اصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه الجزء ١

مؤلف: الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني
الناشر: دار الغدير
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 358
مؤلف: الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني
الناشر: دار الغدير
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 358
اصحاب
الامام امير المؤمنين عليه السلام
والرواة عنه
اصحاب الامام امير المؤمنين والرواة عنه
القسم الأول
تأليف الدكتور الشيخ محمّد هادي الأميني
بسم الله الرحمن الرحيم
إلهي أنت أكرم من أن تضيع من ربيته. أو تبعد من أدنيته. أو تشرّد من آويته. أو تسلم إلى البلاء ، من كفيته ورحمته.
إلهي ارزقني الشكر عند النعماء. والصبر عند البلاء. والنصر على الأعداء.
إلهي أنت الذي تجيب عند الاضطرار دعوتي. وأنت الذي تنفس عند الغموم كربتي. وأنت الذي تأخذ لي من الأعداء بظلامتي.
إلهي أعطني خير السفر والحضر ، والقضاء والقدر ، وخير من سبق في أم الكتاب ، وخير الليل والنّهار.
إلهي اهدني في من هديت ، وعافني في من عافيت ، واكفني في من كفيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك
الإهداء
إلى
سيد الأمة
وأبي الأئمة
وخليفة النبيّ الأعظم بالحق
وحامل عبء الولاية الكبرى
الإمام أمير المؤمنين
عليه صلوات الله ورحمته وبركاته وتسليماته.
سيدي أبا الحسن :
هذه بضاعتي المزجاة ، ومجهودي الضئيل ، وصحائف ولائي الخالص ، أمنن عليّ بالقبول والرضى ، فرضاك منتهى الفوز ، وغاية السؤال ، وأقصى ما يطمح إليه في الدنيا والآخرة :
عبدكم محمد هادي الأميني |
تقديم
تقدّم إليّ نفر من الإخوة ، بطلب واقتراح منبعث عن حسن ظنّهم وثقتهم بي ، وهو : وضع دراسة خاصة عن حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) أتناول فيها ناحية من نواحي شخصيّته ، وأدرس فيها جانبا من جوانب العبقرية والعظمة المتركزة في وجود ذلك العملاق الذي لم تزل الحياة ، وما فيها من ملك ، ودابّة خاضعة وخاشعة ومستسلمة أمام عظمته وما زال البيان والقلم كليلا تجاه أداء حقّه ، وإيفاء تبيانه بالشكل الواقعي فقابلت طلبهم بالشكر والتواضع المشفع بالاعتذار إليهم من قبول الاقتراح هذا ، والنهوض بذلك العبء العلمي ، إذ يقعدني عنه قلة بضاعتي الثقافية ، ويزهدني فيه قصر باعي في هذا المجال ، لأنّ الموضوع يفتقر إلى بحث واستقصاء ، واستيعاب طويل وطويل ، والتأمل الدقيق في الفصول والأبواب المختلفة المتكاملة ، والجوانب والموضوعات المتعددة ، والوقوف والإحاطة الكاملة بكافة جوانب العلوم ، والمراجع بالإضافة إلى تطلبه العمر المديد ، والعدة من الرجال.
أجل تكرّر الطلب وتجدّد الاقتراح ، وأنا أقابله بالمعاذير على هذا النحو ، وبشكل من الأشكال ، لأنّني كلّما حاولت التفكير فيه وجنّدت الفكرة والعزيمة نحوه ، وبذرت في ذاكرتي نواته ، رجعت إلى الوراء ، وتلاشت النواة قبل أن تنضج ويتكامل غرسها وسقيها ، وقبل أن أضع على الورق عن البحث حرفا واحدا وليس هذا بغريب لأنّ الكتابة عن شخصية الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لم تكن سهلة وسلسلة ، كبقية الشخصيات والعباقرة فيتوفّر لكل أحد خوض جوانبه المتكاملة ، لأنّه كما عبر عن نفسه بحق «ينحدر عنّي السّيل ، ولا يرقى إليّ الطير».
فالجملة الأولى أوضحت رفعة منزلته (عليه السلام) ، كأنّه في ذروة جبل ، أو يفاع مشرف ينحدر السيل عنه إلى الوهاد ، والغيطان.
والجملة الثانية تبيان لمنزلته (عليه السلام) ، وهي أعظم وأعلى في الرّفعة والعلوّ من التي قبلها ، لأنّ السيل ينحدر عن الرابية والهضبة ، وأما تعذر رقيّ الطير فربما يكون للقلال الشاهقة جدّا ، بل ما هو أعلى من قلال الجبال ، كأنّه يقول : إنّي لعلوّ منزلتي ، واستطالة عبقريتي ، كمن في السماء التي يستحيل أن يرقى الطير إليها ، وتبلغ الفكرة البشرية كنهها ، وتتوصّل إلى حقيقتها.
إنّ عدم استثمار النواة المغروسة في ذهني ، وعجزها من التبلور في مراحل الغرس والتكامل ، إن دلّ على شيء فإنما يدلّ بوضوح على افتقاري إلى الحيوية البيانية ، وضعف المناعة الفكرية عندي ، والتي هي الدوامة والمحور الأساسي الذي تجعل الفكرة تتبلور وتختمر ، وتنضج وتتكامل ، لذلك قابلت الاقتراح بالرد ، وضيق الوقت بيد أنّ الإخوة ألحت وتمادت في اقتراحها ، وأبدلته إلى طلب آخر جديد ، وهو وضع بحث عن مدرسة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وعن أصحابه ، ورواته ، والسائرين في ركابه ، بصورة عامة ، من الشيعة وغيرهم ، فيستوعب حياتهم بالشكل المتداول ، فأحلت الموضوع إلى القرآن الكريم ، وتفاءلت به فكانت الآية الشريفة :( فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا * وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) (١) .
طويت المصحف الكريم ، ورأيت الفكرة ترتسم في الذهن ، وخطة الكتاب تأخذ محلها الكبير من الذاكرة ، بحيث استوت ثم استوت ، فبحول الله وقوته حملت القلم ، وغمسته في مداد بركة الله ، وتوفيقه ، ووضعته على القرطاس فراح يسجل ركائز البحث ، ويضع دعائم الموضوع ، ويخط نقاط الفصول ، فكان في جريه سلس القياد ، سهل المأخذ ، رغم المضائق والمفاوز التي انتابته بين حين وآخر ، ولكن شاء الله سبحانه أن يبلغ الكتاب أجله ، ويخرج للناس ويكون بين يدي القارئ النبيل.
__________________
(١) سورة الشورى / ٣٦.
لقد أخرجت وجمعت حسب جهدي ، وتتبعي ، وتمحيصي ، أصحاب ورواة أمير المؤمنين (عليه السلام) ، من العامة والخاصة ، وذكرتهم حسب الحروف مع توضيح نسبهم ، وبيان عرض موجز عن جوانب حياتهم ، وولادتهم ، ووفاتهم ، ومقتلهم ، ومآثرهم الفكرية والاجتماعية والعقائدية
ولهذه الخصائص لم يكن الكتاب كبعض التآليف الصادرة في الآونة الأخيرة البعيدة عن ضوء التحقيق ، والتتبع والدراسة الرجالية إذ لا يوجد فيها بحث جامع وصورة كاملة عن حياة أصحاب ورواة إمام من الأئمة (عليهم السلام) وإنّما نجد الكاتب في تأليفه ذكر اسم الراوي فحسب ولم يتحقق في تأريخ ولادته ووفاته. ثم يردفه بقائمة طويلة وطويلة ومملة عن أسماء الكتب والكراسات والرسائل التافهة التي جاء اسم الراوي فيها فكان أشبه بسجلات النفوس والإحصاء وبقوائم دور الطباعة والنشر في العالم. وحسب أنّ إيراد الكثير من أسماء المصادر والمراجع دليل على تتبع المؤلف وجهده العلمي وفضله ...؟.
والواقع أنّ مدرسة التحقيق والتتبع ، أصيبت بانتكاسة علمية في بعض البلاد العربية وفي ايران بصورة خاصة فقد أصدرت دور الطباعة والنشر فيها مؤلفات محققة حسب مفهومها؟ ولم يجد القارئ عليها من متاعب التحقيق وجهود التتبع أي أثر غير كلمة (تحقيق) المودوعة أمام اسم طالب ..؟ أو رجل لا يمت للعلم والأدب بصلة ..؟؟؟.
وأخير ذيلت كلّ ترجمة بالمآخذ ، والمصادر التي ذكرت صاحب الترجمة ، مع الإشارة إلى رقم الكتاب ومجلده ، وصفحته ، وكل ما ينفع الباحث ويفيد المحقق ، وقد اعتمدت في جميع هذه المراحل ، على أدق المصادر وأمهات المراجع العربية ، والمعاجم في الحديث والدراية والرجال مع اليقين الصادق والاعتراف بأنّ هناك عشرات الآلاف من أصحاب الإمام (عليه السلام) ، ورواته الذين عفت الحوادث والظروف السياسية ، معالمهم وآثارهم وأسمائهم كما غطت سحب من النسيان والإهمال عناوينهم ، وذهبت بهم ولم تبق لهم حتى صور حرفية استطرادية في التأريخ ، تنطق بالدلالة على مزاياهم ، والإبانة والتوضيح عن ملامحهم ومآثرهم ،
فكانت ظلامة بحقهم عليهم رحمة الله وصلواته وبركاته وتسليماته.
وحسبي من جهدي وعملي الشاق ، أنّي تمكنت بحول الله تعالى قدر الطاقة والاستطاعة جمع وتأليف أصحاب ورواة الإمام (عليه السلام) ، في كتاب واحد ، وكشف اللثام عن رجال ، ما زالت أسماؤهم وعناوينهم مخبوتة ، خدمة للحق ، والحقيقة ، والتأريخ ، والعلم.
وفي النهاية أحمد الله سبحانه على أفضاله وتوفيقاته وكرمه وهدايته وأرجوه أن يجعل الكتاب هذا نافعا ومفيدا وباعثا لتأليف أفضل ويتقبله خالصا لوجهه ويوفقنا لما فيه السداد والرشاد ويختم لي بخاتمة الخير والسعادة وهو من وراء القصد
محمد هادي الأميني
مدرسة الإمام أمير المؤمنين
(عليه السلام)
لم تكن مدرسة الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، ذات اتجاه وعلم وثقافة خاصة ، كبقية المدارس والجامعات العالمية العلمية ، وإنّما كانت جامعة وحاوية لكافة العلوم والمعارف والثقافات ، في كافة المجالات والاتجاهات ، والحقول المتجسدة في شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام) ذلك العملاق الذي من أي باب قصدته وأتيته وجدته متفردا فيه ، ونسيج وحده في كل مضمار ، فقد نبغ في تاريخ البشرية على امتداد التأريخ ، نوابغ يمتازون عن سائر أهل زمانهم ، وكانوا يتفاوتون في نبوغهم وصفاتهم التي ميّزتهم عمن سواهم ، سنة الله تعالى في خلقه وعلى كثرة النوابغ في الحياة لم تجتمع في واحد منهم جميع السمات ، والقيم ، والمثل الكاملة ، كما لم تجتمع في واحد منهم محاسن الأضداد كما تجمعت في شخصية علي بن أبي طالب (عليه السلام) فكان نابغة الحياة والخليقة والإنسانية بحق ، بعد أن تفرّد في صفاته الفاضلة ، ومزاياه الرفيعة ، ومثله العليا من غير إغراق وتعصب.
لذلك يعسر أو يمتنع على الإنسان مهما أوتي من قوة العلم ، والفكر ، وحول البيان ، والفصاحة ، ومهما أطال ومهما دقق أن يحيط بجميع ما فيها ، وفي ذاته الفذة من سمو وتميز على سائر النوابغ ومهما حاول الإنسان أن يحيط بجميع صفاته ، قعد به العجز ، واستولى عليه البهر ، وتحكم فيه الضعف.
اشتهر بكل فضيلة من غير استثناء ، وعرف بكل منقبة بحيث لم تبق منقبة لم يشتهر بها ، وأخيرا كان كما قال النظام : «علي بن أبي طالب ، محنة على
المتكلم : إن وفاه حقّه غلا ، وإن بخسه حقّه أساء ، والمنزلة الوسطى دقيقة الوزن ، صعبة المرتقى ، إلّا على الحاذق الدين».
والواقع أننا لو درسنا الجانب العلمي والفكري ، من حياته (عليه السلام) ، ألفيناه العالم ، والمجتهد الربّاني المستجمع الذي يقول على ملإ من الناس وعلى أعواد المنابر : «سلوني قبل أن تفقدوني ، فلأنا بطرق السماء أعلم منّي بطرق الأرض».
ومن ذا الذي يجرأ من الناس أن يقول هذا الكلام في حشد من ألوف الخلق ، وما يؤمّنه أن يسأله سائل عن مسألة لا يكون عنده جوابها فيخجله فيها.
أجل لا يجرأ على هذا القول والكلام ، إلّا من كان واثقا من نفسه ، بأنّ لديه جواب كلّ ما يسأل عنه ثم هل تنحصر المسألة في علم من العلوم ، أو ناحية من النواحي ، أو جانب من الجوانب ، حتّى يجرأ أحد على هذا القول ، إذا لم يكن مؤيّدا بالتأييد الإلهي ، وواثقا من نفسه كلّ الوثوق بأنّه لا يغيب عنه جواب مسألة مهما أشكلت ودقت ، فإنّ هذا لمقام يقصر العقل عن الإحاطة به ، ويسأل وهو على المنبر عن مسافة ما بين المشرق والمغرب ، فيجيب بأنّه مسيرة يوم للشمس وهو جواب إقناعيّ مركز علمي ، أحسن ما يجاب به في مثل المقام.
وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ عليّا (عليه السلام) ، كان بحق الحبر الأعلم الربّاني ، المؤيّد بالتأييد الإلهي فحسب ، لا يجاريه ولا يشاركه فيه أحد ، مهما أوتي من مناعة علمية جامعة ، وحيوية ثقافية كاملة.
ولم يحدثنا التأريخ قبل أمير المؤمنين ، وبعده من عرض نفسه لمعضلات المسائل ، وكراديس الأسئلة ورفع عقيرته بجأش رابط بين الملإ العلمي بقوله سلوني إلّا صنوه الرّسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإنّه كان كذلك يكثر من قوله : سلوني عما شئتم. وقوله سلوني سلوني وقوله سلوني ، ولا تسألوني عن شيء إلّا أنبأتكم به. فكما ورث أمير المؤمنين علمه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ورث مكرمته هذه وغيرها ، وهما صنوان في المكارم والمناقب ، والقيم كلّها.
والغريب أنّه ما تفوّه بهذا المقال أحد غير عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، إلّا وقد فضح ، ووقع في ربيكة وورطة وتلعثم ، وأماط بيده القناع والغطاء عن جهله المطبق.
وكيف لا يكون كذلك ، وهو باب مدينة العلم علّمه النبيّ الأقدس (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ألف باب من العلم ، فاستنبط من كل باب ألف باب وفي رواية أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علّمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب ألف باب.
وفي رواية قال (عليه السلام) ، وهو على منبر الكوفة وعليه مدرعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو متقلد بسيفه ومتعمم بعمامته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجلس على المنبر ، وكشف عن بطنه فقال : سلوني قبل أن تفقدوني ، فإنّما بين الجوانح منّي علم جم ، هذا سفط العلم هذا لعاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هذا ما زقّني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) زقا ، زقا ، فو الله لو ثنيت لي وسادة فجلست عليها ، لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم ، وأهل الانجيل بإنجيلهم ، حتّى ينطق الله التّوراة والإنجيل ، فيقولان : صدق عليّ قد أفتاكم بما أنزل فيّ ، وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون.
قال عبد الله بن مسعود : علماء الأرض ثلاثة ، عالم بالشام ، وعالم بالحجاز ، وعالم بالعراق. فأما عالم الشام فهو أبو الدّرداء ، وأما عالم أهل الحجاز فهو عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وأما عالم العراق فأخ لكم (يعني به نفسه) ، وعالم أهل العراق ، وعالم أهل الشام ، يحتاجان إلى عالم الحجاز ، وعالم أهل الحجاز لا يحتاج إليهما(١) .
وقد جاءت النصوص والأخبار أنّه أعلم العلماء في كافة المجالات وأنّه (عليه السلام) ، كان يربو بعلمه على جميع الصحابة ، وكانوا يرجعون إليه في القضايا ، والمهمات ، والمشكلات بصورة عامة ، ولا يرجع هو إلى أحد منهم في شيء ، وأنّ أول من اعترف وأقرّ به بالأعلمية نبيّ الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بقوله : أعلم أمتي من بعدي عليّ بن أبي طالب.
__________________
(١) الرياض النضرة ٢ / ٢٢١.
وقال سعيد بن المسيب : لم يكن أحد من الصحابة يقول : سلوني. إلّا عليّ ابن أبي طالب ، وكان إذا سئل عن مسألة يكون فيها كالسكة المحماة ، ويقول :
إذا المشكلات تصدّين لي |
كشفت حقائقها بالنظر |
|
فإن برقت في مخيل الصّو |
اب عمياء لا يجتليها البصر |
|
مقنعة بغيوب الأمور |
وضعت عليها صحيح الفكر |
|
لسانا كشقشقة الأرحبيّ |
أو كالحسام اليماني الذكر |
|
وقلبا إذا استنطقته الفنو |
ن أبرّ عليها بواه درر |
|
ولست بإمعة في الرّجا |
ل يسائل هذا وذا ما الخبر |
|
ولكنّني مذرب الأصغرين |
أبيّن مع ما مضى ما غبر(١) |
قال ابن أبي الحديد : فأما فضائله (عليه السلام) ، فإنّها قد بلغت من العظم والجلالة والانتشار والاشتهار ، مبلغا يسمح معه التعرّض لذكرها ، والتصدي لتفصيلها ، فصارت كما قال أبو العيناء ، لعبيد الله بن يحيى بن خاقان ـ وزير المتوكل ، والمعتمد ـ رأيتني فيما أتعاطى من وصف فضلك ، كالمخبر عن ضوء النهار الباهر ، والقمر الزاهر ، الذي لا يخفى على الناظر ، فأيقنت أنّي حيث انتهى بي القول ، منسوب إلى العجز ، مقصّر عن الغاية ، فانصرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك ، ووكلت الإخبار عنك إلى علم الناس بك.
وما أقول في رجل ، أقرّ له أعداؤه وخصومه ، بالفضل ولم يمكنهم جحد مناقبه ، ولا كتمان فضائله ، إنّه استولى بنو أمية على سلطان الإسلام ، في شرق الأرض وغربها ، واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره ، والتحريض عليه ، ووضع المعايب والمثالب له ، ولعنوه على جميع المنابر ، وتوعدوا مادحيه ، بل حبسوهم ، وقتلوهم ، ومنعوا من رواية حديث يتضمن له فضيلة ، أو يرفع له ذكرا ، حتّى حظروا أن يسمّى أحد باسمه ، فما زاده ذلك إلّا رفعة وسموّا ، وكان كالمسك كلما ستر انتشر عرفه ، وكلما كتم تضوّع نشره ، وكالشمس لا تستر بالراح ، وكضوء النهار ، إن حجبت عنه عين واحدة ، أدركته عيون كثيرة.
__________________
(١) الغدير ٦ / ١٩٤.
وما أقول في رجل ، تعزى إليه كل فضيلة ، وتنتهي إليه كل فرقة ، وتتجاذبه كل طائفة ، فهو رئيس الفضائل وينبوعها ، وأبو عذرها وسابق مضمارها ، ومجلّي حلبتها ، كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى وعلى مثاله احتذى.
وقد عرفت أنّ أشرف العلوم ، هو العلم الإلهي ، لأنّ شرف العلم بشرف المعلوم ، ومعلومه أشرف الموجودات ، فكان هو أشرف العلوم ، ومن كلامه (عليه السلام) اقتبس وعنه نقل ، وإليه انتهى ، ومنه ابتدأ.
ومن العلوم : علم الفقه ، وهو (عليه السلام) أصله وأساسه ، وكلّ فقيه في الإسلام ، فهو عيال عليه ، ومستفيد من فقهه :
أما أصحاب أبي حنيفة كأبي يوسف ، ومحمد ، وغيرهما فأخذوا عن أبي حنيفة.
وأما الشافعي ، فقرأ على محمد بن الحسن ، فيرجع فقهه أيضا إلى أبي حنيفة.
وأما أحمد بن حنبل ، فقرأ على الشافعي فيرجع فقهه إلى أبي حنيفة.
وأبو حنيفة ، قرأ على جعفر بن محمد (عليه السلام) ، وقرأ جعفر على أبيه (عليه السلام) ، وينتهي الأمر إلى عليّ (عليه السلام).
وأما مالك بن أنس ، فقرأ على ربيعة الرأي ، وقرأ ربيعة على عكرمة ، وقرأ عكرمة على عبد الله بن عباس ، وقرأ عبد الله بن عباس على عليّ بن أبي طالب.
وإن شئت رددت إليه فقه الشافعي ، بقراءته على مالك ، كان لك ذلك فهؤلاء الفقهاء الأربعة.
وأما فقه الشيعة فرجوعه إليه ظاهر. وأيضا فإنّ فقهاء الصحابة كانوا ، عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عباس ، وكلاهما أخذا عن علي (عليه السلام). أما ابن عباس فظاهر ، وأما عمر فقد عرف كل أحد رجوعه إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة. وقوله غير مرّة : لو لا عليّ لهلك عمر. وقوله : لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن. وقوله : لا يفتينّ أحد في المسجد
وعليّ حاضر. فقد عرف بهذا الوجه أيضا انتهاء الفقه إليه.
وقد روت العامة والخاصة ، قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : «أقضاكم عليّ» والقضاء هو الفقه ، فهو إذا أفقههم.
وروى الكل أيضا إنّه (عليه السلام) قال له ـ وقد بعثه إلى اليمن قاضيا ـ : «اللهم اهد قلبه وثبّت لسانه» قال : ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين(١) .
وهو (عليه السلام) الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر.
وهو الذي أفتى في الحامل الزانية(٢) .
وهو الذي قال في المنبرية(٣) : صار ثمنها تسعا. وهذه المسألة لو فكر الفرضي فيها فكرا طويلا ، لاستحسن منه بعد طول النظر هذا الجواب ، فما ظنك بمن قاله بديهة واقتضبه ارتجالا.
ومن العلوم : علم تفسير القرآن ، وعنه أخذ ومنه فرّع. وإذا رجعت إلى كتب التفسير علمت صحة ذلك. لأنّ أكثره عنه ، وعن عبد الله بن عباس ، وقد علم الناس حال ابن عباس في ملازمته له ، وانقطاعه إليه ، وأنّه تلميذه وخريجه. وقيل له : أين علمك من علم ابن عمك؟ فقال : كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط.
ومن العلوم : علم النحو والعربية ، وقد علم الناس كافة إنّه هو الذي ابتدعه ، وأنشأه وأملى على أبي الأسود الدؤلي ، جوامعه وأصوله ، من جملتها : «الكلام كلّه ثلاثة أشياء : اسم ، وفعل ، وحرف». ومن جملتها تقسيم الكلمة إلى معرفة ، ونكرة ، وتقسيم وجوه الإعراب إلى الرفع ، والنصب ، والجر ، والجزم ، وهذا يكاد يلحق بالمعجزات ، لأنّ القوة البشريّة لا تفي بهذا الحصر ولا تنهض بهذا الاستنباط.
__________________
(١) الغدير ٣ / ٩٥.
(٢) الغدير ٦ / ٩٤ وقد حدث مثل هذا لعمر بن الخطاب. وص ١١٠.
(٣) سميت المنبريّة لأنّه سئل عنها وهو على المنبر. النهاية في غريب الحديث ٣ / ١٣٩.
وإن رجعت إلى الخصائص الخلقية ، والفضائل النفسية ، والدينية ، وجدته ابن جلاها وطلّاع ثناياها(١) .
* * *
يطول بنا المقام في هذا الجانب وحده ، لو تحرينا التحدث فيه بصورة وافية لافتقاره إلى صفحات وأوراق ومجلّدات ، لوفور النصوص والأدلة في هذا المجال ، فهي كبقية جوانب شخصيته (عليه السلام) ، خارجة عن قوّة التحدّث ، ومناعة البيان الإنساني ، وبعيدة التوصّل إلى نهايتها ، وغورها وهذه ظاهرة متأصلة في ذات أمير المؤمنين (عليه السلام) ولا ترانا في حاجة إلى التدليل عليها ، بعد أن وقف العالم خلال القرون المتطاولة منذ وفاة النبي الأقدس (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تجاهه ذاهلا ، والها حائرا لم يتمكن أن يقول فيه كلمته الأخيرة ، أو يصفه بالكلمة الخليقة بشأنه ، لأنّ العقلية البشريّة قاصرة عن معرفة ذاته ، والتوصل إلى كنهه ، والوقوف على طبيعته المختمرة بالقيم الخلقية ، والخصائص النفسية ، والمثل الإنسانية المتكاملة التي لم يشاهدها العالم في غيره ، بعد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقد استدل بهذا حين عبّر عن نفسه بقوله الصادق المصدّق : «ينحدر عنّي السّيل ولا يرقى إليّ الطّير».
والواقع أنّ شخصية الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، خليقة بكلّ تقديس وتعظيم وتكريم ، وجديرة بالخضوع والخشوع والمحبة والإخلاص ، والولاء والمودّة ، لكونه أمة بمفرده ، يمتاز بخلقه وأخلاقه ، وعلومه ، ومعارفه ، وشجاعته ، وحكمته ، وبسالته ، وصبره ، ونضاله ، وشهامته ، وفتوّته ، وإخلاصه ، وسياسته ، وعدله ، وإحسانه ، وعبادته ، وزهده ، وشفقته ، وبرّه ، وحسن تربيته ، وسخائه ، وجوده ، وسماحه ، وتواضعه ، وحلمه ، وصفحه ، وفصاحته ، وبلاغته ، وحكمه ، وجهاده في سبيل الله ، ودعواته ، ومناجاته ، وقراءته القرآن ، واشتغاله به ، وبأجوائه وآفاقه ، وبجوانبه الخلقية ، فقد كان في كافة هذه الخصائص والسجايا ، الإمام المتبع فعله ، والرئيس المقتفى أثره ولم يعهد العالم وجود سجية واحدة منها عند واحد من الصحابة والتابعين على كثرتهم ، غير ذات أمير المؤمنين
__________________
(١) شرح ابن أبي الحديد ١ / ١٦ ـ ٢٠.
(عليه السلام) المستجمع لكافة السمات والسجايا.
ولو فرضنا أنّ الله سبحانه ، لم يكن يودع في وجوده أسرار الإمامة ، وودائع الخلافة الإلهية ، ولم يعهد إليه مقاليد الحكومة الإسلامية ، بعد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بصورة مباشرة لكان أيضا جديرا بالتقديس والتعظيم حيث منح للحياة بخطبه ، وكتبه ، ورسائله ، وكلماته ، علما جما ، وحكمة بالغة ، وتبيانا زاخرا بالإضافة إلى أن أطلع على الدنيا بأبناء كانوا ، الأئمة الدعاة ، والقادة الهداة ، والسادة الولاة ، والذادة الحماة ، وأهل الذكر ، وأولي الأمر ، وبقية الله ، وخيرته ، وحزبه ، وعيبة علمه ، وحجته ، وصراطه ، ونوره ، وبرهانه يملئون الحياة قسطا وعدلا ، ويبثون وينشرون في أرجائها المترامية ، وأجوائها البسيطة المديدة ، وآفاقها البعيدة النائية ، مثل النور ، والشعاع ، والجمال ، والحق ، والخير ، والحنان ، والإحسان.
هؤلاء السؤدد الكرام من ذريّة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، وأبناء عليّ (عليه السلام) المنتجبين المصطفين الأخيار الذين وجدهم الله سبحانه أجدر نفر يتحملون من الله رسالة الإمامة ، وأمانة الخلافة الإلهية فيقوم كل واحد منهم برسالته فلما انقضت مدّته أودعها للّذي بعده ، حسبما يريده الله تعالى ، وكما يشاء الخالق بعد أن صفّاهم واصطفاهم من خلقه ، فساروا في معارج الأصلاب الشامخة ، وتناقلوا في الأرحام الطاهرة المطهرة ، لم تنجسهم الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلبسهم من مدلهمات ثيابها ، حتى انتهوا إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).
أولئك النفر البيض الخيرة الذين أبدعهم الله تعالى لدينه ليكونوا قادة خير ، وأئمة هداة ، يعملون به ويدعون إليه ، وينشرون مفاهيمه ، ويبثون أضواءه ، فلا تجد فضيلة من فضائل الحياة ، ولا سجية من سجايا الطبيعة ، ولا تكامل من القيم ، والمثل في العقيدة ، والمبدأ ، والحمية ، والنجدة ، والفكر ، والإصلاح ، والصلاح ، والخير ، إلّا وكانوا مفاتيحها ، وأبوابها ، وأعلامها والأدلاء عليها وما زالوا الركيزة ، والدعامة الأساسية في التوجيه ، والفطنة ، وسلامة الضمير ، وطهارة الذات والدوامة التي تعول عليها الدنيا ، وقطب رحى الحق ، والخير الذي
يدفع الإنسان إلى مراقيه الجسام.
والواقع الذي لا غضاضة فيه ، أنّ كل واحد من الأئمة الهداة ، جامعة بذاته ، ومدرسة فكريّة متكاملة بشخصه ، فتحوا للبشريّة أبواب العلم ومناهل المعرفة ، وسبل الحكمة والمعرفة ، وعبّدوا لها طرق الخير والسداد ، ومهيع الصراط المستقيم ، فاتجهت نحوهم الإنسانية ، وقصدتهم البشريّة ، وتحولت نحوهم الطوائف والملل ، وحضروا مجالسهم الفكرية ، وارتشفوا من مناهلهم العلمية المتواصلة السرمدية التي لن تنضب إلى الأبد ، وستبقى يانعة متدفقة قويّة جديدة ما دامت الإنسانية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لقد أخذ وتعلم من أمير المؤمنين ، ومن أولاده الأئمة الهداة عليهم الصلوات والسلام الآلاف من الصحابة والتابعين ، والجهابذة والأئمة من السلف خلال القرون الثلاثة الإسلامية الأولى ، وفتحوا أبوابهم على مصراعيها لطلاب العلم ، والحديث ، والتشريع الإسلامي ، رغم المضايقات السياسية الأموية ، والعباسية ، وتحكم أئمة الجور والفساد والبغي ، واستيلائهم على الحواضر الإسلامية ، وإقامة عروشهم الواهية على أكتاف آل محمد ، وأشلاء وجماجم المسلمين ، فكانت أدوارهم وعهودهم ، محكومة بالجور ، والإرهاب ، والإرهاص ، والنفي ، والتشريد ، والقتل. وكان آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يواجهون تلك المصاعب ، ويلاقون تلكم الشدائد ، بقلوب مطمئنة ومعتقدة بما وعد الله الصابرين. فبعين الله ما كابدت الأمة الإسلامية ، وما أصيب آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الذين هم بحق حملة العلم ، وأمانة الإمامة ، ومبلغو ودعاة رسالات الإسلام.
لقد شاهد أئمة الهداة ، تلكم الظروف الراهنة ، والحكم الرّعون في حياتهم ، أو أخذ عنها من أبيه صورة واقعية بعد حدوثها ، وتحدّث إليه عن تلك العهود المظلمة الظالمة المحاطة بالرقابة ، والمحن القائمة على الاتهامات ، والتخرصات التي اختلقت ضدهم ، من قبل خصوم آل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وشيعتهم ، وهم في الوقت نفسه يشاهدون بين آونة وأخرى مطاردة أبناء الشيعة ، ونفي رجالات الأمة ، وزجهم إلى السجون ، وأخيرا مصارع واستشهاد عيون الطائفة من قبل ولاة أضاعوا الحق ،
والحقيقة ، والنبأ العظيم ، وظلموا العترة الطاهرة ، والشيعة والأمة ، واتبعوا الشهوات ، ونفوسهم الأمارة بالسوء ، وأعلنوا العداء والخصم لآل محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ومن هنا يمكن القول بصراحة أنّ التحكم السياسي لعب دورا فعالا في سيطرته على نظام التأريخ الصحيح ، ومسيره ومصيره ، فانتزع حريّته في أداء أمانته ، وهذا مما جعل التأريخ غير متمكن من أداء واجبه على الوجه الصحيح ، لأنّه فقد حريته واستقلاله ، والتوت به الأهواء والطرق ، فأصبح يسجل بمداد غيره ، ويعمل بغير يده ، ويفعل بعمل المسيطرين الحاكمين عليه لا بفعله هو.
ومهما يكن من أمر ، فالحديث ذو شجون وشجون لأنّ العهود الزمنية التي عاشتها الأئمة الهداة عهود إعياء ومحن وشدائد ، ومصائب ونفي وتشريد ، ولكن رغم كلّ هذه البسابس والظلامات ، والإرهاصات ، فقد خلف أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ثروة علمية ، ومناعة فكرية ، وحيوية ثقافية ، وخرّجت الآلاف من الصحابة والتابعين ، ورجالات العلم ، والحديث ، وأنجبت خيرة العلماء ، والمفكرين ، وصفوة الأدباء والشعراء ، وجهابذة الفقهاء ، والرواية ، والدراية ، والخطابة ، والفصاحة ، والنحو.
إنّ مدرسة الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) كانت جامعة إسلامية ومصدرا خصبا للعلم ، وينبوعا مترعا ، ومنهلا فياضا يفيض على الأفكار والقلوب صنوف العلوم ، والمعارف الإسلامية ، وأغدقت على الحياة بحيويّتها الفكرية ، ومناعتها العلمية ، منذ عهد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وفي كافة العصور ، فازدهر بها العلم ، وأخصبت بها القيم والمثل والتعاليم الخالدة ، وأينعت وأتت بخيراتها ، فاتجهت الشعوب والأمم على انتهالها ، وقطافها ، والتمتع ، والتفكه بها ، على ما هم عليه من تباين جنسياتهم ، واختلاف ألوانهم ، ومعتقداتهم ، لأنّ العلم مشاع للجميع من دون استثناء وتمييز ، ويحق لكل فرد الأخذ منه.
والواقع أنّ جامعة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، الفكرية قد أنجبت خيرة الرجال ، وصفوة العلماء ، وجهابذة الفتوة ، والسياسة ، والاجتماع ، والأخلاق ، والأدب ، والنحو ، والبلاغة فإذا كانت هناك حقيقة يجب أن تقال ، فهي : إنّ
٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز عمن ذكره ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال إذا صحبت فاصحب نحوك ولا تصحبن من يكفيك فإن ذلك مذلة للمؤمن.
٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور ، عن شهاب بن عبد ربه قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام قد عرفت حالي وسعة يدي وتوسعي على إخواني فأصحب النفر منهم في طريق مكة فأتوسع عليهم قال لا تفعل يا شهاب إن بسطت وبسطوا أجحفت بهم وإن أمسكوا أذللتهم فاصحب نظراءك.
٨ ـ أحمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام يخرج الرجل مع قوم مياسير وهو أقلهم شيئا فيخرج القوم النفقة ولا يقدر هو أن يخرج مثل ما أخرجوا فقال ما أحب أن يذل نفسه ليخرج مع من هو مثله.
(باب)
(الدعاء في الطريق)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن حذيفة بن منصور قال صحبت أبا عبد اللهعليهالسلام وهو متوجه إلى مكة فلما صلى
الحديث السادس : مرسل. والأصوب حماد بن عيسى لما ذكره الصدوق (ره) في آخر أسانيد الفقيه ولأن الشائع روايته عن حريز لا رواية ابن عثمان عنه.
الحديث السابع : ضعيف على المشهور.
الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.
باب الدعاء في الطريق
الحديث الأول : ضعيف على المشهور.
قال ـ اللهم خل سبيلنا وأحسن تسييرنا وأحسن عافيتنا وكلما صعد أكمة قال ـ اللهم لك الشرف على كل شرف.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال كان رسول اللهصلىاللهعليهوآله في سفره إذا هبط سبح وإذا صعد كبر.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن قاسم الصيرفي ، عن حفص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليهالسلام إن على ذروة كل جسر شيطان فإذا انتهيت إليه فقل ـ بسم الله يرحل عنك.
٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قل اللهم إني أسألك لنفسي اليقين والعفو والعافية في الدنيا والآخرة اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي وأنت عضدي وأنت ناصري بك أحل وبك أسير قال ومن يخرج في سفر وحده فليقل «ما شاءَ اللهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ » اللهم آنس وحشتي وأعني على وحدتي وأد غيبتي.
قولهعليهالسلام :(١) « وقال الفيروزآبادي »« الأكمة » محركة التل من القف من حجارة واحدة أو هي دون الجبال ، أو الموضع يكون أشد ارتفاعا مما حوله وهو غليظ لا يبلغ أن يكون حجرا ، وقال : ـ الشرف محركة ـ العلو والمكان العالي فأريد هنا بالأول الأول وبالثاني الثاني.
الحديث الثاني : حسن.
الحديث الثالث : مجهول.
قوله عليهالسلام : « شيطان » لعله بتقدير ضمير الشأن والأظهر شيطانا كما في الفقيه.
الحديث الرابع : حسن أو موثق.
قوله عليهالسلام : « أحل » هو بكسر الحاء أي أنزل.
قوله عليهالسلام : « وأد غيبتي » الإسناد مجازي أي أدنى عن غيبتي.
__________________
(١) هكذا في الأصل : ولكن الصحيح أنّ هنا سقط ولعله من النسّاخ « كما صعد أكمّة ».
٥ ـ أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن حماد ، عن رجل ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي عبد الله قال إذا خرجت في سفر فقل ـ اللهم إني خرجت في وجهي هذا بلا ثقة مني بغيرك ولا رجاء آوي إليه إلا إليك ولا قوة أتكل عليها ولا حيلة ألجأ إليها إلا طلب فضلك وابتغاء رزقك وتعرضا لرحمتك وسكونا إلى حسن عادتك وأنت أعلم بما سبق لي في علمك في سفري هذا مما أحب أو أكره فإنما أوقعت عليه يا رب من قدرك فمحمود فيه بلاؤك ومنتصح عندي فيه قضاؤك وأنت تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب اللهم فاصرف عني مقادير كل بلاء ومقضي كل لاواء وابسط علي كنفا من رحمتك ولطفا من عفوك وسعة من رزقك وتماما من نعمتك وجماعا من معافاتك وأوقع علي فيه جميع قضائك على موافقة جميع هواي في حقيقة أحسن أملي وادفع ما أحذر فيه وما لا أحذر على نفسي وديني ومالي مما أنت أعلم به مني واجعل ذلك خيرا لآخرتي ودنياي مع ما أسألك يا رب
الحديث الخامس : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « إلى حسن عادتك » وفي مصباح الزائر : عائدتك.
قوله عليهالسلام : « متنصح » مبالغة في النصح أي خالص عن الغش« والأوار » الشدة.
وقال في القاموس :الكنف محركة الجانب والظل والحرز والستر والناحية يقال انهزموا فما كانت لهم كأنفه أي حاجز يحجز العدو عنهم.
وقال :« جماع » الشيء جمعه يقال : جماع الخباء والأخبية أي جمعها لأن الجماع ما جمع عددا.
وقال في النهاية : ومنه الحديث « الخمر جماع الإثم » أي مجمعة ومظنة(١) قوله عليهالسلام : « وادفع » في مصباح الزائر : وادفع عني ما أحذر وما لا أحذر.
__________________
(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.
أن تحفظني فيمن خلفت ورائي من ولدي وأهلي ومالي ومعيشتي وحزانتي وقرابتي وإخواني بأحسن ما خلفت به غائبا من المؤمنين في تحصين كل عورة وحفظ من كل مضيعة وتمام كل نعمة وكفاية كل مكروه وستر كل سيئة وصرف كل محذور وكمال كل ما يجمع لي الرضا والسرور في جميع أموري وافعل ذلك بي بحق محمد وآل محمد وصل على محمد وآل محمد والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته.
(باب)
(أشهر الحج)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » ـ شوال وذو القعدة وذو الحجة ليس لأحد أن يحج فيما سواهن.
وفي القاموس :« حزانتك » عيالك الذين تتحزن لأمرهم.
وفي المغرب :المضيعة والمضيعة وزن المعيشة والمطيبة كلاهما بمعنى الضياع.
يقال : ترك عيال بمضيعة.
باب أشهر الحج
الحديث الأول : ضعيف. ويدل على أن تمام ذي الحجة داخل في أشهر الحج كما هو ظاهر الآية فيكون المعنى الأشهر التي يمكن إيقاع أفعال الحج فيها لا إنشاء الحج وهذا أقرب الأقوال في ذلك.
وقال العلامة في التحرير : للشيخ أقوال في أشهر الحج : ففي النهاية شوال وذو القعدة وذو الحجة.
وفي المبسوط : شوال وذو القعدة إلى قبل الفجر من عاشر ذي الحجة.
وفي الخلاف : إلى طلوع الفجر.
وفي الجمل : وتسعة من ذي الحجة.
والأقرب : الأول ، ولا يتعلق بهذا الاختلاف حكم للإجماع على فوات الحج
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ » والفرض التلبية والإشعار والتقليد فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ » وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.
٣ ـ علي بن إبراهيم بإسناده قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة وأشهر السياحة عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع
بفوات الموقفين وصحة بعض أفعال الحج فيما بعد العاشر.
الحديث الثاني : حسن كالصحيح.
الحديث الثالث : مرسل. وقال في المنتقى : لا يخلو حال طريق هذا الخبر من نظر لأنه يحتمل أن يكون قوله بإسناده إشارة إلى طريق غير مذكور فيكون مرسلا.
ويحتمل كون : الإضافة إليه للعهد ، والمراد إسناده الواقع في الحديث الذي قبله وهذا أقرب لكنه لقلة استعماله ربما يتوقف فيه.
قوله عليهالسلام : « وعشر من ذي الحجة » هذا مبني على أن أشهر الحج هي الأشهر التي يمكن إنشاء الحج فيها ، أو إدراك الحج فيها فإنه يمكن إدراكه في اليوم العاشر بإدراك اختياري المشعر أو اضطرارية على قول قوي فيكون إطلاق الأشهر عليها مجازا وقد مر أن أشهر السياحة هي الأشهر التي أمر الله تعالى المشركين أن يسيحوا في الأرض في تلك المدة آمنين بعد أن نبذ إليهم عهودهم ببعث سورة البراءة إليهم مع أمير المؤمنينعليهالسلام فقرأها عليهم يوم النحر وفيه قرأ عليهم«فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ »(١) فكان ابتداء السياحة من اليوم الحادي عشر
__________________
(١) سورة التوبة : ٢.
الأول وعشر من شهر ربيع الآخر.
(باب)
(الحج الأكبر والأصغر)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن يوم «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فقال هو يوم النحر والحج الأصغر العمرة.
٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ذريح ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال الحج الأكبر يوم النحر.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن «الْحَجِّ الْأَكْبَرِ » فإن ابن عباس كان يقول ـ يوم عرفة فقال أبو عبد اللهعليهالسلام قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه الحج الأكبر يوم النحر ويحتج بقوله عز وجل : «فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ
إلى تمام أربعة أشهر.
باب الحج الأكبر والأصغر
الحديث الأول : حسن. وقد مر الكلام فيه في باب فرض الحج والعمرة.
الحديث الثاني : صحيح.
قوله عليهالسلام : « الحج الأكبر » أي يوم الحج الأكبر ، والمراد أن اليوم الذي قال الله تعالى : «وَأَذانٌ مِنَ اللهِ » إلى الناس «يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ »(١) أي يوم هو الأذان في أي يوم وقع ، وقالعليهالسلام الأذان وقع في يوم النحر وهو المراد بيوم الحج الأكبر وأما القول في الحج الأكبر فقد مر الكلام فيه.
الحديث الثالث : ضعيف.
__________________
(١) سورة التوبة : ٣.
أَشْهُرٍ » وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر ولو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر ويوما.
(باب)
(أصناف الحج)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول الحج ثلاثة أصناف حج مفرد وقران وتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » وبها أمر رسول اللهصلىاللهعليهوآله والفضل فيها ولا نأمر الناس إلا بها.
٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن منصور الصيقل قال قال أبو عبد اللهعليهالسلام الحج عندنا على ثلاثة أوجه حاج متمتع وحاج مفرد سائق للهدي وحاج مفرد للحج.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام أي أنواع الحج أفضل فقال التمتع وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول اللهصلىاللهعليهوآله يقول لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس
قوله عليهالسلام : « لكان أربعة أشهر ويوما » لعل الاستدلال مبني على أنه كان مسلما عندهم إن آخر أشهر السياحة كان عاشر ربيع الآخر.
باب أصناف الحج
الحديث الأول : حسن وما يدل عليه من انقسام الحج إلى الأقسام الثلاثة وحصره فيها مما أجمع عليه العلماء ، وأما إنكار عمر : التمتع فقد ذكر المخالفون أيضا أنه قد تحقق الإجماع بعده على جوازه.
الحديث الثاني : مجهول.
الحديث الثالث : حسن.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليهالسلام ما نعلم حجا لله غير المتعة إنا إذا لقينا ربنا قلنا ربنا عملنا بكتابك وسنة نبيك ويقول القوم عملنا برأينا فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء.
٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جعفر الثانيعليهالسلام قال كان أبو جعفرعليهالسلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.
٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن معاوية
الحديث الرابع : صحيح.
الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.
قوله عليهالسلام : « أفضل » فإن قيل : هذا لا يستقيم في الآفاقي ولا في المكي لأن الآفاقي يجب عليه التمتع ولا يجزيه القرآن والإفراد فكيف يكون أفضل بالنسبة إليه والأفضلية لا تتحقق إلا بتحقق الفضل في المفضل عليه وأما في المكي لأنه مخير بين الإفراد والقران لا يجزيه التمتع فكيف يكون له أفضل.
قلنا : يمكن توجيهه بوجهين.
الأول : أن نخصه بالآفاقي ويكون التعبير بالأفضلية على سبيل المماشاة أي لو كان فيهما فضل كان التمتع خيرا منهما ومثله في الأخبار كثير كقولهمعليهمالسلام قليل في سنة خير من كثير من بدعة.
والثاني : أن نحمله على غير حج الواجب ولا يستبعد كون التمتع في غير الواجب للمكي أيضا أفضل إن لم نقل : في حجة الإسلام له بذلك كما ذهب إليه جماعة.
والثالث : أن يكون المراد أن من يجوز له الإتيان بالتمتع ثوابه أكثر من ثواب القارن وإن لم يكونا بالنسبة إلى واحد ، وفيه بعد.
الحديث السادس : مجهول.
عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال من حج فليتمتع إنا لا نعدل بكتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلىاللهعليهوآله .
٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام إن بعض الناس يقول جرد الحج وبعض الناس يقول اقرن وسق وبعض الناس يقول تمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال لو حججت ألف عام لم أقرنها إلا متمتعا.
٨ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد قال كتب إليه علي بن ميسر يسأله عن رجل اعتمر في شهر رمضان ثم حضر له الموسم أيحج مفردا للحج أو يتمتع أيهما أفضل فكتب إليه يتمتع أفضل.
٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن الحج فقال تمتع ثم قال إنا إذا وقفنا بين يدي الله عز وجل قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيك وقال الناس رأينا برأينا.
قوله عليهالسلام : « لا نعدل » أي لا نعادل ولا نساوي بهما شيئا كما قال : تعالى «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ »(١) .
قوله عليهالسلام : « لم أقرنها » (٢) وفي بعض النسخ بالباء الموحدة وفي بعضها بالنون ، وعلى الأول مبالغة في عدم الإتيان ، وعلى الثاني يحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا ، ويحتمل أن يكون المراد أن القران يكون بسياق الهدي وبالقران بين الحج والعمرة فلو أتيت بالقرآن لم آت إلا بهذا النوع من القرآن ، وفي التهذيب ما قدمتها وهو أظهر.
الحديث الثامن : ضعيف.
الحديث التاسع : حسن.
__________________
(١) سورة الأنعام : ١.
(٢) هكذا في الأصل ولكن الصحيح أنّ هذا القول راجع إلى الحديث السابع وهو مخذوف ولعلّه من سهو النسّاخ.
١٠ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال المتعة والله أفضل وبها نزل القرآن وجرت السنة.
١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا جعفرعليهالسلام في السنة التي حج فيها وذلك في سنة اثنتي عشرة ومائتين فقلت جعلت فداك بأي شيء دخلت مكة مفردا أو متمتعا فقال متمتعا فقلت له أيما أفضل المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أو من أفرد وساق الهدي فقال كان أبو جعفرعليهالسلام يقول المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أفضل من المفرد السائق للهدي وكان يقول ليس يدخل الحاج بشيء أفضل من المتعة.
١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن عبد الملك بن عمرو أنه سأل أبا عبد اللهعليهالسلام عن التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » فقال تمتع قال فقضى أنه أفرد الحج في ذلك العام أو بعده فقلت أصلحك الله سألتك فأمرتني بالتمتع وأراك قد أفردت الحج العام فقال أما والله إن الفضل لفي الذي أمرتك به ولكني ضعيف فشق علي طوافان بين الصفا والمروة فلذلك أفردت الحج.
١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن عمه عبيد الله أنه قال سأل رجل أبا عبد اللهعليهالسلام وأنا حاضر فقال إني اعتمرت في الحرم وقدمت الآن متمتعا فسمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول نعم ما صنعت إنا لا نعدل ـ بكتاب الله عز وجل وسنة رسول اللهصلىاللهعليهوآله فإذا بعثنا ربنا
الحديث العاشر : مجهول كالصحيح.
الحديث الحادي عشر : صحيح.
الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.
الحديث الثالث عشر : صحيح.
قوله عليهالسلام : « في الحرم » أي في الأشهر الحرم ، ويحتمل رجب وذو القعدة
أو وردنا على ربنا قلنا يا رب أخذنا بكتابك وسنة نبيكصلىاللهعليهوآله وقال الناس رأينا رأينا فصنع الله عز وجل بنا وبهم ما شاء.
١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن درست ، عن محمد بن الفضل الهاشمي قال دخلت مع إخوتي على أبي عبد اللهعليهالسلام فقلنا إنا نريد الحج وبعضنا صرورة فقال عليكم بالتمتع فإنا لا نتقي في التمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » سلطانا واجتناب المسكر والمسح على الخفين.
١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام إني اعتمرت في رجب وأنا أريد الحج أفأسوق الهدي وأفرد الحج أو أتمتع فقال في كل فضل وكل حسن قلت فأي ذلك أفضل فقال تمتع هو
قوله عليهالسلام : « أو وردنا » الترديد من الراوي.
الحديث الرابع عشر : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « فإنا لا نتقي » قيل : إن عدم التقية في تلك الأمور من خصائصهمعليهمالسلام ولذا قال : فإنا لا نتقي وهو بعيد من سياق هذا الخبر. وقيل : إنما كانت التقية في تلك الأمور موضوعة عنهم لكون مذهبهم معلوما فيها ، أو لكون بعض المخالفين موافقا لهم فيها.
وقيل المراد : إن الإنسان لا يحتاج فيها إلى التقية أما في الحج فلاشتراك الطواف والسعي بين الجميع لإتيانهم بهما استحبابا للقدوم والنية والإحرام للحج لا يطلع عليهما أحد ، والتقصير يمكن إخفاؤه وأما اجتناب المسكر فيمكن الاعتدال في الترك بالضرر وغير ذلك وأما المسح فلان غسل الرجلين أحسن منه ، وظاهر الخبر عدم التقية فيها مطلقا ، ولم أر قائلا به من الأصحاب إلا أن الصدوقين روياه في كتابيهما.
الحديث الخامس عشر : حسن.
والله أفضل ثم قال إن أهل مكة يقولون إن عمرته عراقية وحجته مكية كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجه لا يخرج حتى يقضيه ثم قال إني كنت أخرج لليلة أو لليلتين تبقيان من رجب فتقول ـ أم فروة أي أبه إن عمرتنا شعبانية وأقول لها أي بنية إنها فيما أهللت وليست فيما أحللت.
١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال من لم يكن معه هدي وأفرد رغبة عن المتعة فقد رغب عن دين الله عز وجل.
١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن عمير ، عن معاوية قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام إنهم يقولون في حجة المتمتع حجه مكية وعمرته عراقية فقال كذبوا أوليس هو مرتبطا بحجته لا يخرج منها حتى يقضي حجته.
قوله عليهالسلام : « وحجته مكية » أي أنهم يقولون لما أحرم بحج التمتع من مكة فصارت حجته كحجة أهل مكة لأنهم يحجون من منزلهم(١) فأجابهمعليهالسلام بأن حج التمتع لما كان مرتبطا بعمرته فكأنهما فعل واحد فلما أحرم بالعمرة من الميقات ، وذكر الحج أيضا في تلبية العمرة كانت حجته أيضا عراقية كأنه أحرم بها من الميقات ثم ذكرعليهالسلام قصة أم فروة مؤيدا لكون المدار على الإهلال بعد ما مهدعليهالسلام على أن الإهلال بالحج أيضا وقع من الميقات وأم فروة كنية لأم الصادقعليهالسلام بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ويظهر من هذا الخبر أنه كانت لهعليهالسلام ابنة مكناة بها أيضا.
الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.
الحديث السابع عشر : حسن.
__________________
(١) هكذا في الأصل : والأولى « من منازلهم ».
١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن عبد الملك بن أعين قال حج جماعة من أصحابنا فلما قدموا المدينة دخلوا على أبي جعفرعليهالسلام فقالوا إن زرارة أمرنا أن نهل بالحج إذا أحرمنا فقال لهم تمتعوا فلما خرجوا من عنده دخلت عليه فقلت جعلت فداك لئن لم تخبرهم بما أخبرت زرارة لنأتين الكوفة ولنصبحن به كذابا فقال ردهم فدخلوا عليه فقال صدق زرارة ثم قال أما والله لا يسمع هذا بعد هذا اليوم أحد مني.
(باب)
(ما على المتمتع من الطواف والسعي)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وصفوان جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال على المتمتع
الحديث الثامن عشر : حسن.
قوله عليهالسلام : « صدق زرارة » لعلهعليهالسلام إنما أراد بما أخبر به زرارة الإهلال بالحج مع تلبية العمرة ولم يفهم عبد الملك ، أو كان مرادهعليهالسلام الإهلال بالحج ظاهرا تقية مع نية العمرة باطنا ولما لم يكن التقية في هذا الوقت شديدة لم يأمرهم بذلك فلما علم أنه يصير سببا لتكذيب زرارة أخبرهم وبين أنه لا حاجة إلى ذلك بعد اليوم.
وقال في المنتقى : كأنهعليهالسلام أراد للجماعة تحصيل فضيلة التمتع فلما علم أنهم يذيعون وينكرون على زرارة فيما أخبر به على سبيل التقية عدلعليهالسلام من كلامه وردهم إلى حكم التقية.
باب ما على المتمتع من الطواف والسعي
الحديث الأول : حسن كالصحيح.
«بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة وعليه إذا قدم مكة طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليهالسلام وسعي بين الصفا والمروة ثم يقصر وقد أحل هذا للعمرة وعليه للحج طوافان وسعي بين الصفا والمروة ويصلي عند كل طواف بالبيت ركعتين عند مقام إبراهيمعليهالسلام .
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال المتمتع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة وقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكة ويحرم بالحج يوم التروية ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال على المتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » ثلاثة أطواف بالبيت ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا والمروة.
قوله عليهالسلام : « وعليه » الأولى عدم « الواو » وفي بعض نسخ الكتاب والتهذيب [ فعليه ] ولعله الصحيح لأنه تفصيل لما سبقة.
ثم اعلم أن هذه الأخبار تدل على عدم طواف النساء في العمرة المتمتع بها كما هو المشهور ، وفيه قول نادر بالوجوب وهو ضعيف.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
الحديث الثالث : حسن كالصحيح.
(باب)
(صفة الإقران وما يجب على القارن)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال لا يكون القارن إلا بسياق الهدي وعليه طوافان بالبيت وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ليس بأفضل من المفرد إلا بسياق الهدي.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال القارن لا يكون إلا بسياق الهدي وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليهالسلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف بعد الحج وهو طواف النساء.
٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قلت له إني سقت الهدي وقرنت قال ولم فعلت ذلك التمتع أفضل ثم
باب صفة الأقران وما يجب على القارن
الحديث الأول : حسن كالصحيح. وما دل عليه الخبر من عدم التفاوت بين القارن والمفرد إلا بسياق الهدي ، وهو المشهور بين الأصحاب.
وقال ابن أبي عقيل : القارن من ساق وجمع بين الحج والعمرة فلا يتحلل منها حتى يتحلل بالحج ونحوه قال الجعفي.
وحكي في المعتبر عن الشيخ في الخلاف أنه قال : إذا أتم المتمتع أفعال عمرته وقصر فقد صار محلا فإن كان ساق هديا لم يجز له التحلل وكان قارنا.
الحديث الثاني : حسن.
الحديث الثالث : حسن.
قال يجزئك فيه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة واحد وقال طف بالكعبة يوم النحر.
(باب)
(صفة الإشعار والتقليد)
١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام إني قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها فقال انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبيك ثم أنخها مستقبل القبلة ثم ادخل المسجد فصل ثم افرض بعد صلاتك ثم اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ثم قل بسم الله اللهم منك ولك اللهم تقبل مني ثم انطلق حتى تأتي البيداء فلبه.
٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن
قوله عليهالسلام : « طواف » لعله محمول على التقية ، أو المراد به جنس الطواف بقرينة عدم التقييد بالوحدة كما قيد في مقابله ، أو المراد بقوله « طف بالكعبة » طواف النساء وإن كان بعيدا ، أو كان طوافان فوقع التصحيف من النساخ أو الرواة.
باب صفة الإشعار والتقليد
الحديث الأول : موثق.
قوله عليهالسلام : « ثم افرض » ظاهره التلبية ، ويحتمل نية الإحرام.
ثم اعلم : أن المشهور بين الأصحاب أن عقد الإحرام لغير القارن لا يكون إلا بالتلبية وأما القارن فيتخير في عقد إحرامه بينها وبين الإشعار والتقليد فبأيهما بدأ كان الثاني مستحبا.
وقال المرتضى ، وابن إدريس : لا عقد في الجميع إلا بالتلبية وهو ضعيف.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
محمد الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن تجليل الهدي وتقليدها فقال لا تبالي أي ذلك فعلت وسألته عن إشعار الهدي فقال نعم من الشق الأيمن فقلت متى نشعرها قال حين تريد أن تحرم.
٣ ـ أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله وزرارة قالا سألنا أبا عبد اللهعليهالسلام عن البدن كيف تشعر ومتى يحرم صاحبها ومن أي جانب تشعر ومعقولة تنحر أو باركة فقال تنحر معقولة وتشعر من الجانب الأيمن.
٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال سألته عن البدن كيف تشعر قال تشعر وهي معقولة وتنحر وهي قائمة تشعر من جانبها الأيمن ويحرم صاحبها إذا قلدت وأشعرت.
٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال إذا كانت البدن كثيرة قام فيما بين ثنتين ثم أشعر اليمنى ثم اليسرى ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للإحرام لأنه إذا أشعر وقلد وجلل وجب عليه الإحرام وهي بمنزلة التلبية.
قوله عليهالسلام : « عن تجليل الهدي » أي إذا أردت أن أعلمها علامة لا تشتبه بغيرها ألبسها الجل أفضل ، أم أقلد في عنقها نعلا ، وتجويزهعليهالسلام كلا منهما لا يدل على أنه ينعقد الإحرام بالتحليل ، وأما الإشعار من الجانب الأيمن فلا خلاف فيه مع وحدتها ، وأما مع التعدد فالمشهور بين الأصحاب أنه يدخل بينها ويشعرها يمينا وشمالا.
الحديث الثالث : ضعيف.
الحديث الرابع : صحيح.
الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.
قوله عليهالسلام : « وجلل » يدل على أن التجليل كاف لعقد الإحرام ويشترط مع التقليد ولم أر بهما قائلا إلا أن يقال : ذكر استطرادا ، نعم اكتفى ابن الجنيد بالتقليد بسير أو خيط صلى فيه.
٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله قال البدن تشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في جانب الأيسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها.
(باب الإفراد)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال المفرد بالحج عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيمعليهالسلام وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أضحية قال وسألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة قال نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف
الحديث السادس : حسن.
قوله عليهالسلام : « قد صلى فيها » من الأصحاب من قرأه على بناء المعلوم فعين كون القارن صلى فيها ومنهم من قرأها على بناء المجهول فاكتفى بما إذا صلى فيه غيره أيضا.
باب الإفراد
الحديث الأول : حسن.
قوله عليهالسلام : « وهو طواف النساء » تسمية طواف النساء بطواف الزيارة خلاف المشهور ، وقال في الدروس : روى معاوية بن عمار عنهعليهالسلام تسمية طواف النساء بطواف الزيارة(١) .
قوله عليهالسلام : « ويجدد التلبية » ذهب الشيخ في النهاية ، وموضع من المبسوط إلى أن القارن والمفرد إذا طافا قبل المضي إلى عرفات الطواف الواجب أو غيره جددا التلبية عند فراغهما من الطواف وبدونهما يحلان وينقلب حجهما عمرة. وقال
__________________
(١) الوسائل : ج ٨ ص ١٥٦ ح ١٣.
بالتلبية.
(باب)
(فيمن لم ينو المتعة)
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام ـ عن رجل لبى بالحج مفردا فقدم مكة وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيمعليهالسلام وسعى بين الصفا والمروة قال فليحل وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي.
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن ابن
في التهذيب : إن المفرد يحل بترك التلبية دون القارن وقال المفيد ، والمرتضى : إن التلبية بعد الطواف يلزم القارن لا المفرد ولم يتعرضا للتحلل بترك التلبية ولا عدمه ، ونقل عن ابن إدريس : أنه أنكر ذلك كله ، وقال : إن التحلل إنما يحصل بالنية لا بالطواف والسعي وليس تجديد التلبية بواجب وتركها مؤثرا في انقلاب الحج عمرة واختاره المحقق في كتبه الثلاثة والعلامة في المختلف.
باب فيمن لم ينو المتعة
الحديث الأول : حسن.
قوله عليهالسلام : « فليحل » جواز عدول المفرد اختيارا إلى التمتع كما دل عليه الخبر مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل ادعى في المعتبر عليه الإجماع لكن الأكثر خصوه بما إذا لم يتعين عليه الإفراد.
وذهب الشهيد الثاني :رحمهالله إلى جواز العدول مطلقا وكذا عدم جواز عدول القارن مجمع عليه بين الأصحاب.
الحديث الثاني : موثق.
بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليهالسلام يقول من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره.
٣ ـ أحمد ، عن الحسن بن علي ، عن يونس بن يعقوب عمن أخبره ، عن أبي الحسنعليهالسلام قال ما طاف بين هذين الحجرين ـ الصفا والمروة أحد إلا أحل إلا سائق الهدي.
(باب)
(حج المجاورين وقطان مكة)
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن سعيد الأعرج ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال ليس لأهل سرف ولا لأهل مر ولا لأهل مكة متعة يقول الله عز وجل : «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ».
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قلت لأهل مكة متعة قال لا ولا لأهل
ويدل على ما ذهب الشيخ مع الحمل على عدم التلبية كما سبق.
الحديث الثالث : مرسل.
باب حج المجاورين وقطان مكة
الحديث الأول : ضعيف على المشهور. وقال الفيروزآبادي :سرف ـ بالسين المهملة ككتف ـ : موضع قرب التنعيم ، وقال في النهاية : هو موضوع من مكة على عشرة أميال ، وقيل أقل وأكثر(١) ، وقال الجوهريالمر ـ بالفتح ـ الجبل وبطن مر أيضا وهو من مكة على مرحلة.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور. وقال في المغرب :بستان بني عامر موضع قرب مكة انتهى.
__________________
(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ٣٦٢.