مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول5%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5385 / تحميل: 5086
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

٣٠ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال بينا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في المسجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه سلى ناقة فملئوا ثيابه بها فدخله من ذلك ما شاء الله فذهب إلى أبي طالب فقال له يا عمّ كيف ترى حسبي فيكم فقال له وما ذاك يا ابن أخي فأخبره الخبر فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة خذ السلى ثمّ توجه إلى القوم والنبيّ معه فأتى قريشاً وهم حول الكعبة فلـمّا رأوه عرفوا الشرَّ في وجهه ثمّ قال لحمزة أمر السلى على سبالهم ففعل ذلك حتّى أتى على آخرهم

________________________________________________________

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس هذا من قول أبي طالب ، هذا من قول حسّان بن ثابت ، فقام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال : كأنّك أردت يا رسول الله : « وأبيض يستسقي الغمام بوجهه » إلى آخر الأبيات المتقدّمة.

وقال في النهاية في قوله : ثمال اليتامى ، الثمال بالكسر : الملجأ والغياث ، وقيل : هو المطعمّ في الشدّة ، وقال في قوله : عصمة للأرامل ، العصمة المنعة ، والعاصم المانع الحامي ، أي يمنعهم من الضياع والحاجة ، وقال : الأرامل المساكين من رجال ونساء ويقال : لكلّ واحد من الفريقين على انفراده أرامل ، وهو بالنساء أخص وأكثر استعمالاً ، والواحد أرمل وأرملة ، وقد تكرر ذكر الأرامل والأرملة في الحديث ، فالأرامل : الّذي ماتت زوجته والأرملة الّتي مات زوجها سواء كانا غنيين أو فقيرين.

الحديث الثلاثون : حسن كالصحيح.

والجدد بضمتين جمع جديد نعت ثياب ، والسلى مقصورا الجلدة الرقيقة الّتي يكون فيها الولد « فملأوا ثيابه بها » أي لطخوا جميع ثيابه بالدم والكثافات الّتي فيها « ما شاء الله » أي من الغم والحزن « كيف ترى حسبي فيكم » أي لست بدني الحسب والنسب بينكم فلم تخذلونني ولا تنصرونني « وما ذاك » أي وما سبب هذا الكلام « عرفوا الشر » أي إرادة الشر والغضب « على سبالهم » وفي بعض النسخ : على أسبالهم ، وفي القاموس : السبلة محركة الدائرة في وسط الشفة العليّاً أو ما على الشارب

٢٦١

ثمّ التفت أبو طالب إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا ابن أخي هذا حسبك فينا.

٣١ - عليّ ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن إبراهيم بن محمّد الأشعريّ ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لـمّا توفّي أبو طالب نزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا محمّد اخرج من مكّة فليس لك فيها ناصرٌ ، وثارت قريش بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرج هاربا حتّى جاء إلى جبل بمكّة يقال له الحجون فصار إليه.

٣٢ - عليُّ بن محمّد بن عبد الله ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عبد الله رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أنّ أبا طالب أسلم بحساب الجمل قال بكلّ لسان

________________________________________________________

من الشعر أو طرفه أو مجتمع الشاربين ، أو ما على الذقن إلى طرف اللحية كلّها أو مقدمها خاصة ، والجمع سبال ، وعين سبلاء طويلة الهدب وملأها إلى أسبالها أي حروفها وشفاهها.

وأقول : أوردت هذا الخبر بوجوه أخرى أبسط من ذلك في الكتاب الكبير.

الحديث الحادي والثلاثون : كالسابق.

« ثارت » أي هاجت ، وقال في النهاية : الحجون : الجبل المشرف ممّا يلي شعب الجزّارين بمكّة وقيل : هو موضع بمكّة فيه اعوجاج ، والمشهور الأوّل ، وهو بفتح الحاء وفي القاموس : جبل بمعلاة مكّة وموضع آخر ، وأقول : الظاهر الجبل الّذي فيه الغار المشهور.

الحديث الثاني والثلاثون : مرفوع.

وحساب الجمل بضمّ الجيم وفتح الميم المشدّدة كما في الصحاح وفي القاموس وقد يخفف : حساب الأبجد ، ويمكن أنّ يكون ضمير« قال » أولا راجعاً إلى الراوي وثانياً إلى الإمامعليه‌السلام بأنّ يكون الراوي قال من نفسه أو ناقلا عن غيره أنّ أبا طالب أظهر إسلامه للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بحساب الجمل كما سيأتي في الخبر الثاني؟ فأجابعليه‌السلام بأنه أظهر إسلامه بجميع الألسن فإنه كان عارفاً بها ، ويحتمل أنّ يكون المراد أنه أظهر عند موته بحساب الجمل بعقود الأنامل ، لكن قبل ذلك تكلم بعقائد الإيمان

٢٦٢

٣٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد وعبد الله ابني محمّد بن عيسى ، عن أبيهما ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أسلم أبو طالب بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثاً وستّين.

________________________________________________________

بكلّ لسان ردّاً على بعض العامّة القائلين بأنّه إنّما أسلم بلسان الحبشة ، أو المراد أنّ إسلامه بحساب الجمل كان بكلّ لسان.

الحديث الثالث والثلاثون : ضعيف على المشهور.

وهو من معضلات الأخبار وقد تحير في حله العلماء الأخيار ولنذكر منها وجوها :

الأوّل : ما رواه الصدوق (ره) في كتاب معاني الأخبار عن محمّد بن المظفر عن محمّد بن أحمد الداودي عن أبيه قال : كنت عند أبي القاسم الحسين بن روحقدس‌سره فسأله رجل ما معنى قول العبّاس للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثة وستين؟ فقال : عنى بذلك إله أحد جواد ، وتفسير ذلك أنّ الألف واحد ، واللام ثلاثون ، والهاء خمسة ، والألف واحد ، والحاء ثمانية والدال أربعة ، والجيم ثلاثة والواو ستّة والألف واحد والدال أربعة فذلك ثلاثة وستون.

واعترض عليه بعض الأفاضل في العصر السابق بعد حكمه بالبعد بأنّ قوله بيده لا فائدة له حينئذ سواء كان الضمير للعباس أو لأبي طالب.

أقول : الاعتراض على الأخبار وأنّ بعدت عن الأفهام ليس من طريقة الأتقياء الأخيار ، إذ هؤلاء الأجلاء والفائزون بدرجة السفارة كانوا في تلو رتبة العصمة وكثيراً ما كانوا يقولون : لا نقول شيئاً برأينا ، ولا نروي ولا نبدي إلّا ما سمعناه من الحجةعليه‌السلام ، مع أنّ اعتراضه (ره) مبني على عدم فهم المراد إذ المقصود أنّ أبا طالبعليه‌السلام أظهر إسلامه للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو لغيره بحساب العقود ، بأنّ أظهر الألف أولا ثمّ اللام ثمّ الهاء وهكذا ، وإنّما أظهر كذلك للتقية من قريش وليتمكن من معاونة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبه تظهر فائدة ذكر حساب الجمل ، إذ دلالة الأعداد المبنية بالعقود

٢٦٣

________________________________________________________

على الحروف إنّما هو بحساب الجمل فتأمل.

وقيل : يحتمل في هذا الخبر الّذي رواه الصدوق أنّ يكون العاقد العبّاس حين أخبر النبيّ بذلك ولا يخفى بعده وعدم انطباقه على خبر الكتاب.

الثاني : أنه أشار بإصبعه المسبحة إلى قول لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، أو قالهما مشيراً لذلك فان عقد الخنصر والبنصر وعقد الإبهام على الوسطى يدلّ على الثلاث والستين على اصطلاح أهل العقود ، فيكون المراد بالجمل حساب العقود ، ويؤيّده ما رواه الشيخ ابن شهرآشوب المازندراني في كتاب المناقب بإسناده عن شعبة عن قتادة عن الحسن في خبر طويل نقلنا منه موضع الحاجة ، وهو أنه لـمّا حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبكى ، وقال : يا محمّد إني أخرج من الدّنيا وما لي غم إلّا غمك ، إلى أنّ قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عمّ إنك تخاف عليّ أذى أعادي ولا تخاف على نفسك عذاب ربّي ، فضحك أبو طالب وقال : يا محمّد دعوتني وقد كنت قدم أمينا وعقد بيده على ثلاث وستين عند الخنصر والبنصر ، وعقد الإبهام على إصبعه الوسطى وأشار بإصبعه المسبحة بقول لا إله إلّا الله محمّد رسول الله ، فقام عليّعليه‌السلام وقال : الله أكبر ، والّذي بعثك بالحقّ نبيا لقد شفعك في عمك وهداه بك ، فقام جعفر وقال : لقد سدتنا في الجنّة يا شيخي كما سدتنا في الدّنيا ، فلـمّا مات أبو طالب أنزل الله تعالى : «يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا أنّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ » انتهى.

وهذا حلّ متين مؤيد بالخبر ، لكن يرد عليه أنه لم يعهد إطلاق الجمل على حساب العقود.

الثالث : أنه أشار بذلك إلى كلمتي لا وإلّا ، والمراد كلمة التوحيد فان الأصل والعمدة فيها النفي والإثبات.

الرابع : أنّ أبا طالب أو أبا عبد اللهعليه‌السلام أمر بالإخفاء اتقاء ، فأشار بحساب العقود إلى كلمة سج من التسجية وهي التغطية أي غط واستر هذا فإنه من الأسرار

٢٦٤

________________________________________________________

وهذا هو المرويّ عن شيخنا البهائي طيب الله مضجعه ، ولا يستقيم هذأنّ إلّا بما ذكرنا في الوجه الأول.

الخامس : أنه أشار بذلك إلى أنه أسلم بثلاث وستين لغة ، ويؤيّده الخبر السابق بأنّ يكون الظرف فيه متعلقا بالقول ، وعلى هذا الوجه والوجه السابق ضمير « عقد » و « بيده » راجعان إلى أبي عبد الله ، وعلى الوجه الثالث يحتمل ذلك ورجوعه إلى أبي طالب.

السادس : أنّ أبا طالب علم بنبوة نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل بعثته بالجفر ، فالمراد أنه أسلم بسبب حساب مفردات الحروف بحساب الجمل.

السابع : أنه أشار بذلك إلى عمرّ أبي طالب حين أظهر الإسلام وآمن بالله زمان تكليفه وهي ثلاث وستون سنة.

الثامن : أنه إشارة إلى أنّ أبا طالب قال ثلاث وستين قصيدة في مدح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ منهما يدلّ على إيمانه ، ذكره بعض الأفاضل وذكر وجها أغرب من ذلك وهو أنّ يكون المقصود هذه الصورة الدالة على هذا العدد بدون قصد إلى الدلالة عليه ليكون إشارة إلى أنّ أبا طالب رمى بإلهام على قلوب مشركي قريش ، وهذا يدلّ على إيمانه ولا يخفى بعد هذه الوجوه وركاكتها سوى الوجهين الأولين المؤيدين بالخبرين ، والأوّل منهما أوثق وأظهر.

فائدة

لـمّا ذكر في حلّ هذا الخبر حساب العقود ، وكثيراً ما يبتني على معرفته حلّ الأخبار الموردة في الأصول المعتبرة أردت أنّ أذكرها هيهنا ، اعلم أنّ القدماء قد وضعوا ثمان عشرة صورة من أوضاع الأصابع الخمسة اليمنى لضبط الواحد إلى تسعة وتسعين ومثلها من أوضاع الأصابع الخمسة اليسرى لضبط المائة إلى تسعة آلاف ووضعا لعشرة آلاف ، فيضبطون بتلك الأوضاع من الواحد إلى عشرة آلاف ، وذلك أنّهم جعلوا

٢٦٥

________________________________________________________

الخنصر والبنصر والوسطى من اليمين لعقود الآحاد ، أي للواحد إلى التسعة ومن اليسرى لعقود الآحاد الألوف الّتي هي من الألف إلى تسعة آلاف ، وجعلوا السبابة والإبهام من اليمين لعقود العشرات ، أي للعشرة إلى تسعين ، ومن اليسرى العقود المئات أي للمائة إلى التسعمائة.

وتفصيلها أنّ تثني الخنصر فقط للواحد وتضمّ إليه البنصر للاثنين وتضمّ إليهما الوسطى للثلاثة كما هو المعهود بين الناس في عد الواحد إلى الثلاثة لكن نضع رؤوس الأنامل في هذا العقود قريبة من أصولها ، وللأربعة ترفع الخنصر وتقعد البنصر والوسطى ، وللخمسة ترفع البنصر أيضاً وتثني الوسطى فقط ، وللستّة تثني البنصر فقط ، وللسبعة تثني الخنصر فقط ، وللثمانية تضمّ إليه البنصر وللتسعة تضمّ إليهما الوسطى ، ولكن في هذه الثلاثة تبسط الأصابع على الكف مائلة أناملها إلى جهة الرسغ لئلا يلتبس بالثلاثة الأوّل ، وللعشرة تضع رأس ظفر السبابة على مفصل أنملة الإبهام ليصير الإصبعأنّ معا كحلقة مدورة ، وللعشرين تضع ظفر الإبهام تحت طرف العقدة التحتانية من السبابة الّتي تلي الوسطى بحيث يظن أنّ أنملة الإبهام أخذت بين أصل السبابة والوسطى وأنّ لم يكن الوضع الوسطى مدخل في ذلك ، لكون أوضاعها متغيرة بعقود الآحاد وللثلاثين تضع رأس أنملة السبابة على طرف ظفر الإبهام الّذي يليها ليصير وضع السبابة والإبهام كهيأة القوس مع وترها ، ويجوز أنّ يعرض للإبهام انحناء أيضاً وللأربعين تضع باطن الأنملة الإبهام على ظهر العقدة التحتانية من السبابة بحيث لا يبقى بينهما فرجة أصلاً ، وللخمسين تجعل السبابة منتصبة وتضع الإبهام على الكف محاذيا للسبابة ، وللستين تأخذ ظفر الإبهام بباطن العقدة الثانية للسبابة كما تفعله الرماة ، وللسبعين تأخذ الإبهام منتصباً وتضع على رأس أنملته باطن أنملة السبابة ، أو عقدتها الثانية بحيث يبقى تمام ظفره مكشوفاً ، وللثمانين تأخذ الإبهام منتصبا وتضع على مفصل أنملته طرف أنملة السبابة ، وللتسعين

٢٦٦

٣٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضال ، عن الحسين بن علوأنّ الكلبي ، عن عليّ بن الحزور الغنوي ، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ ثمّ ] قال أيّها الناس إلّا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله فقام إليه - أبو أيّوب الأنصاري فقال بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد ونغيب فقال أنّ خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلّا كافر ولا يجحد به إلّا جاحد فقام عمّار بن ياسررحمه‌الله فقال يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم فقال : إنَّ خير الخلق

________________________________________________________

تضع رأس ظفر السبابة على مفصل العقدة الثانية من الإبهام.

ثمّ كلّ وضع يدلّ على عقد من الآحاد في اليمنى يدلّ على ذلك العقد من آحاد الألوف في اليسرى ، وكلّ وضع يدلّ على عقد من العشرات في اليمنى يدلّ على ذلك العقد من المئات في اليسرى ، فبهذه العقود الستّة والثلاثين تضبط من الواحد إلى تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعين ، ولعشرة آلاف تضع طرف أنملة الإبهام على طرف السبابة بحيث يصير ظفراهما متحاذيين ، فلخمسة آلاف وسبعمائة وستّة وثلاثين مثلا تثني وسط اليسرى وتأخذ إبهام اليسرى منتصبا واضعا على رأس أنملته باطن أنملة السبابة ، وتثني بنصر اليمنى وتضع رأس أنملة السبابة على طرف ظفر الإبهام الّذي يليها ليصيرا كالقوس والوتر ، وقس عليه ما عداه.

وقال أستاذنا في الرياضيات قدس الله لطيفه : لو جعل وضع عشرة آلاف مختصا باليسرى لأمكن ضبط العدد من الواحد إلى عشرة آلاف وتسعة وتسعين.

الحديث الرابع والثلاثون : مجهول.

وعلوان ، بضمّ العين وسكون اللام ، والحزور بالفتحات وتشديد الواو ، والغنوي بفتحتين ونباتة بضمّ النون ، والحنظلي نسبة إلى حنظلة بن مالك أبي بطن من تميم « ونغيب » بصيغة المتكلم أي كنت تحضر دائماً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنا نغيب أحيانا في الغزوات وغيرها ، مع أنّه صلوات الله عليه كان يدخل مداخل من الخلوات لا يدخل فيها غيره ، وفي بعض النسخ بصيغة الخطّاب أي تغيب بعد ذلك عنا والأوّل أظهر.

٢٦٧

يوم يجمعهم الله الرسل وأنّ أفضل الرسل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّ أفضل كلّ أمّة بعد نبيها وصي نبيها حتّى يدركه نبي إلّا وأنّ أفضل الأوصياء وصي محمّد عليه وآله السلام إلّا وأنّ أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء إلّا وأنّ أفضل الشهداء - حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب له جناحأنّ خضيبان يطير بهما في الجنّة لم ينحلّ أحد من هذه الأمّة جناحأنّ غيره شيء كرم الله به محمّداًصلى‌الله‌عليه‌وآله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهديعليهم‌السلام يجعله الله من شاء منا

________________________________________________________

والمراد بالرسل أولو العزم أو الأعمّ منهم وممّن له كتاب من غيرهم ، أو جميع الأنبياء والأوصياء وهم النبيّون والصديقون والأوصياء ، والمراد بالشهداء من استشهد من غير الأنبياء والأوصياء بقرينة المقابلة ، فالمراد بقوله : أفضل الشهداء ، أفضلهم من غير المعصومين ، فلا ينافي فضل الشهداء من الأئمّة عليهم « خضيبان » أي ملونان بلون دمه « لم ينحلّ » أي لم يعط « وجناحان » بالرفع على ما في النسخ حكاية للسابق ، وإلّا فالظاهر جناحين ، ويمكن حمله على أنه لم ينحلّ أحد قبله أو من جملة الصحابة ، فلا ينافي إعطاؤهما العبّاس بن أمير المؤمنينعليهما‌السلام كما ورد في الخبر وإعطاء الجناحين إما في الجسد الأصلي في الآخرة في جنة الخلد ، أو في الجسد المثالي في البرزخ في جنة الدّنيا ، أو الجسد الأصلي أيضاً في البرزخ ، والسبطان مبتدأ خبره محذوف ، أي منهم السبطان وكذا المهدي منصوب بفعل مضمرّ يفسره يجعله ، فالسبعة النبيّ وعليّ والحسن والحسين والمهدي وحمزة وجعفر.

وكونهم خير الخلق إما إضافي بالنسبة إلى غير سائر الأئمّةعليهم‌السلام ، أو المراد خيرية كلّ منهم بالنسبة إلى صنفهم ، فالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الأنبياء وعليّ أفضل الأوصياء بلا واسطة ، والحسنان والمهدي أفضل الأئمّةعليهم‌السلام وحمزة وجعفر أفضل الشهداء غير المعصومين ، واكتفى من ذكر سائر الأئمّة بذكر أولهم وآخرهم ، أو هو محمول

٢٦٨

أهل البيت ثمّ تلا هذه الآية «وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعمّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النبييّن والصدّيقين وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً »(١) .

٣٥ - محمّد بن الحسين ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن عليّ بن النعمان ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له كيف كانت الصلاة على

________________________________________________________

على التقية ، أو هو من أخبار المخالفين ذكر إلزاما عليهم كما سيأتي.

وعلى بعض الوجوه المراد بالصالحين سائر الأئمّة ، وعلى بعضها لمن لم يرتكب كبيرة أو لم يصر عليها وعلى الصغائر.

«فَأُولئِكَ » إشارة إلى الذين و «رَفِيقاً » تميز عن النسبة ، وذلك إشارة إلى حسن حال رفيقهم ، والفضل خبر أو الفضل صفة ذلك والظرف خبر.

وأقول : قد روي مثل هذا الخبر من طرق المخالفين ، روى السيّد في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى أبي أيّوب الأنصاري أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين والآخرين من قبلنا ، أو قال : الأنبياء ولا يدركه أحد من الآخرين غيرنا نبيّنا أفضل الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو حمزة عمك ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنّة حيث شاء ، وهو ابن عمك ، ومنها سبطا هذه الأمّة وهما ابناك ، ومنها والّذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة.

وأقول : أوردت فضائل حمزة وجعفرعليهما‌السلام وأحوالهما في الكتاب الكبير.

الحديث الخامس والثلاثون : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس تسجية الميت تغطيته ، وقال : العالية قرى بظاهر المدينة وهي العوالي ، وفي النهاية : العوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة والنسبة إليها علوي على غير قياس ، وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة النجد ثمانية ، وفي

__________________

(١) سورة النساء : ٧٠ - ٧١.

٢٦٩

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لـمّا غسله أمير المؤمنينعليه‌السلام وكفنه سجاه ثمّ أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثمّ وقف أمير المؤمنينعليه‌السلام في وسطهم فقال «أنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ

________________________________________________________

المغرب : موضع على نصف فرسخ من المدينة ، وفي كتاب إكمال الإكمال : عوالي المدينة القرى الّتي عند المدينة ، وضميرا « عليه » و « حوله» للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإرجاعهما أو الأخير إلى عليّعليه‌السلام بعيد.

وظاهر الخبر أنّ الصلاة عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان على هذا الوجه بلا تكبير ودعاء آخر ، وربمّا يأوّل بأنّ هذا كان قبل الصلاة أو أنّهم كانوا يقرءون هذه الآية بعد كلّ تكبير وهما بعيدان جداً.

قال بعض الأفاضل : ثمّ أدخل عليه عشرة ، أي من بني هاشم الأقربين « تم وقف » أي بعد خروجه وخروج العشرة من البيت الّذي فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « في وسطهم » أي لم يتقدم عليهم تقدم الإمام على المأموم في صلاة الجماعة ، والمضارع في « فيقول » وفي « كما يقول » مبنيان على أنّ قراءة هذه الآية كانت قبل الشروع في الصلاة المعروفة على الميت ، وأنه كان منفرداً بقراءة هذه الآية ، ولم يوافقوه في قراءتها « كما يقول » أي التكبيرات والدعوات في الصلاة على الجنازة ، وهذا مبني على أنّهم صلوا فرادى بدون اقتداء « حتّى صلى » أي كانعليه‌السلام قائما في وسط كلّ عشرة وكرر مع كلّ عشرة صلاة الجنازة عند باب البيت ، انتهى.

وأقول : الأظهر عندي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام صلى عليه أولا مع سائر المعصومين وخواص الملائكة وخواص أصحابه ، وكانت صلاة الناس عليه بهذا الوجه للتقية والمصلحة ، لئلا يريد التقدم في هذه الصلاة غاصب الخلافة فيجعله فضيلة له وحجة على خلافته ، كما احتجوا بالتقدم غصبا في حياتهعليه‌السلام عليها ، كما رواه الطبرسي (ره) في كتاب الاحتجاج عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسيرضي‌الله‌عنه قال : لـمّا غسل أمير المؤمنينعليه‌السلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسناً وحسيناعليهم‌السلام ، فتقدم وصففنا خلفه وصلى عليه وعائشة

٢٧٠

يُصَلُّونَ عَلَى النبيّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » فيقول القوم كما يقول حتّى صلى عليه - أهل المدينة وأهل العوالي.

٣٦ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عليّ بن سيف ، عن أبي المغراء ، عن عقبة بن بشير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : يا عليُّ ادفنّي في هذا المكان وارفع قبري من الأرض أربع أصابع ورشَّ عليه من الماء.

٣٧ - عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبيّ

________________________________________________________

في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ، ثمّ أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلّون ويخرجون حتّى لم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلّا صلّى عليه الخبر.

وقال المفيدقدس‌سره في الإرشاد : فلـمّا فرع أمير المؤمنينعليه‌السلام من غسله وتجهيزه تقدّم فصلّى عليه وحده ولم يشركه معه أحد في الصلاة عليه ، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمّهم في الصلاة عليه وأين يدفن ، فخرج إليهم أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال لهم : أنّ رسول الله إمامنا حيّاً وميّتاً فيدخل إليه فوج بعد فوج منكم فيصلّون عليه بغير إمام وينصرفون ، وأنّ الله تعالى لم يقبض نبيّاً في مكان إلّا وقد ارتضاه لرمسه فيه وإنّي دافنه في حجرته الّتي قبض فيها فسلم القوم لذلك ورضوا به ، انتهى.

وأقول : الخبر الأوّل أوثق وأوفق.

الحديث السادس والثلاثون : ضعيف.

ويدلّ على استحباب رفع القبر أربع أصابع ، والظاهر أنّها المفرّجات ، ورشّ الماء(١) كما سيأتي في كتاب الجنائز إنشاء الله تعالى.

الحديث السابع والثلاثون : حسن كالصحيح.

والبقيع ، بفتح الباء وكسر القاف الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتّى ،

__________________

(١) أي واستحباب رش الماء.

٢٧١

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : أتى العبّاس أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال يا عليُّ إنَّ النّاس قد اجتمعوا أنّ يدفنوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بقيع المصلّى وأنّ يؤمهم رجل منهم فخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الناس فقال يا أيها الناس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إمام حيّاً وميّتاً وقال إنّي أدفن في البقعة الّتي أقبض فيها ثمّ قال على الباب فصلى عليه ثمّ أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثمّ يخرجون.

٣٨ - محمّد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطّاب ، عن عليّ بن سيف ، عن عمرو بن شمرّ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لـمّا قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجا فوجا قال - وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صحته وسلامته إنّما أنزلت هذه الآية عليّ في الصلاة عليّ بعد قبض الله لي «أنّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النبيّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

________________________________________________________

واسم خمسة مواضع في المدينة وامتيازها بالمضاف إليه ، الأوّل : بقيع المصلى وهو موضع كان يصلي فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العيد يقال له بقيع الخيل ، الثاني : بقيع الغرقد بالفتح لشجر كان ينبت فيه وهو اليوم مقبرة المدينة الثالث : بقيع الزبير لإقطاع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إيّاه زبير بن العوام ، الرابع : بقيع الجبجبة لشجر كان ينبت فيه ، الخامس : بقيع البطحأنّ بالضمّ لواد كان بجنبه.

« رجل منهم » أي أبو بكر « فصلى عليه » ظاهره الصلاة وحده لكن لا ينافي ما رويناه عن الاحتجاج من اقتداء الجماعة به ، بل يمكن أنّ يكون وقوفه على الباب لذلك.

قوله : يصلون ، ظاهره الصلاة حقيقة ، ويمكن حمله على ما مرّ من قراءة الآية.

الحديث الثامن والثلاثون : ضعيف.

« صلت عليه » أي دعت له وترحمّت عليه ، أو ضلّت الصلاة المعهودة « إنّما أنزلت » أي الأمر بالصلاة في هذه الآية المراد به الصلاة بعد الموت أو يشملها أو أنّها نزلت لتقرأ قبل الصلاة أو بعد كلّ تكبير منها ، أو عوضاً عن الصلاة كما مر.

٢٧٢

٣٩ - بعض أصحابنا رفعه ، عن محمّد بن سنان ، عن داود بن كثير الرقي قال قلت لأبي عبد الله ما معنى السلام على رسول الله فقال أنّ الله تبارك وتعالى لـمّا خلق نبيّه ووصيّه وابنته وابنيه وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن

________________________________________________________

الحديث التاسع والثلاثون : ضعيف على المشهور.

« ما معنى السلام » السلام مجرور والظرف متعلّق به ، أو حال منه ، أو مرفوع مبتدأ والظرف خبره ، ومضمون الجملة مضاف إليه والأوّل أظهر « لـمّا خلق » أي في عالم الأرواح ، ويحتمل عالم الأجساد « أخذ عليهم » أي على الشيعة أو على الجميع « الميثاق » أي على ربوبيته ونبوة محمّد وولاية الأئمّة عليه وعليهم‌السلام كما ورد في سائر الأخبار ، فاللام للعهد ، وقوله : وأنّ يصبروا إما عطف على مقدر متعلّق بالميثاق فينسحبّ عليه الميثاق ، أو على الميثاق ، ولا يبعد كون الواو زائدة من النساخ وهو إشارة إلى قوله سبحانه : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ »(١) .

وقد روي في معاني الأخبار بإسناده عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول الله عزَّ وجلَّ : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا » فقال : اصبروا على المصائب ، وصابروهم على التقية ، ورابطوا على من تقتدون به «وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ».

وقال البيضاوي : اصبروا على ميثاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد «وَصابِرُوا » غالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب وأعدى عدوكم في الصبر على مخالفة الهوى ، وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقاً لشدته «وَرابِطُوا » أبدانكم وخيولكم في الثغور مرتصدين للغزو وأنفسكم على الطاعة كما قالعليه‌السلام : من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة «وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » فاتقوه بالتبري عمّا سواه لكي تفلحوا غاية الفلاح ، واتقوا القبيح لعلكم تفلحون بنيل المقامات الثلاث ، المرتبة الّتي هي الصبر على حضض الطاعات ، ومصابرة النفس في رفض العادات ، ومرابطة السر على جناب الحقّ لترصد الواردات المعبر عنه بالشريعة والطريقة والحقيقة ، انتهى.

__________________

(١) سورة آل عمران : ٢٠٠.

٢٧٣

يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأنّ يتّقوا الله ووعدهم أن يسلّم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأنّ ينزل لهم البيت المعمور ، ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم

________________________________________________________

« أنّ يسلم لهم الأرض المباركة » أي بيت المقدس كما قال تعالى : و «جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الّتي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً »(١) أو المدينة أو الكوفة ، والحرم الأمن مكّة أو الأعمّ منها ومن المدينة ، كما قال تعالى : «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً »(٢) وقيل : الأرض المباركة جميع الأرض سميّت مباركة لكونها منازل الأنبياء والأوصياء والأولياء والصلحاء ، أو تصير في هذا الزمان مباركة كما سيأتي.

« وأنّ ينزل لهم البيت المعمور » لم أر فيما أظن نزول البيت المعمور في زمن القائمعليه‌السلام إلّا في هذا الخبر ، وربمّا يأوّل بنزول الملائكة منه إلى القائمعليه‌السلام أو يصير الكعبة كالبيت المعمور لكثرة العبادة فيه ونزول الملائكة إليه ، أو المراد بالبيت المعمور بيوت أذن الله أنّ ترفع وهي بيوت الأئمّةعليهم‌السلام كناية عن صيرورتها معمورة بعد ما كانت مهجورة ، ولعله لا حاجة إلى هذه التكلفات ولا امتناع في حمله على ظاهره.

« ويظهر لهم السقف المرفوع » أي السماء الدّنيا أو السماوات كلها أو العرش بنفوذ بصرهم فيها واطلاعهم على غرائبها ، ويمكن تخصيصه بهعليه‌السلام وبخواص أصحابه ولا يبعد أنّ يكون المراد بالسقف المرفوع ما ورد في رواية طويلة عن المفضّل بن عمرّ عن الصادقعليه‌السلام حيث قال : ثمّ يخرج الصديق الأكبر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه وتنصب له القبة بالنجف ويقام أركانها ، ركن بالنجف وركن بهجر(٣) وركن بصنعاء وركن بأرض طيبة لكأني أنظر إلى مصابيحها تشرق في السماء والأرض كأضوء من الشمس والقمرّ ، فعندها تبلى السرائر وتذهل كلّ مرضعة عمّا أرضعت ، الخبر.

ويحتمل أنّ يكون المراد إظهار بركات السماء كما روي في الخصال في حديث طويل عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عزَّ وجلّ

__________________

(١) سورة سبأ : ١٨. (٢) سورة القصص : ٥٧.

(٣) هجر : اسم لجميع أرض البحرين.

٢٧٤

من عدوّهم والأرض الّتي يبدّلها الله من السلام ويسلّم ما فيها لهم لا شِيَةَ فِيها ، قال :

________________________________________________________

ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولأخرجت الأرض نباتها ، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد واصطلحت السباع والبهائم حتّى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلّا على النبات ، وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه.

« والأرض » إما عطف على عدوهم أي تريحهم من آفات الأرض ومن في قوله : من السلام ، تعليلية متعلقة بالتبديل ، أي يريحهم من آفات الأرض الفاسدة فيصلحها لهم لسلامتهم من الشرور ، أو الأرض مبتدأ ومن السلام خبره ومن تبعيضية ، أي من جملة السلام أو تعليلية أي بسببه ، وكأنه إشارة إلى بطن قوله تعالى : «يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ »(١) فان آيات البعث أكثرها مؤولة بالرجعة وزمان القائمعليه‌السلام في القران كما اطلعت على بعضها سالفاً ، وكون «من» صلة للإبدال يفيد عكس المرام إلّا أنّ يقال هو على القلب ، قال في القاموس تبدله وبه استبدله ، وأبدل منه وبدله اتخذه منه بدلا ، وقيل : والأرض عطف على أنّ يسلم ، وقيل : على الأرض المباركة ويؤيّد ما ذكرنا ما رواه الراوندي (ره) في الخرائج بإسناده عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قال الحسين صلوات الله عليه قبل أنّ يقتل لأصحابه : أبشروا فو الله لئن قتلونا فإنا نرد على نبيّنا ، قال : ثمّ أمكث ما شاء الله فأكون أوّل من ينشق الأرض عنه فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين ، وقيام قائمنا ثمّ لينزلن عليّ وفد من السماء من عند الله ، وساق الحديث إلى أنّ قالعليه‌السلام : ثمّ لأقتلن كلّ دابّة حرم الله لحمها حتّى لا يكون على وجه الأرض إلّا الطيّب ، وساق إلى أنّ قال : ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلّا كشف الله عنه بلائه بنا أهل البيت ولينزلن البركة من السماء إلى الأرض حتّى أنّ الشجرة لتنقصف بما يريد الله فيها من الثمرّة ، وليأكلن ثمرّة الشتاء في الصيف وثمرّة الصيف في الشتاء ، وذلك قوله تعالى : «وَلَوْ أنّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٤٨.

٢٧٥

لا خصومة فيها لعدوّهم وأنّ يكون لهم فيها ما يحبّون وأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع الأئمّة وشيعتهم الميثاق بذلك وإنّما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله لعلّه أن يعجّله جلَّ وعزَّ ويعجّل السلام لكم بجميع ما فيه.

٤٠ - ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : سمعته

________________________________________________________

وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ »(١) الخبر.

« ويسلم ما فيها لهم لا شية فيها » تضمين من الآية الكريمة في قصة البقرة : «بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها »(٢) قال البيضاوي : «مُسَلَّمَةٌ » سلمه الله من العيوب أو أهلها من العمل ، أو أخلص لونها من سلم له كذا إذا أخلص له «لا شِيَةَ فِيها » لا لون فيها يخالف لون جلدها ، وهي في الأصل مصدر وشاه وشيا وشية إذا خلط بلونه لونا آخر ، وفي القاموس : وشى الثوب كرعا وشيا وشية حسنّة ونقشه وحسنه كوشاه ، وكلامه : كذب فيه ، وبه أي السلطأنّ ، وشيا ووشاية ، نم وسعى ، وشية الفرس كعدّة : لونه ، انتهى.

وتفسير الشية هنا بالخصومة مبني على حمل الكلام على الاستعارة ، فإنه إذا لم يسلم لهم الأرض كملا بل كان لبعضها فيه خصومة فكانت كحيوأنّ فيه لون غير لون أصله.

« وإنّما السلام عليه » الظرف متعلّق بالسلام قدم للحصر والسلام مبتدأ وتذكرة خبره ، ومضاف إلى نفس المضاف إلى الميثاق ، أي تذكير أصل الميثاق وما قيل : أنّ نفساً منّون مجرور ، والميثاق منصوب فهو بعيد ، وقوله : على الله مبني على أنّ السلام على رسول الله جملة دعائيّة« بجميع ما فيه » أي مع جميع ما في السلام وما يستلزمه من البركات المتقدّمة.

الحديث الأربعون : صحيح على الظاهر ، إذ الكليني وأنّ لم يرو عن ابن محبوب لكن مرّ مراراً توسط الأسانيد الصحيحة بينه وبينه كما مرّ في أوائل هذا

__________________

(١) سورة الأعراف : ٩٦. (٢) سورة البقرة : ٧١.

٢٧٦

يقول : اللهمّ صلّ على محمّد صفيّك وخليلك ونجيّك المدبّر لأمرك.

( باب )

( النهي عن الإشراف على قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله )

١ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن جعفر بن المثنى الخطيب قال كنت بالمدينة وسقف المسجد الّذي يشرف على القبر قد سقط والفعلة يصعدون وينزلون ونحن جماعة فقلت لأصحابنا من منكم له موعد يدخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام الليلة فقال مهران بن أبي نصر أنا وقال إسماعيل بن عمّار الصيرفي أنا فقلنا لهما سلاه لنا عن الصعود لنشرف على قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلـمّا كان من الغد لقيناهما فاجتمعنا جميعاً فقال إسماعيل قد سألناه لكم عمّا ذكرتم فقال ما أحبّ لأحد منهم أنّ يعلو فوقه ولا آمنه أنّ يرى شيئاً يذهب منه بصره أو يراه قائماً

________________________________________________________

الباب أيضاً ، عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد عن ابن محبوب ، وإنّما ذكر الخبر في هذا الباب لاشتماله على فضائل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكأنه ترك تتمة الدعاء فلا يدلّ على جواز الصلاة على الرسول بدون الصلاة على الآل كما توهم.

والصفي المختار والنجي صاحب السر والخالص المدبر لأمرك ، يدلّ على أنّ لهصلى‌الله‌عليه‌وآله مدخلا في تدبير أمور العالم ، وأنّ الملائكة الموكلين بذلك مأمورين بأمره ويمكن أنّ يراد به أمر الدين كما مرّ في باب التفويض ، أو المراد إجراء أوأمر الله بين الخلق.

باب النهي عن الإشراف على قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

الحديث الأول : مجهول وكان في السند سقطاً أو إرسالاً ، فان جعفر بن المثنى من أصحاب الرضاعليه‌السلام ولم يدرك زمان الصادقعليه‌السلام .

والفعلة بالتحريك جمع فاعل : عملة البناء « من منكم »؟ استفهام « الليلة » منصوب بالظرفية « يذهب منه » أي بسببه « بصره » وهذا مشهور عند أهل المدينة

٢٧٧

يصلّي أو يراه مع بعض أزواجهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

________________________________________________________

أنّ رؤية قبره المقدّس المنوّر يورث ذهاب البصر ، فإذا أسقط في الضريح شيء يشدّون عصابة على بصر صبيّ ويدخلونه فيخرج ذلك ، وقولهعليه‌السلام : لا أحبّ ، ظاهره الكراهة لكن التعليل يومئ إلى الحرمة ، ولم أر لأصحابنا في ذلك نصا « أو يراه قائماً » بجسده الأصلي أو المثالي ، والظاهر في بعض الأرواح الأجساد المثالية.

واعلم أنّ الأخبار مستفيضة في أنّ النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم بل سائر الأنبياءعليهم‌السلام لهم بعد وفاتهم أحوال غريبة ليس لسائر الخلق معهم فيها شركة لحرمة لحومهم على الأرض ، وصعود أجسادهم إلى السماء ورؤية بعضهم بعضاً وأحيائهم أمواتهم ، بل بعض الناس من غيرهم أيضاً إيّاهم ، وقد أوردت أخباراً كثيرة في ذلك في الكتاب الكبير ، وإنّما النظر في أنّ تلك الأحوال هل لأجسادهم الأصلية أو للأجساد المثالية ، فظاهر أكثر أصحابنا أنها في أجسادهم الأصلية ولا دليل عقلاً ونقلاً على نفي ذلك مع أنّ كثيراً من الأخبار الصحيحة والمعتبرة تدل عليه.

قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المقالات : أنّ رسل الله تعالى من البشر وأنبياءه والأئمّة من خلفائهعليهم‌السلام محدثون مصنوعون تلحقهم الآلام وتحدث لهم اللذات وتنمي أجسادهم بالأغذية ، وتنقص على مرور الزمان ، ويحلّ بهم الموت ويجوز عليهم الفناء ، وعلى هذا القول إجماع أهل التوحيد ، وقد خالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة ، فأما أحوالهم بعد الوفاة فأنّهم ينقلون من تحت التراب فيسكنون بأجسامهم وأرواحهم جنة الله تعالى ، فيكونون فيها أحياء يتنعمون إلى يوم الممات ، يستبشرون بمن يلحقّ بهم من صالحي أممهم وشيعتهم ، ويلقونه بالكرامة وينتظرون من يرد عليهم من أمثال السابقين في الديانات ، وأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة من عترتهعليهم‌السلام خاصة لا تخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدّنيا بإعلام الله تعالى لهم ذلك ، حالاً بعد حال ، ويسمعون كلام المناجي لهم في مشاهدهم المكرمة العظام بلطيفة من ألطاف الله تعالى يبينهم بها من جمهور العباد ،

٢٧٨

________________________________________________________

وتبلغهم المناجاة من بعد كما جاءت به الرواية ، وهذا مذهب فقهاء الإمامية كافة وحملة الآثار منهم ، ولست أعرف فيه لمتكلمهم من قبل مقإلّا ، وبلغني عن بني نوبخت خلاف فيه ، ولقيت جماعة من المقصرين عن المعرفة ممّن ينتمي إلى الإمأمّة أيضاً يأبونه ، وقد قال الله تعالى : «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ إلّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ »(١) وما يتلو هذا من الكلام ، وقال في قصة مؤمن آل فرعون : «قِيلَ ادْخُلِ الجنّة قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي ربّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ »(٢) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سلم عليّ عند قبري سمعته ، ومن سلم من بعيد بلغته ، سلام الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته ، ثمّ الأخبار في تفصيل ما ذكرناه من الجملة عن أئمّة آل محمّدعليهم‌السلام بما وصفناه نصا ولفظاً أكثر ، وليس هذا الكتاب موضع ذكرها ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.

وقال الشيخ أبو الفتح الكراجكي (ره) في كتاب كنز الفوائد : إنا لا نشك في موت الأنبياءعليهم‌السلام غير أنّ الخبر قد ورد بأنّ الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه ، وأنّهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله سبحانه ، وقد ورد عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أنا أكرم عند الله من أنّ يدعني في الأرض أكثر من ثلاث وهكذا عندنا حكم الأئمّةعليهم‌السلام ، قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو مات نبي بالمشرق ومات وصيّه بالمغرب يجمع الله بينهما ، وليس زيارتنا بمشاهدهم على أنّهم بها ولكنّها أشرف المواضع ، فكانت غيبت الأجسام فيها ولعبادتنا أيضاً ندبنا إليها ، فيصح على هذا أنّ يكون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأي الأنبياءعليهم‌السلام في السماء فسألهم كما أمره الله تعالى ، وبعد فقد قال الله تعالى : «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٦٩. (٢) سورة يس : ٢٧.

٢٧٩

( باب )

( مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه )

ولد أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقتلعليه‌السلام في شهر رمضان

________________________________________________________

بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله على هذا الوصف فكيف ينكر أنّ الأنبياء بعد موتهم أحياء منعمون في السماء ، وقد اتصلت الأخبار من طريق الخاصّ والعام بتصحيح هذا ، وأجمع الرواة على أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا خوطب بفرض الصلاة ليلة المعراج وهو في السماء قال له موسىعليه‌السلام : أنّ أمتك لا تطيق ، وإنه راجع إلى الله تعالى دفعة بعد أخرى ، وما حصل عليه الاتفاق فلم يبق فيه كذب ، انتهى.

وأقول : نظير هذا موجود في طرق المخالفين أيضاً ، روى مسلم بإسناده عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مررت على موسى بن عمرانعليه‌السلام وهو يصلي في قبره وقال الآبي : صلاته في قبره من الجائز عقلاً ، وأخبر الشرع به فيجب الإيمان به وليست صلاة تكليف لانقطاع التكليف بالموت ، بل محبّة واستحلاء كما يجد كثير من العباد من اللذة في قيام الليل ، ولـمّا دفن ثابت البناني ووضعت اللبن عليه سقطت لبنة فرآه بعضهم ممّن الحدة قائما يصلي ، فقال لمن الحدة معه : إلّا ترى؟ فلـمّا انصرفا من دفنه أتيا داره وسإلّا ابنته ما كان حاله في حياته؟ فقالت لا أخبركما حتّى تخبراني بما رأيتما ، فأخبراها ، فقالت :

علمت أنّ الله تعالى لا يضيع دعاءه ، كان كثيراً ما يقول : اللّهم أنّ أعطيت أحداً الصلاة في قبره فأعطنيها ، انتهى.

باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه

« بعد عام الفيل » فكان للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ ثلاثون سنة ، وكان قبل المبعث بعشر سنين ، وقال الشيخ في التهذيب : ولدعليه‌السلام بمكّة في البيت الحرام يوم الجمعة لثلاثة عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنّة ، وقبضعليه‌السلام قتيلاً بالكوفة

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380