الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٢

مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 608
مؤلف: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 608
قال أبو حاتم الرّازيّ : هو من رواية حصين عن عتبان بن مالك.
٢١٠٥ ـ حطيم الحدّانيّ : ويقال بالمعجمة ، وهو تابعي ، أرسل حديثا ، فذكره عبدان وغيره في الصحابة.
وأخرج أبو موسى من حديثه من طريق خالد بن يزيد الهادي(١) ، عن أشعث الحداني ، عن حطيم الحداني ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «بشّر المشّاءين إلى المساجد بالنّور التامّ يوم القيامة».
«الحاء بعدها الفاء»
٢١٠٦ ـ حفص بن أبي جبلة (٢) : تابعيّ أرسل حديثا فذكره عبدان.
وأخرج من طريق يسار(٣) بن مزاحم التميمي عن حفص بن أبي جبلة مولاهم عن النبيّصلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ ) [المؤمنون : ٥١] الآية. قال : «ذلك عيسى ابن مريم يأكل من غزل أمّه».
الحاء بعدها الكاف
٢١٠٧ ـ الحكم بن أبي الحكم : فرق في التجريد بينه وبين الحكم الأمويّ ، وهما واحد.
٢١٠٨ ـ الحكم بن عمرو الثّمالي : (٤) ذكره ابن عبد البرّ ، وفرق بينه وبين الحكم بن عمير ، وهو هو ، وقد تقدم.
٢١٠٩ ـ حكيم بن جبلة العبديّ : ذكره ابن عبد البرّ بفتح أوله ، وإنما هو بضمها مصغّرا ، كما تقدم.
٢١١٠ ز ـ حكيم بن عيّاش الكلبيّ : الأعور ، من شعراء بني أمية.
ذكره ابن فتحون في «الذيل» واستند إلى أشعار له هجا فيها بني تميم ، ومنهم سجاح التي تنبأت في زمن أبي بكر الصّديق.
ووهم ابن فتحون في ذلك ، فإن من كان بمثابة حكيم المذكور هجا من أدركه ومن لم
__________________
(١) في أ : يزيد الهدادي.
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٣٣ ، أسد الغابة ت [١٢٠٥].
(٣) في أبشار.
(٤) أسد الغابة ت [١٢٢١] ، الاستيعاب ت [٥٤٨].
يدركه ، وقد ذكره من صنّف في الشعراء ، وذكروا أنه كان يهجو المضريين ويتعصّب لليمانية ، وقد ردّ عليه الكميت بن زيد وغيره من شعراء مضر وناقضوه.
وروى الكوكبيّ في «فوائده» بإسناده أنّ رجلا جاء إلى جعفر الصّادق ، فقال : هذا حكيم بن عياش الكلبي ينشد الناس هجاءكم بالكوفة. فقال : هل علقت منه بشيء؟ قال : نعم ، قال :
فصلبنا لكم زيدا على رأس نخلة |
ولم أر مهديّا على الجذع يصلب |
|
وقستم بعثمان عليّا سفاهة |
وعثمان خير من عليّ وأطيب |
[الطويل]
قال : فرفع جعفر يديه ، فقال : اللهمّ إن كان كاذبا فسلّط عليه كلبك ، فخرج حكيم فافترسه الأسد.
قلت : كان قتل زيد بن عليّ سنة اثنتين وعشرين ، فدلّ على تأخر حكيم عن هذه الغاية ، وظهر أنّ الإدراك له. والله أعلم.
[٢١١١ ـ حكيم بن معاوية النميري : سمع النبيّصلىاللهعليهوسلم ، قاله البخاريّ ، كذا في التجريد ، وهو المذكور في الأول ، كرره ظنا أنّ قول البخاريّ : في صحبته نظر ـ يغاير قوله : سمع النبيصلىاللهعليهوسلم .
والأول حكاه أبو عمر ، كأنه نقله من الصّحابة للبخاريّ ، والثاني كلام البخاريّ في التاريخ ، والنظر الّذي أشار إليه كأنه في الإسناد لما فيه من الاختلاف. فالله أعلم](١) .
الحاء بعدها الميم
٢١١٢ ـ حمزة بن عمرو : غير منسوب.
ذكره أبو موسى ، وروى من طريق شريك ، عن هشام ، عن أبيه ، عن حمزة بن عمرو ، قال : أكلت مع النبيّصلىاللهعليهوسلم طعاما ، فقال : «كل بيمينك ...» الحديث.
وهذا من أوهام شريك ، وهو مقلوب ، وإنما هو عن هشام ، عن ، أبيه عن عمرو بن أبي سلمة ، كذا رواه الحفّاظ عن هشام ، ومشى الطبرانيّ على ظاهره ، فأورد هذا الحديث في ترجمة حمزة بن عمرو الأسلمي فوهم.
__________________
(١) سقط في أ.
وقد تقدم في حمزة بن عمر ـ بضم العين ـ في القسم الأول. فالله أعلم.
٢١١٣ ـ حمزة بن عوف : استدركه ابن الأثير(١) : وذكره ابن عبد البر في ترجمة ابنه ، قال يزيد : وإنهما وفدا ، ولم يفرده هنا. انتهى.
وقد تقدم ذكره في حرف الجيم على الصّواب.
٢١١٤ ـ حمزة بن مالك بن مشعار (٢) : استدركه أبو موسى ، فذكره بالزاي فصحّفه ، وإنما هو حمرة ـ بالضم وبالراء المهملة ، ضبطه ابن ماكولا عن ابن حبيب وقد تقدم على الصّواب.
٢١١٥ ـ حمزة بن النعمان العذري (٣) : ذكره ابن شاهين ، واستدركه ابن بشكوال فصحفا ، وإنما هو بالجيم والراء ، ضبطه الدّارقطنيّ والجمهور ، وهو الصّواب كما تقدم.
٢١١٦ ـ حميد بن منهب : تقدم في الأول.
٢١١٧ ـ حميريّ بن كراءة الرّبعي : تابعي أرسل حديثا ، فذكره بعضهم في الصّحابة وقال ابن أبي حاتم ، عن أبيه : ليست له صحبة.
الحاء بعدها النون
٢١١٨ ـ حنبل (٤) : بنون ساكنة ثم موحدة ـ ابن خارجة. استدركه ابن الأثير ، وقال : روى عنه معن بن حويّة أنه قال : شهدت مع النبيّصلىاللهعليهوسلم حنينا ، فضرب للفرس سهمين ولصاحبه بسهم ، ذكره ابن ماكولا في حويّة. انتهى.
وقد صحّف فيه ابن الأثير تصحيفا قبيحا ، وإنّما هو حسل بكسر(٥) المهملتين ، والعجب أنه أورد هذا الحديث بعينه في ترجمته على الصّواب في حسيل ، لكن بالتصغير.
٢١١٩ ـ حنش بن المعتمر (٦) : وقيل ابن ربيعة ، أبو المعتمر الكناني. تابعي من أهل
__________________
(١) في أقال وذكره ابن عبد البر.
(٢) أسد الغابة ت [١٢٥٧].
(٣) أسد الغابة ت [١٢٥٧].
(٤) تجريد أسماء الصحابة. المشتبه ١٨٧ ، أسد الغابة ت [١٢٧٢].
(٥) في أ : بكسر ثم سكون المهملتين.
(٦) طبقات ابن سعد ٦ / ٢٢٥ ، طبقات خليفة ١٥٢ ، التاريخ لابن معين ٢ / ١٢٩ ، تاريخ الثقات ١٣٦ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٢٠ ، تاريخ الطبري ٥ / ٥٥٥ ، الجرح والتعديل ٣ / ٢٩١ ، الضعفاء الكبير للعقيليّ ٢٨٨ ، المجروحين لابن حبان ١ / ٢٦٩ ، أنساب الأشراف ٥ / ٢٠٦ ، أخبار القضاة ١ / ٨٥ ، تهذيب الكمال ٧ / ٤٣٢ ، الكاشف ١ / ١٩٥ ، ميزان الاعتدال ١ / ٦١٩ ، المغني في الضعفاء ١ / ١٩٧ ، الكنى
الكوفة ، جاءت عنه رواية مرسلة ، فذكره بسببها ابن مندة في الصّحابة ، ثم قال : لا تصحّ له صحبة.
وذكره العجليّ وغيره في التابعين ، وقد ضعّفه النّسائي وطائفة ، وقوّاه بعضهم.
٢١٢٠ ـ حنظلة بن علي الأسلمي (١) : تابعي أرسل حديثا فذكره ابن مندة في الصّحابة ، وأخرج من طريق حسين المعلم ، عن عبد الله بن بريدة ، عن حنظلة بن علي الأسلمي ـ أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كان يقول : «اللهمّ آمن روعتي ، واستر عورتي ...»(٢) الحديث.
وقد ذكره في التّابعين البخاريّ وابن حبّان والعجليّ ، وغيرهم.
٢١٢١ ـ حنظلة بن عمرو الأسلمي : تقدم في الأول.
٢١٢٢ ـ حنظلة بن قيس : ذكره عبدان فأخطأ في اسم أبيه وفي جعله صحابيا ، فأخرج من طريق الزهري عن حنظلة بن قيس ، عن النبيّصلىاللهعليهوسلم ، قال : «ليهلنّ ابن مريم حاجّا أو معتمرا ...»(٣) الحديث.
قال أبو موسى : والصّواب عن الزهريّ ، عن حنظلة بن علي الأسلميّ ، عن أبي هريرة ، كذا هو في مسلم.
٢١٢٣ ـ حنظلة بن قيس الأنصاريّ : تقدّم في الأول.
٢١٢٤ ـ حنظلة ، غير منسوب (٤) :
__________________
والأسماء للدولابي ٢ / ١١٩ ، الوافي بالوفيات ١٣ / ٢٠٥ ، المعارف ٢٥٢ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٥٨ ، تقريب التهذيب ١ / ٢٠٥ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٥٤ ، أسد الغابة ت [١٢٧٤].
(١) طبقات بن سعد ٥ / ٢٥١ ، التاريخ الكبير ٣ / ٣٨ ، تاريخ الثقات للعجلي ١٣٧ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٤٠٥ ،
تاريخ الطبري ٥ / ١٧٦ ، الجرح والتعديل ٣ / ٢٣٩ ، الثقات لابن حبان ٤ / ١٦٥ ، رجال صحيح مسلم ١ / ١٤٨ ، الجمع بين رجال الصحيحين ١ / ١١٠ ، تهذيب الكمال ٧ / ٤٥١ ، الكاشف ١ / ١٩٦ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٩٢ ، تقريب التهذيب ١ / ٢٠٦ ، خلاصة التهذيب ٩٦ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٣٤٠.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢ / ٢٥ ، وابن حبان في صحيحه حديث رقم ٢٣٥٦. والطبراني في الكبير ٤ / ٩٤ ، ١٢ / ٣٤٣. قال الهيثمي في الزوائد ١٠ / ١٨٣ رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٦٤٧ ، ٣٧٥٠ ، ٥١١٢ ، وعزاه للطبراني في الكبير عن خباب.
(٣) أخرجه مسلم في الصحيح ٢ / ٩١٥ عن أبي هريرة كتاب الحج (١٥) باب إهلال النبيصلىاللهعليهوسلم وهديه (٣٤) حديث رقم (٢١٦ / ١٢٥٢) وأحمد في المسند ٢ / ٥٤٠.
(٤) أسد الغابة ت [١٢٩٢].
استدركه ابن الدباغ وابن فتحون وابن الأثير ، واستندوا إلى ما أخرجه ابن قانع من طريق الذّيّال بن عبيد ، عن حنظلة ـ أنّ النبيّصلىاللهعليهوسلم كان يعجبه أن يدعى الرجل بأحبّ أسمائه إليه.
قلت : ووهموا في استدراكه ، فإنّ هذا هو حنظلة بن حذيم(١) الّذي تقدم ذكره في القسم الأول. والذيال ابن ابنه ، وأحاديثه عنه معروفة ، وهذا منها.
الحاء بعدها الواو
٢١٢٥ ز ـ حوشب ، تابعيّ : أرسل حديثا ، فذكره بعضهم في الصّحابة ، فأخرج ابن أبي الدّنيا من طريق حوشب ، قال : كان رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول في دعائه : «اللهمّ إنّي أعوذ بك من دنيا تمنع خير الآخرة ...» الحديث.
وروى ابن أبي الدّنيا أيضا من طريق عبد الله بن المبارك ، عن عمر بن المغيرة الصنعاني(٢) ، عن حوشب ، عن الحسن البصريّ حديثين مرسلين ، أحدهما : كانوا يرجون في حمّى ليلة كفارة لما مضى من الذّنوب.
٢١٢٦ ز ـ حويزة العصري : استدركه أبو موسى وعزاه لابن أبي علي ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف : والصّواب جويرة ـ بالجيم مصغرا. وقد أخرجه ابن مندة على الصّواب.
٢١٢٧ ـ حوط العبديّ : قال عبدان(٣) : ذكره بعض أصحابنا ، ولا أعلم له رواية عن النبيّصلىاللهعليهوسلم : وإنما له رواية عن عبد الله بن مسعود.
٢١٢٨ ـ حوط بن مرّة (٤) : بن علقمة الأعرابيّ. استدركه أبو موسى ، وأخطأ في ذلك ، فإنه لم يجئ إلا من طريق موضوعة. أخرج أبو عبد الرحمن السلّمي في كتاب الأطعمة له عن أحمد بن نصر الذارع أحد الكذّابين ، سمعت أبا بكر غلام فرج يقول : سمعت ياسين بن الحسن بن ياسين يقول : حججت سنة ست وأربعين ومائتين ، فذكر حديثا ، وفيه : فرأيت أعرابيا في البادية اسمه حوط بن مرّة بن علقمة ، فقلت له : هل سمعت من رسول اللهصلىاللهعليهوسلم شيئا؟ قال : نعم ، شهدت محمداصلىاللهعليهوسلم ، وقيل له : هل أتيت من طعام الجنّة بشيء؟ فقال : «نعم ، أتاني جبريل بخبيصة من خبيص الجنّة فأكلتها».
٢١٢٩ ـ حولي (٥) : ذكره أبو الفتح الأزديّ في الوحدان من الصّحابة ، فأخطأ ، لأنه ابن
__________________
(١) في أحنظلة بن حاتم.
(٢) في أ : الصنعاني.
(٣) أسد الغابة ت [١٣٠٢].
(٤) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٤ ، أسد الغابة ت [١٣٠٤].
(٥) أسد الغابة ت [١٣٠٦].
حوالة واسمه عبد الله ، فأخرج الأزديّ من طريق وكيع ، عن سعيد بن عبد العزيز ، عن ربيعة بن يزيد ، عن رجل يقال له حولي ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «إنّكم ستجنّدون أجنادا ...»(١) الحديث.
قال ابن عساكر في مقدمة تاريخه : وهم فيه وكيع ، فأسقط منه رجلا ، وصحّف اسم الصّحابي ، ثم أخرجه من طريق أبي مسهر ، عن ربيعة ، فقال : عن أبي إدريس الخولانيّ ، عن عبد الله بن حوالة ، وقال في أثناء الحديث : فقال الحوليّ : خر لي يا رسول الله
الحديث.
وكذا أخرجه الطبرانيّ من طريق أبي مسهر. وتابعه الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عند ابن أبي عاصم انتهى.
وكان هذا سبب التصحيف ، رأى فيه الحوالي فسقطت الألف ، فظن أنه اسمه ، وإنما هو نسبه إلى أبيه ، وهو بتخفيف الواو.
ووهم فيه ابن شاهين وهما آخر سأذكره في الخاء المعجمة إن شاء الله تعالى.
الحاء بعدها الياء
٢١٣٠ ـ حيّان (٢) : بالتحتانية ـ الأعرج. تابعيّ أرسل بعض الرواة عنه حديثا فوهم بعضهم فذكره في الصحابة. روى الدارميّ ، من طريق محمد بن يزيد(٣) الخراساني ، عن حيان الأعرج ـ أنّ النبيصلىاللهعليهوسلم بعثه إلى البحرين.
قال ابن مندة : هذا وهم ، والصّواب عن محمد بن يزيد ، عن حيان الأعرج ، عن العلاء بن الحضرميّ. انتهى.
وحيان الأعرج قد ذكره في التابعين البخاريّ وابن أبي حاتم وابن حبّان.
٢١٣١ ـ حيّان بن أبي جبلة (٤) : ذكره عبدان في الصّحابة فوهم ، وإنما هو تابعي
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٣٤ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٦ / ٣٢٦ وأورده الهيثمي في الزوائد ١٠ / ٦١ وقال رواه البزار والطبراني وفيهما سليمان بن عقبة وقد وثقه جماعة وفيه خلاف لا يضر وبقية رجاله ثقات والمتقي للهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٥٠٣٠ ، ٣٨٢١١ ، ٣١٨٠٧ ، ٣٨١٩٦ ، والبخاري في التاريخ الكبير ٥ / ٣٣.
(٢) أسد الغابة ت [١٣١٢].
(٣) في أ : محمد بن زيد.
(٤) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٥ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٠٤
معروف ، وصحّف اسمه ، وإنما هو بكسر المهملة بعدها موحدة. وقد تقدّم ذكره في القسم الثّالث.
٢١٣٢ ـ حيّان بن صخر السّلمي : ذكره ابن شاهين في الصّحابة ، وأورد من طريق شرحبيل بن سعد عنه ، قال : قال النبيصلىاللهعليهوسلم : «نهينا أن ترى عوراتنا».
قال أبو موسى : [من قال](١) والصّواب جبّار بن صخر ـ يعني بالجيم والموحدة وآخره راء. وهو كما قال. ومن قال حيان فقد صحّفه ، ووقع عند عبدان في هذا الحديث بعينه حيان بن ضمرة ، فصحف أباه أيضا.
والسّلمي بفتح المهملة واللام ، لأنه من الأنصار لا من بني سليم.
٢١٣٣ ـ حيّة بن حابس : ويقال(٢) عابس. تقدم في ترجمة حابس في القسم الأول.
٢١٣٤ ـ حييّ بن حارثة الثّقفي : حليف بني(٣) زهرة.
ذكره الأمويّ عن ابن إسحاق بحاء مهملة وتحتانيتين مصغّرا ، وذكره الواقديّ كذلك ، ولكن سمى أباه جارية ـ بالجيم والتحتانية بدل المهملة والمثلثة.
وذكره الطبريّ فقال : حيّ ـ بمهملة مفتوحة وياء واحدة ـ واتفقوا على أنه قتل باليمامة شهيدا.
حكى ابن الأثير ضبطه عن هؤلاء ، وليس ضبطه في كتبهم بالأحرف.
والصّواب من ذلك كله أنه حيّي ، بضم المهملة وتشديد الموحدة مع الإمالة وآخره تحتانية ، وأبوه بالجيم والتحتانية ، هكذا حرره ابن ماكولا ، وقد تقدم في القسم الأول على الصّواب.
__________________
(١) سقط في ط.
(٢) أسد الغابة ت [١٣٢٢].
(٣) أسد الغابة ت [١٣٢٣] ، الاستيعاب ت [٥٧١].
حرف الخاء المعجمة
القسم الأول
الخاء بعدها الألف
٢١٣٥ ـ خارج بن خويلد الكعبي : ذكره ابن سعد في ترجمة خالد بن الوليد ، قال : ولما ظهر رسول اللهصلىاللهعليهوسلم على ثنيّة أذاخر نظر إلى البارقة فقال : «ما هذا؟ ألم أنه عن القتال». فقيل : يا رسول الله ، خالد بن الوليد قوتل فقاتل. فقال : «قضاء الله خير»(١) قال : وجعل خالد بن الوليد يتمثل وهو يقاتل بقول خارج بن خويلد الخزاعي الكعبيّ :
إذا ما رسول الله فينا رأيتنا |
كلجّة بحر ال فيها سريرها |
|
إذا ما ارتديناها فإنّ محمّدا |
لها ناصر عزّت وعزّ نصيرها |
[الطويل]
قال ابن سعد : قال محمد بن عمر : أنشدناها حزام بن هشام الكعبي عن أبيه.
٢١٣٦ ـ خارجة بن جزء (٢) : بفتح الجيم وسكون الزّاي بعدها همزة ، ويقال بكسر الزاي وتحتانية خفيفة ، العذري.
ذكره ابن السّكن وغيره ، وأخرج حديثه هو وابن مندة ، والبيهقيّ في الشّعب ، والخطيب في المؤتلف ، من طريق سعيد بن سنان ، عن ربيعة بن يزيد ، حدثني خارجة بن جزء العذريّ ، سمعت رجلا يقول يوم تبوك : يا رسول الله أيباعل أهل الجنّة؟ الحديث في إسناده ضعف وفي رواية الخطيب عن ربيعة الجرشي : حدّثني حارثة ، سمعت رجلا بتبوك قال : يا رسول الله. فذكره ، وزاد أبو عمر في الرواة عن خارجة جبير بن نفير.
__________________
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٢ : ١ : ٩٨. والبيهقي في السنن الكبرى ٩ / ١٢١. والبيهقي أيضا في دلائل النبوة ٥ / ٤٨
(٢) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٦ ، أسد الغابة ت [١٣٢٦] ، الاستيعاب ت [٦١٤].
٢١٣٧ ـ خارجة بن حذافة (١) بن غانم : بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عويج ، بفتح أوله وآخره جيم ، ابن عديّ بن كعب بن لؤيّ. أمه فاطمة بنت عمرو بن بجرة العدويّة. وكان أحد الفرسان قيل : كان يعد بألف فارس ، وهو من مسلمة الفتح ، وأمدّ به عمر عمرو بن العاص ، فشهد معه فتح مصر ، واختط بها. وكان على شرطة عمرو بن العاص ، فيقال : إن عمرو بن العاص استخلفه على الصّلاة ليلة قتل علي بن أبي طالب ، فقتله الخارجيّ الّذي انتدب لقتل عمرو بن العاص ، وقال : أردت عمرا وأراد الله خارجة.
له حديث واحد في الوتر. وروى المصريون من طريق عبد الرحمن بن جبير ، قال :
رأيت خارجة بن حذافة صاحب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم توضّأ ومسح على الخفّين.
قال محمّد بن الرّبيع : لم يرو عنه غير المصريين.
٢١٣٨ ـ خارجة بن حصن بن حذيفة : بن بدر(٢) ، أخو عيينة بن حصن. وهو والد أسماء بن خارجة ، الّذي كان بالكوفة. له وفادة.
ذكر ابن شاهين من طريق المدائني ، عن أبي معشر ، عن يزيد بن رومان ، قال : قدم خارجة بن حصن وجماعة إلى النبيصلىاللهعليهوسلم ، فشكوا الجدب والجهد ، وقالوا : اشفع لنا إلى ربك ، فقال : «اللهمّ اسقنا ...»(٣) الحديث. وفيه : فأسلموا ورجعوا.
وذكر الواقديّ في «الردّة» أنه كان ممن منع صدقة قومه ، وأورد للحطيئة في ذلك شعرا مدحه به ، وأنه لقي نوفل بن معاوية الدئلي ، فاستعاد منه الصدقة ، فردها على من أخذها منهم ، قال : ثم تاب خارجة بعد ذلك.
__________________
(١) الثقات ٣ / ١١١ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٤ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٦ ، الكاشف ١ / ٢٦٥ ، خلاصة تذهيب ١ / ٢٧٣ ، تهذيب الكمال ١ / ٣٤٨ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٧٤. تقريب التهذيب ١ / ٢١٠ ، الجرح والتعديل ٨ / ٤٣ ، ٣ / ١٧٠ التحفة اللطيفة ١ / ٤٩ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢٠ ، أزمنة التاريخ الإسلامي ١ / ٦٠٠ ، الطبقات ٢٣ / ١٩١ ، التاريخ الكبير ٣ / ٢٠٣ ، التاريخ الصغير ١ / ٩٣ ، الإكمال ٦ / ١٨٢ ، تراجم الأخبار ١ / ٣٩٠ ، الكامل ٣ / ٩٢٠ ، مشاهير علماء الأمصار ٣٨٣. بقي بن مخلد ٤٠٩ ، أسد الغابة ت [١٣٢٧] ، الاستيعاب ت [٦٠٩].
(٢) الطبقات الكبرى ١ / ٢٩٧ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٧ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٧٠٤ ، أسد الغابة ت [١٣٢٨] ، الاستيعاب ت [٦١٠].
(٣) أخرجه النسائي في سننه ٣ / ١٥٩ كتاب الاستسقاء باب أكيف يرفع حديث رقم ١٥١٥. وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم ١٤١٧. والطبراني في الكبير ١٢ / ٣٧٨. وابن عدي في الكامل ٣ / ٤٠٩ عن أنس ابن مالك.
وروى الواقديّ أنه قدم على أبي بكر حين فرغ خالد بن الوليد من قتال بني أسد ، فقال أبو بكر : اختاروا إمّا سلما مخزية وإما حربا مجلية ، فقال له خارجة بن حصن : هذه الحرب قد عرفناها فما السلم؟ ففسرها له ، فقال : رضيت يا خليفة رسول الله.
وقال المرزبانيّ : هو مخضرم. وأنشد له أبياتا قالها في الجاهليّة يفتخر بها على الطّائيين يوم عوارض ، وذكر أن زيد الخيل أجابه عنها.
٢١٣٩ ـ خارجة بن الحميّر (١) : ويقال حارثة ، وهو الأصح. تقدم في الحاء المهملة.
٢١٤٠ ـ خارجة بن زيد : بن أبي زهير(٢) بن مالك بن امرئ القيس بن مالك الأنصاريّ الخزرجيّ.
ذكره موسى بن عقبة ، عن ابن شهاب ، ومحمد بن إسحاق ، وغير واحد فيمن شهد بدرا ، قال : قتل يوم أحد ، وهو صهر أبي بكر الصّديق ، تزوج أبو بكر ابنته ، ومات عنها وهي حامل. ويقال : إن النبيّصلىاللهعليهوسلم آخى بينه وبين أبي بكر.
أخرجه البغويّ في ترجمة أبي بكر ، عن زهير بن محمد ، عن صدقة بن سابق ، عن محمد بن إسحاق : وهو والد زيد بن خارجة الّذي تكلم بعد الموت.
٢١٤١ ـ خارجة بن زيد : جاء أنه تكلم بعد الموت. وسيأتي بيان ذلك في زيد بن خارجة إن شاء الله تعالى.
٢١٤٢ ـ خارجة بن عبد المنذر (٣) الأنصاري : يقال هو اسم أبي لبابة.
ذكره ابن أبي داود. وروى عن العطاردي حدثنا ابن فضيل ، عن عمرو بن ثابت ، عن ابن عقيل ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن خارجة بن عبد المنذر ، قال : قال رسول اللهصلىاللهعليهوسلم : «سيّد الأيّام يوم الجمعة ...» الحديث(٤) .
__________________
(١) أسد الغابة ت [١٣٢٩] ، الاستيعاب ت [٦١٥]. أسد الغابة ت [١٣٢٠] ، الاستيعاب ت [٦٠٨].
(٢) الثقات ٣ / ١١١ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٧ ، الاستبصار ١ / ١١٥ ، عنوان النجابة ٧٦ ، التحفة اللطيفة ٢ / ٧ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٥٢٤ ، التاريخ الكبير ٣ / ٢٠٤ ـ سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٣٧ ، ٤٤١ ، تحفة الأولياء ٢ / ١٨٩ العبر ١ / ١١٩ ، أصحاب بدر ١٧٣ ، روضات الجنان ٣ / ٢٧٥ التاريخ الصغير ١ / ٤٢ ، ٢١٥ ، ٢١٦ ، ٢٤١ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٩١ ، الأعلام ٢ / ٢٩٣ ، البداية والنهاية ٩ / ١٨٧ ، طبقات الحفاظ ٣٥.
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٧ ، أسد الغابة ت [١٣٣٣].
(٤) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه ٣ / ١١٥ حديث رقم ١٧٢٨. وابن أبي شيبة في المصنف ٢ / ١٤٩ ،
رواه غيره عن ابن فضيل ، فقال : عن أبي لبابة. كذا قال غير واحد عن عمرو بن ثابت ، وهو المشهور.
وقد ذكر عبدان عن بعض أصحابه أن اسم أبي لبابة خارجة بن المنذر ، ذكره أبو موسى ، وقوله : ابن المنذر غلط ، وإنما هو ابن عبد المنذر باتفاق.
والمشهور في اسم أبي لبابة رفاعة بن عبد المنذر.
٢١٤٣ ـ خارجة بن عقفان (١) الثقفي :
قال ابن أبي حاتم : حدّثنا ابن مرزوق ، عن أم دهيم بنت مهدي بن عبد الله بن جميع ، عن خارجة بن عقفان ، عن أبيها ، عن أجدادها حتى بلغت خارجة بن عقفان ، أنه أتى النبيّصلىاللهعليهوسلم لما مرض ، فجعل يعرق فقالت فاطمة : وا كرب أبي ، فقال النبيّصلىاللهعليهوسلم : «لا كرب على أبيك بعد اليوم»(٢) .
وروى ابن مندة من طريق ابن مرزوق ، عن أم سعيد بنت أعين ، حدثتني أم فليحة بنت ورّاد ، عن أبيها ، عن عقفان بن سعيم أنه أتى النبيّصلىاللهعليهوسلم هو وابناه خارجة ومرداس ، فدعا لهم. وله ذكر في ترجمة مرداس بن عقفان أيضا.
٢١٤٤ ـ خارجة بن عمرو الأنصاريّ (٣) : ويقال ابن عامر.
ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه أنه كان ممن ولّى يوم أحد.
٢١٤٥ ـ خارجة بن عمرو الجمحيّ (٤) : روى الطبرانيّ من طريق عبد الملك بن قدامة
__________________
وأحمد في المسند ٣ / ٤٣٠. والحاكم في المستدرك ١ / ٢٧٧ وقال صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي بقوله واستشهد مسلم بابن أبي الزناد وأورده السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٢١٦ ، ٢١٨ ، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٢١٠٣٨ ، ٢١٠٦٧ ، ٢١٠٦٩ ، ٢١٠٦٩ ، ٢١٠٧٠ ، ٢١٠٧١.
(١) الاستيعاب ت [٦١٦] ، أسد الغابة ت [١٣٣٤] ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٧ ، الجرح والتعديل ٣ / ١٧٠٦ ، دائرة الأعلمي ١٧ / ١٢٠.
(٢) أخرجه ابن ماجة في السنن ١ / ٥٢١ ، عن أنس بن مالك بلفظه. كتاب الجنائز (٦) باب ذكر وفاته ودفنهصلىاللهعليهوسلم (٦٥) حديث رقم ١٦٢٩. قال البوصيري في الزوائد في إسناده عبد الله بن الزبير الباهلي. أبو الزبير ويقال أبو معبد المصري ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو حاتم مجهول وقال الدارقطنيّ صالح وباقي رجاله على شرط الشيخين أ. ه ـ. والبيهقي في دلائل النبوة ٧ / ٢١٢ ، والخطيب في تاريخ بغداد ٦ / ٢٦٢ وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ١٨٨١٨ ، ١٨٨٢٠.
(٣) أسد الغابة ت [١٣٣٥] ، الاستيعاب ت [٦١١]. أسد الغابة ت [١٣٣٦].
(٤) تجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٧ ، الاستبصار ٣٣٦.
الجمحيّ ، عن أبيه ، عن خارجة بن عمرو الجمحيّ ـ أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال يوم الفتح : «ليس لوارث وصيّة ...» الحديث.
قال أبو موسى : هذا الحديث يعرف لعمرو بن خارجة ، يعني فلعله قلب.
قلت : حديث عمرو بن خارجة أخرجه أحمد وأصحاب السّنن ، ومخرجه مغاير لمخرج حديث خارجة بن عمرو ، فالظاهر أنه آخر. وقد روى المتن أيضا أبو أمامة ، وأنس ، وابن عباس ، ومعقل بن يسار.
٢١٤٦ ـ خارجة بن عمرو (١) : حليف آل أبي سفيان. روى ابن مندة من طريق عبد الحميد بن جعفر كذا فيه. والصّواب ابن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، حدّثني خارجة بن عمرو ـ وكان حليفا لأبي سفيان في الجاهلية ـ سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وهو بين شعبتي الرّحل : «إنّ الصّدقة لا تحلّ لي ولا لأحد من أهل بيتي»(٢) .
قال ابن مندة : وهم فيه الفريابي ، عن عبد الحميد ، فقال : خارجة بن عمرو ، وإنما هو عمرو بن خارجة.
قلت : تابعه جنادة بن المغلس ، عن عبد الحميد بن بهرام ، فقال : خارجة بن عمرو.
٢١٤٧ ـ خاضر : بمعجمتين وآخره راء. تقدم ذكره في ترجمة الأرقم الجنّي ، وأنه أحد جنّ نصيبين.
ذكر من اسمه خالد
٢١٤٨ ـ خالد بن إساف : الجهنيّ(٣) .
قال ابن شاهين : سمعت ابن أبي داود يقول : شهد فتح مكّة. وقال العدويّ : شهد أحدا ، وقتل بالقادسية.
وزعم بنو الحارث بن الخزرج أنه استشهد يوم جسر أبي عبيد.
__________________
(١) أسد الغابة ت [١٣٣٧].
(٢) قال الهيثمي في الزوائد ٥ / ١٧ رواه الطبراني وفيه موسى بن عثمان الحضرميّ وهو ضعيف. والطبراني في الكبير ٤ / ٢٧٤ ، ٥ / ٢١٦. وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ١٢٩١٧ ، ١٦٥٢٥.
وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم ٦٩٤٥ ، وابن عدي في الكامل ٦ / ٢٣٤٩. وابن عساكر في تاريخه ٢ / ٢٩١.
(٣) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٨ ، الاستبصار ١٣٤ ، تاريخ من دفن بالعراق ١٥٧ ، أسد الغابة ت [١٣٤٢].
٢١٤٩ ـ خالد بن أسيد : بن(١) أبي العيص بن أمية بن عبد شمس الأمويّ ، أخو عتاب.
قال هشام بن الكلبيّ : أسلم يوم الفتح ، وأقام بمكة ، وكان فيه تيه شديد ، وكان من المؤلفة.
وقال ابن دريد : كان جزارا. وقال السّراج ، عن عبد العزيز بن معاوية : مات خالد قبل فتح مكة. وروى ابن مندة من طريق يحيى بن جعدة ، عن عبد الرحمن بن خالد بن أسيد ، عن أبيه ـ أنّ النبيصلىاللهعليهوسلم أهلّ حين راح إلى منى(٢) ، قال : لا يعرف إلا بهذا الإسناد.
قلت : وفيه أبو الربيع السّمان وغيره من الضّعفاء.
وذكره أبو حسّان الزّيادي أنه فقد يوم اليمامة.
وذكر سيف في «الفتوح» أن أخاه عتّابا وجّهه أميرا على البعث الّذي أرسله إلى قتال أهل الردّة.
وروى عبدان من طريق بشر بن تيم في المؤلفة خالد بن أسيد هذا ، لكنه سمى جدّه أبا المغلّس ، وهو تصحيف.
وحكى البلاذريّ أنهصلىاللهعليهوسلم دعا على آل خالد بن أسيد أن يحرموا النّصر ، ففي ذلك تقول آمنة بنت عمر بن عبد العزيز زوج عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك لما فرّ من أبي حمزة الخارجيّ :
ترك القتال وما به من علّة |
إلّا الوهون وعرقه من خالد |
[الكامل]
٢١٥٠ ـ خالد بن إياس (٣) : قال ابن مندة : ذكره ابن عقدة ، وقال : روى عنه أبو إسحاق. قال : ولا يعرف له حديث.
[٢١٥١ ـ خالد بن بجير : أبو عقرب. يأتي في خويلد بن خالد ، وتأتي ترجمة أبي عقرب في الكنى](٤) .
__________________
(١) تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٨ ، الثقات ٣ / ١٠٠ ، المنمق ٥٣٢ ، تعجيل المنفعة ١١٠ ، أسد الغابة ت [١٣٤٣] ، الاستيعاب ت [٦٢٤].
(٢) أخرجه البخاري فتح الباري ٣ / ٤١٢ في كتاب الحج ٢٥ باب (٢٨) من أهل حين استوت به راحلته.
ومسلم ٢ / ٨٤٥ كتاب الحج باب (٥) الإهلال من حيث تنبعث الراحلة. حديث رقم ٢٨ / ١١٨٧.
(٣) أسد الغابة ت [١٣٤٦].
(٤) سقط في أ.
الإصابة/ج٢/م١٣
٢١٥٢ ـ خالد بن البرصاء : تقوم ذكر أخيه الحارث بن البرصاء ، وأن اسم أبيه مالك وذكرت هناك نسبه إلى بني ليث.
قال الزبير بن بكّار : حدّثني محمد بن سلام ، حدّثني يزيد بن عياض ، قال : استعمل النبيّصلىاللهعليهوسلم على النفل يوم حنين أبا جهم بن حذيفة العدويّ ، فجاء خالد بن البرصاء ، فتناول زماما من شعر ، فمنعه أبو جهم ، فقال : إن نصيبي فيه أكثر ، فتدافعا فعلاه أبو جهم فشجه منقّلة(١) ، فقضى فيها النبيّصلىاللهعليهوسلم بخمس عشرة فريضة.
ورواه الزّبير من وجه آخر موصولا ، ولم يسمّ خالدا.
وأخرجه أبو داود والنّسائيّ من طريق معمر ، عن الزهريّ ، عن عروة ، عن عائشة ـ أنّ النبيصلىاللهعليهوسلم بعث أبا جهم بن حذيفة مصدّقا فلاحاه رجل فضربه أبو جهم فشجّه. فذكر الحديث بمعناه ولم يسمّ خالدا أيضا
٢١٥٣ ـ خالد بن بكير (٢) : بن عبد ياليل بن ناشب بن غيرة بن سعد بن بكر بن ليث بن عبد مناة الليثي ، حليف بني عديّ بن كعب.
مشهور من السّابقين ، وشهد بدرا ، وهو أحد الإخوة ، وقد تقدم منهم إياس.
ويأتي ذكر عامر وغافل : واستشهد يوم الرّجيع وهو ابن أربع وثلاثين سنة.
ذكره ابن إسحاق وغيره ، وهو الّذي أراد حسّان بن ثابت بقوله :
فدافعت عن حبّي خبيب وعاصم |
وكان شفاء لو تداركت خالدا |
[الطويل]
وروى ابن مندة من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ، قال : بعث النبيّصلىاللهعليهوسلم خالد بن البكير مع عبد الله بن جحش في طلب عير قريش الحديث.
٢١٥٤ ـ خالد بن ثابت : بن طاعن بن العجلان بن عبد الله بن صبح الفهميّ ، جدّ عبد الرحمن بن خالد بن مسافر بن خالد بن ثابت أمير مصر شيخ الليث.
__________________
(١) المنقّلة بكسر القاف ـ من الشجاج : التي تنقل العظم أي تكسره حتى يخرج منها فراش العظام ، وهي قشور تكون على العظم دون اللحم. اللسان ٦ / ٤٥٢٩.
(٢) طبقات ابن سعد ٣ / ١ ، ٢٨٣ ، طبقات خليفة ٢٣ ، تاريخ خليفة ٧٤ ، ٧٥ ، العقد الثمين ٤ / ٢٦١ ، أسد الغابة ت [١٣٤٨] ، الاستيعاب ت [٦١٩].
(٣) ينظر البيت في أسد الغابة ترجمة رقم (١٣٤٨) وفي الاستيعاب ترجمة رقم (٦١٩) وفي ديوان حسان.
ذكر ابن يونس أنه شهد فتح مصر. وروى اللّيث عن يزيد بن أبي حبيب أنّ عمر بن الخطاب بعث خالد بن ثابت الفهميّ على جيش وعمر بن الخطّاب بالجابية ، فذكر قصة أخرجها أبو عبيد.
وقال ابن يونس : ولي خالد بن ثابت بحر مصر سنة إحدى وخمسين.
وقال خليفة بن خيّاط : أغزاه مسلمة بن مخلد إفريقية سنة أربع وخمسين.
قلت : وذكرته في هذا القسم اعتمادا على ما مضى أنهم ما كانوا لا يؤمّرون في الفتوح إلا الصّحابة.
٢١٥٥ ـ خالد (١) : بن ثابت بن النعمان بن الحارث بن عبد رزاح بن ظفر الأنصاريّ الظفري.
ذكر العدويّ أنه استشهد يوم بئر معونة ، واستدركه أبو علي الجياني.
٢١٥٦ ـ خالد : بن ثابت الأنصاريّ الأوسي.
قال ابن عساكر : ذكر ابن دريد أنه قتل يوم مؤتة ، قال : ولم أر له ذكرا في المغازيّ.
٢١٥٧ ـ خالد : بن جبل(٢) بفتح الجيم والموحدة ، وقع في رواية البخاريّ وابن البرقي : جيل ، بكسر الجيم بعدها تحتانية ساكنة ، ورجّح ابن ماكولا الأول ، [والخطيب الثاني] ـ العدوانيّ ، بفتح المهملتين ، الطائفي.
قال ابن السّكن : سكن الطّائف ، وله حديث واحد ، ويقال : إنه بايع تحت الشّجرة ، أخرجه أحمد وابن أبي شيبة وابن خزيمة في صحيحه ، والطّبراني ، وابن شاهين من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ، عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل العدوانيّ ، عن أبيه ـ أنه أبصر النبيّصلىاللهعليهوسلم في مشرق ثقيف ، وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي عندهم النّصر ، قال : فسمعته يقرأ :( وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ ) [الطارق ١] حتى ختمها ، قال : فوعيتها في الجاهليّة ، ثم قرأتها في الإسلام.
وفي رواية ابن شاهين عن عبد الرحمن بن خالد بن أبي جبل.
__________________
(١) أسد الغابة ت [١٣٤٩].
(٢) الثقات ٣ / ١٠٥ ، الجرح والتعديل ٣ / ٤٥٠ ، بقي بن مخلد ٦٢٩ تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٩ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٠ التاريخ الكبير ٣ / ١٣٨ ، الإكمال ٢ / ٤٧ ، الكاشف ٣٨١ ، أسد الغابة ت [١٣٥٠] ، الاستيعاب ت [٦٣٨].
وفرّق ابن حبّان بين خالد بن جبل العدوانيّ وخالد بن أبي جبل الثقفي ، ووهم.
٢١٥٨ ـ خالد بن الحارث النصريّ (١) : بالنون ـ يأتي ذكره في خالد بن غلاب ، إن شاء الله تعالى.
٢١٥٩ ـ خالد بن حزام : بن خويلد(٢) بن أسد بن عبد العزى بن قصيّ القرشيّ الأسديّ ، أخو حكيم بن حزام.
ذكر البلاذريّ وابن مندة من طريق المنذر بن عبد الله ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : هاجر خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حيّة فمات في الطريق ، فنزل فيه :
( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) [النساء ١٠٠] الآية.
قال البلاذريّ : ليس بمتفق عليه ، ولم يذكره ابن إسحاق ـ يعني في مهاجرة الحبشة.
وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه موصولا ، ولفظه : عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن الزبير بن العوّام ، فذكره. وزاد : قال الزّبير : وكنت أتوقع خروجه ، وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة ، فما أحزنني شيء كما أحزنني لوفاته حين بلغتني : لأنه كان من بني أسد بن عبد العزى ، ولم يكن بقي معي أحد منهم بأرض الحبشة.
وقال الزّبير بن بكّار في كتاب النّسب : حدثني عمّي مصعب ، عن غير واحد من آل حزام ، عن الواقديّ ، وعن المغيرة بن عبد الله الحزامي ، أنّ خالد بن حزام خرج من مكّة مهاجرا ، وبلغ الزبير خبره ، فسرّ بذلك ، فمات خالد في الطريق ، فنزلت فيه الآية.
قلت : المشهور أن الّذي نزلت فيه هذه الآية جندب بن ضمرة كما تقدم.
[وقال الطّبريّ : انفرد الواقدي بقوله : إنه هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل الحبشة. كذا قال وفيه نظر لرواية الزبير عن مصعب بموافقة الواقديّ.](٣)
٢١٦٠ ـ خالد : بن حكيم بن حزام(٤) بن خويلد ابن أخي الّذي قبله.
__________________
(١) تبصير المنتبه ٣ / ١٠٤٨.
(٢) الطبقات الكبرى لابن سعد ٤ / ٨٩ ، أسد الغابة ت [١٣٥١] ، الاستيعاب ت [٦٢٦].
(٣) سقط من أ.
(٤) أسد الغابة ت [١٣٥٢] ، الاستيعاب ت [٦٣٧]. تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٤٩ ، الكبير ٣ / ١٤٣.التاريخ الصغير ١ / ١٠٢ ، تصحيفات المحدثين ٥٥٣.
قال هشام بن الكلبيّ : أسلم يوم الفتح ، وذكره ابن السّكن في ترجمة أبيه ، قال : كان له من الولد خالد وهشام ويحيى أسلموا.
وقال الطّبرانيّ : كان لحكيم من الولد : عبد الله ، وخالد ، ويحيى ، وهشام ، أدركوا كلّهم النبيّصلىاللهعليهوسلم ، وأسلموا يوم الفتح.
وذكره أبو عمر فقال : حديثه عند بكير بن الأشج ، عن الضحاك بن عثمان عنه.
قلت : وحديثه بهذا الإسناد إنما هو عن أبيه عن النبيّصلىاللهعليهوسلم ، وبذلك ذكره البخاريّ وابن أبي حاتم عن أبيه ، ولهذا ذكره ابن حبّان وغيره في التابعين ، لكن ساق له ابن أبي عاصم والبغوي وغيرهما حديثا معلولا مداره على ابن عيينة عن عمرو بن دينار ، أخبرني أبو نجيح ، عن خالد بن حكيم بن حزام قال : كان أبو عبيدة أميرا بالشام. فتناول بعض أهل الأرض ، فقام إليه خالد فكلّمه ، فقالوا : أغضبت الأمير ، فقال : أما إني لم أرد أن أغضبه ، ولكني سمعت رسول الله يقول : «إنّ أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة أشدّهم عذابا للنّاس في الدّنيا» ـ لفظ البغوي.
قلت : توهّم من أورد له هذا الحديث أن المراد بقوله : فقام إليه خالد فكلمه أنه خالد بن حكيم صاحب الترجمة ، وبذلك صرّح الطّبراني في روايته ، وهو وهم ، وإنما هو خالد بن الوليد ، وهو الّذي قال : سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال ، بيّن ذلك أحمد في مسندة ، عن ابن عيينة. والبخاري في تاريخه ، والطّبرانيّ من طريق أخرى في ترجمة خالد بن الوليد.
وأخرج هذا الحديث ابن شاهين من طريق حمّاد بن سلمة ، فوقع فيه وهم أيضا ـ قال فيه : عن عمرو بن دينار ، عن أبي نجيح ـ أن خالد بن حكيم بن حزام مرّ بأبي عبيدة وهو يعذّب ناسا ، فقال : سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول فذكر الحديث بعينه.
وهذا وقع فيه حذف اقتضى هذا الوهم ، وذلك أن الباوردي أخرجه من وجه آخر عن حماد بن سلمة ، فزاد فيه : وهو يعذّب الناس في الجزية ، فقال له : أما سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوسلم يقول فذكر الحديث.
وقد وقع لأخيه هشام بن حكيم شيء من هذا كما سيذكر في ترجمته.
٢١٦١ ز ـ خالد بن الحواري الحبشي (١) : قال ابن أبي خيثمة والبغويّ ومطين جميعا : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني ، حدّثنا إسحاق بن الحارث ، قال : رأيت خالد بن
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ٣٠٥ ، أسد الغابة ت [١٣٥٧] ، الاستيعاب ت [٦٤٣].
الحواريّ رجلا من الحبشة من أصحاب النبيّصلىاللهعليهوسلم أتى أهله فحضرته الوفاة ، فقال : اغسلوني غسلين : غسل للجنابة ، وغسل للموت. وأخرجه الطّبراني من هذا الوجه.
٢١٦٢ ـ خالد بن أبي خالد الأنصاريّ (١) : ذكره ضرار بن صرد يسنده عن عبيد الله بن أبي رافع فيمن شهد صفين مع عليّ من الصّحابة.
وأخرجه الطّبرانيّ وغيره من طريقه.
٢١٦٣ ز ـ خالد : بن خلّاد الأنصاريّ له حديث.
قال المحامليّ في «الجزء الخامس من الأمالي» رواية الأصبهانيين عنه : حدثنا عبد الله ابن شبيب ، حدثنا إسماعيل ، حدثني أخي ، عن سليمان ـ هو ابن بلال ـ عن موسى بن عبيد ، عن عبد الله بن دينار ، عن خالد بن خلّاد ، عن النبيّصلىاللهعليهوسلم أنه قال : «من أخاف أهل المدينة أخافه الله وعليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة ، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
هكذا وقع ، والمعروف برواية هذا المتن السائب بن خلّاد الأنصاريّ ، وموسى بن عبيدة ضعيف.
٢١٦٤ ـ خالد بن أبي دجانة (٢) : الأنصاريّ. ذكره ضرار أيضا فيمن شهد صفّين من الصحابة.
٢١٦٥ ـ خالد بن رافع (٣) : ذكره البخاريّ ، فقال : يروي عن النبيصلىاللهعليهوسلم ، وعنه مالك بن عبد.
وذكره ابن حبّان في التّابعين ، فقال : يروي المراسيل.
وأخرج حديثه ابن مندة من طريق سعيد بن أبي مريم ، عن نافع بن يزيد المصري. عن عيّاش بن عبّاس ، عن عبد بن مالك المعافريّ ـ أنّ جعفر بن عبد الله بن الحكم حدّثه عن خالد بن رافع أنّ رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال لابن مسعود : «لا تكثر همّك ، ما يقدّر يكن ، وما ترزق يأتك.»(٤)
قال سعيد : وحدثنا يحيى بن أيّوب وابن لهيعة عن عباس ، عن مالك عن عبد. قال
__________________
(١) أسد الغابة ت [١٣٥٤].
(٢) أسد الغابة ت [١٣٥٦].
(٣) أسد الغابة ت [١٣٥٧] ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٠ ، التاريخ الكبير ٣ / ١٤٨.
(٤) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال (٥٠٥) وعزاه لابن حبان عن مالك بن عبادة والبيهقي في القدر عن ابن مسعود.
ابن مندة : وقال غيره عن عباس عن جعفر عن مالك مثله.
ورواه البغويّ من رواية سعيد عن نافع ، وقال : لا أدري له صحبة أم لا.
وأخرجه ابن أبي عاصم من طريق سعيد بن أيوب ، عن عيّاش بن عباس ، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم ، عن مالك بن عبد الله المعافريّ ـ أنّ النبيّصلىاللهعليهوسلم قال لعبد الله بن مسعود فذكر الحديث ، ولم يذكر خالد بن رافع ، والاضطراب فيه من عياش بن عباس فإنّه ضعيف.
٢١٦٦ ـ خالد بن رباح الحبشي (١) : أخو بلال المؤذن ، يكنى أبا رويحة.
قال ابن سعد : أخبرنا عارم ، حدّثنا عبد الواحد بن زياد ، وحدثنا عمرو بن ميمون ، حدّثني أبي أنّ أخا لبلال خطب امرأة من العرب ، فقالوا : إن حضر بلال زوّجناك ، فذكر الحديث.
وأخرجه من طريق الشّعبي ، قال : خطب بلال وأخوه إلى أهل بيت باليمن.
وروى ابن مندة من طريق سليمان بن بلال بن أبي الدّرداء ، عن أم الدّرداء ، عن أبي الدرداء ، قال : قال بلال لعمر : أقر أخي أبا رويحة الّذي آخى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم بيني وبينه بالشام ، فنزلا داريا في خولان.
قلت : وهذا يدلّ على أن أبا رويحة أخو بلال في الإسلام لا في النسب ، فينظر في اسم جدّه.
وقال أبو عبيد في «المواعظ» : حدثنا أبو النضر ، حدّثنا شيبان ، عن آدم بن علي ، سمعت أخا بلال المؤذّن يقول : النّاس ثلاثة : سالم ، وغانم ، وشاجب.
٢١٦٧ ـ خالد بن ربعي النهشلي (٢) : ويقال خالد بن مالك بن ربعي ، وسيأتي.
٢١٦٨ ـ خالد بن زيد : بن كليب(٣) بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن
__________________
(١) الاستيعاب ت [٦٣٩] ، أسد الغابة ت [١٣٥٨]. ، ٩٣ ، الثقات ٣ / ١٠٤ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٠ الطبقات ١٩ ، التاريخ الكبير ٣ / ١٣٩ ، التاريخ الصغير ١ / ٥٣١ ، الثقات ٤ / ٢٠٦ ، تعجيل المنفعة ٧٧ (طبقة الهند ١١٢) تصحيفات المحدثين ٦٢٢ ، الإكمال ٤ / ١٢ ، دائرة الأعلمي ١٧ ، ١١٢٧.
(٢) أسد الغابة ت [١٣٥٩] ، الاستيعاب ت [٦٤٥].
(٣) الاستيعاب ت [٦١٨] ، أسد الغابة ت [١٣٦١]. الثقات ٣ / ١٠٢ ، تهذيب الكمال ١ / ٣٥٣ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ١٥٠ ، الكاشف ١ / ٢٦٨ ، خلاصة تذهيب ١ / ٢٧٧ تقريب التهذيب ١ / ٢١٣ ، الرياض المستطابة ٦٠ ، المصباح المضيء ١ / ١٥ ، التحفة اللطيفة ٢ / ١٠ ، شذرات الذهب ١ / ٥٧
النجار ، أبو أيوب الأنصاريّ ، معروف باسمه وكنيته. وأمّه هند بنت سعيد بن عمرو ، من بني الحارث بن الخزرج. من السابقين.
روى عن النبيّصلىاللهعليهوسلم وعن أبيّ بن كعب.
روى عنه البراء بن عازب ، وزيد بن خالد ، والمقدام بن معديكرب ، وابن عباس ، وجابر بن سمرة ، وأنس ، وغيرهم من الصّحابة ، وجماعة من التابعين.
شهد العقبة وبدرا وما بعدها ، ونزل عليه النبيّصلىاللهعليهوسلم لمّا قدم المدينة ، فأقام عنده حتى بنى بيوته ومسجده ، وآخى بينه وبين مصعب بن عمير.
وشهد الفتوح ، وداوم الغزو ، واستخلفه عليّ على المدينة لما خرج إلى العراق ، ثم لحق به بعد ، وشهد معه قتال الخوارج ، قال ذلك الحكم بن عيينة.
وروى عن سعيد بن المسيب أنّ أبا أيوب أخذ من لحية رسول اللهصلىاللهعليهوسلم شيئا ، فقال له : «لا يصيبك السّوء يا أبا أيّوب.»
وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة وابن أبي عاصم ، من طريق أبي الخير عن أبي رهم ـ أن أبا أيوب حدثهم أنّ النبيّصلىاللهعليهوسلم نزل في بيته ، وكنت في الغرفة فهريق ماء في الغرفة فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا نتتبّع الماء شفقا أن يخلص إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فنزلت إلى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم وأنا مشفق فسألته ، فانتقل إلى الغرفة ، قلت : يا رسول الله ، كنت ترسل إلي بالطّعام فأنظر فأضع أصابعي حيث أرى أثر أصابعك حتى كان هذا الطعام ، قال : «أجل إنّ فيه بصلا فكرهت أن آكل من أجل الملك ، وأمّا أنتم فكلوا».
وروى أحمد من طريق جبير بن نفير ، عن أبي أيّوب ، قال : لما قدم النبيّصلىاللهعليهوسلم المدينة اقترعت الأنصار أيّهم يؤويه؟ فقرعهم أبو أيّوب الحديث.
وقال ابن سعد : أخبرنا ابن عليّة ، عن أيّوب ، عن محمّد : شهد أبو أيوب بدرا ، ثم لم يختلف عن غزاة للمسلمين إلا وهو في أخرى إلا عاما واحدا ، استعمل على الجيش شابّ فقعد فتلهّف بعد ذلك ، فقال : ما ضرّني من استعمل عليّ ، فمرض وعلى الجيش يزيد بن معاوية ، فأتاه يعوده فقال : ما حاجتك؟ قال : حاجتي إذا أنا متّ فاركب بي ما وجدت مساغا
__________________
النجوم الزاهرة ١ / ٢١ ، أزمنة التاريخ الإسلامي ١ / ٦٠١ ، تاريخ بغداد ١ / ١٥٣ ، حسن المحاضرة ١ / ٢٤٣ ، الطبقات ٨٩ ، ١٤٠٠ ، ١٩٠ ، ٣٠٣ ، التاريخ الكبير ٣ / ١٣٦ ، ٩ / ٨٩ ، أصحاب بدر ٢١٣ ، حلية الأولياء ١ / ٣٦١ ، الأعلام ٢ / ٢٩٥ ، البداية والنهاية ٨ / ٥٨ ، صفوة الصفوة ١ / ٤٦٨ ، المصوغ للهروي ٩٠ ، ٩١ ـ ١٩٤.
الفصل السابع
فلسفة النهضة الحسينيّة وأهدافها
١ ـ أسباب ضة الحسينعليهالسلام
٢ ـ مبررات النهضة
٣ ـ متى يجب القيام؟
٤ ـ لماذا خرج الحسينعليهالسلام بعياله؟
٥ ـ هل ألقى الحسينعليهالسلام بيده إلى التهلكة؟
ـ بين هجرة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم وهجرة السبطعليهالسلام
٦ ـ معالم النهضة المقدّسة
٧ ـ أهداف ضة الحسينعليهالسلام
٨ ـ ثمرات النهضة الحسينية
ـ فلسفة الابتلاء.
نهضة الإمام الحسين (ع)
قال الامام الحسين (ع) في وصيته لاخيه محمد بن الحنفية :
إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ، ولا مفسدا ولا ظالما ، وانما خرجت أطلب الاصلاح في أمة جدي محمد (ص).
أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي محمد (ص) وسيرة أبي علي بن أبي طالب (ع).
وقال الشاعر على لسان الامام الحسين (ع) :
إن كان دين محمد لم يستقم |
الا بقتلي ، يا سيوف خذيني |
الفصل السابع
فلسفة النهضة الحسينيّة وأهدافها
* تعريف بالفصل :
قبل الدخول في النهضة الحسينية وأحداثها المختلفة ، لا بدّ لنا من معرفة أسبابها وأهدافها ونتائجها. وهو ما سنعالجه في هذا الفصل.
نبدأ الفصل بالتفريق بين معنى (النهضة) ومعنى الثورة ، ثم نبيّن أسباب النهضة التي واكبت موت معاوية ومجيء يزيد ، وقد تغيرت الأوضاع ومستوى الانحراف عما كانت عليه في عهد الإمام الحسنعليهالسلام ، وأصبح الإسلام على عتبة الزوال والاضمحلال. فكان لا بدّ لقائد الأمة وهو الحسينعليهالسلام من القيام بمسؤوليته في التصحيح والأمر بالمعروف. لقد كان تصميم بني أمية من خلال معاوية على تقويض الإسلام ، وفق المستوى النظري والعملي ، فحاولوا الإبقاء على المظهر الخارجي للإسلام كغطاء ، للإجهاض على معانيه وجوهره الداخلي. ومن أهم مظاهر ذلك التغيير إحباط نظام الشورى ، وجبر المسلمين على نظام الملكية الوراثية ، الّذي يحاربه الإسلام ولا يرضى به. فاستلم معاوية الحكم قهرا عن المسلمين ، بالخديعة والمكر والنزاع والخروج على إمام زمانه ، وهو يعلم أنه من الطلقاء الذين ناهضوا هم وآباؤهم الدعوة الإسلامية منذ بزوغها ، والذين لا تجوز لهم الخلافة قطعا ، مصداقا لقول النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : «الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان ، الطلقاء وأبناء الطّلقاء».
وقد استخدم معاوية وبنو أمية في حربهم للإسلام ، ولنشر المبادئ المعاكسة للإسلام ، كلّ وسيلة من وسائل الإرهاب والتجويع والتهجير والتفريق للتسلط على المسلمين. وبما أن المسلمين كانوا قد وصلوا إلى وضع معنوي مائع مهلهل ، فقد عملت أساليب بني أمية فعلها فيهم ، واستعبدتهم لأنهم كانوا عبيدا للدنيا ، وكان الدين لعقا على ألسنتهم ، يحوطونه ما درّت معايشهم. لكن أهداف هذه الردّة
الجديدة ضد الإسلام ، بعد ردّة مسيلمة الكذاب ، لم تدم كثيرا بفضل نهضة الحسينعليهالسلام وإيقاظه ضمائر المسلمين للدفاع عن دينهم وشريعتهم ، ونبذ أعداء الإسلام المتبرقعين بلباسه ورسمه. فكانت ثورة كربلاء نقطة الانطلاق إلى ثورات مستمرة لم تسكن حتّى قوّضت عرش الأمويين عام ١٣٢ ه. وكما يقول الفيلسوف الألماني (ماربين) : «إن الحسين قد أدى الغاية الأساسية من نهضته بأسلوبه الفذّ العبقري ، حتّى أن استشهاده قد قصم عمر تلك الدولة العنصرية إلى أقل من مائة عام ، بينما كان يتوقع لها أن تعيش أضعاف تلك المدة».
وبعد مناقشة أسباب النهضة ومراميها ، نردّ على من زعم أن الحسينعليهالسلام كان مخطئا في خروجه على يزيد ، وأنه بخروجه شقّ عصا المسلمين ، وهؤلاء نفسهم لم ينسبوا إلى معاوية هذا الحكم حين شقّ عصا الطاعة فعلا وخرج على إمام زمانه أمير المؤمنين عليعليهالسلام وحاربه ، وسبّب بذلك تشتت المسلمين وتنازعهم ، وبالتالي أضعف الإسلام والمسلمين إلى يوم الدين.
ثم نردّ على من ادّعى أن الحسينعليهالسلام قد ألقى بنفسه إلى التهلكة ، إذ لم يكترث بالنصائح العديدة التي وجّهت إليه. كما نردّ على الذين أنكروا عليه حمله نساءه وأطفاله معه إلى كربلاء.
وكما قال بعضهم : لو قدّر هؤلاء الناصحون الأخطار المحيطة بالإسلام في ذلك المنعطف التاريخي الحاسم ، كما قدّرها الحسينعليهالسلام ، لكان الأولى بهم نصرته بالسيف والسنان ، عن تقديم النصيحة له بالقول واللسان.
وننهي الفصل بلمحة عن «فلسفة الابتلاء». وكيف أن الله يبتلي المؤمنين أكثر من الفاسقين والكافرين ، ليعلي من منزلتهم ويجعلهم قدوة ومنارا للآخرين.
ـ الفرق بين الثورة والنهضة :
المقصود من كلمة (النهضة) في هذا الفصل ، تلك الحركة المدروسة المخططة التي قام بها الإمام الحسينعليهالسلام ، والتي كان عارفا بمقاصدها ومصمما على خوضها ، مهما كلفّه ذلك من إيثار وبذل وتضحيات.
ولم تكن تلك الحركة وليدة الصدفة والاتفاقات ، ولا نتيجة ردود فعل ولا أحقاد ، بل كانت خطة مقررة ، تسير على خط مرسوم ، من أول حركتها إلى آخر أحداثها ، تنهج على مبدأ راسخ ورسالة ثابتة. خطة رسمها الإمام العظيم ، ذو العقل
الكبير والقلب الجريء ، لا يبغي من ورائها النتائج الوقتية الآنيّة ، بقدر ما يرمي إلى نتائجها الجسيمة البعيدة المدى.
وبحق لقد كانت شهادة الحسينعليهالسلام في كربلاء يوم عاشوراء ، المشعل الّذي ألهب الثورة في قلوب المسلمين للحفاظ على عقيدتهم والدفاع عن شريعتهم ، بعد ما أظهرعليهالسلام حقيقة منتحلي الإسلام ، من الأعوان والحكام. فما لبثت الثورات أن تعاقبت تباعا بعد استشهاد الحسينعليهالسلام ، حتّى تقوّض عرش بني أمية في قرن من الزمن ، وقد كان مقدّرا له أن يدوم عدة قرون.
١ ـ أسباب نهضة الحسينعليهالسلام
* مدخل :
لم تكن معركة الحق مع الباطل سهلة بسيطة ، بل كانت متشابكة المعالم. وحين استلم عثمان الخلافة طأطأ بنو أمية فرحا ، وعلموا أن الأمر قد توطّد لهم. وفعلا فإن عثمان ـ وهو من وجوه بني أمية ـ قد فعل ما حذّره منه سلفه عمر بن الخطاب ، فعزل الولاة الأكفاء ، واستبدل بهم ولاة من بني أمية ، حتّى صار مروان بن الحكم طريد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أمين سرّ الخليفة ، يسرح ويمرح.
ولما تولى الخلافة الإمام علي بن أبي طالبعليهالسلام أصيب بنو أمية بنكسة عارمة ، وخافوا أن يفلت الأمر من أيديهم إلى الأبد ، فقاموا بقيادة زعيمهم معاوية ، الّذي تمركز في الشام ، قاموا بإعلان الحرب على الإمام وخلع الطاعة عن خليفة الإسلام. وبما أنه ليس لهم أي سهم وقدم في الإسلام أمام عليعليهالسلام . فحاولوا إيهام الرأي العام بأن علياعليهالسلام له ضلع في مقتل عثمان ، أو أنه متواطئ مع قتلته لأنه لم يقبض عليهم ويحاكمهم.
وفي الواقع إن الّذي قتل عثمان هو معاوية ، لأنه منّاه بالمساعدة العسكرية سرّا ، حتّى إذا أحيط به أسلمه وتخلّى عنه. أما قتلة عثمان ، فإن الأمر لما صار بيد معاوية لم يحاكمهم ولم يقبض عليهم ، فما عدا مما بدا!.
وتنفس بنو أمية الصعداء حين اغتيل عليعليهالسلام ، فتنادوا لحرب الإمام الحسنعليهالسلام ، بعد أن فتنوا أصحابه بالأموال ، وأفسدوا ضمائرهم بالآمال.
فكانت حكمة الحسنعليهالسلام أن يلوذ بالصلح حقنا للدماء. لكن الحسينعليهالسلام وإن رضي بالصلح طاعة لأخيه الحسنعليهالسلام ، إلا أنه كان كمن يجدع أنفه بالمقراض ويضرب بالسياط. وظل محترما لعهد الصلح الّذي أمضاه أخوه رغم تخلّي معاوية عنه ، فلم يجد بعد وفاة أخيه أية مصلحة في التحرك ، مادام معاوية حيا.
لكن ما أن هلك معاوية سنة ٦٠ ه حتّى صمم الحسينعليهالسلام على إعلان النهضة المقدسة ، لتوفّر ظروفها وأسبابها. ومن هذه الظروف تكشير يزيد عن أنيابه للإجهاز على آخر رمق من الإسلام ، ثم تنادي العراقيين لعقد رايتهم تحت لواء الحسينعليهالسلام . وقد صرّح الحسينعليهالسلام بأنه لم يبايع معاوية ولن يبايع يزيد ، وأنه يرفض كل حلّ سلمي أو وسط. وحتى لو كان بعض أهل العراق قد شبّ على الشقاق والنفاق والغدر والخيانة ، فكان لا بدّ له كمسؤول عن الدين والإسلام ، من متابعة المسيرة معهم إلى آخر الطريق. لأن من واجبه إقامة الحجة عليهم ، واستيعابهم وعدم التخلي عنهم.
ولم يكن من رأيهعليهالسلام البقاء في الحجاز ، لأن أهلها لم يكونوا من المتعاطفين معه ، ولا أن يسير إلى اليمن لأنهم لم يثبتوا صلابتهم سابقا. فكان العراق ملجأه الوحيد.
وحتى مع علم الحسينعليهالسلام بغدر أهل العراق وسرعة تقلّبهم ، وبأن مصيره القتل المعلوم ، إلا أن ذلك لا يسوّغ له شرعا إلا أن يعاملهم على الظاهر ، وينهد إليهم عند الطلب. فكان هو كبش الفداء ، الّذي قدّم نفسه عامدا متعمدا ، قربانا لإحياء دين جده ، إن لم يكن ذلك عاجلا فآجلا.
وكان كلما نصحه أحد من أصحابه ، كأخيه محمّد بن الحنفية أو ابن عمه عبد الله بن عباس أو ابن عمه عبد الله بن جعفر أو غيرهم ، بالبقاء أو المسير إلى جهة أخرى ، كان يشكرهم على نصيحتهم ، ويعتذر لهم بأن ما قضى الله فهو كائن ، وأن مسيره إلى مصرعه ليس بأمره.
وحين قال له ابن الحنفية : فما سبب حملك هذه النسوة معك؟ أجابعليهالسلام :«قد شاء الله تعالى أن يراهنّ سبايا».
٢٦٨ ـ الدوافع إلى النهضة :
(وقعة كربلاء للشيخ الركابي ص ٧٤)
إن جملة من العوامل دفعت الإمام الحسينعليهالسلام إلى إعلان نهضته إثر حكم
يزيد ، منها نقض معاوية لبنود الصلح بتولية يزيد ، ومنها مكاتبة أهل العراق للحسينعليهالسلام يطلبون منه النهوض.
والسؤال الّذي يطرح نفسه بإلحاح ، هو مدى تأثير دعوة أهل الكوفة للإمامعليهالسلام للثورة ، وهل إن هذا العامل يعتبر سرّ التحرك الحسيني؟. وما هي الدوافع الحقيقية من تحرك الإمامعليهالسلام ؟. أهي للشهادة كما صوّرها البعض ، باعتبار أنه يعلم مصيره المحتوم؟ أم لإقامة حكومة إسلامية؟.
وللإجابة على هذا السؤال نقول : إن حركة الإمام الحسينعليهالسلام هي حركة روحية ، وحاجة نفسية ، كحاجة الإنسان إلى الماء والغذاء. فلو أن الحسينعليهالسلام لم يكن عالما بمصيره ، لم يكن تحرّكه المندفع من الشعور الذاتي ليتغير عما فعل.
٢٦٩ ـ الأسباب المباشرة وغير المباشرة لنهضة الحسينعليهالسلام وما هو تكليفه الواقعي والظاهري :
(مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم ص ١٩٧)
قال السيد عبد الرزاق المقرّم بعد عرضه لنصائح الأصحاب :
هذه غاية ما وصل إليه إدراك من رغب في تريّثهعليهالسلام عن السفر إلى العراق.وأبو عبد الله الحسينعليهالسلام لم تخف عليه نفسيات الكوفيين وما شيبت من الغدر والنفاق ، ولكن ماذا يصنع بعد إظهارهم الولاء والانقياد له والطاعة لأمره ، وهل يعذر أمام الأمة في ترك ما يطلبونه من الإرشاد والانقاذ من مخالب الضلال ، وتوجيههم إلى الأصلح الّذي يرضي الله رب العالمين ، مع أنه لم يظهر منهم الشقاق والخلاف. واعتذارهعليهالسلام عن المصير إليهم بما جبلوا عليه من الخيانة كما فعلوا مع أبيه وأخيه ، يسبب إثارة اللوم من كل من يبصر ظواهر الأشياء. والإمام المقيّض لهداية البشر أجلّ من أن يعمل عملا يكون للأمة الحجة عليه. والبلاد التي أشاربها ابن عباس وغيره لا منعة فيها ، وما أجرى بسر بن أرطاة مع أهل اليمن يؤكد وهنهم في المقاومة والضعف عن ردّ الباغي.
وبهذا يصرّح الشيخ التستري أعلى الله مقامه ، فإنه يقول : كان للحسينعليهالسلام تكليفان : واقعي وظاهري.
أما [التكليف الواقعي] الّذي دعاه للإقدام على الموت وتعريض عياله للأسر وأطفاله للذبح مع علمه بذلك ، فالوجه فيه أن عتاة بني أمية قد اعتقدوا أنهم على
الحق ، وأن عليا وأولاده وشيعتهم على الباطل ، حتّى جعلوا سبّه من أجزاء صلاة الجمعة ، وبلغ الحال ببعضهم أنه نسي اللعن في خطبة الجمعة ، فذكره وهو في السفر فقضاه. وبنوا مسجدا سمّوه (مسجد الذكر) فلو بايع الحسين يزيد وسلّم الأمر إليه لم يبق من الحق أثر ، فإن كثيرا من الناس يعتقد بأن المحالفة لبني أمية دليل استصواب رأيهم وحسن سيرتهم. وأما بعد محاربة الحسين لهم وتعريض نفسه المقدسة وعياله وأطفاله للفوادح التي جرت عليهم ، فقد تبيّن لأهل زمانه والأجيال المتعاقبة أحقيته بالأمر وضلال من بغى عليه.
وأما [التكليف الظاهري] فلأنهعليهالسلام سعى في حفظ نفسه وعياله بكل وجه ، فلم يتيسّر له وقد ضيّقوا عليه الأقطار ، حتّى كتب يزيد إلى عامله على المدينة أن يقتله فيها ، فخرج منها خائفا يترقّب ، فلاذ بحرم الله الّذي هو أمن الخائف وكهف المستجير ، فجدّوا في إلقاء القبض عليه أو قتله غيلة ولو وجد متعلقا بأستار الكعبة ، فالتزم بأن يجعل إحرامه عمرة مفردة وترك التمتع بالحج ، فتوجه إلى الكوفة لأنهم كاتبوه وبايعوه وأكدوا المصير إليهم لإنقاذهم من شرور الأمويين ، فألزمه التكليف بحسب ظاهر الحال إلى موافقتهم إتماما للحجة عليهم ، لئلا يعتذروا يوم الحساب بأنهم لجؤوا إليه واستغاثوا به من ظلم الجائرين ، فاتّهمهم بالشقاق ولم يغثهم. مع أنه لو لم يرجع إليهم ، إلى أين يتوجه وقد ضاقت عليه الأرض بما رحبت؟!. وهو معنى قولهعليهالسلام لعبد الله بن جعفر :
«لو كنت في حجر هامّة من هذه الهوام ، لاستخرجوني حتّى يقتلوني».
٢٧٠ ـ من أسباب نهضة الحسينعليهالسلام لأحد علماء الأزهر :
(الحسين في طريقه إلى الشهادة للسيد علي بن الحسين الهاشمي ص ١٢)
قال الأستاذ محمّد عبد الباقي سرور ، أحد علماء الأزهر ، في كتابه (الثائر الأول في الإسلام) ص ٧٩ ط مصر :
فلو بايع الحسين يزيد الفاسق المستهتر ، والذي أباح الخمر والزنا ، وحطّ بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات وعقد حلقات الشراب في مجلس الحكم ، والذي ألبس الكلاب والقرود جلاجل من ذهب ، ومئات الألوف من المسلمين صرعى الجوع والحرمان. لو بايع الحسين يزيد أن يكون خليفة لرسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم على هذا الوضع ، لكانت فتيا من الحسين بإباحة هذا للمسلمين. وكان سكوته هذا أيضا على
هذا رضى ، والرضى عن ارتكاب المنكرات ولو بالسكوت إثم وجريمة في حكم الشريعة الاسلامية. والحسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية الأولى المسؤولة في الجزيرة العربية بل في البلاد الاسلامية كافة ، عن حماية التراث الإسلامي ، لمكانته في المسلمين ولقرابته من رسول رب العالمين ، ولكونه بعد موت كبار المسلمين أعظم المسلمين في ذلك الوقت علما وزهدا وحسبا ومكانة.فعلى هذا الوضع أحسّ بالمسؤولية تناديه وتطلبه لإيقاف المنكرات عند حدها ، ولا سيما أن الّذي يرتكب هذه المنكرات ويشجع عليها هو الجالس في مقعد رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم .
هذا أولا ، وثانيا : إنهعليهالسلام جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب ، وجاءه ثلاثون ألفا من الخطابات من ثلاثين ألفا من العراقيين من سكان البصرة والكوفة ، يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة العربيد (يزيد بن معاوية). وألحّوا في تكرار هذه الخطابات ، حتّى قال رئيسهم عبد الله بن أبي الحصين الأزدي : يا حسين سنشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة إذا لم تلبّ طلبنا وتقوم لنجدة الإسلام. وكيف والحسين ذو حمية دينية ونخوة إسلامية ، والمفاسد تترى أمام عينيه ، كيف لا يقوم بتلبية النداء!. وعلى هذا الوضع لبّىعليهالسلام النداء كما تأمر به الشريعة الإسلامية ، فنحا نحو العراق.
(أقول) : ولقد فات الأستاذ سرور أن يكمل كلامه المنصف فيقول : وبالحق لو لم يقم الحسينعليهالسلام بثورته هذه ، لما كانت تقوم للإسلام قائمة من بعده ، لطغيان الباطل وانطفاء شعلة الإسلام.
٢ ـ مبررات النهضة
* مدخل :
يتساءل الكثيرون : لماذا قام الحسينعليهالسلام بنهضته المباركة ، في حين لزم الحسينعليهالسلام جانب الصمت؟. والواقع أن الظروف التي صارت في عصر يزيد تختلف كثيرا عن الظروف التي كانت في عهد معاوية. فحين صالح الإمام الحسنعليهالسلام مكرها ، ثم داس معاوية على وثيقة الصلح ، انكشفت حقيقته لأتباع الحسنعليهالسلام وقد كانوا مغرورين به ، فأصبحوا مهيئين للثورة ضده أكثر من ذي قبل.
هذا من ناحية المحكومين ، أما من ناحية الحاكم ، فإن يزيد كان معلنا بالفسق ، بينما معاوية فقد كان متسترا به ، وإن موت معاوية جعل الحسينعليهالسلام في حلّ من عقد الصلح كل هذا دفع الحسينعليهالسلام إلى إعلان النهضة المقدسة في وجه الباطل.
يقول أحدهم في هذا المعنى : (مجموعة نفيسة ، ص ٤٤٨ ط إيران)
لما مات معاوية وانقضت مدة الهدنة التي كانت تمنع الحسينعليهالسلام من الدعوة إلى نفسه ، أظهر أمره بحسب الإمكان ، وأبان عن حقه للجاهلين به ، حالا بعد حال ، إلى أن اجتمع له في الظاهر الأنصار. فدعا إلى الجهاد وشمّر للقتال ، وتوجّه بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم نحو العراق ، للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الأعداء.
وقد اقتطعت هذه الفقرات من كتاب (الأئمة الاثنا عشر ـ دراسة تحليلية) للأستاذ عادل الأديب ، من ص ١٠٥ ـ ١٢٣ :
٢٧١ ـ تغير الأوضاع بين عصر الحسنعليهالسلام وعصر الحسينعليهالسلام :
إن دور الإمام الحسنعليهالسلام يختلف عن دور الإمام الحسينعليهالسلام . ففي مرحلة الإمام الحسينعليهالسلام ارتفع الشك عن المسلمين في صحة المعركة وشرعيتها ، وأصبح المسلمون في هذه المرحلة يعيشون تجربة الإمام عليعليهالسلام كمثل أعلى للحكم الإسلامي العادل. وأدركوا أن انتصار بني أمية هو انتصار للإرستقراطية الجاهلية التي ناصبت الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه العداء ، والتي جاهدها الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى قضى عليها ، وأقاموا على أنقاضها دعائم الإسلام.
ولا ندهش إذا كره المسلمون بني أمية وغطرستهم وكبريائهم وإثارتهم للأحقاد القديمة ونزوعهم للروح الجاهلية ، والأمويون لم يعتنقوا الإسلام إلا سعيا وراء مصالحهم الشخصية(١) . وهم أول من ابتدع وبشكل سافر في التاريخ الإسلامي نظما وتقاليد بعيدة عن الإسلام ، محاولة منهم التشبّه بملوك الفرس والبيزنطيين ، وحوّلوا الخلافة إلى ملك كسروي وعصب قيصري(٢) .
__________________
(١) تاريخ الإسلام للدكتور حسن إبراهيم ، ج ١ ص ٢٧٨.
(٢) رسالة في معاوية والأمويين للجاحظ ، تحقيق عزة العطار ، ص ١٦.
٢٧٢ ـ الإسلام على شفا جرف هار :(المصدر السابق ص ١٠٦)
أما بالنسبة لواقع المجتمع الإسلامي ووعيه لقضية الإسلام ، فقد تلخصت نظرة الحسينعليهالسلام له بالحقيقة التالية : وذلك أن الأمة بعد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لم تكن تملك وعيا عقائديا ، وأن أقصى ما أفادته منه عاطفة رسالية ، أخذت تتضاءل بعد وفاتهصلىاللهعليهوآلهوسلم نتيجة للأخطاء والتقصيرات المتراكمة والمتلاحقة ، التي مارسوها عبر حياتهم العلمية والعملية ، هذه التقصيرات والأخطاء التي قد لا يحسّ بكل واحد منها على حدة ، ولكنها حين تتراكم تتحول إلى واقع فاسد ، والواقع الفاسد يتحول إلى فتنة(١) ، كما حدث للحسينعليهالسلام في زمن يزيد.
٢٧٣ ـ الحسينعليهالسلام أمام مسؤولية الثورة :(المصدر السابق)
هذه الحقائق هي التي دفعت بالحسينعليهالسلام لأن يخوض غمار معركة يائسة ، حتّى ولو كان لا يرجى منها النصر العسكري الآني. فالمعركة خاسرة لا محالة في حسابها العاجل ، ولكنه استهدف بعمله هذا أن يهزّ ضمير الأمة ، وأن يعيد للإنسان المسلم همّه الرسالي الكبير ، بعد أن غرق حتّى أذنيه بهموم مصلحية صغيرة. فرأى الحسينعليهالسلام أن يشقّ طريقه في وسط الأمة ، وأن يبذل وجوده ، ووجود أصحابه وأهله وذويه ، بعمل فدائي لاهب ، وأن لا يبخل على مسيرته بما تحتاجه من وقود ، إن من دماء الأمة وآلامها ، وإن من قلبه ودمه.
إلا أن الحسينعليهالسلام بكل ما حفل به من صفات وظروف مواتية ، أدرك أن تحريك الأمة وهزّها ، لا يمكن أن تجدي له الكلمات والخطب الحماسية ، بل لا بدّ من تحريك إرادتها المهزومة بفدية تتوهج بالدم ، مبرهنا على صدق رؤيته للحاضر والمستقبل ، بتضحيته الفريدة.
٢٧٤ ـ بين فقدان الثقة وفقدان الإرادة :(المصدر السابق ، ص ١٠٨)
لقد أسرع الحسينعليهالسلام بأخذ زمام المبادرة بعد أن أدرك بأن المجتمع في ظرفه الحالي وتأثره الشديد بالتخدير الديني للأفكار المضللة التي روّج لها بنو أمية ، وخوفه من القمع المادي ، وخضوعه الطويل للحكام المستبدين ؛ لا يمكن أن تنبعث فيه مفاهيم الرسالة ، بطريق الحوار الفكري والإقناع ، فهو آخر شيء يمكن أن يؤثر
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٢٦٤.
فيه. ولأن الأمة كما ذكرنا في عصر الإمام الحسنعليهالسلام قد ابتليت بظاهرة الشك في القيادة ، فكان الصلح أسلوبا تسترجع معه الثقة ؛ أما الأمة في عصر الحسينعليهالسلام فقد ابتليت بفقدان الإرادة ، وتميّعت فيها إرادة النضال ، وأصبح المسلمون أذلاء مستضعفين ، فهم يدركون بعد الخليفة الأموي عن الإسلام ، وأن الحسينعليهالسلام هو القائد الحق ، ولكن إرادتهم كانت ضعيفة إزاء نصرة الحسينعليهالسلام ، وكما قيل : «قلوبهم مع الحسين ، وسيوفهم عليه»(١) .
هذا القول الأخير هو تصوير دقيق ومعبّر للمجتمع الّذي وصل إليه الوضع الأموي ، بكل ما ملك من أسباب القوة والتشريد والتقتيل ، فكانت بوادر الخنوع والرضا بالوضع القائم ، لإيجاد مختلف الوسائل والمبررات على القعود والاستكانة(٢) .
فالحسينعليهالسلام أراد باستشهاده الفاجع إيقاظ الإرادة المخدّرة بفعل المذاهب الدينية المفتعلة ، ولكي تكون سوطا لاهبا يدمي ظهور الحكام ، وموقظا بها تلك النفوس الغافلة لتقوم بمحاكمة واعية لذاتها إزاء نظرة الرسالة ، ويعينها في تحرير إرادتها من ظاهرة القلق والتردد الفكري ، وتفاقم شكّها في القيادة الحكيمة ، وهو بهذا يخرجها إلى مواقف ثابتة ، تأخذ أبعادها بوعي من تحديات الشريعة الإسلامية وموقفها الصارم من الإنحراف.
٢٧٥ ـ الحسينعليهالسلام لا يعبأ بالنصائح والتحذيرات :
وإزاء إصرار الإمامعليهالسلام على خطة الثورة ، نشطت محاولات كثيرة تنصح الحسينعليهالسلام بعدم القيام بأي عمل من شأنه أن يشعل فتيل المواجهة مع يزيد ، بحجة الفشل المحتم لنتائج المواجهة العسكرية المحتملة ، ولكن الإمامعليهالسلام كان يعرف هدفه جيدا ببصيرته المعصومة ، بأنه سوف ينتصر باستشهاده الفاجع ، ولا يفكر بنتائج الربح العسكري الآني ، مع علمه بقلة العدد وخذلان الناصر : «ألا وإني زاحف بهذه الأسرة ، على قلة العدد وخذلان الناصر».
ولمن يريد أن يفهم الحسينعليهالسلام في ثورته ، عليه أن يبحث عن أهدافه ونتائج
__________________
(١) القول للفرزدق الشاعر ، انظر الطبري ، ج ٤ ص ٢٩٠.
(٢) ثورة الحسينعليهالسلام في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ٢١.
ثورته ، في غير النصر الآنيّ الحاسم ، وفي غير الاستيلاء على مقاليد الحكم والسلطان.
فالنصوص المتوفرة لدينا تدلّ بصراحة على أن الحسينعليهالسلام كان عالما بالمصير الّذي كان ينتظره. ولقد كان يجيب من ينصحه بالمهادنة والسكوت ، ومن يخوفونه بالموت :
«لقد غسلت يدي من الحياة ، وعزمت على تنفيذ أمر الله»(١) .
٢٧٦ ـ محاولة معاوية حرف مبادئ الإسلام على المستويين النظري والعملي :
(المصدر السابق ، ص ١١٧)
لقد مال الإمام الحسنعليهالسلام من خلال صلحه مع معاوية إلى إيقاف العمل السياسي والعسكري الظاهر ولو مؤقتا ، لكي يسترجع الإمامعليهالسلام قيادته ، وثقة الجماهير به ، بعد أن ينكشف معاوية أمام الجماهير ، وتتضح معالم أطروحته الجاهلية لها. فمعاوية في أواخر حياته فقد كل رصيده الروحي ، وكل تلك المبررات التي اصطنعها لنفسه ، محاولا تزييفها في نفوس المسلمين.
وحين سيطر معاوية على الحكم نتيجة للهدنة مع الحسنعليهالسلام بدأ يعمل بدأب من أجل تهديم الإسلام وحرفه ، ومن أجل تثبيت أطروحته وقيادته الجاهلية ، سواء على المستوى النظري أو المستوى العملي.
٢٧٧ ـ تغيير مفاهيم الإسلام :
(المصدر السابق)
أخذ معاوية يعمل على طمس وتشويه النظرية الإسلامية ومحاولة تزييفها ، ولعل أخطر ما توصل إليه الأمويون من طرق التغلب على الشعور الإسلامي الثائر ، وتحطيم ما لأهل البيتعليهمالسلام من سلطان روحي على المسلمين ؛ وذلك بتخدير شعورهم الديني ، وإيجاد تبرير ديني لسلطان بني أمية ، أو على الأقل لكبح الجماهير عن الثورة ، برادع داخلي هو الدين نفسه.
وتمثلت أساليبه في طمس النظرية الإسلامية وتزييفها بالخطين التاليين :
١) ـ اختلاق الأحاديث وشراء الأحاديث من بعض الذين كان لهم من
__________________
(١) ثورة الحسينعليهالسلام في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي ، ص ٢٠.
الاستعداد في ذم عليعليهالسلام والبراءة منه ، والكذب على الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم في مقابل عطاء كبير. أما بالنسبة للذين أبوا الانصياع لأوامره في الدس والكذب على الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم فقد نعتهم بالروافض ، لأنهم رفضوا مسايرته وتنفيذ خططه الجاهلية ، وحاول الضغط عليهم وإرهابهم بشتى الوسائل.
فقد كتب معاوية إلى ولاته بعد «عام الجماعة «أن برئت الذمة ممن روى شيئا في فضل أبي تراب وأهل بيته. فقام الخطباء المنافقون في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه. وكان أشد الناس بلاء على حكمه حينئذ أهل الكوفة لكثرة ما بها من شيعة الإمامعليهالسلام ، فاستعمل عليها زياد بن سمية وضم إليه البصرة ، فكان يتتبع الشيعة فيقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون ، وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق(١) .
وقد عملت أحاديث عمرو بن العاص وأبي هريرة والمغيرة بن شعبة وعمرو ابن الزبير عملها السام ، وأعطت ثمارها الخبيثة ، في صورة تسليم تام وخضوع أعمى للحكم الأموي(٢) .
٢) ـ اختلاق الفرق الدينية ذات الأغراض السياسية باسم الإسلام ، لتبرير حكم بني أمية ، بعد أن توضع لها التفسيرات الدينية المضللة ، وتصاغ بأطر إسلامية مزيفة ، تتّخذ اسم (المرجئة) تارة (والجبرية) أخرى ، هادفين من وراء هذا العمل الدنيء لفت أنظار المسلمين عن الثورة.
فمعاوية أول من قال بالفكرة الجبرية ودافع عنها ، وأوهم الناس أنه طالما كل شيء يجري بقضاء الله ، فإن تولّيه الحكم هو بأمر الله ومشيئته ، وهو يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء. فاعتلاؤه إلى السلطة هو عطاء إلهي ومشروع.
أما المرجئة فكانوا عونا وسندا لحكم معاوية ، جاءت آراؤهم ومعتقداتهم تبريرا لخلافته ، وإقناعا للمسلمين بوجوب طاعته. وتتلخص فكرتهم في توقّف الحكم
__________________
(١) ثورة الحسينعليهالسلام في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ١٦٤.
(٢) الحركات السرية في الإسلام للذكتور محمود إسماعيل ، ص ٩٣. والمغني في أبواب التوحيد والعدل للقاضي عبد الجبار ، ج ٨ ص ٤.
على فاعل الكبيرة ، وإرجاء أمره إلى الله ، فهو يحاسبه وليس نحن. ويقولون بأن الإيمان تصديق بالقول وليس بالعمل.
ولا غرو فقد تحول معظم المسلمين إلى «الإرجاء «وعنوا بأمورهم الداخلية ، دون النظر إلى نوعية السلطة الحاكمة ، وخاصة عند حدوث الفتن.
ويستند المرجئة لترويج مذهبهم بحديث ينقلونه عن لسان النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول :
«ستكون فتن ، القاعد فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي ...».
وفعلا نرى أن ظاهرة التخدير الديني أخذت تتمكن من النفوس وتتجاوب معها ، وأخذ الوعي الإسلامي بالانحسار ، حتّى أصبح الإسلام مهددا في وجوده كرسالة للحياة.
٢٧٨ ـ استخدام أساليب الإرهاب والتجويع والتهجير والتفريق ، للتسلط على المسلمين :
(المصدر السابق ، ص ١٢١)
أما على مستوى الأمة التطبيقي ، فقد مارس معاوية ألوانا كثيرة من الإذلال ، ومحاولات دؤوبة لتمييع شخصية الأمة ، وإثارة الضغائن والأحقاد القومية والإقليمية والطبقية داخل المجتمع الإسلامي.
حتّى أننا نشاهد ذلك الإنسان المسلم الّذي حارب بالأمس طاغوت كسرى ، ووقف أمامه متحديا بكل إباء ، وعاش هموم المظلومين والمحرومين في كل أرجاء الأرض ، ينقلب فجأة إلى فرد لا يهمه إلا عطاؤه وطعامه ومصالحه الشخصية الحقيرة.
فبنو أمية استعانوا بكل وسائل القمع والقهر لتبديد قوة الخصوم ، وسحق الجماعات المعارضة لهم بالأساليب التالية :
١ ـ الإرهاب : وكان الرجل ـ على عكس مبدأ الإسلام ـ يؤخذ بمجرد الشبهة ، ويجرى القصاص مع أهل بيته إذا لم يمكن مسكه. وسيرة زياد بن أبيه لم تنس بعد ، فقد خطب في أهل العراق مهددا بأنه سيأخذ البريء بالمسيء. حتّى إذا ردّه حجر بن عديّ في هذا وذكّره بقوله تعالى :( وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) [الأنعام : ١٦٤] صنع معه ما صنع ، حتّى كانت حادثة قتل حجر وأصحابه رضي الله عنهم.
٢ ـ التجويع : فكانت سياسة معاوية تخفيض جرايات أهل العراق وزيادة جرايات أهل الشام ، مبررا عمله هذا بقوله : الأرض لله ، وأنا خليفة الله ، فما آخذ من مال الله فهو لي ، وما تركته كان جائزا لي.
٣ ـ الطرد الجماعي والتهجير : فقد حمل زياد بن أبيه والي العراق في زمن معاوية خمسين ألفا من الكوفيين وأجبرهم على النزوح من الكوفة إلى خراسان ، وبذلك حطّم المعارضة في الكوفة وخراسان معا.
٤ ـ إحياء النزعة القبلية والعنصرية : كان يثيرها معاوية لسببين :
الأول : لضمان ولاء القبائل له.
الثاني : لضرب بعضهم ببعض.
ولقد أثار معاوية العصبية العنصرية عند العرب عموما ضد المسلمين غير العرب.
٢٧٩ ـ نهضة الحسينعليهالسلام :(المصدر السابق ، ص ١٢٣)
ومن هنا رأى الحسينعليهالسلام أن كل شيء جاهز ، ليطلق الإسلام صيحته في حسم هذا الركام الّذي يغطّ في نوم عميق ، لعلها تشقّ سمعه ولو بعد حين. وكان الحسينعليهالسلام أول من شقّ طريقه في وسط الأمة ، ورمى بثقله في إصلاح كيانها من الداخل ، ولم يبخل على مسيرته بما تحتاجه من وقود ، من نفسه ومن دماء أصحابه.
٣ ـ متى يجب القيام؟
* مدخل :
كانت دعوة النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في أول أمرها سرّية ، حتّى اجتمعت له مقوّمات معينة لإعلانها على الملأ. ومن أهم هذه المقوّمات وجود الأنصار الصادقين. ولذلك قال الإمام عليعليهالسلام : «لو تمكّنت من أربعين رجلا ...». وحين اجتمع له الأنصار بعد عثمان قام بالأمر ، وقال في آخر خطبته الشّقشقيّة : «أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة (أي خلق الناس) ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء في أن لا يقارّوا على كظةّ ظالم ولا سغب مظلوم ؛ لألقيت حبلها على غاربها ..». أي لو لا هذه الأشياء لأقلعت عن الخلافة وتركتها.
من هذه الوثيقة المقدسة ، نتعرّف على أسباب النهضة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ، وهي :
١ ـ وجود الأنصار الملتزمين ، الذين لا يسلمون رئيسهم عند الوثبة.
٢ ـ أن النهضة تكون أكثر تعيّنا على العلماء وهم قادة الحق والدين ، فالله قد أخذ ميثاقهم على إنكار كل ظلم وحيف ، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إذا كان في ذلك فائدة تحصل ، آنيّة أو مستقبلية.
ومن هذا المنطلق وجد الحسينعليهالسلام أن الانحراف عن الدين استشرى ، وأنه قد تسلّط على الخلافة أعتى وجوه القوم. فحين آنس من الأنصار القيام ،
لم يتلكأ ساعة عن إعلان النهضة. إنها المسؤولية الشرعية الكبرى التي تقع على كل مسلم ، وعلى كل عالم ، فكيف على إمام الأمة وممثل الإسلام؟!.
وفي مقابل هذه النهضة المبينة ، بدأ الإعلام الأموي يفعل فعله.
٢٨٠ ـ الإعلام الأموي المضاد للثورة :
(ثورة الحسين في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي ص ٢٨ ـ ٣١)
قال الشيخ محمّد مهدي شمس الدين :
لقد تمثلت جهود الأمويين في سبيل تعطيل فعل الثورة في الأمة باتجاهات ثلاثة :
ـ الاتجاه الأول : رفع مسؤولية يزيد عما حدث ، وإلقاء المسؤولية على ابن زياد.تماما كما فعل في كتابه الصغير الّذي وصفه المؤرخون بأنه (أذن فأرة) وقد أرفقه يزيد مع كتابه الكبير إلى الوليد بن عتبة واليه على المدينة ، بأخذ البيعة من أهلها. وجاء في كتابه الصغير : خذ البيعة من الحسينعليهالسلام ، فإن أبى فاضرب عنقه ، وابعث إليّ برأسه. أراد بهذا الكتاب الصغير أيضا تعمية الأمر على الناس وخداعهم وإضاعة المسؤولية.
ـ الاتجاه الثاني : تشويه الثورة ، ومنه إيهام الناس بأن الحسينعليهالسلام عرض على يزيد أن يضع يده في يده. وهذا محال ينفيه تصريح عقبة بن سمعان. ثم إيهام الناس أن الثورة هي من صنع الخوارج والحرورية.
ـ الاتجاه الثالث : نزع صفة الشرعية عن الثورة الحسينية ، وأن الحسينعليهالسلام كان مخطئا في قيامه على يزيد.
وقد صوّب أكثر علماء السنة قيام الحسينعليهالسلام على الظلم والفساد ، نعطي أمثلة منهم.
٢٨١ ـ تصويب الخارجين على الظلم :
(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٨)
يقول ابن عماد : والعلماء مجمعون على تصويب قتال عليعليهالسلام لمخالفيه ، لأنه الإمام الحق. ونقل الاتفاق أيضا على تحسين خروج الحسينعليهالسلام على يزيد ، وخروج ابن الزبير وأهل الحرمين على بني أمية ، وخروج ابن الأشعث ومن معه من كبار التابعين وخيار المسلمين على الحجاج. ثم الجمهور رأوا جواز الخروج على من كان مثل يزيد والحجاج ، ومنهم من جوّز الخروج على
كل ظالم.
وعدّ ابن حزم خروم الإسلام أربعة : قتل عثمان ، وقتل الحسينعليهالسلام ، ويوم الحرّة ، وقتل ابن الزبير.
٢٨٢ ـ قول ابن الجوزي :
(ثورة الحسين في الواقع التاريخي والوجدان الشعبي ، ص ٣٢)
قال ابن الجوزي في (السرّ المصون) :
من الاعتقادات العامية التي غلبت على جماعة من المنتسبين إلى السنة أنهم قالوا : كان يزيد على الصواب ، والحسينعليهالسلام مخطئ في الخروج عليه وإنما يميل إلى هذا جاهل بالسيرة ، عاميّ المذهب ، يظن أنه يغيظ بذلك الرافضة.
٢٨٣ ـ قول الشوكاني :
(نيل الأوطار للشوكاني ، ج ٧ ص ١٤٧)
وقال الشوكاني : لقد أفرط بعض أهل العلم ، فحكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه ، باغ على الخمّير السّكّير الهاتك لحرمة الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية لعنهم الله. فياللعجب من مقالات تقشعر منها الجلود ، ويتصدّع من سماعها كل جلمود.
٢٨٤ ـ تأييد نهضة الحسينعليهالسلام للشيخ محمّد عبده :
(مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٣)
قال الشيخ محمّد عبدهرحمهالله : إذا وجدت في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع ، وحكومة جائرة تعطله ، وجب على كل مسلم نصر الأولى وخذل الثانية.
ثم قال : ومن هذا الباب ، خروج الإمام الحسينعليهالسلام سبط الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم على إمام الجور والبغي ، الّذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر يزيد بن معاوية ، خذله الله ، وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب(١) . قال تعالى :( وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ ) (٩) [الحجرات : ٩].
٢٨٥ ـ من الّذي خرج على إمام زمانه؟ :
(أقول) : ولقد دفع التعصب المقيت بعض المؤرخين حتّى إلى تخطئة الإمام الحسينعليهالسلام في نهضته ، وقالوا : إنه كان يجب عليه أن لا يخرج على إمام زمانه!. سمعت هذا بأذني من إذاعة دمشق في الخمسينات ، في حديث للأستاذ الشهير علي الطنطاوي قبل ارتحاله إلى السعودية. فلقد قال : إن يزيد هو الإمام الواجب الطاعة ، وإن الحسين مخطئ لأنه خرج على إمام زمانه!.
(أقول) : ومتى كان يزيد إمام زمان الحسينعليهالسلام ؟. ومن الّذي وضعه إماما عليهم ، سواء من أهل الحل والعقد ، أو من أجلّاء الصحابة والتابعين ، من الأنصار والمهاجرين؟. لا بل إن أبناء الصحابة المشهورين كلهم لم يبايعوا يزيد رغم الإنذار والوعيد ؛ أمثال : عبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير.وإذا كان لا يجوز القيام ضدّ الفاجر المتسلط يزيد لأنه إمام زمانهم ، فلما ذا قام أهل المدينة بثورتهم ضد يزيد وأخرجوا عامله منها؟ وكانت لهم معه وقعة الحرّة في المدينة ، التي قتل فيها أجلّاء الصحابة والتابعين!. أفهؤلاء كلهم كانوا على خطأ ، ويزيد هو الوحيد الّذي كان على حق ، يا شيخ علي؟!.
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ص ٣٦٧ في تفسير سورة المائدة الآية ٣٦ و ٣٧ ؛ وج ١٢ ص ١٨٣ و ١٨٥.
٤ ـ لماذا خرج الحسينعليهالسلام بعياله؟
٢٨٦ ـ ما العذر في خروج الحسينعليهالسلام من مكة بأهله وعياله؟ :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٢٥)
قال السيد المرتضى في كتاب (تنزيه الأنبياء) :
فإن قيل : ما العذر في خروج سيد الشهداءعليهالسلام من مكة بأهله وعياله إلى الكوفة ، والمستولي عليها أعداؤه والمتأمّر فيها من قبل يزيد اللعين بتسلط الأمر والنهي ، وقد رأى صنع أهل الكوفة بأبيه وأخيهعليهمالسلام ، وأنهم غادرون خوّانون؟وكيف خالف ظنّه ظنّ جميع نصحائه في الخروج ، وابن عباس يشير عليه بالعدول عن الخروج ويقطع على العطب فيه ، وابن عمر لما ودّعه يقول له : أستودعك الله من قتيل إلى غير ذلك ممن تكلم في هذا الباب. ثم لما علم بقتل مسلم بن عقيل وقد أنفذه رائدا له ، كيف لم يرجع ، ويعلم الغرور من القوم ويفطن بالحيلة والمكيدة؟ ثم كيف استجاز أن يحارب بنفر قليل لجموع عظيمة خلفها موادّ لها كثيرة؟ ثم لما عرض عليه ابن زياد الأمان وأن يبايع يزيد ، كيف لم يستجب حقنا لدمه ودماء من معه من أهل بيته وشيعته ومواليه ، ولم ألقى بيده إلى التهلكة؟. وبدون هذا الخوفسلّم أخوه الحسنعليهالسلام الأمر إلى معاوية ، فكيف يجمع بين فعليهما في الصحة؟.
يقول السيد محسن الأمين في (لواعج الأشجان) ص ٢١٩ ط نجف :
وقد أجاب السيد المرتضى عن هذا السؤال بما حاصله : إن الحسينعليهالسلام غلب على ظنه بمقتضى ما جرى من الأمور ، أنه يصل إلى حقه بالمسير ، فوجب عليه ، وذلك بمكاتبة وجوه الكوفة وأشرافها وقرائها ، مع تقدّم ذلك منهم في أيام الحسنعليهالسلام وبعد وفاته ، وإعطائهم العهود والمواثيق طائعين مبتدئين مكررين للطلب ، مع تسلطهم على واليهم في ذلك الوقت وقوتهم عليه وضعفه عنهم ...ثم يقول السيد المرتضى عليه الرحمة : وأما الجمع بين فعله وفعل أخيه الحسنعليهالسلام فواضح صحيح ، لأن أخاه سلّم (الأمر) كفّا للفتنة وخوفا على نفسه وأهله وشيعته ، وإحساسا بالغدر من أصحابه ، وهذا (أي الحسين) لمّا قوي في ظنه النصرة ممن كاتبه ووثق له ، ورأى من أسباب قوة نصّار الحق وضعف نصّار الباطل ،