مرآة العقول الجزء ٤

مرآة العقول5%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 14644 / تحميل: 6715
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٤

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أربعة أنبياء ، قال : قد والله الّذي لا إله إلّا هو هلك قلت هلاك غيبة أو هلاك موت قال : هلاك موت ، فقلت لعلّك منّي في تقيّة فقال : سبحان الله قلت فأوصى إليك قال : نعم قلت فأشرك معك فيها أحداً قال : لا قلت فعليك من إخوتك إمامٌ ؟ قال : لا قلت فأنت الإمام قال : نعم.

٢ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط قال : قلت للرّضاعليه‌السلام إنّ رجلاً عنى أخاك إبراهيم فذكر له أنّ أباك في الحياة ، وأنّك تعلم من ذلك ما يعلم فقال : سبحان الله يموت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يموت موسىعليه‌السلام قد والله

________________________________________________________

عليه‌السلام يقول : في صاحب هذا الأمر أربع سنن من أربعة أنبياء : سنّة من موسى ، وسّنة من عيسى ، وسنّة من يوسف ، وسنّة من محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأما من موسى فخائف يترقّب ، وأما من يوسف فالسّجن والغيبة ، وأمّا من عيسى فيقال : انّه مات ولم يمت ، وأما من محمّد فالسيف فلـمّا توهّم الواقفيّة أنّ الكاظمعليه‌السلام هو القائم أثبتوها له.

« فقال : سبحان الله » تعجبا من إصراره على الباطل ، ومناسبته للباب باعتبار أن الرضاعليه‌السلام علم بموت أبيهعليهما‌السلام وانّ لم يكن حاضراً عنده وقيل : المراد بقوله : فأوصى إليك أي متّصلاً بموته فيكون أنسب بالباب وعلى التقديرين مناسبته للباب لا تخلو من كلفة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

وفي المصباح عنيته عنيا من باب رمى قصدته « فذكر » أي إبراهيم « له » أي للرجلّ « من ذلك » أي من حياة أبيك « ما لا يعلم » أي إبراهيم أي أنت أعرف بهذا الأمر منه ، وفي بعض النسخ « ما يعلم » وقال : بعض الأفاضل : عنّي أخاك : أوقعه في العناء والتعب بتلبيسه الأمر عليه في أمرّ أخيه وفي بعض النسخ : غر أخاك ، بالغين المعجمة والراء وهو أوضح ، وكان الرجلّ قد دلس أو كان واقفيّاً يقول بحياة الكاظمعليه‌السلام وانّه الّذي يملأها عدلا كما ملئت جوراً.

« سبحان الله » تعجّب من إنكارهم بموت موسىعليه‌السلام مع تواتر الأخباربه ،

٢٤١

مضى كما مضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولكنّ الله تبارك وتعالى لم يزل منذ قبض نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله هلّم جرّاً يمنُّ بهذا الدين على أولاد الأعاجم ويصرفه عن قرابة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله هلمَّ

________________________________________________________

ولـمّا لم يكن لهم في ذلك حجّة فكان مظنّة لأن يكون سبب هذا الإنكار جلالة قدرهعليه‌السلام واحتياج الناس إليه فلا يذهب الله به في هذا السن فأبطلعليه‌السلام ذلك بأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان أجلّ قدراً وحاجة الناس إليه أكثر فكان أولى بطول العمرّ ، وهذا من أحسن الاحتجاج لبيان ضعف دعواهم وحجتهم كذا خطر بالبال.

وقال : في المصباح المنير : هلّم كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء كما يقال : تعال ، قال : الخليل أصله لم من الضمّ والجمع ، ومنه لم الله شعثه ، وكان المنادي أراد لم نفسك إلينا ، وهاء للتنبيّه ، وحذفت الألف لكثرة الاستعمال ، وجعلا اسما واحداً ، وقيل : أصلها هل أم أي أقصد فنقلت حركة الهمزة إلى اللام وأسقطت ، ثمَّ جعلا كلمة واحدة للدعاء وأهل الحجاز ينادون بها بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع ، وعليه قوله تعالى : «وَالْقائِلِينَ لِإِخْوأنّهم هَلُمَّ إِلَيْنا »(١) وفي لغة نجدّ تلحقها الضمائر وتطابق ، فيقال : هلم وهلـمّا وهلموا وهلمن ، لأنّهم يجعلونها فعلا فيلحقونها الضمائر ، وقال : أبو زيد : استعمالها بلفظ واحد للجميع من لغة عقيل ، وإلحاق الضمائر من لغة بنيّ تميم ، وعليه أكثر العرب ، وتستعمل لازمة نحو هلم إلينا أي أقبل ، ومتعدية نحو هلم شهدائكم ، أي أحضروهم انتهى.

فيحتمل أن يكون جرا مفعولا به ، ومفعولا لأجله فلا تغفل.

« بهذا الدّين » أي التشيع « عن قرابة نبيّه » كبنيّ العبّاس وأكثر بنيّ الحسنعليه‌السلام ، بل أكثر بنيّ الحسينعليه‌السلام أيضاً ، وفيه إشعار بأن من لم يقل بإمامة الاثني عشرعليهم‌السلام فهو خارج عن الدّين ، وفيه دلالة على فضل العجم على العرب في الإيمان ، كما يدلّ عليه أخبار كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير.

روى علي بن إبراهيم في تفسيره عند قوله تعالى : «وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ

__________________

(١) سورة الأحزاب : ١٨.

٢٤٢

جرّاً فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء لقد قضيت عنه في هلال ذي الحجّة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ولكن قد سمعت ما لقي يوسف من إخوته.

٣ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء قال : قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إنّهم رووا عنك في موت أبي الحسنعليه‌السلام أن رجلاً قال : لك علمت ذلك

________________________________________________________

فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ »(١) عن الصادقعليه‌السلام انّه قال : لو نزل القرآن على العجم ما آمنت به العرب وقد نزل على العرب فآمنت به العجم.

وفي كتاب الغيبة للشيخ الطوسيقدس‌سره القدّوسي بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : اتق العرب فإن لهم خبر سوء ، أما انّه لا يخرج مع القائم منهم أحد.

ومن طريق العامة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو كان الدّين بالثّريا لنالته رجال من فارس.

قولهعليه‌السلام : لقد قضيت عنه ، أي عن إبراهيم « ألف دينار » أي دينا كان عليه « بعد أن أشفى » أي أشرف « على طلاق نسائه » لعجزه عن نفقاتهن ، وكذا عتق المماليك للعجز عن النفقة ، مع كون البيع لا يليق بذوي المروات والأشراف ، أو الطّلاق لجبر الحكام باستدعاء الزوجات.

وقال : بعض الأفاضل ضمير عنه راجع إلى الّذي عنى إبراهيم ، وانّما هم بطلاق نسائه وعتق مماليكه لانّه أراد أن يشرد من الغرماء ، فلا يختموا بيوت نسائه ولا يأخذوا مماليكه ، انتهى.

وقال : المحدّث الأسترآبادي (ره) أي قضيت عن الّذي غر إبراهيم وكانّه عباس أخوهما ، انتهى.

وقيل : كان حلف بطلاق نسائه وعتق مماليكه أن يؤدّ ديونهم في موعد قضىعليه‌السلام دينه قبل ذلك ، ولا يخفى بعد الجميع.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« إنّهم رووا » أي الواقفية « إنّ رجلا قال : لك » غرضهم انّهعليه‌السلام انّما علم وفاة

__________________

(١) سورة الشعراء : ١٩٨.

٢٤٣

بقول سعيد ، فقال : جاء سعيد بعد ما علمت به قبل مجيئه قال : وسمعته يقول طلّقت أمّ فروة بنت إسحاق في رجب بعد موت أبي الحسن بيوم قلت طلقتّها وقد علمت بموت أبي الحسن ؟ قال : نعم قلت : قبل أن يقدم عليك سعيد قال : نعم.

________________________________________________________

أبيه بقول سعيد ولا يحصل العلم بمحض قوله ، ولـمّا قال : الرجلّ ذلك له صدّقه ولم ينكره ، وهذا يدلّ على انّه حقَّ ، والظاهر أنّ سعيداً كان من خدمة الإمامينعليهما‌السلام وقد يقال : انّه أخت صفوان بن يحيى ، وأما طلاق أم فروة فالّذي سمعت من الوالد العلامةقدس‌سره نقلا عن مشايخه أن أم فروة كانت من نساء الكاظمعليه‌السلام ، وطلاقها بعد العلم بموته مبنيّ عليّ أن الرضاعليه‌السلام كان وكيلاً من قبل أبيهعليهما‌السلام في طلاق نسائه ، كما مرّ انّهعليه‌السلام فوض أمرّ نسائه إليه ، والعلم الّذي يكون مناطا للحكم الشرعي هو العلم بالأسباب الظاهرة ، لا العلم الّذي يحصل من طريق الإلهام وأمثاله.

فإن قيل : ما فائدة هذا الطّلاق الّذي ينكشف فساده بعد العلم بتاريخ الفوت؟

قلت : أمورهمعليهم‌السلام أرفع من أن تناوله عقولنا القاصرة فلعلهم رأوا فيه مصلحة لا نعلمها.

وقد يقال : انّهعليه‌السلام أخبرها بالموت وكانت عدَّة الوفاة من حين الخبر ، وانّما طلقها ظاهراً تقية ليمكنها التزويج بعد انقضاء عدَّة الوفاة ، لانّه لم يمكنهم ظاهراً بناء الأمر على العلم الخفي ، وكان يصير سبباً لتشنيع المخالفين ، وكان في تعجيل تزويجها أو إخراجها عن بيتهعليه‌السلام مصلحة.

وأقول : يخطر بالبال انّه يمكن أن يكون حكم أزواجهمعليهم‌السلام حكم أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عدم جواز تزويجهن بعد وفاتهمعليهم‌السلام إلّا بالطّلاق والخروج عن هذه الحرمة ، وهذا الطّلاق يكون بعد الوفاة أيضاً كما ورد أن أمير المؤمنينعليه‌السلام طلق عائشة بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجت من عداد أمهات المؤمنين ، فلعلّ الفائدة في هذا الطّلاق هذا لعلمه بأنها لا تطيعه في ترك التزويج لكن لم أر هذا في غير هذا الخبر.

ويمكن أن يكون المراد التطليق بالمعنى اللغوي أي أخرجتها من البيت لقطع

٢٤٤

٤ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن صفوان قال : قلت للرضاعليه‌السلام أخبرني عن الإمام متى يعلم انّه إمام حين يبلغه أنَّ صاحبه قد مضى أو حين يمضي مثل أبي الحسن قبض ببغداد وأنت ههنا ، قال : يعلم ذلك حين يمضي صاحبه ، قلت بأي شيء قال : يلهمه الله.

٥ - عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي الفضل الشهباني ، عن هارون بن الفضل قال : رأيت أبا الحسن عليّ بن محمّد في اليوم الّذي توفّي فيه أبو جعفرعليه‌السلام فقال : «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » مضى أبو جعفرعليه‌السلام فقيل له وكيف عرفت ؟ قال : لانّه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها.

________________________________________________________

علاقة الزوجيّة وعدم وجوب الإسكان في عدَّة الوفاة ، وربمّا يقرأ طلعتها بالعين المهملة على بناء التفعيل أي اطلعتها وأخبرتها ، وهذا مخالف للمضبوط في النسخ ، وبالجملة هذا من غوامض الأخبار ، وليس شيء من تلك الوجوه ممّا تسكن إليه النفس.

الحديث الرابع : صحيح.

« ومثل » مرفوع خبر مبتدإ محذوف ، أي موضع المسألة مثل هذه الواقعة ، أو منصوب بنيابة المفعول المطلق ، أي مثل مضي أبي الحسن ، وجملة « قبض » استئناف بياني « وأنت هيهنا » جملة حالية.

الحديث الخامس : مجهول وأبو الحسن : الثالثعليه‌السلام ، وأبو جعفر الجوادعليه‌السلام « تداخلني » أي دخلني ، وفيه مبالغة ولـمّا كانت الإمامة منتهى درجات الكمال للبشر وهو يستلزم نهاية معرفة الله عزَّ وجلّ ، وهي مستلزمة لغاية الإخبات والخضوع والتذلّل له تعالى ، فلذا استدلّعليه‌السلام بحصولها عليّ حصول الإمامة ، وانّما قال :عليه‌السلام ذلك على وفق فهم السائل ، وإلّا فانّهعليه‌السلام كان اطلّع بإلهامه تعالى واطّلاعه على ملكوت السماوات والأرض ، بل حضر عند موته وغسله ودفنه والصلاة عليه كما ورد في الأخبار.

٢٤٥

٦ - عليُّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن مسافر قال : أمرّ أبو إبراهيمعليه‌السلام حين أخرج به - أبا الحسنعليه‌السلام أن ينام على بابه في كل ليلة أبدا ما كان حيا إلى أن يأتيه خبره قال : فكنا في كل ليلة نفرش لأبي الحسن في الدهليز ثمَّ يأتي بعد العشاء فينام فإذا أصبح انصرف إلى منزله قال : فمكث على هذه الحال أربع سنين فلـمّا كان ليلة من الليالي أبطأ عنا وفرش له فلم يأت كما كان يأتي فاستوحش العيال وذعروا ودخلنا أمرّ عظيم من إبطائه فلـمّا كان من الغد أتى الدّار ودخل إلى العيال وقصد إلى أم أحمد - فقال : لها هات التي أودعك أبي فصرخت ولطمت وجهها وشقت جيبها وقالت مات والله سيّدي ، فكفّها وقال : لها لا تكلمي بشيء ولا تظهريه حتّى يجيء الخبر إلى الوالي فأخرجت إليه سفطاً وألفي دينار أو أربعة آلاف دينار فدفعت ذلك أجمع إليه دون غيره وقالت انّه قال : لي فيما بيني وبينه وكانت أثيرة عنده احتفظي بهذه الوديعة عندك لا تطلعي عليها أحداً حتّى أموت فإذا مضيت فمن أتاك من ولدي فطلبها منك فادفعيها إليه واعلمي أنّي قد مت وقد جاءني والله علامة

________________________________________________________

الحديث السادس : حسن.

والدهليز بالكسر ما بين الباب والدّار ، « فمكث » أي استمرّ و « فرش له » على بناء المجهول و « ذعروا » عليّ بناء المعلوم أو المجهول ، في القاموس : الذعر بالضمّ الخوف ذعر كعنّي فهو مذعور ، وبالفتح التخويف كالإذعار وبالتحريك الدّهش ، وأمّ أحمد زوجة الكاظمعليه‌السلام الخطبة عنده « هات » اسم فعل بمعنى أعطني « فصرخت » أي صاحت صيحة شديدة « فكفها » أي منعها ، وفي القاموس : السفط محركة كالجوالق أو كالقفة ، وفي المغرب : السفط واحد الأسفاط وهو ما يصان فيه الطيّب وما أشبهه من آلات النساء ، ويستعار للتابوت الصغير ، انتهى.

وكانّه كان في السفط ودائع الإمامة وإسرارها « أو أربعة » الترديد من الراوي « وكانت أثيرة » معترضة من كلام مسافر والأثيرة المختارة الراجحة على غيرها ، في القاموس : فلان أثيري أي من خلصائي ، وضمير عنده لأبي إبراهيم « لا تطلعي » من باب

٢٤٦

سيّدي ، فقبض ذلك منها وأمرهم بالإمساك جميعاً إلى أن ورد الخبر وانصرف فلم يعدّ لشيء من المبيت كما كان يفعل فما لبثنا إلّا أيّاماً يسيرة حتّى جاءت الخريطة بنعيه فعددنا الأيّام وتفقدنا الوقت فإذا هو قد مات في الوقت الّذي فعل أبو الحسنعليه‌السلام ما فعل من تخلفه عن المبيت وقبضه لـما قبض.

( باب )

( حالات الأئمةعليهم‌السلام في السن )

١ - عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن يزيد الكناسي قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام أكان عيسى ابن مريمعليه‌السلام حين تكلّم في المهد حجّة [ ا ] لله على أهل زمانه ؟ فقال : كان يومئذ نبيّاً حجّة الله

________________________________________________________

الأفعال ، والخريطة الكيس يصان فيه المكتوب ويشدّ رأسه ، والنعي خبر الموت ، والتفقد طلب الشيء عند غيبته.

وحاصل الخبر : أنّ الرضاعليه‌السلام في تلك الليلة ذهب بطي الأرض بأمرّ الله تعالى من المدينة إلى بغداد للحضور عند موت والده ودفنه والصلاة عليه ، ورجع في تلك الليلة كما وقع التصريح بجميع ذلك في أخبار أخرى أوردتها في الكتاب الكبير.

باب حالات الأئمة (ع) في السن

الحديث الأول : كالصحيح.

« حجّة الله » أي إماماً للناس مرسلاً إليهم أو كان نبيّاً يجب على الناس الإقرار بإمامته فعلى الأوّل حاصل الجواب انّه لم يكن حينئذ إماماً ولكن كان حجّة لمريمعليها‌السلام على الحاضرين عندها ، ولم يكن مرسلاً إلى قوم ، وعلى الثاني المعنى انّه كان نبيّاً وكان يجب على كل من سمع كلامه الإقرار بنبوّته ، لكن لم يكن مرسلاً إليهم مأموراً بتبليغ الرسالة إليهم ، أو كان حجّة الله على نفسه ولم يكن مبعوثاً على غيره ، وظاهر الخبر انّه لم يكن مأموراً حينئذ بأحكام الإنجيل وتبليغه ، فالمراد بالكتاب التوراة ، أو المعنى سيؤتيني الكتاب ، أو يكون مكلّفاً بالعمل بالإنجيل ولم يكن

٢٤٧

غير مرسل أما تسمع لقوله حين قال : «أنّي عَبْدُ اللهِ آتأنّي الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصأنّي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا »(١) قلت فكان يومئذ حجّة لله على زكريّا في تلك الحال وهو في المهد فقال : كان عيسى في تلك الحال آية للناس ورحمة من الله لمريم حين تكلّم فعبّر عنها وكان نبيّاً حجّة على من سمع

________________________________________________________

مأموراً بالتبليغ ، فالمراد بقولهعليه‌السلام حين أوحى الله إليه ، الوحي بالتبليغ والرسالة.

قال : الطبرسيرحمه‌الله في قوله تعالى : «أنّي عَبْدُ اللهِ » قدمعليه‌السلام إقراره بالعبودية ليبطل به قول من يدعى له الربوبية وكان الله سبحانّه نطقه بذلك لعلمه بما تقوله الغالون فيه ، ثمَّ قال : «آتأنّي الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نبيّاً » أي حكم لي بإيتاء الكتاب والنبوة.

وقيل : إن الله سبحانّه أكمل عقله في صغره وأرسله إلى عباده وكان نبيّاً مبعوثاً إلى الناس في ذلك الوقت مكلفاً عاقلاً ، ولذلك كانت له تلك المعجزة عن الحسن والجبائي.

وقيل : انّه كلّمهم وهو ابن أربعين يوماً عن وهب ، وقيل : يوم ولد عن ابن عباس وأكثر المفسرين ، وهو الظاهر.

وقيل : إنّ معناه سيؤتيني الكتاب وسيجعلني نبيّاً ، وكان ذلك معجزة لمريمعليها‌السلام على براءة ساحتها «وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ » أي جعلني معلـمّا للخبر ، عن مجاهد وقيل : نفاعاً حيثما توجهت ، والبركة نماء الخير ، والمبارك الّذي ينمي الخير به ، وقيل :

ثابتا دائماً على الإيمان والطّاعة ، وأصل البركة الثبوت عن الجبائي «وَأَوْصأنّي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ » أي بإقامتهما «ما دُمْتُ حَيًّا » أي ما بقيت حيّاً مكلّفاً «آيَةً لِلنَّاسِ » أي علامة قدرة الله على كل شيء ، أو معجزة دالة على براءة مريم.

« فعبر عنها » على بناء التفعيل أي أعرب عمّا في ذهن مريم من براءتها ممّا قالوا فيها ، واحتج على الناس من قبلها ، وفي بعض النسخ فغيّر بالغين المعجمة والياء ،

__________________

(١) سورة مريم : ٣١.

٢٤٨

كلامه في تلك الحال ، ثمَّ صمت فلم يتكلّم حتّى مضت له سنتان وكان زكريّا الحجّة لله عزَّ وجلّ على الناس بعد صمت عيسى بسنتين ثمَّ مات زكريا فورثه ابنه يحيى الكتاب والحكمة وهو صبيُّ صغيرٌ ، أما تسمع لقوله عزَّ وجلّ «يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً »(١) فلـمّا بلغ عيسىعليه‌السلام سبع سنين تكلّم بالنبوة والرسالة حين أوحى الله تعالى إليه فكان عيسى الحجّة على يحيى وعلى الناس أجمعين وليس تبقى الأرض يا أبا خالد يوماً واحداً بغير حجّة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدمعليه‌السلام وأسكنه الأرض فقلت جعلت فداك أكان عليُّعليه‌السلام حجّة من الله ورسوله

________________________________________________________

أي غيّر وأزال التهمة عنها ، ولعلّه تصحيف « فلم يتكلّم » أي بالنبوة والرسّالة ثمّ تكلم بعد السنتين بالنبوة ، وبعد سبع بها وبالرسالة ، أو لم يتكلّم أصلا في محضر الناس ، لورود بعض الأخبار بتكلمه قبل ذلك.

«يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ » قال : الطبرسيرحمه‌الله تقديره : فوهبنا له يحيى وأعطيناه الفهم والعقل وقلنا يا يحيى خذ الكتاب ، يعنّي التوراة بما قواك الله عليه وأيدك به ، ومعناه وأنت قادر على أخذه قوي على العمل ، وقيل : معناه بجدّ وصحّة عزيمة على القيام بما فيه «وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » أي آتيناه النبوّة في حال صباه ، وهو ابن ثلاث سنين عن ابن عباس ، وقيل : إن الحكم الفهم.

« الحجّة على يحيى » لانّه كان من أولي العزم ، وهم حجج على سائر الأنبياء ، والحجج الّذين في زمأنّهم ، وأبو خالد كنية ليزيد الكناسي ، والظّاهر انّه القماط الثقة ، فالظّاهر أن الخبر صحيح.

« كان عليّعليه‌السلام حجّة » أقول : يدل على أن إمامة عليّعليه‌السلام كان في حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً ، وهو لا ينافي كونه رعية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كالأنبياء الّذين كانوا في زمن أولوا العزم كما أومأنا إليه ، واختلف أصحابنا في ذلك فذهب الأكثر إلى أن الإمامة انّما تثبت لكلّ منهمعليهم‌السلام بعد وفاة من تقدمه ، وذهب بعضهم إلى أن جميعهم

__________________

(١) سورة مريم : ١٢.

٢٤٩

على هذه الأمّة في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : نعم يوم أقامه للناس ونصبه علـمّا ودعاهم إلى ولايته وأمرهم بطاعته قلت وكانت طاعة عليّعليه‌السلام واجبة على الناس في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد وفاته فقال : نعم ولكنّه صمت فلم يتكلّم مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت الطّاعة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على أمته وعلى عليّعليه‌السلام في حياة رسول

________________________________________________________

في كل الأزمنة أئمّة تجب طاعتهم لكن واحد منهم ناطق والباقي صامتون.

سئل السيد المرتضىرضي‌الله‌عنه في المسائل العكبرية : قد كان أمير المؤمنين والحسن والحسينعليهم‌السلام في زمان واحد ، جميعهم أئمّة منصوص عليهم فهل كانت طاعتهم جميعاً واجبة في وقت واحد؟ وهل كانت طاعة بعضهم على بعض فرّض طاعة من كان يجب منهم وكيف كانت الحال في ذلك؟ فأجابقدس‌سره أن الطّاعة في وقت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت له من جهة الإمامة دون غيره ، فلـمّا قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صارت الإمامة من بعده لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومن عداه من الناس رعية له ، فلـمّا قبض صارت الإمامة للحسن ابن عليّ والحسينعليهما‌السلام إذ ذاك رعية لأخيه الحسنعليه‌السلام ، فلـمّا قبض الحسنعليه‌السلام صار الأمر إلى الحسينعليه‌السلام ، وهو إمام مفترض الطّاعة على الأنام وهكذا حكم كل إمام وخليفة في زمانّه ، ولم يستند الجماعة في الإمامة بشيء إلى ما ذكرناه ، وقد قال : قوم من أصحابنا الإماميّة أن الإمامة كانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين في وقت واحد ، إلّا أن النطق والأمر والنهي كان لرسول الله مدة حياته دون غيره ، وكذلك كان الأمر لأمير المؤمنين صلوات الله عليه والحسن والحسينعليهما‌السلام ، وجعلوا الإمام في وقت صاحبه صامتا وجعلوا الأوّل ناطقا ، وهذا خلاف في عبارة والأصل ما قدمناه.

وقال : قدّس الله روحه في كتاب سياق الاستدلال بآية : انّما وليّكم الله ، على خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإن قيل : لو كان المراد بالآية الإمامة لوجب أن تكون ثابتة في الحال ، وقد أجمع المسلمون على أن لا إمام مع النبي؟ قيل له : إنّا بينّا أنّ المراد بلفظ الوليّ فرض الطاعة والاستحقاق للتصرف بالأمر والنهي وهذا ثابت له في الحال فادّ عاء

٢٥٠

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانت الطاعة من الله ومن رسوله على الناس كلّهم لعليّعليه‌السلام بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان عليٌّعليه‌السلام حكيماً عالماً.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن صفوان بن يحيى قال : قلت للرضاعليه‌السلام قد كنّا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفرعليه‌السلام فكنت تقول يهب الله لي غلاماً فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من فأشار بيده إلى أبي جعفرعليه‌السلام وهو قائم بين يديه فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين قال : وما يضّره من ذلك شيء قد قام عيسىعليه‌السلام بالحجّة وهو ابن ثلاث سنين.

________________________________________________________

الإجماع بخلاف ذلك ادّعاء الاتفاق لـمّا فيه الخلاف ، إلى آخر كلامهرحمه‌الله .

قولهعليه‌السلام : حليماً(١) ، قيل : أي عاقلا مراعيا للآداب اللازمة ، وأقول : لعله أرادعليه‌السلام أن عدم معارضته للغاصبين لخلافته لم يكن لعدم إمامته بل لكونه حليماً رزيناً عالـمّا بالمصالح وكان لا يرى المصلحة في معارضتهم فلذا صبر وسلم ظاهراً حتّى أمكنه الفرصة ، وفي بعض النسخ حكيماً عالـمّا ، وقد قال : تعالى : «وَانّه فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعليّ حَكِيمٌ »(٢) وورد في الخبر انّه إشارة إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام .

الحديث الثاني : صحيح.

وقد مرّ في باب الإشارة والنصّ على أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وينافي بظاهره ما مرّ في الخبر السابق إلّا أن يقال : نزل عليه الكتاب في السّنة الثالثة ولم يؤمرّ بتبليغه إلى السّنة السابعة ، أو يكون المراد بالحجّة النبوة لا الرسالة ، ويكون المراد انّه كان حجّة في ثلاث سنين وانّ كان قبله أيضاً كذلك ، أو يكون تكلمه بعد صمته بالنبوة في هذا السن وبالرسالة بعد سبع سنين ، ويحتمل أن يكون ضمير هو راجعاً إلى أبي جعفرعليه‌السلام أي كان عيسى حجّة في المهد وأبو جعفر أكبر منه له ثلاث سنين.

__________________

(١) وفي المتن « حكيماً » وسيأتي في كلام الشارح (ره) أيضاً.

(٢) سورة زخرف : ٤.

٢٥١

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن سيف ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال : قلت له إنّهم يقولون في حداثة سنّك ، فقال : إنَّ الله تعالى أوحى إلى داود أن يستخلف سليمان وهو صبيُّ يرعى الغنم ، فأنكر ذلك عباد بنيّ إسرائيل وعلماؤهم فأوحى الله إلى داودعليه‌السلام أن خذ عصا المتكلّمين وعصا سليمان واجعلها في بيت واختم عليها بخواتيم القوم فإذا كان من الغد فمن كانت عصاه قد أورقت وأثمرت فهو الخليفة فأخبرهم داود فقالوا قد رضينا وسلّمنا.

٤ - عليُّ بن محمّد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن مصعب ، عن مسعدة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : أبو بصير دخلت إليه ومعي غلام يقودني

________________________________________________________

الحديث الثالث : مرسل.

قال : الجوهري : العصا مؤنّثة والجمع عصا وعصي ، وهو فعول ، وانّما كسرت العين لـمّا بعدها من الكسرة ، والمتكلّمون هم الّذين تكلموا في نبوّة سليمان « فإذا كان من الغد » أي الزّمان الّذي هو من جملة الغد ، وقيل : من زائدة للدلالة على أن المراد أوّل الغد ، أو فاعله ضمير راجع إلى ما جرى ونحوه ، ومن بمعنى في « فقالوا » أي بعد ما فعلوا المأمور به وشاهدوا المعجز لا قبلها كما توهّم.

ويؤيّده ما رواه الصّدوقرحمه‌الله في إكمال الدّين بإسناده عن الصادقعليه‌السلام قال : إن داودعليه‌السلام أراد أن يستخلف سليمان لأنّ الله عزَّ وجلّ أوحى إليه يأمره بذلك ، فلـمّا أخبر بنيّ إسرائيل ضجّوا من ذلك وقالوا : يستخلف علينا حدثا وفينا من هو أكبر منه؟ فدعا أسباط بنيّ إسرائيل فقال : لهم : قد بلغتني مقالتكم فأروني عصيكم فأي عصا أثمرت فصاحبها ولي الأمر بعدي ، فقالوا : رضينا ، وقال : ليكتب كل واحد منكم اسمه على عصاه ، فكتبوا ثمَّ جاء سليمان بعصاه فكتب عليها ثمَّ أدخلت بيتا وأغلق الباب وحرسه رؤوس بنيّ إسرائيل ، فلـمّا أصبح صلّى بهم الغداة ثمَّ أقبل ففتح الباب فأخرج عصاهم ، وقد أورقت عصا سليمان وقد أثمرت فسلموا ذلك لداود ، الخبر.

الحديث الرابع : ضعيف.

وفي القاموس : غلام خماسي : طوله خمسة أشبار ، ولا يقال : سداسيّ ولا سباعيّ

٢٥٢

خماسيَّ لم يبلغ ، فقال : لي كيف أنتم إذا احتج عليكم بمثل سنّه أو قال : سيلي عليكم بمثل سنه.

٥ - سهل بن زياد ، عن عليّ بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : سألته يعنّي أبا جعفرعليه‌السلام عن شيء من أمرّ الإمام فقلت يكون الإمام ابن أقلَّ من سبع سنين فقال : نعم وأقلَّ من خمس سنين ، فقال سهل : فحدَّثني عليُّ

________________________________________________________

لانّه إذا بلغ ستّة أشبار فهو رجلّ ، وكذا ذكره سائر اللغويّين ، وقد يطلق على من له خمس سنين ، ولم أجدّ بهذا المعنى في كتب اللغة ، فعلى الأوّل الظّاهر انّه إشارة إلى الجوادعليه‌السلام وعلى الثاني إلى القائمعليه‌السلام فإن سنةعليه‌السلام كان عند الإمامة قريباً من خمس سنين ، وأما الجوادعليه‌السلام فالمشهور انّه كان له حينئذ تسع سنين وكسرّ ، على انّه يحتمل أن يكون التشبيه في محض عدم البلوغ ، وقوله : لم يبلغ تأكيد أو لبيان انّه كان قصر قامته من جهة قلة السن فانّه قد يكون من بلغ أقل من خمسة أشبار ، لكن الظّاهر أن الخماسي انّما لم تطلق على غلام كان في سن النمو لم يبلغ لا مطلقاً.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« من أمرّ الإمام » أي فضله وصفاته ، قولهعليه‌السلام : وأقل من خمس سنين ، الظّاهر انّه إشارة إلى القائمعليه‌السلام ويدل على انّه كان له عند إمامته أقل من خمس سنين ، وهو موافق لجميع التواريخ الآتية لأنّهم اتفقوا على أن وفاة أبي محمّدعليه‌السلام كانت في سنة ستين ومائتين والأكثر على أنها كانت في شهر ربيع الأوّل ، والأكثر على أن ولادة القائمعليه‌السلام كانت خمس وخمسين ومائتين ، وفي بعض الروايات ست وخمسون ، فعلى الأوّل كان عمرهعليه‌السلام عنه مضى أبيهعليه‌السلام أقل من خمس سنين بأشهر ، وعلى الثاني بستّة أشهر ، وهذا الخبر يؤيد الأوّل « قال : سهل » الظّاهر أن سهلاً كان حمل هذه الرواية في أوائل سنّه ، وكانت روايته لعليّ بن محمّد وغيره في أواخر عمره ، وكانت بعد تحقق ما ذكر في الخبر من إمامة القائمعليه‌السلام في هذا السن ، وانّما قال : ذلك لئلّا يتوهم

٢٥٣

ابن مهزيار بهذا في سنة إحدى وعشرين ومائتين.

٦ - الحسين بن محمّد ، عن الخيرانّي ، عن أبيه قال : كنت واقفاً بين يدي أبي الحسنعليه‌السلام بخراسان فقال : له قائل يا سيّدي إن كان كون فإلى من قال : إلى أبي جعفر ابنيّ فكأن القائل استصغر سن أبي جعفرعليه‌السلام فقال : أبو الحسنعليه‌السلام إن الله تبارك وتعالى بعث عيسى ابن مريمعليه‌السلام رسولاً ، نبيّاً ، صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الّذي فيه أبو جعفر.

٧ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط قال : رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وقد خرج عليَّ فأخذت النظر إليه وجعلت أنظر إلى رأسه ورجليه لأصف قامته

________________________________________________________

أن الراوي وضع الحديث بعد تحقق هذه الأحوال ، فنبه به على أن الرواية كانت قبلها ، وانّ الخبر مشتمل على الإعجاز ، ولا ريب في مضمونه ولا استبعاد في بقاء سهل إلى هذا الزّمان ، لأنّهم ذكروا انّه كاتب أبا محمّدعليه‌السلام سنة خمس وخمسين ومائتين ، فيمكن أن يكون بقي إلى وفاتهعليه‌السلام ، ويروي عنه وكلاء القائمعليه‌السلام وأصحاب التوقيعات منهعليه‌السلام .

الحديث السادس : مجهول وقد مضى بعينه في باب النصّ على أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، وربما يستدل به على حجية القياس بالطريق الأولى لأن ظاهر السياق انّهعليه‌السلام استدل بانّه إذا جازت النبوة والرسالة وابتداء الشريعة في السن الأقل فجواز الإمامة التي هي النيابة عن الرّسول في السن الأكثر ثابت بطريق أولى ، وفيه : أن هذا ليس باستدلال بل دفع استبعاد وإثبات الإمامة انّما هو بالنصوص والمعجزات وكون سنّهعليه‌السلام أكثر لانّه قد مرّ أن رسالة عيسى كان في سبع سنين وإمامة أبي جعفرعليه‌السلام كانت إما بعد تسع سنين مضى من عمرّة ، أو سبع سنين وخمسة أشهر على اختلاف الروايات كما سيأتي في أبواب التاريخ.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

« فأخذت » أي شرعت في النظر إليه وفي بعض النسخ بالجيم والدال المهملة

٢٥٤

لأصحابنا بمصر ، فبينا أنا كذلك حتّى قعدّ فقال : يا عليّ إنّ الله احتجّ في الإمامة بمثل ما احتجّ به في النبوَّة فقال : «وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً »(١) و «لـمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ

________________________________________________________

أي نظرت نظراً جيّداً باهتمام ، وفي بعضها : أحددت ، بالحاء المهملة كما في البصائر ، أي نظرت نظراً حادّاً.

قوله « ولـمّا بلغ أشده » أقول : هذا لا يوافق ما في المصاحف ، فإن مثل ذلك في القرآن في ثلاثة مواضع ، أحدها في سورة يوسف هكذا : «وَلـمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلـمّا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ »(٢) وثانيها في سورة الأحقاف هكذا : «وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قال : رَبِّ أَوْزِعنّي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عليّ وَعَلى والِدَيَّ وانّ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي أنّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَأنّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ »(٣) ثالثها في سورة القصص في قصّة موسى هكذا «وَلـمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلـمّا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ »(٤) .

وما في الخبر لا يوافق شيئاً منها ، ولعلّه من تصحيف النّساخ لانّه روى صاحب تأويل الآيات الباهرة عن العياشي بإسناده عن عليّ بن أسباط قال : قدمت المدينة وأنا اُريد مصر فدخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضاعليهما‌السلام وهو إذ ذاك خماسي فجعلت أتأمله لأصفه لأصحابنا بمصر ، فنظر إلىّ وقال : يا عليّ إنّ الله أخذ في الإمامة كما أخذ في النبوة فقال : سبحانّه في يوسف : «وَلـمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلـمّا » وقال : عن يحيى : «وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا » وراوي الخبرين واحد.

ويحتمل أن يكونعليه‌السلام نقل الآية بالمعنى إشارة إلى آيتي سورة يوسف والأحقاف ، ليتمّ الاستدلال وحاصله انّه تعالى قال : في سورة يوسف «وَلـمّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً » ، وفسرّ الأشدّ في الأحقاف بقوله «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » ، وعليه

__________________

(١) سورة مريم : ١٢. (٢) الآية : ٢٢.

(٣) الآية : ١٥. (٤) الآية : ١٤.

٢٥٥

أَرْبَعِينَ سَنَةً » فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبيّ ويجوز أن يؤتاها وهو ابن أربعين سنة.

٨ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه قال : قال : عليّ بن حسّان لأبي جعفرعليه‌السلام يا سيّدي إن النّاس ينكرون عليك حداثة سنك فقال : وما ينكرون من ذلك قول الله عزَّ وجلّ لقد قال : الله عزَّ وجلّ لنبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ

________________________________________________________

حمله جماعة من المفسرين.

قال : الطبرسي (ره) «حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ » وهو ثلاث وثلاثون سنة وقيل : بلوغ الحلم ، وقيل : وقت قيام الحجّة عليه ، وقيل : هو أربعون سنة وذلك وقت إنزال الوحي على الأنبياء ، وكذلك فسرّ به ، فقال : «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً » فيكون هذا بيانا لزمان الأشدّ ، انتهى.

ويحتمل أن يكون إشارة إلى الآيات الثلاث جميعاً ، وقد ورد في الأخبار أن آية الأحقاف نزلت في الحسينعليه‌السلام .

الحديث الثامن : حسن.

قولهعليه‌السلام « وما ينكرون » العبارة تحتمل وجوها ، الأوّل : أن تكون « ما » نافية أي لا يمكنهم في هذا الباب إنكار قول الله تعالى وقد قال : ذلك ، الثاني : أن تكون استفهاميّة أي أي شيء ينكرون من ذلك و « قول الله » استفهام آخر أي أينكرون قول الله ، الثالث : أن تكون « ما » استفهاميّة و « قول الله » مبتدأ و « من ذلك » خبره ، الرابع : أن تكون « ما » موصولة مبتدأ و « ينكرون » بتقدير ينكرونه ، ومن للسببية ، وذلك إشارة إلى إنكار حداثة السن ، وقول خبر المبتدأ وقوله : « لقد » استئنافا بيانيا.

أقول : وفي تفسير العياشي قال : قلت : جعلت فداك أنّهم يقولون في الحداثة؟ قال : وأي شيء يقولون؟ إن الله تعالى يقول : «قُلْ هذِهِ سَبِيلِي » إلى قوله

٢٥٦

عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعنّي »(١) فو الله ما تبعه إلّا عليّعليه‌السلام وله تسع سنين وأنا ابن تسع سنين.

________________________________________________________

فو الله ما كان اتّبعه إلّا علىّ وهو ابن سبع سنين ، ومضي أبي وأنا ابن تسع سنين ، فما عسى أن يقولوا؟ إن الله يقول : «فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ » إلى قوله «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

قولهعليه‌السلام فو الله ما اتبعه أي أولا أو حين نزول الآية ، فلـمّا خصه الله بالدعوة إلى الله مع الرّسول ، وقرنه معه يدل على انّه تتأتى الدعوة إلى الله ممن لم يبلغ الحلم ، ويكون في هذا السن ، أو انّه تعالى لـمّا وصفه بالمتابعة ومدحه بها يدل على أن المتابعة معتبرة في هذا السن فيدل على أن الأحكام تختلف بالنظر إلى الأشخاص ، والمراد فجاز أن تحصل لي الإمامة في هذا السن ، ويدل على أن سنةعليه‌السلام في أوّل بيعته للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان تسع سنين.

وما يفهم ممّا سيجيء في أبواب التاريخ من أن سنةعليه‌السلام حينئذ كان عشر سنين لا ينافي ذلك ، لـمّا بينا سابقا أن المحاسبين قد يسقطون الكسرّ بين العددين وقد يتمونه ، فهذا مبنيّ على الإسقاط ، وما سيأتي على الإكمال.

واختلف الخاصة والعامة في عمره في ذلك الوقت فقيل : سبع سنين كما هو في رواية العياشي في هذا الخبر ، وقيل : عشر سنين ، وقيل : ثمان سنين ، وقيل : اثنتا عشرة سنة ، وقيل : ثلاث عشرة سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة ، وأوفق الأقوال بالتواريخ المشهورة هو العشر سنين ، لأن المشهور أن عمرهعليه‌السلام عند شهادته كان ثلاثاً وستين سنة ، منها ثلاثون بعد الرّسول ومن البعثة إلى وفاة الرّسول ثلاث وعشرون سنة ، فلا يبقى إلّا عشر سنين ، وأما من زاد على ذلك فقد زاد على عمرهعليه‌السلام فقد ذكر جماعة أن عمرهعليه‌السلام كان خمساً وستين كما رواه المفيد عن جماعة ، فيكون سنّهعليه‌السلام عند بيعته اثنتا عشرة سنة ، ومن قال : أن عمرهعليه‌السلام كان ستا

__________________

(١) سورة يوسف : ١٠٨.

٢٥٧

________________________________________________________

وستّين فهو يقول كان سنّهعليه‌السلام حينئذ ثلاث عشرة سنة ، وأمّا خمس عشرة سنة وانّ رووا فيه روايات كثيرة لكنّه لا يوافق شيئاً من التواريخ.

وأما سبق إسلام أمير المؤمنينعليه‌السلام فممّا تواترت به روايات الخاصّة والعامّة وأوردت أكثرها في الكتاب الكبير.

وقال : ابن أبي الحديد بعد أن أورد روايات كثيرة في ذلك من كتاب الاستيعاب لابن عبد البر : واعلم أنّ شيوخنا المتكلّمين لا يكادون يختلفون في أنّ أوّل الناس إسلاماً عليّ بن أبي طالب إلّا من عساه خالف في ذلك من أوائل البصرييّن.

فأمّا الّذي تقرّرت المقالة عليه الآن فهو القول بانّه أسبق الناس إلى الإيمان لا نكاد نجدّ اليوم في تصانيفهم ، وعند متكلميهم والمحقّقين منهم خلافا في ذلك.

واعلم أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ما زال يدعي ذلك لنفسه ويفتخر به ، ويجعله حجّة في أفضليّته ويصرّح بذلك ، وقد قال : غير مرّة إنا الصديق الأكبر والفاروق الأوّل أسلّمت قبل إسلام أبي بكر ، وصليت قبل صلاته.

وروى عنه هذا الكلام بعينه أبو محمّد ابن قتيبة في كتاب المعارف وهو غير متهم في أمره.

ومن الشعر المرويّ عنه في هذا المعنى الأبيات التي أولها :

محمّد النبيّ أخي وصنوي

وحمزة سيّد الشهداء عمّي

ومن جملتها :

سبقتكم إلى الإسلام طرّاً

غلاماً ما بلغت أوان حلمي

انتهى.

وقال : الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب الفصول : أجمعت الأمة على أنّ أمير - المؤمنين أوّل ذكر أجاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يختلف في ذلك أحد من أهل العلم إلّا أنّ العثمانية طعنت في أيمان أمير المؤمنين بصغر سنّه في حال الإجابة ، وقالوا : إنّه

٢٥٨

________________________________________________________

لم يكن في تلك الحال بالغاً فيقع إيمانّه على وجه المعرفة ، وانّ إيمان أبي بكر حصل منه مع الكمال فكان على اليقين والمعرفة ، والإقرار من جهة التقليد والتلقين غير مساو للإقرار بالمعلوم المعروف بالدّلالة.

ثمَّ أجاب قدس الله روحه عن هذه الشبهة بوجوه :

الأوّل : منع كونهعليه‌السلام صبيّا في تلك الحال ، وذكر روايات تدلّ على انّه كان له خمس عشرة سنة ونحو ذلك.

الثاني : أنّا سلمنا انّه كان صغير السّن وكان له سبع سنين نقول : صغر السن لا ينافي كمال العقل ، وليس دليل وجوب التكليف بلوغ الحلم فيراعى ذلك ، هذا باتفّاق أهل النظر والعقول ، وانّما يراعى بلوغ الحلم في الأحكام الشرعية دون العقلية ، وقد قال : سبحانّه في قصّة يحيى : «وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا »(١) وقال : في قصّة عيسى : «قال : أنّي عَبْدُ اللهِ »(٢) الآية.

فلم ينف صغر سنّ هذين النبييّن كمال عقلهما ، والحكمة التي آتاهما الله سبحانّه ولو كانت العقول تحيل ذلك لإحالته في كلّ حالة وعلى كل حال ، وقد أجمع أهل التفسير إلّا من شذ منهم في قوله : «وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها »(٣) الآية انّه كان طفلا صغيراً في المهد أنطقه الله حتّى برأ يوسف من الفحشاء وأزال التهمة عنه.

الثالث : انّه لو لم يكن إيمانّهعليه‌السلام بالمعرفة والاستدلال وعلى غاية الكمال لـمّا مدحه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به ، ولـمّا جعله من فضائله ومناقبه ، فانّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يفضّل أحداً بما ليس بفضل ، ولا يجعل في المناقب ما ليس في جملتها ، فلـمّا مدح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنينعليه‌السلام بتقدّمه الإيمان. في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لفاطمةعليها‌السلام أما ترضين أنّي زوّجتك أقدمهم سلماً.

وقوله : أوّل هذه الأمة وروداً على نبيّها الحوض أولّها إسلاماً عليّ بن

__________________

(١) سورة مريم : ١٢. (٢) سورة مريم : ٣١.

(٣) سورة يوسف : ٢٦.

٢٥٩

________________________________________________________

أبيطالبعليه‌السلام .

وقوله : لقد صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين. وذلك انّه لم يكن من الرّجال أحد يصلّي غيري وغيره ، وأمثال ذلك.

ثبت أنّ إيمانهعليه‌السلام وقع بالمعرفة واليقين دون التقليد والتلقين ، لا سيّما وقد سمّاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيماناً وإسلاماً ، وما يقع من الصّبيان على وجه التلقين لا يسمّى على الإطلاق الديني إيماناً وإسلاما.

الرابع : أن أمير المؤمنينعليه‌السلام قد تمدّح به وجعله من مفاخره ، واحتجّ به على أعدائه وكرره في غير مقام من مقاماته ، فلو كان إيمانّه على ما ذهبت إليه النّاصبة لـمّا جاز منهعليه‌السلام أن يتمدّح به ، ولا أن يسميّه عبادة ، ولا أن يفخر به على القوم ، ولا أن يجعله تفضيلاً له على أبي بكر وعمرّ ، ولو انّه فعل من ذلك ما لا يجوز لردّه عليه مخالفوه ، واعترضه فيه مضادوه ، وفي عدول القوم من الاعتراض عليه في ذلك ، وتسليم الجماعة له ذلك ، دليل على ما ذكرناه ، وبرهان على فساد قول الناصبة.

الخامس : انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعا عليّاًعليه‌السلام في حال كان متسترا فيها بدينه كاتما لأمره ، خائفاً أن شاع من عدوّه ، فلا يخلو أن يكون قد كان واثقاً من أمير المؤمنينعليه‌السلام بكتم سرّه وحفظ وصيّته وامتثال أمره ، وحمله من الدّين ما حمله ، أو لم يكن واثقاً بذلك ، فإن كان واثقاً فلم يثق به إلّا وهو في نهاية كمال العقل وعلى غاية الأمانة وصلاح السريرة والعصمة والحكمة وحسن التدبير ، وانّ كان غير واثق منه بحفظ سرّه وغير آمن من تضييعه وإذاعة أمره ، فوضعه عنده من التفريط وضد الحزم والحكمة والتدبير ، وحاشى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ذلك ، ومن كل صفة نقص ، وقد أعلى الله عزَّ وجلّ رتبته وأكذب مقال : من ادّعى ذلك فيه ، وإذا كان الأمر عليّ ما وصفناه فما نرى الناصبة قصدت بالطعن في أيمان أمير المؤمنينعليه‌السلام إلّا عيب الرّسول والذم لأفعاله ، ووصفه بالعبث والتفريط ، انتهى خلاصة ما ذكره نور الله ضريحه في ذلك.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380