مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون28%

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون مؤلف:
تصنيف: الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
الصفحات: 126

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون
  • البداية
  • السابق
  • 126 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49675 / تحميل: 5100
الحجم الحجم الحجم
مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

هارون رجل الشهوات والملذّات

لمّا أفْضَتْ الخلافة إلى الرشيد وقعت في نفسه جارية من جواري المهدي، فراودها عن نفسها، فقالت لا أصلح لك أنّ أباك قد طاف بي، فشغف هارون بها ولم يكن ليدعها، فأرسل إلى أبي يوسف فسأله: أعندك في هذا شيء؟ فقال يا أمير‌المؤمنين أو كلّما ادّعت أمة شيئاً ينبغي أن تصدّق!! لا تصدّقها فإنها ليست بمأمونة(١).

(مع العلم أن الشريعة الإسلامية تقبل في هذه الحالات إقرار المرأة على نفسها بذلك ويكون هو الأساس الذي يرتّب الأثر عليه!! ولكن الشهوات!)

الإسراف في الموائد

وأسرف هارون إسرافاً كثيراً على موائد الطعام فكان ينفق في كل يوم عشرة آلاف درهم، وربما اتخذ له الطباخون ثلاثين لوناً من الطعام(٢).

وقدّمت له مائدة كانت فيها قطع صغيرة من السمك وضعت في أوان من الذهب فاستدعى رئيس الطباخين فلما مثل بين يديه، قال له: ألم أعهد إليك أن لا تكون قطع السمك صغيرة، فقال له يا أمير المؤنين هذه السنة السمك وضعتها لتكون زينة للمائدة فسأله عن ثمنها فقال أنها كلّفت أربعة آلاف درهم.

الإسراف في الجواري

وكان هارون يهب الأموال الجزيلة لجواريه، ويجزل لهن في العطاء، فقد روى
المؤرخون أنه أوفد الحرشي إلى ناحية الموصل فجيى له أموالاً طائلة من بقايا
الخراج، فوافاه به، فأمر بصرفه أجمع إلى بعض جواريه، فاستعظم الناس في ذلك،
_________________________

(١) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٩١.

(٢) حياة الامام موسى بن جعفر للقرشي ص ٣٩ نقلاً عن المستطرق ص ٣٤١.

٢١

وتحدثوا به، وأصاب أبوالعتاهية من ذلك شبه الجنون، فقال له خالد بن أبي الأزهر: مالك يا أبا العتاهية؟ فقال: سبحان الله أيدفع هذا المال الجليل إلى أمرأة!!(١)

ولعه بالجواهر

وشغف هارون بالجواهر والأحجار الثمينة شغفاً كبيراً فبذل الأموال الطائلة لشرائها فاشترى خاتماً بمائة ألف دينار(٢).

وكان ينثر الجواهر على جواريه بغير حساب.

ولعه بالغناء

وكان هارون مولعاً بالغناء منذ حداثة سنّه، فقد نشأ بين أحضان المغنيات والمطربات، واشتمل قصره على مختلف الالات الموسيقيه(٣) وقيل ان في قصره ثلثمائة جارية من الحسان يغنين ويعزفن (نفس المصدر السابق) وكان ابراهيم الموصلي وابن جامع وزلزل الضارب في الطبقه الاولى.

وبَلَغَ من ولع هارون وشغفه بالغناء انه طلب من شقيقته عُليّة أن تُغنّيه، فقالت له: وحياتك لأعملن فيك شعراً ولأصنعنّ فيك لحناً وقالت من وقتها:

تفديك أختك قد حبوت بنعمة

لسنا نعد لها الزمان عديلا

الخ شعرها

وصنعت فيه لحناً من وقتها في مقام خفيف الرمل، فطرب الرشيد عليه(٤) وكان عُليّة في طليعة المغنيات في ذلك القصر، وقد عَيَّرَ بها الأسرة العباسية أبو فرار الحمداني بقوله:

منكم عُليّةُ أم منهم وكان لكم

شيخ المغنين ابراهيم أم لهمُ

_________________________

(١) الأغاني ٤ / ٦٧.

(٢) ابن الأثير، ج ٦، ص ٤٤.

(٣) التمدن الاسلامي ٥ / ١١٨.

(٤) سيدات البلاط العباسي ص ٢٨.

٢٢

شربه للخمر

واندفع هارون إلى شرب الخمر والإدمان عليها، وكان يدعو خواص جواريه إذا أراد الشراب(١). وكان يهدي لبعض أصحابه كؤوس الخمر مملوءة (الاغاني).

وان هارون وغيره من ملوك العباسيين لم يعنون بتحريم الاسلام للخمرة، فعمدوا إلى شربها في وضح النهار وفي غلس الليل، ومن المؤسف أن يُعد هارون وأشباهه من أئمة المسلمين ومن كبار قادتهم ثم يلتمس المعاذير لما اقترفوه من عظيم الاثم والمنكر، وقد بالغ الجومرد في دفاعه عن هارون فنفى عنه شرب الخمر وقال انه ما شرب إلا النبيذ وليس ذلك محرماً في الاسلام(٢).

لعبه بالنرد

ولم يترك هارون اي لون من المحرمات في الاسلام إلا ارتكبه فمن ذلك لعبه بالنرد (لعبة وضعها أحد ملوك الفرس وتعرف عند العامة بلعب الطاولة). وهو من أنواع القمار الذي حرمه الاسلام.

ولقد ساد اللهو، وعمّت الدعارة، وانتشر المجون ولَدهورت الأخلاق، واقبرت الفضائل، في عهد هارون.

موقف الإمام الكاظم من هارون

وتميز موقف الامام موسىعليه‌السلام مع حكومة هارون بالشدة والصرامة فقد حرم التعاون معها في جميع المجالات، وقد ظهر هذا الموقف جلياً في حديثه مع صفوان فقد قال له الإمام « يا صفوان، كل شيء منك حسن جميل ما خلا شيئاً واحداً، فالتاع صفوان وذابت نفسه لعلمه بأنه لم يخلد إلى أي معصية فانبرى للامام قائلاً: جُعلتُ فداك أي شيء؟!!

_________________________

(١) باقر شريف القرشي حياة الامام موسى الكاظم.

(٢) هارون الرشيد ١ / ٢٦٧.

٢٣

فقال: كراؤك جمالك من هذا الطاغية (يعني هارون)، فقال صفوان والله ما أكريته أشراً ولا بطراً ولا للصيد ولا للهو ولكن أكريته لهذا الطريق ـ يعني طريق مكة ـ ولا أتولاه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني فقال له الامام، يا صفوان، أيقع كراك عليهم؟ نعم جعلت فداك، فقال: أتحب بقاءهم حتى يخرج كراك؟ قال نعم، فقالعليه‌السلام من أحبَّ بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم كان وارداً للنار.

أقول موقف الامامعليه‌السلام صريح ومطابق للقرآن الكريم، قال تعالى: «وَلَا تَرْكَنُوا
إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ
». وحذّرعليه‌السلام شيعته من الدخول في سلك حكومة هارون والتلبس بأي وظيفة من وظائف دولته، فقالعليه‌السلام لزياد بن ابي سلمة: (يا زياد، لأن أسقط من شاهق فأتقطع قطعة قطعة أحب إليَّ من أن أتولى لهم عملاً أو أطأ بساط رجل منهم)(١).

كيفية سجن الإمام ؟

لما سافر هارون إلى مكة عام ١٧٩ هـ بدأ بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال مخاطباً للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم
يا رسول الله إنّي اعتذر إليك من شيء أريده، أريد أن احبس موسى بن جعفر، فانه
يريد التشتت بين امتك!! وسفك دمائها، ثم أمر به، وكان الامام عليه‌السلام روحي فداه عند
رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائم يُصلّي فقطع صلاته وحمل وهو يبكي ويقول إليك اشكو يا
رسول الله ما يرد على أهل بيتك من شرار أمتك وأقبل الناس من كل جانب يبكون
ويضجون، فلما حمل إلى بين يدي الرشيد، سلّم على الرشيد فلم يرد عليه‌السلام وشتمه
وسبه وجفاه وقَيَّدهُ وغلّله فلما جنَّ عليه الليل أمر بقبتين فهيأ له فحمل موسى بن
جعفر عليه‌السلام إلى أحدهما في خفاء ودفعه إلى حسان السروي وأمره أنْ يسيرَ به في
قبة إلى البصرة فيسلمه إلى عيسى بن جعفر بن أبي جعفر وهو اميرها آنذاك، ووجه
قُبة أخرى علانية نهاراً إلى الكوفة معها جماعة ليعمي على الناس أمر موسى بن
جعفر، فقدم حسان البصرة قبل التروية بيوم فدفعه إلى عيسى بن أبي جعفر نهاراً
علانيةً حتى عرف ذلك وشاع أمره فحبسه عيسى في بيت من بيوت المجلس الذي
_________________________

(١) باقر شريف القرشي، حياة موسى بن جعفر ج ٢، ص ٧٤.

٢٤

يجلس فيه وأقفل عليه وشغله عند العبيد فكان لا يفتح عنه الباب إلّا في حالتين حال يخرج فيها إلى الطهور وحال يدخل اليه فيها الطعام، قال نصراني من كتاب عيسى لقد سمع هذا الرجل الصالح في أيامه في هذه الدار التي هو فيها من ضروب الفواحش، وحبس عنده سنة كاملة ثم كَتَبَ إلى الرشيد ان خذه منّي وسلّمهُ إلى مَنْ شئتَ وإلا خلّيتُ سبيلَهُ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فما أقدر على ذلك حتى أني لأستمع عليه إذا دعا لعلّه يدعو عليّ أو عليك فما أسمعه يدعو إلا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة، فوجّه مَن تسلمه منه وحُمِل سراً إلى بغداد، إلى أن مضى شهيداً مسموماً غريباً في سجن السندي بن شاهك.

تنوح املاكها والكون مرجون

علي اللي مات ويلي ابحبس هارون

* * *

امن البصرة السجن بغداد جابه

ابحديد او قيد ويدور ذهابه

او ذبه ابسجن مظلم غلگ بابه

او نهه السجان يمه الناس يصلون

* * *

ابسجن والسندي بن شاهك السجان

عليه ابكل وكت مغلج البيبان

او تم اسنين للوادم فلا بان

ما يدرون ميت والّه مسجون

* * *

عگب گيده او حديده او ذيچ الاغلال

دس له ابرطب سم گاطع او چتّال

أكل بعضه او منّه نال ما نال

حسبكم قال نلتوا ما تريدون

* * *

طلع عنّه أو عافه او هاي حاله

يعالج بالسجن محّد دناله

او عگب ما مات جاب النعش شاله

أو تعرفونه الذي شالوا أو تدرون

* * *

٢٥

وبمجلس شرطته النعش خلّوه

عليه ناده النده والناس سمعوه

امام الرافضة هذا التعرفوه

او آمر على الجسر قاموا يعبرون

* * *

اولن امن القصر مشرف سليمان

نعش باب الحوائج لاح اله او بان

يگلهم هلجنازة مالها أعوان

غريبه او ما وراها ناس يمشون

* * *

گالوا له غريب اهله امبينين

لاچن بالمدينة اعليه بعيدين

ابن عمك الكاظم گال هالحين

دروحوا جيبو نعشه لا تخافون

* * *

وبمفرگ طرقها عليه ناده

هذا الطيب او طيبه اجداده

او سوه ابعكس ما هارون راده

ناده اعليه هذا البيه تنجون

* * *

النسب والرحم لسليمان جابه

عليه او دحجته اهروش النجابه

بس لحسين ما بيّن گرابه

يغسلونه او يچفنونه او يدفنون

* * *

ما غسّلوه ولا لفوه في كفن

يوم الطفوف ولا مدوا عليه ردا

* * *

٢٦

المجلس الرابع

الموضوع : قبس من عبادة الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ عبد الحسين الحيّاوي

جانب الكرخ جنب أرضك شيّد

قبر موسى بن جعفر بن محمّد

بثرى طاول الثريّا مقاماً

دونَ أعتابهِ الملائكُ سُجّد

سابع الصفوة اللتي اختارها اللـ

ـه على الخلقِ أوصياء لأحمد

هو غيثٌ إن أقلعت سحب الغيـ

ـث وغوثٌ إن عزّ كهفٌ ومقصد

أخرجوهُ من المدينةِ قسراً

كاظماً مطلق الدّموع مُقيّد

حرّ قلبي عليه يقضي سنيناً

وهو في السجن لا يُزار فيُقصد

حرّ قلبي عليه يقضي بسمّ

بيدي ألأم الخلائق ملحد

مثل موسى يُرمى على الجسر ميتاً

لم يشيّعه للقبور موحّد

حملوه والحديد برجليه

دويٌّ له الأهاضب تنهد

* * *

جيت ازورك وانشد الشالوها

اجنازتك عد يا جسر خلّوها

اجنازتك من سمّك ابسمه الرجس

او عالجتها او متت وحدك بالحبس

حجة الله انته على الجن والانس

اجنازتك من السجن طلعوها

اجنازتك هالحاوية العز والاسم

من اطلعوها اشگد حدرها من الزلم

گالوا هالساع ما عندك علم

على حماميل السجن طلعوها

٢٧

* * *

بالعبا ملفوف ويصيح الخطيب

من يحب يتفرج اجنازة غريب

رافضي ايگولون مسموم او غريب

أو شيعته بيبانها سدّوها

* * *

أبكي لنعشِكَ والأبصارُ ترمقه

مُلقىً على الجسرِ لا يدنو له أحدُ

( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )

المقدمة

من المعلوم ان الله سبحانه وتعالى غنيٌ عن خلقه «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى
اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
» وممّا يقطع به، ان الله سبحانه لا تضرّه معصية مَنْ عصاه، ولا تنفعهُ طاعةُ مَنْ أطاعه.

نعم الإنسان باعتبار كونه عبداً لله سبحانه ينبغي أن يكون في طاعة مولاه وخدمته، وعبادة الله سبحانه هي خدمة الله في أرضه، وبهذه العبادة يتكامل الإنسان ويسمو ويقرب من الله تعالى (القرب المعنوي وليس المادي فتنبّه) ومن هنا صار محمداً وأهل بيته هم أقرب الخلق إلى الله سبحانه وتعالى لأنّهم أعبدُ الخلق لله عز وجل. ومنهم الامام السابع الصابر والعبد الصالح موسى بن جعفرعليه‌السلام ونذكر الآن نموذجاً من عبادته كما نقلها لنا أرباب السير والتأريخ:

١ ـ خوفه من الله سبحانه: كانعليه‌السلام يبكي من خوف الله كثيراً حتى تجري دموعه على لحيته، نعم قال تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ».

٢ ـ سجوده: من المعلوم أن أقرب ما يكون العبد الى الله وهو ساجد باك وكان الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام كثير السجود لله تعالى وكان كثير ما يقول في سجوده «اللهمَّ إنّي اسألك الراحة عند الموت والعفو عن الحساب» وكذلك كان يُسمع منه في سجوده «عظم الذنبُ من عبدك فليحسن العفو من عندك» وروي أنهعليه‌السلام دخل

٢٨

ذات ليلة مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسجد سجدة في أوّل الليل وسمع وهو يقول في سجوده «عظم الذنبُ من عبدك فليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة» فجعل يردّدها حتى أصبح.

الفضل بن الربيع يتحدَّث عن سجوده

روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله عن عبدالله القروي أنّه قال: دخلتُ على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي: ادن، فدنوت حتى حاذيته ثم قال أشرف على البيت في الدار فأشرفت، فقال ما ترى في البيت؟ قلت ثوباً مطروحاً، فقال: انظر حَسَناً فتأمّلتُ ونظرتُ فتيقنت، فقلتُ رجلاً ساجداً، فقال لي، تعرفه؟ قلت: لا، قال هذا مولاك، قلتُ ومَنْ مولاي؟ فقال: تتجاهل عليّ؟ فقلتُ: ما أتجاهل ولكنّي لا أعرف لي مولى فقال هذا أبو الحسن موسى بن جعفر؟ انّي أتفقّده الليل والنهار فلم أجده في وقت من الأوقات إلّا على الحال التي أخبرك بها. إنّه يُصلّي الفجر فيعقّب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس، وقد وكّل من يترصّد له الزوال فلست أدري متى يقول الغلام: قد زالت الشمس، إذ يثب فيبتدئ بالصلاة من غير أن يُجدّد وضوءاً فاعلم أنّه لم ينم في سجوده ولا أغفى فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر، فاذا صلّى العصر سجد سجدة فلا يزال ساجداً إلى أن تغيب الشمس فاذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلّى المغرب من غير أن يحدث حدثاً ولا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يُصلّي العتمة، فاذا صلّى العتمة أفطر على شويّ يؤتى به ثم يُجدّد الوضوء ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة ثم يقوم فيجدّد الوضوء، ثم يقوم فلا يزال يُصلّي في جوف الليل حتى يطلع الفجر فلست أدري متى يقول الغلام: ان الفجر قد طلع. إذ قد وثب هو لصلاة الفجر فهذا رأيُهُ منذ حوّل إليّ، فقلت: اتق الله ولا تحدثنّ في أمره حدثاً يكون معه زوال النعمة...(١).

_________________________

(١) منتهى الآمال للقمي ص ٢٩٣.

٢٩

٣ ـ تلاوته للقرآن: وكانعليه‌السلام أحفظهم لكتاب الله وأحسنهم صوتاً بالقرآن وإذا قرأ يحزن ويبكي ويبكي السامعون لتلاوته، وكانت قراءته حزناً فاذا قرأ فكأنّه يخاطب إنساناً.

٤ ـ استغفاره وأدعيته: كانعليه‌السلام يستغفر في كل يوم خمسة آلاف مرّة والناس يسمونه زين المجتهدين. روى الشيخ الصدوقرحمه‌الله عن ما جيلويه عن علي بن ابراهيم عن أبيه انّه قال: سمعت رجلاً من أصحابنا يقول: لما حبس الرشيد موسى بن جعفرعليه‌السلام جنّ عليه الليل فخاف ناحية هارون أن يقتله فجدّد موسىعليه‌السلام طهوره واستقبل بوجهه القبله وصلّى الله عزَّ وجل أربع ركعات ثم دعا بهذه الدعوات فقال: «يا سيّدي نجّني من حبس هارون وخلّصني من يده، يا مخلّص الشجر من بين رملٍ وطين، يا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلّص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلّص الروح من بين الأحشاء والأمعاء، خلّصني من يدي هارون». قال: فلمّا دعا موسىعليه‌السلام بهذه الدعوات أتى هارون رجل أسود في منامه وبيده سيف قد سلّه، فوقف على رأس هارون وهو يقول: يا هارون أطلق عن موسى بن جعفر وإلّا ضربت علاوتك بسيفي هذا، فخاف هارون من هيبته ثم دعا الحاجب فجاء الحاجب، فقال له: إذهب إلى السجن فأطلق عن موسى بن جعفر. قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟ قال: إنّ الخليفة يدعو موسى بن جعفر فأخرجه من سجنك وأطلق عنه، فصاح السجّان: يا موسى أن الخليفة يدعوك، فقام الموسىعليه‌السلام وهو يقول لا يدعوني في جوف الليل إلّا لشرّ يريد بي، فقام باكياً حزيناً مغموماً آيساً من حياته فجاء إلى هارون... فقال: سلام على هارون، فردّعليه‌السلام ثم قال له هارون: ناشدتك بالله هل دعوتَ في جوف هذه الليلة بدعوات؟ فقال نعم، قال وما هنّ؟ فقال: جدّدت طهوراً وصلّيت لله عزّ وجلّ أربع ركعات ورفعت طرفي إلى السماء وقلت يا سيّدي «خلصني من يد هارون وشرّه» وذكر له من دعائه، فقال هارون: قد استجاب الله دعوتك يا حاجب أطلق عن هذا، ثم دعا بخلع فخلع عليه

٣٠

ثلاثاً وحمله على فرسه وأكرمهُ وصيّره نديماً لنفسه، ثم قال: هات الكلمات، فعلّمه، فأطلق عنه وسلّمه إلى الحاجب ليسلّمه إلى الدار ويكون معه، فصار موسى بن جعفرعليه‌السلام كريماً شريفاً عند هارون، وكان يدخل عليه في كلّ خميس إلى أن حبسه الثانية فلم يطلق عنه حتّى سلّمه إلى السندي بن شاهك وقتله بالسمّ.

من مبلغ الإسلام أنَّ زعيمه

قد مات في سجن الرشيد سميماً

ملقىً على جسر الرصفاة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيماً

* * *

يا والد الدفنو برض طوس

اشذنبك گضيت اسنين محبوس

فوگ السجن والهظم والهم

اشذنبك يبحر الجود تنسم

حگ تجري ليك العين من دم

يبن النبي الهادي الأكرم

اعلى الجسر نعشك يا مشيّم

جابوا والمنادي تجدّم

او ناده او ندا للدين هدّم

لاچن عگب هذا تخزّم

اسليمان والتشييع الك تم

او بعد الدفن نصبوا الماتم

بس السبط بالطف تخذّم

جسمه ولا واحد اِله اهتم

او حرگوا عگب عينه المخيّم

وابحزن زينب الله يعلم

* * *

لا مثل يومكم بعرصة كربلا

في سالفات الدهر يوم شجون

* * *

٣١

٣٢

المجلس الخامس

الموضوع: علم الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة:

كمثل كظوم الغيظ موسى بن جعفر

أبي الحسن المسموم مستودع السر

فكم انست منه السجون بمعبدٍ

بأنواره يمسي كما هالة البدر

وما زال منها في السجون رهينة

يعالج فيها لاعج البؤس والضر

تقاذفه أيدي الطغاة عداوة

بسجن إلى سجن ومصر إلى مصر

فطوراً ببغداد وطوراً ببصرة

بقيد ثقيل موهن قوة العمر

قضى وهو مسموم فأيُّ موحد

ثوى بمحياه الورى شمة البشر

فلهفي على باب الحوائج قد بقي

برغم العُلى ملقىً ثلاثاً على الجسر

* * *

الف وسفه من بعد سجنه الشدّيد

طَلِعوا وابرجله وايديه الحديد

مدري هارون الرّجس منّه اشيريد

طلّعه امن السّجن من دون احترام

عالجسر خلّاه والمنادي يصيح

هذا إمام الرافضة اجنازه طريح

صدگ ما مش بالبلد مخلص صحيح

اِيصيح يا وسفه او عليه يلطم الهام

اربع حماميل بس الشالته

بعض لحديدهَ او بعض لجنازته

اشچان ذنبه ابن النبي و

فريته خلو علاجسر ركن الاسلام

* * *

٣٣

چف الدهر ريته اليوم ينشال

جرح گلبي ولا أظن بعد ينشال

نعش موسى على احماميل ينشال

أو يظل فوگ الجسر ثاوي رميه

* * *

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي

قال الإمام الصادقعليه‌السلام لعيسى الشلقاني:

«إن ابني هذا (موسى بن جعفر) لو سألته عمّا بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم...»

المقدمة:

ان من الواضحات والمسلّمات الله عزَّ وجلَّ يؤتي العلم والحكمة لأنبياءه وأولياءه وهم صغار، فهذا عيسى بن مريمعليه‌السلام أتاه الله الكتاب وهو في المهد قال تعالى: «قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا... » فقال حاكياً عن يحيى «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وهكذا بالنسبة للأئمة المعصومين الذين جعلهم الله خلفاء في أرضه وحججاً على بريّته وهم الذين خلّفهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه الأمة وهم عدل الكتاب قال «إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض».

ومن هنا قال الإمام الصادقعليه‌السلام لعيسى ان ابني هذا لو سألته عمّا بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم، لان الإمام عنده علم الكتاب، والكتاب هو تبيان لكل شيء. ولأنقل لكم كيفية إصدار الإمام لهذه الكلمة في حقِّ ولده موسىعليه‌السلام [كان أحدُ المنحرفين المعروف بأبي الخطاب (وهو محمد بن مقلاص الأسدي)] وكان من البدع التي ابتدعها أن أصحابه كلما ثقل عليهم أداء فريضة أتوه وقالوا يا أبا الخطاب خفف علينا فيأمرهم بتركها حتى تركوا جميع الفرائض واستحلوا جميع المحارم وارتكبوا المحظورات وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال من

٣٤

عرف الإمام فقد حل له كل شيء كان حرم عليه»(١). ولمّا بلغت بدعه والحاده الامام الصادقعليه‌السلام تبرأ منه، ولعنه على رؤوس الاشهاد لانه كان من أصحابه وأتباعه ثم ارتدَّ بعد ذلك، وقد هرع عيسى الشلقاني إلى الإمام الصادقعليه‌السلام يسأله عن رأيه في هذا الملحد الخطير، فقال الامام الصادقعليه‌السلام : «يا عيسى ما منعك أن تلقى ابني ـ يعني الامام موسى ـ فتسأله عن جميع ما تريد؟» فانعطف عيسى نحو الامام الكاظم وكان آنذاك صبياً في المكتب فلما رآهعليه‌السلام انبرى إليه مجيباً قبل أن يسأله قائلا له: «يا عيسى، ان الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق النبيين على النبوة فلم يتحولوا عنها أبداً، وأخذ ميثاق الوصين على الوصية فلم يتحولوا عنها أبداً، وأعار قوماً الايمان زماناً ثم سلبهم إياه، وإن أبا الخطاب ممن أعير الايمان ثم سلبه إياه...».

وأكبر عيسى جواب الإمام فقام إليه وضمَّه وقبّل ما بين عينيه وانطلق يقول: «بأبي أنت وأمي، ذرية بعضها من بعض والله سميعٌ عليم». ثم قفل راجعاً إلى الامام الصادقعليه‌السلام فأخبره بالعجب الذي رآه من مواهب موسى بن جعفرعليه‌السلام فقال له أبو عبدالله: «يا عيسى، ان ابني هذا لو سألته عمّا بين دفتي المصحف لأجابك فيه بعلم...»(٢).

ذكاء مفرط

جاء الإمام موسىعليه‌السلام إلى أبيه فأجلسه في حجره وكان معه لوح فقال له: يا بني اكتب «تنح عن القبيح ولا ترده» فلما رسم ذلك قال له يا بني اجزه، فاندفع فوراً يقول: «ومن أوليته حسناً فزده» ثم ألقى الإمام شطراً آخر يطلب منه اجازته وهو «ستلقى من عدوك كل كيد» فأجازه: «إذا كادَ العدو فلا تكده» وفرح الامام الصادقعليه‌السلام بمواهب ولده وعبقريته فضمه إليه قائلاً: «ذرية بعضها من بعض»(٣).

_________________________

(١) حياة الامام موسى بن جعفر باقر القرشي ص ٦٦.

(٢) نفس المصدر السابق.

(٣) المناقب: ٢ / ٣٨٠.

٣٥

مع أبي حنيفة

كان أبو حنيفة من الذاهبين إلى القول «بالجبر» والداعين إليه، وينص هذا الرأي على أن الفعل الصادر من الإنسان ليس مخلوقاً له، وليس صادراً منه باختياره، وانما هو مخلوق لله، وصادر عن إرادة الله، وإن إرادة الانسان وقدرته لا مدخل لها في ايجاد أي فعل سواء أكان صادراً منه باختياره أم مكرهاً عليه، وقد أجمعت الشيعة على بطلان ذلك. وقد سافر أبو حنيفة إلى يثرب ليحاجج الامام الصادقعليه‌السلام الذي عرف بانه من خصوم هذه الفكرة، ولما انتهى اليها قصد دار الامام، وجلس في دهليز الدار ينتظر الأذن وبينما هو جالس إذ خرج صبي يدرج فبادره أبو حنيفة قائلا: «أين يضعُ الغريبُ حاجته؟».

فالتفت إليه قائلاً يا شيخ أسأت الأدب أين السلام، السلام قبل الكلام ولمّا سلّم وأعاد السؤال فأجابه: «توق شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية المساجد، وقارعة الطريق، وتوار خلف الجدار، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، وضع أين شئت».

وسأله مسألة ثانية قائلاً: (يا غلام، ممّن المعصية؟ هل هي من الله أو من العبد؟) وانطلق الامام فأجابه: «لا تخلو أما أن تكون من الله، وليس من العبد شيء، فليس لله أن يأخذ العبد، بما لم يفعل، وأما أن تكون من العبد ومن الله، والله أقوى الشريكين فليس للشريك القوي أن يأخذ الضعيف بذنب هو فيه سواء، وإما أن تكون من العبد، وليست من الله فان شاء عفا، وإن شاء عاقب وهو المستعين...».

سرعة بديهة

قال أبو حنيفة معترضاً على الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام لمّا كان صغيراً، فقال وهو يُحدّث الإمام الصادقعليه‌السلام : ان ابنك موسى يُصلّي والناس تمرُّ من بين يديه؟! فقال الصادقعليه‌السلام : سَلْهُ يُجبك؟ فلمّا سأله، فقال الامام الكاظمعليه‌السلام لأبي حنيفة، يا هذا إنَّ الذي أُصلّي إليه أقرب إليَّ منهم ثم تلا قوله تعالى: «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ
الْوَرِيدِ
».

٣٦

بعض أجوبته

سأله راهب: كيف طوبى اصلها في دار عيسى، وعندكم في دار محمد وأغصانها في كل دار؟

فقالعليه‌السلام : الشمس قد وصل ضوءها إلى كل مكان، وكل موضع وهي في السماء. قال: وفي الجنة لا ينفذ طعامها وان اكلوا منه ولا ينقص منه شيء؟ فقالعليه‌السلام : السراج في الدنيا يقتبس منه ولا ينقص منه شيء، قال: وفي الجنة ظل ممدود؟ فقالعليه‌السلام : الوقت الذي قبل طلوع الشمس كله ظل ممدود، قول تعالى:( أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ) قال: ما يؤكل ويشرب في الجنة لا يكون بولاً ولا غايطاً؟ فقالعليه‌السلام : الجنين في بطن أمه... الخ.

قال الراهب صدقت، وأسلم، والجماعة معه(١).

من كتابٍ له إلى هارون الرشيد

كتب إليه من داخل السجن (انه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلّا انقضى معه عنك يوم من الرخاء، حتى نمضي جميعاً إلى يوم ليس فيه انقضاء، هناك يخسر المبطلون)(٢).

مع السندي بن شاهك

كان السندي بن شاهك ناصبياً وكان يضيق على موسى بن جعفرعليه‌السلام غاية
التضييق. بحيث لا يُطيق اللسان على بيانه، أنزله في قعر داره وظلم المطامير وقيّده
بقيود ثلاث ووكل عليه جماعة وأغلق وقفل عليه الأبواب، إلى ان سقاه السم
ومرض وبقي في السجن، ثم ان الامام الكاظم عليه‌السلام دعا بالمسيب وذلك قبل وفاته
بثلاثة أيام وكان موكّلاً به فقال له يا مسيب فقال لبيك يا مولاي، قال إني ظاعن في
_________________________

(١) المناقب: ٢ / ٣٧٤.

(٢) الفصول المهمة ٢٢٧.

٣٧

هذه الليلة إلى المدينة مدينة جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعهد إلى علي ابني ما عهده إليَّ أبي واجعله وصيّي وخليفتي وامره بأمري، قال المسيب فقلت يا مولاي كيف تأمرني ان افتح لك الأبواب والحرس معي على الأبواب، فقال يا مسيّب ضعف يقينك في الله عزَّ وجلَّ وفينا فقلت لا يا سيّدي ادع الله أن يثبتني، فقال اللهم ثبّته ثم قال اني ادعوا الله عز وجل باسمه العظيم الذي دعا به اصف حتى جاء بسرير بلقيس فوضعه بين يدي سليمان قبل ان يرتد عليه طرفه حتى يجمع بيني وبين ابني علي بالمدينة قال المسيب فسمعتهعليه‌السلام يدعو ففقدته عن مصلاه فلم أزل قائماً على قدمي حتى رأيته قد عاد إلى مكانه وأعاد الحديد إلى رجليه فخررت لله ساجداً لوجهي شكراً على ما أنعم به عليَّ من معرفته، فقال لي ارفع رأسك يا مسيب واعلم اني راحلٌ إلى الله عز وجل في ثالث هذا اليوم قال فبكيت، فقال لي لا تبك يا مسيب فان علياً ابني هو إمامك ومولاك بعدي فاستمسك بولايته فانّك لا تضل مالزمته فقلت الحمدلله. قال ثم ان سيّدي دعاني في ليلة اليوم الثالث فقال لي اني على ما عرفتك من الرحيل إلى الله عز وجل فاذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت وارتفع بطني واصفر لوني واحمرَّ واخضرَّ وتلوَّن ألوناً فخبِّر الطاغية بوفاتي، فاذا رأيت بي هذا الحديث فاياك ان تظهر عليه أحداً ولا على من عندي إلا بعد وفاتي، قال المسيّب بن زهير فلم ازل ارقب وعده حتى دعاعليه‌السلام بالشربة فشربها ثم دعاني فقال لي يا مسيب ان هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم انه يتولى غسلي ودفني هيهات هيهات ان يكون ذلك أبداً، فاذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها ولا ترفعوا قبري فوق أربع أصابع مضربات ولا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به فان كل تربة لنا محرمة إلّا تربة جدّي الحسين بن عليعليه‌السلام فان الله عز وجل جعلها شفاء لشيعتنا وأولياءنا قال ثم رأيت شخصاً أشبه الأشخاص بهعليه‌السلام جالساً إلى جانبه وكان عهدي بسيدي الرضاعليه‌السلام وهو غلام فأردت سؤاله فصاح بي سيدي موسىعليه‌السلام وقال لي أليس قد نهيتك يا مسيب فلم ازل صابراً حتى مضى وغاب الشخص ثم انهيت الخبر إلى الرشيد فوافى السندي بن شاهك، وفي بحار الأنوار، عن عمر بن واقد قال ارسل اليَّ السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد سيتحضرني فخشيت ان يكون

٣٨

ذلك لسوء يريده بي فأوصيت عيالي بما احتجت إليه وقلت انا لله وإنا إليه راجعون ثم ركبت إليه فلما رآني مقبلا قال يا أبا حفص لعلّنا ارعبناك وافزعناك قلت نعم قال فليس هناك إلا خير قلت فرسول تبعثه إلى منزلي ليخبرهم بخبري وسلامتي فقال نعم ثم قال يا أبا حفص أتدري لم أرسلت اليك فقلت لا فقال أتعرف موسى بن جعفر فقلت اي والله اني لأعرفه وبيني وبينه صداقة منذ دهر فقال من هاهنا يعرفه ممن يقبل قوله فسميِّتْ له أقواماً ووقع في نفسي أنهعليه‌السلام قد مات قال فبعث وجاء بهم كما جاء بي فقال لهم هل تعرفون قوماً يعرفون موسى بن جعفرعليه‌السلام فسموا له قوماً فجاء بهم فاصبحنا ونحن في الدار نيف وخمسون رجلاً ممن يعرف موسى بن جعفرعليه‌السلام وقد صحبه قال ثم قام ودخل وصلينا فخرج كاتبه ومعه طوماراً فكتب اسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وخلّانا ثم دخل إلى السندي قال فخرج السندي فضرب يده إليَّ فقال لي قم يا ابا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفرعليه‌السلام فكشفته فرأيته ميتاً فبكيت واسترجعت ثم قال للقوم انظروا اليه فأتوا واحد بعد واحد فنظروا اليه قال تشهدون كلكم ان هذا موسى بن جعفرعليه‌السلام ثم قال يا غلام اطرح على عورته منديلاً واكشفه ففعل فقال اترون به أثراً تنكرونه فقلنا لا ما نرى به شيئاً ولا نراه إلّا ميتاً قال فلا تبرحوا حتى تغسلوه وتكفنوه وتدفنوه، قال فلم نبرح حتى غسل وكفن وحمل فصلّى عليه السندي بن شاهك ودفناه(١).

عليه ضاگ الهوه أو مل من حياته

ولا يعرف وكت بيه الصلاته

لمن سموا أو بيه صارت وفاته

عگب ما ذاب چبده وخلصب بالسم

* * *

ثلثتيام ظل من غير تغسيل

ما عنده عشيرة النعشه اتشيل

شالوا للجسر أربع حماميل

أو بي سمعت الناس أو غدت تلتم

* * *

_________________________

(١) نور الابصار ص ١٧٢ ـ ١٧٣.

٣٩

يهاشم لا حله بعيونكم نوم

يحگ لي اعتب عليكم واكثر اللوم

من بغداد ما وصلتكم اعلوم

تخبركم الكاظم راح مسموم

* * *

بنفسي الذي لاقى من القوم صابراً

أذىً لو يلاقى أذيً ساخَ يذبك

* * *

٤٠

المجلس السادس

الموضوع: اخباره بالمغيّبات

القصيدة: للسيد مهدي الاعرجي

رحلوا وما رحلوا أُهيل ودادي

إلا بحسن تصبّري وفؤادي

ساروا ولكن خلّفوني بعدهم

حزناً أصوب الدمع صوب عهاد

وسرت بقلبي المستهام ركابهم

تعلوا به جبلاً وتهبط وادي

وخلت منازلهم فها هي بعدهم

قفرى وما فيها سوى الأوتاد

تأوي الوحوش بها فسربٌ رائحٌ

بفناء ساحتها وسرب غادي

ولقد وقفت بها وقوف مولّهٍ

وبمهجتي للوجد قدح زنادِ

أبكي بها طوراً لفرط صبابتي

وأصيح فيها تارة وأُنادي

يا دار قد ذكّرتني بعراصك الـ

ـقفرا عراص بني النبيّ الهادي

لمّا سرى عنها ابن بنت محمّد

بالأهل والأصحاب والأولادِ

مذ كاتبوه بنو الشقا اقدم فليـ

سَ سواك نعرفُ من إمام هادي

لكنّه مذ جاءهم غدروا به

واستقبلوه في ضبأ وصحادِ

تباً لهم من أمّةٍ لم يحفظوا

عهد النبيّ بآله الأمجادِ

قد شتتوهم بين مقهور ومأ

سورٍ ومنحورٍ بسيفِ عنادِ

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

لهفي وهل يُجدي أسىً لهفي على

موسى بن جعفر علّة الايجاد

مازال ينقلُ في السجون معانياً

عضّ القيود ومثقل الأصفاد

قطع الرشيد عليه فرض صلاته

قسراً وأظهر كامن الأحقاد

حتى إليه دسَّ سمّاً قاتلاً

فأصابَ أقصى منيةٍ ومراد

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي

* * *

٤١

يا عين سيلي الدمع غدران

أو يا گلب ذوب ابتار الأحزان

الباب الحوايج سر الأكوان

وسافه اعله موسى ماله أعوان

محبوس گضّه العمر ما بان

من حبس ابن شاهك السجان

لمّن سمّه وچبده صار نيران

وخلاه يلوج اوحيد نحلان

لمّن گضه والچبد خلصان

* * *

فقضى سميماً حيث لا متعطف

عليه ولا حان هناك يعلل

المقدمة:

( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ... ) (١).

ممّا لا شك فيه أن الله عزَّ وجلَّ اطلع أنبياءه ورسله على بعض هذه المغيّبات، فمثلاً عيسى روح اللهعليه‌السلام يُحدِّث قومه كما حكى عنه القرآن( ... وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ
وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ...
) (٢) وهكذا بالنسبة لنبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما أطلعه الله عزَّ وجلَّ كما في سورة الروم( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن
بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ
* بِنَصْرِ اللَّـهِ ) (٣) وغيرها من الآيات المباركات كما في فتح مكة وغيرها من الإخبار بالأمور المستقبلية. ولا مانع من ذلك ان الله عزّ وجلّ يُطلع انبياءه ورسله عن بعض هذه المُغيّبات، لذلك ورد في الآية الشريفة من سورة الجن، الاستثناء «عالم الغيب فلا يظهرُ على غيبه أحداً إلّا من ارتضى من رسول» ونبيّنا الاكرم ارتضاه الله لدينه فاطلعه على بعض هذه المغيّبات، وكذلك الائمة المعصومين فهم ورثة الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد روي عن الامام الصادقعليه‌السلام «قد ورثنا رسول الله في كل شيء ما عدا النبوّة والأزواج». فلا مانع من إخبارهم ببعض المُغيّبات.

_________________________

(١) سورة الجن: ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) سورة آل عمران: ٤٩.

(٣) سورة الروم: ١ ـ ٥.

٤٢

بعض ما أخبر به الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

١ ـ روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ج ٤٨ ص ٣٢ عن الوشّاء الحسن بن عليّ قال: حججتُ أنا وخالي إسماعيل بن إلياس فكتبت إلى أبي الحسن الأوَّل وكتب خالي: إنَّ لي بنات وليسَ لي ذكر، وقد قُتل رجالنا، وقد خلّفتُ امرأتي حاملاً فادع الله أن يجعله غلاماً وسمّه، فوقّع في الكتاب قد قضى الله حاجتك فسمّه محمّداً، فقدمنا إلى الكوفة وقد وُلد له غلام قبل وصولنا الكوفة بستّة أيّام، دخلنا يوم سابعه، فقال أبو محمد هو والله اليوم رجل وله أولاد.

أقول: الإمام المعصوم ليس بينه وبين الله حجاب، ووعاءه يستوعب ويتلقى الفيض من الله سبحانه مباشرة، والإمام هو خليفة الله في أرضه ولا بدَّ ان يطّلع على أحوال رعيّته... الخ.

٢ ـ روى هشام بن أحمر أنّه ورد تاجر من المغرب ومعه جوار، فعرضهنَّ على أبي الحسنعليه‌السلام فلم يختر منهنَّ شيئاً وقال: أرنا؟ فقال عندي أُخرى وهي مريضة فقال: ما عليك أن تعرضها، فأبى فانصرف ثم إنّه أرسلني من الغد إليه وقال: قل له: كم غايتك فيها؟ فقال: ما أنقصها من كذا وكذا فقلت قد أخذتها وهو لك، فقال: وهي لك ولكن من الرجل؟ فقلت: رجل من بني هاشم فقال: من أي بني هاشم؟ قلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال أُخبرك عن هذه الوصيفة إني اشترتيها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، ولا تلبث عنده إلّا قليلاً حتى تلد منه غلاماً ما يولد بشرق الأرض ولا غربها مثله، يدين له شرق الأرض وغربها، قال فأتيته بها فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى ولدت عليّا الرِّضاعليه‌السلام (١).

_________________________

(١) بحار الأنوار: ج ٤٨، ص ٣٣.

٤٣

٣ ـ خير شطيطة: روى العلامة المجلسي في بحاره ج ٤٨، ص ٧٣ في خبر طويل: انه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور واختاروا محمد بن عليِّ النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقّة من الثياب، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقّة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت: إنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، قال: فثنيت درهمها وجاءوا بجزء فيه مسائل ملئ سبعين ورقة في كل ورقة مسألة وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها وقد حزمت كلّ ورقتين بثلاث حزم وختم عليها بثلاث خواتيم على كلّ حزام خاتم، وقالوا: ادفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غد، فان وجدت الجزء صحيح الخواتم فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل فان لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحقّ للمال فادفع إليه، وإلا فردّ إلينا أموالنا، فدخل على الأفطح عبدالله بن جعفر وجرَّبه وخرج عنه قائلاً ربّ اهدني إلى سواء الصراط، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد، فأتى بي دار موسى بن جعفر فلمّا رآني قال لي لِمَ تقنط يا أبا جعفر؟ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إليَّ فأنا حجّة الله ووليّه، ألم يعرِّفك أبو حمزة على باب مسجد جدِّي، وقد أجبتُك عمّا في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري، والشُقّة التي في رزمة الأخوين البلخيّين، قال: فطار عقلي من مقاله، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قبله فأخذ درهم شطيطة وإزارها ثم استقبلني وقال: إن الله لا يستحيي من الحقّ يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصّرة وكانت أربعين درهماً ثم قال: وأهديتُ لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمةعليها‌السلام وغزل أُختي حليمة ابنة أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ثمَّ قال: وقل لها ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر ووصول الشقّة والدراهم فانفقي على نفسك منها ستّة عشر درهماً، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنكِ وما يلزم عنكِ، وأنا أتولّى الصلاة عليك، فاذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ، فانّه أبقى لنفسكِ، ثمَّ قال: وأردد الأموال

٤٤

إلى أصحابها، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا، مِن قبل أن تجيئنا بالجزء؟ فوجدت الخواتيم الصحيحة.

ففتحت منها واحداً من وسطها فوجدتُ فيه مكتوباً: ما يقول العالمعليه‌السلام في رجل قال: نذرتُ لله لأعتقنَّ كلَّ مملوك كان في رقّي قديماً وكان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطّه: ليعتقنّ من كان في ملكه من قبل ستة أشهر والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: «وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ » وكل مملوك لستة أشهر فما فوق فهو قديم وفككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: والله لأتصدَّقنّ بمالٍ كثير فيما يتصدَّق؟ الجواب تحته بخطّه: إن كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدَّق بأربع وثمانين شاة، وإن كان من أصحاب النعم فليتصدَّق بأربع وثمانين بعيراً، وإن كان من أرباب الدراهم فليتصدَّق بأربع وثمانين درهماً والدليل عليه قوله تعالى «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ
» فعددت مواطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نزول تلك الآية فكانت أربع وثمانين موطناً.

... فلمّا وافى خراسان وجد الذين ردّ عليهم أموالهم ارتدّوا إلى الفطحيّة وشطيطة على الحقِّ فبلّغها سلامه وأعطاها صرّته وشقّته، فعاشت كما قالعليه‌السلام فلمّا توفيت شطيطة جاء الإمام على بعيرٍ له فلمّا فرغ من تجهيزها ركب بعيره وانثنى نحو البرية، وقال: عرّف أصحابك واقرأهم منّي السلام وقل لهم: إنّي ومن يجري مجراي من الأئمة لا بدَّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم(١).

أقول: الإمام الكاظمعليه‌السلام روحي فداه حضر عندها مع بعد المسافة وجهَّزها أسفي عليك يا غريب كربلا مَن الذي جهّزك مَنْ الذي شيّعَك.

_________________________

(١) البحار نقلاً عن المناقب ج ٣ ص ٤٠٩.

٤٥

* * *

بالله هل رفعت جنازته وهل

صلّى صلاة الميتين إمامها

بالله هل واريتموها في الثرى

وهل استقرَّت في اللحود رمامها

يا جثة ما شيّعت يوماً ولا

نحو القبور سعت بها أقدامها

* * *

يقول أديب آخر

ما شيعت نعشه أيدي أحبته

ولا جنازته شيلت بتوقيرِ

تهابه الوحش أن تدنو لمصرعه

وقد أقام ثلاثاً غير مقبور

وكأني بالحوراء زينبعليها‌السلام

نادت الحوره ابصوت يرض الغاضريه

عنچ اشلون امشي وأخوتي على الوطيه

او هذي عليَّ اعظم رزية من زماني

بيها ابچتل احسين بربوعچ رماني

اوتاه الفكر مني اوآنه المعروفه شاني

ابجسمه اليظل عاري او على اترابچ رميّه

منچ اريد اتغسِلِّيْ واتكفّنينه

واتشيعيه او وسط لحده اتوسّدينه

او نصبيله ماتم بعد دفنه لو مشينه

او خل بيه تنعى الناعيه صبح او مسيّه

عنها لسان الحال رد اعلى العقيلة

ما الي الدفن ابن النبي چاره وحيله

جسمه اموزع بالفله واشلون اشيله

نادي بني هاشم الدفنه ابها لمسيّة

* * *

وانچان گلتيلي بني هاشم بعيدين

ما يسمعون الصوت ودّي طارش الحسين

او خلي يصيح ابصوت عالي ذبحوا احسين

او داسوا على جسمه ابخيل الاعوجيه

* * *

گالت الحوره امتين الى طارش او مرسول

وآنه بگيت ابدار غربه او كل هلي اچتول

مـا عندي غير اعليل فكري اعليه مذهول

جذبوا افراشه او فرهدوه اجلاف اميه

٤٦

* * *

يا كربلا آنه الدهر ما انصف اوياي

خلاني ما بين الأعادي اخلاف ولياي

فوگ الهزل واحسين مرمي اگبال عيناي

او هاي الرزيّه البيها هانت كل رزيه

* * *

انه الدهر طگني على اعيوني او عماني

او آنه الدهر بفراگ اهل بيتي دهاني

يا ريت ميته من گبل موته اخواني

أهل الشرف واهل المعالي والحميه

* * *

٤٧

٤٨

المجلس السابع

الموضوع: باب الحوائج

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي

لكليم الأحشاء موسى بكائي

وهو روح من خاتم الأنبياء

قد تداعى من الهدى فيه ركن

فتداعى للدين أسمى بناءِ

وتوارى نجم الإمامة خَسْفاً

فتوارى للحقّ أسنى ضياءِ

أودعوهُ طامورةً قطّ فيها

لم يُميّز بين الدّجى والضيّاء

فسقاهُ السّندي في رطباتٍ

شرّ سمّ سقاهُ مرّ الفناءِ

وتبقّى ثلاثة دون دفن

وهو مُلقىً ما بينهم بالعراءِ

فلهُ أُسوة البقاء ثلاثاً

دون دفنٍ بسيّد الشهداءِ

حملوه والحديد ضجيج

بين رجليه من قيود البلاءِ

* * *

من سمع ويلي گبل هذا الشهيد

ميتٍ شالوه وابرجله الحديد

لچن ابغربه وماله من عضيد

وأظهرت اشرارها المكتومها

* * *

ألف يا حيف ألف وأكثر وسافه

يظل نعشك على جسر الرصافه

وطبيب الگلب ابچفك وشافه

ايگول اولا عشيرة الهاذ تظهر

٤٩

* * *

وگف يم اجنازته ابن سويد وياه الطبيب

شال چف ايده او شمه وارتفع منه النحيب

گال هذا من عشيرة لو ابلدتكم غريب

انچان تسأل عن سبب موته تره بالسم گضه

* * *

على الجسر ملقىً برمضائها

به أشفت القوم أضغانها

موضوع المجلس السابع: باب الحوائج

قال شيخ الحنابلة «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أُحب»

من أبرز الألقاب وأكثرها شيوعاً للامام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام هو باب الحوائج، فقد اشتهر بين الخاص والعام أنه ما قصده مكروب أو حزين إلّا فرّج الله آلامه وأحزانه، وما استجار أحد بضريحه المقدّس إلّا قضيت حوائجه ورجع إلى أهله مثلوج القلب، يقول السيد عبد الباقي العمري:

لذ واستجر متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بأبي الرضا جد الجواد

محمد موسى بن جعفر

ومناقبٌ شهد العدو بفضلها

والفضل ما شهدت به الاعداء

فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أحب...»(١).

وقال الامام الشافعي «قبر موسى بن جعفر الترياق المجرّب».

وقد روى الخطيب البغدادي في تأريخ بغداد قصة، كان فيها شاهد عيان فقد
رأى امرأة مذهولة قد فقدت رشدها لأنها أخبرت أن ولدها اعتقلته السلطة المحلية
وأودعته السجنَ، فأخذت تهرول نحو ضريح الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام مستجيرةً
_________________________

(١) باقر شريف القرشي ج ١، ص ٥١.

٥٠

به، فرآها بعض الأوغاد ممّن لا يؤمن بالإمام فقال لها إلى أين؟ فقالت إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فانّه قد حبس ابني، فقال لها بسخرية واستهزاء «إنه قد مات بالحبس» فاندفعت تقول بحرارة وقد لذعها قوله «اللهمَّ بحقِّ المقتول في الحبس اسألك أن تريني القدرة» فاستجاب الله لدعاءها فأطلق سراح ولدها، وأودع ابن المستهزئ في ظلمات السجون بجرم ذلك الشخص.

شفاء أحمد بن ربيعة ببركة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

نقل الشيخ الحائريرحمه‌الله في نور الأبصار نقلاً عن البحار، أن أحمد بن ربيعة كان أحد كتّاب الخليفة المقتدر بالله ظهر جرح في إحدى يديه ولم تزل تُزاد العلّة حتى اسودّت يده ونتنت وظهرت منها رائحة كريهة وأمر المعالج بقطعها استمهلهم ليلة ثم لجأ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام واستدعى منه الخلاص فنام فرأى أمير المؤمنينعليه‌السلام فيما يراه النائم وقال له يا أحمد إني لمشغول عنك إذهب إلى ولدي موسى بن جعفر وسله حتى تبرئ من علتك فلمّا انتبه اغتسل وتطيّب وأمر بأن يحملوه في محمل إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ففعلوا ذلك وجاءوا به إلى القبر الشريف فرمى بنفسه على القبر وجعل يبكي ويتضرع ويتمسح بتراب القبر ويطلب الشفاء ثمّ مدَّ يده فلما أصبح جاءوا إليه وكشفوا عنها فإذا هي بأحسن ما يكون كأن لم يكن فيها جرح ببركة تربة موسى بن جعفر والتوسل به.

يقول الشاعر:

زر ببغداد قبر موسى بن جعفر

قبر موسى مديحه ليس ينكر

هو بابٌ إلى المهيمن تقضى

منه حاجاتنا وتُحبى وتحبر

هو حصني وعدّتي وغياثي

وملاذي وموئلي يوم أحشر

كم مريضٍ وافى إليه فعافاه

وأعمى أتاه صحَّ وأبصر

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة «... مستجيرٌ بكم، زائرٌ لكم لائذٌ عائذٌ بقبوركم مستشفعٌ إلى الله عزَّ وجلَّ بكم ومُتقرّبٌ بكم إليه ومُقدِّمكم اَمام طلبتي وحوائجي...».

٥١

الإمام في سجن السندي بن شاهك

كان من أشدّ السجون على إمامنا موسى بن جعفرعليه‌السلام سجن السندي بن شاهك وكان طامورةً لا يُعرف فيها الليل من النهار، وفي هذا السجن زاره ابن سويد ولما أراد النزول قال له الامامعليه‌السلام لحظة يا بن سويد لأسرج لك، يقول فلما نظرت وإذا بسلاسل الحديد والقيود في رجلي الامامعليه‌السلام وقد أشار السيد ابن طاووس في زيارة الامامعليه‌السلام : «... والمعذَّب في قعر السجون وظلم المطامير، ذي الساق المرضوض بعَلَق القيود»

وكذلك ورد في زيارة الجامعة لأئمة المؤمنين: «ومُكبَّل في السجن قد رُضَّت بالحديد أعضائه». يقول ابن سويد فسألت الامام بمسائل فأجاب عنها وقلت له مسألة واحدة يا سيّدي، فقال لي سَل؟ قلتَ متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟ فقالعليه‌السلام ان الفرجَ قريب متى؟ قال يوم الجمعة، وأين؟ قال ضحىً على الجسر ببغداد، يقول ابن سويد خرجت وأنا لا تكاد تحملني رجلاي من الفرح والسرور وأقبلتُ إلى الشيعة أقولُ لهم البشارة البشارة، إمامكم سوف يخرج يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد، قال ابن سويد وبينما نحن وقوف بيوم الجمعة على الجسر وإذا بجنازة يحملها أربع من السجانين والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة.

تحل جسمي وغده ينلظم بالسم

وثغري بالفرح ما يوم بسم

على المات ابسجن هارون بالسم

ونعشه على الجسر خلوه رميه

* * *

عالجسر خلوه فرجه لليروح ولليرد

والمنادي عليه ينادي والنده ايذوب الچبد

مر طبيب البلد شافه وگام ينشد والنشد

مال هالميت عشيرة ابثاره تطلب لا تهيد

* * *

گالوله غريب أهله امبينين

لچن بالمدينة اعليه بعيدين

ابن عمّك الكاظم گال هالحين

انزلوا واخذوه نعشه او لا تخافون

٥٢

* * *

جابه أو غسّله او حنّطه او لفّه

ابحبرته او شال تابوته اعلى چتفه

مشه مكشوف راسه حافي خلفه

كثر تشييعهم والناس يبچون

* * *

ولا واحد حضر لحسين ذاك اليوم

يخلّص جثته من سحگ خيل الگوم

يواريه أو يخلص زينب او چلثوم

او يخلص اطفال تبچي اولا يهيدون

لهفي على الجسم المعظمّ يشتكي

من بعد رشق النبل رضّ جياد

* * *

٥٣

٥٤

المجلس الثامن

الموضوع: كرامات الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ محمّد الملّا

لم تجر ذكرى يومهم في مسمع

إلّا وغادرت السّلوّ هشيما

فمن الّذي يهدي المضلّ إلى الهدى

من بعدهم أو ينصف المظلوما

وبلطفه يغني الورى وبسيفه

يجلو عن الدّين الحنيف هموما

هذا قضى قتلاً وذاك مغيّبا

خوف الطّغاة وذا قضى مسموما

من مبلغ الإسلام أنّ زعيمه

قد مات في سجن الرّشيد سميما

فالغيّ بات بموته طرب الحشا

وغدا لمأتمه الرّشاد مقيما

ملقىً على جسر الرّصافة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيما

* * *

ويل قلبي على الذي أمسى وَحيد

بالحبس لمن گضة بسمِّ الرشيد

عالجسر جابوه وبرجله الحديد

بالعبا ملفوف مسلوب الثياب

* * *

ياگلب ذوب وتفسّر وانفطِرْ

واجذب الونّة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

٥٥

كرامات الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام كثيرة نذكر بعضها:

مع شقيق البلخي

قال شقيق البلخي: خرجتُ حاجّاً في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية، فبينا أن أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم، فنظرتُ إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي، هذا الفتى من الصوفية يريدُ أن يكون كلّاً على الناس في طريقهم والله لأمضينّ إليه ولأُوبخنّه، فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (١) ثم تركني ومضى، فقلت في نفسي إن هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلّا عبدٌ صالح لألحقنّه ولأسألنّه أن يحلّلني فأسرعت في أثره فلم ألحقهُ وغاب من عيني، فلمّا نزلنا واقصة وإذا به يُصلّي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه، فصبرتُ حتّى جلس، وأقبلت نحوه فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق اتل «وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى» ثمَّ تركني ومضى، فقلت: إنَّ هذا الفتى لمن الأبدال، لقد تكلَّم على سرّي مرَّتين فلما نزلنا زُبالة إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماءاً فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:

أنت شربي إذا ظمئت إلى الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

«اللهمَّ سيّدي مالي غيرها فلا تعدمنيها»، قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد
ارتفع ماؤها فمدَّ يده وأخذ الركوة وملؤها ماء، فتوضأ وصلّى أربع ركعات، ثمَّ مال
إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحرّكه ويشرب، فأقبلت
إليه وسلّمت عليه فردَّ عليَّ السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال
يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ثمَّ ناولني الركوة
فشربت منها فاذا هو سويق وسكّر فوالله ما شربتُ قط ألذّ منه ولا أطيب ريحاً
_________________________

(١) سورة الحجرات: ١٢.

٥٦

فشبعت ورويت وأقمت أيّاماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً، ثمَّ لم أره حتّى دخلنا مكّة، فرأيته ليلةً إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل قائماً يُصلّي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتّى ذهب اللّيل، فلمّا رأى الفجر جلس في مصلّاه يسبّح ثمَّ قام فصلّى الغداة، وطاف بالبيت اسبوعاً وخرج فتبعته وإذا له غاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلّمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام فقلت: قد عجبت أن يكون هذه العجائب إلّا لمثل هذا السيّد ولقد نظم بعض المتقدّمين واقعة شقيق معه في أبيات شعرية:

سل شقيق البلخيّ عنه وما

عاين منه وما الذي كان أبصر

قال لمّا حججت عاينت شخصاً

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائراً وحده وليس له زاد

فما زلت دائماً أتفكّر

وتوهَّمت أنه يسأل الناس

ولم أدر أنّه الحجُّ الأكبر

ثم عاينته ونحن نزولُ

دون فيدٍ على الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الأناء ويشربه

فناديته وعقلي محيّر

اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقاً وسكّر

فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسى بن جعفر

مع علي بن يقطين وابراهيم الجمّال

روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحاره ج ٤٨: ص ٨٥، عن محمد بن علي الصوفي: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحجَّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه، فرآه ثاني يومه فقال عليُّ بن يقطين: يا سيّدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال وقد أبى الله ان يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال فقلت: سيّدي ومولاي مَن لي بابراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟ فقال إذا كان اللّيل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك واركب نجيباً هناك مُسرَّجاً قال: فوافى البقيع وركب

٥٧

النجيب ولم يلبث أن أناخهُ على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة فقرع الباب وقال: أنا علي بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟! فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا إنَّ أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له: فلمّا دخل قال: يا ابراهيم إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو يغفر لي، فقال: يغفر الله لك فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعليُّ بن يقطين يقول: «اللهمَّ اشهد، ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله»(١).

خبر دراعة خزسوداء

روى ابن شهرآشوب في المناقب الجزء السابع ص ٢٨٩: قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها وفيها دراعة خزسوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ ابن يقطين بها إلى موسى بن جعفر مع مال كثير، فلما وصل إلى أبي الحسن قبل المال وردَّ الدراعة وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها من بيتك فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه، فلمّا كان بعد أيام تغيّر علي بن يقطين على غلام له فصرفه عن خدمته، فسعى الغلام به إلى الرشيد فقال انه يقول بامامة موسى بن جعفر ويحمل اليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين فغضب الرشيد غضباً شديداً وقال: ان كان الأمر على ما تقول أزهقت نفسه فانفذ باحضار ابن يقطين وقال: عليَّ بالدراعة التي كسوتك بها إليَّ الساعة فانفذ خادماً وقال آتيني بالسفط الفلاني، فلما جاء به وضعه بين يدي الرشيد وفتحه فنظر إلى الدراعة بحالها مطوية مدفونه في الطيب فسكن الرشيد من غضبه وقال: انصرف راشداً فلن أصدِّق بعدها ساعياً، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وتقدّم بضرب الساعي حتى مات منه.

_________________________

(١) بحار: ج ٤٨، نقلاً عن عيون المعجزات ص ٩٠.

٥٨

أقول: كما سُعي بعلي بن يقطين كذلك سُعي بالامام موسى بن جعفر، وكان محمد بن اسماعيل بن الصادقعليه‌السلام سعى بعمه موسى إلى الرشيد، وذلك لمّا ورد الرشيد إلى الحجاز فقال: أما علمت ان في الارض خليفتين يُجبى اليهما الخراج فقال الرشيد: ويلك أنا ومن؟ قال موسى بن جعفر وأظهر أسراره، فقبض عليه (اي على الامام موسى الكاظم) وكان قائماً يُصلّي عند رأس النبي فقطع عليه صلاته وحمل ولم يزل ينقل من سجن إلى سجن آخر.

سعى بابن خيرِ الرُسلِ يا خابَ سَعْيُهُ

فغادَرَهُ رَهنَ الحبوس مُقيّدا

ودسَّ له سُمّاً فأورى فؤادَهُ

وكُلَّ فُؤادٍ منهُ حُزناً تَوقَّدا

* * *

عجيبه مصيبته والله عجيبه

من سجن السجن الظالم يجيبه

وچبده من الألم زايد لهيبه

* * *

يا گلب ذوب وتفطر وانكسر

واجذب الحسرة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

اصبح الناعي يحيدر شابچ العشرة ويون

عالگبر يفتر ودَمعه يشب لصبَّ المِزن

گوم شوف ابنك ينادي اليوم گوَّض بالسجن

وتم ثلث تيام ميّت بالسجن لچن وحيد

* * *

بأبي ثاوياً ببغداد قاسى

كُرباتٍ حتى قضى محبوسا

* * *

٥٩

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126