وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى الجزء ٤

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى25%

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى مؤلف:
المحقق: خالد عبد الغني محفوظ
الناشر: دار الكتب العلميّة
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
الصفحات: 234

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 234 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30239 / تحميل: 4940
الحجم الحجم الحجم
وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: دار الكتب العلميّة
العربية

وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى

الجزء الرابع

تأليف

نور الدين علي بن أحمد السّمهودي

المحقق: خالد عبد الغني محفوظ

١
٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله الذي اختار رسوله محمداصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أطيب الأرومات ، والصلاة والسلام الأتمّان الأكملان على أشرف الكائنات ، وعلى آله وصحبه الذين فدوه بالأنفس والأموال وبالآباء والأمهات ، وعلى من اتبعه واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

٣
٤

الفصل الثامن

في بقاع المدينة ، وأعراضها ، وأعمالها ، ومضافاتها ، وأنديتها ، وجبالها ، وتلاعها ، ومشهور ما في ذلك من الآبار ، والمياه ، والأودية ، وضبط أسماء الأماكن المتعلّقة بذلك وبالمساجد والآطام والغزوات ، وشرح حال ما يتعلق بجهات المدينة وأعمالها من ذلك ، على ترتيب حروف الهجاء الأول فالأول ، وربما اعتبرت في المركّب المضاف إليه لشهرته ، وهذا مما لا يستغنى عنه لعظم نفعه خصوصا للمشتغل بالحديث واللغة ، وقد اعتنى به المجد في كتابه «المغانم» ولخصت كلامه ، مع حذف ما لا تدعو الحاجة إليه ، وزيادة ما هو أولى ، وميّزت ما زدته من الأسماء برقم (ز) على ذلك الاسم ، فنقول :

حرف الألف

آرام : جبل بنواحي الرّبذة ، كأنه جمع إرم ، وهي حجارة تنصب كالعلم ، وفيه يقول شاعر:

ألا ليت شعري هل تغيّر بعدنا

أروم فارام فشابه فالحضر

وهل تركت أبلى سواد جبالها

وهل زال بعدي عن قنينته الحجر

وجبل آخر بين مكة والمدينة ، وذو آرام : حزم به آرام جمعتها عاد على عهدها ، قاله ياقوت ، وقال أبو زيد : من جبال الضّباب ذات آرام قنّة سوداء فيها يقول القائل :

تحلت ذات آرام

ولم تخل عن مصر

آرة : جبل كبير لمزينة فوق رأس قدس مما يلي الفرع ، قال مزرد لكعب بن زهير بن أبي سلمى يعزوه إلى مزينة ويذكر مكانه من بني عبد الله بن غطفان :

وأنت امرؤ من أهل قدس وآرة

أحلّك عبد الله أكناف مبهل

ومبهل لعبد الله بن غطفان.

وقال عرّام : وآرة يقابل قدسا الأسود من أشمخ الجبال ، تخر من جوانبه عيون على كل عين قرية ، فمنها الفرع قرية كبيرة ، وأم العيال صدقة فاطمة الزهراء ، والمضيق قرية قريبة

٥

كبيرة أيضا ، والمحضة والوبرة والخضرة والفعوة ، وفي كلها نخيل ومزارع ، وأوديتها تصبّ في الأبواء ثم في ودّان ، ويسمى وادي آرة حقيل وبه قرية يقال لها وبعان ، وخلف آرة واد فيه قرى ، انتهى.

آنقة : تقدم فيما يدفع في العقيق من الأودية.

أبار ، وأبير : بالضم ، والثاني مصغر ـ من أودية الأجرد ، يصبان في ينبع.

أبرق خترب : بحمى ضريّة به معدن فضة كثير النيل.

أبرق الداث : بالحمى أيضا ، وسيأتي شاهده في جبلة ، والداث واد عظيم بين أعلاه وبين ضرية نحو ثمانية أميال.

أبرق العزّاف : بعين مهملة ثم زاي مشددة آخره فاء ، بين المدينة والرّبذة على عشرين ميلا منها ، به آبار قديمة غليظة الماء ، وسيأتي في العزّاف أنه سمي بذلك لأنه كان يسمع به عزيف الجن ، أي صوتهم.

وروى ابن إسحاق أن خريم بن فاتك قال لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه : ألا أخبرك ببدء إسلامي؟ بينا أنا في طلب نعم لي ومضى الليل بأبرق العزاف ، فناديت بأعلى صوتي : أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهائه ، وإذا هاتف يهتف بي :

عذ يا فتى بالله ذي الجلال

والمجد والنّعماء والإفضال

واقرأ بآيات من الأنفال

ووحّد الله ولا تبال

فرعت من ذلك روعا شديدا ، فلما رجعت إلى نفسي قلت :

يا أيها الهاتف ما تقول

أرشد عندك أم تضليل

بيّن لنا هديت ما السّبيل

قال فقال :

هذا رسول الله ذي الخيرات

يدعو إلى الخيرات والنجاة

يأمر بالصّوم وبالصّلاة

ونزع الناس عن الهناة

ثم ذكر شعرا آخر ومجيئه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وإسلامه.

والأبارق كثيرة ، وهو لغة : الموضع المرتفع ذو الحجارة والرمل والطين.

أبلى : كحبلى ، قال عرّام بعد ذكر الحجر والرحضية : ثم يمضي نحو مكة مصعدا فيميل إلى واد يقال له عريفطان حذاء جبال يقال لها أبلى ، ثم ذكر مياهها الآتية وأنها لبني سليم.

٦

قلت : هي معروفة اليوم بين السّوارقية والرحضية ، على نحو أربعة أيام من المدينة.

وعن الزهري : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قبل أرض بني سليم ، وهو يومئذ ببئر معاوية بجرف أبلى ، وأبلى بين الأرحضية وقران ، كذا ضبطه أبو نعيم.

الأبواء : بالموحدة كحلواء ممدود ، تقدم بيانه في مسجد الرّمادة ومسجد الأبواء.

وسئل كثيّر عزة : لم سميت الأبواء؟ قال : لأنهم تبوؤها منزلا ، وقيل : لأن السيول تبوأتها ، وقال المجد : هي قرية من عمل الفرع ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا ؛ فتكون على خمسة أيام من المدينة ، وقيل : الأبواء جبل عن يمين آرة ويمين الطريق للمصعد إلى مكة ، وهناك بلد تنسب إلى ذلك الجبل ، وهو بمعنى قول الحافظ ابن حجر : الأبواء جبل من عمل الفرع سمي به لوبائه على القلب ، وقيل : لأن السيول تتبوأه أي تحلّه.

قلت : ويجمع بأنه اسم للجبل والوادي وقريته ، وله ذكر في حديث الصّعب بن جثّامة وغيره ، وبه قبر أم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وذلك أن أباهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج إلى المدينة يمتار تمرا فمات بها ، فكانت زوجته آمنة تخرج كل عام تزور قبره ، فلما أتى لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ستّ سنين خرجت به ومعها عبد المطلب وقيل : أبو طالب ـ وأم أيمن ، فماتت في منصرفها بالأبواء ، وفي رواية أن قبرها بمكة.

وقال النووي : إن الأول أصح.

الأتمة : أتمة عبد الله بن الزبير ، تقدمت في أودية العقيق ، قال الهجري : الأتمة بساط واسع ينبت عصما للمال ، تدفع على حضير ، وبها بئر تعرف بابن الزبير ، كان الأشعث المدني يلزمها ويتخذ بها المال ، فاقتنى ماشية كثيرة.

أثال : بالضم آخره لام ، واد يصب في وادي الستارة المعروف بقديد ، يسيل في وادي خيمتي أم معبد ، قاله ياقوت.

الأثاية : مثلث الهمزة ، وبالمثناة التحتية قبل الهاء ، واقتصر المجد هنا كعياض على ضم الهمزة وكسرها ، ورجح في فضل المساجد الفتح كما تقدم مع بيانه في مسجد الأثاية.

وتقدم في الفضائل حديث أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم «كان إذا اقبل من مكة فكان بالأثاية طرح رداءه وقال : هذه أرواح طيبة» وفي الموطأ في حديث خروجهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مكة «ثم مضى حتى إذا كان بالأثاية بين الرويثة والعرج إذا ظبي حاقف في ظل ، فيه سهم ، فأمر رجلا أن يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه».

٧

الأثبة : محركة ـ واحدة الأثب للشجر المعروف ، وتقدم في غدران لعقيق ذو الأثبة ، وفيه يقول أبو وجزة :

قصدن رياض ذي أثب مقيلا

وهنّ روائح عين العقيق

وقال الهجري في حمى النقيع : وفي شرقي الحرة مثلثان نقي ماؤهما ، وهما أثب وأثيب ، وقال في ترتيب مجراه وغدرانه ما لفظه : ثم الأثبة ، وبها غدير يسمى الأثبة ، وبه سميت ، وبه مال لعبد الله بن حمزة الزبيري ، ونخل ليحيى الزبيري.

الأثيفية : بضم أوله وفتح ثانية وسكون المثناة التحتية وكسر الفاء بعدها مثناة تحتية مخففة موضع بعقيق المدينة ، قاله الصّغاني ، وتقدم في أوديته ذو أثيفية.

الأثيل : تصغير الأثل موضع بين بدر والصفراء ، به عين لآل جعفر بن أبي طالب ، ويقال : ذو أثيل ، قال ابن السكيت : إنه بتشديد الياء ، قتل عنده النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم النّضر بن الحارث بن كلدة منصرفه عن بدر ، فقالت بنته قتيلة ترثيه وتمدح النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم :

يا راكبا إنّ الأثيل مظنّة

من صبح خامسة وأنت موفّق

بلّغ به ميتا هناك تحية

ما إن تزال بها الركائب تخفق

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه

لله أرحام هناك تشقّق

أمحمد ولأنت نجل نجيبة

في قومها والفحل فحل معرق

ما كان ضرّك لو مننت وربّما

منّ الفتى وهو المغيظ المحنق

فلما سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شعرها رقّ لها وقال : لو سمعته قبل قتله لوهبته لها.

قال الواقدي : ويقال صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مرجعه من بدر العصر بالأثيل ، فلما صلى ركعة تبسم ، فلما سئل عن ذلك قال : مرّ بي ميكائيلعليه‌السلام وعلى جناحه النقع ، فتبسم إليّ وقال : إني كنت في طلب القوم.

والأثيل : موضع آخر في ذلك الصقع أكثره لبني ضمرة من كنانه.

ذات أجدال : موضع بمضيق الصفراء.

الأجرد : أطم لبني خدرة عند البصة ، وجبل لجهينة شامي بواط الجلسي يأتي مع الأشعر ، والأجرد جبل آخر ، وموضع قبل مدلجة تعهن.

أجش : بفتح الهمزة والجيم وتشديد الشين المعجمة أطم لبني أنيف بقباء.

الأجفر : بفتح الهمزة والفاء ، موضع بين الخزيمية وفيد.

أجم بني ساعدة بضم أوله وثانيه ، أطم كان لهم قرب ذباب ، وآجام المدينة وآطامها :

٨

حصونها ، وقال ابن السكيت : أجم حصن بناه أهل المدينة ، وكل بيت مربع مسطح أجم.

أحامر : بضم أوله ، قال عرّام : وحذاء أبلى جبل يقال له ذو الموقعة من شرقيها ، وهو جبل معدن بني سليم ، وحذاءه عن يمينه قبل القبلة جبل يقال له أحامر ، وقال ياقوت في كتابه المشترك : أحامر البغيبغة جبل أحمر من جبال حمى ضرية.

أحباب : جمع حبيب ، بلد في جنب السوارقية.

أحجار الزيت : عند الزوراء ، قال ياقوت : هو موضع كان فيه أحجار علت عليها الطريق فاندفنت.

وقال ابن جبير : هو حجر موجود يزار ، يقال : إن الزيت رشح للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منه ، وهو موضع صلاة الاستسقاء ، وسبق فيمن ذكر أنه نقل من شهداء أحد أن مالك بن سنان دفن عند أصحاب العباء.

قال ابن زبالة في روايته : وهناك كانت أحجار الزيت ومشهد ، مالك بن سنان معروف ؛ فأحجار الزيت عنده كما يعلم من أطراف كلام ابن شبة بالزوراء من سوق المدينة.

قال : وحدثنا محمد بن يحيى عن ابن أبي فديك قال : أدركت أحجار الزيت ثلاثة مواجهة بيت أم كلاب ، قال : وتعرف اليوم ببيت بني أسد ، فعلا الكبس الحجارة فاندفنت.

وعن هلال بن طلحة العمري أن حبيب بن سلمة كتب إليه أن كعبا سألني أن أكتب له إلى رجل من قومي عالم بالأرض ، فلما قدم كعب المدينة جاءني بكافية ، فقال : أعالم أنت بالأرض؟ قلت : نعم ، قال : إذا كان بالغداة فاغد عليّ ، فجئته حين أصبحت ، فقال : أتعرف موضع أحجار الزيت؟ قلت : نعم ، وكانت أحجارا بالزّوراء يضع عليها الزياتون رواياهم ، فأقبلت حتى جئتها ، فقلت : هذه أحجار الزيت ، فقال كعب : لا ، والله ما هذه صفتها في كتاب الله ، انطلق أمامي فإنك أهدى بالطريق مني ، فانطلقنا حتى جئنا بني عبد الأشهل ، فقال : إني أجد أحجار الزيت في كتاب الله هنا ، فسل القوم عنها ، فسألتهم عنها ، وقال : إنها ستكون بالمدينة ملحمة عندها.

قلت : فأحجار الزيت موضعان ؛ فالأول هو المراد بحديث أبي داود واللفظ له والترمذي والحاكم وابن حبان في صحيحه عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبا من الزوراء ، قائما يدعو يستسقي رافعا يديه قبل وجهه ، وفي رواية عن محمد بن إبراهيم أخبرني من رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو عند أحجار الزيت باسطا

٩

كفيه ، والموضع الثاني الذي عنى كعب الأحبار بمنازل بني عبد الأشهل بالحرة ، وبه كانت واقعة الحرة ، ولعله المراد بحديث : يا أبا ذر ، كيف بك إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت في الدم؟ قال : قلت : ما خار الله ورسوله ، قال : عليك بمن أنت معه ، وفي رواية لأبي داود : عليك بمن أنت منه ، وفي رواية لابن ماجة : كيف أنت.

وقيل : يصلب الناس حتى تغرق أحجار الزيت بالدم ، ويحتمل أن يكون المراد من ذلك الموضع الأول ، وهو مقتضى قول بعضهم عقب إيراد الحديث المذكور : إن ذلك وقع في مقتل محمد الملقب بالنفس الزكية عند أحجار الزيت كما سبقت الإشارة إليه في ذكر مشهده ، وقال المرجاني : إن بالحرة قطعة تسمى أحجار الزيت لسواد أحجارها كأنها طليت بالزيت ، وهو موضع كان يستسقي فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، انتهى.

قلت : اشتبه عليه أحد الموضعين بالآخر ؛ لأن الاستسقاء إنما كان بالموضع الذي بقرب الزوراء كما سبق.

أحجار المراء : بقباء ، قاله المجد ، وسبق ذكره في منازل بني عمرو بن عوف ، وفي نهاية ابن الأثير فيه أنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كان يلقى جبريل بأحجار المراء قال مجاهد : هي قباء.

أحد : بضمتين ، تقدم مع فضائله في سابع فصول الباب الخامس.

الأحياء : جمع حي من أحياء العرب ، اسم ماء أسفل من ثنية المرة برابغ ، به سرية عبيدة بن الحارث بن المطلب.

الأخارج : من جبال بني كلاب بجهة ضرية.

أخزم : بالزاي كأحمد ـ جبل بين ملل والروحاء ، ويعرف اليوم بخزيم ، قال ابن هرمة :

بأخزم أو بالمنحنى من سويقة

ألا ربّما قد ذكر الشوق أخزم

الأخضر : بالفتح والضاد المعجمة ، منزل قرب تبوك نزله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في مسيره إليها.

أدية قنّة سوداء على ستة عشر ميلا من فيد.

أذاخر : جمع إذخر ، من أودية المدينة كما تقدم في الفصل الخامس ، وموضع قرب مكة ينسب إليه نبت أذاخر.

أذبل : كأحمد ، أطم ابتناه سالم وغنم عند الأراكة بدار بني سالم.

أرابن : بالضم ثم الفتح وكسر الموحدة ثم نون ، منزل على قفا مبرك ، ينحدر من جبل جهينة على مضيق الصفراء ، قال كثير :

١٠

وذكرت عزّة إذ تصاقب دارها

برحيّب فأرابن فنخال

أراك : جبل يفضى عنده سيول إضم إلى البحر.

أرثد : بالمثلاثة والدال المهملة كأحمد واد في الأبواء ، قال كثيّر :

وإن شفائي نظرة إن نظرتها

إلى ثافل يوما وخلفي شنائك

وأن تبرز الخيمات من بطن أرثد

لنا وجبال المرختين الدكادك

وقال آخر :

ألم تسأل الخيمات من بطن أرثد

إلى النخل من ودّان ما فعلت نعم

تشوّقني بالعرج منها منازل

وبالخبت من أعلى منازلهم رسم

أرجام : بالفتح ثم السكون وبالجيم ، جبل قرب المدينة.

الأرحضية : بحاء مهملة وضاد معجمة ومثناة تحتية مشددة ، قرية للأنصار وبني سليم ، بها آبار ومزارع كثيرة ، وحذاءها قرية يقال لها الحجر ، قاله عرام ، ومنه أخذ المجد قربها من أبلى لما تقدم فيها ، وتعرف اليوم بالرحضية بضم الراء وكذا هو في نسخة لعرّام ، وكذا أعادها المجد في الراء كما سيأتي ، وذكر الأسدي أنها في وسط الطريق بين المدينة ومعدن بني سليم على نحو خمسين ميلا من كل منهما ، وأن الرشيد كان يسلك هذه الطريق في رجوعه من المدينة ، وسماها الأرحضية.

أرض جابر : التي عرض على غرمائه ، بطريق رومة ، تقدمت في بئر القرّاصة.

أروى : جمع أروية لأنثى الوعول ، اسم ماء لفزارة قرب العقيق عند الحاج ، قال شاعرهم :

وإن بأروى معدنا لو حفرته

لأصبحت غنيانا كثير الدراهم

أروم : جبل سبق في حمى الربذة ، وشاهده في أراك.

أريكة : كجهينة ، موضع غربي حمى ضرية ، كان مصدّق المدينة أول ما ينزل عليه.

أسقف : جبل بطرف رابوع ، وشاهده خاخ.

الأسواف : بالفتح آخره فاء ، موضع شامي البقيع ، سبق في مساجد المدينة ، قال ابن عبد البر : به صدقة زيد بن ثابت ، وفي طبقات ابن سعد عن خارجة بن زيد عن أبيه زيد بن ثابت أن عمر بن الخطاب كان يستخلفه على المدينة ، فقلّ سفر يرجع إلا أقطع له حديقة من نخل ، قال أبو الزياد : فكنا نتحدث أن الأساويف مما كان عمر أقطعه له.

قلت : وبعض الأسواف بيد طائفة من العرب بالتوارث يعرفون بالزيود ، فلعلهم ذرية زيد بن ثابت.

١١

وفي الأوسط للطبراني عن جابر قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم زائرا لسعد بن الربيع الأنصاري ، ومنزله بالأسواف ، فبسطت امرأته لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت سور من نخل ، فجلس وجلسنا معه ، فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يطلع الآن عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع أبو بكر ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع عمر ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فطلع عثمان.

وعن أبي سعيد الخدري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم جلس على بئر بالأسواف ، وأدلى رجليه فيها ، وذكر مجيء أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ، كما في حديث بئر أريس ، وأنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بلالا أن يؤذن لكل منهم ، ويبشره بالجنة.

وروى الواقدي عن جابر أن امرأة سعد بن الربيع بعد أن قتل بأحد وقبض أخوه ماله قبل نزول الفرائض كانت بالأسواف ، فصنعت طعاما ، ثم دعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : قوموا بنا ، فقمنا معه ونحن عشرون رجلا ، انتهينا إلى الأسواف ، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ودخلنا معه ، فنجدها قد رشّت ما بين سورين وطرحت خفعة ، قال جابر : ما ثمّ وسادة ولا بساط ، وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فتراءينا من يطلع ، فطلع أبو بكر ، فقمنا فبشّرناه ثم سلم فردّوا عليه ، ثم جلس ، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فتراءينا من خلال السّعف من يطلع ، فطلع عمر ، فقمنا فبشرناه ، فسلم ثم جلس ، ثم قال : يطلع عليكم رجل من أهل الجنة ، فنظرنا من خلال السّعف فإذا علي بن أبي طالب قد طلع ، فبشرناه بالجنة ، ثم جاء فجلس ، ثم أتى بالطعام ، فأتى بقدر ما يأكل رجل واحد أو اثنان ، فوضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يده فيه فقال : كلوا باسم الله ، فأكلنا منها حتى نهلنا وما أرانا حركنا منها شيئا ، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ارفعوا هذا الطعام ، فرفعوه ، ثم أتينا برطب في طبق باكورة قليل ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : باسم الله كلوا ، فأكلنا حتى نهلنا وإني لأرى في الطبق نحوا مما أتى به ، وجاءت الظهر فصلى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم يمس ماء ، ثم رجع إليّ فتحدث ، ثم جاءت العصر فأتى ببقية الطعام نتشبّع به ، فقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فصلى بنا العصر ولم يمس ماء ، ثم قامت امرأة سعد بن الربيع فقالت : يا رسول الله إن سعد بن الربيع قتل بأحد ، وذكر قصتها في أخذ أخيه لماله ، ونزول الفرائض بعد ذلك ، وأن ابنة سعد بن الربيع كانت زوج زيد بن ثابت ، وهي أم ابنه خارجة بن زيد ، وكانت يومئذ حاملا.

١٢

أشاقر : جبال بين مكة والمدينة.

الأشعر : جبل جهينة ، ينحدر على ينبع ، قال الهجري : وجدت صفة الجبلين الأشعر والأجرد جبلي جهينة ومن أخذ من قريش بذلك أرضا ، فنقلته للحديث الذي جاء فيهما عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الأمان من الفتن.

وقال الأشعري : يحده من شقه اليماني وادي الروحاء ، ويحده من شقه الشامي بواطان ، وتقدم في فضل أحد حديث «خير الجبال أحد والأشعر وورقان»

الأشنف : أطم يواجه مسجد الخربة.

الأشيق : بمشاة تحتية يضاف إليه هضب الأشيق ، والعقيليون يقولون : الشفيق ، تقدم في حمى فيد ، وهو بلد سهل كأن ترابه الكافور الأبيض ، وأفضل مياهه الريان ثم عرفجا.

أضاة بني غفار : بالضاد المعجمة والقصر كحصاة ، مستنقع الماء ، قال في المشارق : هو موضع بالمدينة ، وفيه حديث أن جبريلعليه‌السلام لقي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم عند أضاة بني غفار ، انتهى. ولعله فيما تقدم من منازل بني غفار ، لكن سيأتي في تناضب ما يقتضي أنه بقرب مكة.

أضاخ : كغراب ، آخره معجمة ، وقد تبدل همزته واوا ، سوق على ليلة من عرفجا.

أضافر : جمع ضفيرة ، وهي الحقف من الرمل ، اسم ثنايا سلكها النيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا ، وذو الأضافر : هضبات على ميلين من هرشى ، ويقال لهن الأضافر أيضا.

إضم : جمع صفيرة ، وهي الحقف من الرمل ، اسم ثنايا سلكها النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ارتحاله من ذفران يريد بدرا ، وذو الأضافر : هضبات على ميلبن من هرشي ، ويقال لهن الأضافر أيضا.

إضم : كعنب ، قال المجد : اسم الوادي الذي فيه المدينة ، والصواب فيه ما تقدم في خاتمة الفصل الخامس في الأودية ، ويوافقه قول الهجري : أول إضم مجتمع الأسيال ، وإياه عني الأحوص بقوله :

يا واقد النار بالعلياء من إضم

أوقد فقد هجت شوقا غير منصرم

قال : وبإضم أموال زعاب على عيون ، وإنما سمي إضما لانضمام السيول به.

قلت : ويسمى اليوم بالضيقة ، وبهذا الوادي جبل يسمى بإضم كما تقدمت الإشارة إليه ، وفي قاموس المجد : إضم جبل ، والوادي الذي فيه المدينة النبوية عند المدينة يسمى قناة ، ومن أعلى منها عند السد الشّظاة ، ثم ما كان أسفل من ذلك يسمى إضما ، انتهى.

١٣

وعبارة ياقوت في المستدرك له : إضم واد في المدينة ، ويسمى عند المدينة القناة ، إلى آخره.

وروى البيهقي خبرا في مصارعتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ركانة يتضمّن أن ركانة كان يرعى غنما له في واد يقال له إضم ، فخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم من بيت عائشة رضي الله تعالى عنها إلى ذلك الوادي ، وذكر قصة المصارعة به.

وبطن إضم كما في طبقات ابن سعد في سرية أبي قتادة إلى بطن إضم : ما بين ذي خشب وذي المروة ، بينها وبين المدينة ثلاثة برد.

الأطول : أطم بمنازل بني عبيد عند مسجد الخربة من القبلة.

أعشار : من أودية العقيق ، وتقدم نزولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بكهف أعشار فيه.

أعظم : بضم الظاء المعجمة ، جمع عظم ، جبل كبير شمالي ذات الجيش ، قاله المجد ، وفي خط المراغي بفتح الهمزة والظاء معا ، ويقال فيه عظم بفتحتين ـ وهو المعروف بين أهل المدينة ، والموجود في كلام الزبير ، قال : وفيه يقول عامر الزبيري :

قل للذي رام هذا الحيّ من أسد

رمت الشّوامخ من عير ومن عظم

وفي أبيات الهمزة في كتاب الهجري عن محمد بن قليع عن أشياخه قالوا : ما برقت السماء قط على عظم إلا استهلت. وكانوا يقولون : إن على ظهره قبر نبي أو رجل صالح ، قال : وأنا أقول : إن عظم من منزلي إذا بدوت في ضيعتيّ بالتثنية ـ بحيث يناله دعائي ، فقلما أصابنا مطر إلا كان عظم أسعد جبالنا به وأوفرها حظا.

أعماد : أربعة آطام بين المذاد والدّويخل ، جبل بني عبيد ، بعضها لبني عبيد ، وبعضها لبني حرام من بني سلمة.

الأعواف : ويقال العواف ، إحدى صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وآباره المتقدمة.

الأعوص : بالعين والصاد المهملتين ، موضع شرقي المدينة بطرف الطريق بين بئر السائب وبئر المطلب ، به أبيات وآبار ، سمي بذلك لأن رجلا من بني أمية أراد أن يستخرج به بئرا ، فاعتاصت عليه ، وكان يسكنه إسماعيل بن عمرو بن سعيد الأشدق ، وإياه عنى عمر بن عبد العزيز بقوله : لو كان لي أن أعهد ما عدوت أحد الرجلين : صاحب الأعوص أو أعمش بني تميم ، يعني القاسم بن محمد.

الأغلب : بالغين المعجمة ، أطم لبني سواد ، تقدم في منازلهم.

١٤

أفاعية : كمجاهدة بعين مهملة مكسورة ، منهل لسليم في الطريق النجدي إلى مكة ، على ستة وعشرين ميلا ونصف من معدن بني سليم ، وذكر الأسدي ما فيها من البرك ، والآبار ، قال : وهي لقوم من ولد الصديق وولد الزبير رضي الله تعالى عنهما وقوم من قيس.

الأفراق : قال في المشارق : بفتح الهمزة وبالفاء عند كافة شيوخنا كأنه جمع فرق ، وضبطه بعضهم بالكسر ، موضع من أموال المدينة وحوائطها ، وبالفتح ذكره البكري.

الأفلس : قال الهجري : إذا أفضى سيل العقيق من قاع البقيع خرج إلى قرادة أفلس قاع لا شجر فيه ، وأرضه بيضاء كالمرآة ، لها حس تحت الحافر.

الأقعس : جبل تقدم بحمى ضرية.

الأكحل : ذكره صاحب «المسالك والممالك» في توابع المدينة وتخاليفها ، فكان به مال لعاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما ، وسبق في الفصل السادس أن الطريق إلى سنانة وإلى القرينين جند والأكحل يعترض حمى النقيع يسارا للخارج من المدينة إلى ذلك.

ألاب : كسراب ، قال المجد : شعبة واسعة من ديار مزينة.

قلت : هو واد معروف عده الهجري في أودية الأشعر ، وقال : يلتقي مع مضيق الصفراء أسفل من عين العلا.

ألبن : بالفتح ثم السكون وبموحدة مفتوحة على الأفصح ، كما سيأتي في يلبن بإبدال الهمزة مثناة تحتية.

ألهان : بالفتح وسكون اللام ، موضع كان لبني قريظة.

أم العيال : سبق في آرة ، عن عرام أنها صدقة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها ، وأنها عين عليها قرية هناك ، وقال ابن حزم ، هي عين لجعفر بن طلحة بن عبيد الله التيمي ، أنفق عليها مائتي ألف دينار ، وكانت تسقي أزيد من عشرين ألف نخلة.

أمج : بالجيم وفتحتين ، بلد من أعراض المدينة ، قاله المجد ، قال : وقال أبو المنذر بن محمد : أمج وعران واديان يأخذان من حرة بني سليم ، ويفرغان في البحر.

قلت : ذكر الأسدي أن أمج بعد خليص بجهة مكة بميلين ، قال : وبعده بميل وادي الأزرق ، ويعرف بعران ، وأمج لخزاعة ، وبه نحو عشرين بئرا يزرع عليها. انتهى. وهو موافق لما سبق في تاسع فصول الباب الثالث لاقتضائه أنه بين عسفان وقديد.

وقال الوليد بن العباس القرشي : خرجت إلى مكة في طلب عبد آبق لي ، فسرت سيرا

١٥

شديدا حتى وردت أمج في اليوم الثالث غدوة ، فتعبت ، فحططت رحلي ، واستلقيت على ظهري ، واندفعت أغني :

يا من على الأرض من غاد ومدّ لج

اقر السّلام على الأبيات من أمج

اقر السّلام على ظبي كلفت به

فيها أغنّ غضيض الطّرف من دعج

من لا يبلّغه عني تحيته

ذاق الحمام وعاش الدهر في حرج

قال : فلم أدر إلا وشيخ على عصا يهدج إليّ ، فقال : يا فتى أنشدك الله إلا رددت إليّ الشعر ، فقلت : بلحنه؟ قال : بلحنه ، ففعلت ، فجعل يتطرب ، فلما فرغت قال : أتدري من قائله؟ قلت : لا ، قال : أنا والله قائله من ثمانين سنة ، وإذا هو من أهل أمج ، ومنهم حميد الأمجي الذي يقول :

شربت المدام فلم أقلع

وعوتبت فيها فلم أسمع

حميد الذي أمج داره

أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع

علاه المشيب على حبها

وكان كريما فلم ينزع

حكى أن عمر بن عبد العزيز قال له : أنت القائل حميد الذي أمج داره البيتين؟ قال:نعم ، قال عمر : ما أراني إلا حادك ، أقررت بشربها ، وأنك لم تنزع عنها ، قال : ألم تسمع الله يقول( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) إلى( وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ ) فقال عمر : ما أراك إلا قد أفلتّ ، ويحك يا حميد كان أبوك رجلا صالحا وأنت رجل سوء ، قال : أصلحك الله وأين من يشبه أباه كان أبوك رجل سوء وأنت رجل صالح.

وقال : جعفر الزبيري :

هل بادّكار الحبيب من حرج

أم هل لهمّ الفؤاد من فرج؟

ولست أنسى مسيرنا ظهرا

حين حللنا بالسفح من أمج

ذو أمر : بفتحتين ، واد بطريق فيد إلى المدينة على نحو ثلاث مراحل من المدينة بقرية النخيل ، قاله الأسدي ، وظاهر كلام غيره أنه الذي بقرية نخل ؛ لما سيأتي فيها ، وقال ابن حزم : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم عقد لعوسجة الجهني على ألف من جهينة وأقطعه ذا أمر ، وإن بعض ولد عبد الله بن الزبير اعتزل بأمر من بطن إضم في بعض الفتن.

إمّرة : كإمّعة ، وبفتح الهمزة والميم ، موضع بشق حمى ضرية قرب جبل المنار ، وهو من منازل الحاج العراقي ، به آبار كثيرة طيبة ، سمي باسم الصغير من ولد الضأن.

إنسان : جبل في وسطه ماء يقال له : إنسان ، قال الهجري في حمى فيد : وبشرقي الرخام ماء يقال له إنسان لكعب بن سعد الغنوي الشاعر ، وهو عن يمين الجبل والرملة التي تدعى برملة إنسان.

١٦

الأنعام : بضم العين ، موضع بالعالية ، وقال نصر : جبل بالمدينة عليه بعض بيوتها ، قال جرير :

حيّ الديار بعاقل فالأنعام

كذا قال المجد ، والصواب أن الذي عناه جرير جبل ببطن عاقل قرب حمى ضرية ، وقال المجد : إنه بفتح العين ، وغاير بينه وبين هذا في الترجمة ، وقال : إنه ببطن عاقل بين اليمامة والمدينة ، وإنه الذي بنى عليه المزني وجابر بن عبد الله الربعي ، وفيه يقول الشاعر :

لمن الديار غشيتها بالأنعام

درست وعهد جديدها لم يقدم

وقوله «إنه الذي بنى عليه المزني إلى آخره» إنما هو في الأنعام الذي قال نصر فيه : إنه بالمدينة ، كما تقدم عن ابن زبالة في مسجد المنارتين بطريق العقيق ، وإنه الجبل الذي على يسار المارّ أول الرقيقين للعقيق ، مع أن المجد ذكر في الأنعام الذي ببطن عاقل الحديث المتقدم أيضا في خروجهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الجبل الأحمر الذي بين المنارتين ، واسمه الأنعام ، ولعل الخلل من النساخ.

إهاب : ككتاب ، في حديث مسلم «تبلغ المساكن إهاب أو يهاب» قال عياض : كذا جاءت الرواية على الشك «أو يهاب» بكسر الياء المثناة من تحت عند كافة شيوخنا الأسدي والصدفي ، وعند التميمي كذلك ، وقال : وبالنون معا ، ولم أجد هذا الحرف في غير هذا الحديث ، ولا من ذكره ، وهو موضع قرب المدينة ، انتهى.

وتبعه المجد ، وقد سبق من رواية أحمد أنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم «خرج حتى أتى بئر الإهاب ، قال : يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان» وتقدم في صيد الحرم عن عباد الزرقي أنه كان يصيد العصافير في بئر إهاب ، وهذه البئر هي المتقدمة في الآبار المباركات أول الباب السادس مع ما جاء فيها ، وبيّنا أنها في الحرة الغربية ، وأن الظاهر أنها المعروفة اليوم بزمزم.

ذو أوان : بلفظ الأوان للحين ، موضع على ساعة من المدينة ، قال ابن إسحاق : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قفل من تبوك ونزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار ، أتاه خبر مسجد الضرار.

الأوساط : تقدم في حديث في مسجد قباء «شهد جنازة بالأوساط بدار سعد بن عبادة» ورأيته بخط العلامة أبي الفتح المراغي وكان منقبا مجرّدا عن النقط ، فلعله بالسين

١٧

والطاء المهملتين ، ويؤخذ منه أنه بمنازل بني ساعدة ، ويخالفه قوله في الرواية الأخرى «من بلحارث بن الخزرج» إلا أن يراد من كان بدار سعد من بلحارث ، على ما سبق في المنازل.

أيد : بلفظ الأيد للقوة والاشتداد من آد يئيد أيدا ، موضع على مقربة من المدينة.

حرف الباء

بئر أرمى : بفتح الهمزة وسكون الراء وميم ثم ألف مقصورة ، بئر كان عندها غزوة ذات الرقاع ، على ثلاثة أميال من المدينة ، كذا قاله المجد ، ومأخذه ما سيأتي عن الواقدي في نخل ، وسنبين أن صوابه ثلاثة أيام.

بئر ألية : بلفظ ألية الشاة ، في حرم بني عوال ، على نيف وأربعين ميلا من المدينة ، وقيل : ألية واد بفسح الحيا ، والفسح : واد بجانب عرنة ، وعرنة : روضة بواد مما كان يحمى للخيول في الجاهلية والإسلام بأسفلها ، انتهى.

بئر جشم : بضم الجيم وفتح الشين المعجمة ، تقدم ذكرها في وادي رانونا من الفصل الخامس ، وأن الظاهر أنها مضافة إلى جشم بن الخزرج جدّ بني مالك بن عصب ، ومنزلهم ببني بياضة غربي رانونا.

وفي الموطأ عن عمرو بن سليم الزّرقي قال : قيل لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، إن هنا غلاما يافعا لم يحتلم من غسان ووريثه بالشام ، وهو ذو مال ، وليس له هنا إلا ابنه عم ، فقال : فليوص لها ، فأوصى لها بمال يقال له «بئر جشم» فبيع ذلك المال بثلاثين ألف درهم ، وابنة عمه التي أوصى لها أم عمرو بن سليم الزرقي.

وسبق آخر الكلام في منازل بني بياضة أن عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك ابن عصب بن جشم والد أبي جبلة الغساني ملك غسّان بالشام ، فيتأيد به ما سبق ، وقال المجد تبعا لياقوت في الجرف : إن بئر جشم به ، فإن صح فهي غير المذكورة في مسيل رانونا.

بئر الحرة : ذكر الغزالي أن القادم للزيارة يغتسل منها ، ولعلها بئر السّقيا ، لما سبق فيها.

بئر خارجة : بالخاء المعجمة وكسر الراء وفتح الجيم ، في حديث أبي هريرة عند مسلم «كنا قعودا حول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم معنا أبو بكر وعمر في نفر ، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من بين أظهرنا ، فأبطأ علينا ، وخشينا أن يقتطع دوننا ، وفزعنا ، وقمنا فكنت أول من فزع ، فخرجت أبتغي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار فدرت به علّ أجد

١٨

له بابا ، فلم أجد ، فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة ، فاحتفرت ، فدخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يروى «خارجه» أي : خارج البستان ، و «خارجة» على النعت ، والصواب الأول ، وهو الإضافة ، صرح به صاحب التحرز ، قال : وخارجة رجل أضيفت إليه البئر ، قاله النووي.

بئر خريف : تقدم في بئر أريس أن عثمان رضي الله تعالى عنه أدخلها في صدقته ببئر أريس وسقوط الخاتم بها في رواية.

بئر الخصى : ستأتي في الخاء المعجمة.

بئر خطمة : هي بئر ذرع المتقدمة أول الباب السادس.

بئر الدّريك : تصغير درك ، ويقال فيها : بئر الزريق ، قاله المجد ، وفي منازل بني خطمة أنهم ابتنوا أطما كان على بئر الدرك ، فهي المرادة. وقال قيس بن الخطيم :

كأنا وقد أخلوا لنا عن نسائهم

أسود لها في غيل بيشة أشبل

ببئر دريك فاستعدّوا لمثلها

وأصغوا لها آذانكم وتأملوا

بئر ذروان : بفتح الذال المعجمة وسكون الراء عند رواة البخاري كافة ، وكذا روي عن ابن الحذاء ، وفي كتاب الدعوات من البخاري في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها : وذروان بئر في بني زريق ، قال الجرجاني : رواة مسلم كافة بئر ذي أروان ، ووقع عند الأصيلي بئر ذي أوان ، بغير راء ، قال عياض وتبعه المجد : هو وهم ، فإن ذا أوان موضع آخر على ساعة من المدينة ، وهو الذي بني فيه مسجد الضرار.

قلت : الصواب أن خبر مسجد الضرار أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو بذي أوان كما سبق لأنه بني به.

وقال الحافظ ابن حجر : كأن رواية الأصيلي كانت بئر ذي أروان ، فسقطت الراء ، قال : ويجمع بين رواية ذروان وذي أروان بأن الأصل ذي أروان ثم سهلت الهمزة لكثرة الاستعمال ، فصار ذروان ، ويؤيده أن أبا عبيد البكري صوّب أن اسم البئر أروان ، وأن الذي قال ذروان أخطأ ، وق ظهر أنه ليس بخطإ ، ووقع في رواية كما قال البكري بئر أروان بإسقاط ذي.

قلت : فمن قال ذروان فقد تصرف في أصل الكلمة ، ولذلك قال عياض : قال الأصمعي : وبعضهم يخطئ فيقول : بئر ذروان ، والذي صححه ابن قتيبة ذو أروان بالتحريك.

وحديث هذه البئر في الصحيحين وغيرهما في سحر لبيد بن الأعصم ، وفي رواية أنه

١٩

أعصم السحولي ، وفي أخرى رجل من بني زريق حليف ليهود وكان منافقا ، سحر في السنة الثامنة كما سبق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر ووضعه تحت راعوفة هذه البئر ، فأثر السحر فيهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أريه في نومه ودلّ عليه فيها ، فأرسل إليها ، وكأن ماؤها نقاعة الحناء ، وكأن نخلها رءوس الشياطين ، فاستخرج السحر وحل.

وفي رواية في الصحيح أيضا «فذهب النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر ، فنظر إليها وقال : هذه البئر التي أريتها ، فرجع إلى عائشة ، قالت : فقلت : يا رسول الله أفلا أخرجته ، وفي أخرى : أفلا أحرقته ، قال : لا ، أما أنا فقد عافاني الله ، وكرهت أن أثير على الناس شرا ، فأمرت بها فدفنت».

وفي رواية لابن سعد : فقلت يا رسول الله فأخرجه للناس ، فقال : أما أنا فقد عافاني الله.

فظهر أن الذي امتنع منه إنما هو إخراجه للناس ، لا إخراجه من البئر ، جمعا بين الروايات.

وعند النسائي : سحر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم رجل من اليهود ، فاشتكى لذلك أياما ، فأتاه جبريل فقال : إن رجلا من اليهود سحرك ، عقد لك عقدا في بئر كذا وكذا ، فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فاستخرجها فحلّها ، فقام كأنما نشط من عقال ، فما ذكر ذلك لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط.

وفي رواية لابن سعد أن لبيد بن الأعصم سحر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم إن جبريل وميكائيلعليهما‌السلام أخبراه ، فأخذه ، فاعترف ، فاستخرج السحر فحله ، فكشف عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعفا عنه.

وفي رواية له : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

وقال عكرمة : ثم كان يراه بعد عفوه فيعرض عنه ، قال الواقدي : وهذا أثبت عندنا ممن روي أنه قتله.

وفي رواية له : لما رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من الحديبية ودخل المحرم جاءت رؤساء يهود الذين بقوا بالمدينة ممن يظهر الإسلام وهو منافق إلى لبيد بن الأعصم ـ وكان حليفا في بني زريق ، وكان ساحرا قد علمت يهود أنه أعلمهم بالسحر ـ فقالوا : يا أبا الأعصم ، أنت أسحرنا ، وقد سحرنا محمدا فلم نصنع شيئا ، وأنت ترى أثره فينا ، ونحن نجعل لك على ذلك جعلا ، فجعلوا له ثلاثة دنانير على أن يسحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعمد إلى مشط وما يمشط من الرأس من الشعر فعقد فيه عقدا وتفل فيه تفلا ، وجعله في جف طلعة ذكر ،

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

- وهو قول أحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة : أنّ سودة بنت عبد الله بن عمر امرأة عروة بن الزبير(٢) سعت بين الصفا والمروة فقضت طوافها في ثلاثة أيّام وكانت ضخمةً(٣) (٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يطوف بين الصفا والمروة ، يستريح؟ قال : « نعم إن شاء جلس على الصفا والمروة وبينهما فيجلس »(٥) .

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : لا يجوز. ويجعل الموالاة شرطاً في السعي ؛ قياساً على الطواف(٦) .

والفرق : أنّ الطواف يتعلّق بالبيت وهو صلاة ، ويشترط له الطهارة والستر ، فيشترط له الموالاة ، كالصلاة ، بخلاف السعي.

وكذا يجوز أن يقطع السعي لقضاء حاجة له أو لبعض إخوانه ثم يعود فيتمّ ما قطع عليه ؛ لأنّ أبا الحسنعليه‌السلام سُئل عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق فيدعوه إلى الحاجة أو إلى الطعام ، قال : « إن أجابه فلا بأس »(٧) .

وعن أحمد روايتان(٨) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : عبد الله بن الزبير. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير وطبقات ابن سعد ٥ : ١٧٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ : ٤٣٢.

(٣) في النسخ الخطّية والحجرية : صحيحةً. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير.

(٤) أورده ابنا قدامة عن الأثرم في المغني ٣ : ٤١٨ والشرح الكبير ٣ : ٤٢١ - ٤٢٢.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٥٦ / ٥١٦.

(٦) المغني ٣ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٧) التهذيب ٥ : ١٥٧ / ٥٢٠.

(٨) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

١٤١

ولو دخل وقت فريضة وهو في أثناء السعي ، قَطَعه ، وابتدأ بالصلاة ، فإذا فرغ منها تمّم سعيه ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيدخل وقت الصلاة ، أيخفّف أو يقطع ويصلّي ثم يعود أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال : « لا ، بل يصلّي ثم يعود أو ليس عليهما مسجد؟ »(١) .

مسألة ٥٠١ : إذا طاف ، جاز له أن يؤخّر السعي إلى بعد ساعة ، ولا يجوز إلى غد يومه - وبه قال أحمد وعطاء والحسن وسعيد بن جبير(٢) - لأنّ الموالاة إذا لم تجب في نفس السعي ففيما بينه وبين الطواف أولى.

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يقدم مكّة وقد اشتدّ عليه الحَرّ ، فيطوف بالكعبة فيؤخّر السعي إلى أن يبرد ، فقال : « لا بأس به ، وربما فَعَلْتُه » قال : وربما رأيته يؤخّر السعي إلى الليل(٣) .

وسأل محمد بن مسلم - في الصحيح - أحدَهماعليهما‌السلام : عن رجل طاف بالبيت فأعى ، أيؤخّر الطواف بين الصفا والمروة إلى غد؟ قال : « لا »(٤) .

مسألة ٥٠٢ : السعي تبع للطواف لا يصحّ تقديمه عليه‌ - وبه قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في إحدى الروايتين(٥) - لما رواه العامّة :

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥٦ / ٥١٩.

(٢) المغني ٣ : ٤١١ - ٤١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٨ - ١٢٩ / ٤٢٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٩ / ٧٩٠.

(٤) الفقيه ٢ : ٢٥٣ / ١٢٢٠.

(٥) بداية المجتهد ١ : ٣٤٦ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٧ ، المجموع ٨ : ٧٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥١ ، المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

١٤٢

أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سعى بعد طوافه(١) ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : رواية منصور بن حازم - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بين الصفا والمروة قبل أن يطوف بالبيت ، فقال : « يطوف بالبيت ثم يعود إلى الصفا والمروة فيطوف بينهما »(٣) .

ولو طاف بعض الطواف ثم مضى إلى السعي ناسياً ، فذكر في أثناء السعي نقص الطواف ، رجع فأتمّ طوافه ثم عاد إلى السعي فأتمّ سعيه ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف به ثم ذكر أنّه قد بقي عليه من طوافه شي‌ء ، فأمره أن يرجع إلى البيت فيتمّ ما بقي من طوافه ثم يرجع إلى الصفا فيتمّ ما بقي فقلت له : فإنّه طاف بالصفا وترك البيت ، قال : « يرجع إلى البيت ، قال : « يرجع إلى البيت فيطوف به ثم يستقبل طواف الصفا » فقلت : ما فرق بين هذين؟ قال : « لأنّه قد دخل في شي‌ء من الطواف ، وهذا لم يدخل في شي‌ء منه »(٤) .

تذنيب : لو سعى بعد طوافه ثم ذكر أنّه طاف بغير طهارة ، لم يعتد بطوافه ولا بسعيه‌ ؛ لأنّه تبع له.

مسألة ٥٠٣ : السعي واجب في الحجّ والعمرة ، ولا يجزئ السعي في أحدهما عن الآخر ، عند علمائنا ؛ لأنّ كلّ واحد منهما نسك يشترط فيه الطواف ، فيشترط فيه السعي ، كالآخر.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ - ٨٨٨ - ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ - ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦ ، المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٩ / ٤٢٦.

(٤) التهذيب ٥ : ١٣٠ / ٤٢٨.

١٤٣

ولقول الصادقعليه‌السلام : « على المتمتّع بالعمرة إلى الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت ، ويصلّي لكلّ طواف ركعتين ، وسعيان بين الصفا والمروة »(١) .

وقال بعض العامّة : لو سعى القارن والمفرد بعد طواف القدوم ، لم يلزمهما بعد ذلك سعي ، وإن لم يسعيا معه ، لزمهما السعي مع طواف الزيارة(٢) .

مسألة ٥٠٤ : لا يجوز تقديم طواف النساء على السعي ، فإن فَعَله متعمّداً ، أعاد طواف النساء‌ ، وإن كان ناسياً ، فلا شي‌ء عليه ؛ لأنّ أحمد بن محمد روى عمّن ذكره ، قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : جُعلت فداك متمتّع زار البيت فطاف طواف الحجّ ثم طاف طواف النساء ثم سعى ، فقال : « لا يكون السعي إلّا قبل طواف النساء » فقلت : عليه شي‌ء؟ فقال : « لا يكون سعي إلاّ قبل طواف النساء »(٣) .

ولا يجوز للمتمتّع أن يقدّم طواف الحجّ وسعيه على المضيّ إلى عرفات اختياراً ، قاله العلماء كافّة.

روى أبو بصير ، قال : قلت : رجل كان متمتّعاً فأهلّ بالحجّ ، قال : « لا يطوف بالبيت حتى يأتي عرفات ، فإن هو طاف قبل أن يأتي منى من غير علّة فلا يعتدّ بذلك الطواف »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ التقديم للضرورة - كالشيخ الكبير والمريض وخائفة الحيض - جائز ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يعجّل الشيخ‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٦.

(٢) المغني ٣ : ٤١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٢.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٣١ / ٧٩٩.

(٤) الاستبصار ٢ : ٢٢٩ / ٧٩٣.

١٤٤

الكبير والمريض والمرأة والمعلول طواف الحجّ قبل أن يخرج(١) إلى منى »(٢) .

وكذا يجوز تقديم طواف النساء على الموقفين مع العذر لا مع الاختيار ؛ لأنّ الحسن بن علي روى عن أبيه عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : « لا بأس بتعجيل طواف الحجّ وطواف النساء قبل الحجّ يوم التروية قبل خروجه إلى منى ، وكذلك لمن خاف أن لا يتهيّأ(٣) له الانصراف إلى مكّة أن يطوف ويودّع البيت ثم يمرّ كما هو(٤) من منى إذا كان خائفاً »(٥) .

وسيأتي تمام ذلك إن شاء الله تعالى.

قال الشيخرحمه‌الله : يجوز للقارن والمفرد تقديم طوافهما وسعيهما على المضيّ إلى عرفات لضرورة وغيرها(٦) ، لأنّ حماد بن عثمان روى - في الصحيح - قال : سألت الصادقعليه‌السلام عن مفرد الحجّ أيعجّل طوافه أو يؤخّره؟ قال : « هو والله سواء عجّله أو أخّره »(٧) .

وسأل إسحاقُ بن عمّار الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل يُحْرم بالحجّ من مكّة ثم يرى البيت خالياً فيطوف قبل أن يخرج ، عليه شي‌ء؟ قال : « لا »(٨) .

قال الشيخ(٩) : ويجدّدان التلبية لو قدّما الطواف ؛ ليبقيا على إحرامهما ، ولو لم يجدّداها ، انقلبت الحجّة عمرة.

____________________

(١) في التهذيبين : يخرجوا.

(٢) الكافي ٤ : ٤٥٨ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٣١ / ٤٣١ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٠ / ٧٩٥.

(٣) في المصدر : « لمن خاف أمراً لا يتهيّأ ».

(٤) في النسخ الخطية والحجرية : « كما مرّ » وما أثبتناه من المصدر.

(٥) التهذيب ٥ : ١٣٣ / ٤٣٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٠ - ٢٣١ / ٧٩٨.

(٦) النهاية : ٢٤١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٩.

(٧) الكافي ٤ : ٤٥٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٤٥ / ١٣٥ ، و ١٣٢ / ٤٣٤.

(٨) الفقيه ٢ : ٢٤٤ / ١١٦٩.

(٩) اُنظر : التهذيب ٥ : ٤٤ ذيل الحديث ١٣١.

١٤٥

وأنكر ابن إدريس(١) وكافّة العامّة ذلك.

البحث الرابع : في التقصير.

مسألة ٥٠٥ : إذا فرغ المتمتّع من السعي ، قصّر من شعره‌ وقد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا الصيد ؛ لكونه في الحرم ، فلو خرج منه ، كان مباحاً له ، ويحلّ له أكل ما ذبح في الحلّ في الحرم إجماعاً.

روى العامّة عن ابن عمر قال : تمتّع الناس مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمرة إلى الحجّ ، فلمـّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة قال للناس : ( مَنْ كان معه هدي فإنّه لا يحلّ من شي‌ء أحرم منه حتى يقضي حجّته ، ومَنْ لم يكن معه هدي فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصّر وليحلل )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغت من سعيك وأنت متمتّع فقصّر من شعرك من جوانبه ولحيتك وخُذْ من شاربك وقلّم من أظفارك وأبق منها لحجّك ، فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شي‌ء يحلّ منه الـمُحْرم وأحرمت منه ، وطُفْ بالبيت تطوّعاً ما شئت »(٣) .

مسألة ٥٠٦ : التقصير نسك في العمرة ، فلا يقع الإحلال إلّا به أو بالحلق ، عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي في أحد القولين(٤) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( رحم الله‌

____________________

(١) السرائر : ١٣٥.

(٢) المغني ٣ : ٤١٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٠١ / ١٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٠ / ١٨٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ١٥١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٨ - ٤٣٩ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٧ / ٥٢١.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ - ٣٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، المجموع ٨ : ٢٣٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ و ٤٦٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٧.

١٤٦

المحلّقين ) قيل : يا رسول الله والمقصّرين ، فقال : ( رحم الله المحلّقين ) إلى أن قال في الثالثة أو الرابعة : ( رحم الله المقصّرين )(١) وهو يدلّ على أنّه نسك.

ومن طريق الخاصّة : الأحاديث الدالّة على الأمر بالتقصير(٢) ، فيكون واجباً.

وقال الشافعي في الآخر : إنّه إطلاق محظور ، بأنّ كلّ ما كان محرّماً في الإحرام فإذا جاز له ، كان إطلاقَ محظور(٣) .

ونمنع الكلّيّة.

ولا يستحب له تأخير التقصير ، فإن أخّره ، لم تتعلّق به كفّارة.

مسألة ٥٠٧ : لو أخلّ بالتقصير عامداً حتى أهلّ بالحجّ ، بطلت عمرته ، وكانت حجّته مفردةً.

ولا تدخل أفعال الحجّ في أفعال العمرة - وبه قال عليعليه‌السلام وابن مسعود والشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه(٤) - لقوله تعالى :( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ ) (٥) .

وقال الشافعي : إذا قرن ، تدخل أفعال العمرة في أفعال الحجّ ، واقتصر على أفعال الحجّ فقط ، يجزئه طواف واحد وسعي واحد عنهما.

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٤٦ / ٣١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠١٢ / ٣٠٤٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٥٦ / ٩١٣ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٣ ، سنن الدارمي ٢ : ٦٤.

(٢) منها ما تقدّم عن الإمام الصادقعليه‌السلام في المسألة السابقة.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٦١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٤) المجموع ٨ : ٦١ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ : ١٤١ ، المغني ٣ : ٤٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٥) البقرة : ١٩٦.

١٤٧

وبه قال جابر وابن عمر وعطاء وطاوُس والحسن البصري ومجاهد وربيعة ومالك وأحمد وإسحاق(١) .

ويبطل بما رواه العامّة عن عمران بن الحصين : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( مَنْ جمع الحجّ إلى العمرة فعليه طوافان )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا طاف وسعى ثم لبّى قبل أن يقصّر فليس له أن يقصّر ، وليس له متعة »(٣) .

ولو أخلّ بالتقصير ناسياً ، صحّت متعته ، ووجب عليه دم - قاله الشيخ(٤) رحمه‌الله - لأنّ إسحاق بن عمّار روى - في الصحيح - عن الكاظمعليه‌السلام : الرجل يتمتّع وينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحجّ ، فقال : « عليه دم يهريقه »(٥) .

وحمله الصدوق على الاستحباب(٦) ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أهلّ بالعمرة ونسي أن يقصّر حتى دخل الحجّ ، قال : « يستغفر الله ولا شي‌ء عليه وتمّت عمرته»(٧) .

مسألة ٥٠٨ : لو جامع امرأته قبل التقصير ، وجب عليه جزور‌ إن كان‌

____________________

(١) المجموع ٨ : ٦١ ، صحيح مسلم بشرح النووي ٨ : ١٤١ ، المغني ٣ : ٤٩٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤.

(٢) أورده الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٣٣ ذيل المسألة ١٤٨ ، ونقله الماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٦٤ بلفظ : ( مَنْ جمع بين الحجّ والعمرة ).

(٣) التهذيب ٥ : ١٥٩ / ٥٢٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٣ / ٨٤٦.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٨ ذيل الحديث ٥٢٦.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٨ - ١٥٩ / ٥٢٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٤ ، والفقيه ٢ : ٢٣٧ / ١١٢٨.

(٦) الفقيه ٢ : ٢٣٧ ذيل الحديث ١١٢٩.

(٧) التهذيب ٥ : ١٥٩ / ٥٢٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ - ٢٤٣ / ٨٤٥.

١٤٨

موسراً ، وإن كان متوسّطاً ، فبقرة ، وإن كان فقيراً ، فشاة إن كان عامداً عالماً ، وإن كان جاهلاً أو ناسياً ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الحلبي سأل الصادقًعليه‌السلام - في الصحيح - : عن متمتّع وقع على امرأته قبل أن يقصّر ، قال : « ينحر جزوراً وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجّه »(١) .

وفي الحسن عن معاوية بن عمّار أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع وقع على امرأته ولم يقصّر ، فقال : « ينحر جزوراً وقد خفت أن يكون قد ثلم حجّه إن كان عالماً ، وإن كان جاهلاً فلا شي‌ء عليه »(٢) .

أمّا لو واقعها بعد التقصير ، فلا شي‌ء عليه إجماعاً.

ولو قبّل امرأته قبل التقصير ، وجب عليه دم شاة - قاله الشيخ(٣) - لرواية الحلبي - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقبّل امرأته قبل أن يقصّر من رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه ، وإن كان الجماع فعليه جزور أو بقرة »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ عمرته لا تبطل - وبه قال مالك وأحمد وأصحاب الرأي(٥) - لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه سُئل عن امرأة معتمرة وقع بها زوجها قبل أن تقصّر ، قال : مَنْ ترك من مناسكه شيئاً أو نسيه فليرق دماً ،

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٦١ / ٥٣٦ ، وفيه إلى قوله : « جزوراً ». وقوله : « وقد خشيت حجّه » من تتمّة رواية معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق ٧ ، التي وردت بعد رواية الحلبي ، وفيها : « وقد خفت ».

(٢) الكافي ٤ : ٤٤٠ - ٤٤١ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٦١ / ٥٣٩.

(٣) التهذيب ٥ : ١٦٠ ذيل الحديث ٥٣٤.

(٤) التهذيب ٥ : ١٦٠ - ١٦١ / ٥٣٥.

(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ١٦٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥ ، الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٢٨.

١٤٩

قيل : إنّها موسرة ، قال : فلتنحر ناقة(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « وقد خفت أن يكون قد ثلم حجّه »(٢) وهو يدلّ على الصحّة.

وقال الشافعي : تفسد عمرته(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإن طاوعته ، كفّرت أيضاً ، وإن أكرهها ، تحمّل عنها.

مسألة ٥٠٩ : التقصير في إحرام العمرة أولى من الحلق ، قاله الشيخ في الخلاف(٤) .

ومنع في غيره من الحلق ، وأوجب به دم شاة مع العمد(٥) .

وقال أحمد : التقصير أفضل(٦) ؛ لما رواه العامّة عن جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام عن جابر لـمّا وصف حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال لأصحابه : ( حلّوا من إحرامكم بطواف بين الصفا والمروة وقصّروا )(٧) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : عن المتمتّع أراد أن يقصّر فحلق رأسه ، قال : « عليه دم يهريقه »(٨) .

وسأل جميلُ بن درّاج الصادقَعليه‌السلام : عن متمتّع حلق رأسه بمكة ،

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥.

(٢) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في ص ١٤٨ ، الهامش (٢).

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٧٦ ، المجموع ٧ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٥.

(٤) الخلاف ٢ : ٣٣٠ ، المسألة ١٤٤.

(٥) النهاية : ٢٤٦ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٣ ، الجُمل والعقود ( ضمن الرسائل العشر ) : ٢٣٢.

(٦) المغني ٣ : ٤١٣ - ٤١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٤.

(٧) أورده ابنا قدامة عن جابر فقط في المغني ٣ : ٤١٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٢٤.

(٨) التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٢.

١٥٠

قال : « إن كان جاهلاً فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال الشافعي : الحلق أفضل(٢) ؛ لقوله تعالى :( مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ) (٣) . بدأ بالأهمّ.

وهو لا يعارض ما تقدّم.

مسألة ٥١٠ : أدنى التقصير أن يقصّر شيئاً من شعر رأسه‌ ولو كان يسيراً ، وأقلّه ثلاث شعرات ؛ لحصول الامتثال به ، هذا قول علمائنا ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : الربع(٥) .

وقال مالك : يقصّر من جميع رأسه أو يحلقه أجمع. وبه قال أحمد في إحدى الروايتين - وفي الاُخرى كقولنا(٦) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حلق جميع رأسه(٧) . ولأنّه نسك يتعلّق بالرأس ، فيجب استيعابه ، كالمسح(٨) .

وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بيان للحلق في الحجّ ، ونمنع حكم أصل قياسهم.

إذا عرفت هذا ، فلو قصّر الشعر بأيّ شي‌ء كان ، أجزأه ، وكذا لو نتفه‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ / ٧ ، التهذيب ٥ : ١٥٨ / ٥٢٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٢ / ٨٤٣.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٥ و ٣٧٧ ، المجموع ٨ : ٢٠٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٤.

(٣) الفتح : ٢٧.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٨ ، المجموع ٨ : ٢١٤ ، المغني ٣ : ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ١٤١ ، فتح العزيز ٧ : ٣٧٨ ، المجموع ٨ : ٢١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤٤.

(٦) المغني ٣ : ٤١٤ - ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

(٧) سنن أبي داود ٢ : ٢٠٣ / ١٩٨١ ، سنن البيهقي ٥ : ١٣٤.

(٨) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٢٥ ، المنتقى - للباجي - ٣ : ٢٩ ، المغني ٣ : ٤١٤ - ٤١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦٣.

١٥١

أو أزاله بالنورة.

ولو قصّر من الشعر النازل عن حدّ الرأس أو ما يحاذيه ، أجزأه.

ولو قصّر من أظفاره ، أجزأه ، وكذا لو أخذ من شاربه أو حاجبيه أو لحيته ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سأله حفص وجميل وغيرهما : عن مُحْرم يُقصّر من بعض ولا يقصّر من بعض ، قال : « يجزئه»(١) .

مسألة ٥١١ : ليس في إحرام عمرة التمتّع طواف النساء ، بل في إحرام العمرة المبتولة ؛ لأنّ أبا القاسم مخلد بن موسى الرازي كتب [ إلى الرجل ](٢) يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء؟ وعن العمرة التي يتمتّع بها إلى الحجّ ، فكتب « أمّا العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء ، وأمّا التي يتمتّع بها إلى الحجّ فليس على صاحبها طواف النساء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فينبغي للمتمتّع بعد التقصير أن يتشبّه بالـمُحْرمين في ترك لُبْس المخيط ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للمتمتّع بالعمرة إلى الحجّ إذا أحلّ أن لا يلبس قميصاً وليتشبّه بالـمُحْرمين »(٤) .

مسألة ٥١٢ : يكره له أن يخرج من مكة قبل قضاء مناسكه كلّها‌ ، إلّا لضرورة ، فإن اضطرّ إلى الخروج ، خرج إلى حيث لا يفوته الحجّ ، ويخرج مُحْرماً بالحجّ ، فإن أمكنه الرجوع إلى مكة ، وإلّا مضى على إحرامه إلى عرفات.

ولو خرج بغير إحرام ثم عاد ، فإن كان في الشهر الذي خرج فيه ،

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٩ / ٤ ، الفقيه ٢ : ٢٣٨ / ١١٣٦.

(٢) أضفناها من المصادر.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٢٥٤ / ٨٦١ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٢ / ٨٠٤.

(٤) الكافي ٤ : ٤٤١ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٦٠ / ٥٣٢.

١٥٢

لم يضرّه أن يدخل مكة بغير إحرام ، وإن دخل في غير الشهر الذي خرج فيه ، دخلها مُحْرماً بالعمرة إلى الحجّ ، وتكون عمرته الأخيرة هي التي يتمتّع بها إلى الحجّ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ دخل مكة متمتّعاً في أشهر الحجّ لم يكن له أن يخرج حتى يقضي الحجّ ، فإن عرضت له الحاجة إلى عسفان أو إلى الطائف أو إلى ذات عرق ، خرج مُحْرماً ، ودخل ملبّياً بالحجّ ، فلا يزال على إحرامه ، فإن رجع إلى مكة رجع مُحْرماً ، ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى » قلت : فإن جهل فخرج إلى المدينة وإلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في إبّان الحجّ في أشهر الحجّ يريد الحجّ أيدخلها مُحْرماً أو بغير إحرام؟ فقال : « إن رجع في شهره دخل بغير إحرام ، وإن دخل في غير الشهر دخل مُحْرماً » قلت : فأيّ الإحرامين والمتعتين متعته؟ الأولى أو الأخيرة؟ قال : « الأخيرة هي عمرته ، وهي المحتبس بها التي وصلت بحجّه »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو خرج من مكة بغير إحرام وعاد في الشهر الذي خرج فيه ، استحبّ له أن يدخلها مُحْرماً بالحجّ ، ويجوز له أن يدخلها بغير إحرام على ما تقدّم.

مسألة ٥١٣ : لو دخل المـُحْرم مكة وقدر على إنشاء الإحرام للحجّ بعد طوافه وسعيه وتقصيره ، وإدراك عرفات والمشعر ، جاز له ذلك‌ وإن كان بعد زوال الشمس من يوم التروية أو ليلة عرفة أو يومها قبل الزوال أو بعده إذا علم إدراك الموقفين - اختاره الشيخ(٢) رحمه‌الله - لأنّ هشام بن سالم [ روى ](٣) - في الصحيح - [ عن ](٤) الصادقعليه‌السلام : في الرجل المتمتّع يدخل‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤١ - ٤٤٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٣ - ١٦٤ / ٥٤٦.

(٢) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٤.

(٣ و ٤ ) ما بين المعقوفين لأجل السياق.

١٥٣

ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم فيأتي منى ، فقال : « لا بأس »(١) .

وقال المفيدرحمه‌الله : إذا زالت الشمس من يوم التروية ولم يكن أحلّ من عمرته ، فقد فاتته المتعة ، ولا يجوز له التحلّل منها ، بل يبقى على إحرامه ، وتكون حجّته مفردة(٢) .

وليس بجيّد.

قال موسى بن القاسم : روى لنا الثقة من أهل البيت عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، أنّه قال : « أهلّ بالمتعة بالحجّ » يريد يوم التروية زوال الشمس وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء ، ما بين ذلك كلّه واسع(٣) .

احتجّ المفيد -رحمه‌الله - بقول الصادقعليه‌السلام : « إذا قدمت مكة يوم التروية وقد غربت الشمس فليس لك متعة ، وامض كما أنت بحجّك »(٤) .

وهو محمول على خائف فوات الموقف ؛ لأنّ الحلبي سأل - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : عن رجل أهلّ بالحجّ والعمرة جميعاً ثم قدم مكة والناس بعرفات ، فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته الموقف ، فقال : « يدع العمرة ، فإذا أتمّ حجّه صنع كما صنعت عائشة ، ولا هدي عليه »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٤٣ / ١ ، الفقيه ٢ : ٢٤٢ / ١١٥٦ ، التهذيب ٥ : ١٧١ - ١٧٢ / ٥٧١ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٧ / ٨٦٦.

(٢) حكاه عنه ابن إدريس في السرائر : ١٣٧. والذي في مقنعته ٦٧ : من دخل مكة يوم التروية فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة فأدرك ذلك قبل مغيب الشمس أدرك المتعة ، فإن غربت الشمس قبل أن يفعل ذلك ، فلا متعة له ، فليقم على إحرامه ويجعلها حجّة مفردة.

ولا يخفى أنّ الاحتجاج الآتي يناسب ما قاله في المقنعة.

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٢ - ١٧٣ / ٥٧٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٨ / ٨٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٣ / ٥٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٩ / ٨٧٨.

(٥) التهذيب ٥ : ١٧٤ / ٥٨٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٠ / ٨٧٩.

١٥٤

والتقييد بخوف الفوات هنا يقتضي تقييده في الأحاديث المطلقة ؛ حملاً للمطلق على المقيّد.

تمّ الجزء الخامس(١) من كتاب تذكرة الفقهاء في سادس شهر رمضان المبارك من سنة ثمان عشرة وسبعمائة بالحلّة على يد مصنّف الكتاب حسن ابن يوسف بن المطهّر الحلّي أعانه الله تعالى على طاعته.

ويتلوه في الجزء السادس بعون الله تعالى : المقصد الثالث في أفعال الحجّ ، وفيه فصول : الأوّل : في إحرام الحجّ.

والحمد لله وحده ، وصلّى الله على سيّدنا محمد النبي وآله الطاهرين(٢) .

____________________

(١) حسب تجزئة المصنّف قدّس الله نفسه الزكية.

(٢) جاء في آخر نسخة « ن » : إلى هنا صورة ما كتبه المصنّف قدّس الله سرّه وأفاض على تربته الرحمة والرضوان في نسخة أصله.

وكان الفراغ منه على يد كاتبه لنفسه الفقير إلى الله تعالى بن شمروخ يوم الخميس سادس عشري شهر الله الأعظم ذي الحجّة الحرام خاتمة سنة أربع وستّين وسبعمائة (٧٦٤) والحمد لله ربّ العالمين ، وصلاته على خير خلقه أجمعين محمد ابن عبد الله الصادق الأمين ، وعلى عترته الطاهرين وذرّيّته الأكرمين صلاة متتابعة مترادفة إلى يوم الدين.

١٥٥

بسم الله الرحمن الرحيم

وفّق اللّهم لإكماله بمحمد وكرام آله‌

١٥٦

١٥٧

المقصد الثالث

في أفعال الحجّ‌

وفيه فصول‌ :

١٥٨

١٥٩

الأوّل

في إحرام الحجّ‌

مسألة ٥١٤ : إذا فرغ المتمتّع من عمرته وأحلّ من إحرامها ، وجب عليه الإتيان بالحجّ مبتدئاً بالإحرام للحجّ من مكة‌. ويستحب أن يكون يوم التروية ، وهو ثامن ذي الحجّة ، إجماعاً.

روى العامّة عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فلمـّا كان يوم التروية توجّهوا إلى منى فأهلّوا بالحجّ(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك وادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار ، ثم صلّ ركعتين عند مقام إبراهيمعليه‌السلام أو في الحجر ، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصلّ المكتوبة ، ثم قُلْ في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة ، فأحرم بالحجّ ثم امض وعليك السكينة والوقار ، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الرَّدْم فلبِّ ، فإذا انتهيت إلى الرَّدْم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى»(٢) .

أمّا المكّي : فذهب مالك إلى أنّه يستحب أن يهلّ بالحجّ من المسجد لهلال ذي الحجّة(٣) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥.

(٢) التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٠.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234