مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون28%

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون مؤلف:
تصنيف: الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام
الصفحات: 126

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون
  • البداية
  • السابق
  • 126 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49674 / تحميل: 5100
الحجم الحجم الحجم
مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مجالس في رحاب الإمام المعذّب في قعر السجون

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

المجلس السادس

الموضوع: اخباره بالمغيّبات

القصيدة: للسيد مهدي الاعرجي

رحلوا وما رحلوا أُهيل ودادي

إلا بحسن تصبّري وفؤادي

ساروا ولكن خلّفوني بعدهم

حزناً أصوب الدمع صوب عهاد

وسرت بقلبي المستهام ركابهم

تعلوا به جبلاً وتهبط وادي

وخلت منازلهم فها هي بعدهم

قفرى وما فيها سوى الأوتاد

تأوي الوحوش بها فسربٌ رائحٌ

بفناء ساحتها وسرب غادي

ولقد وقفت بها وقوف مولّهٍ

وبمهجتي للوجد قدح زنادِ

أبكي بها طوراً لفرط صبابتي

وأصيح فيها تارة وأُنادي

يا دار قد ذكّرتني بعراصك الـ

ـقفرا عراص بني النبيّ الهادي

لمّا سرى عنها ابن بنت محمّد

بالأهل والأصحاب والأولادِ

مذ كاتبوه بنو الشقا اقدم فليـ

سَ سواك نعرفُ من إمام هادي

لكنّه مذ جاءهم غدروا به

واستقبلوه في ضبأ وصحادِ

تباً لهم من أمّةٍ لم يحفظوا

عهد النبيّ بآله الأمجادِ

قد شتتوهم بين مقهور ومأ

سورٍ ومنحورٍ بسيفِ عنادِ

هذا بسامرا وذاك بكربلا

وبطوس ذاك وذاك في بغداد

لهفي وهل يُجدي أسىً لهفي على

موسى بن جعفر علّة الايجاد

مازال ينقلُ في السجون معانياً

عضّ القيود ومثقل الأصفاد

قطع الرشيد عليه فرض صلاته

قسراً وأظهر كامن الأحقاد

حتى إليه دسَّ سمّاً قاتلاً

فأصابَ أقصى منيةٍ ومراد

وضعوا على جسر الرصافة نعشه

وعليه نادى بالهوان منادي

* * *

٤١

يا عين سيلي الدمع غدران

أو يا گلب ذوب ابتار الأحزان

الباب الحوايج سر الأكوان

وسافه اعله موسى ماله أعوان

محبوس گضّه العمر ما بان

من حبس ابن شاهك السجان

لمّن سمّه وچبده صار نيران

وخلاه يلوج اوحيد نحلان

لمّن گضه والچبد خلصان

* * *

فقضى سميماً حيث لا متعطف

عليه ولا حان هناك يعلل

المقدمة:

( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ... ) (١).

ممّا لا شك فيه أن الله عزَّ وجلَّ اطلع أنبياءه ورسله على بعض هذه المغيّبات، فمثلاً عيسى روح اللهعليه‌السلام يُحدِّث قومه كما حكى عنه القرآن( ... وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ
وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ ...
) (٢) وهكذا بالنسبة لنبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حينما أطلعه الله عزَّ وجلَّ كما في سورة الروم( الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن
بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ
* فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّـهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ
يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ
* بِنَصْرِ اللَّـهِ ) (٣) وغيرها من الآيات المباركات كما في فتح مكة وغيرها من الإخبار بالأمور المستقبلية. ولا مانع من ذلك ان الله عزّ وجلّ يُطلع انبياءه ورسله عن بعض هذه المُغيّبات، لذلك ورد في الآية الشريفة من سورة الجن، الاستثناء «عالم الغيب فلا يظهرُ على غيبه أحداً إلّا من ارتضى من رسول» ونبيّنا الاكرم ارتضاه الله لدينه فاطلعه على بعض هذه المغيّبات، وكذلك الائمة المعصومين فهم ورثة الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد روي عن الامام الصادقعليه‌السلام «قد ورثنا رسول الله في كل شيء ما عدا النبوّة والأزواج». فلا مانع من إخبارهم ببعض المُغيّبات.

_________________________

(١) سورة الجن: ٢٦ ـ ٢٧.

(٢) سورة آل عمران: ٤٩.

(٣) سورة الروم: ١ ـ ٥.

٤٢

بعض ما أخبر به الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

١ ـ روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحار الأنوار ج ٤٨ ص ٣٢ عن الوشّاء الحسن بن عليّ قال: حججتُ أنا وخالي إسماعيل بن إلياس فكتبت إلى أبي الحسن الأوَّل وكتب خالي: إنَّ لي بنات وليسَ لي ذكر، وقد قُتل رجالنا، وقد خلّفتُ امرأتي حاملاً فادع الله أن يجعله غلاماً وسمّه، فوقّع في الكتاب قد قضى الله حاجتك فسمّه محمّداً، فقدمنا إلى الكوفة وقد وُلد له غلام قبل وصولنا الكوفة بستّة أيّام، دخلنا يوم سابعه، فقال أبو محمد هو والله اليوم رجل وله أولاد.

أقول: الإمام المعصوم ليس بينه وبين الله حجاب، ووعاءه يستوعب ويتلقى الفيض من الله سبحانه مباشرة، والإمام هو خليفة الله في أرضه ولا بدَّ ان يطّلع على أحوال رعيّته... الخ.

٢ ـ روى هشام بن أحمر أنّه ورد تاجر من المغرب ومعه جوار، فعرضهنَّ على أبي الحسنعليه‌السلام فلم يختر منهنَّ شيئاً وقال: أرنا؟ فقال عندي أُخرى وهي مريضة فقال: ما عليك أن تعرضها، فأبى فانصرف ثم إنّه أرسلني من الغد إليه وقال: قل له: كم غايتك فيها؟ فقال: ما أنقصها من كذا وكذا فقلت قد أخذتها وهو لك، فقال: وهي لك ولكن من الرجل؟ فقلت: رجل من بني هاشم فقال: من أي بني هاشم؟ قلت: ما عندي أكثر من هذا.

فقال أُخبرك عن هذه الوصيفة إني اشترتيها من أقصى المغرب فلقيتني امرأة من أهل الكتاب فقالت: ما هذه الوصيفة معك؟ فقلت اشتريتها لنفسي فقالت: ما ينبغي أن تكون هذه عند مثلك، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض، ولا تلبث عنده إلّا قليلاً حتى تلد منه غلاماً ما يولد بشرق الأرض ولا غربها مثله، يدين له شرق الأرض وغربها، قال فأتيته بها فلم يلبث إلّا قليلاً حتّى ولدت عليّا الرِّضاعليه‌السلام (١).

_________________________

(١) بحار الأنوار: ج ٤٨، ص ٣٣.

٤٣

٣ ـ خير شطيطة: روى العلامة المجلسي في بحاره ج ٤٨، ص ٧٣ في خبر طويل: انه اجتمعت عصابة الشيعة بنيسابور واختاروا محمد بن عليِّ النيسابوري فدفعوا إليه ثلاثين ألف دينار وخمسين ألف درهم وشقّة من الثياب، وأتت شطيطة بدرهم صحيح وشقّة خام من غزل يدها تساوي أربعة دراهم فقالت: إنَّ الله لا يستحي من الحقِّ، قال: فثنيت درهمها وجاءوا بجزء فيه مسائل ملئ سبعين ورقة في كل ورقة مسألة وباقي الورق بياض ليكتب الجواب تحتها وقد حزمت كلّ ورقتين بثلاث حزم وختم عليها بثلاث خواتيم على كلّ حزام خاتم، وقالوا: ادفع إلى الإمام ليلة وخذ منه في غد، فان وجدت الجزء صحيح الخواتم فاكسر منها خمسة وانظر هل أجاب عن المسائل فان لم تنكسر الخواتيم فهو الإمام المستحقّ للمال فادفع إليه، وإلا فردّ إلينا أموالنا، فدخل على الأفطح عبدالله بن جعفر وجرَّبه وخرج عنه قائلاً ربّ اهدني إلى سواء الصراط، قال: فبينما أنا واقف إذا أنا بغلام يقول: أجب من تريد، فأتى بي دار موسى بن جعفر فلمّا رآني قال لي لِمَ تقنط يا أبا جعفر؟ ولِمَ تفزع إلى اليهود والنصارى؟ إليَّ فأنا حجّة الله ووليّه، ألم يعرِّفك أبو حمزة على باب مسجد جدِّي، وقد أجبتُك عمّا في الجزء من المسائل بجميع ما تحتاج إليه منذ أمس فجئني به وبدرهم شطيطة الذي وزنه درهم ودانقان الذي في الكيس الذي فيه أربعمائة درهم للوازوري، والشُقّة التي في رزمة الأخوين البلخيّين، قال: فطار عقلي من مقاله، وأتيت بما أمرني ووضعت ذلك قبله فأخذ درهم شطيطة وإزارها ثم استقبلني وقال: إن الله لا يستحيي من الحقّ يا أبا جعفر أبلغ شطيطة سلامي وأعطها هذه الصّرة وكانت أربعين درهماً ثم قال: وأهديتُ لها شقة من أكفاني من قطن قريتنا صيدا قرية فاطمةعليها‌السلام وغزل أُختي حليمة ابنة أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام ثمَّ قال: وقل لها ستعيشين تسعة عشر يوماً من وصول أبي جعفر ووصول الشقّة والدراهم فانفقي على نفسك منها ستّة عشر درهماً، وأجعلي أربعة وعشرين صدقة عنكِ وما يلزم عنكِ، وأنا أتولّى الصلاة عليك، فاذا رأيتني يا أبا جعفر فاكتم عليّ، فانّه أبقى لنفسكِ، ثمَّ قال: وأردد الأموال

٤٤

إلى أصحابها، وافكك هذه الخواتيم عن الجزء وانظر هل أجبناك عن المسائل أم لا، مِن قبل أن تجيئنا بالجزء؟ فوجدت الخواتيم الصحيحة.

ففتحت منها واحداً من وسطها فوجدتُ فيه مكتوباً: ما يقول العالمعليه‌السلام في رجل قال: نذرتُ لله لأعتقنَّ كلَّ مملوك كان في رقّي قديماً وكان له جماعة من العبيد؟ الجواب بخطّه: ليعتقنّ من كان في ملكه من قبل ستة أشهر والدليل على صحة ذلك قوله تعالى: «وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ » وكل مملوك لستة أشهر فما فوق فهو قديم وفككت الختام الثاني فوجدت ما تحته: ما يقول العالم في رجل قال: والله لأتصدَّقنّ بمالٍ كثير فيما يتصدَّق؟ الجواب تحته بخطّه: إن كان الذي حلف من أرباب شياه فليتصدَّق بأربع وثمانين شاة، وإن كان من أصحاب النعم فليتصدَّق بأربع وثمانين بعيراً، وإن كان من أرباب الدراهم فليتصدَّق بأربع وثمانين درهماً والدليل عليه قوله تعالى «لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي
مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ
» فعددت مواطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل نزول تلك الآية فكانت أربع وثمانين موطناً.

... فلمّا وافى خراسان وجد الذين ردّ عليهم أموالهم ارتدّوا إلى الفطحيّة وشطيطة على الحقِّ فبلّغها سلامه وأعطاها صرّته وشقّته، فعاشت كما قالعليه‌السلام فلمّا توفيت شطيطة جاء الإمام على بعيرٍ له فلمّا فرغ من تجهيزها ركب بعيره وانثنى نحو البرية، وقال: عرّف أصحابك واقرأهم منّي السلام وقل لهم: إنّي ومن يجري مجراي من الأئمة لا بدَّ لنا من حضور جنائزكم في أيّ بلد كنتم، فاتقوا الله في أنفسكم(١).

أقول: الإمام الكاظمعليه‌السلام روحي فداه حضر عندها مع بعد المسافة وجهَّزها أسفي عليك يا غريب كربلا مَن الذي جهّزك مَنْ الذي شيّعَك.

_________________________

(١) البحار نقلاً عن المناقب ج ٣ ص ٤٠٩.

٤٥

* * *

بالله هل رفعت جنازته وهل

صلّى صلاة الميتين إمامها

بالله هل واريتموها في الثرى

وهل استقرَّت في اللحود رمامها

يا جثة ما شيّعت يوماً ولا

نحو القبور سعت بها أقدامها

* * *

يقول أديب آخر

ما شيعت نعشه أيدي أحبته

ولا جنازته شيلت بتوقيرِ

تهابه الوحش أن تدنو لمصرعه

وقد أقام ثلاثاً غير مقبور

وكأني بالحوراء زينبعليها‌السلام

نادت الحوره ابصوت يرض الغاضريه

عنچ اشلون امشي وأخوتي على الوطيه

او هذي عليَّ اعظم رزية من زماني

بيها ابچتل احسين بربوعچ رماني

اوتاه الفكر مني اوآنه المعروفه شاني

ابجسمه اليظل عاري او على اترابچ رميّه

منچ اريد اتغسِلِّيْ واتكفّنينه

واتشيعيه او وسط لحده اتوسّدينه

او نصبيله ماتم بعد دفنه لو مشينه

او خل بيه تنعى الناعيه صبح او مسيّه

عنها لسان الحال رد اعلى العقيلة

ما الي الدفن ابن النبي چاره وحيله

جسمه اموزع بالفله واشلون اشيله

نادي بني هاشم الدفنه ابها لمسيّة

* * *

وانچان گلتيلي بني هاشم بعيدين

ما يسمعون الصوت ودّي طارش الحسين

او خلي يصيح ابصوت عالي ذبحوا احسين

او داسوا على جسمه ابخيل الاعوجيه

* * *

گالت الحوره امتين الى طارش او مرسول

وآنه بگيت ابدار غربه او كل هلي اچتول

مـا عندي غير اعليل فكري اعليه مذهول

جذبوا افراشه او فرهدوه اجلاف اميه

٤٦

* * *

يا كربلا آنه الدهر ما انصف اوياي

خلاني ما بين الأعادي اخلاف ولياي

فوگ الهزل واحسين مرمي اگبال عيناي

او هاي الرزيّه البيها هانت كل رزيه

* * *

انه الدهر طگني على اعيوني او عماني

او آنه الدهر بفراگ اهل بيتي دهاني

يا ريت ميته من گبل موته اخواني

أهل الشرف واهل المعالي والحميه

* * *

٤٧

٤٨

المجلس السابع

الموضوع: باب الحوائج

القصيدة: للشيخ عبد المنعم الفرطوسي

لكليم الأحشاء موسى بكائي

وهو روح من خاتم الأنبياء

قد تداعى من الهدى فيه ركن

فتداعى للدين أسمى بناءِ

وتوارى نجم الإمامة خَسْفاً

فتوارى للحقّ أسنى ضياءِ

أودعوهُ طامورةً قطّ فيها

لم يُميّز بين الدّجى والضيّاء

فسقاهُ السّندي في رطباتٍ

شرّ سمّ سقاهُ مرّ الفناءِ

وتبقّى ثلاثة دون دفن

وهو مُلقىً ما بينهم بالعراءِ

فلهُ أُسوة البقاء ثلاثاً

دون دفنٍ بسيّد الشهداءِ

حملوه والحديد ضجيج

بين رجليه من قيود البلاءِ

* * *

من سمع ويلي گبل هذا الشهيد

ميتٍ شالوه وابرجله الحديد

لچن ابغربه وماله من عضيد

وأظهرت اشرارها المكتومها

* * *

ألف يا حيف ألف وأكثر وسافه

يظل نعشك على جسر الرصافه

وطبيب الگلب ابچفك وشافه

ايگول اولا عشيرة الهاذ تظهر

٤٩

* * *

وگف يم اجنازته ابن سويد وياه الطبيب

شال چف ايده او شمه وارتفع منه النحيب

گال هذا من عشيرة لو ابلدتكم غريب

انچان تسأل عن سبب موته تره بالسم گضه

* * *

على الجسر ملقىً برمضائها

به أشفت القوم أضغانها

موضوع المجلس السابع: باب الحوائج

قال شيخ الحنابلة «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أُحب»

من أبرز الألقاب وأكثرها شيوعاً للامام الكاظم موسى بن جعفرعليه‌السلام هو باب الحوائج، فقد اشتهر بين الخاص والعام أنه ما قصده مكروب أو حزين إلّا فرّج الله آلامه وأحزانه، وما استجار أحد بضريحه المقدّس إلّا قضيت حوائجه ورجع إلى أهله مثلوج القلب، يقول السيد عبد الباقي العمري:

لذ واستجر متوسلاً

إن ضاق أمرك أو تعسّر

بأبي الرضا جد الجواد

محمد موسى بن جعفر

ومناقبٌ شهد العدو بفضلها

والفضل ما شهدت به الاعداء

فهذا شيخ الحنابلة وعميدهم الروحي أبو علي الخلال يقول «ما همّني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر إلّا سهل الله تعالى لي ما أحب...»(١).

وقال الامام الشافعي «قبر موسى بن جعفر الترياق المجرّب».

وقد روى الخطيب البغدادي في تأريخ بغداد قصة، كان فيها شاهد عيان فقد
رأى امرأة مذهولة قد فقدت رشدها لأنها أخبرت أن ولدها اعتقلته السلطة المحلية
وأودعته السجنَ، فأخذت تهرول نحو ضريح الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام مستجيرةً
_________________________

(١) باقر شريف القرشي ج ١، ص ٥١.

٥٠

به، فرآها بعض الأوغاد ممّن لا يؤمن بالإمام فقال لها إلى أين؟ فقالت إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فانّه قد حبس ابني، فقال لها بسخرية واستهزاء «إنه قد مات بالحبس» فاندفعت تقول بحرارة وقد لذعها قوله «اللهمَّ بحقِّ المقتول في الحبس اسألك أن تريني القدرة» فاستجاب الله لدعاءها فأطلق سراح ولدها، وأودع ابن المستهزئ في ظلمات السجون بجرم ذلك الشخص.

شفاء أحمد بن ربيعة ببركة الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام

نقل الشيخ الحائريرحمه‌الله في نور الأبصار نقلاً عن البحار، أن أحمد بن ربيعة كان أحد كتّاب الخليفة المقتدر بالله ظهر جرح في إحدى يديه ولم تزل تُزاد العلّة حتى اسودّت يده ونتنت وظهرت منها رائحة كريهة وأمر المعالج بقطعها استمهلهم ليلة ثم لجأ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام واستدعى منه الخلاص فنام فرأى أمير المؤمنينعليه‌السلام فيما يراه النائم وقال له يا أحمد إني لمشغول عنك إذهب إلى ولدي موسى بن جعفر وسله حتى تبرئ من علتك فلمّا انتبه اغتسل وتطيّب وأمر بأن يحملوه في محمل إلى موسى بن جعفرعليه‌السلام ففعلوا ذلك وجاءوا به إلى القبر الشريف فرمى بنفسه على القبر وجعل يبكي ويتضرع ويتمسح بتراب القبر ويطلب الشفاء ثمّ مدَّ يده فلما أصبح جاءوا إليه وكشفوا عنها فإذا هي بأحسن ما يكون كأن لم يكن فيها جرح ببركة تربة موسى بن جعفر والتوسل به.

يقول الشاعر:

زر ببغداد قبر موسى بن جعفر

قبر موسى مديحه ليس ينكر

هو بابٌ إلى المهيمن تقضى

منه حاجاتنا وتُحبى وتحبر

هو حصني وعدّتي وغياثي

وملاذي وموئلي يوم أحشر

كم مريضٍ وافى إليه فعافاه

وأعمى أتاه صحَّ وأبصر

وفي الزيارة الجامعة الكبيرة «... مستجيرٌ بكم، زائرٌ لكم لائذٌ عائذٌ بقبوركم مستشفعٌ إلى الله عزَّ وجلَّ بكم ومُتقرّبٌ بكم إليه ومُقدِّمكم اَمام طلبتي وحوائجي...».

٥١

الإمام في سجن السندي بن شاهك

كان من أشدّ السجون على إمامنا موسى بن جعفرعليه‌السلام سجن السندي بن شاهك وكان طامورةً لا يُعرف فيها الليل من النهار، وفي هذا السجن زاره ابن سويد ولما أراد النزول قال له الامامعليه‌السلام لحظة يا بن سويد لأسرج لك، يقول فلما نظرت وإذا بسلاسل الحديد والقيود في رجلي الامامعليه‌السلام وقد أشار السيد ابن طاووس في زيارة الامامعليه‌السلام : «... والمعذَّب في قعر السجون وظلم المطامير، ذي الساق المرضوض بعَلَق القيود»

وكذلك ورد في زيارة الجامعة لأئمة المؤمنين: «ومُكبَّل في السجن قد رُضَّت بالحديد أعضائه». يقول ابن سويد فسألت الامام بمسائل فأجاب عنها وقلت له مسألة واحدة يا سيّدي، فقال لي سَل؟ قلتَ متى الفرج لقد ضاقت صدورنا؟ فقالعليه‌السلام ان الفرجَ قريب متى؟ قال يوم الجمعة، وأين؟ قال ضحىً على الجسر ببغداد، يقول ابن سويد خرجت وأنا لا تكاد تحملني رجلاي من الفرح والسرور وأقبلتُ إلى الشيعة أقولُ لهم البشارة البشارة، إمامكم سوف يخرج يوم الجمعة ضحىً على الجسر ببغداد، قال ابن سويد وبينما نحن وقوف بيوم الجمعة على الجسر وإذا بجنازة يحملها أربع من السجانين والمنادي ينادي هذا إمام الرافضة.

تحل جسمي وغده ينلظم بالسم

وثغري بالفرح ما يوم بسم

على المات ابسجن هارون بالسم

ونعشه على الجسر خلوه رميه

* * *

عالجسر خلوه فرجه لليروح ولليرد

والمنادي عليه ينادي والنده ايذوب الچبد

مر طبيب البلد شافه وگام ينشد والنشد

مال هالميت عشيرة ابثاره تطلب لا تهيد

* * *

گالوله غريب أهله امبينين

لچن بالمدينة اعليه بعيدين

ابن عمّك الكاظم گال هالحين

انزلوا واخذوه نعشه او لا تخافون

٥٢

* * *

جابه أو غسّله او حنّطه او لفّه

ابحبرته او شال تابوته اعلى چتفه

مشه مكشوف راسه حافي خلفه

كثر تشييعهم والناس يبچون

* * *

ولا واحد حضر لحسين ذاك اليوم

يخلّص جثته من سحگ خيل الگوم

يواريه أو يخلص زينب او چلثوم

او يخلص اطفال تبچي اولا يهيدون

لهفي على الجسم المعظمّ يشتكي

من بعد رشق النبل رضّ جياد

* * *

٥٣

٥٤

المجلس الثامن

الموضوع: كرامات الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة: للشيخ محمّد الملّا

لم تجر ذكرى يومهم في مسمع

إلّا وغادرت السّلوّ هشيما

فمن الّذي يهدي المضلّ إلى الهدى

من بعدهم أو ينصف المظلوما

وبلطفه يغني الورى وبسيفه

يجلو عن الدّين الحنيف هموما

هذا قضى قتلاً وذاك مغيّبا

خوف الطّغاة وذا قضى مسموما

من مبلغ الإسلام أنّ زعيمه

قد مات في سجن الرّشيد سميما

فالغيّ بات بموته طرب الحشا

وغدا لمأتمه الرّشاد مقيما

ملقىً على جسر الرّصافة نعشه

فيه الملائك أحدقوا تعظيما

* * *

ويل قلبي على الذي أمسى وَحيد

بالحبس لمن گضة بسمِّ الرشيد

عالجسر جابوه وبرجله الحديد

بالعبا ملفوف مسلوب الثياب

* * *

ياگلب ذوب وتفسّر وانفطِرْ

واجذب الونّة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

٥٥

كرامات الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام كثيرة نذكر بعضها:

مع شقيق البلخي

قال شقيق البلخي: خرجتُ حاجّاً في سنة تسع وأربعين ومائة فنزلت القادسية، فبينا أن أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم، فنظرتُ إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة في رجليه نعلان وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي، هذا الفتى من الصوفية يريدُ أن يكون كلّاً على الناس في طريقهم والله لأمضينّ إليه ولأُوبخنّه، فدنوت منه، فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق( اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ) (١) ثم تركني ومضى، فقلت في نفسي إن هذا الأمر عظيم قد تكلّم بما في نفسي ونطق باسمي، وما هذا إلّا عبدٌ صالح لألحقنّه ولأسألنّه أن يحلّلني فأسرعت في أثره فلم ألحقهُ وغاب من عيني، فلمّا نزلنا واقصة وإذا به يُصلّي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحلّه، فصبرتُ حتّى جلس، وأقبلت نحوه فلمّا رآني مقبلاً قال: يا شقيق اتل «وإنّي لغفّار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثمَّ اهتدى» ثمَّ تركني ومضى، فقلت: إنَّ هذا الفتى لمن الأبدال، لقد تكلَّم على سرّي مرَّتين فلما نزلنا زُبالة إذا بالفتى قائم على البئر وبيده ركوة يريد أن يستقي ماءاً فسقطت الركوة من يده في البئر وأنا أنظر إليه، فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:

أنت شربي إذا ظمئت إلى الماء

وقوتي إذا أردت الطعاما

«اللهمَّ سيّدي مالي غيرها فلا تعدمنيها»، قال شقيق: فوالله لقد رأيت البئر وقد
ارتفع ماؤها فمدَّ يده وأخذ الركوة وملؤها ماء، فتوضأ وصلّى أربع ركعات، ثمَّ مال
إلى كثيب رمل فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوة ويحرّكه ويشرب، فأقبلت
إليه وسلّمت عليه فردَّ عليَّ السلام فقلت أطعمني من فضل ما أنعم الله عليك، فقال
يا شقيق لم تزل نعمة الله علينا ظاهرة وباطنة فأحسن ظنّك بربّك ثمَّ ناولني الركوة
فشربت منها فاذا هو سويق وسكّر فوالله ما شربتُ قط ألذّ منه ولا أطيب ريحاً
_________________________

(١) سورة الحجرات: ١٢.

٥٦

فشبعت ورويت وأقمت أيّاماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً، ثمَّ لم أره حتّى دخلنا مكّة، فرأيته ليلةً إلى جنب قبّة الشراب في نصف الليل قائماً يُصلّي بخشوع وأنين وبكاء فلم يزل كذلك حتّى ذهب اللّيل، فلمّا رأى الفجر جلس في مصلّاه يسبّح ثمَّ قام فصلّى الغداة، وطاف بالبيت اسبوعاً وخرج فتبعته وإذا له غاشية وموال وهو على خلاف ما رأيته في الطريق، ودار به الناس من حوله يسلّمون عليه، فقلت لبعض من رأيته يقرب منه: من هذا الفتى؟ فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام فقلت: قد عجبت أن يكون هذه العجائب إلّا لمثل هذا السيّد ولقد نظم بعض المتقدّمين واقعة شقيق معه في أبيات شعرية:

سل شقيق البلخيّ عنه وما

عاين منه وما الذي كان أبصر

قال لمّا حججت عاينت شخصاً

شاحب اللون ناحل الجسم أسمر

سائراً وحده وليس له زاد

فما زلت دائماً أتفكّر

وتوهَّمت أنه يسأل الناس

ولم أدر أنّه الحجُّ الأكبر

ثم عاينته ونحن نزولُ

دون فيدٍ على الكثيب الأحمر

يضع الرمل في الأناء ويشربه

فناديته وعقلي محيّر

اسقني شربة فناولني منه

فعاينته سويقاً وسكّر

فسألت الحجيج من يك هذا؟

قيل هذا الامام موسى بن جعفر

مع علي بن يقطين وابراهيم الجمّال

روى العلامة المجلسيرحمه‌الله في بحاره ج ٤٨: ص ٨٥، عن محمد بن علي الصوفي: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن علي بن يقطين الوزير فحجبه، فحجَّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفر فحجبه، فرآه ثاني يومه فقال عليُّ بن يقطين: يا سيّدي ما ذنبي؟ فقال: حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال وقد أبى الله ان يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال فقلت: سيّدي ومولاي مَن لي بابراهيم الجمّال في هذا الوقت وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟ فقال إذا كان اللّيل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك واركب نجيباً هناك مُسرَّجاً قال: فوافى البقيع وركب

٥٧

النجيب ولم يلبث أن أناخهُ على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة فقرع الباب وقال: أنا علي بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟! فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا إنَّ أمري عظيم وآلى عليه أن يأذن له: فلمّا دخل قال: يا ابراهيم إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو يغفر لي، فقال: يغفر الله لك فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه فامتنع إبراهيم من ذلك فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدَّه وعليُّ بن يقطين يقول: «اللهمَّ اشهد، ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله»(١).

خبر دراعة خزسوداء

روى ابن شهرآشوب في المناقب الجزء السابع ص ٢٨٩: قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثياباً أكرمه بها وفيها دراعة خزسوداء من لباس الملوك مثقلة بالذهب، فأنفذ ابن يقطين بها إلى موسى بن جعفر مع مال كثير، فلما وصل إلى أبي الحسن قبل المال وردَّ الدراعة وكتب إليه احتفظ بها ولا تخرجها من بيتك فسيكون لك بها شأن تحتاج اليها معه، فلمّا كان بعد أيام تغيّر علي بن يقطين على غلام له فصرفه عن خدمته، فسعى الغلام به إلى الرشيد فقال انه يقول بامامة موسى بن جعفر ويحمل اليه خمس ماله في كل سنة وقد حمل إليه الدراعة التي أكرمه بها أمير المؤمنين فغضب الرشيد غضباً شديداً وقال: ان كان الأمر على ما تقول أزهقت نفسه فانفذ باحضار ابن يقطين وقال: عليَّ بالدراعة التي كسوتك بها إليَّ الساعة فانفذ خادماً وقال آتيني بالسفط الفلاني، فلما جاء به وضعه بين يدي الرشيد وفتحه فنظر إلى الدراعة بحالها مطوية مدفونه في الطيب فسكن الرشيد من غضبه وقال: انصرف راشداً فلن أصدِّق بعدها ساعياً، وأمر أن يُتبع بجائزة سنية وتقدّم بضرب الساعي حتى مات منه.

_________________________

(١) بحار: ج ٤٨، نقلاً عن عيون المعجزات ص ٩٠.

٥٨

أقول: كما سُعي بعلي بن يقطين كذلك سُعي بالامام موسى بن جعفر، وكان محمد بن اسماعيل بن الصادقعليه‌السلام سعى بعمه موسى إلى الرشيد، وذلك لمّا ورد الرشيد إلى الحجاز فقال: أما علمت ان في الارض خليفتين يُجبى اليهما الخراج فقال الرشيد: ويلك أنا ومن؟ قال موسى بن جعفر وأظهر أسراره، فقبض عليه (اي على الامام موسى الكاظم) وكان قائماً يُصلّي عند رأس النبي فقطع عليه صلاته وحمل ولم يزل ينقل من سجن إلى سجن آخر.

سعى بابن خيرِ الرُسلِ يا خابَ سَعْيُهُ

فغادَرَهُ رَهنَ الحبوس مُقيّدا

ودسَّ له سُمّاً فأورى فؤادَهُ

وكُلَّ فُؤادٍ منهُ حُزناً تَوقَّدا

* * *

عجيبه مصيبته والله عجيبه

من سجن السجن الظالم يجيبه

وچبده من الألم زايد لهيبه

* * *

يا گلب ذوب وتفطر وانكسر

واجذب الحسرة لعد يوم الحشر

على الذي بالحبس مات وعَلجسر

جنازته ظلّت على وجه التراب

* * *

اصبح الناعي يحيدر شابچ العشرة ويون

عالگبر يفتر ودَمعه يشب لصبَّ المِزن

گوم شوف ابنك ينادي اليوم گوَّض بالسجن

وتم ثلث تيام ميّت بالسجن لچن وحيد

* * *

بأبي ثاوياً ببغداد قاسى

كُرباتٍ حتى قضى محبوسا

* * *

٥٩

٦٠

المجلس التاسع

الموضوع : الامام الكاظمعليه‌السلام والتقية وتحرزه عنها في مقام اتمام الحجة

القصيدة: للسيد مهدي الأعرجي

يا جنة الفردوس ما بال الحشى

قد بات يصلي منكِ ذاتَ وقودِ

ذهبت بزهرتكِ الليالي السوديا

تباً لهاتيكَ الليالي السودِ

لم تحتفل لكِ في عهودٍ مثل ما

لأبن (الرضا) لم تحتفل بعهودِ

جلبوه قسراً من مدينة جدّه

نحو المدائن موثقاً بقيود

حبسوه في (طامورةٍ) لم ينفجر

ليلَ الشقا عن صبحها بعمود

تبّت يد الرجس (الرشيد) بفعله

إذ ليس فيها قد جنى برشيدِ

أوحى إلى (سنديّة) يسمّه

سمّاً تذوب به صخور البيد

فقضى سميماً في السجون مُشرّداً

في منزل عمّن يحبُّ بعيد

* * *

شنهو الذنب سواه حتى ايبعدونه

عن الوطن وابسجن مظلم يذبونه

او هارون آمر بعد سجنه يسمّونه

أو گضّه عليه او بعد ما اتفيد الندامه

* * *

او آمر يشيلون النعش اربع حماميل

واعلى الجسر خلوه وابرجله الزناجيل

او صاح المنادي ابصوت خله المدمع ايسيل

يالشيعة هذا ايمامكم خلصت أيّامه

٦١

المقدمة

كان هارون الرشيد طاغوت زمانه وقد بلغ هارون إلى اوج قدرة الخلافة وصارت سعة الممالك التي تحت حكومته إلى حيث نقل انه خاطب السحاب في السماء بقوله «أينما تمطرين يأتيني خراجك» وكان من شدّة حرصه على الخلافة والإمارة أن خاطب ولده المأمون «والله لو نازعتني في هذا الأمر أخذتُ الذي فيه عيناك فانَّ الملك عقيم».

وقد كانت شدّة التقية حول الامام موسى الكاظمعليه‌السلام بحيث يحتشم التصريح باسمه الشريف بين عامة الناس حتى أن في الروايات المروية عنهعليه‌السلام ربّما اقتصرت عند التسمية عنه بالفقيه، والعالم، والعبد الصالح والشيخ(١) وأمثالها حذراً عن التصريح به بما لا يوجد مثله في روايات آبائه الكرام وأبنائه المعصومين.

الامام الكاظمعليه‌السلام والتقية وتحرزه عنها في مقام اتمام الحجة

لقد ورد عنهعليه‌السلام في التقية: «أن أكرم الناس عند الله أعملهم بالتقية». وروى في المحاسن للبرقي ص ٢٥٨ بسنده عن عبدالله بن حبيب عن موسى بن جعفرعليه‌السلام في قول الله عز وجل «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ »، قالعليه‌السلام : اشدّكم تقية. والظاهر ان مورد التقية كانت في غير مقام اتمام الحجة، واما في بيان العقائد الحقة والاحكام الالهية، فانما تسوغ اذا حصل اتمام الحجة ببيان آخر صدر منه او من امام آخر تمت به الحجة. ولذلك ترى ان الحمل على التقية انما يجوز عند الفقهاء اذا كان هناك حديث معارض له، وعند ذلك ورد الأمر بالأخذ بما خالف العامة والغاء ما وافقهم واسقاطه عن الحجية.

ملاحظة: نقل عن آية الله العظمى الكوهكمريقدس‌سره انه يقول في ابحاثه الفقهية
اني لم أجد مورداً صدَرَ عنهم عليهم‌السلام في مقام التقية كلام يخالف الواقع بل كل ما
صدر عنهم في مقام التقية فله محل صحيح، والتقية مجرد إيهام الخلاف وبالدقة
_________________________

(١) وهذا الأخير ورد في حديث ابن مسكان في الكافي ج ١ ص ٣٧٣.

٦٢

في معنى كلامهم يُعرف معناه الصحيح على طبق الواقع، مثال ذلك: ان المنصور سأل الصادقعليه‌السلام عن يوم الفطر وحيث كانعليه‌السلام في المحذور من الحكم بيوم الفطر في قبال المنصور، الذي كان يدعى امامة الامة وخلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في جوابه «ذلك للإمام ان افطرت افطرنا» فأوهم للمنصور انه يقول: ان المنصور هو الإمام وانهعليه‌السلام لا يفطر إلا بحكم المنصور لانه الإمام، ولكن الدقة في معنى كلامه تعطي الاذعان بانهعليه‌السلام لم يقل إلا الحق، فانه يقوله ذلك للإمام. كلام كلي معناه ان الحكم يختص بالامام، واما ان الامام هو المنصور فهو خارج من معناه، وانما التقية في مقام العمل ولذلك صح قولهعليه‌السلام ان افطرت افطرنا.

«ووصية لعلي بن يقطين بان يتوضأ على وضوء العامة»

روى المفيد في الإرشاد عن محمد بن اسماعيل عن محمد بن الفضل قال: اختلفت الرواية بين أصحابنا في مسح الرجلين في الوضوء أهو من الأصابع إلى الكعبين أم من الكعبين إلى الإصابع فكتب علي بن يقطين إلى أبي الحسن موسىعليه‌السلام جعلت فداك ان اصحابنا قد اختلفوا في مسح الرجلين فان رأيت ان تكتب إليّ بخطك ما يكون عملي عليه فعلت انشاءالله تعالى.

«فكتب إليه أبو الحسنعليه‌السلام فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به في ذلك ان تتمضمض ثلثا وتستنشق ثلثا وتغسل وجهك ثلثا وتخلل شعر لحيتك وتغسل يدك من اصابعك إلى المرفقين وتمسح راسك كله وتمسح ظاهر اذنيك وباطنها وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلاثاً ولا تخالف ذلك إلى غيره».

فلما وصل الكتاب إلى علي بن يقطين تعجب مما رسم له فيه مما أجمع العصابة على خلافه. ثم قال: مولاي اعلم بما قال وانا ممتثل لامره فكان يعمل في وضوءه على هذا الحد ويخالف ما عليه جميع الشيعة امتثالاً لأمر ابي الحسنعليه‌السلام وسعى بعلي بن يقطين إلى الرشيد وقيل له انه رافضي مخالف لك. فقال الرشيد لبعض خاصته قد كثر عندي القول في علي بن يقطين والقرف له بخلافنا وميله إلى الرفض ولست أرى في خدمته لي تقصيراً وقد امتحنته مراراً فما ظهرت منه على ما

٦٣

يقرف به واحبّ ان استبرئ امره من حيث لا يشعر بذلك فيحترز مني فقيل له ان الرافضة يا أمير المؤمنين يخالف الجماعة في الوضوء فتخففه ولا ترى غسل الرجلين فامتحنه من حيث لا يعلم بالوقوف على وضوئه.

فقال: اجل ان هذا الوجه يظهر به امره ثم تركه مدة وناطه بشيء من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة وكان علي بن يقطين يخلوا إلى حجرة في الدار لوضوئه وصلاته فلما دخل وقت الصلاة وقف الرشيد من وراء الحائط بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو فدعى بالماء فتمضمض ثلاثاً واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه ثلاثاً وخلل شعر لحيته وغسل يديه الى المرفقين ثلاثا ومسح رأسه واذنيه وغسل رجليه ثلاثاً والرشيد ينظر إليه. فلما رآه قد فعل ذلك لم يملك نفسه حتى أشرف عليه من حيث يراه ثم ناداه كذب يا علي بن يقطين من زعم انك من الرافضة وصلحت حاله عنده وورد عليه كتاب أبي الحسنعليه‌السلام ابتدأ «من الآن يا علي بن يقطين توضأ كما أمر الله غسل وجهك مرة فريضة واخرى اسباغاً واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح راسك وظاهر قدميك من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما كان يخاف عليك والسلام».

عدم مبالاة الإمام الكاظمعليه‌السلام بسطوة هارون في مقام إتمام الحجة

قال الشيخ الجليل الحسن بن علي الحرّاني: ان موسى بن جعفرعليه‌السلام دخل اليه وقد عمد على القبض عليه، لاشياء كذبت عليه عنده، فاعطاه طوماراً طويلاً فيه مذاهب وشنعة نسبتها إلى شيعته (فقرأه) ثم قال له «يا أمير المؤمنين نحن أهل البيت منينا بالتقوّل علينا، وربنا غفور ستور أبى أن يكشف اسرار عباده إلّا في وقت محاسبته( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) . إلى أن قال: ثم قال له اني اريد أن اسألك عن العباس وعليّ بما صار عليّ أولى بميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العباس، والعباس عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصنو أبيه «فقال له موسىعليه‌السلام : اعفني. قال: والله لا اعفينك، فاجبني. قال: فان لم تعفني فآمنّي. قال: آمنتك. قال موسىعليه‌السلام : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يورث من قدر على الهجرة فلم يهاجر، ان اباك العباس آمن ولم

٦٤

يهاجر وان عليّاً آمن وهاجر وقال الله تعالى:( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم
مِّن وَلَايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا
) ، فالتمع لون هارون وتغيّر وقال: مالكم لا تنسبون إلى علي وهو أبوكم وتنسبون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو جدّكم؟ فقال موسىعليه‌السلام : ان الله نسب المسيح عيسى بن مريمعليه‌السلام إلى خليله ابراهيمعليه‌السلام بامه مريم البكر البتول التي لم يمسها بشر في قوله:( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ
وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ
وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ
) فنسبه بأمه وحدها إلى خليله ابراهيمعليه‌السلام كما نسب داود وسليمان وايوب وموسى وهارونعليهم‌السلام بابائهم وامهاتهم فضيلة لعيسىعليه‌السلام ومنزلة رفيعة بأمه وحدها. وذلك قوله في قصة مريمعليها‌السلام :( إِنَّ اللَّـهَ
اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ
) بالمسيح من غير بشر وكذلك اصطفى ربنا فاطمةعليها‌السلام وطهرها وفضلها على نساء العالمين بالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة».

فقال له هارون وقد اضطرب وساءه ما سمع:

«ما ورد عن الامام الكاظمعليه‌السلام في ابطال القياس»

عن محمد بن حكيم، قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : انا نتلاقى فيما بيننا فلا يكاد يرد علينا شيء إلا وعندنا فيه شيء وذلك شيء أنعم الله به علينا بكم، وقد يرد علينا الشيء وليس عندنا فيه شيء وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه؟ فقال: لا، وما لكم للقياس، ثم قال لعن الله أبا فلان، كان يقول: قال علي وقلت، وقالت الصحابة وقلت.

ثم قال: كنت تجلس إليه؟ قلت: لا ولكن هذا قوله، فقال أبو الحسنعليه‌السلام إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها (ووضع يده على فمه) فقلتُ ولم ذاك؟ قال: لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى الناس بما اكتفوا به على عهده وما يحتاجون إليه من بعده إلى يوم القيامة(١).

_________________________

(١) المحاسن ص ٢٠١٢ ـ ٢٠١٣.

٦٥

تعريضهعليه‌السلام لفقهاء أهل العامة على فتواهم بغير علم

ومما صدر عن الامام السابععليه‌السلام في قبال فقهاء أهل العامة تعريضهم بالفتوى بغير علم قال ابوالحسنعليه‌السلام : «من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة الارض وملائكة السماء»(١).

تعريضهعليه‌السلام لفقهاء أهل العامة على عملهم في الاحكام الشرعية بالرأي

بيّن الامام السابععليه‌السلام ان العمل بالرأي في الاحكام بدعة ومستلزم للهلاك وانّ ترك الرجوع إلى أهل البيت في استعلام الاحكام الشرعية ضلالة. وفي ذلك روى الكليني عن يونس بن عبدالرحمن قال قلت لابي الحسن الأولعليه‌السلام : «بما أوحّد الله؟ فقال: يا يونس لا تكونن مبتدعاً، مَنْ نَظَر برأيه هلك، ومن ترك أهل بيت نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضل، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه كفر»(٢).

إفحامهعليه‌السلام للفقيه المعروف بـ (ابي يوسف القاضي)

قال ابو يوسف للمهدي وعنده موسى بن جعفرعليه‌السلام تأذن لي ان اسأله عن مسائل ليس عنده فيها شيء؟ فقال له: نعم، فقال لموسى بن جعفرعليه‌السلام اسألك؟ قال: نعم، قال: ما تقول في التظليل للمحرم، قال: لا يصلح، قال: فيضرب الخباء في الأرض ويدخل البيت؟ قال: نعم، قال: فما الفرق بين هذين؟ قال ابو الحسنعليه‌السلام : ما تقول في الطامث أتقضي الصلاة؟ قال: لا، قال: فتقضي الصوم؟ قال: نعم، قال: ولم؟ قال: هكذا جاء، قال أبو الحسنعليه‌السلام وهكذا جاء، فقال المهدي لابي يوسف: ما أراك صنعت شيئاً؟ قال: رماني بحجر دامغ.

هارون الرشيد للإمام حد فدكاً حتى أردها اليك

فقال الامامعليه‌السلام لا أحدَّها إلا بحدودها قال وما حدودها؟ قال إن حددتها لم
تردها قال بحقِّ جدِّك إلا فعلت؟! قال عليه‌السلام أما الاحد الأول فعدن فتغير وجه الرشيد
_________________________

(١) المحاسن ٢٠٥.

(٢) الكافي ١ / ٥٦.

٦٦

وقال ايهاً قال والحد الثاني سمرقند فاربدَّ وجهه قال والحد الثالث افريقيا فاسودَّ وجهه وقال هيه قال والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وارمينيه قال الرشيد فلم يبق لنا شيء فتحوّل إلى مجلسي قال موسىعليه‌السلام قد علمتك انني ان حددتها لم تردَّها فعند ذلك عزم على قتله، فقال بحقِّ القبر والمنبر وبحق قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني أنت تموت قبلي أو أنا أموت قبلك لأنك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسىعليه‌السلام آمني حتى أخبرك فقال لك الأمان فقالعليه‌السلام انا أموت قبلك وما كذبت ولا أكذب ووفاتي قريب ثم ان هارون اذن له في الانصراف فتوجه إلى الرقة ثم تقولوا عليه شيئاً فاستعاده هارون واطعمه السم فتوفى (عليه السلام وصلوات الله عليه) في حبس السندي بعد ما كان يضيق عليه غاية التضييق إلى ان سقاه السم بأمر الرشيد في رطبات مسمومة فلما أكل عشر رطبات تغير لونه فقال كل منها قال حسبك قد بلغت ما تحتاج اليه فيما أمرت به ثم أنه احضر القضاة والعدول قبل وفاة بأيّام وأخرجه اليهم وقال إن الناس يقولون إن ابا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام في ضنك شديد وها هو ذا لا علّة به ولا مرض فقالعليه‌السلام ايتها الجماعة اعلموا اني مقتول بالسم وسأحمر في آخر هذا اليوم حمرة شديدة واصفر غداً وابيض بعد غد وامضي إلى رحمة الله ورضوانه. رحم الله مَن نادى وا اماماه وا كاظماه واسيّداه.

للقيدِ في رجليه خشخشة

وبه أضرّ السّجن والدّنفُ

ما زال تقذفه السّجون فمن

سجن لأضيق منه ينقذفُ

حتّى قضى بالسمّ محتدماً

حزناً بكاه المجد والشرف

حملته حمّالون أربعه

إذ لا وقار به مذ انصرفوا

* * *

عليه ضاگ الهوه أو مل من حياته

ولا يعرف وكت بيه الصلاته

لمن سموا أو بيه صارت وفاته

عگب ما ذاب چبده وخلص بالسم

* * *

٦٧

ثلث تيام ظل من غير تغسيل

ما عنده عشيره النعشه اتشيل

شالوا للجسر أربع حماميل

أو بي سمعت الناس أو عدت تلتم

* * *

وضعوه فوق الجسر مطر

وحاً على نهج العبور

* * *

٦٨

المجلس العاشر

الموضوع : علي بن يقطين وبعض نشاطاته

القصيدة: عبدالمجيد البغدادي الحلّي

وأمضّ الخطوب أن يقطع الأد

نون أو يقتفوا الدنيّ الخسيسا

خلفت عصبة الشقاق بنو

العم فنالوا من ابن جعفر موسى

بلغوا من أبي الرّضا أن سقوه

السّم عند اغترابه مدسوسا

بأبي ثاوياً ببغداد قاسى

كربات حتّى قضى محبوسا

شيّعت نعشه النفوس ولكن

رزؤه شيّع الأسى والنفوسا

كيف نامت على الهوان حمولاً

من على الضّيم لا تطيق الجلوسا

أتناست باب الحوائج فهر

وهو في قيده يعاني الحبوسا

أفك القوم بالنّداء عليه

فانجلى ما تقوّلوا معكوسا

حيث كان الرشيد في الظّلم فرعو

ن وموسى فيها تحمّل موسى

فتولّى منه سليمان أمراً

كان من دون الرشيد يؤوسا

* * *

اولن من الگصر مشرف اسليمان

نعش باب الحوايج لاح إله وبات

يگلهم هالجنازة مالها اعوان

غريبه اولا وراها ناس يمشون

گالوله غريب اهله امبينين

لاچن بالمدينة اعله بعيدين

ابن عمّك الكاظم گال هالحين

انزلوا واخذوا نعشه او لا تخافون

* * *

٦٩

جابه وغسّله او حنّطه او لفّه

ابحبرته او شال تابوته اعلى چتفه

مشه مكشوف راسه حافي خلفه

كثر تشييعهم والناس يبچون

* * *

ولا واحد حضر لحسين ذاك اليوم

يخلّص جثته من سحك خيل الگوم

يواريه او يخلّص زينب او چلثوم

أو يخلص أطفال تبچي ولا يهيدون

ترجمته

علي بن يقطين، كوفي الأصل بغدادي المسكن، ثقةٌ جليل القدر من أجلّاء الأصحاب، وجيهاً عند الامام موسى الكاظمعليه‌السلام ، وكان أبوه يقطين من الدعاة للعباسيين ووقع في محنةٍ عظيمة أيام مروان الحمار، لأنَّ مروان طلبه ففرَّ من وطنه واختفى ووُلد علي ابنه بالكوفة عام (١٢٤ هـ) وفرّت زوجة يقطين أيضاً مع ولديها علي وعبيد أولاد يقطين من خوف مروان إلى المدينة، وما زالوا مختفين حتى قُتل مروان واستولى العباسيون على الحكم فخرج يقطين وجاءت زوجته مع أولاده إلى الكوفة وطنهم وصار يقطين من أعوان السفاح والمنصور ومع هذا كان شيعيّاً وقائلاً بالإمامة وهكذا أبناؤه، وفي بعض الأحيان كان يحمل الأموال إلى الامام الصادقعليه‌السلام فوُشِيَ به عند المنصور والمهدي لكنّ اللهُ نجّاه من كيدهم وبقي يقطين بعد ولادة ابنه علي تسع سنين وتوفي ١٣٣ هـ وكان يقطين يبيع الأبزار (التوابل).

بشَّرهُ الامام الكاظمعليه‌السلام

عن عبدالله بن يحيى الكاهلي قال: كنت عند أبي إبراهيمعليه‌السلام إذ أقبل علي بن يقطين فالتفت إلى أصحابه فقال: من سره أن يرى رجلاً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلينظر إلى هذا المقيل! فقال له رجل من القوم: هو إذن من أهل الجنة؟ فقال أبو الحسنعليه‌السلام أما أنا فأشهد أنه من أهل الجنة(١).

_________________________

(١) اختصار رجال الطوسي: ٢ / ٧٣٠.

٧٠

علي بن يقطين بذل ماله ومودته للإمام الكاظمعليه‌السلام

روى بكر بن محمد الأشعري أن أبا الحسن الأولعليه‌السلام قال: إني استوهبت علي بن يقطين من ربي عزّ وجلّ البارحة فوهبه لي، إن علي بن يقطين بذل ماله ومودته، فكان لذلك منّا مستوجباً(١).

دعاء الامام الكاظمعليه‌السلام في موقف عرفة لعلي بن يقطين

روي عن داود الرقي إنّه قال: دخلتُ على أبي الحسنعليه‌السلام يوم النحر، فقال مبتدئاً ما عَرَضَ في قلبي أحد وأنا على الموقف إلّا علي بن يقطين، فانّه ما زال معي وما فارقني حتى أفضتُ(٢).

مائة وخمسين رجلاً حجّوا عنه في عام واحد

قال سليمان بن الحسين، كاتب علي بن يقطين: «أحصيت لعلي بن يقطين من وافى عنه في عام واحد مائة وخمسين رجلاً، أقل من أعطاه منهم سبع مائة درهم، وأكثر من أعطاه عشرة آلاف درهم»(٣).

كان يرسل أمواله إلى الامام الكاظمعليه‌السلام

في معجم السيد الخوئي ١٣ / ٢٤٧ عن إسماعيل بن سلام، وإسماعيل بن جميل،
قالا: بعث إلينا علي بن يقطين فقال: اشتريا راحلتين وتجنبا الطريق، ودفع إلينا
أموالاً وكتباً حتى توصلا ما معكما من المال والكتب إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام
ولا يعلم بكما أحد، قالا: فأتينا الكوفة فاشترينا راحلتين ووضعنا لها العلف وقعدنا
نأكل، فبينا نحن كذلك إذ راكب قد أقبل ومعه شاكري فلما قرب منا فإذا هو
_________________________

(١) رجال الطوسي: ٢ / ٧٣٢.

(٢) منتهى الآمال للمحدث القمي: ٢ / ٣٨٨.

(٣) اختصار معرفة لرجال الطوسي: ٢ / ٣٣٢.

٧١

أبوالحسنعليه‌السلام فقمنا إليه وسلمنا عليه، ودفعنا إليه الكتب وما كان معنا، فأخرج من كمّه كتباً فناولنا إياها فقال: هذه جوابات كتبكم، فقلنا إن زادنا قد فنيَ فلو أذنت لنا فدخلنا المدينة فزرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتزودنا بزاد، فقال: هاتا ما معكما من الزاد، فأخرجنا الزاد فقلّبه بيده، فقال: هذا يبلغكما إلى الكوفة، وأما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد رأيتماه، وإني صليتُ معهم الفجر، وإني أريد أن أُصلي معهم الظهر، إنصرفا في حفظ الله!

الامام الكاظمعليه‌السلام أجازه في عمله مع هارون

قال علي بن يقطين للامام الكاظمعليه‌السلام : أما ترى حالي وما أنا فيه؟ فقال: يا علي إنّ لله تعالى أولياء مع أولياء الظلمة ليدفع بهم عن أوليائه وأنت منهم يا علي(١).

وفي البحار استأذن علي بن يقطين الامام الكاظمعليه‌السلام في ترك عمل السلطان فلم يأذن له وقال: لا تفعل فانَّ لنا بك أنساً ولإخوانك بك عزّاً وعسى أن يجبر الله بك كسراً ويكسر بك نائرةَ المخالفين عن أوليائه.

يا علي كفّارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم. إضمن لي واحدة وأضمن لك ثلاثاً: إضمن لي أن لا تلقي أحداً من أوليائنا إلّا قضيت حاجته وأكرمته وأضمن لك ان لا يظلّك سقف سجن أبداً ولا ينالك حدّ سيف أبداً ولا يدخل الفقر بيتك أبداً، يا علي من سرَّ مؤمناً فبالله بدأ وبالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثنّى وبنا ثلّث(٢).

أقول: من أدخل سروراً على مؤمن أدخله على الله سبحانه والرسول والأئمة فكيف بمن أدخلَ السرور على فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وذلك من خلال إسعادها في بكاءها على ولدها الحسينعليه‌السلام المظلوم الشهيد وإقامة مجالسه وإبكاء الناس على مصيبته.

_________________________

(١) نفس المصدر السابق: ٢ / ٧٣٠ ـ ٧٣١.

(٢) البحار: ٤٨ / ١٣٦.

٧٢

وكأني بلسان حال مولاتي الزهراءعليها‌السلام

وينه اليواسيني ابدمعته

على ابني الذي حزوا رگبته

وظلت ثلث تيام جثته

اويلاه يبني الماحضرته

ولا غسلت جسمه او دفنته

أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً

وقد مات عطشاناً بشط فرات

المصدر: شعراء القطيف ص ٢٢٩

* * *

٧٣

٧٤

المجلس الحادي عشر

الموضوع: السجون التي مَرَّ بها الامام موسى بن جعفرعليه‌السلام

القصيدة: للشاعر الحاج منصور الجشي

مُصابٌ أطلَّ على الكائنات

فأوحشَ بالثكلِ أزمانَها

وأفجعنا وجمع الورى

وأوقد في القلب نيرانَها

فلله سهمٌ رمى المكرمات

فهدّ عُلاها وبنيانَها

ألم تدر يا دهر من ذا رميت

أصبتَ بسهمك فرقانَها

أصبتَ بسهمكَ قلبَ الوجودِ

وهدَّمتَ واللهِ أركانَها

غداة ابن جعفر موسى قضى

مُذابَ الحشاشة حرَّانها

قضى مُستضاماً بضيق السجون

يُكابدُ بالهمِّ أشجانَها

أيهنى لعينيَّ طيبَ الكرى

وهل تألفُ النفس سلوانَها

وبابُ الحوائج في مهلكٍ

عليه الفضا ضاق حيرانَها

أتاحَ لهُ السمّ أشقى الورى

فألهبَ أحشاهُ نيرانَها

وألمه بثقل القيود

ولم يرع في الحقّ ديّانها

على الجسر مُلقىً برمضائها

به أشفت القومُ أضغانَها

* * *

ظل مطروح والسندي ينادي اعليه

ابذاك النده الما واحد گدر يطريه

حميت النسب بسليمان هاجت بيه

اجه يمه او فل وجها وبچه وشمه

٧٥

* * *

ناده غلمانه او ويلاده اريد

اتشيعونه ابرغم هارون الرشيد

شيعوه او نزعوا منه الحديد

وصار للوادم عليه نوح وعويل

* * *

وبعد تشييعه ابوسط لحده اندفن

والدموع عليه من دم اذرفن

آه بس احسين ظل ابلا چفن

عالترب مطروح وابدمّه غسيل

أبيات الحسچه للاستاذ المرحوم الشيخ محمد سعيد المنصوريرحمه‌الله

يا سائلاً وشظايا القلب في شجن

هل جهّزوا لقتيلٍ ماتَ ممتحنِ

أجبته بقلبٍ والهٍ حَزَن

ما غسلوه ولا لقوهُ في كفن

يوم الطفوفِ ولا مدّوا عليه ردا

من دعاء الامامعليه‌السلام : «يا سيّدي نجني من حبس هارون وخلصني من يده يا مخلص الشجر من بين رملٍ وطين، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم ويا مخلص الولد من بين مشيمةٍ ورحم، ويا مخلص النار من الحديد والحجر... خلصني من يد هارون».

المقدمة: الأسباب التي دعت هارون لسجن الامامعليه‌السلام

١ ـ سمو شخصية الامامعليه‌السلام : الامام موسى الكاظمعليه‌السلام من ألمع الشخصيات الإسلامية في ذلك العصر، فهو أحد أوصياء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما دان بإمامته جمهورٌ كبيرٌ من المسلمين، وقد أجمع المسلمون على اختلاف مذاهبهم على إكبار الامام وتقديره وقد تحدَّث الناس في عصره عن علومه وتقواه وورعه ومكارمه، وكان هارون نفسه ممّن يجلّه ويعتقد بأن الخلافة الإسلامية هو أولى بها منه، كما حدَّث بذلك المأمون، فقد قال لندمائه، أتدرون من علّمني التشيّع؟ فانبروا جميعاً قائلين: لا والله ما نعلم، علّمني ذلك الرشيد، فقالوا كيف ذلك؟ والرشيد كان يقتل أهل هذا

٧٦

البيت؟ قال: كان يقتلهم على الملك لانَّ المُلك عقيم ثم أخد يحدثهم عن ذلك قائلاً: لقد حججت معه سنة فلما انتهى إلى المدينة قال لا يدخل عليَّ رجل من أهلها أمن المكيين سواء كان من أبناء المهاجرين والأنصار أو من بني هاشم حتى يعرفني بنسبه وأسرته، فأقبلت إليه الوفود تترى وهي تعرّف الحاجب بأنسابها، فيأذن لها، وكان يمنحها العطاء حسب مكانتها ومنزلتها، وفي ذات يوم اقبل الفضل بن الربيع حاجبه وهو يقول له: رجل على الباب، زعم أنه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فلما سمع ذلك هارون أمر جلساءه بالوقار والهدوء ثم قال لرئيس تشريفاته إئذن له، ولا ينزل إلا على بساطي. وأقبل الامامعليه‌السلام وقد وصفه المأمون فقال إنه شيخٌ قد انهكته العبادة كأنه شن بال قد كلمَّ السجود وجهه، فلما رآه هارون قام إليه وأراد الامام أن ينزل عن دابته، فصاح الرشيد لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجل ونظرنا إليه بالإجلال والإكبار والاعظام، وسار راكب إلى البساط، والحجاب وكبار القوم محدقون به، واستقبله هارون فقبل وجهه وعينيه، وأخذ بيده حتى صيّره في صدر مجلسه وأقبل يسأله عن أحواله ويحدّثه ثم قال له:

يا أبا الحسن ما عليك من العيال؟ قال الامام يزيدون على الخمسمائة. قال هارون: أولاد كلهم؟ قال الامام: لا أكثرهم موالي وحشمي وأما الولد فلي نيف وثلاثون ثم بين له عدد الذكور والإناث، فقال هارون: لم لا تتزوج النسوة من بني عمومتهن؟ فقال الامامعليه‌السلام : اليد تقصر عن ذلك. فقال هارون: ما حالُ الضيعة؟ قال الامامعليه‌السلام تعطي في وقت وتمنع في آخر، قال هارون: فهل عليك دين؟ قال الامامعليه‌السلام : نعم، قال هارون: كم؟ قال الامامعليه‌السلام : نحو من عشرة آلاف دينار، قال هارون: يا بن عم، أنا أعطيك من المال ما تزوج به أولادك وتعمر به الضياع. قال الامامعليه‌السلام : وصلتك رحم يا بن العم، وشكر الله لك هذه النية الجميلة، والرحم ماسة واشجة، والنسب واحد، والعباس عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصِنو أبيه وعم علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصنو أبيه، وما أبعدك الله من أن تفعل ذلك وقد بسط يدك وأكرم عنصرك وأعلى محتدك، فقال هارون: أفعل ذلك يا أبا الحسن وكرامة، فقال له

٧٧

الامامعليه‌السلام : إنَّ الله عزَّ وجلَّ قد فرض على ولاة العهد أن ينعشوا فقراء الأمة، ويقضوا على الغارمين، ويؤدوا عن المثقل ويكسو العاري وأنت أولى من يفعل ذلك. قال هارون: أفعل ذلك يا أبا الحسن.

ثم انصرف الامامعليه‌السلام فقام هارون تكريماً له فقبل ما بين عينيه ووجهه ثم التفت إلى أولاده فقال لهم: قوموا بين يدي عمكم وسيدكم، وخذوا بركابه وسووا عليه ثيابه وشيعوه إلى منزله، فانطلقوا مع الامام بخدمته وأسرعليه‌السلام إلى المأمون فبشَّرهُ بالخلافة وأوصاه بالإحسان إلى ولده، ولمّا فرغوا من القيام بخدمة الامام وإيصاله إلى داره قال المأمون: كنتُ أجراُ ولد أبي عليه، فلما خلا المجلس قلت له: يا أمير المؤمنين، من هذا الرجل؟ الذي عظمته وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس، وجلست دونه ثم أمرتنا بأخذ الركاب له. قال هارون: هذا إمام الناس وحجة الله على خلقه وخليفته على عباده، قال المأمون: يا أمير المؤمنين أو ليست هذه الصفات كلها لك وفيك؟

قال هارون: أنا إمام الجماعة في الظاهر بالغلبة والقهر وموسى بن جعفرعليه‌السلام إمام حق، والله يا بني إنّه لأحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منّي ومن الخلق جميعاً والله لو نازعتني هذا الأمر لأخذتُ الذي فيه عينيك فان المُلك عقيم... الخ(١).

٢ ـ حقد هارون: كان الحقدُ من مقومات ذات الرشيد، ومن أبرز صفاته النفسية لقد حَسَدَ الرشيد البرامكة لما ذاع اسمهم وتحدثت الناس عن مكارمهم فقد أخذ الحقد ينخر في قلبه حتى أنزل بهم العقاب الأليم فمحا وجودهم وأزال ظلهم.

وكذلك لم يرق لهارون أن يرى في المجتمع من هو أفضل منه، والجماهير تؤمن بأن الامام الكاظمعليه‌السلام هو أولى بالأمر من غيره، وانه في القمة العليا علماً وفضلاً وأن المسلمين أجمعوا على تعظيمه، فساءه ذلك فقدم على ارتكاب الجريمة فأودع الامام في ظلمات السجون(٢).

_________________________

(١) حياة موسى بن جعفرعليه‌السلام للشيخ باقر شريف القرشي: ٢ / ٤٤٣ ـ ٤٤٦.

(٢) حياة موسى بن جعفرعليه‌السلام للقرشي: ٤٤٩ ـ ٤٥٠.

٧٨

٣ ـ حرصه على الملك: كان هارون حريصاً على ملكه متفانياً في حب سلطانه فهو يُضحى في سبيله جميع المقدسات والقيم، وقد عبَّر عن مدى حرصه على سلطته بكلمته المعروفه: «لو نازعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأخذتُ الذي فيه عيناه»(١).

٤ ـ بغضه للعلويين: لقد ورث هارون عداء العلويين وبغضهم من آبائه وسلفه الذين نكلوا بالعلويين، وصبوا عليهم وابلاً من العذاب الأليم، وساقوهم إلى القبور والسجون، وطاردوهم حتى هربوا خائفين هائمين على وجوههم، وزاد هارون على أسلافه، فدفن العلويين وهم أحياء وأشاع في بيوتهم الثكل والحزن والحداد، وفرض عليهم الإقامة الإجبارية في بغداد، وجعلهم تحت المراقبة، ولم يسمح للاتصال بهم وحرمهم من جميع حقوقهم الطبيعية. وكان أبغض شيء عليه أن يرى عميد العلويين موسى بن جعفرعليه‌السلام في دعة واطمئنان وأمان، فعَمَد إلى سجنه وحرمان الامة الاسلامية من علومه ومن الاستفادة من نصائحه(٢).

٥ ـ الوشاية به: وعَمدَ فريقٌ من باعة الضمير إلى السعي بالامامعليه‌السلام والوشاية به عند الطاغية هارون ليتزلفوا إليه بذلك، وكانت وشاية هؤلاء المجرمين بالامام ذات طوابع متعددة وهي:

أ ـ جباية الأموال له: انطلق بعض الأشرار، فأخبر هارون بأن الامام تُجبى له الأموال الطائلة من شتى الأقطار الإسلامية وإنّه اشترى بها ضيعة تسمى «البسرية» اشتراها بثلاثين ألف دينار، فأشار ذلك كوامن الغيظ والحقد في نفس هارون، فان سياسته كانت تجاه العلويين تقضي بفقرهم ووضع الحصار الاقتصادي عليهم، فان فقرهم أحب إليه من غناهم ـ كما قال لولده المأمون ـ وقد ذهب ابن الصباغ إلى أن هذه الوشاية من جملة الأسباب التي دعت إلى سجن الامامعليه‌السلام (٣).

_________________________

(١) نفس المصدر السابق: ٤٥٠.

(٢) نفس المصدر السابق.

(٣) نفس المصدر السابق: ٢٥١ ـ ٢٥٢.

٧٩

ب ـ طلب الخلافة: وهناك مجموعة من السعاة لهارون على إمامنا الكاظمعليه‌السلام بحجة انه يطلب الخلافة قد سخّرهم بعض أعوان هارون ليتقرّب من هارون مثل يحيى البرمكي وغيره.

٦ ـ احتجاج الامام: من الأسباب التي حفزت هارون لاعتقال الإمام وزجّهُ في غياهب السجون، احتجاجهعليه‌السلام عليه بأنه أولى بالنبي العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع المسلمين فهو أحد أسباطه ووريثه وأنّه أحقُّ بالخلافة مِن غيره وقد جرى احتجاجهعليه‌السلام معه في مرقد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك حينما زاره هارون وقد احتفَّ به الوجوه والأشراف وقادة الجيش وكبار الموظفين بالدولة فقد أقبل بوجهه على الضريح المقدَّس وسلّم عَلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً: «السلام عليك يا بن العم» وقد اعتزَّ بذلك على من سواه وافتخر على غيره برحمه الماسّة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّه إنّما نال الخلافة لقربه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان الإمامعليه‌السلام آنذاك حاضراً فسلّمَ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلاً: «السلام عليك يا أبتِ» ففقد الرشيد صوابه واستولّت عليه موجات من الأستياء حيث قد سبقه الامامعليه‌السلام إلى ذلك المجد والفخر فاندفع قائلاً بنبرات تقطرُ غضباً: «لِمَ قلت أنّك أقرب إلى رسول الله منّا؟؟» فأجابهُعليه‌السلام بجواب لم يتمكن الرشيد من الردَّ عليه أو المناقشة فيه قائلاً: «لو بُعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيّاً فخطبَ منك كريمتك هل كنت تجيبهُ إلى ذلك؟» فقال هارون سبحان الله وكنتُ أفتخر بذلك على العرب والعجم.

فقال الامامعليه‌السلام : «لكنّه لا يخطب منّي ولا أزوّجه لانّه والدنا لا والدكم فلذلك نحن أقربُ إليه منكم». اذن فالإمام أولى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من هارون وأحقَّ بالخلافة فهو سبطه ووارثه. لذلك ازداد هارون غيظاً على الامام وزجَّ به في السجن.

القبض على الإمامعليه‌السلام

وفي اليوم الثاني ألقى القبض على الامامعليه‌السلام فالقت الشرطة القبض على الامامعليه‌السلام وهو قائمٌ يُصلّي لربّه عند رأس جدّه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقطعوا عليه صلاته ولم

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126