• البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16027 / تحميل: 3638
الحجم الحجم الحجم
الأخلاق في القرآن

الأخلاق في القرآن الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٨١٣٩-٢٥-٣
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء على الله والصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )، فقال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : عجل(١) العبد ربّه، ثمّ دخل آخر فصلّى وأثنى على الله عزّ وجلّ وصلّى على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : سل تعطه.

ثمّ قال إنّ في كتاب علي( عليه‌السلام ) : إنّ الثناء على الله والصلاة على رسوله قبل المسألة، وإن أحدكم ليأتي الرجل يطلب الحاجة فيحب أن يقول له خيراً قبل أن يسأله حاجته.

[ ٨٧٨٦ ] ٥ - وعن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنما هي المدحة، ثمّ الثناء، ثمّ الاقرار بالذنب، ثمّ المسألة، إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالاقرار.

وعنهم، عن أحمد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة، عن معاوية بن عمّار، مثله، إلّا أنه قال: ثمّ الثناء، ثمّ الاعتراف بالذنب.

[ ٨٧٨٧ ] ٦ - وعن الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن(٢) بن علي، عن حمّاد ابن عثمان، عن الحارث بن المغيرة قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) - في حديث - إذا أردت أن تدعوا الله فمجّده وأحمده وسبّحه وهلّله وأثن عليه وصلّ على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ثمّ سل تعط.

[ ٨٧٨٨ ] ٧ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عمّن

____________________

(١) في المصدر: عاجل.

٥ - الكافي ٢: ٣٥١ / ٣، ٤.

٦ - الكافي ٢: ٣٥١ / ٥، وقد أورد الحديث هنا تاماً باختلاف بسيط وفي ٣: ٣٤١ / ٤، أورد قطعة من الحديث ولكن بسند آخر.

(٢) في نسخة: الحسين( هامش المخطوط ).

٧ - الكافي ٢: ٣٥٢ / ٨.

٨١

حدّثه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قلت: آيتان في كتاب الله عزّ وجلّ أطلبهما ولا أجدهما، قال: وما هما؟ قلت: قول الله عزّ وجلّ:( ادعُونِي أَستَجِب لَكُم ) (١) فندعوه ولا نرى إجابة؟ قال: أفتَرى الله عزّ وجلّ أخلف وعده؟! قلت: لا، قال: فممّ ذلك؟! قلت: لا أدري، قال: لكنّي أُخبرك: من أطاع الله عزّ وجلّ فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه، قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك، ثمّ تشكره، ثمّ تصلّي على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها، ثمّ تستغفر(٢) منها، فهذا جهة الدعاء، ثمّ قال: وما الآية الأُخرى؟ قلت: قول الله عزّ وجلّ:( وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرٌ الرَّازِقِينَ ) (٣) وإنّي أُنفق ولا أرى خلفاً؟ قال: أفترَى الله عزّ وجلّ أخلف وعده؟! قلت: لا، قال: فممّ ذلك؟! قلت: لا أدري، قال: لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حلّه لم ينفق درهماً إلّا أخلف عليه.

[ ٨٧٨٩ ] ٨ - وعنه، عن أبيه، عن علي بن حسان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كلّ دعاء لا يكون قبله تحميد فهو أبتر، إنّما(٤) هو التحميد ثمّ الثناء، قال: قلت: ما أدري ما يجزي من التحميد والتمجيد؟ قال: تقول: اللهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، وأنت العزيز الحكيم.

[ ٨٧٩٠ ] ٩ - محمّد بن علي بن الحسين، عن محمّد بن إبراهيم بن

____________________

(١) غافر ٤٠: ٦٠.

(٢) في هامش الاصل عن نسخة: تستعيذ.

(٣) سبأ ٣٤: ٣٩.

٨ - الكافي ٢: ٣٦٥ / ٦.

(٤) كتب المصنف( هو) ثمّ شطبها وكتب فوقها علامة نسخة.

٩ - الفقيه ٤: ٢٧٤ / ٨٢٩.

٨٢

إسحاق، عن أحمد بن محمّد بن السعيد الهمداني، عن الحسن بن القاسم، عن علي بن إبراهيم بن المعلّى، عن محمّد ابن خالد، عن عبدالله بن بكر المرادي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين (عليهم‌السلام ) - في حديث - أنّ زيد بن صوحان قال له: أيّ سلطان أغلب وأقوى؟ قال: الهوى، قال: أي ذلّ أذلّ؟ قال: الحرص على الدنيا، قال: فأيّ فقر أشدّ؟ قال: الكفر بعد الايمان، قال: فأيّ دعوة أضلّ؟ قال: الداعي بما لا يكون.

وفي( المجالس) بهذا السند، مثله (١) .

[ ٨٧٩١ ] ١٠ - وفي( الخصال) باسناده الآتي (٢) عن علي( عليه‌السلام ) - في حديث الأربّعمائة - قال: السؤال بعد المدح، فامدحوا الله عزّ وجلّ ثمّ اسألوا الحوائج، اثنوا على الله عزّ وجلّ وامدحوه قبل طلب الحوائج، يا صاحب الدعاء، لا تسأل ما لا يحل ولا يكون.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٣) ويأتي ما يدلّ عليه(٤) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٣٢٢.

١٠ - الخصال: ٦٣٥.

(٢) يأتي في الفائدة الاولى من الخاتمة برمز ( ر ).

(٣) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٢٤ من أبواب التعقيب، وفي الحديث ٤ من الباب ٢٩، وفي الحديث ١ من الباب ٣٠ من هذه الابواب.

(٤) يأتي في الباب ٥٥، وفي الحديث ٢ من الباب ٦٣ من هذه الابواب، ويأتي ما يدلّ عليه بعض المقصود في الباب ٣٣، وفي الحديث ١ من الباب ٤٨، وفي الباب ٥٣، وفي الباب ٥٦ من هذه الابواب، وفي الباب ٢٨ من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

٨٣

٣٢ - باب استحباب ملازمة الداعي للصبر، وطلب الحلال وطيب المكسب، وصلة الرحم والعمل الصالح

[ ٨٧٩٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد ابن محمّد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: لا تملّ من الدعاء فإنّه من الله بمكان، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم، وإياك ومكاشفة الناس، فإنّا أهل بيت نصل من قطعنا، ونحسن إلى من أساء إلينا، فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة.

ورواه الحميري في( قربّ الإِسناد) عن أحمد بن محمّد بن عيسى، مثله (١) .

[ ٨٧٩٣ ] ٢ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عمن ذكره، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من سرّه أن تستجاب دعوته فليطيب مكسبه.

[ ٨٧٩٤ ] ٣ - محمّد بن الحسن في( المجالس والإخبار) باسناده الآتي (٢) ، عن أبي ذر، عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) ، في وصيّته له قال: يا أبا ذر، يكفي من الدعاء مع البرّ ما يكفي الطعام من الملح، يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر، يا أبا ذر إنّ الله يصلح بصلاح

____________________

الباب ٣٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٥٤ / ١، تقدم قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٢١، وتقدّم صدره مع ذيله في الحديث ١ من الباب ١٩ من هذه الابواب.

(١) قرب الاسناد: ١٧١.

٢ - الكافي ٢: ٣٥٣ / ٩.

٣ - أمالي الطوسي ٢: ١٤٧.

(٢) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم ٤٩.

٨٤

العبد ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

٣٣ - باب أنّه يستحبّ أن يقال في الدعاء قبل تسمية الحاجة: يا الله، عشراً، ويا ربّ، عشراً، ويا الله يا ربّ، حتى ينقطع النفس أو عشراً، أو: أي ربّ، ثلاثاً، ويا أرحم الراحمين، سبعاً

[ ٨٧٩٥ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه، عن أيّوب بن الحرّ أخي أديم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال: يا الله يا الله، عشر مرّات، قيل له: لبّيك، ما حاجتك؟.

[ ٨٧٩٦ ] ٢ - وعنه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى، عن أيوب بن الحرّ أخي أديم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال عشر مرّات: يا ربّ يا ربّ، قيل له: لبّيك، ما حاجتك؟.

[ ٨٧٩٧ ] ٣ - وعنه، عن أحمد، وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن محمّد بن حمران قال: مرض إسماعيل بن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقال له أبو عبدالله: قل: يا ربّ يا ربّ، عشر مرّات، فإنّ من قال: ذلك نودي لبّيك، ما حاجتك؟.

[ ٨٧٩٨ ] ٤ - وعنه، عن أحمد، عن محمّد بن عيسى، عن معاوية، عن أبي

____________________

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٦٧ من هذه الأبواب.

الباب ٣٣

فيه ٢٣ حديثا

١ - الكافي ٢: ٣٧٧ / ١.

٢ - الكافي ٢: ٣٧٧ / ١.

٣ - الكافي ٢: ٣٧٧ / ٢.

٤ - الكافي ٢: ٣٧٧ / ٣.

٨٥

بصير، عن أبي عبد( عليه‌السلام ) قال: من قال: يا ربّ، يا الله، يا ربّ، يا الله، حتى ينقطع نفسه قيل له: لبّيك، ما حاجتك؟

[ ٨٧٩٩ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين في( الأمالي) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن سهل بن زياد، عن علي بن الحكم، عن حمّاد بن عبدالله، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) قال: إذا قال العبد وهو ساجد: يا الله، يا ربّاه، يا سيّداه، ثلاث مرّات أجابه تبارك وتعالى: لبّيك عبدي، سل حاجتك.

[ ٨٨٠٠ ] ٦ - أحمد بن أبي عبدالله البرقي في( المحاسن ): عن ابن بنت إلياس، عن عبدالله بن سنان، عن حفص(١) بن مسلم قال: اشتكى بعض ولد أبي جعفر فمرّ عليه جعفر وهو شاكٍ، فقال له جعفر: تقول: يا الله يا الله، فإنّه لم يقلها أحد عشر مرّات إلّا قال له الربّ تبارك وتعالى: لبّيك.

[ ٨٨٠١ ] ٧ - وعن أبيه، عن حمّاد وصفوان وابن المغيرة، عن معاوية بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا قال العبد: يا الله، يا ربّ، حتى ينقطع النفس قال له الربّ: سل، ما حاجتك؟

ورواه الصدوق مرسلاً(١) .

[ ٨٨٠٢ ] ٨ - قال البرقي: وفي رواية عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في قول الله عزّ وجلّ:( وَحَنَاناً مِن لَدُنَّا ) (١) قال: إن كان يحيى

____________________

٥ - أمالي الصدوق: ٣٣٥ / ٦.

٦ - المحاسن: ٣٥ / ٢٩.

(١) في المصدر: جعفر.

٧ - المحاسن: ٣٥ / ٣٠.

(٢) الفقيه ١: ٢١٩ / ٩٧٥.

٨ - المحاسن: ٣٥ / ٣٠.

(٣) مريم ١٩: ١٣.

٨٦

إذا دعا فقال في دعائه: يا ربّ يا الله، ناداه الله من السماء، لبّيك يايحيى، سل حاجتك.

[ ٨٨٠٣ ] ٩ - وعن محمّد بن علي، عن إسماعيل بن يسار، عن منصور، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ الرجل منكم ليقف عند ذكر الجنّة والنار ثمّ يقول: أي ربّ، أي ربّ، ثلاثاً( فإذا قالها نودي من فوق رأسه) (١) سل، ما حاجتك؟

[ ٨٨٠٤ ] ١٠ - وعنه، عن الحكم بن مسكين، عن معاوية بن عمّار، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال: يا ربّ يا ربّ، حتى ينقطع نفسه قيل له: لبّيك، ما حاجتك؟

[ ٨٨٠٥ ] ١١ - قال: وروي أنه يقولها عشر مرّات، قيل له: لبّيك ما حاجتك.

[ ٨٨٠٦ ] ١٢ - عبدالله بن جعفر في( قربّ الإِسناد ): عن هارون بن مسلم، عن مسعدّة بن صدقة قال: حدثني جعفر قال: اشتكى بعض ولد أبي فمر به فقال له: قل عشر مرّات: يا الله يا الله يا الله، فإنّه لم يقلها أحد من المؤمنين قطّ إلّا قال له الربّ تبارك وتعالى: لبّيك عبدي، سل حاجتك.

[ ٨٨٠٧ ] ١٣ - أحمد بن فهد في( عدّة الداعي) قال: روي عن الصادق( عليه‌السلام ) في من قال: يا الله يا الله عشراً، قيل له: لبّيك عبدي سل حاجتك تعطه.

____________________

٩ - المحاسن: ٣٥ / ٣١.

(١) شطب المصنف على ما بين القوسين وكتب عليه علامة نسخة.

١٠ - المحاسن: ٣٥ / ٣٢.

١١ - المحاسن: ٣٦ / ٣٢.

١٢ - قربّ الإسناد: ٢.

١٣ - عدّة الداعي: ٥٢.

٨٧

[ ٨٨٠٨ ] ١٤ - قال: وكذا روي في من قال: يا ربّاه يا ربّاه عشراً، ومثله: يا ربّ يا ربّ، ومثله: يا سيّداه يا سيّداه.

[ ٨٨٠٩ ] ١٥ - قال: وروي أن من قال في سجوده: يا الله يا ربّاه يا سيّداه، ثلاثاً أجيب بمثل ذلك.

[ ٨٨١٠ ] ١٦ - علي بن موسى بن طاوس في رسالة( محاسبة النفس) نقلاً من كتاب( فضل الدعاء) لمحمّد بن الحسن الصفّار بإسناده عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان [ أبي ](١) إذا لجّت(٢) به الحاجة يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثمّ يقول: يا أرحم الراحمين، سبع مرّات، ثمّ يسأل حاجته، ثمّ قال: ما قالها أحد سبع مرّات إلّا قال الله تعالى: ها أنا أرحم الراحمين، سل حاجتك.

[ ٨٨١١ ] ١٧ - قال: ومن الكتاب المذكور عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: إن لله ملكا يقال له: إسماعيل، ساكن في السماء الدنيا، إذا قال العبد: يا أرحم الراحمين، سبع مرّات، قال إسماعيل: قد سمع الله أرحم الراحمين( سل حاجتك) (٣) .

[ ٨٨١٢ ] ١٨ - قال: ومنه عن علي بن الحسين( عليه‌السلام ) قال: سمع النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) رجلاً يقول: يا أرحم الراحمين، فأخذ بمنكب الرجل فقال: هذا أرحم الراحمين قد استقبلك بوجهه، سل حاجتك.

____________________

١٤ - عدّة الداعي: ٥٢.

١٥ - عدّة الداعي: ٥٢.

١٦ - محاسبة النفس: ٣٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: ألحت.

١٧ - محاسبة النفس: ٣٥.

(٣) في المصدر: صوتك فسأل حاجتك.

١٨ - محاسبة النفس: ٣٥.

٨٨

[ ٨٨١٣ ] ١٩ - قال: ومن كتاب( المشيخة) للحسن بن محبوب قال: اشتكى بعض أصحاب أبي جعفر( عليه‌السلام ) فقال له: قل: يا الله يا الله، عشر مرّات متتابعات، فإنّه لم يقلها مؤمن إلّا قال ربّه(١) : لبّيك عبدي، سل حاجتك.

[ ٨٨١٤ ] ٢٠ - قال: ومن آخر كتاب( مناسك الزيارات) للمفيد: عن حفص الأعور، عن أبي عبدالله قال: اشتكى (٢) عبدالله إلى أبي جعفر الباقر(٣) ( عليه‌السلام ) فقال له: قل عشر مرّات: يا الله يا الله، فإنّه لم يقلها عبد إلّا قال له ربّه: لبّيك.

[ ٨٨١٥ ] ٢١ - قال: ومن كتاب محمّد بن علي بن محبوب في كتاب الصلاة: عن أحمد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أخي أديم(٤) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال عشر مرّات: يا ربّ يا ربّ، قال له ربّه: لبّيك، سل حاجتك.

[ ٨٨١٦ ] ٢٢ - قال: ومن كتاب( مناسك الزيارات) للمفيد، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: كان أبي يلحّ في الدعاء، يقول: يا ربّ يا ربّ، حتى ينقطع النفس، ثمّ يعود.

[ ٨٨١٧ ] ٢٣ - قال: ومنه، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إنّ العبد

____________________

١٩ - محاسبة النفس: ٣٦.

(١) في المصدر: له.

٢٠ - محاسبة النفس: ٣٧.

(٢) في المصدر زيادة: أبو، وقد شطب عليه المصنف في الأصل.

(٣) في المصدر زيادة: أبيه.

٢١ - محاسبة النفس: ٣٧.

(٤) في المصدر: أدهم.

٢٢ - محاسبة النفس: ٣٨.

٢٣ - محاسبة النفس: ٣٨.

٨٩

إذا قال: أي ربّ، ثلاثاً، صيح به من فوقه: لبّيك لبّيك، سل تعطه.

٣٤ - باب أنّه يستحبّ لمن أراد أن يسأل الله الحور العين أن يكبّر الله ويسبّحه ويحمده ويهلّله ويصلّي على محمد وآله مائة مائة

[ ٨٨١٨ ] ١ - أحمد بن محمّد البرقي في( المحاسن) عن أبيه، عن محمّد بن أسلم، عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا الحسن( عليه‌السلام ) عن مهر السنّة، كيف صار خمسمائة درهم(١) ؟ فقال: إنّ الله أوجب على نفسه أن لا يكبّره مؤمن مائة تكبيرة، ويحمده مائة تحميدة، ويسبّحه مائة تسبيحة، ويهلّله مائة تهليلة، ويصلّي على محمّد وآل محمّد مائة مرّة، ثمّ يقول: اللهمّ زوّجني من الحور العين إلّا زوّجه الله حوراء وجعل ذلك مهرها.

محمّد بن علي بن الحسين مرسلاً، مثله(٢) .

وفي( العلل) وفي( عيون الأخبار ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، مثله (٣) ، وعن الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد، مثله(٤) .

ورواه الكليني عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى(٥) .

____________________

الباب ٣٤

فيه حديث واحد

١ - المحاسن: ٣١٣ / ٣٠، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٤ من أبواب المهور.

(١) ليس في المصدر كلمة( درهم) وقد كتب المصنف عليها في الأصل علامة نسخة.

(٢) الفقيه ٣: ٢٥٢ / ١٢٠١.

(٣) علل الشرائع: ٤٩٩ / ١، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٨٤ / ٢٥.

(٤) علل الشرائع ٤٩٩ / ٢، وعيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ٢: ٨٤ / ٢٦.

(٥) الكافي ٥: ٣٧٦ / ٧.

٩٠

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب(١) .

٣٥ - باب أنّه يستحبّ أن يقال بعد الدعاء: ما شاء الله، لا حول ولا قوّة إلّا بالله، ويستحبّ أن يقال: ما شاء الله ألف مرّة

[ ٨٨١٩ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دعا الرجل فقال بعد ما دعا: ما شاء الله، لا قوّة إلّا بالله، قال الله عزّ وجلّ: استبسل عبدي، واستسلم لأمري، اقضوا حاجته.

[ ٨٨٢٠ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين في( المجالس ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن سلمة بن الخطاب، عن إبراهيم بن محمّد، عن عمران الزعفراني، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) قال: ما من رجل دعا فختم دعاءه بقول: ما شاء الله( لا حول و) (٢) لا قوّة إلّا بالله، إلّا أُجيب صاحبه.

وفي( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن سلمة بن الخطاب، مثله (٣) .

[ ٨٨٢١ ] ٣ - أحمد بن أبي عبدالله البرقي في( المحاسن ): عن يحيى بن أبي

____________

(١) التهذيب ٧: ٣٥٦ / ١٤٥١.

الباب ٣٥

فيه ٤ أحاديث

١ - الكافي ٢: ٣٧٨ / ١.

٢ - أمالي الصدوق: ١٦٦ / ٦.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) ثواب الأعمال: ٢٤.

٣ - المحاسن: ٤٢ / ٥٥.

٩١

بكر، عن بعض أصحابه قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إذا قال العبد: ما شاء الله، لا حول ولا قوّة إلّا بالله، قال الله: ملائكتي، استسلم عبدي أعينوه، أدركوه، اقضوا حاجته.

[ ٨٨٢٢ ] ٤ - قال: وفي رواية: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : من قال: ما شاء الله، ألف مرّة في دفعة واحدة رزق الحج من عامه، فان لم يرزق أخّره الله حتى يرزقه.

٣٦ - باب استحباب الصلاة على محمّد وآله في أوّل الدعاء ووسطه وآخره

[ ٨٨٢٣ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم وعبد الرحمن بن أبي نجران، جميعاً عن صفوان الجمّال، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كل دعاء يدعى الله عزّ وجلّ به محجوب عن السماء حتى يصلّى على محمّد وآل محمّد.

[ ٨٨٢٤ ] ٢ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) : إنّ رجلاً أتى النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله، أجعل لك ثلث صلاتي، لا بل أجعل لك نصف صلاتي، لا بل أجعلها كلّها لك، فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذاً تكفى مؤنة الدنيا والآخرة.

[ ٨٨٢٥ ] ٣ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن

____________________

٤ - المحاسن: ٤٢ / ٥٥.

الباب ٣٦

فيه ١٨ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٣٥٧ / ١٠.

٢ - الكافي ٢: ٣٥٦ / ٣.

٣ - الكافي ٢: ٣٥٦ / ٤.

٩٢

الحكم، عن سيف، عن أبي أُسامة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : ما معنى أجعل صلاتي كلّها لك؟ قال: يقدّمه بين يدي كلّ حاجة، فلا يسأل الله عزّ وجلّ شيئاً حتى يبدأ بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فيصلّي عليه ثمّ يسأل الله حوائجه.

[ ٨٨٢٦ ] ٤ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : إن رجلاً أتى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: يا رسول الله، إنّي جعلت ثلث صلاتي لك، فقال له: خيراً، فقال له: يا رسول الله، إنّي جعلت نصف صلاتي لك، فقال له: ذاك أفضل، فقال إنّي جعلت كلّ صلاتي لك، فقال: إذن يكفيك الله عزّ وجلّ ما أهمّك من أمر دنياك وآخرتك، فقال له رجل: أصلحك الله، كيف يجعل صلاته؟ فقال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : لا يسأل الله عزّ وجلّ(١) إلّا بدأ بالصلاة على محمّد وآله.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، مثله(٢) .

[ ٨٨٢٧ ] ٥ - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلّى على محمّد وآل محمّد.

[ ٨٨٢٨ ] ٦ - وعنه، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من دعا ولم يذكر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ )

____________________

٤ - الكافي ٢: ٣٥٨ / ١٢.

(١) في المصدر زيادة: شيئاً.

(٢) ثواب الأعمال: ١٨٨.

٥ - الكافي ٢: ٣٥٦ / ١.

٦ - الكافي ٢: ٣٥٦ / ٢.

٩٣

رفرف الدعاء على رأسه، فإذا ذكر النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) رفع الدعاء.

[ ٨٨٢٩ ] ٧ - وعن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعري، عن ابن القدّاح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : لا تجعلوني كقدح الراكب، فإنّ الراكب يملأ قدحه فيشربّه إذا شاء، اجعلوني في أوّل الدعاء وفي وسطه وفي آخره.

[ ٨٨٣٠ ] ٨ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن حسان، عن أبي عمران الأزدي، عن عبدالله بن الحكم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: من قال: يا ربّ، صلّ على محمّد وآل محمّد، مائة مرّة، قضيت له مائة حاجة، ثلاثون للدنيا.

ورواه الصدوق في( ثواب الأعمال ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن جعفر، عن موسى بن عمران، عن الحسين بن يزيد، عن معاوية بن عمّار، مثله(١) .

[ ٨٨٣١ ] ٩ - وعن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبى بكر الحضرمي قال: حدثني من سمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: جاء رجل إلى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال: أجعل نصف صلاتي لك؟ قال: نعم، ثمّ قال: أجعل صلاتي كلها لك؟ قال: نعم، فلما مضى قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) كفي هم الدنيا والآخرة.

[ ٨٨٣٢ ] ١٠ - وعن أبي علي الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن

____________________

٧ - الكافي ٢: ٣٥٧ / ٥.

٨ - الكافي ٢: ٣٥٧ / ٩.

(١) ثواب الأعمال: ١٩٠.

٩ - الكافي ٢: ٣٥٧ / ١١.

١٠ - الكافي ٨: ٢٧٤ / ٤١٤.

٩٤

علي بن حديد، عن مرازم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) إن رجلاً أتى رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) فقال(١) : إنّي أُصلّي فأجعل بعض صلاتي لك، فقال: ذلك خير لك، فقال: يارسول الله، فأجعل نصف صلاتي لك فقال: ذلك أفضل لك، فقال: يا رسول الله، فإنّي أُصلّي فأجعل كل صلاتي لك فقال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : إذن يكفيك الله ما أهمّك من أمر دنياك وآخرتك - إلى أن قال - وجعلت الصلاة على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) بعشر حسنات.

[ ٨٨٣٣ ] ١١ - وعن علي بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن رجاله قال: قال أبو عبدالله (عليه‌السلام ) : من كانت له إلى الله عزّ وجلّ حاجة فليبدأ بالصلاة على محمّد وآله، ثمّ يسأل حاجته، ثمّ يختم بالصلاة على محمّد وآل محمّد، فان الله عزّ وجلّ أكرم من أن يقبل الطرفين ويدع الوسط إذا كانت الصلاة على محمّد وآله لا تحجب عنه.

[ ٨٨٣٤ ] ١٢ - محمّد بن الحسن في( المجالس والأخبار) بإسناده الآتي عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: لا يزال الدعاء محجوباً عن السماء حتى يصلّى على محمّد وآل محمّد (عليهم‌السلام )

[ ٨٨٣٥ ] ١٣ - علي بن محمّد الخزّاز في كتاب( الكفاية ): عن علي بن الحسين، عن التلعكبري، عن ابن عقدة، عن( محمّد بن سالم، عن عبد الرحمان الأزدي) (٢) ، عن الحسين بن أبي جعفر(٣) ، عن علي بن زيد، عن

____________________

(١) في المصدر زيادة: يا رسول الله.

١١ - الكافي ٢: ٣٥٨ / ١٦.

١٢ - أمالي الطوسي ٢: ٢٧٥، يأتي بالإِسناد في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم( ٥٠ ).

١٣ - كفاية الأثر: ٣٩.

(٢) في المصدر: محمّد بن سالم بن عبد الرحمن الأزدي.

(٣) في المصدر: الحسن أبي جعفر.

٩٥

سعيد بن المسيّب، عن أبي ذر، عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) قال: لا يزال الدعاء محجوباً حتى يصلّى عليّ وعلى أهل بيتي.

[ ٨٨٣٦ ] ١٤ - الحسن بن محمّد الطوسي في( الأمالي) عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر ابن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن ابن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ بالصلاة على النبي( عليه‌السلام ) فإنّ الصلاة على النبي( عليه‌السلام ) مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويردّ بعضاً.

[ ٨٨٣٧ ] ١٥ - وعن أبيه، عن المفيد، عن محمّد بن عمر الجعابي،( عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن يحيى) (١) ، عن اسيد بن زيد، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ) : صلاتكم عليّ إجابة لدعائكم وزكاة لأعمالكم.

[ ٨٨٣٨ ] ١٦ - محمّد بن علي بن الحسين في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبد الكريم الخرّاز، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال: قال أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) : كلّ دعاء محجوب عن السماء حتى يصلّى على محمّد وآله.

[ ٨٨٣٩ ] ١٧ - وفي( عيون الأخبار ): عن تميم بن عبدالله بن تميم، عن

____________________

١٤ - أمالي الطوسي ١: ١٧٥.

١٥ - أمالي الطوسي ١: ٢١٩.

(١) في نسخة: أحمد بن محمّد بن يحيى - هامش المخطوط - وفي المصدر: احمد بن محمّد بن سعيد بن احمد بن يحيى.

١٦ - ثواب الأعمال: ١٨٦ / ٣.

١٧ - عيون اخبار الرضا( عليه‌السلام ) ٢: ١٨٢.

٩٦

أبيه، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن رجاء بن أبي الضحّاك، عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - أنّه كان يبدأ في دعائه بالصلاة على محمّد وآله ويكثر من ذلك في الصلاة وغيرها.

[ ٨٨٤٠ ] ١٨ - محمّد بن الحسين الرضي في( نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال: إذا كانت لك إلى الله حاجة فابدأ بمسألة الصلاة على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثم سل حاجتك، فإنّ الله أكرم من أن يسأل حاجتين فيقضي إحداهما ويمنع الاخرى.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في التمجيد(١) وغيره(٢) ، وفي الأدعية المأثورة ما يدلّ عليه لأنها مشحونة بالصلاة على محمّد وآله(٣) .

٣٧ - باب استحباب التوسّل في الدعاء بمحمّد وآل محمّد ( عليه‌السلام )

[ ٨٨٤١ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن( محمّد بن عمر بن عبد العزيز) (٤) ، عن بعض أصحابنا، عن داود الرقّي قال: إنّي كنت أسمع أبا عبدالله( عليه‌السلام ) أكثر ما يلحّ به في الدعاء على الله بحقّ الخمسة، يعني رسول الله، وأمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن،

____________________

١٨ - نهج البلاغة ٣: ٣٦١.

(١) تقدّم في الباب ٣١ من هذه الأبواب.

(٢) تقدّم في الحديث ٤ من الباب ٢٩، وفي الحديث ١ من الباب ٣٠ من هذه الابواب.

(٣) يأتي في الحديث ٩ من الباب ٣٧ من هذه الابواب، وفي الحديث ٢ من الباب ١٠، وفي الباب ٣٨ من أبواب الذكر، وفي الباب ٢٨ من أبواب بقية الصلوات المندوبة.

الباب ٣٧

فيه ١٣ حديثاً

١ - الكافي ٢: ٤٢٢ / ١١.

(٤) في المصدر: عمر بن عبد العزيز.

٩٧

والحسين (عليهم‌السلام )

[ ٨٨٤٢ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين( في ثواب الأعمال ) : عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن الصفّار، عن الحسن بن علي، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن يحيى بن أبي العلاء(١) ، عن جابر، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: أنّ عبداً مكث في النار سبعين خريفاً والخريف سبعون سنة، ثمّ أنّه سأل الله بحقّ محمّد وأهل بيته: لما رحمتني، فأوحى الله إلى جبرئيل أنّ اهبط إلى عبدي فاخرجه - إلى أنّ قال الله: - عبدي كم لبثت في النار؟ قال: ما أُحصي يا ربّ، فقال له: وعزّتي وجلالي لولا ما سألتني به لأطلت هوانك(٢) ، في النار، ولكنّي حتمت على نفسي أنّ لا يسألني عبد بحقّ محمّد وأهل بيته إلّا غفرت له ما كأنّ بيني وبينه، وقد غفرت لك اليوم.

وفي( المجالس) وفي( الخصال) عن أبيه، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن الحسن بن علي الكوفي، عن العبّاس بن عامر، مثله (٣) .

وفي( معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن الحسن بن علي الكوفي، مثله (٤) .

[ ٨٨٤٣ ] ٣ - وفي( الخصال ): عن علي بن الفضل بن العباس، عن أحمد بن محمّد بن الحارث، عن محمّد بن علي بن خلف، عن حسين بن

____________________

٢ - ثواب الأعمال: ١٨٥.

(١) في المصدر: يحيى بن العلاء.

(٢) في الخصال زيادة: في النار( هامش المخطوط ).

(٣) امالي الصدوق: ٥٣٥ / ٤، والخصال: ٥٨٤ / ٩.

(٤) معاني الأخبار: ٢٢٦ / ١.

٣ - الخصال: ٢٧٠ / ٨.

٩٨

الأشعر(١) ، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس قال: سألت النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، عن الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه؟ قال: سأله بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ، فتاب عليه.

و( في المجالس) و( معاني الأخبار) بالإِسناد المذكور، مثله (١) .

[ ٨٨٤٤ ] ٤ - و( في الخصال) و( معاني الأخبار ): عن علي بن أحمد بن موسى (١) ، عن حمزة بن القاسم العلوي، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن الحسين بن زيد، عن محمّد بن زياد، عن المفضّل بن عمر، عن الصادق (عليه‌السلام ) ، في قوله تعالى:( وَإِذِ ابتَلَى إِبرَاهِيمَ ربّه بِكَلِمَاتٍ ) (٢) قال: هي الكلمات التي تلقّاها آدم من ربّه فتاب عليه، وهو أنّه قال: يا ربّ، أسألك بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلّا تبت عليّ، فتاب عليه، الحديث.

وفي كتاب( النبوة) على ما نقله عنه الطبرسي في( مجمع البيأنّ) بإسناده إلى المفضّل بن عمر، عن الصادق ( عليه‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ٨٨٤٥ ] ٥ - وفي( معاني الأخبار ): عن محمّد بن موسى بن المتوكّل عن

____________________

(١) في المصدر: حسين الأشقر.

(٢) امالي الصدوق: ٧٠ / ٢، ومعاني الأخبار: ١٢٥ / ١.

٤ - الخصال: ٣٠٤ / ٨٤، ومعاني الأخبار: ١٢٦ / ١.

(٣) في معاني الأخبار: علي بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق.

(٤) البقرة ٢: ١٢٤.

(٥) مجمع البيان ١: ٢٠٠.

٥ - معاني الأخبار: ١٢٥ / ٢.

٩٩

محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن العبّاس بن معروف، عن بكر بن محمّد، عن أبي سعيد المدائني، يرفعه، في قول الله عزّ وجلّ:( فَتَلَقَّى آدَمُ مِن ربّه كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ ) (١) قال: سأله بحقّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم‌السلام )

[ ٨٨٤٦ ] ٦ - وفي( المجالس ): عن محمّد بن علي ماجيلويه، عن محمّد بن أبي القاسم(٢) ، عن محمّد بن هلال(٣) ، عن الفضل بن دكين، عن معمّر بن راشد، عن الصادق( عليه‌السلام ) - في حديث - قال، قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : إنّه يكره للعبد أنّ يزكّي نفسه، ولكنّي أقول: أنّ آدم لـمّا أصاب الخطيئة كانت توبته أنّ قال: اللهم إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لـمّا غفرت لي، فغفرها له، وأنّ نوحا لـمّا ركب السفينة وخاف الغرق قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لـمّا أنجيتني من الغرق، فأنجاه الله منه(٤) ، وأنّ إبراهيم لـمّا ألقي في النار قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لـمّا أنجيتني منها، فجعلها الله عليه بردا وسلاما، وأنّ موسى لـمّا ألقى عصاه وأوجس في نفسه خيفة قال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ محمّد وآل محمّد لـمّا امنتني، فقال له الله عزّ وجلّ: لا تخف، إنّك أنت الأعلى.

[ ٨٨٤٧ ] ٧ - وعن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن المنذر بن محمّد، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الفضل، عن أبأنّ بن عثمان، عن أبأنّ بن تغلب، عن سعيد بن جبير، عن

____________________

(١) البقرة ٢: ٣٧.

٦ - امالي الصدوق: ١٨١ / ٤.

(٢) في المصدر: عمّي محمّد بن القاسم.

(٣) في المصدر: احمد بن هلال.

(٤) في المصدر: عنه.

٧ - امالي الصدوق: ٢٠٨ / ٧.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

تصبح ممنوعة في حالة الاحرام هذه ، بل إنّ بعض الامور المحرّمة تتضاعف حرمتها في هذه الحالة المقدّسة.

والمعروف حرمة ٢٥ عمل أثناء الإحرام وأحدها هو الجدال ، ورغم أنّ المشهور بين الفقهاء هو أنّ المراد من الجدال هنا هو

قول (بلى والله) أو قول (لا والله) فالأول لإثبات المطلب والثاني لنفي المطلب ، والمراد من الفسوق الكذب والتهمة والسب والشتم وإظهار التفوق على الآخرين في حال الإحرام ، ولكن لا يبعد أن تكون كلمة (جدال) شاملة لكل أنواع المجادلة والمخاصمة الكلامية ، وعلى أية حال فإنّ المنع من الجدال في حال الإحرام يشير إلى أنّ هذا العمل يتقاطع بشدّة مع هذه العبادة الروحانية المهمّة وتبعد الإنسان عن الله تعالى.

وتتابع الآية بالقول في جملة خبريّة بأنّه (لا جدال في الحج) ممّا يبيّن تأكيداً أكثر على هذا الموضوع وكأنّها تقول : (إنّ هذا العمل يتنافى مع روح الحج).

«الآية التاسعة» : تتحدّث عن (المراء) وهو كلام يشبه الجدال وتقول :( أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ) .

وبديهي إنّ الهداية تتفرع في واقعها على أن يكون الإنسان طالباً للحق بحيث يقبله من أي مكان ويتقبّله برحابة صدر دون أن يجد في نفسه تعصّباً وتكبراً عليه ، وكلّما عاش الإنسان حالة الكبر والغرور والتعصّب فإنّ ذلك من شأنه أن يكون مانعاً جدياً من التسليم أمام الحق وأن ينزلق الإنسان في وادي الضلالة والانحراف الشديد.

أمّا الفرق بين الجدال والمراء وكذلك النقاط المشتركة بينهما فسيأتي لاحقاً.

«الآية العاشرة» : والأخيرة من الآيات مورد البحث تتحدّث عن عناد قوم لوط وأنّ نبيّهم الكريم حذّرهم من عذاب الله وأنّ هذا العذاب ينتظرهم بالتأكيد إذا استمروا على غيّهم وعصيانهم ، فلم يقبلوا كلامه وقاموا بوجهه من موقع المجادلة والمراء ، تقول الآية :( وَلَقَدْ

٢٤١

أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ ) .

وكان هذا هو السبب في أن يبقى قوم النبي لوطعليه‌السلام في حجاب الغفلة والجهل إلى أن صدر أمر الله تعالى بعذابهم فأصاب الزلزال الشديد مدنهم وأمطرت عليهم السماء حجارة فلم يبق من بيوتهم وأجسامهم إلّا الدمار والخراب ، أجل فإنّ هذه هي نتيجة الجدال والمراء في مقابل الحق.

هذه الآيات الشريفة توضح جيداً أخطار هاتين الرذيلتين الأخلاقيتين وتبيّن كيف أنّ الإنسان وبسبب الجدال والمراء يتأخر عن قافلة الهداية والرشاد ويكون من أتباع الشيطان ويلبس ثياب ولايته ويتحرّك في الضلال البعيد ويقع بالتالي في دوامة العذاب الإلهي الخالد.

الفرق ين الجدال والمراء والخصومة :

إنّ كلمة (جدل) و (جدال) كما يقول الراغب في مفرداته (جدلت الحبل) أي شددته والجدل شدّة الفتل ، وكأنّ المجادل يريد من خلال كلامه الجاد مع الخصم أن يبعده بالقوة من أفكاره وعقائده.

وذكر البعض أنّ (الجدال) في الأصل بمعنى المصارعة والسعي للتغلب على الآخر وطرحه على الأرض ، وبما أنّ الشجار اللفظي والكلامي يشبه هذا المعنى إلى حدٍ كبير استخدمت هذه الكلمة في هذا المعنى.

وبالطبع فإنّ الجدال على قسمين : الجدال بالحق والجدال بالباطل ، والأول ممدوح والثاني مذموم ، ومن ذلك نجد أنّ القرآن الكريم يقول في مورد :( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) .

وهنا نجد أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله مأمور بجدالهم بالحق وورد ذلك إلى جانب الحكمة والموعظة الحسنة.

__________________

١ ـ سورة النحل ، الآية ١٢٥.

٢٤٢

أمّا الجدال بالباطل فهو ما ورد في الآيات المذكورة آنفاً من أنّ بعض الأشخاص يتحرّكون في كلامهم ونقاشهم من موقع التعصب والعناد ، وبذلك ينكرون أوضح دلائل الحق من خلال هذا الجدال ، وأمّا (المراء) على وزن حجاب ، فهو بمعنى المحادثة والمكالمة في شيء يكون فيه مرية أي شك وترديد ، ويقول الراغب في مفرداته : إنّها في الأصل من (مريت الناقة) أي حلبتها ، ثم قيلت لكل كلام يكون في موضوعه الشك والترديد (ولعل ذلك يتناسب مع كون الإنسان متردداً في وجود اللّبن في ضرع الناقة أو لا) وذهب بعض إلى تعبير أدق من ذلك حيث يرى أنّ الجذر الأصلي لهذه الكلمة في قولهم (مريت الناقة) هو فيما لو حلبت الناقة قبل ذلك ثم جاء أحدهم بأمل أن يكون من اللبن بقية في الضرع فيحلبها مع هذا الشك والترديد ، وهكذا أطلقت على المناقشة الكلامية في البحوث المقترنة مع الشك.

ولكن هذه المفردة استخدمت بعد ذلك في كل نوع من البحث الكلامي وعن أي موضوع كان محل شك وترديد سواءاً كان بحثاً إيجابّياً وطلباً للحق ، أو كان بدافع من العناد والخصومة واللجاجة.

ومن الموارد التي استخدم فيها المراء بالمعنى الإيجابي ما ورد في الآية الشريفة ٢٢ من سورة الكهف حيث تخاطب النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله حول مجادلته عن أصحاب الكهف مع مخالفية وتقول :( فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً ) (١) .

أمّا الموارد المستعملة في المعنى السلبي فكثيرة ومنها ما تقدم من الآيات أعلاه.

والجدير بالذكر أنّ مفردة (مرية) على وزن جزية وقرية ، بمعنى الترديد في العزم والتصميم ، وبعض ذهب إلى أنّها بمعنى الشك المقترن بقرائن التهمة مثل (الريبة).

الجدال والمراء في الروايات الإسلامية :

نظراً إلى أنّ الجدال بالباطل يتسبب في إخفاء الحق وزيادة عناصر التعصب والخشونة

__________________

١ ـ سورة الكهف ، الآية ٢٢.

٢٤٣

وما يترتب على ذلك من المفاسد والاضرار الكثيرة ، نرى أنّ الروايات الإسلامية قد نهت عن الجدال والمراء بشدّة خاصّة إذا كان بالنسبة إلى الامور الدينيّة ومن ذلك :

١ ـ ما ورد عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«ما ضَلَّ قَومٌ بَعدَ أَنْ هَداهُمُ اللهُ إلّا اوتُوا الجَدَلَ» (١) .

٢ ـ وهذا المضمون ورد أيضاً في حديث آخر مع تفاوتٍ يسير عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً حيث قال :«ما ضَلَّ قَومٌ إلّا أَوثَقُوا بالجَدَلَ» (٢) .

٣ ـ وقد ورد في حديث عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال :«لَعَنَ اللهُ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي دِينِهِ اولئِكَ مَلعُونُونَ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِ» (٣) .

٤ ـ وفي حديث آخر عن هذا الإمامعليه‌السلام أيضاً أنّه قال :«الجَدَلُ فِي الدِّينِ يُفسِدُ اليَقِينَ» (٤) .

٥ ـ في حديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :«إِيّاكُم وَالخُصُومَةَ فِي الدِّينِ فَإنَّها تُشغِلُ القَلبَ عَنْ ذِكرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتُورثُ النِّفاقِ ، وَتَكسِبُ الضَّغائِنَ ، وَتَستَجِيرُ بالكِذبَ» (٥) .

والتعبير بالخصومة في الدين رغم أنّها لا تنطوي تحت عنوان الجدال ولكنّها من الموارد الشبيهة بهذا المعنى.

٦ ـ ونظير هذا المعنى ما ورد عن الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام أنّه قال :«إِيَّاكَ وَالخُصُومَةَ فَإنَّها تُورثُ الشَّكَّ وَتَحبِطُ العَمَلَ وَتُردِي بِصاحِبِها» (٦) .

٧ ـ ومن نصائح لقمان الحكيم لابنه في ترك الجدال :«يا بُنَيَّ لا تُجَادل العُلَماءَ فَيَمقُتُوكَ» (٧) .

٨ ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنينعليه‌السلام :«مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالجَدَلِ تَزَندَقَ» (٨) .

__________________

١ ـ احياء العلوم ، ج ٣ ، ص ١٥٥٣.

٢ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٨ ، ح ٥٢.

٣ ـ المصدر السابق ، ص ١٢٩ ، ح ١٣.

٤ ـ غرر الحكم.

٥ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٢٨ ، ح ٦.

٦ ـ المصدر السابق ، ص ١٣٤ ، ح ٣٠.

٧ ـ مجموعة الورام ، ج ١ ، ص ١١٧ ، (باب ما جاء في المراء والمزاح).

٨ ـ المحجة البيضاء ، ج ١ ، ص ١٠٧.

٢٤٤

٩ ـ قال الإمام على بن موسى الرضاعليه‌السلام لأحد أصحابه :«أَبلِغْ عَنِّي أَولِيائِي السَّلامَ وَقُلْ لَهُم أَنْ لا يَجعَلُوا لِلشِّيطانِ عَلى أَنفُسِهِم سَبِيلاً وَمُرهُم بِالصِّدقِ فِي الحَدِيثِ وَأَداءِ الأَمانَةِ وَمُرهُم بِالسُّكُوتِ وَتَركِ الجِدالِ فِيما لا يَعنِيهم» (١) .

١٠ ـ نختم هذا البحث بحديث آخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن نسبة الإيمان والمراء والجدال ، حيث يقول :«لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» (٢) .

أمّا المراء الذي سبق وأن قلنا بالفرق بينه وبين الجدال فحاصل الكلام هو أنّ الجدال يعني كل شكل من أشكال الشجار اللفظي والنزاع الكلامي ، في حين أنّ المراء يأتي بمعنى المباحثة في شيء يكون فيه شك وترديد ، فتارة تكون هذه المباحثة بدافع من طلب الحق وتوضيح المطلب ، واخرى تكون بدافع من التعصّب واللّجاجة وإظهار التفوّق والفضل على الطرف الآخر ، وهذه الحالة مذمومة جداً ، وفي الروايات الإسلامية ينصب الذم على هذا النوع من المباحثة اللفظية ، رغم عدم وجود تفاوت كبير بينه وبين الجدال.

١ ـ ورد في الحديث الشريف معنى المراء بما تقدم أعلاه ، فعن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :«لا يَستَكمِلُ عَبدٌ حَقِيقَةَ الإِيمانِ حتَّى يَدَعَ المِراءَ وَالجَدَلَ وإِن كانَ مُحِقّاً» (٣) .

وهذا إشارة إلى أنّ المناقشة والمنازعة اللفظية من موقع اللجاجة وبدافع من إظهار التفوّق والفخر على الآخر حتّى في المسائل الحقّة تكون سبباً في سقوط الإنسان على المستوى الأخلاقي والعقائدي.

٢ ـ وفي حديث آخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً بواسطة عدّة أشخاص من الصحابة الذين قالوا : دخل رسول الله يوماً علينا ونحن نتمارى في شيء من أمر الدين فغضب غضباً شديداً لم يغضب مثله ثم قال :«إِنّما هَلَكَ مَنْ كانَ قَبلَكُم بِهذا ، ذَرُوا المِراءَ فَإِنَّ المُؤمِنَ لإ

__________________

١ ـ ميران الحكمة ، ج ١ ، ص ٢٧٣.

٢ ـ المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ٢٠٨.

٣ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٩ ، ح ٥٣.

٢٤٥

يُمارِي ، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ المِماري قَدْ تَمَّتْ خَسارَتُهُ ، ذَرُوا المِراءَ فَانا المِماري لا أَشفَعُ لَهُ يَومَ القِيامَةِ ، ذَرُوا المِراءَ فَانا زَعِيمٌ بِثَلاثَةِ أَبياتٍ فِي الجَنَّةِ فِي رِياضِها وَأَوسَطِها وَأَعلاها لِمَنْ تَرَكَ المِراءِ وَهُوَ صادِقٌ ، ذَرُوا المِراءَ فَإنَّ أَوَّلَ ما نَهانِي عَنهُ رَبِّي بَعدَ عِبَادَةِ الأَوثانِ المِراءُ» (١) .

٣ ـ وفي حديث آخر عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«ذَرُوا المِراءَ فَإنّه لا تَفهَمُ حِكمَتُهُ وَلا تُؤمَنُ فِتنَتَهُ» (٢) .

وهو إشارة إلى أنّ الشخص المماري يرى أنّه لم يعرف نفسه ولا الآخرين ، ومثل هذا الشخص يعيش أجواء الحرمان من إدراك الحقائق الدينية قطعاً.

٥ ـ وجاء في حديث آخر أنّ رجلاً قال للإمام الحسينعليه‌السلام اجلس اناظرك في الدين ، فأجابه الإمام :«يا هذا أَنَا بَصِيرٌ بِدِينِي مَكشُوفٌ عَلَيَّ هُداي فَإن كُنتَ جاهِلاً بِدِينِكَ فَاذهَبْ وَاطلُبهُ ، مالِي وَللمُماراةِ وإِنَّ الشَّيطانَ لِيُوسوِسُ لِلرَّجُلِ وَيُناجِيهِ وَيَقُولُ ناظِرِ النَّاسَ فِي الدِّينِ كَي لا يَظُنُّوا بِكَ العَجزَ وَالجَهلَ» (٣) .

٦ ـ وفي حديث آخر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«أَربَعٌ يُمِتْنَ القُلُوبَ الذِّنبُ عَلى الذَّنبِ وَكَثرَةُ مُناقشَةِ النِّساءِ يَعنِي مُحادَتَهُنَّ وَمُماراةُ الأَحمَقِ تَقُولُ وَيَقُولُ وَلا يَرجَعُ إِلى خَيرٍ وَمُجالَسَةُ المَوتى ، فَقِيلَ : يا رَسُولُ اللهِ وَما المَوتى ، قَالَ : كُلُّ غَنِيٍ مُترَفٌ» (٤) .

٧ ـ جاء عن أمير المؤمنين قوله :«إِيّاكُم وَالمِراءِ وَالخُصُومَةَ فَإِنَّهُما يَمرُضانِ القُلُوبَ عَلَى الإِخوانِ وَينبِتُ عَلَيهِما النِّفاقِ» (٥) .

٨ ـ ولهذا فقد ورد في حديث آخر عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في خطاب له أمام حشدٍ من المسلمين :«أَورَعُ النّاسِ مَنْ تَرَكَ المِراءَ وَإِنْ كانَ مُحِقاً» (٦) .

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٩ ، ح ٥٠.

٢ ـ المصدر السابق ، ص ١٣٤ ، ح ٣١.

٣ ـ المصدر السابق ، ح ٣٢.

٤ ـ المصدر السابق ، ص ١٢٨ ، ح ١٠.

٥ ـ المصدر السايق ، ص ١٣٩ ، ح ٥٦.

٦ ـ المصدر السابق ، ص ١٢٧ ، ح ٣.

٢٤٦

٩ ـ وفي رواية عن الإمام أمير المؤمنينصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«جِماعُ الشَّرِّ اللِّجاجُ وَكَثرَةُ المِمارَاةِ» (١) .

١٠ ـ ونختم هذا البحث بحديث آخر عن سلمان الفارسي عن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال :«لا يُؤمِنُ رَجُلُ حَتّى يُحِبُّ أَهلِ بَيتِي وَحَتّى يَدَعَ المِراءَ وَهُوَ مُحِقٌّ فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطابِ : ما عَلامَةُ حُبِّ أَهلِ بَيتِكَ؟ قالَ : هذا ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلى عَليِّ بنِ أَبِي طالِبٍ عليه‌السلام » (٢) .

ولا شك أنّ هذين الموضوعين يرتبطان ببعضهما برابطة وثيقة حيث ذكرهما النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في كلامه مقترنين ، ولعل هذه الرابطة من جهة أنّ دلائل فضل الإمام علي وأهل بيتهعليهم‌السلام إلى درجة من الوضوح والبداهة بحيث يقبلها كل إنسان يتحرّك من موقع الإنصاف ويبتعد عن الجدال والمراء والخصومة ويهدف إلى طلب الحقيقة.

* * *

إنّ الروايات الشريفة في ذمّ المراء كثيرة جدّاً ، وما ذكر من الروايات العشر أعلاه إنّما هي نماذج وعيّنات من هذا الباب والنظر الدقيق في هذه الأحاديث والروايات يكفي لكي يحيط الإنسان بأخطار هذا الخلق الذميم وعواقبه الوخيمة وآثاره المخرّبة على المستوى الفردي والاجتماعي.

الآثار السلبية للجدال والمراء :

إنّ التأكيدات الكثيرة الواردة في الآيات القرآنية والروايات المتواترة الإسلامية في ذم الجدال والمراء والخصومة في المباحثات الكلامية إنّما هي من أجل أنّ أول نتائج هذا العمل المضرّة وهذا الخلق السيء هو التستّر والتغطية على الحقائق بحيث يجعل بين الإنسان وبين الحقيقة حجاباً سميكاً وسحابة سوداء على بصيرة الإنسان بحيث لا يدرك معها أوضح البديهيّات ويتحرّك في مناقشاته من موقع إنكار الامور الضرورية أو يدافع عن

__________________

١ ـ غرر الحكم.

٢ ـ سفينة البحار ، مادة «مَرَء» بحار الانوار ، ج ٢٧ ، ص ١٠٧ ، ح ٧٩.

٢٤٧

بعض المواضيع التي تدعو للسخريّة ، وليس هذا إلّا بسبب أنّ الإنسان عند ما تتصاعد عنده روح الجدال وتشتد حرارة الكلام فيه فأنّه يقوم بإنكار كل ما لا يراه مصيباً في نفسه ولا يتوافق مع كلامه.

وبما مرّ علينا من الروايات الشريفة تقرّر أنّ الخصومة والجدال والمراء تمرض القلب فإنّه من الممكن أن تكون إشارة إلى هذا المعنى ، لأنّ القلب يأتي بمعنى العقل ، ومرض القلب بمعنى عدم درك الحقائق والواقعيات ، ولذا رأينا في الحديث الشريف عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّ الأشخاص الذين يعيشون الجدال والمراء تكون عاقبتهم ومصيرهم إلى الكفر ، أو أنّ الجدال يسبب الشك في دين الله وفساد اليقين ، كل هذا إشارات لطيفة إلى ما تقدّم آنفاً من أضرار الجدال والمراء.

والآخر من الآثار السلبية لهذه الصفة الأخلاقية الذميمة هو إيجاد العداوة والبغضاء بين الأصدقاء ونسيان ذكر الله تعالى وجرّ الإنسان إلى الكثير من أنواع الكذب في الكلام حيث مرّت الإشارة إلى ذلك في الأحاديث الشريفة السابقة ، والسبب في ذلك واضح ، لأنّ الشخص الذي يريد إثبات تفوّقه على أقرانه من خلال الجدال والمراء فإنّه يعمل على تحريك الطرف الآخر ضدّه ليحمى وطيس النقاش وغالباً ما نجد في كلامه عناصر التحقير والسخرية بالطرف الآخر ، وهذه من أسوأ أسباب النفاق وإيجاد العداوة بين الأشخاص وحتّى أنّه أحياناً ومن أجل تبرير كلامه يتوسّل بأنواع الكذب ، وهذا بحد ذاته بلاء كبير آخر ، ومجموع هذه الامور تؤدّي بالإنسان إلى الابتعاد عن الله تعالى ويسقط في فخاخ الشيطان وشراكه وبالتالي يكون مصيره إلى الهلاك المعنوي والسقوط الإنساني.

ولهذا قرأنا في الأحاديث السابقة أنّ الإنسان لا يصل إلى حقيقة الإيمان إلّا إذا ترك المراء والجدال حتى لو كان محقّاً ، لأنّ النزاع اللفظي حتى في مسائل الحق والدين يتسبب في إيجاد أنواع الخصومات والعدوان وأحياناً يجر الإنسان إلى ارتكابه الكثير من الذنوب من قبيل : تحقير المؤمن وإهانته بالكلام أو بالإشارة باليد والعين والكذب والتكبّر وحبّ التفوّق وأمثال ذلك.

٢٤٨

مضافاً إلى هذا أنّ الجدال والمراء يذهب وقار الإنسان ويكسر من شخصيته ومروءته بحيث ينفتح عليه لسان الجهلاء إذا اشترك في مجادلة معهم ويتسبب في هتك حرمته والإهانة له ، وإذا جادل العلماء فإنّه يذوق مرارة الهزيمة ويفتضح أمره ويكشف عن جهله وحقارته.

ومن مجموع ما مرّ وكما قرأنا في الروايات السابقة أنّ الجدال والمراء يعدّ أحد الامور الأربعة التي تؤدّي إلى مرض قلب الإنسان وروحه.

فما أحسن بالإنسان أن يتباحث مع الآخرين من موقع المحبّة والصداقة والتواضع وبدافع من طلب الحق والحقيقة حيث يؤدّي ذلك إلى زيادة علمه ومعرفته والاستفادة من علوم الآخرين لإيضاح الحقيقة أكثر وحل المشاكل العلميّة العويصة والقيود المعرفيّة التي بأمكانها أن توصل الإنسان إلى أجواء المعرفة والاطّلاع على المجهول ، وهذا هو الجدال بالحق.

دوافع الجدال والمراء :

ونظراً إلى وجود علاقة وثيقة بين الصفات الرذيلة في واقع الإنسان حيث ترتبط غالباً فيما بينها بعلاقة العلّة والمعلول ، يتّضح من ذلك أنّ هذه الصفة الذميمة ، أي الجدال والمراء والخصومة من موقع الجهالة ، تنشأ من صفات قبيحة اخرى :

١ ـ إنّ من العوامل المهمّة للجدال والمراء هو حالة الكبر والغرور في النفس والتي لا تسمح للإنسان أن يذعن أمام الحق ، بل تدفعه لغرض حفظ التفوّق على الطرف الآخر إلى سلوك طريق الجدال والمراء وإنكار ما يتّضح له أنّه الحق ، ولذلك ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادقعليه‌السلام عن آبائه الكرامعليهم‌السلام :«إِنّ مِنَ التَّواضُعِ أَنْ يَرضى الرَّجُلُ بِالمَجلِسِ دُونَ المَجلِسِ وَأَن يُسَلِّمَ عِلى مَنْ يَلقى وَأَن يَترُكَ المِراءَ وَإِنْ كانَ مُحِقَّاً وَلا يُحِبَّ أَنْ يُحمَدَ عَلَى التَّقوى» (١) .

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣١ ، ح ٢٠.

٢٤٩

٢ ـ وأحد الدوافع الاخرى للجدال والمراء والنزاعات اللّفظية هو الظهور بمظهر العالم المتفوّق وإظهار الفضل على الآخرين ، وهذه الحالة متداولة كثيراً في أجواءنا الاجتماعية وخاصّة في المجلس الذي يحضره جماعة من العوام ويريد هذا الشخص أن يظهر نفسه وفضيلته أمامهم أو يريد أن يفتح له مكاناً بين أرباب العلم والمعرفة ، وجاء في الحديث الشريف الذي ذكرناه سابقاً عن الإمام الحسينعليه‌السلام قوله :«وإِنَّ الشَّيطانَ لِيُوسوِسُ لِلرَّجُلِ وَيُناجِيهِ وَيَقُولُ ناظِرِ النَّاسَ فِي الدِّينِ كَي لا يَظُنُّوا بِكَ العَجزَ وَالجَهلَ» (١) .

وفي حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام حيث يقسّم طلّاب العلم إِلى ثلاثة أقسام ، وطائفة منهم طلبوا العلم للجدال والمراء ، وطائفة اخرى للفخر على الناس ، وثالثة لغرض فهم الحقيقة والتعلّم والعمل بذلك ، ثمّ يصف الإمام حال الطائفة الاولى ويقول :«فَصاحِبُ الجَهلِ والمِراءِ مُوذٍ مُمارٍ مُتَعَرِّضٍ لِلمَقالِ فِي أَندِيةِ الرِّجالِ».

وفي ذيل هذا الحديث الشريف يلعن الإمام مثل هذا الشخص ويقول :«فَدَقَّ اللهُ مِنْ هذا خَيشُومَهُ» (٢) .

٣ ـ ومن الدوافع الاخرى للجدال والمراء والتعصّب الكلامي هو الجهل بمقام الذات ومقام الآخرين ، لأنّه يرى نفسه أكبر وأعلم من واقعه ويرى الآخرين يعيشون الجهل وعدم العلم ، ولذلك ورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادقعليه‌السلام والذي ذكرناه فيما سبق بعد أن يعدّ الإمام المراء بأنّه أحد الأمراض الخطرة لقلب الإنسان وأنّه من الأخلاق الشيطانية يقول :«فَلا يُمارِي فِي أَيِّ حالٍ إلّا مَنْ كانَ جاهِلاً بِنَفسِهِ وَبِغَيرِهِ» (٣) .

٤ و ٥ ـ حبّ الانتقام والحسد يعتبران من العوامل المهمّة الاخرى التي تدفع بالإنسان إلى الجدال والمراء ، فلغرض تسقيط شخصية الطرف المقابل والانتقام منه وإشباع حالة الحسد في نفسه أو تضعيف مكانة الطرف الآخر أمام الانظار فإنّه يستخدم أداة الجدل والبحث العلمي المقترن مع الأهانة والتحقير ليستطيع بهذه الوسيلة أن يروي ظمأه إلى

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٥ ، ح ٣٢.

٢ ـ مقدمة كتاب معالم الاصول ، ص ١١.

٣ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٤ ، ح ٣١.

٢٥٠

الانتقام من الطرف الآخر ويصب الماء على نار الحقد والحسد المستعرة في قلبه.

٦ ـ ومن العوامل المهمّة الاخرى التعصّب واللّجاجة ، لأنّ الشخص المتعصّب واللّجوج غير مستعد أن يقبل التنازل عن عقائده الفاسدة بسهولة ، ولذلك يجد في نفسه تعصّباً للتوقف عليها وحفظها والدفاع عنها بالمجادلة والبحث الكلامي ويتشبّث بكل وسيلة لإثبات صحّة كلامه وبطلان كلام الطرف الآخر ، وهذا هو ما نجده في سلوك الكثير من الكفّار والمشركين أمام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسائر الأنبياء الكرامعليهم‌السلام حيث تقدّم مثال واضح لذلك من مباحثة عبدة الأوثان ونمرود مع النبي ابراهيمعليه‌السلام ، وذلك عند ما وجدوا أنفسهم أمام الكلام المنطقي والرصين لأبراهيمعليه‌السلام فوقعوا في حيرة من الأمر وانتبهوا مؤقتاً من نوم الغفلة ولكن حالة التعصّب واللّجاجة أسدلت على عقولهم وقلوبهم سحابة ظلمانية منعتهم من قبول الحقيقة والإذعان وانطلقوا مرّة اخرى في تأكيد معتقداتهم السخيفة من موقع الدفاع عنها بالأدلة الواهية والجدال الأجوف.

٧ ـ ومن العوامل المهمّة للجدال والمراء أيضاً (حبّ الدنيا) الذي يعدّ عاملاً أساسياً لجميع الذنوب أو أكثرها ، فالأشخاص الذين يعيشون هذه الصفة الرذيلة يريدون كسب المقام والوجاهة الاجتماعية من خلال سلوك هذا الطريق لإثبات أعلميّتهم وذكائهم وبذلك يتمكّنوا من نيل أهدافهم الدنيوية وتحصيل بعض المقامات الوهميّة والعناوين الزائفة.

وخلاصة الكلام هي أنّ العوامل السلبية الكثيرة تتفق مع بعضها لدفع الإنسان إلى الخوض في الجدال والمراء بعيداً عن الأدب والخلق الإنساني والإنصاف وتجرّه إلى الدخول في دائرة اللّجاجة والعناد أمام الحق والدفاع عن الباطل.

أقسام المراء والجدال :

يمكن تقسيم الجدال والمراء إلى قسمين :

الجدال والمراء على المستوى الإيجابي ، أي أن يتباحث مع الآخرين على مستوى البحوث المنطقية لغرض تبييّن الحقائق وتوضيح ما أشكل من المسائل الغامضة والاطّلاع

٢٥١

على نظرات الآخرين والوصول إلى الواقعيات من هذا الطريق.

أمّا المراء والجدال على المستوى السلبي فيعني المباحثات والنزاعات الكلامية التي تنطلق بوحي من عقدة الخصومة والتي لا تهدف إلى غرض معيّن وصحيح ولا تسير في خط تبيين الحقائق ، بل الهدف منها هو تكريس الخصومة والتعصّب واللّجاجة وإثبات التفوّق وإظهار الفضل على الآخرين.

وهذا التقسيم نجده منعكساً في آيات القرآن الكريم حيث يقول في الآية ٤٨ من سورة العنكبوت :( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) .

ويقول في مكان آخر في الآية ١٢٥ من سورة النحل :( وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) .

ويقول في مكان آخر في مقام الذم لجماعة من الكافرين :( يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ ) .

وأمّا في مورد المراء الإيجابي فنقرأ في (قصة أصحاب الكهف) وعددهم قوله تعالى :( فَلا تُمارِ فِيهِمْ إِلَّا مِراءً ظاهِراً ) (١) .

أي بالنسبة إلى عدد أصحاب الكهف فلا ينبغي أن تتباحث حولهم إلّا بالكلام المنطقي المقترن بالدليل.

وأمّا في مورد المراء السلبي فيقول تعالى :( أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ) (٢) .

وهناك تقسيمات اخرى أيضاً على حسب الأشخاص في طرفي المباحثة وكذلك بالنسبة إلى المواضيع والمسائل التي تدور في أجواء البحث والجدال.

ومن ذلك أن يكون طرف المناظرة إنساناً عاقلاً وفاهماً لكي تكون المباحثة معه مثمرة من خلال الاستدلال المنطقي والعلمي كما ورد في وصيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله :«دَعْ المُمارَاةَ وَمُجارَاتَ مَنْ لا عَقلَ لَهُ وَلا عِلمَ» (٣) .

__________________

١ ـ سورة الشورى ، الآية ٢٢.

٢ ـ سورة الكهف ، الآية ١٨.

٣ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٢٩ ، ح ١٤.

٢٥٢

ويجب أن يكون المناظر إنساناً مطّلعاً على الامور ، لأنّ الأشخاص الذين يعيشون الجهل بالامور إذا أرادوا الدفاع عن الحق والورود في ميدان المجادلة ، فإنّهم وبسبب ضعف معلوماتهم وقلّة إطّلاعهم سوف يذوقون الهزيمة ويغلبوا في هذه المبارزة ، وبالتالي ينعكس ذلك سلبياً على الحق والحقيقة.

ولذلك نقرأ في الحديث الشريف أنّ محمد بن عبد الله المعروف بالطيّار جاء إلى الإمام الصادقعليه‌السلام وقال له :«بَلَغَنِي أَنَّكَ كَرِهتَ مُناظَرَةَ النّاسِ» ،

قال الإمامعليه‌السلام :«أَمّا كَلامُ مِثلِكَ فَلا يَكرَهُ ، مَنْ إِذا طارَ يَحسُنُ أَنْ يَقَعَ وإِنْ وَقَعَ يَحسُنُ أَنْ يَطِيرَ ، فَمَنْ كانَ هكَذا لا نَكرَهُهُ» (١) .

أمّا لقب الطيّار الذي يطلق على هذا الصحابي المعروف للإمام الصادقعليه‌السلام ، فهو إشارة إلى هذا المعنى أيضاً ، لأنّه كان قوياً جدّاً في مجال المباحثة والجدل وكان يتحرّك في دفاعه عن الحق بكل قدرة ومهارة.

وهنا ينبغي على جميع الأشخاص الذين ليس لديهم إطّلاع كافٍ حول مسائل الدين ومعارفه العميقة ولا يجدون في أنفسهم القدرة على الدفاع عنه أن لا يدخلوا في مناظرة ومباحثة مع المخالفين ، لأنّهم سوف ينهزمون في هذه المباحثة ، وهزيمتهم توجب وهن مباني المذهب الحق في نظر الآخرين.

ومن هنا فإنّ الافراط والتفريط غالباً موجود في سلوكيات هؤلاء الأفراد الجهلاء ، فهناك الأشخاص الذين يسلكون طريق الافراط عن جهل ويقولون : بما أنّ الجدال والمراء مذموم في الإسلام ومحرّم بشدّة ، فنحن لا ندخل في أي بحث علمي وكلامي مع أي شخص من الأشخاص حتّى لو كان البحث مستدلاً ويقوم على قواعد منطقية من الأدلة والبراهين في طريق إثبات الحق والدفاع عنه ، ويختارون السكوت بدل البحث أو الاستدلال ، ويسمّون ذلك من باب القيل والقال.

وهذا أيضاً انحراف كبير عن جادّة الصواب ، لأنّ تبيّن الحقائق لا يتسنى إلّا في ظلّ

__________________

١ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٣٦ ، ح ٣٩.

٢٥٣

البراهين المنطقية والدلائل المتينة ، وإيصاد هذا الطريق على الناس يعني حرمانهم أو حرمان طائفة كبيرة منهم من الوصول إلى الحقائق وتحصيل الواقعيّات.

ونختم هذا الكلام بحديث جميل عن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام عن جدّه الإمام الصادقعليه‌السلام حيث وقعت في محضره مجادلة كلامية في أمر الدين وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام كانوا قد نهوا عن ذلك ، فقال الإمام الصادقعليه‌السلام :«لَمْ يَنهْهُ عَنْهُ مُطلَقاً لَكِنَّهُ نَهى عَنْ الجِدالِ بِغَيرِ الَّتِي هِي أَحسنِ ، أما تَسمَعُونَ اللهَ تَعالى يَقُولُ : ( وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (١) ، وَقَوله :( ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (٢) ،فَالجِدالُ بِالَّتِي هِي أَحسَنُ قَد قَرَنَهُ العُلَماء بِالدِّينِ وَالجِدالِ بِغَيرِ الَّتِي هِي أَحسنُ مَحَرمٌ وَحَرَّمَهُ اللهُ تَعالى عَلى شِيعَتِنا ، وَكَيفَ يُحَرِّمُ اللهُ الجِدالَ جملَةً وَهُوَ يَقُولُ : «( وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى» ) ، قالَ اللهُ تعالى : ( تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (٣) .

فَجَعلَ عَلمَ الصِّدقِ والإيمانِ بِالبُرهانِ وَهَل يُؤتى بِالبُرهانِ إلّا فِي الجِدالِ بِالَّتِي هِي أحسَنُ؟

قِيل : يا ابنَ رَسُولِ اللهِ فَما الجِدالِ بِالَّتِي هِي أَحسَن وَالَّتِي لَيسَتْ بِأَحسَنَ؟

قالَ : أَمّا الجِدالَ بِغَيرِ الَّتِي هِي أَحسنُ أَن يُجادِلَ مُبطلاً فَيُوردُ دَلِيلاً باطِلاً فَلا تَردَّهُ بِحُجَةِ قَد نَصَبَها اللهُ تعالى وَلكن تَجحَد قَولَهُ وَأَمَّا الجِدالُ بالَّتِي هِي أَحسَنُ فَهُوَ ما أَمَرَ اللهُ تعالى بِهِ نِبِيَّهُ أَن يُجادِلَ بِهِ مَنْ جَحَدَ البَعثَ بَعدَ المَوتِ وَإِحياءُهُ لَهُ فَقالَ اللهُ حاكِياً عَنهُ : ( وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) (٤)(٥) .

__________________

١ ـ سورة العنكبوت ، الآية ٤٦.

٢ ـ سورة النحل ، الآية ١٢٥.

٣ ـ سورة البقرة ، الآية ١١١.

٤ ـ سورة يس ، الآية ٧٨ و ٧٩.

٥ ـ بحار الانوار ، ج ٢ ، ص ١٢٥ ، ح ٢ مع التلخيص.

٢٥٤

طرق علاج هذه الرذيلة الأخلاقية :

كلّما وجد الإنسان نفسه يعيش حالة الخصومة في مباحثة مع الآخرين ويكثر من الجدل والبحث العقيم وبتعبير الروايات : الجدال غير الحسن بحيث أصبح هذا السلوك بمثابة العادة والخلق له ، فإنّ إيمانه وتقواه ودينه يتعرّض لخطر الذوبان والمحق ، وينبغي عليه الاسراع في انقاذ نفسه من هذه الرذيلة والتخلّص من هذا الخلق الذميم والتحرّك بصدد العلاج قبل أن تتجذّر هذه الصفة في أعماق نفسه.

والطريق الأول للعلاج ولعلّه يعدّ من مقدمات العلاج لتسكين هذه الحالة المؤذية كيما يتسنى للإنسان علاجها فيما بعد هو اختيار السكوت في كل مورد يحتمل فيه أن يكون الجدال بالباطل ، وكلّما استمر هذا السكوت مدّة أطول وتحّمل الضغط النفسي وتحدّيات الحالة المزاجية ، فإنّ ذلك سيوفّر الأرضية المساعدة للتخلّص من شرّ هذه الحالة السلبية ومعالجة هذه الصفة في النفس.

وطبعاً فإنّ السكوت يعدّ علاجاً للكثير من الرذائل (من قبيل الحسد والحقد والنميمة والرياء وكفران النعمة والتهمة والكذب وحبّ التفوّق وغيرها من الرذائل الأخلاقية التي تتجلّى في سلوك الإنسان من خلال الكلام والنطق) فالسكوت يمكنه أن يكون عنصر الوقاية من جميع هذه الموارد ، ولهذا السبب فإنّ الروايات الإسلامية قد مدحت السكوت كثيراً وقد تقدّم تفصيل هذا الموضوع في الجزء الأول من هذا الكتاب.

الطريق الآخر لعلاج هذه الفضيلة الأخلاقية هو التفكّر الدقيق في النتائج السلبية والعواقب الوخيمة المترتبة على هذه الصفة من قبيل أن يكون الإنسان محجوباً عن درك الحقائق ويعيش في زحمة الأوهام والتعصّبات والعداوات بين الأصدقاء ويبتعد بذلك عن حقيقة الإيمان وبالتالي سيكون مورداً للغضب الإلهي وزهوق شخصيته وسقوط حيثيته بين الخاص والعام.

ومن اليقين أنّ التفكّر في مثل هذه العواقب السيئة سيكون له تأثير عميق في وقاية الإنسان عن الوقوع في متاهة الجدال بالباطل ، فكيف يمكن أن يعلم الإنسان بأنّ هذا الغذاء

٢٥٥

مسموم ويتناوله في نفس الوقت؟ فالشخص الذي يتناول غذاء مسموماً هو الذي لا يدرك آثاره وعواقبه ولا يعلم بحاله.

إنّ إصلاح جذور الخلل في واقع النفس وتطهير الذات من الدوافع والنوازع التي تجرّ الإنسان للخوض في الجدل يعدّ أحد طرق العلاج لهذا الخلق الذميم ، وعند ما نقول الدافع للجدال والمراء فهذا يعني التكبّر وحب التفوّق والتظاهر والحسد وحبّ الانتقام وحبّ الدنيا والتعصّب واللجاجة ، ومن المعلوم أننا إذا استطعنا أن نبعد هذه الحالات السلبية والصفات الذميمة عن أنفسنا ونطهّر قلوبنا من أدرانها فإنّ ذلك من شأنه أن يقلع جذور حالة الجدال والمراء من النفس ، ولكن مع وجود هذه الصفات في أعماق النفس ، فإنّ إزالة هذه الصفة الأخلاقية سيكون عسيراً جداً.

ومن الطرق الاخرى للعلاج هو إبتعاد الشخص عن الأفراد المتعصّبين والذين يحبّون الخوض بالباطل وكذلك الامتناع عن مناقشة مثل هؤلاء الأشخاص حيث سيجرّ الإنسان إلى الجدال والمراء وإن كان غير قاصد لذلك.

وقد ورد في الحديث الشريف عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قوله :«مَنْ جالَسَ الجاهِلَ فَليَستَعِدَّ لِقِيلٍ وَقالٍ» (١) .

ومن البديهي أنّ الإنسان قبل كل ذلك يجب عليه أن يوقظ في نفسه الإرادة والعزم القاطع على ترك المراء والجدال واجتناب هذه الرذيلة الأخلاقية ، فاذا وجد الإنسان في نفسه ذلك وعزم بجدية على ترك المراء فانّه سيفلح في النهاية.

الإنصاف في الكلام :

النقطة المقابلة للمراء والجدال هي الانصاف في البحث والكلام ، أي أنّ الإنسان ينظر إلى كلام الآخرين كما ينظر إلى كلامه ويدافع عنه كما يدافع عن كلامه ، وبتعبير آخر أن يكون طالباً للحق فيبحث عنه ويطلبه من أي شخص كان ومن كل مكان حتّى لو كان الناطق

__________________

١ ـ سفينة البحار ، ج ٢ ، ص ٥٣٢ الطبعة القديمة (مادة مراء).

٢٥٦

به شخصاً من العوام وكان هو عالماً كبيراً ومعروفاً ، بل حتى لو سمع كلام الحق من طفل أو كافر أو ظالم فعليه قبوله من موقع الإذعان للحق والحقيقة.

وأمّا الانصاف في الروايات الإسلامية الذي ورد الثناء البالغ عليه فالمراد منه أن يرى الشخص مصالح الآخرين كمصالحه ، ولكن أحد أغصان شجرة الانصاف هو الانصاف في الكلام ، حيث ورد في الحديث المعروف عن الإمام الصادقعليه‌السلام قوله :«سَيِّدُ الأَعمالِ ثَلاثَةُ : إِنصافُ النّاسِ مِنْ نَفْسِكَ حَتّى لا ترضى بِشَيءٍ إلّا رَضِيتَ لَهُم مِثلَهُ وَمُواساتِكَ الأَخَ فِي المَالِ وَذِكُرُ اللهِ عَلى كُلُّ حالٍ» (١) .

والملفت للنظر أنّ بعض الروايات الواردة عن الإمام الصادقعليه‌السلام تتحدّث عن أنّ الإمام عند ما ضمن أربعة قصور في الجنّة لمن يعمل أربعة أعمال ، فإنّه عدّ ترك المراء ثالث عمل وانصاف الناس من النفس العمل الرابع ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى الانصاف في الكلام.

__________________

١ ـ اصول الكافي ، ج ٢ ، ص ١٤٤.

٢٥٧
٢٥٨

١١

النميمة وإصلاح ذات البين

تنويه :

إنّ الحياة الاجتماعية تتزامن دائماً مع أشكال التضاد والنزاع بين أفراد المجتمع ، وأحد فروع التضاد والتزاحم بين الأفراد هو النزاع الكلامي الذي قد يمتد ويتعمّق إلى أن يصل إلى شجار وصراع بين الأطراف وقد يصل أحياناً إلى سفك الدماء أيضاً.

فالواجب على أفراد المجتمع أن يتحرّكوا من موقع إصلاح ذات البين ورفع سوء التفاهم وتهيئة الأرضية لايجاد جو حسن الظن بين الأطراف المتنازعة وكما في الاصطلاح : يصبوا الماء على نار الصراع ويعملوا على تهدئة التوتر الناشيء من حالات الشجار والتضاد.

ولكن مع الأسف فإنّ بعض الناس وبدوافع مختلفة يتحرّكون على العكس من هذا الاتّجاه وكأنّهم يريدون صبّ الزيت على النار ويرغبون في إتساع دائرة الحريق ، ومن المعلوم أنّهم سيشتركون في جميع المفاسد المترتبة على هذا النزاع والصراع بين أفراد المجتمع ، هؤلاء يتحرّكون في هذا الاطار على مستوى إيصال كلام هذا الطرف إلى الطرف الآخر وبالعكس وقد يضيفون بعض الكلام من أنفسهم ويوصلونه إلى الطرف المتخاصم ، وهذا هو معنى (النميمة) التي هي من أسوأ الأخلاق الذميمة في النفس البشرية في حين أنّ الفئة الاولى هم المصلحون الاجتماعيون الذين يعدّ عملهم في مرتبة الجهاد في سبيل الله.

٢٥٩

وقد ورد في الروايات الشريفة أنّه :«أنَّ أَجرَ المُصلِحِ بَينَ النّاسِ كَأجرِ المُجاهِدِ بَينَ أَهلِ الحِربِ» (١) .

إنّ النميمة كلّما تكرّرت في سلوك الفرد فإنّ من شأنها أن تكون خلقاً وملكة وسجيّة في هذا الإنسان ، ومن رذائله الأخلاقية القبيحة ، وقد وردت في الآيات الكريمة والروايات الإسلامية إشارات كثيرة إلى هذه الرذيلة الأخلاقية على مستوى ذمّها وتقبيح المرتكب لها ، وعلى العكس من ذلك فقد ورد المدح الكثير لعملية إصلاح ذات البين.

وبهذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنستوحي من اياته ما يتعلق بهاتين الصفتين الأخلاقيتين ثمّ نستعرض كل واحدة منهما من موقع الدوافع والنتائج والآثار الإيجابية والسلبية وطرق علاج صفة النميمة وكذلك تقوية ضدّها وهي إصلاح ذات البين :

١ ـ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ) (٢) .

٢ ـ( وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ* هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ* مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ* عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ) (٣) .

٣ ـ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ ) (٤) .

٤ ـ( مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً ) (٥) .

٥ ـ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (٦) .

٦ ـ( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٧) .

__________________

١ ـ تفسير منهج الصادقين ، ج ٨ ، ص ٤١٧.

٢ ـ سورة الهمزة ، الآية ١.

٣ ـ سورة القلم ، الآية ١٠ ـ ١٣.

٤ ـ سورة الحجرات ، الآية ٦.

٥ ـ سورة النساء ، الآية ٨٥.

٦ ـ سورة الانفال ، الآية ١.

٧ ـ سورة البقرة ، الآية ٢٢٤.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417