مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 4323 / تحميل: 6982
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

المعاش فقال يا حكم كلنا قائم بأمر الله قلت فأنت المهدي قال كلنا نهدي إلى الله قلت فأنت صاحب السيف قال كلنا صاحب السيف ووارث السيف قلت فأنت الذي تقتل أعداء الله ويعز بك أولياء الله ويظهر بك دين الله فقال يا حكم كيف أكون أنا وقد بلغت خمسا وأربعين سنة وإن صاحب هذا الأمر أقرب عهدا باللبن مني وأخف على ظهر الدابة

إِلاَّ أَنْ يُهْدى » (١) والأول أظهر.

« ووارث السيف » إشارة إلى أن الجفر الأحمر عنده ، قوله عليه‌السلام : أقرب عهدا باللبن مني ، أي يرى عند خروجه أقل سنا مني وأقوى.

كما رواه الصدوق في الإكمال بإسناده عن الريان بن الصلت قال : قلت للرضا عليه‌السلام أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال : أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملاها عدلا كما ملئت جورا ، وكيف أكون ذاك على ما ترى من ضعف بدني ، وأن القائم هو الذي إذا خرج كان في سن الشيوخ ومنظر الشباب ، قويا في بدنه حتى لو مد يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها ، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها ، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان ، يغيبه الله في ستره ما شاء الله ، ثم يظهره فيملأ به الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما.

وقيل : المراد أنه أقرب عهدا باللبن عند إمامته لأنه عليه‌السلام كان سنه عند إمامته ثمانا وثلاثين سنة ، والقائم عليه‌السلام كان سنه في بدو الإمامة خمسا فذكر الخمس والأربعين لبيان أنه كان عند الإمامة أسن لأنه كان معلوما أن من وقت الإمامة إلى زمان السؤال كانت سبع سنين والأول أظهر ، وكان حمل الإمام عليه‌السلام كلام السائل على المحامل التي يعلم عليه‌السلام أنه ليس مرادا للمضايقة عن التصريح بأن الفرج لا يأتي على يده لبعض ما ذكرنا من الوجوه ، أو لئلا يتوهم الراوي وغيره أنه إنما يجب ملازمة صاحب السيف ومتابعته وطاعته دون غيره ، بل يعلموا أن كلهم مشتركون في جميع ذلك.

__________________

(١) سورة يونس : ٣٥.

٢٤١

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه سئل عن القائم فقال كلنا قائم بأمر الله واحد بعد واحد حتى يجيء صاحب السيف فإذا جاء صاحب السيف جاء بأمر غير الذي كان.

٣ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم البطل ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ » (١) قال إمامهم الذي بين أظهرهم وهو قائم أهل زمانه.

باب

صلة الإمام عليه السلام

١ ـ الحسين بن محمد بن عامر بإسناده رفعه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من زعم أن الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر إنما الناس يحتاجون أن يقبل

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

« غير الذي كان » من الخروج بالسيف والحكم بعلمه ، وقتل مانع الزكاة وقطع أيدي بني شيبة ، والمنع عن الميازيب ، وسائر ما يضر بالطريق ، وهدم المنارات والمقاصير وسائر ما ورد أنه عليه‌السلام يفعله عند ظهوره.

الحديث الثالث : ضعيف.

وذكره في الباب لإطلاق القائم على كل إمام وقد مر الكلام في مضمونه.

باب صلة الإمام عليه‌السلام

الحديث الأول : مرفوع.

« فهو كافر » أي غير عارف بفضل الإمام وإنه قادر على قلب الجبال ذهبا بدعائه فالكفر في مقابلة الإيمان الكامل ، أو محمول على ما إذا كان ذلك على وجه التحقير والإزراء بشأنه عليه‌السلام « يحتاجون » أي لمغفرتهم ورفع درجاتهم وتضاعف حسناتهم

__________________

(١) سورة الإسراء : ٧١.

٢٤٢

منهم الإمام قال الله عز وجل : « خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها » (١)

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن عيسى بن سليمان النحاس ، عن المفضل بن عمر ، عن الخيبري ويونس بن ظبيان قالا سمعنا أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ما من شيء أحب إلى الله من إخراج الدراهم إلى الإمام وإن الله ليجعل له الدرهم في الجنة مثل جبل أحد ثم قال إن الله تعالى يقول في كتابه « مَنْ

وتكفير سيئاتهم ، والمراد بالصدقة في الآية إما الزكاة أو مطلق الصدقات الشاملة للواجبة والمستحبة كما روي أنها نزلت في المتخلفين عن غزوة تبوك لما تابوا وقبل الله توبتهم ، بعد أن أوثقوا أنفسهم بسواري (٢) المسجد ثم حلوا وأطلقوا بعد قبول توبتهم قالوا : يا رسول الله هذه أموالنا التي خلفتنا فتصدق بها وطهرنا فنزلت ، فعلى هذا الاستدلال بالآية مبني على أنه إذا كانت الصدقة التي تدفع إلى المستحقين بهذه المنزلة كان صرف الخمس والهدية إلى الإمام عليه‌السلام كذلك بطريق أولى ، ويحتمل أن تكون الصدقة في الآية شاملة لصلة الإمام والخمس أيضا فالاستدلال بها ظاهر.

وقوله : تطهرهم ، استئناف أو نعت لصدقة والتطهير عند التنجيس والتزكية ضد التنقيص فالأول في النفس والثاني في المال ، وقيل : التطهير عن الذنوب أو حب المال والبخل « وتزكيهم » تنمي بها حسناتهم وترفعهم إلى منازل المخلصين ، فظهر من الآية أن نفع الصدقات يصل إلى المعطي لا إلى الرسول والإمام عليهما‌السلام

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« ما من شيء » من مزيدة لتأكيد العموم أي من جملة الإخراجات والعطايا والصدقات « أحب » بالنصب أي أشد محبوبية ، وذكر الدراهم من قبيل المثال « ليجعل له » أي للمخرج أو للإمام والأول أظهر « مثل جبل أحد » لعله من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس أي ثوابه من بين سائر المثوبات في العظم كجبل أحد من بين الأجسام المحسوسة أو المعنى أنه يجعل ثواب إخراج درهم مثل ثواب إخراج مثل جبل أحد

__________________

(١) سورة التوبة : ١٠٤.

(٢) جمع السارية : الأسطوانة.

٢٤٣

ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً » (١) قال هو والله في صلة الإمام خاصة.

٣ ـ وبهذا الإسناد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن معاذ صاحب الأكسية قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إن الله لم يسأل خلقه ما في أيديهم قرضا من حاجة به إلى ذلك وما كان لله من حق فإنما هو لوليه.

من الدراهم إلى غير الإمام ، ويحتمل أن يكون إخراج الدراهم إلى الإمام أعم من صلة الإمام بحيث يشمل ما يخرج إليه من الزكوات والصدقات فإنه أعرف بمواقعها.

وذهب المفيد وأبي الصلاح إلى وجوب إخراج الصدقات إليه عليه‌السلام عند التمكن وإلا إلى الفقيه الجامع لشرائط الفتوى.

« مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ » قال البيضاوي من استفهامية مرفوع الموضع بالابتداء ، وذا خبره والذي صفة ذا وبدله ، وإقراض الله مثل لتقديم العمل الذي يطلب به ثوابه « قَرْضاً حَسَناً » أي إقراضا مقرونا بالإخلاص وطيب النفس أو مقرضا حلالا طيبا ، وقيل : القرض الحسن المجاهدة والإنفاق في سبيل الله « فَيُضاعِفَهُ لَهُ » فيضاعف جزاؤه ، أخرجه على صورة المغالبة للمبالغة « أَضْعافاً كَثِيرَةً » لا يقدرها إلا الله وقيل : الواحد بسبعمائة وأضعافا جمع ضعف ، ونصب على الحال من الضمير المنصوب أو المفعول الثاني لتضمن المضاعفة معنى التصيير أو المصدر على أن الضعف اسم المصدر وجمعه للتنويع ، انتهى.

« هو والله » الضمير راجع إلى مصدر يقول والمقصود أن جعل الله نفسه مقترضا مع أنه الغنى المطلق مبني على أنه في حق خليفته خاصة.

الحديث الثالث : كالسابق.

« لوليه » أي من جعله الله أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أقول : يحتمل أن يكون هذا بيانا لمورد نزول الآية وإن كانت عامة تشمل سائر الصدقات والقربات.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٤٦.

٢٤٤

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيم عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل « مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ » (١) قال نزلت في صلة الإمام.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن مياح ، عن أبيه قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام يا مياح درهم يوصل به الإمام أعظم وزنا من أحد.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال درهم يوصل به الإمام أفضل من ألفي ألف درهم فيما سواه من وجوه البر.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إني لآخذ من أحدكم الدرهم وإني لمن أكثر أهل المدينة مالا ما أريد بذلك إلا أن تطهروا.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف وعلى ما ذكرنا من الوجه الأول في الخبر الثاني لا ينافي الأعظمية المساواة وعلى الثاني لعل الاختلاف باعتبار اختلاف الإخلاص وحلية المال ومعرفة المعطي وغير ذلك.

الحديث السادس : مرسل.

الحديث السابع : موثق كالصحيح.

« إلا أن تطهروا » أي من السيئات وذمائم الأخلاق.

__________________

(١) سورة الحديد : ١١.

٢٤٥

باب

الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

إن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة « إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً » (١) فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا وهو أن يفيء

باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه

قوله (ره) : حيث يقول ، التعليل من جهة أن خليفة الرجل من يقوم مقامه ويسد. مسده والهاء فيه للمبالغة تدل على أن للإمام التصرف في الأرض كيف شاء ، كما أن لله عز وجل التصرف فيها ثم صار لأبرار ولده لأنهم أيضا خلفاء الله « فما غلب عليه » أي تصرف فيه « أعداؤهم » أي أعداء الخلفاء « أو غلبة » بأن انهزموا وتركوا الأرض خوفا قبل وقوع الحرب.

وقال الراغب في المفردات : الفيء والفيئة الرجوع إلى حالة محمودة قال : « حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ » (٢) وقال : « فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما » (٣) ومنه فاء الظل ، والفيء لا يقال إلا للراجع منه ، قال تعالى : « أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ » (٤) وقيل : الغنيمة التي لا تلحق فيها مشقة فيء قال تعالى : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » (٥) « وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ » (٦) وقال : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ » (٧) قال بعضهم : سمي ذلك بالفيء تشبيها بالفيء الذي هو الظل تنبيها على أن أشرف أعراض الدنيا يجري مجرى ظل زائل.

__________________

(١) سورة البقرة : ٣٠.

(٣ و ٢) سورة الحجرات : ٩.

(٤) سورة النحل : ٤٨.

(٥) سورة الحشر : ٧.

(٦) سورة الأحزاب : ٥٠.

(٧) سورة الحشر : ٦.

٢٤٦

إليهم بغلبة وحرب وكان حكمه فيه ما قال الله تعالى « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ

وقال في النهاية : قد تكرر ذكر الفيء على اختلاف تصرفه وهو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد ، وأصل الفيء الرجوع ، يقال : فاء يفيء فيئه وفيوءا كأنه في الأصل لهم ، ثم رجع إليهم ، ومنه قيل : للظل الذي يكون بعد الزوال : فيء ، لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق ، انتهى.

وأقول : ما ذكره المصنف (ره) من تفسير الفيء مخالف لكلام أكثر اللغويين وظواهر الآيات والأخبار ، لقوله تعالى : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ » وقال سبحانه : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ »

وروى الشيخ في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الغنيمة قال : يخرج منها الخمس ويقسم ما بقي بين من قاتل عليه وولي ذلك وأما الفيء والأنفال فهو خالص لرسول الله.

وعنه أيضا في حديث طويل قال : وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهذا كله من الفيء ، والأنفال لله وللرسول يضعه حيث يحب.

وعنه عليه‌السلام أيضا في حديث طويل قال : الفيء ما كان من أموال لم يكن فيها من هراقة دم ، والأنفال مثل ذلك بمنزلته ، نعم الفيء قد يطلق على ما يعم الغنيمة والأنفال بل الخراج أيضا.

وأما تفسير آية الخمس فقال المحقق الأردبيلي قدس‌سره قال في مجمع البيان « اللغة » : الغنيمة ما أخذ من أموال الحرب من الكفار أي الذي أخذتموه من الكفار قهرا وفيهما قصور والمقصود أن المراد بها هنا غنائم دار الحرب التي هي أحد الأمور السبعة التي يجب فيها الخمس عند أكثر أصحابنا ، وهي غنيمة دار الحرب وأرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد مؤنة السنة لأهله على الوجه المتعارف اللائق

٢٤٧

فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ » (١) فهو لله

من غير إسراف وتقتير والمعادن والكنوز وما يخرج بالغوص ، والحلال المختلط بالحرام مع جهل القدر والمالك ، وأرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ، وضم الحلبي إليها الميراث والهبة والهدية والصدقة ، وأضاف الشيخ العسل الجبلي والمن وأضاف الفاضلان الصمغ وشبهه.

ومستحقه على المشهور أيضا المذكورون فيقسم ستة أقسام سهم الله وسهم رسوله للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذا سهم ذي القربى يضعه حيث يشاء من المصالح ، وحال عدمه عليه‌السلام للإمام القائم مقامه والنصف الآخر للمذكورين من بني هاشم ، وذلك للروايات عن أهل البيت عليهم‌السلام

وذكر في ( ف ) و ( ى ) أيضا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : المراد أيتامنا ومساكيننا وأبناء سبيلنا ، وللخمس أحكام يعلم من الكتب الفرعية.

والذي ينبغي أن يذكر هنا مضمون الآية فهي تدل على وجوبه في غنائم دار الحرب مما يصدق عليه شيء أي شيء كان منقولا وغير منقول. قال في الكشاف : حتى الخيط والمخيط ، فإن المتبادر من الغنيمة هنا هي ذلك.

ويؤيده تفسير المفسرين به ، وكون ما قبل الآية وما بعدها في الحرب مثل « يَوْمَ الْفُرْقانِ » أي يوم حصل الفرق بين الحق والباطل فيه بأن غلب الحق عليه ، ويوم التقى الجمعان ، المسلمون والكفار والدلالة على الوجوب يفهم من وجوه التأكيد المذكورة فيها التصدير بالعلم ، وليس المراد العلم فقط بل العلم المقارن للعمل ، فإن مجرد العلم لا ينفع بل يصير وبالا عليه ، ومعلوم أن ليس المطلوب في مثل هذه الأمور العلم بها وهو ظاهر ، وتقييده بالإيمان أي إن كنتم آمنتم بالله وبما أنزل من الفتح والنصرة يوم الفرقان فاعلموا أن ما غنمتم فجزاؤه محذوف من جنس ما قبله بقرينته ولكن لا مجرد العلم بل المقارن للعمل كما مر فتأمل.

وذكر الجملة الخبرية وتكرار أن المؤكدة وحذف الجر لإفادته العموم ذكره ( ف ) حيث قال : « فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ » مبتدأ خبره محذوف ، تقديره فحق أو واجب

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤٢.

٢٤٨

وللرسول ولقرابة الرسول فهذا هو الفيء الراجع وإنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فأخذ منهم بالسيف وأما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه « بخَيْلٍ

أن لله خمسه ، ويحتمل أن يكون خبر مبتدإ محذوف تقديره فالحكم أن لله ( إلخ ) على ما قيل ، بل هذا أولى ، والمجموع خبر أن الأولى وصح دخول الفاء في الخبر لكون الاسم موصولا.

ثم إنه يفهم سن ظاهر الآية وجوب الخمس في كل غنيمة وهو في اللغة بل العرف أيضا الفائدة ، ويشعر به بعض الأخبار مثل ما روي في التهذيب بإسناده عن أبي عبد الله قال : قلت له : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ » الآية قال : هي والله الفائدة يوما فيوما إلا أن أبي جعل شيعتنا من ذلك في حل ليزكوا ، إلا أن الظاهر أنه لا قائل به ، فإن بعض العلماء يجعلونه مخصوصا بغنائم دار الحرب كما عرفت ، وبعضهم ضموا إليه المعادن والكنوز وبعض أصحابنا يحصره في السبعة المذكورة ، وقليل منهم أضاف إليها بعض الأمور الأخر كما أشرنا إليه.

ثم قال (ره) : نعم قال في مجمع البيان بعد ما نقلنا منه في الغنيمة موافقا لجمهور المفسرين أن معناه في اللغة ذلك ، قال بعض أصحابنا : إن الخمس واجب في كل فائدة تحصل للإنسان من المكاسب وأرباح التجارات ، وفي الكنوز والمعادن والغوص وغير ذلك مما هو مذكور في الكتب.

ويمكن أن يستدل على ذلك بهذه الآية فإن في عرف اللغة يطلق على جميع ذلك اسم الغنم والغنيمة ، والظاهر أن مراده ما ذهب إليه أكثر الأصحاب من الأمور السبعة فإنه نسبه إلى أصحابنا والظاهر منه الجميع أو الأكثر ، وليس وجوبه في كل فائدة قولا لأحد منهم على الظاهر ، وأيضا قال مذكور في الكتب وليس ذلك مذكورا في الكتب ، فكأنه أشار إلى إمكان الاستدلال لمذهب الأصحاب بالآية الشريفة إلزاما للعامة فإنهم يخصونه بغنائم دار الحرب وذلك غير جيد ، انتهى.

٢٤٩

وَلا رِكابٍ » فهو الأنفال هو لله وللرسول خاصة ليس لأحد فيه الشركة وإنما جعل

قوله : فهو الأنفال ، إشارة إلى قوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » وإلى قوله سبحانه : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا » (١) وقالوا : الأنفال جمع نفل وهو الزيادة على الشيء ، وقيل : العطية واختلف المفسرون هيهنا فأكثرهم على أنها في غنائم بدر ، قال في مجمع البيان : فقيل : هي الغنائم التي قسمها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر ، وقيل : هي أنفال السرايا ، وقيل ما وصل من المشركين إلى المسلمين بغير قتال أو ما أشبه ذلك عن عطاء قال : هو للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة يعمل به ما شاء ، وقيل : هو ما سقط من المتاع بعد قسمة الغنائم من الفرس والدرع والرمح عن ابن عباس في رواية ، وروى عنه أيضا أنه سلب الرجل وفرسه ينفل النبي من شاء ، وقيل : هو الخمس الذي جعله الله لأهل الخمس ، وصحت الرواية عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام قالا : إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال ، وكل أرض انجلى عنها أهلها بغير قتال ، ويسميها الفقهاء فيئا ، وميراث من لا وارث له ، وقطائع الملوك إذا كانت في أيديهم بغير غصب ، والآجام وبطون الأودية والأرضون الموات وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه وقال : هي لله وللرسول وبعده لمن قام مقامه يصرفه حيث شاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شيء ، وقالا : إن غنائم بدر كانت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة فسألوه أن يعطيهم وقد صح أن قراءة أهل البيت عليهم‌السلام « يسألونك الأنفال » قال : إنه قرأ كذلك ابن مسعود وسعد ابن أبي وقاص وعلي بن الحسين وأبو جعفر وأبو عبد الله عليهم‌السلام ثم قال : فقال هؤلاء : إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم وأعلمهم الله أن ذلك لله وللرسول وليس

__________________

(١) سورة الحشر : ٦ ـ ٧.

٢٥٠

الشركة في شيء قوتل عليه فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم

لهم في ذلك شيء ، وروي ذلك عن ابن عباس وغيره ، وقالوا : إن عن صلة ومعناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم ، انتهى.

وذهب جماعة من المفسرين إلى أن الآية منسوخة بآية الخمس ، وقيل : لا ، وفي مجمع البيان اختار الثاني ، وقال : هو الصحيح لأن النسخ يحتاج إلى دليل ولا تنافي بين هذه الآية وآية الخمس.

قال العلامة قدس‌سره إن الغنيمة كانت محرمة فيما تقدم من الأديان وكانوا يجمعون الغنيمة فينزل النار من السماء فتأكلها ، فلما أرسل الله تعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنعم بها عليه فجعلها له خاصة قال الله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » فقد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أحل لي الخمس لم يحل لأحد قبلي وجعلت لي الغنائم وأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مختصا بالغنائم لقوله تعالى : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ » الآية ، نزلت يوم بدر لما تنازعوا في الغنائم فلما نزلت قسمها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأدخل معهم جماعة لم يحضروا الواقعة لأنها كانت له عليه‌السلام يضع بها ما يشاء ، ثم نسخ ذلك وجعل للغانمين خاصة أربعة أخماسها والخمس الباقي لمستحقيه قال الله تعالى : « اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ » (١) الآية فأضاف الغنيمة إليهم ، وجعل الخمس للأصناف التي عددا المغايرين للغانمين ، فدل على أن الباقي لهم ، انتهى.

وأما الآيتان المتقدمتان الواردتان في الفيء فقال الطبرسي (ره) : قال ابن عباس نزل قوله : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » في أموال كفار أهل القرى وهم بنو قريظة وبنوا النضير وهما بالمدينة وفدك فهي من المدينة على ثلاثة أميال ، وخيبر وقرى عرينة وينبع جعلها الله لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحكم فيها ما أراد وأخبر أنها كلها له ، فقال أناس : فهلا قسمتها فنزلت الآية ، وقيل : إن الآية الأولى

__________________

(١) سورة الأنفال : ٤١.

٢٥١

بيان أموال بني النضير خاصة لقوله : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ » والآية الثانية بيان للأموال التي أصيبت بغير قتال ، وقيل : إنهما واحد ، والآية الثانية بيان قسم المال التي ذكرها الله في الآية الأولى.

ثم قال : ثم بين سبحانه حال أموال بني النضير فقال : « وَما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ » أي من اليهود الذين أجلاهم وإن كان الحكم ساريا في جميع الكفار الذين حكمهم حكمهم « فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ » الإيجاف الإيضاع وهو تسيير الخيل أو الركاب من وجف يجف وجيفا وهو تحرك باضطراب فالإيجاف الإزعاج للسير والركاب الإبل واحدتها راحلة ، وقيل : الإيجاف في الخيل والإيضاع في الإبل ، والمعنى لم تسيروا إليها على خيل ولا إبل ، وإنما كانت ناحية من نواحي المدينة مشيتم إليها مشيا.

وقوله : « عَلَيْهِ » أي على ما أفاء الله « وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ » أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم.

ثم ذكر حكم الفيء فقال : « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى » أي من أموال كفار أهل القرى فلله يأمركم فيه بما أحب وللرسول بتمليك الله إياه ، ولذي القربى يعني أهل بيت رسول الله وقرابته وهم بنو هاشم ، واليتامى والمساكين وابن السبيل منهم ، لأن التقدير ولذوي قرباه ويتامى أهل بيته ومساكينهم وابن السبيل منهم.

ثم قال : وفي هذه الآية إشارة إلى أن تدبير الأمة إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإلى الأئمة القائمين مقامه ، ولهذا قسم رسول الله أموال خيبر ومن عليهم في رقابهم وأجلي بني النضير وبني قينقاع وأعطاهم شيئا من المال ، وقتل رجال بني قريظة وسبي ذراريهم ونسائهم وقسم أموالهم على المهاجرين ومن على أهل مكة ، انتهى.

وقال المحقق الأردبيلي قدس‌سره في تفسير آيات الأحكام : المشهور بين الفقهاء أن الفيء له صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم للقائم مقامه كما هو ظاهر الأولى ، والثانية تدل على أنه

٢٥٢

والذي للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسمه على ستة أسهم ثلاثة له وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل وأما الأنفال فليس هذه سبيلها كان للرسول عليه‌السلام خاصة وكانت فدك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خاصة لأنه صلى‌الله‌عليه‌وآله فتحها وأمير المؤمنين عليه‌السلام لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفيء ولزمها اسم الأنفال وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصة فإن عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس والذي للإمام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله

يقسم كالخمس فإما أن يجعل هذا فيئا خاصا كان حكمه كذا أو منسوخا أو يكون تفضلا منه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال (ره) أيضا في بعض فوائده بعد احتمال كون المراد بالفيء الغنيمة :فكانت تقسم كذلك ثم نسخ بآية الخمس ، ويحتمل أن يراد بالفيء ما هو المخصوص به صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان الخمس بيده ويتصرف فيه فأمره إليه إن كان ناقصا كمله من عنده وإن كان فاضلا يكون له ، فيمكن أن يسمى الخمس بالفيء ، ويحتمل أن يكون المراد : وما أفاء الله على رسوله بالقتال والحرب فلله خمسه وللرسول ، كآية الغنيمة وحذف خمسه للظهور وإطلاق الفيء على الغنيمة موجود ، انتهى.

وكان الكليني قدس الله روحه حمل الآية الثانية على الغنيمة أو خمسها.

قوله : يقسمه ستة أسهم ، هذا هو المشهور بين الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا ، والقول بتخميس القسمة ضعيف غير معلوم القائل ، وفي القاموس : فدك قرية بخيبر.

واعلم أن المشهور بين الأصحاب أن الأنفال كل أرض موات سواء ماتت بعد الملك أم لا ، وكل أرض أخذت من الكفار من غير قتال سواء انجلى أهلها أو سلموها طوعا ، ورؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام ، وظاهر الأكثر اختصاص هذه الثلاثة بالإمام عليه‌السلام من غير تقييد ، وقال ابن إدريس : ورؤوس الجبال وبطون الأودية التي في ملكه وأما ما كان من ذلك في أرض المسلمين ويد مسلم عليه فلا يستحقه عليه‌السلام ، ومن الأنفال صفايا الملوك وقطائعهم ، وعد جماعة منهم الشيخان والمرتضى من الأنفال

٢٥٣

ليس لأحد فيه شيء وكذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها وإن شاء تركها في يده

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس قال سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول نحن والله الذين عنى الله بذي القربى الذين قرنهم الله بنفسه ونبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال « ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ » (١) منا خاصة ولم يجعل لنا سهما في الصدقة أكرم الله نبيه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس.

غنيمة من قاتل بغير إذن الإمام عليه‌السلام وادعى ابن إدريس الإجماع عليه ، ومن الأنفال ميراث من لا وارث له ، وعد الشيخان المعادن من الأنفال وهو قول المصنف وشيخه علي بن إبراهيم وسلار واستوجه المحقق عدم اختصاص ما يكون في أرض لا يختص بالإمام ، وحكي عن المفيد أنه عد البحار أيضا من الأنفال كما ذكره المصنف ، ولم نعرف لذلك مستندا والمراد بالمفاوز الأراضي الميتة كما عرفت.

قوله : بغير إذن صاحب الأرض ، أي الإمام عليه‌السلام أو المالك السابق ، والمشهور أنه يجوز التصرف في أراضي الأنفال في غيبة الإمام عليه‌السلام للشيعة ، وليس عليهم شيء سوى الزكاة في حاصلها ، وبعد ظهوره عليه‌السلام يبقيها في أيديهم ويأخذ منهم الخراج ، وأما غيرهم من المسلمين فيجوز لهم التصرف في حال حضوره بإذنه ، وعليهم طسقها لا في حال غيبته ، فإن حاصلها حرام عليهم وهو يأخذها منهم ويخرجهم صاغرين ، وأما الكفار فلا يجوز لهم التصرف فيها لا في حضوره ولا في غيبته ، ولو أذن لهم عند الأكثر ، خلافا للمحقق والشيخ علي في الأخير ، مع الإذن وللشهيد في الأول.

الحديث الأول : مختلف فيه.

وكأنه عليه‌السلام حمله على الخمس كما عرفت ، ولم يذكر ابن السبيل لظهوره أو سقط من الرواة « ولم يجعل لنا » أي لبني هاشم والمراد بالصدقة الواجبة على المشهور.

__________________

(١) سورة الحشر : ٧.

٢٥٤

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله تعالى : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى » قال هم قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والخمس لله وللرسول ولنا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الأنفال ما لم يوجف عليه « بخَيْلٍ وَلا رِكابٍ » أو قوم صالحوا أو قوم أعطوا بأيديهم وكل أرض خربة وبطون الأودية فهو لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو للإمام من بعده يضعه حيث يشاء.

٤ ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابنا ، عن العبد الصالح عليه‌السلام قال الخمس من خمسة أشياء من الغنائم والغوص

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور « ولنا » أي لبني هاشم ، أو للأوصياء لأن لهم التصرف في الخمس وسائر الأصناف هم عيال الإمام يعطيهم على وجه النفقة.

الحديث الثالث : حسن.

« أو قوم صالحوا » قيل : أي صالحوا على ترك القتال بالانجلاء عنها أو أعطوها بأيديهم وسلموها طوعا ولو صالحوا على أنها لهم فهي لهم وللمسلمين ولهم السكنى وعليهم الجزية فالعامر للمسلمين قاطبة والموات للإمام عليه‌السلام ويمكن حمله على أن يكونوا صالحوا أن يكون الأرض للإمام عليه‌السلام و كل أرض خربة ترك أهلها أو هلكوا وسواء كانوا مسلمين أو كفارا ، وكذا مطلق الموات التي لم يكن لها مالك ، والمرجع فيها وفي بطون الأودية إلى العرف كما ذكره الأصحاب ويتبعهما كل ما فيها من شجر ومعدن وغيرهما.

الحديث الرابع : مرسل كالحسن لإجماع العصابة على تصحيح ما يصح عن حماد.

قوله : من خمسة أشياء ، أقول : عدم ذكر خمس أرباح التجارات ونحوها

٢٥٥

إما لدخولها في الغنائم كما يدل عليه بعض الأخبار أو لاختصاصه بالإمام عليه‌السلام كما ذهب إليه بعض المحققين ، وقيل : اللام في الخمس للعهد الخارجي أي الخمس الذي قبل وضع نفقة السنة للعامل ، ثم المشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في غنائم دار الحرب حواها العسكر أم لا ، إذا لم يكن مغصوبا ، وفي المعادن كالذهب والفضة والرصاص والياقوت والزبرجد والكحل والعنبر والقير والنفط والكبريت بعد المئونة.

واختلفوا في اعتبار النصاب فذهب جماعة كثيرة إلى عدم اعتبار النصاب حتى نقل ابن إدريس عليه الإجماع واعتبر أبو الصلاح بلوغ قيمته دينارا واحدا ، وقال الشيخ في « يه » إن نصابه عشرون دينارا واختاره أكثر المتأخرين وهو أقوى ، ويجب الخمس أيضا في الكنوز المأخوذة في دار الحرب مطلقا سواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، وفي دار الإسلام أم لا ، أو في دار الإسلام وليس عليه أثره والباقي له ، والمراد بالكنز المال المذخور تحت الأرض ، وقطعوا بأن النصاب معتبر فيه ، فقيل : في الذهب عشرون مثقالا وفي الفضة مائتا درهم ، وما عداهما يعتبر قيمته بأحدهما ، وجماعة من الأصحاب اقتصروا على ذكر نصاب الذهب ولعله على التمثيل.

ويجب الخمس في الغوص كالجوهر والدر واختلفوا في نصابه ، فالأكثر على أنه دينار واحد وقيل : عشرون دينارا ، والأول أظهر.

والمشهور بين الأصحاب وجوب الخمس فيما يفضل عن مئونة سنة له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات ، ونسبه في المنتهى إلى علمائنا أجمع ، والمستفاد من كثير من الأخبار أنه مختص بالإمام ٧ ، والقول به غير معروف بين المتأخرين ، لكن لا يبعد أن يقال كلام ابن الجنيد ناظر إليه ، وأنه مذهب القدماء والأخباريين ، وقال أبو الصلاح : يجب في الميراث والهبة والهدية أيضا ، وكثير من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل ، وذكر الشيخ ومن تبعه وجوب الخمس في أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم ونفاه بعضهم.

٢٥٦

ومن الكنوز ومن المعادن والملاحة يؤخذ من كل هذه الصنوف الخمس فيجعل لمن جعله الله تعالى له ويقسم الأربعة الأخماس بين من قاتل عليه وولي ذلك ويقسم بينهم الخمس على ستة أسهم سهم لله وسهم لرسول الله وسهم لذي القربى وسهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لأبناء السبيل.

فسهم الله وسهم رسول الله لأولي الأمر من بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وراثة فله ثلاثة أسهم سهمان وراثة وسهم مقسوم له من الله وله نصف الخمس كملا ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته فسهم ليتاماهم وسهم لمساكينهم وسهم لأبناء سبيلهم يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم فإن فضل عنهم شيء فهو للوالي

وذكروا أيضا الخمس في الحلال المختلط بالحرام إذا لم يعلم صاحبه ومقداره ، واختلفوا في أن مصرفه مصرف الخمس أو الصدقات أو الأعم.

والملاحة بفتح الميم وتشديد اللام ما يخلق فيه الملح ، وإنما أفردت بالذكر مع كونها من المعادن لأن بعض الناس لا يعدها منها لابتذالها ، فهو من قبيل ذكر الخاص بعد العام ، و قوله عليه‌السلام : بين من قاتل عليه ، ناظر إلى الغنائم ، و « ولي ذلك » إلى ما عداها ، وضمير بينهم راجع إلى من في قوله فيجعل ، وجمع الضمير باعتبار المعنى.

ثم اعلم أن الآية الشريفة إنما تضمنت ذكر مصرف الغنائم خاصة لكن اشتهر بين الأصحاب الحكم بتساوي الأنواع في المصرف ، بل ظاهر المنتهى والتذكرة أن ذلك متفق عليه بين الأصحاب ، وقد عرفت أن ظاهر جمع من الأصحاب خروج خمس الأرباح من هذا الحكم واختصاصه بالإمام عليه‌السلام ، ولا يخلو من قوة ، وإن كان ظاهر بعض الأخبار أنها داخلة في الآية الكريمة ، وأما المعدن والكنز والغوص فقيها إشكال ، وفي القول بأن جميعها له عليه‌السلام [ قوة ] وهو يناسب القول بكون مطلق المعادن والبحار له عليه‌السلام ، وظاهر الكليني (ره) أنه جعلها من الأنفال ، ومع ذلك قال بالقسمة بمعنى أن الإمام أعطى العاملين. أربعة أخماسها وينفق على سائر الأصناف لأنهم عياله بقرينة أن الزائد له ، وهذا وجه قريب.

٢٥٧

وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم.

وإنما جعل الله هذا الخمس خاصة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم عوضا لهم من صدقات الناس تنزيها من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس فجعل لهم خاصة من عنده ما يغنيهم به عن أن يصيرهم في موضع الذل والمسكنة ولا بأس بصدقات بعضهم على بعض وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الذين ذكرهم الله فقال « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ

قوله عليه‌السلام : فإن فضل عنهم شيء « إلخ » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، وخالف فيه ابن إدريس فقال : لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم ، ولا يجب عليه إكمال ما نقص لهم ، وتوقف فيه العلامة في المختلف.

« وإن عجز أو نقص » كان الفرق بينهما أن العجز عدم قابليته للقسمة وعدم وفاء الأقسام بقدر استغنائهم ، ويحتمل أن يكون الشك من الراوي ، وقوله : يمونهم ، أي ينفق عليهم إشارة إلى أنهم عياله ، ولذا كان له ما فضل عنهم ، ويدل على أنه لا يجوز أن يعطى كل منهم أكثر من قوت السنة كما هو المشهور ، وقيل : يجوز أن يعطي الزائد دفعة كالزكاة ، ثم اختلفوا في جواز تخصيص النصف الذي لغير الإمام بطائفة من الطوائف الثلاث والمشهور الجواز ، وظاهر الشيخ في « ط » المنع كما هو ظاهر الخبر.

قوله عليه‌السلام : كرامة من الله لهم ، أي تكريما من عنده ، ولعل الفرق أن الزكاة يخرج من المال لتطهيره ولدفع البلايا عن النفس والمال بخلاف الخمس فإنه حق في أصل المال أشرك الله تعالى نفسه فيه لئلا يتوهم أن في أخذه غضاضة كما في الزكاة ، بل يمكن أن يقال : أن أصل المال كله للإمام خلقه الله له وما يعطيه غيره من مواليه وشركائه في الخمس من منه عليهم ، ونفقة ينفقها عليهم لأنهم من أقاربه وأتباعه ومواليه وأعوانه على دين الله كما مر من المصنف الإشارة إليه.

٢٥٨

الْأَقْرَبِينَ » (١) وهم بنو عبد المطلب أنفسهم الذكر منهم والأنثى ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد ولا فيهم ولا منهم في هذا الخمس من مواليهم وقد تحل صدقات الناس لمواليهم وهم والناس سواء ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش.

قوله عليه‌السلام : هم بنو عبد المطلب ، لأن ولد هاشم انحصر في ولد عبد المطلب وكان لعبد المطلب عشرة من الأولاد لم يبق منهم ولد إلا من خمسة عبد الله ، وأبي طالب ، والعباس والحارث ، وأبي لهب ، ولم يبق لعبد الله ولد إلا من ولد أبي طالب فاتحدا في النسب وعمدة بني هاشم منهم والثلاثة الأخيرة إن عرف نسبهم اليوم فهم في غاية الندرة ، و قوله : أنفسهم ، أي لا مواليهم.

وفي القاموس : البيت من الشعر والمدر معروف ، والجمع أبيات وبيوت ، وجمع الجمع أبابيت وبيوتات وأبياوات ، انتهى.

وقريش هم الذين انتسبوا إلى النضر بن كنانة ، وفي المصباح : قريش هو النضر بن كنانة ومن لم يلده فليس بقريش ، وقيل : قريش هو فهر بن مالك ومن لم يلده فليس من قريش ، وأصل القرش الجمع ، قوله : من مواليهم ، أي أحد من مواليهم ، وفي بعض النسخ كما في التهذيب مواليهم بدون من فهو مبتدأ ولا فيهم خبره قدم عليه ، أي ليس داخلا فيهم حقيقة « ولا منهم » أي ليس معدودا منهم ومنسوبا إليهم ، والموالي من أعتقهم قريش أو من نزل فيهم وصار حليفا لهم وعد منهم بالولاء.

« ومن كانت أمه من بني هاشم » يدل على ما هو المشهور من اشتراط كون الانتساب بالأب ، وخالف في ذلك السيد رضي‌الله‌عنه وبعض الأصحاب ، ويدل عليه أخبار كثيرة ، ويمكن حمل هذا الخبر على التقية وإن كان فيه كثير مما يخالف العامة.

__________________

(١) سورة الشعراء : ٢١٤.

٢٥٩

فإن الصدقات تحل له وليس له من الخمس شيء لأن الله تعالى يقول « ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ » (١) وللإمام صفو المال أن يأخذ من هذه الأموال صفوها الجارية الفارهة والدابة الفارهة والثوب والمتاع بما يحب أو يشتهي فذلك له قبل القسمة وقبل إخراج الخمس وله أن يسد بذلك المال جميع ما ينوبه من مثل إعطاء المؤلفة قلوبهم وغير ذلك مما ينوبه فإن بقي بعد ذلك شيء أخرج الخمس منه

« ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ » فيه دلالة على أن المدار في النسب على الأب للتخصيص به في مقام ذكر النسب الحقيقي مع قوله « فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ » ولم يجوز الانتساب إلى الأم ، ويشكل بأن الكلام لما كان في المتبني وأنه ليس باب حقيقة ، فذكر الأب لا يدل على عدم الانتساب إلى الأم مع أنه لا ريب في كون الولد ولدا للأم وإنما الكلام في الانتساب إلى الجد الأمي ، ولعل وهن الدليل ظاهرا مما يؤيد صدور الحكم تقية.

والصفو بالفتح الجيد المختار وأن يأخذ بدله ، والمراد بهذه الأموال الغنائم ، والجارية بدل تفصيل لصفوها ، و الفارهة المليحة الحسناء ، والدابة الفارهة الحاذقة النشيطة الحادة القوية وقد فره بالضم يفره فهو فاره وهو نادر مثل حامض ، وقياسهما فرية وحميض مثل صفر فهو صفير وملح فهو مليح ، ويقال للبرذون والبغل والحمار فاره بين الفروهة والفراهة والفراهية.

قوله عليه‌السلام : بما يحب ، كان الباء للمصاحبة ، أي مع ما يحب ويشتهي من غيرها ، أو سببية وما مصدرية ، وقيل : المتاع بالفتح اسم التمتع أي الانتفاع وهو مرفوع بالعطف على صفو المال ، والظرف متعلق بالمتاع ، أقول : وفي التهذيب مما يجب ، فلا يحتاج إلى تكلف ، والفرق بين الحب والاشتهاء أن الأول أقوى من الثاني ، أو الأول ما يكون لرعاية مصلحة والثاني ما يكون لمحض شهوة النفس ، أو الترديد من الراوي ، وقيد بعض الأصحاب الحكم بعدم الإجحاف ، وظاهر الخبر ينفيه.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٥.

٢٦٠

فقسمه في أهله وقسم الباقي على من ولي ذلك وإن لم يبق بعد سد النوائب شيء فلا شيء لهم وليس لمن قاتل شيء من الأرضين ولا ما غلبوا عليه إلا ما احتوى عليه العسكر.

وليس للأعراب من القسمة شيء وإن قاتلوا مع الوالي لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صالح الأعراب أن يدعهم في ديارهم ولا يهاجروا على أنه إن دهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم وليس لهم في الغنيمة نصيب وسنته جارية

قوله : جميع ما ينوبه ، أي ينزل به من الحاجة « ولي ذلك » بكسر اللام أي باشر القتال « وليس لمن قاتل شيء من الأرضين » أي لا يدخل في غنائمهم وإن كان لهم نصيب في حاصلها لدخولهم في المسلمين « وما غلبوا عليه إلا ما احتوى العسكر » ظاهره أن الأموال الغائبة لا تدخل في الغنيمة فهي إما مختصة بالإمام أو هي لسائر المسلمين ، وهذا خلاف المشهور إلا أن يقال أنها داخلة فيما حواه العسكر إن أخذوها قسرا وقهرا وإلا فهي من الأنفال ، أو يقال : المراد بما احتوى عليه العسكر ما حازته وجعلته تحت تصرفها دون ما كان ركازا ونحوه ، وهذا وجه قريب.

والأعراب : سكان البوادي ، وقيل : هم من أظهر الإسلام ولم يصفه أي لم يعرف معناه حيث يعبر عنه بنعوته المعنوية ، وإنما أظهر الشهادتين فقط وليس له علم بمقاصد الإسلام ، وعدم القسمة لهم في الغنيمة هو المشهور بين الأصحاب ، وقال ابن إدريس : يسهم لهم كغيرهم للآية ، ولم يثبت التخصيص ، وأجيب بأن فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخصص للكتاب ، وفي القاموس : الدهماء العدد الكثير وجماعة الناس ، ودهمك كسمع ومنع : غشيك ، وأي دهم هو؟ أي أي الخلق ، وفي النهاية : الدهم العدد الكثير ، ومنه الحديث من أراد المدينة بدهم أي بأمر عظيم وغائلة ، من أمر يدهمهم أي يفجأهم هو.

قوله : أن يستنفرهم ، أي يطلب نفورهم وخروجهم إلى الجهاد ، وفي النهاية : فيه إذا استنفرتم فانفروا ، الاستنفار الاستنجاز والاستنصار أي إذا طلب منكم النصرة

٢٦١

فيهم وفي غيرهم والأرضون التي أخذت عنوة بخيل ورجال فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها ويقوم عليها على ما يصالحهم الوالي على قدر طاقتهم من الحق النصف أو الثلث أو الثلثين وعلى قدر ما يكون لهم صلاحا ولا يضرهم فإذا أخرج منها ما أخرج بدأ فأخرج منه العشر من الجميع مما سقت السماء أو سقي سيحا ونصف العشر مما سقي بالدوالي والنواضح فأخذه الوالي فوجهه في

فأجيبوا وانفروا خارجين إلى الإعانة ، وفي بعض النسخ يستفزهم بترك النون والزاء المشددة أي يزعجهم ، يقال استفزه الخوف أي استخفه.

« أخذت عنوة » بالفتح أي قهرا بخيل ، تفسير لقوله : عنوة ورجال بالجيم أي مشاة ، وربما يقرأ بالحاء المهملة جمع رحل مراكب للإبل ، وفي التهذيب : وركاب ، وهو أظهر وأوفق بالآية ، و قوله : متروكة ، تفسير لقوله : موقوفة ، ودخول الفاء في الخبر لكون المبتدأ موصوفا بالموصول فيتضمن معنى الشرط « على ما يصالحهم » متعلق بموقوفة أو متروكة أو يعمرها وما بعده على التنازع « من الحق » أي حق الأرض ، وفي التهذيب من الخراج.

« فإذا أخرج منها ما أخرج » فيه إيماء إلى إخراج المؤن ، واختلف الأصحاب في ذلك فقال الشيخ في « ط » و « ف » المؤن كلها على رب المال دون الفقراء ، ونسبه في « ف » إلى جميع الفقهاء وحكى يحيى بن سعيد عليه الإجماع إلا من عطاء ، واختاره جماعة من المتأخرين منهم الشهيد الثاني في فوائد القواعد ، وقال الشيخ في « يه » باستثناء المؤن كلها وهو قول المفيد وابن إدريس والفاضلين والشهيد ، ونسبه العلامة في المنتهى إلى أكثر الأصحاب والأول أقوى ، وهذه العبارة ليست بصريحة في الاستثناء إذ يمكن أن يقرأ الفعلان على بناء المجهول ، أي أخرج الله من الأرض ما أخرج ويؤيده أن في « يب » فإذا خرج منها فابتدأ من الجميع ، أي قبل إخراج حصة العامل « مما سقت السماء » أي السحاب أو هو مبني على نزول الماء من السماء إلى السحاب « سيحا » أي جريا على وجه الأرض وفي القاموس ساح الماء يسيح سيحا

٢٦٢

الجهة التي وجهها الله على ثمانية أسهم « لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ » ثمانية أسهم يقسم بينهم في مواضعهم بقدر ما يستغنون به في سنتهم بلا ضيق ولا تقتير فإن فضل من ذلك شيء رد إلى الوالي وإن نقص من ذلك شيء ولم يكتفوا به كان على الوالي أن يمونهم من

وسيحانا : جرى على وجه الأرض ، والسيح : الماء الجاري الظاهر ، والدوالي جمع الدالية وهي المنجنون والدولاب يدار للاستسقاء بالدلو ، والنواضح جمع ناضحة الدلاء العظيمة ، والنوق التي يستقى عليها.

« ثمانية أسهم » مبتدأ تقسم (١) خبره ، وفي « يب » يقسمها بينهم « في مواضعهم » متعلق بتقسم أو حال عن ضمير بينهم ، والغرض عدم نقل الزكاة من موضع إلى آخر مع وجود المستحق ، أو أنه لا يطلب المستحق لتسليم الزكاة بل تنقل الزكاة إليه ، واختلف الأصحاب في جواز نقلها عن بلد المال مع وجود المستحق فيه ، وقيل : يجوز مع الضمان.

قوله عليه‌السلام : بلا ضيق ، أي في أنفسهم « ولا تقتير » أي على عيالهم ، أو التقتير أهون من الضيق « رد إلى الوالي » أي الإمام أو نائبه لا لأن يأخذه لنفسه بل ليصرفه في مصرف آخر يراه مصلحة لأن الصدقة محرمة على الإمام ، وظاهره أنه لا يعطى من الزكاة أكثر من قوت السنة ، وهو خلاف المشهور بين الأصحاب ، قال في المنتهى : يجوز أن يعطى الفقير ما يغنيه وما يزيد على غناه ، وهو قول علمائنا أجمع ، نعم قيل : في ذي الكسب إذا قصر كسبه عن مؤنة سنة لا يأخذ ما يزيد على كفايته ، وظاهر المنتهى وقوع الخلاف في غير ذي الكسب أيضا حيث قال : لو كان معه ما يقصر عن مؤنته ومؤنة عياله حولا جاز له أخذ الزكاة لأنه محتاج ، وقيل : لا يأخذ زائدا عن تتمة المؤنة حولا ، وليس بالوجه ، انتهى.

ويمكن حمل الخبر على أنه يجوز للإمام أن يفعل ذلك لا أنه يجب عليه ،

__________________

(١) وفي المتن « يقسم » بالياء.

٢٦٣

عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ويؤخذ بعد ما بقي من العشر فيقسم بين الوالي وبين شركائه الذين هم عمال الأرض وأكرتها فيدفع إليهم أنصباؤهم على ما صالحهم عليه ويؤخذ الباقي فيكون بعد ذلك أرزاق أعوانه على دين الله وفي مصلحة ما ينوبه من تقوية الإسلام وتقوية الدين في وجوه الجهاد وغير ذلك مما فيه مصلحة العامة ليس لنفسه من ذلك قليل ولا كثير.

وله بعد الخمس الأنفال والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها وكل أرض لم يوجف عليها بخَيْلٍ وَلا رِكابٍ ول كن صالحوا صلحا وأعطوا بأيديهم على غير قتال وله رءوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها وله صوافي الملوك ما كان في أيديهم من غير وجه الغصب لأن الغصب كله مردود وهو وارث من لا وارث له يعول من لا حيلة له.

أو يكون ذلك مختصا بالإمام ، وصاحب المال يجوز أن يعطى أكثر.

قوله : بين الوالي لأنه هو الآخذ له والحاكم عليه ليصرفه في مصارفه لا ليأخذه لنفسه ، وفي القاموس : الأكرة بالضم الحفرة يجتمع فيها الماء فيغرف صافيا والأكر والتأكر حفرها ، ومنه الأكار للحرث والجمع أكرة كأنه جمع أكر في التقدير.

قوله عليه‌السلام : وغير ذلك كإعطاء الوفود وإرسال الرسل وإصلاح الطرق وأرزاق المؤذنين والقضاة وأشباهها « قليل ولا كثير » قيل : هذا مبني على عادتهم من ذكر الأقوى بعد الأضعف نحو قوله تعالى : « وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ »

« وله بعد الخمس » أي للإمام « قد باد » أي فنى وهلك « وكل أرض ميتة » بالتشديد والتخفيف و الصوافي جمع الصافية وهي ما اصطفاه ملوك الكفار لأنفسهم من الأموال المنقولة وغيرها ، وهو وارث من لا وارث له ، سواء كان الميت مسلما أو كافرا ولا يجوز لأحد التصرف فيه في حال حضوره عليه‌السلام إلا بإذنه ، وأما في حال غيبته فقيل : يصرف في فقراء بلد الميت وجيرانه للرواية ، وقيل : في الفقراء مطلقا لضعف المخصص ، وقيل : في الفقراء وغيرهم كغيره من الأنفال ، ولعل الأوسط أقوى « ويعول » أي يقوم بما يحتاج إليه من قوت وكسوة وغيرهما « من لا حيلة له » في

٢٦٤

وقال إن الله لم يترك شيئا من صنوف الأموال إلا وقد قسمه وأعطى كل ذي حق حقه الخاصة والعامة والفقراء والمساكين وكل صنف من صنوف الناس فقال لو عدل في الناس لاستغنوا ثم قال إن العدل أحلى من العسل ولا يعدل إلا من يحسن العدل.

قال وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم صدقات البوادي في البوادي وصدقات أهل الحضر في أهل الحضر ولا يقسم بينهم بالسوية على ثمانية حتى يعطي أهل كل سهم ثمنا ولكن يقسمها على قدر من يحضره من أصناف الثمانية على قدر ما يقيم كل

تحصيل ذلك المال والكسب « وقال » أي الكاظم عليه‌السلام « إلا وقد قسمه » أي في آيات الزكاة والخمس والأنفال والفيء كما مر « الخاصة » بالنصب بدل تفصيل كل ، والمراد الإمام وسائر بني هاشم « والعامة » أي سائر الناس « والفقراء » عطف تفسير وتفصيل للعامة « لو عدل » على بناء المجهول.

وقد روي عن الصادق عليه‌السلام : أن الله فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ولو علم الله أن ذلك لا يسعهم لزادهم ، إنهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله ولكن أتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ، فلو أن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير.

« إن العدل أحلى من العسل » من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس « ولا يعدل إلا من يحسن العدل » إشارة إلى أن نظام الخلق في المعاش والمعاد لا يتم إلا بإمام عادل عالم بجميع ما تحتاج إليه الأمة « صدقات البوادي » أي التي وجبت فيها أو بتقدير الأهل ، وهذا على تقدير وجوبه مقيد بوجود المستحق فيها « ولا يقسم بينهم » أي بين أصل الأصناف ، ونقل في التذكرة الإجماع على عدم وجوب البسط على الأصناف ، ونقل عن الشافعي وجوبه ، وقال الأكثر باستحبابه على قدر ما يقيم ، وفي « يب » وعلى قدر ما يغني كل صنف منهم بقدره لسنته.

٢٦٥

صنف منهم يقدر لسنته ليس في ذلك شيء موقوت ولا مسمى ولا مؤلف إنما يضع ذلك على قدر ما يرى وما يحضره حتى يسد فاقة كل قوم منهم وإن فضل من ذلك فضل عرضوا المال جملة إلى غيرهم والأنفال إلى الوالي وكل أرض فتحت في أيام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر الأبد وما كان افتتاحا بدعوة أهل الجور وأهل العدل لأن ذمة رسول الله في الأولين والآخرين ذمة واحدة لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : المسلمون إخوة تتكافى دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم

« ليس في ذلك شيء موقوت » أي لا يكون لأدائه إلى الفقير وقت معين ، أو لا يكون له قدر معين بالتعيين النوعي ، فالمسمى المعين بالتعيين الشخصي « ولا مؤلف » أي شيء مكتوب في الكتب ، أو المراد بالمؤلف المتشابه والمتناسب من الألفة أي يكون عطاء آحاد كل صنف متناسبا متشابها « عرضوا » أي الإمام وولاته ، وفي « يب » فإن فضل من ذلك فضل عن فقراء أهل المال حمله إلى غيرهم.

« والأنفال إلى الوالي » أي مفوض إلى الرسول ومن يقوم مقامه بالحق و « كل » عطف على الأموال ، أي وهو أيضا إلى الوالي إما ملكا كأنفالها ، أو ولاية كالمفتوحة عنوة منها « إلى آخر الأبد » أي إلى انقراض التكليف « لأن ذمة رسول الله » أي عهدة وحكمه في الجهاد وغيره ، فكما أن الأنفال كان في زمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله للوالي ، والحكم في المفتوحة عنوة إلى الوالي ، فكذا بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله الأنفال للوالي ، وهو الإمام ، وما فتح عنوة بغير إذنه عليه‌السلام فهو أيضا له ، وهو من الأنفال على المشهور ، وما كان بإذنه فالتصرف فيها إليه ، ويحتمل أن يكون المراد بها الأراضي الأنفالية خاصة ، ويؤيده أن في التهذيب هكذا : والأنفال إلى الوالي كل أرض فتحت في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى آخر الأبد ما كان افتتاح بدعوة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من أهل الجور وأهل العدل ، فإن الظاهر أن المراد به أن أنفال كل أرض سواء فتحت في زمن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو في زمن أهل الجور أو في زمن أهل العدل إلى الوالي إذا كان الافتتاح بالدعوة التي كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو بها ، أي كان جهادهم للدعوة

٢٦٦

وليس في مال الخمس زكاة لأن فقراء الناس جعل أرزاقهم في أموال الناس على ثمانية أسهم فلم يبق منهم أحد وجعل للفقراء قرابة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس وصدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وولي الأمر فلم يبق فقير من فقراء الناس ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا وقد استغنى فلا فقير ولذلك لم يكن على مال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والوالي زكاة لأنه لم يبق فقير محتاج ولكن عليهم أشياء تنوبهم من وجوه ولهم من تلك الوجوه كما عليهم.

٥ ـ علي بن محمد بن عبد الله ، عن بعض أصحابنا أظنه السياري ، عن علي بن

إلى الإسلام وهذا أنسب بما بعده ، لأن غالب الأنفال الأراضي التي أعطوها صلحا طلبا للأمان ، وقد حكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بإمضاء ذمة المسلمين وأمانهم بعضهم على بعض ، وعلى الأول تأييد لاتحاد أحكامهم في الأولين والآخرين ، لكونهم إخوة ، أي متساوون في الأحكام ، قال في النهاية : قد تكرر في الحديث ذكر الذمة والذمام ، وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق ، وسموا أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم ، ومنه الحديث : المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ، أي تتساوى في القصاص والديات ، وإذا أعطى أحد الجيش العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين وليس لهم أن يخفروا ، ولا أن ينقضوا عليه عهده.

قوله عليه‌السلام : وليس في مال الخمس زكاة ، أقول : ليس في بالي من تعرض لهذا الحكم ولم يعد من خصائص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وربما ينافي ما ورد في الزيارات الكثيرة : أشهد أنك قد أقمت الصلاة وآتيت الزكاة ، ويمكن حمله على أنه لا يبقى عنده سنة بل يقسم قبل ذلك أو أطلق الزكاة على الخمس مجازا.

قوله عليه‌السلام : ولهم من تلك الوجوه ، لعله إشارة إلى هدايا الوفود وغيرهم وصوافي الملوك وأمثالها.

الحديث الخامس : مجهول.

والمهدي هو محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ثالث الخلفاء

٢٦٧

أسباط قال لما ورد أبو الحسن موسى عليه‌السلام على المهدي رآه يرد المظالم فقال يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد فقال له وما ذاك يا أبا الحسن قال إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله فدكا وما والاها لم يوجف عليه بخَيْلٍ وَلا رِكابٍ فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله « وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ » (١) فلم يدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من هم فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل عليه‌السلام ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدكا إلى فاطمة عليها‌السلام فدعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال لها يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدكا فقالت قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك.

فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها فأتته فسألته أن يردها عليها فقال لها ائتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك فجاءت بأمير المؤمنين عليه‌السلام وأم أيمن فشهدا لها فكتب لها بترك التعرض فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر فقال ما هذا معك يا بنت محمد قالت كتاب كتبه

العباسية ، والمظلمة بتثليث اللام : المأخوذة ظلما « وما ذاك » أي هذا الكلام « وما والاها » أي قاربها من توابعها أو شاركها في الحكم « لم يوجف عليها » إشارة إلى ما مر من آية الحشر وقد يستشكل بأن سورة الحشر مدنية « وَآتِ ذَا الْقُرْبى » في سورة الأسرى وهي مكية فكيف نزلت بعد الأولى ، مع أنه معلوم أن هذه القضية كانت في المدينة؟ والجواب : أن السور المكية قد تكون فيها آيات مدنية وبالعكس ، فإن الاسمين مبنيان على الغالب ، ويؤيده أن الطبرسي (ره) قال في مجمع البيان : سورة بني إسرائيل هي مكية كلها ، وقيل : مكية إلا خمس آيات وعد منها« وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ » رواه عن الحسن ، وزاد ابن عباس ثلاثا آخر.

قوله : ائتيني بأسود أو أحمر ، قال في النهاية : فيه بعثت إلى الأحمر والأسود ، أي العجم والعرب ، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض ، وعلى ألوان العرب الأدمة والسمرة قوله : هذا لم يوجف عليه ، كان اللعين قال هذا استهزاء بالله وبرسوله وبالقرآن ، أو المراد أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا لم يتعب في تحصيلها حتى تكون

__________________

(١) سورة الإسراء : ٢٨.

٢٦٨

لي ابن أبي قحافة قال أرينيه فأبت فانتزعه من يدها ونظر فيه ثم تفل فيه ومحاه وخرقه فقال لها هذا لم يوجف عليه أبوك بخَيْلٍ وَلا رِكابٍ فضعي الحبال في رقابنا فقال له المهدي يا أبا الحسن حدها لي فقال حد منها جبل أحد وحد منها عريش مصر وحد منها سيف البحر وحد منها دومة الجندل فقال له كل هذا قال نعم يا أمير المؤمنين هذا كله إن هذا كله مما لم يوجف على أهله

له ، وكأنه خذله الله لم يدر معنى « أَفاءَ » ولا معنى « وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ » أو تجاهل.

« فضعي الحبال » في بعض النسخ بالحاء المهملة أي ضعي الحبال في رقابنا لترفعنا إلى حاكم قاله تحقيرا أو تعجيزا أو قاله تفريعا على المحال بزعمه ، أي أنك إذا أعطيت ذلك وضعت الحبل على رقابنا وجعلتنا عبيدا لك ، أو أنك إذا حكمت على ما لم يوجف عليها أبوك بأنها ملكك فاحكمي على رقابنا أيضا بالملكية ، وقيل : أراد به أنك أردت بذلك تسخيرنا ولن تستطيعي ذلك فإنا قاهرون ، وفي بعض النسخ بالجيم أي قدرت على وضع الجبال على رقابنا جزاء لما فعلنا فضعي ، أو الجبال كناية عن الإثم والوزر ، وعلى التقديرين فالكلام أيضا على الاستهزاء والتعجيز.

والعريش كل ما يستظل به والمراد هنا ابتداء بيوت مصر ، و السيف بالكسر ساحل البحر وساحل الوادي ، وأكثر ما يقال لسيف عمان ، وفي المغرب : دومة الجندل بالضم عند اللغويين ، والمحدثون على الفتح وهو خطاء عن ابن دريد ، هي حصن على خمسة عشر ليلة من المدينة ، ومن الكوفة على عشر مراحل ، ثم الظاهر أن ما ذكره عليه‌السلام حدود للأنفال التي لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب لا لفدك ، إذ المشهور أنه اسم لقرية مخصوصة ، وفي الحديث إيماء إليه حيث قال : هذا كله مما لم يوجف ، وقال أيضا : فدك وما والاها ، فقول جبرئيل عليه‌السلام : أن ادفع فدك ، أي فدك وما والاها ، أو أطلق فدك على الجميع مجازا تسمية للكل باسم الجزء.

وأقول : قد بسطنا الكلام في قصة فدك وغصب أبي بكر وعمر إياها من فاطمة

٢٦٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بخيل ولا ركاب فقال كثير وأنظر فيه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول الأنفال هو النفل وفي سورة الأنفال جدع الأنف.

٧ ـ أحمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الرضا عليه‌السلام قال سئل عن قول الله عز وجل : « وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى » فقيل له فما كان لله فلمن هو فقال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان لرسول الله فهو للإمام فقيل له أفرأيت إن كان صنف من الأصناف أكثر وصنف أقل ما يصنع به قال ذاك إلى الإمام أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يصنع أليس إنما كان يعطي على ما يرى كذلك الإمام.

عليها‌السلام ، وما جرى في ذلك من الاحتجاج وأجوبة شبه المخالفين في كتاب الفتن عند ذكر مثالب أبي بكر ، وهي طويلة الذيل لا يسع الكتاب إيرادها.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله : هو النفل ، أي هو جمع النفل بفتح الأول وسكون الثاني ، وهو الزيادة أي هو زيادة عطية خصنا الله بها ، ويؤيده أن في التهذيب من النفل ، أو المعنى هي نفل وعطية لنا ، قال في النهاية : النفل بالتحريك الغنيمة وجمعه أنفال ، والنفل بالسكون وقد يحرك الزيادة.

قوله : جدع الأنف ، أي قطع أنف المخالفين وهو كناية عن إذ لا لهم وإسكانهم كما أن شموخ الأنف كناية عن العزة والرفعة وإنما كان فيه جدع أنفهم لأنه حكم الله تعالى بأن الأنفال لله والرسول ، ومعلوم أن ما كان للرسول فهو للقائم مقامه بعده.

الحديث السابع : صحيح وقد مر الكلام فيه.

٢٧٠

٨ ـ علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه سئل عن معادن الذهب والفضة والحديد والرصاص والصفر فقال عليها الخمس.

٩ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة قال الإمام يجري وينفل ويعطي ما شاء قبل أن تقع السهام وقد قاتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقوم لم يجعل لهم في الفيء نصيبا وإن شاء قسم ذلك بينهم.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن حكيم مؤذن [ ا ] بن عيسى قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى :

الحديث الثامن : حسن.

وقال في بحر الجواهر : الرصاص بالفتح والعامة تقوله بالكسر كذا في القانون ، وقال صاحب الاختيارات هو القلعي فارسية « ارزيز » ويستفاد من المغرب والنهاية والصراح والمقاييس وجامع ابن بيطار : أن الرصاص نوعان أحدهما أبيض ويقال له القلعي بفتح اللام ، وهو منسوب إلى قلع بسكون اللام وهو معدن ، وثانيهما أسود ويقال له الأسرب ، انتهى.

والصفر بالضم نوع من النحاس ، وكون الخمس فيها لا ينافي كونه في غيرها.

الحديث التاسع : حسن.

« يجري » من الإجراء أي الإنفاق ، لأنه ينفق على جماعة يذهب بهم لمصالح الحرب ، ومنهم من قرأ بالزاء أي يعطي جزاء من عمل شيئا « وينفل » أي يأخذ لنفسه زائدا على الخمس أي يعطى غيره زائدا على الإنفاق والأجرة ، والقوم عبارة عن الأعراب « وإن شاء قسم ذلك » أي شيئا من المال المغنوم « بينهم » أي بين القوم ، أي أقل من حصة الغانمين ، أو المعنى إن شاء أعطاهم مثل حصة الغانمين.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

وفي رجال الشيخ حكيم مؤذن بني عبس بالباء الموحدة ، وفي التهذيب بني

٢٧١

« وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى » فقال أبو عبد الله عليه‌السلام بمرفقيه على ركبتيه ثم أشار بيده ثم قال هي والله الإفادة يوما بيوم إلا

عيس بالياء المثناة ، وعلى أي حال مجهول الحال ، والمراد بالإفادة الاستفادة ، في الصحاح : أفدته استفدته ، وفي القاموس : أفاده واستفاده اقتناه « ويوما » مفعول وبيوم نعت ، أي ليس بينهما فاصلة ، ويدل على أن مطلق الفوائد داخلة في الآية ، والمشهور بين الأصحاب وجوب الخمس في أرباح التجارات والصناعات والزراعات وغير ذلك عدا الميراث والهبة والصداق بعد إخراج مئونة سنة له ولعياله ، وفي المعتبر والمنتهى وجميع الاكتسابات ، ونسبه في المعتبر إلى كثير من علمائنا أجمع.

وقال الشهيد (ره) في البيان وظاهر ابن الجنيد وابن أبي عقيل العفو عن هذا النوع ، وأنه لا خمس فيه ، والأكثر على وجوبه وهو المعتمد لانعقاد الإجماع عليه في الأزمنة السالفة لزمانهما ، واشتهار الروايات فيه ، انتهى.

وقال أبو الصلاح : يجب في الميراث والهبة والهدية أيضا ، وأنكره ابن إدريس وقال : هذا شيء لم يذكره أحد من أصحابنا غير أبي الصلاح ، وكثير من الأخبار الدالة على الخمس في هذا النوع شامل بعمومها للكل ، انتهى.

وفي صحيحة علي بن مهزيار : والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرء والفائدة يفيدها ، والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر ، والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ، ومثل عدو يصطلم فيؤخذ ماله ، ومثل مال يوجد لا يعرف له صاحب « الخبر ».

وذهب جماعة من المتأخرين إلى أن هذا النوع من الخمس حصة الإمام منه أو جميعه ساقط في زمان الغيبة ، للأخبار الدالة على أنهم عليهم‌السلام أبا حواء ذلك لشيعتهم مع أن بعض المتأخرين قالوا بأن جميع هذا الخمس للإمام.

والمسألة في غاية الإشكال إذ إباحة بعض الأئمة عليهم‌السلام في بعض الأزمنة لبعض المصالح لا يدل على السقوط في جميع الأزمان ، مع أنه قد دلت أخبار كثيرة على

٢٧٢

أن أبي جعل شيعته في حل ليزكوا.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عثمان ، عن سماعة قال سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الخمس فقال في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى بن يزيد قال كتبت جعلت لك الفداء تعلمني ما الفائدة وما حدها رأيك أبقاك الله تعالى أن تمن

أنهم لم يبيحوا ذلك ، وفي بعض أخبار الإباحة إشعار بتخصيصها بالمناكح ، وما دل على الإباحة في خصوص زمان الغيبة أخبار شاذة لا تعارض الأخبار الكثيرة.

والمشهور بين الأصحاب أنه في زمان الغيبة أباحوا عليهم‌السلام المناكح وهي الجواري التي تسبى من دار الحرب فإنه يجوز شراؤها ووطيها وإن كانت بأجمعها للإمام إذا غنمت من غير إذنه عند الأكثر ، وفسرها بعضهم بمهر الزوجة وثمن السراري من الربح ، وأبا حواء أيضا المساكن وفسرت بما يتخذ منها فيما يختص بالإمام من الأرض أو الأرباح ، وقيل : ثمن المساكن مما فيه الخمس مطلقا ، وأباحوا المتاجر أيضا وفسرت بما يشتري من الغنائم المأخوذة من أهل الحرب ، وإن كانت بأسرها أو بعضها للإمام ، وفسرها ابن إدريس بشراء متعلق الخمس ممن لا يخمس فلا يجب على المشتري إخراج الخمس إلا أن يتجر فيه ويربح وفسرها بعضهم بما يكتسب من الأرض والأشجار المختصة به عليه‌السلام

قوله عليه‌السلام : ليزكوا أي ليطهروا من خبث الولادة ، أو من شغل ذمتهم بأموال الإمام عليه‌السلام

الحديث الحادي عشر : حسن أو موثق ، ويدل على أن الخمس في جميع الفوائد.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

وكان المكتوب إليه الهادي أو الجواد أو الرضا عليهم‌السلام « مما يفيد إليك » على المجرد أي يحصل لك أو على بناء الأفعال أي تستفيده ، وعلى التقديرين التعدية بإلى

٢٧٣

علي ببيان ذلك لكيلا أكون مقيما على حرام لا صلاة لي ولا صوم فكتب الفائدة مما يفيد إليك في تجارة من ربحها وحرث بعد الغرام أو جائزة.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر قال كتبت إلى أبي جعفر عليه‌السلام الخمس أخرجه قبل المئونة أو بعد المئونة فكتب بعد المئونة.

لتضمين معنى الوصول ونحوه ، في القاموس : فأد المال ثبت أو ذهب ، والفائدة حصلت ، وأفدت المال استفدته وأعطيته ضد ، والغرام جمع الغرامة وهي ما يلزم أداؤه وبالكسر جمع الغرم بالضم وهو الغرامة ، والمراد بعد وضع مئونات الحرث أو الأعم منها ومئونة السنة لنفسه وعياله « أو جائزة » بالجر عطفا على ما ، أي أو جائزة واصلة إليك فيدل على مذهب أبي الصلاح ، أو عطفا على الغرام أي أو جائزة واصلة منك إلى غيرك.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

والمراد بالمئونة نفقة السنة له ولعياله إن كان السؤال عن خمس الأرباح ، ونفقة العمل في المعدن ونحوه إن كان السؤال عن غيره ، والأول أظهر.

واعلم أن مذهب الأصحاب أن الخمس إنما يجب في الأرباح والفوائد إذا فضلت عن مئونة السنة له ولعياله ، وادعى عليه الإجماع كثير من علمائنا ، والأخبار الدالة على أنه بعد المئونة كثيرة ، وأما اعتبار السنة فقد ادعوا عليه الإجماع ولم يذكره بعضهم وأطلق ، ولم أعرف خبرا يدل عليه صريحا ولعل مستندهم دعوى كونه مفهوما عرفا ، وظاهرهم أن المراد السنة الكاملة لا حول الزكاة ، وذكر غير واحد من الأصحاب أن المراد بالمئونة هنا ما ينفقه على نفسه وعياله الواجبي النفقة وغيرهم كالضيف ، والهدية والصلة لإخوانه ، وما يأخذه الظالم قهرا أو يصانعه اختيارا ، والحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة ، ومئونة التزويج وما يشتريه لنفسه من دابة وأمة وثوب ونحوها ويعتبر في ذلك ما يليق بحاله عادة ، فإن أسرف حسب عليه ما زاد ، وإن قتر حسب له ما نقص ، ولو استطاع للحج اعتبرت نفقته من المؤن ، وصرح في الدروس بأن الدين السابق والمقارن للحول مع الحاجة من المؤن ، ويفهم من

٢٧٤

١٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال كل شيء قوتل عليه على شهادة أن لا إله إلا الله

السرائر انحصار العيال في واجب النفقة ، وظاهرهم أن ما يستثنى إنما يستثنى من ربح عامه ، فلو استقر الوجوب في مال بمضي الحول لم يستثن ما تجدد من المؤن ، واستثنى بعضهم مئونة الحج المندوب والزيارات ، ولو كان له مال آخر لا خمس فيه ففي احتساب المئونة منه أو من الربح المكتسب أو منهما بالنسبة أوجه ، أجودها الثاني ، والاحتياط في الأول ، والظاهر أنه يجبر خسران التجارة والصناعة والزراعة بالربح في الحول الواحد ، وفي الدروس لو وهب المال في أثناء الحول أو اشترى بغير حيلة لم يسقط ما وجب وهو جيد.

والمشهور أنه يجوز أن يعطي قبل الحول ما علم زيادته على مئونة السنة ، ويجوز التأخير إلى انقضاء الحول احتياطا لاحتمال زيادة مئونته بتجدد العوارض التي لم يترقبها ، وظاهر ابن إدريس عدم مشروعية الإخراج قبل تمام الحول ، ويظهر من بعضهم أن ابتداء الحول من حين ظهور الربح ، ومن بعضهم من حين الشروع في التكسب ، ولو تجدد ربح في أثناء الحول كانت مئونة بقية الحول الأول معتبرة فيهما وله تأخير إخراج خمس ربح الثاني إلى آخر حوله ، ويختص بمئونة بقية حوله بعد انقضاء الحول الأول ، وهكذا ، قال بعض الأصحاب : والربح المتجدد في أثناء الحول محسوب فيضم بعضه إلى بعض ، ويستثنى من المجموع المئونة ثم يخمس الباقي ولا يخلو من قوة.

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

وظاهره أن غنيمة من قاتل بغير إذن الإمام أيضا ليس للإمام منه إلا الخمس كما اختاره في المنتهى ، والمشهور أن غنيمة من قاتل بغير إذنه كلها للإمام ، بل ادعى ابن إدريس عليه الإجماع ويدل عليه ما رواه الشيخ عن العباس بن الوراق عن رجل سماه عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : إذا غزا قوم بغير إذن الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها

٢٧٥

وأن محمدا رسول الله فإن لنا خمسه ولا يحل لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتى يصل إلينا حقنا.

١٥ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد العزيز بن نافع قال طلبنا الإذن على أبي عبد الله عليه‌السلام وأرسلنا إليه فأرسل إلينا ادخلوا اثنين اثنين فدخلت أنا ورجل معي فقلت للرجل أحب أن تستأذن بالمسألة فقال نعم فقال له جعلت فداك إن أبي كان ممن سباه بنو أمية قد علمت أن بني أمية لم يكن لهم أن يحرموا ولا يحللوا ولم يكن لهم مما في أيديهم قليل ولا

للإمام ، فإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس ، وفيه ضعف ، والأول لا يخلو عن قوة.

ويدل أيضا على عدم جواز شراء مال لم يخمس إلا أن يؤدى الخمس ، وقد عرفت أنه مما استثناه أكثر الأصحاب مما يجب فيه الخمس وحكموا بإباحته في زمان الغيبة.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

« اثنين اثنين » لا أزيد ليجيب كلا منهم بما يناسبه ، وإنما لم يقل واحدا واحدا لئلا يتوهم أن له سر يسره إليهم تقية ، أو لعلمه بأن الذين يدخلان عليه أولا متناسبان في الحال « أن تحل بالمسألة » (١) من الحلول بمعنى النزول ، والباء للظرفية المجازية أو من الحل ضد العقد أي تحل عقدة السكوت بالسؤال أو عقدة الإشكال به ، أو تشرع بالمسألة من قولهم حل أي عدا أو على بناء الأفعال من الإحلال ضد التحريم أي تحلل أموالك عليك بالمسألة « ما أنا فيه » قيل : هو بدل عقلي وعبارة عن انتظام الأحوال في القول والفعل ، وهو معيار العقل وقيل : هو بدل عن « ما » أو عن فاعل يكاد ، وأقول : لعل الأظهر أنه فاعل يفسد من قبيل وضع الظاهر موضع المضمر وهو شائع.

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المتن « أن تستأذن بالمسئلة » وهو لا يحتاج إلى هذه التكلفات

٢٧٦

كثير وإنما ذلك لكم فإذا ذكرت رد الذي كنت فيه دخلني من ذلك ما يكاد يفسد علي عقلي ما أنا فيه فقال له أنت في حل مما كان من ذلك وكل من كان في مثل حالك من ورائي فهو في حل من ذلك قال فقمنا وخرجنا فسبقنا معتب إلى النفر القعود الذين ينتظرون إذن أبي عبد الله عليه‌السلام فقال لهم قد ظفر عبد العزيز بن نافع بشيء ما ظفر بمثله أحد قط قد قيل له وما ذاك ففسره لهم فقام اثنان فدخلا على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال أحدهما جعلت فداك إن أبي كان من سبايا بني أمية وقد علمت أن بني أمية لم يكن لهم من ذلك قليل ولا كثير وأنا أحب أن تجعلني من ذلك في حل فقال وذاك إلينا ما ذاك إلينا ما لنا أن نحل ولا أن نحرم فخرج الرجلان وغضب أبو عبد الله عليه‌السلام فلم يدخل عليه أحد في تلك الليلة إلا بدأه أبو عبد الله عليه‌السلام فقال ألا تعجبون من فلان يجيئني فيستحلني مما صنعت بنو أمية كأنه يرى أن ذلك لنا ولم ينتفع أحد في تلك الليلة بقليل ولا كثير

« في مثل حالك » أي معرفة الحق وترك عمل بني أمية والندامة على فعله « من ورائي » أي ممن ليس حاضرا عندي أو من بعدي إلى يوم القيامة والأول أظهر ، ومعتب بضم الميم وفتح العين المهملة وكسر التاء المشددة مولى أبي عبد الله ، والنفر بالتحريك من الثلاثة إلى العشرة من الرجال وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه « قد ظفر » كعلم أي فاز بمطلوبه ، وإنما خص عبد العزيز بذلك لأنه حصل له مطلوبه بدون تجشم سؤال ، أو لأنه كان أحوج إلى ذلك من صاحبه لكثرة تصرفه في أموالهم ، وفي رجال الشيخ : عبد العزيز بن نافع الأموي مولاهم كوفي من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، والظاهر أن امتناعه عليه‌السلام عن تحليل من سوى الأولين للتقية وعدم انتشار الأمر ، أو لعدم كونهم عن التائبين التاركين لعملهم أو من أهل المعرفة أو من أهل الفقر والحاجة ، والأول أظهر.

« إلا الأولين » هو خلاف المختار في استثناء المنفي وهو مشتمل على الالتفات

٢٧٧

إلا الأولين فإنهما غنيا بحاجتهما.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ضريس الكناسي قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام من أين دخل على الناس الزنا قلت لا أدري جعلت فداك قال من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين فإنه محلل لهم لميلادهم.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن شعيب ، عن أبي الصباح قال قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفو المال.

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن رفاعة ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يموت

من التكلم إلى الغيبة ، أو تغليب الغائب على المتكلم « فإنهما غنيا بحاجتهما » أي استغنيا بقضاء حاجتهما أو فازا بها ، قال الجوهري : غني به عنه غنية ، وغنيت المرأة بزوجها استغنت ، وغني أي عاش.

الحديث السادس عشر : حسن.

وكان المراد بالزنا ما هو في حكمه في الحرمة « من قبل خمسنا » أي من ناحيته وأهل منصوب بالاختصاص ، وبيان لضمير خمسنا وإلا للاستثناء المنقطع إن أريد بالناس المخالفون ، والمتصل إن أريد بالناس الأعم « لميلادهم » أي لولادتهم ، وقيل : أي لآلة ولادتهم وهي الجواري وأمهات الأولاد.

أقول : ويمكن أن يشمل المهور المشتملة على الخمس والحاصل أن ما سبي بغير إذن الإمام إما كله له أو خمسه على الخلاف المتقدم ، ولم يحل لأحد أن يطأ الأمة المسبية إلا بإذن الإمام ، وقد أحل لشيعته ولم يحل لغيرهم ، فأولادهم كأولاد الزنا وكذا المال المشتمل على الخمس لم يجز جعله مهرا للزوجة إلا بإذنه ، ولم يأذن إلا لشيعته عليه‌السلام لتطيب ولادة أولادهم.

الحديث السابع عشر : حسن وقد مر الكلام فيه.

الحديث الثامن عشر : ضعيف.

٢٧٨

لا وارث له ولا مولى قال هو من أهل هذه الآية : « يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ».

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام عن الكنز كم فيه قال الخمس وعن المعادن كم فيها قال الخمس وكذلك الرصاص والصفر والحديد وكل ما كان من المعادن يؤخذ منها ما يؤخذ من الذهب والفضة.

٢٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن صباح الأزرق ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام قال إن أشد ما فيه الناس يوم القيامة أن يقوم

والمراد بالمولى أعم من المعتق وضامن الجريرة ، و بالوارث أعم من النسبي والسببي ، فمع عدم الجميع يرث الإمام وهو من الأنفال كما مر وسيأتي الكلام في إرث الإمام مع انحصار الوارث في الزوج والزوجة في كتاب المواريث ، وذكر الخلاف فيه وما هو المختار إن شاء الله.

الحديث التاسع عشر : حسن.

« وكذلك الرصاص » قيل : مبني على أن المعروف من المعادن الذهب والفضة قوله عليه‌السلام : يؤخذ ، أي يأخذه الإمام.

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

« ما فيه الناس » أي المخالفون « يا رب خمسي » نصب على الأعزاء أي أدرك خمسي « ولتزكوا » أي تنمو وتزيد ، أو تطهر تأكيدا ، ويحتمل أن يكون المراد تطيب المناكح أو الأعم قال المحقق التستري قدس‌سره : لا يبعد أن يقال في الجمع بحمل ما دل على الإباحة على إباحة حق المبيح في الأيام التي يبيحه ، ويحمل ما دل على التحريم على تحريم حق المحرم فإن حقهم عليهم‌السلام ينتقل من بعضهم إلى بعض بسبب انتقال الإمامة ، وأن يقال : أن المراد بما أبيح لنا هو الأشياء التي تنتقل إلينا ممن لا يرى الخمس ، أو يعرف أنه لا يخرجه كالمخالفين مثلا بأن يشتري منهم الجواري أو يتصرف في أرباح تجاراتهم ، أو يشتري من المعادن التي لا تحصل

٢٧٩

صاحب الخمس فيقول يا رب خمسي وقد طيبنا ذلك لشيعتنا لتطيب ولادتهم ولتزكو ولادتهم.

٢١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن محمد بن علي ، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته عما يخرج من البحر من اللؤلؤ والياقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة ما فيه قال إذا بلغ ثمنه دينارا

إلا من عندهم وإنا نعرف أنهم لا يرون وجوب الخمس فيها إلا الأشياء التي توجد عند الشيعة فيجب في معادنهم الخمس ، وكذا في أرباح تجاراتهم وفيما يغنمونه من الغنائم والفوائد ، أو يقال بإباحة ما يحصل ممن لا يرى الخمس دائما وتخصيص غيره في حق المبيح وهو أظهر ، لعموم ما دل على الإباحة والتحريم فينبغي ملاحظة العموم على قدر الإمكان ، وبما قلنا يشعر بعض الأخبار فتنبه.

الحديث الحادي والعشرون : مجهول بمحمد بن علي ، وإن كان إجماع العصابة على ابن أبي نصر مما يرفع جهالته عند جماعة.

وأبو الحسن يحتمل الأول والثاني عليهما‌السلام ، و الياقوت كأنه عطف على الموصول وربما يتوهم عطفه على اللؤلؤ بأن يكون المراد معادن البحر ولا يخفى بعده ، ويدل على أن نصاب الغوص ونصاب المعادن كليهما دينار ، وقد عرفت ما فيهما من الخلاف لكن روى الشيخ في التهذيب بسند صحيح عن البزنطي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عما أخرج من المعدن من قليل أو كثير هل فيه شيء؟ قال : ليس فيه شيء حتى تبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين دينارا ، وبمضمونه عمل كثير من الأصحاب وحمل بعضهم الدينار على الاستحباب في المعدن وعلى الوجوب في الغوص ، وأورد عليه بأن الحمل على الاستحباب مشكل لاتحاد الرواية ، إلا أن يقال : لا مانع من حمل بعض الرواية على الاستحباب للمعارض وبعضها على الوجوب لعدمه ، وقال الشيخ في التهذيب : بين الخبرين تضاد لأن خبر ابن أبي نصر تناول حكم المعادن ، وخبر محمد بن علي حكم ما يخرج من البحر وليس أحدهما هو الآخر بل لكل منهما حكم على الانفراد.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289