ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 235474 / تحميل: 3871
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

يقدرون على أن يمنعوا حسينا ولا أنفسهم ، تنافسوا فى أن يقتلوا بين يديه ، فجاءه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة الغفاريان ، فقالا : يا أبا عبد الله ، عليك السلام ، حازنا العدوّ إليك ، فأحببنا أن نقتل بين يديك ، نمنعك وندفع عنك ، قال : مرحبا بكما! ادنوا منّى ، فدنوا منه ، فجعلا يقاتلون قريبا منه ، وأحدهما يقول :

قد علمت حقّا بنو غفار

وخندف بعد بنى نزار

لنضربنّ معشر الفجّار

بكلّ عضب صارم بتّار

يا قوم ذودوا عن بنى الأحرار

بالمشرفىّ والقنا الخطّار(١)

٢٦ ـ شهادة يحيى المازنى

٥٨ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز يحيى بن سليم المازنى وهو يقول :

لأضربنّ القوم ضربا فيصلا

ضربا شديدا فى العدا معجّلا

لا عاجزا فيها ولا مولولا

ولا أخاف اليوم موتا مقبلا(٢)

٢٧ ـ شهادة قرة الغفارى.

٥٩ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز قرّة بن أبى قرّة الغفارى وهو يرتجز :

قد علمت حقّا بنو غفار

وخندف بعد بنى نزار

بانّنى الليث لدى الغبار

لاضربنّ معشر الفجّار

ضربا وجيعا عن بنى الأخيار

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٤٢.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٨.

٨١

فقتل ثمانية وستّين رجلا(١) .

٢٨ ـ شهادة عمرو بن مطاع

٦٠ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز عمرو بن مطاع الجعفى ، وقال :

اليوم قد طاب لنا الفراع

دون حسين الضّرب والسطاع

نرجو بذاك الفوز والدّفاع

من حرّ نار حين لا امتناع(٢)

٢٩ ـ شهادة جون مولى أبى ذر

٦١ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز جون بن أبى مالك مولى أبى ذرّ مرتجزا :

كيف يرى الفجّار ضرب الأسود

بالمشرفىّ القاطع المهنّد

أذبّ عنهم باللّسان واليد

بالسّيف صلتا عن بنى محمّد

فقتل خمسا وعشرين رجلا(٣) .

٦٢ ـ قال ابن طاوس : ثمّ برز جون مولى أبى ذر وكان عبدا أسود فقال له الحسينعليه‌السلام أنت فى اذن منّى فانّما تبعتنا طلبا للعافية فلا تبتل بطريقنا ، فقال يا ابن رسول الله أنا فى الرخاء ألحس قصاعكم وفى الشدّة أخذ لكم ، والله إن ريحى لمنتن وان حسبى للئيم ولونى لأسود فتنفّس علىّ بالجنّة فتطيب ريحى ، ويشرف حسبى ويبيّض وجهى ، لا والله لا افارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ، ثمّ

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٣) المناقب : ٢ / ٢١٨.

٨٢

قاتل رضوان الله عليه حتّى قتل(١) .

٦٣ ـ قال المقرّم : ووقف جون مولى أبى ذر الغفارى أمام الحسين يستأذنه فقالعليه‌السلام : يا جون إنّما تبعتنا طلبا للعافية فأنت فى أذن منّى فوقع على قدميه يقبلها ويقول : أنا فى الرخاء ألحس قصاعكم ، وفى الشدّة أخذ لكم إنّ ريحى لنتن وحسبى للئيم ، ولونى لأسود ، فتنفّس على بالجنّة ليطيب ريحى ويشرف حسبى ويبيض لونى والله لا افارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم فأذن له الحسين ، فقتل خمسا وعشرين ، وقتل.

فوقف عليه الحسين وقال : اللهمّ بيّض وجهه ، وطيّب ريحه واحشره مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرّف بينه وبين آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان من يمرّ بالمعركة يشمّ منه رائحة طيبة أذكى من المسك(٢) .

٣٠ ـ شهادة انيس بن معقل

٦٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أنيس بن معقل الأصبحى وهو يقول :

أنا أنيس وانا بن معقل

وفى يمينى نصل سيف مصقل

أعلو بها الهامات وسط القسطل

عن الحسين الماجد المفضّل

ابن رسول الله خير مرسل

فقتل نيفا وعشرين رجلا(٣)

__________________

(١) اللهوف : ٤٧.

(٢) مقتل الحسين : ٢٨٨.

(٣) المناقب : ٢١٨.

٨٣

٣١ ـ شهادة الحجاج بن مسروق

٦٥ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز الحجّاج بن مسروق الجعفى وهو يقول :

اقدم حسينا هاديا مهديّا

فاليوم نلقى جدّك النبيّا

ثمّ أباك ذا النّدى عليّا

ذاك الّذي نعرفه وصيّا

فقتل خمسا وعشرين رجلا(١) .

٦٦ ـ قال المقرم : وقاتل الحجّاج بن مسروق الجعفى حتّى خضب بالدماء فرجع إلى الحسين يقول :

اليوم القى جدّك النبيا

ثمّ أباك ذا الندى عليّا

ذاك الذي نعرفه الوصيا

فقال الحسين : وأنا ألقاهما على أثرك فرجع يقاتل حتّى قتل(٢) .

٣٢ ـ شهادة عبد الله بن عمير الكلبى

٦٧ ـ قال أبو مخنف : حدّثنى أبو جناب ، قال : كان منّا رجل يدعى عبد الله بن عمير ، من بنى عليم ، كان قد نزل الكوفة ، واتّخذ عند بئر الجعد من همدان دارا ، وكانت معه امرأة له من النمر بن قاسط يقال لها أمّ وهب بنت عبد ، فرأى القوم بالنخيلة يعرضون ليسرّحوا إلى الحسين ، قال : فسأل عنهم ، فقيل له : يسرّحون إلى

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٨.

(٢) مقتل الحسين : ٢٩١.

٨٤

حسين بن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإنّى لارجو ألّا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثوابا إيّاى فى جهاد المشركين.

فدخل الى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد ، فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، أفعل وأخرجنى معك ، قال : فخرج بها ليلا حتّى أتى حسينا ، فأقام معه ، فلمّا دنا منه عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس ، فلمّا ارتموا خرج يسار مولى زياد بن أبى سفيان ، وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم ، قال : فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما حسين : اجلسا ، فقام عبد الله بن عمير الكلبى فقال أبا عبد الله ، رحمك الله! ائذن لى فلأخرج إليهما ، فرأى حسين رجلا آدم طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين.

فقال حسين : إنّى لأحسبه للأقران قتّالا ، اخرج إن شئت ، قال : فخرج إليهما فقالا له : من أنت؟ فانتسب لهما ، فقالا ، لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير بن القين أو حبيب بن مظاهر ، أو برير بن خضير ، ويسار مستنتل أمام سالم ، فقال له الكلبى : يا ابن الزانية ، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ، وما يخرج إليك أحد من الناس الّا وهو خير منك ، ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد ، فانّه لمشتغل به يضربه بسيفه إذ شدّ عليه سالم.

فصاح به قد رهقك العبد ، قال : فلم يأبه له حتّى غشيه فبدره الضربة ، فاتّقاه الكلبى بيده اليسرى ، فأطار أصابع كفّه اليسرى ، ثمّ مال عليه الكلبىّ فضربه حتّى قتله ، وأقبل الكلبىّ مرتجزا وهو يقول ، وقد قتلهما جميعا :

إن تنكرونى فأنا ابن كلب

حسبى بيتى فى عليم حسبى

إنّى امرؤ ذو مرّة وعصب

ولست بالخوّار عند النكب

٨٥

إنّى زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم مقدما والضرب

ضرب غلام مؤمن بالربّ

فأخذت أمّ وهب امرأته عمودا ، ثمّ أقبلت نحو زوجها ، فقال له : فداك أبى وأمّى! قاتل دون الطيّبين ذرّية محمّد ، فأقبل إليها يردّها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ، ثمّ قالت ، إنّى لن أدعك دون أن أموت معك ، فناداها حسين ، فقال : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعى رحمك الله إلى النساء فاجلسى معهنّ ، فانّه ليس على النساء قتال ، فانصرفت إليهنّ(١) .

٦٨ ـ قال المقرّم : حمل الشمر فى جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين ، فثبتوا لهم حتّى كشفوهم وفيها ، قاتل عبد الله بن عمير الكلبى فقتل تسعة عشر فارسا واثنى عشر راجلا ، وشدّ عليه هانى بن ثبيت الحضرمى فقطع يده اليمنى ، وقطع بكر ابن حىّ ساقه. فاخذ أسيرا وقتل صبرا ، فمشت إليه زوجته أمّ وهب وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول : هنيئا لك الجنّة اسأل الله رزقك الجنّة أن يصحبنى معك ، فقال الشمر لغلامه رستم : اضرب رأسها بالعمود فشدخها وماتت مكانها ، وهى أوّل امرأة قتلت من أصحاب الحسين ، وقطع رأسه ورمى به الى جهة الحسين ، فأخذته أمّه(٢) ومسحت الدم عنه ثمّ أخذت عمود خيمته وبرزت الى الأعداء فردّها الحسين وقال ارجعى رحمك الله فقد وضع عنك الجهاد ، فرجعت وهى تقول : اللهمّ لا تقطع رجائى فقال الحسين لا يقطع رجاك(٣)

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٤٢٩.

(٢) كذا والظاهر زوجته.

(٣) مقتل الحسين : ٢٧٣.

٨٦

٣٣ ـ محمّد بن بشير الحضرمى

٦٩ ـ الحافظ ابن عساكر : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقى ، أنبأنا أبو محمّد الشيرازى ، أنبأنا أبو عمر الخزاز ، أنبأنا أبو الحسن الخشاب ، أنبأنا الحسين بن محمّد ، أنبأنا محمّد بن سعد ، أنبأنا علىّ بن محمّد ، عن أبى الأسود العبدى ، عن الأسود بن قيس العبدى ، قال : قيل لمحمّد بن بشير الحضرمى ، وهو مع الحسين فى كربلاء : قد أسر ابنك بثغر الرى. قال : عند الله احتسبه ونفسى ، ما كنت أحبّ أن يؤسر ولا أن أبقى بعده ، فسمع قوله الحسينعليه‌السلام فقال له : رحمك الله أنت فى حلّ من بيعتى ، فاعمل فى فكاك ابنك! قال : أكلتنى السباع حيّا ان فارقتك! قال : فأعط ابنك هذه الأثواب البرود تستعين بها فى فداء أخيه. فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار(١) .

٣٤ ـ شهادة سعيد بن عبد الله

٧٠ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز سعيد بن عبد الله الحنفى مرتجزا :

اقدم حسين اليوم تلق أحمدا

وشيخك الخير عليا ذا الندى

وحسنا كالبدر وافى الأسعدا(٢)

٧١ ـ قال المقرّم : وقام الحسين الى الصلاة ، فقيل انّه صلى بمن بقى من أصحابه صلاة الخوف ، وتقدّم أمامه زهير بن القين ، وسعيد بن عبد الله الحنفى فى نصف من

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين : ١٥٤.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٩.

٨٧

أصحابه ، ويقال إنّه صلّى وأصحابه فرادى بالايماء.

لما اثخن سعيد بالجرح سقط الى الارض وهو يقول : اللهمّ العنهم لعن عاد وثمود وأبلغ نبيك منّى السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح ، فانّى أردت بذلك ثوابك فى نصرة ذرية نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتفت الى الحسين قائلا : أوفيت يا ابن رسول الله؟ قال نعم أنت أمامى فى الجنّة وقضى نحبه فوجد ثلاثة عشر سهما غير الضرب والطعن(١) .

٣٥ ـ ٣٦ ـ شهادة جنادة بن الحارث وابنه

٧٢ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز جنادة بن الحارث الانصارى مرتجزا :

أنا جناد وأنا ابن الحارث

لست بخوار ولا بناكث

عن بيعتى حتّى يرثنى وارثى

اليوم ثارى فى الصعيد ماكثى

فقتل ستة عشر رجلا ثمّ برز ابنه واستشهد(٢) .

٣٧ ـ شهادة عمرو بن جناده

٧٣ ـ قال المقرّم : جاء عمرو بن جنادة الأنصاري : بعد أن قتل أبوه ، وهو ابن احدى عشر سنة ، يستأذن الحسين فأبى وقال : هذا غلام قتل أبوه فى الحملة الاولى ولعلّ أمه تكره ذلك ، قال الغلام : انّ امّى أمرتنى ، فأذن له فما أسرع أن قتل ورمى برأسه إلى جهة الحسين ، فأخذته أمه ومسحت الدم عنه وضربت به رجلا قريبا

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٧٩.

(٢) مقتل الحسين : ٢٩٠.

٨٨

منها فمات وعادت الى المخيم فأخذت عمودا وقيل سيفا وانشأت :

إنى عجوز فى النساء ضعيفة

خاوية بالية نحيفة

أضربكم بضربة عنيفة

دون بنى فاطمة الشريفة

فردّها الحسين الى الخيمة بعد أن أصابت بالعمود رجلين(١) .

٣٨ ـ شهادة مالك بن دودان

٧٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز مالك بن دودان وأنشأ يقول :

إليكم من مالك الضرغام

ضرب فتى يحمى عن الكرام

يرجو ثواب الله ذى الأنعام(٢)

٣٩ ـ شهادة أبو ثمامة الصائدى

٧٥ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أبو ثمامة الصائدى وقال :

عزاء لآل المصطفى وبناته

على حبس خير الناس سبط محمّد

عزاء لزهراء النبيّ وزوجها

خزانة علم الله من بعد أحمد

عزاء لاهل الشرق والغرب كلّهم

وحزنا على حبس الحسين المسدد

فمن مبلغ عنّى النبيّ وبنته

بان ابنكم فى مجهد أىّ مجهد(٣)

٧٦ ـ قال الطبرى : فلا يزال الرجل من أصحاب الحسين قد قتل ، فاذا قتل

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٩٠.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٩.

(٣) المناقب : ٢ / ٢١٩.

٨٩

منهم الرجل والرجلان تبيّن فيهم ، واولئك كثير لا يتبيّن فيهم ما يقتل منهم ، قال : فلمّا رأى ذلك أبو ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدى قال للحسين يا أبا عبد الله ، نفسى لك الفداء! انّى أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا والله لا تقتل حتّى اقتل دونك إن شاء الله ، وأحبّ أن ألقى ربّى وقد صلّيت هذه الصلاة التي دنا وقتها.

قال : فرفع الحسين رأسه ثمّ قال : ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين نعم ، هذا أوّل وقتها ، ثمّ قال : سلوهم أن يكفّوا عنّا حتّى نصلّى ، فقال لهم الحصين بن تميم : إنّها لا تقبل ، فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل زعمت! الصلاة من آل الرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تقبل وتقبّل منك يا حمار! قال فحمل عليهم حصين بن تميم(١) .

٧٧ ـ قال المقرم : خرج أبو ثمامة الصائدى ، فقاتل حتّى اثخن بالجراح ، وكان مع عمر بن سعد ابن عم له ، يقال له قيس بن عبد الله بينهما عداوة ، فشدّ عليه وقتله(٢) .

٤٠ ـ شهادة ابراهيم بن الحصين

٧٨ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز إبراهيم بن الحصين الأسدي يرتجز قائلا :

اضرب منكم مفصلا وساقا

ليهرق اليوم دمى اهراقا

ويرزق الموت أبو اسحاقا

اعنى بنى الفاجرة الفسّاقا

__________________

(١) تاريخ الطبرى : ٥ / ٤٣٩.

(٢) مقتل الحسين : ٢٨١.

٩٠

فقتل منهم أربعة وثمانين رجلا(١) .

٤٢ ـ شهادة عمرو بن قرضة الانصارى

٧٩ ـ قال ابن شهرآشوب : وبرز عمرو بن قرظة الانصارى وهو يقول :

قد علمت كتيبة الانصار

انّى سأحمى حوزة الذمار

ضرب غلام غير نكس شار

دون حسين مهجتى ودارى(٢)

٤٢ ـ شهادة أحمد بن محمّد الهاشمى.

٨٠ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برز أحمد بن محمّد الهاشمى وهو ينشد :

اليوم ابلو حسبى ودينى

بصارم تحمله يمينى

أحمى به يوم الوغى عن دينى(٣) .

٤٣ ـ شهادة وهب بن جناح الكلبى

٨١ ـ قال ابن طاوس : خرج وهب بن جناح الكلبى ، فأحسن فى الجلاد ، وبالغ فى الجهاد ، وكان معه امرأته ووالدته فرجع إليهما ، وقال يا أمه أرضيت أم لا ، فقالت الامّ ما رضيت حتّى تقتل بين يدى الحسينعليه‌السلام ، وقالت امرأته بالله عليك ولا تفجعنى ، فرجع فلم يزل يقاتل حتّى قطعت يداه.

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٩.

(٢) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

(٣) المناقب : ٢ / ٢٢٠.

٩١

فاخذت امرأته عمودا فاقبلت نحوه وهى تقول فداك أبى وأمّى قاتل دون الطيبين حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاقبل كى يردّها الى النساء فاخذت بجانب ثوبه وقالت لن أعود دون أن أموت ، معك ، فقال الحسينعليه‌السلام : جزيتم من أهل بيتى خيرا ارجعى الى النساء رحمك الله فانصرفت إليهم ولم يزال الكلبى يقاتل حتّى قتل رضوان الله عليه(١) .

٤٤ ـ شهادة عمرو بن خالد الصيداوى

٨٢ ـ قال ابن طاوس : قال الراوى : ثمّ برز عمرو بن خالد الصيداوى ، فقال للحسينعليه‌السلام يا أبا عبد الله جعلت فداك قد هممت أن ألحق بأصحابك ، وكرهت أن أتخلف فاراك وحيدا بين أهلك قتيلا ، فقال له الحسينعليه‌السلام : تقدّم فانّا لاحقون بك عن ساعة فتقدّم فقاتل حتّى قتل رضوان الله عليه(٢) .

٤٥ ـ شهادة غلام تركى

٨٣ ـ قال ابن شهرآشوب : وروى انّه برز غلام تركى للحرّ وجعل يقول :

البحر من طعنى وضربى يصطلى

والجوّ من نبلى وسهمى يمتلى

إذا حسامى عن يمينى ينجلى

ينشقّ قلب الحاسد المبجّل

__________________

(١) اللهوف : ٤٧.

(٢) اللهوف : ٤٧.

٩٢

فقتل سبعين رجلا(١) .

٤٦ ـ شهادة عجوز

٨٤ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برزت قائلة :

أنا عجوز سيّدى ضعيفة

خاوية بالية نحيفة

اضربكم بضربة عنيفة

دون بنى فاطمة الشريفة(٢)

٤٧ ـ شهادة فتى

٨٥ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ برزفتى قائلا :

أميرى حسين ونعم الأمير

سرور فؤاد البشير النذير

علىّ وفاطمة والده

فهل تعلمون له من نظير

فقاتل حتّى قتل ورمى برأسه الى امّه فاخذته ورمته إلى رجل فقتله(٣) .

٤٨ ـ شهادة أنس بن الحارث

٨٦ ـ قال المقرم : وكان أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلى ، شيخا كبيرا صحابيا رأى النبيّ وسمع حديثه وشهد معه بدرا وحنينا ، فاستأذن الحسين وبرز شادّا

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢١٩.

(٢) المناقب : ٢ / ٢١٩.

(٣) المناقب : ٢ / ٢١٩.

٩٣

وسطه بالعمامة رافعا حاجبيه بالعصابة ، ولمّا نظر إليه الحسين بهذه الهيئة بكى وقال :

شكرا لك يا شيخ فقتل على كبره ثمانية عشر رجلا وقتل(١) .

٤٩ ـ ٥٠ ـ شهادة واضح وأسلم

٨٧ ـ قال المقرم : ولمّا صرع واضح التركى مولى الحرث المذحجى استغاث بالحسين ، فأتاه أبو عبد الله واعتنقه فقال : من مثلى وابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله واضع خدّه على خدّى ، ثمّ فاضت نفسه الطاهرة ، ومشى الحسين إلى أسلم مولاه واعتنقه وكان به رمق فتبسّم وافتخر بذلك ومات(٢) .

٥١ ـ شهادة رجل من بنى أسد

٨٨ ـ قال ابن عساكر : قال ابن سعد : أنبأنا علىّ بن محمّد ، عن عامر بن أبى محمّد ، عن الهيثم بن موسى ، قال : قال العريان بن الهيثم : كان أبى يتبدّى فينزل قريبا من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين ، فكنّا لا نبد وإلّا وجدنا رجلا من بنى أسد هناك ، فقال له أبى : أراك ملازما هذا المكان! قال : بلغنى أن حسينا يقتل هاهنا فأنا أخرج إلى هذا المكان لعلّى أصادفه فاقتل معه! قال ابن الهيثم فلمّا قتل الحسين قال أبى : انطلقوا بنا ننظر هل الأسدي فيمن قتل مع الحسين؟ فأتينا المعركة وطوّفنا فإذا الأسدي مقتول(٣) .

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٨٩.

(٢) مقتل الحسين : ٢٨٤.

(٣) ترجمة الامام الحسين : ٢١٢.

٩٤

٥٢ ـ شهادة سوار

٨٩ ـ قال المقرم : وقاتل سوار بن أبى حمير ، من ولد فهم بن جابر بن عبد الله ابن قادم الفهمى الهمدانيّ ، قتالا شديدا حتّى ارتثّ بالجرح ، وأخذ أسيرا فأراد ابن سعد قتله ، وتشفّع فيه قومه وبقى عندهم جريحا إلى أن توفّى على رأس أشهر(١) .

٤٥ ـ باب شهداء أهل البيتعليهم‌السلام

١ ـ قال المفيد : اسماء من قتل مع الحسينعليه‌السلام من أهل بيته بطفّ كربلا ، وهم سبعة عشر نفسا ، الحسين بن علىعليهما‌السلام ، العبّاس وعبد الله وجعفر وعثمان بنو أمير المؤمنين عليه وعليهم‌السلام أمّهم أمّ البنين وعبد الله وأبو بكر ابنا أمير المؤمنينعليه‌السلام أمّهما ليلى بنت مسعود الثقفيّة ، وعلىّ وعبد الله ابنا الحسين بن علىّعليهما‌السلام ، والقاسم وأبو بكر ، وعبد الله بنو الحسن بن علىّعليهما‌السلام .

محمّد وعون ابنا عبد الله بن جعفر بن أبى طالب رضى الله عنهم أجمعين ، وعبد الله وجعفر وعبد الرحمن بنو عقيل بن أبى طالب رضى الله عنهم ، ومحمّد بن أبى سعيد بن عقيل بن أبى طالب رحمة الله عليهم أجمعين ، فهؤلاء سبعة عشر نفسا من بنى هاشم رضوان الله عليهم أجمعين اخوة الحسين عليه وعليهم‌السلام وبنو أخيه وبنو عمّيه جعفر وعقيل وهم كلّهم مدفونون ممّا يلى رجلى الحسينعليه‌السلام فى

__________________

(١) مقتل الحسين : ٢٩١.

٩٥

مشهده.

حفر لهم حفيرة والقوا فيها جميعا وسوّى عليهم التراب إلّا العباس بن علىعليهما‌السلام ، فانّه دفن فى موضع مقتله ، على المسنّاة بطريق الغاضريّة وقبره ظاهر وليس لقبور إخوته وأهله الّذين سمّيناهم أثر وإنمّا يزورهم الزائر من عند قبر الحسينعليه‌السلام ، ويومئ الى الأرض الّتي نحو رجليه بالسلام عليهم وعلىّ بن الحسينعليهما‌السلام فى جملتهم ، ويقال إنّه أقربهم دفنا الى الحسين(١)

٢ ـ قال محمّد بن سعد فى الطبقات : قتل مع الحسين بن على بن أبى طالبعليه‌السلام .

١ ـ العبّاس بن علىّ بن أبى طالب الأكبر ، قتله زيد بن رقاد الجنبى وحكيم السنبسى من طىء.

٢ ـ جعفر بن علىّ بن أبى طالب الأكبر ، قتله هانى بن ثبيت الحضرمى.

ـ عبد الله بن علىّ بن أبى طالب قتله هانى بن ثبيت الحضرمى.

٣ ـ عثمان بن علىّ بن أبى طالب رماه خولى بن يزيد بسهم فأثبته وأجهز عليه رجل من بنى أبان بن دارم.

٥ ـ أبو بكر بن علىّ بن أبى طالب يقال : انّه قتل فى ماقيه(٢) .

٦ ـ محمّد بن على بن أبى طالب الاصغر ، امّه أمّ ولد ، قتله رجل من بنى أبان ابن دارم.

٧ ـ علىّ بن الحسين الاكبر قتله مرّة بن النعمان العبدى.

٨ ـ عبد الله بن الحسن قتله هانى بن ثبيت الحضرمى.

٩ ـ جعفر بن الحسين قتله عبد الله بن عقبة الغنوى.

__________________

(١) الارشاد : ٢٣٣.

(٢) كذا فى الاصل.

٩٦

١٠ ـ أبو بكر بن الحسن قتله عبد الله بن عقبة الغنوى.

١١ ـ عبد الله بن الحسن قتله ابن حرملة الكاهلى من بنى أسد.

١٢ ـ القاسم بن الحسن قتله سعيد بن عمرو الأزدى.

١٣ ـ عون بن عبد الله بن جعفر ، قتله عبد الله بن قطبة الطائى.

١٤ ـ محمّد بن عبد الله بن جعفر ، قتله عامر بن نهشل التميمى.

١٥ ـ مسلم بن عقيل بن أبى طالب ، قتله عبيد الله بن زياد بالكوفة صبرا.

١٦ ـ جعفر بن عقيل ، قتله بشر بن حوط الهمدانيّ.

١٧ ـ عبد الرحمن بن عقيل ، قتله عثمان بن خالد بن أسير الجهنى.

١٨ ـ عبد الله بن عقيل امّه أمّ ولد ، قتله عمرو بن صبح الصدائى.

١٩ ـ عبد الله بن عقيل أمه أم ولد ، قتله عمرو بن صبح ويقال اسيد بن مالك الحضرمى.

٢٠ ـ محمّد بن أبى سعيد بن عقيل ، قتله لقيط الجهنى.

وقد كان ابناء عبد الله بن جعفر لجئا الى امرأة عبد الله بن قطبة الطائى ثمّ النبهانى ، وكانا غلامين لم يبلغا ، وقد كان عمر بن سعد أمر مناديا فنادى : من جاء برأسهما فله ألف درهم ، فجاء ابن قطبة الى منزله ، فقالت له امرأته : إن غلامين لجئا إلينا ، فهل لك تشرف بهما فتبعث بهما الى المدينة.

قال : نعم أرنيهما ، فلمّا رآهما ذبحهما وجاء برءوسهما إلى عبيد الله بن زياد ، فلم يعطه شيئا ، فقال عبيد الله : وددت أنّه كان جاءنى بهما حيّا ، فمننت بهما على أبى جعفر يعنى عبد الله بن جعفر ، وبلغ ذلك عبد الله بن جعفر ، فقال : وددت أنّه كان جاءنى بهما فأعطيته ألفى ألف.

لم يفلت من أهل بيت الحسين بن على الّذين معه الّا خمسة نفر.

١ ـ علىّ بن الحسين الاصغر وهو أبو بقية ولد الحسين بن على اليوم وكان

٩٧

مريضا فكان مع النساء.

٢ ـ حسن بن حسن بن على وله بقية.

٣ ـ عمرو بن حسن بن على ولا بقية له.

٤ ـ القاسم بن عبد الله بن جعفر.

٥ ـ محمّد بن عقيل الأصغر(١) .

١ ـ شهادة على الاكبر

٢ ـ قال الصدوق : برز علىّ بن الحسينعليه‌السلام ، فلمّا برز إليهم دمعت عين الحسينعليه‌السلام ، فقال : اللهمّ كن أنت الشهيد عليهم ، فقد برز إليهم ابن رسولك وأشبه الناس وجها وسمتا به ، فجعل يرتجز وهو يقول :

أنا علىّ بن الحسين بن على

نحن وبيت الله أولى بالنبىّ

أما ترون كيف أحمى عن أبى

فقتل منهم عشرة ثمّ رجع إلى أبيه ، فقال : يا أبه العطش فقال له الحسينعليه‌السلام صبرا يا بنىّ يسقيك جدّك بالكأس الأوفى ، فرجع فقاتل حتّى قتل ، منهم أربعة وأربعين رجلا ثمّ قتلصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

٣ ـ قال ابن شهرآشوب : ثمّ تقدّم علىّ بن الحسين الاكبرعليه‌السلام وهو ابن ثمان عشر سنة ويقال : ابن خمس وعشرين وكان يشبه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خلقا وخلقا ونطقا وجعل يرتجز ويقول :

__________________

(١) ترجمة الامام الحسين من الجزء غير المطبوع فى الطبقات : ٧٥.

(٢) أمالى الصدوق : ٩٨.

٩٨

أنا علىّ بن الحسين بن علىّ

من عصبة جدّ أبيهم النبيّ

نحن وبيت الله أولى بالوصىّ

والله لا يحكم فينا ابن الدعى

اضربكم بالسيف أحمى عن أبى

اطعنكم بالرمح حتّى ينثنى

طعن غلام هاشمىّ علوى

فقتل سبعين مبارزا ثمّ رجع الى أبيه وقد أصابته جراحات فقال يا أبة العطش فقال الحسينعليه‌السلام يسقيك جدّك فكر أيضا عليهم وهو يقول :

الحرب قد بانت لها حقايق

وظهرت من بعدها مصادق

والله ربّ العرش لا نفارق

جموعكم أو تغمد البوارق

فطعنه مرّة بن منقذ العبدى على ظهره غدرا فضربوه بالسيف ، فقال الحسينعليه‌السلام على الدنيا بعدك العفا وضمّه إلى صدره وأتى به الى باب الفسطاط(١) .

٤ ـ قال المفيد : ولم يزل يتقدّم رجل رجل من أصحابه ، فيقتل حتّى لم يبق مع الحسينعليه‌السلام ، إلّا أهل بيته خاصّة ، فتقدّم ابنه علىّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وامّه ليلى بنت أبى مرّة بن عروة بن مسعود الثقفى ، وكان من أصبح الناس وجها وله يومئذ تسع عشرة سنة فشدّ على الناس وهو يقول :

أنا علىّ بن الحسين بن على

نحن وبيت الله أولى بالنبىّ

تالله لا يحكم فينا ابن الدعى

اضرب بالسيف أحمى عن أبى

ضرب غلام هاشمىّ قرشىّ

ففعل ذلك مرارا وأهل الكوفة يتّقون قتله ، فبصر به مرّة بن منقذ العبدى ، فقال علىّ آثام العرب ، ان مرّ بى يفعل مثل ما فعل ، ذلك ، إن لم أثكله أباه فمرّ يشدّ على الناس كما مرّ فى الأوّل ، فاعترضه مرّة بن منقذ وطعنه فصرع واحتواه القوم

__________________

(١) المناقب : ٢ / ٢٢٢.

٩٩

فقطعوه بأسيافهم فجاء الحسينعليه‌السلام حتّى وقف عليه فقال قتل الله قوما قتلوك يا بنىّ ما اجرأهم على الرّحمن وعلى انتهاك حرمة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وانهملت عيناه بالدّموع.

ثمّ قال على الدنيا بعدك العفا وخرجت زينب أخت الحسينعليه‌السلام مسرعة تنادى يا أخيّاه وابن أخيّاه وجاءت حتّى اكبّت عليه فاخذ الحسينعليه‌السلام برأسها فردّها إلى الفسطاط ، وأمر فتيانه فقال احملوا اخاكم فحملوه حتّى وضعوه بين يدى الفسطاط الّذي كانوا يقاتلون أمامه(١) .

٥ ـ قال ابن طاوس : فلمّا لم يبق معه سوى أهل بيته خرج علىّ بن الحسينعليه‌السلام ، وكان من أصبح الناس وجها وأحسنهم خلقا فاستأذن أباه فى القتال ، فأذن له ، ثمّ نظر إليه نظر آيس منه وأرخىعليه‌السلام عينه وبكى ، ثمّ قال : اللهمّ اشهد فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خلقا وخلقا ومنطقا برسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله وكنّا اذا اشتقنا الى نبيك نظرنا إليه فصاح وقال يا ابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمى ، فتقدّم نحو القوم فقاتل قتالا شديدا وقتل جمعا كثيرا ، ثمّ رجع إلى أبيه وقال :

يا أبت العطش قد قتلنى وثقل الحديد قد أجهدنى ، فهل إلى شربة من الماء ، سبيل ، فبكى الحسينعليه‌السلام وقال : وا غوثاه يا بنىّ قاتل قليلا فما أسرع ما تلقى جدك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيسقيك ، بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا ، فرجع الى موقف النزال ، وقاتل أعظم القتال فرماه ، منقذ بن مرّة العبدى لعنه الله تعالى بسهم فصرعه ، فنادى يا أبتاه عليك منّى السلام هذا جدّى يقرئك السلام ويقول لك عجّل القدوم علينا ثمّ شهق شهقة فمات.

فجاء الحسينعليه‌السلام حتّى وقف عليه ووضع خدّه على خدّه ، وقال قتل الله

__________________

(١) الارشاد : ٢٢٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

ثم لو فرضنا تصحيح خلافة أبي بكر بالإجماع المزعوم ، فكيف تصححون خلافة عمر الذي عيّنه أبو بكر بوصية منه كتبها عثمان؟!

الشيخ عبد السلام : بديهي بأنّ قول أبي بكر في تعيين عمر بن الخطاب بالخلافة أيضا مستند إلى إجماع الأمة ، لأنهم اجمعوا على طاعته وقبول رأيه ، وكان من رأيه تعيين عمر للخلافة بعده.

قلت : أوّلا إن كان كذلك ، فلما ذا ما أطعتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تعيين خليفته ، وهو قد عيّن عليا وصرّح به مرّات وكرّات من يوم الإنذار إلى يوم الغدير وما بعده ، ولكنكم ترفضونه بحجّة أنّ اختيار الخليفة وانتخابه من حق الأمة وأنّ نصوص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عليّ بن أبي طالب كانت ارشادية ، هذا مع أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان دائما يحذّر الناس من مخالفة أمره ومخالفة الامام عليعليه‌السلام ، حتى أننا نرى في بعض الأحاديث الشريفة المرويّة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتبكم ، يصرّح بأنّ مخالفة عليّ كفر ، وبغضه نفاق ، وطاعته إيمان.

ثانيا : بأي دليل عقليّ أو نقليّ تقولون بأنّ قول الفرد المنصوب بالاجماع ، لا سيما في تعيين خليفته ، يكون قوله لازما وماضيا على الناس! فإنّ هذا الأمر يخالف سيرة أهل العالم لا سيّما العقلاء منهم. ولكي تعرفوا ذلك فطالعوا الكتب المدوّنة في قوانين الدول والانتخابات.

ثالثا : إن كان كلامكم صحيحا ، فلما ذا لم يعمل عمر بن الخطاب على ما خطّه أبو بكر ، بل قام بإبداع طريقة جديدة تخالف مبنى وأساس خلافته وخلافة أبي بكر من قبله. فانّ الشورى الذي شكله عمر من ستة أفراد ، لا يشابه مجالس الشورى البشريّة ، ولا يشابه الانتخابات الجمهورية ، بل أقرب ما يكون إلى الاستبداد والديكتاتورية ،

٨٨١

وهنا شاط الشيخ عبد السلام ولاح الغضب في وجهه فصاح :

نحن لا نسمح لكم بهذا الكلام ، والمسّ من شخصيّة الفاروق ، إلاّ أن تأتوننا بدليل وبرهان.

قلت : ما ذكره المؤرخون في وصية عمر لأبي طلحة الأنصاري في تشكيل الشورى ورجحان الكفّة التي فيها عبد الرحمن بن عوف دليل ساطع وبرهان لامع على ما قلنا ، لأنّه كان يعرف أنّ عبد الرحمن بن عوف يميل الى عثمان وأنّ سعد بن أبي وقاص حاقد على أبي الحسن وحاسد له ، فلا يميل إلى جانبهعليه‌السلام ، فضمن عمر خلافة عثمان بهذه المكيدة والسياسة والكياسة وسمّاها شورى وما هي بشورى(١) !

__________________

(١) ذكر ابن أبي الحديد قصة الشورى في شرح النهج : ج ١ / ١٨٥ ـ ١٨٨ ط إحياء التراث ، قال [وصورة هذه الواقعة أنّ عمر لما طعنه أبو لؤلؤة ، وعلم أنّه ميت

قال : إنّ رسول الله مات وهو راض عن هذه الستة من قريش : عليّ ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد ، وعبد الرحمن بن عوف ، وقد رأيت أن أجعلها شورى بينهم ليختاروا لأنفسهم

ثم قال : ادعوا لي أبا طلحة الأنصاري! فدعوه له ، فقال : أنظر يا أبا طلحة ، إذا عدتم من حفرتي ، فكن في خمسين رجلا من الأنصار حاملي سيوفكم ، فخذ هؤلاء النفر بإمضاء الأمر وتعجيله ، واجمعهم في بيت وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحدا منهم ، فإن اتّفق خمسة وابى واحد فاضرب عنقه ، وإن اتفق أربعة وأبى اثنان فاضرب عنقيهما ، وان اتّفق ثلاثة وخالف ثلاثة فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن ، فارجع الى ما قد اتفقت عليه ، فإن أصرّت الثلاثة الأخرى على خلافها فاضرب أعناقهم ، وإن مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر ، فاضرب أعناق الستة ودع المسلمين يختارون لأنفسهم.]

أقول : إذا لم نسمّ هذا الأمر القاطع والحكم الصادر من الخليفة في شأن أصحاب الشورى ، بالهمجيّة والديكتاتورية ، فما ذا يسمّى؟! «المترجم»

٨٨٢

شورى أم ديكتاتورية!!

ولنا أن نعترض على حكم عمر وتفويضه الأمر النهائي إلى عبد الرحمن بن عوف ، ونتساءل : بأي ملاك وعلى أي استناد شرعي وعرفي وعقلي ونظري يكون رأي ابن عوف مقدّما على رأي الآخرين وأصوب؟ وكيف يكون رأي الثلاثة الذين فيهم ابن عوف نافذا ، والثلاثة الأخرى ان لم توافق فمصيرهم القتل والاعدام؟!

ومن دواعي التعجب والاستغراب ، تقديم رأي عبد الرحمن بن عوف على رأي أبي الحسن علي بن أبي طالبعليه‌السلام في مثل هذا الأمر ، مع روايتهم حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «عليّ مع الحق والحق مع علي».

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «عليّ فاروق هذه الأمة يفرّق بين الحق والباطل».

وقد روى الحاكم في المستدرك ، وأبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ، والطبراني في الأوسط ، وابن عساكر في تاريخه ، والعلاّمة الكنجي في كفاية الطالب ، والمحب الطبري في الرياض النضرة ، والحمويني في فرائد السمطين ، وابن أبي الحديد في شرح النهج ، والسيوطي في الدرّ المنثور ، عن ابن عباس ، وسلمان ، وأبي ذر ، وحذيفة ، أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذاك فالزموا علي بن أبي طالب ، فإنّه أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة يفرّق بين الحق والباطل ، وهو يعسوب المؤمنين(١) ».

__________________

(١) أيها القارئ الكريم لقد ورد هذا الحديث في كتب المحدثين ومسانيدهم المعتبرة ،

٨٨٣

__________________

وأذكر لك بعضها من العامّة وأعلام السنّة حتى تسكن بها نفسك ويطمئن قلبك ، منها :

الإصابة لابن حجر : ج ٧ / القسم الأول ص ١٦٧ قال : وأخرج أبو أحمد وابن مندة وغيرهما من طريق إسحاق بن بشر الأسدي عن خالد بن الحارث عن عوف عن الحسن عن أبي ليلى الغفارية قال : سمعت رسول الله (ص) يقول «ستكون من بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وهو فاروق هذه الأمة ، وهو يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين».

وذكره ابن عبد البر أيضا في الاستيعاب : ج ٢ / ٦٥٧ ، وابن الأثير أيضا في أسد الغابة : ج ٥ / ٢٨٧.

وفي مجمع الزوائد : ج ٩ / ١٠٢ قال : وعن أبي ذر وسلمان قالا : أخذ النبي (ص) بيد علي عليه‌السلام فقال «إنّ هذا أول من آمن بي ، وهذا أول من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصديق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين».

ورواه الطبراني والبزار عن أبي ذر وحده ، وذكره المناوي أيضا في فيض القدير في الشرح : ج ٤ / ٣٥٨ ، والمتقي في كنز العمال : ج ٦ / ١٥٦ ، وقال : رواه الطبراني عن سلمان وأبي ذر معا والبيهقي وابن عدي عن حذيفة. وفي الرياض النضرة للمحب الطبري : ج ٢ / ١٥٥ قال : وعن أبي ذر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول لعلي عليه‌السلام «أنت الصديق الأكبر ، وأنت الفاروق الذي تفرق بين الحق والباطل». (قال) : وفي رواية «وأنت يعسوب الدين». قال : خرّجهما الحاكم.

وهناك مصادر اخرى كثيرة ذكرت بعضها في تعليقاتنا السابقة ، وأكتفي بما ذكرت فإنّ فيها الكفاية لمن أراد الحق والهداية.

«المترجم»

٨٨٤

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث مشهور لعمار بن ياسر ـ ونقلته لكم بإسناده وذكرت مصادره من كتبكم في الليالي الماضية ـ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«يا عمار! إن سلك الناس كلّهم واديا وسلك عليّ وحده واديا ، فاتّبع عليا وخلّ عن الناس ، يا عمار! عليّ لا يردك عن هدى ، ولا يدلّك على ردى يا عمار! طاعة عليّ طاعتي ، وطاعتي طاعة الله».

مع هذا كله يقدّم عمر عبد الرحمن بن عوف على الإمام عليّعليه‌السلام ويقدّم رأيه على رأي أمير المؤمنين سلام الله عليه ، وهذا من أفحش الظلم في حق الإمام أبي الحسنعليه‌السلام .

كل عاقل منصف ، له أدنى إلمام بأمور الدولة والسياسة ، يعرف سريرة عمر وغرضه من هذا الأمر ، وهو الإطاحة بعليّعليه‌السلام وخذلانه والسعي لتنزيل مقامه الشامخ ، ومكانه العليّ.

وكل من له اطّلاع وباع في كتب الرجال والأصحاب من قبيل الإصابة والاستيعاب ، وحلية الأولياء وأمثالها ، يعرف جيّدا أن علياعليه‌السلام لا يقاس بعبد الرحمن ، وأعلى من سائر أعضاء الشورى في الفضل والمناقب وفي المنزلة والمقام.

وأنتم أيها الحاضرون! راجعوا كتب الحديث والتواريخ والمناقب وطالعوها وأنصفوا وفكروا ثم احكموا في رأي عمر وتعيينه عبد الرحمن حكما في الشورى ، وترجيح رأيه على الآخرين بما فيهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام !

والله ما كانت الشورى العمريّة إلاّ مكيدة ولعبة سياسية ومؤامرة تحزّبيّة من مناوئي الإمام عليّعليه‌السلام ومخالفيه ، ليحرموه من حقّه ويبعدوه من مقامه للمرّة الثالثة!!

فالخلفاء «الراشدون عندكم» نالوا الخلافة وتوصّلوا إليها بأربعة

٨٨٥

طرق ، كل واحد منهم وصل إلى الخلافة بشكل خاص وطريقة تخصّه ، فلا ندري أي طريقة منها وأي شكل من الأشكال مراد الله سبحانه ومقتضي شريعته ودينه! فإن تعيّنوا شكلا واحدا ، فالأشكال الأخرى باطلة ، وإن تقولوا : كل هذه الطرق والأشكال صحيحة وشرعية ، نعرف أنكم لا تلتزمون لتعيين الخليفة والحاكم الشرعي ، بطريق ثابت وقانون معيّن معلوم.

وأنتم الحاضرون ولا سيما العلماء الكرام ، اذا تركتم التعصّب والانحياز الى مذهب أسلافكم ومعتقد آبائكم ، ونظرتم إلى الحوادث والقضايا بعين الإنصاف والعدالة ، وبنظر التحقيق والدّلالة ، لعرفتم أنّ الحق غير ما تلتزمون به وتعتقدونه.

الشيخ عبد السلام : نعم ولكن لو أمعنّا النظر وتعمّقنا في الموضوع على أساس بيانكم وغرار كلامكم ، فإنّ خلافة سيدنا علي بن أبي طالب تتزلزل أيضا ، لأنّ الناس الذين نصبوه للخلافة وبايعوه هم الذين بايعوا من قبله من الخلفاء الثلاثة الراشدين ، ولا فرق بينه وبينهم؟!.

خلافة الإمام عليعليه‌السلام منصوصة

قلت : هذا الإشكال يرد على من يعتقد بأن خلافة الإمام عليعليه‌السلام ومشروعيّتها لاجماع الناس في المدينة بعد مقتل عثمان على خلافة الإمام وبيعتهم له ، ولكنّا نعتقد بالدليل والبرهان أنّ خلافة الإمام عليعليه‌السلام منصوصة من الله سبحانه بالأحاديث المكرّرة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو الخليفة الشرعي بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة وإن

٨٨٦

غصبوا حقه وأزالوه عن مقامه طيلة سنين عديد. وحيث لم يجد أعوانا وأنصارا لإحقاق حقه ، أمسى جليس الدار صابرا محتسبا ، حتى أجمع الناس على بيعته بعد مقتل عثمان وألحّوا وأصرّوا عليه ، فقبل منهم البيعة وتعهّد ادارة أمور المسلمين.

وقد بيّنا في المجالس السابقة وذكرنا لكم النصوص المرويّة في كتبكم ومسانيدكم المعتبرة ، في تعيين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا خليفته على الأمّة ، وإن نسيتم حديثنا في موضوع الغدير وإمامة عليّعليه‌السلام وخلافته ، فراجعوا الصحف والمجلاّت التي نشرت حوارنا ومجالسنا السابقة ، فقد استدللنا وأثبتنا ولاية عليّعليه‌السلام وخلافته الشرعيّة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، وإضافة الى تواترها في كتب الشيعة فقد ذكرنا عشرات المصادر لها من كتب أعلامكم ومسانيد علمائكم ، فالأحاديث التي ذكرناها في إثبات ولاية الإمام عليعليه‌السلام وخلافته متفق عليها وصحيحة بإجماع الشيعة والسنة.

ولكن لا يوجد حتى حديث واحد متّفق على صحّته بين الفريقين في ولاية وخلافة الثلاثة قبل الإمام عليّعليه‌السلام ، أو في خلافة أحد الأمويين أو العباسيين.

الشيخ عبد السلام : لقد ورد عندنا عن رسول الله (ص) أنّه قال : «أبو بكر خليفتي في أمتي».

قلت : أولا هذا الحديث غير مقبول عندنا ولم يروه أحد من علماء الشيعة ، فصار غير متفق عليه.

ثانيا : لقد ذكرنا أقوال بعض أعلامكم في بطلان الأحاديث الموضوعة في فضل أبي بكر ومناقبه ، وإضافة على ما مضى أنقل لكم

٨٨٧

قول أحد كبار علمائكم ومشاهير أعلامكم ، وهو الشيخ مجد الدين الفيروزآبادي صاحب كتاب القاموس في اللغة ، قال في كتابه «سفر السعادة» [إن ما ورد في فضائل أبي بكر ، فهي من المفتريات التي يشهد بديهة العقل بكذبها.]

خلافة عليّعليه‌السلام أقرب إلى الإجماع من خلافة غيره

ولا يخفى على من تدبّر في تاريخ الخلافة ، أنّ خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام كانت أقرب الى الاجماع من خلافة الثلاثة قبله ، والذين استولوا على الخلافة بعده من الأمويين والعباسيين.

فقد بيّنا عدم تحقق الإجماع في الخلفاء الذين تولّوا الأمر قبل الإمام عليعليه‌السلام وكذلك الذين جاءوا بعده ، فلم يتحقق إجماع الأمة لأحدهم ، والتاريخ يشهد على ذلك ولكن تحقّق للإمام عليعليه‌السلام ما يقرب من الإجماع ، فإن الّذين بايعوه بعد مقتل عثمان كانوا عامة أهل المدينة إلاّ من شذّ ، وهم أقلّ من عدد الأصابع ، وإضافة على أهل المدينة ، فقد بايعه جمع كثير من أهالي الأمصار الذين كانوا ينوبون عن أهل بلادهم وقومهم ، وهم الذين أقبلوا من البصرة والكوفة ومن مصر وغيرها من بلاد الإسلام ونزلوا المدينة المنوّرة ، ليعزلوا عثمان عن الخلافة ، أو يصلحوه ويصلحوا شأنه ودولته. فلما قتل عثمان ، أجمعوا على بيعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ولا يخفى أنّ المجتمعين يومئذ في المدينة المنورة ، والذين أجمعوا على بيعة الإمام عليّعليه‌السلام ، كانوا زعماء القوم وأهل الحلّ والعقد في أمصارهم وشيوخ أهل بلدانهم.

٨٨٨

والجدير بالذكر ، أنّنا مع تحقّق هذا الأمر ـ الذي كان أقرب شيء إلى الاجماع ـ لم نجعله دليلا على خلافة الإمام عليعليه‌السلام .

وإنما الدليل الثابت عندنا والبرهان المثبت لخلافة مولانا وسيدنا الإمام عليّعليه‌السلام هو النصّ الإلهي في القرآن الحكيم وصريح حديث النبي الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو مطابق لسيرة جميع الرسل والأنبياء الذين كانوا يعينون أوصياءهم وخلفاءهم بأمر الله سبحانه.

ثالثا : قلتم لا فرق بين أبي الحسن أمير المؤمنين وبين الخلفاء قبله.

فلا أدري هل تنطقون بهذا الكلام عن جهل أو تجاهل؟ لأنّ الأدلّة العقلية والنقليّة والشواهد التاريخيّة والحسيّة كلها قائمة على أنّ علياعليه‌السلام يمتاز عن الخلفاء بل عن كل البشر. فلا يقاس به أحد.

امتيازات الإمام عليّعليه‌السلام

كل من يطالع تاريخ حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام من حين ولادته في بطن الكعبة ، إلى ساعة استشهاده في سبيل الله في حال العبادة والصلاة في وسط المحراب في مسجد الكوفة ، وينظر بنظر التحقيق والتدقيق في جهاده ومواقفه ، وفي خطبه وكلماته ، وفي حركاته وسكناته ، وفي خوضه الحوادث وانزوائه ، لا يشك في أنّهعليه‌السلام كان شخصية متميزة وفريدة من نوادر التاريخ وأعظم نوابغ البشر ، لذلك نرى جميع المسلمين وأكثر أعلامكم وكبار علمائكم إلاّ من شذّ ـ وهم من الخوارج والنواصب من الأمويين والبكريين ـ قالوا : بأفضليته عمّن سواه بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك استنادا إلى الحديث الشريف المروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقه أنقله لكم مضافا إلى ما رويته

٨٨٩

من كتب أعلامكم في الليالي الماضية في فضائله ومناقبهعليه‌السلام .

روى أحمد بن حنبل في مسنده ، والموفق بن أحمد الخوارزمي في المناقب ، والعلاّمة الهمداني في مودّة القربى ، والحافظ أبو بكر البيهقي في السنن وغيرهم عن طرق شتى وعبارات متفاوتة في الألفاظ والمعنى واحد ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «عليّ أعلمكم وأفضلكم وأقضاكم ، والرادّ عليه كالرادّ عليّ ، والرادّ عليّ كالرادّ على الله ، وهو على حدّ الشرك بالله».

وقال ابن أبي الحديد في مقدمة شرح نهج البلاغة / بعد ذكره أقوال المشاهير تحت عنوان (القول فيما يذهب إليه أصحابنا المعتزلة ، في الإمامة والتفضيل) قال [وأمّا نحن فنذهب إلى ما يذهب إليه شيوخنا البغداديون ، من تفضيلهعليه‌السلام . وقد ذكرنا في كتبنا الكلامية ما معنى الأفضل؟ وهل المراد به الأكثر ثوابا أو الأجمع لمزايا الفضل والخصال الحميدة؟ وبيّنا أنّهعليه‌السلام أفضل على التفسيرين معا.]

وهنا ارتفع صوت المؤذّن لصلاة العشاء ، وبعد الفراغ من الصلاة ، شربنا الشاي وتناولنا الفاكهة ، ثم شرعنا في الحديث :

أصول الفضل والكمال

قلت : تعقيبا لكلام ابن أبي الحديد ، أطرح عليكم هذا السؤال : ما هي رءوس الفضل وأصول الكمال عندكم؟

الشيخ عبد السّلام : ـ بعد أن أطرق برأسه مليّا ، رفعه وقال ـ : هي كثيرة ولكن أهمها بعد الإيمان بالله وبرسوله ، النسب الطاهر وطيب المولد والمنبت ، والعلم والتقوى.

٨٩٠

قلت : أحسنت يا شيخ ، فلنبحث في هذه الأمور التي أشرت إليها ونحن نوافقكم على أنّ هذه الثلاثة من أمهات الفضائل والكمالات البشرية. ولا ننكر أنّ بعض الصحابة كانت فيهم خصائص وخصال حميدة ، ولكن من كان منهم جامعا لهذه الصفات الثلاثة التي أشرتم إليها بأنّها أمهات الفضائل وأصول الكمال ، فهو أفضلهم وأكملهم ، وبحكم العقل والعقلاء يكون أحق بالخلافة من سائر الصحابة.

طهارة نسب ومولد الإمام عليعليه‌السلام

أمّا في النسب والمولد فلا يشك أحد بأنّ الإمام عليّعليه‌السلام أشرف الصحابة في النسب ، وأفضلهم في المولد والمنبت ، لأنّه يساوي النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك(١) ، فأمّا النسب فواضح ، وأما المنبت فقد ذكر

__________________

(١) روى الحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه «ينابيع المودة» الباب الثاني في شرف آباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونقل روايات كثيرة في الموضوع وكلها من كتب العامّة منها ، قال [وفي الشفاء عن عائشة عنه (ص) قال : أتاني جبرئيل فقال : قلّبت مشارق الأرض ومغاربها ، فلم أر رجلا أفضل من محمد ، ولم أر ابن أب أفضل من بني هاشم] أخرجه في المناقب والمخلص المذهبي والمحاملي وغيرهم.

أقول : وقال الإمام علي عليه‌السلام في نهج البلاغة خطبة رقم ٩٤ : «حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى الى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا وأعزّ الأرومات مغرسا ، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه ، وانتجب [ـ أو ـ انتخب] منها أمناءه عترته خير العتر ، وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشّجر ، نبتت في حرم وبسقت في كرم ، لها فروع طوال وثمر لا ينال.» الخ.

وقال الشيخ صالح التميمي ( رحمه‌الله ) :

٨٩١

المؤرخون كلهم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاة جدّه عبد المطلب ، انتقل إلى بيت أبي طالب وكان عمره الشريف يومئذ ثمان سنين ، فتكفّله عمّه ورعاه أتمّ وأجمل رعاية.

فكما حارت العقول في شخصية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحقيقته ، بهرت العقول أيضا في شخصيّة عليّ وحقيقته. حتى أنّ المتعصّبين من أعلامكم مثل علاء الدين القوشچي ، والجاحظ وهو يعدّ من النواصب ، وسعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني ، وغيرهم قالوا : [إنّنا حيارى ولا ندري كيف نفسّر كلام علي بن أبي طالب إذ يقول : «نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد».

__________________

[غاية المدح في علاك ابتداء

ليت شعري ما تصنع الشعراء

يا أخا المصطفى وخير ابن عم

وأمير إن عدّت الأمراء

معدن الناس كلها الأرض لكن

أنت من جوهر وهم حصباء]

وقال آخر :

(خير البريّة بعد أحمد حيدر

الناس أرض والوصيّ سماء)

ويقول آخر :

[حاشاك أن تسمو إليك سماء

أنت الفضاء وما سواك هباء

ومتى يحلّق نحوك العظماء؟

والسرّ أنت وغيرك الأسماء

أولست ساقي الحوض أنت وقاسم ال

جنّات والنيران كيف تشاء؟؟]

هذا غيض من فيض قريحة الشعراء وشعورهم في حقه عليه‌السلام ، ولكن ما لنا ولقول الشعراء البلغاء بعد أن نطق الخالق العزيز بمدحه وتفضيله وجعله نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في آية المباهلة ، وأطلق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه ذلك كرّات ومرات وقال «علي كنفسي». ولا شك أنّ خير الكلام كلام الله ، وخير الحديث حديث أشرف الخلق محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . «المترجم»

٨٩٢

وقالعليه‌السلام أيضا في الخطبة الثانية من نهج البلاغة :

«لا يقاس بآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، من هذه الأمة أحد ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين وعماد اليقين ، إليهم يفيء الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ، وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله(١) ».]

واعلموا أنّ اعتقاد كثير من كبار علماء السنّة وأعلامهم في الإمام عليعليه‌السلام هو كذلك.

فقد روى العلاّمة الهمداني في كتابه مودّة القربى / المودّة السابعة عن أبي وائل عن ابن عمر (رض) قال : كنّا إذا عددنا أصحاب النبي (ص) قلنا أبو بكر وعمر وعثمان. فقال [له] رجل : يا أبا عبد الرحمن ، فعلي ما هو؟ قال [علي من أهل البيت لا يقاس به أحد ، هو مع رسول الله (ص) في درجته.]

وروى العلاّمة الهمداني أيضا عن أحمد بن محمد الكرزي البغدادي قال : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : سألت أبي عن التفضيل فقال : أبو بكر وعمر وعثمان ، ثم سكت. فقلت : يا أبت أين علي بن أبي طالب؟ فقال [هو من أهل البيت ، لا يقاس به هؤلاء.]

أقول : والذي يدلّ على أنّ هؤلاء وغيرهم من الصحابة لا يقاسون به ، أنّهعليه‌السلام كرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلق في عالم الأنوار قبل أن يظهر في عالم الاكدار ، والفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض.

__________________

(١) فقد خطب هذه الخطبة بعد ما بويع بالخلافة.

٨٩٣

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّعليه‌السلام من نور واحد

روى جماعة من الأعلام والحفّاظ من علمائكم ، منهم أحمد بن حنبل في المسند ، والشيخ محمد بن طلحة العدوي القرشي في كتاب مطالب السئول ، والحافظ ابن المغازلي الفقيه الشافعي في كتابه المناقب / حديث رقم ١٣٠ / بسنده عن النبي (ص) قال «كنت أنا وعلي بن أبي طالب نورا بين يدي الله من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق الله تعالى آدم ركّب ذلك النور في صلبه فلم يزل في نور واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيّ النبوّة وفي عليّ الخلافة».

وقد فتح العلاّمة الهمداني بابا في كتابه مودّة القربى بعنوان / المودّة الثامنة : «في أنّ رسول الله (ص) وعليا من نور واحد ، وأعطي عليّ من الخصال ما لم يعط أحد من العالمين».

فنقل أخبارا كثيرة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطرق شتى ، منها ما رواه عن عثمان بن عفّان عن النبي (ص) قال «خلقت أنا وعليّ من نور واحد قبل أن يخلق الله آدم بأربعة آلاف عام ، فلما خلق الله آدم ركّب ذلك النور في صلبه ، فلم يزل شيئا واحدا حتى افترقنا في صلب عبد المطلب ففيّ النبوّة وفي عليّ الوصيّة».

وروى أيضا عن عليّعليه‌السلام قال «قال رسول الله (ص) : يا عليّ! خلقني الله وخلقك من نوره ، فلما خلق آدمعليه‌السلام أودع ذلك النور في صلبه ، فلم نزل أنا وأنت شيئا واحدا ثم افترقنا في صلب عبد المطلب ، ففيّ النبوّة والرسالة ، وفيك الوصيّة والإمامة».

٨٩٤

ونقل ابن أبي الحديد في شرح النهج : ج ٩ / ١٧١ ط دار إحياء التراث / الخبر الرابع عشر : «كنت أنا وعليّ نورا بين يدي الله عزّ وجلّ قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام ، فلمّا خلق آدم قسّم ذلك فيه وجعله جزءين ، فجزء أنا وجزء عليّ» قال ابن أبي الحديد : رواه أحمد في المسند وفي كتاب فضائل عليّعليه‌السلام ، وذكره صاحب كتاب الفردوس ، وزاد فيه : «ثم انتقلنا حتى صرنا في عبد المطلب ، فكان لي النبوّة ولعليّ الوصيّة».

وروى الحافظ القندوزي في كتابه ينابيع المودّة في الباب الأول روايات كثيرة في الموضوع عن جمع الفوائد ، ومناقب ابن المغازلي وعن الفردوس للديلمي وفرائد السمطين للحمويني ومناقب الخوارزمي نعم روى أبو المؤيّد الخوارزمي في الفصل الرابع من كتابه المناقب وأيضا في الفصل الرابع من كتابه مقتل الحسينعليه‌السلام روايات شتى في الموضوع.

وكذلك روى في الموضوع سبط ابن الجوزي في التذكرة / ٥٠ ط مؤسسة أهل البيت بيروت ، وابن الصبّاغ المالكي في كتابه الفصول المهمّة ، والعلاّمة الكنجي الشافعي في كتاب كفاية الطالب / الباب ٨٧ نقل عن محدّث الشام ابن عساكر وعن محدّث العراق وعن معجم الطبراني بإسنادهم بطرق شتى وعنوانه (الباب السابع والثمانون : في أنّ عليا خلق من نور النبي (ص)) وحيث انّ الروايات في الموضوع منقولة بألفاظ شتى وكلمات مختلفة والمعنى واحد ، فأقول : ربما صدرت الروايات من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيان هذا الموضوع كرّات ومرّات عديدة لأهميّته.

٨٩٥

أجداد الإمام عليعليه‌السلام وآباؤه مؤمنون

ولقد ثبت أنّ أجداد الامام عليّعليه‌السلام كلهم كانوا مؤمنين ولم يشركوا بالله طرفة عين ، فانّ الأصلاب الشامخة والأرحام المطهّرة التي حملته وتناقلته هي الأصلاب والأرحام التي حملت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد طهّرها الباري عزّ وجلّ من درن الشرك وأقذار الجاهليّة ، فهو عليّ ابن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن نضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ابن أدّ بن أدد بن اليسع بن الهميس بن بنت ، بن سلامان بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الله بن تارخ بن تاحور بن شاروع ابن أبرغو بن تالغ بن عابر بن شالح بن ارفخشذ بن سام بن نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوه بن بارد بن مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم أبي البشرعليهم‌السلام هؤلاء كلهم كانوا مؤمنين بالله تعالى ، يعبدونه ولا يشركون به شيئا.

الشيخ عبد السلام : ولكنّ القرآن الحكيم يصرّح بخلاف هذا الكلام ، فقد قال تعالى في سورة الأنعام آية ٧٤ :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) .

آزر عم إبراهيمعليه‌السلام

قلت : كلام الشيخ واصل إليه من أسلافه ، وهم لمّا رأوا نسب شيوخهم وزعمائهم من الصحابة ينتهي إلى الكفر والشرك ، أرادوا دفع

٨٩٦

هذا النقص ورفع العيب عنهم ، فتفوّهوا بهذا الكلام وعابوا على خير الأنام ، وقالوا بأنّ آزر أبا إبراهيم الخليل كان يعبد الأصنام ، وكلكم تعلمون أنّ علماء الأنساب أجمعوا على أنّ والد إبراهيم الخليلعليه‌السلام كان تارخ ، وآزر كان عمه.

الشيخ عبد السلام ـ متعجبا ـ : إنّكم تقابلون القرآن الحكيم بكلام علماء الأنساب!! فإنّ الله سبحانه يصرّح بأنّ آزر أبا إبراهيم كان يعبد الأصنام ونحن نأخذ بظاهر القرآن ونترك قول من خالفه ، لأنّ الظاهر نصّ وخلافه اجتهاد.

قلت : نحن لا نجتهد في مقابل النصّ ، وإنّما نقابل النصّ بالنصّ ونستخرج المعنى المعقول المفهوم من النّصّين ، فإنّ القرآن في كثير من الأمور يفسّر بعضه بعضا. وما اشتبه علينا تفسيره فنرجع به إلى قول العترة الهادية الذين عيّنهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لذلك إذ قال «إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي».

وهم قالوا بأنّ آزر كان عم إبراهيم الخليل ، فلما توفّي تارخ والد ابراهيم ، تزوّجت أمّه بآزر ، فكان إبراهيم يناديه بالأب ، وهو شيء شائع في العرف.

الشيخ عبد السلام : نحن لا نترك ظاهر الآية الشريفة :( وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ ) إلاّ أن تأتوا بآية من القرآن الحكيم تفسّر كلمة الأب بالعم ، وهذا لا يوجد في القرآن.

قلت : لا تنفي ذلك ، لأنّ علمك ناقص بمفاهيم القرآن الحكيم ، وما تجهله من هذا الكتاب العظيم أكثر مما تعلمه.

ولكي يتّضح لك أنّ كلمة الأب جاءت بمعنى العم في القرآن

٨٩٧

الحكيم ، فراجع سورة البقرة / الآية ١٣٣ في قوله تعالى :

( إِذْ قالَ (١) لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً ) .

الشاهد والدليل في الآية «اسماعيل» لأنه كان عم يعقوب واسحاق هو أبو يعقوب. ولكنّ أولاد يعقوب عدوّا إسماعيل أبا ليعقوب في عداد أبويه إبراهيم وإسحاق.

دليل آخر

وعندنا دليل آخر من القرآن الحكيم في أنّ آباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلهم كانوا مؤمنين بالله سبحانه يسجدون له وحده ويعبدونه إلها واحدا وهو قوله تعالى مخاطبا لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ ) (٢) روى الحافظ الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في كتابه ينابيع المودّة / الباب الثاني / وغيره أيضا من علمائكم رووا عن ابن عباس حبر الأمّة وهو من تعلمون مقامه في المفسرين ، قال [اي تقلّبه (ص) من أصلاب الموحّدين ، نبيّ إلى نبيّ ، حتى أخرجه الله من صلب أبيه من نكاح غير سفاح من لدن آدم.]

وروى العلاّمة القندوزي حديثا آخر في الباب ورواه أيضا جمع من علمائكم منهم الثعلبي في تفسيره ، عن رسول الله (ص) قال : «أهبطني الله إلى الأرض في صلب آدم وجعلني في صلب نوح في السفينة وقذف بي في صلب إبراهيم ثم لم يزل الله ينقلني من

__________________

(١) أي : إذ قال يعقوب.

(٢) الشعراء ، الآية ٢١٩.

٨٩٨

الأصلاب الكريمة إلى الأرحام الطاهرة حتى أخرجني من بين أبوين لم يلتقيا على سفاح قطّ».

وفي رواية أخرى قال (ص) «لم يدنّسني بدنس الجاهلية».

وروى القندوزي أيضا في الباب الثاني قال : وفي كتاب أبكار الأفكار للشيخ صلاح الدين بن زين الدين الشهير بابن الصلاحقدس‌سره قال جابر بن عبد الله الأنصاري (رضي الله عنهما) سألت رسول الله (ص) عن أول شيء خلقه الله تعالى ، قال (ص) «هو نور نبيك يا جابر». ـ والرواية مفصلة وطويلة لا مجال لذكرها كلها ، وجاء في آخرها ـ «وهكذا ينقل الله نوري من طيّب إلى طيب ، ومن طاهر إلى طاهر إلى أن أوصله إلى صلب أبي عبد الله بن عبد المطلب ، ومنه أوصله الله إلى رحم أمي آمنة ، ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين وخاتم النبيين ، ومبعوثا إلى كافّة الناس أجمعين ورحمة للعالمين وقائد الغر المحجّلين ، هذا كان بدء خلقة نبيّك يا جابر.

ثم قال القندوزي : وفي شرح الكبريت الأحمر للشيخ عبد القادر روى الحديث المذكور عن جابر بن عبد الله أيضا إلى آخره».

فقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «وهكذا ينقل الله نوري من طيّب إلى طيب ، ومن طاهر إلى طاهر. دليل على أنهم كانوا مؤمنين بالله وموحّدين له.

فبرّأهم الله تعالى من الكفر والشرك ، إذ يقول الله سبحانه :( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (١) ».

وكذلك روى القندوزي في الباب الثاني من ينابيع المودّة عن ابن عباس عن النبي (ص) أنه قال «ما ولدني في سفاح الجاهلية شيء وما

__________________

(١) التوبة ، الآية ٢٨.

٨٩٩

ولدني إلاّ نكاح كنكاح الاسلام».

وفي نهج البلاغة / خطبة رقم ٩٤ يصف بها الأنبياء الكرام لا سيّما خاتمهم وسيدهم ، فقال : «.. فاستودعهم في أفضل مستودع وأقرّهم في خير مستقر. تناسختهم [تناسلتهم] كرائم الأصلاب إلى مطهّرات الأرحام حتى أفضت كرامة الله سبحانه وتعالى إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخرجه من أفضل المعادن منبتا ، وأعزّ الأرومات مغرسا ، من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتخب منها أمناءه».

ولو أردنا جمع الأخبار والروايات الواردة عن طرقنا وطرقكم الخ مجلّدا ضخما ، ولكن في المنقول كفاية لمن أراد الهداية واتباع احق ، فإنّ الحق الذي يظهر من هذه الروايات والآيات يدلّ على أن آباء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأجداده كانوا موحّدين لله سبحانه ومؤمنين به عزّ وجلّ ، ومنه يثبت هذا الأمر لعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أيضا ، لأنهما صلوات الله عليهما وآلهما من شجرة واحدة ونور واحد ، كما تواتر عن طرق الشيعة ورواه أيضا كثير من أعلامكم وكبار علمائكم أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال «أنا وعلي من شجرة واحدة وسائر الناس من شجر شتّى».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «خلقت أنا وعليّ من نور واحد». الخ ، وقد ذكر بعض مصادره من كتب أعلامكم.

فبحكم العقل ورأي العقلاء ، فإنّ عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أحق من غيره بخلافة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأنه أقرب الناس إليه في المقام والمنزلة ، مع هذه المشابهات والمقارنات بينهما عليهما السّلام(١) .

__________________

(١) من المناسب نقل بعض الأبيات من قصيدة بليغة في الموضوع للمرحوم الشيخ علي الشفهيني الحلي من اعلام القرن السادس الهجري :

٩٠٠

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

981

982

983

984

985

986

987

988

989

990

991

992

993

994

995

996

997

998

999

1000

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205