مرآة العقول الجزء ٥

مرآة العقول5%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 380

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 5489 / تحميل: 5121
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٥

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

حمداً خالداً لوليّ النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر

هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة.

و لروّاد الفضيلة الذين و ازرونافي انجاز هذا المشروع المقدّس شكر متواصل.

الشيخ محمد الاخوندي

٥

بسم الله الرحمن الرحيم

( باب )

( فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية )

١ ـ عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابنا ، عن حنان بن سدير ، عن سالم الحنّاط قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أخبرني عن قول الله تبارك وتعالى «نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ »(١) قال هي الولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام

________________________________________________________

باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية

أقول : النكت جمع نكتة بالضمّ وهي النقط كناية عن اللطائف والأسرار ، والنتف أيضا كصرد جمع نتفة بالضمّ وهي ما أخذته بإصبعك من النبت والشعر وغيرهما قال الجوهري : النتفة من النبات القطعة والجمع نتف كغرفة وغرف ، وأفاده نتفة من علم ، أي شيئاً نفيساً منه ، انتهى.

والمراد بهما الأخبار المتفرّقة الواردة في تفسير الآيات بالولاية ، لا تجمع بعضها مع بعض في عنوان ، فهو شبيه بباب النوادر.

الحديث الأول : مرسل.

« قال هي الولاية » أقول : ظاهر الآية رجوع الضمير إلى القرآن كما ذكره

__________________

(١) سورة الشعراء : ١٩.

٦

________________________________________________________

المفسّرون ، وتأويلهعليه‌السلام يحتمل وجهين : الأوّل : أنّ المراد به الآيات النازلة في الولاية أو هي عمدتها لأنّ أكثر القران نزل فيهم وفي أعدائهم ، الثاني : أنّ يكون المراد أنّ الإنذار الكامل بالقران إنّما يتم بنصب الإمام لأنه الحافظ للفظه المفسر لمعناه ، كما قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، ويؤيد الأوّل ما رواه عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حسان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله تعالى : «وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ »(١) قال : الولاية نزلت لأمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الغدير.

وقال بعض الأفاضل : لـمّا أراد الله سبحانه أن يعرّف نفسه لعباده ليعبدوه وكأنّ لا يتيسر معرفته كما أراد على سنة الأسباب إلا بوجود الأنبياء والأوصياء إذ بهم تحصل المعرفة التامة والعبادة الكاملة دون غيرهم ، وكان لم يتيسّر وجود الأنبياء والأوصياء إلا بخلق سائر الخلق ليكونوا أنسا لهم وسببا لمعاشهم ، فلذلك خلق سائر الخلق ثمّ أمرهم بمعرفة أنبيائه وأوليائه وولايتهم والتبرّي من أعدائهم وممّا يصدهم عن ذلك ليكونوا ذوات حظوظ من نعيمهم فوهب الكل معرفة بنفسه على قدر معرفتهم الأنبياء والأوصياء إذ بمعرفتهم لهم يعرفون الله ، وبولايتهم لهم يتولون الله فكلـمّا ورد من البشارة والإنذار والأوامر والنواهي والنصائح والمواعظ من الله سبحانه إنّما هو لذلك ، ولـمّا كان نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سيّد الأنبياء ووصيّه صلوات الله عليه سيّد الأوصياء لجمعهما كمالات سائر الأنبياء والأوصياء ومقاماتهم مع ما لهما من الفضل عليهم ، وكان كل منهما نفس الآخر صح أنّ ينسب إلى أحدهما ما ينسب إليهم لاشتماله على الكلّ وجمعه لفضائل الكلّ ولذلك خص تأويل الآيات بهما وبأهل البيتعليهم‌السلام الذين هم منها ذريّة بعضها من بعض ، وجيء بالكلمة الجامعة التي هي الولاية فإنّها مشتملة على المعرفة والمحبّة والمتابعة وسائر ما لا بدّ منه في ذلك.

__________________

(١) سورة الشعراء : ١٩٤.

٧

٢ ـ محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن إسحاق بن عمار ، عن رجل ، عن أبي عبدّ اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أنّ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسأنّ إِنَّهُ كان ظَلُوماً جَهُولاً »(١) قال هي ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام

________________________________________________________

الحديث الثاني : مرسل «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » هذه الآية من المتشابهات وقد اختلف في تأويله المفسّرون والروايات على وجوه :

الأوّل : أنّ المراد بالأمانة التكليف بالأوامر والنواهي ، والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال العرض على أهلها وعرضها عليهم هو تعريفه إيّاهم إذ في تضييع الأمانة الإثمّ العظيم ، وكذلك في ترك أوامر الله تعالى وأحكامه ، فبين سبحانه جرأة الإنسان على المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك ، فيكون المعنى عرضنا الأمانة على أهل السماوات والأرض والجبال من الملائكة والإنس والجنّ «فَأَبَيْنَ أنّ يَحْمِلْنَها » أي فأبى أهلهن أنّ يحملوا تركها وعقابها ، والمأثمّ فيها «وَأَشْفَقْنَ مِنْها » أي أشفقن أهلهنّ من حملها «وَحَمَلَهَا الإنسان إِنَّهُ كان ظَلُوماً » لنفسه بارتكاب المعاصي «جَهُولاً » بموضع الأمانة في استحقاق العقاب على الخيانة فيها ، فالمراد بحمل الأمانة تضييعها ، قال الزّجاج : كل من خان الأمانة فقد حملها ، ومن لم يحمل الأمانة فقد أدّاها.

والثاني : أنّ معنى عرضنا عارضنا وقابلنا ، فأنّ عرض الشيء على الشيء ومعارضته به سواء ، والمعنى أنّ هذه الأمانة في جلالة موقعها وعظم شأنها لو قيست السماوات والأرض والجبال وعورضت بها لكانت هذه الأمانة أرجح وأثقل وزناً ، ومعنى قوله : فأبين أنّ يحملنها ، ضعفن عن حملها ، كذلك وأشفقن منها لأنّ الشفقة ضعف القلب ، ولذلك صار كناية عن الخوف الذي يضعف عنده القلب ، ثمّ قال : أنّ هذه الأمانة التي من صفتها أنّها أعظم من هذه الأشياء العظيمة تقلدها الإنسان فلم يحفظها بل حملها وضيّعها لظلمة على نفسه ، ولجهله بمبلغ الثواب والعقاب.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٧١.

٨

________________________________________________________

والثالث : ما ذكره البيضاوي حيث قال تقرير للوعد السابق بتعظيم الطاعة ، وسماها أمانة من حيث إنهّا واجبة الأداء ، والمعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الأجرام العظام وكانت ذات شعور وإدراك لأبين أنّ يحملنها وَحَمَلَهَا الإنسان مع ضعف بنيته ورخاوة قوته لا جرم فأنّ الراعي لها والقائم بحقوقها بخير الدارين إِنَّهُ كان ظَلُوماً حيث لم يف بها ولم يراع حقها ، جَهُولاً بكنه عاقبتها ، وهذا وصف للجنس باعتبار الأغلب ، انتهى.

وقال الطبرسيقدس‌سره أنه على وجه التقدير أجرى عليه لفظ الواقع لأنّ الواقع أبلغ من المقدر معناه لو كانت السماوات والأرض والجبال عاقلة ، ثمّ عرضت عليها الأمانة وهي وظائف الدين أصولاً وفروعاً عرض تخيير لاستثقلت ذلك مع كبر أجسامها وشدتها وقوتها ، ولامتنعت من حملها خوفا من القصور عن أداء حقها ، ثمّ حملها الإنسان مع ضعف جسمه ، ولم يخف الوعيد لظلمة وجهله وعلى هذا يحمل ما روي عن ابن عباس أنها عرضت على نفس السماوات والأرض فامتنعت من حملها.

والرابع : أنّ معنى العرض والإباء ليس هو على ما يفهم بظاهر الكلام ، بل المراد تعظيم شأنّ الأمانة لا مخاطبة الجماد ، والعرب تقول : سألت الربع(١) وخاطبت الدار فامتنعت عن الجواب ، وإنّما هو إخبار عن الحال عبر عنه بذكر الجواب والسؤال ، وتقول : أتى فلان بكذب لا تحمله الجبال ، وقال سبحانه : «فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ »(٢) وخطاب من لا يفهم لا يصح ، فالأمانة على هذا ما أودع الله سبحانه السماوات والأرض والجبال من الدلائل على وحدانيته وربوبيته فأظهرتها والإنسان الكافر كتمها وجحدها لظلمة ويرجع إليه ما قيل : المراد بالأمانة الطاعة التي تعم الطبيعيّة والاختياريّة ، وبعرضها استدعاؤها

__________________

(١) الربع - كفَلس - المنزل ، قال جميل : « ألم تسمع الربع القواء فينطق * وهل يخبرنك اليوم بيداء سملق. ». (٢) سورة فصلت : ١١.

٩

________________________________________________________

الّذي يعمّ طلب الفعل من المختار وإرادة صدوره من غيره ، وبحملها الخيانة فيها والامتناع عن أدائها ، ومنه قولهم : حامل الأمانة ومحتملها لمن لا يؤديها وتبرأ ذمّته فيكون الإباء منه إتياناً بما يمكن أن يتأتىّ منها والظلم والجهالة للخيانة والتقصير.

والخامس : ما قيل : إنّه تعالى لـمّا خلق الله هذه الأجرام خلق فيها فهما وقال لها : إني قد فرضت فريضة وخلقت جنة لمن أطاعني فيها ، ونارا لمن عصاني فقلن :

نحن مسخرات على ما خلقنا لا نحتمل فريضة ولا نبتغي ثوابا ولا عقابا ، ولـمّا خلق آدمعليه‌السلام عرض عليه مثل ذلك فتحمّله ، وكان ظلوماً لنفسه بتحمله ما يشق عليها ، جهولا بوخامة عاقبته.

والسادس : ما قيل : أنّ المراد بالأمانة العقل والتكليف ، وبعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن ، وبآبائهن الإباء الطبيعي الّذي هو عدم اللياقة والاستعداد ، وبحمل الإنسان قابليته واستعداده لها ، وكونه ظلوماً جهولاً لـمّا غلب عليه من القوة الغضبية والشهوية ، وعلى هذا يحسن أنّ يكون علة للحمل عليه ، فأنّ من فوائد العقل أنّ يكون مهيمنا على القوتين حافظاً لهما عن التعدي ومجاوزة الحد ، ومعظم مقصود التكليف تعديلهما وكسر سورتهما.

والسابع : أنّ المراد بالأمانة أداء الأمانة ضد الخيانة أو قبولها ، وتصحيح تتمة الآية على أحد الوجوه المتقدمة.

والثامن : أنّ المراد بالأمانة والخلافة الكبرى ، وحملها ادعاؤها بغير حق ، والمراد بالإنسان أبو بكر ، وقد وردت الأخبار الكثيرة في ذلك أوردتها في كتاب الإمامة وغيرها من كتاب بحار الأنوار ، كما يدلّ عليه هذا الخبر ، وقد روي بأسانيد عن الرضاعليه‌السلام قال : الأمانة الولاية من ادّعاها بغير حق كفر ، وقال عليّ بن إبراهيم الأمانة هي الإمامة والأمر والنهي ، عرضت على السماوات والأرض والجبال فأبين أن

١٠

________________________________________________________

يحملنها قال : أبين أن يدّعوها أو يغصبوها أهلها ، وأشفقن منها وحملها الإنسان الأوّل إنه كان ظلوماً جهولاً ، وعن الصادقعليه‌السلام : الأمانة الولاية والإنسان أبو الشرور المنافق ، وعن الباقرعليه‌السلام : هي الولاية أبين أنّ يحملنها كفرا وحملها الإنسان والإنسان أبو فلان.

وممّا يدلّ على أنّ المراد بها التكليف ما روي أنّ عليّاً كان إذا حضر وقت الصلاة تغير لونه فسئل عن ذلك فقال : حضر وقت أمانة عرضها الله على السماوات والأرض والجبال فأبين أنّ يحملنها وأشفقن منها.

وممّا يدلّ على كون المراد بها الإمامة المعروفة ما في نهج البلاغة في جملة وصاياه للمسلمين : ثمّ أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها ، أنها عرضت على السماوات المبنية والأرض المدحوة ، والجبال ذات الطول المنصوبة ، فلا أطول ولا أعرض ولا أعظم منها ، ولو امتنع شيء بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن وهو الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا.

وعن الصادقعليه‌السلام أنهّ سئل عن الرجل يبعث إلى الرجل يقول : ابتع لي ثوبا فيطلب في السوق فيكون عنده مثل ما يجد له في السوق فيعطيه من عنده ، قال : لا يقربن هذا ولا يدنس نفسه أنّ الله عز وجل يقول : إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ « الآية ».

والحق أنّ الجميع داخل في الآية بحسب بطونها كما قيل : أنّ المراد بالأمانة التكليف بالعبودية لله على وجهها ، والتقرب بها إلى الله سبحانه كما ينبغي لكل عبدّ بحسب استعداده لها ، وأعظمها الخلافة الإلهية لأهلها ثمّ تسليم من لم يكن من أهلها لأهلها ، وعدم ادعاء منزلتها لنفسه ، ثمّ سائر التكاليف ، والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال النظر إلى استعدادهن لذلك ، وبآبائهن الإباء الطبيعي الّذي هو عبارة عن عدم اللياقة ، وتحمل الإنسان إياها تحمله لها من غير استحقاق تكبّراً على أهلها أو مع تقصيره بحسب وصف الجنس باعتبار الأغلب ، وهذه معانيها

١١

________________________________________________________

الكليّة ، وكلّ ما ورد في تأويلها في مقام يرجع إلى هذه الحقائق كما يظهر عند التدبّر والتوفيق من الله سبحانه.

قال السيّد المرتضىرضي‌الله‌عنه في أجوبة المسائل العكبريّة حيث سئل عن تفسير هذه الآية : إنه لم يكن عرض في الحقيقة على السماوات والأرض والجبال بقول صريح أو دليل ينوب مناب القول ، وإنّما الكلام في هذه الآية مجاز أريد به الإيضاح عن عظم الأمانة ، وثقل التكليف بها وشدته على الإنسان ، وأنّ السماوات والأرض والجبال لو كانت مما تقبل لأبت حمل الأمانة ولم يؤد مع ذلك حقها ، ونظير ذلك قوله تعالى : «تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا »(١) ومعلوم أنّ السماوات والأرض والجبال جماد لا تعرف الكفر من الإيمأنّ ، ولكن المعنى في ذلك إعظام ما فعله المبطلون وتفوه به الضالون وأقدم به المجرمون من الكفر بالله تعالى ، وأنه من عظمه جار مجرى ما يثقل باعتماده على السماوات والأرض والجبال وأنّ الوزر به كذلك ، وكان الكلام في معناه ما جاء به التنزيل مجازا واستعارة كما ذكرناه ، ومثل ذلك قوله تعالى : «وَأنّ مِنَ الْحِجارَةِ لـمّا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ »(٢) الآية ومعلوم أنّ الحجارة جماد لا يعلم فيخشى أو يحذر أو يرجو ويؤمل وإنّما المراد بذلك تعظيم الوزر في معصية الله تعالى وما يجب أنّ يكون العبدّ عليه من خشية الله وقد بين الله ذلك بقوله في نظير ما ذكرناه : «وَلَوْ أنّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ »(٣) الآية ، فبيّن بهذا المثل عن جلالة القران وعظم قدره وعلو شأنه ، وأنه لو كان كلام يكون به ما عده ووصفه لكان بالقران لعظم قدره على سائر الكلام.

وقد قيل : أنّ المعنى في قوله : «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » عرضها على أهل السماوات وأهل الأرض وأهل الجبال ، والعرب تخبر عن أهل الموضع بذكر الموضع ويسميهم

__________________

(١) سورة مريم : ٩٠. (٢) سورة البقرة : ٧٤.

(٣) سورة الرعد : ٣١.

١٢

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن الحسن بن موسى الخشّاب ، عن عليّ بن حسان ، عن عبد الرَّحمن بن كثير ، عن أبي عبدّ اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل [ و ] «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ »(١) قال بما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله

________________________________________________________

باسمه قال الله تعالى : «وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ »(٢) يريد أهل القرية وأهل العير ، وكان العرض على أهل السماوات وأهل الأرض ، وأهل الجبال قبل خلق آدم ، وخيّروا بين التكليف لما كلّفه آدم وبنوه فأشفقوا من التفريط فيه واستعفوا منه فاعفوا ، فتكّلفه الإنسان ففرط فيه ، وليست الآية على ما ظنه السائل أنها هي الوديعة وما في بابها ولكنّها التكليف الّذي وصفناه ، ولقوم من أصحاب الحديث الذاهبين إلى الإمامة جواب تعلقوا به من جهة بعض الأخبار وهي أنّ الأمانة هي الولاية لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإنّما عرضت قبل خلق آدم على السماوات والأرض والجبال ليأتوا بها على شروطها فأبين من حملها على ذلك خوفاً من تضييع الحق فيها ، وكلفها الناس فتكلفوها ولم يود أكثرهم حقّها ، انتهى.

وأقول : إذا عرفت هذه المعاني وأحطت بما حققنا سابقاً يمكن حمل الخبر على أنّ المراد مطلق التكليف ، وإنّما خصعليه‌السلام الولاية بالذكر لأنّها هي العمدة في التكاليف والشرط في صحّة باقيها وصونها وحفظها والله يعلم.

الحديث الثالث : ضعيف.

والآية في سورة الأنعام وتمامها : «أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ »(١) وقال الطبرسي (ره) : الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ، معناه عرفوا الله تعالى وصدقوا به وبما أوجبه عليهم ولم يخلطوا ذلك بظلم والظلم هو الشرك عن ابن عباس وأكثر المفسرين ، وروي عن أبي بن كعب أنه قال : ألم تسمع قوله سبحانه : «أنّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ »(٣) وهو المرويّ عن سلمان وحذيفة ، وروي عن ابن مسعود قال

__________________

(١) سورة الأنعام : ٨١. (٢) سورة يوسف : ٨٢.

(٣) سورة لقمان : ١٣.

١٣

من الولاية ولم يخلّطوها بولاية فلان وفلان فهو الملبّس بالظلم

________________________________________________________

لـمّا نزلت هذه الآية شق على الناس وقالوا : يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه؟ فقالعليه‌السلام : ليس الّذي تعنون ألم تسمعوا إلى ما قال العبدّ الصالح : «يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ أنّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » وقال الجبائي والبلخي : يدخل في الظلم كل كبيرة تحط ثواب الطاعة «أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ » من الله بحصول الثواب والأمأنّ من العقاب «وَهُمْ مُهْتَدُونَ » أي محكوم لهم بالاهتداء إلى الحق والدين وقيل : إلى الجنة ، انتهى.

واختلف في تأويلها في أخبارنا فعن أبي بصير عن أبي عبدّ اللهعليه‌السلام قال : قلت : «الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ » الزنا منه؟ قال : أعوذ بالله من أولئك ، لا ولكنه ذنب إذا تاب تاب الله عليه ، وقال : مدمن الزنا والسرقة وشارب الخمر كعابدّ الوثن.

وعن يعقوب بن شعيب عنهعليه‌السلام قال : الضلال فما فوقه ، وعن أبي بصير عنهعليه‌السلام قال : «بِظُلْمٍ » أي بشك ، ويظهر من بعضها أنّ المراد جميع المعاصي ويمكن حمله في الخبر على جميع ما يخرج من الدين ، ويكون تخصيص الولاية لأنها العمدة والأهم والمختلف فيه بين المسلمين.

قوله : وهو الملبّس بكسر الباء المشدّدة فالضمير راجع إلى الرجل الّذي خلط ولاية الحق بالباطل أو بفتحها ، فالضمير راجع إلى الإيمان الملبّس ، وفي القاموس : لبس عليه الأمر يلبسه خلطه وألبسه غطّاه وأمر ملبّس وملتبس مشتبه ، والتشبيه ، التخليط والتدليس ولا تقل ملبّس ، انتهى.

ويظهر من الخبر أنّه يأتي الملبّس على بعض الوجوه ، وقال بعضهم : الملبس بكسر الميم وسكون اللام اسم آلة والمراد أنّ قوله لم يلبسوا من قبيل الكناية ، فأنّ الخلط آلة اللبس وملزوم له ، ولا يخفى بعده.

١٤

٤ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن محبوب ، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال سألت أبا عبدّ اللهعليه‌السلام - عن قول الله عز وجل «فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ »(١) فقال عرف الله إيمانهم بولايتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق في صلب آدمعليه‌السلام وهم ذر.ّ

٥ - أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن محبوب ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله عز وجل «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ »(٢)

________________________________________________________

الحديث الرابع : حسن والآية في سورة التغابن هكذا : «هُوَ الّذي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ » والتقديم إما من النساخ أو كان في مصحفهمعليهم‌السلام هكذا ، ونقل بالمعنى من الراوي ، وسيأتي هذا الخبر بعينه بهذا السند في أواخر الباب مع زيادة موافقا لـمّا في المصاحف ، فالظاهر أنه هنا من النساخ ، وقيل : إنّما قدم الكافر لأنهم أكثر والمعنى أنه يصير كافراً أو في علم الله أنه كافر والظاهر أنّ تأويلهعليه‌السلام يرجع إلى الثاني أي في تكليفهم الأوّل وهم ذر كان يعرّف من يؤمن ومن لا يؤمن فكيف عند خلق الأجساد ، وعلى هذا يقرأ عرف على بناء المجرد ، ويمكن أنّ يقرأ على بناء التفعيل فالمراد بالخلق خلق الأجساد ، فالمعنى أنه حين خلقكم كان بعضكم كافراً لكفره في الذرّ وبعضكم مؤمناً لإيمانه في الذرّ ، والذرّ بالفتح جمع ذرة صغار النمل مائة منها بوزن حبّة شعير ، ويطلق على ما يرى في شعاع الشمس النافذة من الكوّة.

قوله : في صلب آدم ، أي حين كونهم أجزاء من صلب آدم وأنّ خرجوا منه حين الميثاق ، وكما سيأتي في كتاب الإيمان والكفر وأنّ احتمل أنّ يكون الميثاق مرّتين ، مرّة حين كونها في الصلب ومرّة بعد خروجها.

الحديث الخامس : مجهول.

«يُوفُونَ بِالنَّذْرِ » قال في القاموس : نذر على نفسه ينذر وينذر نذراً ونذوراً

__________________

(١) سورة التغابن : ٣. (٢) سورة الدهر : ٥.

١٥

الّذي أخذ عليهم من ولايتنا.

٦ - محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ

________________________________________________________

أوجبه ، والنذر ما كان وعداً على شرط ، وما ذكرهعليه‌السلام من تأويل الإيفاء بالنذر بالوفاء في عالم الأجساد بما أوجب على نفسه من ولاية النبي والأئمة صلوات الله عليهم في الميثاق بطن من بطون الآية ، فلا ينافي ظاهره من الوفاء بالنذر والعهود المعهود في الشريعة ، وما ورد أنها نزلت في نذر أهل البيتعليهم‌السلام الصوم لشفاء الحسنينعليهما‌السلام كما رواه الصدوق في مجالسه وغيره.

ويمكن أنّ يكون المراد بالنذر مطلق العهود مع الله أو مع الخلق أيضاً وخصوص سبب النزول لا يصير سببا لخصوص الحكم والمعنى ، واكتفىعليه‌السلام هنا بذكر الولاية لكونها الفرد الأخفى ويؤيده أنّ سابق الآية مسوقة لذكر مطلق الأبرار وأنّ كان المقصود الأصلي منها الأئمة الأطهار.

وأقول : سيأتي في آخر الباب رواية كبيرة عن محمّد بن الفضيل باختلاف في أول السند ، قلت : قوله : «يُوفُونَ بِالنَّذْرِ »؟ قال : يوفون لله بالنذر الّذي أخذ عليهم في الميثاق من ولايتنا ، فهنا إما سقط أو اختصار مخل.

الحديث السادس : مجهول كالصحيح.

والآية في المائدة هكذا : «وَلَوْ أنّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ،وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ » وإقامة التوراة والإنجيل ترك تحريفهما لفظا ومعنى ، وإذاعة ما فيهما من البشارة بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغير ذلك والقيام بأحكامهما ، وما أنزل إليهم قبل يعني سائر الكتب المنزلة ، فإنّها من حيث إنهم مكلفون بالإيمان بها كالمنزل إليهم القرآن.

وقولهعليه‌السلام : الولاية ، الظاهر أنه تفسير لـمّا أنزل إليهم ، وعلى الثاني ظاهر

١٦

وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ »(١) قال الولاية.

٧ - الحسين بن محمّد الأشعريّ ، عن معلى بن محمّد ، عن الوشاء ، عن مثنى ، عن زرارة ، عن عبدّ الله بن عجلان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله تعالى : «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى »(٢) قال هم الأئمةعليهم‌السلام

________________________________________________________

فأنّ الولاية داخلة فيما أنزل إليهم في القران بل أكثره فيها كما مرّ أو هو تفسير لإقامة ما أنزل إليهم فأنّ إقامة القران لفظاً ومعنى لا يتمّ إلّا بولاية الأئمةعليهم‌السلام لأنّهم الحافظون له والعالمون بمعناه ، وعلى الأوّل أيضاً صحيح لأنّ ولاية الرسول وأهل بيتهعليهم‌السلام داخلة فيما أنزل الله على جميع الرسل كما ورد في أخبار كثيرة ، وعلى هذا الوجه يمكن أنّ يكون تفسيراً لإقامة التوراة والإنجيل أيضاً.

وأمّا الأكل من فوقهم ومن تحت أرجلهم فقيل : المعنى لوسّع عليهم أرزاقهم بأنّ يفيض عليهم بركات السماء والأرض أو يكثر ثمرّة الأشجار وغلة الزرع أو يرزقهم الجنان اليانعة الثمار فيجتنونها من رأس الشجر ويلتقطون ما تساقط على الأرض.

وأقول : يمكن أنّ يراد به الأغذية الروحانية مما نزل من السماء ، وممّا يستنبطونه بأفكارهم من المعارف ، كما مرّ في قوله تعالى : «فَلْيَنْظُرِ الإنسان إِلى طَعامِهِ »(٣) قالعليه‌السلام : علمه الّذي يأخذه عمن يأخذه.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » قد مرّ الكلام في هذه الآية وأنها نازلة في مودتهمعليهم‌السلام ، وقد اعترف المخالفون أيضاً بذلك ، قال البيضاوي :

«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ » أي على ما تعاطاه من التبليغ والبشارة «أَجْراً » نفعاً منكم «إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » أنّ تودوني لقرابتي منكم أو تودوا قرابتي ، وقيل : الاستثناء منقطع ، والمعنى لا أسئلكم أجراً قط ولكن أسئلكم المودة و «فِي الْقُرْبى » حال منها ، روي أنّها لـمّا نزلت قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء؟ قال : عليّ وفاطمة وابناهما

__________________

(١) سورة المائدة : ٦٥. (٢) سورة الشورى : ٢٢.

(٣) سورة عبس : ٢٤.

١٧

________________________________________________________

ثمّ قال : «وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً » ومن يكتسب طاعة سيّما حبّ آل الرسول.

وروى الفخر الرازي إمامهم أخبارا كثيرة في ذلك قد أسلفنا بعضها في باب نصّ الرسول على الأئمة واحدا بعد واحد ، وذكر دلائل كثيرة على أنّ المراد بذوي القربى عليّ وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ، ثمّ قال : وروى صاحب الكشّاف أنه لـمّا نزلت هذه الآية قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودّتهم فقال : عليّ وفاطمة وابناهما.

ثمّ قال : فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإذا ثبت هذا وجب أنّ يكونوا مخصوصين بمزيد التعظيم ويدلّ عليه وجوه :

الأول : قوله تعالى : «إلّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى » ووجه الاستدلال به ما سبق.

الثاني : لـمّا ثبت أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحبّ فاطمة ، قالعليه‌السلام : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ، وثبت بالنقل المتواتر عن محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يحبّ عليّاً والحسن والحسينعليهم‌السلام وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله لقوله تعالى : «وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ »(١) ولقوله تعالى : «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ »(٢) ولقوله تعالى : «قُلْ أنّ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ »(٣) ولقوله : «لَقَدْ كان لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ »(٤) .

الثالث : أنّ الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلوات ، وهو قوله : اللّهم صلى على محمّد وآل محمّد وارحم محمّداً وآل محمّد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب.

وقال الشافعي :

يا راكباً قف بالمحصّب من منى

واهتف بساكن خيفها والناهض

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٥٨. (٢) سورة النور : ٦٣.

(٣) سورة آل عمران : ٣١. (٤) سورة الأحزاب : ٢١.

١٨

٨ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن عليّ بن أسباط ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدّ اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ » في ولاية عليّ و [ ولاية ] الأئمّة من بعده «فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً »(١) هكذا نزلت.

٩ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن أحمد بن النضر ، عن محمّد بن مروأنّ رفعه إليهم في قول الله عز وجل : «وَما كان لَكُمْ أنّ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ »(٢) في عليّ والأئمّة : «كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا »(٣)

________________________________________________________

متنحّراً إذا فاض الحجيج إلى منى

فيضاً كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضاً حبّ آل محمّد

فليشهد الثقلان إنّي رافضي

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

« هكذا نزلت » ظاهره أنّ الآية كانت هكذا ، وربمّا يأول بأنّ معناه ذلك أو هي العمدة في ذلك ، إذ الإطاعة في سائر الأمور لا تتم إلّا بذلك ، ويؤيّده أنّها وردت بعد قوله سبحانه : «وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » وقد مرّ أنّها في الإمامة.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

وضمير « إليهم » راجع إلى الأئمّةعليهم‌السلام وهذا كأنّه نقل للآية بالمعنى ، لأنه قال تعالى في سورة الأحزاب : «وَما كان لَكُمْ أنّ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أنّ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً » وقال بعد ذلك بفاصلة : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا » فجمععليه‌السلام بين الاثنين وأفاد مضمونها ، ويحتمل أنّ يكون في مصحفهمعليهم‌السلام كذلك لكنّه بعيد ، ويمكن أنّ يكون إيذاء موسى أيضاً لوصيّه هارون ، قال البيضاوي «فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا » فأظهروا(٤) برائته من

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٧٠.(٢) سورة الأحزاب : ٥٣.

(٣) سورة الأحزاب : ٩.(٤) كذا في النسخ والظاهر « فأظهر ».

١٩

١٠ - الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن السيّاري ، عن عليّ بن عبدّ الله قال سأله رجل عن قوله تعالى : «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى »(١) قال من قال بالأئمّة واتّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.

١١ - الحسين بن محمّد ، عن عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن محمّد بن عبدّ الله رفعه في قوله تعالى : «لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ.* وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ.* وَوالِدٍ وَما وَلَدَ »(٢) قال

________________________________________________________

مقولهم يعني مؤدّاه ومضمونه ، وذلك أنّ قارون عرض امرأة على قذفه بنفسها ، فعصمه الله تعالى كما مرّ ، واتهمه ناس بقتل هارون لـمّا خرج معه إلى الطور فمات هناك فحملته الملائكة ومروا بهم حتّى رأوه غير مقتول ، وقيل : أحياه الله تعالى فأخبرهم ببراءته أو قذفوه بعيب في بدنه من برص أو أدرة لفرط تستره حياءا فأطلعهم الله على أنه بريء منه.

الحديث العاشر : كالسابق.

والضمير كأنّه للجواد أو الهاديعليهما‌السلام ، والآية في سورة طه هكذا : «قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى » فالمراد بالهدي الرسول والكتاب النازلأنّ في كلّ أمّة ، واتباع الهداية إنّما يكون بمتابعة أوصيائهم ومصداقه في هذه الأمّة الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام ومتابعتهم ، فمن قال بهم واتبع أمرهم ولم يتجاوز عن طاعتهم فلا يضل في الدنيا عن طريق الحق ، ولا يشقي في الآخرة باستحقاق العقوبة ، والهدى مصدر بمعناه أو بمعنى الفاعل للمبالغة ويستوي فيه الواحد والجمع.

الحديث الحادي عشر : كالسابق.

«لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ » قيل : لا للنفي إذ الأمرّ أوضح من أنّ يحتاج إلى قسم أو أقسم ولا مزيدة للتأكيد ، أولأ نا أقسم فحذف المبتدأ وأشبع فتحة لام الابتداء ، أو « لا » رد لكلام يخالف المقسم عليه ، قال البيضاوي : أقسم سبحانه بالبلد الحرام

__________________

(١) سورة الحج : ١٢٢.(٢) سورة البلد : ١ - ٣.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380