مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول5%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5514 / تحميل: 5136
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صواباً قلت ما تقولون إذا تكلمتم قال نمجّد ربّنا ونصلّي على نبيّنا ونشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا قلت «كَلاَّ أنّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ »(١) قال هم الذين فجروا في حقّ الأئمّة واعتدوا عليهم ،

________________________________________________________

إلّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحمن » وهم المؤمنون والملائكة «وَقالَ » في الدّنيا «صَواباً » أي شهد بالتوحيد وقال لا إله إلّا الله ، وقيل : أنّ الكلام هيهنا الشفاعة ، أي لا يشفعون إلّا من أذن له الرَّحمن أنّ يشفع عن الحسن والكلبي ، وروى معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سئل عن هذه الآية فقال : نحن والله المأذون لهم يوم القيامة والقائلون صواباً ، قلت : جعلت فداك ما تقولون؟ قال : نمجّد ربّنا ونصلّي على نبيّنا ونشفع لشيعتنا فلا يردنا ربنا ، رواه العيّاشي مرفوعاً ، انتهى.

وأقول : قد مضى أنّ الروح خلق أعظم من الملائكة وهو الّذي يسدد به الأئمّةعليهم‌السلام ، والأخبار الدالة على أنّ هذه الآية في شفاعة النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم للشيعة كثيرة ، أوردتها في الكتاب الكبير ، وروى محمّد بن العبّاس بإسناده عن أبي خالد القماط عن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام قال : إذا كان يوم القيامة وجمع الله الخلائق من الأولين والآخرين في صعيد واحد خلع قول لا إله إلّا الله من جميع الخلائق إلّا من أقر بولاية عليّعليه‌السلام ، وهو قوله تعالى : «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ » الآية.

«أنّ كِتابَ الفُجَّارِ » الآيات في المطففين وقد مرّ تفسيره في باب خلق أبدأنّ الأئمّة قال البيضاوي (ره) أي ما يكتب من أعمالهم أو كتابة أعمالهم «لَفِي سِجِّينٍ » كتاب جامع لإعمال الفجرة من الثقلين ، كما قال : «وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ ، كِتابٌ مَرْقُومٌ » ، أي مسطور بين الكتابة أو معلم بعلم من رآه أنه لا خير فيه فعيل من السجن لقب به الكتاب لأنه سبب الحبس ، أو لأنه مطروح - كما قيل - تحت الأرضين في مكان وحش وقيل : هو اسم المكان والتقدير ما كتاب السجين أو محلّ كتاب مرقوم ، فحذف المضاف ، ثمّ قال سبحانه : «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ، الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَما يُكَذِّبُ بِهِ إلّا كلّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ، إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ

__________________

(١) سورة المطففين : ٧.

١٦١

قلت : «ثمّ يقال هذَا الّذي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ »(١) قال يعني أمير المؤمنين قلت تنزيلٌ ؟ قال : نعم.

٩٢ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن الحسين بن عبد الرَّحمن ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ : «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَأنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً »(٢) قال يعني به ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام

________________________________________________________

كَلاَّ بَلْ رأنّ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ، كَلاَّ أنّهم عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ، ثمّ أنّهم لَصالُوا الْجَحِيمِ ، ثمّ يُقالُ هذَا الّذي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ » قالوا : يقول لهم الزبانية.

أقول : لا ريب أنّ الذين فجروا في حقّ الأئمّةعليهم‌السلام هم أشد الفجار والكفار « يعني أمير المؤمنين » الظاهر منه أنّ هذا إشارة إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو بطن الآية ، أو العذاب المشار إليه لترك الولاية ، أو القائل هوعليه‌السلام ، وكان في التنزيل هنا تأويلاً نحوا ممّا مرّ في أمثاله ، ويحتمل أنّ يكون في قراءتهمعليهم‌السلام : هذا أمير المؤمنين الّذي كنتم به تكذبون ، والله يعلم.

الحديث الثاني والتسعون : ضعيف وقد مرّ في التسعين الحسن بن عبد الرَّحمن والظاهر أنّ أحدهما تصحيف والحسين غير مذكور في كتب الرجال والحسن مذكور فيه لكن عدوه من رجال الصادقعليه‌السلام وكون هذا راوياً عنه في غاية البعد.

«وَمَنْ أَعْرَضَ » الآيات في سورة طه ، حيث قال عند ذكر آدم وحواءعليهما‌السلام ونزولهما من الجنّة «قالَ اهْبِطا مِنْها جميعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى » أي لا يضل في الدّنيا ولا يشقي في الآخرة «وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي » قال البيضاوي : أي عن الهدى الذاكر لي والداعي إلى عبادتي «فَأنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً » ضيقاً مصدر وصف به ، ولذلك يستوي فيه المذكر والمؤنّث ، وذلك لأنّ مجامع همه ومطامح نظره يكون إلى أغراض الدّنيا متهالكا على ازديادها خائفاً على انتقاصها بخلاف المؤمن الطالب للآخرة مع أنه تعالى قد يضيّق بشؤم الكفر

__________________

(١) سورة المطففين : ١٦.(٢) سورة الحجّ : ١٢٤.

١٦٢

قلت : «وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أَعْمى » قال يعني أعمى البصر في الآخرة أعمى القلب في الدّنيا عن ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال : وهو متحيّر في القيامة يقول : «لِمَ

________________________________________________________

ويوسّع ببركة الإيمان كما قال : «وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ »(١) «وَلَوْ أنّهم أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ »(٢) «وَلَوْ أنّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا »(٣) وقيل : هو الضريع والزقوم في النار ، وقيل : عذاب القبر.

«وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القيامة أَعْمى » أعمى البصر أو القلب ، ويؤيّد الأوّل «قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ » أي مثل ذلك فعلت ثمّ فسره فقال : «أَتَتْكَ آياتُنا » واضحة نيرة «فَنَسِيتَها » فعميت عنها وتركتها غير منظور إليها «وَكَذلِكَ » أي مثل تركك إياها «الْيَوْمَ تُنْسى » تترك في العمى والعذاب «وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ » بالانهماك في الشهوات والإعراض عن الآيات «وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ » بل كذبها وخالفها «وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ » هو الحشر على العمى ، وقيل : عذاب النار أي وللنار بعد ذلك «أَشَدُّ وَأَبْقى » من ضنك العيش ، أو منه ومن العمى ولعله إذا دخل النار زال عماه ليرى محلّه وماله أو ممّا فعله من ترك الآيات والكفر بها ، انتهى.

وفسّرعليه‌السلام الذكر بالولاية لشموله لها وكونها عمدة أسباب التذكر والذكر المذكور في الآية شامل لجميع الأنبياء والأوصياء وولايتهم ومتابعتهم وشرائعهم وما أتوا به لكون الخطّاب إلى آدم وحواء وأولادهما ، لكن أشرف الأنبياء نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأكرم الأوصياء وأفضل الشرائع شريعته فتخصيص أمير المؤمنينعليه‌السلام لكونه المتنازع فيه في هذه الأمة.

وروى عليّ بن إبراهيم بإسناده عن معاوية بن عمّار [ الدهني ] قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : عن قول الله : «فَأنّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً » قال : هي والله للنصاب ، قلت : جعلت فداك قد رأيتهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا؟ قال : ذلك والله في الرجعة يأكلون العذرة.

__________________

(١) سورة البقرة : ٦١.(٢) سورة المائدة : ٦٦.

(٣) سورة الأعراف : ٩٦.

١٦٣

حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها » قال الآيات الأئمّةعليهم‌السلام : «فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى » يعني تركتها وكذلك اليوم تترك في النار كما تركت الأئمّةعليهم‌السلام فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم قلت «وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى » قال يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام غيره ولم يؤمن بآيات ربه وترك الأئمّة معاندة فلم يتّبع آثارهم ولم يتولهم قلت «اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ »(١) قال ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام قلت «مَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ » قال معرفة أمير المؤمنين

________________________________________________________

وروى محمّد بن العبّاس في تفسيره بإسناده عن عيسى بن داود النجار عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام أنه سأل أباه عن قول الله عزَّ وجلَّ : «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى »(٢) قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أيها الناس اتبعوا هدى الله تهدوا وترشدوا وهو هداي وهداي بعدي عليّ بن أبي طالب ، فمن اتبع هداي في حياتي وبعد موتي فقد اتبع هداي ، ومن اتبع هداي فقد اتبع هدى الله ومن اتبع هدى الله فلا يضل ولا يشقي «وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ » في عداوة آل محمد.

قولهعليه‌السلام : الآيات الأئمّة ، قد مرّ مراراً أو المراد الآيات النازلة فيهم أو هي عمدتها ، وفسّر أكثر المفسرين الإسراف بالشرك بالله وفسّرعليه‌السلام بالشرك في الولاية فإنه يتضمن الشرك بالله كما مر.

«اللهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ » الآيات في حم عسق ، قال البيضاوي : بربهم ، بصنوف من البر الّتي لا تبلغها الأفهام «يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ » أي يرزقه كما يشاء ، فيخص كلا من عباده بنوع من البر على ما اقتضته حكمته ، وهو القوي الباهر القدرة العزيز المنيع الّذي لا يغلب «مَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ » ثوابها ، شبهه بالزرع من حيث أنه فائدة تحصل بعمل الدّنيا ولذلك قيل : الدّنيا مزرعة الآخرة ، والحرث في الأصل إلقاء البذر في الأرض ، ويقال : للزرع الحاصل منه ( نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة فما فوقها «وَمَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الدّنيا نُؤْتِهِ مِنْها » شيئاً منها على

__________________

(١) سورة فصلت : ١٨. (٢) سورة طه : ١٢٣.

١٦٤

عليه‌السلام والأئمّة «نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ » قال نزيده منها قال يستوفي نصيبه من دولتهم «وَمَنْ كان يُرِيدُ حَرْثَ الدّنيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ » قال ليس له في دولة الحقّ مع القائم نصيب.

( باب )

( فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية )

١ - محمّد بن يعقوب الكلينيّ ، عن محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن بكير بن أعين قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول أنّ الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذرّ والإقرار

________________________________________________________

ما قسمنا له «وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ » إذ الأعمال بالنيات ولكلّ امرئ ما نوى ، انتهى.

وأقول : تفسير الرزق بالولاية تفسير للرزق بالرزق الروحاني أو بما يعمه وخص أشرفه وهو الولاية بالذكر لأنّها الأصل والمادة لسائر العلوم والمعارف ، ولا يحصل شيء منها إلّا بها ، وفسّر زيادة الحرث بالمنافع الدنيوية أو الأعمّ منها ومن العلوم والمعارف الّتي يلقونها إليهم ، وفسّر الآخرة بالرجعة ودولة القائمعليه‌السلام لـمّا مرّ من أنّ أكثر آيات البعث والقيامة مؤولة بدولة القائمعليه‌السلام والرجعة فإنّها من مباديها.

باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية

الحديث الأوّل :ضعيف على المشهور.

« ميثاق شيعتنا » إنّما خصّ بالشيعة لأنّهم قبلوها إذ ظاهر الأخبار أنّ الميثاق أخذ من جميع الخلق ، وقبلها الشيعة ولم يقبلها غيرهم « وهم ذرّ » قال الجوهري : الذرّ جمع ذرّة وهي أصغر النمل ، انتهى.

وشبههم بالذرّ لصغر الأجزاء الّتي تعلقت بها الأرواح عند الميثاق ، وذلك عند

١٦٥

له بالرُّبوبيّة ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوَّة.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن

________________________________________________________

كونهم في صلب آدم أو بعد إخراجهم منه كما سيأتي تفصيله في كتاب الإيمان والكفر قال المحدّث الأسترآبادي (ره) : أنّ الأرواح تعلّقت ذلك اليوم بأجساد صغيرة مثل النمل ، فأخذ منهم الميثاق بالولاية وغيرها ، انتهى.

وقيل : أنّهم لـمّا غفلوا إلّا من شاء الله عن تذكره في عالم الأبدأنّ إما لعدم شرط التذكّر أو وجود مانع منه ، بعث الأنبياء تكليفاً لهم ثانياً لدفع الغفلة وتكميل الحجّة.

قوله : والإقرار ، كأنه كان بالإقرار كما سيأتي في آخر الباب عن هذا الراوي بعينه مع اختلاف في أوّل السند ، وعلى تقدير صحته يمكن عطفه على الذرّ عطف تفسير أو على الولاية أو هو منصوب على أنه مفعول معه وعامله أخذ ، وقيل : كان فيه إشعاراً بأنّ الإقرار لله بالربوبية حقيقة لم يصدر عن غير الشيعة فأنّ إقرار غيرهم بها من قبيل الإقرار بالشيء مع إنكار لازمه البين وهو الولاية ، ولذا يسلب عنهم هذا الإقرار اليوم القيامة.

وقال بعض الأفاضل : إنّما أخذ الله المواثيق الثلاثة عن الناس أجمعين إلّا أنّهم أقروا بالربوبية جميعاً وأنكر النبوّة والولاية بقلبه من كان ينكره بعد خلقه في هذا العالم.

وفي تفسير عليّ بن إبراهيم عن ابن مسكان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قلت له : معاينة كان هذا؟ قال : نعمّ ، فثبتت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه ، فمنهم من أقر بلسانه في الذرّ ولم يؤمن بقلبه ، فقال الله : «فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ».

الحديث الثاني : ضعيف والظاهر الجعفي مكان الجعفري ، فإنه الموجود في كتب الرجال ، وسيأتي الخبر بعينه في أوائل الإيمان والكفر وفيه الجعفي.

١٦٦

صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمّد الجعفري ، عن أبي جعفرعليه‌السلام وعن عقبة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أنّ الله خلق الخلق فخلق ما أحبّ ممّا أحبّ وكان ما أحبّ أنّ خلقه من طينة الجنّة ، وخلق ما أبغض ممّا أبغض وكان ما أبغض أنّ خلقه من طينة النار ثمّ بعثهم في الظلال فقلت وأي شيء الظلال قال ألم تر إلى

________________________________________________________

« فخلق ما أحبّ » قيل : « ما » في الأوّل موصولة وكذا في الثاني ، وفي الثالث مصدرية ، أقول : فيما سيأتي : فخلق من أحبّ ، وهو أظهر ، ويمكن أنّ يقدر مضاف أي وكان خلق ما أحب.

واعلم أنه ذهب المحدثون إلى أنه تعالى لـمّا علم أعمال العباد وعقائدهم في الأعيأنّ من الخير والشر خلق أبدان أهل الخير من طينة الجنّة وخلق أبدأنّ أهل الشر من طينة النار ، ليرجع كلّ إلى ما هو أهل له ولائق به ، فأعمالهم سبب لخلق الأبدأنّ على الوجه المذكور دون العكس ، قال المحدث الأسترآبادي (ره) : المراد خلق التقدير على الوجه المذكور دون العكس ، قال المحدث الأسترآبادي (ره) : المراد خلق التقدير لا خلق التكوين ، ومحصول المقام أنه تعالى قدر أبدانا مخصوصة من الطينتين ثمّ كلف الأرواح فظهر منها ما ظهر ، ثمّ قدر لكلّ روح ما يليق بها من تلك الأبدأنّ المقدرة.

« ثمّ بعثهم في الظلال » الضمير للمخلوقين معا والمراد بالظلال عالم المثال أو عالم الأرواح أو عالم الذرّ ، وإنّما سمي عالم المثال بالظلال لأنه بمنزلة الظل لهذا العالم ، تابع وموافق له ، والتشبيه في الوجهين الآخرين أيضاً قريب من ذلك ، أو لـمّا ذكرهعليه‌السلام من شباهتها بالظلال في أنه شيء وليس بشيء والمعنى أنه بالنسبة إلى الوجود العيني ليس بشيء أو كناية عن أنها أجسام لطيفة على الأوّل ، وعلى الثاني إيماء إلى تجردها على القول بالتجرد أو إلى لطافتها على القول بعدمه ، وعلى الثالث كناية عن صغر تلك الذرات الّتي تعلقت بها الأرواح كأنّها ليست بشيء أو عن أنّها ليست شيئاً معتداً به بل هي حكاية لشيء معتد به.

قال المحدث الأسترآبادي (ره) : يفهم من الروايات أنّ التكليف الأول وقع

١٦٧

ظلّك في الشمس شيء وليس بشيء ، ثمّ بعث الله فيهم النبييّن يدعونهم إلى الإقرار بالله وهو قوله «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ »(١) ثمّ دعاهم إلى الإقرار بالنبييّن فأقر بعضهم وأنكر بعضهم ثمّ دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحبّ وأنكرها من أبغض وهو قوله «فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ »(٢) ثمّ قال أبو جعفر

________________________________________________________

مرّتين مرّة في عالم المجرد الصرف ، ومرّة في عالم الذرّ بأنّ تعلقت الأرواح فيه بجسد صغير مثل النمل ، ولـمّا لم يكن تصل أذهان أكثر الناس إلى إدراك الجوهر المجرد عبرواعليهم‌السلام عن المجردات بالظلال لتفهيم الناس وقصدهم من ذلك أنّ موجودات ذلك العالم مجردة عن الكثافة الجسمانيّة كما أنّ الظل مجرد أنها ، فهي شيء وليست كالأشياء المحسوسة الكثيفة ، وهذا نظير قولهمعليهم‌السلام في معرفة الله تعالى : شيء بخلاف الأشياء الممكنة.

« ثمّ بعث الله فيهم النبييّن » وفيما سيأتي « منهم » يدعوهم(٣) حال عن الله ، والمستكن عائد إليه والبارز للخلق ، أو هو علة للبعث فالمستكن للنبيين والبارز لغيرهم ، والتقدير لأنّ يدعوهم وفي بعض النسخ يدعونهم ، فهو حال عن النبييّن ومؤيد للمعنى الثاني ، وفيما سيأتي فدعوهم وهو أظهر ، وهو قوله : أي جبل النفوس على الإقرار بالصانع بعد الإعراض عن الدواعي الخارجية بالضرورة الفطرية من أجل تلقينهم المعرفة في ذلك اليوم ، وإقرارهم بها ولو لم يكن ذلك لم يكن هذا ، وقيل : المعنى أنّ إقرارهم بذلك عند السؤال في أي وقت كان دل على إقرارهم بذلك في ذلك اليوم والأوّل أظهر « من أحبّ » أي من أحبّ الإقرار بها ومن أحبها أو من أحبنا أو من أحبه الله ، وكذا قوله : من أبغض.

« وهو » أي إنكار من أبغض « قوله » أي مدلول قوله والآية في الأعراف « فَما كانُوا » وكان التغيير من النساخ أو نقل بالمعنى ، وفيما سيأتي : ما كانوا ، بدون الواو

__________________

(١) سورة الزخرف : ٨٧. (٢) سورة يونس : ٧٥.

(٣) وفي المتن « يدعونهم » وسيأتي في كلام الشارح (ره) أيضاً.

١٦٨

عليه‌السلام كان التكذيب ثمَّ.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عليّ بن سيف ، عن العبّاس بن عأمر ، عن أحمد بن رزق الغمشاني ، عن محمّد بن عبد الرَّحمن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ولايتنا ولاية الله الّتي لم يبعث نبيّاً قطّ إلّا بها.

٤ - محمّد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ما من نبي جاء قط إلّا بمعرفة حقّنا وتفضيلنا على من سوانا.

٥ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول والله أنّ في السماء لسبعين صفّاً من الملائكة لو اجتمع أهل الأرض كلهم

________________________________________________________

أيضاً وهو أقرب «لِيُؤْمِنُوا » أي في التكليف الثاني «بِما كَذَّبُوا بِهِ » أي عن النبوة.

والولاية «مِنْ قَبْلُ » أي في التكليف الأوّل في الميثاق « كان التكذيب ثمّ » أي كان تكذيب المكذّبين من ذلك اليوم وليس بمتجدد أو مناط التكذيب الثاني والعمدة فيه هو الأوّل ، وكذا الإقرار.

أقول : سيأتي الكلام في هذه الأخبار الموهمة للجبر في كتاب الإيمان والكفر.

الحديث الثالث : كالسابق « ولاية الله » أي ولاية واجبة من قبل الله ، ولا يختصّ هذه الأمّة بل كان أوجب الله سبحانه في كلّ شريعة ولايتنا أو الحمل على المبالغة.

لبيان أنّ ولاية الله لا تقبل إلّا بولايتنا.

الحديث الرابع : مجهول « إلّا بمعرفة حقنا » أي بواجب معرفة حقّ أهل البيت أو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام « على من سوانا » من الأنبياء السابقين والأوصياء وسائر الخلق ، وهذا ممّا يدلّ على فضلهم على جميع الخلق.

الحديث الخامس : كالسابق.

١٦٩

يحصون عدد كلّ صف منهم ما أحصوهم وأنّهم ليدينون بولايتنا.

٦ - محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال ولاية عليّعليه‌السلام مكتوبة في جميع صحف الأنبياء ولن يبعث الله رسولا إلّا بنبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ووصيّه عليّعليه‌السلام .

٧ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور قال حدثنا يونس ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال أنّ الله عزَّ وجلَّ نصب عليّاًعليه‌السلام علـمّا بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمناً ومن أنكره كان كافراً ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئاً كان مشركاً ومن جاء بولايته دخل الجنّة.

________________________________________________________

« يحصون » جملة حالية « عدد كلّ صف » أي جميع الصفوف أو واحد منها ، وفي البصائر لسبعين صنفا يحصون عدد صنف منهم وكأنه أظهر ، وما قيل : من أنّ ضمير منهم راجع إلى أهل الأرض فلا يخفى بعده « ليدينون بولايتنا » أي يعتقدون بها أو يعبدون الله بها أو متلبسا بها.

الحديث السادس : كالسابق « ولن » هنا لتأكيد النفي كما جوزه الزمخشري إذ لا معنى للتأبيد هنا ، وكأنه كان « لم » لكن في البصائر أيضاً كذلك.

الحديث السابع : ضعيف.

« علـمّا » بالتحريك وهو ما ينصب في الطريق ليهتدي به ، وقيل : علأمّة الرشد والغي بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « فمن عرفه» أي عرف ولايته وأقر بها « ومن أنكره » أي أنكر إمامته بعد العلم أو التمكن منه « ومن جهله » أي لم يتمّ عليه الحجة من المستضعفين فهو ضال ولله فيه المشية ، أو المراد بالجاهل الشاك الّذي لا ينكر ولا يقر « ومن نصب معه شيئاً » بأنّ يعتقد إمامته ويقدم عليه أهل الضلال كأكثر الخلق من المخالفين فهو في حكم المشرك ومخلد في النار « ومن جاء بولاية » بلا فصل بعد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع سائر الأئمّة إذ يستلزم ولايته والعلم بإمامته كما حقّه ، العلم بإمأمّة أوصيائه « دخل الجنّة » وظاهره أنّ غير هؤلاء لا يدخلون الجنّة ، فالضالون أنّ لم يدخلوا النار فهم أهل الأعراف.

١٧٠

٨ - الحسينُ بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول أنّ عليّاًعليه‌السلام باب فتحه الله فمن دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً ومن لم يدخل فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال الله تبارك وتعالى لي فيهم المشيئة.

٩ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن بكير بن أعين قال كان أبو جعفرعليه‌السلام يقول أنّ الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا وهم ذر يوم أخذ الميثاق على الذرّ بالإقرار له بالربوبية ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالنبوّة وعرض الله جل وعزَّ على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أمته في الطين وهم أظلة وخلقهم من الطينة الّتي خلق منها آدم وخلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدأنّهم بألفي عام وعرضهم عليه وعرفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفهم عليّاً ونحن نعرفهم «فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ».

________________________________________________________

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

« أنّ عليّاًعليه‌السلام » أي ولايته« باب » ، أي باب رحمة الله وإسراره ومعارفه وباب علم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحكمه كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلى بابها ، وكلّ ذلك على الاستعارة والتمثيل « فمن دخله » أي قبل ولايته وقال بإمامته وإنّما قسمعليه‌السلام في هذا الخبر ثلاثة أقسام لأنّ الخروج أعمّ من الإنكار مطلقاً أو التشريك في الإمأمّة فعد هنا قسمين قسما واحداً « قال الله » أي في قوله : «وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأمر اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وأمّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ »(١) .

الحديث التاسع : حسن.

« في الطين » أي حين كان الرسول في الطين أو أمته أو هما معا ، أي قبل خلق أجسادهم « وهم أظلة » أي أرواح بلا أجساد أو أجساد مثالية « وعرضهم عليه » أي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهذا هو العرض الأوّل أو عرض آخر قبله كما مرّ « وعرفهم رسول الله » أي جعلهم عارفين بالرسول وبأمير المؤمنين صلوات الله عليهما أو جعلهما عارفين بهم وهو أظهر.

قوله : في لحن القول ، إشارة إلى قوله تعالى : «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

__________________

(١) سورة التوبة. ١٠٦.

١٧١

( باب )

( في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم )

١ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنَّ رجلا جاء إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو مع أصحابه فسلم عليه ثمّ قال له أنا والله أحبك وأتولاك فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام كذبت قال بلى والله إني أحّبك وأتولاك فكرر ثلاثاً فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام كذبت ما أنت كما قلت أنّ الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثمّ عرض علينا المحبّ لنا فو الله ما رأيت روحك فيمن عرض فأين كنت فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه.

وفي رواية أخرى قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان في النار.

٢ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمّار بن مروان ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنا لنعرف الرجل

________________________________________________________

أنّ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغأنّهم ، وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ »(١) قال البيضاوي لحن القول أسلوبه أو إمالته إلى جهة تعريض وتورية ومنه قيل : للمخطئ لاحن لأنه يعدل الكلام عن الصواب.

باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم

الحديث الأول :ضعيف.

« خلق الأرواح » المشهور بين المتكلمين عدم تقدّم خلق الأرواح على الأبدأنّ والأخبار المستفيضة تدلّ على تقدّمها ولا مانع منه عقلاً والدلائل النافية مدخولة وسيأتي القول في ذلك في كتاب الإيمان والكفر إنشاء الله « كان في النار » أي في أهل النار وكانت طينته في طينتهم.

الحديث الثاني : مختلف فيه.

__________________

(١) سورة محمد : ٢٩ - ٣٠.

١٧٢

إذا رأيناه بحقيقة الإيمان وحقيقة النفاق.

٣ - أحمد بن إدريس ومحمّد بن يحيى ، عن الحسن بن عليّ الكوفي ، عن عبيس بن هشام ، عن عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الإمام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمأنّ بن داود فقال نعم وذلك أنّ رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها وسأله آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الأوّل ثمّ سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثمّ قال هذا عطاؤنا فامنن أو أعط بغير حساب وهكذا هي في قراءة عليّعليه‌السلام قال قلت أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الإمام قال سبحان الله أما تسمع الله يقول : «أنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ »(١)

________________________________________________________

« بحقيقة الإيمان » أي الإيمان الواقعي الحقّ الّذي لا يشوبه نفاق وذلك الّذي يحقّ أنّ يسمى إيمانا أو كناية عن أنّ الإيمان كأنه حقيقة المؤمن وماهيته أو بالحقيقة والطينة الّتي تدعو إلى الإيمان وكذا الكلام في حقيقة النفاق.

الحديث الثالث : مجهول كالحسن.

« وذلك أنّ رجلاً » الظاهر أنه كلام عبد الله لبيان سبب سؤاله السابق ، والتقدير ذلك السؤال لأنّ رجلاً سأله ويحتمل أنّ يكون من كلام الإمام ، فضمير سأله لسليمانعليه‌السلام لكنّه بعيد.

قولهعليه‌السلام : وهكذا هي ، أقول : لم تذكر هذه القراءة في القراءات الشاذة وكأنه على هذه القراءة المن بمعنى القطع أو النقض وحمله على أنّ الترديد بين العطاء مع المنة وبدونها بعيد عن سياق الخبر ، وعلى القراءة المشهورة المن بمعنى الإعطاء ، وقد مضى في باب أنّ المتوسميّن هم الأئمّةعليهم‌السلام تأويل قوله تعالى : «أنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ » وقد مضى في باب التفويض أنّ أحد معانيه تفويض بيان العلوم والأحكام بما أرادوا ورأوا المصلحة فيها بسبب اختلاف عقول الخلق

__________________

(١) سورة الحجر. ٧٥.

١٧٣

وهم الأئمّة «وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ » لا يخرج منها أبدا ثمّ قال لي نعمّ أنّ الإمام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه وأنّ سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو أنّ الله يقول : «وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ أنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ »(١) وهم العلماء فليس يسمع شيئاً من الأمر ينطق به إلّا عرفه ناج أو هالك فلذلك يجيبهم بالّذي يجيبهم.

________________________________________________________

وإفهامهم ، أو بسبب التقية فيفتون بعض النّاس بالحكم الواقعي وبعضهم بالتقية ويبينون تفسير الآيات وتأويلها ويبدلون المعارف بحسب ما يحتمل عقل كلّ سائل ، وأيضاً لهم أنّ يجيبوا ولهم أنّ يسكتوا بحسب المصالح.

« وعرف لونه » أي ما يدلّ عليه لونه أو اللون بمعنى النوع من المؤمن والمنافق وكذا قوله : وعرف ما هو ، أي نوع هو ، وعلى أي صفة «أنّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ » على تأويلهعليه‌السلام المعنى أنّ في الألسن المختلفة والألوأنّ المتنوعة آيات وعلامات للعلماء الربانيين وهم الأئمّةعليهم‌السلام يستدلون بها على إيمانهم ونفاقهم ونجاتهم وهلاكهم.

__________________

(١) سورة الروم : ٢١.

١٧٤

(أبواب التاريخ )

(باب )

( باب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته )

ولد النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل يوم الجمعة مع الزّوال ، وروي أيضاً عند طلوع الفجر قبل أنّ يبعث بأربعين سنّة وحملت به أمه في أيام التشريق عند الجمرّة الوسطى وكانت في منزل عبد الله بن

________________________________________________________

باب(١) التار يخ

تاريخ مولد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته

« لاثنتي عشرة » اعلم أنه اتفقت الإمامية إلّا من شذ منهم على أنّ ولادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت في سابع عشر شهر ربيع الأوّل ، وذهب أكثر المخالفين إلى أنها كانت في الثاني عشر منه ، واختاره المصنفرحمه‌الله إمّا اختياراً أو تقية والأخير أظهر ، لكن الدلائل الحسابية على الأوّل أدل كما سنشير إليه ، وذهب بعضهم إلى الثامن وبعضهم إلى العاشر من الشهر المزبور ، وذهب شاذ منهم إلى أنه ولد في شهر رمضان فأما يوم الولادة فالمشهور بين علمائنا أنه كان يوم الجمعة ، والمشهور بين المخالفين يوم الاثنين ، ثمّ الأشهر بيننا وبينهم أنه ولد بعد طلوع الفجر ، وقيل : عند الزوال وقيل : آخر النهار ، وقال صاحب العدد القوية كانت خمس وخمسين يوما من هلاك أصحاب الفيل بسبع بقين من ملك أنوشيروأنّ ، ويقال : في ملك هرمز بن أنوشيروان وذكر الطبرسي أنّ مولده كان لاثنتي وأربعين سنّة من ملك أنوشيروأنّ ، وهو الصحيح لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولدت في زمن الملك العادل أنوشيروان.

قوله : عند طلوع الفجر ، أي بعده بقليل « قبل أنّ يبعث » متعلق بولد.

قوله : وحملت به أمه ، اعلم أنّ هيهنا إشكالاً مشهوراً أورده الشهيد الثاني

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « أبواب » بلفظ الجمع.

١٧٥

________________________________________________________

رحمه‌الله وجماعة وهو أنّه يلزم على ما ذكره الكلينيرحمه‌الله من كون الحمل بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أيام التشريق وولادته في ربيع الأوّل أنّ يكون مدة حملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إما ثلاثة أشهر أو سنّة وثلاثة أشهر ، مع أنّ الأصحاب اتفقوا على أنه لا يكون الحمل أقل من ستّة أشهر ، ولا أكثر من سنّة ، ولم يذكر أحد من العلماء أنّ ذلك من خصائصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والجواب أنّ ذلك مبني على النسيء الّذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وقد نهى الله تعالى عنه ، وقال : «إنّما النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ » قال الشيخ الطوسيرحمه‌الله في تفسير هذه الآية نقلا عن مجاهد : كان المشركين يحجون في كلّ شهر عامين يحجوا في ذي الحجة عامين ثمّ حجوا في المحرم عامين وكذلك في المشهور حتّى وافقت الحجة الّتي قبل حجة الوداع في ذي القعدّة ، ثمّ حج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في العام القابل حجة الوداع فوافقت ذا الحجة ، فقال في خطبته : إلّا وأنّ الزمأنّ قد استدار كهيأته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنّة اثنتي عشر شهراً ، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ، ذو القعدّة وذو الحجة ومحرم ورجب مضربين جمادى وشعبأنّ أراد بذلك أنّ الأشهر الحرم رجعت إلى مواضعها ، وعاد الحج إلى ذي الحجة وبطل النسيء ، انتهى.

إذا عرفت هذا فقيل : إنه على هذا يلزم أنّ يكون الحج عام مولدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في جمادى الأولى لأنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنّة ، ودورة النسيء أربعة وعشرون سنّة ضعف عدد الشهور ، فإذا أخذنا من السنّة الثانية والستين ورجعنا تصير السنّة الخامس عشر ابتداء الدورة لأنه إذا نقص من اثنين وستين ثمانية وأربعون يبقى أربعة عشر ، الاثنتان الأخيرتان منها لذي القعدّة ، واثنتان قبلهما الشوال وهكذا ، فتكون الأوليأنّ منها لجمادى الأولى ، فكان الحج عام مولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عام الفيل في جمادى الأولى ، فإذا فرض أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حملت به أمه في الثاني عشر

١٧٦

________________________________________________________

منه ، ووضعت في الثاني عشر من ربيع الأوّل ، تكون مدّة الحمل عشرة أشهر بلا مزيدة ولا نقيصة.

أقول : ويرد عليه أنه قد أخطأرحمه‌الله في حساب الدورة وجعلها أربعة وعشرين سنّة ، إذ الدورة على ما ذكر إنّما تتم في خمسة وعشرين سنّة ، إذ في كلّ سنتين يسقط شهر من شهور السنّة باعتبار النسيء ، وفي كلّ خمسة وعشرين سنّة تحصل أربعة وعشرون حجة تمام الدورة ، وأيضاً على ما ذكره يكون مدة الحمل أحد عشر شهرا إذ لـمّا كان عام مولده أوّل حج في جمادى الأولى يكون في عام الحمل الحج في ربيع الثاني ، فالصواب أنّ يقال : كان في عام حملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحج في جمادى الأولى ، وفي عام مولده في جمادى الثانية ، فعلى ما ذكرنا تتم من عام مولده إلى خمسين سنّة من عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دورتان في الحادية والخمسين تبتدئ الدورة الثالثة من جمادى الثانية وتكون للشهر حجتان إلى أنّ ينتهي إلى الحادية والستين والثانية. والستين ، فيكون الحج فيهما في ذي القعدّة ويكون في حجة الوداع الحج في ذي الحجة فتكون مدة الحمل عشرة أشهر.

فأنّ قلت : على ما قررت من أنّ في كلّ دورة تتأخر سنّة ففي نصف الدورة تتأخر ستّة أشهر ومن ربيع الأوّل الّذي هو شهر المولد إلى جمادى الثانية الّتي هي شهر الحج نحو من ثلاثة أشهر فكيف يستقيم الحساب على ما ذكرت؟ قلت : تاريخ السنّة محسوبة من شهر الولادة فمن ربيع الأوّل من سنّة الولادة إلى مثله من سنّة ثلاث وستين تتم اثنان وستون ، ويكون السابع عشر منه ابتداء سنّة الثالث والستين وفي شهر العاشر من تلك السنّة أعني ذا الحجة وقع الحج الحادي والستون وتوفيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل إتمام السنّة على ما ذهبت إليه الشيعة بتسعة عشر يوماً ، فصار عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثاً وستين إلّا تلك الأيام المعدودة.

وأمّا ما رواه سيّد بن طاوس في كتاب الإقبال نقلا من كتاب النبوّة للصدوق

١٧٧

عبد المطّلب وولدته في شعب أبي طالب في دار محمّد بن يوسف في الزاوية القصوى عن يسارك وأنت داخل الدّار ؛وقد أخرجت الخيزرأنّ ذلك البيت فصيرته مسجدا

________________________________________________________

رضي الله عنهما ، أنّ الحمل بسيدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ليلة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة مضت من جمادى الآخرة فيمكن أنّ يكون الحمل في أوّل سنّة وقع الحج في جمادى الثانية ومن سنّة الحمل إلى سنّة حجة الوداع أربع وستون سنّة ، وفي الخمسين تمام الدورتين وتبتدئ الثالثة من جمادى الثانية ، ويكون في حجة الوداع ، والّتي قبلها الحج في ذي الحجة ولا يخالف شيئاً إلّا ما مرّ عن مجاهد أنّ حجة الوداع كانت مسبوقة بالحج في ذي القعدّة ، وقوله غير معتمد في مقابلة الخبر أنّ ثبت أنه رواه خبرا ، وتكون مدة الحمل على هذا تسعة أشهر إلّا يوما فيوافق ما هو المشهور في مدة حملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند المخالفين.

وقوله : عند الجمرّة الوسطى أي في بيت كان قريبا منها ، وكان البيت لعبد الله أو موضع نزوله إذ كانت لأهل مكّة في منى منازل وبيوت ينزلونه في الموسم ، ويحتمل أنّ يكون المراد بالمنزل الخيمة المضروبة له هناك ، وقال بعض الأفاضل في دفع الإشكال المتقدَّم : التشريق الخروج إلى ناحية المشرق ، وكانت أشراف قريش يخرجون من مكّة مع أهاليهم في الصيف إلى الطائف ، وهو في ناحية المشرق وكانوا يسمون تلك الأيام أيام التشريق وينزلون منى في بعض تلك الأيام ، والقرينة على أنه ليس المراد بأيام التشريق ما في موسم الحج أنّ المكان الّذي هو عند الجمرّة الوسطى لا يخلو في موسم الحج.« وكانت » أي حين إقامتها بمكّة ، ولو كان المراد حين كونها في منى لم يحتج إلى زيادة لفظ : وكانت ، انتهى.

ولا يخفى غرابته ولا أدري من أين أخذرحمه‌الله هذا الاصطلاح لأيام التشريق ، وأي مناسبة لمني مع الطائف.

والشعب بالكسر : ما انفرج بين جبلين ، وشعب أبي طالب معروف بمكّة وهو

١٧٨

يصلّي الناس فيه وبقي بمكّة بعد مبعثه ثلاث عشرة سنّة ثمّ هاجر إلى المدينة ومكث بها عشر سنين ،ثمّ قبضعليه‌السلام لاثنتي عشرة ليلة مضت من ربيع الأوّل يوم الإثنين

________________________________________________________

الموضع الّذي كان فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو طالب وسائر بني هاشم فيه عند إخراج قريش إيّاهم من بينهم ، وكتب الكتاب بينهم في مهاجرتهم ومعاندتهم.

قوله : في دار محمّد بن يوسف ، المشهور في السير أنّ هذه الدار كانت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالميراث ، ووهبها عقيل بن أبي طالب ثمّ باعها أولاد عقيل بعد أبيهم محمّد بن يوسف أخا الحجّاج فاشتهرت بدار محمّد بن يوسف فأدخلها محمّد في قصره الّذي يسمونه بالبيضاء ثمّ بعد انقضاء دولة بني أمية حجت خيزران أم الهادي والرشيد من خلفاء بني العبّاس فأفزرها عن القصر وجعلها مسجداً ، والقصوى مؤنث أقصى أي الأبعد ، والمكان بهذا الوصف موجود الأنّ يزوره الناس.

وأمّا إقامتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكّة بعد البعثة فالمشهور أنه ثلاثة عشرة سنّة كما ذكره المصنف ، وقيل : خمس عشرة سنّة ، وقيل : ثمأنّ سنين وهما متروكان ، ولا خلاف في أنّ مدة إقامتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة كانت عشر سنين.

وأمّا ما ذكره من يوم وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقد بناه على ما هو المشهور بين المخالفين أيضاً ، والمشهور بيننا ما ذكره الشيخ في التهذيب وغيره في كتبهم أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبض مسموماً يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنّة عشر من الهجرة ، والأصوب أنّ وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانت سنّة إحدى عشرة من الهجرة ليتمّ عشر سنين منها كما ذكره المسعودي وغيره ، لكن لـمّا ذكره الشيخ أيضاً وجه ، إذ لو حوسب التاريخ من المحرم الّذي هو مبدء التواريخ بعد الهجرة ، فالوفاة في الحادية عشرة ، وأنّ حوسب من وقت الهجرة فالوفاة قبل تمام العشرة على المشهور ، وعنده على قول الكليني ، قال في جامع الأصول : مات سنّة إحدى عشرة ، فقيل : كان يوم الاثنين مستهل ربيع الأوّل ، وقيل : لليلتين خلتا ، وقيل : لاثنتي عشرة وهو الأكثر ، انتهى.

وقال صاحب كشف الغمة من تاريخ أحمد بن أحمد الخشاب عن أبي جعفر الباقر

١٧٩

________________________________________________________

عليه‌السلام قال قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنّة في سنّة عشر من الهجرة ، فكان مقامه بمكّة أربعين سنّة ، ثمّ نزل عليه الوحي في تمام أربعين ، وكان بمكّة ثلاث عشرة سنّة ، ثمّ هاجر إلى المدينة وهو ابن ثلاث وخمسين سنّة ، فأقام بالمدينة عشر سنين ، وقبضعليه‌السلام في شهر ربيع الأوّل يوم الاثنين لليلتين خلتا منه ، وروي لثماني عشرة ليلة منه ، رواه البغوي ، وقيل : لعشر خلون منه ، وقيل : لثمان بقين رواه ابن الجوزي والحافظ أبو محمّد بن حزم وقيل : لثمان خلون من ربيع الأوّل ، انتهى.

واعلم أنّ الّذي يدلّ على صحّة ما ذهب إليه الكلينيقدس‌سره من تاريخ الولادة هو أنه من أوّل ربيع الأوّل الّذي ولد فيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أوّل ربيع الأوّل الّذي هاجر فيه إلى المدينة ثلاث وخمسون سنّة تأمّة قمرية ، لأنّ مدة مكثهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بها بعد الهجرة كانت عشر سنين كما عرفت ، ومدة حياته ثلاث وستين سنّة أو أقل منها بعشرين يوما ، على رواية أنه ولد في السابع عشر من ربيع الأوّل ، وقبض في آخر صفر ولا اختلاف في ولادته باعتبار الشهر بين الشيعة ، فمن أوّل المحرم المقدم على ميلاده الشريف الّذي هو رأس سنّة عام الفيل إلى أوّل المحرم المقدم على هجرته الّذي هو مبدء التاريخ الهجري أيضاً ثلاث وخمسون سنّة تأمّة قمرية ، فلـمّا ضربنا عدد السنين التأمّة القمرية المذكورة في ثلاثمائة وأربعة وخمسين عدد أيام سنّة تأمّة قمرية وحصلنا الكبائس وزدناها عليها على القانون المقرر عندهم ، حصل ثمانية عشر آلاف وسبعمائة وأحد وثمانون وكان أوّل محرم سنّة هجرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الخميس بالأمر الأوسط كما ذكروه في الزيجات ، وعليه مدار عملهم.

قال العلامة الرازي وأولها وهو أوّل المحرم يوم الخميس بالأمر الأوسط وقول أهل الحديث يوم الجمعة بالرؤية وحساب الاجتماعات نعمل عليه ، وأرخ منهما في مستأنف الزمان ، انتهى.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380