الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٧

الإصابة في تمييز الصحابة13%

الإصابة في تمييز الصحابة مؤلف:
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الناشر: دار الكتب العلميّة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 449

  • البداية
  • السابق
  • 449 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20133 / تحميل: 4477
الحجم الحجم الحجم
الإصابة في تمييز الصحابة

الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٧

مؤلف:
الناشر: دار الكتب العلميّة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ذكره ابن السّكن ، وقال ابن عبد البرّ في ترجمة أم الغادية : جاء ذكره من وجه مجهول ، ولم يترجمه أبو عمر في الكنى ، فاستدركه ابن فتحون.

قلت : والحديث المشار إليه أخرجه أبو نعيم أيضا ، من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ، عن العاص بن عمرو الطفاوي ، قال : خرج أبو الغادية ، وحبيب بن الحارث ، وأم الغادية مهاجرين إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأسلموا ، فقالت المرأة : يا رسول الله ، أوصني ، قال : «إيّاك وما يسوء الأذن». وسيأتي له طريق أخرى في كنى النساء.

وأورد أبو موسى هذا الحديث في ترجمة المزني ، وأورد أبو موسى أيضا في ترجمة المزني حديث : «سيكون بعدي فتن شداد ، خير النّاس فيها مسلمو أهل البوادي الّذين لا يتندّون (١) من دماء النّاس وأموالهم شيئا» (٢).

وهذا أورده الطّبرانيّ في مسند يسار بن سبع ، وجزم ابن الأثير بأن هذا الحديث للجهني ، لأنه في معنى الحديث الّذي أوردناه من طريق كلثوم بن جبر عنه ، وفي الجزم بذلك نظر.

١٠٣٧٤ ـ أبو غاضر الفقيمي : اسمه عروة. تقدم في الأسماء.

١٠٣٧٥ ـ أبو غزوان (٣) : له ذكر في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، أخرجه الطّبرانيّ ، من طريق ابن وهب ، حدثني حيي بن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم سبعة رجال ، فأخذ كلّ رجل من أصحابه رجلا ، وأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم رجلا ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «هل لك يا أبا غزوان أن تسلم؟» قال : نعم ، فأسلم فمسح النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم صدره ، فلما أصبح حلب له شاة واحدة فلم يتم لبنها ، فقال : «ما لك يا أبا غزوان؟» قال : والّذي بعثك بالحق لقد رويت. قال : «إنّك امرؤ لك سبعة أمعاء ، وليس لك اليوم إلا معي واحد».

١٠٣٧٦ ـ أبو غزوان (٤) : آخر.

ذكر ابن سعد أنه سمع بعضهم يكنى عتبة بن غزوان أبا غزوان ، والمعروف أن كنيته أبو عبد الله.

__________________

(١) لا يتندّون : لا يصيبون ولا ينالون منه شيئا النهاية ٥ / ٣٨.

(٢) أورده ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم ٤٤٢١ وعزاه لأبي يعلى والهيثمي في الزوائد ٧ / ٢٩٧ وقال رواه أبو يعلى وفيه عبد الحميد بن بهرام وشهر بن حوشب وقد وثقا وفيهما ضعف.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٤٩.

(٤) الطبقات الكبرى بيروت ٣ / ٩٨ ، ٧ / ٥.

٢٦١

١٠٣٧٧ ـ أبو غزية الأنصاري (١) :

روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم في النهي عن الجمع بين اسمه وكنيته من رواية يزيد بن ربيعة ، عن غزية بن أبي غزية الأنصاري ، عن أبيه ، ذكره أبو عمر مختصرا.

وساق ابن مندة الحديث من طريق أبي حاتم الرازيّ ، عن أبي توبة ، عن ربيعة. وله حديث آخر

أورده مطين ، من طريق جابر الجعفي ، عن يزيد بن مرة ، عن أبي غزية الأنصاري ، قال : كان رجل يقرأ ، فجاءت مثل الظلة ، فذكر ذلك للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أما إنّك لو ثبتّ لرأيت منها عجبا» (٢).

أخرجه أبو نعيم ، ويحتمل أن يكون غير الّذي قبله.

١٠٣٧٨ ـ أبو غسيل الأعمى (٣) : ويقال له أبو بصير.

ذكر الثّعلبيّ في «التّفسير» ، من طريق حميد الطويل ، قال : أبصر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعمى يتوضأ فقال له : «بطن القدم» (٤) ، فجعل يغسل تحت قدمه حتى سمّي أبا بسيل.

وأخرج الخطيب في «التّاريخ» ، من طريق أبي معاوية ، عن يحيى بن سعيد (٥) الأنصاري ، عن محمد بن محمود بن محمد بن سلمة ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مرّ على رجل مصاب البصر يتوضأ ، فقال : «باطن رجلك! باطن رجلك! يا أبا بصير». فسمى أبا بصير.

وذكر أبو موسى في «الذّيل» أن ابن مندة ذكر في تاريخه محمد بن محمود بن محمد بن سلمة. وأخرج أبو موسى من طريقين ، عن يحيى بن سعيد ، قال : رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أعمى يتوضأ فقال : «اغسل باطن قدميك» ، فجعل يغسل باطن قدميه ، ولم يذكر بقية الحديث.

١٠٣٧٩ ـ أبو غطيف (٦) : تقدم في غطيف في الأسماء ، واختلف فيه.

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٥٠ ، الاستيعاب ت ٣١٥٦.

(٢) أخرجه النسائي في السنن ٨ / ٦٠ كتاب القسامة باب ٤٦ ، ٤٧ ، ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول حديث رقم ٤٨٥٩ ، والطبراني في الكبير ١ / ٢٢٧ ، وابن عساكر ٣ / ٥٨ ، وكنز العمال حديث رقم ٥ / ٣٦٨.

(٣) تبصير المنتبه ٣ / ١٠٤٥.

(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٧٥) والهيثمي في المجمع ١ / ٢٤٠ والمنذري في الترغيب ١ / ١٧٠.

(٥) في أسعد.

(٦) أسد الغابة ت ٦١٥١ ، الاستيعاب ت ٣١٥٧.

٢٦٢

١٠٣٨٠ ـ أبو غليظ : بمعجمة ، ابن أمية بن خلف الجمحيّ (١). وقيل : هو ابن مسعود بن أمية بن خلف. واختلف في اسم أبي غليظ فقيل عنبسة ، وقيل نشيط ، وهو الجدّ الأعلى لعبد الله بن معاوية الجمحيّ ، شيخ الترمذي.

وأخرج الخطيب في ترجمة إسماعيل بن إسحاق الرقي من تاريخه عن أبي العباس بن نجيح ، وهو عندي في فوائد ابن نجيح بعلوّ. قال : حدثنا إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن معاوية ، سمعت أبي يحدث عن أبيه ، عن جده ، عن أبي غليظ بن أمية بن خلف ، قال : رآني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلى يدي صرد (٢) ، فقال : «إنّ هذا أوّل طير صام يوم عاشوراء». قال إسماعيل : وكان عبد الله بن معاوية من ولد أبي غليظ ذكره بالمعجمتين في هذه الرواية ، وأخرجه من وجه آخر عن إسماعيل بن إسحاق ، فقال : أبو عليط ـ بمهملتين ، ثم أخرجه من وجه ثالث عن عبد الله بن معاوية ، قال : سمعت أبي أنه سمع أباه يحدث عن جده ، عن أبي أمية عنبسة بن أمية بن خلف ، والأول هو المعتمد.

وقد أخرجه ابن قانع ، فقال في كتابه : عن عبد بن معاوية ، فذكر كالأول ، لكنه أورده في ترجمة سلمة بن أمية بن خلف ظنّا منه أنها كنيته ، وليس كما ظن البغوي.

١٠٣٨١ ـ أبو غنيم : اسمه قيس. تقدم.

١٠٣٨٢ ـ أبو الغوث بن الحصين الخثعميّ (٣) رجل من الفرع ، بضم الفاء والراء بعدها مهملة : مكان معروف بنواحي المدينة.

ذكره البغويّ ، ولم يخرج له شيئا ، وأخرج ابن ماجة من حديثه : سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الحج عن الميت. روى عنه عطاء الخراساني ، ولم يسمع منه ، قال : وكان ينزل العرج ، وهو من نواحي الفرع.

القسم الثاني

خال : وكذا :

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٥٢.

(٢) الصّرد طائر فوق العصفور ، وقال الأزهري : يصيد العصافير. اللسان ٤ / ٢٤٢٧.

(٣) الكاشف ٣ / ٣٦٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٦١ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٩٢ ، خلاصة تذهيب ٣ / ٢٣٧ ، الجرح والتعديل ٩ / ٤٢١ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٦٣٦ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٢٠٠ ، الكنى والأسماء ١ / ٤٧ ، بقي بن مخلد ٨٥٧.

٢٦٣

القسم الثالث

القسم الرابع

١٠٣٨٣ ـ أبو غليظ (١) : يروى عنه حديث فيه من يجهل ، ولفظه عجيب ، واسمه سلمة بن الحارث. كذا في التجريد ، وليس هو عند ابن الأثير ، ولا ذكره في الأسماء. والله المستعان.

حرف الفاء

القسم الأول

١٠٣٨٤ ـ أبو فاطمة الأزدي : وقيل الدوسيّ ، ويقال الليثي (٢)

ذكره ابن يونس في «تاريخ مصر» ، فقال : الدوسيّ ، صحابي شهد فتح مصر ، وذكره الحاكم أبو أحمد فيمن لا يعرف اسمه ، وقال : ذكره أبو زرعة ، والبغوي ، وابن سميع ـ فيمن نزل الشام من الصحابة. وذكره ابن الربيع الجيزي فيمن دخل مصر من الصحابة ، وقال ابن البرقي : كان بمصر ، وله ثلاثة أحاديث. وقال مسلم في الكنى ، وتبعه أبو أحمد : له صحبة. وقال الفضل الغلابي : قبره بالشام إلى جانب قبر فضالة بن عبيد. وفرّق الحاكم أبو أحمد بين أبي فاطمة الليثي ، فقال : مصري ، وبين أبي فاطمة الأزدي ، فقال : يقال شامي. والله أعلم.

وقال المزّيّ في «التّهذيب» : اختلف في اسمه ، فقيل أنيس ، وقيل عبد الله بن أنيس.

روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، روى عنه كثير بن قليب ، وكثير بن مرة ، وأبو عبد الرحمن الحبلي ، وأرسل عنه مسلم بن عبد الله الجهنيّ. وحديثه عن دوس بسند حسن.

وأخرج ابن المبارك في «الزهد» من طريق الحارث بن يزيد ، عن كثير الأعرج ، قال :

كنا بذي الصّواري ومعنا أبو فاطمة الأزدي : وكان قد اسودّت جبهته وركبتاه من كثرة السجود.

١٠٣٨٥ ـ أبو فاطمة الأنصاري (٣) :

ذكره ابن شاهين في الصحابة ، وأورد له من وجه ضعيف ، عن أبان بن أبي عياش أحد

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٥٢.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٥٧.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٥٥.

٢٦٤

المتروكين ، عن أنس ـ أن أبا فاطمة الأنصاري أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «عليك بالصّوم ، فإنّه لا مثل له» (١).

وهذا يحتمل أن يكون الأزدي ، لأن الأنصاري من الأزد ، وذكر الصوم أيضا وقع في بعض طرق حديث الأزدي ، لكن مخرج الحديث مختلف.

١٠٣٨٦ ـ أبو فاطمة الليثي (٢) :

أفرده الحاكم أبو أحمد عن الدوسيّ ، ونقل ذلك عن البخاري. واستدركه الذهبي ، وقد قالوا في ترجمته الدوسيّ ، ويقال الليثي ، فهو محتمل.

١٠٣٨٧ ـ أبو فاطمة الضّمري (٣) :

قال البخاريّ : قال ابن أبي أويس : حدثني أخي ، عن حماد بن أبي حميد ، عن مسلم بن عقيل مولى الزرقيين : دخلت على عبيد الله بن أبي إياس بن فاطمة الضمريّ ، فقال : يا أبا عقيل ، حدثني أبي عن جدي ، قال : أقبل علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «أيّكم يحبّ أن يصحّ فلا يسقم؟» الحديث.

وفيه : «إنّ الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلّا لكرامته عليه ، أو لأنّ له منزلة عنده ما يبلغه تلك المنزلة إلّا ببلائه له». وأورده في ترجمة أبي عقيل المذكور ، ولم يزد على ذلك.

ووقع لي بعلو في المعرفة لابن مندة ، من طريق أبي عامر العقدي عن محمد بن أبي حميد ، وهو حماد ، عن مسلم ، عن عبد الله بن أبي إياس ، عن أبيه ، عن جده. قال ابن مندة : رواه رشدين بن سعد ، عن زهرة بن معبد عن عبد الله.

قلت : لكن سمى أباه أنسا بدل إياس ، كذا قال ، وقد ساقه الحاكم أبو أحمد من طريق رشدين ، فقال : إياس ، فلعل الوهم من النسخة.

١٠٣٨٨ ـ أبو فراس الأسلمي (٤) : ربيعة بن كعب ، من خدّام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم . تقدم في الأسماء.

١٠٣٨٩ ـ أبو فراس الأسلمي : آخر ، لا يعرف اسمه.

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ٥ / ٢٤٩ ، والطبراني في الكبير ٨ / ١٠٨ والبيهقي في السنن الكبرى ٤ / ٣٠١.

وأورده ابن حجر في الفتح ٤ / ١٠٨.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٥٧ ، الاستيعاب ت ٣١٥٩.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٥٨.

(٤) أسد الغابة ت ٦١٦١ ، الاستيعاب ت ٣١٦١.

٢٦٥

فرقهما البخاريّ ، وتبعه الحاكم أبو أحمد ، فذكر البخاري عن أبي عبد الصمد العمي ، عن أبي عمران الجوني ، عن أبي فراس ـ رجل من أسلم ، قال : قال رجل : يا رسول الله ، ما الإسلام؟ الحديث. قال أبو عمر تبعا للحاكم : الأقوى أنهما اثنان ، لأنّ أبا فراس عداده في أهل البصرة.

روى عنه أبو عمران الجوني ، وربيعة بن كعب ، عداده في أهل المدينة ، نزل على زيد بن الدّثنّة إلى أن مات بعد الحرة. زاد الحاكم أبو أحمد : وحديث كل منهما على حدة ، ورواية هذا غير رواية هذا. وقوّى غيره ذلك بأنه اشتهر أن ربيعة بن كعب ما روى عنه إلا أبو سلمة عبد الرحمن ، لكن رأيت في مستدرك الحاكم ، من طريق مبارك بن فضالة ، عن أبي عمران الجوني : حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي ، قال : كنت أخدم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم الحديث.

فهذا هو حديث ربيعة الّذي أخرجوه له ، وإن كان مبارك بن فضالة حفظه فهو الأول تأخر حتى لقيه أبو عمران الجوني ، فسماه تارة وكناه أخرى ، وأخلق به أن يكون وهما ، نعم وجدت لأبي فراس الأسلمي ذكرا في حديث آخر بسند أخرجه البغوي ، فقال : أبو فراس الأسلمي سكن المدينة ، وروى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم [٢٣٣] حديثا ، ثم أخرج من طريق ابن لهيعة ، عن محمد بن عبد الله بن مالك ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن أبي فراس الأسلمي ، قال : كان فتى منا يلزم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ويخفّ له في حوائجه ، فخلا به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذات يوم ، فقال : «سلني أعطك» (١). فقال : ادع الله أن يجعلني معك يوم القيامة. قال : «فأعنّي بكثرة السّجود».

وهذا يشبه حديث ربيعة بن كعب ، فكأنه الفتى المذكور في هذه الرواية ، وبها يظهر أن أبا فراس غير ربيعة بن كعب.

١٠٣٩٠ ـ أبو فروة : مولى الحارث بن هشام. يأتي في القاف ، قالوا فيه : أبو قرة.

١٠٣٩١ ـ أبو فروة الأشجعي (٢) : هو نوفل ، والد فروة. تقدم في الأسماء ، وقع في الكنى في مسند الحارث.

١٠٣٩٢ ـ أبو فريعة السلمي (٣) :

__________________

(١) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٥٩ عن ربيعة بن كعب وأورده الهيثمي في الزوائد ٢ / ٢٥٢ وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه ابن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٦٢.

(٣) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٩٣.

٢٦٦

قال أبو عمر : له صحبة ، وشهد حنينا ، ولا أعلم له رواية. انتهى.

وقد ساق ابن مندة له من طريق أحفاده بسند إليه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين افترق الناس عنه يوم حنين وصبرت معه بنو سليم : «لا ينسى الله لكم هذا اليوم يا بني سليم». قال : واسم أبي فريعة كنيته.

١٠٣٩٣ ـ أبو فسيلة (١) : بكسر المهملة ، وزن عظيمة : هو واثلة بن الأسقع. تقدم.

أخرج حديثه البغويّ ، وابن ماجة ، من طريق عباد بن كثير الفلسطيني ، عن امرأة منهم يقال لها فسيلة : سمعت أبي يقول : سألت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقلت : يا رسول الله ، أمن العصبية أن يحبّ الرجل قومه؟ قال : «لا ، ولكن من العصبيّة أن يعين الرّجل قومه على الظّلم».

وأخرجه أبو داود ، من طريق سلمة بنت بسر ، عن بنت واثلة بن الأسقع ، عن أبيها ، قلت : يا رسول الله ، ما العصبية؟ قال : «أن تعين قومك على الظّلم» (٢) ، فجزم ابن عساكر ومن تبعه بأن فسيلة هي بنت واثلة المبهمة في هذه الرواية.

١٠٣٩٤ ـ أبو فضالة الأنصاري (٣) :

ذكره أحمد ، والحارث بن أبي أسامة في مسنديهما ، وابن أبي خيثمة ، والبغوي في الصحابة ، وأسد بن موسى في فضائل الصحابة ، وذكره البخاري في الكنى مختصرا ، قال : حدثنا موسى ، حدثنا محمد بن راشد ، حدثنا ابن عقيل ، عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري. وقتل أبو فضالة بصفين مع عليّ ، وكان من أهل بدر.

وأخرجه ابن أبي خيثمة ، عن عارم ، عن ابن راشد ، فقال : عنه ، عن فضالة ـ أن عليا قال : أخبرني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم أني لا أموت حتى أؤمر ، ثم تخضب هذه من هذه. قال فضالة : فصحبه أبي إلى صفين ، وقتل معه ، وكان أبو فضالة من أهل بدر.

وساقه أحمد مطولا ، زاد فيه قصة لأبي فضالة مع عليّ حضرها فضالة ، وكذلك أخرجه البغويّ ، عن شيبان (٤) بن فروخ ، عن محمد بن راشد بطوله.

١٠٣٩٥ ـ أبو الفضل : العباس بن عبد المطلب الهاشمي ، عم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٦٥ ، الاستيعاب ت ٣١٦٥.

(٢) أخرجه أبو داود (٥١١٩) والبيهقي ١٠ / ٢٣٤.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٦٦ ، الاستيعاب ت ٣١٦٦.

(٤) في أ : سنان.

٢٦٧

١٠٣٩٦ ـ أبو فورة : حدير الأسلمي (١) تقدما في الأسماء.

١٠٣٩٧ ـ أبو فكيهة الجهمي : مولى صفوان بن أمية (٢) ، وقيل مولى بني عبد الدار ، ويقال أصله من الأزد.

أسلم قديما فربط أمية بن خلف في رجله حبلا فجره حتى ألقاه في الرمضاء ، وجعل يخنقه ، فجاء أخوه أبيّ بن خلف ، فقال : زده ، فلم يزل على ذلك حتى ظن أنه مات ، فمرّ أبو بكر الصديق فاشتراه وأعتقه.

واسمه يسار. وقد تقدم في التحتانية ، وقيل اسمه أفلح بن يسار. وقال عمر بن شبة : قيل كان ينسب إلى الأشعريين.

١٠٣٩٨ ـ أبو الفيل الخزاعي (٣) :

ذكره مطيّن ، وابن السّكن وغيرهما ، وأوردوا من طريق سماك بن حرب : حدثني عبد الله بن جبير الخزاعي ، عن أبي الفيل ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : «لا تسبّوه» (٤) ـ يعني ماعز بن مالك حين رجم.

قال البغويّ : ليس له غيره ، ولم يحدث به غير سماك بن حرب. ووقع في رواية ابن السكن : «لا تسبّوه» ـ يعني غريب بن مالك. وفي حاشية الكتاب عريب اسمه وماعز لقبه.

القسم الثاني

لم يذكر فيه أحد من الرجال.

القسم الثالث

١٠٣٩٩ ـ أبو فالج الأنماري (٥) :

ذكره ابن أبي حاتم ، فقال : ليست له صحبة. وذكره الحاكم أبو أحمد ، وقال : أكل

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٦٨ ، الاستيعاب ت ٣١٦٢.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٦٧.

(٣) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٩٣ ، الكنى والأسماء ١ / ٤٨ ، تبصير المنتبه ٣ / ١٠٧٩.

(٤) ذكره الهيثمي في المجمع ١ / ٢٥١ باب ما يقال لمن أصاب ذنبا وعزاه للطبراني وقال فيه الوليد بن أبي ثور وهو ضعيف.

(٥) المراسيل للرازي ص ٢٥٢ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٥٧١ ، جامع التحصيل ٩٩٩.

٢٦٨

الدم في الجاهلية ، وأدرك زمان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقدم حمص أول ما فتحت ، وصحب معاذ بن جبل.

ذكر ذلك كله بقية ، عن محمد بن زياد ، وقال : أدرك رجالا من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ورجالا ممن أسلم ، والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم حيّ ، وأكل الدم في الجاهلية.

روى عنه محمد بن زياد الألهاني ، ومروان بن رؤبة. وقال البخاريّ : قال أبو اليمان : حدثنا صفوان بن عمرو ، عن مروان بن رؤية ، عن أبي فالج ، قال : قدمت حمص أول ما فتحت. وأخرج أحمد من طريق شرحبيل بن مسلم ، قال : رأيت اثنين أكلا الدم في الجاهلية ، وهما أبو عنبة الخولانيّ ، وأبو فالج الأنماري.

وذكره أبو زرعة في الطبقة العليا بعد الصحابة ، وقال : صحب معاذا ، وذكره أبو عيسى في الحمصيين فيمن صحب أبا عبيدة ومعاذا وحضر خطبة عمر بالجابية سنة ست عشرة.

١٠٤٠٠ ـ أبو فراس النّهدي (١) :

له إدراك ، وله قصة مع عمر عند أبي داود ، وذكر إسحاق بن راهويه أنه الربيع بن زياد الحارثي ، وردّ ذلك البخاري. وقال خليفة : كنية الربيع بن زياد أبو عبد الرحمن ، ويمكن أن يكون له كنيتان.

١٠٤٠١ ـ أبو فرقد : له إدراك ، وشهد فتح الأهواز سنة ثمان عشرة. قال ابن أبي شيبة : حدثنا ريحان بن سعيد ، حدثنا مروان ، حدثني أبو فرقد ، قال : كنا مع أبي موسى يوم فتحنا سوق الأهواز ، فسعى رجل من المشركين ، فقال له رجل من المسلمين : تترس (٢) ، فقال أبو موسى : هذا أمان ، فخلى سبيله.

القسم الرابع

١٠٤٠٢ ـ أبو فاختة (٣) : تابعي معروف في التابعين.

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٤ / ٧٤٠ ، المغني ٧٦٥٥ ، الكنى والأسماء ٢ / ٨٢ ، ديوان الضعفاء رقم ٥٠١١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٦٢ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٢٠ ، تهذيب الكمال ١٦٣٧ ، لسان الميزان ٧ / ٤٧٨ ، مجمع ٥ / ٢١١ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٥٨٥ ، مؤتلف الدار الدّارقطنيّ ١٨٣٢.

(٢) الجرح والتعديل ٩ / ٤٢٥.

(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ١٧٦ ، مصنف ابن أبي شيبة ١٣ (١٥٧٨٢) التاريخ لابن معين ٢ / ٢٠٥ ، العلل لأحمد ١ / ٩٣ ، التاريخ الكبير ٣ / ٥٠٣ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٧٥ ، تاريخ الثقات للعجلي ٥٠٧ ، المعرفة

٢٦٩

أرسل حديثا فذكره بعضهم في الصحابة ، وقال ابن مندة : ذكر في الصحابة ولا يثبت ، وأورد من طريق هشام بن محمد بن عمارة ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن أبي فاختة ـ أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم زار عليّا الحديث. انتهى.

وذكره العجليّ ، وابن حبّان ، وغيرهما في ثقات التابعين ، وهو متّجه ، واسمه سعيد ابن علاقة.

وقد أخرج الحديث المذكور أبو داود الطيالسي ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، فقال : عن أبي فاختة ، عن علي ، قال : زارنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فبات عندنا (١) الحديث.

١٠٤٠٣ ـ أبو فاطمة الضّمري :

ذكره ابن مندة ، فأخرج في ترجمته حديثا لأبي فاطمة الأزدي مخرجهما واحد ، فكأن بعض الرواة غلط في نسبه ، ويحتمل أن يكون الليثي المقدم في الأول ، لأن ليثا وضمرة من بني كنانة ، كما أن دوسا والأنصار من الأزد.

١٠٤٠٤ ـ أبو الفحم بن عمرو (٢) :

ذكره أبو موسى ، عن المستغفري ، وأنه حكى عن أبي علي بسمرقند عن أبي الفحم بن عمرو ـ أنه رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم عند أحجار الزيت.

قلت : وهو تغيير فاحش ، وإنما هو عن عمير مولى آبي اللحم ، فحرّف عميرا فجعله عمرا ، وأخره عن موضعه ، وغير مولى فجعله ابنا ، وغير آبي وهو اسم فاعل فجعله أداة كنية ، وغير اللام فجعلها فاء. والحديث معروف لعمير. وبالله التوفيق.

حرف القاف

القسم الأول

١٠٤٠٥ ـ أبو قابوس : اسمه مخارق. تقدم. ويقال ، أبو مخارق.

١٠٤٠٦ ـ أبو القاسم الأنصاري (٣) :

__________________

والتاريخ ٢ / ٦٤٣ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٤٨٥ ، الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٨١ ، الجرح والتعديل ٤ / ٥١ ، الثقات لابن حبان ٤ / ٢٨٨ ، الضعفاء والمتروكين ٧١ ، تهذيب تاريخ دمشق ٦ / ١٦٨ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٧٠ ، تقريب التهذيب ١ / ٣٠٣ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٧٢ ، خلاصة تذهيب التهذيب ١٤١.

(١) أورده الهيثمي في الزوائد ٨ / ١١٠ وقال رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٦٠.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٧٠.

٢٧٠

قال أنس : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالبقيع ، فنادى رجل : يا أبا القاسم ، فالتفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، لم أعنك ، وإنما عنيت فلانا ، فقال : «سمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي» (١).

أخرجه البخاريّ ، ولم أعرف اسم هذا الرجل ولا نسبه.

١٠٤٠٧ ـ أبو القاسم : مولى أبي بكر الصديق (٢)

شهد خيبر ، ويقال : اسمه القاسم. أخرج ابن أبي خيثمة من طريق مطرف ، عن أبي الجهم ، عن أبي القاسم مولى أبي بكر الصديق ، قال : لما فتحت خيبر أكلنا من الثوم ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربنّ مسجدنا حتّى يذهب ريحها من فيه» (٣).

وأخرج مطيّن ، والبغويّ ، والدّولابيّ ، من وجه آخر ، عن مطرف ، عن أبي الجهم ، عن أبي القاسم مولى أبي بكر الصديق ، قال : ضرب رجل أخاه بالسيف على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقضى له أن يموت. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أردت قتله؟» قال : نعم ، يا رسول الله. قال : «انطلق فعش ما شئت». لفظ ابن أبي خيثمة ، وعند الآخرين «فعش ما استطعت».

١٠٤٠٨ ـ أبو القاسم : محمد بن حاطب الجمحيّ.

وأبو القاسم محمد بن طلحة بن عبيد الله ـ تقدما في الأسماء.

١٠٤٠٩ ـ أبو القاسم : غير مسمّى ولا منسوب (٤)

روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم . روى عنه بكر بن سوادة. ذكره المستغفري ، واستدركه أبو موسى ، وذكره أبو عمر : فقال : لا أدري أهو مولى أبي بكر ، أو مولى زينب بنت جحش ، أو هو مولى غيرهما.

قلت : ولم يذكر مولى زينب.

١٠٤١٠ ـ أبو قبيصة ذؤيب الخزاعي.

__________________

(١) أخرجه البخاري ٤ / ٣٣٩ (٢١٢٠) ومسلم ٢ / ١٦٨٢ (١ / ٢١٣١) كلاهما من حديث أنس ومن حديث جابر أخرجه البخاري ٦ / ٢١٧ (٣١١٤).

(٢) أسد الغابة ت ٦١٧١.

(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٦٠ وابن أبي شيبة في المصنف ٢ / ٥١٠ وابن عبد البر في التمهيد ٦ / ٤٢٤ وذكره الهيثمي في المجمع ٢ / ١٧.

(٤) أسد الغابة ت ٦١٧٢ ، الاستيعاب ت ٣١٧٠.

٢٧١

ذكره الحاكم أبو أحمد.

وأبو قبيصة هلب ، ذكره الدّولابيّ ـ وقد تقدما في الأسماء.

١٠٤١١ ـ أبو قتادة بن ربعي الأنصاري (١).

المشهور أن اسمه الحارث. وجزم الواقدي ، وابن القداح ، وابن الكلبي ، بأن اسمه النعمان. وقيل اسمه عمرو. وأبوه ربعي هو ابن بلدمة بن خناس ، بضم المعجمة وتخفيف النون ، وآخره مهملة ، ابن عبيد بن غنم بن سلمة الأنصاري الخزرجي السلمي. وأمّه كبشة بنت مطهّر بن حرام بن سواد بن غنم.

اختلف في شهوده بدرا ، فلم يذكره موسى بن عقبة ولا ابن إسحاق ، واتفقوا على أنه شهد أحدا وما بعدها ، وكان يقال له فارس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . ثبت ذلك في صحيح مسلم ، في حديث سلمة بن الأكوع الطويل الّذي فيه قصة ذي قرد وغيرها.

وأخرج الواقديّ من طريق يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، قال : أدركني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم ذي قرد ، فنظر إليّ فقال : «اللهمّ بارك في شعره وبشره» وقال ـ «أفلح وجهه» فقلت : ووجهك يا رسول الله. قال : «ما هذا الّذي بوجهك؟ قلت : سهم رميت به. قال : «ادن». فدنوت ، فبصق عليه ، فما ضرب عليّ قط ولا فاح ـ ذكره في حديث طويل.

وقال سلمة بن الأكوع في حديثه الطويل الّذي أخرجه مسلم : «خير فرساننا أبو قتادة ، وخير رجالنا سلمة بن الأكوع».

ووقعت هذه القصة بعلو في المعرفة لابن مندة ، ووقعت لنا من حديث أبي قتادة نفسه في آخر المعجم الصغير للطبراني ، وكان يقال له فارس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

__________________

(١) طبقات ابن سعد ٦ / ١٥ ، مسند أحمد ٤ / ٣٨٣ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٧٢٠ ، تاريخ خليفة ٩٩ ، طبقات خليفة ١٣٩ ، تاريخ أبي زرعة ١ / ٤٧٧ ، التاريخ الكبير ٢ / ٢٥٨ ، التاريخ الصغير ٢٢١ ، الجرح والتعديل ٣ / ٧٤ ، فتوح الشام ، الأخبار الطوال ٢١٠ ، المغازي للواقدي ٣ / ١٢٢٢ ، المحبر ١٢٢ ، ربيع الأبرار ٤ / ٦٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٨ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢١٤ ، مقدمة مسند بقي بن مخلد ٨٢ ، المعجم الكبير للطبراني ٣ / ٢٧٠ ، تاريخ الطبري ٢ / ٢٩٣ ، فتوح البلدان ١١٧ ، المستدرك ٣ / ٤٨٠ ، جمهرة أنساب العرب ٣٦٠ ، سيرة ابن هشام ٩١ ، مشاهير علماء الأمصار ١٤ ، مروج الذهب ١٦٣١ ، الكنى والأسماء ١ / ٤٨ ، الاستبصار ١٤٦ ، جامع الأصول ٩ / ٧٧ ، تحفة الأشراف ٩ / ٢٤٠ ، صفة الصفوة ١ / ٦٧٤ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٢٦٥ ، وفيات الأعيان ٦ / ١٤ ، مرآة الجنان ١ / ١٢٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٦٨ ، دول الإسلام ١ / ٤٠ ، المعين في طبقات المحدثين ٢٨ ، الكاشف ٣ / ٣٢٥ ، العبر ١ / ٦٠ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٢٠٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٦٢ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٤٥٧ ، كنز العمال ١٣ / ٦١٧ ، تاريخ الإسلام ١ / ٣٤٠.

٢٧٢

وروى أيضا عن معاذ وعمر. روى عنه ابناه : ثابت ، وعبد الله ، ومولاه أبو محمد نافع الأفرع ، وأنس ، وجابر ، وعبد الله بن رباح ، وسعيد بن كعب بن مالك ، وعطاء بن يسار ، وآخرون.

قال ابن سعد : شهد أحدا وما بعدها. وقال أبو أحمد الحاكم : يقال كان بدريّا. وقال إياس بن سلمة عن أبيه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خير فرساننا أبو قتادة». وقال أبو نضرة ، عن أبي سعيد : أخبرني من هو خير مني أبو قتادة.

ومن لطيف الرواية عن أبي قتادة ما قرئ على فاطمة بنت محمد الصالحية ونحن نسمع ، عن أبي نصير بن الشيرازي أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرشيد في كتابه ، أخبرنا الحافظ أبو العلاء العطار ، أخبرنا أبو علي الحداد ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا الطبراني ، حدثتنا عبدة بنت عبد الرحمن بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن أبي قتادة ، حدثني أبي عبد الرحمن ، عن أبيه مصعب ، عن أبيه ثابت ، عن أبيه عبد الله ، عن أبيه أبي قتادة ـ أنه حرس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة بدر ، فقال : «اللهمّ احفظ أبا قتادة كما حفظ نبيّك هذه اللّيلة» (١).

وبه عن أبي قتادة ، قال : انحاز المشركون على لقاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأدركتهم فقتلت مسعدة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين رآني : «أفلح الوجه». قال الطّبرانيّ : لم يروه عن أبي قتادة إلا ولده ، ولا سمعناها إلا من عنده ، وكانت امرأة فصيحة عاقلة متديّنة.

قلت : الحديث الأول جاء عن أبي قتادة في قصة طويلة من رواية عبد الله بن رباح ، عن أبي قتادة ، قال : كنت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في بعض أسفاره إذ مال عن راحلته ، قال : فدعمته فاستيقظ ـ فذكر الحديث ، وفيه : «حفظك الله كما حفظت نبيّه» (٢).

أخرجه مسلم مطوّلا ، وفيه نومهم عن الصلاة ، وفيه : «ليس التّفريط في النّوم». وفي آخره : «إنّ ساقي القوم آخرهم شربا».

وقوله في رواية عبدة ليلة بدر غلط ، فإنه لم يشهد بدرا ، والحديث الثاني قد تقدمت الإشارة إليه.

__________________

(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٣ / ٢٧٠ والطبراني في الأوسط ٢ / ١٥٢ قال الهيثمي في الزوائد ٩ / ٣٢٢ رواه الطبراني في الصغير وفيه من لم أعرفهم ، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٧٥٧٧ وعزاه لأبي نعيم في الحلية.

(٢) أخرجه مسلم في الصحيح ١ / ٤٧٢ كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب (٥٥) قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها حديث رقم ٣١١ / ٦٨١ ، وأبو داود في السنن ٢ / ٧٧٩ كتاب الأدب باب في الرجل يقول للرجل حفظك الله حديث رقم ٥٢٢٨ وأحمد في المسند ٥ / ٢٩٨.

الإصابة/ج٧/م١٨

٢٧٣

وكانت وفاة أبي قتادة بالكوفة في خلافة عليّ. ويقال إنه كبّر عليه ستّا. وقال : إنه بدري. وقال الحسن بن عثمان : مات سنة أربعين ، وكان شهد مع عليّ مشاهده. وقال خليفة : ولّاه على مكة ثم ولاها قثم بن العباس. وقال الواقدي : مات بالمدينة سنة أربع وخمسين ، وله اثنتان وسبعون سنة. ويقال ابن سبعين. قال : ولا أعلم بين علمائنا اختلافا في ذلك. وروى أهل الكوفة أنه مات بالكوفة وعليّ بها سنة ثمان وثلاثين ، وذكره البخاري في الأوسط فيمن مات بين الخمسين والستين ، وساق بإسناد له أنّ مروان لما كان واليا على المدينة من قبل معاوية أرسل إلى أبي قتادة ليريه مواقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ، فانطلق معه فأراه.

ويدلّ على تأخره أيضا ما أخرجه عبد الرّزّاق عن معمر ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ـ أن معاوية لما قدم المدينة تلقّاه الناس ، فقال لأبي قتادة : تلقّاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار.

١٠٤١٢ ـ أبو قتادة السدوسي (١) : له في مسند بقيّ بن مخلد حديث ، كذا في التجريد.

١٠٤١٣ ـ أبو قتيلة (٢) : بالتصغير ، اسمه مرثد بن وداعة الحمصي.

تقدم في الأسماء ، وأخرج حديثه ابن أبي خيثمة والبغوي في الكنى.

١٠٤١٤ ـ أبو قحافة : عثمان بن عامر التّيمي (٣). والد أبي بكر الصديق. تقدم في الأسماء.

١٠٤١٥ ـ أبو قحافة بن عفيف المرّي (٤).

ذكره ابن عساكر في تاريخه ، وقال : يقال : إن له صحبة. سكن دمشق ، قال : وذكر أبو الحسين الرازيّ والد تمام عن بعضهم ـ أن الدار التي بسويقة جناح ـ دار أبي قحافة ومعاوية ابني عفيف ، ولهما صحبة.

١٠٤١٦ ـ أبو قدامة الأنصاري (٥).

ذكره أبو العبّاس بن عقدة في كتاب «الموالاة» الّذي جمع فيه طرق حديث : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» ، فأخرج فيه من طريق محمد بن كثير ، عن فطر ، عن أبي الطفيل ، قال :

__________________

(١) بقي بن مخلد ٨٥٦.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٧٤.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٧٥ ، الاستيعاب ت ٣١٧٢.

(٤) أسد الغابة ت ٦١٧٦.

(٥) أسد الغابة ت ٦١٧٧.

٢٧٤

كنا عند عليّ فقال : أنشد الله من شهد يوم غدير خم. فقام سبعة عشر رجلا منهم أبو قدامة الأنصاري ، فشهدوا أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال ذلك. واستدركه أبو موسى. وسيأتي في الّذي بعده ما يؤخذ منه اسم أبيه وتمام نسبه.

١٠٤١٧ ـ أبو قدامة بن الحارث (١) : من بني عبد مناة بن كنانة ، ويقال من بني عبد بن كنانة بغير إضافة.

ذكره ابن الدّبّاغ عن العدويّ ، وقال : إنه شهد أحدا ، ذكره مستدركا على ابن عبد البرّ ، وتبعه ابن الأثير. وزاد ابن الدّبّاغ ، عن العدويّ ـ أنه كان ابن خمس بأحد ، وبقي حتى قتل مع عليّ بصفّين ، وقد انقرض عقبه ، قال : ويقال هو أبو قدامة بن سهل بن الحارث بن جعدبة بن ثعلبة بن سالم بن مالك بن واقف ، وهو سالم.

قلت : هذا الثاني من الأنصار ، لا يجتمع مع بني كنانة ، فهو غيره ، ولعله المذكور قبله.

١٠٤١٨ ـ أبو قراد السلمي (٢).

ذكره ابن أبي عاصم ، وابن السّكن. وقال : مخرج حديثه عن أهل البصرة ، وأخرجا من طريق أبي جعفر الخطميّ ، عن عبد الرحمن بن الحارث ، عن أبي قراد السلمي ، قال : كنا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فدعا بطهور ، فغمس يده فيه فتوضّأ ، فتتبعناه فحسوناه ، فلما فرغ قال : «ما حملكم على ما صنعتم؟» (٣) قلنا : حبّ الله ورسوله. قال : «فإن أحببتم أن يحبّكم الله ورسوله فأدّوا إذا ائتمنتم ، واصدقوا إذا حدّثتم ، وأحسنوا جوار من جاوركم». ومداره على عبد الله بن قيس ، وهو ضعيف.

وقد خالفه ضعيف آخر وهو الحسن بن أبي جعفر ، فرواه عن أبي جعفر الخطميّ ، عن الحارث بن فضيل ، عن عبد الرحمن بن أبي قراد ، فأحد الطريقين وهم ، وأخلق أن تكون هذه أولى. وقد نبهت عليه في عبد الرحمن.

١٠٤١٩ ـ أبو قرصافة (٤) : اسمه جندرة ، بفتح الجيم وسكون النون ، الكناني ـ تقدم في الأسماء.

__________________

(١) الاستيعاب ت ٣١٧٣.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٧٧ م ، الاستيعاب ت ٣١٧٤.

(٣) أورده الهيثمي في الزوائد ٤ / ١٤٨ عن أبي قراد السلمي وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبيد بن واقد القيسي وهو ضعيف.

(٤) المعرفة والتاريخ ٢ / ١٠١ ، جمهرة أنساب العرب ١٨٩ ، الكنى والأسماء للدولابي ١ / ٤٩ ، المعجم الكبير

٢٧٥

١٠٤٢٠ ـ أبو قرّة : مولى عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي. ويقال أبو فروة ، بفتح الفاء وسكون الراء بعدها واو.

قال أبو عمر : كان مسلما على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وذكر الواقدي عنه أنه قال : قسم أبو بكر الصديق قسما ، فقسم لي كما قسم لمولاي. أورده أبو عمر في حرف الفاء ، وأورده أبو أحمد الحاكم في حرف القاف ، وهو أولى.

١٠٤٢١ ـ أبو قرّة بن معاوية : بن وهب (١) بن قيس بن حجر الكندي.

ذكره ابن الكلبيّ ، وقال : وكان شريفا ، وفد على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم . وذكر ابن سعد أن ابنه عمرو بن قرة ولي قضاء الكوفة بعد شريح.

١٠٤٢٢ ـ أبو قريع (٢) : ذكره ابن مندة ، وقال : روى حديثه طالب بن قريع ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كنت تحت ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في حجته.

١٠٤٢٣ ـ أبو القصم : بعد القاف صاد مهملة. اكتنى بها عليّرضي‌الله‌عنه يوم أحد عند القتال.

ذكره ابن إسحاق.

١٠٤٢٤ ـ أبو قطبة بن عمرو : أو عامر ، ابن حديدة الأنصاري (٣) : اسمه يزيد.

١٠٤٢٥ ـ أبو قطن ، بفتحتين : هو قبيصة بن المخارق الهلالي ـ تقدما في الأسماء.

١٠٤٢٦ ـ أبو القلب : ذكر في التجريد أن بقي بن مخلد أخرج له في مسندة حديثا.

١٠٤٢٧ ـ أبو القمراء (٤) : ذكره ابن مندة ، وأخرج من طريق أبي عبد الرحمن ، قال : حدثنا شريك ، كأنه ابن أبي نمر ، عن أبي القمراء ، قال : كنا في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حلقا نتحدث إذ خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم من بعض حجره ، فنظر إلى الحلق ثم جلس إلى أصحاب القرآن ، فقال «بهذا المجلس أمرت».

__________________

للطبراني ٣ / ١ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٩٢ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٦٥ ، مشاهير علماء الأمصار رقم ٣٣٥ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٥٥٩ ،

(١) طبقات ابن سعد ٦ / ١٤٨ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٢٢٧ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٥٨٧ ، المعارف ٥٥٩. الكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٨٧ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٥٦١.

(٢) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٩٥.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٨١.

(٤) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ١٩٥.

٢٧٦

١٠٤٢٨ ـ أبو القنشر : هو حيان بن أبحر. تقدم في الأسماء ، ذكر كنيته أبو أحمد بفتح القاف وسكون النون ثم شين معجمة مكسورة ثم راء ، وكأنه أصوب.

١٠٤٢٩ ـ أبو قيس صرمة بن أبي قيس (١) : أو ابن أبي أنس ، أو غير ذلك. تقدم مستوعبا في حرف الصاد.

١٠٤٣٠ ـ أبو قيس بن الحارث بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشي (٢).

كان من السابقين إلى الإسلام ، ومن مهاجرة الحبشة ، شهد أحدا وما بعدها ، وهو أخو عبد الله بن الحارث ، ذكر ذلك محمد بن إسحاق.

ونقل أبو عمر عن محمد بن إسحاق أن اسمه عبد الله بن الحارث ، وتعقّبه ابن الأثير بأن نسخ المغازي عن ابن إسحاق متفقة على أن عبد الله أخوه ، واسمه كنيته. وذكره موسى بن عقبة فيمن هاجر إلى الحبشة ، وذكر ابن إسحاق أيضا أنه استشهد باليمامة ، وكذا ذكر الزّبير بن بكّار.

١٠٤٣١ ـ أبو قيس بن عمرو بن عبد ود بن عبد بن أبي قيس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر القرشي العامري.

كان أبوه فارس قريش في زمانه وهو الّذي بارزه عليّ يوم الخندق فقتله عليّ. وذكر الزبير لأبي قيس هذا بنتا لم يبق من نسل عمرو بن عبد ودّ أحد إلا من نسلها.

١٠٤٣٢ ـ أبو قيس الجهنيّ (٣).

شهد الفتح مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وسكن البادية ، وبقي إلى آخر خلافة معاوية. ذكر ذلك الواقديّ.

١٠٤٣٣ ـ أبو قيس بن المعلى بن لوذان بن حارثة الأنصاري الخزرجي (٤). ذكر ابن الكلبي أنه شهد بدرا ، واستدركه ابن الأثير.

١٠٤٣٤ ـ أبو قيس بن الأسلت (٥) : واسم الأسلت عامر بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامر بن مرة بن مالك بن الأوس الأوسي.

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٨٥.

(٢) أسد الغابة ت ٦١٨٧ ، الاستيعاب ت ٣١٧٩.

(٣) أسد الغابة ت ٦١٨٨ ، الاستيعاب ت ٣١٨١.

(٤) أسد الغابة ت ٦١٨٩.

(٥) الطبقات الكبرى بيروت ٤ / ٣٨٣ ، ٣٨٤ ، ٣٨٥.

٢٧٧

مختلف في اسمه ، فقيل صيفي ، وقيل الحارث ، وقيل عبد الله ، وقيل صرمة.

واختلف في إسلامه ، فقال أبو عبيد القاسم بن سلّام في ترجمة ولده عقبة بن أبي قيس : له ولأبيه صحبة. وقال عبد الله بن محمد بن عمارة بن القداح : كان يعدل بقيس بن الخطيم في الشجاعة والشّعر ، وكان يحضّ قومه على الإسلام ، ويقول : استبقوا إلى هذا الرجل ، وذلك بعد أن اجتمع بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم وسمع كلامه ، وكان قبل ذلك في الجاهلية يتألّه ويدعى الحنيف.

وذكر ابن سعد عن الواقدي بأسانيد عديدة ، قالوا : لم يكن أحد من الأوس والخزرج أوصف لدين الحنيفية ولا أكثر مساءلة عنها من أبي قيس بن الأسلت ، وكان يسأل من اليهود عن دينهم ، فكان يقاربهم ، ثم خرج إلى الشام فنزل على آل جفنة فأكرموه ووصلوه ، وسأل الرهبان والأحبار فدعوه إلى دينهم فامتنع ، فقال له راهب منهم : يا أبا قيس ، إن كنت تريد دين الحنيفية فهو من حيث خرجت ، وهو دين إبراهيم ، ثم خرج إلى مكة معتمرا فبلغ زيد عمرو بن نفيل فكلّمه ، فكان يقول : ليس أحد على دين إبراهيم إلا أنا وزيد بن عمرو ، وكان يذكر صفة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأنه يهاجر إلى يثرب ، وشهد وقعة بعاث ، وكانت قبل الهجرة بخمس سنين.

فلما قدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم المدينة جاء إليه ، فقال : إلام تدعو؟ فذكر له شرائع الإسلام ، فقال : ما أحسن هذا وأجمله ، فلقيه عبد الله بن أبيّ بن سلول ، فقال : لقد لذت من حزبنا كلّ ملاذ ، تارة تحالف قريشا وتارة تتبع محمدا ، فقال : لا جرم لا تبعته إلا آخر الناس ، فزعموا أنه لما حضره الموت أرسل إليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول له : «قل لا إله إلّا الله أشفع لك بها» (١). فسمع يقول ذلك.

وفي لفظ : كانوا يقولون فقد سمع يوحّد عند الموت.

وحكى أبو عمر هذه القصة الأخيرة ، فقال : إنه لما سمع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : ما أحسن هذا! انظر في أمري ، وأعود إليك ، فلقيه عبد الله بن أبي ، فقال له : أهو الّذي كانت

__________________

(١) أخرجه البخاري في الصحيح ٢ / ١٩ ، ٥ / ٦٥ ، ٦ / ٨٧ ، ١٤١ ، ٨ / ١٧٣. ومسلم في الصحيح ١ / ٥٤ عن المسيب كتاب الإيمان باب الدليل على صحة إسلام من حضره الموت ما لم يشرع في النزع وهو الغرغرة (٩) حديث رقم (٣٩ / ٢٤ ، ٤٠ / ٢٤ ، ٤١ / ٢٤ ، ٤٢ / ٢٤) ، والترمذي في السنن ٥ / ٣١٨ عن أبي هريرة كتاب تفسير القرآن (٤٨) باب ومن سورة القصص (٣٩) حديث رقم ٣١٨٨ وقال أبو عيسى الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن كيسان وأحمد المسند ٢ / ٤٣٤ ، ٤٤١ ، والبيهقي في دلائل النبوة ٢ / ٣٤٤.

٢٧٨

أحبار يهود تخبرنا عنه؟ فقال له عبد الله : كرهت حرب الخزرج ، فقال : والله لا أسلم إلى سنة ، فمات قبل أن يحول الحول على رأس عشرة أشهر من الهجرة. وقال أبو عمر : في إسلامه نظر. وقد جاء عن ابن إسحاق أنه هرب إلى مكة فأقام بها مع قريش إلى عام الفتح.

ومن محاسن شعره قوله في صفة امرأة :

وتكرمها جاراتها فيزرنها

وتعتلّ من إتيانهنّ فتعتذر

[الطويل]

ومنها قوله :

وذكر أبو موسى ، عن المستغفري ـ أنه ذكر أبا قيس بن الأسلت هذا ، ونقل عن ابن جريج عن عكرمة ، قال : نزلت فيه وفي امرأة كبشة بنت معن بن عاصم :( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) [النساء : ١٩] ، كذا نقل. والمنقول عن ابن جريج عند الطبري وغيره إنما هو قوله تعالى :( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [النساء : ٢٢] الآية ، قال : نزلت في كبشة بنت معن بن عاصم توفي عنها زوجها أبو قيس بن الأسلت ، فجنح عليها ابنه ، فنزلت فيهما.

وعن عديّ بن ثابت : قال : لما مات أبو قيس بن الأسلت خطب ابنه امرأته ، فانطلقت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : إن أبا قيس قد هلك ، وإنّ ابنه من خيار الحي قد خطبني ، فسكت ، فنزلت الآية ، قال : فهي أول امرأة حرمت على ابن زوجها. أخرجه سنيد بن داود في تفسيره ، عن أشعث بن سوار ، عن عدي بهذا ، قال ابن الأثير : أخرج أبو عمر هذه القصة في هذه الترجمة ، وأفردها أبو نعيم ، فأخرجها في ترجمة أبي قيس الأنصاري ، ولم يذكر ابن الأسلت. واستدرك أبو موسى الترجمتين ، فذكر ما نقله عن المستغفري. وقال ابن الأثير : ما حاصله إن القصة واحدة.

قلت : والمنقول في تفسير سنيد عن حجاج عن ابن جريج ما تقدم من نزول :( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [النساء : ٢٢] في أبي قيس بن الأسلت ، وامرأته ، وابنه من غيرها. وقد جاء ذلك من رواية أخرى ، مبيّنة في أسباب النزول.

١٠٤٣٥ ـ أبو قيس الأنصاري.

لم يسمّ ولا أبوه. ومات في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

أخرج حديثه الطّبرانيّ ، من طريق قيس بن الربيع ، عن أشعث بن سوّار ، عن عدي بن ثابت ، عن رجل من الأنصار ، قال : توفي أبو قيس ، وكان من صالحي الأنصار ، فخطب ابنه

٢٧٩

امرأته ، فقالت : إنما أعدّك ولدا وأنت من صالحي قومك ، ولكن آتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأستأمره ، فأتته فذكرت له ذلك ، فقال : «فارجعي إلى بيتك». ونزلت :( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) [النساء : ٢٢].

وقد تقدم أن سنيدا أخرجه عن هشيم ، عن أشعث ، فقال : عن عدي مرسلا. وقال : لما مات أبو قيس بن الأسلت إلخ. وقيل : إن قوله الأسلت وهم من بعض رواته. ويؤيده ما تقدم في حرف القاف أنّ قيس بن الأسلت مات في الجاهلية ، فكأن قيس بن أبي قيس الّذي وقعت له هذه القصة آخر ، ووقع الغلط في تسميته قيسا كما سبقت إليه الإشارة هناك.

١٠٤٣٦ ـ أبو القين الحضرميّ (١).

له رؤية ، روى عنه سعيد بن جمهان ـ أنه مرّ بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ومعه شيء من تمر في حديث ذكره. وقيل : إنه أبو قين نصر بن دهر ، كذا ذكره أبو عمر مختصرا.

وأخرجه الدّولابيّ ، والبغويّ ، وابن السّكن ، وابن عديّ في «الكامل» ، من طريق يحيى بن حماد ، عن حماد بن سلمة ، عن سعيد بن جمهان ـ أنه مرّ بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم على حمار ومعه شيء من تمر ، فقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ليأخذ منه شيئا ينثره بين أصحابه ، فانبطح عليه وبكى ، فقال : «زادك الله شحّا» (٢) ، فكان لا ينفك منه شيء.

وفي رواية ابن عديّ بهذا السند إلى سعيد بن جمهان أن عمّ أبي القين ركب حمارا وبين يديه شيء من تمر ، فقام عمّ أبي القين ليأخذ منه شيئا فانبطح. فذكره.

وأخرجه ابن مندة ، من طريق هدبة ، عن حماد ، فقال : عن سعيد بن جمهان ، عن أبيه ـ أن مولاه أبا القين الأسلمي مرّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم وهو غلام ، فقام إليه عمه فذكره. وقال في آخره : فكان من أشحّ الناس. وأنكر ابن مندة زيادة قوله عن أبيه ، وأن الناس رووه عن سعيد بن جمهان ، عن أبي القين. وقال البغوي : أبو القين سكن البصرة ، ولم يحدّث بغير هذا الحديث ، ولا رواه عن سعيد بن جمهان. ولم أر من نسبه حضرميا كما قال أبو عمر. فالله أعلم.

__________________

(١) أسد الغابة ت ٦١٩١ ، الاستيعاب ت ٣١٨٢.

(٢) أخرجه الدولابي في الكنى ١ / ٤٩ ، وانظر المجمع ٣ / ١٢٧ ، ١٠ / ٧٢ ، والكنز (٢٠٧٠٢) ، وأورده الهيثمي في الزوائد ٣ / ١٣٠ عن أبي القين وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه سعيد بن جمهان وثقه جماعة وفيه خلاف وبقية رجاله رجال الصحيح.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

ولو وفد قوم من المشركين إلى الإمام ، أنزلهم في فضول منازل المسلمين ، فإن لم يكن ، جاز أن ينزلهم في دار ضيافةٍ إن كانت ، وإن لم تكن ، أسكنهم في أفنية الدور والطرقات ، ولا يُمكّنهم من الدخول في المساجد بحالٍ.

مسألة ١٩٨ : البلاد التي ينفذ فيها حكم الإسلام على أقسام ثلاثة :

أحدها : ما أنشأه المسلمون وأحدثوه واختطّوه ، كالبصرة وبغداد والكوفة ، فلا يجوز إحداث كنيسة فيها ولا بِيعة ولا بيت صلاة للكفّار ، ولا صومعة راهبٍ إجماعاً ، لقول ابن عباس : أيّما مِصْر مَصَّره العرب فليس لأحد من أهل الذمّة أن يبني فيه بِيعة ، وما كان قبل ذلك فحقُّ على المسلمين أن يُقرّ لهم(١) .

وفي حديث آخر : أيّما مصر مصَّرته العرب فليس للعجم أن يبنوا فيه بيعة ، ولا يضربوا فيه ناقوساً ، ولا يشربوا فيه خمراً ، ولا يتّخذوا فيه خنزيراً(٢) .

ولأنّه بلد المسلمين وملكهم ، فلا يجوز لهم أن يبنوا فيه مجامع الكفر.

ولو صالحهم على التمكّن من إحداثها ، بطل العقد.

فأمّا ما وُجد من البِيَع والكنائس في هذه البلاد ، مثل كنيسة الروم في بغداد ، فإنّها كانت في قرى لأهل الذمّة فاُقرّت على حالها ، أو كانت في برّيّة فاتّصل بها عمارة المسلمين. فإن عُرف إحداث شي‌ء بعد بناء المسلمين وعمارتهم ، نُقض.

____________________

(١) سنن البيهقي ١ : ٢٠١ نحوه.

(٢) سنن البيهقي ١ : ٢٠٢ ، المغني ١٠ : ٥٩٩ - ٦٠٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦٠٩.

٣٤١

الثاني : ما فتحه المسلمون عنوةً ، وهو ملك المسلمين قاطبة ، فلا يجوز أيضاً إحداث كنيسة ولا بِيعة ولا صومعة راهبٍ ولا بيت صلاةٍ للمشركين ؛ لأنّها صارت ملكاً للمسلمين.

وأمّا ما كان موجوداً قبل الفتح : فإن هدمه المسلمون وقت الفتح ، لم يجز استجداده أيضاً ؛ لأنّه بمنزلة الإحداث في ملك المسلمين.

وإن لم يهدموه ، قال الشيخرحمه‌الله : لا يجوز إبقاؤه(١) . وهو أحد قولي الشافعي(٢) ؛ لأنّ هذه البلاد ملك المسلمين ، فلا يجوز أن تكون فيها بِيعة ، كالبلاد التي أنشأها المسلمون.

والثاني : يجوز إبقاؤها(٣) ؛ لقول ابن عباس : أيّما مصر مصَّرته العجم ففتحه الله على العرب فنزلوه ، فإنّ للعجم ما في عهدهم.

ولأنّ الصحابة فتحوا كثيراً من البلاد عَنْوةً ، فلو يهدموا شيئاً من الكنائس.

ولحصول الإجماع عليه ؛ فإنّها موجودة في بلاد المسلمين من غير نكير(٤) .

الثالث : ما فُتح صلحاً ، فإن صالحهم على أنّ الأرض لهم ويأخذ منهم الخراج عليها ، فهنا يجوز إقرارهم على بِيَعهم وكنائسهم وبيوت نيرانهم ومجتمع عباداتهم وإحداث ما شاؤا من ذلك فيها وإنشائه وإظهار الخمور فيها والخنازير وضرب الناقوس والجهر بقراءة التوراة والإنجيل ؛

____________________

(١) اُنظر : المبسوط - للطوسي - ٢ : ٤٦.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٦ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢١ - ٣٢٢ ، الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠.

(٤) الأدلّة المذكورة هنا وردت في المغني ١٠ : ٦٠٠ ، والشرح الكبير ١٠ : ٦٠٩ - ٦١٠ لأحد الوجهين للحنابلة في المقام ، وليس فيهما التعرّض لقولي الشافعي.

٣٤٢

لأنّ ذلك لهم ، وإنّما يُمنعون من الأشياء الستّة السابقة من الزنا واللواط بالمسلمين وافتتان المسلم عن دينه وقطع الطريق وإيواء عين المشركين وإعانتهم على المسلمين.

وإن صالحهم على أن تكون الأرض للمسلمين ويؤدّون الجزية إلينا بسكناهم فيها ، فالحكم في البِيَع والكنائس على ما يقع عليه الصلح.

فإن شرطنا لهم إقرارهم على البِيَع والكنائس أو على إحداث ذلك وإنشائه ، جاز ؛ لأنّه إذا جاز أن يصالحهم على أن تكون الأرض بأجمعها لهم ، جاز أن يكون بعض الأرض لهم بطريق الأولى.

وإن شرطنا عليهم أن لا يُحدثوا شيئاً أو يخربوها ، جاز ذلك أيضاً.

ولو لم نشترط شيئاً ، لم يجز لهم تجديد شي‌ء ؛ لأنّ الأرض للمسلمين.

وإذا شرط عليهم التجديد والإحداث ، فينبغي أن يبيّن مواضع البِيَع والكنائس.

وأمّا البلاد التي أحدثها الكفّار وحصلت تحت يدهم ، فإن أسلم أهلها ، كالمدينة واليمن ، فحكمها حكم القسم الأوّل. وإن فُتحت عَنْوةً أو صلحاً ، فقد تقدّم.

إذا عرفت هذا ، فكلّ موضع لا يجوز لهم إحداث شي‌ء فيه إذا أحدثوا فيه ، جاز نقضه وتخريبه ، وكلّ موضع لهم إقراره لا يجوز هدمه.

فلو انهدم هل يجوز إعادته؟ تردّد الشيخ(١) فيه.

وقال الشافعي : يجوز لهم إعادته - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لأنّهم‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٤٦.

(٢) الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٦٢ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤٩٧ / ١٦٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٩ ، المغني ١٠ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١٠.

٣٤٣

يُقرّون عليها ، وبناؤها كاستدامتها ، ولهذا يجوز تشييد حيطانها ورمّ ما تشعّث منها. ولأنّا أقررناهم على التبقية ، فلو منعناهم من العمارة لخربت(١) .

وقال بعض الشافعيّة : لا يجوز لهم ذلك - وعن أحمد روايتان(٢) - لأنّه إحداث للبِيَع والكنائس في دار الإسلام ، فلم يجز ، كما لو ابتُدئ بناؤها ، ولقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تبنى الكنيسة في دار(٣) الإسلام ، ولا يجدّد ما خرب منها »(٤) بخلاف رمّ ما تشعّث ؛ لأنّه إبقاء واستدامة وهذا إحداث(٥) .

مسألة ١٩٩ : ظهر من هذا الاتّفاقُ على جواز رمّ ما تشعّث ممّا لهم إبقاؤه وإصلاحه.

وهل يجب إخفاء العمارة؟ للشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : العدم ، كما يجوز إبقاء الكنيسة ، فحينئذٍ يجوز تطيينها من داخلٍ وخارجٍ وإعادة الجدار الساقط ، وعلى الأوّل يُمنعون من التطيين من خارج. وإذا أشرف الجدار على السقوط ، بنوا جداراً داخل الكنيسة ، وقد تمسّ الحاجة‌

____________________

(١) الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٦ ، الوسيط ٧ : ٨١ ، حلية العلماء ٧ : ٧٠٦ - ٧٠٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠ ، المغني ١٠ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١٠.

(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٧٩ ، المغني ١٠ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١٠.

(٣) كلمة « دار » لم ترد في الكامل - لابن عدي - والمغني والشرح الكبير.

(٤) الكامل - لابن عدي - ٣ : ١١٩٩ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٦ ، المغني ١٠ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١٠.

(٥) المغني ١٠ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١٠ : ٦١٠ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٦ ، الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٩ ، الوسيط ٧ : ٨١ ، حلية العلماء ٧ : ٧٠٦ - ٧٠٧ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢٣ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠.

٣٤٤

إلى بناءٍ ثانٍ وثالثٍ ، فينتهي الأمر إلى أن لا يبقى من الكنيسة شي‌ء. ويمكن الجواب(١) بإيقاع العمارة ليلاً(٢) .

ولو انهدمت الكنيسة ، فللشافعي في جواز إعادتها وجهان :

أحدهما : المنع ؛ لأنّ الإعادة ابتداءً.

وأصحّهما عندهم(٣) : الجواز - وبه قال أبو حنيفة وأحمد - لأنّ الكنيسة مبقاة لهم ، فلهم التصرّف في مكانها(٤) .

وإذا جوّزنا إعادتها ، لم يكن لهم توسيع خطّتها ؛ لأنّ الزيادة كنيسة جديدة متّصلة بالاُولى ، وهو أصحّ وجهي الشافعي. والثاني : الجواز(٥) .

مسألة ٢٠٠ : دور أهل الذمّة على أقسام ثلاثة :

أحدها : دار محدثة ، وهو أن يشتري عرصةً ويستأنف فيها بناءً ، فليس له أن يعلو على بناء المسلمين إجماعاً ؛ لقولهعليه‌السلام : « الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه »(٦) .

ولأنّه يشتمل على اطّلاعهم على عورات المسلمين ، وعلى استكثارهم وازديادهم عليهم.

وللشافعيّة قول بجوازه(٧) .

____________________

(١) أي : الجواب عن الموجبين للإخفاء.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠.

(٣) أي : عند الشافعيّة.

(٤) راجع المصادر المذكورة في الهوامش (٢) من ص ٣٤٢ و ( ١ و ٢ ) من ص ٣٤٣.

(٥) الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٣٩ ، الوسيط ٧ : ٨١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٠.

(٦) الفقيه ٤ : ٢٤٣ / ٧٧٨. وفي صحيح البخاري ٢ : ١١٧ ، وسنن الدار قطني ٣ : ٢٥٢ / ٣٠ ، وسنن البيهقي ٦ : ٢٠٥ وغيرها بدون « عليه ».

(٧) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٠ - ٥٤١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١١.

٣٤٥

والمراد أن لا يعلو على بناء جيرانه دون غيرهم.

وللشافعيّة قول : إنّه لا يجوز أن يُطيل بناءه على بناء أحد من المسلمين في ذلك البلد(١) .

ولا فرق بين أن يكون [ بناء ] الجار(٢) معتدلاً أو في غاية الانخفاض.

ثمّ المنع لحقّ الدِّيْن لا لمحض حقّ الجار حتى [ يُمنع ](٣) وإن رضي الجار.

وهل يجوز أن يساوي بناء المسلمين؟ قال الشيخرحمه‌الله : ليس له ذلك ، بل يجب أن يقصر عنه(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : « الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه »(٥) ولا يتحقّق علوّ الإسلام بالمساواة. ولأنّا منعنا من مساواتهم للمسلمين في اللباس والركوب فكذا هنا. وهو أحد وجهي الشافعي.

والثاني : الجواز ؛ لعدم الاستطالة على المسلمين(٦) .

وليس بجيّد ؛ لأنّا منعناه المساواة في اللباس والركوب ، وأوجبنا التمييز(٧) ، فكذا هنا. ولأنّ عُلُوّ الإسلام لا يتحقّق معها.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٦ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١١.

(٢) في « ك» والطبعة الحجريّة : يكون في الجدار. وفي « ق » : في‌ء الجار. والأنسب بسياق العبارة ما أثبتناه.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : يمضي. والظاهر أنّ ذلك تصحيف ما أثبتناه.

(٤) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٤٦.

(٥) راجع المصادر في الهامش (٦) من ص ٣٤٤.

(٦) الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٧ : ٧٠٥ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١١.

(٧) في « ك» : التميز.

٣٤٦

ولو كان أهل الذمّة في موضع منفرد ، كطرف بلدة ، منقطع عن العمارات ، فلا منع من رفع البناء. وهو أحد وجهي الشافعيّة. والثاني : المنع ، كما يُمنعون من ركوب الخيل(١) .

الثاني : دار مبتاعة لها بناء رفيع ، فإنّها تُترك على حالها من العلوّ إن كانت أعلى من المسلمين ؛ لأنّه هكذا ملكها ، ولا يجب هدمها ؛ لأنّه لم يبْنها وإنّما بناها المسلمون ، فلم يعْلُ على المسلمين شيئاً.

وكذا لو كان للذمّيّ دار عالية فاشترى المسلم داراً إلى جانبها اقصر منها ، أو بنى المسلم داراً إلى جانبها أقصر منها ، فإنّه لا يجب على الذمّيّ هدم عُلُوّه.

أمّا لو انهدمت دار الذمّيّ ، العالية فأراد تجديدها ، لم يجز له العُلُوّ على المسلم إجماعاً ، ولا المساواة على الخلاف.

وكذا لو انهدم ما علا منها وارتفع ، فإنّه لا يكون له إعادته.

ولو تشعّث منه شي‌ء ولم ينهدم ، جاز له رمّه وإصلاحه ؛ لأنّه استدامة وإبقاء لا تجديد.

الثالث : دار مجدّدة ، وحكمها حكم المحدثة سواء ، وقد تقدّم(٢) .

مسألة ٢٠١ : قد بيّنّا أنّهم يُمنعون من ركوب الخيل ؛ لأنّه عزّ وقد ضُربت عليهم الذلّة.

وللشافعيّة وجه : أنّهم لا يُمنعون ، كما لا يُمنعون من الثياب النفيسة. والأظهر : المنع(٣) .

____________________

(١) الوسيط ٧ : ٨٢ ، الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ ، حلية العلماء ٧ : ٧٠٦ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١١.

(٢) تقدّم في القسم الأوّل.

(٣) حلية العلماء ٧ : ٧٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٢.

٣٤٧

واستثنى بعضهم عن المنع البراذينَ الخسيسة(١) .

وألحق بعضهم البغالَ النفيسة بالخيل ؛ لما في ركوبها من التجمّل(٢) .

ولا يُمنعون من البهائم وإن كانت رفيعةَ القيمة.

ولا يركبون بالسرج. وتكون رُكُبهم من الخشب دون الحديد.

ويُمنعون من تقليد السيوف وحمل السلاح ، ومن لُجُم الذهب والفضّة.

وقال بعض الشافعيّة : هذا كلّه في الذكور البالغين ، فأمّا النساء والصغار فلا يلزمون الصَّغار ، كما لا تُضرب عليهم الجزية(٣) .

مسألة ٢٠٢ : لا ينبغي تصدير أهل الذمّة في المجالس ، ولا بدأتهم بالسلام ، ولا يترك لهم صدر الطريق ، بل يُلجؤون إلى أضيق الطريق إذا كان المسلمون يطرقون ، فإن خلت الطرق عن الزحمة ، فلا بأس.

قالعليه‌السلام : « لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ، فإذا لقيتم أحدهم في طريقٍ(٤) فاضطرّوه إلى أضيقه »(٥) .

وليكن التضييق عليه بحيث لا يقع في وَهْدة ، ولا يصدم جداراً. ولا يُوقّرون.

ولا يجوز أن يبدأ مَنْ لقيه منهم بالسلام.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٢.

(٢) الوجيز ٢ : ٢٠٢ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤١ - ٥٤٢ ، الوسيط ٧ : ٨٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٣.

(٤) في الطبعة الحجرية وسنن الترمذي : « الطريق ».

(٥) صحيح مسلم ٤ : ١٧٠٧ / ٢١٦٧ ، سنن الترمذي ٤ : ١٥٤ / ١٦٠٢ ، و ٥ : ٦٠ / ٢٧٠٠.

٣٤٨

قالعليه‌السلام : « إنّا غادون غداً فلا تبدؤوهم بالسلام ، وإن سلّموا عليكم فقولوا : وعليكم »(١) .

قالت عائشة : دخل رهط من اليهود على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقالوا : السام عليك ، ففهمتها فقلت : وعليك السام واللعنة والسخط ، فقالعليه‌السلام : « مَهْلاً يا عائشة ، فإنّ الله تعالى يُحبّ الرفق في الاُمور كلّها » فقلت : يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ فقال : « قُولي : وعليكم »(٢) . فعلى هذا لا ينبغي أن يردّ بأزيد من قوله : وعليكم.

ولا تجوز مودّتهم.

قال الله تعالى :( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ) (٣) الآية.

ومَنَع بعض الشافعيّة من دخول نساء أهل الذمّة الحمّامَ مع نساء المسلمين ؛ لأنّه احتساب في الدين. وكذا مَنَع من لُبْس أهل الذمّة الديباج(٤) .

والأقرب : عدم المنع ، كما لا يُمنع من رفيع القطن والكتّان.

مسألة ٢٠٣ : يجب على أهل الذمّة الانقياد لحكمنا ، فإذا فعلوا ما يعتقدون تحريمه ، يجري عليهم حكم الله فيه ، ولا يُعتبر فيه رضاهم ، كالزنا والسرقة ؛ فإنّهما مُحرَّمان عندهم كما في شرعنا. وأمّا ما يستحلّونه‌

____________________

(١) مسند أحمد ٧ : ٥٤٦ / ٢٦٦٩٤ و ٢٦٦٩٥ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٨ : ٤٤٣ / ٥٨١٥ باختلاف يسير.

(٢) صحيح البخاري ٨ : ١٤ ، و ٧٠ - ٧١ ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٠٦ / ٢١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٠ / ٢٧٠١ باختلاف في بعض الألفاظ.

(٣) المجادلة : ٢٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٤ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٤.

٣٤٩

وهو محرَّم عندنا كالخمر ، فإن تظاهروا به ، حُدّوا عليه ، وإلّا فلا.

ولو نكح واحد من المجوس مَحْرماً له ، لم يُتعرّض له.

وتُنتقض الذمّة بقتال المسلمين سواء شرط عليهم الامتناع أو لا ؛ لأنّ عقد الذمّة الكفُّ عن القتال ، فالقتال يناقضه.

ولو منعوا الجزية والانقياد للأحكام ، انتقض العهد ؛ لأنّ عقد الذمّة بهما يتمّ ، ولذلك ( يشترط التعرّض للجزية )(١) والانقياد للأحكام في ابتداء العقد ، وهو محمول على منعها مع القدرة ، فأمّا العاجز المستمهل فلا ينتقض عهده.

ويحتمل أن يقال في القادر : تؤخذ منه الجزية قهراً ، ولا يجعل الامتناع ناقضاً ، كما لو امتنع عن دَيْنٍ.

وأمّا الامتناع من(٢) إجراء الأحكام : فإن امتنع هارباً ، احتمل أن لا يكون ناقضاً ، وان امتنع راكناً إلى عدوّ وقوّة ، دُعي إلى الاستسلام ، فإن نصب القتال ، انتقض عهده بالقتال.

وقال بعضهم : إنّ الامتناع من البذل نقْضُ العهد من الجماعة ومن الواحد ، والامتناع من الأداء مع الاستمرار نقضٌ من الجماعة دون الواحد ؛ لأنّه يسهل إجباره عليه(٣) .

وفي قطع الطريق أو القتل الموجب للقصاص للشافعيّة طريقان :

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في الطبعة الحجرية و « ق ، ك» : تشترط الجزية. وما أثبتناه يقتضيه سياق العبارة.

(٢) في هامش « ق ، ك» : « عن » بدل « من ».

(٣) الحاوي الكبير ١٤ : ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٥ - ٥١٦.

٣٥٠

أحدهما : أنّهما(١) كالقتال ؛ لأنّ شهر السلاح وقصد النفوس والأموال مجاهرة تُناقض الأمان.

وأظهرهما : أنّهما(٢) كالزنا بالمسلمة ؛ لأنّه ليس فيهما منابذة للمسلمين(٣) . ولا يلتحق(٤) بالمنابذة التوثّب على رفقة أو شخص معيّن. ويجري الطريقان فيما إذا قذف مسلماً(٥) .

وسواء قلنا : ينتقض العهد بها أو لا ينتقض ، يقام عليهم بموجب ما فعلوه من حدَّ أو تعزير.

فإن قُتل الذمّيّ لقَتْله مسلماً أو لزناه وهو محصن ، فهل يصير مالُه فيئاً تفريعاً على الحكم بالانتقاض؟ للشافعيّة وجهان(٦) .

وأمّا ذِكْرُ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بسوءٍ إذا جاهروا به فللشافعيّة فيه طريقان :

أحدهما : أنّه ينتقض العهد به بلا خلاف ، كالقتال ؛ لأنّ ما يجب شرطه عليهم إذا خالفوه انتقض العهد.

وأظهرهما عندهم : أنّه كالزنا بالمسلمة ، ويجي‌ء فيه الخلاف.

وطَعْنُهم في الإسلام وفي القرآن كذِكْرهم الرسولعليه‌السلام بالسوء(٧) .

وقال بعضهم : إن ذكر النبيعليه‌السلام بسوء يعتقده أو يتديّن به بأن قال : إنّه ليس برسول ، وإنّه قَتَل اليهود بغير حقّ ، أو نسبه إلى الكذب ، ففيه الخلاف ، وأمّا ذكره بما لا يعتقده ولا يتديّن به ، كما لو نسبه إلى الزنا ، أو‌

____________________

(١ و ٢) في الطبعة الحجريّة : أنّه‌

(٣) في « ق ، ك» : المسلمين.

(٤) في « ك» والطبعة الحجريّة : ولا يلحق.

(٥) الوجيز ٢ : ٢٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٦.

(٦) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٦.

(٧) الوجيز ٢ : ٢٠٣ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٦.

٣٥١

طعن في نسبه ، فإنّه ينتقض به العهد ، سواء شرط عليهم الكفّ عنه أو لا(١) .

وقال آخرون : إنّ الخلاف فيما إذا طعنوا بما لا يتديّنون به ، فأمّا ما هو من قضيّة دينهم ، فلا ينتقض العهد بإظهاره بلا خلاف ، ومن هذا القبيل قولهم في القرآن : إنّه ليس من عند الله(٢) .

وذِكْرُ الله تعالى بسوء كذِكْرِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بطريق الأولى لكنّهم(٣) جعلوا إظهار الشرك ، وقولهم : إنّه ثالث ثلاثة ، ومعتقدهم في المسيح بمثابة إظهار الخمر والخنزير ، وقالوا : لا ينتقض العهد بها(٤) ، مع أنّ جميع ذلك يتضمّن ذِكْرِ الله تعالى بالسوء ، ولا يستمرّ ذلك إلّا على أنّ السوء الذي يتديّنون به لا ينتقض العهد به.

مسألة ٢٠٤ : حيث حكمنا بانتقاض العهد فهل يبلغهم المأمن؟ للشافعي قولان :

أحدهما : نعم ؛ لأنّهم دخلوا دار الإسلام بأمانٍ ، فيبلغون المأمن ، كمن دخل بأمان صبيٍّ.

وأصحّهما عندهم : المنع ، بل يتخيّر الإمام فيمن انتقض عهده بين القتل والاسترقاق والمنّ والفداء ؛ لأنّه كافر لا أمان له ، كالحربيّ ، بخلاف مَنْ أمّنه صبيُّ ، فإنّه يعتقد لنفسه أماناً ، وهنا فَعَل باختياره ما يوجب الانتقاض.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة وهامش « ك» : لكن.

(٤) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٧.

٣٥٢

والقولان فيما إذا انتقض الأمان بغير القتال ، فأمّا إذا نصبوا القتال ، صاروا حَرْباً في دار الإسلام ، فلا بدّ من استئصالهم(١) .

البحث الخامس : في المهادنة‌

مسألة ٢٠٥ : المهادنة والموادعة والمعاهدة ألفاظ مترادفة‌ معناها : وضع القتال وترك الحرب مدّة بعوضٍ وغير عوضٍ.

وهي جائزة بالنص والإجماع.

قال الله تعالى :( بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) (٢) وقال تعالى :( فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ ) (٣) وقال تعالى :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ) (٤) .

وصالَح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سُهيل بن عمرو بالحديبيّة على وضع القتال عشر سنين(٥) .

والإجماع واقع عليه ؛ لاشتداد الحاجة إليه.

ويشترط في صحّة عقد الذمّة اُمور أربعة :

الأوّل : أن يتولّاه الإمام أو مَنْ يأذن له ؛ لأنّه من الاُمور العظام ؛ لما‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٥٨ ، حلية العلماء ٧ : ٧١٢ - ٧١٣ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٤٩ - ٥٥٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٥١٧.

(٢) التوبة : ١.

(٣) التوبة : ٤.

(٤) الأنفال : ٦١.

(٥) المغازي - للواقدي - ٢ : ٦١١ ، السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٣٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢٠٤ ، دلائل النبوّة - للبيهقي - ٤ : ١٤٥ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٨٦ / ٢٧٦٦.

٣٥٣

فيه من ترك الجهاد على الإطلاق أو في جهة من الجهات. ولأنّه لا بدّ فيه من رعاية مصلحة المسلمين والنظر لهم ، والإمام هو الذي يتولّى الاُمور العامّة.

هذا إذا كانت المهادنة مع الكفّار مطلقاً أو مع أهل إقليمٍ ، كالهند والروم.

ويجوز لوالي الإقليم المهادنة مع أهل قريةٍ أو بلدة تلي ذلك الإقليم للحاجة ، وكأنّه مأذون فيه بتفويض مصلحة الإقليم إليه.

فإن عقد المهادنة واحدٌ من المسلمين ، لم يصحّ ، فإن دخل قومٌ ممّن هادنهم دار الإسلام بناءً على ذلك العقد ، لم يُقرّوا ولكن يلحقون مأمنهم ؛ لأنّهم دخلوا على اعتقاد أمانٍ.

الثاني : أن يكون للمسلمين إليه حاجة ومصلحة إمّا لضعفهم عن المقاومة فينتظر الإمام قوّتهم ، وإمّا لرجاء إسلام المشركين ، وإمّا لبذل الجزية منهم والتزام أحكام الإسلام.

ولو لم تكن هناك مصلحة للمسلمين بأن يكون في المسلمين قوّة وفي المشركين ضعف ويخشى قوّتهم واجتماعهم إن لم يبادرهم بالقتال ، لم تجز له مهادنتهم ، بل يقاتلهم إلى أن يسلموا أو يبذلوا الجزية إن كانوا أهل كتاب.

قال الله تعالى :( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ) (١) .

وإذا طلب الكفّار الهدنةَ ، فإن كان فيها مضرّة على المسلمين ، لم تجز إجابتهم ، وإن لم تكن ، لم تجب الإجابة أيضاً. ويجتهد الإمام ويحافظ على‌

____________________

(١) سورة محمد : ٣٥.

٣٥٤

الأصلح من الإجابة والترك فيفعله ، بخلاف الجزية ؛ فإنّ الإجابة فيها واجبة.

الثالث : أن يخلو العقد عن شرطٍ فاسدٍ ، وهو حقّ كلّ عقد ، فإن عقدها الإمام على شرطٍ فاسدٍ ، مثل : أن يشترط ردّ النساء أو مهورهنّ ، أو ردّ السلاح المأخوذ منهم ، أو دفع المال إليهم مع عدم الضرورة الداعية إلى ذلك ، أو أنّ لهم نقض الهدنة متى شاؤا ، أو يشترط ردّ الصبيان أو الرجال ، أو أن لا ينزع اُسراء المسلمين من أيديهم ، أو يردّ إليهم المسلم الذي أسروه وأفْلَت(١) منهم ، أو شرط تَرْك مال مسلمٍ في أيديهم ، فهذه الشروط كلّها فاسدة يفسد بها عقد الهدنة ، كما يفسد عقد الذمّة باقتران الشروط الفاسدة به ، مثل : أن يشترط عدم التزام أحكام المسلمين في أهل الذمّة ، أو إظهار الخمور والخنازير ، أو يأخذ الجزية بأقلّ ما يجب عليهم ، أو على أن يقيموا بالحجاز ، أو يدخلوا الحرم. ويجب على مَنْ عقد معهم الصلح إبطالُه ونقضُه.

الرابع : المدّة. ويجب ذكر المدّة التي يهادنهم عليها. ولا يجوز له مهادنتهم مطلقاً ؛ لأنه يقتضي التأبيد ، والتأبيد باطل ، إلّا أن يشترط الإمام الخيار لنفسه في النقض متى شاء. وكذا لا يجوز إلى مدّة مجهولة ، وهذا أحد قولي الشافعيّة(٢) .

والثاني : أنّه إذا هادن مطلقاً ، نزّل الإطلاق عند ضعف المسلمين على عشر سنين(٣) .

وأمّا عند القوّة فقولان.

أحدهما : أنّه يحمل على أربعة أشهر ؛ تنزيلاً على الأقلّ.

____________________

(١) الإفلاتُ : التخلّص من الشي‌ء فجْأةً. لسان العرب ٢ : ٦٦ « فلت ».

(٢ و ٣) الوجيز ٢ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

٣٥٥

والثاني على سنة ؛ تنزيلاً على الأكثر(١) .

واعترضه بعضهم بأنّه لا تجوز الهدنة مع القوّة إلى سنة بل أقلّ من سنة(٢) .

مسألة ٢٠٦ : إذا كان بالمسلمين قوّة ورأى الإمام المصلحة في المهادنة ، هادن أربعة أشهر فما دون إجماعاً.

قال الله تعالى :( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) (٣) .

ولا يجوز أن يهادن سنةً ؛ لأنّها مدّة الجزية ، ولا يُقرّر الكافر سنةً بغير جزية.

وفيما بين الأربعة الأشهر والسنة للشافعي قولان :

الجواز ؛ لأنّها مدة تقصر عن مدّة الجزية كالأربعة.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ الله تعالى أمر بقتل المشركين(٤) مطلقاً ، وأذن في الهدنة أربعة أشهر(٥) (٦) .

وأمّا إذا كان في المسلمين ضعف ، فإنّه تجوز الزيادة على السنة بحسب الحاجة إلى عشر سنين ؛ فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هادن قريشاً بالحديبيّة عشر سنين(٧) ، وكانعليه‌السلام قد خرج ليعتمر لا ليقاتل ، وكان بمكّة‌

____________________

(١) الوجيز ٢ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ / ٥٥٨ روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٨ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

(٣) التوبة : ٢.

(٤) التوبة : ٥.

(٥) التوبة : ٢.

(٦) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦٠ ، حلية العلماء ٧ : ٧١٩ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٥١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٧ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

(٧) السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٣٢ ، الكامل في التاريخ ٢ : ٢٠٤ ، تاريخ الطبري ٢ : ٦٣٤ ، المغني ١٠ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٧ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٧.

٣٥٦

مستضعفون ، فأراد أن يكثروا ويظهر المسلمون ، فهادنهم حتى كثروا وأظهر مَنْ بمكّة إسلامه.

قال الشعبي : لم يكن في الإسلام فتحٌ قبل صلح الحديبيّة(١) .

ولا تجوز الزيادة على عشر سنين عند الشيخ(٢) وابن الجنيد - وبه قال الشافعي(٣) - فإن اقتضت الحاجة الزيادة ، استأنف عقداً.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا تتقدّر الزيادة بعشر ، بل تجوز بحسب ما يراه الإمام ؛ لأنّه عقد يجوز في العشر فجاز في الزيادة عليها ، كعقد الإجارة(٤) ولا بأس به.

وعلى الأوّل لو صالح على أكثر من عشر سنين ، بطل الزائد خاصّة ، وصحّ في العشر ، وهو أحد قولي الشافعي. والثاني : يبطل العقد بناءً على تفريق الصفقة(٥) .

مسألة ٢٠٧ : إذا كان في المسلمين قوّة ، لم يجز للإمام أن يهادنهم أكثر من سنة إجماعاً ؛ لقوله تعالى :( فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) (٦) ويجوز إلى أربعة أشهر فما دون‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٧.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٥١.

(٣) مختصر المزني : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ١٤ : ٣٥١ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦١ ، الوجيز ٢ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٧ ، الوسيط ٧ : ٩٠ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٤ : ١٩٠ ، حلية العلماء ٧ : ٧٢٠ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٩ ، المغني ١٠ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٧ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٤ : ١٦٦.

(٥) الوجيز ٢ : ٢٠٤ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٩ ، الوسيط ٧ : ٩١ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦١ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١.

(٦) التوبة : ٥.

٣٥٧

إجماعاً.

وتردّد الشيخ في أكثر من أربعة أشهر وأقلّ من سنة ، ثمّ قال : والظاهر أنّه لا يجوز(١) .

وللشافعي قولان(٢) .

وإذا شرط مدّة معلومة ، لم يجز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما ؛ لأنّه يُفضي إلى ضدّ المقصود.

وهل يجوز أن يشترط الإمام لنفسه دونهم؟ قال الشيخ(٣) وابن الجنيد : يجوز - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمـّا فتح خيبر عنوةً بقي حصن منها ، فصالحوه على أن يُقرّهم ما أقرّهم الله تعالى ، ففعل(٥) .

ولأنّه عقد شُرّع لمصلحة المسلمين فيتبع مظانّ المصلحة.

وقال بعض العامّة : لا يجوز ؛ لأنّه عقد لازم ، فلا يجوز اشتراط نقضه ، كالبيع(٦) .

ونمنع الملازمة والحكم في الأصل ؛ فإن العقود اللازمة عندنا يدخلها الخيار ، وهذا نوع خيار.

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٥١.

(٢) راجع المصادر في الهامش (٦) من ص ٣٥٥.

(٣) المبسوط - للطوسي - ٢ : ٥١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦١ ، العزيز شرح الوجيز ١١ : ٥٥٩ ، روضة الطالبين ٧ : ٥٢١ ، المغني ١٠ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٨.

(٥) المغازي - للواقدي - ٢ : ٦٦٩ - ٦٧٠ ، السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ٣٥٢ ، دلائل النبوّة - للبيهقي - ٤ : ٢٢٦ ، المهذّب - للشيرازي - ٢ : ٢٦١ ، المغني ١٠ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٨ ، وانظر : صحيح البخاري ٣ : ٢٥٢ ، وسنن البيهقي ٩ : ٢٢٤ ، ومصابيح السنّة - للبغوي - ٣ : ١١٦ / ٣٠٩١.

(٦) المغني ١٠ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٦٨.

٣٥٨

إذا ثبت هذا ، فلو شرط الإمام لهم أن يُقرّهم ما أقرّهم الله ، لم يجز ؛ لانقطاع الوحي بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويجوز أن يشترط أن يُقرّهم ما شاء.

مسألة ٢٠٨ : الهدنة ليست واجبةً على كلّ تقدير ، لكنّها جائزة ؛ لقوله تعالى :( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها ) (١) بل المسلم يتخيّر في فعل ذلك برخصة قوله( وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) وبما تقدّم(٣) ، وإن شاء ، قاتل حتى يلقى الله تعالى شهيداً [ عملاً ](٤) بقوله تعالى :( وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ ) (٥) وكذلك فَعَل مولانا الحسينعليه‌السلام ، والنفر الذين وجّههم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى هُذَيْل وكانوا عشرةً فقاتلوا مائةً حتى قُتلوا ولم يفْلت منهم أحدٌ إلّا خُبَيْب ، فإنّه أسر وقُتل بمكة(٦) .

وتجوز مهادنتهم على غير مالٍ إجماعاً ، وكذا على مالٍ يأخذه منهم إجماعاً.

أمّا لو [ صالحهم ](٧) على مالٍ يدفعه إليهم ، فإن كان لضرورةٍ ، مثل : أن يكون في أيدي المشركين أسير مسلم يُستهان به ويُستخدم ويُضرب ،

____________________

(١) الأنفال : ٦١.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) تقدّم في صدر المسألة ٢٠٥.

(٤) إضافة يقتضيها السياق.

(٥) البقرة : ١٩٠.

(٦) السيرة النبويّة - لابن هشام - ٣ : ١٧٨ - ١٨٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ٥٣٨ - ٥٣٩ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٦٧ - ١٦٨.

(٧) بدل ما بين المعقوفين في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : صالحه. وما أثبتناه يقتضيه السياق.

٣٥٩

جاز للإمام بذل المال واستنقاذه ؛ للمصلحة ، وكذا لو كان المسلمون في حصنٍ وقد أحاط بهم المشركون وأشرفوا على الظفر ، أو كانوا خارجين من المصر وقد أحاط بهم العدوّ أو كان مستظهراً ، جاز بذل المال.

وإن لم تكن هناك ضرورة ، لم يجز بذل المال ، بل وجب القتال.

وهل يجب مع الضرورة بذل المال؟ إشكال ، وإذا بذل المال ، لم يملكه الآخذ ؛ لأنّه أخذه بغير حقّ.

ويجوز أن يهادنهم عند الحاجة على وضع شي‌ء من حقوق المسلمين في أموال المهادنين ، وكذا لو رأى الإمام مع قوّته على العدوّ أن يضع بعض ما يجوز تملّكه من أموال المشركين بالقدرة عليهم حفظاً لأصحابه وتحرّزاً من دوائر الحروب ، جاز.

مسألة ٢٠٩ : إذا عقد الهدنة ، وجب عليه حمايتهم من المسلمين وأهل الذمّة ؛ لأنّه أمّنهم ممّن هو في قبضته وتحت يده ، كما أمَّن مَنْ في يده منهم ، فإنّ هذا فائدة العقد.

ولو أتلف مسلمٌ أو ذمّيٌّ عليهم شيئاً ، وجبت قيمته.

ولا تجب حمايتهم من أهل الحرب ولا حماية بعضهم من بعضٍ ؛ لأنّ الهدنة هي التزام الكفّ عنهم فقط لا مساعدتهم على عدوّهم.

ولو أغار عليهم قومٌ من أهل الحرب فسبوهم ، لم يجب عليه استنقاذهم.

قال الشافعي : ليس للمسلمين شراؤهم ؛ لأنّهم في عهدهم(١) .

وقال أبو حنيفة : يجوز ؛ لأنّه لا يجب أن يدفع عنهم ولا يحرم‌

____________________

(١) المغني ١٠ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ١٠ : ٥٧٣.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449