مرآة العقول الجزء ٧

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الحديث
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 378

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
الناشر: دار الحديث
تصنيف:

الصفحات: 378
المشاهدات: 8869
تحميل: 5466


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 378 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 8869 / تحميل: 5466
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 7

مؤلف:
الناشر: دار الحديث
العربية

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه جلس إلى حائط مائل يقضي بين الناس فقال بعضهم لا تقعد تحت هذا الحائط فإنه معور فقال أمير المؤمنين

______________________________________________________

وفي المصباح : الخطأ مهموزا ضد الصواب يقصر ويمد ، وهو اسم من أخطأ فهو مخطئ ، قال أبو عبيدة : خطىء خطاء من باب علم وأخطأ بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد ، وقال غيره : خطىء في الدين وأخطأ في كل شيء عامدا أو كان غير عامد ، وأخطأ الحق بعد عنه ، وأخطأه السهم تجاوزه ولم يصبه ، وتخفيف الرباعي جائز.

وقال الزمخشري في الأساس في المهموز : ومن المجاز لن يخطأك ما كتب لك ، وما أخطئك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك ، وقال في المعتل : ومن المجاز تخطأه المكروه ، انتهى.

وأقول : فظهر أن الهمزة أظهر ، وحاصل المعنى أن ما أصابه في الدنيا كان يجب أن يصيبه ولم يكن بحيث يتجاوزه إذا لم يبالغ السعي فيه ، وما لم يصبه في الدنيا لم يكن يصيبه إذا بالغ في السعي ، أو المعنى أن ما أصابه في التقدير الأزلي لا يتجاوزه وإن قصر في السعي وكذا العكس ، وهذا الخبر بظاهره مما يوهم الجبر ، ولذا أول وخص بما لم يكلف العبد به فعلا وتركا ، أو بما يصل إليه بغير اختياره من النعم والبلايا ، والصحة والمرض وأشباهها ، وقد أوردنا الكلام في أمثاله في كتاب العدل [ من البحار ].

الحديث الخامس : حسن كالصحيح.

« فإنه معور » على بناء الفاعل من باب الأفعال أي ذو شق وخلل يخاف منه ، أو على بناء المفعول من التفعيل أو الأفعال أي ذو عيب ، قال في النهاية : العوار بالفتح العيب وقد يضم ، والعورة كل ما يستحيي منه إذا ظهر ، وفيه رأيته وقد طلع في طريق معورة ، أي ذات عورة يخاف فيها الضلال والانقطاع ، وكل عيب وخلل في

٣٦١

صلوات الله عليه حرس امرأ أجله فلما قام سقط الحائط قال وكان أمير المؤمنين

______________________________________________________

شيء فهو عورة ، وفي الأساس مكان معورة ذو عورة.

قوله عليه‌السلام : حرس امرءا أجله ، امرءا مفعول حرس ، وأجله فاعله ، وهذا مما استعمل فيه النكرة في سياق الإثبات للعموم ، أي حرس كل امرئ أجله كقولهم : أنجز حر ما وعد ، ويؤيده ما في النهج أنه قالعليه‌السلام : كفى بالأجل حارسا ، ومن العجب ما ذكره بعض الشارحين أن امرءا مرفوع على الفاعلية وأجله منصوب على المفعولية والعكس محتمل ، والمقصود الإنكار لأن أجل المرء ليس بيده حتى يحرسه ، انتهى.

ويشكل هذا بأنه يدل على جواز إلقاء النفس إلى التهلكة وعدم وجوب الفرار عما يظن عنده الهلاك ، والمشهور عند الأصحاب خلافه.

ويمكن أن يجاب عنه بوجوه : الأول : أنه يمكن أن يكون هذا الجدار مما يظن عدم انهدامه في ذلك الوقت ولكن الناس كانوا يحترزون عن ذلك بالاحتمال البعيد لشدة تعلقهم بالحياة ، فأجابعليه‌السلام : بأن الأجل حارس ولا يحسن الحذر عند الاحتمالات البعيدة لذلك ، وإنما تحترز عند الظن بالهلاك تعبدا وهذا ليس من ذلك ، لكنقوله عليه‌السلام : فلما قام « إلخ » مما يبعد هذا الوجه ويقعده وإن أمكن توجيهه.

الثاني : أن يقال : هذا كان من خصائصهعليه‌السلام وأضرابه ، حيث كان يعلم وقت أجله بإخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره ، فكان يعلم أن هذا الحائط لا يسقط في ذلك الوقت وإن كان مشرفا على الانهدام لعدم الكذب في إخباره ، وأما من لم يعلم ذلك فهو مكلف بالاحتراز ، وكون هذا من اليقين لكونه متفرعا على اليقين بخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الثالث : أن يقال أنه من خصائصهعليه‌السلام على وجه آخر ، وهو أنهعليه‌السلام كان يعلم أن هذا الحائط لا ينهدم في هذا الوقت ، فلما علم أنه حان وقت سقوطه قام

٣٦٢

عليه‌السلام مما يفعل هذا وأشباهه وهذا اليقين.

______________________________________________________

فسقط ، ويؤيده ما رواه الصدوق في التوحيد بإسناده عن الأصبغ بن نباتة أن أمير المؤمنينعليه‌السلام عدل من عند حائط مائل إلى حائط آخر فقيل له : يا أمير المؤمنين! تفر من قضاء الله؟ قال : أفر من قضاء الله إلى قدر الله.

ولعل المعنى أني لما علمت أنه ينهدم وأعلم أن الله قدر لي أجلا متأخرا عن هذا الوقت فأفر من هذا إلى أن يحصل لي القدر الذي قدره الله لي ، أو المراد بقدر الله أمره وحكمه ، أي إنما أفر من هذا القضاء بأمره تعالى ، أو المعنى أن الفرار أيضا من تقديره تعالى ، فلا ينافي كون الأشياء بقضاء الله تعالى ، الفرار من البلايا ، والسعي لتحصيل ما يجب السعي له فإن كل ذلك داخل في علمه وقضائه ، ولا ينافي شيء من ذلك اختيار العبد كما حققناه في محله.

ويؤيد الوجوه كلها ما روي في الخصال بإسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خمسة لا يستجاب لهم ، أحدهم رجل مر بحائط مائل وهو يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه. « الخبر ».

الرابع : ما قال بعضهم : التكليف بالفرار مختص بغير الموقن لأن الموقن يتوكل على الله ويفوض أمره إليه فيقيه عن كل مكروه كما قال عز وجل : «أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ »(١) وكما قال مؤمن آل فرعون : «وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا »(٢) وسر ذلك أن المؤمن الموقن المنتهى إلى حد الكمال لا ينظر إلى الأسباب والوسائط في النفع والضرر ، وإنما نظره إلى مسببها ، وأما من لم يبلغ ذلك الحد من اليقين فإنه يخاطب بالفرار قضاء لحق الوسائط.

« وهذا اليقين » أي من ثمرات اليقين بقضاء الله وقدره وقدرته وحكمته ولطفه

__________________

(١) سورة الزمر : ٣٦.

(٢) سورة غافر : ٤٥.

٣٦٣

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما »(١) فقال أما إنه ما كان ذهبا ولا

______________________________________________________

ورأفته وصدق أنبيائه ورسله.

الحديث السادس : صحيح.

«وَأَمَّا الْجِدارُ »إلخ ، هذا في قصة موسى والخضرعليهما‌السلام حيث قال تعالى : «فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ » هي أنطاكية وقيل : إيلة بصرة ، وقيل : باجروان أرمنية ، وقيل : هي قرية على ساحل البحر يقال لها ناصرة ، وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام «اسْتَطْعَما أَهْلَها » أي سألاهم الطعام «فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما » أي لم يضيفهما أحد من أهلها ، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لم يضيفوهما ولا يضيفون بعدهما أحدا إلى يوم القيامة «فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ » أي أشرف على أن ينهدم استعيرت الإرادة للمشارفة «فَأَقامَهُ » بعمارته أو بعمود عمد به ، وقيل : مسحه بيده فقام ، وقيل : نقضه وبناه «قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً » قيل : هو تحريص على أخذ الجعل ليسدا به جوعتهما ، وقيل : تعريض بأنه فضول.

فلما أراد الخضر فراق موسىعليهما‌السلام بين له علل ما فعله حتى قال : «وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ » أي في القرية المذكورة «وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما » قال الطبرسيرحمه‌الله الكنز هو كل مال مذخور من ذهب أو فضة وغير ذلك ، واختلف في هذا الكنز فقيل : كانت صحف علم مدفونة تحته عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد ، قال ابن عباس : ما كان ذلك الكنز إلا علما ، وقيل : كان كنزا من الذهب والفضة رواه أبو الدرداء عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقيل : كان لوحا من الذهب وفيه مكتوب : عجبا لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ، عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب ، عجبا لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل ، عجبا لمن رأى الدنيا

__________________

(١) سورة الكهف : ٨٢.

٣٦٤

فضة وإنما كان أربع كلمات لا إله إلا أنا من أيقن بالموت لم يضحك سنه ومن

______________________________________________________

وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ، لا إله إلا الله محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ابن عباس والحسن ، وروي ذلك عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وفي بعض الروايات زيادة ونقصان ، وهذا القول يجمع القولين الأولين لأنه يتضمن أن الكنز كان مالا كتب فيه علم فهو مال وعلم.

«وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً » بين سبحانه أنه حفظ الغلامين بصلاح أبيهما ، ولم يذكر منهما صلاحا عن ابن عباس ، وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كان بينهما وبين ذلك الأب الصالح سبعة آباء ، وقالعليه‌السلام : إن الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ، فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله.

«فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما » قال البيضاوي : أي الحلم وكمال الرأي «وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ » أي مرحومين من ربك ، ويجوز أن يكون علة أو مصدرا لأراد ، فإن إرادة الخير رحمة ، وقيل : يتعلق بمحذوف تقديره : فعلت ما فعلت رحمة من ربك ، انتهى.

قوله عليه‌السلام : ما كان ذهبا ولا فضة ، أقول : يدل على أن الأخبار الواردة بأنه كان من ذهب محمول على التقية ، ويمكن أن يحمل هذا الخبر على أنه لم يكن كونه كنزا وادخاره وحفظ الخضرعليه‌السلام له لكونه ذهبا بل للعلم الذي كان فيه.

وإنما اقتصر على هذه الأربع لأن الأولى مشتملة على توحيد الله وتنزيهه عن كل ما يليق به سبحانه ، والثانية على تذكر الموت والاستعداد لما بعده ، والثالثة على تذكر أحوال القيامة ، وأهوالها الموجب لعدم الفرح بالذات الدنيا والرغبة في زخارفها ، والرابعة على اليقين بالقضاء والقدر المتضمن لعدم الخشية من غير الله وهي من أعظم أركان الإيمان ومن أمهات الصفات الكمالية.

« لم يضحك سنة » إنما نسب الضحك إلى السن لإخراج التبسم فإنه ممدوح ،

٣٦٥

أيقن بالحساب لم يفرح قلبه ومن أيقن بالقدر «لَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ ».

٧ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن صفوان الجمال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن الضار النافع هو الله عز وجل.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي حمزة ، عن سعيد بن قيس الهمداني قال نظرت يوما في الحرب إلى رجل عليه ثوبان فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلت يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع فقال نعم يا سعيد بن قيس إنه ليس من عبد إلا وله من الله حافظ

______________________________________________________

وكان ضحك رسول الله تبسما ، وقراءته بالنصب بأن يكون المراد بالسن العمر بعيد ، وظاهر أن تذكر الموت والأهوال التي بعده يصير الإنسان مغموما مهموما متهيئا لرفع تلك الأهوال ، فلا يدع في قلبه فرحا من اللذات يصير سببا لضحكه ، وكذا اليقين بالحساب لا يدع فرحا في قلب أولي الألباب ، وكذا من أيقن بأن جميع الأمور بقضاء الله وقدره علم أنه الضار النافع في الدنيا والآخرة فلا يخشى ولا يرجو غيره سبحانه.

الحديث السابع : صحيح.

« والله هو الضار النافع » لأن كل نفع وضرر بتقديره تعالى وإن كان بتوسط الغير وأن النفع والضرر الحقيقيان منه تعالى ، وأما الضرر اليسير من الغير مع الجزاء الكثير في الآخرة فليس بضرر حقيقة ، وكذا المنافع الفانية الدنيوية إذا كانت مع العقوبات الأخروية فهو عين الضرر ، وبالجملة كل نفع وضرر يعتد بهما فهو من عنده تعالى ، وأيضا كل نفع أو ضرر من غيره فهو بتوفيقه أو خذلانه سبحانه.

الحديث الثامن : حسن.

« في مثل هذا الموضع » فيه تقدير أي تكتفي بلبس القميص والإزار من غير

٣٦٦

وواقية معه ملكان يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر فإذا نزل القضاء خليا بينه وبين كل شيء.

______________________________________________________

درع وجنة في مثل هذا الموضع« حافظ » أي ملك حافظ لأعماله وملائكة واقية له من البلايا دافعة لها عنه كما قال تعالى : «لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ »(١) وروي علي بن إبراهيم في تفسيرها عن أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام «مِنْ أَمْرِ اللهِ » يقول : بأمر الله من أن يقع في ركي(٢) أو يقع عليه حائط أو يصيبه شيء حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه يدفعونه إلى المقادير ، وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان يحفظانه بالنهار يتعاقبانه ، وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال : إنما نزلت « له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله ».

وقال الطبرسي (ره) في سياق الوجوه المذكورة في تفسيرها : والثاني أنهم ملائكة يحفظونه من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير فيحولون بينه وبين المقادير عن عليعليه‌السلام ، وقيل : هم عشرة أملاك على كل آدمي يحفظونه من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله أي يطوفون به كما يطوف الموكل بالحفظ ، وقيل يحفظون ما تقدم من عمله وما تأخر إلى أن يموت فيكتبونه ، وقيل : يحفظونه من وجوه المهالك والمعاطب ، ومن الجن والإنس والهوام ، وقال ابن عباس : يحفظونه مما لم يقدر نزوله ، فإذا جاء المقدر بطل الحفظ ، وقيل : من أمر الله أي بأمر الله ، وقيل : يحفظونه عن خلق الله فمن بمعنى عن ، قال كعب : لو لا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفنكم الجن ، انتهى.

وروى الصدوق (ره) في التوحيد بإسناده عن أبي حيان التميمي عن أبيه وكان مع عليعليه‌السلام يوم صفين ومعاوية مستقبلة على فرس له يتأكل تحته تأكلا

__________________

(١) سورة الرعد : ١١.

(٢) الركى جمع الركيّة : البئر ذات الماء.

٣٦٧

٩ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن أسباط قال سمعت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام يقول كان في الكنز الذي قال الله عز وجل : «وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما » كان فيه «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن

______________________________________________________

وعليعليه‌السلام على فرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المرتجز وبيده حربة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو متقلد سيفه ذا الفقار ، فقال رجل من أصحابه : احترس يا أمير المؤمنين فإنا نخشى أن يغتالك هذا الملعون؟ فقال عليعليه‌السلام : لئن قلت ذلك إنه غير مأمون على دينه وأنه لأشقى القاسطين وألعن الخارجين على الأئمة المهتدين ، ولكن كفى بالأجل حارسا ، ليس أحد من الناس إلا ومعه ملائكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع عليه حائط أو يصيبه سوء ، فإذا حان أجله خلوا بينه وبين ما يصيبه ، وكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها مخضب هذه من هذا ـ وأشار إلى لحيته ورأسه ـ عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب.

وقيل : التاء فيقوله واقية للنقل إلى الاسمية إذ المراد الواقية من خصوص الموت وقيل : واقية أي جنة واقعية كأنها من الصفات الغالبة أو التاء فيها للمبالغة عطف تفسيري للحافظ ، انتهى.

وقد مضى الكلام فيه في الحديث الخامس.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور معتبر عندي.

وقوله : كان فيه ، تأكيد لقوله كان في الكنز ، واختلاف الأخبار في المكتوب في اللوح لا ضير فيه لأن الجميع كان فيه واختلاف العبارات للنقل بالمعنى مع أن الظاهر أنها لم تكن عربية وفي النقل من لغة إلى لغة كثيرا ما تقع تلك الاختلافات.

فإن قلت : الحصر في الحديث السادس بإنما ينافي تجويز الزيادة على الأربع؟

قلت : الظاهر أن الحصر بالإضافة إلى الذهب والفضة مع أن المضامين قريبة ، وإنما التفاوت بالإجمال والتفصيل ، ونسبة التعجب إلى الله تعالى مجاز ، والغرض الإخبار

٣٦٨

وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يركن إليها وينبغي لمن عقل عن الله أن لا يتهم الله في قضائه ولا يستبطئه في رزقه

______________________________________________________

عن ندرة الوقوع أو عدمه.

وقال بعض المحققين : إنما اختلفت ألفاظ الروايتين مع أنهما إخبار عن أمر واحد لأنهما إنما تخبران عن المعنى دون اللفظ فلعل اللفظ كان غير عربي ، أما ما يتراءى فيهما من الاختلاف في المعنى فيمكن إرجاع إحداهما إلى الأخرى وذلك لأن التوحيد والتسمية مشتركان في الثناء ولعلهما كانا مجتمعين فاكتفى في كل من الروايتين بذكر أحدهما ، ومن أيقن بالقدر علم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، فلم يحزن على ما فاته ولم يخش إلا الله ، ومن أيقن بالحساب نظر إلى الدنيا بعين العبرة ورأى تقلبها بأهلها فلم يركن إليها فلم يفرح بما آتاه ، فهذه خصال متلازمة اكتفي في إحدى الروايتين ببعضها ، وفي الأخرى بآخر ، وأماقوله : ينبغي. إلى آخره ، فلعله من كلام الرضاعليه‌السلام دون أن يكون من جملة ما في الكنز وعلى تقدير أن يكون من جملة ذلك فذكره في إحدى الروايتين لا ينافي السكوت عنه في الأخرى ، انتهى.

« لمن عقل عن الله » أي حصل له معرفة ذاته وصفاته المقدسة من علمه وحكمته ولطفه ورحمته ، أو أعطاه الله عقلا كاملا أو علم الأمور بعلم ينتهي إلى الله بأن أخذه عن أنبيائه وحججهعليهما‌السلام إما بلا واسطة أو بواسطة ، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر ، أو تفكر فيما أجرى الله على لسان الأنبياء والأوصياء وفيما أراه من آياته في الآفاق والأنفس وتقلب أحوال الدنيا وأمثالها ، والثاني أظهر لقول الكاظمعليه‌السلام لهشام : يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله ، وقال أيضا : أنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه.

« أن لا يتهم الله في قضائه » بأن يظن أن ما لم يقدره الله له خير مما قدر له ،

٣٦٩

فقلت جعلت فداك أريد أن أكتبه قال فضرب والله يده إلى الدواة ليضعها بين يدي فتناولت يده فقبلتها وأخذت الدواة فكتبته.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان قنبر غلام علي يحب علياعليه‌السلام حبا شديدا فإذا خرج علي صلوات الله عليه خرج على أثره بالسيف فرآه ذات ليلة فقال يا قنبر ما لك فقال جئت لأمشي خلفك يا أمير المؤمنين قال ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الأرض فقال لا بل من أهل الأرض فقال

______________________________________________________

أو يفعل من السعي والجزع ما يوهم ذلك« ولا يستبطئه » أي لا يعده بطيئا« في رزقه » إن تأخر بأن يعترض عليه في الإبطاء بلسان الحال أو المقال ، ويدل على رجحان كتابة الحديث وعدم الاتكال على الحفظ.

الحديث العاشر : مجهول.

وقنبر كان مولى أمير المؤمنينعليه‌السلام ومن خواصه وقتله الحجاج لعنه الله على حبهعليه‌السلام ، روى الكشي بإسناده عن أبي الحسن العسكريعليه‌السلام أن قنبرا مولى أمير المؤمنينعليه‌السلام أدخل على الحجاج بن يوسف فقال : ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال : كنت أوضيه فقال له : ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ فقال : كان يتلو هذه الآية : «فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ ، فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ »(١) فقال الحجاج : أظنه كان يتأولها علينا؟ قال : نعم ، فقال : ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ قال : إذا أسعد وتشقى ، فأمر به.

قوله عليه‌السلام : فإذا خرج ، روي أنهعليه‌السلام كان يخرج في أكثر الليالي إلى ظهر الكوفة فيعبد الله هناك.

__________________

(١) سورة الأنعام ٤٣ :

٣٧٠

إن أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن الله من السماء فارجع فرجع.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عمن ذكره قال قيل للرضاعليه‌السلام إنك تتكلم بهذا الكلام والسيف يقطر دما فقال إن لله واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل فلو رامه البخاتي لم تصل إليه.

______________________________________________________

« إلا بإذن الله من السماء » إنما نسب إلى السماء لأن التقديرات فيها ، والإذن بالتخلية كما مر.

الحديث الحادي عشر : مرسل.

« بهذا الكلام » أي بدعوى الإمامة« والسيف » أي سيف هارون« يقطر » على بناء المعلوم من باب نصر و« دما » تميز ، وكونه من باب الأفعال ودما مفعولا بعيد ، وفي القاموس : البخت بالضم الإبل الخراسانية كالبختية والجمع بخاتي وبخاتي وبخات ، انتهى.

وذكر بعض المؤرخين أن عسكر بعض الخلفاء وصلوا إلى موضع فنظروا عن جانب الطريق إلى واد يلوح منها ذهب كثير ، فلما توجهوا إليها خرج إليهم نمل كثير كالبغال فقتلت أكثرهم.

٣٧١

إلى هنا تم الجزء السابع ـ حسب تجزئتنا ـ ويليه الجزء الثامن ـ إنشاء الله تعالى ـ وأوله « باب الرضا بالقضاء » وكان الفراغ منه في الثامن والعشرين من شهر شوّال المكرّم سنة ١٣٩٦. والحمد لله أوّلاً وآخراً.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيّد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٧٢

الفهرست

رقم الصفحة

العنوان

عدد الأحاديث

كتاب الإيمان والكفر

٢

باب طينة المؤمن والكافر

٧

١٦

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأول

٣

٢٢

باب آخر منه

٣

٣٢

باب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أول من أجاب وأقر لله عز وجل بالربوبية

٣

٣٦

باب كيف أجابوا وهم ذر

١

٥٤

باب فطرة الخلق على التوحيد

٥

٦٤

باب كون المؤمن في صلب الكافر

٢

٦٦

باب إذا أراد الله عز وجل أن يخلق المؤمن

١

٦٨

باب في أن الصبغة هي الإسلام

٣

٧١

باب في أن السكينة هي الإيمان

٥

٧٤

باب الإخلاص

٦

٨٩

باب الشرائع

٢

١٠٠

باب دعائم الإسلام

١٥

١٢٠

باب أن الإسلام يحقن به الدم

٦

٣٧٣

رقم الصفحة

العنوان

عدد الأحاديث

١٥١

باب أن الإيمان يشرك الإسلام ولاعكس

٥

١٥٩

باب آخر منه

٣

٢١٣

باب في أن الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلها

٨

٢٦١

باب السبق إلى الإيمان

١

٢٧٢

باب درجات الإيمان

٢

٢٧٧

باب آخر منه

٤

٢٨٢

باب نسبة الإسلام

٣

٢٩١

باب خصال المؤمن

٤

٢٩٨

باب

١

٣١٣

باب صفة الإيمان

١

٣٢٤

باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان

٦

٣٣١

باب حقيقة الإيمان واليقين

٤

٣٣٨

باب التفكر

٥

٣٤٣

باب المكارم

٧

٣٥٤

باب فضل اليقين

١١

٣٧٤

الفهرس

[ كتاب الإيمان والكفر من کتاب الکافی ] ١

[ تصن يف الشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ره) ] ١

باب ١

طينة المؤمن والكافر ١

« باب طينة المؤمن والكافر » ١

باب آخر منه ١٦

وفيه زيادة وقوع التكليف الأول ١٦

باب آخر منه وفيه زيادة وقوع التكليف الأول ١٦

باب آخر منه ٢٢

باب أن رسول الله (ص) أول من أجاب وأقر لله عز وجل بالربوبية ٣٢

باب كيف أجابوا وهم ذر ٣٦

باب فطرة الخلق على التوحيد ٥٤

باب كون المؤمن في صلب الكافر ٦٤

٣٧٥

باب إذا أراد الله أن يخلق المؤمن ٦٦

باب أن الصبغة هي الإسلام ٦٨

باب أن السكينة هي الإيمان ٧١

باب الإخلاص ٧٤

باب الإخلاص ٧٤

باب الشرائع ٨٩

باب الشرائع ٨٩

باب دعائم الإسلام ١٠٠

باب أن الإسلام يحقن به الدم وأن الثواب على الإيمان ١٢٠

باب أن الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان ١٥١

باب آخر منه وفيه أن الإسلام قبل الإيمان ١٥٩

٣٧٦

باب في أن الإيمان مبثوث لجوارح البدن كلها ٢١٣

باب السبق إلى الإيمان ٢٦١

باب درجات الإيمان ٢٧٢

باب آخر منه ٢٧٧

باب نسبة الإسلام ٢٨٢

باب ٢٩١

باب ٢٩٨

باب ٢٩٨

باب صفة الإيمان ٣١٣

باب فضل الإيمان على الإسلام واليقين على الإيمان ٣٢٤

٣٧٧

باب حقيقة الإيمان واليقين ٣٣١

باب التفكر ٣٣٨

باب المكارم ٣٤٣

باب المكارم ٣٤٣

باب فضل اليقين ٣٥٤

باب فضل اليقين ٣٥٤

الفهرست ٣٧٣

٣٧٨