أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك

أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك0%

أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 120

أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك

مؤلف: عامر الحلو
تصنيف:

الصفحات: 120
المشاهدات: 25318
تحميل: 3363

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 120 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 25318 / تحميل: 3363
الحجم الحجم الحجم
أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك

أضواء على أدعية النبي الأعظم في أيام شهر رمضان المبارك

مؤلف:
العربية

أضواء على أدعية النبي الأعظم

في أيام شهر رمضان المبارك

١
٢

أضواء على أدعية النبي الأعظم

في أيام شهر رمضان المبارك

عامر الحلو

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

طبع على نفقة الدكتور المحسن الفاضل :

(طاهر مسلم عبد الحسين)

رحم الله من يقرأ الفاتحة لروح والده

٤

تَمهيد :

يسر مركز أهل البيت عليهم السلام الثقافي الإسلامي في ـ فيينا ، بالنمسا ـ أن يقدم للقراء الكرام هذا الجهد الإيماني والروحي بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.

وذلك ليطلعوا على ثروة عقائدية ، وأخلاقية ، وتربوية. حفلت بها أدعية موجزة مأثورة عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، وقد رواها عنه الصحابي الجليل :

(عبد الله بن عباس رضي الله عنه)

ونحن نحاول قدر الإمكان أن نشرحها شرحاً مختصرا موجزاً ، لكي تكون في متناول أيدي القراء لينعموا بعطائها الثر ، وزادها المفيد ، فخير كلام بعد كلام الله تعالى كلام نبيه الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وكيف إذا كان الكلام بصيغة الدعاء ، الذي يستوجب الخشوع والتذلل لله سبحانه في شهر رمضان المبارك ، شهر الطاعة والمغفرة ، والعبادة ، والابتهال.

ونسأل الله التوفيق والسداد وللأخوة القراء الأعزاء الفائدة والمنفعة لدينهم ودنياهم ، والله من وراء القصد.

ولابد من الإشارة إلى التشجيع الذي لقيناه من العلامة الجليل السيد :(محمد سعيد الخلخالي) ، لإنجاز هذا العمل المتواضع فجزاه الله خيرا ورحم الله أباه الشهيد السيد :

(محمد رضا الخلخالي)

وثواب هذا العمل لروحه فذكروه بالفاتحة.

٥

صاحب الأدعية :

هو النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم أشرف خلق الله وخاتم الأنبياء والمرسلين.

ولد يتيما فآواه ونصره بجده عبد المطلب ، وعمه أبي طالب ، قال تعالى :( أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَىٰ ) (١) .

و‌قد سئل الإماام : زين العابدين عليه السلام لما أوتم النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ ، من أبويه.

فقال : «لئلا يوجب عليه حق المخلوق »(٢) .

وأشهر أسمائه : محمد ، وقد نطق به القرآن المجيد في أكثر من آية ومنها قوله تعالى :

١ ـ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ) (٣) .

٢ ـ( مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) (٤) .

٣ ـ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ ) (٥) .

٤ ـ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (٦) .

__________________

١ ـ سورة الضحى ، الآية : ٦.

٢ ـ كشف الغمة : ٢ / ٢٩٤.

٣ ـ سورة آل عمران ، الآية : ١٤٤.

٤ ـ سورة الأحزاب ، الآية : ٤٠.

٥ ـ سورة محمد ، الآية : ٢.

٦ ـ سورة الفتح ، الآية : ٢٩.

٦

وهو الرحمة الإلهية المهداة إلى البشرية من الله تعالى.

[أن محمدا لا يقال له : عبقري خلاق ، ولا مصلح ثائر ، ولا عظيم خالد فما أكثر العباقرة ، والمصلحين ، والثائرين ، أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رحمة مهداة من إله السماء لأهل الأرض أجمعين ، ورحمة الله فوق العبقرية والعباقرة ، والإصلاح والمصلحين ، وفوق العظمة والعظماء الخالدين.

بل هي فوق الناس مجتمعين والسماوات والأرض لأنها تتسع لكل شيء ، ولا يتسع لها شيء إلا قلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من سار على نهجه وعمل بمبادئه وسنته.](١)

__________________

١ ـ نفحات محمدية : ٢٧.

٧

قالوا في محمد :

سوف أذكر هنا بعض ما قاله غير المسلمين في محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليكون شاهدا على صدق ما يدعيه المسلمون من عظمته وأنه المنقذ للبشرية ، والصادع بالحق ، والمنقذ من الظلمات.

١ ـ يقول برنادشو :

[أن رجلا مثل محمد لو تسلم زمام الحكم المطلق اليوم في العالم كله لتم له النجاح في حكمه ، وقاده إلى الخير ، وحل مشاكله بوجه يحقق للعالم السلام والسعادة المنشودة]

٢ ـيقول ويل ديورانت ـ صاحب قصة الحضارة ـ :

[إذا حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس ، قلنا : أن محمدا كان أعظم عظماء التاريخ](١)

٣ ـ يقول مايكل هارت ـ صاحب كتاب المائة الأوائل :

[وجدت محمدا وهو صاحب الحق الوحيد في أن أعتبره صاحب أعظم تأثير على الإطلاق في التاريخ الإنساني ](٢)

وقد أخذ المؤلف على نفسه ، أن يرتب المئة في الذكر تبعا لأهمية كل منهم. فالأول عظمة هو الأول ذكرا ، وقد أختار الأول من المئة محمدا ، وجعل المسيح في الرقم الثالث وموسى في الرقم السادس ، وموضوع كتابه :

__________________

١ ـ نفحات محمدية : ١٤.

٢ ـ المائة الأوائل : ٢١.

٨

اهم مئة رجل في التاريخ الإنساني كله.

وكان المؤلف على درجة عالية من التجرد ، وعدم الانحياز في ذلك الكتاب(١) .

وكانت معجزة النبي الكبرى ، والخالدة هي : القرآن الكريم ، الذي نزهه الله من كل ألوان التحريف والزيادة والنقيصة ، وتكفل بحفظه بقوله تعالى :

( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) .

__________________

١ ـ مجلة العربي : س ١٩٧٨ ، ع ٢٤١.

٢ ـ سورة الحجر ، الآية : ٩.

٩

الدعاء :

الدعاء سلام المؤمن الذي يرفعه في وجه الأزمات والمحن ، يستمطر به شآبيب الرحمة الإلهية ، حيث إن الله يحُب من عبده أن يدعوه ليستجيب له بقوله تعالى :( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) (١) .

وقد فسروا الدعاء :

١ ـ بطلب الحاجات من الله.

٢ ـ ويرى الصوفية أن المراد بالدعاء هو : [فزع القلب إلى الله وشعوره بالحاجة إلى معونته والتجاؤه إليه](٢) .

٣ ـ والدعاء هو : (ثمرة التجربة ) ، إذ غني عن البيان أن البشر ما كانوا ليجتمعوا على الدعاء كأسلوب لقضاء الحاجات ، وتحقيق الأهداف والأغراض إلا بعد أن ثبت لهم بالتجربة على مر العصور جدوى الدعاء وفائدته ، فإن من خصائص الكائن الحي بصفة عامة أن يكف عن أي نشاط لا يعود عليه بأي فائدة.

وقد أثبت علماء السلوك المعاصرون أن الحيوانات نفسها تكف عن أي نشاط لا تراه محققا لأهدافها ، فمن المحال أن نتصور الإنسان يظل على مر العصور يرفع أكفه بالضراعة إلى السماء مع أن ذلك لا يحقق له أي منفعة.

والحق أن الدعاء كان دائما ذا جدوى وفائدة للإنسان في حالتي الإجابة وعدم الإجابة ، وفي حالة الاستجابة لا نحتاج

__________________

١ ـ سورة البقرة ، الآية : ١٨٦.

٢ ـ دائرة معارف القرن العشرين : ٤ / ٤٧.

١٠

بطبيعة الحال إلى شرح في جدواها ، وأما الجدوى في عدم الاستجابة فقد كانت تتجلى في بحث الإنسان للأسباب التي حالت دون تحقيق الاستجابة ، وأن ذلك قد يكون للذنوب والمعاصي التي يغرق فيها ، فيعمل على أصلاح نفسه وشأنه قبل معاودة الدعاء مرة ثانية](١) .

وقد حث القرآن الكريم على الدعاء فقال :

( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (٢) .

وحث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حيث يقول : «أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة »

وحث عليه الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ـ حيث يقول في وصيته لولده الإمام الحسن عليه السلام ـ «فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب نعمته واستمطرت شآبيب رحمته ، فلا يقنطنك إبطاء أجابته ، فإن العطية على قدر النية »(٣) .

وقال : الإمام الصادق عليه السلام «أن الدعاء يفل القضاء ولو أبرم إبراما ».

__________________

١ ـ الطاقة الإنسانية : ٣٤٢.

٢ ـ سورة غافر ، الآية : ٦٠.

٣ ـ نهج البلاغة : ٤٨٢.

١١

المؤمن والدعاء :

[أن دعاء المؤمن الغريزي لله بأن يكون في عونه هو أمر طبيعي ، ولكن يجب على المؤمن أن يعرف أن الأمور بأسبابها ، والعلل بمعاليلها ، فالمؤمن الذي لا يعرف سنن الله لا تطيعه تلك السنن مهما بكى لها واسترحم ، كما فعل المصريون فيما قابلوا حملة نابليون على مصر بقراءة صحيح البخاري لدفع آذاه ، أو كما يفعل أحيانا البعض فيما يحدث عطل في آلة ما أن يواجهوا الموضوع بالدعاء ، يجب أن يعلموا أن ميكانيكية الدعاء تعمل في قطاعها ، فعالم الشهادة يواجه بالجهد وعالم الغيب يواجه بالدعاء](١) .

__________________

١ ـ الطب محراب الإيمان : ٢ / ٢٥.

١٢

آداب عامة لاستجابة الدعاء :

[هناك آداب عامة يجب أن تتحقق ليُستجاب الدعاء منها :

١ ـ أن يترصد المؤمن لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة ، وشهر رمضان من الأشهر ، ويوم الجمعة من الأسبوع ، ووقت السَحَر من ساعات الليل.

٢ ـ أن يغتنم الأحوال الشريفة كزمن الصفوف للجهاد في سبيل الله ، وعند نزول الغيث ، ووقت إقامة الصلوات ، ووقت صفاء القلب.

٣ ـ خفوف الصوت بين المخافة والجهر ، قال تعالى :( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) (١) .

٤ ـ الإلحاح في الدعاء وطلب المسألة فقد ورد : (إذا دعوت فأسأل الله كثيرا فإنك تدعوا كريما )

٥ ـ أن لا يظهر على الداعي التكلفُ والرياء ، بل يكون في حالة تضرع وترسل ، وأن يتصف الداعي بالتضرع ، والخشوع ، والرغبة ، والرهبة.

٦ ـ أن يتحقق الأدب الباطني ، وهو الأصل في تحقيق الإجابة ، ومعناه التوبة ورد المظالم ، والإقبال على الله بكل الهمة ، فذلك هو السبب القريب في الإجابة](٢) .

__________________

١ ـ سورة الأعراف ، الآية : ٥٥.

٢ ـ الطاقة الإنسانية : ٣٤٤.

١٣

٧ ـ أن يدعو الداعي بالمأثور من الأدعية وأفضلها ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليهم السلام ، فهم مدرسة في الدعاء حُرم المسلمون كثيرا من الدخول فيها لمعرفة ما فيها بسبب الحواجز والموانع النفسية ، والافتعالية ، والسياسية المغرضة التي أبعدت الأمة عن آل البيت المكرمين ، وحرمتهم من زادهم الإيماني الثر ، ولذلك اخترنا هذه الأدعية الواردة عن النبي لأن كلامه فوق كلام المخلوقين جميعا.

٨ ـ ومن أسباب الاستجابة التوجه إلى الله بالأنبياء والمرسلين ، والأوصياء والأولياء الصالحين ، فإنهم الوسيلة إلى الله تعالى.

٩ ـ التوجه إلى الله بالدعاء في الأماكن المشرفة كمكة المكرمة والمدينة المنورة ، وأماكن العبادة من المساجد والمزارات.

١٠ ـ أن لا يكون ظالما في دعائه.

١١ ـ أن يبدأ الدعاء بالصلاة على محمد وآل محمد مع التمجيد والتقديس لله تعالى.

١٤

شهر رمضان :

هو شهر المغفرة والتوبة والطاعة ، قال :

الإمام الصادق ، «أنه من لم يُغفر له في شهر رمضان لم يُغفر له إلى قابل ، إلا أن يشهد عرفة »

ويقول : عليه السلام أيضا ، «إذا أصبحت صائما فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك وجميع جوارحك عن المحرمات » وقال : عليه السلام أيضا ، «لا يكون يوم صومك كيوم إفطارك » وعنه : عليه السلام أيضا ، «سمع رسول الله امرأة تساب جارية لها وهي صائمة ، فدعا رسول الله بطعام ، فقال لها : كلي فقالت : أنا صائمة يا رسول الله فقال : كيف تكونين صائمة ، وقد سببت جاريتك »

أن الصوم ليس من الطعام الشراب ، وإنما جعل الله ذلك حجاب عن سواهما من الفواحش من الفعل والقول ، ما أقل الصوم وأكثر الجوع.

عن الإمام الباقر عليه السلام قال : «قال النبي لجابر أبن عبد الله ، يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره ، وقام وردا من ليلته ، وصان بطنه وفرجه ، وحفظ لسانه لخرج من الذنوب كما يخرج من الشهر ».

قال جابر : يا رسول الله ما أحسنه من حديث

فقال رسول الله : «وما أصبعها من شروط ».

١٥

أسماء الشهر :

ورد في الصحيفة السجادية للإمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام في دعائه عند دخول شهر رمضان :

«الحمد لله الذي جعل من تلك السبل شهره : ١ ـ شهر رمضان ، ٢ ـ شهر الصيام ، ٣ ـ وشهر الإسلام ، ٤ ـ وشهر الطهور ، ٥ ـ وشهر التمحيص ، ٦ ـ وشهر القيام الذي أنزل فيه القرآن »(١) .

وقد فرض الله في هذا الشهر عبادة الصوم على نبيه وعلى المسلمين ، وكان صومه مفوضا من قبل على الأنبياء دون أممهم كما ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام حيث يقول : «أن شهر رمضان لم يفرض الله صيامه على احد من الأمم قبلنا ، وإنما فرضه على الأنبياء دون الأمم ، ففضل الله به هذه الأمة ، وجعل صيامه فرضا على رسول الله وعلى أمته »(٢) .

والصوم عبادة تربوية إصلاحية تستهدف تربية الفرد من الداخل ، وهو يُميت مراد النفس وشهوة الطبع الحيواني ، وفيه صفاء القلب وطهارة الجوارح ، وعمارة الباطن ، والشكر على النعم ، والإحسان إلى الفقراء.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «قال : الله عز وجل ، الصوم لي وأنا أجزي به »(٣) .

__________________

١ ـ الصحيفة السجادة : ٢١٩.

٢ ـ وسائل الشيعة : ٢ / ١٧٣.

٣ ـ أفضل الشهور : ٣٠٨.

١٦

أدعية النبي في كل يوم

من أيام شهر رمضان

١٧

دعاء اليوم الأول :*

«اللهم أجعل صيامي فيه الصائمين ، وقيامي فيه قيام القائمين ، ونبهني فيه عن نومة الغافلين ، وهب لي جُرمي فيه ، يا إله العالمين وأعفُ عني يا عافياً عن المجرمين »

أضوواء على هذا الدعاء :

قال تعالى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ٢ ، والصوم أو الصيام له معنيان وهما :

١ ـ المعنى اللغوي : وهو الإمساك والكف عن الشيء ، قال أبن دريد : [كل شيء سكنت حركته فقد صام ] ومنه قول الشاعر :

خيل صيام وخيل غير صائمة

عند اللقاء وخيل تعلك اللجما(٣)

٢ ـ المعنى الشرعي ، أو الاصطلاحي ، ومعناه :

[الإمساك عن الأكل والشرب ، وغشيان النساء ، وجميع

__________________

* ـ قال المرحوم المقدس الشيخ : عباس القمي ، في كتابه مفاتيح الجنان : ٣١١ ، [فقد روي عن أبن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، أنه ذكر لكل يوم من أيام شهر رمضان منه دعاء يخصه ذو فضل كثير وأجر جزيل ، ونحن نقتصر على أيراد الدعوات].

وراجع : مرقاة الجنان : ٢٢١.

٢ ـ سورة البقرة ، الآية : ١٨٣.

٣ ـ مجمع البيان في تفسير القرآن : ٢ / ٢٧١.

١٨

المفطرات من الفجر إلى المغرب احتسابا لله ، وأعداد للنفس وتهيئة لها لتقوى الله بمراقبته في السر والعلن]

ورسول الله في دعائه ، يدعو الله تعالى أن يتقبل منه صومه خالصا لوجهه الكريم ، وأن يجعله الصوم المقبول عنده والذي يُثاب عليه صاحبه حقا ، وذلك إذا تحققت فيه القربة المطلقة لله والامتثال لأمره سبحانه.

وصيام الصائمين هو صيام الإبدال الأبرار أولياء الله الذين يصومون احتسابا وتقربا ، فيكون صومهم مضرب مثل لغيرهم.

ويدعو النبي أن يجعل الله قيامه فيه قيام القائمين ، والمقصود بالقيام هنا الصلاة التي يأتي بها العبد في شهر رمضان المبارك زيادة منه في الطاعة وإكثارا منه في التعبد والتهجد ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «فأسالوا الله تعالى ربكم بنيات صادقة ، وقلوب طاهرة أن يوفقكم لصيامه وقيامه ، فإن الشقي من حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم »(١) .

وقيام الليل هو سبيل خاصة أولياء الله تعالى كما قال وليه الأعظم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في وصف المتقين :

«أم الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يُحزنون به أنفسهم ويستبشرون به دواء دائهم ، منهم حانون على أوساطهم مفترشون لجباههم واكفهم ورُكبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون الله تعالى في فكاك رقابهم »(٢) .

__________________

١ ـ مفاتيح الجنان :

٢ ـ نهج البلاغة : ٤٤٠.

١٩

وينتقل صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه ليقول :

«ونبهني فيه من نومة الغافلين»

والمقصود هنا بالنومة الغفلة حيث شبه الغفلة بالنومة ، لأن الغافل شبيه النائم ، والنبي يدعو الله تعالى أن يهبه التنبيه حتى لا يغفل عن ذكر الله وطاعته وعبادته.

ثم يقول : «وهب لي جرمي فيه يا إله العالمين »

الجرم هو : الذنب والخطيئة ومنه الجريمة ، والنبي منزه عن ذلك ، لكنه يدعو بذلك تواضعا منه لله ، وتعليما منه للناس من بعده.

ولا يهب الله الجرم للعبد إلا بعد أن يتوب منه ويقلع عنه ، ثم هو الذي يتفضل بالقبول ويشمل الإنسان بالهداية ويسقط عنه الذنب.

ثم يختم دعائه لليوم الأول بقوله صلى الله عليه وآله وسلم :

«وأعف عني يا عافياً عن المجرمين »

والعفو هو : الصفح والرضا بعد الغضب ، والله تعالى هو الذي يعفو أو يغفر ويقبل من عباده بعد الندم والإقلاع عن المعاصي والذنوب.

والمجرمون هم الذين ارتكبوا الجرائم بحقهم أو بحق غيرهم ، فما كان بحق غيرهم فالله لا يغفره إلا بعد رضا من ارتُكبت الجريمة بحقه لأنه يتعلق بحق الغير الذي لا يغفر إلا بموافقته ، وما كان بحقهم فإن تابوا وأصلحوا فإن الله واسع المغفرة قابل التوب من عباده ، ودعاء النبي هذا هو تذكرة وعبرة للناس.

٢٠