• البداية
  • السابق
  • 345 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14549 / تحميل: 5554
الحجم الحجم الحجم
الأخلاق في القرآن

الأخلاق في القرآن الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٨١٣٩-٠٥-٩
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ومحمّد بن أحمد، عن أبإنّ الأَحمر، عن عبد الرحمن بن أبي عبدالله قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجّل: ( لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ، حَتَّى تَسْتَأَنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ) (١) قال: الاستئناس وقع النعل والتسليم.

[ ١٥٦٩٦ ] ٢ - وعن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الصباح قال: سألت أبا جعفر( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجّل( فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) (٢) الآية، قال: هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل ثم يردّون عليه فهو سلامكم على أنفسكم.

[ ١٥٦٩٧ ] ٣ - عليّ بن إبراهيم في( تفسيره) قال: في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا دخل الرجل منكم بيته فإن كان فيه أحد يسلم عليهم، وإنّ لم يكن فيه أحد فليقل: السلام علينا من عند ربّنا، يقول الله: تحيّة من عند الله مباركة طيبة.

٥١ - باب من ينبغي الاختلاف إلى أبوابهم

[ ١٥٦٩٨ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، عن عليّ بن

____________________

(١) النور ٢٤: ٢٧.

٢ - معاني الأخبار: ١٦٢ / ١.

(٢) النور ٢٤: ٦١.

٣ - تفسير القمي ٢ /: ١٠٩.

وتقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ١٥ من أبواب أحكام المساكن.

الباب ٥١

فيه حديث واحد

١ - الخصال: ٤٢٦ / ٣.

٨١

الحسن بن فضّال، عن أبيه، عن مروإنّ بن مسلم، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : كانت الحكماء فيما مضى من الدهر تقول: ينبغي إنّ يكون الاختلاف إلى الأَبواب لعشرة أوجه:

أوّلها بيت الله عزّ وجّل لقضاء نسكه والقيام بحقّه وأداء فرضه.

والثاني أبواب الملوك الذين طاعتهم متّصلة بطاعة الله وحقّهم واجب، ونفعهم عظيم، وضررهم (١) شديد.

والثالث أبواب العلماء الذين يستفاد منهم علم الدين والدنيا.

والرابع ابواب أهل الجود والبذل الذين ينفقون أموالهم التماس الحمد ورجاء الآخرة.

والخامس أبواب السفهاء الذين يحتاج إليهم في الحوادث ويفزغ إليهم في الحوائج.

والسادس أبواب من يتقرب إليه من الأشراف لالتماس الهبة والمروة والحاجة.

والسابع أبواب من يرتجى عندهم النفع في الرأي والمشورة وتقوية الحزم وأخذ الأُهبة لما يحتاج إليه.

والثامن أبواب الإِخوان لما يجب من مواصلتهم ويلزم من حقوقهم.

والتاسع أبواب الأَعداء، الذين تسكن(٢) بالمداراة غوائلهم، وتدفع بالحيل والرفق واللطف والزيارة عداوتهم.

____________________

(١) في المصدر: وضرّهم.

(٢) في المصدر: التي تسكن.

٨٢

والعاشر أبواب من ينتفع بغشيانهم ويستفاد منهم حسن الأدب ويونس بمحادثتهم.

٥٢ - باب استحباب التسليم عند القيام من المجلس

[ ١٥٦٩٩ ] ١ - عبدالله بن جعفر الحميري في( قرب الإسناد) عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) (١) إنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: إذا قام الرجل من مجلس(٢) فليودّع إخوانه بالسلام، فإن أفاضوا في خير كان شريكهم، وإنّ أفاضوا في باطل كان عليهم دونه.

[ ١٥٧٠٠ ] ٢ - الحسن الطبرسي في( مكارم الأخلاق) عن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) قال: أذا قام أحدكم من مجلسه منصرفاً فليسلم ليست الأُولى بأولى من الأُخرى.

٥٣ - باب جواز التسليم على الذمي والدعاء له مع الحاجة اليه

[ ١٥٧٠١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لأَبي الحسن( عليه‌السلام ) (٣) : أرأيت إنّ احتجت إلى طبيب وهو نصراني

____________________

الباب ٥٢

فيه حديثان

١ - قرب الإسناد: ٢٢.

(١) في المصدر زيادة: عن أبيه.

(٢) في المصدر: من مجلسه.

٢ - مكارم الأخلاق: ٢٦.

الباب ٥٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٧٥ / ٨، وأورده عن العلل وقرب الإِسناد والسرائر في الحديث ١ من الباب ٤٦ من أبواب الدعاء.

(٣) في المصدر: أبي الحسن موسى (عليه‌السلام )

٨٣

أُسلّم عليه وأدعو له؟ قال: نعم، أنّه لا ينفعه دعاؤك.

وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجاج مثله (١) .

[ ١٥٧٠٢ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن عرفة، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) قال: قيل لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : كيف أدعو لليهودي والنصراني؟ قال: تقول: بارك الله لك في دنياك.

٥٤ - باب جواز مكاتبة المسلم لأهل الذمة والابتداء بأسمائهم والتسليم عليهم في المكاتبة مع الحاجة

[ ١٥٧٠٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في الرجل يكتب إلى رجل من عظماء عمال المجوس فيبدأ باسمه قبل اسمه، فقال: لا بأس إذا فعل ذلك لاختيار المنفعة.

[ ١٥٧٠٤ ] ٢ - وعن أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن أبي بصير قال: سئل أبو عبدالله( عليه‌السلام ) عن الرجل تكون له الحاجة إلى المجوسي أو إلى

____________________

(١) الكافي ٢: ٤٧٥ / ٧.

٢ - الكافي ٢: ٤٧٥ / ٩.

وتقدّم ما يدلّ على تحريم السلام على الكفار في الباب ٤٩ من هذه الأبواب.

ويأتي ما يدلّ على ذلك في الحديث ٢ من الباب ٥٤ من هذه الأبواب.

الباب ٥٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٧٦ / ٢.

٢ - الكافي ٢: ٤٧٦ / ١.

٨٤

اليهودي أو إلى النصراني أو إنّ يكون عاملاً أو دهقاناً من عظماء أهل أرضه فيكتب إليه الرجل في الحاجة العظيمة، أيبدأ بالعلج ويسلم عليه في كتابه وإنما يصنع ذلك لكي تُقضى حاجته؟ فقال: أمّا إن تبدأ به فلا، ولكن تسلّم عليه في كتابك، فإنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) كان يكتب إلى كسرى وقيصر.

٥٥ - باب استحباب السلام على الخضر ( عليه‌السلام ) كلما ذكر

[ ١٥٧٠٥ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في كتاب( إكمال الدين) عن المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن الحسن بن عليّ بن فضّال قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا( عليه‌السلام ) يقول، إنّ الخضر شرب من ماء الحياة فهو حيّ لا يموت حتّى ينفخ في الصور، وأنّه ليأتينا فيسلّم علينا فنسمع صوته ولا نرى شخصه وإنّه ليحضر حيث ذكر ومن ذكره منكم فليسلّم عليه الحديث.

٥٦ - باب استحباب الاغضاء عن الإِخوان وترك مطالبتهم بالإِنصاف

[ ١٥٧٠٦ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن

____________________

الباب ٥٥

فيه حديث واحد

١ - كمال الدين: ٣٩٠ / ٤.

الباب ٥٦

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٦ / ١.

٨٥

محمّد، عن عبدالله بن محمّد الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن ذكره عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان عنده قوم يحدّثهم إذ ذكر رجل منهم رجلاً فوقع فيه وشكاه، فقال له أبو عبدالله( عليه‌السلام ) وأنّى لك بأخيك كلّه، وأيّ الرجال المهذب.

[ ١٥٧٠٧ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، ومحمّد بن سنان، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا تفتش النّاس فتبقى بلا صديق.

[ ١٥٧٠٨ ] ٣ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( مجالسه) عن أبيه، عن أبي محمّد الفحام، عن محمّد بن حسن النقّاش، عن إبراهيم بن عبدالله، عن الضحّاك بن مخلّد قال: سمعت الصادق( عليه‌السلام ) يقول: ليس من الإنصاف مطالبة الإِخوان بالإنصاف.

٥٧ - باب استحباب تسميت العاطس المسلم وإنّ بعد

[ ١٥٧٠٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدائني قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : للمسلم على أخيه المسلم من الحقّ أن يسلّم عليه إذا لقيه، ويعوده إذا مرض، وينصح له إذا غاب، ويسمّته إذا عطس، يقول: الحمد لله ربّ العالمين لا شريك له، ويقول: يرحمك الله، فيجيب (١) يقول له:

____________________

٢ - الكافي ٢: ٤٧٦ / ٢.

٣ - أمالي الطوسي ١: ٢٨٦.

الباب ٥٧

فيه ٥ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٧ / ١.

(١) في المصدر: فيجيبه.

٨٦

يهديكم الله ويصلح بالكم، ويجيبه إذا دعاه، ويتبعه إذا مات.

[ ١٥٧١٠ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إذا عطس الرجل فسمتوه ولو كان من وراء جزيرة.

[ ١٥٧١١ ] ٣ - قال: وفي رواية أخرى: ولو من وراء البحر.

[ ١٥٧١٢ ] ٤ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلى بن محمّد، عن الحسن بن علي، عن مثنّى، عن إسحاق بن يزيد ومعمّر بن أبي زياد وابن رئاب قالوا: كنّا جلوساً عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إذ عطس رجل فما رد عليه أحد من القوم شيئاً حتّى ابتدأ هو فقال: سبحان الله ألاسمتم إنّ من حق المسلم على المسلم إنّ يعوده إذا اشتكى، وإنّ يجيبه إذا دعاه وأن يشهده إذا مات، وأن يسمّته اذا عطس.

[ ١٥٧١٣ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن ابن فضّال، عن جعفر بن محمّد بن يونس (١) ، عن داود بن الحصين قال: كنّا عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فأحصيت في البيت أربعة عشر رجلاً، فعطس أبو عبدالله( عليه‌السلام ) فما تكلّم أحد من القوم، فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ألا تسمّتون(٢) ؟ فرض المؤمن على المؤمن(٣) إذا مرض أن

____________________

٢ - الكافي ٢: ٤٧٧ / ٢.

٣ - الكافي ٢: ٤٧٧ / ذيل حديث ٢.

٤ - الكافي ٢: ٤٧٨ / ٣.

٥ - الكافي ٢: ٤٧٨ / ٧، وأورد نحوه عن مصادقة الإِخوان في الحديث ١٥ من الباب ١٢٢ من هذه الأبواب.

(١) في المصدر: جعفر بن يونس

(٢) في المصدر زيادة: ألا تسمّتون.

(٣) في المصدر: من حق المؤمن على المؤمن.

٨٧

يعوده، وإذا مات أن يشهد جنازته، وإذا عطس أن يسمّته، أو قال يشمّته، وإذا دعاه إنّ يجيبه.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٥٨ - باب كيفية التسميت والرد

[ ١٥٧١٤ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سعد بن أبي خلف قال: كان أبوجعفر( عليه‌السلام ) إذا عطس فقيل له: يرحمك الله، قال: يغفر الله لكم ويرحمكم، وإذا عطس عنده إنسإنّ قال: يرحمك الله عزّ وجّل

[ ١٥٧١٥ ] ٢ - وعن محمّد بن يحيى، عن عبدالله بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا عطس الرجل فليقل: الحمد لله لا شريك له، وإذا سميت (٢) الرجل فليقل: يرحمك الله، وإذا ردّ فليقل: يغفر الله لك ولنا، فإن رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) سُئل عن آية أو شيء فيه ذكر الله، فقال: كلما ذكر الله عزّ وجّل فيه فهو حسن.

[ ١٥٧١٦ ] ٣ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) بإسناده الآتي (٣)

____________________

(١) يأتي في الأبواب ٥٨ و ٥٩ و ٦١ وفي الحديث ١ من الباب ٦٣ وفي الأحاديث ٩ و ١٥ و ٢١ و ٢٤ من الباب ١٢٢ من هذه الأبواب.

الباب ٥٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١١.

٢ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١٣.

(٢) في المصدر: وإذا سمَّتَ.

٣ - الخصال: ٦٣٣.

(٣) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز ( ر ).

٨٨

عن عليّ( عليه‌السلام ) - في حديث الأربعمائة - قال: إذاعطس احدكم فسمّتوه قولوا: يرحمكم الله، وهو يقول: يغفر الله لكم ويرحمكم، قال الله عزّ وجّل: ( وَإِذَا حُيّيِتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا ) (١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٥٩ - باب جواز تسميت الصبي المرأة إذا عطست

[ ١٥٧١٧ ] ١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في كتاب( إكمال الدين) عن محمّد بن عليّ ماجيلويه وأحمد بن محمّد بن يحيى (٣) ، عن الحسين بن عليّ النيسابوري، عن إبراهيم بن محمّد العلويّ، عن السياري (٤) ، عن نسيم خادم أبي محمّد( عليه‌السلام ) قالت: قال لي صاحب الزمان( عليه‌السلام ) وقد دخلت عليه بعد مولده بليلة فعطست عنده، فقال لي: يرحمك الله، ففرحت بذلك، فقال لي: إلّا أبشرك في العطاس؟ قلت: بلى، فقال: هو أمإنّ من الموت ثلاثة أيّام.

وعن المظفّر بن جعفر العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه، عن آدم بن محمّد، عن عليّ بن الحسن الدقاق، عن إبراهيم بن محمّد العلوي مثله (٥) .

____________

(١) النساء ٤: ٨٦.

(٢) تقدم في الحديث ١ من الباب ٥٧ من هذه الأبواب.

ويأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٥٩ من هذه الأبواب.

الباب ٥٩

فيه حديث واحد

١ - أكمال الدين: ٤٣٠ / ٥.

(٣) في المصدر زيادة: محمّد بن يحيى العطار

(٤) « عن السيّاري »: ليس في المصدر.

(٥) أكمال الدين: ٤٤١ / ١١.

٨٩

٦٠ - باب استحباب العطاس وكراهة العطسة القبيحة وما زاد على الثلاث

[ ١٥٧١٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر قال: سمعت الرضا( عليه‌السلام ) يقول: التثاؤب من الشيطان، والعطسة من الله عزّ وجّل.

[ ١٥٧١٩ ] ٢ - وعنه عن محمّد بن موسى، عن يعقوب بن يزيد، عن عثمإنّ بن عيسى، عن عبد الصمد بن بشير، عن حذيفة بن منصور قال: قال العطاس ينفع في البدن كلّه ما لم يزد على الثلاث، فإذا زاد على الثلاث فهو داء وسقم.

[ ١٥٧٢٠ ] ٣ - وعن أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن اسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم، عن أبي بكر الحضرمي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن قول الله عزّ وجّل: ( إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) (١) قال: العطسة القبيحة.

[ ١٥٧٢١ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن رجل من العامّة عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: العطسة تخرج من جميع البدن كما إنّ النطفة تخرج من جميع البدن، ومخرجها من الأحليل أما رأيت الإِنسان إذا عطس نفض اعضاؤه؟

____________________

الباب ٦٠

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٨ / ٥، وأورده في الحديث ١ من الباب ١١ من أبواب القواطع.

٢ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ٢٠.

٣ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ٢١.

(١) لقمان ٣١: ١٩.

٤ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٢٣.

٩٠

وصاحب العطسة يأمن الموت سبعة أيام(١) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدل عليه(٣) .

٦١ - باب استحباب تكرار التسميت ثلاثا عند توالي العطاس من غير زيادة

[ ١٥٧٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: إذا عطس الرجل ثلاثاً فسمّته ثمّ اتركه.

[ ١٥٧٢٣ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( الخصال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن وهب بن منبّه، عن جعفر بن محمّد، عن ابيه ( عليهما‌السلام ) ، أنّ عليّاً( عليه‌السلام ) قال: يُسمّت العاطس ثلاثا فما فوقها فهو ريح.

____________________

(١) قد تقدم أن العطاس أمإنّ من الموت ثلاثة أيام، ويمكن الجمع باختلاف الأشخاص في الشباب والشيب واختلاف العطاس، ويحتمل حمل أحدهما على التقية والأقرب أنه حديث السبعة، لأنّ روايه عامي والتقية من صاحب الزمان (عليه‌السلام ) بعيدة نادرة، ثمّ إنّ العطاس قسمان:

اختياري باعتبار القدرة على أسبابه من مقابلة الشمس وشم بعض الأدوية وغير ذلك والقدرة على منعه كاستعمال دواء أو العض على الأضراس.

ومنه ما ليس باختياري، والتكليف يتعلق بالأول ( منه. قدّه ).

(٢) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٥٩ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٦١ من هذه الأبواب.

الباب ٦١

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٢٧.

٢ - الخصال: ١٢٦ / ١٢٤.

٩١

[ ١٥٧٢٤ ] ٣ - قال - وفي حديث آخر -: إذا زاد العاطس على ثلاثة قيل له: شفاك الله، لأَن ذلك من علّة.

٦٢ - باب استحباب التحميد لمن عطس أو سمعه ووضع الإِصبع على الأَنف

[ ١٥٧٢٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد قال: سألت العالم( عليه‌السلام ) عن العطسة، وما العلّة في الحمد لله عليها؟ فقال: إنّ لله نعماً على عبده في صحّة بدنه وسلامة جوارحه، وإنّ العبد ينسى ذكر الله عزّ وجّل على ذلك، وإذا نسي أمر الله الريح فتجاز (١) في بدنه ثمّ يخرجها من أنفه، فيحمد الله على ذلك فيكون حمده على ذلك شكراً لما نسي.

[ ١٥٧٢٦ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ أو غيره، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: عطس غلام لم يبلغ الحلم عند النبيّ( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فقال: الحمد لله، فقال له النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : بارك الله فيك.

[ ١٥٧٢٧ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن الحسين بن نعيم، عن مسمع بن عبد الملك قال: عطس

____________________

٣ - الخصال: ١٢٧ / ١٢٥.

الباب ٦٢

فيه ٦ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٨ / ٦.

(١) في المصدر: فتجاوز.

٢ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١٢.

٣ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١٤.

٩٢

أبو عبدالله( عليه‌السلام ) فقال: الحمد لله رب العالمين، ثمّ جعل اصبعه على أنفه، فقال: رغم انفي لله رغماً داخراً.

[ ١٥٧٢٨ ] ٤ - وعنه، عن أحمد بن محمّد وغيره عن ابن فضّال، عن بعض أصحابه، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) قال: في وجع الأَضراس ووجع الاذان: إذا سمعتم من يعطس فابدؤوه بالحمد.

[ ١٥٧٢٩ ] ٥ - وعن أبي عليّ الأَشعري، عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن محمّد بن مروان، رفعه قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من قال إذا عطس: الحمد لله ربّ العالمين على كلّ حال، لم يجد وجع الأذنين والأَضراس.

[ ١٥٧٣٠ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إذا عطس المرء المسلم ثمّ سكت لعلّة تكون به، قالت الملائكة عنه: الحمد لله ربّ العالمين، فإن قال: الحمد لله رب العالمين، قالت الملائكة: يغفر الله لك قال: وقال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : العطاس للمريض دليل العافية وراحة للبدن.

ورواه الصّدوق في( المجالس) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن هارون بن مسلم مثله إلى قوله: يغفر الله لك (١) .

____________________

٤ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ١٦.

٥ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١٥.

٦ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ١٩.

(١) أمالي الصدوق: ٢٤٧ / ١.

٩٣

اقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٦٣ - باب استحباب الصلاة على محمّد وآله لمن عطس او سمعه

[ ١٥٧٣١ ] ١ - محمّد يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه قال: عطس رجل عند أبي جعفر( عليه‌السلام ) فقال: الحمد لله، فلم يسمّته أبوجعفر( عليه‌السلام ) وقال: نقصنا حقنا، وقال: إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله على محمّد وأهل بيته، قال: فقال الرجل، فسمّته أبوجعفر( عليه‌السلام ) .

[ ١٥٧٣٢ ] ٢ - وعنه، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن عثمان، عن أبي أُسامة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) من سمع عطسة فحمد الله عزّ وجّل وصلى على محمّد وأهل بيته لم يشتك عينه ولا ضرسه، ثمّ قال: إن سمعتها فقلها وإن كان بينك وبينه البحر.

[ ١٥٧٣٣ ] ٣ - وعن أبي عليّ الأشعري عن محمّد بن سالم، عن أحمد بن النضر، عن عمرو بن شمر، عن جابر قال: قال أبوجعفر( عليه

____________________

(١) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الحديث ١ من الباب ٥٧ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٨ من أبواب قواطع الصلاة.

(٢) يأتي ما يدلّ على بعض المقصود في الباب ٦٣ من هذه الأبواب.

الباب ٦٣

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ٩.

٢ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ١٧.

٣ - الكافي ٢: ٤٧٨ / ٨.

٩٤

السلام): نعم الشيء العطسة تنفع في الجسد، تذكر بالله عزّ وجّل، قلت: إنّ عندنا قوماً يقولون: ليس لرسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في العطسة نصيب، فقال: إنّ كانوا كاذبين فلا نالهم شفاعة محمّد( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) .

[ ١٥٧٣٤ ] ٤ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من عطس ثمّ وضع يده على قصبة أنفه ثمّ قال: الحمد لله ربّ العالمين حمداً كثيراً كما هو أهله، وصلى الله على محمّد النبي وآله وسلّم خرج من منخره الأَيسر طائر أصغر من الجراد، وأكبر من الذباب حتّى يصير تحت العرش يستغفر الله إلى يوم القيامة.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(١) .

٦٤ - باب أنّه لا تكره الصلاة على محمّد وآله عند العطاس ، ولا عند الذبح ، ولا عند الجماع ، بل تستحب

[ ١٥٧٣٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إسماعيل البصري، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر( عليه‌السلام ) : إنّ الناس يكرهون الصلاة على محمّد وآله في ثلاثة مواطن: عند العطسة، وعند الذبيحة، وعند الجماع، فقال أبوجعفر( عليه

____________________

٤ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ٢٢.

(١) يأتي في الباب ٦٤ من هذه الأبواب.

وتقدّم ما يدلّ عليه في الحديثين ٣، ٤ من الباب ١٨ من أبواب قواطع الصلاة.

الباب ٦٤

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٧٩ / ١٠.

٩٥

السلام): مالهم ويلهم نافقوا لعنهم الله.

[ ١٥٧٣٦ ] ٢ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( عيون الأَخبار) بإسناده الآتي (١) عن الرضا( عليه‌السلام ) - في كتابه إلى المأمون - قال: الصلاة على النّبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) واجبة في كلّ موطن، وعند العطاس، والذّبائح وغير ذلك.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) .

٦٥ - باب جواز تسميت الذمي اذا عطس والدعاء له بالهداية والرحمة

[ ١٥٧٣٧ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي علي الأشعريّ، عن بعض اصحابه، عن ابن أبي نجران، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: عطس رجل نصراني عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقال له القوم: هداك الله فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : يرحمك الله، فقالوا له: إنّه نصرانيّ، فقال: لا يهديه الله حتّى يرحمه.

أقول: وتقدّم مايدلّ على ذلك(٣) .

____________________

٢ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ١٢٤، وأورده في الحديث ٨ من الباب ٤٢ من أبواب الذكر.

(١) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز ( ت ).

(٢) تقدم في الحديث ١٢ من الباب ٤٢ من أبواب الذكر.

الباب ٦٥

فيه حديث واحد

١ - الكافي ٢: ٤٨٠ / ١٨.

(٣) تقدم ما يدلّ على بعض المقصود في الحديثين ٢، ٣ من الباب ٥٧ من هذه الأبواب.

٩٦

٦٦ - باب جواز الاستشهاد على صدق الحديث باقترأنّه بالعطاس

[ ١٥٧٣٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأَشعريّ، عن ابن القدّاح (١) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : تصديق الحديث عند العطاس.

وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النّوفلي، عن السّكوني، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) مثله(٢) .

[ ١٥٧٣٩ ] ٢ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إذا كان الرجل يتحدث بحديث فعطس عاطس فهو شاهد حق.

٦٧ - باب استحباب إجلال ذي الشيبة المؤمن وتوقيره وإكرامه

[ ١٥٧٤٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن محبوب، عن

____________________

الباب ٦٦

فيه حديثان

١ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٢٦.

(١) في المصدر زيادة: عن ابن أبي عمير.

(٢) الكافي ٢: ٤٨١ / ٢٤.

٢ - الكافي ٤٨١ / ٢٥.

الباب ٦٧

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٤٨١ / ١.

٩٧

عبدالله بن سنان، قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ من إجلال الله عزّ وجّل إجلال الشيخ الكبير.

[ ١٥٧٤١ ] ٢ - وعن الحسين بن محمّد، عن أحمد بن إسحاق، عن سعدإنّ بن مسلم، عن أبي بصير وغيره عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال: من إجلال الله عزّ وجّل إجلال ذي الشيبة المسلم.

[ ١٥٧٤٢ ] ٣ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد رفعه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ليس منّا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا.

[ ١٥٧٤٣ ] ٤ - وعنهم، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن أبي نهشل، عن عبدالله بن سنان، قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من إجلال الله عزّ وجّل إجلال المؤمن ذي الشيبة، ومن أكرم مؤمناً فبكرامة الله بدأ ومن استخفّ بمؤمن ذي شيبة أرسل الله إليه من يستخف به قبل موته.

[ ١٥٧٤٤ ] ٥ - وعنهم، عن أحمد، عن محمّد بن عليّ، عن محمّد بن الفضيل، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الخطاب، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ثلاثة لا يجهل حقّهم إلّا منافق معروف النفاق: ذو الشيبة في الإِسلام، وحامل القرآن، والإِمام العادل.

[ ١٥٧٤٥ ] ٦ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن أبان، عن الوصّافي قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : عظموا كبرائكم وصلوا أرحامكم.

____________________

٢ - الكافي ٢: ٤٨٢ / ٦.

٣ - الكافي ٢: ١٣٢ / ٢.

٤ - الكافي ٢: ٤٨٢ / ٥.

٥ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٤.

٦ - الكافي ٢: ١٣٢ / ٣.

٩٨

[ ١٥٧٤٦ ] ٧ - وبهذا الإِسناد مثله، وزاد: وليس تصلونهم بشيء أفضل من كفّ الأَذى عنهم.

[ ١٥٧٤٧ ] ٨ - وعنه، عن أبيه عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن أبى عبدالله( عليه‌السلام ) : قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم.

[ ١٥٧٤٨ ] ٩ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكونيّ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : من عرف فضل كبير لسنّه فوقّره آمنه الله من فزع يوم القيامة.

[ ١٥٧٤٩ ] ١٠ - وبهذا الإسناد قال: ومن وقّر ذا شيبة في الإسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة.

[ ١٥٧٥٠ ] ١١ - محمّد بن عليّ بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن حسان، عن محمّد بن حمّاد، عن أبيه، عن محمّد بن عبدالله رفعه قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : من عرف فضل شيخ كبير فوقّره لسنّه آمنه الله من فزع يوم القيامة، وقال: من تعظيم الله إجلال ذي الشيبة المؤمن.

[ ١٥٧٥١ ] ١٢ - وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (١) رفعه إلى أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من لا

____________________

٧ - الكافي ٢: ١٣٢ / ٣.

٨ - الكافي ٢: ١٣٢ / ١.

٩ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٢.

١٠ - الكافي ٢: ٤٨١ / ٣.

١١ - ثواب الأعمال: ٢٢٤ / ١.

١٢ - معاني الأخبار ٢٤٤ / ٢.

(١) في المصدر ( عن بعض اصحابه ) بدل: ( ابن عيسى ).

٩٩

يعرف لأَحد الفضل فهو المعجب برأيه.

[ ١٥٧٥٢ ] ١٣ - الحسن بن محمّد الطوسيّ في( المجالس) عن أبيه، عن محمّد بن عليّ بن خنيس (١) ، عن عبد الرحمن بن محمّد، عن عبدالله بن محمّد(٢) وعن حجر بن محمّد(٣) ، عن الليث بن سعد، عن الزهريّ، عن أنس قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : بجّلوا المشايخ فإنّ من إجلال الله تبجيل المشايخ.

٦٨ - باب استحباب إكرام الكريم والشريف

[ ١٥٧٥٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن أبي عليّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبار، عن الحجال قال: قلت لجميل بن درّاج: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) : إذا أتاكم شريف قوم فأكرموه، قال: نعم، قلت: وما الشريف؟ قال: قد سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن ذلك؟ فقال: الشريف من كان له مال، قلت: فما الحسيب؟ قال: الذي يفعل الأفعال الحسنة بماله وغير ماله، قلت: فما الكرم؟ قال: التقوى.

[ ١٥٧٥٤ ] ٢ - وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ، عن السكونّي، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى الله

____________________

١٣ - أمالي الطوسيّ ١: ٣١٨.

(١) في المصدر: محمّد بن علي بن خشيش، عن محمّد.

(٢) المصدر: عبدالله بن محمود.

(٣) في المصدر: صخر بن محمّد الحاجبي.

الباب ٦٨

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٨: ٢١٩ / ٢٧٢، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٦ من هذه الأبواب.

٢ - الكافي ٢: ٤٨٢ / ٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

المرحلة الرابعة : محو الأنانيّة ، والفناء في مُقابل عظمة الحق.

وفي هذه المرحلة التي ينقطع الإنسان فيها عن التّعلقات المادية ، من الأهل والأموال والأولاد واللّذات ، تكون الشّهوات الماديّة والخياليّة قد تغيّرت وتبدّلت ، إلى تعلّقٍ وإرتباطٍ روحي ومعنوي ، والذي يبقى هو التّعلق بالذّات والنّفسٍ ، وهذا التعلّقً متجذّر وقويّ لدرجةٍ كبيرةٍ جدّاً ، ولشدّة ظهوره : خفي ، وتبقى ملاحظةٌ واحدةٌ وهي ، أنّ هدف السّالك في جميع هذه المراحل هو الوصول إلى لقاء الله ، وفي الواقع والباطن أنّ كلّ عمل يكون قد أدّاه هو له ولنفسه.

وبعبارة اخرى : كان يُريد الوصول إلى المقامات العليا ، والقُرب من الله تعالى ، والحصول على الكمالات المعنوية والروحية ، فكلّ ذلك كان بدافع النّفس والذّات ، وليس لِلهدف الأصلي ، ولذلك فهو عند وصوله لمثل هذا المقام يفرح غاية الفرح ، ولكن إذا وصل غيره إلى هذا المقام ، فسوف لن يكون فرحاً لهذا الحد ، وهنا يجب أن تُحذف «الأنا» وتُنسى ، ويكون المحبوب للسّالك هو تجلّي الله سبحانه ، لا من خلال حبّ الذّات ، أو بعبارةٍ أوضح ، يجب أن تُمحى «الأنا» ، وهي الحِجاب الأكبر والمانعُ الأقوى ، وآخر الحُجب للوصول إلى الله تعالى ولقائه.

ولإزالة هذا المانع ، توجد عدّة طرق :

١ ـ طريق التّوجه القلبي لله تعالى ، والتّوحيد الذّاتي والصّفاتي والأفعالي ، ومنه يفهم أنّ غيره لا شيء في مُقابله.

٢ ـ التّفكر والإستدلال للوقوف بوجه «الأنانية» وحجاب النفس ، بمعنى أن يرى أنّ الله تعالى غير محدودٍ بحدٍّ ، وهو الأزلي والحقّ المطلق ، والنفس هي الموجود المحدود في كلّ شيء ، وفي منتهى الضّعف والعجز والفقر والحاجة إلى الله تعالى ، ومن دون المدد الإلهي فإنّها لا تستطيع الصّمود ولا لِلِحظةٍ واحدةٍ.

٣ ـ المعالجة بالأضداد ، بمعنى أنّه كلّما أحسّ بوجود «الأنا» في وعيه ، يعالج هذا الموقف بالتّوجه لله والصّالحين من عباده ، لكي يعيش في الحضور الدّائم مع الباري تعالى.

المرحلة الخامسة : في هذه المرحلة يصبح السّالك إنساناً ملكوتياً ، ويدخل في عالم

١٢١

الجبروت!. والقصد من الدخول في مرحلة الجبروت ، هو أنّ الإنسان يصل إلى مرحلةٍ من الصّفاء والإخلاص ، يكون فيها مندّكاً في ذاتِ الله تعالى ، وله نفوذٌ وسلطةٌ على الامور ، فيتحرك في أداء وظائفه الإلهيّة ، وإرشاد الناس ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، من موقع المسؤولية والإنضباط في خط الرّسالة ، ويكون على بصيرةٍ كاملةٍ من أمره.

أو الأحرى ، ينسى نفسه ، ويكون على علمٍ بكلّ المسائل والوظائف والأحكام والآداب الشرعية ، وطرق السّير والسّلوك ، ويكون تشخيصه لِلأمراض والأدوية دقيق جدّاً ، كالطّبيب الحاذق الذي يعرف الدّاء والدّواء ويشخصه جيّداً(١) .

والجدير بالذّكر أنّه قد استدلّ لكلّ هذه المطالب في كتابه ، بالآيات والرّوايات الإسلاميّة ، كشاهدٍ على مُدّعاه.

خلاصة ما تقدم من مذاهب السّير والسّلوك :

يُستفاد ممّا تقدّم من تعليمات أرباب هذا الفن ، والطريق : (الذين مشوا في نهج الإسلام الأصيل وطريق أهل البيتعليهم‌السلام لا المتصوفة) ، اصولٌ مشتركةٌ في عمليّةِ السّيرِ والسّلوك إلى الله وهي :

١ ـ أنّ الهدف الأصلي ، هو لقاء الله وشهود ذاته المقدسة ، بالبصيرة والحُضور الروحي المعنوي عنده.

٢ ـ للوصول لهذا الهدف ، ينبغي التّحرك أولاً من موقع التوبة من جميع الذنوب والرذائل الأخلاقية ، والتّحلي بالفضائل.

٣ ـ في هذا الطريق يجب أن لا ينسى الآداب الأربعة : المشارطة ، والمراقبة ، والمحاسبة ، والمعاقبة ، يعني يُشترط في الصّباح على نفسه ، أن لا يذنب ولا يخالف رضا الباري تعالى ، ويراقب نفسه في طول النّهار وفي اللّيل وعند النوم ، يجلس للمحاسبة ، وإذا ما صدرت منه مخالفةٌ يعاقب نفسه بتركه لأنواع اللّذائذ.

٤ ـ التّصدي لهوى النفس من موقع المخالفة ، لأنّ الهوى هو من أكبر السّدود في هذا

__________________

١ ـ للإطّلاع ، يرجى الرجوع إلى كتاب : «لقاء الله» ، للعلّامة الكبير المُصطفوي.

١٢٢

الطّريق ، ومخالفته هي من أوجب الواجبات.

٥ ـ التّوجه لأذكارٍ وأورادٍ وردت في الشّرع المقدس ، وأمثال :«لا حَولَ وَلا قُوَّةَ بِالله» ، وذكر( لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، وذكر«يا الله» و «يا حَيُّ» «يا قَيُّوم» وهي الزاد في هذا الطّريق والسبب للقوّة.

٦ ـ التوجه القلبي لحقيقة التّوحيد للذات والصّفات والأفعال لله تعالى ، والغرق في صفات كماله وجماله ، وهي زاد آخر لهذا الطريق الوعر المليء بالمطبّات والتّحديات الصعبة.

٧ ـ كسر أكبر الأصنام ، وهو صنم الأنانيّة والّذات الفرديّة ، وهو من أهم الشّروط للوصول للمقصود.

٨ ـ وقد إشترط البعض الإستعانة بالاستاذ ، والسّير في هذا الطريق تحت إشرافه ، فيكون كالطبيب الذي يعمل على معالجته ، والبعض لا يعتمدون على الاستاذ ، وحصل في كثير من الموارد ، وللأسف الشديد ، الوقوع في حبائل الشيطان ، وذلك بسبب الإعتماد على الاستاذ ، حيث يعتبرونه كالملاك ، فيذهب دينهم وإيمانهم وأخلاقهم إدراج الرّياح!.

ويرى البعض الآخر ، أنّ وظيفة الإرشاد والسير على هدي الأنبياء والأولياء ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هي آخر المراحل ، ولكن كثيراً منهم لم يذكروا شيئاً ، وتركوا السّالك بحاله.

والغرض من الإتيان بهذا البحث ، في المباحث الأخلاقية ، في هذا الكتاب ، هو :

أولاً : سرد عصارة من التّفكرات التي لها علاقة بالمباحث الأخلاقية ، حتى يتنور القاريء ويتحرك في طريق التّهذيب وإصلاح الذّات.

ثانياً : نحذّر طلاب الحقيقة ، أنّ الحدّ بين الحقّ والباطل ضيئل جدّاً ، فكثيرٌ من الشّباب من ذوي القلوب النّقية ، كان هدفهم الوصول إلى الحقّ والعين الصّافية ، ولكنّهم إنجرفوا في طريق الضّلالة ، وتركوا طريق العقل والشّرع ، ولذلك تاهوا في وادي الحيرة ، وغرقوا في مستنقع الخطيئة ، ولم يسلموا من مخالب الذّئاب الضّارية ، الذين يرتدون مسوح الزّهد والقداسة ، فأضاعوا وفقدوا كلّ ما لديهم.

١٢٣
١٢٤

١٠

هل يلزم وجود المُرشد في كلّ مرحلةٍ؟

يعتقد كثير من أرباب السّير والسّلوك ، أنّ السّائرين في طريق الكمال والفضيلة ، والتقوى والأخلاق ، والقرب إلى الله تعالى ، يجب أن يكونوا تحت إشراف الاستاذ والمرشد ، كما ذكر في رسالة السّير والسلوك للعلّامة بحر العلوم ، ورسالة لبّ الألباب للمرحوم العلّامة الطّباطبائي ، في الفصل الحادي والعشرون من وظائف السّائر إلى الله ، هو التّعليم والتعلم تحت نظر وإشراف الاستاذ ، سواء كان الاستاذ عالِم كالعلماء الذين مشوا في هذا الطريق ، أم الأساتذة الخصوصيين ، وهم الأنبياء الأئمة والمعصومينعليهم‌السلام .

ولكن المطّلعين من أهل الفن ، يُحذّرون السّائرين على طريق التّقوى والتّهذيب ، من عدم الإلتجاء بسهولة لأيٍّ كان ، وإذا لم يطمئنّوا إطمئناناً كافياً ، ولم يختبروا صلاحيتهم العلميّة والدينية ، فلا يسلّموهم أنفسهم ، ولا يكتفوا حتى بإخبارهم للمستقبليات ، ولا أعمالهم غير الطبيعيّة ، ولا حتى مرورهم على الماء والنار ، لأنّ صدور هذه الأعمال ممكن من المرتاضين غير المهذّبين أيضاً.

وقال البعض الآخر : إنّ الرّجوع للُاستاذ لازم في المراحل الأوليّة ، وأمّا بعد السّير وعبور عدّة مراحل ، فلا يحتاج إلى الاستاذ ، والرّجوع للُاستاذ الخصوصي وهو الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، حتّى نهاية المراحل ، يكون لازماً وضرورياً.

١٢٥

وقد إستدلوا على لزوم الرّجوع للُاستاذ تارةٌ ، بهذه الآية الشّريفة ، التي تقول :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) (١) .

فرغم أنّها تتناول التعليم لا التربية ، ولكن الحقيقة أنّ التربية تعتمد على التّعليم في كثير من الموارد ، فلذلك يجب الرّجوع للمطلعين في مثل هذه الموارد ، وهذا المعنى يختلف إختلافاً واضحاً عن إختيار شخصٍ خاص ليكون ناظراً على أعمال وأخلاق الإنسان.

ويستشهد القائلون بضرورةِ المرشد تارةٌ اخرى ؛ بحكاية موسى مع الخضرعليهما‌السلام ، فقد كان موسىعليه‌السلام بحاجةٍ للخضر ، مع ما أنّه كان من الأنبياء وأولي العزم ، وقطع قسماً من الطّريق بمساعدتهعليه‌السلام .

ولكن وبإلقاء نظرةٍ فاحصةٍ على قصّة موسى والخضرعليهما‌السلام ، نرى أنّ موسىعليه‌السلام عند ما تعلم من الخضرعليه‌السلام ، إنّما كان بأمر من الله تعالى لأجل الاطّلاع على أسرار الحكمة الإلهيّة بالنسبة للحوادث التي تحدث في هذا العالم ، والاخرى أنّ علم موسىعليه‌السلام كان عملاً ظاهرياً ، «ويتعلّق بدائرة التّكليف» ، وعلم الخضرعليه‌السلام علماً باطنياً ، (خارج عن دائرة التكليف)(٢) ، وهذا الأمر يختلف عن مسألة إختيار الاستاذ والمرشد ، في كل مراحل التّهذيب للنفس والسيّر في طريق التّقوى ، وإن كان يشير ولو بالإجمال إلى أهميّة كسب الفضيلة ، في محضر الاستاذ في خط التّكامل المعنوي.

وقد يستشهد لذلك أيضاً بحكاية لقمان الحكيم وإبنه ، فهو استاذ إلهي أخذ بيد إبنه وساعده في سلوك ذلك الطريق(٣) .

ونقل العلّامة المجلسي في بحار الانوار ، عن الإمام السجّادعليه‌السلام أنّه قال :«هَلَكَ مَنْ لَيسَ لَهُ حَكِيمٌ يَرشُدُهُ» (٤) .

ولكن ومن مجموع ما ذُكر ، لا يمكن إستفادة لزوم المرشد في دائرة السّلوك الأخلاقي و

__________________

١ ـ سورة الأنبياء ، الآية ٧.

٢ ـ يرجى مراجعة تفسير الأمثل ، ذيل الآية ٦٠ إلى ٨٢ من سورة الكهف.

٣ ـ يرجى الرجوع لتفسير الأمثل ، في تفسير سورة لقمان.

٤ ـ بحار الانوار ، ج ٧٥ ، ص ١٥٩.

١٢٦

تهذيب النفس ، بحيث إذا لم يكن تحرك الإنسان في خطّ التّهذيب النّفسي والتّزكية الأخلاقية ، تحت إشراف المرشد ، فسوف يختل برنامج التربية والأخلاق والتّقوى ، ويتعطل السّير والسّلوك في حركة الواقع النفسي والمعنوي لدى الفرد ، لأنّ الكثير من الأشخاص إلتزموا بالرّوايات والآيات والأحاديث الإسلامية ، وعملوا بها ، ووصلوا إلى مقاماتٍ عالية ودرجاتٍ كبيرةٍ دون الإستعانة بمرشدٍ أو معلّمٍ خاصٍ على مستوى التّربية الأخلاقيّة ، وطبعاً لا يمكن إنكار فائدة الأساتذة والمرشدين وتوجيهاتهم القيّمة ، فهم عناصر جيّدة للوصول إلى المقصود من أقرب الطرّق ، ومعدّات فاعلةٌ لمواجهة المشاكل الأخلاقيّة لتحديات الواقع ، وحلّها وفق مستجدّات الواقع ومستلزمات العقيدة.

وجاء في نهج البلاغة أيضاً :«أيُّها النّاسُ استَصبِحُوا مِنْ شُعْلَةِ مِصبَاحٍ ، وَاعظٌ مُتَّعِظٌ» (١) .

ولكن وللأسف نجد في كثير من الموارد ، أنّ النّتيجة كانت عكسيّة ، فكثير من الأشخاص عرّفوا أنفسهم بأنّهم مرشدون للناس في سلوك سبيل التّربية والتّهذيب ، ولكن اتّضح بأنّهم قطّاع طُرق ، وكمْ من الأشخاص الطّاهرين الطالبين للحقّ إنخدعوا بهم ، وساروا في طريق التّصوف أو الإنحراف ، وسقطوا في منحدر الرّذيلة ، وارتكبوا مفاسد أخلاقية كبيرة ؛ وعليه فنحن بدورنا نحذّر السّائرين على هذا الطّريق ، إذا ما أرادوا الإستفادة من الحضور ، عند استاذ ومرشدٍ في المسائل الأخلاقيّة ، فيجب أن يتوخّوا جانب الحذر والإحتياط ، وليتأكدوا من حقيقة الأمر ، ولا يغترّوا بالمظاهر الخادعة ، بل ليتفحّصوا عن سوابقهم ، وليشاوروا أصحاب الفنّ في هذا المجال ، كي يصلوا إلى غايتهم المنشودة.

دور الواعظ الداخلي (الباطني):

تكلّمنا عن دور الواعظ الخارجي بصورةٍ كافيةٍ ، والآن جاء دور الواعظ الداخلي ؛ حيث يستفاد من بعض الأخبار والروايات الإسلامية أنّ الضّمير الحيّ هو الواعظ الداخلي والباطني للإنسان ، وله دور مهم في السّير على طريقِ التّكامل الأخلاقي والتّقوى ، وبالأحرى

__________________

١ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ١٠٥.

١٢٧

لا يمكن السّير بدونه ، في مواجهة التحديات الصّعبة وقوى الإنحراف.

فقد جاء في حديثٍ عن الإمام على بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال :

«يا إبنَ آدمَ إِنَّكَ لا تَزَالُ بِخَيرٍ ما كانَ لَكَ وَاعِظٌ مِنْ نَفْسِكَ ، وَما كانَتِ الُمحاسَبَةُ مِن هَمِّكَ» (١) .

ونُقل أيضاً عنهعليه‌السلام ، مشابهٌ لهذا المعنى ، مع قليلٍ من الإختلاف(٢) .

وجاء في نهج البلاغة أيضاً ، أنّ :

«وَاعَلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُعَنْ عَلَى نَفْسِهِ حتّى يَكُونَ لَهُ مِنْها وَاعِظٌ وَزَاجرٌ ، لَم يَكُن لَهُ مِنْ غَيرِها لا زَاجرٌ وَلا واعِظٌ» (٣) .

ومن البديهي أنّ الإنسان في هذا الطّريق يحتاج إلى واعظٍ قبل كلّ شيء ، ليكون معه في كلّ حال ، : ويعلم أسراره الداخلية ، ويكون رقيباً عليه ومعه دائماً ، وأيّ عاملٍ أفضل من الواعظ الداخلي وهو الوجدان ، يتولي القيام بهذا الدّور ، وينبّه الإنسان إلى منزلقات الطّريق ، وتعقيدات المسير ، ويصدّه عن الإنحراف والسّقوط في الهاوية.

ونقرأ في حديثٍ عن الإمام عليّعليه‌السلام :

«إِجْعَلْ مِنْ نَفْسِكَ عَلى نَفْسِكَ رَقِيباً» (٤) .

وجاء في حديثٍ آخر عنهعليه‌السلام :

«يَنبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ مُهَيمِناً عَلى نَفْسِهِ مُراقِباً قَلْبَهُ ، حافِظاً لِسانَهُ» (٥) .

__________________

١ ـ بحارالأنوار ، ح ٧٥ ، ص ١٣٧.

٢ ـ المصدر السابق.

٣ ـ نهج البلاغة ، الخطبة ٩٠.

٤ ـ غرر الحكم.

٥ ـ المصدر السابق.

١٢٨

١١

العناصر اللّازمة لتربية الفضائل الأخلاقيّة

إضافةً لما ذكرنا من برنامج للصّعود بالإنسان في أجواء التربية الأخلاقيّة ، يوجد هناك عناصر اخرى ، لها أثرها الكبير في منح الإنسان قوّة التّصدي ، لحالات الضعف أمام الرّذائل الأخلاقيّة ، وتقوية اصول الفضائل في واقع الإنسان ، وحركته التّكاملية في الحياة ، ومنها :

١ ـ طهارة وصفاء المحيط

ممّا لا شك فيه أنّ المحيط الذي يعيش فيه الإنسان ، يعكس أثره الكبير على سلوكيّات وروحيّات ذلك الإنسان ، حيث يسترفد كثيراً من صفاته وأفعاله من المحيط الإجتماعي والثّقافي ، فالمحيط النّظيف والطّاهر غالباً ما يفرز اناساً طاهرين ، والعكس صحيح.

ورغم أنّ الإنسان يمكن أن يعيش نظيفاً وطاهراً في الوسط الملّوث ، وبالعكس يمكنه أن يسير في طريق الرّذيلة والإثم في المحيط الطّاهر ، وبعبارةٍ اخرى إنّ الظّروف الإجتماعيّة والثّقافية التي يعيش فيها الإنسان ، ليست العلّة التّامة في صلاح وإنحراف الإنسان ، ولكنّها يمكن أن تُهيىء الأرضية لذلك قطعاً ، وهذا ممّا لا يقبل الإنكار.

وقد يقول البعض ، بأنّ الإنسان يخضع لإجبار المحيط والمجتمع ، «فيبقى الإنسان كما هو الموجود فعلاً» ، ولكننا ننكره جملة وتفصيلاً ، من دون أن ننكر دور العوامل القويّة في عمليّة

١٢٩

إخضاع الفرد لمتطلبات الواقع وتحدياته ، في أجواء التّفاعل الإجتماعي.

بعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم ، ونقرأ الآيات التي تؤيّد تأثير المحيط في شخصيّة الإنسان ، بالدّلالة الإلتزاميّة ، أو المطابقيّة للكلام ، لنستوحي منها المفهوم القُرآني في هذا الإطار :

١ ـ( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ ) (١) .

٢ ـ( وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ قالُوا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) (٢) .

٣ ـ( وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) (٣) .

٤ ـ ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) (٤) .

٥ ـ ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً ) (٥) .

تفسير وإستنتاج :

«الآية الاولى» تحدّثت عن تأثير المحيط في أعمال وأفعال الإنسان ، ببيانٍ لطيفٍ وجذّابٍ ، وقد إختلف المفسّرون في تفسير هذه الآية ، وذهب كلّ واحدٍ منهم إلى رأي

فبعضهم قال : إنّ المراد منها ، أنّ ماء الوحي الرّقراق كقطرات المطر ، ينزل على أرض

__________________

١ ـ سورة الاعراف ، الآية ٥٨.

٢ ـ سورة الأعراف ، الآية ١٣٨.

٣ ـ سورة نوح ، الآية ٢٦ و ٢٧.

٤ ـ سورة العنكبوت ، الآية ٥٦.

٥ ـ سورة النساء ، الآية ٩٧.

١٣٠

القلوب فترتوي منه القلوب الطاهرة ، وتنبتُ ورود المعرفة وفواكه التّقوى والطّاعة اللّذيذة ، ولكن القلوب السّوداء والملوثة ، لا تتأثر به من موقع الإستفادة في حركة الحياة ، وعند ما نرى أنّ ردود الفعل ، قبال دعوات الأنبياء ، وتعاليم الوحي ليست متساوية عند الجميع ، فهذا لا يدلّ على وجود النقص والخلل في فاعليّة الفاعل ، بل أنّ الإشكال إنّما هو في قابليّة القابل(١) .

والأمر الآخر أنّ الغرض من بيان هذا المثال ، هو أن يكون طلب الفضائل والمحاسن من محلّها المناسب ، لأنّ السّعي في المحل غير المناسب ليس هو إلّا إهدار وتضييع للطاقات(٢) .

الإحتمال الثالث ، في تفسير هذه الآية ويمكن الإستفادة منه هنا ، هو أنّ في هذا المثال شبّه الإنسان بالنبات ، ولكن الأرض التي تنبت فيها النباتات إمّا حلوة أو سبخة ، ممّا تنعكس تأثيراته على النّبات أيضاً ، وفي المحيط الملّوث ، لا يمكن تربية الإنسان في إطار التعاليم الإلهيّة والقيم الأخلاقيّة ، مهما كانت التعليمات وأساليب التربية قويّةٌ ومؤثرةٌ ، فكما أنّ قطرات المطر المُوجبة لبعث الحياة للأرض ، لا يمكن أن تؤثر في الأرض السّبخة ، فكذلك الحال في عناصر التربية في المحيط الملّوث ، وبناءً عليه ، يجب علينا أن نهتم بإصلاح المحيط الإجتماعي ، والثّقافي ، الذي نعيشه ونتفاعل معه دائماً ، للتوصل إلى تهذيب النفوس ، وتحكيم الأخلاق الصالحة ، في واقع الإنسان والحياة.

وبالطّبع لا يوجد تقاطع بين التفسيرات الثلاثة المتقدّمة ، والمثال الآنف الذّكر ، يمكن أن يكون ناظراً لهذه التفسيرات الثّلاثة على السّواء.

نعم ، فإنّ المحيط الإجتماعي الملّوث بالرذيلة ، هو عدوّ للفضائل الأخلاقيّة ، والحال أنّ المحيط السّالم والطّاهر ، يهيىء أحسن وأفضل الفرص ، لغرض تهذيب النّفوس ، في معارج الكمال الرّوحي والمعنوي.

وقد ورد في الحديث المعروف عن الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله مُخاطباً أصحابه :

«إِيّاكُم وَخَضراءِ الدِّمَنِ» ، قِيلَ يا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ خَضراءُ الدِّمَنِ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المَرأةُ

__________________

١ ـ هذا التفسير جاء به الفخر الرازي ، وأتى به بعنوان الإحتمال الأول في معنى الآية ، : (تفسير الفخر الرازي ، ج ١٤ ، ص ١١٤) ونقله جماعَة اخرى عن إبن عباس

٢ ـ جاء هذا التفسير في مجمع البيان ، في تفسيره لسورة الحديد في ذيل الآية الآنفة الذكر.

١٣١

الحَسناءِ فِي مَنْبَتِ السُّوءِ» (١) .

هذا التّشبيه البليغ ، يمكن أن يكون إشارةً ، لتأثير المحيط الصّالح والسّيء في شخصية الإنسان ، على المستوى الإيجابي والسّلبي ، أو هو إشارةٌ لمسألة الوراثة ، وتأثيرها على مُجمل الشّخصية ، أو إشارةٌ للإثنين معاً.

وفي«الآية الثانية» : إشارةٌ لقوم بني إسرائيل ، الّذين بقوا لسنواتٍ طويلةٍ ، تحت إشراف وتعليمات النّبي موسىعليه‌السلام ، في عمليّة الهداية الرّوحية والمعنويّة ، وفي مجال التوحيد وسائر الاصول الدينيّة ، ورأوا بامّ أعينهم المعجزات الإلهيّة ، كإنفلاق البحر لهم ، ونجاتهم من براثن فرعون وجنوده ، ولكن وبمجرد أن صادفوا في طريقهم للشام والأرض المقدسة ، قوماً يعبدون الأصنام ، تأثّروا بهم وبمحيطهم الملّوث ، وقالوا :( يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ ) .

فتعجّب موسىعليه‌السلام من هذا الإنقلاب ، وغضب غضباً شديداً ، من قولهم هذا وقال لهم :( إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) .

وأخذ يبيّن لهم مفاسد عبادة الأصنام.

والعجيب أنّ قوم بني إسرائيل ، وبعد التّوضيحات الصّريحة والمكرّرة لموسىعليه‌السلام ، بقوا تحت تأثير هذا المحيط المسموم السّلبي ، بحيث إستطاع السّامري أن يتحرك من موقع إغوائهم ، وتفعيل عناصر الإنحراف لديهم في غيبة موسىعليه‌السلام ، والّتي إستغرقت عدّة أيّام ، حيث صنع لهم صنماً من ذهبٍ ، وتبعه الغالبيّة من هؤلاء القوم ، وتحوّلوا من أجواء التّوحيد إلى أجواء الشّرك.

فهذا الأمر يمثل علامةً واضحةً على تأثير المحيط السّلبي ، في صياغة السّلوك الإنساني ، من موقع الانحراف والزيغ في دائرة المسائل الأخلاقية ، بل وحتّى العقائديّة أيضاً ، ولا شك أنّ بني إسرائيل وقبل مرورهم باولئك القوم ، كانت لديهم الأرضيّة المساعدة لعبادة الأصنام ، وذلك إثر بقائهم مع الوثنييّن المصرييّن لمدةٍ طويلةٍ ، فعند ما رأوا ذلك المنظر ، عادوا في دائرة الذّاكرة إلى ذلك الماضي الأسود ، وعلى كل حال فإنّ كلّ هذه الامور ، هي دليل واضح على تأثير

__________________

١ ـ وسائل الشيعة ، ج ١٤ ، ص ١٩ ، ح ٧ ـ بحار الانوار ، ج ١٠٠ ، ص ٢٣٢ ، ح ١٠.

١٣٢

المحيط الإجتماعي ، في أخلاق وعقائد الإنسان في حركة الواقع النّفسي.

وفي«الآية الثالثة» : نجد شاهداً آخر على تأثير المحيط على أفكار وأفعال الإنسان ، وهو ما نراه في سلوك نوحعليه‌السلام ، ودعاؤه على قومه الكفّار بالفناء والَمحق.

إنّ نوحاًعليه‌السلام لم ينطلق في دعائه عليهم من موقع الذات والانفعال ، بل من موقع العقل والبرهان ، فقال الله تعالى في القرآن الكريم ، على لِسان نوحٍ :( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) .

فهم في الحال الحاضر كفّار ومنحرفون ، وفي حالة إستمرارهم في التّكاثر والتّناسل فسوف يؤثّرون على أولادهم في عمليّة الإيحاء لهم بالكفر ، ويربّوهم تربيةً منحرفةً.

ومن«الآيتين الرابعة والخامسة» ، نستوحي لزوم الهجرة من المجتمع والمحيط المنحرف ، حيث يخاطب الباري تعالى عباده في الآية الرابعة ، يقول :( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) .

وفي الآية الخامسة ، يحذّر المؤمنين من البقاء في المجتمع الغارق في الضّلالة ، ويؤكّد لهم لزوم الهجرة ، وأنّ عذرهم غير مقبول في حالة البقاء والتكاسل ، فقال :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً ) .

وفي الحقيقة إنّ مسألة الهجرة هي من الاصول الأساسيّة في الإسلام ، وقد شيّد الإسلام دعائمه عليها ، حيث تتضمن عمليّة الهجرة ، حكمٌ وغاياتٌ عديدةٌ وأهمّها الهروب والفرار من المحيط الملّوث ، والنجاة من تأثيراته السيّئة على واقع الإنسان ومحتواه الداخلي.

وليست الهجرة مختصة بزمان صدر الإسلام ، كما يعتقد البعض ، بل هي جارية في كلّ عصرٍ وزمانٍ يتعرض فيها المسلمون لضغوط قوى الشرك والفساد والكفر ، التي تشكّل عناصر ضغطٍ على الرّوح المنفتحة على الله والخير ، وليفرّوا بدينهم وأخلاقهم وعقائدهم من أجواء المحيط الملّوث ، فجاء في الحديث عن الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله :

«مَنْ فَرَّ بِدِينِهِ مِنْ أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ وَإِنْ كانَ شِبراً مِنَ الأَرضِ إِستَوجَبَ الجَنَّةَ وَكانَ

١٣٣

رَفِيقَ مُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله وَإِبراهِيمَ عليه‌السلام » (١) .

فالتأكيد على مقدار الشّبر ، إنّما يدلّ على أهميّة المسألة في دائرة الإحتفاظ بالإيمان ؛ فلو تسنّى للإنسان ذلك ، وبأيّ مقدارٍ وأيّ زمانٍ ومكانٍ ، فمعناه التوافق مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وإبراهيمعليه‌السلام في خطّ الرّسالة والدّين.

والخلاصة ، أنّ المحيط والمجتمع الذي يعيش فيه الإنسان ، كان ولا يزال عاملاً مهمّاً في تكوين وصياغة شخصية الإنسان ، وأخلاقه ومؤثّراً فيها ، وإن كان الأمر ليس على وجه الجَبر ، وبناءً على ذلك فإنّ تطهير أجواء المحيط الإجتماعي من أهم العوامل لتهذيب الأخلاق وتربية الملكات الفاضلة في المحتوى الداخلي للإنسان.

وإذا لم يستطع أنّ يغيّر الإنسان من أجواء المحيط شيئاً ، فيجب عليه أن يُهاجر ويترك ذلك المحيط الغارق في الزّيغ والضّلالة ، وكما أنّ الإنسان ، وعند ما تتعرض حياته المادية للخطر ، يتحرك من موقع الإبتعاد والهجرة من أرضه ، فكذلك عليه أن يُهاجر منها ، عند ما تتعرض قِيمَهُ الأخلاقيّة وحياته المعنويّة ، التي هي أهم من حياته الماديّة ، للخطر ، ولا ينبغي أن يتذرّع بأنواع الحجج والأعذار ، ليبقى فيها بحجّة أنّها أرضي وأرضَ آبائي ، وغير ذلك من الأعذار والتّبريرات الواهية ، ويستسلم لعناصر التّلوث والإنحراف التي تؤثر عليه وعلى أولاده ، في الدائرة السّلبية ولا يهاجر منها؟

فيتوجب على جميع علماء الأخلاق ، أن يتحركوا في عمليّة التربية ، لغرض إحياء الفضائل الأخلاقية ، وتفعيل عناصر الخير والإيمان ، من خلال إصلاح المحيط والمجتمع ، وبدون ذلك ، فإنّ السّعي الفردي والآني في هذا الخط ، سيكون أثره ضعيفاً في حركة التّربية والتّهذيب.

٢ ـ دور الأصدقاء والعِشرة

والموضوع الآخر ، الذي أثبتت التجربة تأثيره العميق على السلوك الأخلاقي ، وإتّفق عليه جميع علماء الأخلاق والتربية والتعليم ، هو عنصر الأصدقاء ودور المعاشرة معهم ، ففي

__________________

١ ـ نور الثقلين. ج ١ ، ص ٥٤١.

١٣٤

حال كون الصّديق فاسداً ومنحرفاً ، في دائرة السّلوك الأخلاقي ، فسيؤثّر على صديقه السليم ، من موقع الانحراف كذلك ، والعكس صحيح أيضاً ، فالكثير من المؤمنين ، والأقوياء الإرادة ، إستطاعوا أن يؤثّروا على زملائهم الفاسدين ، على مستوى الهداية والإصلاح ، بحيث جعلوا منهم اناساً أتقياء ، وملتزمين في دائرة السّلوك الدّيني والأخلاقي.

ونعود للقرآن الكريم ، والآيات الّتي تتناول هذ الموضوع :

١ ـ ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ* وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ* حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) (١) .

٢ ـ ( قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ* يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ* قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ* فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ* قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ* وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) (٢) .

٣ ـ ( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً ) (٣) .

تفسير وإستنتاج :

الآيات الاولى ، التي وردت في محلّ البحث ، تحدّثت عن جلوس الشّيطان ، مع الغافلين عن ذكر الله ، من منطق الغُواية ، وتوضح تأثير قرين السّوء ، في السّلوك الأخلاقي للإنسان ومستقبله ، فتقول أولاً :( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ) (٤) .

__________________

١ ـ سورة الزخرف ، الإية ٣٦ إلى ٣٨.

٢ ـ سورة الصافات ، الآية ٥١ إلى ٥٧.

٣ ـ سوره الفرقان ، الآية ٢٧ إلى ٢٩.

٤ ـ ذكروا معانٍ مختلفة لكلمة «نُقيّض» ، والتي هي من مادة قيض ، فالبعض قال : إنّها بمعنى التسبيب ، والبعض الآخر : بمعنى التقدير ، والبعض الآخر : كالراغب قال : هي بمعنى إستيلاء القيض على البيض ، وهو القشر الأعلى.

١٣٥

وبعدها يُبيّن القرآن الكريم ، دور قرين السّوء في حركة الإنسان والحياة ، فإنّ الشّياطين يوصدون طريق الهداية والحركة إلى الله تعالى ، أمام الإنسان ، ويقفوا عقبةً في طريق الوصول إلى الهدف المقدس ، والأنكى من ذلك ، أنّ هؤلاء المنخدعين يحسبون أنّهم مهتدون :( وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) .

وبعدها يتطرّق القرآن الكريم إلى النتيجة ، فيقول : إنّ هذا الإنسان عند ما يرد في عرصات القيامة ، وعند حضور الجميع عند الله تبارك وتعالى ، وكشف الأسرار والحقائق ، يقول لقرينه الشّيطاني :( حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ) .

حيث نستوحي من هذه التعبيرات ، بأنّ قرين السّوء ، يمكن أن يحرف الإنسان من موقع الأغواء ، عن طريق الباري تعالى ، ويصدّه عن سبيل الهداية والصّلاح ، فيهدم عليه دعائم الأخلاق ، ويشوّه الواقع النّفسي والفكري له ، فينخدع هذا المسكين ويحسب أنّه على هدىً ، فإرجاعه عن غيّه ، والعودة به إلى الصّراط المستقيم ، سيكون ضرباً من المحال ، ولن يستيقظ من أوهام الغفلة ، إلّا وقد فات الأوان ، وبعد غلق طريق العودة عليه.

وكذلك يُستفاد من الآية الشريفة ، أنّ قرين السّوء يبقى دائماً مع الإنسان في حياته الاخرويّة الأبديّة ، وكم هو مؤلم ، أن يرى الشّخص المسبّب في بؤسه وهلاكه ، يعيش معه دوماً ، ولن تنفع معه اليوم الأماني والآمال بالإنفصال عنه ومفارقته ، فيقول :( وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ ) (١) .

وفي مضمون الآيات الآنفة الذّكر ، الآية (٢٥) من سورة فصّلت ، فتقول :

( وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ ) .

«الآية الثانية» : من هذه الآيات محل البحث ، تتحدث عن الأشخاص الذين عاشوا مع

__________________

١ ـ سورة الزخرف ، الآية ٣٩.

١٣٦

أصحاب السّوء ، وكانوا يتحركون معهم في أجواء الضّلالة والإنحراف ، ولكن اللّطف الإلهي شملهم ، وإستطاعوا بسعيهم وجدّهم في التّحرك بعيداً عن وساوس الشّيطان ، وأنقذوا أنفسهم من الوقوع في براثنه ، بعد أن كانوا قد وصلوا إلى حافّة الهاوية ، فُهنا يتحدث القرآن الكريم عن تأثير قرين السّوء في تكوين عقائد الإنسان وأخلاقه ، ولكن ليس بالشّكل الذي يكون فيه الإنسان مجبوراً وغيرُ قادرٍ على إنقاذ نفسه من شراك الزيغ فقال :( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ* قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ * يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ* أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ) (١) .

وفي هذا الأثناء يذكر قرينه القديم ، ويشرع بالبحث عنه ، فينظر من أعالي الجنّة ، فإذا به يراه في أعماق الجحيم :( فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ) .

فقال له :( قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ* وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ) .

فنرى من هذه الآيات ، أنّ قرين السّوء بإمكانه أن يؤدي بالإنسان إلى الجحيم ، لو لا الإيمان والتّقوى ولطف الله تعالى في واقع الإنسان.

وفي«الآية الثالثة» : نرى التأسف الشّديد والتأثرّ العميق ، الذي يعيشه الظالمون في يوم القيامة ، بسبب إختيارهم ومصاحبتهم لأصدقاء السّوء ، لأنّهم كانوا العامل الأساس في محنتهم الفعلية :

( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً* يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً* لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً ) .

وبناءً على ذلك فإنّ الظّالم في يوم القيامة ، أول ما يتأسف على تركه الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقطعه للعلاقة معه ، وبعدها يتأسف على توثيق العلاقة مع أصدقاء السّوء ، وبعدها يصرّح ، أنّ

__________________

١ ـ سورة الصافات ، الآية ٥٠ إلى ٥٣.

١٣٧

العامل الأصلي لضلاله ، هو نفس هؤلاء الأصدقاء المنحرفين ، ومرضى القلوب ، وأن تأثيرهم عليه كان أشدّ من تأثير النداءات الإلهيّة : (طبعاً عند المنحرفين فقط).

وأمّا«الآية الأخيرة» : فقد تحدثت عن أصدقاء السوء ، وعبّرت عنهم بجنود الشيطان وأنّهم من شياطين الإنس ، والجدير بالذكر ، أنّ التعبير عن تأسّف هذه الجماعة ، ورد بجملة : «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ ...» ، وهي أعلى مراحل التّأسف ، ففي البداية ، يعضّ الإنسان إصبعه بدافع الندم ، وفي مرحلةٍ أقوى يعضّ باطن كفّه ، وفي مرحلةٍ أشدّ يعضّ على يديه الإثنتين ، وهو في الحقيقة نوعٌ من الإنتقام من نفسه ، وأنّه لماذا قصّر في حقّ نفسه ورماها في التهلكة؟

فما يُستفاد من الآيات الآنفة الذّكر ، هو أنّ الأصدقاء والأصحاب ، لهم أثرهم الكبير في سعادة أو شقاء الإنسان ، ليس على مستوى التّأثير في السّلوك الأخلاقي فحسب ، بل وعلى مستوى العقائد أيضاً ، فهنا يجب على المرشد أن يهتم في عمليّة صيانة الأفراد من الزيغ والإنحراف ، ويرعاهم بتوجيهاته بعيداً عن أجواء التلوّث ، وخصوصاً في عصرنا الحاضر ، الذي إنتشرت فيه وسائل الفساد ، عن طريق رِفاق السّوء بصورةٍ مُخيفةٍ ، وأصبحت سبباً من أسباب الإنحراف والسّير في خطّ الباطل.

دور الأخلّاء في الرّوايات الإسلاميّة :

وردت روايات وأحاديث مستفيضة في هذا المضمار عن الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأئمّة الأطهارعليهم‌السلام ، تعكس أهميّة هذه المسألة ، ففي حديث الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال :«المَرءُ عَلى دِينِ خَلِيلِهِ وَقَرِينِهِ» (١) .

وجاء هذا المعنى أيضاً في حديثٍ آخر ، نقل عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، أنّه قال :

«وَلا تَصحَبُوا أَهْلَ البِدَعِ وَلا تُجالِسُوهُم فَتَصيرُوا عِنْدَ النّاسِ كَواحِدٍ مِنْهُم».

__________________

١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٥ : باب مجالسة أهل المعاصي ، ح ٣.

١٣٨

قالَ رَسُولُ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المَرءُ عَلى دِينِ خَلِيلِهِ وَقَرِينِهِ» (١) .

ونفس هذا المعنى ورد عن الإمام عليعليه‌السلام أيضاً ، وفيه تصوير عن حالة التّأثير المُتقابل ، في دائرة التّفاعل المشترك بين الأفراد فقال :

«مُجالَسةِ الأخيارِ تَلحَقُ الأَشرارِ بالأخيارِ وَمُجالِسةِ الأَبرارِ لِلفُجَّارِ تَلحَقُ الأبرارِ بِالفُجَّارِ».

وجاء في ذيل هذا الحديث ، عبارةٌ في غاية الأهميّة ، حيث يقول :«مَنْ إِشتَبَهَ عَلَيكُمِ أَمرُهُ وَلَم تَعرِفُوا دِينَهُ فانظُرُوا إِلى خُلَطائِهِ» (٢) .

وفي بعض الروايات ، ورد هذا المعنى في دائرة الّتمثيل ، فقال :«صُحبَةُ الأَشرارِ تَكسِبُ الشَّرَّ كَالرِّيحِ إُذا مَرَّتْ بِالنَّتِنِ حَمَلَتْ نَتِناً» (٣) .

ويُستفاد من هذه التّعبيرات : أنّه وكما أنّ المعاشرة والصّحبة للأراذل ، تهيىء الأرضية لحركة الإنسان نحو الانزلاق في طريق الشر ، فإنّ المعاشرة مع الأَخيار تنير قلب الإنسان بضياء الهدى ، وتحُيي فيه عناصر الخير.

ونقرأ هذا المعنى في حديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال :«عَمارَةُ القُلُوبِ في مُعاشَرَةِ ذَوِي العُقُولِ» (٤) .

وجاء في حديثٍ آخر عنهعليه‌السلام ، أنّه قال :«مُعاشَرَةُ ذَوِي الفَضائِلِ حَياةُ القُلُوبِ» (٥) .

فتأثير الُمجالسة على قدرٍ من الأهميّة ، بحيث قال فيه النّبي سليمانعليه‌السلام :

«لا تَحْكُمُوا عَلى رَجُلٍ بِشيءٍ حَتّى تَنْظُرُوا إِلى مَنْ يُصاحِبُ فَإِنَّما يُعْرَفُ الرَّجُلُ بِأَشكَالِهِ وَأَقرَانِهِ ؛ ويُنْسَبُ إِلى أَصحابِهِ وَأَخدَانِهِ» (٦) .

ونقرأ في حديثٍ جاء عن لقمان الحكيم ، في نصائحه لإبنه ، فقال له :

__________________

١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٣٧٥ : باب مجالسة أهل المعاصي ، ح ٣.

٢ ـ كتاب صفات الشيعة ، للصدوق ، (طبقاً لنقل بحار الانوار ، ج ٧١ ، ص ١٩٧).

٣ ـ غُرر الحِكم.

٤ ـ المصدر السابق.

٥ ـ المصدر السابق.

٦ ـ بحار الأنوار ، ج ٧١ ، ص ١٨٨.

١٣٩

«يا بُنَيَّ صاحِبِ العُلَماءَ ، وأَقرِبْ مِنْهُم ، وَجالِسهُم وَزُرهُم فِي بِيُوتِهِم ، فَلَعَلَّكَ تَشْبَهُهُم فَتَكُونَ مَعَهُم» (١) .

وعلى كلّ حال ، فإنّ الرّوايات الشّريفة ، مليئة بمثل هذه النصائح ، في دائرة الإهتمام بالرّفقة وأثر الصّديق في أخلاق وسلوك الإنسان ، ولو جُمعت في إطارٍ واحدٍ لأمكن تأليف بحثٍ شاملٍ كاملٍ في هذا المضمار.

ونختم الكلام بحديث عن الإمام عليعليه‌السلام ، في وصاياه لإبنه الحسن الُمجتبىعليه‌السلام :

«قارِنْ أَهْلَ الخَيرِ ، تَكُن مِنْهُم ، وبايِنْ أَهْلَ الشَّرِّ تَبِنْ مِنْهُم» (٢) .

تأثير العِشرة في التحليلات المنطقيِّة :

يقولون : إنّ أحسن وأفضل دليلٍ لإمكان الشيء ، هو وقوعه ، وفي موضوع بحثنا ، فإنّ رؤية نماذج عينيّة من مُعاشرة بعض الأفراد للأراذل ، وكيف أنّها أصبحت مصدراً لأنواع المفاسد والإنحرافات الخُلقيّة لهم ، وبالعكس ، فإنّ مُصاحبة الأخيار ، ساهمت لدى البعض ، على تطهير أنفسهم ، من شوائب الرّذيلة والزّيغ ، وهذه الموارد هي خير دليلٍ على بحثنا هذا.

فالتشبيه القديم القائل : إنّ الأخلاق القبيحة ، مثل الأمراض السّارِيَة ، تنتشر بين الأصدقاء والأقارب بسرعةٍ فائقةٍ ، هو تشبيهٌ صحيحٌ ، خصوصاً في الموارد التي يكون فيها الشخص ، حَدث السّن أو ضعيف الإعتقاد والإيمان ، وتكون نفسه مستعدّةً لقبول أخلاق الآخرين ، فالمُعاشرة لمثل هؤلاء الأفراد ، مع أصدقاء السّوء ، تكون بمثابة سهمٍ مُهلكٍ وقاتلٍ في دائرةِ الإيمان ، وعناصر الخَير في الشّخصية ، وقد شاهدنا الكثير من الأفراد والأشخاص من الطيّبين ، الذين تغيّروا بالكامل بسبب معاشرتهم لرفقاء السوء ، وتحوّل مجرى حياتهم من أجواء الخير إلى أجواء الشّر ، وهُناك إثباتاتٌ وأدلّةٌ مختلفةٌ من تقرير هذه الحالةٌ في واقع الإنسان من النّاحية النّفسية والرّوحية :

__________________

١ ـ بحارالأنوار ، ج ٧١ ، ص ١٨٩.

٢ ـ نهج البلاغة ، وصيّة الإمام عليعليه‌السلام للإمام الحسنعليه‌السلام (رسالة ٣١).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345