الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ١

مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الناشر: دار الكتب العلميّة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 805
مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الناشر: دار الكتب العلميّة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 805
أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ »(١) وقال «فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ »(٢) فأحل الله الفرج لأهل القوة على قدر قوتهم على إعطاء المهر والقدرة على الإمساك أربعة لمن قدر على ذلك ولمن دونه بثلاث واثنتين وواحدة ومن لم يقدر على واحدة تزوج ملك اليمين وإذا لم يقدر على إمساكها ولم يقدر على تزويج الحرة ولا على شراء المملوكة فقد أحل الله تزويج المتعة بأيسر ما يقدر عليه من المهر ولا لزوم نفقة وأغنى الله كل فريق منهم بما أعطاهم من القوة على إعطاء المهر والجدة في النفقة عن الإمساك وعن الإمساك عن الفجور وإلا يؤتوا من قبل الله عز وجل في حسن المعونة وإعطاء القوة والدلالة على وجه الحلال لما أعطاهم ما يستعفون به عن الحرام فيما أعطاهم وأغناهم عن الحرام وبما أعطاهم وبين لهم فعند ذلك وضع عليهم الحدود من الضرب والرجم واللعان والفرقة ولو لم يغن الله كل فرقة منهم بما جعل لهم السبيل إلى وجوه الحلال لما وضع عليهم حدا من هذه الحدود فأما وجه التزويج الدائم ووجه ملك اليمين فهو بين واضح في أيدي الناس لكثرة معاملتهم به فيما بينهم وأما أمر المتعة فأمر غمض على كثير لعلة نهي من نهى عنه وتحريمه لها وإن كانت موجودة في التنزيل ومأثورة في السنة الجامعة لمن طلب علتها وأراد ذلك فصار تزويج المتعة حلالا للغني والفقير ليستويا في تحليل الفرج كما استويا في قضاء نسك الحج متعة الحج «فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ » للغني والفقير فدخل في هذا التفسير الغني لعلة الفقير وذلك أن الفرائض إنما وضعت على أدنى القوم قوة ليسع الغني والفقير وذلك لأنه غير جائز أن يفرض الفرائض على قدر مقادير القوم فلا يعرف قوة القوي من ضعف الضعيف ولكن وضعت على قوة أضعف الضعفاء ثم رغب الأقوياء فسارعوا في الخيرات بالنوافل بفضل القوة في الأنفس والأموال والمتعة حلال للغني والفقير لأهل الجدة ممن له أربع وممن له ملك اليمين ما شاء كما هي حلال لمن يجد إلا بقدر مهر المتعة والمهر ما تراضيا عليه في حدود التزويج للغني والفقير قل أو كثر
ـــــــــــــــ
(١) النساء : ٢٥.
(٢) النساء : ٤٢.
( باب )
( وجوه النكاح )
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح ملك اليمين.
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن موسى ، عن محمد بن زياد ، عن الحسين بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك اليمين.
٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن الحسين بن زيد قال سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول يحل الفرج بثلاث نكاح بميراث ونكاح بلا ميراث ونكاح بملك اليمين.
( باب )
( النظر لمن أراد التزويج )
١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب وجوه النكاح
الحديث الأول : ضعيف على المشهور.
قوله : « بثلاث » من جعل التحليل من قبيل العقد أدخله في الثاني ، ومن جعله من قبيل التمليك أدخله في الثالث ، ويدل على عدم ثبوت الميراث في المتعة وسيأتي الكلام فيه.
الحديث الثاني : حسن.
الحديث الثالث : حسن.
باب النظر لمن أراد التزويج
الحديث الأول : حسن.
بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليهالسلام عن الرجل يريد أن يتزوج المرأة أينظر إليها قال نعم إنما يشتريها بأغلى الثمن.
٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وحفص بن البختري كلهم ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوجها.
٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن الحسن بن السري قال قلت لأبي عبد اللهعليهالسلام الرجل يريد أن يتزوج المرأة يتأملها وينظر إلى خلفها وإلى وجهها قال نعم لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر إلى خلفها وإلى وجهها.
٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن بن السري ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام أنه سأله عن الرجل ينظر إلى المرأة قبل أن يتزوجها قال نعم فلم يعطي ماله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأجمع العلماء كافة على أن من أراد نكاح امرأة يجوز له النظر إليها في الجملة ، بل صرح كثير منهم باستحبابه ، وأطبقوا أيضا على جواز النظر إلى وجهها وكفيها من مفصل الزند ، واختلفوا فيما عدا ذلك ، فقال بعضهم : يجوز النظر إلى شعرها ومحاسنها أيضا ، واشترط الأكثر العلم بصلاحيتها للتزويج واحتمال إجابتها ، وأن لا يكون للريبة والمراد بها خوف الوقوع بها في محرم ، وأن الباعث على النظر إرادة التزويج دون العكس ، والمستفاد من النصوص الاكتفاء بقصد التزويج قبل النظر كيف كان.
الحديث الثاني : حسن.
وقال الفيروزآبادي :المعاصم جمع معصم : وهو موضع السوار من الساعد.
الحديث الثالث : كالصحيح.
الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.
٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل ، عن أبيه ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قلت له أينظر الرجل إلى المرأة يريد تزويجها فينظر إلى شعرها ومحاسنها قال لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا.
( باب )
( الوقت الذي يكره فيه التزويج )
١ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن بن علي ، عن العباس بن عامر ، عن محمد بن يحيى الخثعمي ، عن ضريس بن عبد الملك قال لما بلغ أبا جعفر صلوات الله عليه أن رجلا تزوج في ساعة حارة عند نصف النهار فقال أبو جعفرعليهالسلام ما أراهما يتفقان فافترقا.
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال حدثني أبو جعفرعليهالسلام أنه أراد أن يتزوج امرأة فكره ذلك أبي فمضيت فتزوجتها حتى إذا كان بعد ذلك زرتها فنظرت فلم أر ما يعجبني فقمت أنصرف فبادرتني القيمة معها إلى الباب لتغلقه علي فقلت لا تغلقيه لك الذي تريدين فلما رجعت إلى أبي أخبرته بالأمر كيف كان فقال أما إنه ليس لها عليك إلا نصف المهر وقال إنك تزوجتها في ساعة حارة.
٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبيد بن زرارة وأبي العباس قالا قال أبو عبد اللهعليهالسلام ليس للرجل أن يدخل بامرأة ليلة الأربعاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الخامس : مرسل.
باب الوقت الذي يكره فيه التزويج
الحديث الأول : موثق.
ويدل على كراهة التزويج في الوقت الحار.
الحديث الثاني : موثق.
قوله عليهالسلام : « فبادرتني » إنما فعلت ذلك ليستقر المهر جميعا بزعمها.
الحديث الثالث : موثق.
( باب )
( ما يستحب من التزويج بالليل )
١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام قال سمعته يقول في التزويج قال من السنة التزويج بالليل لأن الله جعل الليل سكنا والنساء إنما هن سكن.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال زفوا عرائسكم ليلا وأطعموا ضحى.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن ميسر بن عبد العزيز ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال قال يا ميسر تزوج بالليل فإن الله جعله سكنا ولا تطلب حاجة بالليل فإن الليل مظلم قال ثم قال إن للطارق لحقا عظيما وإن للصاحب لحقا عظيما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب ما يستحب من التزويج بالليل
الحديث الأول : ضعيف على المشهور.
وقال الجوهري :السكن ما يسكن إليه من أهل ومال وغير ذلك ، والتزويج يحتمل العقد والزفاف والأعم منهما.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
الحديث الثالث : [ ضعيف على المشهور. وسقط شرحه من المصنف ].
قوله عليهالسلام : « إن للطارق » أي من يأتي بالليل لحاجة لا ينبغي رده ، قال الفيروزآبادي : الطرق : الإتيان بالليل كالطروق.
( باب )
( الإطعام عند التزويج )
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد والحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد جميعا ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبي الحسن الرضاعليهالسلام قال سمعته يقول إن النجاشي لما خطب لرسول اللهصلىاللهعليهوآله آمنة بنت أبي سفيان فزوجه دعا بطعام وقال إن من سنن المرسلين الإطعام عند التزويج.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال إن رسول اللهصلىاللهعليهوآله حين تزوج ميمونة بنت الحارث أولم عليها وأطعم الناس الحيس.
٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال رفعه إلى أبي جعفرعليهالسلام قال الوليمة يوم ويومان مكرمة وثلاثة أيام رياء وسمعة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب الإطعام عند التزويج
الحديث الأول : ضعيف كالصحيح.
ويدل على استحباب الإطعام عند العقد.
الحديث الثاني : حسن.
وقال الفيروزآبادي :الوليمة طعام العرس ، أو كل طعام صنع لدعوة وغيرها وأولم : صنعها.
وقال الجزري : فيه « إنه أولم على بعض نسائه بحيس » وهو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق والفتيت.
الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.
ويدل على تأكد الاستحباب في اليوم الأول وتخفيفه في اليوم الثاني في الجملة ، وكراهته في اليوم الثالث.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله الوليمة أول يوم حق والثاني معروف وما زاد رياء وسمعة.
( باب )
( التزويج بغير خطبة )
١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن يعقوب ، عن هارون بن مسلم ، عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد اللهعليهالسلام عن التزويج بغير خطبة فقال أوليس عامة ما يتزوج فتياننا ونحن نتعرق الطعام على الخوان نقول يا فلان زوج فلانا فلانة فيقول نعم قد فعلت.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام أن علي بن الحسينعليهالسلام كان يتزوج وهو يتعرق عرقا يأكل ما يزيد على أن يقول الحمد لله وصلى الله على محمد وآله ويستغفر الله عز وجل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الرابع : صحيح.
باب التزويج بغير خطبة
يقال : خطب المرأة إلى القوم أي طلب أن يتزوج منهم ، والاسم الخطبة بالكسر وهي بالضم يطلق علي ما يقرأ عند طلب الزوجة ، وعند العقد من الكلام المشتمل على الحمد والثناء والصلاة ، وما يناسب المقام كما سيأتي في باب الآتي.
الحديث الأول : مجهول.
والخطبة هنا يحتمل الضم والكسر ، وقال الجوهري والجزري : يقال :
عرقت العظم وتعرقته واعترقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك نشها. انتهى. والغرض أنا نوقع العقد على الخوان من غير تقديم خطبة وخطبة ، أو خطبة طويلة كما يدل عليه الخبر الآتي.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
وقد زوجناك على شرط الله ثم قال علي بن الحسينعليهالسلام إذا حمد الله فقد خطب.
( باب )
( خطب النكاح )
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال إن جماعة من بني أمية في إمارة عثمان اجتمعوا في مسجد رسول اللهصلىاللهعليهوآله في يوم جمعة وهم يريدون أن يزوجوا رجلا منهم وأمير المؤمنينعليهالسلام قريب منهم فقال بعضهم لبعض هل لكم أن نخجل عليا الساعة نسأله أن يخطب بنا ونتكلم فإنه يخجل ويعيا بالكلام فأقبلوا إليه فقالوا يا أبا الحسن إنا نريد أن نزوج فلانا فلانة ونحن نريد أن تخطب بنا فقال فهل تنتظرون أحدا فقالوا لا فو الله ما لبث حتى قال :
الحمد لله المختص بالتوحيد المتقدم بالوعيد الفعال لما يريد المحتجب بالنور دون خلقه ذي الأفق الطامح والعز الشامخ والملك الباذخ المعبود بالآلاء رب الأرض والسماء أحمده على حسن البلاء وفضل العطاء وسوابغ النعماء وعلى ما يدفع ربنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باب خطب النكاح
الحديث الأول : صحيح.
قوله عليهالسلام : « المختص بالتوحيد » أي بتوحيد الناس له أو بتوحيده غيره« المحتجب بالنور » أي ليس له حجاب إلا الظهور ، أو إكمال التام أو عرشه محتجب من الخلق بالأنوار الظاهرة ،« ذي الأفق الطامح » وفي بعض النسخ « ذو الأفق » بالرفع على المدح ، والطامح : المرتفع ، ولعله كناية عن أنه تعالى مرتفع عن إدراك الحواس والعقول والأوهام ، أو عن يصل إليه بسوء ، وكذا الفقرتان الآتيتان ، ويحتمل أن يكون المراد في كل منها بعد ما ذكرنا ليكون تأسيسا. والشامخ : العالي ، وكذا الباذخ ،« أحمده عن حسن البلاء » ، أي النعمة« حمدا
من البلاء حمدا يستهل له العباد وينمو به البلاد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله ولا يكون شيء بعده.
وأشهد أن محمداصلىاللهعليهوآله عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل اختصه لنفسه وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيهصلىاللهعليهوآله بعثه على حين فترة من الرسل وصدف عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعيد فبلغ رسالاته وجاهد في سبيله ونصح لأمته وعبده حتى أتاه اليقينصلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فإن الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون فتنجزوا من الله موعوده واطلبوا ما عنده بطاعته والعمل بمحابه فإنه لا يدرك الخير إلا به ولا ينال ما عنده إلا بطاعته ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما بعد فإن الله أبرم الأمور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاف وجرت به الأسباب وقضى من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلاءه وحسن بلائه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستهل له العباد » أي يرفعون بها أصواتهم أو يستبشرون بذكره.
وقال الفيروزآبادي : استهل الصبي : رفع صوته بالبكاء ، كأهل وكذا كل متكلم رفع صوته ، أو خفض« وينمو به البلاد » بزيادة النعمة على أهاليها ، كما قال تعالى : «لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ »(١) « اصطفاه بالتفضيل » أي بأن فضله على جميع الخلق ،و « هدى به من التضليل » أي لئلا يضلهم الشيطان أو لئلا يجدهم ضالين أو لئلا يكونوا مضلينو « صدف عن الحق » أي ميل وأعرض عنه« حتى أتاه اليقين » أي الموت« قد جعل للمتقين » إشارة إلى قوله تعالى : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ »(٢) . وقال الفيروزآبادي :استنجز حاجته وينتجزها : طلب قضاؤها ممن وعدها إياها ، وقال : التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير ، والاسم التكلان.
__________________
(١) سورة إبراهيم الآية ٧. (٢) سورة الطلاق الآية ـ ٣.
وتظاهر نعمائه فنسأل الله لنا ولكم بركة ما جمعنا وإياكم عليه وساقنا وإياكم إليه ثم إن فلان بن فلان ذكر فلانة بنت فلان وهو في الحسب من قد عرفتموه وفي النسب من لا تجهلونه وقد بذل لها من الصداق ما قد عرفتموه فردوا خيرا تحمدوا عليه وتنسبوا إليه صلى الله على محمد وآله وسلم.
٢ ـ أحمد بن محمد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أيمن بن محرز ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال زوج أمير المؤمنينعليهالسلام امرأة من بني عبد المطلب وكان يلي أمرها فقال الحمد لله العزيز الجبار الحليم الغفار الواحد القهار الكبير المتعال «سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ » أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه «وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي » ولا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ولن تجد من دونه وليا مرشدا وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له «لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » وأشهد أن محمداصلىاللهعليهوآله عبده ورسوله بعثه بكتابه حجة على عباده من أطاعه أطاع الله ومن عصاه عصى اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا إمام الهدى والنبي المصطفى ثم إني أوصيكم بتقوى الله فإنها وصية الله في الماضين والغابرين ثم تزوج.
٣ ـ أحمد ، عن إسماعيل بن مهران قال حدثنا عبد الملك بن أبي الحارث ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليهالسلام قال خطب أمير المؤمنينعليهالسلام بهذه الخطبة فقال الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره وأستهديه وأومن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداصلىاللهعليهوآله عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الجوهري :انتهى عنه وتناهى : أي كف ، وقال :شعبت الشيء : فرقته وشعبته : جمعته وهو من الأضداد.
الحديث الثاني : ضعيف.
والسارب : الذاهب على وجهه في الأرض.قوله عليهالسلام : « الغابرين » أي الباقينالحديث الثالث : مجهول.
الدِّينِ كُلِّهِ » دليلا عليه وداعيا إليه فهدم أركان الكفر وأنار مصابيح الإيمان من يطع الله ورسوله يكن سبيل الرشاد سبيله ونور التقوى دليله ومن يعص الله ورسوله يخطئ السداد كله ولن يضر إلا نفسه أوصيكم عباد الله بتقوى الله وصية من ناصح وموعظة من أبلغ واجتهد أما بعد فإن الله عز وجل جعل الإسلام صراطا منير الأعلام مشرق المنار فيه تأتلف القلوب وعليه تآخى الإخوان والذي بيننا وبينكم من ذلك ثابت وده وقديم عهده معرفة من كل لكل لجميع الذي نحن عليه يغفر الله لنا ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن العزرمي ، عن أبيه قال كان أمير المؤمنينعليهالسلام إذا أراد أن يزوج قال : الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله «بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » وصلى الله على محمد وآله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أوصيكم عباد الله بتقوى الله ولي النعمة والرحمة خالق الأنام ومدبر الأمور فيها بالقوة عليها و
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليهالسلام : « تأخى الإخوان » إما مصدر أو مضارع بحذف أحد التائين.
قوله عليهالسلام : « ثابت وده » أي الإسلام الحقيقي ، وهو يؤثر فالمسلمون الذين ليس بينهم مودة إنما ذلك لعدم تحقق الإسلام كما ينبغي.
قوله عليهالسلام : « قديم عهده » لأنه ثبت ذلك في عالم الأرواح.
قوله عليهالسلام : « معرفة من كل لكل » الحمل على المبالغة ، أي الإسلام سبب لمعرفة كل واحد منهم بجميع الذي نحن عليه ، أي نحن نعرف وأنتم تعرفون بسبب الإسلام الحقيقي جميع ما نحن عليه من الإيمان والإخلاص والمودة وسائر الكمالات ، وصار ذلك سببا للائتلاف والازدواج.
الحديث الرابع : مجهول.
قوله عليهالسلام : « ومدبر الأمور فيها » الضمير راجع إلى الأنام ، وإرجاعه إلى الأمور بأن يكون الظرف بدلا عن الأمور بعيد.
الإتقان لها فإن الله له الحمد على غابر ما يكون وماضيه وله الحمد مفردا والثناء مخلصا بما منه كانت لنا نعمة مونقة وعلينا مجللة وإلينا متزينة خالق ما أعوز ومذل ما استصعب ومسهل ما استوعر ومحصل ما استيسر مبتدئ الخلق بدءا أولا يوم ابتدع السماء وهي دخان ، «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ » ولا يعوره شديد ولا يسبقه هارب ولا يفوته مزائل يوم «تُوَفَّى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليهالسلام : « بالقوة عليها » أي أنه كان قويا عليها متقنا ومحكما لها.
قوله عليهالسلام : « مفردا » أي المحامد مختصة به تعالى أي إما بالفتح أي نحمده خالصا لكونه أهلا له ، لا لطمع الثواب وخوف العقاب ، أو بالكسر ليكون حالا للحامد.
قوله عليهالسلام : « بما منه » أي أحمده بإزاء النعمة أو بسبب ما كانت لنا من النعماء الحسنة الظاهرة والباطنة.
قوله عليهالسلام : « نعمة مؤنقة » يحتمل أن يكون كل من نعمة ومجللة ومتزينة حالا لضمير« كانت » الراجع إلى الموصول ، ويحتمل أن يكون كل منهما خبرا لكانت والظرف في لنا وعلينا وإلينا راجع إلى ما بعده ، وتعدية التزين بإلى بتضمين معنى الوصول ، أو نحوه.
قوله عليهالسلام : « ما أعوز » أي المعدومات أو الأمور الغريبة أو ما يحتاج إليه ، وقال الفيروزآبادي : العوز بالتحريك : الحاجة ، عوزه الشيء ـ كفرح ـ لم يوجد ، والرجل : افتقر كأعوز ، والأمر اشتد ، وإذا لم تجد شيئا فقل : عازني ، وأعوزه الشيء : احتاج إليه ، والدهر : أحوجه ، وما يعوز لفلان شيء إلا ذهب به : أي ما يشرف به. وقال :الوعر : ضد السهل ، واستوعروا طريقهم : رأوه وعرا ، وتوعر الأمر : تشدد.
قوله عليهالسلام : « ولا يعوزه » في بعض نسخ القديمة بالراء المهملة ، قال الفيروزآبادي : عاره يعوره ويعيره : أخذه وذهب به.
قوله عليهالسلام : « مزائل » عن مكافأته فاته بالفرار.
كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ » ثم إن فلان بن فلان.
٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى قال حدثني العباس بن موسى البغدادي رفعه إلى أبي عبد اللهعليهالسلام جواب في خطبة النكاح الحمد لله مصطفي الحمد ومستخلصه لنفسه مجد به ذكره وأسنى به أمره نحمده غير شاكين فيه نرى ما نعده رجاء نجاحه ومفتاح رباحه ونتناول به الحاجات من عنده ونستهدي الله بعصم الهدى ووثائق العرى وعزائم التقوى ونعوذ بالله من العمى بعد الهدى والعمل في مضلات الهوى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عبد لم يعبد أحدا غيره اصطفاه بعلمه وأمينا على وحيه ورسولا إلى خلقه فصلىاللهعليهوآله أما بعد فقد سمعنا مقالتكم وأنتم الأحياء الأقربون نرغب في مصاهرتكم ونسعفكم بحاجتكم ونضن بإخائكم فقد شفعنا شافعكم وأنكحنا خاطبكم على أن لها من الصداق ما ذكرتم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث الخامس : مرفوع.
واستخلصه لنفسه : استخصه ، والتمجيد : التعظيم.
قوله عليهالسلام : « وأسنى به أمره » أي رفع به أمره لاشتماله على معارفه.
قوله عليهالسلام : « ما نعده » أي من الحمد والثناء.
قوله عليهالسلام : « ومفتاح رباحه » في أكثر النسخ بالتاء المثناة والجيم.
وقال الجوهري : أرتجت الباب : أغلقته ، والرتاج : الباب العظيم ، ويقال :
الرتاج : الباب المغلق ، وعليه باب صغير. وفي بعضها بالباء الموحدة والحاء المهملة وقال الفيروزآبادي : رباح ـ كسحاب ـ : اسم ما تربحه.
قوله عليهالسلام : « وعزائم التقوى » أي الأمور اللازمة التي بها يتقى من عذاب الله.
قوله عليهالسلام : « بعلمه » أي عالما بأنه من أهله ، فيكون حالا عطف الحالان الآخران عليه.
قوله عليهالسلام : « ونضن » بكسر الضاد وفتحها ، قال في النهاية : الضن ما تختصه
نسأل الله الذي أبرم الأمور بقدرته أن يجعل عاقبة مجلسنا هذا إلى محابه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عبد العظيم بن عبد الله قال سمعت أبا الحسنعليهالسلام يخطب بهذه الخطبة ـ الحمد لله العالم بما هو كائن من قبل أن يدين له من خلقه دائن فاطر السماوات والأرض مؤلف الأسباب بما جرت به الأقلام ومضت به الأحتام من سابق علمه ومقدر حكمه أحمده على نعمه وأعوذ به من نقمه وأستهدي الله الهدى وأعوذ به من الضلالة والردى من يهده الله فقد اهتدى وسلك الطريقة المثلى وغنم الغنيمة العظمى ومن يضلل الله فقد حار عن الهدى وهوى إلى الردى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى ووليه المرتضى وبعيثه بالهدى أرسله على حين «فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ » واختلاف من الملل وانقطاع من السبل ودروس من الحكمة وطموس من أعلام الهدى والبينات فبلغ رسالة ربه وصدع بأمره وأدى الحق الذي عليه وتوفي فقيدا محموداصلىاللهعليهوآله .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتضن به أي تبخل لمكانة منك وموقعه عندك ، يقال : فلان ضني من بين إخواني وضنتي أي اختص به وأضن بمودته.
الحديث السادس : صحيح.
قوله عليهالسلام : « يدين » أي يخضع ويعبد ، والأحتام كأنه جمع الحتم ، وهو نادر. قال الجوهري :الحتم : إحكام الأمر. والحتم : القضاء ، والجمع : الحتوم.
قوله عليهالسلام : « وأستهدي الله » الهدى مفعول على التجريد أو مفعول مطلق من غير الباب. والمثلي : تأنيث الأمثل ، وهو الأفضل. والردى : الهلاك والضلال.
قوله عليهالسلام : « وبعيثه » أي مبعوثه. والدروس : الاندراس والانمحاء وكذا الطموس.
قوله عليهالسلام : « وصدع بأمره » أي شق جماعاتهم بالتوحيد أو أجهر بالقرآن وأظهر أو حكم بالحق وفصل الأمر أو قصد بما أمر أو فرق بين الحق والباطل.
ثم إن هذه الأمور كلها بيد الله تجري إلى أسبابها ومقاديرها فأمر الله يجري إلى قدره وقدره يجري إلى أجله وأجله يجري إلى كتابه و «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » أما بعدفإن الله جل وعز جعل الصهر مألفة للقلوب ونسبة المنسوب أوشج به الأرحام وجعله رأفة ورحمة «إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ » وقال في محكم كتابه «وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » وقال «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ » وإن فلان بن فلان ممن قد عرفتم منصبه في الحسب ومذهبه في الأدب وقد رغب في مشاركتكم وأحب مصاهرتكم وأتاكم خاطبا فتاتكم فلانة بنت فلان وقد بذل لها من الصداق كذا وكذا العاجل منه كذا والآجل منه كذا فشفعوا شافعنا وأنكحوا خاطبنا وردوا ردا جميلا وقولوا قولا حسنا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.
٧ ـ أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم قال خطب الرضاعليهالسلام هذه الخطبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليهالسلام : « تجري » أي هذه الأمور منتهية إلى أسبابها ومقاديرها مما قدره الله تعالى بالميل من كل منهما إلى صاحبه ، وكان ذلك في علمه تعالى وتقديره بأنه جعل فيهم الشهوة والميل وقدر يجري إلى أجله ، فإنه تعالى أعلم أن الزوج إلى متى يكون عزبا ، ومتى يتزوج ، وقدر ذلك عليهما ولكل أجل ومدة كتاب مكتوب في لوح المحو والإثبات. والمبالغة إما مصدر حمل مبالغة أو اسم مكان.
وقال الفيروزآبادي :الواشجة : القرابة المشتبكة ، وقد وشجت بك قرابة فلان ، والاسم : الوشيج ، ووشجها الله توشيجا. وقال الفيروزآبادي : الواشجة : الرحم المشتبكة.
قوله تعالى : « من الماء » أي المني أو الذي خلط مع التراب في خلق آدمعليهالسلام . والمنصب هو الأصل والمرجع. والحسب ما تعده من مفاخر آبائك ، والمراد بالأدب العلم والكمالات.
الحديث السابع : موثق وسنده الثاني أيضا موثق.
الحمد لله الذي حمد في الكتاب نفسه وافتتح بالحمد كتابه وجعل الحمد أول جزاء محل نعمته وآخر دعوى أهل جنته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أخلصها له وأدخرها عنده وصلى الله على محمد خاتم النبوة وخير البرية وعلى آله آل الرحمة وشجرة النعمة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة والحمد لله الذي كان في علمه السابق وكتابه الناطق وبيانه الصادق أن أحق الأسباب بالصلة والأثرة وأولى الأمور بالرغبة فيه سبب أوجب سببا وأمر أعقب غنى فقال جل وعز : «وَهُوَ الَّذِي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليهالسلام : « محل نعمته » الظاهر أن يكون مصدرا ميميا بمعنى النزول ، أي جعله أول جزاء من العباد لنعمه ، ثم بعد ذلك ما أمرهم به من الطاعات ويحتمل أن يكون المراد به إن ما حمد به تعالى نفسه جعله جزاء لنعم العباد ، لعلمه بعجزهم عما يستحقه تعالى من ذلك ، كما ورد في بعض الأخبار ، وقال الطبرسي (ره) في مجمع البيان :(١) «دَعْواهُمْ فِيها » أي دعاء المؤمنين وذكرهم في الجنة أن يقولوا «سُبْحانَكَ اللهُمَ » يقولون ذلك لا على وجه العبادة ، بل يلتذون بالتسبيح ، وقيل : إنهم إذا مر بهم الطير في الهواء يشتهونه « قالوا سبحانك اللهم » فيأتيهم الطير ويقع مشويا بين أيديهم ، وإذا قضوا منه الشهوة « قالوا الحمد لله رب العالمين » فيطير الطير حيا كما كان ، «وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » ليس المراد أن ذلك يكون آخر كلامهم حتى لا يتكلمون بعده بشيء ، بل المراد أنهم يجعلون هذا آخر كلامهم في كل ما ذكروه.
قوله عليهالسلام : « آل الرحمة » أي أهل رحمة الله الكاملة الجامعة ومستحقها ، أو هم رحمة الله والشفقة عليهم.
وقال الفيروزآبادي :رجل يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أشياء حسنة ، والاسم : الأثرة محركة ، والأثرة بالضم والكسر.
قوله عليهالسلام : « أوجب سببا » أي من الألفة والأنساب والمعونات ، وفي بعض النسخ نسبا ، وهو الأظهر فيكون إشارة إلى الآية الأولى كما أن ما بعدها إشارة
__________________
(١) المجمع ج ٥ ص ٩٣.
خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً » وقال «وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ » ولو لم يكن في المناكحة والمصاهرة آية محكمة ولا سنة متبعة ولا أثر مستفيض لكان فيما جعل الله من بر القريب وتقريب البعيد وتأليف القلوب وتشبيك الحقوق وتكثير العدد وتوفير الولد لنوائب الدهر وحوادث الأمور ما يرغب في دونه العاقل اللبيب ويسارع إليه الموفق المصيب ويحرص عليه الأديب الأريب فأولى الناس بالله من اتبع أمره وأنفذ حكمه وأمضى قضاءه ورجا جزاءه وفلان بن فلان من قد عرفتم حاله وجلاله دعاه رضا نفسه وأتاكم إيثارا لكم واختيارا لخطبة فلانة بنت فلان كريمتكم وبذل لها من الصداق كذا وكذا فتلقوه بالإجابة وأجيبوه بالرغبة واستخيروا الله في أموركم يعزم لكم على رشدكم إن شاء الله نسأل الله أن يلحم ما بينكم بالبر والتقوى ويؤلفه بالمحبة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إلى الآية الثانية.
قوله عليهالسلام : « من بر القريب » أي إذا كانت المواصلة مع الأقرباء.
قوله عليهالسلام : « وتشبيك الحقوق » أي تحصل به أنواع الحقوق من الطرفين من حق الزوجية والوالدية والمولودية وغير ذلك ، ورعاية كل منها موجبة لتحصيل المثوبات ، وفي كل منها منافع دنيوية والأخروية.
قوله عليهالسلام : « في دونه » أي الأقل منه ، والأريب : العاقل ، ذكره الجوهري.
قوله عليهالسلام : « فأولى الناس بالله » أي برحمته وفضله.
قوله عليهالسلام : « واختيارا لخطبة » قال في القاموس : خطب المرأة خطبا وخطبة وخطيبي بكسرهما واختطبها وهي خطبه وخطبته وخطيباه وخطيبته وهو خطبها بكسرهن وبضم الثاني.
قوله عليهالسلام : « كريمتكم » أي من يكرم عليكم.
قوله عليهالسلام : « يعزم لكم » أي يقدر لكم ما هو خيره لكم.
قوله عليهالسلام : « أن يلحم » قال الفيروزآبادي : لحم الصائغ الفضة كنصر : لأمها
والهوى ويختمه بالموافقة والرضا إنه سميع الدعاء لطيف لما يشاء.
بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن إسماعيل بن مهران ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سمعت أبا الحسن الرضاعليهالسلام يقول ثم ذكر الخطبة كما ذكر معاوية بن حكيم مثلها.
٨ ـ محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا قال كان الرضاعليهالسلام يخطب في النكاح الحمد لله إجلالا لقدرته ولا إله إلا الله خضوعا لعزته وصلى الله على محمد وآله عند ذكره إن الله «خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً » إلى آخر الآية.
٩ ـ بعض أصحابنا ، عن علي بن الحسين ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال لما أراد رسول اللهصلىاللهعليهوآله أن يتزوج خديجة بنت خويلد أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخل على ورقة بن نوفل عم خديجة فابتدأ أبو طالب بالكلام فقال الحمد لرب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل وأنزلنا حرما آمنا وجعلنا الحكام على الناس وبارك لنا في بلدنا الذي نحن فيه ثم إن ابن أخي هذا يعني رسول اللهصلىاللهعليهوآله ممن لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ولا يقاس به رجل إلا عظم عنه ولا عدل له في الخلق وإن كان مقلا في المال فإن المال رفد جار وظل زائل وله في خديجة رغبة ولها فيه رغبة وقد جئناك لنخطبها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والتحم الجرح للبرء : التأم ، ويقال : وألحم ما أسديت أي تمم ما بدأت.
الحديث الثامن : مرسل.
الحديث التاسع : ضعيف.
قوله عليهالسلام : « عم خديجة » المشهور أنه ابن عمها ، قال الفيروزآبادي :ورقة بن نوفل أسد بن عبد العزى وهو ابن عم خديجة اختلف في إسلامها. وقال :الزرع : الولد.
قوله عليهالسلام : « رفد جار » أي يجريه الله تعالى على عباده بقدر الضرورة والمصلحة ، وفي الفقيه وغيره« رزق حائل » أي متغير وهو أظهر.
إليك برضاها وأمرها والمهر علي في مالي الذي سألتموه عاجله وآجله وله ورب هذا البيت حظ عظيم ودين شائع ورأي كامل ثم سكت أبو طالب وتكلم عمها وتلجلج وقصر عن جواب أبي طالب وأدركه القطع والبهر وكان رجلا من القسيسين فقالت خديجة مبتدئة يا عماه إنك وإن كنت أولى بنفسي مني في الشهود فلست أولى بي من نفسي قد زوجتك يا محمد نفسي والمهر علي في مالي فأمر عمك فلينحر ناقة فليولم بها وادخل على أهلك قال أبو طالب اشهدوا عليها بقبولها محمدا وضمانها المهر في مالها فقال بعض قريش يا عجباه المهر على النساء للرجال فغضب أبو طالب غضبا شديدا وقام على قدميه وكان ممن يهابه الرجال ويكره غضبه فقال إذا كانوا مثل ابن أخي هذا طلبت الرجال بأغلى الأثمان وأعظم المهر وإذا كانوا أمثالكم لم يزوجوا إلا بالمهر الغالي ونحر أبو طالب ناقة ودخل رسول اللهصلىاللهعليهوآله بأهله وقال رجل من قريش يقال له عبد الله بن غنم :
هنيئا مريئا يا خديجة قد جرت |
لك الطير فيما كان منك بأسعد |
|
تزوجته خير البرية كلها |
ومن ذا الذي في الناس مثل محمد |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله عليهالسلام : « حظ » أي من الخير والكمال ، وفي الفقيه « خطر ». وفي القاموس :البهر بالضم : انقطاع النفس من الإعياء ، وقال :القس بالفتح : رئيس النصارى في العلم كالقسيس.
قولها رضي الله عنها : « وإن كنت أولى » أي إن كنت أولى بنفسي مني في الشهود أي محضر الناس عرفا فلست أولى بي واقعا ، أو إن كنت أولى في الحضور والتظلم بمحضر الناس ، فلست أولى في أصل الرضا والاختيار ، أو إن كنت قادرا على إهلاكي لكني أولى بما اختار لنفسي ، والحاصل أني أمكنك في إهلاكي ، ولا أمكنك في ترك هذا الأمر ، والأوسط أظهر.
قوله : « لك الطير » أي انتشر أسعد الأخبار منك في الآفاق سريعا بسبب ما كان منك في حسن الاختيار ، فإن الطير أسرع في إيصال الأخبار من غيرها ، ويحتمل أن يكون الطير من الطيرة ، والمراد هنا الفال الحسن ، وهو أظهر.
وبشر به البران عيسى ابن مريم |
وموسى بن عمران فيا قرب موعد |
|
أقرت به الكتاب قدما بأنه |
رسول من البطحاء هاد ومهتد |
( باب )
( السنة في المهور )
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان وجميل بن دراج ، عن حذيفة بن منصور ، عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال كان صداق النبيصلىاللهعليهوآله اثنتي عشرة أوقية ونشا والأوقية أربعون درهما والنش عشرون درهما وهو نصف الأوقية.
٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول ساق رسول اللهصلىاللهعليهوآله إلى أزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا والأوقية أربعون درهما والنش نصف الأوقية عشرون درهما فكان ذلك خمسمائة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال في القاموس :البر بالفتح : الصادق ، والكثير البر. وقال في الصحاح :القدم : خلاف الحدوث ، ويقال : قدما كان كذا وكذا وهو اسم من القدم جعل اسما من أسماء الزمان.
باب السنة في المهور
الحديث الأول : السندان ضعيفان.
ويدل على أن مهر السنة خمسمائة درهم وعليه الأصحاب ، وقال الجوهري :النش : عشرون درهما وهو نصف أوقية ، لأنهم يسمون الأربعين درهما أوقية ، ويسمون العشرين نشأ ، ويسمون الخمسة نواه.
الحديث الثاني : صحيح ولم يذكر المصنف.
٧٦٩ ز ـ بشر (١) بن ربيعة بن عمرو بن منارة بن قمير بن عامر بن رابية بن مالك بن واهب بن جليحة بن أكلب بن ربيعة بن عفرس [بن خلف] بن أقيل بن أنمار الخثعميّ ـ قال ابن الكلبيّ : اختط بالكوفة ، وخطته بها يقال لها جبّانة(٢) بشر بالكوفة ، وشهد القادسيّة وهو القائل :
أنخت بباب القادسيّة ناقتي |
وسعد بن وقّاص عليّ أمير |
[الطويل]
وقد تقدم في القسم الأول بشر الخثعميّ ، ويقال الغنويّ وأنه وقع في بعض الروايات بشر بن ربيعة الخثعميّ ، فيحتمل أن يكون هذا.
٧٧٠ ز ـ بشر بن ربيعة وهو بشر بن أبي رهم الجهنيّ ـ صاحب جبّانة بشر بالكوفة ، وهو بضم أوله وسكون المهملة ، ضبطه الأمير ، وقال : هو بشر بن أبي رهم ، وذكر أنه شهد اليمامة ، وذكره المرزبانيّ في معجمه كما صدرت به ، وقال : كان أحد الفرسان ، وهو القائل لعمر بن الخطاب بعد وقعة القادسية :
تذكّر هداك الله وقع سيوفنا |
بباب قديس والقلوب تطير |
|
إذا ما فرغنا من قراع كتيبة |
دلفنا لأخرى كالجبال تسير |
[الطويل]
يقول فيها :
وعند أمير المؤمنين نوافل |
وعند المثنّى فضّة وحرير |
وذكر أبو عبيدة عن يونس وأبي الخطاب أنّ سبب هذا الشعر أن سعدا قسّم غنيمة فبقيت بقية فكتب إليه عمر : فضها على حملة القرآن ، فجاءه عمرو بن معديكرب ، فقال : ما منعك من كتاب الله؟ قال : شغلت بالجهاد عن حفظه. فقال : ما لك في هذا نصيب ، فجاءه
__________________
ـ تركت الشّعر واستبدلت منه |
إذا داعي منادي الصّبح قاما |
|
كتاب الله ليس له شريك |
وودّعت المدامة والنّدامى |
(١) هذه الترجمة سقط في د.
(٢) جبّانة : بالفتح ثم التشديد والجبّان في الأصل الصحراء وأهل الكوفة يسمون المقابر جبّانة كما يسميها أهل البصرة المقبرة وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل منها : جبانة كندة مشهورة ، وجبانة السبيع ، كان بها يوم للمختار بن عبيد وجبانة ميمون منسوبة إلى أبي بشير مولى محمد بن علي ابن عبد الله انظر معجم البلدان ٢ / ١١٦.
بشر الخثعميّ فقال : ما معك؟ قال : بسم الله الرّحمن الرّحيم. فلم يعطه شيئا ، فقال الشعر المذكور ، وقال عمرو شعرا آخر. فكتب سعد بذلك إلى عمر ، فقال : أعطهما بسبب بلائهما ، فأعطى كلّ واحد ألفين.
وقال دعبل في «طبقات الشّعراء» : بشر الخثعميّ صاحب جبّانة بشر يقول لعمر ـ فذكر البيتين الأولين ، وبعده :
غداة يودّ القوم لو أنّ بعضهم |
يعار جناحي طائر فيطير |
[الطويل]
قال : وكان سعد بن أبي وقاص حين اجتبى الخراج فضلت فضلة ، فكاتب عمر فأمره أن يفرّقها في قراء القرآن ففعل ، فلما كان العام الماضي كتب إلى عمر : إنهم كانوا سبعة فصاروا الآن سبعين ، فكتب إليه فرّقها في أهل البلاء والنكاية في العدوّ ، فكتب بشر الخثعميّ إلى عمر بهذا الشّعر ، فكتب إلى سعد أن الحقه بأهل البلاء وقدّمه ، ففعل.
٧٧١ ـ بشر بن رديح أو ذريح بن الحارث بن ربيعة بن غنم بن عائذ الثعلبي ـ استشهد يوم جسر أبي عبيد في خلافة عمر ، وكان أبوه إذ ذاك حيّا وهو شيخ كبير.
ذكر ذلك المرزبانيّ ، قال : وكان بشر يدعى الحتّات ـ بمهملة ومثناتين الأولى مثقّلة لقوله :
ومشهد أبطال شهدت كأنّما |
أحتّهم بالمشرفيّ المهنّد(١) |
[الطويل]
٧٧٢ ز ـ بشر بن شبر ـ بفتح المعجمة وسكون الموحدة ـ روى الخطيب من طريق الحسين بن الرماس الهمدانيّ ، قال : أدركت بالمدائن تسعة عشر رجلا من أصحاب عمر منهم بشر بن شبر.
٧٧٣ ز ـ بشر بن عامر (٢) بن مالك العامري ، أبو عمر بن أبي براء ، ولد ملاعب الأسنة وسيأتي ذكر أبيه وأنه مات في زمن النبيّصلىاللهعليهوسلم ، وابنه هذا له إدراك ، وعاش إلى أن تزوّج مروان بن الحكم بنته ، فولد له منها بشر بن مروان الّذي ولى الكوفة لأخيه عبد الملك.
ذكر ذلك المدائنيّ والزّبير بن بكّار وغيرهما.
__________________
(١) ينظر البيت في الإكمال (١٤٦).
(٢) هذه الترجمة سقط في د.
٧٧٤ ز ـ بشر بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب ابن عم لبيد بن ربيعة الشّاعر. له إدراك ، ولأبيه صحبة ، وكان له ابن يسمى عبد الله كان له ذكر في خلافة آل مروان ، وهو الّذي تحمّل الحمالة التي اختصم فيها هو وعبد العزيز بن زرارة الكلابيّ ، وكان عبد العزيز رئيس أهل البادية في زمانه ، ذكره ابن الكلبيّ.
٧٧٥ ـ بشر (١) بن قحيف ، ذكره ابن مندة في الصّحابة ، فقال : لا أعرف له صحبة ولا رؤية ، وذكره البخاريّ في التّابعين ، وقال أبو نعيم : ليست له صحبة ، وإنما ذكره أحمد بن سيار في الصحابة لحديث رواه من طريق محمد بن جابر ، عن سماك ، عنه ، قال : كنت أشهد الصلاة مع النبيصلىاللهعليهوسلم فكان ينصرف حيث كان وجهه(٢) وهذا إنما رواه سماك بن حرب عنه ، عن المغيرة بن شعبة ، والوهم فيه من محمد بن جابر.
وقد ذكره ابن حبّان في ثقات التّابعين ، وابن أبي حاتم ، فقال : روى عن عمر والمغيرة ابن شعبة.
وقال ابن سعد : حدثنا يزيد ، عن شعبة ، عن سماك ، عن بشر بن قحيف ، قال : أتيت عمر بن الخطاب فقلت : أتيتك لأبايعك فقال : أليس قد بايعت أميري؟ قلت : بلى. قال : فإذا بايعت أميري فقد بايعتني. هذا إسناد صحيح ، وهو يدلّ على أنه لا صحبة له ، إلا أنّ له إدراكا ، ووفد في أيام عمر ، فدلّ على أنه كان في زمن النبيّصلىاللهعليهوسلم كبيرا.
٧٧٦ ز ـ بشر بن قطبة بن سنان بن الحارث بن جدعان بن نوفل بن فقعس الأسديّ الفقعسيّ ويقال هو بشر بن الحارث ، وقطبة اسم أمه ، وهي بنت سنان شاعر فارس مخضرم ، شهد اليمامة في عهد أبي بكر مع خالد بن الوليد ، وقال في ذلك :
أروح وأغدو في كتيبة خالد |
على شطبة قد ضمّها الغزو خيفق(٣) |
[الطويل]
في أبيات ذكرها المرزبانيّ.
وذكره الزّبير بن بكّار في ترجمة خالد ، فقال : وجدت كتابا بخط الضحاك (٨٣) فيه قال بشر بن قطبة ، وساق نسبه إلى الحارث وكمله ، فقال ابن جدعان بن نوفل بن فقعس ،
__________________
(١) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥١ ، الطبقات ١٤٤ ، الجرح والتعديل ٢ / ٦٣ ، أسد الغابة ت (٤٣٨).
(٢) أخرجه أحمد في المسند ١ / ٤٥٩ عن ابن مسعود سئل عن انصراف رسول اللهصلىاللهعليهوسلم من صلاته عن يمينه كان ينصرف أو عن يساره.
(٣) ينظر البيت في اللسان (شطب ، خفق).
وفيه : قال بشر بن قطبة يوم عقرباء بالعرض(١) من اليمامة ، وهو مع خالد بن الوليد فذكر الشعر ، وفيه :
إذا قال سيف الله كرّوا عليهم |
كررنا ولم نحفل وصاة المعوّق |
|
أقول لنفسي بعد ما رقّ بالها |
رويدك لما تشققن حين تشقق |
|
وكوني مع الرّاعي وصاة محمّد |
وإن كذبت نفس المنافق فاصدقي |
[الطويل]
٧٧٧ ز ـ بشر بن قيس ـ له إدراك ، قال عبد الرزاق عن الثوري عن زياد بن علاقة عن بشر بن قيس ، قال : كنا عند عمر في رمضان فأفطرنا ثم ظهر أنّ الشمس لم تغرب ، فقال عمر : من أفطر فليقض يوما مكانه ، إسناده صحيح.
٧٧٨ ـ بشر بن ثور العجليّ . ذكره أبو إسماعيل الأزديّ في فتوح الشام ، وقال : كان من أشراف بني عجل ومن فرسان المثنّى بن حارثة ، وكان أشار على خالد بن الوليد أن يستمرّ مقيما بالعراق ، فحالفه ، ورحل إلى الشام في قصّة طويلة.
٧٧٩ ـ بشير ـ بوزن عظيم ـ ابن كعب بن أبيّ الحميري ـ أحد الأمراء ب «اليرموك» ذكر سيف في «الفتوح» بأسانيده أن أبا عبيدة لما رحل من اليرموك فنزل على دمشق خلّف باليرموك بشير بن كعب بن أبيّ الحميريّ في خيل ، فذكر قصّة مطوّلة ، وهذا مخضرم لا شك فيه ، أما بشير بن كعب العدويّ فتابعيّ بصريّ ، يروي عن عمران بن حصين وغيره. وحديثه في الصّحيحين وهو بضم أوله.
وقد أورد ابن عساكر القصّة الأولى في ترجمته ، وتبعه المزّيّ في «التّهذيب» ، وفيه نظر. وقد ذكر ابن فتحون في «ذيل الاستيعاب» الأول فيمن اسمه بشير بفتح أوله ، والله أعلم.
[الباء بعدها الطاء]
٧٨٠ ـ البطين بن عبد الله الحنفي . أحد من أسلم من بني حنيفة وثبت على إسلامه بعد وفاة النبيّصلىاللهعليهوسلم ، ذكره وثيمة بن الفرات في كتاب الرّدّة في قصّة لخالد بن الوليد مع مجّاعة.
__________________
(١) العرض : بكسر أوله وسكون ثانيه وآخره ضاد معجمة : قيل : هو وادي اليمامة ينصبّ من مهبّ الشمال ويفرغ في الجنوب فهو مسيرة ثلاث ليال به النخل والزرع وهو كله لبني حنيفة إلا يسير منه لبني الأعرج من بني سعد بن زيد مناة انظر : مراصد الاطلاع ٢ / ٩٢٩ ، ٩٣٠.
[الباء بعدها الغين]
٧٨١ ـ بغيض بن شمّاس بن لأي بن شماس بن جعفر ، يأتي ذكره في الّذي بعده.
٧٨٢ ـ بغيض بن عامر بن شمّاس بن لأي بن أنف الناقة جعفر بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم التميميّ السعديّ. كان من رؤساء بني تميم في الجاهليّة ، وأدرك الإسلام ولم يرد في شيء من الطرق أنه وفد على النبيّصلىاللهعليهوسلم ، وله ذكر في خلافة عمر.
وروى أبو الفرج الأصبهانيّ ، من طريق أبي عبد الله بن الأعرابي ، وأبي عبيدة ، ويونس ابن حبيب وغيرهم من أهل الأخبار ـ أنّ النبيّصلىاللهعليهوسلم ولّى الزّبرقان بن بدو بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب صدقات بني تميم ، ثم أقرّه أبو بكر على عمله ، ثم قدم على عمر بصدقات قومه فلقيه الحطيئة الشاعر بقرقرى(١) ومعه ابناه أوس ، وسوادة ، وبناته ، وامرأته ، فعرفه الزّبرقان ، فقال : أين تريد؟ قال : العراق ، لأصادف من يكفيني عيالي وأصفيه مدحي. فقال : لقد لقيته ، قال : من؟ قال : أنا. قال : من أنت؟ قال : الزّبرقان بن بدر ، فسر إلى أمّ بدرة ، وهي بنت صعصعة بن ناجية عمة الفرزدق ، وهي امرأة الزّبرقان ، بكتابي.
فسار إليها ، فبلغ ذلك بغيض بن عامر وإخوته وبني عمه منهم بغيض بن شمّاس. وعلقمة بن هوذة ، وشمّاس بن لأي ، والمخبّل وغيرهم ، وكانوا ينازعون الزبرقان بن بدر الرئاسة ، وكانت بين الزبرقان وبين علقمة مهاجاة فدسّوا إلى أم بدرة أن الزبرقان يريد أن يتزوج بنت الحطيئة ، ولذلك أمرك أن تكرميه ، فجفته أم بدرة ، فأرسل بغيض وأهله إلى الحطيئة أن ائتنا ، فنحن أحسن لك جوارا من الزبرقان ، وأطعموه ووعدوه ، فتحوّل إليهم.
فلما جاء الزّبرقان بلغه الخبر ، فركب إليهم ، فقال لهم : ردّوا عليّ جاري ، فأبوا حتى كاد أن يكون بينهم حرب ، فحضرهم أهل الحيّ ، فاصطلحوا على أن يخيّروه ، فاختار بغيضا ورهطه.
ويقال : إن الزّبرقان استعدى عليهم عمر فأمرهم أن يخيّروه ، قال : فجعل الحطيئة يمدحهم من غير أن يتعرّض للزبرقان ، فلم يزل كذلك حتى أرسل الزبرقان إلى شاعر من النّمر بن قاسط يقال له دثار بن شيبان ، فهجا بغيضا وآل بيته ، فلما سمع الحطيئة شعر دثار حمى لجيرانه ، فقال أبياته التي منها :
__________________
(١) قرقرى : بتكرير القاف والراء وآخره مقصور : باليمامة وإذا خرج الخارج من الوشم إلى جهة الجنوب ويجعل العارض شمالا فإنه يعلو قرقرى ، أرض فيها قرىّ وزروع ونخيل كثيرة وعليها يمرّ قاصد اليمامة من البصرة. انظر : مراصد الاطلاع ٣ / ١٠٧٩ ، ١٠٨٠.
ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم |
في بائس جاء يحدو آخر النّاس(١) |
[البسيط]
وهي طويلة ، فكان من استعداء الزبرقان عمر على الحطيئة وحبسه إياه ، وكان ما كان.
وذكره أبو حاتم السّجستانيّ في «المعمّرين» عن الأصمعيّ ، وذكر من القصيدة قوله :
ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا |
ذا فاقة حلّ في مستوعر شاس(٢) |
|
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه |
لن يذهب العرف بين الله والنّاس. |
[البسيط]
[الباء بعدها العين]
٧٨٣ ز ـ بعاطر الأسقفّ . يأتي ذكره في ضغاطر.
[الباء بعدها الكاف]
٧٨٤ ز ـ بكاء الراهب . من أهل الشام ، أدرك الإسلام ، وشهد للنبيّصلىاللهعليهوسلم بالرسالة ، ولم يذكر له وفادة.
ذكر الهيثم بن عديّ في «الأخبار» ، عن سعيد بن العاصي ، قال : لما قتل أبي العاصي ابن سعيد بن العاصي يوم بدر كنت في حجر عمّي أبان بن سعيد بن العاص ، فخرج تاجرا إلى الشام فمكث سنة ، ثم قدم ، وكان يكثر السبّ لرسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فأوّل شيء سأل عنه أن
__________________
(١) من يفعل عن الله والناس البيت من البسيط ، وهو للحطيئة في ديوانه ص ١٠٩ ، والخصائص ٢ / ٤٨٩ ، وشرح الأشموني ٣ / ٥٨٧. والشاهد فيه حذف الفاء من أول الجملة الاسمية «الله يشكرها» الواقعة جوابا لشرط جازم وذلك للضرورة الشعرية ، ويروى «من يفعل الخير لا يعدم جوازيه» والشاهد في هذه الرواية أن جوازيه جمع جاز ويجوز أن يكون جمع جزاء وجاز أن يجمع جزاء على جواز لمشابهة المصدر اسم الفاعل.
(٢) البيت في ديوان الحطيئة ص ٤٥ هكذا :
ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم |
في بائس جاء يحدو آخر الناس |
روي البيت في مختارات ابن الشجري :
ما كان ذنب بغيض أن رأى رجلا |
ذا فاقة حلّ في مستوعر شاس |
قال ابن الشجري في تعليقه على البيت السابق :
هذه رواية حماد الرواية ورواية الأصمعي : في بائس جاء يحدو آخر الناس
ورواية حماد أجود ، لئلا يتكرر «الناس» في القافية ، فيكون إيطاء قبيحا ، يقال مكان شأس وشأز وعر أي لم يكن له ذنب حين دعاني فأحسن إليّ لأنه رآني ضائعا.
قال : ما فعل محمد؟ فقال له عمي عبد الله : هو والله أعزّ ما كان وأعلاه أمرا ، فسكت أبان ولم يسبّه كما كان يسبّه ، ثم صنع طعاما ، وأرسل إلى سراة بني أمية ، فقال لهم : إني كنت بقرية فرأيت بها راهبا يقال له : «بكاء» لم ينزل إلى الأرض أربعين سنة ، فنزل يوما فاجتمعوا ينظرون إليه ، فجئت فقلت له : إن لي حاجة ، فخلا بي ، فقلت : إني من قريش ، وإنّ رجلا منّا خرج يزعم أن الله أرسله ، قال : ما اسمه؟ قلت : محمد. قال : منذ كم خرج؟ قلت : منذ عشرين سنة ، قال : ألا أصفه لك؟ قلت : بلى قال : فوصفه فما أخطأ من صفته شيئا ، ثم قال لي : هو والله نبيّ هذه الأمة ، والله ليظهرنّ ، ثم دخل صومعته ، وقال لي : اقرأعليهالسلام ، قال : وكان ذلك في زمن الحديبيّة.
٧٨٥ ز ـ بكر (١) بن عبد الله(٢) . له ذكر في الفتوح ، وعقد له عمر على أذربيجان ، نقلته من التاريخ المظفري.
٧٨٦ ز ـ بكير بن علي بن تميم بن ثعلبة بن شهاب بن لأم الطائيّ. له إدراك ، ولولده مسعود ذكر بالكوفة في زمن الحجاج ، وكان فارسا ، ذكره ابن الكلبيّ.
[الباء بعدها الهاء]
٧٨٧ ـ بهدل الطائي له إدراك ، وقتلت أمه أم قرفة في عهد النبيّصلىاللهعليهوسلم وعاش هو إلى أن قتل يحيى بن جعدة بن هبيرة في زمن ابن الزبير فأقيد به ذكره البلاذريّ في «الأنساب».
[الباء بعدها الياء]
٧٨٨ ز ـ بياض بن سويد بن الحارث بن حصن بن ضمضم بن عديّ بن جناب الكلبي. أدرك الجاهلية ، ثم أسلم في عهد عمر. ذكره ابن عساكر في ترجمة ابنه جوّاس.
٧٨٩ ـ بيرح بن أسد الطاحي(٣) ، من أهل عمان. هاجر إلى النبيّصلىاللهعليهوسلم فوجده قد مات.
روى حديثه أحمد وابن أبي خيثمة وغيرهما من طريق جرير بن حازم. عن الزبير بن حريث ، عن أبي لبيد ، قال : خرج رجل من أهل عمان يقال له بيرح بن أسد مهاجرا إلى النبيّصلىاللهعليهوسلم بالمدينة فوجده قد مات ، فبينا هو في بعض الطرق لقيه عمر بن الخطاب فأدخله على أبي بكر الصديق فذكر الحديث في فضل عمان.
__________________
(١) في أبكير.
(٢) أسد الغابة ت (٤٨٨).
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٧ ، معرفة الصحابة ٣ / ١٧٤ ، أسد الغابة ت (٥٠٨) ، الاستيعاب ت (٢٢٥).
وقال الرّشاطيّ : قدم المدينة بعد وفاة النبيّصلىاللهعليهوسلم بأيّام وكان قد رآه ، كذا قال.
٧٩٠ ـ بيرزطن الهندي ـ شيخ كان في زمن الأكاسرة. له خبر مشهور في حشيشة القنب ، وأنه أول من أظهرها بتلك البلاد واشتهر أمرها عنه باليمن. ثم أدرك هذا الشيخ الإسلام فأسلم.
ذكره الشّيخ حسن بن محمّد الشّيرازيّ في كتاب «السّوانح» عن شيخه [الشيخ](١) جعفر بن محمد الشّيرازي.
القسم الرابع
من حرف الباء الموحدة
فيمن ذكر في كتب الصحابة غلطا وبيان ذلك
الباء بعدها الألف
٧٩١ ـ باب بن عمير. ذكره العسكري في فضل من روى عن النبيصلىاللهعليهوسلم مرسلا.
قلت : وليست له رواية عن أحد من الصحابة ، وإنما روايته عند أبي داود عن بعض التابعين.
٧٩٢ ـ باذان ملك الهند. ذكر ابن مفوّز ، قال : لما قتل كسرى بعث باذان بإسلامه وإسلام من معه إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم . حكاه ابن هشام ، هكذا أورده الذّهبيّ في التّجريد بعد أن ذكر باذان الفارسيّ من الأبناء ، وهو المذكور في القسم الثالث ، ولم أر من فرق بينهما قبله.
وقوله : ملك الهند ـ فيه نظر. والصّواب ملك اليمن. ثم ذكر الذّهبيّ ثالثا فقال : باذان ملك اليمن ، ذكره الواقدي فيمن أسلم من أهل سبإ(٢) .
قلت : فهذا هو الأول قطعا.
الباء بعدها الجيم
٧٩٣ ـ بجير بن بجرة الطائي (٣) ـ قال الذّهبيّ في التّجريد : مدح النبيّصلىاللهعليهوسلم ، وفرّق بينه
__________________
(١) سقط في أ.
(٢) سبأ : بفتحتين وهمزة آخره ، وقصيرة : أرض باليمن مدينتها فأرب بينها وبين صنعاء ثلاثة أيام تفرّق أهلها في البلاد وصار كل قوم منهم إلى جهة لما جاءهم سيل العرم كما في القرآن الكريم انظر مراصد الاطلاع ٢ / ٦٨٧.
(٣) الوافي بالوفيات ١٠ / ٧٩.
وبين بجير بن بجرة الطائي ، له ذكر في قتال أهل الردّة ، وهما واحد.
٧٩٤ ـ بجير بن عبد بن الحضرميّ ـ استدركه ابن فتحون ، وعزاه لتفسير الثعلبيّ ، وأنه نزل فيه :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ) [النحل : ١٠٣] الآية. وهو تصحيف ، فقد رواه عبد بن حميد في تفسيره عن يونس ، عن شيبان ، عن قتادة ، فقال : يحنّس بياء وحاء مهملة ونون مشدّدة ثم سين مهملة. والمشهور في اسمه جبر كما سيأتي في حرف الجيم إن شاء الله تعالى.
الباء بعدها الحاء
٧٩٥ ـ بحراة بن عامر (١) ـ كذا سماه ابن عبد البر ، والصواب بيحرة كما تقدم.
٧٩٦ ـ بحيرا الراهب ذكره ابن مندة ، وتبعه أبو نعيم ، وقصته معروفة في المغازي ، وما أدري أدرك البعثة أم لا؟ وقد وقع في بعض السّير عن الزهريّ أنه كان من يهود تيماء. وفي «مروج الذّهب» للمسعوديّ أنه كان نصرانيا من عبد القيس يقال له جرجيس ، فأما قصته فذكر ابن إسحاق في المغازي أن أبا طالب خرج في ركب تاجرا إلى الشام فخرج رسول اللهصلىاللهعليهوسلم معه ، فلما نزل الركب بصرى وبها راهب يقال له بحيرا في صومعة له وكان إليه علم النصرانية. فلما نزل الركب ، وكانوا كثيرا ما ينزلون فلا يكلمهم ، فرأى بحيرا محمّداصلىاللهعليهوسلم والغمامة تظلله ، فنزل إليهم وصنع لهم طعاما وجمعهم عنده ، فتخلّف محمد لصغره في رحالهم ، فأمرهم أن يدعوه فأحضره بعضهم ، فجعل بحيرا يلحظه لحظا شديدا ، وينظر إلى أشياء من جسده كان يجدها عنده من صفته.
فلما فرغوا جعل يسأله عن أشياء من حاله ، وهو يخبره ، فيوافق ذلك ما عنده ، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه ، فأقبل على عمه ، فقال : ارجع بابن أخيك إلى بلده ، واحذر عليه من يهود ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ، فأسرع به إلى بلاده.
ويقال : إن نفرا من أهل الكتاب رأوا منه ما رأى بحيرا ، فأرادوه فردّهم عنه بحيرا وذكّرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته ، وأنهم لا يستطيعون الوصول إليه ، فلم يزل بهم حتى صدّقوه ، ورجعوا.
ورجع به أبو طالب إلى بلده بعد فراغه من تجارته بالشّام.
وذكر أبو نعيم في «الدّلائل» ، عن الواقديّ ، وكذا هو في «طبقات ابن سعد» عنه
__________________
(١) أسد الغابة ت (٣٦١) ، الاستيعاب ت (٢٣٠) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٣ ، الوافي بالوفيات ١٠ / ٧٧.
بإسناده أنه كان له حينئذ اثنتا عشرة سنة ، وذكر القصة مبسوطة جدّا ، وزاد : إن أولئك النفر كانوا من يهود.
وقد وردت هذه القصة بإسناد رجاله ثقات من حديث أبي موسى الأشعريّ أخرجها التّرمذيّ وغيره ، ولم يسم فيها الراهب ، وزاد فيها لفظة منكرة ، وهي قوله : وأتبعه أبو بكر بلالا ، وسبب نكارتها أن أبا بكر حينئذ لم يكن متأهّلا ، ولا اشترى يومئذ بلالا. إلا أن يحمل على أن هذه الجملة الأخيرة مقتطعة من حديث آخر أدرجت في هذا الحديث.
وفي الجملة هي وهم من أحد رواته.
وأخرج ابن مندة من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي أحد الضعفاء المتروكين بأسانيده عن ابن عباس ـ أن أبا بكر الصديق صحب النبيّصلىاللهعليهوسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة ، والنبيصلىاللهعليهوسلم ابن عشرين ، وهم يريدون الشام في تجارة. حتى إذا نزل منزلا فيه سدرة قعد في ظلها ، ومضى أبو بكر إلى راهب يقال له بحيرا يسأله عن شيء ، فقال له : من الرجل الّذي في ظلّ السّدرة؟ فقال : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فقال : هذا والله نبيّ ، ما استظل نحتها بعد عيسى ابن مريم إلا محمّد.
ووقع في قلب أبي بكر التصديق ، فلما بعث نبي اللهصلىاللهعليهوسلم اتبعه ، فهذا إن صحّ يحتمل أن يكون في سفرة أخرى بعد سفرة أبي طالب.
وفي «شرف المصطفى لأبي سعيد النّيسابوريّ» أنّهصلىاللهعليهوسلم مرّ ببحيرا أيضا لما خرج في تجارة خديجة ومعه ميسرة ، وأن بحيرا قال له : قد عرفت العلامات فيك كلها إلا خاتم النبوة فاكشف لي عن ظهرك ، وأنه كشف له عن ظهره فرآه ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّك رسول الله النبي الأمي الّذي بشرّ به عيسى ابن مريم ، ثم ذكر القصّة مطولة جدا. فالله أعلم.
وإنما ذكرته في هذا القسم ، لأن تعريف الصحابي لا ينطبق عليه ، وهو مسلم لقي النبيصلىاللهعليهوسلم مؤمنا به. ومات على ذلك. فقولنا : مسلم يخرج من لقيه مؤمنا به قبل أن يبعث كهذا الرجل والله أعلم.
٧٩٧ ـ بحينة (١) . ذكره عبدان في الصحابة ، وأخرج عن عباس الدّوري عن أبي نعيم عن عبد السلام بن حرب ، عن أبي خالد ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، عن بحينة ، قال : مرّ بي النبيّصلىاللهعليهوسلم وأنا منتصب أصلي بعد صلاة الفجر ، فقال : «اجعلوا بينهما فصلا».
__________________
(١) أسد الغابة ت (٣٧٥).
قال أبو موسى : كذا ترجمه ، وروى الحديث : والصّواب ما رواه خيثمة بن سليمان ، عن السري بن يحيى ، عن أبي نعيم بهذا الإسناد ، فقال : عن ابن بحينة.
قلت : وقد بين أحمد بن حازم بن أبي عروة في مسندة الواهم فيه فأخرجه عن أبي نعيم كما رواه عباس سواء ، ثم قال بعده : قال لنا أبو نعيم : إنما هو ابن بجينة ، ولكن كذا قال لنا ـ يعني عبد السلام ـ قال أبو موسى : وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير عن ابن ثوبان على الصواب. ثم ساقه من مسند أحمد كذلك.
٧٩٨ ـ بحيرة بن عامر . حكى ابن قانع أن بعضهم صحّف بيحرة ، فقال بحيرة والصّواب بيحرة كما تقدم.
الباء بعدها الدال
٧٩٩ ـ البداء بن عاصم اللّخمي . روى أبو علي الكرابيسي في كتاب القضاء من طريق عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : خرج البدّاء بن عاصم وتميم الداريّ مسافرين. ومعهما رجل من بني سهم ، فذكر الحديث في نزول قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ ) [المائدة : ١٠٦] الآية. أخرجه عن معلى بن منصور. عن ابن أبي زائدة ، عن محمد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك.
وقد أخرجه البخاريّ والتّرمذيّ والطّبرانيّ وأبو داود وغيرهم من طرق متعددة عن ابن أبي زائدة ، فاتفقوا على أنه عدي بن بدّاء ، ولم يقع عند أحد منهم البداء بن عاصم ، فلعله كان فيه عدي بن بدّاء بن عاصم فسقط لفظ عديّ ، والله أعلم.
وسيأتي ذكر عديّ في حرف العين إن شاء الله تعالى.
٨٠٠ ـ البداح بن عدي الأنصاريّ (١) قال ابن حبان : يقال له صحبة ، وفي القلب من كثرة الاختلاف في إسناده.
وذكره الباورديّ ، وهو وهم نشأ عن تصحيف ، فإنه أخرج من طريق روح بن القاسم ، عن محمد بن أبي بكر بن حزم ، عن البداح بن عدي ، عن أبيه ـ أن النبيّصلىاللهعليهوسلم رخّص للرّعاء ـ الحديث.
وهذا قد رواه مالك وغيره عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن أبي البدّاح بن عاصم بن عديّ وهو الصّواب.
__________________
(١) الثقات ٣ / ٣٧.
وكذلك أخرجه أبو داود من رواية ابن عيينة ، عن محمد بن أبي بكر بن حزم على الصّواب.
ورأيت في حواشي السّنن لابن القيّم الحنبليّ الجزم بأن زوج جميلة بنت يسار أخت معقل بن يسار اسمه البدّاح بن عاصم بن عدي ، وكنيته أبو عمرو ، فإن كان هذا محفوظا فهو أخو أبي البدّاح التابعيّ ، والله أعلم.
٨٠١ ز ـ بديل ،(١) غير منسوب ـ قال ابن مندة : خرج في الصحابة ، وذكره أهل المعرفة في التابعين ، ثم روي عن موسى بن سروان عن بديل ، قال : كان كمّ النبيّصلىاللهعليهوسلم إلى الرّسغ.
قلت : بديل شيخ موسى هو ابن ميسرة العقيلي ، وهو تابعي صغير ، وجلّ روايته عن التابعين.
الباء بعدها الذال
٨٠٢ ـ بذيمة (٢) والد علي ـ وهو بفتح أوله وكسر الذال المعجمة ، ذكر في الصحابة ، وهو خطأ نشأ عن سقط في الإسناد.
قال ابن مندة : ذكره ابن صاعد في الصحابة ، وروى عن أحمد بن منيع ، عن أشعث بن عبد الرحمن ، عن الوليد بن ثعلبة ، عن علي بن بذيمة ، عن أبيه ، قال : سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم . فذكر حديثا في الدعاء انتهى كلام ابن مندة.
وذكره أبو نعيم ، وقال : هو وهم ، ولم يبيّن وجه الوهم ، وهو سقوط أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود بين علي وأبيه ، وإنما الحديث من مسند عبد الله بن مسعود ، بيّنه مسعر في روايته عن عليّ بن بذيمة عن أبي عبيدة عن أبيه ، أخرجه الحاكم في المستدرك وسأذكر الحديث إن شاء الله تعالى في ترجمة سالم بن عوف بن مالك.
وبذيمة ليس له صحبة ولا رؤية ولا رواية ، وإنما هو من أبناء الأكاسرة ، أسر وهو صغير في قتال الفرس ، فوهبه سعد بن أبي وقّاص لجابر بن سمرة ، وذلك يوم المدائن(٣) . ذكر ذلك ابن سعد في «الطّبقات».
__________________
(١) أسد الغابة ت (٣٨٥) ، الاستيعاب ت (١٦٩).
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٦ وأسد الغابة ت (٣٨٦).
(٣) المدائن : جمع مدينة وإنما سميت بذلك لأنها كانت مدنا ، كلّ واحدة منها إلى جنب الأخرى فأوّلها المدينة العتيقة ثم مدينة الإسكندر ثم طيسفون ثم أسفانبر ثم الروميّة وقيل : هي سبع مدائن بين كل مدينة والأخرى مسافة بعيدة أو قريبة. انظر : مراصد الاطلاع ٣ / ١٢٤٣.
الباء بعدها الراء
٨٠٣ ـ البراء بن الجعد بن عوف(١) ذكره ابن الجوزيّ في تلقيحه ، هكذا أورده الذهبيّ في التجريد مستدركا ، وهو وهم ، فكأنه نسب إلى جده : وهو البراء بن أوس بن خالد بن الجعد بن عوف. وقد تقدم.
٨٠٤ ـ البراء بن قبيصة (٢) قال أبو موسى : ذكره عبدان ، وقال : رأيته في التذكرة ، ولا أعلم له صحبة.
قلت : ذكره في «التّابعين» البخاريّ وابن أبي حاتم عن أبيه ، وآخرون ، ووقع عند البخاري البراء بن قبيصة بن أبي عقيل الثقفي.
٨٠٥ ـ برذع بن زيد بن عامر. ذكره ابن الأمين مستدركا على الاستيعاب. وقد تقدم أنه هو ابن زيد النّعمان بن زيد بن عامر ، فسقط من نسبه من زيد إلى زيد فلا يستدرك.
٨٠٦ ـ بريح بن عرفجة (٣) . كذا ذكره ابن مندة في حرف الموحدة ، ووهمه أبو نعيم ، وهو تصحيف قال ابن مندة : روى عبد الرحمن المحاربي عن ليث عن زياد بن علاقة عن بريح بن عرفجة أو شريح. قال : ورواه غيره عن ليث ، فقال عرفجة بن بريح(٤) ، وهو الصّواب.
٨٠٧ ـ بريدة بن سفيان الأسلمي (٥) تابعي مشهور مضعّف عندهم ، قال ابن حبان ، في التابعين : قيل : إن له صحبة ، وذكره عبدان لحديث أرسله ، ووهم فيه أيضا في بعض الأسماء ، وذلك أنه روى من طريق عبد الرحمن بن عبد الله ، عن الزهري ، عن بريدة بن سفيان الأسلمي أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بعث عاصم بن عدّي ، وزيد بن الدّثنة ، وخبيب بن عديّ ، ومرثد بن أبي مرثد ، فذكر الحديث في قصة قتل عاصم وغيره ، ووهم في قوله عاصم بن عدي ، وإنما هو عاصم بن ثابت.
والحديث مخرج في الصّحيحين ، من طرق عن الزهريّ ، عن عمرو بن أبي سفيان عن أبي هريرة على الصّواب.
__________________
(١) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٦.
(٢) أسد الغابة ت (٣٩٠).
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٧ ، معرفة الصحابة ٣ / ١٨٥ ، وأسد الغابة ت (٣٩٧).
(٤) في أشريح.
(٥) أسد الغابة ت (٣٩٩).
الباء بعدها السين
٨٠٨ ـ بسر ـ بضم أوله وسكون المهملة ـ ابن الحارث ، وهو أبيرق بن عمرو ـ كذا ذكره ابن شاهين ، عن محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن يزيد ، عن رجاله فصحّفه ، وإنما هو بشر(١) ـ بكسر أوله وبالمعجمة.
٨٠٩ ـ بسر ـ بالضم وإسكان المهملة ـ ابن محجن الديليّ(٢) . تابعي مشهور ، جزم بذلك البخاريّ والجمهور ، ذكره البغويّ وغيره في الصّحابة ، وأخرجوا من طريق ابن إسحاق عن عمران بن أبي أنس ، عن حنظلة بن علي ، عن بسر بن محجن ، قال : صليت الظهر في منزلي ، ثم خرجت بإبل لي لأضربها ، فمررت برسول اللهصلىاللهعليهوسلم وهو يصلّي الظهر في مسجده الحديث.
وقد سقط من الإسناد قوله : عن أبيه. وقد أخرجه مالك ، ومن طريقه النسائي عن زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن أبيه ، وكذلك أخرجه أحمد من رواية الثوريّ ، عن زيد بن أسلم ، قال ابن مندة : هذا الصّواب.
٨١٠ ـ بسبس بن عمرو الجهنيّ (٣) ، حليف بني ساعدة بن الخزرج فرّق ابن مندة بينه وبين بسبسة بن عمرو الّذي بعثه النبيّصلىاللهعليهوسلم عينا ، وهما واحد.
ذكر بشر بالكسر وإسكان المعجمة
٨١١ ـ بشر الثقفي (٤) . أورده ابن شاهين وابن عبد البر فيمن اسمه بشر ـ بالكسر وسكون المعجمة فصحّفه ، وإنما هو بشير ـ بزيادة ياء كما تقدّم في القسم الأول.
٨١٢ ـ بشر (٥) بن صحار العبديّ ذكره عبدان في الصّحابة ، وروي من طريق مسلم بن قتيبة عنه. قال : رأيت ملحفة النبيّصلىاللهعليهوسلم مورّسة ، وأدركت مربط حمار رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، وكان اسمه عفيرا ، وكنت أدخل بيوت أزواج النبيّصلىاللهعليهوسلم فأنال سقفها قال أبو موسى : بشر هذا هو
__________________
(١) في أبشير.
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٩ ، تهذيب التهذيب ١ / ٤٣١ ، الكاشف ١ / ١٥٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٩٧ تهذيب الكمال ١ / ١٤٣ ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ١٢٣ الثقات ٤ / ٧٩ ، الوافي بالوفيات ١٠ / ١٣٤ التحفة اللطيفة ١ / ٣٧١ التاريخ الكبير ٢ / ١٢٤ ، الجرح والتعديل ٢ / ٤٢٣ ، ميزان الاعتدال ١ / ٣٠٩ تاريخ الإسلام ٣ / ٣٠٣ ، بقي بن مخلد ٧٩٢.
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٨ ، معرفة الصحابة ٣ / ١٧٥.
(٤) في الاستيعاب ترجمة رقم (١٨٦).
(٥) الجرح والتعديل ٢ / ١٣٦٩ ، دائرة معارف الأعلمي ١٣ / ١٣٥ ، أسد الغابة ت (٤٢٨).
ابن صحار بن عباد بن عمرو من أتباع التابعين ، يروي عن الحسن وغيره ، ورؤيته للملحفة وغيرها لا تصيّره صحابيا.
قلت : وقد روي عن بشر بن صحار أبو عاصم النبيل وأبو سلمة التبوذكي وغيرهما من شيوخ البخاري. وذكره ابن حبان في الثقات ، وفي الصحابة صحار العبديّ آخر غير والد هذا سيأتي ذكره في موضعه.
٨١٣ ـ بشر بن عاصم بن سفيان الثقفي(١) . وهم من ذكره في الصحابة وإنما هو من أتباع التابعين. وقد شرحت ذلك في القسم الأول ، وعكس ابن الأثير الأمر ، فأنكر على البخاريّ إيراده لبشر بن عاصم الّذي لم ينسب في الصحابة وجعله ترجمة مفردة عن بشر بن عاصم بن سفيان ، ولم يجعله صحابيا ، وصنيع البخاري هو الصواب لمن له أدنى تأمل.
٨١٤ ـ بشر الغنوي (٢) ، والد عبد الله بن بشر ـ ذكره ابن شاهين عن محمد بن إبراهيم ، عن محمد بن يزيد ، عن رجاله.
قلت : وهم في التفرقة بينه وبين بشر الغنوي ، ويقال الخثعميّ المقدّم ذكره ، فهو والد عبد الله كما تقدم.
ذكر بشير بفتح أوله وزيادة ياء
٨١٥ ـ بشير بن تيم (٣) . ذكره ابن أبي شيبة في الصحابة ، وأخرج من طريق عبد الله بن الأجلح ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن بشير بن تيم أن النبيّصلىاللهعليهوسلم فادى بأهل بدر فداء مختلفا ، وقال للعباس : «أفد نفسك ...» الحديث.
قلت : هو مقلوب ، وإنما هو الأجلح ، عن بشير بن تيم ، عن عكرمة. وبشير بن تيم شيخ مكيّ يروي عن التابعين ، وأدركه سفيان بن عيينة ، ذكره البخاريّ ، وابن أبي حاتم ، ولبشير بن تيم خبر آخر مرسل ، ذكره بسببه عبدان ، فأخرج من طريق سعيد بن مزاحم ، عن
__________________
(١) الثقات ٣ / ٣٢ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٩ ، ٥٠ ، ٥٢ ، ٥٤ ، تهذيب التهذيب ١ / ٤٥٣ ، تقريب التهذيب ١ / ٩٩ ، تهذيب الكمال ١ / ١٤٩ ، الطبقات ٢٨٦ ، تلقيح فهوم الأثر ٣٧٨ ، خلاصة تهذيب الكمال ١ / ١٢٧ ، المصباح المضيء ٢ / ٣٢٥٠١ ، العقد الثمين ٣ / ٣٧٠ ، ٣٧١ ، التاريخ الصغير ١ / ٣٢٠ ، طبقات علماء إفريقيا وتونس ١٩٢ ، التاريخ الكبير ٢ / ٧٧ ، الجرح والتعديل ٢ / ٣٦٠ بقي بن مخلد ٨٨٧ ، أسد الغابة ت (٤٢٩) ، الاستيعاب ت (١٩٣).
(٢) الثقات ٣ / ٣١ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥١ ، التاريخ الكبير ٢ / ٨١ التاريخ الصغير ١ / ٣٠٦ ، دائرة معارف الأعلمي ١٣ / ١٤٣ ، ذيل الكاشف رقم ١٣١ ، أسد الغابة ت (٤٣٧) ، الاستيعاب ت (١٨٧).
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٢ ، معرفة الصحابة ٣ / ١٢٣ ، أسد الغابة ت (٤٤٨).
الإصابة/ج١/م٣١
معروف بن خرّبوذ ، عن بشير بن تيم ، قال : لما كان ليلة مولد النبيّصلىاللهعليهوسلم رأى موبذان كسرى خيلا وإبلا قطعت دجلة القصّة بطولها.
٨١٦ ـ بشير أبو جميلة (١) ، من بني سليم ـ ذكره ابن مندة وعزاه لابن سعد ، وتعقبه أبو نعيم بأن الصواب بشر أبو جميلة ، وهو كما قال.
٨١٧ ـ بشير بن الحارث (٢) بن سريع بن بجاد العبسيّ ـ ذكره الباوردي والطبريّ فيمن وفد على النبيصلىاللهعليهوسلم من بني عبس ، استدركه ابن فتحون في الموحدة ، وكذا استدركه ابن الأثير ، فوهما جميعا. والصواب أنه يسير ـ بضم التحتانية بعدها مهملة مصغّرا ، كذا ضبطه الحفّاظ ، وسيأتي في حرف الياء التحتانية إن شاء الله تعالى على الصواب.
٨١٨ ـ بشير بن راعي العير (٣) . ذكره عمر بن شبّة في الصحابة ، كذا استدركه ابن فتحون ، وهو تصحيف لا شكّ فيه ، وإنما هو بسر ـ بضم أوله وسكون المهملة على الصّواب كما تقدّم في القسم الأول.
٨١٩ ـ بشير بن زيد الأنصاري ـ ذكره الحاكم ، وقال مسانيده عزيزة ، وأورد له من طريق محمد بن إسحاق البلخي ، حدثني عمر بن قيس بن بشير ، عن أبيه عن جده ـ أن النبيّصلىاللهعليهوسلم قال لأصرم : «الأحمق».
قال البيهقيّ في «الشّعب» : وهم فيه الحاكم من ثلاثة أوجه أو أربعة : أحدها : قوله عمر بن قيس ، وإنما هو عمرو. وثانيها : قوله : بشير ـ يعني بموحدة مفتوحة بعدها معجمة مكسورة ، وإنما هو يسير بضم التحتانية بعدها مهملة مصغّرا ، وثالثها : في رفع الحديث ، وإنما هو موقوف ، ورابعها في جعله صحابيا. وإنما له إدراك.
قلت : وبقي عليه أنه وهم في قوله : بشير بن زيد ، وإنما هو بشير بن عمرو ، وفي كونه نسبه أنصاريا ، وإنما هو عبدي ، وقيل كنديّ.
٨٢٠ ـ بشير بن عمرو(٤) ـ ولد في عام الهجرة ، قال بشير : توفّي النبيّصلىاللهعليهوسلم وأنا ابن عشر سنين ، وروي أنه كان عريف قومه في زمن الحجاج ، توفي سنة خمس وثمانين ، هكذا ذكره أبو عمر لم يزد على ذلك. وصحف في هذا الاسم ، وهو بشير بن عمرو الّذي نبّه
__________________
(١) أسد الغابة ت (٤٥١) معرفة الصحابة ٣ / ١٢٣.
(٢) الاستيعاب ت (١٩٨).
(٣) أسد الغابة ت (٤٢٥).
(٤) أسد الغابة ت (٤٦٦) ، الاستيعاب ت (٢٠٥).
لبيهقي عليه في الّذي قبله ، وهو الّذي يقال له أسير بن جابر ، وقيل هو غيره وأرخ ابن سعد وفاته سنة خمس وثمانين.
وقال أبو نعيم : كان عريفا في زمن الحجاج ، ثم روي عن عمرو بن قيس عن أبيه عن جده بشير ، وقال : قبض النبيّصلىاللهعليهوسلم وأنا ابن عشر سنين.
وقد صحف فيه أيضا ابن شاهين ، فإنه ذكر في الصّحابة في الموحدة : بشير بن عمرو ، ثم ساق حديثا من طريق عمرو بن قيس بن بشير بن عمرو عن أبيه عن جدّه ، وكان قد أدرك النبيّصلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا أخذ عطاءه أمسك نفقة سنة ـ الحديث موقوف.
وهذا هو يسير بن عمرو ، ويقال أسير بالهمزة. وقال علي بن المديني : أهل البصرة يقولون أسير بن جابر ، وأهل الكوفة يقولون أسير بن عمرو. ورجّح البخاريّ الثاني ، وأشار إلى تليين قول من قال فيه ابن جابر. وقال غيره : أسير بن عمرو بن جابر. والله أعلم.
٨٢١ ـ بشير (١) ، والد أيوب روى عنه ابنه أيوب في معجم ابن قانع ومسند البزّار هكذا ، وأورده الذّهبيّ في التّجريد فكرره وهما ، وهو بشير بن أكّال المتقدم.
٨٢٢ ـ بشير بن زيد الضبعي (٢) ـ صوابه ابن يزيد. وقد تقدم.
٨٢٣ ز ـ بشير ـ بضم أوله مصغرا ـ ابن كعب العدوي(٣) . ذكره ابن شاهين و [ابن] عبدان في الصحابة ، وقال عبدان : ذكره بعض مشايخنا ، ولا نعلم له صحبة ، وهو رجل قد قرأ الكتب ، قال : وروى طاوس عن ابن عباس أنه قال لبشير بن كعب عدّ في حديث كذا.
قلت : أخرج ذلك مسلم ، قال عبدان : وحدثنا عبد الجبار ، حدثنا سفيان ، عن عمر ، وسمعت طلق بن حبيب يحدّث عن بشير بن كعب ، قال : جاء غلامان شابان إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم فقالا : يا رسول الله ، أنعمل فيما جفّت به الأقلام؟ الحديث.
وكذا أخرجه ابن شاهين من طريقين عن سفيان.
قال أبو موسى : هذا يوهم أن لبشير صحبة ، وليس كذلك : وإنما هو مرسل.
قلت : قد قدمت أن ابن عساكر خلطه بآخر يقال له بشير بن كعب شهد اليرموك ، ولو
__________________
(١) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٢.
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٣ ، الوافي الوفيات ١٠ / ١٦٢ ، تاريخ من دفن بالعراق ١ / ٦١.
(٣) تهذيب التهذيب ٤٧١١١ ، تقريب التهذيب ١ / ١٠٤ ، تهذيب الكمال ١ / ١٥٤ ، الطبقات ٢٠٧ ، الوافي بالوفيات ١٠ / ١٦٥ ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ١٣٢ التاريخ الصغير ١ / ١٩٣ ، طبقات فقهاء اليمن ٢ ، أسد الغابة ت (٤٧٦).
كان هذا شهد اليرموك لأدرك كبار الصحابة ، لكنا لم نجد له رواية عن أقدم من أبي ذر وأبي الدّرداء ، وقيل : إن روايته عنهما مرسلة. والله أعلم.
٨٢٤ ز ـ بشير المازني ، أبو عبد الله ، ذكره ابن قانع في تضاعيف من اسمه بشير فصحف ، فإنه ساق من طريق يزيد بن حمير ، عن عبد الله بن بشير ، عن أبيه ـ أن النبيّصلىاللهعليهوسلم نزل بهم فأتي بطعام وتمر الحديث. وفيه دعاؤه لهم.
وهذا حديث عبد الله بن بسر المازني ، وهو بضم أوله وسكون المهملة.
الباء بعدها العين
٨٢٥ ـ بعجة بن عبد الله بن بدر الجهنيّ(١) ذكره عبدان ، وأورد له حديثا مرسلا من طريق أسامة بن زيد ، عن بعجة الجهنيّ ، عن النبيّصلىاللهعليهوسلم ، قال : «يأتي على النّاس زمان خير النّاس فيه رجل آخذ بعنان فرسه ...» الحديث.
قال عبدان : لا نعلم لبعجة صحبة ولا رؤية ، وإنما الصحبة لأبيه.
قلت : وهو كما قال ، والحديث المذكور في صحيح مسلم من رواية بعجة المذكور عن أبي هريرة ، فكأن أبا هريرة سقط من تلك الرواية.
وبعجة تابعي مشهور ، وثّقه النسائي وغيره ، وأرّخ ابن حبان وفاته سنة مائة.
الباء بعدها اللام
٨٢٦ ـ بلز ، أبو العشراء الدارميّ ، ذكره ابن مندة وغيره وهو خطأ ، وإنما الصحبة لوالد أبي العشراء.
٨٢٧ ـ بلال بن حمامة (٢) ـ روى عنه كعب بن نوفل في زواج فاطمة.
قلت : فرق أبو موسى بينه وبين بلال المؤذّن والحديث واه جدّا ، ولو ثبت لكان هو بلال بن رباح المؤذن.
٨٢٨ ز ـ بلال بن يحيى (٣) ـ ذكره الحسن بن سفيان في «الوحدان» ، وأخرج له من طريق محمد بن عثمان القرشي عن حبيب بن سليم ، عنه ، عن النبيصلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ معافاة الله
__________________
(١) أسد الغابة ت (٤٨٠).
(٢) أسد الغابة ت (٤٩٢).
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٦ ، تهذيب التهذيب ١ / ٥٠٥ تقريب التهذيب ١ / ١٦٠ ، تهذيب الكمال ١ / ١٦٥ ، التحفة اللطيفة ١ / ٣٨٤ ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ١٤١ ، أسد الغابة ت (٤٩٥).
العبد في الدّنيا أن يستر عليه سيّئاته». قال أبو نعيم : أراه العبسيّ الكوفيّ صاحب حذيفة.
قلت : وهو كما ظنّ ، فإن حبيب بن سالم معروف بالرواية عنه ، وهو تابعيّ معروف [حتى] قيل إن روايته عن حذيفة مرسلة.
وقد ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه ، وقال : روى عن النبيصلىاللهعليهوسلم مرسلا ، وعن عمر بن الخطاب. وروى عن حذيفة ويقول : بلغني عن حذيفة.
٨٢٩ ـ بلال الفزاري ـ ذكره بعضهم في الصحابة ، واستدركه مغلطاي بخطه في حاشية أسد الغابة ، وعزاه لابن أبي حاتم ، وهو كما قال ذكره في الجرح والتعديل ، فقال : روي عن النبيصلىاللهعليهوسلم «إنّ الإسلام بدأ غريبا». قال : سألت أبي عنه فقال : مجهول.
قلت : وذكره في المراسيل ، فقال : حديثه مرسل ولا صحبة له ، وأظنه بلال بن مرداس. والحديث المذكور ذكره البخاريّ في تاريخه ، فقال لنا إسحاق ، عن جرير ، عن ليث ، عن بلال الفزاري فذكره ، وبلال بن مرداس الفزاري الّذي أشار إليه أبو حاتم تابعي صغير يروي عن أنس.
[الباء بعدها الواو]
٨٣٠ ـ بودان (١) ذكر علي بن سعيد العسكري ، وأخرج من طريق ابن جريج عن ابن مينا ، عنه عن النبيّصلىاللهعليهوسلم : «من اعتذر إليه أخوه المسلم ...»(٢) الحديث واستدركه أبو موسى ، وقال : ذكره أيضا أبو بكر بن أبي عليّ ، والمشهور جودان ـ بالجيم ، قلت : وهو الصّواب ، وكذا أخرجه ابن ماجة من هذا الوجه ، كما سيأتي في موضعه. والأوّل تصحيف.
__________________
(١) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٩٤٥٧ ، وأسد الغابة ت (٥٠٦).
(٢) أورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم ٢٥٦٠ وأورده الهيثمي في الزوائد ٨ / ٨٤ عن جابر بن عبد الله الحديث قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن أعين وهو ضعيف وأورده العجلوني في كشف الخفاء ٢ / ٣٢٣ عن عائشة بلفظ قال العجلوني رواه أبو الشيخ عن عائشة مرفوعا وترجمه السخاوي من غير عزو لأحد بلفظ من اعتذر إلى أخيه فلم يقبل كان عليه مثل خطيئة صاحب مكس ثم قال وللديلمي عنه في حديث رفعه من اعتذر قبل الله معذرته.
حرف التاء المثناة
القسم الأول
[باب التاء بعدها اللام]
٨٣١ ـ التّلب بن ثعلبة (١) بن ربيعة بن عطيّة بن أخيف بن كعب بن العنبر بن عمرو بن تميم التميمي العنبري. وقيل : أخو زينب بنت ثعلبة ، وقيل في نسبه غير ذلك.
له صحبة وأحاديث ، روى له أبو داود والنسائي ، وقد استغفر له رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ثلاثا.
وهو بفتح المثناة وكسر اللام بعدها موحدة خفيفة ، وقيل : ثقيلة. وكان شعبة يقوله بالمثلثة في أوله. والأول أصح ، قال أحمد : كان في لسان شعبة لثغة.
وأخيف في نسبه بضم أوله وخاء معجمة مصغّرا.
باب التاء بعدها الميم
٨٣٢ ـ تمّام بن عبيدة الأسدي (٢) ـ أسد خزيمة ـ ذكره ابن إسحاق في المهاجرين ، وسيأتي ذكر أخيه الزبير.
٨٣٣ ـ تمام الحبشي(٣) ـ أحد الثمانية الذين قدموا على رسول اللهصلىاللهعليهوسلم من الحبشة تقدم ذكره في أبرهة.
٨٣٤ ز ـ تمام بن يهودا ـ ذكره الضّحاك بن مزاحم فيمن أسلم من أحبار يهود ، واستدركه ابن فتحون.
__________________
(١) الثقات ٣ / ٤٢ تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٧ ، تهذيب التهذيب ١ / ٥٠٩ ، تقريب التهذيب ١ / ١١٢ ، خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ١ / ١٤٧ ـ الطبقات ١ / ٤٢ ، ١٧٨ ، تهذيب الكمال ١ / ١٦٧ ، الوافي بالوفيات ١٠ / ٣٨٦ ، الكاشف ١ / ١٦١ ، التاريخ الكبير ١ / ١٥٨ ، الإكمال ١ / ٥١٤ بقي بن مخلد ٩١٤ ، أسد الغابة ت (٥٠٩) ، الاستيعاب ت (٢٤٤).
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٥٨ ، معرفة الصحابة ٣ / ٢١٣ ، أسد الغابة ت (٥١١).
(٣) أسد الغابة ت (٥١٢).