مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5517 / تحميل: 5137
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

التي تحدث بها في الرقاق قال: وضعناها لنقوي بها قلوب العامة، قال: وكان يتزهد ويهجر شهوات الدنيا ويتقوت الباقلاء صرفاً، وغلقت الأسواق ببغداد يوم موته!... وقد نص السلف على أن القصص بدعة، وأن التزهد والتقشف الخارج عن السنة بدعة أيضاً. انتهى.

لكن ذكرت مصادر إخواننا أن أول من فتح الباب للقصاصين وأعطاهم الشرعية هو الخليفة عمر.. قال أحمد في مسنده ج ٣ ص ٤٤٩: عن السائب بن يزيد: أنه لم يكن يقص على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبي بكر، وكان أول من قص تميماً الداري، استأذن عمر بن الخطاب أن يقص على الناس قائماً فأذن له عمر!

وقال في كنز العمّال ج ١٠ ص ٢٨٠: عن ثابت البناني قال: أول من قص عبيد بن عمير على عهد عمر بن الخطاب ابن سعد والعسكري في المواعظ.

العامل الثاني: الخوف من أن يؤدّي التنزيه إلى التعطيل

أفرط بعضهم في التأكيد على الصفات السلبية وتنزيه الله تعالى، فسبب ذلك عند الآخرين الخوف من سلب فاعليته تعالى وتأثيره في الوجود.

ولكن هؤلاء المتخوفين وقعوا في الإفراط من الجهة الأخرى في الصفات الثبوتية، فتصوروا أن فاعلية الله تعالى وتدبيره للكون يتوقف على أن يكون وجوداً محدوداً، يتجول في سماواته وينزل إلى أرضه ويتجسد في صورة إنسان.. إلخ. ونلاحظ أن هذين الخطين من الإفراط والتفريط موجودان عند المتكلمين والفلاسفة من الأمم السابقة كما هما في هذه الأمة!

وقد أخذ الأشاعرة موقع الدفاع عن التحميد ومقاومة التعطيل، وأخذ المعتزلة موقع الدفاع عن التنزيه ومقاومة التشبيه.

ونفس الكلام يرد أيضاً في أفعال الإنسان، أوالجبر والإختيار، أو القضاء والقدر، فقال الأشاعرة بالجبر للدفاع عن فاعلية الله تعالى في الوجود.. بينما قال المعتزلة بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله للدفاع عن عدل الله تعالى وتنزيهه عن الظلم.

١٨١

أما أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم فكان لهم موقف ثالث يمثل أصالة الدين الإلهي من آدمعليه‌السلام إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله في تنزيه الله تعالى وتحميده في آن واحد، فنفوا عنه التشبيه والتجسيم والرؤية، كما نفوا عنه الظلم والإجبار، وأثبتوا فاعليته تعالى وهيمنته الشاملة على الوجود، ومسؤولية الإنسان عن عمله، كما سترى إن شاء الله تعالى.

وقد اشتبه الأمر على بعض الباحثين فتخيلوا أن موقف أهل البيتعليهم‌السلام حل وسط بين الإتجاهين، بينما هو مذهب ثالث أقدم من مذهبي الأشاعرة والمعتزلة، وهو يختلف عنهما في أساسه وعدد من تفاصيله، وإن أخذ منه الطرفان بعض الأسس والتفاصيل.

العامل الثالث: مضاهاة بعض المسلمين لليهود

كان الجدل بين المسلمين واليهود كثيراً في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي صدر الإسلام، ومن أبرز مسائله المفاضلة بين نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله وبين النبي موسىعليه‌السلام .

وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها لموسىعليه‌السلام بإثبات فضيلة مقابلها لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكأن المسألة مغالبة بين نبيين، وكأن أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياءوتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة!

وقد عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالى لموسىعليه‌السلام التي نص عليها القرآن، باختراع حديث رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لربه، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين الأنبياءعليهم‌السلام ، ويكون الترجيح لفضائل نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن ادعاء هذه الفضيلة المستحيلة بنص القرآن جاء على حساب تنزيه الله تعالى! وفيما يلي عدد من الأحاديث التي رووها في ذلك:

- روى النسائي في تفسيره ج ٢ ص ٣٤٨

عن ابن عباس: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد (ص).

١٨٢

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ٥

... والحجج في هذه المسألة.... حديث ابن عباس (رض) أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد (ص)..

- وروى الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٦٥

... عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال: أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله . هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. وله شاهد صحيح عن ابن عباس في الرؤية.... قال رأى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه. وله شاهد ثالث صحيح الإسناد.... عن ابن عباس قال قد رأى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ربه.... وهذه الأخبار التي ذكرتها صحيحة كلها، والله اعلم. انتهى. ورواه الحاكم أيضاً في ج ٢ ص ٢٨٢، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.وروى نحوه في ج ٢ ص ٣١٦ وص ٤٦٩

- وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج ١ ص ٢١٧

جابر: إن الله أعطى موسى الكلام فأعطاني الرؤية.. وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود. انتهى. وروى نحوه الدميري في حياة الحيوان ج ٢ ص ٧٢

- وروى الهيثمي في مجمع الزوائد ج ١ ص ٧٨

وعن ابن عباس قال: نظر محمد صلى الله عليه وسلم إلى ربه تبارك وتعالى، قال عكرمة: فقلت لابن عباس نظر محمد إلى ربه! قال نعم، جعل الكلام لموسى والخلة لإبراهيم والنظر لمحمد صلى الله عليه وسلم. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه حفص بن عمر العدني روى ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي عبد الله الطهراني، وقد ضعفه النسائي وغيره.

- وروى الذهبي في سيره ج ١٤ ص ٤٥ عن عكرمة حديث ابن عباس، وقال الناشر في هامشه: أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ١٩٩ من طريق عبد الوهاب بن الحكم

١٨٣

الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله.. الخ. وأخرجه أيضاً ص ١٩٧ من طريق محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس.... وهذا رأي لا دليل عليه، وهو مخالف للأدلة الكثيرة الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة. وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك. أنظر التفصيل في زاد المعاد ج ٣ ص٣٦-٣٧. انتهى.

هذا، ولكن المعروف عن ابن عباس أنه كان ينفي التشبيه والرؤية كما تقدم، فلا يبعد أن يكون الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه، فقد كان عكرمة معروفاً بالكذب على ابن عباس في حياته وبعد وفاته، حتى ضربه ابن عباس وولده وحبسوه لهذا السبب في المرحاض، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل. وكان عكرمة يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب وغيرهما من اليهود.

ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الأنف ج ٢ ص ١٥٦ عن كعب وليس عن ابن عباس. وغرض كعب من هذه الرواية أن يثبت تجسم الله تعالى ورؤيته بالعين، فقد كان ذلك مطلباً مهماً يسعى إليه، وكثرت عنه وعن جماعته نسبة ذلك إلى ابن عباس وبني هاشم! كالذي رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ٢٢٥ - ٢٣٠. عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمداً رأى ربه مرتين، قال فكبر كعب حتى جاوبته الجبال! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم! انتهى. والمطلع على أحاديث ابن عباس وبني هاشم يعرف ان رأيهم يخالف كعباً وجماعته، ومن أجل هذا رووا تكبير كعب المزعوم!!

١٨٤

العامل الرابع: تأثير ثقافة اليهود

اعتقاد اليهود والنصارى بتشبيه الله تعالى ورؤيته بالعين

بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالى بخلقه وأنه محدود بشكل مادي، ثم جعلوا له ولداً فقالوا عزير ابن الله، بل قالوا إن كل اليهود أبناء الله وأحباؤه وشعبه المختار.. إلى آخر ما حكى الله تعالى عنهم في القرآن.

وفيما يلي نصوص ننقلها من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم والجديد، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت:

جاء في ص ٤: ٢٧ فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكراً وأنثى خلقهم.

وجاء في ص ٦: ٨ وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة. ٩ فنادى الرب الإله آدم وقال له أين أنت. ١٠ فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت. ١١ فقال من أعلمك أنك عريان. هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها. ١٢ فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة فأكلت.

وجاء في ص ٢٤: ١ ولما كان أبرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لأبرام وقال له أنا الله القدير. سر أمامي وكن كاملاً. ٢ فأجعل عهدي بيني وبينك وأكثرك كثيراً جداً. ٣ فسقط أبرام على وجهه وتكلم الله معه قائلاً. ٤ أما أنا فهو ذا عهدي معك وتكون أبا الجمهور من الأمم.

وجاء في ص ١٦٩: ٣ وكلم بني إسرائيل قائلاً خذواً تيساً من المعز لذبيحة خطية وعجلاً وخروفاً حوليين صحيحين لمحرقة ٤ وثوراً وكبشاً لذبيحة سلامة للذبح أمام الرب وتقدمة ملتوتة بزيت. لأن الرب اليوم يتراءى لكم. ٥ فأخذوا ما أمر به موسى إلى قدام خيمة الإجتماع وتقدم كل الجماعة ووقفوا أمام الرب.

١٨٥

وجاء في ص ١٨٣: ٢ وقال الرب لموسى كلم هرون أخاك أن لا يدخل كل وقت إلى القدس داخل الحجاب أمام الغطاء الذي على التابوت لئلا يموت، لأني في السحاب أتراءى على الغطاء.

وجاء في ص ٣٣٠: فانطلق موسى ويشوع ووقفا في خيمة الإجتماع ١٥ فتراءى الرب في الخيمة في عمود سحاب ووقف عمود السحاب على باب الخيمة. ١٦ وقال الرب لموسى ها أنت ترقد مع آبائك فيقوم هذا الشعب ويفجر وراء آلهة الأجنبيين في الأرض التي هو داخل إليها في ما بينهم، ويتركني وينكث عهدي الذي قطعته معه.

وجاء في ص ٤٠٤: ٢٢ فقال منوح لامرأته نموت موتاً لأننا قد رأينا الله. ٢٣ فقالت له امرأته لو أراد الرب أن يميتنا لما أخذ من يدنا محرقة وتقدمة، ولما أرانا كل هذه ولما كان في مثل هذا الوقت أسمعنا مثل هذه.

وجاء في ص ٥٤٩: ٢ إن الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون. ٣ وقال له الرب قد سمعت صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به أمامي.

وجاء في ص ٤٣١: ٢١ وعاد الرب يتراءى في شيلوه، لأن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب. ٤ فأرسل الشعب إلى شيلوه وحملوا من هناك تابوت عهد رب الجنود الجالس على الكروبيم....

وجاء في ص ٤٩١: ٢ وقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة يهوذا ليصعدوا من هناك تابوت الله الذي يدعى عليه بالإسم إسم رب الجنود الجالس على الكروبيم.

وجاء في ص ٥٣٤: ٥ في جبعون تراءى الرب لسليمان في حلم ليلاً، وقال الله إسأل ماذا أعطيك.

وجاء في ص ٥٥٤: ٩ فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين ١٠ وأوصاه في هذا الأمر أن لا يتبع آلهة أخرى فلم

١٨٦

يحفظ ما أوصى به الرب. ١١ فقال الرب لسليمان من أجل أن ذلك عندك ولم تحفظ عهدي وفرائضي التي أوصيتك بها فإني أمزق المملكة عنك تمزيقاً وأعطيها لعبدك.

وجاء في ص ٥٦٩: ١٥ فقال إيليا حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه، إني اليوم أتراءى له.

وجاء في ص ٥٧٩: ١٧ فقال رأيت كل إسرائيل مشتتين على الجبال كخراف لا راعي لها. فقال الرب ليس لهؤلاء أصحاب فليرجعوا كل واحد إلى بيته بسلام. ١٨ فقال ملك إسرائيل ليهوشافاط أما قلت لك إنه لا يتنبأ علي خيراً بل شراً. ١٩ وقال فاسمع إذاً كلام الرب. قد رأيت الرب جالساً على كرسيه وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره. ٢٠ فقال الرب من يغوي أخآب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد. فقال هذا هكذا وقال ذاك هكذا.

وجاء في ص ٥٨٦: ١٤ فقال أليشع حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه إنه لولا أني رافع وجه يهوشافاط ملك يهوذا لما كنت أنظر إليك ولا أراك. ١٥ والآن فأتوني بعواد. ولما ضرب العواد بالعود كانت عليه يد الرب ١٦ فقال هكذا قال الرب إجعلوا هذا الوادي جباباً جباباً.

وجاء في ص ٦٨٣: ١ وشرع سليمان في بناء بيت الرب في أورشليم في جبل المريا حيث تراءى لداود أبيه حيث هيأ داود مكاناً في بيدر أرنان اليبوسي.

وجاء في ص ٦٩٠: ١٢ وتراءى الرب لسليمان ليلاً وقال له. قد سمعت صلاتك واخترت هذا المكان لي بيت ذبيحة.

وجاء في ص ٨٤٨: ٨ من هو هذا ملك المجد. الرب القدير الجبار الرب الجبار في القتال. ٩ إرفعن أيتها الأرتاج رؤوسكن وارفعنها أيتها الأبواب الدهريات فيدخل ملك المجد. ١٠ من هو هذا ملك المجد رب الجنود هو ملك المجد.

وجاء في ص ٧٩٩: ١ يا راعي إسرائيل إصغ، يا قائد يوسف كالضأن، يا جالساً على الكروبيم أشرق. ٢ قدام أفرايم وبنيامين ومنسي أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا.

١٨٧

وجاء في ص ٨٤٠: ٤ الرب في هيكل قدسه، الرب في السماء كرسيه، عيناه تنظران، أجفانه تمتحن بني آدم. ٥ الرب يمتحن الصديق، أما الشرير ومحب الظلم فتبغضه نفسه. ٦ يمطر على الأشرار فخاخاً ناراً وكبريتا، وريح السموم نصيب كأسهم.

وجاء في ص ٩٩٨: ١ في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. ٢ السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة. باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير. ٣ وهذا نادى ذاك وقال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملأ كل الأرض. ٤ فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً ٥ فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود.

وجاء في ص ١١٨٦: ٨ وكان بينما هم يقتلون وأبقيت أنا أني خررت على وجهي وصرخت وقلت: آه يا سيد الرب. هل أنت مهلك بقية إسرائيل كلها بصب رجزك على أورشليم ٩ فقال لي: إن إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماء وامتلأت المدينة جنفاً. لأنهم يقولون الرب قد ترك الأرض والرب لا يرى.

وجاء في الإنجيل ص ٤٢: ٢٠ فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه. ٢١ ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه. ٢٢ ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه.

وجاء في ص ٢٨٠: ٧ فإن الرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل. ٨ لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ٩ ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل.

وجاء في ص ٣٢١: ٥ فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً ٦ الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله ٧ لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس.

١٨٨

وجاء في ص ٣٢٥: ١٤ الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا. ١٥ الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة.

وجاء في ص ٣٦٦: ٢ ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً، بالخزي، فجلس في يمين عرش الله.

وجاء في ص ٣٩٩: ٢١ من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه. ٢٢ من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس.

وجاء في ص ٣٩٩ - ٤٠٠: ١ بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً إصعد إلى هنا فأريك ما لابد أن يصير بعد هذا. ٢ وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس ٣ وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد. ٤ وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً. ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رؤوسهم أكاليل من ذهب. ٥ ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات. وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله.

وجاء في ص ٤٠٠: وشكراً للجالس على العرش الحي إلى أبد الآبدين.

وجاء في ص ٤٠١: ١١ ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف.... ١٣ وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة: للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين.

وجاء في ص ٤٠٣: ١٥ من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم.

وجاء في ص ٤١٧: ٤ وخر الاربعة والعشرون شيخاً والأربعة الحيوانات وسجدوا لله الجالس على العرش.

١٨٩

وجاء في ص ٤١٩: ٥ وقال الجالس على العرش: ها أنا أصنع كل شيء جديداً. وقال لي: أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة.

- وقال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة الأديان ج ٢ ص ٢٤٣ طبعة مكتبة النهضة المصرية ١٩٧٣ تحت عنوان (الله عند اليهود):

لم يستطع بنو إسرائيل في أي فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا على عبادة الله الواحد الذي دعا له الأنبياء، وكان اتجاههم إلى التجسيم والتعدد والنقيصة واضحاً في جميع مراحل تاريخهم، وعلى الرغم من ارتباط وجودهم بإبراهيم إلا أن البدائية الدينية كانت طابعهم، وكثرة أنبيائهم دليل على تجدد الشرك فيهم، وبالتالي تجدد الحاجة إلى أنبياء يجددون الدعوة إلى التوحيد، وكانت هذه الدعوات قليلة الجدوى على أي حال، فظهروا للتاريخ بدائيين يعبدون الأرواح والأحجار، وأحياناً مقلدين يعبدون معبودات الأمم المجاورة التي كانت لها حضارة وفكر قلدهما اليهود ويقول: إن اليهود كانوا في مطلع ظهورهم على مسرح التاريخ بدواً رحلاً تسيطر عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين، والإعتقاد في الأرواح، وكانوا يعبدون الحجارة والأغنام والأشجار، ويقول: إن اليهود اتخذوا في بيوتهم أصناماً صغيرة كانوا يعبدونها ويتنقلون بها من مكان إلى مكان (١) وقد ظل بنو إسرائيل على هذا الإعتقاد حتى جاء موسى وخرج بهم من مصر.

ولكن بني إسرائيل كما يقول ول ديورانت (٢) لم يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش والحمل، ولم يستطع موسى أن يمنع قطيعه من عبادة العجل الذهبي. عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمناً طويلاً يتخذون هذا الحيوان القوي آكل العشب رمزاً لإلههم. وتقرر التوراة قصة العجل الذي عمله لهم هارون فعبدوه بعد أن تأخر موسى في العودة إليهم، وكيف خلعوا ملابسهم وأخذوا يرقصون عراة أمام هذا الرب، وقد أعدم موسى ثلاثة آلاف منهم عقاباً لهم على عبادة هذا الوثن (٣) وقد بقيت عبادة العجل تتجدد في حياة بني

١٩٠

إسرائيل من حين إلى حين، فقد عمل يربعام بن سليمان عجلي ذهب ليعبدهما أتباعه حتى لا يحتاجوا إلى الذهاب إلى الهيكل (٤) وقد عبد أهاب ملك إسرائيل الابقار بعد سليمان بقرن واحد (٥).

وقال في هوامشه: (١) ١٧٦. (٢) قصة الحضارة ج ٢ ص ٣٣٨. (٣) خروج ٣٢: ١٨ ٢٦ والقرآن الكريم يقرر أن السامري هو الذي عمل العجل. (٤) الملوك الأول ١٢: ٢٦ ٢٨. (٥) ول ديورانت ج ٢ ص ٣٣٩.

- وقال الدكتور شلبي في ج ١ ص ١٧٤:

وبعد موسى وفي عهد القضاة، تأثر بنو إسرائيل بمعبودات الكنعانيين تأثراً كبيراً، ويوضح أن إله الكنعانيين (بعل) أصبح معبوداً لبني اسرائيل في كثير من قراهم، وفي أحوال كثيرة أصبح للطائفتين معبد واحد به تمثال يهوه وتمثال بعل، بل أصبح يهوه ينادى بعل، وقد ظل ذلك إلى عهد يوشع(١).

وقال في هامشه: the heprew popel p. ٩٤ charles foster: histery of - (١)

- وقال الدكتور شلبي في ج ١ ص ١٨٧

ويوضح الكتاب المقدس أن بني اسرائيل عبدوا أنواعاً من هذه الآلهة، وقد ندد بها أرميا في سفره، ومنه نقتبس بعض النصوص:

اسمعوا كلمة الرب يا بنات يعقوب وكل عشائر بيت إسرائيل، هكذا قال الرب: ماذا وجد في آباؤكم من جور حتى ابتعدوا عني وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً (١).

وحين تقولون لماذا صنع الرب إلهنا كل هذه أقول لكم: كما أنكم تركتموني وعبدتم آلهة غريبة في أرضكم(٢).

يقول الرب أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً، وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أخرى(٣)....

- يقول الرب: إن آباءكم قد تركوني وذهبوا وراء آلهة أخرى، وعبدوها وسجدوا لها، وإياي تركوا وشريعتي لم يحفظوها، وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم،

١٩١

وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير حتى لا تسمعوا لي(٤).

وعلى هذا فمع وجود الهيكل في عهد سليمان كانت عبادة آلهة الأجانب منتشرة، وينسب العهد القديم لسليمان نفسه أنه أقام مذابح للآلهة الخارجية التي كانت تعبدها زوجاته الأجنبيات، فبنى مذبحاً لعشتروت رجاسة الصيدونيين، ولكموش رجاسة المؤابيين، ولملكوم إلهة بني عمون(٥) وعقب موت سليمان انقسم ملكه بين ابنيه يربعام ورحبعام، وهذا التغيير في تاريخ العبرانيين صحبه تغير في عقيدتهم، فإسرائيل في الشمال كانت دولة غنية حظى سكانها بالإستقرار، وقبلوا عادات الكنعانيين وعبدوا آلهتهم (بعل) أما دولة يهوذا في الجنوب فكانت دولة فقيرة يشتغل سكانها بالزراعة والرعي وظلوا على تبعيتهم لإلهم يهوه، إله الفقراء، وإلى هذه الفترة ينسب الأنبياء(٦) وقد صنع يربعام عجلين من ذهب ووضع أحدهما في بيت إبل وثانيهما في دان، وبنى عندهما مذابح وقال لشعبه: هذه آلهتكم التي أصعدتكم من مصر، فاذبحوا وعيدوا عندها ولا تصعدوا إلى أورشليم، فاستجاب له الشعب(٧).

وقال في هامشه: ١ أرميا: ٢: ٤ ٥. ٢ أرميا ٥: ١٩ ٢٠. ٣ أرميا ٧: ٩ ١٠. ٤ أرميا: ١٦: ١١ ١٣. ٥ الملوك الثاني ٣٣: ١٢

.berry: relirins of the werled pp ٣٢ - ٣٣ إقرأ الصحاح الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني.

- وقال الدكتور شلبي في ج ١ ص ٢٦٧

يروى التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود على لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة على بني إسرائيل فاستولى عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم على ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

١٩٢

ويقرر التلمود أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطى الإنسان طبيعة رديئة وسن له شريعة لم يستطع بطبيعته الرديئة أن يسير على نهجها، فوقف الإنسان حائراً بين اتجاه الشر في نفسه، وبين الشريعة المرسومة إليه، وعلى هذا فإن داود الملك لم يرتكب خطيئة بقتله أوريا واتصاله بامرأته، لأن الله هو السبب في كل ذلك (التلمود شريعة إسرائيل ص ١٧ - ١٩).

- وقال في ص ١٩٢ تحت عنوان: اليهود والألوهية عموماً:

على أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني اسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلى أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية (طوبى للخائفين) للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موشى ديان، يجد أحد أبطالها (إيفرى) ينصح ابنه الطفل بأن يتخلى عن الذهاب للكنيسة، وأن يحول اهتمامه لإلهه الجديد: تراب فلسطين. ونقتبس فيما يلي سطوراً من هذه الرواية:

...الصبي يحب أن يذهب إلى الكنيس مع أمه، ولكنه عندما عاد مرة من المعبد الذي لا يذهب إليه إلا القليلون، ثار أبوه في وجهه بحديث له مغزى عميق قال له: أيام زمان حين كنا يهوداً في روسيا وغيرها كان من الضروري بالنسبة لنا أن نطيع التعليمات ونحافظ على ديننا، فقد كان الدين اليهودي لنا وسيلتنا لنتعاون ونتعاطف ونذود عنا الردى، أما الآن فقد أصبح لدينا شيء أهم هو الأرض، أنت الآن إسرائيلي ولست مجرد يهودي، إني قد تركت في روسيا كل شيء، ملابسي ومتاعي وأقاربي وإلهي، وعثرت هنا على رب جديد، هذا الرب الجديد هو خصب الأرض وزهر البرتقال، ألا تحس بذلك؟.... وأخذ إيفرى حفنة من تراب الأرض وسكبها في

١٩٣

كف ابنه، وقال له: إمسك هذا التراب، إقبض عليه، تحسسه، تذوقه، هذا هو ربك الوحيد، إذا أردت أن تصلي للسماء فلا تصل لها لكي تسكب الفضيلة في أرواحنا، ولكن قل لها أن تنزل المطر على أرضنا، هذا هو المهم، إياك أن تذهب مرة أخرى إلى المعبد.

- وقال ابن حزم في الفصل في الملل ج ١ جزء ١ ص ١٦

قال في التوراة: إن الله عز وجل قال لبني إسرائيل: لقد رأيتموني كلكم من السماء فلا تتخذوا معي آلهة الفضة، ثم قال بعد ذلك ثم صعد موسى وهارون.. ونظروا إلى إله إسرائيل.

- وقال في ص ١٤١

ذكر في هذا المكان (من التوراة) أن يعقوب صارع الله عز وجل.. حتى قالوا إن الله عز وجل عجز عن أن يصرع يعقوب.. وفيه أن يعقوب قال: رأيت الله مواجهة وسلمت عليه.

- وقال في ص ٢١٢

ونقل في توراتهم وكتب الأنبياء بأن رجلاً اسمه إسماعيل كان إثر خراب البيت المقدس سمع الله يئن كما تئن الحمامة ويبكي وهو يقول: الويل الويل لمن أخرب بيته.... ويلي على ما أخربت من بيتي ويلي على ما فرقت من بيتي، وبناتي.

- وقال في ص ٢١٨

وفي بعض كتبهم: إن الله تعالى قال لبني إسرائيل: من تعرض لكم فقد تعرض حدقة عيني.

- وقال في ص ٢٢١

وفي كتاب لهم يسمى شعر توما من كتاب التلمود.. ففي الكتاب المذكور أن تكسير جبهة خالقهم من أعلاها إلى أنفه خمسة آلاف ذراع.

١٩٤

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

جاء في هامش المطالب العالية ج جزء ٢ ص ٢٥:

في التوراة أن الله إله واحد. وفي التوراة أن الله ليس كمثله شيء. ففي الإصحاح السادس من سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل. إن الرب إلهنا رب واحد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها اليوم في قلبك، وكررها على بنيك وكلمهم بها إذا جلست في بيتك وإذا مشيت في الطريق وإذا نمت وإذا قمت، واعقدها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها على عضائد أبواب بيتك وعلى أبوابك. تثنية ٦: ٤ ٩ ترجمة اليسوعيين. وفي الإصحاح الثالث والثلاثين من سفر التثنية: لا كفء لله. وفي ترجمة البروتستانت: ليس مثل الله. تثنية ٣٣: ٢٦.

وقال موسى بن ميمون في دلالة الحائرين: إن ما ورد في التوراة مما يوحي بأن الله شبه إنسان بأعضائه وبصفاته، فذلك مؤول على معنى: أن الله يقرب ذاته إلى عقول الخلق، حديثه عن نفسه كأنه واحد منهم. أما هو فليس مثل إنسان وليس كمثله شيء، وذلك ليفهم الخلق ذات الله على نحو قريب من تصوراتهم. وما جاء عن مشبهة اليهود أن الله يبكي على خراب هيكل سليمان ويلعب مع الحيتان، فهو قول قال به سفهاء من اليهود لا وزن لهم عند الله ولا عند الناس. انتهى.

والمتأمل في التوراة يقبل مقولة هذا الباحث اليهودي القديم بأنها تشتمل على عبارات في التوحيد شبيهة بالتوحيد الخالص الذي يقدمه القرآن، ولكن نصوص التشبيه والتجسيم فيها أكثر من نصوص التوحيد. وهذا من الأدلة على وقوع التحريف فيها، وأن أيدي سفهاء اليهود الذين ذكرهم وصلت إلى نصوص التوراة وملؤوها من تجسيمهم وتشبيههم. وقد وجدنا في نسخة التوراة المذكورة النصوص التالية في التوحيد: جاء في العهد القديم ص ٩٨: ٩ فقال موسى لفرعون عين لي متى

١٩٥

أصلي لأجلك ولأجل عبيدك وشعبك لقطع الضفادع عنك وعن بيوتك، ولكنها تبقي في النهر. ١٠ فقال غداً فقال كقولك لكي تعرف أن ليس مثل الرب إلهنا. ١١ فترتفع الضفادع عنك وعن بيوتك وعبيدك وشعبك.

وجاء في ص ١٠٠: ١٤ لأني هذه المرة أرسل جميع ضرباتي إلى قلبك وعلى عبيدك وشعبك، لكي تعرف أن ليس مثلي في كل الأرض.

وجاء في ص ٤٩٣: ٢٢ لذلك قد عظمت أيها الرب الإله، لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا....

وجاء في ص ٥٣٠: ٢٠ يا رب ليس مثلك، ولا إله غيرك، حسب كل ما سمعناه بآذاننا.

وجاء في ج ٢ ص ٤٣: ٩ أذكروا الأوليات منذ القديم، لأني أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي.

وجاء في ج ٢ ص ٨٤: ٦ لا مثل لك يا رب، عظيم أنت، وعظيم اسمك في الجبروت. ٧ من لا يخافك ياملك الشعوب، لأنه بك يليق، لأنه في جميع حكماء الشعوب وفي كل ممالكهم ليس مثلك.

- العهد القديم والجديد ج ١ ص ٢٥٣-

الإصحاح الثاني ١ يا ابني إن قبلت كلامي وخبأت وصاياي عندك ٢ حتى تميل أذنك إلى الحكمة وتعطف قلبك على الفهم ٣ إن دعوت المعرفة ورفعت صوتك إلى الفهم ٤ إن طلبتها كالفضة وبحثت عنها كالكنوز ٥ فحينئذ تفهم مخافة الرب وتجد معرفة الله. ٦ لأن الرب يعطي حكمة من فمه المعرفة والفهم. ٧ يذخر معونة للمستقيمين. هو مجن السالكين بالكمال. ٨ لنصر مسالك الحق وحفظ طريق أتقيائه. ٩ حينئذ تفهم العدل والحق والإستقامة. كل سبيل صالح ١٠ إذا دخلت الحكمة قلبك ولذت المعرفة لنفسك.

١٩٦

لكن البابا في عصرنا يصر على التجسيم وينتقد التوحيد عند المسلمين

- كتاب العبور إلى الرجاء للبابا يوحنا بولس الثاني:

والعبور إلى الرجاء هو التسجيل الكامل لأول وأشمل حوار مع البابا للصحافي الإيطالي الكبير فيتوري ميسوري، لمناسبة ذكرى مرور خمس عشرة سنة على اعتلائه السدة البابوية.... كان الأول بين (خلفاء القديس بطرس) يظهر أمام آلات التصوير والتسجيل ليجيب على أسئلة ترك اختيارها لمبادرة حرة من قبل صحافي. وبعد ما حصر البث بالمحطة الأولى ليلة الذكرى، عرضت تلك المقابلة في كبريات المحطات العالمية.

ويروي فيتوري ميسوري قصة المقابلة التي تمت بعد ما قدم عشرين سؤالاً خطياً تشمل مختلف الموضوعات والقضايا الكبرى، وتلقى مخطوطة الأجوبة عليها من مكتب البابا في نهاية شهر نيسان ١٩٩٤. كما أن البابا وضع عنوان هذا الكتاب بنفسه من هذا الحوار الوثيقة نقتطف هنا جواب الحبر الأعظم على سؤالين، يتصل أولهما بالعلاقة مع الدين الإسلامي، في حين يتصل الثاني بعلاقة المسيحية بالدين اليهودي، وقد رأينا فيهما أكمل رأي للبابا في هذا المجال خصوصاً وأنه بقلمه مباشرة:

السؤال الأول: ما الفرق بين إله المسلمين وإله المسيحيين؟

الجواب: لا شك في أن القارية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالكنيس والمسجد حيث مجتمع الذين يعبدون الإله الواحد. نعم، صحيح ما تقوله، فالأمر يختلف في ما يتعلق بهاتين الديانتين التوحيديتين، بدءً بإسلام. ففي الإعلان المجمعي (في عصرنا) الآنف الذكر، يمكننا أن نقرأ ما يأتي (وتنظر الكنيسة أيضاً بتقدير إلى المسلمين الذين يعبدون الله الواحد، الحي القيوم، الرحمن القدير، الذي خلق السماء والأرض) إن المؤمنين بالتوحيد هم بنوع خاص الأقرب إلينا. أتذكر حدثاً من أحداث شبابي يوم كنا نزور دير القديس مرقس في فلورنسا، فقد وقفنا مندهشين

١٩٧

معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو.. في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا إعجابنا بأعمال ذلك الراهب والفنان العظيم، غير أنه ما لبث أن أضاف: ولكن ما من شيء هنا يبلغ مدى جمال توحيدنا الإسلامي! لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل زيارتنا برفقة ذلك الرجل، وأن نتابع معه نقاشاً ودياً. لقد تذوقت سلفاً في تلك المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام. والذي حاولنا أن نطوره منهجياً منذ المجمع.

من يطالع القرآن، وكان ملماً بالعهدين القديم والجديد يتبين له جلياً ما وقع فيه للوحي الإلهي من اختزال. ومن المستجبل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته بلسان الأنبياء أولاً في العهد القديم، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في العهد الجديد. إن الغنى الذي يتجلى في كشف الله لذاته والذي يشكل تراث العهدين القديم والجديد، كل ذلك قد تغاضى عنه الإسلام بالفعل(!).

إن القرآن يصف الله بأجمل ما عرفه اللسان البشري من الأسماء الحسنى، ولكنه في النهاية، إله متعال عن العالم، ذو جلال، لا (إلهنا معنا) عمانوئيل.

ليس الإسلام دين فداء فلا مجال فيه للصلب! يذكر عيسى، ولكن ليس إلا بوصفه نبياً، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد. كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول، ولكن لا ذكر لمأساة الفداء.

لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية، لا على الصعيد اللاهوتي فحسب، بل أيضاً على الصعيد الانتروبولوجي.

بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير، فلا يمكننا مثلاً إلا نعجب بالأمانة على الصلاة. إذ أن الذي يسمي الرب (الله) يجثو على ركبته غير آبه بالزمان أو بالمكان، مستغرقاً في الصلاة مرات عديدة في النهار. هذه الصورة تبقى نموذجاً لمن يعترفون بالله الحق، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم الرائعة ويصلون قليلاً أو لا يصلون مطلقاً....) انتهى.

١٩٨

أقول: السبب في تهمة البابا للدين الإسلامي بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب اليهود والنصارى عن الله تعالى، وبيت القصيد عنده وإشكاله الأساسي على الإسلام: أن القرآن يقرر أن الله تعالى ليس كمثله شيء، وأنه غير متجسد في وجود مادي في السماء أو الأرض، وبتعبيره (لكنه في النهاية إله متعال عن العالم، ذو جلال، لا (إلهنا معنا عمانوئيل).

ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ الصحاح الستة ليرى أن ما يريده من نزول الله تعالى وصعوده وتجسده موجود فيها، وأن هذا البلاء الذي ابتلى به اليهود والنصارى قد سرى إلى إخواننا السنة وصحاحهم!!

كما أنه لو تأمل في تاريخ المسيحية لتوصل إلى أن دعوة المسيحعليه‌السلام كانت دعوة إلى التوحيد ولم يكن فيها تجسيم، وأن تجسم الله تعالى في المسيح إنما هو فكرة (بولسية) وليست مسيحية..

قال الدكتور أحمد شلبي في كتابه مقارنة بين الأديان ج ٢ ص٢٤٥ تحت عنوان: الله في التفكير المسيحي:

عندما نصل إلى الحديث عن الله في التفكير المسيحي نحتاج إلى مزيد من الصبر لنرى التحول الخطير الذي أصاب الفكر المسيحي في هذه القضية الهامة: تقرر الأناجيل المسيحية وأعمال الرسل ثلاث قضايا مهمة:

أولاها: أن الله واحد لا شريك له.

والثانية: أن عيسى رسول الله وليس أكثر من رسول.

والثالثة: أن عيسى رسول لبني إسرائيل فقط.

وعن القضية الأولى نورد النصوص التالية من هذه الأناجيل:

- يروي متى عن عيسى قوله: إن أباكم واحد الذي في السموات (إصحاح ٢٣ الفقرة ٨)

- ويروي مرقص قول عيسى: الرب إلهنا إله واحد وليس آخر سواء(١٢: ٣٠ ٣١).

- ويروي يوحنا عن عيسى قوله: إني أصمد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم (٢٠:١٨)

١٩٩

وعن القضية الثانية من الأناجيل النصوص التالية:

- جاء في إنجيل متى قوله: هذا يسوع النبي الذي من ناصرة الجليل (٢١: ١١).

- وجاء في لوقا: قد خرج نبي عظيم (٧: ١٦).

- ويروي يوحنا: إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم (٤: ١٤ و ٧: ٤٠).

- ويروي يوحنا كذلك عن عيسى قوله: وأنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله (٨: ٤٠).

- ويروي لوقا عن عيسى قوله عندما أحس بقرب نهايته بسبب مؤامرات اليهود عليه: ينبغي أن أسير اليوم وغداً وما يليه، لأنه لا يمكن أن يهلك نبي خارج أورشليم، يا أورشليم، يا أورشليم يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين.

وعن القضية الثالثة نورد النصوص التالية:

- جاء في متى ما نصه: ثم خرج يسوع من هناك، وانصرف إلى نواحي صور وصيدا، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت قائلة: إرحمني يا سيد يا ابن داود، ابنتي مجنونة جداً، فلم يجبها بكلمة، فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: إصرفها لأنها تصيح وراءنا، فأجاب وقال: لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة (متى ١٥: ٢١ ٢٤).

- وفي متى كذلك أن عيسى عند ما حدد الحواريين الإثني عشر أوصاهم قائلاً: إلى طريق أمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا، بل اذهبوا بالحرى إلى خراف بني اسرائيل الضالة (١٠: ٥ ٦).

- وقد خاصم اليهود بطرس لأنه دخل على غير اليهود وتكلم معهم (أعمال الرسل ١١ الفقرة الأولى).

- وورد في عبارات بطرس قوله لغير اليهود: أنتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي أن يلتصق بأحد أجنبي أو يأتي إليه (أعمال الرسل ١٠: ٢٨).

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

عليهما‌السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس ، قد يبس من العطش ففرش للحسنعليه‌السلام تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة أخرى قال فقال الزبيري ورفع رأسه لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه فقال له الحسن وإنّك لتشتهي الرُّطب ؟ فقال الزبيري نعمّ قال فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه فاخضرت النخلة ثمَّ صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا فقال الجمّال الّذي اكتروا منه سحر والله قال فقال الحسنعليه‌السلام ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مستجابة قال فصعدوا إلى النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم.

________________________________________________________

والعمر بضمّ العين وفتح الميم جمع عمرّة وقال الجوهري : المنهل المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المرعى وتسمى المنازل الّتي في المفاوز على طرق السفار مناهل لأنّ فيها ماء.

قوله : بحذاه كذا في أكثر النسخ مقصوراً ، وفي بصائر الدرجات بحذائه وهو أصوب ، وأنّ كان القصر أيضاً جائزاً ، قال الجوهري : حذاء الشيء إزاؤه ، يقال : جلس بحذائه ، وفي القاموس : الحذاء الإزاء ويقال : هو حذاك وجملة « ورفع » حالية بتقدير قد ، وفي الخرائج وقد رفع « وإنك لتشتهي »؟ الاستفهام مقدر.

« لم أفهمه » كذا فيما عندنا من النسخ فضمير« قال » راجع إلى الزبيري ، والغرض أنّ الزبيري أيضاً حكى ذلك للنّاس وفي البصائر : لم يفهمه الزبيري ، وهو أصوب « ثمّ صارت إلى حالها » أي قبل اليبس ، وقيل : أي لونها الّذي كان لها قبل الاخضرار ، ولا يخفى ما فيه « سحر» اسم أو فعل « ويلك » بتقدير حرف النداء ، والويل الهلاك وفي القاموس : صرمه يصرمه صرماً ويضمّ قطعه قطعاً بائناً ، وأصرم النخل حأنّ له أنّ يصرم ، انتهى.

وقيل : الأمر الخارق للعادة من حيث أنه دال على صدق من أتى به وحقيته يسمى آية وعلامة وبينة ومن حيث أنه دال على أنّ صاحبه مكرم عند الله تعالى

٣٦١

٥ - أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنَّ الحسنعليه‌السلام قال أنّ لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سورُ من حديد وعلى

________________________________________________________

يسمّى كرامة ومن حيث أنّه دالّ على تصديقه تعالى إيّاه يسمّى معجزة ومن ثمّ قيل : شرط المعجزة أنّ يكون أخبار النبيّ بأنه نبي للتحدي بها ، والفرق بينها وبين الآية أنّ المعجزة ما وقع والتحدي بها ، فان كان المدعي نبيّاً دلّت على صدق نبوته ، وأنّ كان وليّاً دلّت على صدق ولايته.

الحديث الخامس : صحيح.

والمدينتان جابلقا وجابلسا ، قال في المغرب : قالوا جابلقا وجابلسا قريتان إحداهما بالمغرب والأخرى بالمشرق ، وقال في القاموس : جابلس بفتح الباء واللام أو سكونها بلدة بالمغرب ليس وراءه إنسي ، وجابلق بلد بالمغرب ، وليس وجود القريتين على الصفتين ممتنعاً في قدرة الله تعالى ، ولم يحط أحد سوى المعصومين والمؤيدين من عند الله تعالى بجميع الأرض حتّى يمكنه نفي ذلك وقد وجد قريب من زماننا بلاد عظيمة يسمى « ينكي دنيا » لم يكن القدماء اطلعوا عليها ، ولا ذكروا منها شيئاً في كتبهم.

وقال بعض أهل التأويل : كان المدينتين كنايتأنّ عن عالمي المثال المتقدَّم أحدهما على الدّنيا وهو الشرقي ، والمتأخر أخر عنها وهو الغربّي وكون سورهما من حديد كناية عن صلابته وعدم إمكان الدُّخول فيهما إلّا من أبوابهما ، وكثرة اللغات كناية عن اختلاف الخلائق في السلائق والألسن اختلافاً لا يحصى ، وحجيتّه وحجية أخيه في زمإنّهما ظاهرة فإنّها كانت عأمّة لجميع الخلق ، انتهى.

وقال شارح المقاصد : ذهب بعض المتألهين من الحكماء ونسب إلى القدماء أنّ بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة تسمى عالم المثل ليس في تجرّد المجرّدات ، ولا في مخالطة المادّيات وفيه لكلّ موجود من المجرّدات والأجسام والأعراض

٣٦٢

كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلّم كلُّ لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللّغات وما فيهما وما بينهما ، وما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي.

________________________________________________________

والحركات والسكنات والأوضاع والهيئات والطعوم والروائح مثال قائم بذاته معلق لا في مادّة ومحلّ يظهر للحسّ بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك ، وقد ينتقل من مظهر إلى مظهر ، وقد يبطل كما فسدت المرآة والخيال ، أو زالت المقابلة أو التخيل ، وبالجملة هو عالم عظيم الفسحة غير متناه ، يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية وقبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه وإشراقات العالم العقلي ، وهذا ما قال الأقدمون أنّ في الوجود عالـماً مقدارياً غير العالم الحسي لا تتناهى عجائبه ولا تحصى مدته.

ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرسا ، وهما مدينتأنّ عظيمتأنّ لكلّ منهما ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق ، ومن هذا عالم يكون فيه الملائكة والجن والشياطين والغيلان ، لكونها من قبيل المثل والنفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها ، وبه يظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن والقبح واللطافة والكثافة وغير ذلك بحسب استعداد القابل والفاعل.

وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني فان البدن المثالي الّذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي في أنّ له جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيلتذ ويتألم باللذات والآلام الجسمانيّة وأيضاً تكون من الصور المعلقة نورانية فيها نعيم السعداء وظلمانية فيها عذاب الأشقياء وكذا أمر المنامات وكثير من الإدراكات ، فان جميع ما يرى في المنام أو التخيل في اليقظة بل نشاهد في الأمراض وعند غلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية الّتي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل.

وكذا كثير من الغرائب وخوارق العادات كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج ، وأنه ظهر من بعض

٣٦٣

٦ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عليّ بن النعمان ، عن صندل ، عن أبي أسأمّة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال خرج الحسن بن عليّعليه‌السلام إلى مكّة سنّة ماشياً فورمت قدماه فقال له بعض مواليه لو ركبت لسكن عنك هذا الورم فقال كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه فقال له مولاه بأبي أنت وأمي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال له بلى إنه أمامك دون المنزل فساراً ميلا فإذا هو بالأسود فقال الحسنعليه‌السلام لمولاه دونك الرجل فخذ منه الدهن وأعطه الثمن فقال الأسود يا غلام لمن أردت هذا الدهن فقال للحسن بن عليّ فقال انطلق بي إليه فانطلق فأدخله إليه فقال له بأبي أنت وأمي لم أعلم أنك تحتاج إلى هذا أوترى ذلك ولست آخذ له ثمنا إنّما أنا مولاك ولكن ادع الله أنّ يرزقني ذكراً سوياً يحبكم

________________________________________________________

جدران البيت ، أو خرج من بيت مسدود الأبواب والكوى ، وأنه أحضر بعض الأشخاص والثمار أو غير ذلك ، من مسافة بعيدة جدا في زمان قريب إلى غير ذلك ، انتهى.

وهذه الكلمات شبيهة بالخرافات ، وتصحيح النصوص والآيات لا يحتاج إلى ارتكاب هذه التكلفات ، والله يعلم حقائق العوالم والموجودات.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

« فورمت » بكسر الراء « ما قدمنا منزلاً » أي هذا المنزل الّذي نأتيه ليس مظنة كون هذا الدواء فيه ، وفي الخرائج ليس إمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال : بلى إنه إمامنا وساروا أميالاً فإذا الأسود قد استقبلهم إلى قوله : فان الله قد وهب لك ولداً ذكراً سوياً ، فرجع الأسود من فوره فإذا امرأته قد ولدت غلاما سويا ثمّ رجع الأسود إلى الحسن ودعا له بالخير بولادة الغلام له ، وأنّ الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام من موضعه حتّى زال الورم.

قوله : أو ترى ذلك؟ أي تعلم وجود هذا الدواء عندي ، وفي القاموس : مخضت

٣٦٤

أهل البيت ، فإنّي خلّفت أهلي تمخض فقال : إنطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكراً سويّاً وهو من شيعتنا.

( باب )

( مولد الحسين بن عليّ عليه‌السلام )

ولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام في سنة ثلاث وقبضعليه‌السلام في شهر المحرَّم من سنة

________________________________________________________

كسمع ومنعوعني مخاضاً ومخاضاً ، ومخضت تمخيضاً أخذها الطلق أي وجع الولادة.

وأقول : الخبر مشتمل على معجزات ويدلّ على تأكّد استحباب المشي إلى بيت الله.

باب

مولد الحسين بن عليعليهما‌السلام

أقول : قال الشيخقدس‌سره في التهذيب : ولدعليه‌السلام آخر شهر ربيع الأوّل سنّة ثلاث من الهجرة ، وقال الطبرسي (ره) في إعلام الورى : ولدعليه‌السلام يوم الثلاثاء وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، وقيل : لخمس خلون منه لسنّة أربع من الهجرة ، وقيل : ولدعليه‌السلام آخر ربيع الأوّل سنّة ثلاث منها ، وقال ابن شهرآشوب في المناقب : ولدعليه‌السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلاثاء لخمس خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوماً ، وقال المفيد (ره) في الإرشاد : ولدعليه‌السلام بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة ، وقال الشيخ في المصباح : خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمّدعليه‌السلام أنّ مولانا الحسينعليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وروى الحسين بن زيد عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال : ولد الحسين بن عليّعليهما‌السلام لخمس ليال خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة.

وقال في كشف الغمة : قال كمال الدين بن طلحة : ولدعليه‌السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنّة أربع من الهجرة ، علقت البتولعليها‌السلام به بعد أنّ ولدت أخاه

٣٦٥

إحدى وستين من الهجرة وله سبع وخمسون سنّة وأشهر قتله عبيد الله بن زياد لعنه الله

________________________________________________________

الحسن بخمسين ليلة ، وكذلك قال الحافظ الجنابذي ، وقال كمال الدين : كان انتقاله إلى دار الآخرة في سنّة إحدى وستين من الهجرة ، فتكون مدة عمره ستا وخمسين سنّة وأشهر ، كان منها مع جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ست سنين وشهورا ، وكان مع أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ثلاثين سنّة بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان مع أخيه الحسن بعد وفاة أبيه عشر سنين ، وبقي بعد وفاة أخيه الحسنعليهما‌السلام إلى وقت مقتله عشر سنين.

قال ابن الخشاب : حدثنا حرب بإسناده عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام قال : مضى أبو عبد الله الحسين بن عليّ وأمه فاطمة بنت رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين وهو ابن سبع وخمسين سنّة في عام الستين من الهجرة في يوم عاشوراء ، كان مقامه مع جده رسول الله سبع سنين إلّا ما كان بينه وبين أبي محمّد وهو سبعة أشهر وعشرة أيام وأقام مع أبيه ثلاثين سنّة ، وأقام مع أبي محمّد عشر سنين ، وأقام بعد مضي أخيه الحسنعليه‌السلام عشر سنين ، فكان عمره سبعا وخمسين سنّة إلّا ما كان بينه وبين أخيه من الحمل ، وقبض في يوم عاشوراء في يوم الجمعة في سنّة إحدى وستين ، ويقال : يوم الاثنين ، انتهى.

وقال الشهيد (ره) في الدروس ولدعليه‌السلام بالمدينة آخر شهر ربيع الأوّل سنّة ثلاث من الهجرة ، وقيل : يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان ، وقال الشيخ ابن نما قيل : ولدعليه‌السلام لخمس خلون من جمادى الأولى ، وكانت مدة حمله ستّة أشهر ، ولم يولد لستّة سواه وعيسى وقيل : يحيىعليهم‌السلام ، انتهى.

وأقول : إنّما اختار الشيخ (ره) كون ولادتهعليه‌السلام في آخر شهر ربيع الأوّل تبعاً لـمّا اختاره المفيد (ره) في المقنعة ، مع مخالفته لـمّا رواه من الروايتين ، لـمّا ثبت عنده واشتهر بين الفريقين من كون ولادة الحسن في منتصف شهر رمضان ، وما ورد في روايات صحيحة أنه لم يكن بين ولادتيهما إلّا ستّة أشهر وعشراً كما سيأتي بعضها

٣٦٦

في خلافة يزيد بن معاوية لعنه الله وهو على الكوفة وكان على الخيل الّتي حاربته وقتلته عمر بن سعد لعنه الله بكربلاء - يوم الإثنين لعشر خلون من المحرم وأمه فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١ - سعد وأحمد بن محمّد جميعاً ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قبض الحسين بن عليّعليه‌السلام - يوم عاشوراء وهو ابن سبع وخمسين سنة.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن عبد الرَّحمن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان بين الحسن والحسينعليه‌السلام طهر وكان بينهما في الميلاد ستّة أشهر وعشراً.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء والحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

________________________________________________________

لكن مع ورود هذه الأخبار يمكن ترك القول بكون ولادة الحسنعليه‌السلام في شهر رمضان لعدم استناده إلى رواية معتبرة والله يعلم.

قوله : وهو، أي عبيد الله لعنه الله « على الكوفة » أي وال على الكوفة والخيل الفرسان ، والمراد هنا العسكر الملعون « لعشر » أي لعشر ليال« خلون » أي مضين.

الحديث الأوّل : مختلف فيه صحيح عندي.

الحديث الثاني : صحيح.

« بين الحسن والحسين » أي بين ولادة الحسن والعلوق بالحسين « طهر » أي مقدار أقل الطهر في النساء اللاتي يحضن وهو عشرة أيام ، ولم يكن لهاعليها‌السلام دم ، والميلاد وقت الولادة.

الحديث الثالث : مختلف فيه.

قوله : لـمّا حملت ، لعلّ المعنى قرب حملها ، أو المراد جاء جبرئيل قبل ذلك ،

٣٦٧

لـمّا حملت فاطمةعليها‌السلام بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أنّ فاطمةعليها‌السلام ستلد غلاما تقتله أمتك من بعدك فلـمّا حملت فاطمة بالحسينعليه‌السلام كرهت حمله وحين وضعته كرهت وضعه ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لم تر في الدّنيا أم تلد غلاماً تكرهه ولكنّها كرهته لـمّا علمت أنه سيقتل قال وفيه نزلت هذه الآية «وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوالِدَيْهِ » حسناً «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ

________________________________________________________

أو المراد بقوله : حملت ثانيا شعرت به ، وربمّا يقرأ الثاني حملت على بناء المجهول من التفعيل ، أي عدت حاملا ، وفي كامل الزيارة الحسين بدون الباء ، وعلى هذا التأويل يحتمل أنّيكون « وصينا » معناه جعلناه وصيا من الأوصياء ، فالباء في « بوالديه » للسببية، فقوله : حسناً نصب على الإغراء بتقدير القول أي قائلين ألزم حسناً كما قيل ، لكنّه بعيد ، والأظهر أنّ « وصينا » بمعناه ، والياء للسببية ، وحسناً مفعول وصينا ، وأنّ قرأ بفتح الحاء والسين لا يبعد الوجه الأوّل أيضاً ، أي وصيناه أيضاً حسنا.

قال في مجمع البيان : قرأ أهل الكوفة إحسانا ، والباقون حسناً ، وروي عن عليّعليه‌السلام وأبي عبد الرَّحمن السلمي حسناً بفتح الحاء والسين ، انتهى.

ويحتمل أنّ يكون الوالدان رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما كما مرّ وسيأتي ، أو عليّاً وفاطمةعليهما‌السلام .

« لم تر » على بناء المجهول ، وفي الكامل : هل رأيتمّ في الدّنيا أما ، إلى آخره وحمله وفصاله ثلاثون شهراً موافق لهذا التأويل ، لأنّ حمله كان ستّة أشهر ، ومدة الرضاع سنتان ، قال البيضاوي «حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً ، وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً » ذات كره أو حملا ذا كره ، وهو المشقّة «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ » ومدة حمله وفصاله ، والفصال الفطام ، والمراد به الرضاع التام المنتهى به ، ولذلك عبر به كما يعبر بالأمر عن المدة ثلاثون شهراً كلّ ذلك بيان لـمّا تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها وفيه دليل على أنّ أقل مدة الحمل ستّة لأنه إذا حط عنه للفصال حولان لقوله : «حَوْلَيْنِ

٣٦٨

ثَلاثُونَ شهراً »(١) .

٤ - محمّد بن يحيى ، عن عليّ بن إسماعيل ، عن محمّد بن عمرو الزيات ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أنّ جبرئيلعليه‌السلام نزل على محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا محمّد أنّ الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة تقتله أمتك من بعدك فقال يا جبرئيل وعلى ربّي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله أمّتي من بعديّ فعرج ثمّ هبطعليه‌السلام فقال له مثل ذلك فقال يا جبرئيل وعلى ربّي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمّتي من بعديّ فعرج جبرئيلعليه‌السلام إلى السماء ثمّ هبط فقال يا محمّد أنّ ربّك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريّته الامامة والولاية والوصيّة فقال قد رضيت ثمّ أرسل إلى فاطمة أنّ الله يبشرني بمولود يولد لك تقتله أمّتي من بعدي فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود مني تقتله أمتك من بعدك فأرسل إليها أنّ الله قد جعل في ذريّته الامامة والولاية

________________________________________________________

كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أنّ يتمّ الرَّضاعَةَ » بقي ذلك ، وبه قال الأطباء ، ولعلّ تخصيص أقل الحمل وأكثر الرضاع لانضباطهما وتحقق ارتباط حكم النسب والرضاع بهما.

الحديث الرابع : مرسل ، وآخره أيضاً مرسل.

والظاهر أنّ الإرسال والتبشير من الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانا على وجه التخيير لا الحتم ، حتّى يكون ردهما رداً على الله «حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ » أي استحكم قوته وعقله «وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سنّة » أقول : لا يلزم من كون هذا الدعاء بعد أربعين سنّة من عمره أنّ يكون مصادفاً لأوّل إمامته ، بل يمكن أنّ يكون قبل ذلك ، فان إمأمّة الحسينعليه‌السلام كان بعد مضي سبع وأربعين من عمره الشريف ، مع أنه بطن للآية ولا يلزم انطباقها من جميع الوجوه ، وما قيل : من أنّ بلوغ الأشد كان عند وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وابتداء الأربعين من بلوغ الأشد فيكون مصادفا لابتداء إمامتهعليه‌السلام فهو تكلف مستغنى عنه.

__________________

(١) سورة الأحقاف : ١٥ وفي المصحف «إِحْساناً » بدل « حسناً ».

٣٦٩

والوصيّة فأرسلت إليه إنّي قد رضيت ف- « ـحَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شهراً حتّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سنّة قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أنّ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الّتي أَنْعَمْتَ عليّ وَعَلى والِدَيَّ وَأنّ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » فلو لا أنهقال أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » لكانت ذريّته كلهم أئمّة - ولم يرضع الحسين من فاطمةعليها‌السلام ولا من أنثى كان يؤتى به النبيّ فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث فنبت لحم الحسينعليه‌السلام من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستّة أشهر إلّا عيسى ابن مريمعليه‌السلام والحسين بن عليّعليه‌السلام .

وفي رواية أخرى ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤتى

________________________________________________________

«أَوْزِعْنِي » أي ألهمني وأصله أولعني من أوزعته بكذا ، والمراد بالنعمة نعمة الامامة والنبوّة «وَأنّ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ » قال البيضاوي : نكرة للتعظيم أو لأنه أراد نوعاً من الجنس يستجلب رضا الله تعالى «وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي » واجعل لي الصلاح سارياً في ذريتي راسخاً فيهم.

أقول : على تأويلهعليه‌السلام « في » للتبعيض أي بعض ذريتي وهو أظهر.

« فنبت لحما » تميز وفي بعض النسخ كما في كامل الزيارة لحم الحسين وهو أظهر « إلّا عيسى بن مريم » لعلّ هذا من تصحيف الرواة أو النساخ ، وفي أكثر الأخبار المعتبرة إلّا يحيى والحسينعليه‌السلام ، وقد ورد في الأخبار المعتبرة أنّ حمل عيسى كان تسع ساعات ، وقيل : ثلاث ساعات ، قال الثعلبي : اختلف العلماء في مدة حمل مريم بعيسى ، فقال بعضهم : كان مقدار حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء ، وقيل : ثمانية أشهر وكان ذلك آية أخرى لأنه لم يعش مولود وضع لثمانية أشهر غير عيسى ، وقيل : ستّة أشهر ، وقيل : ثلاث ساعات ، وقيل : ساعة واحدة ، انتهى.

وأقول : يحتمل أنّ يكون مادة تولد عيسى أحدثها الله في مريم (ع) قبل نفخ جبرئيلعليه‌السلام بستّة أشهر.

قولهعليه‌السلام : فيلقمه لسانه ، يمكن الجمع بينه وبين ما سبق بأنه كان في

٣٧٠

به الحسين فيلقمه لسانه فيمصّه فيجتزيء به ولم يرتضع من اُنثى.

٥ - عليُّ بن محمّد رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزَّ وجلَّ «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ »(١) قال حسب فرأى ما يحلّ بالحسينعليه‌السلام فقال إني سقيم لـمّا يحلّ بالحسينعليه‌السلام

________________________________________________________

بعض الأوقات يمص لسانه وفي بعضها إبهامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الحديث الخامس : مرفوع.

«فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ » أقول : هذه إحدى الآيات الّتي استدل بها المخطئون للأنبياء زعمّا منهم أنه كذب ، وأجيب بوجوه : « الأوّل » أنهعليه‌السلام نظر في النجوم فاستدل بها على وقت حمى كانت تعتاده ، فقال إني سقيم ، أراد أنه قد حضر وقت علته فكأنه قال : سأسقم.

الثاني : أنه نظر في النجوم كنظرهم في استنباط الأحكام من النجوم ، فأوهمهم أنه يقول بمثل قولهم ، فقال عند ذلك إني سقيم ، فتركوه ظنا منهم أنّ نجمع يدلّ على سقمه ، ويجوز أنّ يكون الله تعالى أعلمه بالوحي أنه سيسقمه في وقت مستقبل وجعل العلأمّة على ذلك إما طلوع نجم على وجه مخصوص أو اتصاله بآخر على وجه مخصوص ، فلـمّا رأى إبراهيم تلك الأمارة قال إني سقيم.

الثالث : أنّ المعنى أنه سقيم القلب أو الرأي حزنا من إصرار القوم على عبادة الأصنام ، وهي لا تسمع ولا تبصر ، فمعنى «نَظْرَةً فِي النُّجُومِ » تفكره في أنها محدثة مخلوقة مدبرة ، وتعجبه كيف ذهب على العقلاء ذلك من حالها حتّى عبدوها.

الرابع : أنّ من كتب عليه الموت فهو سقيم وأنّ لم يكن به سقم في الحال ، وما ورد في هذه الرواية أحد الوجوه ، والمراد سقم القلب ، ولا ينافي ذلك أنّ يكون أوهمهم ظاهراً أنه سيسقم في بدنه ، وكان مراده سقم القلب تورية ، وهذا مجوز عند الضرورة والمصلحة ، وليس بكذب ، ولذا ورد في الخبر أنّ في المعاريض لمندوحة عن

__________________

(١) سورة الصافات : ٨٩.

٣٧١

٦ - أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن عليّ بن أسباط ، عن سيف بن عميرة ، عن محمّد بن حمران قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لـمّا كان من أمر الحسينعليه‌السلام ما كان ، ضجّت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟ قال : فأقام الله لهم ظل القائمعليه‌السلام وقال بهذا أنتقم لهذا.

________________________________________________________

الكذب ، وقد روي بأسانيد عن الباقر والصادقعليهما‌السلام إنّهما قالاً : والله ما كان سقيما وما كذب ، ثمّ ظاهر الخبر أنهعليه‌السلام علم ما يحلّ بالحسينعليه‌السلام بحساب النجوم والأوضاع الفلكية وأنها تدل على الحوادث ، والأخبار في ذلك كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، ولا ينافي ذلك منع سائر الخلق من التفكر فيها والحكم بها.

وما يتحصل من جميع الأخبار هو أنّ علم النجوم من علوم الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام وهو إحدى الطرق الّتي يستنبطون بها العلم بالحوادث وهي مختصة بهم ، وسائر الخلق لم يحيطوا بها علـمّا ، فلذا منعوا عن التفكر فيها ، والإخبار بها أو لمصالح أخرى لا يخفى بعضها على أولي الأبصار ، وهذا هو المشهور بين علمائنا.

وذهب السيّد بن طاوس (ره) وجماعة إلى جواز النظر فيها وحملوا أخبار النهي على ما إذا ظن أنها مؤثرات ، ولا ريب في بطلان هذه العقيدة ، وأنّ القول بأنها مؤثرات تأمّة كفر ، والمشهور أنّ القول بالتأثير الناقص فسق ، والقول بأنها علامات لا ضير فيه ، والأظهر تحريم النظر فيها والإخبار بها بل تعليمها وتعلمها كما حققناه في كتاب السماء والعالم.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

« ضجت » من باب ضرب أي صاحت وجزعت « ظل القائم » أي جسده المثالي. أو صورة خلقت شبيهة به ، حاكية لأحواله أو روحه المقدسة ، قال في القاموس : الظل الخيال من الجن وغيره يرى ، ومن كلّ شيء شخصه.

٣٧٢

٧ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لـمّا نزل النصر على الحسين بن عليّ حتّى كان بين السماء والأرض ثمّ خير النصر أو لقاء الله فاختار لقاء الله.

٨ - الحسين بن محمّد قال حدثني أبو كريب وأبو سعيد الأشج قال حدثنا عبد الله بن إدريس ، عن أبيه إدريس بن عبد الله الأودي قال لـمّا قتل الحسينعليه‌السلام أراد القوم أنّ يوطّئوه الخيل فقالت فضة لزينب يا سيدتي أنّ سفينة كسر به في

________________________________________________________

الحديث السابع : حسن.

وقد مرّ بسند حسن آخر عنهعليه‌السلام في باب أنّ الأئمّةعليهم‌السلام يعلمون متى يموتون ، وليس فيه « لـمّا » بل فيه : « أنزل الله النصر » إلى آخره ، وهو الصواب ، والملائكة الذين نزلوا كانوا أربعة آلاف ملك على أكثر الأخبار ، وخمسين ألف ملك على بعضها.

روى الصدوق بإسناده عن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أنّ أربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ صلوات الله عليهما ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذأنّ وهبطوا وقد قتل الحسينعليه‌السلام فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ورئيسهم ملك يقال له منصور ، وروى ابن قولويه في كامل الزيارة بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : مرّ بالحسين بن عليّ خمسون ألف ملك وهو يقتل فعرجوا إلى السماء ، فأوحى الله إليهم مررتم بابن حبيبي وهو يقتل فلم تنصروه فاهبطوا إلى الأرض فأسكنوا عند قبره شعثا غبرا إلى أنّ تقوم الساعة.

الحديث الثامن : مجهول.

« فقالت فضة » هي جارية فاطمة صلوات الله عليها« لزينب » أي بنتها ، وسفينة لقب مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال المازري : اسم سفينة قيس ، وقيل : نجرأنّ ،

٣٧٣

البحر فخرج إلى جزيرة فإذا هو بأسد فقال يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهمهم بين يديه حتّى وقفه على الطريق والأسد رابضٌ في ناحية ، فدعيني أمضي إليه

________________________________________________________

وقيل : رومان ، وقيل : مهران ، وكنيته المشهورة أبو عبد الرَّحمن ، وسبب تسميته بسفينة أنه حمل متاعاً كثيراً لرفقائه في الغزو فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنت سفينة ، وقال الذهبي : أعتقته أم سلمة.

وأشارت فضة إلى قصته المشهورة واختلف فيها ، قال في شرح السنّة أنّ سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم وأسر فانطلق هاربا يلتمس الجيش ، فإذا هو بأسد فقال : يا أبا الحارث أنا مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان من أمري كيت وكيت ، فأقبل الأسد حتّى قام إلى جنبه كلـمّا سمع صوتاً أهوى إليه ثمّ أقبل يمشي إلى جنبه حتّى أبلغه الجيش ثمّ رجع.

وروى الراوندي في الخرائج والجرائح عن ابن الأعرابي أنّ سفينة مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : خرجت غازيا فكسر بي فغرق المركب وما فيه وأفلت(١) وما عليّ إلّا خرقة قد اتزرت بها ، وكنت على لوح ، وأقبل اللوح يرمي بي على جبل في البحر ، فإذا صعدت وظننت أني نجوت جاءتني موجة فانتسفتني(٢) ففعلت بي مراراً ثمّ إني خرجت اشتد على شاطئ البحر ، فلم تلحقني فحمدت الله على سلأمّتي ، فبينا أنا أمشي إذا بصر بي أسد وأقبل يزأر(٣) إلى أنّ يفترسني ، فرفعت يدي إلى السماء فقلت : اللّهم إني عبدك ومولى نبيّك نجيتني من الغرق ، أفتسلط عليّ سبعك؟ فألهمت أنّ قلت : أيها السبع أنا سفينة مولى رسول الله ، احفظ رسول الله في مولاه ، فو الله إنه لترك الزئير وأقبل كالسنور يمسح خده بهذا الساق مرّة وبهذه أخرى وهو ينظر في وجهي مليا ثمّ طأطأ ظهره(٤) وأومأ إلى أنّ أركب

__________________

(١) أي تخلصت. (٢) انتسف الشيء : اقتعله.

(٣) الزئير : صوت الأسد. (٤) من طأ طأ رأسه : خفضه.

٣٧٤

وأعلمه ما هم صانعون غداً ، قال فمضت إليه فقالت يا أبا الحارث فرفع رأسه ثمّ قالت : أتدري ما يريدون أنّ يعملوا غدا بأبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ يريدون أنّ يوطئوا الخيل ظهره قال فمشى حتّى وضع يديه على جسد الحسينعليه‌السلام فأقبلت

________________________________________________________

فركبت ظهره فخرج يخب بي(١) فما كان بأسرع من أنّ هبط جزيرة فإذا فيها من الشجرة والثمار وعين عذبة من ماء دهشت فوقف وأومأ إلى أنّ أنزل ، فنزلت وبقي واقفا حذائي ينظر ، فأخذت من تلك الثمار وأكلت وشربت من ذلك الماء فرويت وعمدت إلى ورقة فجعلتها لي مئزرا واتزرت بها وتلحفت بأخرى ، وجعلت ورقة شبيها بالمزود فملأتها من تلك الثمار وبللت الخرقة الّتي كانت معي لأنّ أعصرها إذا احتجت إلى الماء فأشربه.

فلـمّا فرغت ممّا أردت أقبل إلى فطأطأ ظهره ثمّ أومأ إلى أنّ أركب ، فلـمّا ركبت أقبل بي نحو البحر في غير الطريق الّذي أقبلت منه ، فلـمّا صرت على البحر إذا مركب سائر في البحر فلوحت لهم فاجتمع أهل المركب يسبحون ويهللون ويرون رجلاً راكبا أسدا فصاحوا : يا فتى من أنت؟ أجني أم إنسي قلت : أنا سفينة مولى رسول الله رعى الأسد بي حقّ رسول الله ففعل ما ترون ، فلـمّا سمعوا ذكر رسول الله حطوا الشراع(٢) وحملوا رجلين في قارب صغير ودفعوا إليهما ثيابا فجاءاني ونزلت من الأسد ووقف ناحية ينظر فانتظر ما أصنع ، فرميا إلى بالثياب وقالا ألبسها فلبستها ، فقال أحدهما : اركب ظهري حتّى أحملك إلى القارب أيكون السبع أرعى لحقّ رسول الله عن أمته ، فأقبلت على الأسد فقلت : جزاك الله خيرا عن رسول الله ، فنظرت إلى دموعه تسيل على خده ما يتحرك حتّى دخلت القارب وأقبل يلتفت إلى ساعة بعد ساعة حتّى غبنا عنه.

وأبو الحارث من كنى الأسد ، والربوض للأسد والشاة كالبروك للإبل.

__________________

(١) الجنب : ضرب من العدو.

(٢) الشراع. مثل الملاءة الواسعة يشرع وينصب على السفينة فتهب فيه الرياح فتمى بالسفينة.

٣٧٥

الخيل فلـمّا نظروا إليه قال لهم عمر بن سعد - لعنه الله - : فتنة لا تثيروها انصرفوا ، فانصرفوا

________________________________________________________

قوله لعنه الله : لا تثيروها أي لا تظهروها ولا تفشوها ، ويدلّ على أنّ للحيوانات شعورا ، وعلى أنّ بعضهم يحبون أهل البيت ويعرفونهم ، ويمكن أنّ يكون الله تعالى ألهمه في هذا الوقت أنّ يفعل هذا الفعل أو أعطاه شعوراً عرف كلام فضة ، ويدلّ على أنّ ما ذكره الخاصة والعامّة من وقوع هذا الأمر الفظيع لا أصل له.

حتّى أنّ السيّد بن طاوسقدس‌سره قال في كتاب الملهوف : ثمّ نادى عمر ابن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره؟ فانتدب منهم عشرة وهم إسحاق بن حوية الّذي سلب الحسينعليه‌السلام قميصه ، وأخنس بن مرثد وحكيم ابن طفيل ، وعمرو بن صبيح ، ورجاء بن منقذ ، وسالم بن خيثمة ، وصالح بن وهب ، وواخط بن ناعمّ ، وهاني بن ثبيت ، وأسيد بن مالك ، فداسوا الحسين صلوات الله عليه بحوافر خيلهم حتّى رضوا ظهره وصدره.

قال : وجاء هؤلاء العشرة حتّى وقفوا على ابن زياد فقال أسيد بن مالك أحد العشرة :

نحن رضضنا الظهر بعد الصدر

بكلّ يعبوب شديد الأسر(١)

فقال ابن زياد : من أنتم؟ فقالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتّى طحنّا جناجن صدره(٢) فأمر لهم بجائزة يسيرة ، قال أبو عمر والزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة فوجدناهم جميعاً أولاد زناء ، وهؤلاء أخذهم المختار فشد أيديهم وأرجلهم بسلك الحديد وأوطأ الخيل ظهورهم حتّى هلكوا ، انتهى.

وأقول : المعتمد ما رواه الكليني (ره) ويمكن أنّ يكون ما رواه السيّد إدّعاء من الملاعين ذلك لإخفاء هذه المعجزة ، وكأنّه لذلك قلّل ولد الزنا جائزتهم لعلمه

__________________

(١) اليعبوب : الفرس السريع. والاسر : الدرع الحصينة.

(٢) الجناجن : عظام الصدر.

٣٧٦

٩ - عليُّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن أحمد ، عن الحسن بن عليّ ، عن يونس ، عن مصقلة الطحان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لـمّا قتل الحسينعليه‌السلام أقامت امرأته الكلبية عليه مأتما وبكت وبكين النساء والخدم حتّى جفت دموعهنَّ وذهبت فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها ما لك أنت من بيننا تسيل دموعك قالت إني لـمّا أصابني الجهد شربت شربة سويق قال فأمرت بالطعام والأسوقة فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت إنّما نريد بذلك أنّ نتقوى على البكاء على الحسينعليه‌السلام قال وأهدي إلى الكلبية جونا لتستعين بها على مأتم الحسينعليه‌السلام فلـمّا رأت الجون قالت ما هذه

________________________________________________________

بكذبهم وما فعله المختار لادعائهم ذلك وأنّ كان باطلا ، وأنّ كان ما فعلوه بهعليه‌السلام قبل ذلك أفحش وأفظع منه.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور « أقامت امرأته الكلبية » هي بنت امرئ القيس الكلبي أم سكينة بنت الحسينعليه‌السلام وبنو كلب حي من قضاعة.

قال المفيدقدس‌سره في الإرشاد : كان للحسينعليه‌السلام ستّة أولاد : عليّ بن الحسين الأكبر كنيته أبو محمّد أمه شه زنأنّ بنت كسرى يزدجرد ، وعليّ بن الحسين الأصغر قتل مع أبيه بالطف ، أمه ليلى بنت أبي مرّة الثقفية ، وجعفر بن الحسين لا بقية له ، وأمه قضاعية ، وكانت وفاته في حياة الحسينعليه‌السلام ، وعبد الله بن الحسين قتل مع أبيه صغيراً وسكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت امرئ القيس بن عديّ كلبية معدية وهي أم عبد الله بن الحسين ، وفاطمة بنت الحسين وأمها أم إسحاق بنت طلحة ابن عبد الله تميمية ، انتهى.

والمأتم مصدر ميمي أو اسم مكان : مجتمع النساء للمصيبة ، والنساء بدل أو عطف بيان لضمير بكين ، والخدم بالتحريك جمع خادم ، والجهد بالفتح المشقّة ، والسويق كأمير دقيق الحنطة المشوية ونحوها.

وقال الجوهري : الجون الأسود ، وهو من الأضداد ، والجمع جون بالضمّ ،

٣٧٧

قالوا هديّةٌ أهداها فلانٌ لتستعيني على مأتم الحسين فقالت لسنا في عرس ، فما نصنع بها ؟ ثمّ أمرت بهنَّ فأخرجن من الدّار فلـمّا أخرجن من الدّار لم يُحسّ لها حسٌّ كأنّما طرن بين السّماء والأرض ولم ير لهنَّ بها بعد خروجهنَّ من الدار أثر

________________________________________________________

والجوني من الخيل ومن الإبل الأدهم الشديد السواد ، والجونة أيضاً العطار والجمع جون بفتح الواو ، والجوني ضرب من القطا ، سود البطون والأجنحة ، وهو أكبر من الكدري ، انتهى.

وأقول : كان الجون هنا كصرد جمع الجوني ، وأنّ لم يذكر اللغويون جمعه أو يكون جونا بالضمّ صفة محذوف أي طيورا جونا يعني بيضا أو سودا ، وفاعل أهدى محذوف أي رجل من قبيلته أو أهدى الله ، فقولهم أهداها فلان على الظن والأصوب جون بالضمّ ، وأهدي على بناء المفعول ، وكان فقدهن على سبيل الإعجاز لكونها لتعزيتهعليه‌السلام فلعلها ذهب بها إلى الجنّة.

وقيل : الجون بالضمّ جمع جونة وهي ظرف للطيب « لم يحس لها حس » أي لم يدرك لها أثر من رائحة ونحوها ، وهذا إشعار بأنّ الذين جاءوا بها ذهبوا بها سريعاً ، انتهى.

وقيل : كان النساء كن من الجن أو كن من الأرواح الماضيات تجسدن ، انتهى.

وبالجملة الخبر لا يخلو من تشويش واضطراب لفظاً ومعنى.

٣٧٨

إلى هنا تمّ الجزء الخامس حسب تجزئتنا ويليه

الجزء السادس - إنشاء الله تعالى - وأوّله « باب مولد عليّ ابن الحسينعليه‌السلام » وقد تمّ تصحيحاً وتعليقاً في التاسع من شهر جمادى الأولى سنة ١٣٩٤.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٧٩

الفهرس

( باب ) ( فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ) باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ٦

( باب ) ( فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية ) ١٦٥

( باب ) ( في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم ) ١٧٢

(أبواب التاريخ) (باب) ( باب مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ) باب(١) التار يخ تاريخ مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ووفاته ١٧٥

( باب ) ( النهي عن الإشراف على قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ٢٧٧

( باب ) ( مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ) باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه ٢٨٠

( باب ) ( مولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام ) ٣١٧

( باب ) ( مولد الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما ) باب مولد الحسن بن عليّ صلوات الله عليهما ٣٥٥

( باب ) ( مولد الحسين بن عليّ عليه‌السلام ) باب مولد الحسين بن علي عليهما‌السلام ٣٦٥

الفهرس ٣٨٠

٣٨٠