ليالي بيشاور

ليالي بيشاور4%

ليالي بيشاور مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 1205

ليالي بيشاور
  • البداية
  • السابق
  • 1205 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 242630 / تحميل: 4179
الحجم الحجم الحجم
ليالي بيشاور

ليالي بيشاور

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يقذف الصبية يجلد قال لا حتى تبلغ.

( باب )

( الرجل يقذف جماعة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل افترى على قوم جماعة قال إن أتوا به مجتمعين ضرب

باب الرجل يقذف جماعة

الحديث الأول : حسن.

ورواه في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير(١) فالخبر صحيح.

قوله : « جماعة » إما حال عن القوم أي حالكونهم مجتمعين أو صفة له أو صفة لصدر محذوف أي قذفه مجتمعة في اللفظ أو متعددة في مجلس واحد.

ولعل الأول أظهر ثم الثالث.

وقال في الشرائع : إذا قذف جماعة واحدا بعد واحد فلكل واحد حد ، ولو قذفهم بلفظ واحد وجاءوا به مجتمعين فللكل واحد ، ولو افترقوا في المطالبة فلكل واحد حد.

وقال في المسالك : هذا التفصيل هو المشهور ، ومستنده صحيحة جميل ، وإنما حملناه على ما لو كان القذف بلفظ واحد مع أنه أعم جمعا بينه وبين رواية الحسن العطار(٢) ، بحمل الأولى على ما لو كان القذف بلفظ واحد ، والثانية على ما لو جاءوا به مجتمعين وابن الجنيد عكس الأمر فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتحاد الحد مطلقا ، وبلفظ متعدد موجبا للاتحاد إن جاءوا به مجتمعين وللتعدد إن جاءوا به متفرقين ، ونفى عنه في المختلف البأس محتجا بدلالة الخبر الأول عليه وهو أوضح طريقا ، وإنما يتم دلالة الخبر عليه إذا جعلنا « جماعة » صفة للقذف المدلول عليه بالفعل

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٦٨ ـ ٦٩ ح ١٩.

(٢) التهذيب ج ١٠ ص ٦٨ ـ ٦٩ ح ٢١.

٣٢١

حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن العطار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل قذف قوما قال قال بكلمة واحدة قلت نعم قال يضرب حدا واحدا فإن فرق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل افترى على قوم جماعة قال فقال إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا.

عنه ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

( باب في نحوه )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن عباد البصري قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام ـ عن ثلاثة شهدوا

وهو أقوى ، وأريد بالجماعة القذف المتعدد ، ولو جعلناه صفة مؤكدة للقوم شمل القذف المتحد والمتعدد ، فالعمل به يقتضي التفصيل فيهما ، ولا يقولون به وفي الباب أخبار أخر مختلفة غير معتبرة الإسناد.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

الحديث الثالث : مجهول والسند الثاني موثق.

باب في نحوه

الحديث الأول : مجهول.

وقال في القواعد : إذا لم يكمل شهود الزنا حدوا وكذا لو كملوا غير متصفين كالفساق ، ولو كانوا مستورين ولم يثبت عدالتهم ولا فسقهم فلا حد عليهم ، ولا يثبت

٣٢٢

على رجل بالزنى وقالوا الآن نأتي بالرابع قال يجلدون حد القاذف ثمانين جلدة كل رجل منهم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا أكون أول الشهود الأربعة على الزنى أخشى أن ينكل بعضهم فأجلد.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل شهد عليه ثلاثة أنه زنى بفلانة وشهد الرابع أنه لا يدري بمن زنى قال لا يجلد ولا يرجم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليه‌السلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنى فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام أين الرابع فقالوا الآن يجيء فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام حدوهم فليس في الحدود نظرة ساعة.

الزنا ويحتمل أن يجب الحد إن كان رد الشهادة لمعنى ظاهر كالعمى والفسق الظاهر لا لمعنى خفي كالفسق الخفي ، فإن غير الظاهر خفي عن الشهود فلم يقع منهم تفريط.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : موثق.

ويدل على أن مع ذكرهم لمن وقع عليها الزنا يلزم اتفاقهم فيها ، ولا يدل على أنه يجب التعرض لمن وقع عليها كما يفهم من كلام بعض الأصحاب ، وليس في الخبر حد الشهود ، وظاهر الأصحاب أنهم يحدون.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٣٢٣

( باب )

( الرجل يقذف امرأته وولده )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل قال لامرأته يا زانية أنا زنيت بك قال عليه حد واحد لقذفه إياها وأما قوله أنا زنيت بك فلا حد فيه إلا أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزنى عند الإمام.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها قال يضرب الحد ويخلى بينه وبينها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن محمد بن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحد وهي امرأته.

٤ ـ عنه ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قذف

باب الرجل يقذف امرأته وولده

الحديث الأول : صحيح.

ولو قال لامرأته : أنا زنيت بك قيل : لا يحد لاحتمال الإكراه ، والمشهور بين الأصحاب ثبوته ما لم يدع الإكراه ، ولا يمكن الاستدلال عليه بهذا الخبر للتصريح فيهبقوله « يا زانية » والشيخ في النهاية فرض المسألة موافقا للخبر ، وحكم بذلك ، وغفل من تأخر عنه عن ذلك ، وأسقطوا قوله « يا زانية » وقال في القواعد :

لو قال لامرأة : أنا زنيت بك حد لها على إشكال ، فإذا أقر أربعا حد للزناء أيضا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٢٤

الرجل امرأته ثم أكذب نفسه جلد الحد وكانت امرأته وإن لم يكذب على نفسه تلاعنا ويفرق بينهما.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ »(١) قال هو الذي يقذف امرأته فإذا قذفها ثم أقر بأنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه امرأته وإن أبى إلا أن يمضي فشهد عليها أربع «شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ » والخامسة يلعن فيها نفسه «إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ » وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم شهدت «أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ » وإن لم تفعل رجمت فإن فعلت درأت عن نفسها الحد ثم لا تحل له إلى يوم القيامة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أوقفه الإمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل وأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان قال يجلد حد القاذف ولا يفرق بينه وبين المرأة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل لاعن امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعد

ولا خلاف في اشتراط الدخول في اللعان بنفي الولد ، وأما اللعان بالقذف فاختلفوا فيه ، والأشهر الاشتراط كما يدل عليه ظواهر هذه الأخبار بل صريحها.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : حسن.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في جواز لعان الحامل إذا قذفها أو نفي ولدها قبل الوضع ، فذهب الأكثر إلى جوازه ، لعموم الآية(٢) وخبر الحلبي وإن

__________________

(١) سورة النور : ٦.

(٢) سورة النور : ٦.

٣٢٥

ما ولدت وزعم أنه منه قال يرد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفتري على امرأته قال يجلد ثم يخلى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول أشهد أنني رأيتك تفعلين كذا وكذا.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في الرجل يقذف امرأته يجلد ثم يخلى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول إنه قد رأى من يفجر بها بين رجليها.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قذف امرأته فتلاعنا ثم قذفها بعد ما تفرقا أيضا بالزنى أعليه حد قال نعم عليه حد.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار

نكلت أو اعترفت لم تحد إلى أن تضعقوله عليه‌السلام : « يرد إليه الولد » بأن يرثه الولد ، ولا يرث هو من الولد.

الحديث الثامن : صحيح.

ولا خلاف في اشتراط دعوى المعاينة في اللعان إذا قذف ، وأما إذا نفى الولد فلا.

الحديث التاسع : صحيح.

الحديث العاشر : موثق.

وقال في الشرائع(١) : إذا قذفها ولم يلاعن فحد ثم قذفها به ، قيل : لا حد ، وقيل : يحد تمسكا بحصول الموجب وهو الأشبه ، وكذا الخلاف فيما إذا تلاعنا ثم قذفها به ، وهنا سقوط الحد أظهر.

وقال في المسالك(٢) : الأقوى السقوط وموضع الخلاف ما إذا كان القذف الثاني لمتعلق الأول ، أما لو قذفها بزنية أخرى فلا إشكال في ثبوت الحد عليه ثانيا.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

__________________

(١) الشرايع ج ٣ ص ١٠١.

(٢) المسالك ج ٢ ص ١٢١ ذيل المسألة الأولى. باختلاف يسير.

٣٢٦

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قال لامرأته لم أجدك عذراء قال يضرب قلت فإنه عاد قال يضرب فإنه يوشك أن ينتهي.

قال يونس يضرب ضرب أدب ليس بضرب الحدود لئلا يؤذي امرأة مؤمنة بالتعريض.

١٢ ـ يونس ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قال لامرأته لم تأتني عذراء قال ليس عليه شيء لأن العذرة تذهب بغير جماع.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل قذف ابنه بالزنى قال لو قتله ما قتل به وإن قذفه لم يجلد له قلت فإن قذف أبوه أمه فقال إن قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا ولم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه وفرق بينهما ولم تحل له أبدا قال وإن كان قال لابنه وأمه حية يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جلد الحد لها ولم يفرق بينهما قال

وقال في المختلف : المشهور أن الرجل إذا قال لامرأته بعد ما دخل بها لم أجدك عذراء لم يكن عليه حد ، بل يعزر ، وقال ابن الجنيد : لو قال لها من غير حرد(١) ولأسباب لم أجدك عذراء لم يحد ، وهو يشعر به بأنه لو قال مع الحرد(٢) والسباب كان عليه الحد من حيث المفهوم ، وقال ابن أبي عقيل : ولو أن رجلا قال لامرأته لم أجدك عذراء جلد الحد ، ولم يكن في هذا وأشباهه لعان.

الحديث الثاني عشر : حسن.

الحديث الثالث عشر : مجهول ، ويدل ظاهرا على ما ذهب إليه الصدوق (ره) من أن اللعان لا يكون إلا بنفي الولد ، ويمكن حمله على ما إذا لم يدع المعاينة.

وقال في القواعد : لو قذف الأب ولده عزر ولم يحد ، وكذا لو قذف زوجته الميتة ولا وارث لها سواه ، ولو كان لها ولد من غيره كان له الحد كملا دون الولد الذي من صلبه.

__________________

(١) الحرد : الغضب. أقرب الموارد ج ١ ص ١٧٨.

(٢) كذا في النسخ والظاهر زيادة كلمة « به » من النسّاخ.

٣٢٧

وإن كان قال لابنه يا ابن الزانية وأمه ميتة ولم يكن لها من يأخذ بحقها منه إلا ولدها منه فإنه لا يقام عليه الحد لأن حق الحد قد صار لولده منها وإن كان لها ولد من غيره فهو وليها يجلد له وإن لم يكن لها ولد من غيره وكان لها قرابة يقومون بأخذ الحد جلد لهم.

١٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن ابن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قذف امرأته قبل أن يدخل بها ضرب الحد وهي امرأته.

( باب )

( صفة حد القاذف )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل يفتري كيف ينبغي للإمام أن يضربه قال جلد بين الجلدين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا ينزع شيء من ثياب القاذف إلا الرداء.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال يجلد المفتري ضربا بين الضربين يضرب جسده كله.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

باب صفة حد القاذف

الحديث الأول : موثق.

وقال في الشرائع : الحد ثمانون جلدة حرا كان أو عبدا ويجلد بثيابه ولا يجرد ، ويقتصر على الضرب المتوسط ولا يبلغ به الضرب في الزنا.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : موثق.

٣٢٨

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال المفتري يضرب بين الضربين يضرب جسده كله فوق ثيابه.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزاني أشد ضربا من شارب الخمر وشارب الخمر أشد ضربا من القاذف والقاذف أشد ضربا من التعزير.

( باب )

( ما يجب فيه الحد في الشراب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل شرب حسوة خمر قال يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له كيف كان يجلد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فقال كان يضرب بالنعال ويزيد كلما أتي بالشارب ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين أشار بذلك

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

باب ما يجب فيه الحد في الشراب

الحديث الأول : موثق.

وقال في النهاية(١) : « فيه ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام »الحسوة بالضم : الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة واحدة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله : « يزيدون » لعل المراد أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يزيد بسبب كثرة الشاربين

__________________

(١) النهاية ج ٢ ص ٣٨٧.

٣٢٩

عليعليه‌السلام على عمر فرضي بها.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول أقيم عبيد الله بن عمر وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يضرب فلم يتقدم عليه أحد يضربه حتى قام عليعليه‌السلام بنسعة مثنية فضربه بها أربعين.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن في كتاب عليعليه‌السلام يضرب شارب الخمر ثمانين وشارب النبيذ ثمانين.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له أرأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف كان يضرب في الخمر فقال كان

فكأنهم زادوه لأنهم صاروا سببا لذلك.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

وقال في النهاية :النسعة بالكسر : سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره انتهى.

ويظهر منه ومما سيأتي الاكتفاء بالأربعين إذا كان السوط ذا شعبتين أو مثنيا ولم يتعرض له الأصحاب ، ولعل هذا منشأ توهم جماعة من العامة حيث ذهبوا إلى الاكتفاء بالأربعين مطلقا ، ويمكن أن يكون إنما فعلهعليه‌السلام تقية فضرب بذي الشعبتين ليكون أقرب إلى الحكم الواقعي ، إذ لا خلاف بين الأصحاب في أن حد شرب الخمر ثمانون في الحر ، والمشهور في العبد أيضا ذلك ، وذهب الصدوق (ره) إلى أن حده أربعون.

الحديث الرابع : حسن.

ولا خلاف بيننا في عدم الفرق بين الخمر وسائر المسكرات في لزوم كمال الحد.

الحديث الخامس : حسن.

٣٣٠

يضرب بالنعال ويزيد إذا أتي بالشارب ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين أشار بذلك علي صلوات الله عليه على عمر.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعليعليه‌السلام اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر فأمر عليعليه‌السلام فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال إن علياعليه‌السلام كان يقول إن الرجل إذا شرب الخمر سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه حد المفتري.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال كان عليعليه‌السلام يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين الحر والعبد واليهودي والنصراني قلت وما شأن اليهودي والنصراني قال ليس لهم أن يظهروا شربه يكون ذلك في بيوتهم.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « وإذا سكر » هذا إما بيان لعلة الحكم واقعا أو إلزام على المخالفين كما يظهر من كتبهم حيث ذكروا أنهعليه‌السلام ألزمهم بذلك فقبلوا منه.

الحديث الثامن : موثق.

وقال في الشرائع : الحد ثمانون جلدة رجلا كان الشارب أو امرأة ، حرا كان أو عبدا ، وفي رواية يحد العبد أربعين ، وهي متروكة ، وأما الكافر فإن تظاهر به حد ، وإن استتر لم يحد ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتقى وجهه وفرجه ولا يقام عليه الحد حتى يفيق.

٣٣١

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ ثمانين فقلت ما بال اليهودي والنصراني فقال إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار لأنهم ليس لهم أن يظهروا شربها.

١٠ ـ يونس ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحد في الخمر إن شرب منها قليلا أو كثيرا قال ثم قال أتي عمر بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر وقامت عليه البينة فسأل علياعليه‌السلام فأمره أن يجلده ثمانين فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس علي حد أنا من أهل هذه الآية «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ

الحديث التاسع : صحيح.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

ولعل المراد أن الله قيد الحكم بالإيمان والأعمال الصالحة ، فمن شرب محرما لا يكون داخلا فيه ، فالمراد بعدم الجناح أنهم لا يحاسبون يوم القيامة على ما تصرفوا فيه من الحلال ، أو المراد أن ما أحل الله للعباد لا يحل حلا خالصا على غير الصلحاء والله يعلم.

وقال في مجمع البيان(١) لما نزل تحريم الخمر والميسر قالت الصحابة : يا رسول الله ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر؟

فأنزل الله هذه الآية وقيل : إنها نزلت في القوم الذين حرموا على أنفسهم اللحوم وسلكوا طريق الترهب كعثمان بن مظعون وغيره ، والمعنى «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ »(٢) أي إثم وحرج «فِيما طَعِمُوا » من الحلال وهذه اللفظة صالحة للأكل والشرب جميعا «إِذا مَا اتَّقَوْا » شربها بعد التحريم « وَآمَنُوا بالله وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » أي الطاعات.

__________________

(١) المجمع ج ٣ ص ٢٤٠.

(٢) سورة المائدة الآية ٩٣.

٣٣٢

فِيما طَعِمُوا » قال فقال عليعليه‌السلام لست من أهلها إن طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحله الله لهم ثم قال عليعليه‌السلام إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في كتاب عليعليه‌السلام يضرب شارب الخمر وشارب المسكر قلت كم قال حدهما واحد.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان عليعليه‌السلام يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر ثمانين.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحد.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال قال حد اليهودي والنصراني والمملوك في الخمر والفرية سواء وإنما صولح أهل الذمة أن يشربوها في بيوتهم قال وسألته عن السكران والزاني قال يجلدان بالسياط مجردين بين الكتفين فأما الحد في القذف فيجلد على ثيابه ضربا بين الضربين.

١٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر رفعه ، عن أبي مريم قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في

الحديث الحادي عشر : حسن.

الحديث الثاني عشر : حسن.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

الحديث الخامس عشر : ضعيف.

٣٣٣

شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين سوطا فقال له يا أمير المؤمنين فقد ضربتني في شرب الخمر وهذه العشرون ما هي فقال هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له أشربت خمرا قال نعم قال ولم وهي محرمة قال فقال له الرجل إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها ولو علمت أنها حرام اجتنبتها فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول في أمر هذا الرجل فقال عمر معضلة وليس لها إلا أبو الحسن قال فقال أبو بكر ادع لنا عليا فقال عمر يؤتى الحكم في بيته فقاما والرجل معهما ومن

وقال في التحرير : لو شرب المسكر في رمضان أو موضع شريف أقيم عليه الحد وأدب بعد ذلك بما يراه الإمام.

الحديث السادس عشر : حسن أو موثق.

وقال في النهاية :العضل : المنع والشدة يقال : أعضل في الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل ، ومنه حديث عمر « أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو الحسن » وروي معضلة أراد المسألة الصعبة أو الخطبة الضيقة المخارج من الإعضال والتعضيل ، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قوله « يؤتي الحكم » بالضم أو بالتحريك ، والأخير أظهر ، وهو مثل سائر.

قال الجوهري : الحكم بالتحريك : الحاكم ، وفي المثل في بيته يؤتي الحكم وقال الميداني في مجمع الأمثال وشارح اللباب وغيرهما : هذا مما زعمت العرب عن ألسن البهائم ، قالوا : إن الأرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا يختصمان إلى الضب ، فقالت الأرنب : يا أبا الحسن فقال : سميعا دعوت ، قالت : آتيناك لنختصم إليك ، قال : عادلا حكيما ، قالت : فأخرج إلينا قال : في بيته يؤتي الحكم قالت : وجدت تمرة قال : حلوة فكليها ، قالت : فاختلسها الثعلب قال : لنفسه

٣٣٤

حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبراه بقصة الرجل وقص الرجل قصته قال فقال ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم فخلى عنه وقال له إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد.

( باب )

( الأوقات التي يحد فيها من وجب عليه الحد )

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق قال حدثني بعض أصحابنا قال مررت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام بالمدينة في يوم بارد وإذا رجل يضرب بالسوط

بغى الخير قالت : فلطمته ، قال : بحقك أخذت قالت : فلطمني قال : حر انتصر ، قالت : فاقض بيننا ، قال : حدث حديثي امرأة فإن أبت فأربعة ، فذهبت أقواله كلها أمثالا انتهى ، وقال في الشرائع : من شرب الخمر مستحلا استتيب فإن تاب أقيم الحد عليه وإن امتنع قتل ، وقيل : يكون حكمه حكم المرتد وهو قوي ، أما سائر المسكرات فلا يقتل مستحلا لتحقق الخلاف بين المسلمين فيها ، ويقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما ، وقال في المسالك : القول باستتابته للشيخين وأتباعهما من غير نظر إلى الفطري وغيره ، نظرا إلى إمكان عروض شبهة : والأصح ما اختاره المصنف والمتأخرون ومنهم ابن إدريس من كونه مرتدا ، فينقسم إلى الفطري والملي كغيره من المرتدين ، لأن تحريم الخمر مما قد علم ضرورة من دين الإسلام ، هذا إذا لم يمكن الشبهة في حقه لقرب عهده بالإسلام ونحوه ، وإلا اتجه قول الشيخين : هذا حكم الخمر ، وأما غيرها من المسكرات والأشربة كالفقاع فلا يقتل مستحلها مطلقا ، ولا فرق بين كون الشارب لها ممن يعتقد إباحتها كالحنفي وغيره فيحد عليها ولا يكفر.

باب الأوقات التي يحد فيها من وجب عليه الحد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

٣٣٥

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام سبحان الله في مثل هذا الوقت يضرب قلت له وللضرب حد قال نعم إذا كان في البرد ضرب في حر النهار وإذا كان في الحر ضرب في برد النهار.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن عطية ، عن هشام بن أحمر ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال كان جالسا في المسجد وأنا معه فسمع صوت رجل يضرب صلاة الغداة في يوم شديد البرد قال فقال ما هذا فقالوا رجل يضرب فقال سبحان الله في مثل هذه الساعة إنه لا يضرب أحد في شيء من الحدود في الشتاء إلا في آخر ساعة من النهار ولا في الصيف إلا في أبرد ما يكون من النهار.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن مرداس ، عن سعدان بن مسلم ، عن بعض أصحابنا قال خرج أبو الحسنعليه‌السلام في بعض حوائجه فمر برجل يحد في الشتاء فقال سبحان الله ما ينبغي هذا فقلت ولهذا حد قال نعم ينبغي لمن يحد في الشتاء أن يحد في حر النهار ولمن حد في الصيف أن يحد في برد النهار.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يقام على أحد حد بأرض العدو.

وقال في المسالك : لا يقام الحد في الحر والبرد المفرطين خشية الهلاك : بتعاون الجلد والهواء ، ولكن يؤخر إلى اعتدال الهواء وذلك وسط نهار الشتاء ، وطرفي نهار الصيف ، ونحو ذلك مما يراعى فيه السلامة ، وظاهر النص والفتوى أن الحكم على وجه الوجوب لا الاستحباب فلو أقامه لا كذلك ضمن لتفريطه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

وقال في المسالك : يكره إقامة الحد في أرض العدو وهم الكفار ، مخافة أن بلحق المحدود الحمية فيلحق بهم ، روى ذلك إسحاق ، والعلة مخصوصة بحد

٣٣٦

( باب )

( أن شارب الخمر يقتل في الثالثة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن المعلى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتي بشارب الخمر ضربه ثم إن أتي به ثانية ضربه ثم إن أتي به ثالثة ضرب عنقه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد الثالثة فاقتلوه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد وابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في شارب الخمر إذا شرب ضرب فإن عاد ضرب

لا يوجب القتل.

باب أن شارب الخمر يقتل في الثالثة

الحديث الأول : صحيح على الظاهر.

والمشهور بين الأصحاب أن الشارب يقتل في الثالثة ، وقال الشيخ في المبسوط والخلاف ، والصدوق في المقنع : يقتل في الرابعة ، ولا يخفى ما فيه من ترك الأخبار الصحيحة الصريحة بلا معارض يصلح لذلك والله يعلم.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٣٧

فإن عاد قتل في الثالثة قال جميل وروى بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة قال ابن أبي عمير كان المعنى أن يقتل في الثالثة ومن كان إنما يؤتى به يقتل في الرابعة.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه.

٦ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن يونس ، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحدود مرتين قتلوا في الثالثة.

( باب )

( ما يجب على من أقر على نفسه بحد ومن لا يجب عليه الحد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل أقر على نفسه بحد ولم يسم أي حد هو قال أمر أن يجلد حتى يكون

قوله : « إنما يؤتى به » لعل المعنى إن لم يؤت به إلى الإمام في الثالثة وأتى به في الرابعة أو فر في الثالثة فأتى به في الرابعة يقتل في الرابعة ،فقوله : « في الرابعة » يتعلق بيوتي به ويقتل على التنازع.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : صحيح.

باب ما يجب على من أقر على نفسه بحد ومن لا يجب عليه الحد

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وقال في الشرائع : لو أقر بحد لم يبينه لم يكلف البيان وضرب حتى ينهى عن نفسه ، وقيل : لا يتجاوز به المائة ولا ينقص عن ثمانين ، وربما كان صوابا في طرف الزيادة ، ولكن ليس بصواب في طرف النقصان ، لجواز أن يريد بالحد التعزير.

٣٣٨

هو الذي ينهى عن نفسه [ في ] الحد.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل أقر على نفسه بالزنى أربع مرات وهو محصن يرجم إلى أن يموت أو يكذب نفسه قبل أن يرجم فيقول لم أفعل فإن قال ذلك ترك ولم يرجم وقال لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فإن رجع ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن شهود وقال لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنى إذا لم يكن شهود فإن رجع ترك ولم يرجم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أقر الرجل على نفسه بحد أو فرية ثم جحد جلد قلت

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « حتى يقر بالسرقة » هذا هو المشهور ، وذهب الصدوق إلى ثبوت الحد في السرقة بالإقرار مرة ، وتبعه بعض المتأخرين ،قوله عليه‌السلام : « فإن رجع » أي بعد الإقرار مرة وعليه الفتوى.

الحديث الثالث : حسن.

وهذا الخبر وما يوافقه من الأخبار الآتية محمولة على أنه جحد بعد الإقرار فإنه يسقط به الرجم دون غيره من الحدود ، ويكون الحد المذكور في بعض الأخبار محمولا على التعزير ، إذ ظاهر كلامهم أنه مع سقوط الرجم لا يثبت الجلد تاما ، والله يعلم.

وقال في الشرائع : لو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط الرجم ، ولو أقر بحد سوى الرجم لم يسقط بالإنكار ، ولو أقر بحد ثم تاب كان الإمام مخيرا في إقامته رجما كان أو حدا.

وقال في المسالك : تخير الإمامعليه‌السلام : بعد توبة المقر مطلقا هو المشهور وقيده

٣٣٩

أرأيت إن أقر بحد على نفسه يبلغ فيه الرجم أكنت ترجمه قال لا ولكن كنت ضاربه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أقر على نفسه بحد ثم جحد بعد فقال إذا أقر على نفسه عند الإمام أنه سرق ثم جحد قطعت يده وإن رغم أنفه فإن أقر على نفسه أنه شرب خمرا أو بفرية فاجلدوه ثمانين جلدة قلت فإن أقر على نفسه بحد يجب فيه الرجم أكنت راجمه قال لا ولكن كنت ضاربه الحد.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أقر على نفسه بحد أقمته عليه إلا الرجم فإنه إذا أقر على نفسه ثم جحد لم يرجم.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهماعليهما‌السلام أنه قال إذا أقر الرجل على نفسه بالقتل قتل إذا لم يكن عليه شهود فإن رجع وقال لم أفعل ترك ولم يقتل.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس

ابن إدريس بكون الحد رجما ، والمعتمد المشهور.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وقال في الشرائع : يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته ، ويتحتم لو تاب بعد البينة ، ولو تاب بعد الإقرار قيل : يتحتم القطع ، وقيل : يتخير الإمام في الإقامة والعفو على رواية فيها ضعف ، وقال في المسالك : الأصح تحتم الحد كالبينة.

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مرسل.

ولعل المراد ما يوجب القتل من الحدود.

الحديث السابع : صحيح.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809

810

811

812

813

814

815

816

817

818

819

820

821

822

823

824

825

826

827

828

829

830

831

832

833

834

835

836

837

838

839

840

841

842

843

844

845

846

847

848

849

850

851

852

853

854

855

856

857

858

859

860

861

862

863

864

865

866

867

868

869

870

871

872

873

874

875

876

877

878

879

880

881

882

883

884

885

886

887

888

889

890

891

892

893

894

895

896

897

898

899

900

901

902

903

904

905

906

907

908

909

910

911

912

913

914

915

916

917

918

919

920

921

922

923

924

925

926

927

928

929

930

931

932

933

934

935

936

937

938

939

940

941

942

943

944

945

946

947

948

949

950

951

952

953

954

955

956

957

958

959

960

961

962

963

964

965

966

967

968

969

970

971

972

973

974

975

976

977

978

979

980

وفي الخبر المرويّ عن أهل البيتعليهم‌السلام [أنّ الإمام عليعليه‌السلام في الليلة التي ضرب فيا بسيف ابن ملجم لعنه الله ، كان ضيفا عند ابنته زينب الكبرىعليها‌السلام فقدّمت له الفطور في طبق فيه قرصان من خبز الشعير ، وقصعة فيها اللبن حامض ، وقليل من الملح ، فلما نظر الإمام إلى فطوره عاتب ابنته قائلا : بنيّة! متى رأيت أباك يجلس على مائدة فيها إدامان؟ ارفعي اللّبن فإنّ في الملح كفاية ، ثم أكل قرصا واحدا مع الملح وحمد الله تعالى. ثم قال : في حلال الدنيا حساب وفي حرامها عذاب وعقاب(١) .

زهده في ملبسه

لقد وصف المحدّثون والمؤرخون ملبوس الإمام عليّعليه‌السلام فقالوا : كان كرباسا خشنا غليظا ورخيصا ، بعض قدّره بثلاث دراهم ، وبعض

__________________

(١) جاء في كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة ، كما في نهج البلاغة : «.. وإنّما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر ، وتثبت على جوانب المزلق ، ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القزّ ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي ، ويقودني جشعي إلى تخيّر الأطعمة ، ولعلّ بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع ، أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرّى ، أو أكون كما قال القائل :

وحسبك عارا أن تبيت ببطنة

وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ

أأقنع من نفسي بأن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر ، أو اكون أسوة لهم في جشوبة العيش.». الخ.

«المترجم»

٩٨١

بخمسة دراهم ، وكان لباسه مرقّعا تارة بجلد وتارة بالليف ، ونقل سبط ابن الجوزي في التذكرة / الباب الخامس ، عن الزمخشري أنّه روى في كتابه ربيع الأبرار ، عن أبي النّوار أنّه قال [والله لقد رقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ولقد قيل لي ألا تستبدلها فقلت للقائل : ويحك أعزب! فعند الصباح يحمد القوم السرى.]

ونقل أكثر أصحاب السيرة والتاريخ من أعلامكم ، منهم محمد ابن طلحة في كتابه مطالب السئول / الفصل السابع / قال [ومنها ـ أي من قضايا زهدهعليه‌السلام ـ أنّه خرج إلى الناس وعليه إزار مرقوع ، فعوتب في لبسه. فقال : يخشع القلب بلبسه ، ويقتدي به المؤمن إذا رآه عليّ(١) ] قال [وقد اشترى يوما ثوبين غليظين فخيّر بشر ـ وهو خادمه ـ فيهما فأخذ واحدا ولبس هو واحد.]

نعم هكذا عاش سلام الله عليه ، يأكل الخبز الشعير اليابس ويؤكل الفقراء واليتامى البرّ بالعسل والتمر بالزيت ، وكان يلبس الخشن ، ويلبس الأرامل واليتامى والمعوزين ملابس فاخرة ، أثمن مما كان يلبس هوعليه‌السلام . وكان يقول «يجب على أئمة الحق أن يتأسّوا بأضعف رعيتهم في الأكل والملبس».

ضرار بن ضمرة يصف علياعليه‌السلام

نقل المحدّثون من أعلامكم كابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ، والحافظ أبي نعيم في حلية الأولياء ج ١ / ٨٤ ، والعلامة الشبراوي في الإتحاف بحبّ الأشراف : ٨ ، ومحمد بن طلحة في

__________________

(١) رواه أيضا العلاّمة سبط ابن الجوزي في التذكرة / الباب الخامس. «المترجم»

٩٨٢

مطالب السّئول / الفصل السابع ، والعلاّمة نور الدين بن صبّاغ المالكي في الفصول المهمّة ١٢٨ ، والقندوزي في الينابيع : باب ٥١ ، وسبط ابن الجوزي في التذكرة / الباب الخامس آخر الباب ، وغير هؤلاء من علمائكم والخبر مشهور عن ضرار بن ضمرة الضبائي قال في مجلس معاوية [اشهد بالله لقد رأيت علي بن أبي طالب في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، قابضا على لحيته ، يتململ تململ السّليم ، ويبكي بكاء الحزين ويقول : يا دنيا غرّي غيري ، أبي تعرّضت؟ أم إليّ تشوّقت؟ هيهات هيهات ، طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعمرك قصير وخطرك كبير وعيشك حقير ، آه من قلّة الزاد وبعد السّفر ووحشة الطريق.] فبكى معاوية وقال : رحم الله أبا الحسن لقد كان والله كذلك(١) .

__________________

(١) أرى أن انقل للقارىء الكريم خبر ضرار بن ضمرة بكامله لما فيه من فوائد جمّة ، أنقله من كتاب تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، قال في آخر الباب الخامس ، بإسناده إلى جدّه أبي الفرج بن الجوزي وهو بإسناده المتّصل عن محمد بن السّائب الكلبي عن أبي صالح قال [دخل ضرار بن ضمرة على معاوية فقال له : يا ضرار! صف لي عليا! فقال : أو تعفني؟ قال : لا أعفيك قالها مرارا.

فقال ضرار : أما إذ لا بدّ ، فكان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجّر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير الدمعة كثير الفكرة ، يقلّب كفّه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما خشن ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ، ويأتينا إذا دعوناه ، ونحن والله مع قربه منّا ودنوّه إلينا لا نكلّمه هيبة له ، ولا نبتديه لعظمه ، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظّم أهل الدين ، ويحبّ المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ،

٩٨٣

بالله عليكم أنصفوا! من من الزعماء والرؤساء والملوك والأمراء ، هكذا عامل الدنيا وزهرتها وتغاضى عن زينتها وزخرفها؟!

الزهد عطيّة الله تعالى لعليّعليه‌السلام

روى كثير من علمائكم المحدّثين ، منهم العلاّمة محمد بن يوسف القرشي الكنجي الشافعي في كتابه كفاية الطالب / باب ٤٦ / بإسناده الى عمار بن ياسر قال : سمعت رسول الله (ص) يقول لعليّ بن أبي طالب «إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحبّ إلى الله منها ، الزهد في الدنيا ، وجعلك لا تنال من الدنيا شيئا ولا تنال الدنيا منك شيئا ، ووهب لك حبّ المساكين فرضوا بك إماما ورضيت بهم أتباعا ، فطوبى لمن أحبّك وصدّق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذّب عليك ، فأمّا الذين أحبّوك وصدّقوا فيك ، جيرانك في دارك ورفقاؤك في قصرك ، وأمّا الذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق على الله أن يوقفهم موقف الكذّابين يوم القيامة(١) ». «ثم قال : هذا حديث حسن».

__________________

ولا يبأس الضعيف من عدله ، فاشهد بالله

ولمّا انتهى من كلامه ، بكى معاوية وقال : رحم الله أبا حسن فقد كان والله كذلك ، ثم قال : فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال : حزن من ذبح ولدها في حجرها ، فلا ترقأ عبرتها ولا يسكن حزنها.]

«المترجم»

(١) قال محمد بن طلحة العدوي النصيبي في كتابه مطالب السئول / الفصل السابع :[وأما زهده فقد شهد له بذلك رسول الله (ص) ، وأخبر أنّ الله تعالى حلاّه من

٩٨٤

عليعليه‌السلام امام المتقين

امّا في التقوى فهو سيد المتقين والممتاز باعلا درجات اليقين والانسان كلما ازداد يقينا ازداد تقوى ، وهو الذي اشتهر عنه الخبر كما نقله كثير من أعلام محدّثيكم وكبار علماءكم منهم محمد بن طلحة العدوي النصيبي في كتابه مطالب السئول / الفصل السابع قال [وقد

__________________

الزهد بحليته ، وحباه بزينة بزّته ، وكساه بزّة زينته فقال (ص) ما رواه الحافظ أبو نعيم (رض) بسنده في حليته «يا علي! إنّ الله تعالى قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحبّ إلى الله منها هي زينة الأبرار عند الله ، الزهد في الدنيا ، فجعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا ولا ترزأ الدنيا منك شيئا».

ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٩ / ١٦٦ ، ضمن الأحاديث الواردة في فضائل علي عليه‌السلام قال [الخبر الأول : يا عليّ ، إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحبّ إليه منها ، هي زينة الأبرار عند الله تعالى ، الزهد في الدنيا ، جعلك لا ترزأ من الدنيا شيئا ولا ترزأ الدنيا منك شيئا ، ووهب لك حب المساكين ، فجعلك ترضى بهم أتباعا ، ويرضون بك إماما.] قال : رواه أبو نعيم الحافظ في كتابه المعروف بحلية المتقين ، قال : وزاد فيه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في المسند : [فطوبى لمن أحبّك وصدّق فيك ، وويل لمن أبغضك وكذّب فيك.]

ورواه جلّ أعلام العامّة الذين كتبوا في المناقب والفضائل منهم ابن المغازلي في المناقب : ح رقم ١٤٨ ، والمحب الطبري في الذخائر : ١٠٠ وفي الرياض : ج ٢ / ٢٢٨ ، والحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ج ٩ / ١٢١ و ١٣٢ وقال رواه الطبراني ، والمتقي في كنز العمال : ج ٥ ص ٣٥ وفي أسد الغابة : ج ٤ / ٢٣ وغيرهم أيضا.

«المترجم»

٩٨٥

كان عليعليه‌السلام منطويا على يقين لا غاية لمداه ولا نهاية لمنتهاه وقد صرّح بذلك تصريحا مبينا فقالعليه‌السلام «لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا». فكانت عبادته الى الغاية القصوى تبعا ليقينه وطاعته في الذروة العليا لمتانة دينه.

ولقد لقّبه الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإمام المتقين ، كما روى ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ٩ / ١٧٠ ، الخبر الحادي عشر من الأحاديث التي ذكرها في فضائل الامام عليعليه‌السلام . ورواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء والعلاّمة الهمداني في كتابه مودّة القربى والعلاّمة محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / باب ٥٤ عن أنس بن مالك قال : قال لي رسول الله (ص) «يا أنس أسكب لي وضوء ، فتوضّأ ثم قام وصلّى ركعتين ثم قال (ص) : يا أنس أوّل من يدخل عليك من هذا الباب هو أمير المؤمنين وإمام المتقين وسيد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين وخاتم الوصيين». قد وردت الرواية بألفاظ مختلفة وانا انقلها كما يخطر ببالي.

قال أنس : قلت : اللهم اجعله رجلا من الأنصار وكتمته ، إذ جاء علي فقال (ص) «من هذا يا أنس؟ قلت : علي بن أبي طالب. فقام النبي (ص) مستبشرا فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ويمسح عرق عليّ بوجهه ، قال عليّ : يا رسول الله لقد رأيتك صنعت بي شيئا ما صنعت بي قبل. قال : وما يمنعني وأنت تؤدّي عني وتسمعهم صوتي وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه بعدي».

وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قالعليه‌السلام «مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين». رواه عن الحافظ أبي نعيم في الحلية.

٩٨٦

وقال محمد بن طلحة في كتابه مطالب السئول / آخر الفصل الرابع / أمّا حصول صفة التقوى له فقد أثبتها رسول الله (ص) بأبلغ الطرق وأعلاها فأنه قال له يوما : «مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين». ثم قال : إذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدّما عليهم بزيادة تقواه.

وروى الحاكم في المستدرك : ج ٣ / ١٣٨ ، والشيخان مسلم والبخاري في صحيحيهما عن النبي (ص) قال «أوحي إليّ في علي أنّه سيّد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين(١) ».

وروى العلاّمة الكنجي في كفاية الطالب / باب ٤٥ بسنده عن عبد الله بن أسعد بن زرارة قال : قال رسول الله (ص) «لمّا أسري بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ فراشه من ذهب يتلألأ ، فأوحى إليّ وأمرني في عليّ بثلاث خصال : بأنّه سيد المسلمين ، وإمام المتّقين وقائد الغر المحجّلين(٢) ».

وروى أحمد في المسند أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوما خاطب عليا

__________________

(١) ورد في كثير من الكتب عن كبار علمائهم ، منهم : الخطيب البغدادي في تاريخه : ج ٤ / ٤١ بطرق شتى عن أبي الأزهر ثم قال : ورواه محمد بن حمدون النيسابوري ، وأخرجه الذهبي أيضا في ميزان الاعتدال : ج ٢ / ٦١٣ و ١٢٨ في «ط» ، وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب : ج ١ / ١٢ ، والجزري في أسد الغابة : ج ١ / ٦٩ وج ٣ / ١١٦ ، والموفّق الخوارزمي في المناقب / ٢٢٩ ، والهيثمي في المجمع : ج ٩ / ١٢١ وقال : رواه الطبراني في الكبير ، وأخرجه أيضا المحبّ الطبري في ذخائر العقبى / ٧٠ ، والمتقي في منتخب الكنز : ج ٥ / ٣٤ وقال :أخرجه ابن النجار. ورواهما جمع آخر.

«المترجم»

(٢) ورد في كثير من الكتب عن كبار علمائهم ، منهم : الخطيب البغدادي في تاريخه : ج ٤ / ٤١ بطرق شتى عن أبي الأزهر ثم قال : ورواه محمد بن حمدون النيسابوري ، وأخرجه الذهبي أيضا في ميزان الاعتدال : ج ٢ / ٦١٣ و ١٢٨ في «ط» ، وابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب : ج ١ / ١٢ ، والجزري في أسد الغابة : ج ١ / ٦٩ وج ٣ / ١١٦ ، والموفّق الخوارزمي في المناقب / ٢٢٩ ، والهيثمي في المجمع : ج ٩ / ١٢١ وقال : رواه الطبراني في الكبير ، وأخرجه أيضا المحبّ الطبري في ذخائر العقبى / ٧٠ ، والمتقي في منتخب الكنز : ج ٥ / ٣٤ وقال :أخرجه ابن النجار. ورواهما جمع آخر.

«المترجم»

٩٨٧

فقال : «يا عليّ! النظر إلى وجهك عبادة ، إنّك إمام المتّقين وسيّد المؤمنين ، من أحبّك فقد أحبّني ومن أحبّني فقد أحبّ الله ، ومن أبغضك فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله».

من الواضح أنّه إذا وصف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحدا واعطاه اللّقب فانّ مدحه للشخص يفرق عن سائر الناس ، فربما وصف الناس ملكا وسلطانا بما لا يليق به فيغالون في الوصف والمدح ، كمدح كثير من المؤرخين لكثير من الوزراء والأمراء والسلاطين. ولكنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزّه من التملّق والمغالاة في مدح الأشخاص ، ولا يقول إلاّ حقا ، ولا يصف إلاّ واقعا ، بل في مثل هذه القضايا فهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى ) (١) .

ولا سيما في هذا الأمر ، إذ يؤكّد فيقول «ليلة أسري بي إلى السماء أوحي إليّ وأمرني في عليّ بثلاث خصال : بأنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين». فهذه خصائص عظيمة ومقامات كريمة خصّ الله تعالى بها وليّه عليّ بن أبي طالب على لسان خاتم أنبيائه وسيّد رسله ، وبعد وصف ربّ العالمين وبيانه المبين لأمير المؤمنين سلام الله عليه لا يسع المسلمين إلا الخضوع أمامه والخشوع له والتسليم لأمره.

الشيخ عبد السلام : كلّما قلته من مناقب وفضائل سيدنا عليّ كرم الله وجهه فهو قليل من كثير ونحن نعرف أكثر مما قلتم حتى أنّ معاوية (رض) قال فيه [عقمت النساء أن يلدن مثل علي بن أبي طالب.]

قلت : فكما أنّهعليه‌السلام قد امتاز بنسبه ونورانية خلقته من حيث

__________________

(١) سورة النجم ، الآية ٣ و ٤.

٩٨٨

الورع والتقوى ، فهو مقدّم على الجميع من هذه الجهة أيضا.

وقد قال الله الحكيم في كتابه الكريم :( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (١) .

فإذا كان أهل التقوى أكرم العباد عند الله تبارك وتعالى ، فما بالكم بإمام المتقين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟

وهنا قد خطر شيء في بالى وهو السؤال التالي : هل يحتمل في إمام المتقين أن يتّبع الهوى ويعصي ربّه لأجل الدنيا؟

الشيخ عبد السلام : لا يحتمل ذلك في سيدنا عليّ كرم الله وجهه ، كيف وهو الذي طلّق الدنيا ثلاثا ، كما ذكرتم فيما نقلتم من ضرار بن ضمرة! فمقام سيدنا عليّ كرم الله وجهه أجلّ من أن ينسب إليه ذلك.

قلت : فعلى ذلك كانت أعمال الإمام عليّعليه‌السلام من حركاته وسكناته وقيامه وقعوده وتكلّمه وسكوته وموافقته ومخالفته وحربه وسلمه ، كلّها لله تعالى وإحقاقا للحق.

الشيخ عبد السلام : نعم هكذا كان سيدنا عليّ كرّم الله وجهه.

فاقضوا أيها المنصفون!!

قلت : إذا كان كذلك ، يجب أن تفكروا في عدم مبايعة الإمام عليّعليه‌السلام لأبي بكر في أوّل الأمر ، بل اعترض على خلافته اعتراضا شديدا.

والمفروض أنّ المتقي ولا سيما إمام المتّقين ، لا يترك الحق ولا يعارضه ، وحديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي نقلته لكم في بعض الليالي

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية ١٣.

٩٨٩

الماضية إذ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «علي مع الحق والحقّ مع عليّ حيثما دار».

فإذا كانت خلافة أبي بكر حقا! فلما ذا وكيف لا يبايعه الامام عليعليه‌السلام ؟

بل عارضه بشدّة ، حتى انتهى الأمر إلى اقتحام دار فاطمة وعليّ ، وآل الهجوم إلى قتل الجنين ـ محسن ـ ووفاة السيدة فاطمةعليها‌السلام و...

[وقد ذكرنا ذلك بالتفصيل في الليلة الماضية ، مع ذكر المصادر من كتبكم] وإذا كانت خلافة أبي بكر باطلا وخلافا ، فلما ذا أنتم تتمسكون بالباطل إلى يومنا هذا؟

الشيخ عبد السلام : إنّي أتعجب من كلام الشيعة حيث يقولون : سيدنا علي كرم الله وجهه لم يبايع أبا بكر (رض) ، فقد ذكر المؤرّخون كلهم حتى مؤرخيكم : بأن سيدنا علي (كرم الله وجهه) بايع أبا بكر بعد وفاة فاطمة الزهراء ، ولم يخالف الإجماع.

قلت : العجب في كلامك هذا ، وكأنّك نسيت حديثنا وحوارنا في الليالي الماضية ، حيث أثبتنا أنهعليه‌السلام أجبر وأكره على البيعة ، فعدم رغبته وعدم مطاوعته في بيعة أبي بكر دليل على بطلان خلافته ، ثم أنت تعترف بأنهعليه‌السلام ما بايع إلاّ بعد وفاة الزهراء سيّدة النساءعليها‌السلام ، وصرّح أعلامكم كالبخاري ومسلم وغيرهما أنّ وفاتها كانت بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بستة أشهر ، فهل في هذه المدة كان عليّعليه‌السلام تاركا للحق وسالكا غير سبيل المتقين؟!

الشيخ عبد السلام : لقد كان سيدنا علي كرم الله وجهه أعرف من غيره بتكليفه ولا يجوز لنا أن نتدخّل في خلافات الصحابة ونجدّد قضايا مرّت عليها الدهور والقرون!!

٩٩٠

قلت : إنّ هذا الكلام انهزام من الواقع والحق وليس بجواب مرضيّ في الحوار ، لأن تلك الخلافات تمسّنا أيضا. إذ يجب على كلّ مسلم بل كل إنسان أن يبحث عن الحقائق ، ويلتزم بالحق ، ويعتنقه ، ويصدّق الواقع المعلوم ، ويبتعد عن الكذب والموهوم.

الشيخ عبد السلام : إذا أردت بهذا الاستدلال والبرهان أن تبيّن أنّ أبا بكر (رض) كان باطلا وخلافته كانت غير مشروعة ومناقضة لدين الله! فلما ذا سكت وسكن الإمام علي كرم الله وجهه! بل كان عليه أن ينهض ويثور على الخليفة وأنصاره ، ويسترجع حقّه ويبطل الباطل ، وهو ذلك الشجاع الذي لا تأخذه في الله لومة لائم.

سكوت بعض الأنبياء واعتزالهم عن أممهم

قلت : نحن نعتقد بأنّ الأنبياء والأوصياء يعملون في المجتمع ويتعاملون مع أممهم على أساس الأوامر التي يتلقونها من الله عزّ وجلّ ، لذلك لا نعترض عليهم ولا ننتقد أعمالهم بأنهم لما ذا سكتوا أو لما ذا لم يقاتلوا أو لما ذا تكلموا؟!

واذا راجعنا تاريخ الأنبياء ، نجد كثيرا منهم كانوا مغلوبين مقهورين أو مهجورين ومنعزلين ، فهذا القرآن الحكيم يحدثنا عن نوح وهو من أولي العزم وشيخ الأنبياء :( فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ) (١) .

ويحدثنا عن اعتزال ابراهيم الخليل لقومه قائلا :

__________________

(١) سورة القمر ، الآية ١٠.

٩٩١

( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ وَأَدْعُوا رَبِّي ) (١) .

الشيخ عبد السلام : أظن أنّهعليه‌السلام اعتزل عنهم قلبا لا جسما.

[فهو وإن كان مخالفا لهم قلبا ، ولكنه كان يعيش بينهم ويشاركهم].

قلت : ولكن لو راجعت التفاسير لوجدت أنّ أكثر المفسرين قالوا : بأنّهعليه‌السلام فارقهم بجسمه أيضا وابتعد عنهم ، فالفخر الرازي في تفسيره الكبير : ج ٥ / ٨٠٩ قال [الاعتزال للشيء هو التباعد عنه ، والمراد إنّي أفارقكم في المكان وأفارقكم في طريقتكم.]

وذكر أرباب السير والتاريخ أنّ إبراهيم هاجر من بابل ، وسكن الجبال مدّة سبعة أعوام ، ثم رجع إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، وأن يتركوا عبادة الأصنام ، ثم جرى ما جرى حتى ألقوه في النار ، فجعلها الله سبحانه عليه بردا وسلاما.

ويحدّثنا القرآن الحكيم عن فرار موسى بن عمران وخروجه من بلده خائفا ، فيقول :( فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٢) .

ويحدثنا الله تعالى في كتابه عن مخالفة قوم موسى لأخيه وخليفته هارون ، وأنّهم عبدوا العجل الذي صنعه السامريّ ، فلما عاد إليهم موسى ورأى انقلابهم وكفرهم وسكوت هارون على أفعالهم المخالفة للدين وللشريعة الإلهية ، عاتبه على ذلك ، كما نفهم من قول الله سبحانه :( وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ، قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ

__________________

(١) سورة مريم ، الآية ٤٨.

(٢) سورة القصص ، الآية ٢١.

٩٩٢

اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ ) (١) .

تشابه أمر عليّعليه‌السلام بهارون

فكما أنّ هارون كان خليفة أخيه موسى بن عمران في قومه ، ولكنهم لم يأخذوا بقوله وخالفوه وتوجّهوا إلى العجل الذي صنعه السامريّ لهم فعبدوه ، ولما منعهم هارون من ذلك ، وقال لهم [هذا شرك وكفر بالله ، عزّ وجلّ] هاجموه وكادوا يقتلونه ، ولمّا لم يجد أعوانا وأنصارا سكن وسكت وتركهم في غيّهم وطغيانهم يعمهون.

كذلك أمير المؤمنين وسيد الوصيين عليعليه‌السلام ـ الذي شبّهه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهارون في حديث المنزلة وقد ذكرناه في الليالي السالفة مع المصادر الموثوقة والمعتبرة عندكم ـ لمّا رأى القوم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انقلبوا على أعقابهم وتركوا الحق وخالفوا أمر ربهم فوعظهم وأرشدهم ، ولكنهم هاجموه وكادوا يقتلونه ، فسكت وسكن وتحمّل وصبر.

وذكر كبار علمائكم : أنّ عمر وأصحابه لمّا جاءوا بعليّعليه‌السلام إلى المسجد ، وطلبوا منه البيعة ، وهدّدوه بالقتل إن لم يبايع ، نظر إلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأشار إليه مخاطبا : يا( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢) .

__________________

(١) سورة الأعراف ، الآية ١٥٠.

(٢) ذكر ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم المتوفى سنة ٢٧٠ من أكبر علماء السنة وأشهر أعلامهم ، قال في كتابه الامامة والسياسة تحت عنوان : كيف كانت بيعة

٩٩٣

__________________

علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه قال [وإنّ أبا بكر (رض) تفقّد قوما تخلّفوا عن بيعته عند عليّ كرم الله وجهه ، فبعث إليهم عمر فجاء فناداهم وهم في دار عليّ فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها على من فيها. فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، فقال : وإن.

فخرجوا فبايعوا إلاّ عليّا فإنّه زعم أنّه قال : حلفت أن لا أخرج ، ولا أضع ثوبي على عاتقي حتى أجمع القرآن. فوقفت فاطمة (رض) على بابها فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول الله (ص) جنازة بين أيدينا قطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ولم تردّوا لنا حقا. فأتى عمر أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة! فقال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له : اذهب فادع لي عليّا. قال : فذهب إلى عليّ فقال له : ما حاجتك؟ فقال : يدعوك خليفة رسول الله. فقال علي : لسريع ما كذّبتم على رسول الله (ص). فرجع فأبلغ الرسالة.

قال : فبكى أبو بكر طويلا. فقال عمر ثانية : أن لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة.

فقال أبو بكر (رض) لقنفذ : عد إليه فقل له : أمير المؤمنين يدعوك لتبايع. فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به. فرفع عليّ صوته فقال : سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له.

فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة. فبكى أبو بكر طويلا. ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقّوا الباب ، فلمّا سمعت أصواتهم ، نادت بأعلى صوتها : يا أبت يا رسول الله! ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب وابن أبي قحافة؟!

فلمّا سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تنصدع وأكبادهم تنفطر ، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليا. فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع. فقال : إن أنا لم أفعل فمه؟

قالوا : إذا والله الذي لا إله إلاّ هو نضرب عنقك. قال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله. قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا. وأبو بكر ساكت

٩٩٤

ثم إنّ سيرة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خير دليل لنا ، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتم رسالته في مكة عشر سنين ثم أعلنها ثلاث سنين لا يطالب أهلها إلاّ بكلمة التوحيد ، هاتفا : قولوا لا إله إلاّ الله تفلحوا ، وسكت عن سائر عاداتهم الجاهليّة ، ومع ذلك هجموا عليه إلى الدار وأرادوا قتله ، ففرّ منهم مهاجرا إلى يثرب ، لأنّه لم يكن له أنصار في مكة يتمكنون من حمايته والذّبّ عنه. وقد قيل :

الفرار مما لا يطاق من سنن المرسلين.

والأعجب من هذا أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى عند ما أصبح مقتدرا وحاكما ما تمكّن من تغيير ما كان يرى تغييره لازما.

الشيخ عبد السلام : هذا كلام غريب وأمر عجيب! كيف عجز رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من تغيير ما كان يلزم تغييره؟!

قلت : هذا الأمر العجيب الغريب عندكم قد نقله بعض كبار أعلامكم منهم أحمد بن حنبل في المسند ، والعلاّمة الحميدي في الجمع بين الصحيحين عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت : قال لي رسول الله (ص) «يا عائشة! لو لا أنّ قومك حديثوا عهد بشرك ؛ لهدمت الكعبة ،

__________________

لا يتكلم. فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك!! فقال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه.

فلحق عليّ بقبر رسول الله (ص) يصيح ويبكي وينادي : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) .]

أقول : والحديث ذو شجون ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

«المترجم»

٩٩٥

فألزقتها بالأرض ، وجعلت لها بابين : بابا شرقيّا وبابا غربيّا ، وزدت فيها ستّة أذرع من الحجر ، فإنّ قريشا اقتصرتها حيث بنت الكعبة(١) ».

فإذا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقدم على مثل ذلك الأمر المهم رعاية لبعض المصالح ، فكذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو تلميذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والمتعلم منه ، فهوعليه‌السلام رعاية لبعض الجهات الدينية العامّة والمصالح الإسلاميّة الهامّة سكت وسكن وصبر وتحمّل كل ما أوردوه عليه من الظلم والجفاء ، بسبب البغضاء والشحناء التي كانت مكتومة في صدورهم ومكنونة في قلوبهم ، وقد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم ذلك فيخبر عليا في حياته ويبكي على غربته ومظلوميته ، كما روى الخوارزمي في مناقبه والعلاّمة الفقيه ابن المغازلي أيضا في مناقبه : [أنّ النبي (ص) يوما نظر إلى عليّعليه‌السلام فبكى ، فقال له : ما يبكيك يا رسول الله صلّى الله عليك؟ قال (ص) : ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا. قالعليه‌السلام : فما أصنع يا رسول الله؟ قال : تصبر ، فيعطيك ربّك أجر الصابرين(٢) ].

__________________

(١) صحيح مسلم : ج ٢ / كتاب الحج باب «٦٩» نقض الكعبة وبنائها : رواه بطرق شتى وكلها بالإسناد إلى عائشة بألفاظ مختلفة.

«المترجم»

(٢) المذكور في متن الكتاب إنما هو الترجمة العربيّة لما ذكره السيد المؤلف بالفارسية ، وأما نصّ الحديث كما في ينابيع المودّة للعلاّمة القندوزي الباب الخامس والأربعون ، قال [أخرج الموفق بن أحمد الخوارزمي ، والحمويني بالإسناد عن أبي عثمان النهدي عن عليّ كرّم الله وجهه قال «كنت أمشي مع رسول الله (ص) فأتينا على حديقة ، فاعتنقني وأجهش باكيا ، فقلت : ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال

٩٩٦

لما ذا قعد عليّعليه‌السلام ولم يطالب بحقه؟

إنّ علياعليه‌السلام كان متفانيا في الله سبحانه ، فلا يريد شيئا لنفسه ولا يطلب المصالح الشخصيّة ، بل أثبت في حياته وسلوكه أنّهعليه‌السلام كان وراء المصالح العامّة ، وكان يبتغي مرضاة الله تعالى بالحفاظ على الدين ، وإبقاء شريعة سيد المرسلين. ولا يخفى أن الإسلام في ذلك الوقت كان بعد جديدا ولم ينفذ في قلوب أكثر معتنقيه ، فكانوا مسلمين بألسنتهم ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم ، لذا كان الإمام عليعليه‌السلام يخشى من حرب تقع بين المسلمين إذا جرّد السيف لمطالبة حقه بالخلافة التي كانت له لا لغيره ، أو مطالبة فدك لفاطمة الزهراءعليها‌السلام أو مطالبة إرثها من أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الذي منعها أبو بكر بحجّة الحديث الذي افتراه على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث»!

فسكت عليّعليه‌السلام وسكن لكي لا تقع حرب داخلية ، لأنّه كان يرى في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين

__________________

(ص) : أبكي لضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك إلاّ بعدي ، فقلت : في سلامة من ديني؟ فقال : في سلامة من دينك»].

أقول : ورواه العلاّمة الكنجي الشافعي في كتاب كفاية الطالب الباب السادس والستون بالإسناد إلى ابن عساكر وهو بإسناده إلى أنس بن مالك ـ والرواية أكثر تفصيلا ممّا في المناقب والينابيع ـ ثم قال العلاّمة الكنجي بعد نقل الرواية : هذا حديث حسن رزقناه عاليا بحمد الله ومنّه. وهذا سياق الحافظ مؤرّخ الشام ، في مناقب أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام .

«المترجم»

٩٩٧

وإفناء الإسلام لو وقعت حرب بين المسلمين. وقد كان أكثرهم ينتظرون الفرصة حتى يرتدّوا إلى الكفر.

لذلك جاء في روايات أهل البيت والعترة الطاهرةعليهم‌السلام : «أنّ فاطمة الزهراء سلام الله عليها لما رجعت من المسجد بعد ما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج على خصومها ، خاطبت أبا الحسنعليه‌السلام وهو جالس في البيت فقالت : يا ابن أبي طالب اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة الأجدل ، وخانك ريش الأعزل! هذا ابن أبي قحافة يبتزّني نحلة أبي وبلغة ابنيّ ، لقد أجهر في خصامي وألفيته الألدّ في كلامي الخ.

فأجابها عليعليه‌السلام : نهنهي عن نفسك يا ابنة الصفوة وبقية النبوّة ، فما ونيت عن ديني ولا أخطأت مقدوري. فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون وكفيلك مأمون. وما أعدّ لك أفضل مما قطع عنك.

قالوا : فبينما عليعليه‌السلام يكلّمها ويهدّأها وإذا بصوت المؤذّن ارتفع ، فقال لها عليّعليه‌السلام : يا بنت رسول الله! إذا تحبين أن يبقى هذا الصوت مرتفعا ويخلد ذكر أبيك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاحتسبي الله واصبري.

فقالت : حسبي الله. وامسكت».

[فضحّى عليعليه‌السلام بحقه وحق زوجته فاطمة وسكت عن المغتصبين ، حفظا للدين وشريعة سيد المرسلين من الضياع والانهيار.]

أسباب قعود عليعليه‌السلام

نقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : ج ١ / ٣٠٧ ، ط إحياء الكتب العربية عن المدائني عن عبد الله بن جنادة ، ونقله غير ابن أبي

٩٩٨

الحديد أيضا ، أنّهعليه‌السلام خطب في أول إمارته وخلافته بالمدينة المنوّرة : [فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر النبي وصلّى عليه ثم قال «أما بعد ، فإنّه لما قبض الله نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلنا : نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس ، لا ينازعنا سلطانه أحد ، ولا يطمع في حقنا طامع ، إذ انبرى لنا قومنا فغصبونا سلطان نبيّنا ، فصارت الإمرة لغيرنا وصرنا سوقة ؛ يطمع فينا الضعيف ، ويتعزّز علينا الذليل ؛ فبكت الأعين منّا لذلك ، وخشنت الصدور وجزعت النفوس ، وأيم الله لو لا مخافة الفرقة بين المسلمين ، وأن يعود الكفر ويبور الدين ، لكنّا على غير ما كنّا لهم عليه». الخ.]

ونقل ابن أبي الحديد أيضا بعد هذه الخطبة في صفحة ٣٠٨ تحت عنوان : خطبته عند مسيره للبصرة ، قال : وروى الكلبي أنّه لمّا أراد عليّعليه‌السلام المسير إلى البصرة ، قام فخطب الناس ، فقال بعد أن حمد الله وصلى على رسوله (ص) «إنّ الله لمّا قبض نبيّه ، استأثرت علينا قريش بالأمر ، ودفعتنا عن حقّ نحن أحق به من الناس كافّة. فرأيت أنّ الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم ، والناس حديثوا عهد بالإسلام ، والدين يمخض مخض الوطب ، يفسده أدنى وهن ، ويعكسه أقلّ خلف.». الخ.

ولعليعليه‌السلام في نهج البلاغة كتاب إلى أهل مصر ، بعثه مع مالك الأشتررحمه‌الله تعالى ، جاء فيه : «أما بعد ؛ فإنّ الله سبحانه بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين ، فلمّا مضىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تنازع المسلمون الأمر من بعده ، فو الله ما كان يلقى في روعي ، ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج

٩٩٩

هذا الأمر من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن أهل بيته ، ولا أنّه منحّوه عنّي من بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه ، فأمسكت بيدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام ، يدعون إلى محق دين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما ، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان ، كما يزول السراب وكما يتقشّع السّحاب ، فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق ، واطمأنّ الدين وتنهنه».

ونقل ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج ٦ / ٩٤ ، ـ ط إحياء الكتب العربي تحت عنوان : خطبة الإمام عليّعليه‌السلام بعد مقتل محمد بن أبي بكر ، قال : وروى إبراهيم ـ صاحب كتاب الغارات ـ عن رجاله عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال : خطب عليعليه‌السلام بعد فتح مصر ، وقتل محمد بن أبي بكر. فنقل خطبة بليغة ذكر فيها وقائع أليمة وقعت بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكر بعض ما كتبه لأهل مصر الذي نقلته لكم قبل هذا ، وأشار في خطبته إلى الشورى التي أمر بها عمر بن الخطاب ، وخرج بالنتيجة قائلا :

«فصرفوا الولاية إلى عثمان وأخرجوني منها ثم قالوا : هلمّ فبايع وإلاّ جاهدناك ؛ فبايعت مستكرها وصبرت محتسبا ، فقال قائلهم : يا ابن أبي طالب ، إنّك على هذا الأمر لحريص ؛ فقلت : أنتم أحرص منّي وأبعد أيّنا أحرص؟ أنا الذي طلبت ميراثي وحقّي الذي جعلني الله ورسوله أولى به ، أم أنتم اذ تضربون وجهي دونه وتحولون بيني وبينه! فبهتوا ، والله لا يهدي القوم الظالمين».

١٠٠٠

1001

1002

1003

1004

1005

1006

1007

1008

1009

1010

1011

1012

1013

1014

1015

1016

1017

1018

1019

1020

1021

1022

1023

1024

1025

1026

1027

1028

1029

1030

1031

1032

1033

1034

1035

1036

1037

1038

1039

1040

1041

1042

1043

1044

1045

1046

1047

1048

1049

1050

1051

1052

1053

1054

1055

1056

1057

1058

1059

1060

1061

1062

1063

1064

1065

1066

1067

1068

1069

1070

1071

1072

1073

1074

1075

1076

1077

1078

1079

1080

1081

1082

1083

1084

1085

1086

1087

1088

1089

1090

1091

1092

1093

1094

1095

1096

1097

1098

1099

1100

1101

1102

1103

1104

1105

1106

1107

1108

1109

1110

1111

1112

1113

1114

1115

1116

1117

1118

1119

1120

1121

1122

1123

1124

1125

1126

1127

1128

1129

1130

1131

1132

1133

1134

1135

1136

1137

1138

1139

1140

1141

1142

1143

1144

1145

1146

1147

1148

1149

1150

1151

1152

1153

1154

1155

1156

1157

1158

1159

1160

1161

1162

1163

1164

1165

1166

1167

1168

1169

1170

1171

1172

1173

1174

1175

1176

1177

1178

1179

1180

1181

1182

1183

1184

1185

1186

1187

1188

1189

1190

1191

1192

1193

1194

1195

1196

1197

1198

1199

1200

1201

1202

1203

1204

1205