الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٨

الإصابة في تمييز الصحابة10%

الإصابة في تمييز الصحابة مؤلف:
المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الناشر: دار الكتب العلميّة
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 580

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨
  • البداية
  • السابق
  • 580 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35709 / تحميل: 2554
الحجم الحجم الحجم
الإصابة في تمييز الصحابة

الإصابة في تمييز الصحابة الجزء ٨

مؤلف:
الناشر: دار الكتب العلميّة
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الفصل الثاني: سنّة البشارة على مدى العصور

لقد صرّح القرآن الكريم بأن العهد التاريخي للبشرية قد بدأ بظاهرة وجود النبوّات وبعث الأنبياء وإرسال الرسل. الذين مضوا يقودون مجتمعاتهم نحو حياة أفضل ووجود إنساني أكمل; مما يمكن أن نستنتج منه أنّ إشراق النبوّة وظهور الأنبياء في المجتمعات البشريّة يعتبر بداية العصر التاريخي للبشرية .

قال تعالى: ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) .

لقد قضت حكمة الله ورحمته بإرسال الأنبياء حاملين إلى الإنسانية منهاج هدايتها الذي يخرجها من عهد الغريزة إلى عهد العقل، ومن منطق الصراع الذي مرجعه الغريزة والقوّة إلى منطق النظام ومرجعه القانون. وخرج المجتمع البشري بالنبوّات عن كونه تكويناً حيوانياً ـ بيولوجيّاً إلى كونه ظاهرة عقلية روحية وحققت النبوّات للإنسان مشروع وحدة أرقى من وحدته الدموية البيولوجية وهي الوحدة القائمة على أساس المعتقد، وبذلك تطوّرت العلاقات الإنسانية

ــــــــــــ

(١) البقرة (٢) : ٢١٣ .

٢١

مرتفعة من علاقات المادة إلى علاقات المعاني والاختلافات التي نشأت في النوع الإنساني بعد إشراق عهد النبوّات غدت اختلافات في المعنى، واختلافات في الدين والمعتقد; فإن أسباب الصراع لم تُلغ بالدين الذي جاءت به النبوّات بل استمرّت وتنوّعت، ولكن المرجع لم يعد الغريزة بل غدا القانون مرجعاً في هذا المضمار والقانون الذي يتضمنه الدين يكون قاعدة ثابتة لوحدة الإنسانية وتعاونها وتكاملها(١) .

وأوضح الإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام في الخطبة الأُولى من نهج البلاغة ـ بعد أن استعرض تاريخ خلق العالم وتاريخ خلق آدم عليه‌السلام وإسكانه في الأرض ـ أن إشراق النبوّة وتسلسلها على مدى العصور هو المحور في تاريخ الإنسان وحركته نحو الكمال كما صرّح به القرآن الكريم موضحاً منهجه في التعامل مع التاريخ.

قالعليه‌السلام : (... واصطفى سُبحانه من ولد (آدم) أنبياء، أخذ على الوحي ميثاقهم(٢) ، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم لمّا بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم(٣) ، فجهلوا حقّه، واتّخذوا الأنداد معه(٤) ، واجتالتهم الشياطين عن معرفته(٥) ، واقتطعتهم عن عبادته ..

فبعث فيهم رُسُله ، وواتر إليهم أنبياءه; ليستأدُوهم ميثاق فطرته(٦) ، ويذكّروهم مَنسيَّ نعمته، ويحْتجّوا عليهم بالتّبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول (٧) ، ويُروهم آيات

ــــــــــــ

(١) حركة التاريخ عند الإمام عليعليه‌السلام : ٧١ ـ ٧٣ .

(٢) أخذ عليهم الميثاق أن يبلّغوا ما أوحي إليهم ، أو أخذ عليهم أن لا يشرّعوا للناس إلاّ ما يوحى إليهم.

(٣) عهد الله إلى الناس : هو ما يعبر عنه بميثاق الفطرة.

(٤) الأنداد: المعبودين من دونه سبحانه وتعالى .

(٥) اجتالتهم : صرفتهم عن قصدهم الذي وُجّهوا إليه بالهداية المغروزة في فطرهم .

(٦) كأن الله تعالى بما أودع في الإنسان من الغرائز والقوى، وبما أقام له من الشواهد وأدلة الهدى، قد أخذ عليه ميثاقاً بأن يصرف ما أوتي من ذلك فيما خلق له، وقد كان يعمل على ذلك الميثاق ولا ينقضه لولا ما اعترضه من وساوس الشهوات، فبعث النبيين ليطلبوا من الناس أداء ذلك الميثاق .

(٧) دفائن العقول : أنوار العرفان التي تكشف للإنسان أسرار الكائنات ، وترتفع به إلى الإيقان بصانع الموجودات، وقد يحجب هذه الأنوار غيوم من الأوهام وحجب من الخيال، فيأتي النبيون لإثارة تلك المعارف الكامنة، وإبراز تلك الأسرار الباطنة.

٢٢

المقدرة: من سقف فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع ، ومعايش تُحْييهم، وآجال تُفنيهم، وأوصاب تُهرمهم(١) ، وأحداث تتابع عليهم.

ولم يُخْل الله سبحانه خلقه من نبيٍّ مرسل ، أو كتاب مُنْزل ، أو حجّة لازمة، أو محجّة قائمة(٢) .

رُسلٌ لا تقصِّرُ بهم قلّة عددهم، ولا كثرة المكذّبين لهم : من سابق سُمّي له من بعده، أو غابر عرّفه من قبله(٣) .

على ذلك نسلت القرون(٤) ، ومضت الدهور ، وسلفت الآباء، وخلفت الأبناء .

إلى أن بعث الله سبحانه مُحمّداً رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لإنجاز عدته (٥) ، وإتمام نبوّته.

مأخوذاً على النبيّين ميثاقه، مشهورة سماته(٦) ، كريماً ميلاده، وأهل الأرض يومئذ مللٌ متفرّقة وأهواءٌ منتشرة، وطوائف متشتِّتة، بين مشبِّه لله بخلقه، أو مُلحد في اسمه، أو مشير إلى غيره(٧) .

فهداهم به من الضّلالة ، وأنقذهم بمكانه من الجهالة.

ــــــــــــ

(١) السقف المرفوع : السماء. والمهاد الموضوع : الأرض والأوصاب : المتاعب .

(٢) المحجة : الطريق القويمة الواضحة .

(٣) من سابق بيان للرسل ، وكثير من الأنبياء السابقين سميت لهم الأنبياء الذين يأتون بعدهم فبشروا بهم، كما ترى ذلك في التوراة والغابر : الذي يأتي بعد أن يشير به السابق جاء معروفاً بتعريف من قبله .

(٤) مضت متتابعة .

(٥) الضمير في عدته لله تعالى : لأن الله وعد بإرسال محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على لسان أنبيائه السابقين. وكذلك الضمير في نبوته : لأنّ الله تعالى أنبأ به، وأنّه سيبعث وحياً لأنبيائه. فهذا الخبر الغيبي قبل حصوله يسمى نبوة. ولما كان الله هو المخبر به أضيفت النبوة إليه .

(٦) سماته : علاماته التي ذكرت في كتب الأنبياء السابقين الذين بشّروا به .

(٧) الملحد في إسم الله : الذي يميل به عن حقيقة مسمّاه فيعتقد في الله صفات يجب تنزيهه عنها. والمشير إلى غيره، الذي يشرك معه في التصرّف إلهاً آخر فيعبده ويستعين به.

٢٣

ثم اختار سبحانه لمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقاءَهُ، ورضي له ما عنده ، وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه إليه كريماً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخلَّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في أممها إذْ لم يتْرُكوهم هملاً بغير طريق واضح، ولا علم قائم) (١) .

إنّ بشائر الأنبياء السابقين بنبوّة الأنبياء اللاحقين تنفع الأجيال المعاصرة لهم وكذا الأجيال اللاحقة; إذ تفتح عيونهم وتجعلهم على أهبة الاستقبال للنبيّ المبشَّر بنبّوته، كما أنّها تزيل عنهم الريب وتعطيهم مزيداً من الثقة والاطمئنان.

على أن اليأس من الإصلاح إذا ملأ القلب يجعل الإنسان يفكر بطرق أبواب الشّر والخيانة، فالبشائر بمجي الأنبياء المصلحين تزيل اليأس من النفوس التي تنتظر الإصلاح وتوجّهها إلى حبّ الحياة وقرع أبواب الخير.

وتزيد البشائر إيمان المؤمنين بنبوّة نبيّهم، وتجعل الكافرين في شكٍّ من كفرهم، فيضعف صمودهم أمام دعوة النبي إلى الحقّ ممّا يمهّد لقبولهم الدعوة.

وإذا أدّت البشارة إلى حصول الثقة فقد لا تُطلب المعجزة من النبيّ، كما تكون النبوّة المحفوفة بالبشارة أنفذ إلى القلوب وأقرب إلى الإذعان بها. على أنّها تبعّد الناس عن وطأة المفاجأة أمام واقع غير منتظر، وتخرج دعوة النبيّ عن الغرابة في نفوس الناس(٢) .

على أن الأنبياء جميعاً يشكّلون خطاً واحداً، فالسابق يبشّر باللاحق، واللاحق يؤمن بالسابق. وقد تكفّلت الآية (٨١) من سورة آل عمران بالتصريح بسنّة البشائر هذه. فضلاً عن الشواهد والتطبيقات التي سوف نلاحظها في البحث الآتي.

ــــــــــــ

(١) أي أنّ الأنبياء لم يهملوا أممهم مما يرشدهم بعد موت أنبيائهم، وقد كان من محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل ما كان منهم، فإنّه خلّف في أمته كتاب الله تعالى حاوياً لجميع ما يحتاجون إليه في دينهم، كما خلّف أهل بيته المعصومين وجعلهم قرناء للكتاب المجيد كما صرّح بذلك في حديث الثقلين الذي تواتر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورواه جمع غفير من المحدثين.

(٢) محمد في القرآن : ٣٦ ـ ٣٧.

٢٤

بشارات الأنبياء برسالة محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١ ـ لقد نصّ القرآن الكريم على بشارة إبراهيم الخليلعليه‌السلام برسالة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأسلوب الدعاء قائلاً ـ بعد الكلام عن بيت الله الحرام في مكة المكرّمة ورفع القواعد من البيت والدعاء بقبول عمله وعمل إسماعيلعليه‌السلام وطلب تحقيق اُمة مسلمة من ذريتهما ـ :( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (١) .

٢ ـ وصرّح القرآن الكريم بأنّ البشارة بنبوّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمي كانت موجودة في العهدين القديم (التوراة) والجديد (الإنجيل). والعهدان كانا في عصر نزول القرآن الكريم وظهور محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو لم تكن البشارة موجودة فيهما لجاهر بتكذيبها أصحاب العهدين.

قال تعالى:( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ... ) (٢) .

٣ ـ وصرّحت الآية السادسة من سورة الصف بأن عيسىعليه‌السلام صدَّقَ التوراة بصراحة وبشّر برسالة نبيّ من بعده اسمه أحمد. وقد خاطب عيسى عليه‌السلام بني إسرائيل جميعاً لا الحواريين فحسب.

أهل الكتاب ينتظرون خاتم النبييّن صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

لم يكتف الأنبياء السابقون بذكر الأوصاف العامة للنبيّ المبشَّر به، بل

ــــــــــــ

(١) البقرة (٢) : ١٢٩.

(٢) الأعراف (٧) : ١٥٧.

٢٥

ذكروا أيضاً العلائم التي يستطيع المبَشَّرون من خلالها معرفته بشكل دقيق، مثل : محل ولادته، ومحل هجرته وخصائص زمن بعثته، وعلائم جسمية خاصة وخصائص يتفردّ بها في سلوكه وشريعته.. ولهذا قال القرآن عن بني إسرائيل بأنهم كانوا يعرفون رسول الإسلام المبشَّر به في العهدين كما يعرفون أبناءَهم(١) .

بل رتبوا على ذلك آثاراً عملية فاكتشفوا محل هجرته ودولته فاستقروا فيها(٢) وأخذوا يستفتحون برسالته على الذين كفروا ويستنصرون برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأوس والخزرج(٣) وتسرّبت هذه الأخبار إلى غيرهم عن طريق رهبانهم وعلمائهم فانتشرت في المدينة وتسرّبت إلى مكة(٤) .

وذهب وفد من قريش بعد إعلان الرسالة إلى اليهود في المدينة للتَثبّت من صحة دعوى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النبوّة وحصلوا على معلومات اختبروا بها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) واتضح لهم من خلالها صدق دعواه.

وقد آمن جمع من أهل الكتاب وغيرهم بالنبيّ محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أساس هذه العلائم التي عرفوها من دون أن يطلبوا منه معجزة خاصة(٦) ، وهذه البشائر تحتفظ بها لحد الآن بعض نسخ التوراة والإنجيل(٧) .

وهكذا تسلسلت البشائر بنبوة خاتم النبيين محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل ولادته،

ــــــــــــ

(١) الانعام (٦) : ٢٠.

(٢) سيرة رسول الله : ١ / ٣٨ ـ ٣٩.

(٣) البقرة (٢): ٨٩ .

(٤) أشعة البيت النبوي : ١ / ٧٠ ، عن الأغاني: ١٦ / ٧٥ ، تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٢ ، حياة نبي الإسلام : ٢٣ ، عن سيرة ابن هشام: ١ / ١٨١ ، وأعلام الورى : ٢٦.

(٥) راجع ما جاء في شأن نزول سورة الكهف.

(٦) المائدة (٥): ٨٣ .

(٧) سيرة رسول الله وأهل بيته : ١ / ٣٩ ، إنجيل يوحنّا وأشعة البيت النبوي : ١ / ٧٠ ، عن التوراة وراجع: بشارات عهدين، والبشارات والمقارنات.

٢٦

وخلال فترة حياته قبل بعثته، وقد عرف واشتهر منها إخبار بحيرا الراهب وغيره إبّان البعثة المباركة(١) .

وقد شهد علي أمير المؤمنينعليه‌السلام بهذه الحقيقة التأريخية حين قال في إحدى خطبه:(... إلى أن بعث الله سبحانه محمداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لإنجاز عِدَتِه وإتمام نبوّتِه، مأخوذاً على النبيين ميثاقه مشهورةً سِماتُه..) (٢) .

وقد جاء في طبقات ابن سعد عن سهل مولى عتيبة انه كان نصرانياً من أهل حريس، وانه كان يتيماً في حجر أمه وعمّه وأنه كان يقرأ الإنجيل، قال: (...فأخذت مصحفاً لعمي فقرأته حتّى مرّت بي ورقة فأنكرت كتابتها حين مرّت بي ومسستها بيدي، قال: فنظرت; فإذا فصول الورقة ملصق بغراء ، قال: ففتقتها فوجدت فيها نعت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه لا قصير ولا طويل، أبيض ذو ضفيرتين، بين كتفيه خاتم يكثر الاحتباء ولا يقبل الصدقة ويركب الحمار والبعير ويحتلب الشاة ويلبس قميصاً مرقوعاً، ومن فعل ذلك فقد برئ من الكبر وهو يفعل ذلك، وهو من ذرّية إسماعيل، اسمه أحمد. قال سهل: فلما انتهيت إلى هذا من ذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاء عمّي فلّما رأى الورقة ضربني وقال: مالك وفتح هذه الورقة وقراءتها؟! فقلت: فيها نعت النبيّ أحمد، فقال: إنّه لم يأتِ بَعدُ (٣) .

ــــــــــــ

(١) راجع كتب السيرة النبويّة والتفسير حيث تضمّنت جملة من هذه البشائر.

(٢) لاحظ الخطبة الأولى من نهج البلاغة.

(٣) الطبقات الكبرى: ١ / ٣٦٣.

٢٧

الفصل الثالث: مظاهر من شخصية خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

١ ـ الأمي العالم :

لقد تميّز خاتم النبيين بأنه لم يتعلّم القراءة والكتابة عند معلّم بشري(١) ولم ينشأ في بيئة علم وإنما نشأ في مجتمع جاهلي، ولم يكذب أحد هذه الحقيقة التي نادى بها القرآن(٢) .

ترعرع ونما في قوم هم من أشد الأقوام جهلاً وأبعدهم عن العلوم والمعارف، ولقد سمّى هو ذلك العصر بالعصر الجاهلي ولا يمكن أن تصدر هذه التسمية إلاّ من عالم خبير بالعلم والجهل والعقل والحمق.

أضف إلى ذلك أنه قد جاء بكتاب يدعو إلى العلم والثقافة والفكر والتعقّل واحتوى على صنوف المعارف والعلوم، وبدأ بتعليم الناس الكتاب والحكمة(٣) وفق منهج بديع حتى أنشأ حضارة فريدة اخترقت الغرب والشرق بعلومها ومعارفها ولا زالت تتلألأ بهاءً ونوراً.

فهو أمي ولكنه يكافح الجهل والجاهلية وعبّاد الأصنام، وبعث بدين قيّم

ــــــــــــ

(١) النحل (١٦) : ١٠٣.

(٢) العنكبوت (٢٩): ٤٨.

(٣) الجمعة (٦٢) : ٢.

٢٨

إلى البشرية وبشريعة عالمية تتحدّى البشرية على مدى التأريخ. فهو معجزة بنفسه في علمه ومعارفه وجوامع كلمه ورجاحة عقله وثقافته ومناهج تربيته.

ومن هنا قال تعالى:( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (١) وقال له:( وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ) (٢) .

أجل ، لقد أوحى الله إليه ما أوحى وعلّمه الكتاب والحكمة وجعله نوراً وسراجاً منيراً وبرهاناً وشاهداً ورسولاً مبيناً وناصحاً أميناً ومذكّراً ومبشّراً ونذيراً(٣) .

ولقد شرح الله له صدره وأعدّه لقبول الوحي والقيام بمهمة الإرشاد في مجتمع تسيطر عليه العصبية والأنانية الجاهلية فكان أسمى قائد عرفته البشرية في مجال الدعوة والتربية والتعليم.

إنها نقلة كبيرة أن يصبح المجتمع الجاهلي في بضع سنين حارساً أميناً ومدافعاً قوياً لكتاب الهداية ومشعل العلم ويقف أمام محاولات التشويه والتحريف، إنها معجزة هذا الكتاب الخالد وذلك الرسول الأمي الرائد والذي كان أبعد الناس ـ في ذلك المجتمع الجاهلي ـ عن الخرافات والأساطير. إنه نور البصيرة الربّانية التي أحاطت به بكل جوانب وجوده.

٢ ـ أوّل المسلمين العابدين :

إن الخضوع المطلق لله خالق الكون ومبدع الوجود، والتسليم التام لعظيم

ــــــــــــ

(١) الأعراف (٧) : ١٥٨.

(٢) النساء (٤) : ١١٣.

(٣) المائدة (٥) : ١٥ ، الأحزاب (٣٣) : ٤٦ ، النساء (٤): ١٧٤ ، الفتح (٤٨): ٨ ، الزخرف (٤٣): ٢٩ ، الأعراف (٧) : ٦٨ ، الغاشية (٨٨) : ٢١ ، الإسراء (١٧) : ١٠٥ ، المائدة (٥) : ١٩ .

٢٩

قدرته ونفاذ حكمته، والعبودية الاختيارية الكاملة تجاه الإله الأحد الفرد الصمد هي القمة الاولى التي لابد لكل إنسان أن يجتازها كي يتهيّأ للاجتباء والاصطفاء الإلهي. وقد شهد القرآن الكريم بذلك لهذا النبيّ العظيم حين قال عنه :( قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) (١) .

إنّه وسام الكمال الذي حازه هذا العبد المسلم وفاق في عبوديته من سواه على الإطلاق وتجلّت هذه العبودية المثلى في قوله وسلوكه حتى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(قرّة عيني في الصلاة) (٢) فهو ينتظر وقت الصلاة ويشتد شوقه للوقوف بين يدي الله ويقول لمؤذّنه بلال:أرحنا يا بلال (٣) وقد كان يحدّث أهله ويحدّثونه فإذا دخل وقت الصلاة فكأنه لم يعرفهم ولم يعرفوه(٤) . وكان إذا صلّى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل(٥) ويبكي حتى يبل مصلاّه خشية من الله عزّ وجلّ(٦) ، وكان يصلّي حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فيقول:أفلا أكون عبداً شكوراً (٧) ؟

وكان يصوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام من كل شهر(٨) ، وكان اذا دخل شهر رمضان يتغيّر لونه وتكثر صلاته ويبتهل في الدعاء (٩) واذا دخل العشر

ــــــــــــ

(١) الأنعام (٦): ١٦١ ـ ١٦٣.

(٢) أمالي الطوسي: ٢ / ١٤١.

(٣) بحار الأنوار: ٨٣ / ١٦.

(٤) أخلاق النبي وآدابه: ٢٥١.

(٥) المصدر السابق : ٢٠١.

(٦) سنن النبي: ٣٢.

(٧) أخلاق النبي : ١٩٩ ، وصحيح البخاري : ١ / ٣٨١ / الحديث ١٠٧٨.

(٨) وسائل الشيعة: ٤ / ٣٠٩.

(٩) سنن النبي: ٣٠٠.

٣٠

الأواخر منه شدّ المئزر واجتنب النساء وأحيى الليل وتفرّغ للعبادة(١) . وكان يقول عن الدعاء :(الدعاء مخّ العبادة) (٢) و(سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض) (٣) وقد كان دائم الاتصال بالله، دائم الانشداد إليه بالضراعة والدعاء في كل عمل كبير أو صغير، حتى كان يستغفر الله كل يوم سبعين مرّة ويتوب إليه سبعين مرة من غير ذنب(٤) ، ولم يستيقظ من نوم قطّ إلاّ خرّ لله ساجداً(٥) وكان يحمد الله في كل يوم ثلاثمائة وستين مرّة ويقول:(الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كل حال) (٦) ولقد كان دؤوباً على قراءة القرآن وشغوفاً به.

ونزل عليه جبرئيل مخففاً لمّا أجهد نفسه بالعبادة بقوله تعالى:( طه* ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ) (٧)

٣ ـ الثقة المطلقة بالله تعالى:

قال الله تعالى لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أليس الله بكاف عبده ) (٨) .

وقال له أيضاً :( وتوكّل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ) (٩) .

وقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما قال الله تعالى على ثقة مطلقة به سبحانه.

ــــــــــــ

(١) الكافي: ٤ / ١٥٥.

(٢) المحجة البيضاء: ٢ / ٢٨٢.

(٣) المصدر السابق : ٢ / ٢٨٤.

(٤) بحار الأنوار: ١٦ / ٢١٧.

(٥) المصدر السابق : ١٦ / ٢٥٣.

(٦) الكافي : ٢ / ٥٠٣ .

(٧) طه (٢٠) : ١ ـ ٢ .

(٨) الزمر (٣٩): ٣٦.

(٩) الشعراء (٢٦): ٢١٧ ـ ٢١٩.

٣١

جاء عن جابر أنه قال : كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معلق بالشجرة فاخترطه وقال: تخافني؟ قال:لا . قال: فمن يمنعك منّي؟ قال:الله . فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله السيف فقال: من يمنعك منّي؟ فقال:كن خير آخذ . فقال:تشهد أن لا اله الاّ الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا اُقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس(١) .

٤ ـ الشجاعة الفائقة :

قال الله تعالى:( الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ) (٢) وجاء عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ـ الذي طأطأ له فرسان العرب ـ أنّه:كنّا إذا احمرّ البأس ولقي القومُ القومَ اتّقينا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما يكون أحد أدنى من القوم منه (٣) .

ووصف المقداد ثبات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم أحد بعد أن تفرّق الناس وتركوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحده فقال: والذي بعثه بالحق إن رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زال شبراً واحداً. إنه لفي وجه العدوّ تثوب إليه طائفة من أصحابه مرّة

وتتفرّق عنه مرّة، فربّما رأيته قائماً يرمي عن قوسه أويرمي بالحجر حتى تحاجروا(٤) .

ــــــــــــ

(١) رياض الصالحين (للنووي) : ٥ / الحديث ٧٨ ، وصحيح مسلم: ٤ / ٤٦٥.

(٢) الأحزاب (٣٣): ٣٩.

(٣) فضائل الخمسة من الصحاح الستة : ١ / ١٣٨.

(٤) مغازي الواقدي: ١ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠.

٣٢

٥ ـ زهد منقطع النظير :

قال تعالى:( وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ) (١) .

وعن أبي أمامة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنه قال:عرض عليّ ربّي ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً، قلت: لا يا ربّ ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً.. فإذا جعت تضرّعت إليك وذكرتك، وإذا شبعتُ شكرتُك وحمدتُك (٢) .

ونام على حصير فقام وقد أثّر في جنبه، فقيل له: يا رسول الله لو اتخذنا لك وطاءاً فقال:ما لي وما للدنيا؟! ما أنا في الدنيا الاّ كراكب استظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها (٣) .

وقال ابن عباس: كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله لا يجدون عشاءاً وكان اكثر خبزهم خبز الشعير(٤) .

وقالت عائشة: ما أكل آل محمد أكلتين في يوم واحد إلاّ إحداهما تمر(٥) .

وقالت : تُوفي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودرعه مرهونة عند يهوديّ بثلاثين صاعاً من شعير(٦) .

وعن أنس بن مالك أن فاطمة جاءت بكسرة خبز إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ما هذه الكسرة يا فاطمة؟ قالت: قرص خبز، فلم تطب نفسي حتى أتيتك بهذه الكسرة . فقال:

ــــــــــــ

(١) طه (٢٠): ١٣١.

(٢) سنن الترمذي : ٤ / ٥١٨ / الحديث ٢٣٧٧.

(٣) المصدر السابق .

(٤) سنن الترمذي : ٤ / ٥٠١ / الحديث ٢٣٦٠.

(٥) صحيح البخاري: ٥ / ٢٣٧١ / الحديث ٦٠٩٠.

(٦) صحيح البخاري : ٣ / ١٠٦٨ / الحديث ٢٧٥٩.

٣٣

أما إنّه أوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام (١) .

وعن قتادة قال: كنّا عند أنس وعنده خبّاز له فقال: ما أكل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خبزاً مرقّقاً ولا شاة مسموطة حتى لقي الله (٢) .

٦ ـ جود وحلم عظيمان :

قال ابن عبّاس: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان.. إن جبريل كان يلقاه في كل سنة من رمضان.. فإذا لقيه جبريل كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة(٣) .

وقال جابر: ما سُئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً قطّ فقال لا(٤) .

وروي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى صاحب بزٍّ فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم فخرج وهو عليه، فإذا رجل من الأنصار. فقال: يا رسول الله أكسني قميصاً كساك الله من ثياب الجنة فنزع القميص فكساه إيّاه، ثم رجع إلى صاحب الحانوت فاشترى منه قميصاً بأربعة دراهم وبقي معه درهمان فاذا هو بجارية في الطريق تبكي فقال: ما يبكيك؟ قالت: يا رسول الله، دفع إليّ أهلي درهمان اشتري بهما دقيقاً فهلكا، فدفع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليها الدرهمين فقالت: أخاف أن يضربوني فمشى معها إلى أهلها فسلّم فعرفوا صوته، ثمّ عاد فسلّم، ثمّ عاد فثلّث، فردّوا، فقال: أسمعتم أوّل السلام؟ فقالوا: نعم ولكن أحببنا أن تزيدنا من السلام. فما أشخصك بأبينا وأمِّنا؟ قال: أشفقت هذه الجارية أن تضربوها ، قال صاحبها: هي حرّة لوجه الله لممشاك معها. فبشّرهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخير وبالجنّة; وقال: لقد بارك الله في

ــــــــــــ

(١) الطبقات (لابن سعد) : ١ / ٤٠٠.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٥٨٢ / الحديث ١١٨٨٧.

(٣) صحيح مسلم : ٤ / ٤٨١ / الحديث ٣٣٠٨ ، ومسند أحمد: ١ ٠/ ٥٩٨ / الحديث ٣٤١٥.

(٤) سنن الدارمي: ١ / ٣٤.

٣٤

العشرة كسا الله نبيّه قميصاً ورجلاً من الأنصار قميصاً وأعتق منها رقبة، وأحمد الله هو الذي رزقنا هذا بقدرته (١) .

وكان إذا دخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل(٢) .

وعن عائشة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما انتقم لنفسه شيئاً يؤتى إليه إلاّ أن تنتهك حرمات الله. ولا ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله ولا سُئل شيئاً قط فمنعه إلاّ أن يُسألَ مأثماً فإنه كان أبعد الناس منه(٣) .

وعن عبيد بن عمير: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أتي في غير حدٍّ إلاّ عفا عنه(٤) .

وقال أنس: خدمت رسول الله عشر سنين. فما قال لي اُفٍّ قطّ، وما قال لشي صنعتهُ: لِم صنَعْتَه؟ ولا لشيء تركتُه: لِمَ تركتَه؟(٥) .

وجاءه أعرابي فجذب رداءه بشدّة حتى أثرت حاشية الرداء على عاتق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال له: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء .

لقد عُرفصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالعفو والسماحة طيلة حياته... فقد عفا عن وحشي قاتل عمه حمزة... كما عفا عن المرأة اليهودية التي قدمت له شاة مسمومة وعفا عن أبي سفيان وجعل الدخول إلى داره أماناً من القتل. وعفا عن قريش التي عتت عن أمر ربّها وحاربته بكل ما لديها.. وهو في ذروة القدرة والعزّة قائلاً لهم: (اللهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون اذهبوا فأنتم الطلقاء) (٦) .

ــــــــــــ

(١) المعجم الكبير (الطبراني) : ١٢ / ٣٣٧ / الحديث ١٣٦٠٧.

(٢) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣١١ .

(٣) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣٠٦.

(٤) المصدر : ٣ / ٣٠٧.

(٥) صحيح البخاري : ٥ / ٢٢٦٠ / الحديث ٥٧٣٨.

(٦) محمد في القرآن: ٦٠ ـ ٦٥.

٣٥

لقد أفصح القرآن عن عظمة حلم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله تعالى:( وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ) (١) ، ووصف مدى رأفته ورحمته بقوله تعالى:( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (٢) .

٧ ـ حياؤه وتواضعه :

عن أبي سعيد الخدريّ: كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشدّ حياء من العذراء في خدرها وإذا كره شيئاً عُرف في وجهه(٣) .

وعن عليعليه‌السلام : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا سُئل شيئاً فأراد أن يفعله قال:نعم وإذا أراد أن لا يفعل سكت، وكان لا يقول لشيء لا(٤) .

وعن يحيى بن أبي كثير أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:آكُل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد. فإنّما أنا عبد (٥) كما اشتهر عنه أنه كان يسلّم على الصبيان(٦) .

وكلّم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً فأرعد. فقال:هَوِّن عليك فإني لستُ بملِك إنّما أنا ابن امرأة تأكل القديد (٧) .

وعن أبي أمامة: خرج علينا رسول الله متوكّئاً على عصا، فقمنا إليه فقال:(لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضاً) (٨) .

ــــــــــــ

(١) آل عمران (٣): ١٥٩.

(٢) التوبة (٩): ١٢٨.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٠٦ / ألحديث ٣٣٦٩.

(٤) مجمع الزوائد: ٩ / ١٣.

(٥) الطبقات ( لابن سعد ) : ١ / ٣٧ / ومجمع الزوائد: ٩ / ١٩.

(٦) حياة النبي وسيرته : ٣ / ٣١٣ / عن ابن سعد.

(٧) سنن ابن ماجة : ٢ / ١١٠١ / الحديث ٣٣١٢.

(٨) سنن أبي داود : ٤ / ٣٥٨ / الحديث ٥٢٣٠.

٣٦

وكان يداعب أصحابه ولا يقول إلاّ حقّاً(١) ولقد شارك أصحابه في بناء المسجد(٢) وحفر الخندق(٣) وكان يكثر من مشاورة أصحابه بالرغم من أنّه كان أرجح الناس عقلاً(٤) .

وكان يقول :(اللهم أحيني مسكيناً وتوفّني مسكيناً واحشرني في زمرة المساكين وإنّ أشقى الأشقياء من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة) (٥) .

هذه صورة موجزة جداً عن بعض ملامح شخصيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعض جوانب سلوكه الفردي والاجتماعي. وهناك صور رائعة وكثيرة عن سلوكه وسيرته الإدارية والسياسية والعسكرية والاقتصادية والأسرية التي تستحق الدراسة المعمّقة للتأسي بها والاستلهام منها، نتركها إلى الفصول اللاحقة.

ــــــــــــ

(١) سنن الترمذي : ٤ / ٣٠٤ / الحديث ١٩٩٠.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٨٠ .

(٣) الطبقات (لابن سعد): ١ / ٢٤٠.

(٤) الدر المنثور : ٢ / ٣٥٩ ، والمواهب اللدنيّة: ٢ / ٣٣١.

(٥) سنن الترمذي : ٤ / ٤٩٩ / الحديث ٢٣٥٢.

٣٧

الباب الثاني: فيه فصول:

الفصل الأول: دور الولادة والنشأة.

الفصل الثاني دور الفتوّة والشباب.

الفصل الثالث من الزواج إلى البعثة.

الفصل الأول: دور الولادة والنشأة

١ ـ ملامح انهيار المجتمع الوثني:

استحكم الفساد والظلم في مجتمع الجزيرة في الفترة التي سبقت البعثة النبوية فلم تعد كتلة المجتمع واحدة ولم تكن الخصائص الاجتماعية والثقافية التي أوجدتها طبيعة الحياة في الصحراء كافية لإيقاف حالة الانهيار التي بدت ملامحها على المجتمع في الجزيرة العربية. وما الأحلاف التي نشأت إلا تعبير عن ظاهرة اجتماعية لمقاومة ذلك التحلل ولكنها في تعددها دليل على انعدام القوة المركزية في المجتمع.

٣٨

ولا نلاحظ حركة إصلاحية تغييرية يذكرها لنا التأريخ تكون قد سعت للنهوض بالمجتمع والارتقاء به نحو الحياة الفضلى سوى حركة بعض الأفراد التي تعبر عن حالة الرفض لهذا التفسخ والظلم الاجتماعي متمثلة في حالة التحنّث التي أبداها عدد قليل من أبناء الجزيرة العربية ولم ترتق إلى مستوى النظرية أو الحركةالتغييرية الفاعلة في المجتمع... (١) وتفكك المجتمع القرشي قد نلاحظه أيضاً في ظاهرة اختلافهم حول بناء الكعبة في الوقت الذي كانت قريش من أعز القبائل العربية وأشدها تماسكاً. ويمكن لنا أن نستدل على تمادي المجتمع في الفساد من خلال الإنذارات المتكررة من اليهود القاطنين في الجزيرة العربية واستفتاحهم على أهالي الجزيرة بظهور المصلح المنقذ للبشرية برسالته السماوية وكانوا يقولون لهم: ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم (٢) .

٢ ـ إيمان آباء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وترعرع في عائلة تدين بالتوحيد وتتمتع بسمو الأخلاق وعلو المنزلة. فإيمان جدّه عبد المطلب نلمسه من كلامه ودعائه عند هجوم أبرهة الحبشي لهدم الكعبة إذ لم يلتجئ إلى الأصنام بل توكل على الله لحماية الكعبة(٣) بل يمكن أن نقول إن عبد المطلب كان عارفاً بشأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومستقبله المرتبط بالسماء من خلال الأخبار التي أكدت ذلك وتجلّت اهتماماته به في الاستسقاء بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو رضيع، وما ذلك إلاّ لما كان يعلمه من مكانته عند الله المنعم الرازق(٤) ، والشاهد الآخر هو تحذيره لأُم أيمن من الغفلة عنه عندما كان صغيراً(٥) .

وكذلك حال عمه أبي طالب الذي استمر في رعاية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعمه لأجل تبليغ الرسالة والصدع بها حتى آخر لحظات عمره المبارك متحملاً في ذلك

ــــــــــــ

(١) راجع السيرة النبوية: ١/٢٢٥.

(٢) بحار الأنوار: ١٥/٢٣١، وراجع السيرة النبوية: ١/٢١١، البقرة: ٢/٨٩.

(٣) السيرة النبوية: ١ / ٤٣ ـ ٦٢ ، الكامل في التأريخ: ١ / ٢٦٠ ، بحار الأنوار: ٥ / ١٣٠.

(٤) السيرة الحلبية : ١ / ١٨٢ ، الملل والنحل للشهرستاني: ٢ / ٢٤٨.

(٥) سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ١ / ٦٤، وراجع تاريخ اليعقوبي: ٢ / ١٠.

٣٩

أذى قريش وقطيعتهم وحصارهم له في الشعب. ونلمس هذا في ما روي عن أبي طالبعليه‌السلام في عدة مواقف ترتبط بحرصه على سلامة حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

وأما والدا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فالروايات دالّة على نبذهما للشرك والأوثان ويكفي دليلاً قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لم أزل أُنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات) وفيه إيعاز إلى طهارة آبائه وأمهاته من كل دنس وشرك (٢) .

٣ ـ مولد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ما إن استنفذت الديانة النصرانية أغراضها في المجتمع البشري ولم تعد لها فاعلية تذكر حتى حلّت في الدنيا كلّ مظاهر التيه والزّيغ، وأمسى الناس كافة ضُلاّل فتن وحيرة، استخفّتهم الجاهلية الجهلاء، ولم تكن أوضاع الروم بأقل سوءاً من أوضاع منافسيهم في فارس، وما كانت جزيرة العرب أفضل وضعاً من الاثنين. والكل على شفا حفرة من النّار.

وقد وصف القرآن بصورة بليغة جانباً مأساوياً من حياة البشر آنذاك، كما وصف سيد أهل بيت النبوة علي بن أبي طالبعليه‌السلام ذلك الوضع المأساوي وصفاً دقيقاً عن حس ومعايشة في عدّة خطب، منها قوله في وصف حال المجتمع الذي بُعث فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(أرسله على حين فترة من الرسل وطول هجعة من الأُمم واعتزام من الفتن، وانتشار من الأُمور وتلظّ من الحروب والدنيا كاسفة النور، ظاهرة الغرور، على حين اصفرار من ورقها، وإياس من ثمرها، واغورار من مائها ، قد درست منار الهدى ، وظهرت أعلام الردى، فهي متجهمة لأهلها ، عابسة في وجه طالبها، ثمرها الفتنة، وطعامها الجيفة، وشعارها

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية : ١ / ٩٧٩ ، تاريخ ابن عساكر: ١ / ٦٩ ، مجمع البيان: ٧ / ٣٧ ، مستدرك الحاكم: ٢ / ٦٢٣ ، الطبقات الكبرى: ١ / ١٦٨، السيرة الحلبية: ١ / ١٨٩ ، اصول الكافي: ١ / ٤٤٨ ، الغدير: ٧ / ٣٤٥.

(٢) سيرة زيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: ١ / ٥٨ ، وراجع أوائل المقالات للشيخ المفيد: ١٢ و١٣.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

قاله ابن الكلبيّ. وقال العدويّ : لم أر أهل الحجاز يعرفون هذا.

قلت : وهو في آخر نسب الأنصار من تذكرة ابن الكلبيّ ، لكن لم يصرح بأنّ لها صحبة.

١٢١٨٢ ـ أم عمارة (١): نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم ، من بني مازن بن النّجار الأنصاريّة النّجارية ، والدة عبد الله وحبيب (٢) ، من بني زيد بن عاصم.

قال أبو عمر : شهدت بيعة العقبة ، وشهدت أحدا مع زوجها وولدها منه في قول ابن إسحاق ، وشهدت بيعة الرّضوان ، ثم شهدت قتال مسيلمة باليمامة ، وجرحت يومئذ اثنتي عشرة جراحة ، وقطعت يدها وقتل ولدها حبيب.

روت عن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديث ، روى عنها ابنها عباد بن تميم بن زيد ، والحارث بن عبد الله بن كعب ، وعكرمة ، وليلى مولاة لهم.

روى حديثها التّرمذيّ ، والنّسائي ، وابن ماجة ، من طريق شعبة عن حبيب بن زيد ، عن مولاة لهم يقال لها ليلى ، عن جدّته أم عمارة بنت كعب ـ أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل عليها فقدّمت إليه طعاما ، فقال : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : «إنّ الصّائم إذا أكل عنده صلّت عليه الملائكة».

وأخرج أبو داود ، من طريق شعبة ، عن حبيب الأنصاري : سمعت عبادة بن تميم يحدّث فيقول عن عمتي ، وهي أم عمارة ـ أن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضأ فأتي بإناء فيه قدر ثلثي المدّ الحديث.

وأخرج ابن مندة بسند فيه الواقديّ ، إلى الحارث بن عبد الله بن كعب ، عن أم عمارة بنت كعب ، قالت : أنا انظر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ينحر بدنه قياما بالحربة الحديث.

قال ابن سعد : هي أخت عبد الله بن كعب. وقد شهد بدرا ، وأخت أبي ليلى بن كعب ، واسمه عبد الرّحمن ، وكان أحد البكّاءين. قال : وخلف عليها بعد زيد بن عاصم ـ غزيّة بن عمرو ، فولدت له تميما وخولة ، وشهدت العقبة ، وبايعت ليلتئذ ، ثم شهدت أحدا ،

__________________

(١) أعلام النساء ٥ / ١٧١ ـ تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٠ ـ تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ـ تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٤ ـ الكاشف ٣ / ٤٩٠ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٤ ـ بقي بن مخلد ٥٣٩.

(٢) في أ : وخبيب.

٤٤١

والحديبيّة ، وخيبر ، والقضيّة ، والفتح ، وحنينا ، واليمامة.

وأسند الواقديّ ، من طريق ابن أبي صعصعة ، قالت أم عمارة : كانت الرّجال تصفّق على يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة العقبة ، والعبّاس أخذ بيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فلما بقيت أنا وأم سبيع نادى زوجي غزية بن عمرو : يا رسول الله ، هاتان امرأتان حضرتا معنا يبايعنك. فقال : «قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه ، إنّي لا أصافح النّساء».

وبه : قال : كانت أم سعيد بنت سعد بن الربيع تقول : دخلت عليها فقلت : حدّثيني خبرك يوم أحد. فقالت : خرجت أول النّهار ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في أصحابه والرّيح والدّولة للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون انحزت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجعلت أباشر القتال ، وأذبّ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسّيف ، وأرمي بالقوس حتى خلصت إليّ الجراحة. قالت : فرأيت على عاتقها جرحا له غور أجوف ، فذكر قصّة ابن قميئة.

وأخرج بسند آخر إلى عمارة بن غزية أنها قتلت يومئذ فارسا من المشركين. ومن وجه آخر عن عمر ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ما التفتّ يوم أحد يمينا ولا شمالا إلّا وأراها تقاتل دوني».

١٢١٨٣ ـ أم عمارة الأنصاريّة (١):

أفردها ابن مندة عن التي قبلها ، وأورد من طريق سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرّحمن ، عن عكرمة ، عن أم عمارة الأنصاريّة ـ أنها أتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرّجال! ما أرى النّساء يذكرن في شيء ، فنزلت : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) [سورة الأحزاب آية ٣٥].

قلت : وهذا الحديث ذكره أبو عمر في ترجمة التي قبلها. فقال : روى عكرمة فذكره ، ثم قال : زعم بعضهم أن أمّ عمارة التي روى عنها عكرمة هي غير الأولى ، وهي الأولى عندي. انتهى.

وتبعه «صاحب الأطراف» ، فأورد في ترجمة الأولى ما أخرجه التّرمذيّ من هذا الوجه بهذا الإسناد ، وقال : حسن غريب. وإنما نعرف هذا الحديث من هذا الوجه كذا قال.

__________________

(١) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٠ ، تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٤ ، الكاشف ٣ / ٤٩٠ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٤ ، أزمنة التاريخ الإسلامي ٩٩٣ ، خلاصة تذهيب ٣ / ١٠٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٧٨ ، تبصير المنتبه ٤ / ١٤١٥. أسد الغابة ت (٧٥٥٠) ، الاستيعاب ت (٣٦٤٩).

٤٤٢

وقد ورد نحوه من حديث أم سلمة ، أخرجه النّسائيّ من طريق محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أم سلمة. وله طرق أخرى عن أم سلمة ، عند ابن مردويه.

وقد خالف سليمان بن كثير في مسندة رواية أبي عوانة عن حصين ، فقال فيه : عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : أتت امرأة من الأنصار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، نعم ، تابع سليمان بن جرير (١) عن حصين ، أخرجه ابن مردويه ، وهشيم ، عن حصين.

ذكره ابن مندة ، فكأن رواية أبي عوانة شاذة ، كأنه جرى على العادة لكثرة رواية عكرمة عن ابن عبّاس. وقد رواه قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عبّاس ، قال : قلت لنساء النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر نحوه.

١٢١٨٤ ـ أم عمر الأنصاريّة (٢) : والدة عمر بن خلدة.

أخرج حديثها ابن أبي عاصم ، من طريق موسى بن عبيدة ، عن سندر بن جهم ، عن عمر بن خلدة ، عن أمه ـ أن النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث عليّا ينادي بمنى : «إنّها أيّام أكل وشرب وبعال (٣) ».

١٢١٨٥ ـ أم عمرو بنت سفيان بن عبد الأسد المخزوميّة.

ذكرها ابن سعد ، فقال : أمها بنت عبد العزّى بن أبي قيس ، من بني عامر بن لؤيّ ، وكان حويطب بن عبد العزّى خالها. وذكرها هشام بن الكلبي في كتاب المثالب ، فقال :

خرجت من الليل في حجة الوداع ، فوقفت بركب نزول ، فأخذت عيبة لهم فأخذها القوم فأوثقوها فأتوا بها النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكر قصّة قطع يدها ، وقال في آخره : وهي أخت عبد الله بن سفيان ، وأنشد :

يا ربّ بنت لابن سلمى جعدة

سرّاقة لحقائب الرّكبان

باتت تحوش ثيابهم بيمينها

حتّى أقرّت غير ذات بنان

[الكامل]

١٢١٨٦ ـ أم عمرو بنت سلامة بن وقش بن زغبة بن زعوراء بن عبد الأشهل (٤) الأنصاريّة الأشهليّة.

__________________

(١) في أ : تابع سليمان جرير.

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٥٢) ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٠.

(٣) البعال : النكاح وملاعبة الرجل أهله. النهاية ١ / ١٤١.

(٤) أسد الغابة ت (٧٥٥٥).

٤٤٣

ذكرها ابن سعد في المبايعات ، وقال : أمها سلمى بنت سلمة بن خالد ، وهي أخت سلمة بن سلامة بن وقش ، شهدت العقبة وبدرا ، تزوّجت محمد بن سلمة ، فولدت له.

١٢١٨٧ ـ أم عمرو بنت عمرو بن حديدة بن عمرو بن سواد بن غنم.

ذكرها ابن سعد في المبايعات ، وقال : تزوّجها قطبة بن عامر بن حديدة ، وهي أخت سلمان بن عمرو بن حديدة شقيقته.

١٢١٨٨ ـ أم عمرو بنت عمرو بن حرام الأنصاريّة الخزرجيّة ، ذكرها ابن سعد في المبايعات ، وقال : تزوّجها أبو اليسر بن كعب.

١٢١٨٩ ـ أم عمرو بنت محمود بن مسلمة بن سلمة بن خالد بن عديّ بن مجدعة بن حارثة الأنصاريّة (١)

تقدّم نسبها في ترجمة والدها ، وفي ترجمة عمها محمد بن مسلمة ، ذكرها ابن حبيب في المبايعات ، وكذا ابن سعد ، وقال : أمها أمامة بنت بشر بن وقش ، قال : وتزوّجها عبد الله بن محمد بن مسلمة ، فولدت له حميدا ، وعمر ، ثم خلف عليها زيد بن سعد بن زيد بن مالك.

١٢١٩٠ ـ أم عمرو بنت المقوّم بن عبد المطّلب الهاشميّة ، أمها فلانة بنت عمرو بن جعونة ، وكانت قد تزوّجها مسعود بن معتب الثقفيّ ، فولدت له عبد الله بن مسعود ، ثم تزوّجها أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب فولدت له عاتكة. ذكر ذلك ابن سعد.

١٢١٩١ ـ أم عمرو : زوج حريث بن عمرو بن عثمان المخزوميّ (٢)

أخرج حديثها من طريق يحيى بن يمان ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمرو بن حريث ، قال : ذهبت بي أمّي إلى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمسح على رأسي ، ودعا لي بالرّزق.

١٢١٩٢ ـ أم عمرو : زوج سليم الزرقيّ (٣)

روى حديثها [يزيد بن الهاد ، عن عبد الله بن أبي سلمة ، عن عمرو بن سليم الزّرقيّ] (٤) عن أمه ـ أنها سمعت عليّا ينادي وهم بمنى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّها أيّام أكل وشرب وبعال».

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٥٧).

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٥٣).

(٣) تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٠ ، أسد الغابة ت (٧٥٥٦) ، الاستبصار ١٨٣.

(٤) سقط من أ.

٤٤٤

١٢١٩٣ ـ أم عميس : بنت مسلمة الأنصاريّة (١) ، أخت محمد بن سلمة ، وعمّة أم عمرو المذكور قبلها.

كانت امرأة رافع بن خديج ، ويقال : إنها نزلت فيها : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً ) [سورة النساء آية ١٢٨]. وذكرها ابن حبيب في المبايعات. وقد تقدّمت أم عبيس فلا أدري أهي واحدة تصحّفت أم اثنتان؟

١٢١٩٤ ـ أم عياش (٢) : خادم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقيل : كانت أمة لرقية بنت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

روى حديثها ابن ماجة ، من طريق عبد الكريم بن روح ، عن عنبس بن سعيد (٣) بن أبي عياش ، عن أبيه عنبسة ، عن جدته أم أبيه أم عياش ، وكانت أمة لرقية بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت : كنت أوضئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا قائمة وهو قاعد.

وقع لنا بعلوّ في المعركة لابن مندة ، قال : وبإسناده : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحفي شاربه. وبه : ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخضب حتى مات.

وأخرج أبو نعيم بهذا الإسناد ، قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ما تزوّج عثمان أمّ كلثوم إلّا بوحي من السّماء».

قال أبو عمر : هذا سند منقطع ، وعبد الكريم بن روح ضعيف.

قلت : وأخرج لها ابن أبي عاصم حديثا آخر ، وأبو نعيم من طريقه ، قال : حدثنا هدبة ، حدثنا عبد الواحد بن صفوان ، حدثنا أبي عن أمه عن جدته أم عياش ، وكانت خادمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بعثها مع ابنته إلى عثمان ، قالت : كنت أمغث (٤) لعثمان غدوة فيشربه عشية ، وأنبذه عشية فيشربه عدوة ، فسألني ذات يوم ، فقال : تخلطين فيه شيئا؟ قلت : أجل. قال : فلا تعودي.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٥٨).

(٢) أعلام النساء ٣ / ٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٥ ـ الكاشف ٣ / ٣٩١ ـ تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٥ ـ خلاصة تذهيب ٣ / ٤٧٥ ، تبصير المنتبه ٣ / ٨٩٩ ـ أعيان النساء ص ٣٣٩ ، أسد الغابة ت (٧٥٥٩) الاستيعاب ت (٣٦٥١).

(٣) في أ : عنبسة بن سعد.

(٤) يقال : مغث الشيء يمغثه مغثا. دلكه ومرسه. اللسان ٦ / ٤٢٣٩.

٤٤٥

١٢١٩٥ ـ أم عيسى بنت الجزار (١): بجيم وزاي منقوطة ثم راء ، العصرية.

لها صحبة ورواية من طريق عبد الرحمن بن جبلة ، عن أم فروة بنت مزاحم العصرية ، عن أمّها أم عيسى بنت الجزار ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قاله ابن ماكولا.

فصل

ذكر بعض من صنف في الصحابة جماعة نسوة في الكنى من غير أن يراد أن تلك الكنية موضوعة على تلك المرأة ، بل إذا ورد في خبر عنها أو عن غيرها أن لها ابنا اسمه فلان ، فيذكرونها بلفظ أم فلان ، ومن حق ما هذا سبيله أن يقال والده فلان ، ولا يقال أم فلان ، إلا إذا ورد أنها كنيت به ، وقد كنيت أسماءهن تبعا لهم ، لكن مع التنبيه على ذلك في كل ترجمة منه ، فمن وضح أن لها اسما نبهت عليه ، ومن ورد أن لها كنية تختص بها أعدتها في قسم الغلط. والله المستعان.

القسم الثاني والقسم الثالث

خاليان.

القسم الرابع

١٢١٩٦ ـ أم عبد الله بنت عامر بن ربيعة (٢) :

كذا استدركها أبو موسى ، وهي أم عبد الله بنت أبي خيثمة ، وقد ذكرها ابن مندة فلا وجه لاستدراكها.

١٢١٩٧ ـ أم عبد الله بنت عمر بن الخطاب (٣)

استدركها أبو موسى ، وليست تكنى أم عبد الله ، وإن كان ولدها اسمه عبد الله ، بل هي معروفة باسمها ونسبها. وهي زينب بنت مظعون الجمحية ، أخت عثمان وقدامة ابني مظعون ، وقد تقدمت في الأسماء على الصواب.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٦٠) ، تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ـ الإكمال ٢ / ١٨١. تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٥ ـ تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٥ ـ أعلام النساء ٣ / ٣٨١.

(٢) أسد الغابة ت (٧٥١٩).

(٣) أسد الغابة ت (٧٥٢٠).

٤٤٦

حرف الغين المعجمة

القسم الأول

١٢١٩٨ ـ أم الغادية (١): تقدم ذكرها في ترجمة أبي الغادية ، وأخرج ابن مندة والخطيب في المؤتلف من طريق تمام بن بزيع ، عن عياض بن عمرو الطفاويّ ، عن عمته أم غادية ، قالت : خرجت مع رهط من قومي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما أردت الانصراف قلت : يا رسول الله ، أوصني ، قال : «إيّاك وما يسوء الأذن».

١٢١٩٩ ـ أم غطيف الهذلية (٢):

في أم عفيف في العين المهملة.

القسم الثاني

خال.

القسم الثالث

١٢٢٠٠ ـ أم غيلان الدوسيّة :

لها ذكر في الجاهلية ، وأدركت الإسلام ، ولقيت عمر بن الخطاب. ذكر قصتها ابن الكلبيّ ، والواقديّ ، والزّبير بن بكّار. وكانت دوس من حلفاء المطير ، فقتل هشام بن المغيرة ، وهو من الأحلاف ، أبا أزيهر الدوسيّ ، وكان حليف أبي سفيان بن حرب ، فثار الشرّ بين الفريقين ، وأرادوا الطلب بدم أبي أزيهر الدوسيّ ، فمنعهم أبو سفيان ، وذلك بعد الهجرة خشية أن يشمت بهم المسلمون ، فلما جاء الإسلام طل دم أزيهر ، فاتفق أن ناسا من قريش خرجوا إلى أرض دوس فأحس بهم قوم دوس ، فأرادوا قتلهم بأبي أزيهر ، فأجارتهم امرأة من دوس كانت تمشط النساء يقال لها أم غيلان ، فأمضوا إجارتها.

فلما قدم (٣) عمر جاءته ، فقالت له : إن لي عندك : أجرت أخاك ـ يعني ضرار بن الخطاب الفهري ـ وكان فيمن أجارت ، فقال لها عمر : ليس هو أخي ، نعم هو أخي في الإسلام ، فأكرمها.

وذكر أبو عبيدة هذه القصة ، لكنه قال أم جميل.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٦١) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٢) ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣١.

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٦٢).

(٣) في أ : قام.

٤٤٧

القسم الرابع

خال.

حرف الفاء

القسم الأول

١٢٢٠١ ـ أم فروة بنت أبي قحافة التيمية (١) ، أخت أبي بكر الصديق.

ذكرها الدّار الدّارقطنيّ في كتاب «الإخوة» وقال : زوجها أخوها. الأشعث بن قيس ، وكذا ، ذكر ابن السّكن ، وقال : ولدت للأشعث محمدا وإسحاق وغيرهما.

قلت : وقصة تزويجها مشهورة في كتب الأخباريين ، قال ابن سعد : أمها هند بنت نفيل بن بجير بن عبد بن قصيّ ، ولها ذكر في فتح مكة حين فقدت طوقها ، فقال لها أخوها : إن الأمانة في الناس اليوم قليلة.

ذكر ذلك ابن إسحاق ، لكنه لم يسمها ، وأظنها غير أم فروة ، فإن في هذه القصة أنها كانت الصغيرة ، وتزويج أبي بكر للأشعث بعد الفتح بثلاث سنين أو أربع.

وقد مضى ذكر قريبة بنت أبي قحافة.

وقيل : هي التي روت الحديث في فضل الصلاة أول الوقت ، وهو ظاهر صنيع بن السكن ، ورجحه ابن عبد البرّ. وفيه نظر ، والراجح أنها غيرها ، فقد جزم ابن مندة بأن بنت أبي قحافة لها ذكر ، وليس لها حديث ، وراوية حديث الصلاة أنصارية فإن مدار حديثها على القاسم بن غنام ، وهي جدته أو عمته أو إحدى أمهاته أو من أهله على اختلاف الرواة عنه في ذلك ، فهي على كل حال ليست أخت أبي بكر الصديق ، قاله ابن الأثير.

قلت : وفي البخاريّ : وأخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت ، ذكره هكذا تعليقا في كتاب «الحدود» ، ووصله إسحاق بن راهويه في مسندة ، من طريق سعيد بن المسيب ، قال : لما مات أبو بكر بكى عليه ، فقال عمر لهشام بن الوليد : قم فأخرج النساء الحديث ، وفيه : «فجعل يخرجهنّ امرأة امرأة حتّى خرجت أم فروة». وقد تقدمت بقية طرقه في ترجمة هشام بن الوليد.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٦٥) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٣) ، الثقات ٣ / ٤٦٠ ، أعلام النساء ٤ / ١٦٠ ـ تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣١ ، تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٦.

٤٤٨

١٢٢٠٢ ـ أم فروة الأنصارية (١) : عمة قاسم بن غنام ، بالمعجمة والنون الثقيلة. وقال ابن سعد : أخرج حديثها أبو داود ، والترمذي (٢) ، من طريق عبد الله العمري المكبر الضعيف ، عن القاسم عن بعض أمهاته ، عن أم فروة ، هذه رواية لأبي داود ، وله في رواية أخرى عن عمة له يقال لها أم فروة. وفي رواية الترمذي : عن عمته أم فروة ، وكانت بايعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الترمذي : لا يروي إلا من حديث العمري ، واضطربوا في هذا الحديث. انتهى.

وقد وقع في مسند أحمد ، عن القاسم ، عن عماته ، عن أم فروة ، قالت : سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أيّ العمل أفضل؟ قال : «الصّلاة لأوّل وقتها».

وأخرجه ابن السّكن ، من طريق عبيد الله بن عمر بالتصغير ، الثقة ، عن القاسم ، فقال : عن بعض أهله ، عن أم فروة ، وكانت ممن بايع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تحت الشجرة ، قالت : سألت فذكره.

قال ابن السّكن : اختلف عنهما في الإسناد. انتهى.

وهذا يرد على إطلاق الترمذي ، وقد أخرجه الدار الدّارقطنيّ ، والحاكم من طريق عبيد الله المصغر أيضا ، وقال في القاسم : عن جدته الدنيا عن جدته أم فروة. وكلام ابن السكن يوهم تفرد العمريين به ، عن القاسم. ويرد عليه رواية ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان ، عن القاسم ، لكن قال : عن امرأة من المبايعات ، ولم يسمّها. أخرجه الطبرانيّ.

١٢٢٠٣ ـ أم فزر : بعد الفاء زاي منقوطة ساكنة ثم راء بلا نقطة.

ذكرها الذهبي في تجريده ، وقال : أسرها زيد بن حارثة فيمن أسر من جذام.

١٢٢٠٤ ـ أم الفضل (٣) : امرأة العباس بن عبد المطلب ، اسمها لبابة بنت الحارث الهلالية ، وهي لبابة الكبرى.

__________________

(١) الثقات ٣ / ٤٦٣ ، أعلام النساء ٤ / ١٦٠ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣١ تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٦ ، الكاشف ٣ / ٤٩١ ، تهذيب الكلام ٣ / ١٧٥ ، خلاصة تذهيب ٣ / ٤٠٢ ، حلية الأولياء ٢ / ٧٣ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٧ ، أسد الغابة ت (٧٥٦٤).

(٢) كذا بالأصول ، ط. ولعل في هذا المقام تحرير فقد توفى ابن سعد سنة ٢٣٠ ه‍ ، وتوفي أبو داود سنة ٢٧٥ ه‍ والترمذي ٢٧٩ ه‍. انظر ترجمة ابن سعد في وفيات الأعيان ٤ / ٣٥١ ، تهذيب التهذيب ٩ / ١٨٢ ، تهذيب الكمال ٦ / ٦٠٠ ، الوافي بالوفيات ٣ / ٨٨.

وانظر ترجمة أبي داود في تاريخ بغداد ٩ / ٥٥ ـ ٥٩ ، وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٩١ ـ ٥٩٣ ، تهذيب التهذيب ٤ / ١٦٩ ـ ١٧٣.

(٣) أسد الغابة ت (٧٥٦٦) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٤) ، أعلام النساء ٤ / ١٧٠ ، ٢٧٢ ، تجريد أسماء الصحابة

الإصابة/ج٨/م٢٩

٤٤٩

تقدم نسبها في لبابة الصغرى أختها ، أسلمت قبل الهجرة فيما قيل ، وقيل بعدها.

وقال ابن سعد : أم الفضل أول امرأة آمنت بعد خديجة ، وروت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . روى عنها ابناها : عبد الله ، وتمام ، وعمير بن الحارث مولاها ، وكريب مولى ابنها ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الحارث بن نوفل ، وآخرون.

وأخرج الزّبير بن بكّار وغيره من طريق إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الأخوات الأربع مؤمنات : أمّ الفضل ، وميمونة ، وأسماء وسلمى انتهى. فأما ميمونة فهي أم المؤمنين ، وهي شقيقة أم الفضل ، وأما أسماء وسلمى فأختاهما من أبيهما ، وهما بنتا عميس الخثعمية.

وذكره الواقديّ بسند عن كريب : ذكرت ميمونة وأم الفضل وإخوتها لبابة ، وهي بكر ، وعزة ، وأسماء ، وسلمى ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الأخوات المؤمنات» (١)

وأخرج ابن سعد بسند جيد ، عن سماك بن حرب ، أن أم الفضل قالت : يا رسول الله ، رأيت أن عضوا من أعضائك في بيتي. قال : «تلد فاطمة غلاما وترضعينه بلبن قثم» ، فولدت حسينا ، فأخذته ، فبينا هو يقبّله إذ بال عليه فقصرته فبكى. فقال : «آذيتني في ابني» ، ثم دعا بماء فحدره ، حدرا.

ومن طريق قابوس بن المخارق نحوه ، وفيه : فأرضعته حتى تحرك ، فجاءت به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأجلسه في حجره فبال فضربته بين كتفيه ، فقال : «أوجعت ابني رحمك الله ...» الحديث.

وكان يقال لوالدة أم الفضل العجوز الحرشية أكرم الناس أصهارا : ميمونة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والعباس تزوج أختها شقيقتها لبابة ، وحمزة تزوج أختها سلمى ، وجعفر بن أبي طالب تزوج شقيقتها أسماء ، ثم تزوجها بعده أبو بكر الصديق ، ثم تزوجها بعده علي. قال أبو عمر : كانت من المنجبات ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يزورها.

وفي «الصحيح» أن الناس شكوا في صيام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم عرفة ،

__________________

٢ / ٣٣١ ـ تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ـ تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٦ ، تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٥ ـ الجرح والتعديل ٩ / ٤٦٥ ـ تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٢١ ـ بقي بن مخلد ٩٦.

(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨ / ٢٠٣.

٤٥٠

فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن فشرب وهو بالموقف ، فعرفوا أنه لم يكن صائما.

وقال ابن حبّان : ماتت في خلافة عثمان قبل زوجها العباس.

١٢٢٠٥ ـ أم الفضل بنت حمزة بن عبد المطلب بن هاشم (١) قال أبو عمر : روى عنها عبد الله بن شداد أنها قالت : توفي مولى لنا وترك ابنة وأختا ، فأتيا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأعطى الابنة النصف ، وأعطى الأخت النصف ، كذا قال.

وقد أورد الحديث ابن مندة من طريقين : عن حارثة بن يزيد الجعفي ـ أحد الضعفاء ، عن الحكم بن عيينة ، عن عبد الله بن شداد ، عن أم الفضل بنت حمزة : قالت : مات مولى لها أعتقته وترك ابنته ، وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قسم ميراثه بين أم الفضل وابنته نصفين.

١٢٢٠٦ ـ أم الفضل بنت العباس بن عبد المطلب الهاشمية (٢)

ذكر المستغفريّ عن البخاريّ ـ أنه ذكرها فيمن روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نساء بني هاشم. وجوّز أبو موسى أن تكون هي أم الفضل زوج العباس الماضية.

القسم الثاني والثالث

خاليان.

القسم الرابع

١٢٢٠٧ ـ أم فروة : ظئر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣)

ذكرها المستغفريّ ، وأخرج من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن سفيان ـ هو الثوري ، عن أبي إسحاق ، عن أم فروة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالت : قال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا أويت إلى فراشك فاقرئي : قل يا أيّها الكافرون ، فإنّها براءة من الشّرك».

قال أبو موسى : اختلف في راوي هذا الحديث ، فقيل : فروة وقيل : أبو فروة ، وقيل : نوفل. وهذا ـ يعني أم فروة ـ أغرب الأقوال.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٦٧) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٥) ، أعلام النساء ٤ / ١٧٠ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣١ ـ تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٦٧ ـ الجرح والتعديل ٩ / ٤٦٥.

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٦٨).

(٣) أسد الغابة ت (٧٥٦٣).

٤٥١

قلت : بل عن غلط محض ، وإنما هو أبو فروة ، وكأن بعض رواته لما رأى عن أبي فروة ظئر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ظنه خطأ ، والصواب أم فروة ، فرواه على ما ظن ، فأخطأ هو ، واسم الظئر لا يختص بالمرأة المرضعة ، بل يطلق على زوجها أيضا.

وقد أخرجه أصحاب السّنن الثلاثة من طرق ، عن أبي إسحاق ، عن فروة بن نوفل ، عن أبيه ، ومنهم من لم يقل عن أبيه ، ومنهم من قال : عن أبي إسحاق ، عن أبي فروة.

والصواب عن فروة عن أبيه ، وهكذا أخرجه أبو داود ، والنسائي ، من رواية زهير بن معاوية ، والترمذي ، والنسائي أيضا من رواية إسرائيل ، كلاهما عن أبي إسحاق مجودا ، وفيه على أبي إسحاق اختلاف. وهذا هو المعتمد.

حرف القاف

القسم الأول

١٢٢٠٨ ـ أم القاسم بنت ذي الجناحين : جعفر بن أبي طالب الهاشمية.

ذكرها البغويّ بسنده إلى أم النعمان بنت مجمّع بن يزيد الأنصارية ، قالت : أخبرني مجمع بن يزيد ، قال : لما تأيّمت أم القاسم بنت ذي الجناحين من حمزة دعت أبا بكر بن عبد الرحمن ، والقاسم بن محمد ، وعبد الرحمن ومجمع ابني يزيد ـ رجلين من قريش ، ورجلين من الأنصار ، فقالت لهم : إني قد تأيمت كما ترون ، وإني مشفقة من الأولياء أن ينكحوني من لا أريد نكاحه ، إني أشهدكم أني من أنكحت من الناس بغير إذني فإنّي عليه حرام ، ولست له بامرأة.

فقال لها عبد الرّحمن ومجمع : لو فعلوا ذلك لم يجر عليك ، قد كانت الخنساء بنت خدام أنكحها أبوها ولم تأذن ، فجاءت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فردّ نكاح أبيها ، وكانت ثيبا فيما بلغنا.

قلت : هكذا وجدته في ترجمة مجمع بن يزيد من معجم البغويّ ، ولم ينسب حمزة ، وأنا أخشى أن فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر كانت تكنى أم القاسم ، وإنما نسبت في هذا الخبر إلى جدها الأعلى جعفر بن أبي طالب ، ومستند هذا الظن أن الزبير بن بكار ـ وهو المقدم في معرفة أنساب قريش ـ لم يذكر في أولاد جعفر بن أبي طالب بنتا يقال لها أم القاسم ، وذكر في أولاد عبد الله بن جعفر فاطمة بنت القاسم بن محمد بن جعفر ، وأنها كانت تحت حمزة بن عبد الله بن جعفر ، وكان معاوية خطب أم كلثوم هذه لابنه يزيد ، فجعلت أمرها للحسين بن علي ، فزوجها من ابن عمها القاسم بن محمد بن جعفر ، فولدت

٤٥٢

له فاطمة ، فزوجها حمزة بن عبد الله بن الزبير في خلافة أبيه.

قال الزّبير : ولفاطمة هذه عقب في ولد حمزة بن عبد الله ، وفيمن ولدوا. انتهى. وقد كتبتها على الاحتمال ، والعلم عند الله تعالى.

١٢٢٠٩ ـ أم قرة : امرأة دعموص (١)

قال ابن مندة : لها ذكر ، وتقدم حديثها.

١٢٢١٠ ـ أم قهطم : هي فاطمة بنت علقمة. تقدمت في الأسماء.

١٢٢١١ ـ أم قيس بنت عبيد بن زياد بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول ، من بني مازن بن النجار.

ذكرها ابن سعد ، فقال : أمها أم عبد الله بنت شبيل بن الحارث بن عوف ، تزوجها أبو سليط بن أبي حارثة ، فولدت له سليطا وفاطمة ، قال : وأسلمت أم قيس ، وشهدت خيبر وغيرها.

١٢٢١٢ ـ أم قيس بنت قيس الأنصارية :

وقيل العدوية ، وقيل : اسمها سلمى. صلّت القبلتين ـ من التجريد.

١٢٢١٣ ـ أم قيس : بنت محصن الأسدية (٢) ، أخت عكاشة بن محصن ـ تقدم نسبها في عكاشة في أسماء الرجال.

وكانت ممن أسلم قديما بمكة ، وبايعت وهاجرت ، يقال : إن اسمها أمية ، حكاه أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ.

روت عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم روى عنها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ـ أنها أتت بابن صغير لم يأكل الطعام الحديث.

أخرجاه في الصحيحين. وعنها أنها أتت بابن لها قد أعلقت عليه من العذرة ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «علام تذعرن أولادكنّ ...» الحديث.

وروى عنها وابصة بن معبد ، ومولاها عدي بن دينار ، ومولاها أبو الحسن ، وأبو

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٧٠).

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٧١) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٦) ، الثقات ٣ / ٤٥٩ ، أعلام النساء ٤ / ٢٢٤ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢ ـ تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ، تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٦ ـ الكاشف ٣ / ٤٩١ ـ تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٥. خلاصة التذهيب ٣ / ٤٠٢ ـ تلقيح فهوم أهل الأثر ٤٦٧.

٤٥٣

عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، وعمرة أخت نافع مولى حمنة وغيرهم.

وأخرج النّسائي ، من طريق الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الحسن ـ مولى أم قيس ، عن أم قيس ، قالت : توفّي ابن لي فجزعت ، فقلت للذي يغسله : لا تغسل ابني بالماء البارد فتقتله. فذكر ذلك عكاشة للنّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : «ما لها طال عمرها»! قال : فلا نعلم امرأة عمرت ما عمرت.

١٢٢١٤ ـ أم قيس : ويقال أم هانئ الأنصارية.

ذكرها العقيليّ ، وأخرج من طريق ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن درة بنت معاذ ـ أنها أخبرته عن أم قيس الأنصارية ـ أنها أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقالت : أنتزاور إذا متنا؟ قال : «يكون النّسم طائرا يعلق بالجنّة ، حتّى إذا كان يوم القيامة دخلت كلّ نفس في جثتها».

وأخرجه ابن أبي خيثمة ، من طريق ابن لهيعة ، فقال : أم هانئ. وستأتي.

١٢٢١٥ ـ أم قيس : غير منسوبة (١)

أخرج ابن مندة ، وأبو نعيم ، من طريق إسماعيل بن عصام بن يزيد ، قال : وجدت في كتاب جدي يزيد الّذي يقال له حبر : حدثنا سفيان عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، قال : كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس ، فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر ، فهاجر فتزوجها ، فكنا نسميه مهاجر أم قيس.

قال ابن مسعود : من هاجر لشيء فهو له.

قال أبو نعيم : تابعه عبد الملك الذّماريّ ، عن سفيان. انتهى.

وهو يدفع إشارة أبي موسى أنه من أفراد حبر.

١٢٢١٦ ـ أم قيس الهذلية (٢):

قال أبو موسى : أوردها جعفر ، ولم يخرج لها شيئا.

قلت : أخشى أن تكون هي التي قبلها ، فإن ابن مسعود يقول في مهاجر أم قيس رجل منا ، وابن مسعود هذلي ، فالرجل هذلي ، فكأن أم قيس المخطوبة أيضا هذلية.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٧٢).

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٧٣) ، الثقات ٣ / ٤٦٤ ـ تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢.

٤٥٤

القسم الثاني

خال.

القسم الثالث

١٢٢١٧ ـ أم قرفة : تقدمت في أم سلمى.

القسم الرابع

١٢٢١٨ ـ أم قرثع (١): تقدمت في أم زفر.

حرف الكاف

القسم الأول

١٢٢١٩ ـ أم كبشة القضاعية (٢):

ذكرها ابن أبي عاصم في «الوحدان» ، وأخرج حديثها أبو بكر بن أبي شيبة ، ومطين والطبراني وغيرهم ، من طريق الأسود بن قيس ، عن سعيد بن عمرو القرشي ـ أن أم كبشة امرأة من قضاعة ـ قالت : يا رسول الله ، ائذن لي أن أخرج في حبيش كذا وكذا. قال : لا. قالت : يا رسول الله ، إني لست أريد أن أقاتل ، إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى وأسقي الماء. قال : «لو لا أن تكون سنة ، ويقال : فلانة خرجت لأذنت لك ، ولكن اجلسي».

وأخرجه ابن سعد ، عن ابن أبي شيبة ، وفي آخره : «اجلسي لا يتحدّث النّاس أنّ محمّدا يغزو بامرأة». ويمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في ترجمة أم سنان الأسلمي ـ أن هذا ناسخ لذاك ، لأن ذلك كان بخيبر ، وقد وقع قبله بأحد كما في الصحيح من حديث البراء بن عازب ، وكان هذا بعد الفتح.

١٢٢٢٠ ـ أم كثير بنت يزيد (٣)الأنصارية (٤):

ذكرها أبو نعيم ، وأخرج من طريق أحمد بن سهيل الوراق ، عن إسحاق بن قيس عن

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٦٩).

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٧٤) ، أعلام النساء ٤ / ٢٣٣ ، بقي بن مخلد ٩٧٠ ـ تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢ ـ تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٧ ، تبصير المنتبه ٣ / ١١٨٣ ـ الإكمال ٧ / ١٥٧ ، الاستيعاب ت (٣٦٥٧).

(٣) في أ : أم كثير بنت زيد.

(٤) أسد الغابة ت (٧٥٧٥) ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢.

٤٥٥

أبي الصباح ، عن أم كثير بنت يزيد الأنصارية ، قالت : دخلت أنا وأختي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقلت له : إن أختي تريد أن تسألك عن شيء ، وهي تستحي ، قال : «فلتسأل ، فإنّ طلب العلم فريضة». قال : فقلت له ، أو قالت له أختي : إن لي ابنا يلعب بالحمام. قال : «أما إنّه لعبة المنافقين».

١٢٢٢١ ـ أم كجّة الأنصاريّة (١):

ذكر الواقديّ عن الكلبيّ في تفسيره ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ـ أن أوس بن ثابت الأنصاري توفّي وترك ثلاث بنات وامرأة يقال لها أم كجّة ، فقام رجلان من بني عمه يقال لهما : سويد ، وعرفجة ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئا ، فجاءت أم كجّة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكرت ذلك له ، فنزلت آية المواريث ، فساقه مطولا ، وهذا ملخصه.

وتقدم بيان الاختلاف في اسمي ابني عمه في ترجمة أوس بن ثابت.

وأخرج أبو نعيم ، وأبو موسى ، من طريقه ثم من رواية سفيان ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ، قال : جاءت أم كجة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن لي ابنتين قد مات أبوهما وليس لهما شيء ، فأنزل الله عزوجل : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) [النساء : ٧]. ثم أنزل الله عزوجل : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) [النساء : ١١].

قال أبو موسى : كذا قال : ليس لهما شيء ، وأراد ليس يعطيان شيئا من ميراث أبيهما.

قلت : راوية عن سفيان هو إبراهيم بن هراسة ضعيف ، وقد خالفه بشر بن المفضل ، عن عبد الله بن محمد ، عن جابر ، أخرجه أبو داود من طريقه ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى جئنا امرأة من الأنصار في الأسواق ، فجاءت المرأة بابنتين ، فقالت : يا رسول الله ، هاتان بنتا ثابت بن قيس قتل معك يوم أحد ، وقد أخذ عمهما مالهما كله ، فلم يدع لهما مالا إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله؟ فو الله لا ينكحان أبدا إلا ولهما مال ، فقال : «يقضي الله في ذلك». قال : ونزلت : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) [النساء : ١١] ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ادع لي المرأة وصاحبها». فقال لعمهما : «أعطهما الثّلثين ، وأعط أمهما الثّمن ، وما بقي فهو لك».

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٧٦).

٤٥٦

قال أبو داود : هذا خطأ ، وإنما هما ابنتا سعد بن الرّبيع ، وأما ثابت بن قيس فقتل باليمامة.

ثم ساقه عن طريق ابن وهب : أخبرني داود بن قيس وغير من أهل العلم ، عند عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر ـ أن امرأة سعد بن الربيع قالت : يا رسول الله ، إن سعدا هلك وترك ابنتين فساق نحوه. انتهى.

وأخرجه التّرمذيّ ، والحاكم ، من طريق عبيد الله بن عمرو الرّقي ، عن ابن عقيل ، عن جابر ، قال : جاءت امرأة سعد بن الرّبيع بابنتيها من سعد فذكر نحوه.

وهذا الّذي جزم به أبو داود من التخطئة هو الّذي تقتضيه قواعد أهل الحديث مع قيام الاحتمال ، فقد اختلف في اسم الميت ، فقيل ثابت بن قيس ، وقيل أوس بن ثابت كما تقدّم ، وقيل أوس بن مالك ، واختلف في اسم هذا الّذي حاز المال على أقوال تقدّم بيانها في ترجمة أوس بن ثابت.

ومما لم يتقدّم من الاختلاف هناك أن الطّبري أخرج من طريق ابن جريج ، عن عكرمة ، قال : نزلت في أم كجّة ، وبنت أم كجّة ، وثعلبة ، وأوس بن ثابت ، وهم من الأنصار ، أحدهما زوجها ، والآخر عم ولدها ، قالت : يا رسول الله ، مات زوجي وتركني ، فلم نورث ، فقال عمّ ولدها : لا تركب فرسا ولا تحمل كلّا ، ولا تنكأ عدوا.

وأخرجه ابن أبي حاتم ـ من طريق محمد بن ثور ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عبّاس : نزلت في أم كلثوم ، وبنت كجّة ، وثعلبة بن أوس ، وسويد ، فذكر نحوه.

ومن طريق أسباط ، عن السّديّ : كان أهل الجاهليّة لا يورثون الجواري ولا الضّعفاء من الذّكور ، فمات عبد الرّحمن أخو حسّان الشّاعر ، وترك امرأة يقال لها كجّة ، وترك خمس حوار ، فجاء العصبة فأخذوا ماله ، فشكت أمّ كجّة ذلك للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنزل الله هذه الآية : (فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ ) [النساء : ١١] الآية.

وأما المرأة فلم يختلف في أنها أم كجّة بضم الكاف وتشديد الجيم ، إلا ما حكى أبو موسى عن المستغفريّ أنه قال فيها : أمّ كحلة ، بسكون المهملة بعدها لام ، وإلا ما تقدّم أنها بنت كجة في روايتي ابن جريج ، فيحتمل أن تكون كنيتها وافقت اسم أبيها ، وأما ابنتها فيستفاد من رواية ابن جريج أنها أم كلثوم.

١٢٢٢٢ ـ أم الكرام السلمية (١)

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٧٧) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٨) ، أعلام النساء ٤ / ٢٣٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢.

٤٥٧

قال أبو عمر : روت عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كراهية التّحلّي بالذّهب للنّساء.

روى عنها الحكم بن حجل ، ليس إسناد حديثها بالقويّ.

١٢٢٢٣ ـ أم كرز الخزاعيّة : ثم الكعبيّة (١)

قال ابن سعد : المكية أسلمت يوم الحديبيّة والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقسم لحوم بدنه ، فأسلمت (٢) ، ولها حديث في العقيقة أخرجه أصحاب السّنن الأربعة.

روى عنها ابن عبّاس ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسباع بن ثابت ، وعروة ، وغيرهم.

واختلف في حديثها على عطاء ، فقيل عن قتادة عنه ، عن ابن عباس ، وقيل : عن ابن جريج ، ومحمد بن إسحاق ، وعمرو بن دينار ـ ثلاثتهم عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة [بن أبي حبيب] ، عنها. وقيل : عن حجاج بن أرطاة ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عنها. وقيل : عن حجّاج ، عن عطاء ، عن ميسرة بن أبي حبيب عنها. وقيل : عن أبي الزّبير ، ومنصور بن زادان ، وقيس بن سعد ، ومطر الوراق ـ أربعتهم عن عطاء بلا واسطة. وزاد حماد بن سلمة : عن قيس ، عن عطاء ـ طاوسا ومجاهدا ، ثلاثتهم عن أم كرز. ولم يذكر الواسطة. وقيل : عن قيس بن سعد ، عن عطاء ، عن أم عثمان بن خثيم ، عن أم كرز. وقيل : عن يزيد بن أبي زياد ، عن عطاء ، عن سبيعة بنت الحارث كما تقدم في حرف السين المهملة. وقيل : عن عبد الكريم بن أبي المخارق ، عن عطاء ، عن جابر. وقيل : عن محمد بن أبي حميد ، عن عطاء ، عن جابر. وأقواها رواية ابن جريج ومن تابعه. وصححها ابن حبّان ، ورواية حماد بن سلمة عند النّسائيّ ، ورواية عبيد الله بن أبي يزيد عن سباع بن ثابت عنها نحوه.

وأخرجه أبو داود والنّسائيّ وابن ماجة.

قلت : ووقع عند إسحاق بن راهويه ، عن عبد الرّزاق ، عن ابن جريج بسنده ، فقال :

عن أم بني كرز الكعبيين. وكذا أخرجه ابن حبّان من طريقه. ويمكن الجمع بأنها كانت تكنى

__________________

(١) أسد الغابة ت (٧٥٧٨) ، الاستيعاب ت (٣٦٥٩) ، بقي بن مخلد ١٨٨ ، أعلام النساء ٤ / ٢٣٩ ـ الثقات ٣ / ٤٥٩ ، ٤٦٤ ـ تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٣٣٢ ، تقريب التهذيب ٢ / ٦٢٣ ـ تهذيب التهذيب ١٢ / ٤٧٧ ـ الكاشف ٣ / ٤٩١ ـ تهذيب الكمال ٣ / ١٧٠٥ ـ خلاصة تذهيب ٣ / ٤٠٢ ـ تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٣٠.

(٢) في أ : فماتت.

٤٥٨

أم كرز ، وكان زوجها يسمى كرزا ، والمراد ببني كرز بنو ولدها كرز ، وكانوا ينسبون إلى جدّتهما هذه. فالله أعلم.

ولها حديث آخر من رواية عبيد الله بن أبي يزيد ، عن سباع بن ثابت ، عن أم كرز ، قالت : أتيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو بالحديبية أسأله عن لحوم الهدي ، فسمعته يقول : «أقرّوا الطّير على مصافها».

أخرجه النّسائيّ بتمامه ، وأبو داود مختصرا ، وكذا الطّحاويّ. وصحّحه ابن حبّان ، وزاد بعضهم في السّند : عن عبد الله بن أبي يزيد ، عن أبيه. وأخرج ابن ماجة بهذا السند عنها حديث : ذهبت النّبوّات ، وبقيت المبشّرات» (١) وصححه ابن حبّان أيضا.

١٢٢٢٤ ـ أم كعب الأنصاريّة (٢).

نسبها أبو نعيم. ثبت ذكرها في صحيح مسلم من رواية عبد الله بن بريدة ، عن سمرة بن جندب ، قال : صلّيت خلف النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أم كعب ، ماتت وهي نفساء ، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للصّلاة عليها. وأصل الحديث عند البخاري.

١٢٢٢٥ ـ أم كعب : زوج عجرة السّالمي ، حليف الأنصار ، من بني سالم ، وهي والدة كعب بن عجرة [الصحابي المشهور.

ثبت ذكرها في مسند كعب بن عجرة] (٣) عند الطّبراني ، فأخرج من طريق فيها ضعف عن كعب بن عجرة ، قال : أتيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر قصة فيها أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «ما فعل كعب؟» (٤) قالوا : مريض ، فخرج النبيّ صلّى الله

__________________

(١) أخرجه ابن ماجة في السنن ٢ / ١٢٨٣ في كتاب تعبير الرؤيا باب (١) الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له حديث رقم ٣٨٩٦ قال البوصيري في زوائد سنن ابن ماجة ٢ / ١٢٨٣ إسناده صحيح رجال ثقات والدارميّ في السنن ٢ / ١٢٣ ، أحمد في المسند ٦ / ٣٨١ ، والطبراني في الكبير ٣ / ٢٠٠ ، والسيوطي في الدر المنثور ٣ / ٣١٢ والعجلوني في كشف الخفاء ١ / ٥٠٣ ، والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٤١٤٥٣ وعزاه لابن ماجة عن أم كرز الكعبية.

(٢) أسد الغابة ت (٧٥٧٩) ، الاستيعاب ت (٣٦٦٠).

(٣) سقط من أ.

(٤) أخرجه البخاري في الصحيح ٦ / ٥ ومسلم في الصحيح ٤ / ٢١٢٠ عن كعب بن مالك الحديث بطوله كتاب التوبة (٤٩) باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبه (٩) حديث رقم (٥٣ / ٢٧٦٩) ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٥١٠ ، ٦ / ٣٨٧ وابن أبي شيبة في المصنف ٤ / ٥٤١ ـ وعبد الرزاق في المصنف حديث رقم ٩٧٤٤ ـ والبغوي في شرح السنة ٣ / ١٦٠.

٤٥٩

عليه وآله وسلم يمشي حتى دخل عليه ، فقال له : «أبشر يا كعب» (١) فقالت أمه : هنيئا لك الجنة يا كعب! فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من هذه المتألية (٢) على الله؟ قلت : هي أمي يا رسول الله. فقال : «ما يدريك يا أمّ كعب! لعلّ كعبا قال ما لا ينفعه ومنع ما لا يغنيه».

١٢٢٢٦ ـ أم كلثوم بنت سيد البشر (٣) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

اختلف هل هي أصغر أو فاطمة؟ وتزوّجها عثمان بعد موت أختها رقيّة عنده.

قال أبو عمر : كان عتبة بن أبي لهب تزوّج أم كلثوم قبل البعثة ، فلم يدخل عليها حتى بعث النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فأمره أبوه بفراقها ، ثم تزوّجها عثمان بعد موت أختها سنة ثلاث من الهجرة ، وتوفيت عنده أيضا سنة تسع ، ولم تلد له. قال وهي التي شهدت أم عطية غسلها وتكفينها وحدّثت بذلك.

قلت : وحديثها بذلك سقته في فتح الباري. والمحفوظ أن قصّة أم عطية إنما هي في زينب كما ثبت في صحيح مسلم ، ويحتمل أن تشهدهما جميعا.

قال ابن سعد : خرجت أم كلثوم إلى المدينة لما هاجر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع فاطمة وغيرها من عيال النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتزوّجها عثمان بعد موت أختها رقيّة في ربيع الأول سنة ثلاث ، وماتت عنده في شعبان سنة تسع ، ولم تلد له.

وساق بسند له عن أسماء بنت عميس ، قالت : أنا غسلت أم كلثوم وصفيّة بنت عبد المطّلب.

ومن طريق عمرة غسلتها نسوة منهن أم عطيّة. وفي صحيح البخاري وطبقات ابن سعد ، عن أنس : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قبرها ، فرأيت عينيه تدمعان ، فقال : «فيكم أحد لم يقارف اللّيلة». فقال أبو طلحة : أنا. فقال : «انزل في قبرها». وقال الواقديّ بسند له : نزل في حفرتها علي ، والفضل ، وأسامة بن زيد. وقال غيره : كان عتبة

__________________

(١) أخرجه الترمذي (٣١٠٢) وأحمد في المسند ٣ / ٤٥٩ وعبد الرزاق في المصنف (٩٧٤٤) والطبراني في الكبير ١٩ / ٤٦ والخطيب في التاريخ ٤ / ٢٧٣.

(٢) يتألى على الله : أي من حكم عليه وحلف كقولك : والله ليدخلن الله فلانا النار ، ولينجحنّ الله سعي فلان.

والمتألّين : الذين يحكمون على الله ويقولون : فلان في الجنة وفلان في النّار النهاية ١ / ٦٢.

(٣) طبقات ابن سعد ٨ / ٣٧ ، تاريخ خليفة ٦٦ ، المعارف ١٢٦ ، تاريخ الفسوي ٣ / ١٥٩ ، المستدرك ٤ / ٤٨ ، العبر ١ / ٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ٢١٦ ، شذرات الذهب ١ / ١٠ ، أسد الغابة ت (٧٥٨١) ، الاستيعاب ت (٣٦٦١).

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580