مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول5%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5384 / تحميل: 5086
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

عليهما‌السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس ، قد يبس من العطش ففرش للحسنعليه‌السلام تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة أخرى قال فقال الزبيري ورفع رأسه لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه فقال له الحسن وإنّك لتشتهي الرُّطب ؟ فقال الزبيري نعمّ قال فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه فاخضرت النخلة ثمَّ صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا فقال الجمّال الّذي اكتروا منه سحر والله قال فقال الحسنعليه‌السلام ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مستجابة قال فصعدوا إلى النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم.

________________________________________________________

والعمر بضمّ العين وفتح الميم جمع عمرّة وقال الجوهري : المنهل المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المرعى وتسمى المنازل الّتي في المفاوز على طرق السفار مناهل لأنّ فيها ماء.

قوله : بحذاه كذا في أكثر النسخ مقصوراً ، وفي بصائر الدرجات بحذائه وهو أصوب ، وأنّ كان القصر أيضاً جائزاً ، قال الجوهري : حذاء الشيء إزاؤه ، يقال : جلس بحذائه ، وفي القاموس : الحذاء الإزاء ويقال : هو حذاك وجملة « ورفع » حالية بتقدير قد ، وفي الخرائج وقد رفع « وإنك لتشتهي »؟ الاستفهام مقدر.

« لم أفهمه » كذا فيما عندنا من النسخ فضمير« قال » راجع إلى الزبيري ، والغرض أنّ الزبيري أيضاً حكى ذلك للنّاس وفي البصائر : لم يفهمه الزبيري ، وهو أصوب « ثمّ صارت إلى حالها » أي قبل اليبس ، وقيل : أي لونها الّذي كان لها قبل الاخضرار ، ولا يخفى ما فيه « سحر» اسم أو فعل « ويلك » بتقدير حرف النداء ، والويل الهلاك وفي القاموس : صرمه يصرمه صرماً ويضمّ قطعه قطعاً بائناً ، وأصرم النخل حأنّ له أنّ يصرم ، انتهى.

وقيل : الأمر الخارق للعادة من حيث أنه دال على صدق من أتى به وحقيته يسمى آية وعلامة وبينة ومن حيث أنه دال على أنّ صاحبه مكرم عند الله تعالى

٣٦١

٥ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنَّ الحسنعليه‌السلام قال أنّ لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سورُ من حديد وعلى

________________________________________________________

يسمّى كرامة ومن حيث أنّه دالّ على تصديقه تعالى إيّاه يسمّى معجزة ومن ثمّ قيل : شرط المعجزة أنّ يكون أخبار النبيّ بأنه نبي للتحدي بها ، والفرق بينها وبين الآية أنّ المعجزة ما وقع والتحدي بها ، فان كان المدعي نبيّاً دلّت على صدق نبوته ، وأنّ كان وليّاً دلّت على صدق ولايته.

الحديث الخامس : صحيح.

والمدينتان جابلقا وجابلسا ، قال في المغرب : قالوا جابلقا وجابلسا قريتان إحداهما بالمغرب والأخرى بالمشرق ، وقال في القاموس : جابلس بفتح الباء واللام أو سكونها بلدة بالمغرب ليس وراءه إنسي ، وجابلق بلد بالمغرب ، وليس وجود القريتين على الصفتين ممتنعاً في قدرة الله تعالى ، ولم يحط أحد سوى المعصومين والمؤيدين من عند الله تعالى بجميع الأرض حتّى يمكنه نفي ذلك وقد وجد قريب من زماننا بلاد عظيمة يسمى « ينكي دنيا » لم يكن القدماء اطلعوا عليها ، ولا ذكروا منها شيئاً في كتبهم.

وقال بعض أهل التأويل : كان المدينتين كنايتأنّ عن عالمي المثال المتقدَّم أحدهما على الدّنيا وهو الشرقي ، والمتأخر أخر عنها وهو الغربّي وكون سورهما من حديد كناية عن صلابته وعدم إمكان الدُّخول فيهما إلّا من أبوابهما ، وكثرة اللغات كناية عن اختلاف الخلائق في السلائق والألسن اختلافاً لا يحصى ، وحجيتّه وحجية أخيه في زمإنّهما ظاهرة فإنّها كانت عأمّة لجميع الخلق ، انتهى.

وقال شارح المقاصد : ذهب بعض المتألهين من الحكماء ونسب إلى القدماء أنّ بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة تسمى عالم المثل ليس في تجرّد المجرّدات ، ولا في مخالطة المادّيات وفيه لكلّ موجود من المجرّدات والأجسام والأعراض

٣٦٢

كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلّم كلُّ لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللّغات وما فيهما وما بينهما ، وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي.

________________________________________________________

والحركات والسكنات والأوضاع والهيئات والطعوم والروائح مثال قائم بذاته معلق لا في مادّة ومحلّ يظهر للحسّ بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك ، وقد ينتقل من مظهر إلى مظهر ، وقد يبطل كما فسدت المرآة والخيال ، أو زالت المقابلة أو التخيل ، وبالجملة هو عالم عظيم الفسحة غير متناه ، يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية وقبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه وإشراقات العالم العقلي ، وهذا ما قال الأقدمون أنّ في الوجود عالـماً مقدارياً غير العالم الحسي لا تتناهى عجائبه ولا تحصى مدته.

ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرسا ، وهما مدينتأنّ عظيمتأنّ لكلّ منهما ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق ، ومن هذا عالم يكون فيه الملائكة والجن والشياطين والغيلان ، لكونها من قبيل المثل والنفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها ، وبه يظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن والقبح واللطافة والكثافة وغير ذلك بحسب استعداد القابل والفاعل.

وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني فان البدن المثالي الّذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي في أنّ له جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيلتذ ويتألم باللذات والآلام الجسمانيّة وأيضاً تكون من الصور المعلقة نورانية فيها نعيم السعداء وظلمانية فيها عذاب الأشقياء وكذا أمر المنامات وكثير من الإدراكات ، فان جميع ما يرى في المنام أو التخيل في اليقظة بل نشاهد في الأمراض وعند غلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية الّتي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل.

وكذا كثير من الغرائب وخوارق العادات كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج ، وأنه ظهر من بعض

٣٦٣

٦ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ بن النعمان ، عن صندل ، عن أبي أسأمّة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خرج الحسن بن عليّعليه‌السلام إلى مكّة سنّة ماشياً فورمت قدماه فقال له بعض مواليه لو ركبت لسكن عنك هذا الورم فقال كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه فقال له مولاه بأبي أنت وأمي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال له بلى إنه أمامك دون المنزل فساراً ميلا فإذا هو بالأسود فقال الحسنعليه‌السلام لمولاه دونك الرجل فخذ منه الدهن وأعطه الثمن فقال الأسود يا غلام لمن أردت هذا الدهن فقال للحسن بن عليّ فقال انطلق بي إليه فانطلق فأدخله إليه فقال له بأبي أنت وأمي لم أعلم أنك تحتاج إلى هذا أوترى ذلك ولست آخذ له ثمنا إنّما أنا مولاك ولكن ادع الله أنّ يرزقني ذكراً سوياً يحبكم

________________________________________________________

جدران البيت ، أو خرج من بيت مسدود الأبواب والكوى ، وأنه أحضر بعض الأشخاص والثمار أو غير ذلك ، من مسافة بعيدة جدا في زمان قريب إلى غير ذلك ، انتهى.

وهذه الكلمات شبيهة بالخرافات ، وتصحيح النصوص والآيات لا يحتاج إلى ارتكاب هذه التكلفات ، والله يعلم حقائق العوالم والموجودات.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

« فورمت » بكسر الراء « ما قدمنا منزلاً » أي هذا المنزل الّذي نأتيه ليس مظنة كون هذا الدواء فيه ، وفي الخرائج ليس إمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال : بلى إنه إمامنا وساروا أميالاً فإذا الأسود قد استقبلهم إلى قوله : فان الله قد وهب لك ولداً ذكراً سوياً ، فرجع الأسود من فوره فإذا امرأته قد ولدت غلاما سويا ثمّ رجع الأسود إلى الحسن ودعا له بالخير بولادة الغلام له ، وأنّ الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام من موضعه حتّى زال الورم.

قوله : أو ترى ذلك؟ أي تعلم وجود هذا الدواء عندي ، وفي القاموس : مخضت

٣٦٤

أهل البيت ، فإنّي خلّفت أهلي تمخض فقال : إنطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكراً سويّاً وهو من شيعتنا.

( باب )

( مولد الحسين بن عليّ عليه‌السلام )

ولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام في سنة ثلاث وقبضعليه‌السلام في شهر المحرَّم من سنة

________________________________________________________

كسمع ومنعوعني مخاضاً ومخاضاً ، ومخضت تمخيضاً أخذها الطلق أي وجع الولادة.

وأقول : الخبر مشتمل على معجزات ويدلّ على تأكّد استحباب المشي إلى بيت الله.

باب

مولد الحسين بن عليعليهما‌السلام

أقول : قال الشيخقدس‌سره في التهذيب : ولدعليه‌السلام آخر شهر ربيع الأوّل سنّة ثلاث من الهجرة ، وقال الطبرسي (ره) في إعلام الورى : ولدعليه‌السلام يوم الثلاثاء وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، وقيل : لخمس خلون منه لسنّة أربع من الهجرة ، وقيل : ولدعليه‌السلام آخر ربيع الأوّل سنّة ثلاث منها ، وقال ابن شهرآشوب في المناقب : ولدعليه‌السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلاثاء لخمس خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوماً ، وقال المفيد (ره) في الإرشاد : ولدعليه‌السلام بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة ، وقال الشيخ في المصباح : خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّدعليه‌السلام أنّ مولانا الحسينعليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وروى الحسين بن زيد عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال : ولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام لخمس ليال خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة.

وقال في كشف الغمة : قال كمال الدين بن طلحة : ولدعليه‌السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة ، علقت البتولعليها‌السلام به بعد أنّ ولدت أخاه

٣٦٥

إحدى وستين من الهجرة وله سبع وخمسون سنّة وأشهر قتله عبيد الله بن زياد لعنه الله

________________________________________________________

الحسن بخمسين ليلة ، وكذلك قال الحافظ الجنابذي ، وقال كمال الدين : كان انتقاله إلى دار الآخرة في سنّة إحدى وستين من الهجرة ، فتكون مدة عمره ستا وخمسين سنّة وأشهر ، كان منها مع جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست سنين وشهورا ، وكان مع أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ثلاثين سنّة بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين ، وبقي بعد وفاة أخيه الحسنعليهما‌السلام إلى وقت مقتله عشر سنين.

قال ابن الخشاب : حدثنا حرب بإسناده عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : مضى أبو عبد الله الحسين بن عليّ وأمه فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وهو ابن سبع وخمسين سنّة في عام الستين من الهجرة في يوم عاشوراء ، كان مقامه مع جده رسول الله سبع سنين إلّا ما كان بينه وبين أبي محمّد وهو سبعة أشهر وعشرة أيام وأقام مع أبيه ثلاثين سنّة ، وأقام مع أبي محمّد عشر سنين ، وأقام بعد مضي أخيه الحسنعليه‌السلام عشر سنين ، فكان عمره سبعا وخمسين سنّة إلّا ما كان بينه وبين أخيه من الحمل ، وقبض في يوم عاشوراء في يوم الجمعة في سنّة إحدى وستين ، ويقال : يوم الاثنين ، انتهى.

وقال الشهيد (ره) في الدروس ولدعليه‌السلام بالمدينة آخر شهر ربيع الأوّل سنّة ثلاث من الهجرة ، وقيل : يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان ، وقال الشيخ ابن نما قيل : ولدعليه‌السلام لخمس خلون من جمادى الأولى ، وكانت مدة حمله ستّة أشهر ، ولم يولد لستّة سواه وعيسى وقيل : يحيىعليهم‌السلام ، انتهى.

وأقول : إنّما اختار الشيخ (ره) كون ولادتهعليه‌السلام في آخر شهر ربيع الأوّل تبعاً لـمّا اختاره المفيد (ره) في المقنعة ، مع مخالفته لـمّا رواه من الروايتين ، لـمّا ثبت عنده واشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن في منتصف شهر رمضان ، وما ورد في روايات صحيحة أنه لم يكن بين ولادتيهما إلّا ستّة أشهر وعشراً كما سيأتي بعضها

٣٦٦

في خلافة يزيد بن معاوية لعنه الله وهو على الكوفة وكان على الخيل الّتي حاربته وقتلته عمر بن سعد لعنه الله بكربلاء - يوم الإثنين لعشر خلون من المحرم وأمه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١ - سعد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قبض الحسين بن عليّعليه‌السلام - يوم عاشوراء وهو ابن سبع وخمسين سنة.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الرَّحمن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان بين الحسن والحسينعليه‌السلام طهر وكان بينهما في الميلاد ستّة أشهر وعشراً.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء والحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

________________________________________________________

لكن مع ورود هذه الأخبار يمكن ترك القول بكون ولادة الحسنعليه‌السلام في شهر رمضان لعدم استناده إلى رواية معتبرة والله يعلم.

قوله : وهو، أي عبيد الله لعنه الله « على الكوفة » أي وال على الكوفة والخيل الفرسان ، والمراد هنا العسكر الملعون « لعشر » أي لعشر ليال« خلون » أي مضين.

الحديث الأوّل : مختلف فيه صحيح عندي.

الحديث الثاني : صحيح.

« بين الحسن والحسين » أي بين ولادة الحسن والعلوق بالحسين « طهر » أي مقدار أقل الطهر في النساء اللاتي يحضن وهو عشرة أيام ، ولم يكن لهاعليها‌السلام دم ، والميلاد وقت الولادة.

الحديث الثالث : مختلف فيه.

قوله : لـمّا حملت ، لعلّ المعنى قرب حملها ، أو المراد جاء جبرئيل قبل ذلك ،

٣٦٧

لـمّا حملت فاطمةعليها‌السلام بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أنّ فاطمةعليها‌السلام ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك فلـمّا حملت فاطمة بالحسينعليه‌السلام كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لم تر في الدّنيا أم تلد غلاماً تكرهه ولكنّها كرهته لـمّا علمت أنه سيقتل قال وفيه نزلت هذه الآية «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوالِدَيْهِ » حسناً «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ

________________________________________________________

أو المراد بقوله : حملت ثانيا شعرت به ، وربمّا يقرأ الثاني حملت على بناء المجهول من التفعيل ، أي عدت حاملا ، وفي كامل الزيارة الحسين بدون الباء ، وعلى هذا التأويل يحتمل أنّيكون « وصينا » معناه جعلناه وصيا من الأوصياء ، فالباء في « بوالديه » للسببية، فقوله : حسناً نصب على الإغراء بتقدير القول أي قائلين ألزم حسناً كما قيل ، لكنّه بعيد ، والأظهر أنّ « وصينا » بمعناه ، والياء للسببية ، وحسناً مفعول وصينا ، وأنّ قرأ بفتح الحاء والسين لا يبعد الوجه الأوّل أيضاً ، أي وصيناه أيضاً حسنا.

قال في مجمع البيان : قرأ أهل الكوفة إحسانا ، والباقون حسناً ، وروي عن عليّعليه‌السلام وأبي عبد الرَّحمن السلمي حسناً بفتح الحاء والسين ، انتهى.

ويحتمل أنّ يكون الوالدان رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما مرّ وسيأتي ، أو عليّاً وفاطمةعليهما‌السلام .

« لم تر » على بناء المجهول ، وفي الكامل : هل رأيتمّ في الدّنيا أما ، إلى آخره وحمله وفصاله ثلاثون شهراً موافق لهذا التأويل ، لأنّ حمله كان ستّة أشهر ، ومدة الرضاع سنتان ، قال البيضاوي «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً ، وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً » ذات كره أو حملا ذا كره ، وهو المشقّة «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ » ومدة حمله وفصاله ، والفصال الفطام ، والمراد به الرضاع التام المنتهى به ، ولذلك عبر به كما يعبر بالأمر عن المدة ثلاثون شهراً كلّ ذلك بيان لـمّا تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها وفيه دليل على أنّ أقل مدة الحمل ستّة لأنه إذا حط عنه للفصال حولان لقوله : «حَوْلَيْنِ

٣٦٨

ثَلاثُونَ شهراً »(١) .

٤ - محمّد بن يحيى ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن محمّد بن عمرو الزيات ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أنّ جبرئيلعليه‌السلام نزل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا محمّد أنّ الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتك من بعدك فقال يا جبرئيل وعلى ربّي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمّتي من بعديّ فعرج ثمّ هبطعليه‌السلام فقال له مثل ذلك فقال يا جبرئيل وعلى ربّي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمّتي من بعديّ فعرج جبرئيلعليه‌السلام إلى السماء ثمّ هبط فقال يا محمّد أنّ ربّك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريّته الامامة والولاية والوصيّة فقال قد رضيت ثمّ أرسل إلى فاطمة أنّ الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمّتي من بعدي فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود مني تقتله أمتك من بعدك فأرسل إليها أنّ الله قد جعل في ذريّته الامامة والولاية

________________________________________________________

كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أنّ يتمّ الرَّضاعَةَ » بقي ذلك ، وبه قال الأطباء ، ولعلّ تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما.

الحديث الرابع : مرسل ، وآخره أيضاً مرسل.

والظاهر أنّ الإرسال والتبشير من الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانا على وجه التخيير لا الحتم ، حتّى يكون ردهما رداً على الله «حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ » أي استحكم قوته وعقله «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سنّة » أقول : لا يلزم من كون هذا الدعاء بعد أربعين سنّة من عمره أنّ يكون مصادفاً لأوّل إمامته ، بل يمكن أنّ يكون قبل ذلك ، فان إمأمّة الحسينعليه‌السلام كان بعد مضي سبع وأربعين من عمره الشريف ، مع أنه بطن للآية ولا يلزم انطباقها من جميع الوجوه ، وما قيل : من أنّ بلوغ الأشد كان عند وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وابتداء الأربعين من بلوغ الأشد فيكون مصادفا لابتداء إمامتهعليه‌السلام فهو تكلف مستغنى عنه.

__________________

(١) سورة الأحقاف : ١٥ وفي المصحف «إِحْساناً » بدل « حسناً ».

٣٦٩

والوصيّة فأرسلت إليه إنّي قد رضيت ف- « ـحَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شهراً حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سنّة قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أنّ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الّتي أَنْعَمْتَ عليّ وَعَلى والِدَيَّ وَأنّ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » فلو لا أنهقال أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » لكانت ذريّته كلهم أئمّة - ولم يرضع الحسين من فاطمةعليها‌السلام ولا من أنثى كان يؤتى به النبيّ فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث فنبت لحم الحسينعليه‌السلام من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستّة أشهر إلّا عيسى ابن مريمعليه‌السلام والحسين بن عليّعليه‌السلام .

وفي رواية أخرى ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤتى

________________________________________________________

«أَوْزِعْنِي » أي ألهمني وأصله أولعني من أوزعته بكذا ، والمراد بالنعمة نعمة الامامة والنبوّة «وَأنّ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ » قال البيضاوي : نكرة للتعظيم أو لأنه أراد نوعاً من الجنس يستجلب رضا الله تعالى «وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » واجعل لي الصلاح سارياً في ذريتي راسخاً فيهم.

أقول : على تأويلهعليه‌السلام « في » للتبعيض أي بعض ذريتي وهو أظهر.

« فنبت لحما » تميز وفي بعض النسخ كما في كامل الزيارة لحم الحسين وهو أظهر « إلّا عيسى بن مريم » لعلّ هذا من تصحيف الرواة أو النساخ ، وفي أكثر الأخبار المعتبرة إلّا يحيى والحسينعليه‌السلام ، وقد ورد في الأخبار المعتبرة أنّ حمل عيسى كان تسع ساعات ، وقيل : ثلاث ساعات ، قال الثعلبي : اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى ، فقال بعضهم : كان مقدار حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء ، وقيل : ثمانية أشهر وكان ذلك آية أخرى لأنه لم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غير عيسى ، وقيل : ستّة أشهر ، وقيل : ثلاث ساعات ، وقيل : ساعة واحدة ، انتهى.

وأقول : يحتمل أنّ يكون مادة تولد عيسى أحدثها الله في مريم (ع) قبل نفخ جبرئيلعليه‌السلام بستّة أشهر.

قولهعليه‌السلام : فيلقمه لسانه ، يمكن الجمع بينه وبين ما سبق بأنه كان في

٣٧٠

به الحسين فيلقمه لسانه فيمصّه فيجتزيء به ولم يرتضع من اُنثى.

٥ - عليُّ بن محمّد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ »(١) قال حسب فرأى ما يحلّ بالحسينعليه‌السلام فقال إني سقيم لـمّا يحلّ بالحسينعليه‌السلام

________________________________________________________

بعض الأوقات يمص لسانه وفي بعضها إبهامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الحديث الخامس : مرفوع.

«فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » أقول : هذه إحدى الآيات الّتي استدل بها المخطئون للأنبياء زعمّا منهم أنه كذب ، وأجيب بوجوه : « الأوّل » أنهعليه‌السلام نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتاده ، فقال إني سقيم ، أراد أنه قد حضر وقت علته فكأنه قال : سأسقم.

الثاني : أنه نظر في النجوم كنظرهم في استنباط الأحكام من النجوم ، فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم ، فقال عند ذلك إني سقيم ، فتركوه ظنا منهم أنّ نجمع يدلّ على سقمه ، ويجوز أنّ يكون الله تعالى أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل وجعل العلأمّة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص ، فلـمّا رأى إبراهيم تلك الأمارة قال إني سقيم.

الثالث : أنّ المعنى أنه سقيم القلب أو الرأي حزنا من إصرار القوم على عبادة الأصنام ، وهي لا تسمع ولا تبصر ، فمعنى «نَظْرَةً فِي النُّجُومِ » تفكره في أنها محدثة مخلوقة مدبرة ، وتعجبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتّى عبدوها.

الرابع : أنّ من كتب عليه الموت فهو سقيم وأنّ لم يكن به سقم في الحال ، وما ورد في هذه الرواية أحد الوجوه ، والمراد سقم القلب ، ولا ينافي ذلك أنّ يكون أوهمهم ظاهراً أنه سيسقم في بدنه ، وكان مراده سقم القلب تورية ، وهذا مجوز عند الضرورة والمصلحة ، وليس بكذب ، ولذا ورد في الخبر أنّ في المعاريض لمندوحة عن

__________________

(١) سورة الصافات : ٨٩.

٣٧١

٦ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عليّ بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن محمّد بن حمران قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لـمّا كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، ضجّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟ قال : فأقام الله لهم ظل القائمعليه‌السلام وقال بهذا أنتقم لهذا.

________________________________________________________

الكذب ، وقد روي بأسانيد عن الباقر والصادقعليهما‌السلام إنّهما قالاً : والله ما كان سقيما وما كذب ، ثمّ ظاهر الخبر أنهعليه‌السلام علم ما يحلّ بالحسينعليه‌السلام بحساب النجوم والأوضاع الفلكية وأنها تدل على الحوادث ، والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، ولا ينافي ذلك منع سائر الخلق من التفكر فيها والحكم بها.

وما يتحصل من جميع الأخبار هو أنّ علم النجوم من علوم الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام وهو إحدى الطرق الّتي يستنبطون بها العلم بالحوادث وهي مختصة بهم ، وسائر الخلق لم يحيطوا بها علـمّا ، فلذا منعوا عن التفكر فيها ، والإخبار بها أو لمصالح أخرى لا يخفى بعضها على أولي الأبصار ، وهذا هو المشهور بين علمائنا.

وذهب السيّد بن طاوس (ره) وجماعة إلى جواز النظر فيها وحملوا أخبار النهي على ما إذا ظن أنها مؤثرات ، ولا ريب في بطلان هذه العقيدة ، وأنّ القول بأنها مؤثرات تأمّة كفر ، والمشهور أنّ القول بالتأثير الناقص فسق ، والقول بأنها علامات لا ضير فيه ، والأظهر تحريم النظر فيها والإخبار بها بل تعليمها وتعلمها كما حققناه في كتاب السماء والعالم.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

« ضجت » من باب ضرب أي صاحت وجزعت « ظل القائم » أي جسده المثالي. أو صورة خلقت شبيهة به ، حاكية لأحواله أو روحه المقدسة ، قال في القاموس : الظل الخيال من الجن وغيره يرى ، ومن كلّ شيء شخصه.

٣٧٢

٧ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لـمّا نزل النصر على الحسين بن عليّ حتّى كان بين السماء والأرض ثمّ خير النصر أو لقاء الله فاختار لقاء الله.

٨ - الحسين بن محمّد قال حدثني أبو كريب وأبو سعيد الأشج قال حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه إدريس بن عبد الله الأودي قال لـمّا قتل الحسينعليه‌السلام أراد القوم أنّ يوطّئوه الخيل فقالت فضة لزينب يا سيدتي أنّ سفينة كسر به في

________________________________________________________

الحديث السابع : حسن.

وقد مرّ بسند حسن آخر عنهعليه‌السلام في باب أنّ الأئمّةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون ، وليس فيه « لـمّا » بل فيه : « أنزل الله النصر » إلى آخره ، وهو الصواب ، والملائكة الذين نزلوا كانوا أربعة آلاف ملك على أكثر الأخبار ، وخمسين ألف ملك على بعضها.

روى الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أنّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذأنّ وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور ، وروى ابن قولويه في كامل الزيارة بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : مرّ بالحسين بن عليّ خمسون ألف ملك وهو يقتل فعرجوا إلى السماء ، فأوحى الله إليهم مررتم بابن حبيبي وهو يقتل فلم تنصروه فاهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى أنّ تقوم الساعة.

الحديث الثامن : مجهول.

« فقالت فضة » هي جارية فاطمة صلوات الله عليها« لزينب » أي بنتها ، وسفينة لقب مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال المازري : اسم سفينة قيس ، وقيل : نجرأنّ ،

٣٧٣

البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهمهم بين يديه حتّى وقفه على الطريق والأسد رابضٌ في ناحية ، فدعيني أمضي إليه

________________________________________________________

وقيل : رومان ، وقيل : مهران ، وكنيته المشهورة أبو عبد الرَّحمن ، وسبب تسميته بسفينة أنه حمل متاعاً كثيراً لرفقائه في الغزو فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت سفينة ، وقال الذهبي : أعتقته أم سلمة.

وأشارت فضة إلى قصته المشهورة واختلف فيها ، قال في شرح السنّة أنّ سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم وأسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش ، فإذا هو بأسد فقال : يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من أمري كيت وكيت ، فأقبل الأسد حتّى قام إلى جنبه كلـمّا سمع صوتاً أهوى إليه ثمّ أقبل يمشي إلى جنبه حتّى أبلغه الجيش ثمّ رجع.

وروى الراوندي في الخرائج والجرائح عن ابن الأعرابي أنّ سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : خرجت غازيا فكسر بي فغرق المركب وما فيه وأفلت(١) وما عليّ إلّا خرقة قد اتزرت بها ، وكنت على لوح ، وأقبل اللوح يرمي بي على جبل في البحر ، فإذا صعدت وظننت أني نجوت جاءتني موجة فانتسفتني(٢) ففعلت بي مراراً ثمّ إني خرجت اشتد على شاطئ البحر ، فلم تلحقني فحمدت الله على سلأمّتي ، فبينا أنا أمشي إذا بصر بي أسد وأقبل يزأر(٣) إلى أنّ يفترسني ، فرفعت يدي إلى السماء فقلت : اللّهم إني عبدك ومولى نبيّك نجيتني من الغرق ، أفتسلط عليّ سبعك؟ فألهمت أنّ قلت : أيها السبع أنا سفينة مولى رسول الله ، احفظ رسول الله في مولاه ، فو الله إنه لترك الزئير وأقبل كالسنور يمسح خده بهذا الساق مرّة وبهذه أخرى وهو ينظر في وجهي مليا ثمّ طأطأ ظهره(٤) وأومأ إلى أنّ أركب

__________________

(١) أي تخلصت. (٢) انتسف الشيء : اقتعله.

(٣) الزئير : صوت الأسد. (٤) من طأ طأ رأسه : خفضه.

٣٧٤

وأعلمه ما هم صانعون غداً ، قال فمضت إليه فقالت يا أبا الحارث فرفع رأسه ثمّ قالت : أتدري ما يريدون أنّ يعملوا غدا بأبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ يريدون أنّ يوطئوا الخيل ظهره قال فمشى حتّى وضع يديه على جسد الحسينعليه‌السلام فأقبلت

________________________________________________________

فركبت ظهره فخرج يخب بي(١) فما كان بأسرع من أنّ هبط جزيرة فإذا فيها من الشجرة والثمار وعين عذبة من ماء دهشت فوقف وأومأ إلى أنّ أنزل ، فنزلت وبقي واقفا حذائي ينظر ، فأخذت من تلك الثمار وأكلت وشربت من ذلك الماء فرويت وعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزرا واتزرت بها وتلحفت بأخرى ، وجعلت ورقة شبيها بالمزود فملأتها من تلك الثمار وبللت الخرقة الّتي كانت معي لأنّ أعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه.

فلـمّا فرغت ممّا أردت أقبل إلى فطأطأ ظهره ثمّ أومأ إلى أنّ أركب ، فلـمّا ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الّذي أقبلت منه ، فلـمّا صرت على البحر إذا مركب سائر في البحر فلوحت لهم فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلاً راكبا أسدا فصاحوا : يا فتى من أنت؟ أجني أم إنسي قلت : أنا سفينة مولى رسول الله رعى الأسد بي حقّ رسول الله ففعل ما ترون ، فلـمّا سمعوا ذكر رسول الله حطوا الشراع(٢) وحملوا رجلين في قارب صغير ودفعوا إليهما ثيابا فجاءاني ونزلت من الأسد ووقف ناحية ينظر فانتظر ما أصنع ، فرميا إلى بالثياب وقالا ألبسها فلبستها ، فقال أحدهما : اركب ظهري حتّى أحملك إلى القارب أيكون السبع أرعى لحقّ رسول الله عن أمته ، فأقبلت على الأسد فقلت : جزاك الله خيرا عن رسول الله ، فنظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك حتّى دخلت القارب وأقبل يلتفت إلى ساعة بعد ساعة حتّى غبنا عنه.

وأبو الحارث من كنى الأسد ، والربوض للأسد والشاة كالبروك للإبل.

__________________

(١) الجنب : ضرب من العدو.

(٢) الشراع. مثل الملاءة الواسعة يشرع وينصب على السفينة فتهب فيه الرياح فتمى بالسفينة.

٣٧٥

الخيل فلـمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد - لعنه الله - : فتنة لا تثيروها انصرفوا ، فانصرفوا

________________________________________________________

قوله لعنه الله : لا تثيروها أي لا تظهروها ولا تفشوها ، ويدلّ على أنّ للحيوانات شعورا ، وعلى أنّ بعضهم يحبون أهل البيت ويعرفونهم ، ويمكن أنّ يكون الله تعالى ألهمه في هذا الوقت أنّ يفعل هذا الفعل أو أعطاه شعوراً عرف كلام فضة ، ويدلّ على أنّ ما ذكره الخاصة والعامّة من وقوع هذا الأمر الفظيع لا أصل له.

حتّى أنّ السيّد بن طاوسقدس‌سره قال في كتاب الملهوف : ثمّ نادى عمر ابن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره؟ فانتدب منهم عشرة وهم إسحاق بن حوية الّذي سلب الحسينعليه‌السلام قميصه ، وأخنس بن مرثد وحكيم ابن طفيل ، وعمرو بن صبيح ، ورجاء بن منقذ ، وسالم بن خيثمة ، وصالح بن وهب ، وواخط بن ناعمّ ، وهاني بن ثبيت ، وأسيد بن مالك ، فداسوا الحسين صلوات الله عليه بحوافر خيلهم حتّى رضوا ظهره وصدره.

قال : وجاء هؤلاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد فقال أسيد بن مالك أحد العشرة :

نحن رضضنا الظهر بعد الصدر

بكلّ يعبوب شديد الأسر(١)

فقال ابن زياد : من أنتم؟ فقالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتّى طحنّا جناجن صدره(٢) فأمر لهم بجائزة يسيرة ، قال أبو عمر والزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زناء ، وهؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم وأرجلهم بسلك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا ، انتهى.

وأقول : المعتمد ما رواه الكليني (ره) ويمكن أنّ يكون ما رواه السيّد إدّعاء من الملاعين ذلك لإخفاء هذه المعجزة ، وكأنّه لذلك قلّل ولد الزنا جائزتهم لعلمه

__________________

(١) اليعبوب : الفرس السريع. والاسر : الدرع الحصينة.

(٢) الجناجن : عظام الصدر.

٣٧٦

٩ - عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن أحمد ، عن الحسن بن عليّ ، عن يونس ، عن مصقلة الطحان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لـمّا قتل الحسينعليه‌السلام أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما وبكت وبكين النساء والخدم حتّى جفت دموعهنَّ وذهبت فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها ما لك أنت من بيننا تسيل دموعك قالت إني لـمّا أصابني الجهد شربت شربة سويق قال فأمرت بالطعام والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت إنّما نريد بذلك أنّ نتقوى على البكاء على الحسينعليه‌السلام قال وأهدي إلى الكلبية جونا لتستعين بها على مأتم الحسينعليه‌السلام فلـمّا رأت الجون قالت ما هذه

________________________________________________________

بكذبهم وما فعله المختار لادعائهم ذلك وأنّ كان باطلا ، وأنّ كان ما فعلوه بهعليه‌السلام قبل ذلك أفحش وأفظع منه.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور « أقامت امرأته الكلبية » هي بنت امرئ القيس الكلبي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وبنو كلب حي من قضاعة.

قال المفيدقدس‌سره في الإرشاد : كان للحسينعليه‌السلام ستّة أولاد : عليّ بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمّد أمه شه زنأنّ بنت كسرى يزدجرد ، وعليّ بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف ، أمه ليلى بنت أبي مرّة الثقفية ، وجعفر بن الحسين لا بقية له ، وأمه قضاعية ، وكانت وفاته في حياة الحسينعليه‌السلام ، وعبد الله بن الحسين قتل مع أبيه صغيراً وسكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عديّ كلبية معدية وهي أم عبد الله بن الحسين ، وفاطمة بنت الحسين وأمها أم إسحاق بنت طلحة ابن عبد الله تميمية ، انتهى.

والمأتم مصدر ميمي أو اسم مكان : مجتمع النساء للمصيبة ، والنساء بدل أو عطف بيان لضمير بكين ، والخدم بالتحريك جمع خادم ، والجهد بالفتح المشقّة ، والسويق كأمير دقيق الحنطة المشوية ونحوها.

وقال الجوهري : الجون الأسود ، وهو من الأضداد ، والجمع جون بالضمّ ،

٣٧٧

قالوا هديّةٌ أهداها فلانٌ لتستعيني على مأتم الحسين فقالت لسنا في عرس ، فما نصنع بها ؟ ثمّ أمرت بهنَّ فأخرجن من الدّار فلـمّا أخرجن من الدّار لم يُحسّ لها حسٌّ كأنّما طرن بين السّماء والأرض ولم ير لهنَّ بها بعد خروجهنَّ من الدار أثر

________________________________________________________

والجوني من الخيل ومن الإبل الأدهم الشديد السواد ، والجونة أيضاً العطار والجمع جون بفتح الواو ، والجوني ضرب من القطا ، سود البطون والأجنحة ، وهو أكبر من الكدري ، انتهى.

وأقول : كان الجون هنا كصرد جمع الجوني ، وأنّ لم يذكر اللغويون جمعه أو يكون جونا بالضمّ صفة محذوف أي طيورا جونا يعني بيضا أو سودا ، وفاعل أهدى محذوف أي رجل من قبيلته أو أهدى الله ، فقولهم أهداها فلان على الظن والأصوب جون بالضمّ ، وأهدي على بناء المفعول ، وكان فقدهن على سبيل الإعجاز لكونها لتعزيتهعليه‌السلام فلعلها ذهب بها إلى الجنّة.

وقيل : الجون بالضمّ جمع جونة وهي ظرف للطيب « لم يحس لها حس » أي لم يدرك لها أثر من رائحة ونحوها ، وهذا إشعار بأنّ الذين جاءوا بها ذهبوا بها سريعاً ، انتهى.

وقيل : كان النساء كن من الجن أو كن من الأرواح الماضيات تجسدن ، انتهى.

وبالجملة الخبر لا يخلو من تشويش واضطراب لفظاً ومعنى.

٣٧٨

إلى هنا تمّ الجزء الخامس حسب تجزئتنا ويليه

الجزء السادس - إنشاء الله تعالى - وأوّله « باب مولد عليّ ابن الحسينعليه‌السلام » وقد تمّ تصحيحاً وتعليقاً في التاسع من شهر جمادى الأولى سنة ١٣٩٤.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٧٩

الفهرس

( باب ) ( فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ) باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ٦

( باب ) ( فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ) ١٦٥

( باب ) ( في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم ) ١٧٢

(أبواب التاريخ) (باب) ( باب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ) باب(١) التار يخ تاريخ مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ١٧٥

( باب ) ( النهي عن الإشراف على قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ٢٧٧

( باب ) ( مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ) باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ٢٨٠

( باب ) ( مولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام ) ٣١٧

( باب ) ( مولد الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما ) باب مولد الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما ٣٥٥

( باب ) ( مولد الحسين بن عليّ عليه‌السلام ) باب مولد الحسين بن علي عليهما‌السلام ٣٦٥

الفهرس ٣٨٠

٣٨٠