج الوقت لم يجب عليه القضاء ، قال في المنتهى : وعليه إجماع أهل العلم ونقل عن السيد المرتضىرحمه‌الله أن الحاضر إذا تيمم لفقدان الماء وجب عليه الإعادة إذا وجده ، ولم نقف له في ذلك على حجة ، والمعتمد سقوط القضاء مطلقا ، ولو تيمم وصلى مع سعة الوقت ثم وجد الماء في الوقت فإن قلنا باختصاص التيمم باخر الوقت بطلت صلاته مطلقا ، وإن قلنا بجوازه مع السعة فالأصح عدم الإعادة ، وهو خيرة المصنف في المعتبر ، والشهيد في الذكرى ، ونقل عن ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل القول بوجوب الإعادة ، وهو ضعيف ، والأخبار محمولة على الاستحباب ، انتهى. وما اختاره جيد.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح ، وفي التهذيب صحيح.

١٧٦

يصلي الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلها قال نعم ما لم يحدث قلت فيصلي بتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها قال نعم ما لم يحدث أو يصب ماء قلت فإن أصاب الماء ورجا أن يقدر على ماء آخر وظن أنه يقدر عليه كلما أراد فعسر ذلك عليه قال ينقض ذلك تيممه وعليه أن يعيد التيمم قلت فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فإن التيمم أحد الطهورين.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام : « فيصلي بتيمم واحد » هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، وقال بعض العامة : ينتقض التيمم بخروج الوقت لأنها طهارة ضرورية فيتقدر بالوقت كالمستحاضة ، ولا ريب في بطلانه.

قولهعليه‌السلام : « فإن أصاب الماء ورجا » لا خلاف فيه بين الأصحاب.

قولهعليه‌السلام : « فإن أصاب الماء وقد دخل » قال في المدارك : إذا وجد المتيمم الماء وتمكن من استعماله فله صور :

إحداها : أن يجده قبل الشروع في الصلاة فينتقض تيممه ويجب عليه استعمال الماء فلو فقده بعد التمكن من ذلك أعاد التيمم ، قال في المعتبر : وهو إجماع أهل العلم ، وإطلاق كلامهم يقتضي أنه لا فرق في ذلك بين أن يبقى من الوقت مقدار ما يسع الطهارة والصلاة وعدمه ، وهو مؤيد لما ذكرناه فيما سبق أن من أخل باستعمال الماء حتى ضاق الوقت يجب عليه الطهارة المائية والقضاء لا التيمم والأداء.

وثانيتها : أن يجده بعده الصلاة ولا إعادة عليه لما سبق لكن ينتقض تيممه لما يأتي ، قال في المعتبر : وهو وفاق أيضا.

وثالثتها : أن يجده في أثناء الصلاة وقد اختلف فيه كلام الأصحاب ، فقال الشيخ في المبسوط والخلاف : يمضي في صلاته ولو تلبس بتكبيرة الإحرام ، وهو اختيار المرتضى وابن إدريس ، وقال الشيخ في النهاية : يرجع ما لم يركع ، وهو

١٧٧

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الله بن عاصم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقيم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ وإن كان قد ركع فليمض في صلاته.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن داود الرقي

_________________________________________

اختيار ابن أبي عقيل ، وابن بابويه ، والمرتضى في شرح الرسالة ، انتهى ولعل الأول أقوى.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال في المدارك : أجاب العلامةرحمه‌الله في المنتهى عن روايتي زرارة وعبد الله بن عاصم ، بالحمل على الاستحباب ، أو على أن المراد بالدخول في الصلاة الشروع في مقدماتها كالأذان ، وبقوله : « ما لم يركع » ما لم يتلبس بالصلاة ، وبقوله : « وإن كان ركع » دخوله فيها إطلاقا لاسم الجزء على الكل ، ولا يخفى ما في هذا الحمل من البعد وشدة المخالفة للظاهر ، أما الأول فلا بأس به ، ويمكن الجمع بين الروايات أيضا بحمل المطلق على المقيد إلا أن ظاهر قوله في رواية محمد بن عمران ـ ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة ـ يأباه ، إذ المتبادر منه أول وقت الدخول ، وكذا التعليل المستفاد من رواية زرارة فإنه شامل لما قبل الركوع وبعده وهنا مباحث.

الأول ، إذا حكمنا بإتمام الصلاة مع وجود الماء فهل يعيد التيمم لو فقد الماء قبل فراغه من الصلاة أم لا ، فيه قولان أظهرهما عدم الإعادة.

الثاني : لو كان في نافلة فوجد الماء احتمل مساواته للفريضة ، وبه جزم الشهيد في البيان ، ويحتمل قويا انتقاض تيممه لجواز قطع النافلة اختيارا.

الحديث السادس : مختلف فيه ، والصحة أقوى.

وقال في المدارك : أجمع علماؤنا وأكثر العامة ، على أن من كان عذره عدم الماء

١٧٨

قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال إن الماء قريب منا أفأطلب الماء وأنا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم فإني أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل فيأكلك السبع.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يمر بالركية وليس معه دلو قال ليس عليه أن ينزل الركية إن رب الماء هو رب الأرض فليتيمم.

_________________________________________

لا يسوغ له التيمم إلا بعد الطلب إذا أمل الإصابة وكان في الوقت سعة ، حكي في المعتبر والمنتهى ، ولا ينافي ذلك رواية داود الرقي ، ويعقوب بن سالم ، لضعف سندهما ولا شعارهما بالخوف على النفس أو المال ، ونحن نقول به.

واختلف الأصحاب في كيفية الطلب وحده ، فقال الشيخ في المبسوط : والطلب واجب قبل تضيق الوقت في رحله وعن يمينه وعن يساره وسائر جوانبه ، رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف ونحوه ، قال في النهاية : ولم يفرق بين السهلة والحزنة ، وقال المفيد وابن إدريس : بالسهمين في السهلة وبسهم في الحزنة ، ولم يقدره السيد المرتضى في الجمل ، ولا الشيخ في الخلاف بقدر ، وحسن في المعتبر القول بوجوب الطلب ما دام الوقت باقيا ، والمعتمد اعتبار الطلب من كل جهة يرجو فيها الإصابة بحيث يتحقق عرفا عدم وجدان الماء.

الحديث السابع : حسن.

وفي الصحاح : الركية البئر وجمعها الركي ، وقال الشيخ البهائيرحمه‌الله : الظاهر أن المراد به ما إذا كان في النزول إليها مشقة كثيرة ، أو كان مستلزما لإفساد الماء ، والمراد بعدم الدلو عدم مطلق الإله ، فلو أمكنه بل طرف عمامته مثلا ثم عصرها والوضوء بمائها ، لوجب عليه وهذا ظاهر.

قولهعليه‌السلام : « هو رب الأرض » يشعر بكون المراد بالصعيد الأرض وبجواز

١٧٩

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن يعقوب بن سالم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك قال لا آمره أن يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع.

٩ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب ولم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد فإن رب الماء ورب الصعيد واحد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال : سألته عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فنسيه وتيمم وصلى

_________________________________________

التيمم بالحجر فتدبر.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاح : التغرير حمل النفس على الغرور ، وقد غرر بنفسه تغريرا وتغررة.

الحديث التاسع : مجهول كالصحيح ، وفي التهذيب صحيح.

قولهعليه‌السلام : « ولا يفسد » أي بالغسل بناء على أن اغتسال الجنب موجب للنزح أو بالنجاسة لإزالة المني فيه ، أو بأن يموت ويفسد ماء القوم ، أو بأن يخلط بالحمأ والطين ، أو بالاستقذار الحاصل لنفس القوم بعد العلم بهذا الاستعمال ، وعلى التقادير يمكن أن يكون المنع لعدم رضاء القوم باستعمال مائهم.

الحديث العاشر : موثق.

وقال في المدارك : لو أخل بالطلب وضاق الوقت فتيمم وصلى ثم وجد الماء في محل الطلب فالأظهر أنه كعدمه وقيل : بوجوب الإعادة هنا تعويلا على رواية

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

المجلس الثامن

ليلة الجمعة / غرّة شعبان المعظّم / ١٣٤٥ هجرية

أقبل القوم بعد ما أتممت صلاة العشاء ، فاستقبلناهم بالترحاب ، فجلسوا وشربوا الشاي.

ثم تكلم السيد عبد الحي قائلا :

لقد صدرت منكم في البحث الماضي كلمة لا ينبغي لمثلكم أن يتفوّه بها. لانها تسبّب تفرقة المسلمين. والله تعالى يقول :( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) (١) ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) (٢) .

قلت «متعجبا» : أرجو أن توضح ما هي تلك الكلمة؟! فربما صدرت مني في حال الغفلة.

السيد عبد الحي : في الليلة الماضية ، في أواخر البحث عن فوائد الزيارة قلتم : إنكم تعتقدون بأنّ زيارة مشاهد أهل البيت من علائم الإيمان. وقلتم : ليس كل مسلم بمؤمن!

بينما المسلمون كلهم مؤمنون والمؤمنون كلهم مسلمون.

فلما ذا تفرّقون بينهم وتجعلونهم قسمين متمايزين؟!

__________________

(١) سورة آل عمران ، الآية ١٠٣.

(٢) سورة الأنفال ، الآية ٤٦.

٦٠١

أليس هذا الانقسام يضر الإسلام! وقد تبيّن لنا من كلامكم شيء ، وهو أنّ عوام الشيعة «خاصة في الهند» حين يحسبون أنفسهم مؤمنين ويحسبوننا مسلمين ، مأخوذ من علمائهم.

وهذا الأمر مخالف لرأى جمهور علماء الإسلام ، إذ لا يفرّقون بين الإسلام وبين الإيمان.

الفرق بين الإسلام والإيمان

قلت : أولا ، قولك : جمهور علماء الاسلام لا يفرقون بينه وبين الأيمان. فغير صحيح ، لأننا نجد في الكتب الكلامية اختلافا كثيرا حول الموضوع لا بين الشيعة والسنّة فحسب ، بل نجد الاختلاف ساريا في أقوال أهل السنة والجماعة أنفسهم أيضا ، فالمعتزلة على خلاف الأشاعرة. وبعض علماء الشافعية والحنفية على خلاف رأي أحمد ومالك.

ثانيا : لا يرد إشكالك على كلامي ، لأنّ كلامي صدر على أساس قوله تعالى :( قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ) الخ(١) .

فالآية الكريمة تصرّح بأنّ الإسلام والتسليم في الظاهر ، والإيمان يرتبط بالقلب ، والآية تنفي إيمان قوم في حين تثبت إسلامهم. فالمسلم ، من شهد بالتوحيد والنبوة فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله. فحينئذ يكون للمسلم ما للمؤمنين

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ١٤.

٦٠٢

في الدنيا ، من الحقوق الاجتماعية والمدينة والشخصية ، دون الآخرة ، فقد قال تعالى :( ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ ) (١) .

السيد عبد الحي : نقبل بأنّ الإسلام غير الإيمان ، فقد قال سبحانه وتعالى :( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً ) (٢) .

فهذه الآية تفرض علينا الالتزام بالظاهر وأن لا ننفي الإسلام عمّن أظهر الإسلام.

قلت : نعم كل من نطق بالشهادتين ، فما لم يرتكب منكرا يلازم الكفر والارتداد ، ولم ينكر إحدى الضرورات الإسلاميّة كالمعاد ، فهو مسلم ، نعاشره ونجالسه ونعامله معاملة الإسلام ، ولم نتجاوز الظاهر ، فإنّ بواطن الناس لا يعلمها إلا الله سبحانه ، وليس لأحد أن يتجسّس على بواطن المسلمين. ولكن نقول : بأن النسبة بين الإسلام والإيمان ، عموم مطلق(٣) .

مراتب الإيمان

لقد أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمته عند اختلاف الأقوال وتضارب آرائهم ، أن يأخذوا بقول أهل بيته ويلتزموا برأيهم ، لأنهم أهل الحقّ والحقّ لا يفارقهم. فلذلك إذا بحثنا في أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام لنجد حقيقة موضوع حوارنا ، نصل إلى قول الإمام الصادقعليه‌السلام إذ يقول : «إنّ

__________________

(١) سورة البقرة ، الآية ١٠٢.

(٢) سورة النساء ، الآية ٩٤.

(٣) مورد الاجتماع : المسلم المؤمن.

ومورد الافتراق : المسلم غير المؤمن ، ولا يوجد مؤمن غير مسلم.

٦٠٣

للإيمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل. فمنه الناقص البيّن نقصانه ومنه الراجح الزائد رجحانه ومنه التام المنتهى تمامه. وأما الإيمان الراجح فهو عبارة عن إيمان الشخص الذي يتصف ببعض لوازم الإيمان ، فهو راجح على الذي لا يتصف بها فالثاني ناقص إيمانه ، وأما التام المنتهى تمامه ، فهو الذي يتصف بكل لوازم الإيمان». وقد قال سبحانه وتعالى فيهم :( أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) (١) .

وأما الصفات اللازمة للإيمان فهي كثيرة منها كما في الحديث المروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يا علي سبعة من كنّ فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان ، وأبواب الجنة مفتّحة له : من أسبغ وضوءه وأحسن صلاته ، وأدّى زكاة ماله ، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر لذنبه ، وأدّى النصيحة لأهل بيت نبيه»(٢) ونحن نعتقد أنّ زيارة مشاهد أهل البيتعليهم‌السلام يدخل ضمن العنوان الأخير. فالذي أسلم ، هو مؤمن في الظاهر ولا نعلم باطنه ، ولكن أعماله تكشف عن حقيقة إيمانه ، ومراتب رسوخ الايمان في قلبه وباطنه وقد جاء في تفسير الآية الكريمة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا ) (٣) .

أي : يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم آمنوا بقلوبكم.

وخاطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جماعة من أصحابه فقال : «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان بقلبه».

فلا شك أنّ بين الإسلام والإيمان فرقا لغويا ومعنويا. وللمؤمن

__________________

(١) سورة الأنفال ، الآية ٧٤.

(٢) الخصال : ٢ / ١٦٨ ، الحديث رقم ٨.

(٣) سورة النساء ، الآية ١٣٦.

٦٠٤

علائم تظهر في سلوكه وأعماله.

ثم اعلموا بأننا لا نفتش عن بواطن الناس ولا نفرّق بين المسلمين ، ولكن نعاملهم على حدّ أعمالهم ، فهناك من ينطق بالشهادتين ولكن يستخف بالصلاة والصوم ويستهين بالحج ولا يدفع الزكاة ويخالف القرآن الحكيم وأوامر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته الطيبين ، فليس هذا عندنا الاحترام والتكريم ، كمن ينطق بالشهادتين ويلتزم بأحكام الدين فيعمل بكل الفرائض ويترك المنهيّات ويطيع الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترتهعليهم‌السلام لقوله تعالى :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (١) .

فالإسلام يتحقق باللسان ، وهو بداية المرحلة الأولى من الإيمان ، ويترتب عليه الأحكام الدنيوية كالحقوق الاجتماعية والشخصية والمدنية.

ولكن الإيمان المطلق فيتحقق باللسان والقلب ، ويظهر بالأعمال الصالحة التي تصدر عن جوارح المؤمن وأعضاء بدنه ، وحتى اللسان ، وهو يحب أن يكون مطلقا ، يتقيّد بالإيمان فلا يتكلم إلاّ بالحق والصبر ، كما قال تعالى :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ) (٢) .

وجاء في الحديث الشريف :

الإيمان هو الإقرار باللسان والعقد بالجنان والعمل بالأركان.

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ١٣.

(٢) سورة العصر.

٦٠٥

لما ذا ترفضون الشيعة!!

إذا كنتم ملتزمين بهذا الأصل العام ، إنّ كل من نطق بالشهادتين فهو مسلم ومؤمن وأخ في الدين. فلما ذا تطردون الشيعة وترفضونهم بل تعادونهم ، ولا تحسبون مذهبهم من المذاهب الإسلامية! وكلكم تعلمون بأنّ الشيعة يشهدون أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمدا رسول الله وخاتم النبيين. ويعتقدون بأنّ القرآن كلام الله العزيز ويلتزمون بكل ما جاء به النبي المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيصلّون ويصومون ويزكّون ويحجون ويجاهدون في سبيل الله ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويعتقدون بالبعث والمعاد وبالمحاسبة والجزاء( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (١) لذلك يلتزمون بترك القبائح والمحرّمات كالظلم والسرقة والخمر والزنا والقمار واللواط والربا والكذب والافتراء والنميمة والسحر وغيرها من المحرّمات.

فنحن معكم نعتقد بإله واحد ونبي واحد ودين واحد وكتاب واحد وقبلة واحدة ، ومع ذلك كله نراكم تفترون علينا وترموننا بالكفر والشرك! وهذا ما يريده الأجانب والمستعمرون ويفرحون منه.

فلما ذا هذا الظلم والجفاء وهذا التقوّل والافتراء علينا؟!!

ألم نكن معكم متّفقين على دين واحد ، ومتّفقين على أصوله وفروعه وأحكامه؟ ـ غير الإمامة والخلافة ـ وأما الاختلاف الموجود بيننا وبينكم في بعض الأحكام الفرعية ، فهو اختلاف نظري ورأي فقهي ، كالاختلاف الواقع بين الأئمة الأربعة لأهل السنّة والجماعة. بل

__________________

(١) سورة الزلزلة ، الآية ٧ و ٨.

٦٠٦

في بعض المسائل تكون اختلافاتهم أشدّ من اختلافنا مع بعضهم. هل أعددتم جوابا ليوم الحساب إذا سألتم عن سبب هذا الموقف البغيض والحقد العريض على الشيعة المؤمنين؟ وهل يقبل منكم إذا قلتم : إننا اتّبعنا أسلافنا من الخوارج وبني أمية النّواصب ، المعادين للعترة الهادية والفرقة النّاجية؟!!

فليس للشيعة ذنب ، سوى أنهم سلكوا الطريق الذي رسمه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر الله سبحانه ، فأمر المسلمين بمتابعة أهل بيته وإطاعة عترته من بعده.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبدا.

فالشيعة أخذوا بأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتمسّكوا بالثقلين.

وأمّا غيرهم فقد أخذوا بقول غير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ عارضوه فقالوا : كفانا كتاب الله! فتركوا أهل البيت والعترة الطاهرة الهاديةعليهم‌السلام .

الشيعة أخذوا أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق أهل بيتهعليهم‌السلام ، وغيرهم أخذوا الأحاديث عن طريق أبي هريرة وأنس وسمرة وأمثالهم ، وتركوا طريق أهل البيت الطيبينعليهم‌السلام .

وللحصول على أحكام الدين ابتدعوا القياس والاستحسان حسب ما تراه عقولهم ، وتحكم به أفكارهم ، كل ذلك ليستغنوا عن العترة الهادية!!

لما ذا نتّبع عليّا وأبناءهعليهم‌السلام

ونحن إنما نتّبع عليّاعليه‌السلام وأبناءه الأئمة المعصومينعليهم‌السلام لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها».

٦٠٧

لذلك نحن دخلنا من الباب الذي فتحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأمته وأمرهم بالدخول منه إلى مدينة علومه وأحكام دينه وحقيقة شرعه.

ولكنكم تحتّمون علينا وعلى المسلمين أن نكون أشاعرة أو معتزلة في أصول الدين وأما في الفروع والأحكام فتريدوننا أن نأخذ برأي أحد الأئمة الأربعة ، لمذاهب أهل السنّة والجماعة وهو تحكّم منكم ، ليس لكم دليل عليه!

ولكننا نستند على أدلة عقلية ، ونقليّة من أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وجوب متابعة عليعليه‌السلام وأبنائه الأئمة الطيبين ، وقد نقلت لكم بعض تلك الأحاديث الشريفة من كتبكم المعتبرة ومصادركم المشتهرة.

كحديث الثقلين وحديث السفينة وباب حطّة وغيرها. وإذ تنصفونا وتتركوا العناد واللجاج ، لكفى كل واحد من تلك الأحاديث في إثبات قولنا وأحقية مذهبنا.

وأمّا أنتم فليس عندكم حتى حديث واحد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمر أمّته بمتابعة الأشعري أو ابن عطاء في مسائل أصول الدين ، أو العمل بآراء وأقوال مالك بن أنس أو أحمد بن حنبل أو أبي حنفية أو محمد ابن إدريس الشافعي في فروع الدين وأحكام العبادات والمعاملات.

ليت شعري من أين جاء هذا الانحصار؟!

فاتركوا التّعصّب لمذهب الآباء والأمّهات والتمسك بالتقاليد والعادات ، وارجعوا إلى القرآن الحكيم وأحاديث النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلو كان عشر هذه الروايات والأحاديث المروية في كتبكم والواصلة عن طرقكم في متابعة أهل البيتعليهم‌السلام ، لو كانت في حقّ واحد من أئمّة المذاهب الأربعة لاتّبعناه وأخذنا برأيه وعملنا بقوله.

٦٠٨

ولكن لا نرى في كتبكم وأسنادكم إلاّ أحاديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يحثّ ويحفّز على متابعة الإمام عليعليه‌السلام بل يأمر المسلمين بذلك وينهى عن مخالفته ويصرّح بأنّ الحق معه.

والآن تذكّرت حديثا نبويا نقله كثير من علمائكم وأعلامكم ، أنقله لكم بالمناسبة لتعرفوا أنّ الشيعة لا يتّبعون عليّا وأبناءه عن تعصّب وهوى ، بل بأمر من الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس إلى الحقّ والجنة سبيل غير مذهب أهل البيتعليهم‌السلام وهو مذهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

روى الشيخ سليمان الحنفي القندوزي في كتابه ينابيع المودة الباب الرابع / عن فرائد السمطين لشيخ الإسلام الحمويني بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا علي أنا مدينة العلم وأنت بابها ولن تؤتى المدينة إلاّ من قبل الباب ، وكذب من زعم أنّه يحبّني ويبغضك لأنّك منّي وأنا منك. لحمك لحمي ودمك دمي وروحك من روحي وسريرتك من سريرتي وعلانيتك من علانيتي ، سعد من أطاعك ، وشقى من عصاك ، وربح من تولاّك ، وخسر من عاداك ؛ فاز من لزمك ، وهلك من فارقك ، مثلك ومثل الأئمة من ولدك بعدي ، مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلّف عنها غرق ، ومثلهم كمثل النجوم كلّما غاب نجم طلع نجم إلى يوم القيامة».

ويصرّح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث الثقلين الذي اتفق علماء المسلمين على صحته : إنّكم ما إن تمسّكتم بالقرآن وبأهل بيته وعترته لن تضلّوا بعده أبدا.

وقد تكلمت حول هذا الحديث بالتفصيل في الليالي الماضية

٦٠٩

وذكرت لكم مصادره من كتبكم ومسانيدكم ، ولكن بالمناسبة أقول :

إنّ ابن حجر الهيثمي وهو ممن لا يتّهم عندكم بشيء بل لا ينكر أحد تعصّبه في مذهبه ، وتمسّكه بطريقة أهل السنّة والجماعة.

قال في كتابه الصواعق المحرقة / الفصل الأول من الباب الحادي عشر عند ذكره الآيات الكريمة النازلة في شأن أهل البيتعليهم‌السلام . فيقول في ذيل «الآية الرابعة» قوله تعالى :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) (١) :

«أخرج الديلمي» عن ابن سعيد الخدري أنّ النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال : «وقفوهم إنهم مسئولون عن ولاية عليّ». وكأنّ هذا هو مراد الواحدي بقوله : روي في قوله تعالى :( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ) ، أي عن ولاية عليّ وأهل البيت قال ابن حجر : وأخرج الترمذي وقال : حسن غريب ، إنه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال : «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي : أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله عزّ وجلّ ، حبل ممدود من السّماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما؟!». قال : «وأخرجه أحمد» في مسنده بمعناه ولفظه : «إنّي أوشك أن ادعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض. فانظروا بم تخلفوني فيهما؟!» وسنده لا بأس به. وفي رواية : إنّ ذلك كان في حجة الوداع. وفي [رواية] أخرى : مثله ـ يعني : كتاب الله ـ كسفينة

__________________

(١) سورة الصافات ، الآية ٢٤.

٦١٠

نوح من ركب فيها نجى. ومثلهم ـ أي أهل بيته ـ كمثل باب حطّة ، من دخله غفرت له الذنوب.

وذكر ابن الجوزي لذلك في «العلل المتناهية» وهم أو غفلة عن استحضار بقية طرقه. بل في مسلم ـ أي صحيح مسلم ـ عن زيد بن أرقم أنه (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) قال : ذلك يوم غدير خم وهو ماء بالجحفة ، كما مر وزاد : أذكّركم الله في أهل بيتي. قلنا لزيد من أهل بيته : نساؤه؟ قال : لا ، أيم الله! إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدّهر ، ثم يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أهله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده.

قال ابن حجر : وفي رواية صحيحة : «إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن تبعتموهما ، وهما : كتاب الله وأهل بيتي عترتي. وقال : زاد الطبراني : إنّي سألت ذلك لهما فلا تقدموهما فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم».

[ثم قال ابن حجر : اعلم أنّ لحديث التمسّك بذلك ، طرقا كثيرة ، وردت عن نيّف وعشرين صحابيا ، وفي بعض تلك الطرق أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك بحجة الوداع بعرفة ، وفي اخرى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاله بالمدينة في مرضه وقد امتلأت الحجرة بأصحابه ، وفي أخرى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك بغدير خم ، وفي اخرى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لما قام خطيبا بعد انصرافه من الطائف.

ولا تنافي إذ لا مانع من أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كرّر عليهم ذلك في تلك المواطن وغيرها اهتماما بشأن الكتاب العزيز والعترة الطاهرة ـ وبعد سطور قال ـ : «تنبيه» سمّى رسول الله (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) القرآن

٦١١

وعترته ثقلين ، لأنّ الثّقل كلّ نفيس خطير مصون وهذان كذلك ، إذ كل منهما معدن للعلوم اللدنيّة والأسرار والحكم العليّة والأحكام الشرعيّة ، ولذا حثّ (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) على الاقتداء والتمسّك بهم والتعلّم منهم ويؤيّده الخبر السابق : ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم. وتميّزوا بذلك عن بقية العلماء ، لأنّ الله أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وشرّفهم بالكرامات الباهرة والمزايا المتكاثرة.

وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت ، إشارة إلى عدم انقطاع العالم عن التمسّك بهم الى يوم القيامة ، كما انّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أمانا لأهل الأرض كما يأتي ثم أحق من يتمسّك به منهم ، إمامهم وعالمهم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، لما قدّمنا من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته الخ].

ايها الحاضرون! هذه تصريحات أحد كبار علماء السنّة وهو ابن حجر الذي اشتهر بالتّعصب ضد الشيعة ومذهبهم ، والعجيب أنه مع كل تلك الاعترافات بفضل أهل البيتعليهم‌السلام ولزوم التمسّك بهم ، يؤخّرهم عن مقامهم وعن مراتبهم التي رتّبهم الله فيها ، لا سيّما الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام فيقدّم عليه وعليهم من لا يقايس بهم في العلم والفضيلة فاعتبروا يا أولي الأبصار!! نعوذ بالله من التّعصب والعناد.

أيها الأخوان فكروا في هذه التأكيدات المتتالية عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! وهو يبيّن أنّ سعادة الدنيا والآخرة منحصرة في التمسّك بالقرآن والعترة معا وأنّ طريق الحق واحد وهو الذي سار فيه أهل بيته فما هو واجب المسلمين؟ فكروا وانصفوا!

٦١٢

إنه موقف صعب واختيار الحق أصعب ، لقد وقفتم على طريقين : طريق سلكه آباؤكم وأسلافكم ، وطريق يدعوكم إليه نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرآنكم وعقولكم.

فكما لا يجوز للمسلمين أن يغيّروا شيئا من كتاب الله العزيز حتى لو اجمعوا على ضرورة التغيير لتغيير الزمان وغير ذلك ، كذلك لا يجوز للمسلمين أن يتركوا أهل البيت ويتمسكوا بغيرهم حتى لو اجمعوا على ذلك لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم على المسلمين وأمرهم أن يتمسكوا بالقرآن وبعترته وأهل بيته معا فلا يجوز التمسك بواحد دون الآخر.

أسألكم أيها الحاضرون! هل الخلفاء الذين سبقوا الإمام عليعليه‌السلام كانوا من أهل البيت ومن العترة الهادية؟ وهل تشملهم أحاديث الثقلين والسفينة وباب حطة وغيرها حتى يكون التّمسك بهم لازما ، وطاعتهم واجبة علينا؟!

السيد عبد الحي : لم يدّع أحد من المسلمين أنّ الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم كانوا من أهل البيت ، ولكنهم كانوا من الصحابة الصالحين ، ولهم فضيلة المصاهرة مع النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم).

قلت : فإذا أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإطاعة قوم أو فرد معيّن وأكّد ذلك على أمته ، فهل يجوز لطائفة من الأمّة أن يعرضوا عن أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقولوا : إننا نرى صلاحنا وصلاح الأمّة في متابعة وإطاعة قوم آخرين ـ حتى إذا كانوا صلحاء ـ؟ فهل امتثال أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وطاعته واجبة؟ أم إطاعة تلك الطائفة المتخلّفة عن أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والعاملة حسب نظرها في تعيين الصواب والصلاح للأمّة؟!

٦١٣

السيد عبد الحي : حسب اعتقادنا طاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واجبة.

قلت : إذا ، لما ذا تركتم أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم تطيعوه حيث قال : «إني تارك فيكم ثقلين أو أمرين ، لن تضلوا إن اتبعتموهما وهما : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فلا تقدموا عليهم فتهلكوا ولا تقصّروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنهم أعلم منكم؟». ومع هذا تركتموهم وهم أعلم الناس وأفضلهم وتبعتم واصل بن عطاء وأبا حسن الأشعري أو مالك بن أنس وأبا حنيفة ومحمد بن ادريس وأحمد بن حنبل!

هل إنّ هؤلاء أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترته أم هم علي بن أبي طالب وأبناؤه الأئمة المعصومونعليهم‌السلام ؟.

السيد عبد الحي : لم يدّع أحد من المسلمين أنّ المقصود من أهل البيت في حديث الثقلين ، أئمة المذاهب الأربعة ، أو الخلفاء الثلاثة ، أو أبو الحسن الأشعري أو واصل بن عطاء ، وإنما نقول : إنّ هؤلاء كانوا من أبرز علماء المسلمين ومن الفقهاء الصلحاء.

قلت : ولكن بإجماع العلماء واتفاق جمهور المسلمين ، أن الأئمة الاثني عشر الذين نتمسك نحن الشيعة بأقوالهم ونلتزم بطاعتهم ، كلهم من أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترته ، وهم أشرف أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وثبت أنهم في كل زمان كانوا أعلم الناس بأحكام الدين وتفسير الكتاب المبين وفقه شريعة سيد المرسلين. وأقرّ لهم بذلك جميع علماء المسلمين.

لا أدري ما يكون جوابكم ، إذا سألكم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحساب : أن لما ذا خالفتم رأيي وعصيتم أمري فتركتم عترتي وأهلي وقدّمتم غيرهم عليهم؟!

٦١٤

أليس أهل بيتي كانوا أعلم وأفضل؟

لقد أخذ الشيعة دينهم ومذهبهم ، حسب أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من باب علمه ، ومن وصيه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وأخذوا بعده من عترته وأهل بيته الذين أدركوه وعاشروه وسمعوا حديثه ورأوا أعماله وسلوكه فأخذوا منه وأوصلوا ذلك إلى أبنائهم ونشروه. أما غير أهل البيتعليهم‌السلام فكيف وصلوا إلى علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

فالأئمة الأربعة ما كان لهم أيّ ذكر في القرن الأول والثاني بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلا يعدّون من الصحابة ولا التابعين.

ولكن أخرجتهم السياسة وأظهرتهم الحكومة والفئة المناوئه لأهل البيت والعترةعليهم‌السلام .

ففسحت لهم المجال وفتحت أبوابهم ، في حين ضايقت أهل البيت وأغلقت أبوابهم ، ومنعت الحكومات الناس من التّوجّه إلى آل محمّدعليهم‌السلام : لينصرفوا نحو الأئمة الأربعة ، وإذا لم يهتمّ أحد لأمر الحكومة ، تمسّك بأهل البيت وعمل برأيهم ولم ينضم إلى مذاهب الأئمة الأربعة ، فيرمى بالكفر والزندقة وكان مصيره القتل أو السجن والمطاردة!

وما زالت هذه الحالة التّعصّبية تنتقل من دور إلى دور ، ومن دولة إلى أخرى ، حتى يومنا هذا!!

فما يكون جوابكم لنبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الحساب إذا سألكم : بأي دليل كفّرتم شيعة أهل بيتي ، وهم مؤمنو أمّتي؟

ولما ذا قلتم لأتباعكم وأشياعكم : إنّ شيعة عليّعليه‌السلام مشركون؟!

فحينئذ ليس لكم جواب ، ولكم الخزي والخجل في المحشر!

٦١٥

أيها الأخوة! تداركوا اليوم الموقف! وارجعوا إلى الحق والصواب! واعتبروا يا أولي الألباب!

نتّبع العلم والعقل

أيها الحاضرون الكرام! نحن لا نعاديكم ولا نعادي أحدا من المسلمين ، بل نحسب جميع المسلمين إخواننا في الدين ، ولكنّ خلافنا معكم ناشئ من التزامنا لحكم العقل والعلم ، وهو أنّنا لا نقلّد في أمر ديننا تقليدا أعمى ، بل يجب أن نفهم الدين بالدليل والبرهان حتى يحصل لنا اليقين ، قال سبحانه وتعالى :( فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ) (١) .

فلا نتبع أحدا ولا نطيعه من غير دليل ، فنأخذ بأمر الله سبحانه ونهتدي بهدي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا نسلك إلاّ الطريق السّوي الذي رسمه لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر الله عزّ وجلّ ، من مطلع رسالته حين جمع رجال قومه الأقربين امتثالا لأمر الله سبحانه حيث قال :( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ) (٢) .

فجمعهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وأطعمهم ، ثم قام فيهم بشيرا ونذيرا ثم قال : فمن منكم يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني في القيام به ، يكن أخي ووزيري وخليفتي من بعدي؟ فما أجابه إلاّ عليعليه‌السلام ، وكان أصغرهم سنّا ، فأخذ النبي بيده وقال : إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي

__________________

(١) سورة الزمر ، الآية ١٧ ـ ١٨.

(٢) سورة الشعراء ، الآية ٢١٤.

٦١٦

فيكم فاسمعوا له وأطيعوا الخ ـ وقد نقلنا الخبر بالتفصيل وذكرنا مصادره المعتبرة في المجلس الخامس ـ.

وفي أواخر أيام حياته المباركة ، وفي أكبر جمع من أمته ، يوم الغدير ، أخذ بيد علي بن أبي طالبعليه‌السلام بأمر الله عزّ وجلّ وعيّنه لخلافته ، فقال : من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه وأخذ له البيعة منهم.

فالدّلائل الساطعة والبراهين القاطعة من القرآن الحكيم وأحاديث النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرويّة في كتبكم المعتبرة ومسانيدكم الموثّقة ـ إضافة إلى تواترها في كتب الشيعة ـ كلها تشير بل تصرّح على أنّ الصّراط المستقيم والسبيل القويم منحصر في متابعة آل محمد وعترتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولو تذكرون لنا حديثا واحدا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه قال : خذوا أحكام ديني من أبي حنيفة أو مالك أو أحمد بن حنبل أو الشافعي ، لقبلناه منكم! ولتركت مذهبي واخترت أحد المذاهب الأربعة!!

ولكن لا تجدون ذلك أبدا وليس لكم أي دليل وبرهان عليه ، ولم يدّعه أحد من المسلمين إلى يومنا هذا.

نعم لكم أن تقولوا : بأن الأئمة الأربعة كانوا من فقهاء الإسلام ، والملك الظاهر بيبرس في عام ٦٦٦ من الهجرة ، أجبر المسلمين على متابعة أحدهم(١) ، وأعلن رسمية المذاهب الأربعة ومنع فقهاء

__________________

(١) قال المقريزي : فلما كانت سلطنة الظاهر بيبرس البندقدارى ولى بمصر أربعة قضاة :شافعي ، ومالكيّ ، وحنفيّ ، وحنبلي ، فاستمر ذلك من سنة ٦٦٥ هجرية حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب أهل الإسلام سوى هذه

٦١٧

__________________

المذاهب الأربعة وعودي من تمذهب بغيرها وأنكر عليه ، ولم يولّ قاضي ولا قبلت شهادة أحد ولا قدّم للخطابة والإمامة والتدريس أحد ما لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب ، وأفتى فقهاء الأمصار في طول هذه المدة بوجوب اتباع هذه المذاهب وتحريم ما عداها.

وسبقه إلى ذلك الخليفة العباسي في بغداد ، وهو المستنصر ، فقد أنشأ المدرسة المستنصرية سنة ٦٢٥ هجرية وتم بناؤها سنة ٦٣١ هجرية فاحتفل بافتتاحها احتفالا عظيما حضره بنفسه وحضر معه نائب وزيره والولاة والحجاب والقضاة والمدرسون والفقهاء والقراء والوعاظ والشعراء وأعيان التجار والنّقباء.

وحصرا الخليفة التدريس في المستنصرية على المذاهب الأربعة ، وجعل لها ستة عشر وقفا تجري عائداتها عليها ، لكل مذهب ربع العوائد ، وجعل ربع القبلة الأيمن للشافعي ، وجعل ربع القبلة الأيسر للحنفي ، والرّبع الذي على يمين الدّاخل للحنابلة ، والرّبع الذي على يسار الداخل للمالكية.

وسبقه إلى اختيار بعض المذاهب وإعلان رسميته ، جدّه أبو جعفر المنصور الدوانيقي حيث أمر الإمام مالك بوضع كتاب في الفقه يحمل الناس عليه بالقهر! فوضع الموطّا. / شرح الموطأ للزرقاني ج ١ ص ٨.

فأعلن المنصور أنّ مالكا أعلم الناس.

وقد أمر الرشيد عامله على المدينة بأن لا يقطع أمرا دون مالك ، ومنادي السلطان كان ينادي أيام الحج : أن لا يفتي إلا مالك.

أما في بغداد فقد ولى الرشيد أبا يوسف منصب رئاسة القضاء العامة وأبو يوسف هو تلميذ أبي حنيفة.

وكان الرشيد لا ينصب أحدا في بلاد العراق وخراسان والشام ومصر ، بالولاية

٦١٨

المسلمين من استنباط الأحكام وإبداء آرائهم ، والتاريخ يصرّح بأنّه كان في الإسلام فقهاء وعلماء أعلم وأفقه من أولئك الأربعة.

والعجب أنكم تتركون الإمام علياعليه‌السلام وهو باب علم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذي أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمته بالأخذ منه ومتابعته في أمر الدّين والشرع ، بالنصوص الكثيرة والروايات المتواترة الواصلة عن طرقكم المعتبرة ، وكذلك الآيات القرآنية التي نزلت في هذا الشأن كما فسّرها كبار علمائكم الأعلام ومحدّثوكم الكرام.

وأنتم مع ذلك تصمّون أسماعكم ، وتغمضون أبصاركم ، وتتّبعون الأئمة الأربعة ، وتحصرون الحق في آرائهم وأقوالهم بغير دليل وبرهان ، وأغلقتم باب الاجتهاد واستنباط الأحكام ، وقد تركه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مفتوحا أمام الفقهاء والعلماء.

السيد عبد الحي : نحن نرى الحق في متابعة الأئمة الأربعة ، كما أنكم ترون الحق في متابعة الأئمة الاثني عشر!!!

قلت : هذا قياس باطل ، لأنكم ترون الحق في متابعة أحد الأئمة الأربعة ، بينا نحن نرى الحق في متابعة كلّ الأئمة الاثني عشر ، فلا يجوز عندنا ترك أحدهم والإعراض عن أوامره.

__________________

والقضاء إلا من أشار به القاضي أبو يوسف وذلك لمكانته في الدولة ومنزلته عند الرشيد.

فكان القاضي أبو يوسف أقوى عوامل انتشار المذهب الحنفي ورسميته في الدولة.

ومن اراد التفصيل في هذا الباب فليراجع كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ١ تأليف العلامة المحقق الشيخ أسد حيدر قدس‌سره .

٦١٩

ثم إن تعيين الأئمة الاثني عشر ما كان إلا من عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبأمره وحكمه ، فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عيّنهم وذكر أسماءهم واحدا بعد الآخر.

خلفاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر

ذكر الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة مجموعة أحاديث عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا المعنى وفتح لها بابا عنوانه :

الباب السابع والسبعون : في تحقيق حديث بعدي اثنا عشر خليفة.

قال : ذكر يحيى بن الحسن في كتاب العمدة ، من عشرين طريقا في أنّ الخلفاء بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش : في البخاري من ثلاثة طرق وفي مسلم من تسعة طرق وفي أبي داود من ثلاثة طرق وفي الترمذي من طريق واحد وفي الحميدي من ثلاثة طرق.

وذكر هذه الأحاديث الشريفة كثير من علمائكم الأعلام غير الذين ذكرهم القندوزي ، منهم : الحمويني في فرائد السمطين والخوارزمي في المناقب ، وابن المغازلي في المناقب ، والثعلبي في التفسير ، وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، والمير سيد علي الهمداني الشافعي في المودّة العاشرة من كتابه مودة القربى ، نقل اثنا عشر خبرا وحديثا في هذا الأمر ، من عبد الله بن مسعود وجابر بن سمرة وسلمان الفارسي وعبد الله بن عباس وعباية بن ربعي وزيد بن حارثة وأبي هريرة ، وعن الإمام عليعليه‌السلام ، كلهم يروون عن رسول

٦٢٠

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205