مرآة العقول الجزء ٦

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 289

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 289
المشاهدات: 3461
تحميل: 5326


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 289 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3461 / تحميل: 5326
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 6

مؤلف:
العربية

ساعة ثم نهضا فلما طارا على الحائط هدل الذكر على الأنثى ساعة ثم نهضا فقلت جعلت فداك ما هذا الطير قال يا ابن مسلم كل شيء خلقه الله من طير أو بهيمة أو شيء فيه روح فهو أسمع لنا وأطوع من ابن آدم إن هذا الورشان ظن بامرأته فحلفت له ما فعلت فقالت ترضى بمحمد بن علي فرضيا بي فأخبرته أنه لها ظالم فصدقها.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط ، عن صالح بن حمزة ، عن أبيه ، عن أبي بكر الحضرمي قال لما حمل أبو جعفر عليه‌السلام إلى الشام إلى هشام بن عبد الملك وصار ببابه قال لأصحابه ومن كان بحضرته من بني أمية إذا رأيتموني قد وبخت محمد بن علي ثم رأيتموني قد سكت فليقبل عليه كل رجل منكم فليوبخه ثم

« ثم نهضا » أي طارا ، وهديل الذكر على الأنثى كأنه كان اعتذارا منه لها « ما هذا الطير » في البصائر ما حال الطير ، وفي بعض الكتب ما قال هذا الطائر؟ قوله عليه‌السلام : ظن بامرأته أي اتهمها بالاجتماع مع غير ذكرها ، وفي بعض نسخ البصائر وغيره ظن بأنثاه ظن السوء ، وفي المناقب فحلفت له ما فعلت فلم يقبل فقالت.

الحديث الخامس : ضعيف.

والتوبيخ الذم واللوم ، وقال في القاموس : الحنق محركة الغيظ أو شدته ، وقال : العصا اللسان وعظم الساق ، وجماعة الإسلام ، وشق العصا : مخالفة جماعة الإسلام ، انتهى.

وأقول : يحتمل أن تكون الإضافة بيانية ، لأن المسلمين بمنزلة العصا للإسلام يقوم بهم وتفريقهم بمنزلة شق عصا الإسلام ، أو شبه اجتماعهم بالعصا لأن اجتماعهم سبب لقيامهم وبقائهم ، قال الميداني في مجمع الأمثال : يقال شق فلان عصا المسلمين إذا فرق جماعتهم ، قال : والأصل في العصا الاجتماع والائتلاف ، وذلك أنها لا تدعي عصا حتى تكون جميعا فإذا انشقت لم تدع عصا ، ومن قولهم للرجل إذا أقام بالمكان واطمأن به فاجتمع له فيه أمر : قد ألقى عصاه ، قالوا : وأصل هذا أن الحاديين يكونان

٢١

أمر أن يؤذن له فلما دخل عليه أبو جعفر عليه‌السلام قال بيده السلام عليكم فعمهم جميعا بالسلام ثم جلس فازداد هشام عليه حنقا بتركه السلام عليه بالخلافة وجلوسه بغير إذن فأقبل يوبخه ويقول فيما يقول له يا محمد بن علي لا يزال الرجل منكم قد شق عصا المسلمين ودعا إلى نفسه وزعم أنه الإمام سفها وقلة علم ووبخه بما أراد أن يوبخه فلما سكت أقبل عليه القوم رجل بعد رجل يوبخه حتى انقضى آخرهم فلما سكت القوم نهض عليه‌السلام قائما ثم قال أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم بنا هدى الله أولكم وبنا يختم آخركم فإن يكن لكم ملك معجل فإن لنا ملكا مؤجلا وليس بعد ملكنا ملك لأنا أهل العاقبة يقول الله عز وجل : « وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » فأمر به إلى الحبس فلما صار إلى الحبس تكلم فلم يبق في الحبس رجل إلا ترشفه وحن إليه فجاء صاحب الحبس إلى هشام فقال يا أمير المؤمنين إني

في رفقة فإذا فرقهم الطريق شقت العصا التي معهما فأخذ هذا نصفها وذا نصفها ، يضرب مثلا لكل فرقة ، انتهى.

« حتى انقضى آخرهم » أي كلام آخرهم « أين تذهبون » استفهام توبيخ « وأين يراد بكم » أي أين يريد الشيطان أن يوقعكم فيه من عذاب الله وما يوجبه ، أو المعنى التعجب وبيان البون البعيد بين ما يذهبون إليه من مخالفة أئمة الحق ومعاداتهم ، وبين ما أراد الله بهم وأمرهم من متابعة أهل بيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومودتهم « وبنا يختم آخرهم » إشارة إلى ظهور المهدي عليه‌السلام ، وقال تعالى في سورة الأعراف « قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » وقال في سورة القصص : « تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ »

قوله : إلا ترشفه ، في القاموس رشفه يرشفه كنصره وضربه وسمعه رشفا مصه كارتشفه وأرشفه ، والإناء استقصى الشرب حتى لم يدع فيه شيئا ، والرشف أنفع ، أي ترشف الماء قليلا قليلا أسكن للعطش ، انتهى.

٢٢

خائف عليك من أهل الشام أن يحولوا بينك وبين مجلسك هذا ثم أخبره بخبره فأمر به فحمل على البريد هو وأصحابه ليردوا إلى المدينة وأمر أن لا يخرج لهم الأسواق وحال بينهم وبين الطعام والشراب فساروا ثلاثا لا يجدون طعاما ولا شرابا حتى انتهوا إلى مدين فأغلق باب المدينة دونهم فشكا أصحابه الجوع والعطش قال فصعد جبلا ليشرف عليهم فقال بأعلى صوته يا أهل المدينة « الظَّالِمِ أَهْلُها » أنا بقية الله يقول الله « بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ » (١) قال وكان فيهم شيخ

فهو هنا كناية عن المبالغة في أخذ العلم عنه عليه‌السلام ، وفي تاج اللغة : ترشف : « بوسه كردن در وقتى كه آب در دهن گردد » فهو كناية عن شدة الحب ، وقيل إنه بالسين المهملة ، قال في القاموس : رسف يرسف رسفا ورسيفا مشى مشي المقيد ، ولا يخلو شيء منهما من تكلف « أن يحولوا بينك » كناية عن منعهم عن الخلافة ورد الحق إلى أهله ، وقال في النهاية : البريد كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل ، وأصلها « بريدة دم » أي محذوف الذنب ، لأن بغال البريد كانت محذوفة الأذناب كالعلامة لها فأعربت وخففت ، ثم سمى الرسول الذي يركبه بريد ، أو المسافة التي بين السكتين بريدا ، انتهى.

وإنما حملوهم عليها للإهانة أو التعجيل ، ومدين قرية شعيب عليه‌السلام ، قال الله تعالى : « وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ ، وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بَقِيَّتُ اللهِ » (١) إلخ.

قال البيضاوي : أي ما أبقاه لكم من الحلال بعد التنزه عما حرم عليكم « خَيْرٌ لَكُمْ » مما تجمعون بالتطفيف « إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » بشرط أن تؤمنوا ، فإن خيريتها باستتباع الثواب مع النجاة ، وذلك مشروط بالإيمان أو إن كنتم مصدقين لي في قولي لكم ، وقيل : البقية الطاعة لقوله : والباقيات الصالحات « وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ »

__________________

(١) سورة هود : ٨٧.

٢٣

كبير فأتاهم فقال لهم يا قوم هذه والله دعوة شعيب النبي والله لئن لم تخرجوا إلى هذا الرجل بالأسواق لتؤخذن من فوقكم ومن تحت أرجلكم فصدقوني في هذه المرة وأطيعوني وكذبوني فيما تستأنفون فإني لكم ناصح قال فبادروا فأخرجوا إلى محمد بن علي وأصحابه بالأسواق فبلغ هشام بن عبد الملك خبر الشيخ فبعث إليه فحمله فلم يدر ما صنع به.

أحفظكم عن القبائح أو أحفظ عليكم أعمالكم فأجازيكم عليها ، وإنما أنا ناصح مبلغ وقد أعذرت حين أنذرت ، أو لست بحافظ عليكم نعم الله لو تتركوا سوء صنيعكم ، انتهى.

وعلى تأويله عليه‌السلام المراد ببقية الله حجج الله في الأرض وخلفائه الذين يبقيهم الله في الأرض ، ولا تبقى الأرض إلا ببقائهم ولا يخلو عصر من واحد منهم.

« فلم يدر » على بناء المجهول أي لم يدر الناس فلا ينافي علمه عليه‌السلام أو هو كلام الحضرمي.

أقول : وقد أوردت الروايات المبسوطة في خروجه عليه‌السلام إلى الشام مشتملة على فوائد جليلة ومعجزات عظيمة في الكتاب الكبير ، تركنا إيرادها مخافة الإطناب ، وفي بعضها : ثم صعد عليه‌السلام الجبل المطل على مدينة مدين وأهل مدين ينظرون إليه ما يصنع ، فلما صار في أعلاه استقبل بوجهه المدينة وحده ثم وضع إصبعيه في أذنيه ثم نادى بأعلى صوته : « وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً » إلى قوله : « بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » نحن والله بقية الله في أرضه ، فأمر الله ريحا سوداء مظلمة فهبت واحتملت صوت أبي فطرحته في إسماع الرجال والصبيان والنساء ، فما بقي أحد من الرجال والنساء والصبيان إلا صعد السطوح وأبي مشرف عليهم ، وصعد فيمن صعد شيخ من أهل مدين كبير السن فنظر إلى أبي على الجبل فنادى بأعلى صوته : اتقوا الله يا أهل مدين فإنه قد وقف الموقف الذي وقف فيه شعيب عليه‌السلام حين دعا على قومه ، فإن أنتم لم تفتحوا له الباب ولم تنزلوه جاءكم من الله العذاب فإني أخاف عليكم وقد أعذر

٢٤

٦ ـ سعد بن عبد الله والحميري جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قبض محمد بن علي الباقر وهو ابن سبع وخمسين سنة في عام أربع عشرة ومائة عاش بعد علي بن الحسين عليه‌السلام تسع عشرة سنة وشهرين.

باب

مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام

ولد أبو عبد الله عليه‌السلام سنة ثلاث وثمانين ومضى في شوال من سنة ثمان وأربعين

من أنذر ، ففزعوا وفتحوا الباب وأنزلونا وكتب بجميع ذلك إلى هشام ، فارتحلنا في اليوم الثاني فكتب هشام إلى عامل مدين يأمره بأن يأخذ الشيخ [ فيمثل به رحمة الله عليه ورضوانه ] فيقتله (ره) وكتب إلى عامل مدينة الرسول أن يحتال في سم أبي في طعام أو شراب فمضى هشام ولم يتهيأ له في أبي من ذلك شيء ، وفي رواية أخرى فكتب هشام إلى عامله بمدين يحمل الشيخ إليه فمات في الطريق رضي الله عنه.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله : عاش « إلخ » هذا لا يوافق شيئا من التواريخ المتقدمة التي عينت فيها الشهور والأيام إلا ما نقله في روضة الواعظين قولا بأن وفاة الباقر عليه‌السلام في شهر ربيع الأول ، إذ المشهور أن وفاة علي بن الحسين في شهر محرم فتفطن.

باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام

قال الشهيد (ره) في الدروس : ولد عليه‌السلام بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وقبض بها في شوال ، وقيل : في منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة عن خمس وستين سنة ، أمه أم فروة ابنة القاسم بن محمد ، وقال الجعفي : اسمها فاطمة وكنيتها أم فروة.

وقال ابن شهرآشوب : ولد الصادق عليه‌السلام بالمدينة يوم الجمعة عند طلوع

٢٥

و مائة وله خمس وستون سنة ودفن بالبقيع في القبر الذي دفن فيه أبوه وجده والحسن بن علي عليهم‌السلام وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر.

الفجر ، ويقال : يوم الاثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، وقالوا : سنة ست وثمانين ، فأقام مع جده اثنتا عشرة سنة ومع أبيه تسع عشرة سنة ، وبعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة ، فكان في سني إمامته ملك إبراهيم بن الوليد ومروان الحمار ، ثم ملك أبي العباس السفاح أربع سنين وستة أشهر وأياما ، ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى وعشرين سنة ، وأحد عشر شهرا وأياما ، وبعد مضي عشر سنين من ملكه قبض عليه‌السلام في شوال سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل : يوم الاثنين النصف من رجب وقال أبو جعفر القمي سمه المنصور ودفن في البقيع وقد كمل عمره خمسا وستين سنة ، ويقال : كان عمره خمسين سنة.

وقال في كشف الغمة قال محمد بن طلحة : كانت ولادته سنة ثمانين وقيل : سنة ثلاث وثمانين والأول أصح ، ومات سنة ثمان وأربعين ومائة فكان عمره ثمان وستين ، هذا هو الأظهر وقيل غير ذلك ، وقال الحافظ عبد العزيز : أمه عليه‌السلام أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر ، ولد عام الحجاف سنة ثمانين ومات سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقال محمد بن سعيد : كان عمره إحدى وسبعين سنة.

وروى ابن الخشاب بإسناده عن محمد بن سنان قال : مضى أبو عبد الله عليه‌السلام وهو ابن خمس وستين سنة ، ويقال : ثمان وستين سنة في سنة مائة وثمان وأربعين سنة ، وكان مولده سنة ثلاث وثمانين من الهجرة ، وكان مقامه مع جده علي بن الحسين اثنتا عشرة سنة وأياما وفي الثانية كان مقامه مع جده خمس عشرة سنة ، وتوفي أبو جعفر ولأبي عبد الله عليه‌السلام أربع وثلاثون سنة في إحدى الروايتين ، وأقام بعد أبيه أربعا وثلاثين سنة وكان عمره في إحدى الروايتين خمسا وستين سنة وفي الرواية الأخرى ثمان وستين سنة ، قال لنا الزارع والأولى هي الصحيحة.

٢٦

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن أحمد ، عن إبراهيم بن الحسن قال حدثني وهب بن حفص ، عن إسحاق بن جرير قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام كان سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبي بكر وأبو خالد الكابلي من ثقات علي بن الحسين عليهما‌السلام قال وكانت أمي ممن آمنت واتقت وأحسنت « وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » قال وقالت أمي قال أبي يا أم فروة إني لأدعو الله لمذنبي شيعتنا في اليوم والليلة ألف مرة لأنا نحن فيما ينوبنا من الرزايا نصبر على ما نعلم من الثواب وهم يصبرون على ما لا يعلمون.

الحديث الأول : مجهول.

والأخبار في شأن سعيد مختلفة ، فهذا الخبر يدل على مدحه ، وروي أنه من حواري علي بن الحسين ، وقد وردت أخبار كثيرة في اختيار الكشي وفي كتاب الغارات للثقفي تدل على ذمه ولعل ذمه أرجح والقاسم كان جليلا وإن لم يذكر أصحاب الرجال فيه مدحا كثيرا ، وأبو خالد اسمه وردان ولقبه كنكر ، وقد ورد فيه مدح وأنه من حواري علي بن الحسين عليه‌السلام وأنه كان يقول بإمامة محمد بن الحنفية دهرا ثم رجع ، وقال بإمامة علي بن الحسين « قال أبي » أي الباقر عليه‌السلام ويحتمل القاسم لكنه بعيد جدا ، وفي القاموس : النوب نزول الأمر ، والرزية المصيبة و الرزايا جمعه ، وقوله : لأنا ، تعليل للاستغفار بأنهم يستحقون ذلك لعظم رتبتهم في الصبر ، أو لأنه لما شق الصبر عليهم ربما تركوه فتستغفر لهم لتدارك ذلك.

وأما الفرق بينهم وبين شيعتهم في العلم بالثواب فظاهر من جهتين : « الأولى » كون يقينهم بالثواب أقوى وأشد من يقين شيعتهم « والثانية » علمهم بخصوصيات الدرجات والمثوبات ، وشيعتهم إنما يعلمون ذلك مجملا ، وأما كون الصبر مع عدم العلم أشق فهو ظاهر ، فإن الطفل الجاهل بنفع الحجامة يتألم ويضطرب أضعاف الكامل العالم بنفعها الراضي بها ، الداعي إليها ، الباذل الأجر لها ، وسيأتي هذا الخبر في باب الصبر على وجه يحتمل وجها آخر نذكره إنشاء الله.

٢٧

٢ ـ بعض أصحابنا ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن سليمان بن سماعة ، عن عبد الله بن القاسم ، عن المفضل بن عمر قال وجه أبو جعفر المنصور إلى الحسن بن زيد وهو واليه على الحرمين أن أحرق على جعفر بن محمد داره فألقى النار في دار أبي عبد الله فأخذت النار في الباب والدهليز فخرج أبو عبد الله عليه‌السلام يتخطى النار ويمشي فيها ويقول أنا ابن أعراق الثرى أنا ابن إبراهيم خليل الله عليه‌السلام.

الحديث الثاني : ضعيف.

« وجه » أي أرسل والحسن هو ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، ويدل على ذمه وانحرافه عن الأئمة عليهم‌السلام ، وأنه كان واليا من قبلهم ، وذكروا أن المنصور تغير عليه وخاف منه فحبسه ثم أخرجه المهدي من الحبس بعد موت أبيه وقربه ، وقد مر بعض أحواله عند ذكر خروج محمد بن عبد الله بن الحسن ، وقد أخرجنا خبرا من الخرائج في الكتاب الكبير يشتمل على أن زيدا أباه خاصم الباقر عليه‌السلام في ميراث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأي منه معجزات شتى ثم خرج إلى عبد الملك بن مروان وسعى به إليه إلى أن أخذه الملعون ظاهرا ، وبعثه إليه عليه‌السلام ليؤد به وواطأه سرا على أن يسمه وبعث معه إليه سرجا مسموما ليركبه عليه‌السلام فركبه ونزل متورما ومات عليه‌السلام بذلك.

ثم أن زيدا بقي بعده أياما فعرض له داء فلم يتخبط ويهوي وترك الصلاة حتى مات.

والدهليز بالكسر ما بين الباب والدار.

قوله عليه‌السلام : أنا ابن أعراق الثرى ، قيل : هي كناية عن إبراهيم عليه‌السلام ، وفي كتاب إعلام الورى أنه إسماعيل عليه‌السلام وكذا قال صاحب روضة الصفا : أعراق الثرى لقب إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما‌السلام ولا أدري ما وجهه ، انتهى.

وأقول : لعله عليه‌السلام إنما لقب بذلك لانتشار أولاده في البلدان والصحاري ، وذكر إبراهيم عليه‌السلام لصيرورة النار عليه بردا وسلاما ، وذكر إسماعيل لانتسابه إلى إبراهيم عليه‌السلام من جهته.

٢٨

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن البرقي ، عن أبيه عمن ذكره ، عن رفيد مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة قال سخط علي ابن هبيرة وحلف علي ليقتلني فهربت منه وعذت بأبي عبد الله عليه‌السلام فأعلمته خبري فقال لي انصرف وأقرئه مني السلام وقل له إني قد آجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء فقلت له جعلت فداك شامي خبيث الرأي فقال اذهب إليه كما أقول لك فأقبلت فلما كنت في بعض البوادي استقبلني أعرابي فقال أين تذهب إني أرى وجه مقتول ثم قال لي أخرج يدك ففعلت فقال يد مقتول ثم قال لي أبرز رجلك فأبرزت رجلي فقال رجل مقتول ثم قال لي أبرز جسدك ففعلت فقال جسد مقتول ثم قال لي أخرج لسانك ففعلت فقال لي امض فلا بأس عليك فإن في لسانك رسالة لو أتيت بها الجبال

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

و « رفيد » على التصغير ، وقال في معجم البلدان : قصر ابن هبيرة ينسب إلى يزيد بن عمرو بن هبيرة ، كان لما ولي العراق من قبل مروان بن محمد بني على فرات الكوفة مدينة فنزلها ولم يستتمها حتى كتب إليه مروان بن محمد يأمره بالاجتناب من أهل الكوفة فتركها ، وبنى قصره المعروف به بالقرب من جسر سورا انتهى.

« سخط » كعلم أي غضب « ليقتلني » بفتح اللام وكسرها وفي القاموس : الجوار بالكسر أن تعطى الرجل ذمة فيكون بها جارك فتجيره ، وأجاره أنقذه وأعاذه « لا تهجه » من باب ضرب أو باب الأفعال ، أي تزعجه بأمر يسوؤه ولا تغضب عليه ، في القاموس : هاج يهيج ثار كاهتاج وتهيج وأثار والهائج الفورة والغضب.

قوله : استقبلني أعرابي ، علم الأعرابي بهذه العلوم من الغرائب ، وكان عند العرب علم القيافة والعيافة يستدلون بالآثار على الأشياء ، ولا يعلم وجهه ، وكأنه كان من الجن وهو نوع من الكهانة ، وقيل : أي من يشبه الأعرابي في الصورة ولعله الخضر أو اليأس.

« إني أرى وجه مقتول » أي أرى وجها يدل على أن صاحبه مقتول والرواسي

٢٩

الرواسي لانقادت لك قال فجئت حتى وقفت على باب ابن هبيرة فاستأذنت فلما دخلت عليه قال أتتك بحائن رجلاه يا غلام النطع والسيف ثم أمر بي فكتفت وشد رأسي وقام علي السياف ليضرب عنقي فقلت أيها الأمير لم تظفر بي عنوة وإنما جئتك من ذات نفسي وهاهنا أمر أذكره لك ثم أنت وشأنك فقال قل فقلت أخلني فأمر من حضر فخرجوا فقلت له جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك قد آجرت عليك مولاك ـ رفيدا فلا تهجه بسوء فقال والله لقد قال لك جعفر [ بن محمد ] هذه المقالة وأقرأني السلام فحلفت له فردها علي ثلاثا ثم حل أكتافي ثم قال لا يقنعني منك حتى تفعل بي ما فعلت بك قلت ما تنطلق يدي بذاك ولا تطيب به نفسي فقال

الثوابت « أتتك بحائن رجلاه (١) » الخطاب لنفسه وفاعل أتت رجلاه ، والبارز للحائن والباء للتعدية ، وهو مثل يضرب لمن أعان على نفسه بعد خيانته.

وفي القاموس : النطع بالكسر وبالفتح وبالتحريك وكعنب بساط من أديم ، انتهى ، وإحضاره هنا ليفرش تحت من أريد قتله بالسيف في المجلس لئلا يسيل الدم إلى غيره وهو منصوب بتقدير أحضر « كتفت » على بناء المجهول ، وفي القاموس : كتف فلانا كضرب شد يده إلى خلف بالكتاف وهو بالكسر حبل يشد به ، وشد الرأس لسهولة ضرب العنق.

« لم تظفر بي عنوة » أي لم تأخذني قهرا « من ذات نفسي » أي من جهة نفسي من غير أن يجيء بي أحد « أخلني » بفتح الهمزة أي اجعلني معك في خلوة « لا يقنعني منك » على بناء الأفعال أي لا يرضيني منك أو لا اكتفى منك بغير ذلك ، وحتى بمعنى إلا ، وتفعل بتقدير أن تفعل ، « وأطلقته » أي حللت كتافه.

__________________

(١) الحائن : ـ بالحاء المهملة ـ بمعنى الهالك ، من حان الرجل : هلك. وهذا المثل مذكور في مجمع الأمثال وغيره ، وما أدري أنّ التفسير الآتي في قوله : وهو مثل يضرب اه ، من كلام الشارح أو غيره والله أعلم.

٣٠

والله ما يقنعني إلا ذاك ففعلت به كما فعل بي وأطلقته فناولني خاتمه وقال أموري في يدك فدبر فيها ما شئت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن الخيبري ، عن يونس بن ظبيان ومفضل بن عمر وأبي سلمة السراج والحسين بن ثوير بن أبي فاختة قالوا كنا عند أبي عبد الله عليه‌السلام فقال عندنا خزائن الأرض ومفاتيحها ولو شئت أن أقول بإحدى رجلي أخرجي ما فيك من الذهب لأخرجت قال ثم قال بإحدى رجليه فخطها في الأرض خطا فانفرجت الأرض ثم قال بيده فأخرج سبيكة ذهب قدر شبر ثم قال انظروا حسنا فنظرنا فإذا سبائك كثيرة بعضها على بعض يتلألأ فقال له بعضنا جعلت فداك أعطيتم ما أعطيتم وشيعتكم محتاجون؟ قال

وفيه معجزة منه عليه‌السلام إذ اكتفاء هذا الجبار بمحض هذا الخبر الذي أتى به نفسه ، ونزوله عن مثل هذا الغضب الشديد إلى هذا اللطف والإكرام لم يكن إلا بالإعجاز.

الحديث الرابع ضعيف على المشهور.

« أن أقول بإحدى رجلي » ضمن القول معنى الضرب ، وقد يجيء بمعناه أيضا قال ابن الأنباري هو المراد به في قوله : ثم قال بإحدى رجليه ، وقوله : ثم قال بيده ، وقال الجزري : العرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان ، فتقول : قال بيده ، أي أخذ ، وقال برجله أي مشى ، وقالت العينان سمعا وطاعة ، أي أومأت ، وقال بالماء على يده أي قلب ، وقال بثوبه أي رفعه ، كل ذلك على المجاز والاتساع ، انتهى.

ويقال : قال بمعنى أقبل وبمعنى مال ، واستراح وضرب وغلب ، وغير ذلك ، والظاهر حدوث تلك السبائك بقدرة الله تعالى في تلك الحال « إن الله سيجمع » أي في زمان المهدي عليه‌السلام ، وحاصل الجواب أنه ليس صلاحهم في هذا الزمان في إظهار تلك الأمور وعند حصول المصلحة في آخر الزمان سيظهر ذلك ، مع أن نعيم الآخرة

٣١

فقال إن الله سيجمع لنا ولشيعتنا الدنيا والآخرة ويدخلهم جنات النعيم ويدخل عدونا الجحيم.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن المعلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير قال كان لي جار يتبع السلطان فأصاب مالا فأعد قيانا وكان يجمع الجميع إليه ويشرب المسكر ويؤذيني فشكوته إلى نفسه غير مرة فلم ينته فلما أن ألححت عليه فقال لي يا هذا أنا رجل مبتلى وأنت رجل معافى فلو عرضتني لصاحبك رجوت أن ينقذني الله بك فوقع ذلك له في قلبي فلما صرت إلى أبي عبد الله عليه‌السلام ذكرت له حاله فقال لي إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له يقول لك جعفر بن محمد دع ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة فلما رجعت إلى الكوفة أتاني فيمن أتى فاحتبسته عندي حتى خلا منزلي ثم قلت له يا هذا إني ذكرتك لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام فقال لي إذا رجعت إلى الكوفة سيأتيك فقل له يقول لك جعفر بن محمد دع

مختص بهم ، فإن أصابهم فقر أو شدة في الدنيا فليصبروا عليها ليكمل لهم النعيم في العقبى.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

« يتبع السلطان » أي يتولى من قبل خليفة الجور ويواليه ، والقيان جمع قينة بالفتح وهي الأمة المغنية أو الأعم ، وفي القاموس : الجمع جماعة الناس ، والجمع جموع كالجميع « ويؤذيني » أي بالغناء ونحوه « فلما أن ألححت » أن زائدة لتأكيد الاتصال « مبتلى » أي ممتحن بالأموال والمناصب ، مغرور بها ، أو مبتلى بتسلط النفس والشيطان علي لما ذكر ، والمراد أني مع الحال التي أنا عليها لا أرجو المغفرة بعد التوبة أيضا فلذا لا أترك لذة الدنيا ، والمعافي ضد المبتلي ، وفي القاموس : عرض الشيء له أظهره له ، وعليه أراه إياه.

وفي كشف الغمة نقلا من دلائل الحميري : فلو عرضتني لصاحبك أن ينقذني الله أي ينجيني « وأضمن » منصوب بتقدير أن بعد الواو لتقدم الأمر.

٣٢

ما أنت عليه وأضمن لك على الله الجنة قال فبكى ثم قال لي الله لقد قال لك أبو عبد الله هذا قال فحلفت له أنه قد قال لي ما قلت فقال لي حسبك ومضى فلما كان بعد أيام بعث إلي فدعاني وإذا هو خلف داره عريان فقال لي يا أبا بصير لا والله ما بقي في منزلي شيء إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى قال فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثم لم تأت عليه أيام يسيرة حتى بعث إلي أني عليل فأتني فجعلت أختلف إليه وأعالجه حتى نزل به الموت فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه فغشي عليه غشية ثم أفاق فقال لي يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا ثم قبض رحمة الله عليه فلما حججت أتيت أبا عبد الله عليه‌السلام فاستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداء من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والأخرى في دهليز داره يا أبا بصير قد وفينا لصاحبك.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن جعفر بن محمد بن الأشعث قال قال لي أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به وما كان عندنا منه ذكر ولا معرفة شيء مما عند الناس قال قلت له ما ذاك قال إن أبا جعفر يعني أبا الدوانيق قال لأبي محمد بن الأشعث يا محمد ابغ لي رجلا

« الله » بالجر بتقدير حرف القسم ، وقيل : منصوب بتقدير أذكر ، قوله : حسبك ، أي هذا كاف لك فيما أردت من انتهائي عما كنت فيه « خلف داره » في كشف الغمة خلف باب داره وهو الظاهر « لا والله » لا ، تمهيد للنفي بعده « إلا وقد أخرجته » أي أعطيته إلى أصحابه ، أو تصدقت به « فجعلت » أي فشرعت « حتى نزل به الموت » أي علاماته ومقدماته ، وفي النهاية فإذا ابنه إبراهيم يجود بنفسه ، أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به والجود الكرم ، يريد به أنه كان في النزع وسياق الموت.

الحديث السادس : مجهول ، ومحمد بن الأشعث غير ابن القيس الذي مر أنه كان من قتلة الحسين عليه‌السلام وأبوه من قتلة أمير المؤمنين عليه‌السلام لبعد وجوده إلى هذا الزمان « ولا معرفة شيء » في البصائر بشيء « يعني أبا الدوانيق » كلام صفوان ومراده المنصور ،

٣٣

له عقل يؤدي عني فقال له أبي قد أصبته لك هذا فلان بن مهاجر خالي قال فأتني به.

قال فأتيته بخالي فقال له أبو جعفر يا ابن مهاجر خذ هذا المال وأت المدينة وأت عبد الله بن الحسن بن الحسن وعدة من أهل بيته فيهم جعفر بن محمد فقل لهم إني رجل غريب من أهل خراسان وبها شيعة من شيعتكم وجهوا إليكم بهذا المال وادفع إلى كل واحد منهم على شرط كذا وكذا فإذا قبضوا المال فقل إني رسول وأحب أن يكون معي خطوطكم بقبضكم ما قبضتم فأخذ المال وأتى المدينة فرجع إلى أبي الدوانيق ومحمد بن الأشعث عنده فقال له أبو الدوانيق ما وراءك قال أتيت القوم وهذه خطوطهم بقبضهم المال خلا جعفر بن محمد فإني أتيته وهو يصلي في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلست خلفه وقلت حتى ينصرف فأذكر له ما ذكرت لأصحابه فعجل وانصرف ثم التفت إلي فقال يا هذا اتق الله ولا تغر أهل بيت محمد فإنهم قريبو (١) العهد بدولة

قال في المغرب : لقب أبو جعفر المنصور وهو الثاني من خلفاء بني العباس بالدوانيقي وبابن الدوانيق لأنه لما أراد حفر الخندق بالكوفة قسط على كل منهم دانق فضة وأخذه وصرفه في الحفر ، انتهى.

« ابغ لي رجلا » أي أطلب « خذ هذا المال » في البصائر بعده : فأعطاه ألوف دنانير أو ما شاء الله من ذلك وأت المدينة ، إلخ.

« وعدة من أهل بيته فيهم جعفر » هو كلام ابن الأشعث اختصارا لكلام المنصور « على شرط كذا وكذا » أي إرادة الخروج أو إذا خرجتم نكون معكم وفي حزبكم وتتعزز بدولتكم وأشباه ذلك ، وكان غرضه أن يكون الشرط مع كل منهم يعني بدون اطلاع شرط الآخرين ، وذلك ليعلم من يريد الخروج ممن لا يريد ، وفي البصائر وجهوا إليك بهذا المال فادفع إلى كل واحد منهم على هذا الشرط كذا وكذا ، إلى قوله بقبضكم ما قبضتم مني ، إلى قوله أتيت القوم وفعلت ما أمرتني به ، وهذه خطوطهم ، إلى قوله : وقلت ، أي في نفسي.

قوله : ولا تغر ، أي لا تخدع وفي البصائر ولا تغرن أهل بيت محمد ، وقل لصاحبك

__________________

(١) كذا في النسخ والظاهر « قريبوا » بالواو كما في البصائر.

٣٤

بني مروان وكلهم محتاج فقلت وما ذاك أصلحك الله قال فأدنى رأسه مني وأخبرني بجميع ما جرى بيني وبينك حتى كأنه كان ثالثنا قال فقال له أبو جعفر يا ابن مهاجر اعلم أنه ليس من أهل بيت نبوة إلا وفيه محدث وإن جعفر بن محمد محدثنا اليوم وكانت هذه الدلالة سبب قولنا بهذه المقالة.

٧ ـ سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر جميعا ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال قبض أبو عبد الله جعفر بن محمد عليهما‌السلام وهو ابن خمس وستين سنة في عام ثمان وأربعين ومائة وعاش بعد أبي جعفر عليه‌السلام أربعا وثلاثين سنة.

٨ ـ سعد بن عبد الله ، عن أبي جعفر محمد بن عمر بن سعيد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام قال سمعته يقول أنا كفنت أبي في ثوبين شطويين كان يحرم فيهما وفي قميص من قمصه وفي عمامة كانت لعلي بن الحسين عليه‌السلام وفي برد اشتراه بأربعين دينارا.

اتق الله ولا تغرن أهل بيت محمد فإنهم قريبوا العهد بدولة بني مروان ، يعني أن بني مروان لما ظلموهم وصيروا محتاجين إنما أخذوا هذه الأموال للحاجة والفاقة لا لقصد الخروج ، أو أنهم لما وقع عليهم الظلم في دولة بني مروان وانتهت الدولة إليكم وهم أبناء أعمامكم فينبغي أن ترحموهم وتعينوهم ولا تكونوا مثل هؤلاء بصدد استيصالهم ، والأول أظهر ، والمحدث بفتح الدال المشددة قد مر معناه في أوائل كتاب الحجة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الثامن : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر عمرو بن سعيد.

وفي الصحاح شطا اسم قرية بناحية مصر تنسب إليها الثياب الشطوية ، وفي القاموس البرد بالضم ثوب مخطط وأكسية يلتحف بها ، والواحدة بهاء.

أقول : وسيأتي في كتاب الجنائز : اشتريته بأربعين دينارا لو كان اليوم لساوى أربعمائة دينارا وكأنه عليه‌السلام اشتراه بوكالة أبيه عليهما‌السلام

٣٥

باب

مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام

ولد أبو الحسن موسى عليه‌السلام بالأبواء سنة ثمان وعشرين ومائة وقال بعضهم تسع وعشرين ومائة وقبض عليه‌السلام لست خلون من رجب من سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن أربع أو خمس وخمسين سنة وقبض عليه‌السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك وكان هارون حمله من المدينة لعشر ليال بقين من شوال سنة تسع وسبعين ومائة وقد قدم

باب مولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام

قال الطبرسي (ره) في إعلام الورى : ولد عليه‌السلام بالأبواء منزل بين مكة والمدينة لسبع خلون من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة وقبض عليه‌السلام ببغداد في حبس السندي ابن شاهك لخمس بقين من رجب ويقال أيضا لخمس خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة وأمه أم ولد يقال لها حميدة البربرية ، ويقال لها حميدة المصفاة وكانت مدة إمامته خمسا وثلاثين سنة وقام بالأمر وله عشرون سنة ، وكانت في أيام إمامته بقية ملك المنصور أبي جعفر ، ثم ملك ابنه المهدي عشر سنين وشهرا ، ثم ملك ابنه الهادي موسى بن محمد سنة وشهرا ، ثم ملك هارون بن محمد الملقب بالرشيد ، واستشهد بعد مضي خمس عشرة سنة من ملكه مسموما في حبس السندي بن شاهك ، ودفن بمدينة السلام في المقبرة المعروفة بمقابر قريش.

وقال ابن شهرآشوب أمه حميدة المصفاة ابنة صاعد البربري ويقال أنها أندلسية أم ولد تكنى لؤلؤة ، ولد عليه‌السلام بالأبواء موضع بين مكة والمدينة يوم الأحد لسبع خلون من صفر سنة ثمان وعشرين ومائة واستشهد مسموما في حبس الرشيد على يد السندي بن شاهك يوم الجمعة لست بقين من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة وقيل : سنة ست وثمانين ، وكان مقامه مع أبيه عشرين سنة ، ويقال : تسع عشرة سنة ، وبعد أبيه أيام إمامته خمسا وثلاثين سنة ، ودفن ببغداد بالجانب الغربي في المقبرة المعروفة

٣٦

هارون المدينة منصرفه من عمرة شهر رمضان ثم شخص هارون إلى الحج وحمله معه ثم انصرف على طريق البصرة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثم أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندي بن شاهك فتوفي عليه‌السلام في حبسه ودفن ببغداد في مقبرة قريش وأمه أم

بمقابر قريش من باب التين فصارت باب الحوائج ، وعاش أربعا وخمسين سنة.

وقال في الدروس ولد بالأبواء يوم الأحد سابع صفر.

وفي كشف الغمة عن محمد بن طلحة مات لخمس بقين من رجب ، وفي المصباح في الخامس والعشرين من رجب كانت وفاة موسى بن جعفر عليه‌السلام

وقال في روضة الواعظين وفاته كان ببغداد يوم الجمعة لست بقين من رجب ، وقيل : لخمس خلون منه وكذا قال في الدروس.

وفي إرشاد المفيد قبض عليه‌السلام ببغداد في حبس السندي بن شاهك لست خلون من رجب سنة ثلاث وثمانين ومائة.

أقول : يظهر من الأخبار أن المهدي أشخصه عليه‌السلام من المدينة مرة ثم أطلقه لمعجزة ظهرت عليه ، ويومئ بعض الأخبار إلى أنه حبسه الرشيد أيضا مرة ثم أطلقه لمعجزة ظهرت عليه لكنه لم يثبت رجوعه عليه‌السلام إلى المدينة.

والمشهور في حبسه أخيرا أن الرشيد جعل ابنه الأمين في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث فحسده يحيى بن خالد البرمكي ، وقال : إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولة ولدي ، فاحتال على جعفر بن محمد وكان يقول بالإمامة فسعى به إلى الخليفة ولذلك سعى بموسى عليه‌السلام أيضا وحج الرشيد لعنه الله لذلك فبدأ بالمدينة ثم أمر به فأخذ من المسجد وهو قائم يصلي فأدخل إليه فقيده وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان هو في إحداهما ووجه مع كل واحدة منهم خيلا فأخذ بواحدة على طريق البصرة والأخرى على طريق الكوفة ليعمى على الناس أمره ، وكان في التي مضت إلى البصرة ، وأمر الرسول أن يسلمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور ، وكان على البصرة حينئذ فمضى به فحبسه عنده سنة ، ثم كتب إلى الرشيد أن خذه مني

٣٧

ولد يقال لها حميدة.

١ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن السندي القمي قال حدثنا عيسى بن عبد الرحمن ، عن أبيه قال دخل ابن عكاشة بن محصن الأسدي على أبي جعفر وكان أبو عبد الله عليه‌السلام قائما عنده فقدم إليه عنبا فقال حبة حبة يأكله الشيخ الكبير والصبي الصغير وثلاثة وأربعة يأكله من يظن أنه لا يشبع وكله حبتين حبتين فإنه يستحب فقال لأبي جعفر عليه‌السلام : لأي شيء لا تزوج أبا عبد الله

وسلمه إلى من شئت وإلا خليت سبيله ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجة فما أقدر على ذلك.

فوجه من تسلمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد ، فبقي عنده مدة طويلة وأراده الرشيد على شيء من أمره فأبى ، فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلمه منه ، وأراد ذلك منه فلم يفعل ، وبلغه أنه عنده في رفاهية وسعة وهو حينئذ بالرقة فأنفذ مسرور الخادم بكتاب إلى العباس بن محمد وكتاب آخر إلى السندي بن شاهك فدعا العباس الفضل وضربه مائة سوط وسلم موسى عليه‌السلام إلى السندي ، فلما سمع يحيى بن خالد ذلك دخل على الرشيد وتكفل أن يفعل ما يأمره في أمره عليه‌السلام وخرج يحيى بنفسه على البريد حتى أتى بغداد وأظهر أنه ورد لتعديل السواد ، ودعا السندي لعنة الله عليهما وأمره بسمة عليه‌السلام

وروي عن الرضا عليه‌السلام أنه سمه عليه‌السلام في ثلاثين رطبة.

الحديث الأول ضعيف.

وفي القاموس عكاشة كرمانة ويخفف عكاشة الغنوي وابن ثور وابن محصن الصحابيون.

قوله عليه‌السلام : حبة حبة كأنه إخبار عما هو الشائع بين الناس ثم أخبر بما هو المستحب لكل الناس وهو الأكل حبتين ، ويحتمل أن يكون الأكل حبة حبة للشيخ الكبير والصغير مستحبا ولغيرهما الأكل حبتين ، والأزيد للحرص مكروه ،

٣٨

فقد أدرك التزويج قال وبين يديه صرة مختومة فقال أما إنه سيجيء نخاس من أهل بربر فينزل دار ميمون فنشتري له بهذه الصرة جارية قال فأتى لذلك ما أتى فدخلنا يوما على أبي جعفر عليه‌السلام فقال ألا أخبركم عن النخاس الذي ذكرته لكم قد قدم فاذهبوا فاشتروا بهذه الصرة منه جارية قال فأتينا النخاس فقال قد بعت ما كان عندي إلا جاريتين مريضتين إحداهما أمثل من الأخرى قلنا فأخرجهما حتى ننظر إليهما فأخرجهما فقلنا بكم تبيعنا هذه المتماثلة قال بسبعين دينارا قلنا أحسن قال لا أنقص من سبعين دينارا قلنا له نشتريها منك بهذه الصرة ما بلغت ولا ندري ما فيها وكان عنده رجل أبيض الرأس واللحية قال فكوا وزنوا فقال النخاس

ويؤيده ما روي في صحيفة الرضا عليه‌السلام عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلوا العنب حبة حبة فإنه أهنأ وأمرأ ، فيحمل هذا على الشيخ والطفل جمعا.

وفي القاموس : النخاس بياع الدواب والرقيق وقال : البربر جيل ، والجمع البرابرة ، وهم بالغرب ، وأمة أخرى بين الحبوش والزنج يقطعون مذاكير الرجال ويجعلونها مهور نسائهم ، وقال في المغرب : البربر قوم بالمغرب جفاة كالأعراب في دقة الدين وقلة العلم ، انتهى.

قوله : أمثل من الأخرى ، أي أقرب إلى البر أو أفضل وأحسن ، وكذا المتماثلة يحتمل المعنيين وإن كان الأول فيه أظهر قال في القاموس : تماثل العليل قارب البرؤ ، والأمثل الأفضل ، والجمع أماثل والمثالة الفضل ، انتهى.

« قلنا أحسن » أمر أي أنقص شيئا ، وقيل : أفعل التفضيل ، بتقدير قل أحسن مما قلت « ما بلغت » قيل : هو بدل هذه الصرة ، والشيخ لعله الخضر عليه‌السلام أو ملك كما هو الظاهر مما سيأتي ، ويؤيده الخبر الثاني.

« فكوا » أي أنقضوا ختم الصرة ، وقيل : أنها للصرة ، وكذا ضمير نقصت

٣٩

لا تفكوا فإنها إن نقصت حبة من سبعين دينارا لم أبايعكم فقال الشيخ ادنوا فدنونا وفككنا الخاتم ووزنا الدنانير فإذا هي سبعون دينارا لا تزيد ولا تنقص فأخذنا الجارية فأدخلناها على أبي جعفر عليه‌السلام وجعفر قائم عنده فأخبرنا أبا جعفر بما كان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لها ما اسمك قالت حميدة فقال حميدة في الدنيا محمودة في الآخرة أخبريني عنك أبكر أنت أم ثيب قالت بكر قال وكيف ولا يقع في أيدي النخاسين شيء إلا أفسدوه فقالت قد كان يجيئني فيقعد مني مقعد الرجل من المرأة فيسلط الله عليه رجلا أبيض الرأس واللحية فلا يزال يلطمه حتى يقوم عني ففعل بي مرارا وفعل الشيخ به مرارا فقال يا جعفر خذها إليك فولدت خير أهل الأرض موسى بن جعفر عليهما‌السلام.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن أحمد ، عن علي بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن سابق بن الوليد ، عن المعلى بن خنيس أن أبا عبد الله عليه‌السلام قال حميدة مصفاة من الأدناس كسبيكة الذهب ما زالت الأملاك تحرسها حتى أديت

و « حبة » منصوب أي وزن شعيرة أو ضمير إنها للقصة وحبة مرفوع فاعل نقصت ، وحميدة فعيلة بمعنى فاعلة بقرينة الهاء ويحتمل التصغير « أفسدوه » أي أزالوا بكارته « يلطمه » بكسر الطاء ، في القاموس : اللطم ضرب الخد وصفحة الجسد بالكف مفتوحة « فولدت » كلام الراوي.

الحديث الثاني ضعيف على المشهور.

والأدناس العيوب وذمائم الأخلاق ، و الأملاك جمع الملك والمشهور في جمعه الملائك والملائكة فإنه قال الأكثر الملك من الملائكة واحد وجمع وأصله مالك فقدم اللام وأخر الهمزة ، ووزنه مفعل من الألوكة وهي الرسالة ، ثم تركت الهمزة لكثرة الاستعمال فقيل : ملك ، فلما جمعوه ردوه إلى أصله ، فقالوا : ملائك ، فزيدت التاء للمبالغة ، أو لتأنيث الجمع ، وعن ابن كيسان هو فعل من الملك ، وعن أبي عبيدة مفعل من لاك إذا أرسل.

٤٠