أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم25%

أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مؤلف:
المحقق: الشيخ طالب عوّاد
الناشر: دار الكتاب العربي
تصنيف: مكتبة القرآن الكريم
ISBN: 9953-27-352-9
الصفحات: 147

أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم
  • البداية
  • السابق
  • 147 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54705 / تحميل: 5641
الحجم الحجم الحجم
أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

أقضية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب العربي
ISBN: ٩٩٥٣-٢٧-٣٥٢-٩
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كتاب الوصايا

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الوصية وأنها مقصورة على الثلث

في الموطأ والبخاري ومسلم عن الزهري ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه قال : جاءني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتدّ بي ، فقلت : يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي. أفأتصدق بثلثي مالي؟ ورواه مالك ، وسفيان بن عيينة ، وإبراهيم بن سعد عن الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه بلفظ : أتصدق. ورواه عبد العزيز ابن أبي سلمة ، ومعمر ، عن الزهري ، عن عامر بن سعد ، عن أبيه ، بلفظ : أوصي. وكذلك رواه عروة ، وعائشة ، عن سعد. واللفظان في البخاري ومسلم. ووقع أيضا فيهما : أفأوصي بمالي كله؟ قال : «لا». قال : فالثلثين؟ قال : «لا». قال : فالنصف؟ قال : «لا». قال : فالثلث؟ قال : «الثلث ، والثلث كثير».

رجعنا إلى لفظ الموطأ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا» ، قلت : فالشطر؟ قال : «لا» ، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الثلث ، والثلث كثير ، إنك أن تذر ورثتك أغنياء ، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس ، وأنك لن تنفق نفقة تبتغي وجه الله إلا أجرت»(١) .

وفي الموطأ يحيى بن يحيى : «إلا أجرت حتى ما تجعل في في امرأتك» ، فقلت : يا رسول الله أخلف بعد أصحابي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا».

زاد في مسلم : «تبتغي به وجه الله إلا ازددت بها درجة ورفعة ، ولعلك أن تخلف حتى تنتفع بك أقوام ، ويضر بك آخرون. اللهم امضي لأصحابي هجرتهم ، ولا تردهم على أعقابهم». لكن البائس سعد بن خولة يرثي له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن مات بمكة(٢) .

ذكر ابن مزين في تفسيره للموطإ : أنه أقام بمكة حتى مات ، ولم يهاجر ، فكره له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذلك ، ورثي له ، وهو وهم من ابن مزين لأن سعد بن خولة قد هاجر وشهد بدرا ، وإنما رثى له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لرجوعه بعد الهجرة إلى مكة ، وموته بها. ذكره البخاري وغيره ، وذكره أيضا مسلم وهو قرشي(٣) .

__________________

(١) رواه البخاري (١٢٩٦ و ٢٧٤٢ و ٣٩٣٦) ، والموطأ (٢ / ٧٦٣) ، ومسلم (١٦٢٨) ، والترمذي (٩٧٥) ، وأبو داود (٢٨٦٤).

(٢) رواه مسلم (١٦٢٨ و ٥).

(٣) انظر شرح الحديث لفؤاد عبد الباقي (١٦٢٨) في فاتحته. فإنه شرحه شرحا وافيا.

١٠١

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الأحباس

في الواضحة عن الواقدي عن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : سألنا عن أول حبس حبس في الإسلام فقال قائل : أحباس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو قول الأنصار(١) . وقال المهاجرون : حبس عمر بن الخطاب أول حبس كان في الإسلام ، وذلك أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما قدم المدينة وجد أرضا واسعة : لزهرة ، وأهل رايج ، وحسيكة(٢) ، وقد كانوا جلوا عن المدينة قبل مقدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم بيسير ، ومنهم من انجلى عن أرضه بعد مقدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وتركوا أرضا واسعة فيها براح ، ومنها رديء لا تسقى يقال له : الخشاشير. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أعطى عمر بعضها : ثمغ(٣) ، ثم اشترى عمر بن الخطاب ـرضي‌الله‌عنه ـ إلى ما أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من قوم يهود ، فكان مالا معجبا فقال عمر : يا رسول الله إن مالي مال معجب ، وأنا أحبه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حبّس أصله ، وسبّل ثمرته». ففعل عمر(٤) .

مطرف عن العمري عن نافع عن ابن عمر قال : ثمغ أول صدقة تصدق بها في الإسلام وأن عمر يوم أراد أن يتصدق بها قال : أشر عليّ يا رسول الله في صدقتي كيف أصنع فيها؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «حبّس أصلها ، وسبل ثمرتها»(٥) .

وعن المسور بن رفاعة عن محمد بن كعب القرظي قال : أول صدقة كانت في الإسلام صدقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأمواله الموقوفة. قال : فقلت : فإن الناس يقولون صدقة عمر. قال : قتل مخيريق بأحد على رأس اثنين وعشرين شهرا من مهاجرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأوصى إن أصبت فأموالي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يضعها حيث أراه الله ، فتصدق بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم صدقة حبس ، وهي : سبعة حوائط. وإنما تصدق عمر بثمغ بعد ما رجع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم من خيبر سنة سبع من الهجرة ، وكانت خيبر سنة ست(٦) .

وقال الزهري : صدقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم الحوائط السبعة من أموال بني النضير بعد أن رجع رسول

__________________

(١) الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي ـ متروك مع سعة علمه. كما قال الحافظ في التقريب. وحصين ابن عبد الرحمن ضعفه أحمد وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين فكأن روايته عن الصحابة مرسلة.

(٢) حسيكة : موضع في المدينة كان بها يهود من يهودها.

(٣) ثمغ : مال كان لعمر بن الخطاب فوقفه رضي‌الله‌عنه.

(٤) رواه النسائي (٦ / ٢٣٠) ، وابن ماجه (٢٣٩٧) ، والبيهقي (٦ / ١٦٢) من حديث عمر رضي‌الله‌عنه. وإسناده صحيح.

(٥) رواه أحمد (٢ / ١٥٦ و ١٥٧) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما . وهو حديث صحيح.

(٦) رواه ابن سعد (١ / ٣٨٨) ذكر صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وابن كثير (٣ / ٢٣٧) من كلام محمد بن كعب القرظي موقوفا عليه.

١٠٢

اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أحد ففرق أموال مخيريق(١) . وعن محمد بن سهل بن أبي جثامة قال : كانت صدقات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أموال بني النضير وهي الحوائط السبعة : الأعراف ، والصافية ، والدلال ، والمثبت ، وبرقة ، وحسني ، ومشربة أم إبراهيم ، وإنما سميت : مشربة أم إبراهيم لأنها كانت تسكنها. وكان ذلك المال لسلام بن مشكم النضري(٢) .

وقال الواقدي : لم يختلف أنها سبعة حوائط وأن هذه أسماؤها.

وفي النسائي عن قتيبة بن سعيد ، عن أبي الأخوص ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن الحارث قال : ما ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة إلا بغلته الشهباء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضا جعلها في سبيل اللهعزوجل (٣) .

وقال قتيبة بن سعيد في المسند الكبير للنسائي مرة أخرى : صدقة(٤) . وكذلك ذكر النسائي أن صدقة عمر كانت من الأرض التي أصاب بخيبر. وقال في صدقة لا يباع أصلها ولا توهب ولا تورث ، وهي للفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف وابن السبيل ، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ، ويطعم ضيفا نزل به أو صديقا غير متمول فيه(٥) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الصدقة والهبة والثواب عليها والعمرى

في موطأ مالك : أنه بلغه أن رجلا من الأنصار من بني الحارث بن الخزرج تصدق على أبويه بصدقة ، فهلكا ، فورث ابنهما المال ، وهو : نخل. فسأل عن ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «قد أجرت في صدقتك ، وخذها بميراثك»(٦) .

وفي كتاب أقضية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : من مصنف ابن أبي شيبة ، عن جابر قال : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في امرأة من الأنصار أعطاها ابنها حديقة من نخل فماتت ، فقال ابنها : إنما أعطيتها حياتها وله أخوة ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هي لها حياتها وموتها» قال : فإني كنت تصدقت بها عليها. قال : «فذلك أبعد لك»(٧) .

__________________

(١) رواه ابن سعد (١ / ٣٨٨) وقال : أخبرنا محمد بن عمر. حدثني الضحاك بن عثمان من الزهري قال : هذه الحوائط السبعة من أموال بني النضير.

(٢) رواه ابن سعد (١ / ٣٨٨) وقال : أخبرنا محمد بن عمر حدثني موسى بن عمر الحارثي ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة قال : كانت صدقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من أموال بني النضير. وهي سبعة. وذكرها.

(٣) رواه النسائي (٦ / ٢٢٩) من حديث عمرو بن الحارث الخزاعيرضي‌الله‌عنه وإسناده صحيح.

(٤) رواه النسائي (٦ / ٢٢٩) و (٣٥٩٤). من كلام قتيبة بن سعيدرحمه‌الله .

(٥) رواه النسائي (٦ / ٢٣٠) و (٣٥٩٩) عن عمررضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٦) رواه مالك (٣٠٠١) باب صدقة الحي عن الميت. بلاغا.

(٧) رواه ابن أبي شيبة (١٠ / ١٨٣) ، وأبو داود (٣٥٥٧) ، والبيهقي (٦ / ١٧٤) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

١٠٣

وفي الموطأ والبخاري ومسلم عن النعمان بن بشير : أن أباه أتى به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يشهده على عبد وهبه له ، فقال : يا رسول الله إني نحلت ابني غلاما كان لي. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أكلّ ولدك» وفي حديث يونس ومعمر «أكل بنيك» ـ ذكره مسلم ـ «نحلته مثل هذا؟». قال : لا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فارتجعه»(١) .

وفي كتاب مسلم : «اتقوا الله ، واعدلوا في أولادكم»(٢) . وكانت أم النعمان : عمرة ابنة رواحة قالت لبشير : أشهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على هبتك ، وكان قد لواها سنة ، ثم وهبه لها فقالت : لا أرضى حتى تشهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا أشهد على جور»(٣) . وهذا أصل في حيازة الأب لابنه الصغير ، وأما إذا وهب أو تصدق على ابنه الكبير ، أو على أجنبي فلا بد من قبض الموهوب له أو التصدق عليه. والأصل في ذلك قول أبي بكر الصديق لعائشة : لو كنت حزتيه كان لك ، وإنما هو اليوم مال وارث(٤) . وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزلت ألهاكم التكاثر قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يقول ابن آدم : مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت»(٥) ، فقد شرط رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الصدقة الإمضاء. والإمضاء هو : الإقباض كالعارية والسلف لا يتم ذلك إلا بالقبض وكالوصية لا تتم إلا بموت الموصي.

وفي مصنف عبد الرزاق عن طاوس قال : وهب رجل هبة للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأثابه ، فلم يرض فزاده قال : لا أحسبه قال ذلك إلا ثلاث مرات ، فلم يرض فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لقد هممت ألّا أقبل هبة» وربما قال معمر : «ألّا أقبل إلا من قرشي ، وأنصاري ، أو ثقفي»(٦) . وفي حديث أبي هريرة «أو دوسي»(٧) .

وفي الدلائل للأصيلي أهدي لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لقحة ، فأثابه بست بكرات فلم يرض ، وذكر الحديث في البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف ، عن عبد الله بن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس بن مالك قال : لما قدم المهاجرون المدينة من مكة وليس بأيديهم شيء ،

__________________

(١) رواه البخاري (٢٥٨٦) ، ومالك (٢ / ٧٥١ و ٧٥٢) ، ومسلم (١٦٢٣ و ٩) ، والنسائي (٦ / ٢٥٨) من حديث النعمان بن بشيررضي‌الله‌عنه .

(٢) رواه مسلم (١٦٢٣ و ١٣) من حديث النعمانرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه البخاري (٢٦٥٠) ، ومسلم (١٦٢٣ و ١٤) من حديث النعمانرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه عبد الرزاق (١٦٥٠٧) ، والبيهقي (٦ / ١٧٠) وإسناده صحيح.

(٥) رواه مسلم (٢٩٥٨) ، والترمذي (٢٣٤٢) ، وابن حبان (٧٠١) من حديث عبد الله بن الشخيررضي‌الله‌عنه .

(٦) رواه عبد الرزاق (١٦٥٢١) عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه فذكره مرسلا.

(٧) رواه أحمد (٢ / ٢٩٢) ، والترمذي (٣٩٤٥) ، والبخاري (٥٩٦) ، وأبو داود (٣٥٣٧) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه . وإسناده حسن.

١٠٤

وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم ثمار أموالهم كلّ عام ويكفوهم العمل والمؤنة ، وكانت أمه أمّ أنس بن مالك أم سليم وكانت أم عبد الله بن أبي طلحة ، فكانت أعطت أم أنس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عذاقا فأعطاهنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أم أيمن مولاته أم أسامة بن زيد.

قال ابن شهاب : فأخبرني أنس بن مالك : أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما فرغ من قتال أهل خيبر ، وانصرف إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم ، فردّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أمه يعني أم أنس بن مالك عذاقها وأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أم أيمن مكانهن من حائطه رواه مسلم أيضا ، وزاد أنه أعطاها عشرة أمثاله أو قريبا من عشرة أمثاله(١) .

قال ابن شهاب : وكان من شأن أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد ما توفي أبوه ، فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعتقها ، ثم أنكحها زيد بن حارثة ، ثم توفيت بعد ما توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بخمسة أشهر.

قال الواقدي : واسمها بركة ولم يرو هذا الحديث عن الزهري أحد إلا يونس. وقع هذا في طرة كتاب الأصيلي في الموطأ : عن جابر بن عبد الله أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أيما رجل أعمر عمرى(٢) له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها أبدا لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث»(٣) .

وفي كتاب مسلم عن جابر من رواية يحيى ، عن مالك ، ولم يذكر أبدا.

وفيه عن يحيى ومحمد وصح عن الليث ، عن ابن سهل ، عن أبي سلمة ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «من أعمر رجلا عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها ، وهي لمن أعمر وعقبه»(٤) .

وفي حديث آخر عن إسحاق بن إبراهيم ، وعبد بن حميد ، واللفظ لعبد قالا : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، قال : إنما العمرى التي أجازها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن تقول هي لك ولعقبك ، فأما إذا قال : هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها(٥) .

__________________

(١) رواه البخاري (٢٦٣٠) ، ومسلم (١٧٧١) من حديث أنسرضي‌الله‌عنه .

(٢) عمرى : يقال أعمرته دارا أو أرضا ، إذا أعطيته إياها وقلت له : هي لك عمري أو عمرك : فإذا مات رجعت إليه.

(٣) رواه مالك (٢ / ٧٥٦) و (٢٩٥٣) من حديث جابررضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٤) رواه مسلم (١٦٢٥ و ٢١) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

(٥) رواه مسلم (١٦٢٥ و ٢٣) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

١٠٥

قال معمر : وكان الزهري يفتي به ، وروى أبو سلمة عن جابر قال : «قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيمن أعمر عمرى له ولعقبه فهى له بتلة(١) لا يجوز للمعطى فيها شرط ولا ثنيا». قال أبو سلمة : لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث ، فقطعت المواريث شرطه(٢) .

وفي حديث آخر عن جابر قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «العمرى لمن وهبت له»(٣) . قال ابن أبي زيد : ومعنى قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا ترجع إلى الذي أعطاها» إنما ذلك ما بقي أحد من عقب المعمر ، فإذا انقرضوا رجعت العمرى إلى صاحبها.

وقولهعليه‌السلام : «فإنها للذي يعطاها» يعني : النفع ، لا الأصل ، ودل ذلك أنه ليس كوارث الأصل أن الزوجة لا تدخل فيه ، ولا من ليس من العقب المعروف ، وعمرتك إنما هو مأخوذ من العمر ، ولا فرق بين أجل مضروب وعمر مشترط. وبهذا جرى العمل بالمدينة ، وبه أخذ مالك انتهى قول ابن أبي زيد.

وتأوّل الشافعي وغيره الحديث المذكور أن العمرى إذا كانت للمعمر ولعقبه أنها لا ترجع إلى المعمر وإن انقرض المعمر وعقبه وليس ذلك في الحديث مكتوبا.

وقد روي عن أبي حنيفة والشافعي وسفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل : أن العمرى كالهبة ، وهي ملك لمن أعمرها كانت معقبة أو لم تكن شرط المعمّر أن ترجع إليه أو لم يشترط ، وشرطه باطل لا ترجع إليه أبدا ويبيعها المعمّر إن شاء كسائر ماله.

فصح في العمرى ثلاثة أقوال : قول أبي حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، ومن ذكر معهم. كما قضى طارق بشهادة جابر والثالث من فرق بين المعقبة وحياة المعمر خاصة فقال في المعقبة : لا ترجع أبدا إلى المعمر ، وإذا لم تكن معقبة ترجع إليه إذا مات المعمر ، واللهعزوجل أعلم بما أراد نبيهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، إلا أن في كتاب مسلم عن جابر أيضا قال : أعمرت امرأة بالمدينة حائطا لها ابنا لها ثم توفّي وتوفيت بعده ، وتركت ولدا ، وله أخوة بنون للمعمرة ، فقال ولد المعمرة : رجع الحائط إلينا ، وقال بنو المعمر : بل كان لأبينا حياته وبعد موته ، فاختصموا إلى طارق ـ مولى عثمان ـ فدعا جابرا فشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه حكم بالعمرى لصاحبها ، فقضى بذلك طارق ، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره ذلك ، وأخبره بشهادة جابر ، فقال عبد الملك : صدق جابر فأمضى ذلك طارق. وإن ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم. وليس في هذا الحديث أنها أعمرت ابنها وعقبه كما وقع في الأحاديث المتقدمة(٤) .

__________________

(١) بتلة : أي عطية ماضية غير راجعة إلى الواهب.

(٢) رواه مسلم (١٦٢٥ و ٢٤) ، والنسائي (٦ / ٢٧٦) و (٢٧٤٧) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه مسلم (١٦٢٥ و ٢٥) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه مسلم (١٦٢٥ و ٢٨) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

١٠٦

وقد تقدم عن جابر أنه قال : إذا قال هي لك ما عشت فإنما ترجع إلى صاحبها الذي أعمرها.

وفي رواية مسدد عن يحيى عن سفيان عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمي عن جابر : أن رجلا من الأنصار أعطى أمه حديقة له حياتها فماتت ، وذكر الحديث كما ذكره مسلم وهذا يقوي مذهب مالك(١) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في المشبهات

في الموطأ والبخاري ومسلم عن عائشة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنها قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقاص : أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك. قالت : فلما كان عام الفتح أخذه سعد وقال : ابن أخي ـ قد كان عهد إليّ فيه ـ فقام عبد بن زمعة وقال : أخي وابن وليدة أبي ، ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال سعد : يا رسول الله ابن أخي ، وقد كان عهد إليّ فيه. وقال عبد بن زمعة : أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هو لك يا عبد بن زمعة» ، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لسودة بنت زمعة : «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص ، قالت : فما رآها حتى لقي اللهعزوجل (٢) . وكانت سودة زوج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يذكر مالك هذا في الموطأ.

في هذا الحديث من الفقه : إنفاذ وصية الكافر لأن عتبة مات كافرا ، وذلك أنه هو الذي. كسر رباعيتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في يوم أحد ، فدعا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا يحول عليه الحول حتى يموت كافرا ، فما حال عليه الحول حتى مات كافرا. ذكره عبد الرزاق في مصنفه ، وكذلك ذكر ابن أبي حثمة : أنه مات كافرا.

وفيه : استلحاق الأخ ، وفي ذلك اختلاف ولا خلاف في استلحاق الابن وفيه حجة المالك في الحكم بقطع الذرايع لأن قطع الذرايع أن يمنع من المباح لئلا يوقع في الحرام ، ومثل قول اللهعزوجل :( وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَ ) [النّور : الآية ٣١]. ومثل نهيه تعالى المؤمنين أن يقولوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «راعنا» ، وهم لا يريدون الإذاية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنهاهم الله عن ذلك بسبب قول اليهود للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : راعنا يريدون بذلك : يا أرعن.

ومثل هذا نهى الله أهل السبت عن الصيد فيه ، فأخذ بعضهم حيتانا في غير السبت فجعل كصيدهم في السبت وعذبوا على ذلك.

__________________

(١) رواه أبو داود (٣٥٥٧) من حديث جابررضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٢) رواه البخاري (٢٠٥٣) ، ومسلم (١٤٥٧) ، والموطأ (٢ / ٧٣٩) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

١٠٧

فكذلك حكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لسودة : أن ابن زمعة أخوها إذ ولد على فراش أبيها ، وجعله أجنبيا في أن لا يراها فحكم بحكمين : حكم في الظاهر ، وحكم في الباطن ، واتبع الشافعي في ذلك إبطال الحكم بقطع الذرايع ، وأن يكون حكما واحدا حتى قال : إن للرجل أن يمنع زوجته من رؤية أخيها. وأن قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «احتجبي عنه» إنما هو على وجه التنزه والاختيار ، وهذا خلاف لما أمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عائشة في أفلج أخي ابن القعيس ، إذ قال لها : «إنه عمّك فليلج عليك»(١) ، وكان عمها من الرضاعة ، فكيف أن يمنع المرأة من رؤية أخيها.

وأدخل البخاري هذا الحديث في باب تفسير المشبهات مع الحديث : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(٢) . وهو أيضا يقوي مذهب مالك ، ويخالف قول الشافعي.

وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وللعاهر الحجر» يعني : نفي الولد عن الزاني ، وأنه لا شيء له فيه ، ولا ينسب إليه. كقول العرب : بفمك الحجر. أي : لا شيء لك.

وقال الداودي : للعاهر الحجر : يعني الرجم للزاني المحصن ، ومذهب الشافعي أن الحرام لا يحرّم الحلال ، وكذلك قال : إن أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لسودة بالاحتجاب تنزه واختيار ، ومذهب أبي حنيفة أن الزنا يحرم ـ واختلف في ذلك قول مالك ـ فمرة قال : إن الحرام لا يحرّم الحلال ، ومرة قال : إنه يحرّم ، والأغلب من مذهبه ومذهب أصحابه أنه لا يحرّم.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في العتق والوصية بالقرعة وحكم

ذات الزوج والتدبير وأمهات الأولاد والكتابة

في مصنف عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال : شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقضي بالدين قبل الوصية ، وأنتم تقولون : من بعد وصية يوصي بها أو دين(٣) .

ولا خلاف بين العلماء أن الدين قبل الوصية.

في الموطأ وغيره عن الحسن ، وعن محمد بن سيرين : أن رجلا في زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعتق عبيدا له ستة عند موته ، فأسهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك العبيد(٤) .

__________________

(١) رواه البخاري (٥٢٣٩) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

(٢) رواه أحمد (١ / ٢٠٠) ، والترمذي (٢٥١٨) ، والنسائي (٨ / ٣٢٧) ، وابن حبان (٧٢٢) من حديث الحسن ابن عليرضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٣) رواه عبد الرزاق (١٩٠٣) ، وأحمد (١ / ٧٩) ، والترمذي (٢٠٩٥) ، وأبو يعلى (٣٠٠) وإسناده حسن من حديث عليرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه مالك (٢ / ٧٧٤) و (٢٧٢٠) وهو حديث مرسل. ورجاله ثقات ووصله مسلم (١٦٦٨) ، والترمذي (١٣٦٤) من حديث عمران بن الحصينرضي‌الله‌عنه .

١٠٨

قال مالك : وقد بلغني أنه لم يكن لذلك الرجل مال غيرهم. وهذا الحديث مسند في غير الموطأ عن الحسن وابن سيرين عن عمران بن حصين ، وقال فيه : فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من ذلك وقال : «لقد هممت ألّا أصلي عليه».

وفي مصنف عبد الرزاق فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو أدركته ما دفن مع المسلمين» ، فأقرع بينهم فأعتق اثنين ، واسترقّ أربعة(١) .

وفي حديث آخر : أنّ امرأة من الأنصار أعتقت ستة أعبد ، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بستة أقداح ، فأقرع بينهم ، فأعتق اثنين(٢) .

وفي غير المصنف أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم جزأهم ثلاثة أجزاء اعتق اثنين ، وأرقّ أربعة(٣) .

قال إسماعيل : وهذا يدل أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قوّمهم. وقال سليمان بن موسى : لم يبلغني أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قوّمهم فإن صح قول سليمان فمعناه أن قيمتهم كانت سواء وإلا فلا بد من التقويم لئلا يزاد على الثلث. ويسند أيضا الحديث الأول عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة في كتاب مسلم عن عمران بن حصين.

في هذا الحديث من الفقه : إنفاذ الوصية بالثلث ، وفيه العتق بالقرعة ، وفيه أن من عال على الثلث صرف إلى الثلث. وفيه أن بتل العتق في المرض كالوصية ، وفيه أن الحاكم يقوّم بنفسه ما كان بحضرته ولا يوليه غيره.

وفيه : أن يحكم بين الرجل وعبده فيما يدعو إليه العبد من حقوقه على سيده.

وفيه إجازة الوصية بالثلث لغير القرابة ، بخلاف ما روي عن طاوس وغيره : أن من أوصى لغير قرابته ولم يوص لهم لم تبطل وصيته. وقالت طائفة : من أوصى لغير قرابته أعطي ثلث الوصية لقرابته.

في مصنف عبد الرزاق عن عكرمة : «قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن لا وصية لوارث ، ولا يجوز لامرأة في مالها شيء إلا بأذن زوجها»(٤) .

__________________

(١) رواه عبد الرزاق (١٦٧٤٩) ، والبيهقي (١٠ / ٢٨٦) من حديث عمران بن الحصينرضي‌الله‌عنه وهو حديث صحيح.

(٢) رواه عبد الرزاق (١٦٧٥١) ، والبيهقي (١٠ / ٢٨٦) عن ابن جريج. قال : أخبرني قيس بن سعد أنه سمع مكحولا يقول : سمعت ابن المسيب يقول : اعتقت امرأة أو رجل ستة أعبد لها عند الموت لم يكن لها مال غيرهم فأتي في ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأقرع بينهم فأعتق اثنين.

(٣) رواه النسائي (٤ / ٦٤) من حديث عمران بن الحصينرضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

(٤) رواه عبد الرزاق (١٦٦٠٨) من حديث عكرمةرضي‌الله‌عنه . وفيه جهالة الرجل الراوي عن عكرمةرضي‌الله‌عنه . بلفظ : (قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ليس لذات زوج وصية في مالها شيئا إلا بإذن زوجها).

١٠٩

وفي رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه باع مدبرا لرجل. وفي حديث آخر لمسلم : لم يكن له مال غيره.

وفي كتاب ابن شعبان عن جابر قال : أعتق رجل من الأنصار غلاما له عن دبر وكان محتاجا وكان عليه دين ، فباعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بثمانمائة درهم ، فأعطاه وقال : «اقض دينك وأنفق على عيالك»(١) .

وتأول مالك وغيره أن الحديث الأول هو أصح. إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه باع المدبر بعد موت الذي دبّره أو في حياته لدين عليه قبل التدبير.

قال ابن أبي زيد : حديث جابر يدل على أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم إنما باع المدبر في دين لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم دعا به ، فقال : «من يشتره؟» فلما بطل أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لم يبعه لغير معنى لم يبق إلا أنه حكم وأنه لينفذ ما لزم.

وقد روي عن جابر أنه قال : لم يكن له مال غيره ، فمات. فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من يشتره؟» واختلف فيه. عن جابر فروي أنه أعتق رجل ، وروي أنه دبر.

وفي مختصر ابن أبي زيد : روى الخدري أنهم لما أصابوا سبيا يوم أوطاس قالوا : يا رسول الله ما ترى في العزل فإنا نحب الثمن. دليل أنها إذا ولدت بطل الثمن. وهذا دليل بيّن مع ما روي أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال في أم إبراهيم : «أعتقها ولدها»(٢) .

وفي الواضحة عن ابن المسيب : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر بعتق أمهات الأولاد وقال : «لا يجعلن في وصية ، ولا دين». قال مسلم : قلت لسعيد بن المسيب : كيف كان رأي عمر في عتق أمهات الأولاد؟ قال : ليس عمر أعتقهن ، وإنما أمر بعتقهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، «وأن لا يخرجن في ثلث ، ولا يبعن في دين»(٣) .

وفي كتاب رجال الموطأ للبرقي عن سعيد بن عبد العزيز : أن مارية أم إبراهيم اعتدت ثلاثة أشهر. قال البرقي : وتوفيت سنة ست عشرة. وفي الحديث الثابت : أن بريرة دخلت على عائشة تستعينها شيئا. وفي حديث آخر في البخاري : جاءت تستعينها وعليها خمس أواق نجّمت في خمس سنين(٤) . وجميع الأحاديث عن عروة عن عائشة إلا حديثا واحدا عن عمرة عن عائشة.

__________________

(١) رواه أحمد (٣ / ٣٠٥) ، وأبو داود (٣٩٥٧) ، والنسائي (٧ / ٣٠٤) ، والطحاوي في مشكل الآثار (٤٩٣٢) وانظر طرقه هناك.

(٢) رواه ابن ماجه (٢٥١٦) ، والبيهقي (١٠ / ٣٤٦) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما وإسناده ضعيف.

(٣) رواه البيهقي (١٠ / ٣٤٤) وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال الحافظ في التقريب : ضعيف في حفظه. وهو رجل صالح.

(٤) رواه البخاري (٢٥٦٠) في العتق من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

١١٠

وفي الموطأ والبخاري فقالت عائشة : إن أحبّ أهلك أن أعدّها لهم ويكون لي ولاؤك فعلت. فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت ذلك لهم ، فأبوا عليها ، فجاءت من عند أهلها ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قاعد فقالت لعائشة : إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا على أن يكون الولاء لهم. فسمع ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إذ أخبرته عائشة فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خذيها واشترطي لهم الولاء ، فإنما الولاء لمن أعتق» ، ففعلت عائشة ، ثم قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «أما بعد : فما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله! كلّ شرط ليس في كتاب الله ـ وفي حديث آخر في الموطأ : ما كان من شرط ليس في كتاب الله ـ فهو باطل ، وإن كان مائة شرط. قضاء الله أحق وشرط الله أوثق ، وإنما الولاء لمن أعتق»(١) .

معنى قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كل شرط ليس في كتاب الله» أي : خالف كتاب الله ، ومعنى قوله لعائشة : «اشترطي لهم الولاء» أي : اشترطي عليهم الولاء. قال اللهعزوجل :( أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) [الرّعد : الآية ٢٥]. أي عليهم.

وقد تقدم ما فيه من السنن في الأمة تعتق تحت زوج في كتاب الطلاق وإنما اشترتها عائشة بعد أن عجزت عن كتابتها. قاله مطرف وغيره.

وفي كتاب ابن شعبان : أول مكاتب في الإسلام كان سلمان الفارسي كاتب أهله على مائة ودية(٢) نجّمها لهم فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إذا غرستها فاذنّي» ، فلما غرسها آذنه ، فدعا له فيها فلم تمت منها ودية واحدة(٣) . وقد قيل إن أول مكاتب في الإسلام كان يكنى : أبا مؤمّل ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أعينوا أبا مؤمل» فأعين فقضى كتابته ، وفضلت عنده فضلة فاستفتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أنفقها في سبيل الله».

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في عتق من مثّل به أو لطم وجهه

في المدوّنة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : كان لزنباغ عبد يسمى : سندرا ، أو ابن سندر ، فوجده يقبّل جارية له فأخذه وجدع أذنه وأنفه ، فأتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأرسل إلى زنباغ فقال : «لا تحملوهم ما لا يطيقون ، وأطعموهم مما تأكلون ، واكسوهم مما تلبسون ، وما

__________________

(١) رواه البخاري (٢١٦٨) عن ابن المسيب ، ومسلم (١٥٠٤) ، والموطأ (٢ / ٧٨٠) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

(٢) رواه الحاكم (٢ / ١٦) وصححه ووافقه الذهبي من حديث بريدةرضي‌الله‌عنه . ورواه أحمد في المسند (٥ / ٣٥٤) والبزار رقم (٢٦ ٢٧). وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٣٣٧) وقال : رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح.

(٣) الودية «غصن» يخرج من النخل ثم يقطع منه فيغرس.

١١١

كرهتم فبيعوا ، وما رضيتم فأمسكوا ، ولا تعذبوا خلق الله». ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مثّل به ، أو أحرق بالنار فهو حر ، وهو مولى لله ورسوله». فأعتقه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فقال : يا رسول الله أوص بي فقال : «أوصي بك كل مسلم»(١) .

وفي كتاب مسلم عن سويد بن مقرن : أن جارية له لطمها إنسان ، فقال له سويد : أما علمت أن الصورة محرّمة ، لقد رأيتني وإني لسابع أخوة لي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وما لنا غير خادم واحد ، فعمد أحدنا فلطمه فأمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن نعتقه. وذكر الحديث(٢) .

وزاد في حديث آخر : أنهم قالوا : يا رسول الله ليس لنا غيره ، قال : «استخدموه فإذا استمتعتم به فخلوا سبيله»(٣) ، وقال عبد الله ابن عمر : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من ضرب غلاما له حدا لم يأته ، أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه»(٤) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في اللقطة

في الموطأ والبخاري ومسلم : أن رجلا جاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فسأله عن اللقطة فقال : «اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرّفها سنة ، فإن جاء صاحبها ، وإلا فشأنك بها». قال فضالة : والغنم؟ قال : «لك أو لأخيك أو للذئب» ، وفي غير الكتب «فردّ على أخيك ضالته». قال فضالة : الإبل ، قال في البخاري ومسلم : فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى احمرت وجنتاه ، أو احمر وجهه. وفي حديث : فتغير وجهه وقال : «ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ، ترد الماء ، وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها»(٥) . ذكر ابن عبد البر هذه الزيادة من غير رواية مالك : «فردّ على أخيك ضالته». قال الطحاوي : ولم يوافق مالكا أحد من العلماء على قوله في الشاة الضالة إن أكلها لم يضمنها إذا وجدها في موضع مخوف. قال : واحتجاجه بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هي لك أو لأخيك أو للذئب» لا معنى له ، لأن قوله لك لم يرد به التمليك لأن الذئب يأكلها على ملك صاحبها.

وفي البخاري ومسلم عن سويد بن غفلة قال : لقيت أبيّ بن كعب فقال : وجدت صرّة فيها مائة دينار فأتيت بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال «عرّفها حولا» ، فعرّفتها فلم أجد من يعرفها ، ثم أتيته بها فقال : «احفظ وعاءها وعددها ووكاءها ، فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها» ، فاستمتعت بها

__________________

(١) رواه ابن سعد (٧ / ٣٥٠) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدهرضي‌الله‌عنهم . وهو حديث حسن.

(٢) رواه مسلم (١٦٥٨ و ٣٣) من حديث سويد بن مقرّنرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه مسلم (١٦٥٨ و ٣١) من حديث سويد بن مقرّنرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه مسلم (١٦٥٧) في الإيمان من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٥) رواه البخاري (٩١ و ٢٤٢٧ و ٢٤٢٨) ، ومسلم (١٧٣٢) ، والموطأ (٢ / ٧٥٧) من حديث زيد بن خالد الجهني.

١١٢

فلقيته بعد بمكة فقال : لا أدري بعد ثلاثة أحوال أو حولا واحدا(١) . وفي البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : لما فتح الله على رسوله مكة قام في الناس خطيبا : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : «إن الله حبس عن مكة الفيل ـ هكذا في البخاري في رواية الأصيلي ـ وفي رواية القابسي : القتل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد قبلي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، ولا ينفّر صيدها ، ولا يعضد شجرها». وفي حديث آخر : «ولا يعضد عضاهها». وفي آخر : «لا يختلى شوكها ، ولا تحلّ لقطتها». وفي آخر : «لا تحل ساقطتها إلا لمنشد». وفي آخر : «إلا لمعرّف ، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقيد» ، فقال العباس : إلا الإذخر فإنه لقبورنا وصاغتنا(٢) .

وفي حديث أبي هريرة لقبورنا وبيوتنا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إلا الإذخر» ، فقام أبو شاه رجل من أهل اليمن فقال : أكتب لي يا رسول الله. قال : فكتب له هذه الخطبة التي سمعها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

فيمن قال حائطي صدقة في سبيل الله إنه على الأقارب

وتوقيف مال الغائب والتوكيل على القسمة

في الموطأ والبخاري ومسلم عن أنس قال : كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا من نخل ، وكان أحب أمواله إليه : بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيّب. قال أنس : فلما نزلت هذه الآية :( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) [آل عمران : الآية ٩٢]. قام أبو طلحة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله إن الله يقول في كتابه( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) [آل عمران : الآية ٩٢]. وإن أحب أموالي إلى بيرحاء ، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث شئت. قال : فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بخ ذلك مال رابح ـ ويروى رابح ـ ذلك مال رائح قد سمعت ما قلت فيها وإني أرى أن تجعلها في الأقربين». فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه(٤) . وفي حديث آخر للبخاري : «اجعلها لفقراء قرابتك». قال أنس : فجعلها لحسّان بن

__________________

(١) رواه البخاري (٢٤٢٦ و ٢٤٣٧) ، ومسلم (١٧٢٣) ، وأبو داود (١٧١٠) من حديث سويد بن غفلةرضي‌الله‌عنه .

(٢) رواه البخاري (١١٢ و ٢٤٣٤) ، ومسلم (١٣٥٥) ، وأبو داود (٢٠١٧) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه البخاري (٢٤٣٤) ، ومسلم (١٣٥٥ (٤٤٧) ، والترمذي رقم (١٤٠٥).

(٤) رواه البخاري (١٤٦١ و ٢٣١٨) ، ومسلم (٩٩٨) ، والموطأ (٢ / ٩٩٥ و ٩٩٦) ، وأبو داود (١٦٨٩) من حديث أنسرضي‌الله‌عنه .

١١٣

ثابت ، وأبيّ بن كعب ، وكانا أقرب إليه مني(١) .

وفيه من الفقه أن من قال داري صدقة ولم يبين : للفقراء أو غيرهم فهو جائز ويضعها في الأقربين أو حيث أراد. وقال بعضهم : لا يجوز حتى يبيّن لمن ، والأول أصح.

وفيه إذا تصدق بأرض ولم يبيّن الحد فهي جائزة إذا كانت مشهورة وهذا كله في البخاري.

في موطأ مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال : أخبرني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عمر بن طلحة عن عبيد الله بن عمير بن سلمة الضمري عن البهزي واسمه زيد بن كعب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج يريد مكة وهو محرم حتى إذا كان بالروحاء إذا حمار وحشي عقير ، فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «دعوه فإنه يوشك أن يأتي صاحبه» ، فجاء البهزي ـ وهو صاحبه ـ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شأنكم بهذا الحمار. فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أبا بكر فقسمه بين الرفاق ثم مضى حتى إذا كان بالإثابة بين الرويبة والعرج إذا ظبي واقف في ظل وفيه سهم فزعم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أمر رجلا يقف عنده لا يريبه أحد من الناس حتى يجاوزه(٢) . فيه من الفقه : إباحة أكل الصيد للمحرم إذا لم يصدّ من أجله وهبة المشاع ، بخلاف قول أبي حنيفة ، وابن أبي ليلى ، وفضل أبي بكر ـرضي‌الله‌عنه ـ على جميع الصحابة ، وحرز مال الغائب والتوكيل على القسمة ، وقبول الإمام الهدية.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الودائع والأمانات

في أحكام ابن زياد أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ليس على أمين غرم»(٣) . وقال أهل العلم : إلا أن يعدي. وفي غير الأحكام : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «على كل يد رد ما قبضت»(٤) ، وتأول ذلك بعض العلماء : أن الأمانة تضمن لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم على كل يد قيم ، ولقول اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) [النّساء : الآية ٥٨].

وذكر ابن سلام وغيره : أن هذه الآية نزلت في ولاية الكعبة إذ طلب العباس من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم

__________________

(١) رواه البخاري معلقا باب رقم (١٠) باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه ، ومن الأقارب بعد رقم (٢٧٥١) في الوصايا. وقد قال الحافظ في الفتح : وقد أخرجه ابن خزيمة ، والطحاوي جميعا عن أبي مرزوق. وأبو نعيم في (المستخرج) من طريقه والبيهقي من طريق أبي حاتم الرازي كلاهما عن الأنصاري بتمامه.

(٢) رواه مالك في الموطأ (١١٣٩) ، والنسائي (٥ / ١٨٢ و ١٨٣) و (٧ / ٢٠٥) وإسناده صحيح. قال الحافظ في الفتح (٤ / ٢٨) : أخرجه مالك وأصحاب السنن. وصححه ابن خزيمة وغيره.

(٣) لم نجده بهذا اللفظ.

(٤) رواه أبو داود (٣٥٦١) ، والترمذي (١٢٦٦). من حديث الحسن عن سمرة. والحسن مختلف في سماعه من سمرة. وقال الترمذي : هذا حديث حسن بلفظ (على اليد ما أخذت حتى تؤديه).

١١٤

مفتاح الكعبة ، فأنزل اللهعزوجل :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) [النّساء : الآية ٥٨] ، فدفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة. وفي حديث آخر : إلى شيبة بن عثمان ، والقول الأول قول مالك وهو أشهر.

وروي أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم نادى : «أين عثمان؟» فتطاول له عثمان بن عفان فقال : «أين عثمان بن طلحة؟» وكان عثمان بن طلحة قصيرا فحمله رجل من بني الحضرمي فدفع إليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح ، وكان مغطى فغطاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقال : «دونكموها يا بني أبي طلحة تالدة خالدة لا يظلمكموها إلا ظالم»(١) .

وفي رواية أخرى : «إلا كافر». وكان ذلك عام حجة الوداع ، وكان طلحة والد عثمان هذا قتله علي بن أبي طالب يوم أحد مبارزة ، فصار المفتاح عند أم ولده سلافة أم عثمان بن طلحة. واختلف أبو حنيفة والشافعي ومالك في تحليف الأمين إذا ادعى التلف ، فقال أبو حنيفة والشافعي : يحلف وإن كان أمينا ، وقال مالك : لا يحلف إلا أن يكون متهما.

قال ابن المنذر في الأشراف : اليمين أصح وأحسن. وروى ابن نافع عن مالك في (المبسوط) : إذا ادعى المقارض أن المال تلف أو بعضه حلف كان متهما أو غير متهم ، وبه قال ابن المواز.

وفي الواضحة : لا يحلف إلا أن يكون متهما أو غير أمين.

وفي المبسوط في تلف الوديعة كذلك يحلف على كل حال ، وكذلك في المدونة لابن القاسم عن مالك يحلف متهما كان أو غير متهم.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في ضمان العارية التي يغلب عليها

في الموطأ عن مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلن في أرضهن ، وهن غير مهاجرات ، وأزواجهن حين أسلمن كفار ، منهن : بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية ، فأسلمت يوم الفتح ، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام ، فبعث إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن عمه وهو : وهب بن عمير برداء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أمانا لصفوان بن أمية ، ودعاه رسول الله إلى الإسلام وأن يقدم عليه فإن رضي أمرا قبله وإلا سيّره شهرين ، فلما

__________________

(١) رواه ابن ابي شيبة (١٤ / ٤٧٨). وابن كثير في التفسير باب قوله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (ج / ١ / ٥١٥) وقال ابن كثير. وقال محمد بن اسحاق في غزوة الفتح : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير بن عبد الله بن أبي ثور ، عن صفية بنت شيبة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما نزل بمكة واطمأن. وذكره. وصفية بنت شيبة ـ قال الحافظ في التقريب : لها رؤية. حدثت عن عائشة وغيرها. وفي البخاري التصريح بسماعها من النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . ومحمد بن جعفر بن الزبير قال الحافظ : ثقة.

١١٥

قدم صفوان إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بردائه ناداه على رءوس الناس فقال : يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم أنك دعوتني للقدوم عليك ، فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين. قال : فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل لك أن تسير أربعة أشهر» ، ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج قبل هوازن بحنين ، فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعير أداة وسلاحا عنده ، فقال صفوان : أطوعا أم كرها؟ قال : «بل طوعا» ، فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده.

وفي رواية يحيى : ثم رجع وهو غلط. والصواب ثم خرج ـ وكذلك سائر الرواة ـ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر وامرأته مسلمة ، ولم يفرق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت امرأته عنده بذلك النكاح ، وكان بين إسلامهما نحوا من شهر(١) .

وفي مصنف عبد الرزاق عن بعض بني صفوان بن أمية قال : استعار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان عاريتين : إحداهما بضمان والأخرى بغير ضمان(٢) .

وفي السير وغيرها ، وذكره ابن شعبان : أن العارية كانت مائة درع بما يكفيها من السلاح ، وزعموا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل. وفي كتاب النسائي : حملها على ثلاثين جملا(٣) ، وفي غير الموطأ : أن صفوان بن أمية قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما سأله السلاح : أغصبا يا محمد؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «بل عارية مؤداة»(٤) ، فأصحاب الكلام يرون العارية في ضمان المستعير حتى يؤديها إلى صاحبها وإن تلفت وعرف تلفها لم يسقط الضمان لظاهر الحديث. ومالك ـرحمه‌الله ـ وغيره أيضا يقولون : إذا قامت بينة بهلاك العارية سقط الضمان ، فإن كانت مما لا يغاب عليه : كالحيوان ، فلا ضمان عليه ، وهو مصدّق في ادعاء التلف مع يمينه ما لم يظهر كذبه.

وفي مصنف أبي داود أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «يا صفوان هل عندك من سلاح؟» قال : أعارية أم غصب؟ قال : «بل عارية» ، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين درعا ، وغزا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقد منها أدراعا ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لصفوان : «إنا فقدنا من دروعك أدراعا فهل نغرم لك» ، فقال : لا يا رسول الله لأن في قلبي اليوم ما لم

__________________

(١) رواه مالك (٢ / ٥٤٣ و ٤٤٤) بلاغا وإسناده منقطع ـ قال ابن عبد البرّ : لا أعلمه يتصل من وجه صحيح.

وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير. وابن شهاب إمام أهلها. وشهده هذا الحديث أقوى من إسناده. وقد روى بعضه مسلم.

(٢) رواه عبد الرزاق (١٤٧٨٩) وفيه جهالة الرجل. الراوي عنه معمر رحمه‌الله.

(٣) رواه النسائي (٥٧٧٦) و (٥٧٧٧) ، والدارقطني (٣ / ٣٩) من حديث يعلى بن أمية رضي‌الله‌عنه. وهو حديث صحيح.

(٤) رواه الدارقطني (٣ / ٣٩ و ٤٠) من حديث يعلى بن أمية وهو حديث حسن.

١١٦

يكن يومئذ. وقال أبو داود : وكان أعاره إياها قبل أن يسلم(١) . وفي الدلائل للأصيلي قال مالك : لا ضمان في عارية إلا ما يغاب ويخفى هلاكه فإن علم هلاكه بغير سبب المستعير فلا ضمان عليه. وقال أبو حنيفة : لا ضمان في عارية خفي هلاكها أو لم يخف. وقال الشافعي : تضمن العارية على كل حال ، وإن قيل أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «على اليد رد ما أخذت». قيل : هذا الحديث يروى عن الحسن ، عن سمرة ، والحسن عن سمرة غير حجة أيضا فإن الحسن لا يرى تضمين العارية ، فإن قيل : إن في حديث صفوان بل عارية مضمونة فيقال لهم : لو ثبت هذا اللفظ ما لزم أن تكون العارية بذلك مضمونة كما كان. زعم الشافعي أن استعارة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم من صفوان قبل إسلام صفوان فالتزم له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ضمان العارية لمكان الوفاء منه لصفوان ، ولما أعطاه من ألزمه في نفسه وما لزم به لأهل الكفر لا يستدل به في أحكام الدين.

وروى قاسم بن أصبغ عن ابن وضاح عن سحنون عن ابن قيس عن حمزة بن أبي حمزة الضبي يرفع الحديث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «من بنى في ربع قوم بإذنهم فأرادوا إخراجه فله قيمته ومن بنى في ربع قوم بغير إذنهم فليس له إلا النقض»(٢) . وتكلّم في عمرو بن قيس وحمزة الضبي.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في المواريث

في معاني القرآن للنحاس : روى جابر بن عبد الله الأنصاري : أن امرأة سعد بن الربيع أتت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : يا رسول الله إن زوجي قتل معك ، وإنما يتزوج النساء للمال. وخلّفني وخلف ابنتين وأبا وهو الربيع ، فأخذ الأب المال فدعاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «ادفع إليها الثمن وإلى البنتين : الثلثين ولك ما بقي»(٣) .

وذكر محمد بن سحنون في كتاب الفرائض من تأليفه أنها لما قالت للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : قد علمت أن النساء إنما ينكحن لأموالهن. قال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «قد يرى الله مكانهما وإن يشأ أنزل فيهما» ، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أياما ، ثم أرسل إلى امرأة سعد أن تعالي فقد أنزل الله فيك وفي ابنتيك ، فتلا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم هذه الآية :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ) [النّساء : الآية ١١]. فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الزوجة : الثمن ،

__________________

(١) رواه أبو داود (٣٥٦٣) عن أناس من آل عبد الله بن صفوان وإسناده صحيح.

(٢) رواه الدارقطني (٤ / ٢٤٣) ، والبيهقي (٦ / ٩١) ، وابن عدي (٥ / ٨) ترجمة عمر بن قيس المكي. وفي إسناده عمر بن قيس قال الدارقطني : تركه أحمد والنسائي. وقال يحيى : ليس بثقة. وقال البخاري : منكر الحديث.

(٣) ذكره النحاس في معاني القرآن. من حديث جابررضي‌الله‌عنه بدون سند ويشهد له ما بعده.

١١٧

والابنتين : الثلثين ، والأب ما بقي. قال : فهذا أول ميراث قسم في الإسلام ، ميراث : سعد بن الربيع الأنصاري. أخبرنيه سحنون عن ابن وهب ، عن داود بن قيس ، وغيره عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن جابر بن عبد الله : أن امرأة سعد(١) .

وفي البخاري : قال هذيل بن شرحبيل : سئل أبو موسى عن رجل توفّي ، وترك ابنة ، وابنة ابن ، وأختا ، فقال : للابنة النصف ، وللأخت النصف ، وائت ابن مسعود فسيتابعني. فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال : لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، أقضي بينهم بما قضى به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : للابنة النصف ، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين ، وما بقي فللأخت ، فأتيا أبا موسى فأخبراه بقول ابن مسعود فقال : لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم(٢) .

وفي البخاري ومسلم عن ابن عباس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأول رجل ذكر»(٣) . وتأول هذا عند أهل العلم في العصبة الذين لا يرثون إلا أن يكونوا رجالا مثل : العمّات والأعمام ، وبني الأخوة ، وبني الأعمام ، وإنما يؤخذ ما بقي من هؤلاء الرجال دون النساء ، وأما لو ترك الميت ابنة وأختا شقيقة كان للابنة النصف ، والنصف بين الأخوين للذكر مثل حظ الأنثيين ، وكذلك ابنة وأخا وأختا للأب. الجواب فيها سواء ، ولا يقال في هذا : الذكر أولى من أخته. وفي غير البخاري ومسلم عن ابن عباس وابن الزبير في ابنة وأخت قالا : للابنة النصف ، وللعصبة النصف ، ولا شيء للأخت. قيل لابن عباس : إن ابن عمر كان يرى للابنة النصف ، وللأخت النصف. فقال ابن عباس : أنتم أعلم أم الله؟ قال معمر : فلم أدر ما وجه ذلك حتى أتيت ابن طاوس فأخبرني عن أبيه أنه سمع ابن عباس يقول : قال اللهعزوجل :( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) [النّساء : الآية ١٧٦]. قال ابن عباس : فقلتم أنتم أن لها النصف وإن كان له ولد.

قال ابن طاوس : كان أبي يذكر عن ابن عباس عن رجل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فيها شيئا ، وكان طاوس لا يرضى ذلك الرجل ، وكان يشك فيها فلا يقول فيها شيئا(٤) .

__________________

(١) رواه أحمد (١٤٧٩٨) ، والترمذي (٢٠٩٢) ، وأبو داود (٢٨٩١ و ٢٨٩٢) ، والبيهقي (٦ / ٢١٦) و (٢٢٩) ، والدارقطني (٤ / ٧٨ و ٧٩) ، والحاكم (٤ / ٣٣٣) من حديث جابررضي‌الله‌عنه . وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل. قال الحافظ : صدوق في حديثه لين يقال تغير بآخره. أقول : وللحديث شواهد يتقوى بها.

(٢) رواه البخاري (٦٧٣٦ و ٦٧٤٢). من حديث أبي مولىرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه البخاري (٦٧٣٥) ، ومسلم (١٦١٥) ، وأبو داود (٢٨٩٨) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما .

(٤) ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى( يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ ) وقال : وقد نقل ابن جرير وغيره عن عبد الله بن الزبير وابن عباس أنهما كانا يقولان وذكره. هكذا بدون سند (ج / ١ / ٥٩٣).

١١٨

وفي الموطأ عن ابن شهاب عن عثمان بن أبي إسحاق بن حرشة عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها فقال أبو بكر : ما لك في كتاب الله من شيء ، وما علمت لك في سنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئا فارجعي حتى أسأل الناس. فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطاها السدس ، فقال أبو بكر : هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة ، فأنفذ لها أبو بكر الصديق ، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال لها : ما لك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك ، وما أنا بزائد في الفرائض شيئا ، ولكنه ذلك السدس فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما وأيتكما خلت به فهو لها(١) .

وفي مصنف عبد الرزاق عن منصور عن إبراهيم قال : حدّثت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أطعم ثلاث جدات السدس ، قلت لإبراهيم : وما هنّ؟ قال : جدتا أبيه أم أمه وأم أبيه وجدته أم أمه(٢) .

وفي كتاب الفرائض من ديوان محمد بن سحنون قال : حدثني أبو محمد بن عمر عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب أنه قال : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أن الأخ للأب والأم أولى من الأخ للأب ، ثم الأخ للأب أولى من ابن الأخ للأب والأم ، فإذا كان بنو الأب والأم وبنو الأب بمنزلة واحدة إلى نسب واحد فبنو الأب والأم أولى من بني الأب ، وإذا كان بنو الأب أرفع من بني الأب والأم بأب فبنو الأب أولى ، وإذا استووا في النسب فبنو الأب والأم أولى من الأب.

قال : وقد قضى أن العم للأب والأم أولى من العم للأب ، وأن العم للأب أولى من بني العم للأب والأم ، فإذا كان بنو الأب والأم وبنو الأب بمنزلة واحدة إلى نسب واحد فبنو الأب والأم أولى من بني الأب ، ولا يرث عم ولا ابن عم مع أخ ولا ابن أخ وقضى أنه ما كان له عصبة من المجردين فلهم ميراثه على فرائضهم في كتاب الله تعالى(٣) .

قال محمد بن سحنون : وهذا الحديث مجمع عليه عند العلماء. روى حماد بن سلمة : أن ثابت بن الدحداح مات ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لعاصم بن عدي : «هل تعلم له نسبا في العرب؟» فقال : لا إن عبد المنذر تزوج أخته فولدت له أبا لبابة ، وهو ابن أخته(٤) . من كتاب محمد بن النصر

__________________

(١) رواه مالك (٢ / ٥١٣) ، والترمذي (٢١٠١) ، وأبو داود (٢٨٩٤) وإسناده منقطع رواية قبيصة بن ذؤيب عن أبي بكر مرسلة. وحديث الباب يدل على أن فرض الجدة السدس. وكذلك فرض الجدتين والثلاث. وقد نقل محمد بن نصر من أصحاب الشافعي اتفاق الصحابة والتابعين على ذلك حكى ذلك عنه البيهقي. وانظر (الفتح) (١ / ١٢ / ١٥ و ١٦).

(٢) رواه عبد الرزاق (١٩٠٧٩) ، والبيهقي (٦ / ٢٣٦) ، والدارمي (٢ / ٣٥٨) (٢٩٧٧) من طريق منصور عن إبراهيم بن زيد النخعي. وإسناده معضل.

(٣) هذا حديث منقطع. وفي إسناده ابن جريج قال الحافظ. كان يرسل ويدلس.

(٤) رواه البيهقي (٦ / ٢١٥). وإسناده منقطع.

١١٩

المروزي عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله ولا وارث له إلا خاله كتب بذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر فكتب عمر : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الله ورسوله مولى من لا مولى له ، والخال وارث من لا وارث له»(١) .

حدثنا وكيع عن أبي خالد عن الشعبي أن مولى لابنة حمزة توفي وترك ابنته وابنة حمزة ، فأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ابنته النصف وابنة حمزة النصف(٢) .

قال الشعبي. لا أدري أكان هذا قبل الفرائض أم بعدها ، وابنة حمزة إنما أخرجها علي من مكة سنة سبع عام عمرة القضاء ، والفرائض إنما نزلت بعد أحد بقليل.

قال ابن أبي نصر وقال بعضهم : إنما خرجت من مكة وهي غير مدرك فإن كان ذلك فقد أمكن إدراكها وعتقها وموت مولاها في هذه المدة بعد نزول الفرائض. وفي هذا رد على من يورثه بالرد. وقد روي أن المولى كان لحمزة والصحيح كان لابنته. روى وائلة بن الأسقع أبو صافة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «ترث المرأة ثلاثة مواريث : عتيقها ولقيطها والولد الذي لاعنت له»(٣) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

بالولد للفراش ومن استلحق بعد موت أبيه

من كتاب ابن نصر(٤) المروزي : اتفق أهل العراق والحجاز والشام ومصر : على أن الزاني لا يلحق به نسب ، وكان إسحاق بن راهواه يذهب إلى أن المولود من الزنا إن لم يكن مولودا على فراش يدعيه صاحبه فلا يرثه ، إذا ادّعاه الزاني ألحق به ، وتأول قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الولد للفراش وللعاهر الحجر»(٥) على ذلك ، واحتج بما روي عن الحسن في رجل زنى بامرأة فولدت ولدا فادعى ولدها قال : يجلد ، ويلزمه الولد.

__________________

(١) رواه البيهقي (٦ / ٢١٤) مطولا ، والترمذي (٢١٠٤) في الفرائض وهو حديث حسن.

(٢) رواه البيهقي (٦ / ٢٤١). وإسناده منقطع.

(٣) رواه البيهقي (٦ / ٢٤٠). وفي إسناده عمر بن روبة وقال : هذا غير ثابت. قال : البخاري عمر بن روبة التغلبي عن عبد الواحد النصري فيه نظر. بلفظ (تحوز المرأة ثلاثة مواريث لقيطها. وعتيقها. وولدها الذي لا عنت له). ورواه الحاكم في المستدرك (٤ / ٣٤١) وقال الذهبي في التلخيص : هو من السنن الأربع من طريق عمر بن روبة عن عبد الواحد بن عبد الله عن واثلةرضي‌الله‌عنه .

(٤) ابن نصر : هو أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي الفقيه العابد العالم. كان عالما بالحديث والفقه ـ قال أبو محمد الثقفي : سمعت جدي يقول : جالست أبا عبد الله المروزي أربع سنين فلم أسمعه طول تلك المدة يتكلم في غير العلم. توفيرحمه‌الله سنة (٢٩٤ ه‍ (

(٥) رواه البخاري (٦٨١٨) ، ومسلم (١٤٥٨) ، والترمذي رقم (١١٥٧) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

١٢٠

وعن عروة بن الزبير وسليمان بن يسار أنهما قالا : أيما رجل مر إلى غلام يزعم أنه ابن له ، وإنه زنى بأمه ، ولم يدع ذلك الغلام أحد فهو يرثه.

واحتج سليمان بأن عمر بن الخطاب كان يليط أولاد الجاهلية بمن ادعاهم في الإسلام(١) .

وفي مصنف عبد الرزاق قال عمرو بن شعيب : زاد في مصنف أبي داود عن أبيه عن جده أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قضى : أن من كان مستلحقا ادعي بعد أبيه ، ادعاه ورثته فقضى أنه إن كان من أمة أصابها وهو يملكها فقد لحق بمن استلحقه ، وليس له من ميراث أبيه الذي يدّعى له شيء ، إلا أن يورثه من استلحقه في نصيبه ، وأنه إن كان من ميراث ورثوه بعد أن ادعى فله نصيبه منه ، وقضى أنه إن كان من أمة لا يملكها أبوه الذي يدّعى له هو ادعاه فإنه ولد زنا لأهل أمة كانت حرة أو أمة والولد للفراش وللعاهر الأثلب يعني : الحجر(٢) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

بإثبات علم الفاقة وتجويز حكم عليرضي‌الله‌عنه في ذلك

في البخاري ومسلم عن عائشة قالت : إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم دخل عليّ ذات يوم تبرق أسارير وجهه ، فقال : «ألم تري أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة ، وأسامة بن زيد ، وعليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما ، وبدت أقدامهما؟ فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض».(٣) من اختلاف العلماء للمروزي الذين يقولون بالقافة والحكم بهم مالك والليث والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ، واستدل الشافعي بما معناه : أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أثبته ولم ينكر ، ولو كان خطأ لأنكره لأن في ذلك قذف المحصنات ونفي الأنساب.

وفي الدلائل للأصيلي عن زيد بن أرقم : أن علي بن أبي طالب حين كان باليمن أتي بثلاثة رهط اشتركوا في ولد ، فأقرع بينهم وضمن الذي أصابته القرعة بثلثي القيامة لصاحبيه ، وجعل الولد له. قال علي : فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبرته بقضائي فضحك حتى بدت نواجذه(٤) .

وفي مصنف أبي داود ونحوه من كتاب محمد بن نصر المروزي : روى يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس قال : «قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في دية مكاتب يقتل بدية الحر بقدر ما أعتق منه»(٥) .

__________________

(١) رواه مالك (٢ / ٤٦٤) وإسناده منقطع.

(٢) رواه عبد الرزاق (١٩١٣٨) مرسلا ، وأبو داود (٢٢٦٥) موصولا في الطلاق. باب في ادعاء ولد الزنا.

من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. وهو حديث حسن.

(٣) رواه البخاري (٣٥٥٥) ، ومسلم (١٤٥٩) ، والترمذي (٢١٣) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

(٤) رواه أبو داود (٢٢٦٩) و (٢٢٧٠). من حديث زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه. وهو حديث صحيح.

(٥) رواه النسائي (٨ / ٤٥ و ٤٦) (٤٨٠٨ و ٤٨٠٩). وهو حديث صحيح.

١٢١

وقال ابن عباس : ويقام على المكاتب حد المملوك ، وعن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة أن مكاتبا قتل على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يؤدي ما أدى دية الحر ، وما رق منه دية المملوك(١) .

وكذلك وقع في مصنف أبي داود من كتاب ابن نصر سفيان بن عيينة عن عمر بن عوسجة عن ابن عباس : أن رجلا مات على عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فلم يجد له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلا عبدا أعتقه ، فدفع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ميراثه إليه(٢) .

حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن دينار : أن رجلا مات ولم يدع أحدا يرثه ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ابتغوا» ، فلم يجدوا أحدا يرثه ، فدفع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ميراثه إلى رجل أعتقه الميت ، وقضى بذلك عمر بن الخطاب(٣) .

وعن سليمان بن يسار قال : أتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بميراث رجل من الحبشة لم يترك ورثا ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انظروا من كان هاهنا من مسلمة الحبشة فادفعوا ميراثه إليه»(٤) .

وفي مصنف عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن من كان حليفا في الجاهلية فهو على حلفه وله نصيبه من العقل والنصر يعقل عنه من حالفه وميراثه لعصبته من كانوا وقال : «لا حلف في الإسلام ، وتمسكوا بحلف الجاهلية ، فإن الله لم يزده في الإسلام إلا شدة»(٥) .

وفي مصنف عبد الرزاق عن ابن جريج قال : سمعت ابن أبي حسين يقول : خاصم رجل أباه إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن أبي يأكل من مالي ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنت ومالك لأبيك» ، ثم أمر له به ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «انطلق به فإن أبى عليك فأطلعني على ذلك أعنك عليه»(٦) .

حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الكريم أن رجلا قال : يا رسول الله إن أبي يسألني مالي. قال : «فأعطه إياه». قال : إنه يريد أن أخرج له منه ، قال : «فاخرج له منه». قال ـ وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لرجل وهو يوصيه : «لا تعصى والديك وإن سألاك أن تخرج لهما من دنياك فانخلع لهما منها»(٧) .

__________________

(١) رواه النسائي (٨ / ٤٦) (٤٨١٢). وهو حديث صحيح.

(٢) رواه أبو داود (٤٥٨١) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنه وإسناده صحيح.

(٣) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٢٩٧٠٨) وقال : رواه عبد الرزاق في مصنفه.

(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف (١١ / ٤١٤). وهو حديث مرسل.

(٥) رواه عبد الرزاق في المصنف (١٩٢٠٠). وهو حديث منقطع.

(٦) رواه عبد الرزاق (١٦٦٣٥) مرسلا. وقد رواه ابن حبان رقم (٤١٠) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها أن رجلا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يخاصم أباه في دين عليه : فقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنت ومالك لأبيك» وهو حديث صحيح.

(٧) رواه عبد الرزاق (١٦٦٣٦). وهو حديث منقطع. وابن جريج مدلس.

١٢٢

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في ميراث ذوي الأرحام

في مصنف عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم قال : جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : رجل توفي وترك عمته ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الخالة والعمة» ، يرددها كذلك ، ينتظر الوحي فيهما ، فلم يأته فيهما شيء ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لم يأتني فيهما شيء»(١) .

وفي حديث آخر عن صفوان بن سليم : أن رجلا جاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله رجل ترك خالته وعمته ما ذا لهما؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «اللهم رجل ترك خالته وعمته» ، فلم يقل في ذلك شيئا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس لهما شيء»(٢) .

وفي حديث آخر معمر عن ابن طاوس قال : سمعت بالمدينة أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الله ورسوله مولى من لا مولى له ، والخال وارث من لا وارث له»(٣) . رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

وفي الدلائل للأصيلي : سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ميراث العمة والخالة ـ وهو على جمل يسير إلى بني عمرو بن عوف ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «احبسوا الجمل» ثم رفع رأسه فقال : «اللهم رجل مات وترك عمته وخالته» ، ثم قال في الثانية : «أين السائل؟» ليس لهما شيء(٤) . وفي حديث آخر : سئل فسار هنيهة ثم قال : «حدثني جبريلعليه‌السلام : أنه لا ميراث لهما».

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

بمنع القاتل الميراث ومن تأول أنه في قتل العمد

قال أبو محمد بن أبي زيد : لما منع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وسلم القاتل الميراث بما أحدث من القتل ، امتنع أن يكون المريض ما بقي لزوجته من عدّتها شيء أن يمنعها من الميراث بما أحدث من الطلاق.

قال غيره : روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «ليس لقاتل من

__________________

(١) رواه عبد الرزاق رقم (١٩١٠٩) والبيهقي في السنن (٦ / ٢١٢) مرسلا. وقال ابن التركماني : روى النسائي في سنته عن زيد بن أسلم لا أجد لهما شيئا. وعلى تقدير صحته معناه أنه لم ينزل عليه فيهما شيء ثم نزل.

(٢) رواه عبد الرزاق في المصنف (١٩١١١) من حديث صفوان بن سليم. وهو حديث مرسل.

(٣) رواه عبد الرزاق في المصنف (١٩١٢٢) عن ابن طاوس. وهو حديث منقطع. ورواه رقم (١٩١٢٤) عن عائشةرضي‌الله‌عنها موقوفا وهو أصح.

(٤) رواه بنحوه الحاكم في المستدرك (٤ / ٣٤٤) من حديث عبد الله بن عمررضي‌الله‌عنهما . وفي إسناده عبد الله بن جعفر المدني : ضعيف. أقول : وله شواهد.

١٢٣

الميراث شيء»(١) . قال مالك : إذا قتله خطأ ورث من المال ، ولم يرث من الدية ، وإذا قتله عمدا لم يرث من المال ولا من الدية.

وأجمع العلماء على أن قاتل العمد لا يرث شيئا من مال المقتول ، ولا من ديته ، وإنما اختلفوا في قتل الخطأ كما تقدم الذكر.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في وصية مسلم شهد عليه نصراني وفي غلام قطعت

أذنه وفي إقطاع الصلح وفيمن وجد مع امرأته رجلا

في تفسير ابن سلام قال الكلبي : كان رجل مولى لبني سهم انطلق في تجارة ومعه تميم الداري ورجل آخر ، قال ـ في الدلائل للأصيلي ـ وهو ابن براء ، قال في التفسير : وهما نصرانيان فلما حضر السهمي الموت كتب وصية وجعلها في متاعه ، ثم دفعها إليهما فقال : بلّغا هذا أهلي. فانطلقا لوجههما الذي توجها إليه ، وفتشا متاع الرجل بعد موته ، فأخذا ما أعجبهما منه ، ثم رجعا بالمال إلى أهل الميت ، فلما فتش القوم المال فقدوا بعض ما خرج به صاحبهم معه ، ونظروا في الوصية فوجدوا المال تاما ، فكلّموا تميما وصاحبه فقالوا : هل باع صاحبنا شيئا؟ فقالا : لا ، فقالوا : هل مرض فطال مرضه فأنفق على نفسه؟ فقالا : لا ـ علم لنا بما كان في وصيته ، ولكنه دفع إلينا المال فبلّغناكموه. فرفعوا الأمر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فنزلت هذه الآية :( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ ) [المائدة : الآية ١٠٦] إلى آخرها. فحلفا عند منبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم دبر صلاة العصر ، ثم خلّى سبيلهما ، فاطلع على إناء من فضة منقوش مموّه بذهب عند تميم ـ قال في الدلائل : وجد بمكة ، وقال غيره : بيع بألف درهم ، فأخذ تميم خمسمائة ، وعدي بن براء خمسمائة ـ فقالوا : هذا من آنية صاحبنا الذي بدا بها معه ، وقد زعمتما أنه لم يبع شيئا ولم يشتره ، فقالا : إنا كنا قد اشتريناه ونسينا أن نخبركم به ، فرفع أمرهما إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأنزل اللهعزوجل :( فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ ) [المائدة : الآية ١٠٧]. فقام رجلان من أولياء الميت وهما : عبد الله بن عمرو ، والمطلب بن أبي وداعة فحلفا : أن ما في وصيته حق ، ولقد خانه تميم وصاحبه ، فأخذ تميم وصاحبه بما وجد في وصيته لما اطلع الله عليه من خيانتهما(٢) .

__________________

(١) رواه الدارقطني (٤ / ٩٦ و ٢٣٧) ، والبيهقي (٦ / ٢٢) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدهرضي‌الله‌عنهم . وهو حديث حسن.

(٢) رواه بنحوه الترمذي (٣٠٥٩) وقال : هذا حديث غريب. وليس إسناده بصحيح. من حديث ابن عباس. وانظر ابن كثير (ج / ١ / ١١١) باب قوله تعالى :( إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ ) [المائدة : الآية ١٠٦].

١٢٤

وفي معاني القرآن للزجاج يروي أن رجلا من الأنصار كان يقال له : أبو طعمة سرق درعا وجعله في غرارة من دقيق ، وكان فيها خرق فانتثر الدقيق من مكان سرقته إلى منزله ، فظن أنه سارق الدرع ، وخيض في أمره ، فمضى بالدرع إلى رجل من اليهود فأودعها إياه ، ثم سار إلى قومه فأعلمهم أنه اتهم بالدرع واتبع أثرها فعلم أنها عند اليهودي ، وأن اليهودي سارقها ، فجاء قوم الأنصاري إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فسألوه أن يعذره عند الناس ، وأعلموه أن اليهودي سرق الدرع ، فهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يعذره فأوحى الله إليه وعرّفه قصة الأنصاري أنه خائن ونهاه أن يجادل عنه ، وأمره بالاستغفار مما هم به ، وأن يحكم بما أنزل الله في كتابه. فقال :( وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ ) [النّساء : الآية ١٠٧]. يعني أبا طعمة ومن عاونه من قومه وهم يعلمون أنه سارق. ويروى أن أبا طعمة هرب إلى مكة وارتد عن الإسلام ، ونقب حائطا بمكة ليسرق أهله فسقط الحائط عليه فقتله(١) .

وفي مصنف أبي داود : حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن أبي نصرة عن عمران بن حصين : أن غلاما لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء ، فأتى أهله إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : يا رسول الله انا أناس فقراء. فلم يجعل عليه شيئا(٢) .

وفي كتاب أبي عبيد ، قال أبو عبيد : في حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم إن أبيض بن جمال المأربي استقطعه ماء الثلج بمأرب فأقطعه إياه ، فلما ولّى قال رجل : يا رسول الله أتدري ما اقتطعه إنما اقتطعه للماء العدّ. قال : فرجعه منه(٣) .

وفي الموطأ : أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم اقتطع لبلال بن الحارث(٤) في كتاب ابن سحنون ، وذكره ابن أبي زيد في النوادر : أنها لم تكن خطة لأحد وكانت بفلاة ، وقال الأصيلي : هي بقرب المدينة وكانت متملكة.

__________________

(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن قوله تعالى( وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ ) وصدّره بقوله يروى وهو علامة ضعف. وذكره الترمذي بنحوه مطولا رقم (٣٠٣٦) وقال : هذا حديث غريب لا نعلم أحدا أسنده غير محمد بن مسلمة الحراني. وروى يونس بن بكير. وغير واحد هذا الحديث عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن قتادة مرسلا.

(٢) رواه أبو داود (٤٥٩٠) من حديث عمران بن الحصينرضي‌الله‌عنه وإسناده صحيح.

(٣) رواه أبو عبيد (٦٨٤) ، وأبو داود (٣٠٦٤) ، والترمذي (١٣٨٠) في الأحكام وهو حديث حسن بطرقه وشواهده.

(٤) رواه مالك في الموطأ (١ / ٢٤٨) ، وأبو داود (٣٠٦١) في الخراج والإمارة. وهو حديث مرسل ـ قال الزرقاني في شرح الموطأ : وصله البزار من طريق عبد العزيز الدراوردي عن ربيعة عن الحارث بن بلال ابن الحارث المزني عن أبيه. أقول : قال الذهبي في (الميزان) عن هذا السند في ترجمة الحارث قال أحمد بن حنبل ليس إسناده بالمعروف. وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود رقم (٢٩٣٨) وقال أبو عمر. هكذا في الموطأ عن جميع الرواة مرسلا.

١٢٥

وفي مصنف أبي داود والواضحة عن ابن عباس : أن رجلا أتى إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : يا رسول الله إن امرأتي لا تمنع يد لامس. فقال : «طلقها» ، وفي المصنف : «غربها» ، فقال : أخاف أن تتبعها نفسي. وفي الواضحة : لا أستطيع أن أصبر عنها قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فاستمتع منها»(١) . وفي حديث سعد بن عبادة أنه قال لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلا أقتله أم أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كفى بالسيف شا» ، أراد أن يقول : شاهدا فأمسك ، ثم قال : «لو لا أن يتتابع الغيران والسكران». قال أبو عبيد : التتابع : التهافت(٢) .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الكلاب

في أحكام ابن زياد القاضي ، وكتب إليه بعض القضاة يسأله عن الكلاب فهّمنا ـ وفق الله القاضي ـ ما كشف عنه من أمر الكلاب المتخذة في الحضر ، فإنها ربما آذت وعقرت وأحدثت من جرح الصبيان ما كان ضررا ، وربما شكى إليك من ذلك ، وكثرة الشكوى ممن ابتلى ، فكتب إليه : فالذي يجب في ذلك ـ وفق الله القاضي ـ أن يأمر بقتل الكلاب إلا ما كان لصيد أو زرع أو ماشية ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من اقتنى كلبا إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع أحبط الله من أجره قيراطا»(٣) . وجاء عنهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه أمر بقتل الكلاب(٤) .

وقد أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتل الكلاب ، فبلغ المأمور بيت امرأة عمياء لها كلب ، فأراد قتله فاعترضت المرأة وقالت : إني كما تراني عمياء فهو يطرد عني السباع ويؤذنني بالأذان ، فعاد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأعلمه أمرها ، فأمر بقتله ، ولم ير لها عذرا فيما اعتذرت به ، ثم قال بذلك محمد بن عمر بن لبابة ومن حضر من أهل العلم(٥) .

__________________

(١) رواه أبو داود (٢٠٤٩) ، والنسائي (٦ / ٦٧) وقال النسائي : هذا الحديث ليس بثابت. وذكر أن المرسل فيه أولى بالصواب : أقول : ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره في أول تفسير سورة النور. وجوّد إسناده ثم قال : وقد اختلف الناس في هذا الحديث ما بين مضعّف له كما تقدم عن النسائي ومنكر كما قال أحمد. وانظر ما قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص (٣ / ٢٥٣) حول هذا الحديث.

(٢) رواه أبو داود (٤٤١٧) ، وابن ماجه (٢٦٠٦) من حديث عبادة بن الصامت رضي‌الله‌عنه. وفي إسناده ضعف.

(٣) رواه البخاري (٢٣٢٢) ، ومسلم (١٥٧٥) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه البخاري (٣٣٢٣) ، ومسلم (١٥٧٠) و (٤٣) ، وابن ماجه (٣٢٠٢) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٥) رواه البيهقي بنحوه في السنن (٦ / ٨) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما . وإسناده صحيح.

١٢٦

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في حريم الماء

في النوادر لابن أبي زيد قال ابن نافع : بلغني في حريم البئر العادية خمسون ذراعا ، وفي البئر البادية خمس وعشرون ذراعا. أخبرنيه ابن أبي ذئب(١) عن ابن شهاب ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال أشهب : وقد ذكر هذا الحديث عن سفيان ، عن ابن شهاب ، عن ابن المسيب ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «في حريم بئر الزرع خمسمائة ذراع».

قال ابن شهاب : لا أدري حريم بئر الزرع هو في الحديث ، أو من قول سعيد ، وذكر ابن وهب الحديث عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب ، وذكره في البئر العادية والبئر البادية مثل ما تقدم من نواحيها. وقال : «في بئر الزرع ثلاثمائة ذراع من نواحيها»(٢) .

قال ابن شهاب : وسمعت أنهم يقولون حريم العيون خمسمائة ذراع ، وكان يقال : الأنهار ألف ذراع. وكان بئر الزرع بالناضج ثلاثمائة ذراع ، وقال ابن شهاب عمن أدرك من العلماء : كانوا يقضون في غياض العيون في رفاق من الأرض تسعمائة ذراع ، فإن كانت صلبة من الأرض فأربعمائة ذراع وخمسون ذراعا.

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في الوكيل يربح فيما وكل على ابتياعه أن الربح لصاحب المال

في الواضحة : وحدثني ابن المغيرة عن سفيان الثوري ، عن أبي حصين عن حكيم بن حزام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعث معه بديا نار يشتري به له أضحية ، فاشتراها بديا نار وباعها بديا نارين ، واشترى له أضحية أخرى بديا نار ، فجاء بها والديا نار الفاضل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فتصدق به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ودعا بالبركة في تجارته(٣) .

قال في غير الواضحة : فلو اشترى ترابا لربح فيه.

وفي البخاري في باب سؤال المشركين أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر في كتاب بينات النبوة(٤) .

وفي كتاب ابن شعبان : أن عروة البارقي أعطاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم دينارا يشتري له بها أضحية ،

__________________

(١) رواه البيهقي (٦ / ١٥٥) من حديث سعيد بن المسيب موقوفا عليه.

(٢) رواه البيهقي (٦ / ١٥٦) مرفوعا. وهو حديث مرسل.

(٣) رواه البيهقي (٦ / ١١٢ و ١١٣) وفي إسناده رجل مجهول. ويشهد له حديث عروة الآتي بعده.

(٤) رواه البخاري (٣٦٣٦) من حديث عبد الله بن مسعود و (٣٦٣٧) من حديث أنسرضي‌الله‌عنه و (٣٦٣٨) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما . وهو حديث متواتر.

١٢٧

فاشترى به أضحيتين فباع إحداهما بديا نار وجاءه بالديانار وبالأضحية. قال : فدعا له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالبركة في بيعه ، فكان لو اشترى التراب لربح فيه(١) .

وذكر ابن شعبان عن حكيم نحوه بخلاف ما وقع في الواضحة عن حكيم ، والأصح عن حكيم ما وقع في الواضحة ، وأجمع المسلمون على إجازة الوكالة على تقاضي مال وجب للموكل ، أو على دفع مال وجب على دافعه والأصل في ذلك إرسال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم السعاة لقبض الصدقات ، وإرساله الولاة لقبض أموال المسلمين الواجبة لهم ، وأن بلالا كان على نفقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

«حكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم »

في معان مختلفة

في البخاري ومسلم أن رجلا اطلع في حجر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وفي حديث آخر ـ في حجرة في دار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مذرى يحك به رأسه ، فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينيك ، إنما جعل الإذن من قبل البصر»(٢) . وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فحذفته بحصاة فقلعت عينه ، لم يكن عليك جناح»(٣) .

وثبت أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم نفى الحكم بن أبي العاصي والد مروان عن المدينة ، وصار إلى الطائف حتى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وبقي كذلك مدة خلافة أبي بكر ، فلما ولي عمر نفاه أيضا إلى أبعد من المكان الذي كان نفاه إليه أبو بكر ، وبقي مدة خلافة عمر ، فلما ولي عثمان رده إلى المدينة ، فلما دخل عليه قال عثمان : مرحبا بالغريب القريب.

وذكر المبرد في كتابه الكامل : أن عثمان استأذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الحكم في ردّه متى أفضى إليه الأمر. وروى ذلك الفقهاء وذكر أحمد بن خالد : أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما تزوج أم سلمة قال لها : «إني أهديت إلى النجاشي حلّة وأواقي مسك ، ولا أرى النجاشي إلا قد مات ، فإن ردت علي فهي لك» ، فكان كما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك ، وأعطى أم سلمة باقي المسك والحلة(٤) .

__________________

(١) رواه البخاري (٣٦٤٢) ، وأحمد (٤ / ٣٧٦) ، والبيهقي (٦ / ١١٢). من حديث عروة البارقيرضي‌الله‌عنه .

(٢) رواه البخاري (٥٩٢٤) ، ومسلم (٢١٦٥) ، والترمذي (٢٧١٠) ، والنسائي (٧ / ٦٠ و ٦١) من حديث سهل بن سعدرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه البخاري (٦٨٨٨ و ٢١٥٨) ، وأبو داود (٥١٧٢) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه الحاكم (٢ / ١٨٨) وصححه وقال الحافظ في التلخيص : منكر. ومسلم الزنجي ضعيف. ورواه أحمد (٦ / ٤٤٠) ، وذكره الهيثمي (٤ / ١٤٧ و ١٤٨) وقال : رواه أحمد والطبراني. وفيه مسلم بن خالد ـ

١٢٨

قال أحمد : وفي هذا دليل على الرجوع في الهبة إذا لم تقبض ، والرجوع في الصدقة لا يحل لنهي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك.

ووقع في البخاري أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «العائد في هبته كالكلب يقيئ ثم يعود في قيئه»(١) .

ووقع أيضا في المدونة والواضحة وفي البخاري وغيره عن أبي هريرة قال : بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعث وقال لنا : «إن لقيتم فلانا وفلانا» لرجلين من قريش سماهما «تحرقوهما بالنار» ، ثم أتيناه نودعه حين أردنا الخروج فقال : «إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار ، وإن النار لا يعذب بها إلا الله فإن أخذتموهما فاقتلوهما». وأحد الرجلين : هبار بن الأسود ، والآخر : نافع ابن عبد عمر(٢) .

وفيما ذكره البزار في مسنده ، وذكره ابن إسحاق في السير : إن اسمه نافع بن عبد شمس الفهري ، وكانا قد اتبعا زينب ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد وقعة بدر في خروجها إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة من مكة في جملة من قريش تبعوها ، فأول من لحقها : هبّار وصاحبه بذي طوى ، وهي حامل في هودج على بعير ، فنخس هبار البعير فسقطت زينب وألقت ما في بطنها ، وكان حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها أبي العاصي بن الربيع خرج معها يقود بها ومعه قوسه وكنانته ، فلما أدركوه ترك كنته ، ونثر كنانته ، ثم قال : والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما ، فتكركر الناس عنه. وأتى أبو سفيان في جملة من قريش فقال : أيها الرجل كف عني نبلك حتى أكلمك. فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال : إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا ، وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت بابنته علانية على رءوس من بين أظهرنا أن ذلك من ذل أصابنا عن معصيتنا التي كانت ، وإن ذلك منا عن ضعف ووهن. فو الله ما لنا في تخلّيها عن أبيها من حاجة ، وما لنا في ذلك من ثورة ، ولكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات وتحدّث الناس : أن قد رددناها ، فسلّها سرا ، وألحقها بأبيها ، ففعل ، فأقامت ليالي حتى إذا هدأت الأصوات ، خرج بها ليلا حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ، وكانا قد خرجا معه وكمنا ببعض تلك الشعب ، فقدما بها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (٣) .

وفي السير : أول من رمى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الإسلام بالمنجنيق أهل الطائف. دخل نفر من

__________________

الزنجي وثقه ابن معين وغيره. وضعفه جماعة. وأم موسى بن عقبة لم أعرفها. وباقي رجاله ثقات من حديث أم كلثوم بنت أم سلمةرضي‌الله‌عنها .

(١) رواه البخاري (٢٥٨٩) ، ومسلم (١٦٢٢) ، والترمذي (١٢٨٩) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما .

(٢) رواه البخاري (٢٩٥٤) معلقا ، و (٣٠١٦) موصولا ، وأبو داود (٢٦٧٤) ، والترمذي (١٥٧١) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه ابن أبي شيبة (١٢ / ٣٨٩) ، وابن عساكر من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

١٢٩

أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تحت دبابة ثم زحفوا بها إلى جدار الطائف ليخرقوه ، فأرسلت عليهم ثقيف سكك الحديد محماة بالنار ، فخرجوا من تحتها فرمتهم ثقيف بالنبل فقتلوا منهم رجالا ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بقطع أعناب ثقيف ، فوقع الناس فيها يقطعون ، وتقدم أبو سفيان والمغيرة بن شعبة إلى الطائف فنادى : يا ثقيف أن آمنوا حتى نكلّمكم ، فامنوهما فدعا من قريش وبني كنانة ليخرجن إليهما وهما يخافان عليهما السبي فأتين منهن : آمنة بنت أبي سفيان كانت عند عروة بن مسعود له منها داود بن عروة بن مسعود فولدت له داود بن أبي مرة ، فلما أتين عليهما قال لهما ابن الأسود بن مسعود : يا أبا سفيان ويا أبا مغيرة ألا أدلكما على خير مما جئتما له ، إن مال بني الأسود حيث قد علمنا ـ وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بينه وبين الطائف نازلا بواد يقال له العقيق ، إنه ليس بالطائف مال أبعد رشاء ، ولا أشد مئونة ، ولا أبعد عمارة من مال بني الأسود ، وأن محمدا كان أقطعه لم يعمره أبدا ـ فكلماه فليأخذه لنفسه ، أو ليدعه لله والرحم. وأن بيننا وبينه من القرابة ما لا يجهل ، فزعموا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تركه ونزل على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم في إقامته ـ وكان محاصرا بالطائف ـ عبيد فأسلموا فأعتقهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وتكلم نفر من أهل الطائف بعد ما أسلموا في أولئك العبيد فقال : «هم عتقاء الله»(١) .

وفي البخاري أن مروان والمسور بن مخرمة أخبرا عروة أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قام حين جاء وفد هوازن فسألوه أن يردّ عليهم أموالهم وسبيهم ، فقال : «إن معي من ترون وأحب الحديث إليّ أصدقه ، فاختاروا إحدى الطائفتين ، إما المال وإما السبي ، وقد كنت استأنيت بهم» ـ وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم استأنى بهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف ـ فلما تبين لهم أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا : فإنّما نختار سبينا ، فقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله. ثم قال : «أما بعد : فإن إخوانكم جاءونا تائبين وإني رأيت أن أرد إليهم سبيهم ، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل ، ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل» ، فقال الناس : طبنا ، فقال : «إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» فرجع الناس ، فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأخبروه أنهم طيبوا وأذنوا فهذا الذي بلغنا عن سبي هوازن(٢) .

من الفقه هبة الشيء للغائب ذكره البخاري ، اختلاف العلماء في أوامر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ونواهيه قال أصحاب الظاهر وبعض أهل الحديث : أوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فرض ، ونواهيه حرام. جعلوا قوله كالقرآن ، وقال آخرون : أوامره على ما تلقاها العلماء فما حملوه على الفرض فهو فرض ، وما حملوه على السنة أو على الندب فهو كذلك ، ونواهيه حرام وهذا مذهب أصحاب مالك.

ويؤيد ذلك أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه ثلاثا قبل أن

__________________

(١) رواه الطبري (٣ / ٨٢) ، وابن هشام (٢ / ٣٠٢ و ٣٠٣) ، ومغازي الواقدي (٩٢٢) ، وابن سعد (٢ / ١٢٠).

(٢) رواه البخاري (٢٥٣٩ و ٢٥٤٠) ، وأبو داود (٢٦٩٣).

١٣٠

يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده»(١) .

وقالعليه‌السلام : «من توضأ فليستنثر ومن استجمر فليوتر»(٢) .

وليس غسل اليدين عند القيام من النوم والاستنثار بفرض عند أكثر العلماء ، ومثل هذا من أوامرهعليه‌السلام كثير ليست فرضا كقوله : «وإذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد»(٣) .

وفي حديث آخر : «إذا أمن الإمام فأمنوا(٤) وإذا سمعتم المؤذن يؤذن فقولوا مثل ما يقول المؤذن»(٥) وكأمره بإغلاق الباب ، وإيكاء السقاء ، وإكفاء الإناء وإطفاء المصباح(٦) .

وكقوله : «أعطوا السائل ولو جاء على فرس»(٧) .

وكقوله : «إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين»(٨) إنما هي آداب ورغائب : وأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم قد قال : «إذا أمرتكم بأمر أو قال بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شيء فانتهوا عنه كله»(٩) .

ومما يؤيد مذهب مالك ـرحمه‌الله ـ أن أوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم على ما تلقاها الصحابة ـرضي‌الله‌عنهم ـ ما رواه أبو هريرة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا يمنع أحدكم جاره خشبة يغرزها في جداره» ، ثم

__________________

(١) رواه أحمد (٢ / ٢٤١) ، ومسلم (٢٧٨) ، والترمذي (٢٤) ، وابن ماجه (٣٩٣) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٢) رواه أحمد (٢ / ٤٠١) ، والبخاري (١٦١) ، ومسلم (٢٣٧ و ٢٢) ، وابن ماجه (٤٠٩) ، وأبو داود (١٤٠) ، وابن حبان (١٤٣٨) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٣) رواه أحمد (٢ / ٤٥٩) ، والبخاري (٧٩٦ و ٣٢٢٨) ، ومسلم (٤٠٩) ، وأبو داود (٨٨٤) ، والترمذي (٢٦٧) ، وابن حبان (١٩٠٧) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه البخاري (٧٨٠) ، ومسلم (٤٠٩ و ٤١٠) ، وأبو داود (٩٣٤ و ٩٣٥) ، والترمذي (٢٥٠) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(٥) رواه مسلم (٣٨٤) ، وأبو داود (٥٢٣) ، وابن خزيمة (٤١٨) ، وابن حبان (١٦٩١) من حديث عبد الله ابن عمرو بن العاصرضي‌الله‌عنهما .

(٦) رواه البخاري (٣٢٨٠) ، ومسلم (٢٠١٢) ، وأبو داود (٣٧٣١) و (٣٧٣٢) ، والترمذي (١٨٦٣) من حديث جابررضي‌الله‌عنه .

(٧) رواه مالك (٩٩٦) من حديث زيد بن أسلم. وهو مرسل ورواه ابن عدي في الكامل (٤ / ١٨٧) في ترجمة عبد الله بن زيد بن أسلم. من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه . وفي إسناده عبد الله بن زيد بن أسلم ضعيف. وذكره الذهبي في ميزان الاعتدال رقم (٦٢٥٠) من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه . وفي إسناده عمر بن يزيد الأزدي منكر الحديث كما قال ابن عدي. وللحديث شواهد فهو بها حسن.

(٨) رواه مسلم (٢٠٩٧) ، والموطأ (٢ / ٩١٦) ، وأبو داود (٤١٣٩) من حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه.

(٩) رواه أحمد (٢ / ٤٨٢) ، والنسائي (٥ / ١١٠) من حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه وهو حديث صحيح.

١٣١

يقول أبو هريرة : ما لي أراكم عنها معرضين ، والله لأرمين بها بين أظهركم(١) ، وأمرهعليه‌السلام : بغسل الجمعة ولم يتلق ذلك الصحابة على الفرض.

ونهيه عن الخليطين(٢) ، ونهيه عن القران في التمر(٣) ، وعن الأكل من رأس الثريد ، وعن التعريس على الطريق(٤) ، وشبه ذلك من نواهيهعليه‌السلام .

ومما تلقاه العلماء على التحريم من نواهيهعليه‌السلام : نهيه عن الذهب بالفضة إلى أجل(٥) .

ونهيه عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها(٦) ، ونهيه عن بيع الطعام حتى يستوي ، وعن بيع ما في البطون(٧) ، وعن بيع العربون(٨) ، وعن بيع المزابنة ، وعن المحاقلة والمخابرة(٩) ، ونهيه عن أن تصبر البهائم(١٠) ، وعن المثلة(١١) ، وعن التحريش بين البهائم(١٢) ، وعن تعبير النجوم ، وعن التصاوير إلا ما كان رقما في ثوب. وعن صيام يوم الفطر والأضحى(١٣) والشك(١٤) ، وغير ذلك كثير.

__________________

(١) رواه البخاري (٢٤٦٣) ، ومسلم (١٦٠٩) ، وأبو داود (٣٦٣٤) من حديث أبي هريرة رضي‌الله‌عنه.

(٢) رواه البخاري (٥٦٠١) ، ومسلم (١٩٨٦) ، وأبو داود (٣٧٠٣) من حديث جابررضي‌الله‌عنهما بلفظ (نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الزبيب والتمر والبسر والرطب أن يجمع).

(٣) رواه البخاري (٢٤٨٩) ، ومسلم (٢٠٤٥) ، وأبو داود (٣٨٣٤) من حديث عبد الله بن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٤) رواه مالك في الموطأ (٢ / ٩٧٩) وهو حديث مرسل. قال الزرقاني في شرح الموطأ ـ قال ابن عبد البر.

هذا الحديث مسند من وجوه كثيرة. وهي أحاديث شتى محفوظة. أقول : وللحديث شواهد منها ما رواه مسلم رقم (١٩٢٦) في الإمارة.

(٥) رواه البخاري (٢١٨٠) ، ومسلم (١٥٨٩) من حديث زيد بن أرقم رضي‌الله‌عنه بلفظ (نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا).

(٦) رواه البخاري (٢١٨٣) ، ومسلم (١٥٣٤) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٧) رواه البيهقي (٥ / ٣٣٨). من حديث أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه. وإسناده ضعيف.

(٨) رواه مالك في الموطأ (٢ / ٦٠٩) ، وأبو داود (٣٥٠٢) ، وابن ماجه (٢١٩٢) قال الحافظ في التلخيص (٣ / ١٧) : وفيه راو لم يسم وسمي في رواية ضعيفة لابن ماجه (٢١٩٣) عبد الله بن عامر الأسلمي.

وقيل ابن لهيعة. وهما ضعيفان.

(٩) رواه البخاري (٢١٨٦) ، ومسلم (١٥٤٦) من حديث أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه.

(١٠) رواه البخاري (٥٥١٣) ، ومسلم (١٩٥٦) من حديث أنس رضي‌الله‌عنه.

(١١) رواه البخاري (٢٤٧٤) من حديث عبد الله بن زيد الأنصاري رضي‌الله‌عنه.

(١٢) رواه أبو داود (٢٥٦٢) ، والترمذي (١٧٠٨) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما وإسناده ضعيف.

(١٣) رواه ابن ماجه (١٧٣١) من حديث أبي سعيد الخدري رضي‌الله‌عنه وهو حديث صحيح.

(١٤) رواه الترمذي (٦٨٦) ، والنسائي (٤ / ١٥٣) ، وابن خزيمة (١٩١٤) من حديث عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه . وهو حديث صحيح.

١٣٢

ومما اختلفوا فيه : نهيه عن الشغار(١) ، ونهيه عن أكل كل ذي ناب من السباع(٢) ، وعن الوصال(٣) ، وعن اشتمال الصماء(٤) ، وعن المتعة(٥) ، وعن تلقي الركبان للبيع(٦) ، وعن الحكرة(٧) ، وعن ثمن الكلب(٨) ، وعن الانتباذ في الدباء والمزفت(٩) . فتلقاه أكثرهم على التحريم إلا اشتمال الصماء إذا كان عليه ثوب فهو أخف ، وأختلف فيه قول مالك : فإن لم يكن عليه ثوب آخر فهو حرام لأن فيه انكشاف العورة ، ويبينه نهيهعليه‌السلام عن أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء.

وفي البخاري في كتاب البيوع عن أبي هريرة قال : نهى عن لبستين : عن اشتمال الصماء ، وعن أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ثم يرفعه على منكبيه(١٠) .

ونهيه عن أكل لحوم الحمر الأهلية(١١) ، قال عبد الله بن أبي أوفى فقلنا : إنما نهىعليه‌السلام عنها لأنها لم تخمّس ، وقال آخرون حرّمها البتة ، وسألت سعيد بن جبير فقال : حرّمها البتة. ذكره البخاري في كتاب الجهاد.

(نسب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم )

محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

__________________

(١) رواه البخاري (٥١١٢) ، ومسلم (١٤١٥ و ٥٧) ، وأبو داود (٢٠٧٤) ، وابن ماجه (١٨٨٣) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٢) رواه مسلم (١٩٣٤) ، والبغوي (٢٧٩٥) ، وابن حبان (٥٢٨٠) من حديث ابن عباسرضي‌الله‌عنهما .

(٣) رواه البخاري (١٩٦٣) ، وأبو داود (٢٣٦١) من حديث أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه .

(٤) رواه البخاري (٣٦٧) ، ومسلم (١٥١٢) ، والنسائي (٨ / ٢١٠) من حديث أبي سعيد الخدريرضي‌الله‌عنه .

(٥) رواه البخاري (٤٢١٦) ، ومسلم (١٤٠٧ و ٢٩) ، والنسائي (٦ / ١٢٦) من حديث علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه .

(٦) رواه البخاري (٢١٦٥) ، ومسلم (١٥١٧) ، وأبو داود (٣٤٣٦) من حديث ابن عمررضي‌الله‌عنهما .

(٧) رواه ابن عدي في الكامل (٣ / ١٣٥) في ترجمة الربيع بن حبيب من حديث عليرضي‌الله‌عنه وفي إسناده الربيع بن حبيب ـ قال النسائي : منكر الحديث.

(٨) رواه البخاري (٥٣٤٦) ، ومسلم (١٥٦٧) ، وأبو داود (٣٤٢١) من حديث أبي مسعودرضي‌الله‌عنه .

(٩) رواه البخاري (٥٥٩٤) ، ومسلم (١٩٩٤) من حديث عليرضي‌الله‌عنه .

(١٠) رواه البخاري (٢١٤٥) ، من حديث أبي هريرةرضي‌الله‌عنه .

(١١) رواه البخاري (٥٥٢١) ، ومسلم (٥٦١) ، والنسائي (٧ / ٢٠٣) من حديث عبد الله بن عمررضي‌الله‌عنهما .

١٣٣

قال الفاكهي(١) : البيت الذي ولد فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة كان في دار محمد بن يوسف أخي الحجاج ، فلم يزل على حاله حتى قدمت أم الخليفتين موسى وهارون وهي الخيزران فجعلته مسجدا يصلّى فيه ، وأخرجته من الدار.

وذكر بعض المكيين : أن ناسا سكنوا هذا البيت ثم انتقلوا منه فقالوا : والله ما أصابتنا فيه جائحة ولا حاجة ، فلما خرجنا منه اشتد علينا الزمان.

قال عبد الله بن العباس : بعثني أبي العباس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فبت عنده ، فسمعته يدعو : اللهم إني أسألك رحمة من عندك تهدي بها قلبي ، وتجمع بها شملي ، وتلم بها شعثي ، وترد بها الفتن عني ، وتصلح بها حالي ، وتحفظ بها غائبي ، وترفع بها شاهدي ، وتبيض بها وجهي ، وتزكي بها عملي ، وتلهمني بها رشدي ، وتعصمني بها من كل سوء. اللهم أعطني إيمانا صادقا ، ويقينا ليس بعده كفر ، ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك الفوز عند القضاء ، ونزل الشهداء وعيش السعداء ، ومرافقة الأنبياء ، والنصر على الأعداء(٢) .

ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الإثنين بمكة ، لثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول عام الفيل يوم عشرين من نيسان ، ونبئ يوم الإثنين وهو ابن أربعين سنة. قاله مالك وغيره من أهل العلم.

قال البرقي محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ويقال : أنزل عليه القرآن وهو ابن ثلاث وأربعين سنة.

قال مالك توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الإثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأول ، وهو ابن ستين سنة. رواه مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس(٣) .

وذكر البخاري عن عروة عن عائشة : أنه توفيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ابن ثلاث وستين سنة. أقام بمكة خمس عشرة سنة ، وبالمدينة عشرا(٤) . وزاد ابن عبد البر في كتاب التمهيد : أن الوليد بن مسلم روى عن شعيب عن عطاء الخراساني عن عكرمة عن ابن عباس أن عبد المطلب ختن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم سابعه ، وجعل له مأدبة وسماه محمدا. وفيما روي عن ابن وضاح فقالت قريش : لم سميته محمدا وتركت اسمك وأسماء آبائك؟ فقال : ليحمده أهل السموات والأرض.

__________________

(١) الفاكهي ـ هو أبو محمد الفاكهي ـ عبد الله بن محمد بن العباس المكي. صاحب أبي يحيى بن أبي ميسرة ـ كان أسند من بقي بمكة توفيرحمه‌الله سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة ه.

(٢) رواه الترمذي (٣٤١٩) في الدعوات مطولا بنحوه. وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ليلى من هذا الوجه. وابن خزيمة (١١١٩) وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى سيّئ الحفظ جدا. كما قال الحافظ.

(٣) رواه مالك في الموطأ (١٩٢٥) من حديث أنسرضي‌الله‌عنه وهو حديث صحيح.

(٤) رواه البخاري (٤٤٦٦) ، والترمذي (٣٦٥٤) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

١٣٤

(ذكر ما كفن فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم )

ومن غسله ولحده

في الموطأ وغيره أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم كفّن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة ، ويقال أحدهما حبرة(١) ذكره ابن أبي زيد في النوادر ، وسحول قرية من قرى اليمن. وقالت عائشة : أحدها الثوب الذي مرّض فيه ـ رواه ابن مفرّح عن أبي منصور محمد بن سعد عن سفيان بن موسى عن أيوب عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن عائشة ـ وإنهم لما أرادوا غسله أرادوا أن ينزعوا القميص الذي كان عليه ، فسمعوا صوتا : لا تنزعوا القميص. فغسل وهو عليه(٢) .

وفي الواضحة وغيرها : أن الزهري روى عن سعيد بن المسيب : أن الذين غسلوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأدخلوه في قبره : وعلي بن أبي طالب ، والفضل بن العباس ، وشقران مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . واسم شقران صالح ، وقال الشعبي : الرابع عبد الرحمن بن عوف ، وقال موسى ابن عقبة : الرابع أسامة بن زيد(٣) .

وفي السير لابن هشام أن علي بن أبي طالب ، والعباس ، والفضل بن العباس ، وقثم بن العباس ، وأسامة بن زيد ، وشقران ، مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم هم تولوا غسله. وأن علي بن أبي طالب أسنده إلى صدره ، والعباس والفضل وقثم يقلبونه معه ، وأسامة وشقران يصبان الماء عليه ، وعلي يغسله وعليه قميص يدلكه به من ورائه لا يفضي يده إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وعلي يقول : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أطيبك حيا وميتا. وغسل من بئر لسعيد بن جثامة بقباء يقال لها : بئر القدس(٤) .

وقال ابن إسحاق : وكفّن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في ثوبين صحاريين وبرد حبرة أدرج فيها إدراجا(٥) .

وفي الموطأ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم توفي يوم الإثنين ، ودفن يوم الثلاثاء ، وصلى الناس عليه أفرادا لا يؤمهم أحد فقال ناس : يدفن عند المنبر ، وقال آخرون : بالبقيع ، فجاء أبو بكر فقال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما دفن نبيّ قط إلا في مكانه الذي توفي فيه». فحفر له وكان

__________________

(١) رواه مالك (١ / ٣٩٩) من حديث عائشةرضي‌الله‌عنها .

(٢) رواه مالك (٩٧١) وإسناده صحيح.

(٣) رواه ابن سعد (٢ / ٢١٢) وهو حديث مرسل.

(٤) ذكره ابن هشام (ج / ٢ / ٦٦٢) ـ وقال : وقال ابن إسحاق. وذكره بدون سند.

(٥) ذكره ابن هشام (٢ / ٦٦٣) وذكره بدون سند.

١٣٥

بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر لا يلحد فقالوا : أيهما جاء أولا عمل عمله ، فجاء الذي يلحد فلحد لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) .

وفي غير الموطأ : الذي يلحد أبو طلحة الأنصاري ، والذي لا يلحد أبو عبيدة بن الجراح.

وفي السير : فرفع فراش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فحفر له تحته ثم دخل الناس على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلون عليه أرسالا : الرجال حتى فرغوا ، ثم دخل النساء حتى إذا فرغ النساء دخل الصبيان ، ثم دفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢) .

وفي مختصر ابن أبي زيد في آخر كتاب الجامع قال ابن عقبة : توفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وشرف وكرم في بيت عائشة وفي يومها وعلى صدرها حين اشتد الضحى.

قال مالك يوم الإثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول ودفن يوم الثلاثاء ، وقيل : دفن حين زاغت الشمس ، وغسله العباس وعلي والفضل بن العباس وشقران مولاه ، ويقال صالح مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ونزلوا في حفرته ويقال : ومعهم أسامة وأوس بن خولة ، وبدأ وجعه في بيت ميمونة ابنة الحارث يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من شهر صفر ، ثم انتقل إلى عائشة فمرّض عندها حتى ماتصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وصلى أبو بكر بالناس في مرضه بأمره عليه الصلاة والسلام سبع عشرة صلاة ، وفي كتاب الآجرّيّ تسعة أيام.

__________________

(١) رواه مالك (٩٧٢) وهو حديث مرسل.

(٢) ذكره ابن سعد (٢ / ٢٢٠) ، وابن هشام (٢ / ٦٦٣).

١٣٦

[مصادر الكتاب وأسانيده]

قال الفقيه أبو عبد الله محمد بن فرج ـ أكرمه الله ـ : الذي حملني على جمع هذا الكتاب أنني وجدت لأبي بكر بن أبي شيبة صاحب المسند ـرحمه‌الله ـ كتابا من تصنيفه ترجمه بكتاب : أقضية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يذكر فيه إلا أقضية قليلة وهو كتاب صغير ، ورأيت فيما روى أبو محمد الباجي عن أحمد بن خالد عن ابن وضاح قال : سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول : نظرنا فيما قضى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأمر بالقضاء فيه فلم نجده إلا نحو مائة حديث. فرأيت أن أتتبع أقضيتهصلى‌الله‌عليه‌وسلم تبركا بها ومحبة فيها ، حرصا على الاقتداء بها ، ووقوفا عند أوامره ونواهيه لقول الله تعالى :( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [الحشر : الآية ٧] ، وقال الله تعالى :( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ) [النّور : الآية ٦٣].

فاستخرجتها من موطأ ابن أنسرحمه‌الله ، وتفسير ابن سلام ، ومعاني الزجاج ، والنحاس ، والمفضل ، والأحكام لإسماعيل القاضي ، والهداية لمكي ، ومن مصنف البخاري ، وكتاب مسلم ، ومصنف عبد الرزاق ، ومصنف أبي داود ، ومصنف النسائي ، ومسند أبي شيبة ، ومسند البزار ، والسير لابن هشام ، وشرح الحديث لأبي عبيد ، وللخطابي ، والكامل ، والمدونة ، ومختصر المدونة ، والمستخرجة ، والواضحة ، والنوادر ، وكتاب ابن شعبان ، والدلائل للأصيلي ، وأحكام ابن زياد ، وتاريخ ابن أبي خيثمة ، وشرف المصطفى ، وكتاب الأموال لأبي عبيد ، وكتاب الأموال لإسماعيل القاضي ، وكتاب محمد بن نصر المروزي ، وتفسير الموطأ لابن مزين ، وللداودي ، وللقنازعي. فذلك أربعة وثلاثون ديوانا والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وسلم تسليما.

فما وقع فيه من الموطأ فحدثني به القاضي بقرطبة يونس بن عبد الله بن مغيث ، عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى ، عن عمه ، عن أبيه عبيد الله بن يحيى ، عن أبيه يحيى بن يحيى ، عن مالك.

وحدثني بمصنف النسائي القاضي يونس المذكور عن القرشي أبي بكر محمد بن معاوية المعروف بابن الأحمر ، عن النسائي أحمد بن شعيب.

وحدثني بمصنف البخاري أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عابد ، عن أبي محمد عبد الله ابن إبراهيم الأصيلي ، عن أبي زيد محمد بن أحمد المروزي ، عن أبي عبد الله محمد بن يوسف العزبري ، عن أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري.

وحدثني بكتاب مسلم الفقيه المقرئ أبو محمد مكي بن أبي طالب ، عن أبي العباس

١٣٧

أحمد بن محمد بن زكريا النسوي ، عن محمد بن إبراهيم بن محمد بن سفيان ، عن أبي الحسين مسلم بن الحجاج.

وحدثني بمصنف أبي داود أبو محمد الفقيه عبد الله بن الوليد الأندلسي القرطبي بمصر إجازة سيقت لي من عنده. قال : حدثني أبو موسى عيسى بن حنيف القروي بالقيروان ، عن أبي بكر محمد بن راسة ، عن أبي داود.

وحدثني بمصنف عبد الرزاق أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عابد ، عن القاضي أبي عبد الله محمد بن مفرج قاضي مانقه ، عن القاضي بصنعا عبد الأعلى بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم بن عباد الديري قال : قرأنا على عبد الرزاق بن همام.

وحدثني بمسند ابن أبي شيبة الفقيه أبو القاسم حاتم بن محمد الطرابلسي ، عن أحمد بن محمد المقرئ الطلمنكي ، عن ابن عون الله عن قاسم بن أصبغ ، عن ابن وضاح ، عن عبد الله ابن محمد بن أبي شيبة بن أبي بكر.

وحدثني بمسند البزار الفقيه المذكور حاتم بن محمد الطلمنكي بن مفرج القاضي المعافري ، عن الصموت ، عن البزار أحمد بن عمرو بن عبد الخالق.

وحدثني بالسير لابن هشام : أبو محمد بن الوليد المذكور ، عن أبي محمد عبد الله بن محمد القروي اللمامي ، عن عبد الله بن جعفر بن الوليد ، عن عبد الرحيم البري ، عن ابن هشام ، وحدثني ابن الوليد المذكور بغريب الحديث لأبي عبيد ، عن الحسن بن إبراهيم عن أبي بكر أحمد بن أبي الموت المكي ، عن علي بن عبد العزيز ، عن أبي عبيد القاسم بن سلام.

وحدثني بمعاني الزجاج عن أحمد بن علي بن الحسن المعروف بالكسائي قال : قرأت على أبي الحسن أحمد بن محمد الحسين المقرئ البغدادي قال : قال أبو إسحاق : قال أبو العباس :

وحدثني بها أيضا أبو علي السنوي عن الزجاج.

وحدثني ابن الوليد بمعاني النحاس ، عن أبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفي ، عن أبي بكر محمد بن علي الأدفوي عن النحاس.

وحدثني بكتاب الأموال لإسماعيل القاضي ، عن ابن عمر أحمد بن محمد بن سعد عن الأبهري محمد بن عبد الله عن أبي عمر القاضي ، عن إسماعيل القاضي.

وحدثني بكتاب ابن شعبان أبو عمر وأحمد بن محمد بن جمهور المرشاي ، عن محمد بن أحمد الوشاء ، عن ابن شعبان.

وحدثني بكتاب الشرف : أبو عمرو المذكور ، عن مؤلفه أبي سعيد عبد الملك ابن أبي عثمان النيسابوري. وحدثني بالمدونة : الشيخ أبو علي الحداد الحسن بن أيوب عن محمد بن عبدون ، عن ابن وضاح ، عن سحنون.

١٣٨

وحدثني بالمستخرجة الفقيه أبو المطرف عبد الرحمن بن سعد بن جريج عن ابن أبي مزين عن أبي إبراهيم عن أبي لبابة محمد بن عمر عن محمد بن أحمد العتبي.

وحدثني أيضا ببعض المستخرجة القاضي يونس بن عبد الله عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن أبي عيسى عن محمد بن عمر بن لبابة العتبي ، وهي عندي إجازة عن مكي المقرئ عن ابن أبي زيد ، عن أبي بكر بن محمد بن اللباد ، عن يحيى بن عبد العزيز عن العتبى محمد بن أحمد.

وحدثني بمختصر ابن أبي زيد مكي المقرئ عن ابن أبي زيد عبد الله بن محمد.

وحدثني بتاريخ ابن أبي خيثمة معاوية بن محمد عن ابن بابل عن قاسم بن أصبغ ، عن ابن أبي خيثمة.

وحدثني أيضا بكتاب الخطابي عن الأسفاقسي عن الخطابي.

وحدثني بالواضحة مكي بن أبي طالب عن ابن أبي زيد عبد الله بن محمد بن مسرور ، عن يوسف بن يحيى المعامي عن عبد الملك بن حبيب.

فهذا ما انتهى إليّ من أسانيدهم وروايتهم على حسب الاجتهاد والله الموفق لا رب غيره وصلى الله على سيدنا محمد وآله وعترته الطاهرين وسلم تسليما.

وقد وقع الفراغ من كتابته في ليلة الجمعة الحادي والعشرين من شهر رجب الفرد الحرام من شهور سنة ست وستين ومائتين وألف من هجرة سيدنا خير البرية عليه أفضل صلاة وأكمل تحية. كتبه بيده الفانية أضعف العباد وأحوجهم إلى غفران ربه في المعاد العبد الفقير : عبد الله ابن عمر بن مصطفى بن إسماعيل بن العارف القدسي الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي غفر الله له ذنوبه ، وستر عيوبه ولوالديه وللمسلمين حامدا ومصليا والحمد لله رب العالمين. وقد وقع تكملة هذا الكتاب على يد الفقير عبد الغني عبد الفتاح ، وذلك في غرة محرم الحرام سنة ١٣٢٨ غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين.

تم بحمد الله

تحقيق هذا الكتاب وتخريج أحاديثه على يد العبد الفقير لله

طالب العواد غفر الله له ولوالديه وللمؤمنين يوم يقوم الحساب

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

١٣٩
١٤٠

141

142

143

144

145

146

147