ليالي بيشاور

ليالي بيشاور3%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235910 / تحميل: 3903
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

__________________

آمن بي وبما جئت به وهو يبغض عليا فهو كاذب ليس بمؤمن». ورواه ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية : ج ٧ / ٣٥٤ ، عن طريق آخر عن ابن مسعود ، ورواه أيضا العلاّمة الأمر تسري في أرجح المطالب / ٥١٩ ، ط لاهور / عن ابن مسعود.

وأخرج ابن كثير أيضا في البداية والنهاية : ج ٧ / ٣٥٤ ، ط مصر / عن جابر أن رسول الله (ص) قال لعلي «كذب من زعم أنّه يحبني ويبغضك». وابن المغازلي في المناقب / حديث رقم / ٢٣٣ بسنده عن سلمان قال : قال رسول الله (ص) لعلي :«يا عليّ محبك محبي ومبغضك مبغضي».

وفي حديث رقم ٣٠٩ روى بسنده عن نافع مولى ابن عمر عنه عن رسول الله (ص) قال لعلي (ع) : «وأنت وارثي ووصيي ، تقضي ديني وتنجز عداتي وتقتل على سنّتي ، كذب من زعم أنّه يبغضك ويحبّني». وفي حديث رقم ٢٧٧ روى ابن المغازلي بسنده عن عمار بن ياسر قال : قال رسول الله (ص) «اوصي من آمن بي وصدّقني بولاية عليّ بن أبي طالب فمن تولاّه فقد تولاّني ، ومن تولاّني فقد تولّى الله ، ومن أحبّه فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عزّ وجلّ».

وأخرجه المتقي حسام الدين في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٤ ، وقال : رواه الطبراني في المعجم الكبير ، وذكره في منتخبه أيضا : ج ٥ / ٣٢ ، وقال : رواه الطبراني وابن عساكر ، وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٩ / ١٠٨.

وفي فرائد السمطين أخرج الحمويني حديثا مسندا إلى ابن عباس وفيه «كذب من زعم أنّه يحبني ويبغضك» والخطاب إلى علي عليه‌السلام من النبي (ص).

وفي أرجح المطالب ٤٤٦ / ، ط لاهور ، أخرج حديثا عن طريق الحسن بن بدر ، والحاكم ، وابن النجّار ، والمتقي في كنز العمال ، وابن السمّان في الموافقة ، والمحب الطبري ، عن ابن عباس وفيه «وكذب عليّ من زعم أنّه يحبني ويبغضك».

٨٤١

هذه الأحاديث الشريفة وعشرات بل مئات من مثلها مسجّلة وثابتة في مسانيد علمائكم وأعلام محدثيكم وقد زيّنوا بها تصانيفهم وكتبهم ، وحتى المتعصبين منهم لم يروا بدّا من ذكرها وإخراجها ، أمثال القوشجي وابن حجر المكي وروزبهان وغيرهم.

ورغم المحاولات الشيطانية التي حاولها أعداء الإمام عليعليه‌السلام ، والأساليب العدوانية التي استعملها معاوية وحزبه المنحرفون الظالمون لإخفاء مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وفضائله ، والمنع من نشرها وروايتها. مع كل ذلك فقد انتشرت في الأقطار وتناقلتها علماء الأمصار حتى ملئت منها الكتب والأسفار ، ولكي تطّلعوا على بعض تلك الأخبار ، فراجعوا الصحاح الستة ، وخصائص مولانا علي ابن أبي طالب للنسائي ، وينابيع المودّة للقندوزي ، ومودّة القربى

__________________

وفي لسان الميزان : ج ٤ / ٣٩٩ ، ط ، حيدرآباد / أخرج العسقلاني عن الإمام عليعليه‌السلام عن رسول الله (ص) قال «من زعم أنّه يحبّني وأبغض عليا فقد كذب».

وفي أرجح المطالب ٥١٨ / ط لاهور / عن العباس بن عبد المطلب قال : سمعت عمر ابن الخطاب ، وقد سمع رجلا يسبّ عليا ، فقال : كفّوا عن ذكر عليّ إلاّ بخير ، فإنّي سمعت رسول الله (ص) يقول «في عليّ ثلاث خصال كذب من زعم أنه يحبني وهو يبغضك ، يا عليّ! من أحبّك فقد أحبّني ، ومن أحبّني فقد أحبّ الله تعالى ، ومن أحبّه الله تعالى أدخله الجنة ، ومن أبغضك فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغضه الله تعالى ، ومن أبغضه الله تعالى أدخله النار». أخرجه الخوارزمي.

واعلم أيها القارئ الكريم! أنّ الروايات الواردة بهذا المعنى أكثر مما ذكرنا بحيث يحصل منها علم اليقين لمن يطلب الحق ويكون من المنصفين.

«المترجم»

٨٤٢

للهمداني ، والمعجم للطبراني ، ومطالب السئول لمحمد بن طلحة القرشي العدوي ، ومسند الامام احمد ومناقبه ، ومناقب الخطيب الخوارزمي ، ومناقب الفقيه الشافعي ابن المغازلي الواسطي ، وكفاية الطالب في مناقب مولانا علي بن أبي طالب للعلاّمة صدر الحفاظ الكنجي الشافعي ، وفرائد السمطين لشيخ الإسلام الحمويني ، والرياض النضرة وذخائر العقبى لمحب الدين الطبري ، والإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، والمستدرك للحاكم النيسابوري ، وتاريخ ابن عساكر / قسم ترجمة الإمام عليعليه‌السلام ، وعشرات الكتب غير ما ذكرنا ، وكلها من أعلامكم ومشاهير محدثيكم(١) .

__________________

(١) لقد ذكر المؤلف الخبير : أنّ معاوية استعمل اساليب عدوانية للمنع من رواية فضائل الإمام عليعليه‌السلام ونشرها وهذا أمر مشتهر لا ينكر ولكي يطمئن القارئ النبيل ، ويتلقى الخبر مع شاهد ودليل ، أروي لكم ما نقله ابن أبي الحديد في شرح النهج :ج ١١ / ٤٤ ـ ٤٦ ، ط دار إحياء التراث العربي / قال [وروى علي بن محمد بن أبي سيف المدائني في كتاب «الاحداث» قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمّة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته ، فقامت الخطباء في كل كورة ، وعلى كلّ منبر يلعنون عليا ، ويبرءون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشدّ الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة ، لكثرة من بها من شيعة عليعليه‌السلام ، فاستعمل عليهم زياد بن سميّة وضمّ إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف ـ لأنّه كان منهم أيام عليّ ٧ ـ فقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وأخافهم ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم ، وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق : ألاّ يجيزوا لأحد من شيعة عليّ وأهل بيته شهادة ، وكتب إليهم ، أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل ولايته ، والذين يروون

٨٤٣

__________________

فضائله ومناقبه فادنوا مجالسهم ، وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا لي بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم ، واسمه واسم أبيه وعشيرته.

ففعلوا ذلك ، حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصّلات والكساء والحباء والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء أحد مردود من الناس عاملا من عمال معاوية ، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه وقرّبه وشفّعه ، فلبثوا بذلك حينا.

ثم كتب إلى عماله : أنّ الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر ، وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وتأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجّة أبي تراب وشيعته ، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله!!

فقرأت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر ، وألقي إلى معلّمي الكتاتيب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونساءهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

ثم كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحب عليا وأهل بيته ، فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه ، وشفع ذلك بنسخة أخرى : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكّلوا به ، واهدموا داره!!

فلم يكن البلاء أشدّ ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة ، حتى إنّ الرجل من شيعة علي عليه‌السلام ليأتيه من يثق به ، فيدخل بيته ، فيلقي إليه سرّه ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ، ليكتمنّ عليه.

٨٤٤

__________________

فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك بليّة القرّاء المراءون ، والمستضعفون ، الذين يظهرون الخشوع والنسك فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا مجالسهم ، ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديّانين الذين لا يستحلّون الكذب والبهتان ، فقبلوها ورووها ، وهم يظنّون أنّها حقّ ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها.

قال ابن أبي الحديد : وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ـ وهو من أكابر المحدثين وأعلامهم ـ في تاريخه ما يناسب هذا الخبر ، وقال : إنّ أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيّام بني أميّة ، تقرّبا إليهم بما يظنّون أنّهم يرغمون به أنوف بني هاشم.]

وجاء في الصواعق المحرقة / ٧٦ ، ط الميمنية بمصر / قال : وأخرج ابن عساكر

وقال عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة [كان لعليّ ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له القدم في الإسلام ، والصهر برسول الله (ص) ، والفقه في السنّة ، والنجدة في الحرب ، والجود في المال قال ابن حجر : وأخرج الطبراني وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما أنزل الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ أميرها وشريفها. ولقد عاتب الله أصحاب محمّد (ص) في غير مكان وما ذكر عليا إلاّ بخير ، قال : وأخرج ابن عساكر عنه ـ أي عن ابن عباس ـ قال : ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في عليّ عليه‌السلام . وأخرج عنه أيضا قال : نزل في عليّ ثلاثمائة آية. قال : وأخرج الطبراني عنه ـ أي عن ابن عباس ـ قال : كانت لعليّ ثمانية عشر منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة.

قال ابن حجر : ولما دخل [الامام علي عليه‌السلام ] الكوفة ، دخل عليه حكيم من العرب فقال : والله يا أمير المؤمنين لقد زيّنت الخلافة وما زيّنتك ، ورفعتها وما رفعتك وهي

٨٤٥

عليعليه‌السلام خير البرية والبشر ومن أبي فقد كفر

وفي كتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام الباب الثاني والستون / ١١٨ ـ ١٩٩ / ط الغري سنة ١٣٥٦ هجرية للعلاّمة إمام الحرمين ومفتي العراقيين محدّث الشام وصدر الحفاظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة ٦٥٨ هجرية ، أخرج بسنده المعنعن المتصل بجابر ابن عبد الله الأنصاري أنه قال : كنا عند النبي (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم) فأقبل علي بن أبي طالب ، فقال النبي (ص) «قد اتاكم اخي ثم التفت الى الكعبة فضربها بيده ثم قال : والذي نفسي بيده إنّ هذا

__________________

كانت أحوج إليك منك إليها.]

قال : وأخرج السّلفي في الطيوريات عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال [سألت أبي عن عليّ ومعاوية؟ فقال : اعلم أنّ عليا كان كثير الأعداء. ففتّش له أعداؤه شيئا فلم يجدوه. فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله ـ وهو معاوية ـ فأطروه كيدا منهم له!!]

ونعم ما قال المرحوم العلاّمة الكبير والأديب النحرير والشاعر الشهير المرحوم السيد رضا الهندي في القصيدة الكوثرية :

[قاسوك ـ أبا حسن ـ بسواك

وهل بالطّود يقاس الذّر

أنّى ساووك بمن ناووك

وهل ساووا نعلي قنبر!!]

نعم والله

(فأين الحصى من نجوم السماء

وأين معاوية من عليّ؟)

٨٤٦

وشيعته هم الفائزون يوم القيامة. ثم إنّه أولكم إيمانا ، وأوفاكم بعهد الله ، وأقومكم بأمر الله ، وأعدلكم في الرعيّة وأقسمكم بالسويّة وأعظمكم عند الله مزيّة».

قال : ونزلت( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (١) .

__________________

أقول : ورأيت في بعض الكتب ، أنّه قيل للخليل النحوي : ما رأيك في علي بن أبي طالب عليه‌السلام؟

فقال «ما أقول في حق رجل أخفى الأحباء فضائله من خوف الأعداء ، وسعى أعداؤه في إخفائها من الحسد والبغضاء ، وظهر من فضائله مع ذلك كله ما ملأ المشرق والمغرب.]

وفي أمالي الشيخ الطوسي (قدس‌سره ) :

... قال : حدثني يونس بن حبيب النحوي ـ وكان عثمانيّا ـ قال [قلت للخليل بن أحمد : أريد أن أسألك عن مسألة ، فتكتمها عليّ؟

قال [الخليل] : إنّ قولك يدل على أنّ الجواب أغلظ من السؤال ، فتكتمه أنت أيضا؟ قال : قلت : نعم ، أيام حياتك. قال : سل!

قال : قلت : ما بال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كأنهم بنو أمّ واحدة وعليّ بن أبي طالب من بينهم كأنه ابن علّة؟ [أي الضّرة].

قال : من أين لك هذا السؤال؟

قال : قلت : وعدتني الجواب.

قال : وقد ضمنت الكتمان.

قال : قلت : أيام حياتك.

فقال [الخليل] : إن عليا عليه‌السلام تقدّمهم إسلاما ، وفاقهم علما ، وبذّهم شرفا ، ورجحهم زهدا ، وطالهم جهادا. فحسدوه ، والناس إلى أشكالهم وأشباههم أميل منهم إلى من بان منهم ، فاقهم]. ـ انتهى ـ. «المترجم»

(١) سورة البيّنة ، الآية ٧.

٨٤٧

قال : وكان أصحاب محمّد (ص) إذا أقبل عليّعليه‌السلام قالوا : قد جاء خير البريّة.

ثم قال العلاّمة الكنجي : هكذا رواه محدث الشام في كتابه ـ تاريخ ابن عساكر ـ بطرق شتّى ، وذكرها محدث العراق ومؤرّخها ـ وأظنه يقصد الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد ـ رواها عن زر عن عبد الله عن عليّ قال : قال رسول الله (ص) «من لم يقل علي خير الناس فقد كفر».

وفي رواية له عن حذيفة قال : سمعت النبي (ص) يقول «علي خير البشر ، من أبى فقد كفر». هكذا رواه الحافظ الدمشقي في كتاب التاريخ عن الخطيب الحافظ ، وزاد في رواية له عن جابر قال : قال رسول الله (ص) «علي خير البشر فمن أبى فقد كفر». وفي رواية محدث الشام عن سالم عن جابر ، قال : سئل عن عليّعليه‌السلام ؟ فقال : [ذاك خير البريّة لا يبغضه إلاّ كافر] وفي رواية لعائشة عن عطا قال : سألت عائشة عن عليّ؟ فقالت [ذاك خير البشر لا يشك فيه إلاّ كافر].

قال العلامة الكنجي : هكذا ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة عليّعليه‌السلام في تاريخه في المجلد الخمسين ، لأنّ كتابه مائة مجلّد فذكر منها ثلاث مجلّدات في مناقبه(١) عليه‌السلام . «انتهى كلامه».

__________________

(١) لم ينفرد العلاّمة الكنجي الشافعي بهذا الإخراج والبيان ، وإنما أخرج جمع كثير من أعيان العلماء وأعلام المحدثين والمفسرين.

أما بالنسبة إلى الآية الكريمة وأنّ المقصود من ( أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) البينة : ٧ ، فقد قالوا : هم عليّ وشيعته ومحبوه. هكذا رواه سبط ابن الجوزي في كتاب تذكرة

٨٤٨

__________________

الخواص / ٢٧ ط مؤسسة أهل البيت بيروت ، عن مجاهد. وروى آخرون بطرق شتّى عن النبي (ص) أنه قال «عليّ وشيعته خير البرية». أو أنه (ص) خاطب عليّا فقال «أنت وشيعتك خير البرية». أو بعبارات اخرى رواها القوم منهم : موفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ، والحاكم أبو إسحاق الحسكاني في شواهد التنزيل ، والعلاّمة الطبري في تفسيره : ج ٣ / ١٤٦ ، ط الميمنية بمصر ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة / ١٥٠ ، وجلال الدين السيوطي في تفسيره المسمّى بالدر المنثور : ج ٦ / ٣٧٩ ط مصر ، والصواعق المحرقة / ٩٦ ، ط الميمنية بمصر / الآية الحادية عشر / ، والكشفي الترمذي في المناقب المرتضوية / ٤٧ ط بمبئي ، والعلاّمة الشوكاني في فتح القدير : ج ٥ / ٤٦٤ ط مصطفى الحلبي بمصر ، والعلاّمة الآلوسي في تفسيره روح المعاني : ج ٣٠ / ٢٠٧ / ط المنيرية بمصر ، والعلاّمة الشبلنجي في نور الابصار ، والقندوزي في ينابيع المودّة / ٣٦١ طبع المكتبة الحيدريّة.

وأمّا الحديث الذي انتشر وصدر عن لسان محمد (ص) سيد البشر ، واشتهر بين المحدثين واصحاب الرواية والخبر «علي خير البشر فمن ابى فقد كفر». فقد أخرجه جمع من أعلام أهل السنة وعلماء العامّة منهم : ابن مردويه في كتابه المناقب بسند يرفعه إلى حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله (ص) «عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر». وأخرج الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد : ج ٧ / ٤٢١ ، ط السعادة بمصر / بإسناده إلى جابر قال : قال رسول الله (ص) «عليّ خير البشر فمن امترى فقد كفر». وأخرجه أيضا الحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب : ج ٩ / ٤١٩ ط حيدرآباد وروى الحمويني في فرائد السمطين بإسناده إلى عبد الله بن علي بن ضيغم عن النبي (ص) «من لم يقل عليّ خير البشر فقد كفر».

وأخرج الفخر الرازي في «نهاية العقول في دراية الأصول» عن ابن مسعود عن

٨٤٩

__________________

رسول الله (ص) «عليّ خير البشر ، من أبى فقد كفر».

وأخرج المتقي حسام الدين الهندي في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٦ ط حيدرآباد عن ابن عباس عن النبي (ص) «علي خير البشر». وفيها أيضا «علي خير البشر ، من شكّ فيه كفر». وفي كنز العمال المطبوع بهامش المسند : ج ٥ / ٣٥ ط حيدرآباد : «علي خبر البشر فمن أبى فقد كفر». قال رواه عن جابر ، وروى عن الخطيب عن ابن عباس : من لم يقل : «عليّ خير الناس فقد كفر».

وفي كنوز الحقائق للمناوي / ٩٨ ط بولاق بمصر / عن النبي (ص) «عليّ خير البشر ، من شك فيه كفر». وفيها «عليّ خير البشر فمن أبى فقد كفر».

والهمداني الشافعي في مودة القربى / المودّة الثالثة : عن جابر عن النبي (ص) «عليّ خير البشر ، من شك فيه فقد كفر». وعن حذيفة «عليّ خير البشر ومن أبى فقد كفر».

واعلم أنّ عليا عليه‌السلام خير البشر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقد روي عنه عليه‌السلام «أنا عبد من عبيد محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وقد روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معنى علي خير البشر بتعبير آخر :

ففي لسان الميزان : ج ٦ / ٧٨ ط حيدرآباد / روى العسقلاني عن أبي بكر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول «عليّ خير من طلعت عليه الشمس وغربت بعدي».

وفي رواية : «علي خير من يمشي على الأرض بعدي». وفي مناقب الموفق بن أحمد الخوارزمي / ٦٧ ط تبريز / بإسناده عن سلمان عن النبي (ص) «أنّ أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ». وفي نظم درر السمطين للعلامة الزرندي الحنفي / ٩٨ ط مطبعة القضاء / عن النبي (ص) «عليّ يقضي ديني ، وينجز موعدي ، وخير من أخلف بعدي من أهلي». وفي كتاب المواقف : ج ٢ / ٦١٥ ط الآستانة / تأليف القاضي عضد الدين : روى عن النبي (ص) «أخي ووزيري وخير

٨٥٠

حبّ عليّ إيمان وبغضه كفر ونفاق

وذكر ابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة نقلا عن كتاب «الآل» لابن خالويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال لعليّ : حبّك إيمان وبغضك نفاق وأول من يدخل الجنة محبّك وأول من يدخل النار مبغضك.

وروى العلاّمة الهمداني في كتابه مودّة القربى / المودّة الثالثة ، وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين ، عن رسول الله (ص) قال : لا يحب عليا إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ كافر. وفي رواية اخرى

__________________

من أتركه بعدي علي بن أبي طالب». وفي المناقب المرتضوية / ١١٧ ، ط بمبئي للكشفي الترمذي / روى عن النبي (ص) «أنّ أخي ووزيري وخليفتي في أهلي وخير من أترك بعدي علي بن أبي طالب». رواه عن أنس بن مالك ، وروى في صفحة ٩٦ رواية بالمعنى آخرها «وخير من أخلفت بعدي علي بن أبي طالب». وقال : إنه روي عن سلمان وأنس في كتاب هداية السعداء وقال : رواه أبو بكر بن مردويه في المناقب.

وفي مناقب الخوارزمي / ٦٦ ، ط تبريز ، وفي لسان الميزان : ج ١ / ١٧٥ ، ط حيدرآباد ، وفي فتح البيان للعلاّمة حسن خان الحنفي : ج ١٠ / ٣٢٣ ، ط مصر ، بإسنادهم إلى أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) «علي خير البرية». وبحكم الله وحكم العقل : خير البريّة لا يولّى أحد عليه ، وخير البشر هو وليّ البشر وإمامهم ما دام حيّا.

«المترجم»

٨٥١

خاطب عليّاعليه‌السلام فقال «لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق(١) ».

__________________

(١) ورد هذا المعنى «حبّ عليّ إيمان وبغضه نفاق». بعبارات شتّى وعن طرق كثيرة أخرجها المحدثون الكرام والعلماء الأعلام من أهل السنّة في مسانيدهم وكتبهم منهم : الإمام أحمد في المسند : ج ٦ / ١٩٢ ط الميمنية بمصر ، عن أم سلمة سلام الله عليها ، والعلاّمة البيهقي في كتاب المحاسن والمساوي / ٤١ ، ط بيروت / عن أم سلمة أيضا ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / ٣٥ ، ط مؤسسة أهل البيت بيروت / قال : وأخرج الترمذي عن أم سلمة عن النبي (ص) قال «لا يحبّ عليّا إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق». حديث حسن صحيح.

والمحب الطبري في الرياض النضرة : ج ٢ / ٢١٤ ، ط مكتبة الخانجي بمصر وفي ذخائر العقبى / ٩١ ، ط مكتبة القدسي بمصر / رواه عن أم سلمة ، والحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال : ج ٢ / ٥٣ ، ط القاهرة / عن أم سلمة وابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية : ج ٧ / ٣٥٤ ، ط مصر / عن أم سلمة والخطيب التبريزي في مشكاة المصابيح / ٥٦٤ ، ط دهلي / عن أم سلمة والحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ج ٧ / ٥٧ ، ط البهية بمصر / وفي تهذيب التهذيب : ج ٨ / ٤٥٦ ، ط حيدرآباد / رواه عن أم سلمة ، وروى عنها أيضا ، الشيخ عبد القادر الخيراني في سعد الشموس والأقمار / ٢١٠ ، ط التقدم بالقاهرة ، والعلاّمة النبهاني في الفتح الكبير : ج ٣ / ٣٥٥ ، والعلوي الحضرمي في القول الفصل : ج ١ / ٦٣ ، ط جاوة ، والعلاّمة الأمر تسري في أرجح المطالب / ٥١٢ و ٥٢٣ ، ط لاهور وروى ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج ٩ / ١٧٢ ، ط دار إحياء التراث العربي قال : خطب النبي (ص) يوم الجمعة فقال : «.. أيها الناس! أوصيكم بحب ذي قرباها ، أخي وابن عمي عليّ ابن أبي طالب ، لا يحبه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق ، من أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني عذبه الله بالنار». قال رواه أحمد رضي‌الله‌عنه في كتاب فضائل علي عليه‌السلام ، وهو أخرجه بإسناده عن عبد الله بن حنطب عن أبيه ورواه عنه العلاّمة سبط ابن الجوزي في التذكرة / ٣٥ ، ط مؤسسة أهل

٨٥٢

__________________

البيت / بيروت ، والعلاّمة محب الدين الطبري في ذخائر العقبى ٩١ / ، ط مكتبة القدسي ، وفي الرياض النضرة : ج ٢ / ٢١٤ ط مصر ، والحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودّة / ٢٥٢ ، ط المطبعة الحيدرية ، والعلامة الأمر تسري في أرجح المطالب / ٤١ و ٥١٣ و ٤٢٨ ط لاهور.

وفي رواية عن الإمام علي عليه‌السلام قال «عهد إليّ النبي (ص) أنّه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلاّ مناف». ، رواه أحمد بن حنبل في المسند : ١ / ٨٤ ، ط مصر ، وفي صحيح مسلم : ج ١ / ٦٠ ، ط محمد علي صبيح بمصر / بإسناده إلى الإمام عليّ عليه‌السلام قال «والذي فلق الحبة وبرأ النسة إنّه لعهد النبي الأميّ (ص) إليّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق». ورواه الحافظ ابن ماجه في سنن المصطفى : ج ١ / ٥٥ ، ط المطبعة التازية بمصر ، والحافظ الترمذي في صحيحه : ج ١٣ / ١٧٧ ، ط الصاوي بمصر ، والنسائي في الخصائص ٢٧ / ط التقدّم بمصر ، والحافظ عبد الرحمن بن أبي حاتم في علل الحديث : ج ٢ / ٤٠٠ ط السلفية بمصر ، والحاكم في معرفة الحديث / ١٨٠ ط القاهرة والحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء : ج ٤ / ١٨٥ ، ط السعادة بمصر ، رواه بإسناده عن الإمام عليّ عليه‌السلام وقال : هذا حديث صحيح متفق عليه ، وروا عنه عليه‌السلام ، الحافظ البيهقي في السنن : ج ٢ / ٢٧١ ، ط الميمنية بمصر والخطيب البغدادي في تاريخه : ج ٢ / ٢٥٥ ، ط السعادة بمصر ، ورواه عن طريق آخر أيضا عنه عليه‌السلام في ج ٨ / ٤١٨ ، وعن طريق ثالث في ج ١٤ / ٤٢٦ ورواه عن طريق رابع عنه عليه‌السلام في كتابه موضح الجمع والتفريق / ٤٦٨ ط حيدرآباد ، ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب : ج ٢ / ٤٦١ ط حيدرآباد ، والقاضي محمد بن أبي يعلى في طبقات الحنابلة : ج ١ / ٣٢٠ ط القاهرة ، والعلاّمة البغوي في مصابيح السنّة : ج ١ / ٢٠١ ط الخيريّة بمصر ، والخطيب الموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب : ج ٢٢٨ ، ط تبريز / روى بإسناده

٨٥٣

__________________

إلى الإمام عليعليه‌السلام قال «قال لي رسول الله (ص) : لا يحبك إلاّ مؤمن تقيّ ولا يبغضك إلاّ فاجر رديّ». والحافظ ابن الجوزي في صفة الصفوة : ج ١ / ١٢١ ط حيدرآباد ، وابن الأثير الجزري في جامع الأصول : ج ٩ / ٤٧٣ ط السنّة المحمدية بمصر ، وفي أسد الغابة : ج ٤ / ٢٦ ط مصر ، والعلاّمة سبط ابن الجوزي في التذكرة / ٣٥ ، ط مؤسسة أهل البيت بيروت ، والشيخ محي الدين الدمشقي في الأذكار / ٣٥٥ ط القاهرة ، ومحب الدين الطبري في ذخائر العقبى / ٩١ ، ط القدسي بمصر ، وفي الرياض النضرة : ج ٢ / ٢١٤ ، ط مصر ، والعلاّمة محمد بن مكرم الافريقي في لسان العرب : ج ٣ / مادّة عهد / وشيخ الإسلام الحمويني في فرائد السمطين ، وابن تيمية الحرّاني في منهاج السنّة : ج ٣ / ١٧ ، ط القاهرة ، وعلاء الدين الخازن في تفسيره : ج ٢ / ١٨٠ ، ط مصر ، والعلاّمة الذهبي في دول الإسلام : ج ٢ / ٢٠ ، ط حيدرآباد ، وفي ميزان الاعتدال : ج ١ / ٣٣٤ ، ط القاهرة ، وهو أيضا في تاريخ الاسلام : ج ٢ / ١٨٩ ط مصر ، والعلاّمة الزرندي في نظم درر السمطين / ١٠٢ ط مطبعة القضاء ، والحافظ ابن كثير في البداية والنهاية : ج ٧ / ٣٥٤ ط مصر ، والحافظ أبو زرعة في طرح التثريب في شرح التقريب : ج ١ / ٨٦ ، ط جمعية النشر بمصر ، والعلاّمة الشيخ تقي الحلبي في نزهة الناظرين / ٣٩ ط الميمنيّة بمصر ، وابن حجر العسقلاني في فتح الباري : ج ٧ / ٥٧ ، وفي لسان الميزان :ج ٢ / ٤٤٦ ، ط حيدرآباد ، وفي الدرر الكامنة : ج ٤ ص ٣٠٨ ، ط حيدرآباد ، رواه بطرق شتى عن الإمام عليّ ٧. وجلال الدين السيوطي في تاريخ الخلفاء / ٦٦ ، ط الميمنية بمصر ، والمتقي الهندي في كنز العمال المطبوع بهامش المسند : ج ٥ / ٣ وابن حجر المكي في الصواعق / ٧٣ / ط الميمنيّة بمصر ، والشيخ أحمد بن يوسف الدمشقي في أخبار الدول وآثار الأول / ١٠٢ ط بغداد ، والعلاّمة المناوي في كنوز الحقائق / ٤٦ ، ط بولاق بمصر ، وفي صفحة ١٩٢ و ٢٠٣ من نفس الطبعة ،

٨٥٤

__________________

والعلاّمة عبد الغني النابلسي في ذخائر المواريث : ج ٣ / ١٥ ، والشيخ محمد الصبّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار / ١٧٣ ، ورواه آخرون مثل النبهاني في الشرف المؤبّد لآل محمد ، والشيخ أحمد البناء في بدائع المنن ، والشيخ محمد العربي في إتحاف ذوي النجابة ، ورواه كثير غير من ذكرنا ، وروى العلاّمة العدوى الحمزاوي في مشارق الأنوار / ١٢٢ ، طبع مصر عن عبد الله بن عباس عن النبي (ص) «حب عليّ إيمان وبغضه كفر».

وروى الطحاوي في مشكل الآثار : ج ١ / ٤٨ ، ط حيدرآباد ، حديثا مسندا إلى عمران بن حصين عن النبي (ص) قال في عليّ «لا يبغضه إلاّ منافق».

وروى عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٩ / ١٣٣ ط مكتبة القدسي بالقاهرة : قال النبي (ص) لعلي : «لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق». وقال : رواه الطبراني في الأوسط ، والقاضي ابن عياض رواه أيضا في كتابه الشفاء بتعريف حقوق المصطفى : ج ٢ / ٤١ ومثله في تذكرة الحفاظ : ج ١ / ١٠ ، ط حيدرآباد ، ومثله في «نقد عين الميزان» للعلاّمة بهجت الدمشقي / ١٤ ، ط مطبعة القيمرية ، والعلاّمة التونسي الكافي في السيف اليماني المسلول / ٤٩.

وروى جماعة بإسنادهم عن النبي (ص) : «من مات وفي قلبه بغض لعليّ رضي‌الله‌عنه ، فليمت يهوديّا أو نصرانيا». رواه الحافظ الذهبي في ميزان الاعتدال : ج ٣ / ٢٣٦ ، ط حيدرآباد ، وابن حجر العسقلاني في لسان الميزان : ج ٤ / ٢٥١ وج ٣ / ٩٠ ط حيدرآباد والعلاّمة الأمر تسري في أرجح المطالب / ١١٩ ، ط لاهور ، أو رووا بمعناه. وأخرج القندوزي في ينابيع المودّة / ٢٥٢ ط المطبعة الحيدرية : عن جابر قال [ما كنا نعرف المنافقين إلاّ ببغضهم عليا] قال : أخرجه أحمد وأخرج الترمذي عن أبي سعيد الخدري ما هو معناه أيضا.

وفي صحيح الترمذي : ج ١٣ / ١٦٨ ط الصاوي بمصر ، عن أبي سعيد الخدري قال [إنّا كنا لنعرف المنافقين ببغضهم عليّ بن أبي طالب] ورواه عن أبي سعيد

٨٥٥

__________________

جماعة منهم : أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء : ج ٦ / ٢٩٤ طبع مصر ، والخطيب البغدادي في تاريخه : ج ١٣ / ١٥٣ ط السعادة بمصر ، والحافظ رزين بن معاوية العبدري في الجمع بين الصحاح نقلا من سنن أبي داود بإسناده إلى أبي سعيد الخدري. والعلاّمة ابن الأثير الجزري في جامع الأصول : ج ٩ / ٤٧٣ ط المحمدية بمصر ، وفي أسد الغابة : ج ٤ / ٢٩ طبع مصر ، والعلاّمة النووي في تهذيب الأسماء واللغات / ٢٤٨ ، ط الميمنية بمصر ، والعلاّمة الزرندي في نظم درر السمطين / ١٠٢ ، ط مطبعة القضاء ، والعلاّمة الذهبي في تاريخ الإسلام :ج ٢ / ١٩٨ طبع مصر ، والعلاّمة السيوطي في تاريخ الخلفاء / ١٧٠ ط السعادة بمصر ، وابن حجر المكي في الصواعق / ٧٣ ، ط الميمنية بمصر ، والمتقي الهندي في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٢ ، والشيخ محمد الصبّان في إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار / ١٧٤ ، ط مصر ، والشيخ عبد القادر الخيراني في سعد الشموس والأقمار / ٢١٠ ط التقدم بالقاهرة ، والعلوي الحضرمي في القول الفصل / ٤٤٨ ط جاوا ، والأمر تسري في أرجح المطالب / ٥١٣ طبع لاهور ، والشيخ محمد العربي في إتحاف ذوي النجابة / ١٥٤ ، طبع مصطفى الحلبي بمصر ، كلهم أخرجوا رواية أبي سعيد الخدري ، وروى جمع من أعلام المحدثين بإسنادهم عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه قال أيضا مثل قول أبي سعيد وهذا نصّه :[ما كنا نعرف منافقينا ـ معشر الأنصار ـ إلاّ ببغضهم عليّا.]

رواه الإمام أحمد في المناقب / ١٧١ ، والخطيب البغدادي في كتابه موضح أوهام الجمع والتفريق : ج ١ / ٤١ ، ط حيدرآباد والحافظ ابن عبد البر في الاستيعاب : ج ٢ / ٤٦٤ ط حيدرآباد ، والخطيب موفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب / ٢٣١ ، طبع تبريز ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى / ٩١ ، ط القدسي بمصر ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٩ / ١٣٢ ط القدسي بمصر ، وقال : رواه الطبراني في الأوسط والبزّار مع تغيير في العبارة ورواه العلامة السيوطي في تاريخ الخلفاء

٨٥٦

وروى محمد بن طلحة في مطالب السّئول ، وابن الصباغ المالكي في الفصول عن الترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري أنه قال [ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلاّ ببغضهم عليا.]

الشيخ عبد السلام : هكذا أحاديث نبويّة صدرت أيضا في حقّ الشيخين أبي بكر وعمر ، وما كانت خاصّة بسيدنا عليّ كرّم الله وجهه!!

قلت : لو كان يحضر في بالك شيء من تلك الأحاديث ، فبيّنها حتى ينكشف واقع الأمر للحاضرين.

الشيخ عبد السّلام : روى عبد الرحمن بن مالك بسنده عن جابر عن النبي (ص) قال [لا يبغض أبا بكر وعمر مؤمن ولا يحبهما منافق!!]

__________________

/ ٦٦ ، ط الميمنية بمصر ، والعلوي الحضرمي في القول الفصل : ج ١ / ٤٤٨ ، ط جاوة ، وفي أرجح المطالب / ٥١٣ ، طبع لاهور ، والعلاّمة الآلوسي في تفسير روح المعاني : ج ٢ / ١٧ ، ط المنيريّة بمصر ، جاء فيه : ذكروا من علامات النفاق بغض عليّ كرّم الله وجهه فقد أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال [ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلاّ ببغضهم علي بن أبي طالب.]

أقول : كل ذي إيمان وذي وجدان وانصاف إذا نظر إلى هذه الروايات والعبارات وكثرتها في كتب أهل العلم والحديث من أهل السنّة وممن لا يشك في عدم انحيازهم إلى علي بن أبي طالب بل يميلون إلى الجهة الأخرى ، يتيقّن بصدور هذا المعنى مرارا من فم النبي المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيما نقلنا في الباب تمام الحجة وفصل الخطاب لمن أراد الحق والصّواب ، والسلام على من اتبع الهدى وسلك سبيل الواحد الوهّاب.

«المترجم»

٨٥٧

قلت : لقد أثار بيانك تعجبي! وكأنّك نسيت قرارنا في المجلس الأول على أن لا نستدل في احتجاجنا بالأحاديث غير المعتبرة لدى الخصم ، بل يجب أن تأتي بالشاهد وتستدل عليّ بالأحاديث المقبولة عندنا ، وهذا الحديث مردود وغير معتبر عندنا.

الشيخ عبد السلام : أظن بأنكم عزمتم أن لا تقبلوا منّا حتى رواية واحدة في فضل الشيخين!

قلت : لقد بيّنت قبل هذا : أننا أبناء الدليل حيثما مال نميل ، وأمّا ظنّك فباطل ولا يغني من الحق شيئا ، لأنّي ما قبلت روايتك لا لكونها في فضل الشيخين ، بل لأنّ الراوي متهم بالجعل والكذب حتى عند علمائكم كالخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد وغيره من الأعلام المشتهرين في علم الرواية والدراية قالوا فيه ذلك عند ترجمته ، وهذا العلاّمة الذهبي المعتمد عليه في هذا الفن ، فقد قال في ترجمة عبد الرحمن بن مالك في ميزان الاعتدال ج ١٠ / ٢٣٦ / قال : هو كذّاب أفّاك وضّاع لا يشك فيه أحد.

فأنصفوا بعد ما سمعتم هذا التصريح في راوي الحديث ، هل يطمئن قلبكم وتسمح نفسكم أن تقبلوا رواياته؟!

ثم فكّروا أين حديث هذا الكذّاب الأفّاك الوضّاع من حديث جابر ، وسلمان ، وأبي سعيد ، وابن عباس ، وأبي ذر الصادق المصدّق ، فقد روى جماعة من الأعلام منهم : العلاّمة السيوطي في الجامع الكبير : ج ٦ / ٣٩٠ ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ج ٢ / ٢١٥ ، وفي جامع الترمذي ج ٢ / ٢٩٩ ، وابن عبد البر في الاستيعاب ج ٣ / ٤٦ ، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ج ٦ / ٢٩٥ ،

٨٥٨

والعلاّمة محمد بن طلحة في مطالب السئول / ١٧ ، وابن الصبّاغ المالكي في الفصول المهمة صفحة ١٢٦ ، كلهم رووا عن أبي ذر الغفاريرحمه‌الله تعالى بعبارات مختلفة والمعنى واحد قال [ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلاّ بثلاث : بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلف عن الصلاة ، وبغضهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام .]

ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٤ / ٨٣ / ط دار إحياء التراث العربي / نقل عن الشيخ أبي القاسم البلخي أنه قال : وقد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب فيها عند المحدثين ؛ على أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «لا يبغضك إلاّ منافق ولا يحبّك إلاّ مؤمن». وروى حبّة العرنيّ عن عليّعليه‌السلام أنّه قال «إنّ الله عزّ وجلّ أخذ ميثاق كلّ مؤمن على حبّي ، وميثاق كل منافق على بغضي ، فلو ضربت وجه المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا على المنافق ما أحبّني».

وروى عبد الكريم بن هلال عن أسلم المكيّ عن أبي الطفيل ، قال : سمعت علياعليه‌السلام وهو يقول «لو ضربت خياشيم المؤمن بالسيف ما أبغضني ، ولو نثرت على المنافق ذهبا وفضّة ما أحبني ، إنّ الله أخذ ميثاق المؤمنين بحبّي ، وميثاق المنافقين ببغضي فلا يبغضني مؤمن ولا يحبّني منافق أبدا».

قال الشيخ أبو القاسم البلخي : وقد روى كثير من أرباب الحديث عن جماعة من الصحابة قالوا [ما كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (ص) إلاّ ببغض عليّ بن أبي طالب]. والأخبار من هذا القبيل كثيرة جدا في كتبكم واكتفينا بما نقلنا رعاية الاختصار.

والآن بعد استماعكم لهذه الروايات ، فكّروا وأنصفوا ..! أما

٨٥٩

كان خروج عائشة على أمير المؤمنين وقتالها لهعليه‌السلام قتالا لرسول الله وخروجا عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ أما كان حرب عائشة مع الإمام عليّعليه‌السلام ناشئا عن بغضها له وينبئ عن عدائها لهعليه‌السلام ؟ وقد بيّن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما ذكرنا أن بغض عليّ بن أبي طالب وعداؤه كفر ونفاق.

فلا أدرى بما ذا وكيف تفسّرون خروج عائشة على الامام عليّعليه‌السلام ؟؟ وبما ذا تعذّرونها في القتال والحرب. مع وجود هذه الأخبار المعتبرة؟!

فكّروا في هذا الأمر وانظروا بغضّ النظر عن الحب والبغض والرضا والسخط ، بل انظروا نظر تحقيق وانصاف! وأظهروا رأيكم بعيدين عن التعصب والاختلاف. وقبل أن تبدوا رأيكم اسمحوا لي أن أنقل لكم حديثا روته أم المؤمنين عائشة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتذكّرته الآن ، وهو كما في كتاب مودّة القربى للعلاّمة الهمداني الشافعي / المودة الثالثة / قالت : قال رسول الله (ص) «إنّ الله قد عهد إليّ من خرج على عليّ فهو كافر في النار». قيل : لم خرجت عليه؟!

قالت : قد نسيت هذا الحديث يوم الجمل حتى ذكرته بالبصرة ، وأنا استغفر الله!!

الشيخ عبد السلام : إنّني أتعجّب من اعتراضك على أم المؤمنين عائشة بعد ما علمت أنّها كانت ناسية لكلام النبي (ص) وحديثه ، ولمّا تذكّرت استغفرت ربّها ، والله خير الغافرين.

قلت : يمكن أن نقول بأنّها يوم الجمل نسيت هذا الحديث ، ولكنكم تعلمون أنّها من حين تحركها من مكة وخروجها على أمير المؤمنين نصحتها سائر زوجات رسول الله (ص) ومنعنها من الخروج ، وذكّرنها بفضائل الإمام عليعليه‌السلام ، وما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقه بأنّ

٨٦٠

حربه حربي وسلمه سلمي ، ولكنّها أبت إلاّ إثارة الفتنة!!

وإنّ أعلام مؤرّخيكم الذين أرّخوا واقعة الجمل وكبار محدثيكم ذكروا أنّ رسول الله (ص) حذّرها أن تكون صاحبة الجمل الأحمر التي تنبحها كلاب حوأب ، وحين خرجت إلى البصرة مرّت بمنطقة تسمّى الحوأب فنبحتها الكلاب ، فسألت عن اسم المكان ، فقالوا : تسمّى الحوأب. فذكرت حديث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحذيره لها ، فأرادت الرجوع ، ولكن طلحة والزبير وابناهما غرّوها وغيروا إرادتها وثبّتوها على عزمها الأول وهو الخروج والفتنة ، فتابعت طريقها حتى وصلت البصرة وألّبت الجيوش لقتال الإمام عليّعليه‌السلام وأجّجت نار الحرب وقتل بسببها آلاف المسلمين ، فهل تعذروها بعد هذا ، وتقبلون قولها بأنّها نسيت؟! فأيّ نسيان هذا بعد التذكر؟!(١) .

__________________

(١) لكي يسمع القارئ الكريم شكوى إمامه أمير المؤمنينعليه‌السلام ويعرف حقيقة واقعة الجمل ، اختطفت بعض النكات والجمل من نهج البلاغة وانقلها في هذا المجال :قال في الخطبة المرقّمة / ٢٢ ـ حين بلغه خبر الناكثين طلحة والزبير وأصحابهما ، ومطالبتهم بدم عثمان ـ «ألا وإنّ الشيطان قد ذمّر حزبه ، واستجلب جلبه ، ليعود الجور إلى أوطانه ، ويرجع الباطل إلى نصابه والله ما أنكروا عليّ منكرا ، ولا جعلوا بيني وبينهم نصفا ، وإنّهم ليطلبون دما هم سفكوه!!». الخ.

وقال عليه‌السلام في كلام له في الخطبة رقم ١٤٨ من نهج البلاغة ـ يصف طلحة والزبير ـ «كلّ واحد منهما يرجو الامر له ، ويعطفه عليه دون صاحبه ، لا يمنّان إلى الله بحبل ولا يمدّان إليه بسبب ، كلّ واحد منهما حامل ضبّ لصاحبه ، وعمّا قليل يكشف قناعه به!».

«والله لئن أصابوا الذي يريدون لينتزعنّ هذا نفس هذا!

وليأتينّ هذا على هذا! قد قامت الفئة الباغية ، فأين المحتسبون». وقال عليه‌السلام في

٨٦١

__________________

خطبة له من نهج البلاغة رقمها ١٧٢ ، في ذكر أصحاب الجمل «فخرجوا يجرّون حرمة رسول الله (ص) كما تجرّ الامة عند شرائها ، متوجّهين بها الى البصرة ، فحبسا نساءهما في بيوتهما وأبرزا حبيس رسول الله (ص) لهما ولغيرهما في جيش ما منهم رجل الاّ وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة ، طائعا غير مكره ، فقدموا على عاملي بها ـ بالبصرة ـ وخزّان بيت مال المسلمين وغيرهم من أهلها ، فقتلوا طائفة صبرا ، وطائفة غدرا ، فو الله لو لم يصيبوا من المسلمين إلاّ رجلا واحدا متعمدين لقتله بلا جرم جرّه لحلّ لي قتل ذلك الجيش كلّه ، إذ حضروه فلم ينكروا ، ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بيد ، دع ما أنّهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدّة التي دخلوا بها عليهم!».

وقال عليه‌السلام في كلام له خاطب به أهل البصرة / نهج البلاغة الخطبة رقم ١٥٦ / قال عليه‌السلام «وأمّا فلانة ـ عائشة ـ فأدركها رأي النساء ، وضغن غلا في صدرها كمرجل القين ، ولو دعيت لتنال من غيري ما أتت إليّ ، لم تفعل. ولها بعد حرمتها الأولى ، والحساب على الله تعالى».

والآن ، لكي يطمئنّ قلب القارئ الكريم إلى واقع الأمر ويعرف عائشة ونفسيّتها أكثر من ذي قبل ، فأترك القلم بيد ابن قتيبة وهو من أعلام أهل السنّة والمتوفّى سنة ٢٧٠ هجرية ، فإنه كتب في كتابه الإمامة والسياسة / ٤٨ ، ط مطبعة الأمّة بمصر / تحت عنوان : خلاف عائشة (رض) على عليّ قال [وذكروا أنّ عائشة لما أتاها أنّه بويع لعليّ ، وكانت خارجة عن المدينة ، فقيل لها قتل عثمان وبايع الناس عليا ، فقالت : ما كنت أبالي أن تقع السماء على الأرض ، قتل والله مظلوما! وأنا طالبة بدمه!!

فقال لها عبيد : إنّ أول من طعن عليه وأطمع الناس فيه لانت ولقد قلت : اقتلوا نعثلا فقد فجر!!

٨٦٢

__________________

فقالت : قد والله قلت وقال الناس ، وآخر قولي خير من أوله!

فقال عبيد : عذر والله ضعيف يا أمّ المؤمنين! ثم قال :

منك البداء ومنك الغير

ومنك الرياح ومنك المطر

وأنت أمرت بقتل الإما

م وقلت لنا أنّه قد فجر «كفر»

فهبنا أطعناك في قتله

وقاتله عندنا من أمر

قال : فلما أتى عائشة خبر أهل الشام أنّهم ردّوا بيعة عليّ وأبو أن يبايعوه ، أمرت فعمل لها هودج من حديد وجعل فيه موضع عينيها ، ثم خرجت ومعها الزبير وطلحة وعبد الله بن الزبير ومحمد بن طلحة.]

أقول : وذكر ابن قتيبة في صفحة ٥٢ تحت عنوان : كتاب أم سلمة إلى عائشة.

[قال : وذكروا أنّه لما تحدّث الناس بالمدينة بمسير عائشة مع طلحة والزبير ونصبهم الحرب لعليّ وتألّبهم الناس ، كتبت أمّ سلمة إلى عائشة : أما بعد فإنك سدة بين رسول الله وبين أمّته ، وحجابك مضروب على حرمته ، قد جمع القرآن الكريم ذيلك فلا تبذليه ، وسكّن عقيرتك فلا تضيّعيه ، الله من وراء هذه الأمة ، قد علم رسول الله مكانك ، لو أراد أن يعهد إليك ، وقد علمت أنّ عمود الدين لا يثيب بالنساء ان مال ، ولا يرأب بهنّ إن انصدع ، خمرات النساء غضّ الأبصار وضم الذيول ، ما كنت قائلة لرسول الله (ص) لو عارضك بأطراف الجبال والفلوات ، على قعود من الإبل من منهل الى منهل. إن بعين الله مهواك ، وعلى رسول الله (ص) تردين وقد هتكت حجابه الذي ضرب الله عليك عهيداه ، ولو اتيت الذي تريدين ثم قيل لي أدخلي الجنة ، لاستحييت أن ألقى الله هاتكة حجابا قد ضربه عليّ ، فاجعلي حجابك الذي ضرب عليك حصنك ، فابغيه منزلا. لك حتى تلقيه ، فإنّ أطوع ما تكونين إذا ما لزمته ، وأنصح ما تكونين إذا ما قعدت فيه ، ولو ذكّرتك كلاما قاله رسول الله (ص) لنهشتني نهش الحيّة والسلام.

٨٦٣

__________________

فكتبت إليها عائشة : ما أقبلني لوعظك ، وأعلمني بنصحك ، وليس مسيري على ما تظنّين ، ولنعم المطلع مطلع فرقت فيه بين فئتين متناجزتين ، فإن أقدر ففي غير حرج وإن أحرج فلا غنى بي عن الازدياد منه والسلام!!]

أقول : وذكر ابن ابن قتيبة في كتابه صفحة ٥٧ قال [ولما نزل طلحة والزبير وعائشة بأوطاس من أرض خيبر ، أقبل عليهم سعيد بن العاصي على نجيب له ، فأشرف على الناس ومعه المغيرة بن شعبة ، فنزل وتوكّأ على قوس له سوداء ، فأتى عائشة فقال لها : أين تريدين يا أم المؤمنين؟ قالت : أريد البصرة ، قال : وما تصنعين بالبصرة؟ قالت : أطلب بدم عثمان! فقال : هؤلاء قتلة عثمان معك!!

ثم أقبل على مروان فقال له : وأين تريد أيضا؟ قال : البصرة.

قال : وما تصنع بها؟ قال : أطلب قتلة عثمان قال : فهؤلاء قتلة عثمان معك ، إنّ هذين الرجلين ـ طلحة والزبير ـ قتلا عثمان وهما يريدان الأمر لأنفسهما ، فلمّا غلبا عليه قالا : نغسل الدم بالدم والحوبة بالتوبة!!

ثم قال المغيرة بن شعبة : أيها الناس إن كنتم إنّما خرجتم مع أمكم فارجعوا بها خيرا لكم ، وإن كنتم غضبتم لعثمان فرؤساؤكم قتلوا عثمان!! وان كنتم نقمتم على عليّ شيئا فبيّنوا ما نقمتم عليه.

انشدكم الله فتنتين في عام واحد!! فأبوا إلاّ أن يمضوا بالناس ، فلما انتهوا إلى ماء الحوأب في بعض الطريق ومعهم عائشة ، نبحها كلاب الحوأب ، فقالت لمحمد ابن طلحة : أي ماء هذا؟ قال : هذا ماء الحوأب. فقالت : ما أراني إلاّ راجعة! قال : ولم؟ قالت : سمعت رسول الله (ص) يقول لنسائه : كأنّي بإحداكنّ قد نبحها كلاب الحوأب ، وإيّاك أن تكوني أنت يا حميراء!!

فقال لها محمد بن طلحة : تقدّمي رحمك الله ودعي هذا القول!

وأتى عبد الله بن الزبير فحلف لها بالله لقد خلفتيه أوّل الليل!!

٨٦٤

__________________

أتاها ببيّنة زور من الأعراب فشهدوا بذلك!!

فزعموا أنّها أوّل شهادة زور شهد بها في الاسلام!!

أقول : هكذا عارضوا الحق بالباطل ، هؤلاء الضّلال الذين ضلّوا وأضلّوا ، فخالفوا كتاب الله عزّ وجلّ إذ يقول : ( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) البقرة : ٢٢٤.

فكيف إذا جعلوا الله سبحانه عرضة لأيمانهم ليشعلوا الفتنة ويشبّوا القتال بين المسلمين ، لينالوا أمانيهم الفاسدة؟!]

أقول : وذكر ابن قتيبة في صفحة ٦٣ و ٦٤ تحت عنوان تعبئة الفئتين : [.. ثم كتب عليّ إلى طلحة والزبير «أما بعد فقد علمتما أنّي لم أرد الناس حتى أرادوني ولم أبايعهم حتى بايعوني وزعمتما أنّي آويت قتلة عثمان ، فهؤلاء بنو عثمان فليدخلوا في طاعتي ثم يخاصموا إليّ قتلة أبيهم.

وما أنتما وعثمان ، إن كان قتل ظالما أو مظلوما!!

ولقد بايعتماني ، وأنتما بين خصلتين قبيحتين ، نكث بيعتكما وإخراجكما أمكما.

وكتب إلى عائشة : أما بعد فإنّك خرجت غاضبة لله ولرسوله ، تطلبين أمرا كان عنك موضوعا ، ما بال النساء والحرب والإصلاح بين الناس؟! تطلبين بدم عثمان!! ولعمري لمن عرّضك للبلاء وحملك على المعصية ، أعظم إليك ذنبا من قتلة عثمان ، وما غضبت حتى أغضبت ، وما هجت حتى هيجت ، فاتقي الله وارجعي إلى بيتك».

فأجابه طلحة والزبير : إنك سرت مسيرا له ما بعده ولست راجعا وفي نفسك منه حاجة فامض لأمرك ، أما أنت فلست راضيا دون دخولنا في طاعتك ، ولسنا بداخلين فيها أبدا ، فاقض ما أنت قاض. وكتبت عائشة : جلّ الأمر عن العتاب والسلام.] فانصف أيها القارئ هل تعذر بالنسيان بعد هذا التذكير والتحذير؟! وهل لطلحة والزبير عذر في عصيانهما وخروجهم؟! «المترجم»

٨٦٥

ألم تكن هذه المخالفات منها للقرآن الحكيم وللنبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصمات عار في تاريخها؟!

هل أنّ خروجها على الإمام عليّعليه‌السلام ، وقتالها له كان حقا أم باطلا؟ فإذا كان باطلا فكل باطل وصمة عار لفاعله ، وإن تقولوا كان حقا ، ولستم بقائلين ، فكيف التوفيق بينه وبين الأحاديث الشريفة التي مرّت عن طرق محدثيكم وكبار علمائكم ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «من آذى عليا فقد آذاني». وقال «حربه حربي ، وسلمه سلمي ، ولا يبغضه إلاّ منافق». وما إلى ذلك.

بالله عليكم أنصفوا!! هل حرب عائشة وطلحة والزبير لعليّعليه‌السلام وقتالهم لهعليه‌السلام كان عن حبّهم لعليّ أم عن بغضهم لهعليه‌السلام ؟!

لم لا تنتقدوهم ولا تأخذون عليهم هذه الخطايا الكبرى والمعاصي العظمى؟! لما ذا تمرّون على هذه الحوادث مرور الجاهلين والغافلين ، ولكن تأخذون على الشيعة بأشدّ ما يكون ، لأنهم ينتقدون أعمال الصحابة ويميزون بين الحق والباطل فيمدحون أهل الحق ويفضحون أهل الباطل أيّا كانوا؟ والجدير بالذّكر أنّنا لا نروي في الصحابة وأفعالهم القبيحة إلاّ ما رواه محدثوكم وعلماؤكم ، فلما ذا لا تنقمون عليهم ولا ترفضون رواياتهم ولا تنفون كتبهم ولا تردّونها؟! بل هذه الكتب التي ننقل عنها كلها عندكم معتبرة ومقبولة وتطبع في البلاد السنيّة وعواصمهم ، مثل مصر وبغداد ولبنان وغيرها ، من باب المثال يقول العلاّمة المسعودي في كتابه مروج الذهب ج ٢ / ٧ ، وهو يتحدّث عن وقعة الجمل ، وهجوم أصحاب عائشة على أصحاب عثمان بن حنيف بعد المعاهدة كما ذكرنا فقال [فقتل منهم سبعون رجلا غير من جرح ،

٨٦٦

وخمسون من السبعين ضربت رقابهم صبرا من بعد الأسر ، وهؤلاء أول من قتلوا ظلما في الإسلام.]

هذا الخبر إذا نقله مؤرخوكم لا يحزّ في نفوسكم ولكن إذا نقله أحد الشيعة وقال إنّ هذا العمل كان ظلما قبيحا من عائشة وأصحابها ، تثور نفوسكم وتنفجر غيرتكم وتشتعل نيران التعصّب فيكم ، فترموننا بالكفر والضلالة وتبيحون لأتباعكم دماء الشيعة وأموالهم!!

الشيخ عبد السلام : لا يجوز عندنا التدخل في الحوادث التي جرت بين صحابة رسول الله (ص) ، فإنّا ننظر إليهم جميعا بعين الإكبار والاحترام ، فإنهم وإن اختلفوا بينهم ولكن الكل كانوا يدعون إلى الله ، ومن توجّه منهم إلى خطئه وانحراف مسيره عن الحق ، فقد تاب واستغفر مثل الزبير (رض) في البصرة ، وكذلك أم المؤمنين عائشة (رض) فإنها تبعت طلحة والزبير وأخذت بقولهما ، ولكنّها بعد ذلك عرفت بطلان كلامهما وأنهما أغرياها وحملاها معهما إلى البصرة ، فاستغفرت وتابت ، والله خير الغافرين ، وهو يقبل التوبة من عباده وهو أرحم الراحمين.

قلت : أولا : قولك : فإنّهم وإن اختلفوا بينهم ولكن الكلّ كانوا يدعون إلى الله. فهو مغالطة وكلام باطل ، لأنّ سبيل الله عزّ وجلّ واضح واحد وصراط الحق واحد كما قال تعالى :( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) .

وقال سبحانه :( قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ

__________________

(١) سورة الأنعام ، الآية ١٥٣.

٨٦٧

اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (١) .

ثانيا

وأما قولك : بأنّ الزبير بعد ما توجّه إلى خطئه وانحرافه عن الحق تاب واستغفر. فأقول : نعم تاب ولكن لم يعمل بشرائط التوبة ، فقد كان الواجب عليه أن يسعى في ردّ ممن اغراهم فيهديهم إلى الحق الذي عرفه في جانب الامام عليعليه‌السلام ، وكان يلزم أن ينضمّ هو أيضا تحت راية الحق وجيش أمير المؤمنينعليه‌السلام ولا ينعزل عن الميدان والمجاهدة.

وأما عائشة فإنّ عصيانها وذنبها معلوم لكل الناس ، ولكنّ توبتها غير معلومة ، وهي كذلك ما عملت بشرائط التوبة بل ارتكبت بعد ذلك أيضا أشياء تكشف عن حقدها وبغضها لآل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم انّ قولك : والله خير الغافرين وهو يقبل التوبة من عباده وهو أرحم الراحمين.

كل ذلك صحيح ومقبول ولكن حفظت شيئا وغابت عنك أشياء ، فقد قال الله سبحانه :( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً ) (٢)

وكلّنا نعلم أن عائشة كانت عالمة غير جاهلة وكانت في خروجها على الإمام وقتالها لعليعليه‌السلام عامدة غير ساهية ، وقد نصحتها أم سلمة قرينتها ، ونصحها الإمام عليعليه‌السلام ، وكثير من الصحابة ، أن لا تخرج من بيتها ولا تغترّ بطلحة والزبير ومروان وأمثالهم ، وقد حذّرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبلهم ، وأمرها الله عزّ وجلّ في كتابه بقوله :( وَقَرْنَ فِي

__________________

(١) سورة يوسف ، الآية ١٠٨.

(٢) سورة النساء ، الآية ١٧.

٨٦٨

بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى ) (١) فما اعتنت بكل ذلك وخرجت وأحدثت ما أحدثت!! فكيف نحتّم بأنّ الله سبحانه قبل توبتها وهي عالمة عامدة في المعصية؟!

ثالثا : قولك : بأن طلحة والزبير أغرياها وحملاها إلى البصرة ، وأنّها عرفت بطلان كلامهما بعد ذلك الخ فإنّ قولك هذا يكشف بأنّ الحديث الذي تروونه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» كذب وافتراء على رسول الله وهو حديث موضوع مجعول ، لأنّ عائشة وآلاف من المسلمين اقتدوا بطلحة والزبير وهما من كبار الصحابة وما اهتدوا بل ضلّوا وخسروا أنفسهم ، خسروا الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين!!!

النواب : سيدنا المكرّم! قلتم خلال كلامكم أنّ أم المؤمنين (رض) بعد توبتها من حرب الجمل أيضا ارتكبت أشياء تكشف عن حقدها وبغضها لآل النبي (ص) فلو سمحت ، بيّن لنا تلك الأشياء بشكل واضح حتى نعرف واقع الأمر.

يوما على جمل ويوما على بغل

قلت : مما لا شك فيه أنّ عائشة كانت امرأة غير هادئة وغير رزينة فقد قامت بحركات لا يقبلها الدين القويم ولا العقل السليم ، وإن كل حركة من تلك الحركات تكفي في تسويد تاريخها بوصمات الذنب والمعصية ، منها واقعة الجمل ، وكلكم تقبلون أنها بعملها في البصرة خالفت الله ورسوله ، وهي أيضا قد اعترفت بخطئها ، ولكن تقولون

__________________

(١) سورة الأحزاب ، الآية ٣٣.

٨٦٩

أنها تابت واستغفرت ، فإذا هي ندمت وتابت ، كان اللازم عليها أن توالي عليا وتوالي آل البيت النبوي ، ولكنها خرجت مرّة أخرى وكشفت عن ضميرها الممتلئ عداوة لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك يوم تشييع جنازة الامام الحسن بن عليعليه‌السلام سبط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنعت من دفنه عند جدّه كما روى ذلك كثير من مؤرخيكم وأعلامكم ، منهم العلاّمة سبط بن الجوزي في تذكرة الخواص ١٩٣ ، ط بيروت ، والعلاّمة ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ١٦ / ١٤ ، عن المدائني عن أبي هريرة ، وابو الفرج المرواني الأصبهاني في مقاتل الطالبيين / ٧٤ ، وفي روضة الصفا لمحمد خاوند / ج ٢ ، قسم وفاة الحسن [عليه‌السلام ] ، وتاريخ ابن الأعثم الكوفي ، وفي روضة المناظر للعلاّمة ابن شحنة ، وأبو الفداء إسماعيل في كتابه المختصر في أخبار البشر ج ١ / ١٨٣ ط مصر ، والعلاّمة المسعودي صاحب مروج الذهب ، نقل في كتابه إثبات الوصية ١٣٦ : أنّ ابن عباس قال لها ـ أي لعائشة ـ : [أما كفاك أن يقال يوم الجمل حتى يقال يوم البغل ، يوما على جمل ويوما على بغل بارزة عن حجاب رسول الله (ص) تريدين إطفاء نور الله والله متمّ نوره ولو كره المشركون ـ إنّا لله وإنّا إليه راجعون.]

ونقل بعض المحدثين أنه قال لها :

تجمّلت تبغّلت ، وإن عشت تفيّلت

لك التسع من الثمن ، وفي الكلّ تصرّفت

وأراد الهاشميون أن يجرّدوا السلاح لأن بني أمية تسلّحوا أيضا ليمنعوا من دفن الحسن المجتبىعليه‌السلام عند جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر عائشة ، ولكنّ الحسينعليه‌السلام تدارك الموقف فقال «الله الله يا بني هاشم

٨٧٠

لا تضيّعوا وصيّة أخي واعدلوا به إلى البقيع ، والله لو لا عهد إليّ أن لا أهريق في أمره محجمة دم لدفنته عند جدّنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مهما بلغ الأمر!». فدفنوه في البقيع(١) .

__________________

(١) ذكر كثير من المؤرخين منع عائشة لدفن الإمام الحسنعليه‌السلام بجوار جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم أبو الفرج الأصبهاني في كتابه [مقاتل الطالبيين] ٧٤ قال [فأمّا يحيى بن الحسن صاحب كتاب «النسب» فإنه روى أنّ عائشة ركبت ذلك اليوم بغلا.

واستنفرت بني أميّة مروان بن الحكم ومن كان هناك منهم ومن حشمهم] وهو قول القائل فيوما على بغل ويوما على جمل.

ومنهم ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١٦ / ١٤ ، ط دار إحياء التراث العربي نقل عن المدائني عن أبي هريرة : [فلما رأت عائشة السلاح والرجال وخافت أن يعظم الشر بينهم وتسفك الدماء ـ هذا كله توجيه منه ـ قالت : البيت بيتي ولا آذن لأحد أن يدفن فيه!]

ومنهم العلاّمة سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / ١٩٣ ، طبع بيروت وهذا نصّه : وقال ابن سعد عن الواقدي «لما احتضر الحسن قال : ادفنوني عند أبي يعني رسول الله» فأراد الحسين أن يدفنه في حجرة رسول الله (ص) ، فقامت بنو أميّة ومروان وسعيد بن العاص وكان واليا على المدينة فمنعوه!! قال ابن سعد : ومنهم أيضا عائشة وقالت : لا يدفن مع رسول الله (ص) أحد!!

ومنهم أبو الفداء في «المختصر في أخبار البشر» ج ١ / ١٨٣ طبع مصر قال [وكان الحسن قد أوصى أن يدفن عند جده رسول الله (ص) ، فقالت عائشة : البيت بيتي ولا آذن أن يدفن فيه.]

ومنهم اليعقوبي في تاريخه وهو من أعلام القرن الثالث الهجري قال : وقيل : إنّ عائشة ركبت بغلة شهباء وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد! فأتاها القاسم بن محمد ابن أبي بكر فقال لها : يا عمة ما غسّلنا رءوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء؟! فرجعت.]

٨٧١

فرحة عائشة لشهادة الإمام عليعليه‌السلام

وإذا كانت عائشة نادمة على خروجها وتابت من قتالها وحربها

__________________

ومنهم النيسابوري في روضة الواعظين / ١٤٣ ، ذكر أنّ ابن عباس خاطبها قائلا [وا سوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل! تريدين أن تطفئي نور الله ، وتقابلين أولياءه؟!]

ولنا أن نتساءل : من أين جاء لها البيت الذي دفن فيه نبي الرحمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ أما روى أبوها أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ، ولا دارا ولا عقارا ، وبناء عليها منع سيدة النساء فاطمة إرثها وحقّها من أبيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو فرضنا أن عائشة ردّت رواية أبيها وكذّبته فكم حصّتها من الإرث؟ فقد قيل لها :

لك التسع من الثمن

وفي الكل تصرّفت؟!

لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات عن تسع زوجات وحصّة الزوجة من الإرث ثمن ٨ / ١ ما ترك الزوج من العمارات والأموال المنقولة فأمّا من الأرض فلا ترث ، وعائشة تصرّفت في الأرض خلافا لحكم الله فدفنت أباها في بيت رسول الله (ص) وسكتت عن دفن عمر أيضا.

ونصّ بعض المؤرخين كما في كتاب «الدرّة الثمينة في تاريخ المدينة» : / ٤٠٤ أنّ عائشة سمحت بدفن عبد الرحمن بن عوف في حجرة النبي (ص).

فلنا أن نتساءل : هل أنّ عبد الرحمن أولى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سبطه الأكبر الإمام الحسن الذي كان يقبّله في الملأ العام ويشمّه ويضمّه إلى صدره ويقول «الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا». ويقول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «اللهم إنّي أحبه وأحب من يحبه؟».

فلا أدري لأي سبب تسمح عائشة لابن عوف أن يدفن عند النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتبعد ريحانته وفلذة كبده عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟! أكان ذلك استجابة منها لرغبة الأمويين!! أم للحقد الدفين؟

«المترجم»

٨٧٢

للامام عليعليه‌السلام ، فلما ذا أظهرت الفرح حين وصلها خبر شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام وسجدت شكرا لله تعالى؟!

كما أن أبا الفرج الأصبهاني صاحب كتاب الأغاني ، روى في كتابه مقاتل الطالبيين / ٥٤ ـ ٥٥ / بإسناده إلى إسماعيل بن راشد وهو روى بالإسناد أيضا فقال : [لمّا أتى عائشة نعي عليّ أمير المؤمنين ـعليه‌السلام ـ تمثّلت :

فألقت عصاها واستقرّت بها النّوى

كما قرّ عينا بالإياب المسافر

ثم قالت : من قتله؟ فقيل : رجل من مراد ، فقالت :

فإن يك نائيا فلقد بغاه

غلام ليس في فيه التراب

فقالت لها زينب بنت أم سلمة : ألعليّ تقولين هذا؟!

فقالت : إذا نسيت فذكّروني!!]

ثم روى أبو الفرج بإسناده عن أبي البختري قال : [لمّا أن جاء عائشة قتل عليّعليه‌السلام سجدت!!(١) .]

أيها الحاضرون! وأيها العلماء! هل بعد هذا الخبر ، تصدّقون توبتها؟ أم تقبلون أنّها كانت خفيفة العقل ، وغير رزينة ولا متوازنة في سلوكها ومعاشرتها مع آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!

__________________

(١) نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٩ / ١٩٨ ، ط دار إحياء التراث العربي عن الشيخ أبي يعقوب وقال فيه : انه لم يكن يتشيّع. قال : ماتت فاطمة ، فجاء نساء رسول الله (ص) كلهنّ الى بني هاشم في العزاء الاّ عائشة فانها لم تأت ، واظهرت مرضا ، ونقل الى عليّعليه‌السلام عنها كلام يدلّ على السرور!! «المترجم»

٨٧٣

تناقضات عائشة في عثمان

والغريب أنكم لا تنتقدون أم المؤمنين عائشة لموقفها السلبي تجاه عثمان ، ولا تأخذون عليها جملاتها وكلماتها الشنيعة في حقه حتى رمته بالكفر ، ولكن تصبّون جام غضبكم على الشيعة وترمونهم بالكفر والضلال إذا نسبوا عثمان إلى سوء التدبير والإجحاف ، أو نسبوه إلى إتلاف بيت المال وسوء التصرّف ، وهم ينقلون كلّ ذلك من كتب أعلامكم وروى أكثر محدثيكم وأكبر مؤرخيكم أنّ عائشة كانت تؤلّب الناس وتحرّضهم على قتل عثمان ، منهم المسعودي في كتابه أخبار الزمان ، وسبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص / ٦٤ ، ط بيروت ، وأعلام المؤرخين : مثل ابن جرير وابن عساكر وابن الأثير وغيرهم ، ذكروا في أحداث قتل عثمان أن عائشة كانت تحرّض على قتله بالجملة المشهورة عنها : [اقتلوا نعثلا فقد كفر!]

وذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ / ٢١٥ ، ط إحياء التراث قال : قال كلّ من صنّف في السّير والأخبار : [انّ عائشة كانت من أشد الناس على عثمان ، حتى أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله (ص) ، فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله (ص) لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنته! قالوا : أوّل من سمّى عثمان نعثلا ، عائشة ؛ والنعثل : الكثير شعر اللحية والجسد ، وكانت تقول : اقتلوا نعثلا ، قتل الله نعثلا!!]

قال : وروى المدائني في كتاب «الجمل» قال : لما قتل عثمان ، كانت عائشة بمكة وبلغ قتله إليها وهي بشراف ، قالت : [بعد النعثل وسحقا!!]

٨٧٤

ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٦ صفحة ٢١٦ قال : وقد روي من طرق مختلفة أنّ عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة ، قالت : [أبعده الله! ذلك بما قدّمت يداه وما الله بظلاّم للعبيد!!]

حينما تقرءون في التاريخ أنّ أم المؤمنين كانت تتفوّه وتتكلّم بهذه الجمّل على عثمان ، لا تحكمون بكفرها وضلالتها!! ولكن اذا سمعتم من شيعي يتكلّم بأقلّ من هذا في عثمان ، تكفرونه وتأمرون بقتله!!

والجدير بالذكر أن أقوال عائشة في شأن عثمان متناقضة ، فقد ذكر المؤرّخون أنّها لمّا سمعت بأنّ الناس بايعوا عليّا بعد عثمان ، غيّرت كلامها وأظهرت بغضها وحقدها لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام فقالت : [لوددت أنّ السماء انطبقت على الأرض إن تمّ هذا قتلوا ابن عفّان مظلوما!!]

بالله عليكم فكّروا في هذا التناقض البيّن ، والتضارب الفاحش في كلام عائشة! أما يدلّ هذا التناقض والتضارب على عدم استقامتها؟ بل هو دليل ظاهر على تلوّنها وميولها مع أهوائها وتلبيتها لأغراضها النفسيّة ، وإنّ النفس لأمّارة بالسوء!

الشيخ عبد السلام : نعم ذكر المؤرخون هذه التناقضات في سيرة أم المؤمنين (رض) ، وهم ذكروا أيضا أنها ندمت وتابت واستغفرت ، والله سبحانه وعد التائبين بقبول التوبة والجنة ، ولذا نحن نعتقد أنّها في أعلى درجات الجنان عند رسول الله (ص).

قلت : إنّ كلامك تكرار لمقالك السابق ، وأنا لا أكرّر كلامي وجوابي لك ، ولكن هل من المعقول أنّ الدماء التي سفكت في الجمل

٨٧٥

بسببها ، والأموال التي نهبت بأمرها ، والحرمات التي هتكت بنظرها تذهب أدراج الرياح ، ولا يحاكمها الله على أعمالها؟!

أين إذا قول الله سبحانه :( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ* وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (١) ؟!

صحيح أن الله عزّ وجلّ أرحم الراحمين ، ولكن في موضع العفو والرحمة ، وأشدّ المعاقبين في موضع النكال والنقمة.

ولا يخفى أنّ من شروط قبول التوبة ، ردّ حقوق الناس وإرضائهم ، فإنّ الله تعالى ربما يعفو عن حقه ، ولكن لا يعفو عن حقوق الناس. وعائشة تابت بالقول واللسان ، لا بالفعل والجنان ، ولذلك ما كانت مطمئنّة من قبول توبتها وغفران الله سبحانه لها وهي أعرف بنفسها ، ولذا ذكر أكابر علمائكم مثل الحاكم في المستدرك ، وابن قتيبة في المعارف ، والعلاّمة الزرندي في الأعلام بسيرة النبي (ص) ، وكذلك ابن البيّع النيسابوري ، وغيرهم ذكروا أنّ عائشة أوصت إلى عبد الله بن الزبير وسائر محارمها فقالت : [ادفنوني مع أخواتي بالبقيع فإنّي قد أحدثت أمورا بعد النبي (ص)!]

أمّا قولكم بأنّها نسيت بعض أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأن الإمام عليعليه‌السلام وفضله ومناقبه ، ونسيت تحذير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها من خروجها على أمير المؤمنين ومحاربتها لهعليه‌السلام ، وبعد ما وضعت الحرب أوزارها وانتهت المعركة بانتصار عليعليه‌السلام وجيشه وانكسار عائشة وجيشها ، تذكّرت أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما سمعته من فمه المبارك في ذلك فتابت واستغفرت!!

__________________

(١) سورة الزلزلة ، الآية ٧ و ٨.

٨٧٦

أم سلمة تذكّر عائشة

فقد روى كثير من أعلام محدثيكم وكبار علمائكم خلاف ذلك ، منهم :

ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ / ٢١٧ ، ط دار إحياء التراث العربي روى عن أبي مخنف ـ لوط بن يحيى الأزدي ـ قال : [جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان

فقالت أم سلمة : إنك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول ، وما كان اسمه عندك إلاّ نعثلا ، وإنّك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أفأذكّرك؟

قالت : نعم ، قالت : أتذكرين يوم أقبلعليه‌السلام ونحن معه ؛ حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال ، خلا بعليّ يناجيه فأطال ، فأردت أن تهجمي عليهما ، فنهيتك فعصيتني ، فهجمت عليهما ، فما لبثت أن رجعت باكية ، فقلت : ما شأنك؟ فقلت : إنّي هجمت عليهما وهما يتناجيان فقلت لعليّ : ليس لي من رسول الله إلاّ يوم من تسعة أيّام ، أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي!

فأقبل رسول الله (ص) عليّ وهو غضبان محمّر الوجه ، فقال : ارجعي وراءك! والله لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارج من الإيمان!

فرجعت نادمة ساقطة! قالت عائشة : نعم أذكر ذلك.]

ويتابع ابن أبي الحديد رواية أبي مخنف في تذكير أم سلمة لعائشة

٨٧٧

قالت : واذكّرك أيضا [كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) ، وأنت تغسلين رأسه ، وأنا أحيس له حيسا ، وكان الحيس يعجبه ، فرفع (ص) رأسه وقال : يا ليت شعري ، أيّتكنّ صاحبة الجمل الأذنب ، تنبحها كلاب الحوأب ، فتكون ناكبة عن الصراط؟! فرفعت يدي من الحيس ، فقلت : أعوذ بالله وبرسوله من ذلك. ثم ضرب (ص) على ظهرك وقال : ايّاك أن تكونيها!! إيّاك أن تكونيها يا حميراء! أمّا أنا فقد انذرتك!

قالت عائشة : نعم أذكر هذا.

قالت : وأذكّرك أيضا كنت أنا وأنت مع رسول الله (ص) في سفر له ، وكان عليّ يتعاهد نعلي رسول الله (ص) فيخصفها ، ويتعاهد أثوابه فيغسلها ، فنقبت له نعل ، فأخذها يومئذ يخصفها ، وقعد في ظلّ سمرة. وجاء أبوك ومعه عمر ، فاستأذنا عليه (ص) فقمنا إلى الحجاب ، ودخلا يحادثانه فيما أراد ، ثم قالا : يا رسول الله! إنّا لا ندري قدر ما تصحبنا ، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ، ليكون لنا بعدك مفزعا.

فقال (ص) لهما : أما إنّي قد أرى مكانه ، ولو فعلت لتفرّقتم عنه ، كما تفرّقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران.

فسكتا ثم خرجا ، فلمّا خرجنا إلى رسول الله (ص) ، قلت له ، وكنت أجرا عليه (ص) منّا : من كنت يا رسول الله ، مستخلفا عليهم؟

فقال (ص) : خاصف النعل ، فنظرنا فلم نر أحدا إلاّ عليّا ، فقلت : يا رسول الله ، ما أرى إلاّ عليّا. فقال (ص) : هو ذاك. فقالت عائشة : نعم أذكر ذلك.

٨٧٨

فقالت أم سلمة : فأيّ خروج تخرجين بعد هذا؟!

فقالت : إنّما أخرج للإصلاح بين الناس ، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله.

فقالت : أنت ورأيك ، فانصرفت عائشة عنها.]

أقول : فاعلموا أيها الحاضرون! إنّ عائشة ما كانت ناسية مكانة الإمام عليّعليه‌السلام عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومنزلته منه ، بل خرجت عالمة عامدة ، ناكرة للحق ، داعية للباطل ، عازمة على الحرب والفتنة. وهدفها وغرضها إفساد الأمر على أبي الحسن أمير المؤمنين (سلام الله عليه) ، وهي تعلم أنّه أحقّ الناس بالأمر وأولادهم بالخلافة للنصّ الأخير الذي ذكّرتها به أم سلمة (سلام الله عليها).

فإنّ حديث خاصف النعل الذي رواه كثير من أعلامكم بطرق عديدة صريح في تعيين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا للخلافة والإمامة.

لذلك نحن نعتقد بدليل هذا الحديث وعشرات الأحاديث الصحيحة من نوعه وبأدلّة ثابتة من الكتاب الحكيم ، بأنّ علياعليه‌السلام هو الإمام المفترض الطاعة بعد رسول الله ، وهو خليفته بلا فصل ، ولكن مناوئيه وحاسديه غصبوا مقامه وأخّروه بدسائس سياسية ومؤامرة شيطانية وعينوا أبا بكر للخلافة من غير نصّ ولا إجماع ، فإنّ النزاع كان قائما في السقيفة من جراء ذاك الانتصاب ، وكلّنا نعلم بأنّ سيّد الخزرج سعد بن عبادة كان مخالفا لخلافة أبي بكر إلى آخر عمره وتبعه كثير من قومه. وكذلك الهاشميون كانوا مخالفين ، وبعد خلافة أبي بكر جاء عمر بن الخطاب بانتصاب وتعيين من أبي بكر ، فلا إجماع ولا شورى! وقد سبق أن بيّنّا مخالفة طلحة وجمع آخر من الصحابة

٨٧٩

لتعيين عمر وانتصابه للخلافة ، وأما عمر فقد أبدع طريقا آخر لتعيين خليفته ، إذ عيّن ستة نفرا من الصحابة فيهم عليّعليه‌السلام وعثمان ، وأمر أن يختاروا من بينهم أحدهم ، فاذا لم يتمّ الوفاق على أحد منهم خلال ثلاثة أيّام ، أصدر حكم إعدامهم وقتلهم!! وقد آل الأمر بمكيدة عمر إلى عثمان.

فنحن نعتقد أنّ هذه الطرق المتناقضة في تعيين الخلفاء الثلاثة ، قبل الإمام عليعليه‌السلام ، كلها طرق غير مشروعة ما سنّها الله ولا رسوله لأنّا لو فرضنا بأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «لا تجتمع أمتي على خطأ» فلم يلحظ إجماع الأمّة في هذه الطرق الثلاثة ، ولكن خلافة الإمام عليعليه‌السلام امتازت بالنصوص الصريحة من الكتاب والسنّة.

الشيخ عبد السلام : لا شك أنّ الإجماع حصل على خلافة أبي بكر بالتدريج ، ونحن نقبل بأن الإجماع ما حصل في السقيفة ولكن بعدها دخل الناس كلهم في طاعة أبي بكر (رض) وحتى الهاشميين بما فيهم عليّ والعباس بايعوا بعد وفاة فاطمة الزهراء (رضي الله عنها).

قلت : أوّلا فاطمة الزهراءعليها‌السلام وهي سيّدة نساء العالمين والمسلمين بإجماع الأمة ، ما بايعت لأبي بكر بل ماتت وهي ساخطة وناقمة عليه كما مرّ في المجالس السابقة ، كما وقد مرّ أيضا في المجالس السابقة بأن سيد الخزرج سعد بن عبادة ما بايع أبا بكر إلى أن قتل غيلة. وهذا يكفي لبطلان الإجماع الذي تدّعونه.

ثانيا : لقد أثبتنا في المجالس السالفة أنّ بيعة كثير من المسلمين في المدينة كانت بالجبر والإكراه لا عن الطوع والرضا ، وهذا خلاف شرط صحة الاجماع.

٨٨٠

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205