مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول9%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22422 / تحميل: 7450
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١١

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الزينة التي قال الله تبارك وتعالى : «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَ » قال نعم وما دون الخمار من الزينة وما دون السوارين.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن مروك بن عبيد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما قال الوجه والكفان والقدمان.

٣ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن عروة ، عن عبد الله بن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : «إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها » قال الزينة الظاهرة الكحل والخاتم.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله تعالى : «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها » قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال الشيخ : يكره ولا يحرم ، لقوله تعالى «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها »(١) وهو مفسر بالوجه والكفين وقيل : يحرم.

وقال المحقق في الشرائع والعلامة في جملة من كتبه : يجوز النظر إلى الوجه والكفين مرة واحدة من غير معاودة في الوقت الواحد عرفا ، ولا ريب أن الاجتناب أولى.

الحديث الثاني : مرسل.

وهذا الخبر يدل على جواز النظر إلى القدمين أيضا ولم يذكرهما الأكثر.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ » قال المحقق الأسترآبادي في تفسير آيات الأحكام : كالحلي والثياب والأصباغ فضلا عن مواضعها ، وقيل : بل المراد مواضع الزينة على حذف المضاف لا نفس الزينة ، لأن ذلك يحل النظر إليها.

وقيل : المراد الزينة نفسها لكنها ظاهره وباطنه ، وإنما حرم إبداء الباطنة

__________________

(١) سورة النور الآية ٣٠.

٣٤١

الخاتم والمسكة وهي القلب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منها ، إذ لو أبيح لكان وسيلة إلى النظر إلى مواضعها ، وقيل : إنما نهى عن إبداء الزينة نفسها ليعلم أن حرمة النظر إلى مواضعها أشد وأقوى ، لأن النظر إلى الزينة غير ملابسة للمواضع لا كلام في حله. «إِلاَّ ما ظَهَرَ » عند مزاولة الأمور بحسب العادة ، فإن المرأة لا تجد بدا من مزاولة الأمور بيديها ومن الحاجة إلى كشف وجهها وظهور قدميها عند المشي في الطرقات ، وخاصة الفقيرات منهن ، وهذا استثناء للظاهر ، فلا يحرم.

وفي مجمع البيان فيه أقوال :(١) أحدها ـ أن الظاهرة : الثياب ، والباطنة الخلخال لأن والقرطان والسواران ، عن ابن مسعود.

وثانيها ـ أن الظاهرة الكحل والخاتم والخدان والخضاب في الكف ، عن ابن عباس ، والكحل والسوار والخاتم ، عن قتادة.

وثالثا ـ أنها الوجه والكفان ، عن الضحاك وعطاء ، والوجه والبنان عن الحسن ، وفي تفسير علي بن إبراهيم : الكفان والأصابع ، وزاد في الجامع في الباطنة القلادة.

وفي البيضاوي : وقيل : المراد بالزينة مواضعها على حذف المضاف ، أو يعم المحاسن الخلقية والتزيينية ، والمستثنى هو الوجه والكفان لأنها ليست بعورة ، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر ، فإن كل بدن الحرة عورة ، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة وتحمل الشهادة ، وأما عندنا فيحرم النظر إلى الوجه والكفين بتلذذ أو خوف فتنة إجماعا ، وبدونها فقيل : يكره ، وقيل : يحرم ، وقيل في النظر الأول بالجواز ، وفي غيره بالحرمة ، والظاهر جواز الإبداء فيما يجوز لهم النظر منهن إليه ، لكن مع الزينة موضع نظر ، ولذا ورد في إبداء الزينة الظاهرة أنه الكف والأصابع ، فتأمل. انتهى.

__________________

(١) المجمع ج ٧ ص ١٣٨.

٣٤٢

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال استقبل شاب من الأنصار امرأة بالمدينة وكان النساء يتقنعن خلف آذانهن فنظر إليها وهي مقبلة فلما جازت نظر إليها ودخل في زقاق قد سماه ببني فلان فجعل ينظر خلفها واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة فشق وجهه فلما مضت المرأة نظر فإذا الدماء تسيل على صدره وثوبه فقال والله لآتين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولأخبرنه قال فأتاه فلما رآه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له ما هذا فأخبره فهبط جبرئيلعليه‌السلام بهذه الآية «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الجوهري :المسك بالتحريك : أسورة من ذبل أو عاج. انتهى ، والذبل هي قرون الأوغال ، وقيل : جلود دابة بحرية.

وقال الفيروزآبادي :القلب بالضم : سوار المرأة.

الحديث الخامس : مجهول.

قوله تعالى : « قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ »(١) قيل : اللام مقدر ، والتقدير « ليغضوا » وقيل : منصوب بتقدير « أن » أي مرهم أن يغضوا وقيل : إنه جواب الأمر أي قل لهم : غضوا ، يغضوا.

وقال في الكشاف : « من » للتبعيض ، والمراد غض البصر عما يحرم ، والاقتصار على ما يحل ، وجوز الأخفش أن تكون مزيدة وأبي سيبويه.

وقال : في ترك « من » في الفروج فقط دلالة على أن أمر النظر أوسع من أمر الفرج ، ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وصدورهن ويدهن وأعضادهن وأسوقهن وأقدامهن ، وكذلك الجواري المستعرضات للبيع ، والأجنبية ينظر إلى وجهها وكفيها وقدميها في إحدى الروايتين ، وأما أمر الفرج مضيق من ذلك ، «ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ » أنفع لدينهم ودنياهم وأظهر وأنقى من التهمة وأقرب إلى التقوى.

__________________

(١) سورة النور الآية ٣١.

٣٤٣

( باب )

( القواعد من النساء )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قرأ «أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ » قال الخمار والجلباب قلت بين يدي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب القواعد من النساء

الحديث الأول : حسن.

وهو مشتمل على تفسير قوله تعالى «وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ »(١) والقواعد جمع قاعد ، لأنها من الصفات المختصة بالنساء أي اللائي قعدن عن الحيض والولد ، لكبرهن «اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً » أي لا يطمعن فيه «فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ » أي إثم «أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ » ، أي الثياب الظاهرة كالملحفة ، والجلباب الذي فوق الخمار ، وقرأ أبو جعفر وأبو عبد اللهعليهما‌السلام « من ثيابهن ».

وروي ذلك عن ابن عباس وابن جبير «غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ » أي غير مظهرات بزينة ، قيل : يريد الزينة الخفية التي أرادها في قوله «وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ » ، وفي مجمع البيان(٢) أي غير قاصدات بوضع ثيابهن إظهار زينتهن ، بل يقصدن به التخفيف على أنفسهن ، فإظهار الزينة في القواعد وغيرهن محظور ، وأما الشابات فإنهن يمنعن من وضع الجلباب أو الخمار ، ويؤمرن بلبس أكثف الجلابيب لئلا تصفهن ثيابهن وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « للزوج ما تحت الدرع ، وللابن والأخ ما فوق الدرع ، ولغير ذي محرم أربعة أثواب ، درع ، وخمار ، وجلباب ، وإزار ، وعلى هذا فالفرق بين القواعد أن غيرهن لا يجوز لهن وضع الجلابيب ونحوها إذا كن في محضر من

__________________

(١) سورة النور الآية : ٦٠.

(٢) المجمع ج ٧ ص ١٥٥.

٣٤٤

من كان فقال بين يدي من كان غير متبرجة بزينة فإن لم تفعل فهو خير لها والزينة التي يبدين لهن شيء في الآية الأخرى.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال «الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ » ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن قال تضع الجلباب وحده.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله عز وجل : «وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً » ما الذي يصلح لهن أن يضعن من ثيابهن قال الجلباب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرجال الأجانب قصدن بالوضع إظهار زينة أو لا ، فإن الظاهر من وضعهن الجلباب مطلقا إرادة إظهار شيء من ذلك «وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ » أي استعفاف القواعد بترك وضع الجلباب «خَيْرٌ لَهُنَ » من الوضع «وَاللهُ سَمِيعٌ » لأقوالكم «عَلِيمٌ » بما في قلوبكم.

قوله عليه‌السلام : « بين يدي من كان » أي أي شخص كان من الرجال والنساء.

قوله عليه‌السلام : « لهن شيء » أي شيء يثبت لهن جوازه في الآية الأخرى ، وهي قوله عز وجل «إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها » فإن ما سوى ذلك داخل في النهي عن التبرج بها ، ولا يبعد أن يكون « لهن » تصحيف هي.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « الجلباب وحده » يمكن حمله على الاستحباب أو على أن الحصر إضافي بالنسبة إلى بواطن البدن ، وقد مر الكلام فيه.

وقال في النهاية : الجلباب : الإزار والرداء ، وقيل : الملحفة ، وقيل : هو كالمقنعة يغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، وقيل : ثوب أوسع من الخمار دون الرداء جمعه جلابيب.

الحديث الثالث : صحيح.

٣٤٥

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قرأ «أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَ » قال الجلباب والخمار إذا كانت المرأة مسنة.

( باب )

( أولي الإربة من الرجال )

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الرابع : حسن.

باب أولي الإربة من الرجال

الحديث الأول : صحيح.

قوله تعالى : « أَوِ التَّابِعِينَ » قال في مجمع البيان(١) : قد اختلف في معناه فقيل :

هو التابع الذي يتبعك لينال من طعامك ، ولا حاجة له في النساء ، وهو الأبله المولى عليه ، عن ابن عباس وقتادة وابن جبير ، وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقيل : هو العنين الذي لا إرب له في النساء لعجزه ، عن عكرمة والشعبي ، وقيل : إنه الخصي المجبوب الذي لا رغبة له في النساء ، عن الشافعي ، ولم يسبق إلى هذا القول ، وقيل : إنه الشيخ الهم لذهاب إربه عن يزيد بن أبي حبيب ، وقيل : هو العبد الصغير عن أبي حنيفة وأصحابه. انتهى.

وقال في الكشاف : حمل الرجال على مطلق الذكور بعيد ، خصوصا مع مقابلة الطفل ، لا يجوز حمل كلامه سبحانه عليه ، فكيف التخصيص بالصغير كما نسب إلى أبي حنيفة وأصحابه ، ثم قال : وقيل : هم الذين يتبعونكم ليصيبوا من فضل طعامكم ولا حاجة لهم إلى النساء ، لأنهم بله ، لا يعرفون شيئا من أمرهن ، أو شيوخ صلحاء إذا كانوا معهن غضوا أبصارهم أو بهم عناية ، وفي كنز العرفان : المراد : الشيوخ

__________________

(١) المجمع ج ٧ ص ١٣٨.

٣٤٦

عز وجل : «أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ » إلى آخر الآية قال الأحمق الذي لا يأتي النساء.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألته عن «أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ » قال الأحمق المولى عليه الذي لا يأتي النساء.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن ميمون القداح ، عن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام قال كان بالمدينة رجلان يسمى أحدهما هيت والآخر مانع فقالا لرجل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الذين سقطت شهوتهم وليس لهم حاجة إلى النساء ، وهو مروي عن الكاظمعليه‌السلام وقيل : إنهم البله الذين لا يعرفون شيئا من أمور النساء وهو مروي عن الصادقعليه‌السلام وابن عباس. انتهى.

وقال الفاضل الأسترآبادي : اعلم أنالإربة بالكسر والضم الحاجة ، وهي هنا الحاجة إلى النساء ، والظاهر أن المراد من لا تعلق له ولا توجه له إلى النساء حتى بالنظر ونحوه أصلا ، فإن اكتفينا في معنى التابعين بأن يكون ذلك منهم لفضل طعام ونحوه فلا ريب من شموله للشيخ الكبير الذي علم منه ذلك ، وإن قلنا لا بد أن يكونوا مولى عليهم أو من في حكمهم ، فالظاهر اعتبار ذاهب تميزهم فيشمل الأبله والشيخ الخرف أيضا مع العلم بذلك منهم.

الحديث الثاني : كالموثق.

وظاهره اشتراط كونه مولى عليه ، ويمكن حمله على المثال.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « كان بالمدينة » نظير ذلك موجود من طرق العامة ، روى مسلم بإسناده عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة أن مخنثا كان عندها ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في البيت فقال لأخي أم سلمة يا عبد الله بن أبي أمية إن فتح الله لكم الطائف غدا فإني أدلك على ابنة غيلان فإنها تقبل بأربع ، وتدبر بثمان ، قال : فسمعه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٤٧

ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسمع إذا افتتحتم الطائف إن شاء الله فعليك بابنة غيلان الثقفية فإنها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقال : لا يدخلن هؤلاء عليكم. وبإسناده عن عائشة قالت : كان يدخل على أزواج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مخنث كانوا يعدونه من غير أولي الإربة ، قال : فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة ، قال : فإذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أرى هذا يعرف ما هاهنا لا يدخل عليكن قالت : فحجبوه. قال عياض : وفي بعض الروايات تقبل بأربع ، وتذهب بثمان مع ثغر كالأقحوان إن مشت تثنت ، وإن تكلمت تغنت ، بين رجليها كالإناء المكفو.

قال الماري : المخنث بفتح النون وكسرها الذي يشبه النساء في أخلاقهن وكلامهن وحركاتهن ، وقال عياض : التخنث : اللين والتكسر ، والمخنث هو الذي يلين في قوله وينكسر في مشيه ويثني فيه ، وقد يكون خلقة وقد يكون تصنعا من الفسقة.

قال القرطبي : واختلف في اسمه فالأشهر أنه هيت بكسر الهاء بعدها ياء ساكنة بعدها تاء مثناة من فوقه. وقال ابن درستويه : اسمه هنب بالهاء والنون والباء الموحدين قال : وغير هذا تصحيف ، والهنب : الأحمق ، وجاء في خبر أن هذا القائل هو ماتع بالتاء المثناة من فوق قبل العين المهملة مولى فاختة المخزومية ، وكان هو وهيت في بيوت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يعدهما من غير أولي الإربة ، وذكر قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه على النحو المذكور هاهنا ، وأنه غربهما إلى الحما ، ذكر ذلك الواقدي ، وذكر الماوردي نحو الحكاية عن مخنث بالمدينة ولم يسم فيها ابنة غيلان ولا عبد الرحمن بن أبي أمية ، وأنهعليه‌السلام نفاه إلى حمر الأسد ، والمحفوظ أن الحكاية انتهى(١) .

قوله : « بابنة غيلان الثقيفية » الثقيفية نسبة إلى ثقيف وهو أبو قبيلة من هوازن ، وإنما اعتبر نسبة الابنة دون غيلان مع أن نسبته أقرب وأخفى ، لأن المضاف أصل ، والمضاف إليه فرع ، إذ ذكره لتعريف المضاف ، ووصف الأصل أولى

__________________

(١) الظاهر أنّ في العبارة سقطا.

٣٤٨

شموع بخلاء مبتلة هيفاء شنباء إذا جلست تثنت وإذا تكلمت غنت ـ تقبل بأربع وتدبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من وصف الفرع ، أو للتنبيه على أن المضاف هاهنا هو المخطور بالبال الحاضر في الخيال دون المضاف إليه ، فوقع بينه وبين النسبة الحاضرة فيه مقارنة معنوية ، والمفارقة اللفظية لغرض مما لا يضر ،« فإنها شموع » : الشموع مثل السجود : اللعوب والمزاح ، وقد شمع يشمع شمعا وشموعا ومشمعة ، وفي الجمل مبالغة في كثرة لعبها ومزاحها.

وقال شمس العلوم : الشموع : المرأة المزاحة« بخلاء » إما من بخلت الأرض اخضرت : أي خضراء ، أو من البخل بالتحريك وهو سعة شق العين ، والرجل أبخل والعين : بخلاء.

وفي النهاية يقال : عين بخلاء : أي واسعة« مبتلة » يقال : امرأة مبتلة بتشديد التاء مفتوحة : أي تامة الخلق لم يركب لحمها بعضه على بعض ، ولا يوصف به الرجل. ويجوز أن يقرأ « منبتلة » بالنون والباء الموحدة والتاء المكسورة نحو منقطعة لفظا ومعنى أي منقطعة عن الزوج ، يعني أنها باكرة« هيفاء » الهيف محركة ضمر البطن والكشح ورقة الخاصرة ، رجال أهيف وامرأة هيفاء ، وفي بعض النسخ هيقاء بالقاف طويل العنق ،« شنباء » الشنب بالتحريك : البياض والبريق والتحديد في الأسنان وفي الصحاح الشنب : حدة في الأسنان ، ويقال : برد عذوبة امرأة شنباء بينة الشنب ، قال : الجرمي : سمعت الأصمعي يقول : الشنب برد الفم والأسنان ، فقلت : إن أصحابنا يقولون : هو حدتها حين تطلع ، فيراد بذلك حدتها وطراوتها لأنها إذا أتت عليها السنون احتكت ، فقال : ما هو إلا بردها ، وقول ذي الرمة : وفي اللثات وفي أنيابها شنب ، يؤيد قول الأصمعي ، لأن اللثة لا يكون فيها حدة« إذا جلست تثنت » أي ترد بعض أعضائها على بعض ، من ثنى الشيء كسعى إذا رد بعضه على بعض فتثنى ، والثني ضم واحد إلى واحد ، ومنه التثنية ، ولعل معناه أنها كانت تثني رجلا واحدة وتضع الأخرى على فخذها ، كما هو شأن المغرور بحسنه أو بجاهه من الشبان وأهل الدنيا ، ويحتمل أن يكون من تثني العود إذا عطفه ، ومعناه

٣٤٩

بثمان بين رجليها مثل القدح فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أريكما من «أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ »

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا جلست انعطفت أعضاؤها وتمايلت كما هو شأن المتبختر والمتجبر الفخور وقيل : المعنى أنها رشيقة القد ليس لها انعطاف إلا إذا جلست ، وفي بعض روايات العامة إذا مشت تثنت ، ولعل معناه تتكبر في مشيها وتتثنى فيه وتتبختر ، وفي بعض رواياتهم تبنت بالباء الموحدة والنون ، قال في النهاية :(١) وفي حديث المخنث « إذا قعدت تبنت » أي فرجت رجليها لضخم ركبها كأنه شبهها بالقبة من الأدم ، وهي المبناة لسمنها وكثرة لحمها وقيل شبهها بها إذا ضربت وطنبت انفرجت ، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرجت رجليها إذا مشت وإذا جلست« وإذا تكلمت غننت » وفي رواية العامة تغنت ، قال عياض : قوله : تغنت من الغنة ، لا من الغناء أي تغني من كلامها وتدخل صوتها في الخيشوم ، وقد عد ذلك من علامات التبختر« تقبل بأربع وتدبر بثمان » قال شارح صحيح مسلم والبغوي في شرح السنة : قال أبو عبيد : يعني أربع عكن تقبل بهن ، ولهن أطراف أربعة من كل جانب ، فتصير ثمان تدبر بهن. وقال المازري : الأربع التي تقبل بهن هن من كل ناحية ثنتان ، ولكل واحدة طرفان ، فإذا أدبرت ظهرت الأطراف ثمانية ، وإنما أنث فقال : بثمان ولم يقل بثمانية ، لأن المراد بها الأطراف ، وهي مذكرة ، وهو لم يذكر لفظ المذكر ، ومتى لم يذكره جاز حذف التاء وإثباتها ، وفيه وجه آخر ، وهو مراعاة التوافق بينها وبين أربع.

أقول : هنا احتمالان آخران :

أولهما ـ أن يراد بالأربع اليدان والثديان ، يعني أن هذه الأربعة بلغت في العظمة حدا توجب مشيها مكبة مثل الحيوانات التي تمشي على أربع ، فإذا أقبلت أقبلت بهذه الأربعة ، ولم يعتبر الرجلين لأنهما محجوبان خلف الثديين لعظمتهما فلا يكونان مرئيين عند الإقبال ، وإذا أدبرت أدبرت بهذه الأربعة مع أربعة أخرى وهي الرجلان والأليتان ، لأن جميع الثمانية عند الأدبار مرئية.

ويمكن استفادة هذا الاحتمال مما ذكره ابن الأثير في النهاية(٢) ، قال : إن

__________________

(١) النهاية ج ١ ـ ص ١٥٩.

(٢) النهاية ج ٢ ص.

٣٥٠

سعدا ، خطب امرأة بمكة فقيل : « إنها تمشي على ست إذا أقبلت ، وعلى أربع إذا أدبرت » يعني بالست يديها ورجليها وثدييها : أي أنها لعظم يديها وثدييها كأنها تمشي مكبة ، والأربع رجلاها وأليتاها وأنهما كادتا تمسان الأرض لعظمهما ، وهي بنت غيلان الثقيفية التي قيل فيها تقبل بأربع وتدبر بثمان ، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف.

وثانيهما ـ أن يراد بالأربع الذوائب الواقعة في طرفي الوجه في كل طرف اثنان مفتول ومرسل ، وبالثمان الذوائب الواقعة على الخلف ، فإنهن كثيرا ما تقسمنه ثمانية أقسام ، والمقصود وصفها بكثرة الشعور.

وقال الوالد العلامة قدس الله روحه : يحتمل أن يكون المراد بالأربع التي تقبل بهن العينان والحاجبان ، أو العين والحاجب والأنف والفم ، أو الوجه والشعر والعنق والصدر ، والمراد بالثمان هذا الأربع مع قلب الناظر وعقله وروحه ودينه ، أو مع عينيه وعقله وقلبه ، أو قلبه ولسانه وعينيه ، أو قلبه وعينيه وأذنه ولسانه ، وهذا معنى لطيف ، ولكن الظاهر أنه لم يخطر ببال قائله « بين رجليها مثل القدح » حال من فاعله فتدبر ، والقدح بالتحريك واحد الأقداح التي للشرب شبه ذلك بالقدح في العظم والهيئة « لا أراكما من أولي الإربة » أي ما كنت أظن إنكما من أولي الإربة » بل كنت أظن إنكما من الذين لا حاجة بهم إلى النساء ، والحال علمت إنكما من أولي الإربة ، فلذا نفاهما عن المدينة لأنهما كانا يدخلان على النساء ، ويجلسان معهن وعزب على البناء للمفعول بالعين المهملة والزاي المشددة المعجمة من التعزيب وهو البعد والخروج من موضع إلى آخر ، والباء للتعدية يقال عزب فلان إذا بعد وعزب به عن الدار إذا أبعده وأخرجه منها ، وفي بعض النسخ عرب بالغين المعجمة والراء المهملة بمعنى النفي عن البلد ولا يناسبه التعدية إلا بتكلف والعرايا اسم حصن بالمدينة.

٣٥١

فأمر بهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فغرب بهما إلى مكان يقال له العرايا وكانا يتسوقان في كل جمعة

( باب )

( النظر إلى نساء أهل الذمة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله عليه‌السلام : « كانا يتسوقان » أي يدخلان سوق المدينة للبيع والشراء في كل جمعة ، من تسوق القوم إذا باعوا واشتروا ، والظاهر أن ذلك كانا بإذنهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حياته.

وقال عياض من العامة : ولم يزل هيت بذلك المكان حتى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكلم فيه أبو بكر فأبى أن يرد فلما ولي عمر كلم فيه فأبى ، وقيل : إنه كبر وضعف وضاع فأذن له أن يدخل المدينة في كل يوم جمعة يسأل ويرجع إلى مكانه ، وقال أيضا : فلما فتحت الطائف زوجها عبد الرحمن بن عوف ، وقال ابن الأثير : تزوجها سعد بمكة بعد عبد الرحمن ، وفيه حجة على جواز إخراج كل من كان بصفتهما ، وتخصيصه بهما وبزمان خاص غير ظاهر.

فإن قلت : كونهما من أهل الحاجة إلى النساء والعارفين بأمرهن لا يوجب إخراجهما فإن أهل المدينة أكثرهم كانوا كذلك. قلت : نعم ، ولكنهما كانا يدخلان على النسوة ويجلسان معهن وينظرن إليهن ، لأن أهل المدينة كانوا يعدونهما من غير أولي الإربة ، فلما ظهر خلافه أمر بإخراجهما قلعا لمادة الفساد ودفعا لوصفهما محاسن النساء بحضرة الرجال.

باب النظر إلى نساء أهل الذمة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

٣٥٢

قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهن

( باب )

( النظر إلى نساء الأعراب وأهل السواد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا بأس بالنظر إلى رءوس أهل التهامة والأعراب وأهل السواد والعلوج لأنهم إذا نهوا لا ينتهون قال والمجنونة والمغلوبة على عقلها

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويدل على جواز النظر إلى شعور أهل الذمة وأيديهن ، وحملت الأيدي على السواعد وما يجب ستره على غيرهن ، وعمل به المفيد والشيخ ، وأكثر الأصحاب مع الحمل على عدم الشهوة والريبة ، وإلا فهو حرام قطعا ، ومنع ابن إدريس من النظر مطلقا تمسكا بعموم الأدلة ، واستضعافا لهذا الخبر.

باب النظر إلى نساء الأعراب وأهل السواد

الحديث الأول : موثق.

قال الجوهري :تهامة : بلد والنسبة إليه تهامي وتهام أيضا إذا فتحت التاء لم تشدد ، كما قالوا : رجل يماني إلا أن الألف في تهام من لفظها ، والألف في يمان من باب النسبة. انتهى.

ويدل على جواز النظر إليهن وإلى الأعراب ولم أر في كلام الأصحاب تصريحا به ، وأما أهل السواد والعلوج فلأنهم من أهل الذمة كما مر ، وأما المجنونة والمغلوبة على عقلها فقال العلامة في التذكرة : يجوز النظر إلى شعر المجنونة المغلوبة من غير تعمد ، مستندا بقول الصادقعليه‌السلام وقال المحقق الشيخ على : ظاهر هذا أن النظر إليها من تحت الثياب والمراد بالتعمد المذكور القصد إلى رؤيته فإنه الزينة بخلاف النظر إليه اتفاقا.

قوله عليه‌السلام : « لأنهم إذا نهوا » لعل إرجاع ضمير المذكر للتجوز أو التغليب

٣٥٣

ولا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمد ذلك.

( باب )

( قناع الإماء وأمهات الأولاد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن أمهات الأولاد ألها أن تكشف رأسها بين أيدي الرجال قال تقنع.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على المدبرة ولا على المكاتبة إذا اشترطت عليها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى تؤدي جميع مكاتبتها ويجري عليها ما يجري على المملوك في الحدود كلها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو المراد أن رجالهن إذا نهوا عن كشفهن وأمروا بسترهن لا ينتهون ولا يأتمرون.

باب قناع الإماء وأمهات الأولاد

الحديث الأول : صحيح.

ويدل على وجوب تقنع أم الولد عن الرجال كما هو المشهور ، ولا ينافي جواز كشف رأسها في الصلاة.

الحديث الثاني : صحيح.

ويدل على أن المدبرة والمكاتبة المشروطة لا يقنعان والمطلقة يقنع لأن المطلقة إذا أدت شيئا من مكاتبها عتقت بنسبة ما أدت ، ويجب عليها ستر رأسها وتضرب حد الحرة بنسبة الحرية.

٣٥٤

( باب )

( مصافحة النساء )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن مصافحة الرجل المرأة قال لا يحل للرجل أن يصافح المرأة إلا امرأة يحرم عليه أن يتزوجها أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو ابنة أخت أو نحوها فأما المرأة التي يحل له أن يتزوجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ولا يغمز كفها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام هل يصافح الرجل المرأة ليست بذي محرم فقال لا إلا من وراء الثوب.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن سالم ، عن بعض أصحابه ، عن الحكم بن مسكين قال حدثتني سعيدة ومنة أختا محمد بن أبي عمير بياع السابري قالتا دخلنا على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقلنا تعود المرأة أخاها قال نعم قلنا تصافحه قال من وراء الثوب قالت إحداهما إن أختي هذه تعود إخوتها قال إذا عدت إخوتك فلا تلبسي المصبغة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب مصافحة النساء

الحديث الأول : موثق. وعمل به الأصحاب.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

قوله : « أخاها » أي في الدين لا في النسب. والمصبغة الملونة.

٣٥٥

( باب )

( صفة مبايعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن أسلم الجبلي ، عن عبد الرحمن بن سالم الأشل ، عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام كيف ماسح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء حين بايعهن قال دعا بمركنه الذي كان يتوضأ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب صفة مبايعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء

قيل : المبايعة مفاعلة من البيع ، وكانوا إذا بايعوا الرسول أو الإمام قبضوا على يديه توكيدا للأمر فأشبه ذلك فعل البائع والمشتري فجاءت المفاعلة في بايعت من ذلك ، وأما البيعة فهي عرفا معاهدة الرسول أو الإمام على تسليم النظر في كل الأمور إليه على وجه لا ينازع.

الحديث الأول : ضعيف والسند الثاني مرسل.

وقال الجوهري :المركن بالكسر الإجانة التي تغسل فيها الثياب ، قال ابن عطية من علماء العامة في هيئات بيعة النساء بعد الإجماع على أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يمس يد امرأة قط ، فقيل : إنما كان يبايعهن بالكلام ، لما روته عائشة قالت : لما نزلت قوله تعالى «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً » الآية(١) فمن أقر من المؤمنات بما فيها من الشروط الستة من قولهن قال لهن : انطلقن فقد بايعتكن ولا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط ، غير أنه يبايعهن بالكلام ، وقال الطيبي : هذا هو الصحيح عندي ، وذكر النقاش حديثا أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله مد يده من خارج بيت ومدت النساء أيديهن من داخله ، فبايعهن. وروى الشعبي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لف على يده ثوبا كثيفا وجاءت نسوة فلمسن يده كذلك ، وروى النقاش وغيره أن في بيعة النساء على الصفاء بعد الفتح كان عمر يصافحن وقال عياض : هذا

__________________

(١) سورة الممتحنة الآية ١٢.

٣٥٦

فيه فصب فيه ماء ثم غمس يده اليمنى فكلما بايع واحدة منهن قال اغمسي يدك فتغمس كما غمس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان هذا مماسحته إياهن.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أتدري كيف بايع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النساء قلت الله أعلم وابن رسوله أعلم قال جمعهن حوله ثم دعا بتور برام فصب فيه نضوحا ثم غمس يده فيه ثم قال اسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين بعولتكن في معروف أقررتن قلن نعم فأخرج يده من التور ثم قال لهن اغمسن أيديكن ففعلن فكانت يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الطاهرة أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمحرم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » قال المعروف أن لا يشققن جيبا ولا يلطمن خدا ولا يدعون ويلا ولا يتخلفن عند قبر ولا يسودن ثوبا ولا ينشرن شعرا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا يصح لأنه إذا امتنع ذلك من رسول الله فمن غيره كذلك وروي أنه غمس يده في ماء ثم دفعه إلى النساء فغمسن أيديهن فيه. انتهى.

أقول : والصحيح عندنا هو القول الأخير كما دلت عليه روايات هذا الباب.

الحديث الثاني : مجهول.

وقال في النهاية :التور : إناء من صفر أو حجارة كالإجانة ، وقد يتوضأ منه ، وقال :البرمة بالضم : القدر مطلقا ، وجمعها برام ، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن. انتهى.

وأقول : إضافة التور إلى البرام لبيان أنه كان من الحجارة ، وقال الفيروزآبادي :النضوح كصبور : طيب.

الحديث الثالث : مرسل.

٣٥٧

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن سليمان بن سماعة الخزاعي ، عن علي بن إسماعيل ، عن عمرو بن أبي المقدام قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول تدرون ما قوله تعالى : «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » قلت لا قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لفاطمةعليها‌السلام إذا أنا مت فلا تخمشي علي وجها ولا تنشري علي شعرا ولا تنادي بالويل ولا تقيمي علي نائحة قال ثم قال هذا المعروف الذي قال الله عز وجل.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما فتح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة بايع الرجال ثم جاء النساء يبايعنه فأنزل الله عز وجل : «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ »(١) فقالت

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحديث الرابع : ضعيف.

وقال الفيروزآبادي :خمش وجهه : خدشه.

الحديث الخامس : موثق أو حسن.

وقال في مجمع البيان(٢) فيقوله تعالى «وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ » على وجه من الوجوه لا بالوأد ولا بالإسقاط «وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ » أي بكذب يكذبنه في مولود يوجد «بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ » أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم عن ابن عباس ، وقال الفراء : كانت المرأة تلتقط المولود ، فتقول لزوجها : هذا ولدي منك ، فذلك البهتان المفتري بين أيديهن وأرجلهن ، وذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها ورجليها ، وقيل : المراد قذف المحصنات والكذب على الناس ، وإضافة الأولاد إلى الأزواج على البطلان في الحاضر والمستقبل من الزمان ، «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » وهو جميع ما يأمرهن به ، وقيل : عنى بالمعروف النهي عن النوح ، وتمزيق الثياب وجز الشعر وشق الجيب وخمش الوجه ، والدعاء بالويل ، عن المقاتل

__________________

(١) سورة الممتحنة الآية ـ ١٢.

(٢) المجمع ج ٩ ص ٢٧٥.

٣٥٨

هند أما الولد فقد ربينا صغارا وقتلتهم كبارا وقالت أم حكيم بنت الحارث بن هشام وكانت عند عكرمة بن أبي جهل يا رسول الله ما ذلك المعروف الذي أمرنا الله أن لا نعصينك فيه قال لا تلطمن خدا ولا تخمشن وجها ولا تنتفن شعرا ولا تشققن جيبا ولا تسودن ثوبا ولا تدعين بويل فبايعهن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على هذا فقالت يا رسول الله كيف نبايعك قال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والكلبي ، والأصل أن المعروف كل بر وتقوى وأمر وافق طاعة الله تعالى ثم قال : وروي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بايعهن وكان على الصفا ، وكان عمر أسفل منه وهند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا » فقالت هند : إنك لتأخذ علينا أمرا ما أريناك أخذته على الرجال ، وذلك أنه بائع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولا تسرقن » فقالت هند : إن أبا سفيان رجل ممسك وإني أصبت من ماله هنأت فلا أدري أيحل لي أم لا؟ فقال أبو سفيان : ما أصبت من مالي فيما مضى وفيما غير فهو لك حلال ، فضحك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعرفها ، فقال لها : وإنك لهند بنت عتبة؟ قالت : نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك ، فقال : « ولا تزنين » ، فقالت هند : أو تزني الحرة ، فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه وبينها في الجاهلية ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ولا تقتلن أولادكن » فقالت هند : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا فأنتم وهم أعلم ، وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالبعليه‌السلام يوم بدر ، فضحك عمر حتى استلقى وتبسم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولما قال : « ولا تأتين ببهتان » قالت هند : والله إن البهتان قبيح ، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق. ولما قال : «وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ » قالت هند : ما جلسنا هنا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.

وروى الزهري عن عروة عن عائشة ، قالت : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يبايع النساء بالكلام بهذه الآية «أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً » ولا مست يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يد امرأة قط إلا امرأة يملكها. رواه البخاري في الصحيح ، وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا

٣٥٩

إنني لا أصافح النساء فدعا بقدح من ماء فأدخل يده ثم أخرجها فقال أدخلن أيديكن في هذا الماء فهي البيعة.

( باب )

( الدخول على النساء )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم ، عن جعفر بن عمر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يدخل الرجال على النساء إلا بإذنهن.

٢ ـ وبهذا الإسناد أن يدخل داخل على النساء إلا بإذن أوليائهن.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن قال ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين.

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن علي الحلبي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يستأذن على أبيه قال نعم قد كنت أستأذن على أبي وليست

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بايع النساء دعا بقدح من ماء ، فغمس فيه يده ثم غمسن أيديهن فيه. وقيل : إنه كان يبايعهن من وراء الثوب عن الشعبي.

باب الدخول على النساء

الحديث الأول : مجهول.

وفي بعض النسخ بهذا الإسناد مثله.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : ضعيف.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عنه من نفسه أو يعير الناس بما لا يستطيع تركه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه.

« أو يعير الناس » اعلم أن تعبير الغير من أعظم العيوب ، ويوجب ابتلاءه بذلك العيب كما مر في الأخبار ، فينبغي أن يرجع إلى نفسه ، فإن وجد فيها عيبا اشتغل به وبإصلاحه ورفعه ، ولا يترك نفسه ويذم غيره ، وإن عجز عن إصلاحه فينبغي أن يعذر غيره ، وإن لم يجد في نفسه عيبا فهو من أعظم عيوبه ، فإن تبرئة النفس من العيب جهل ، وهو ينشأ من عمى القلب قال تعالى حاكيا عن يوسف الصديق : «وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي »(١) .

ثم الظاهر أن المراد بما يعمى عنه من نفسه وما لا يستطيع تركه أعم من أن يكون من جنس ما في الغير أو لم يكن ، مع احتمال المماثلة وعلى التقديرين لا ينبغي أن يعيب صاحبه لأن عيبه إما أن يكون مثل عيب صاحبه أو أكبر منه أو أصغر ، فإن كان أحد الأولين فينبغي أن يكون له في عيبه لنفسه شغل عن عيب صاحبه ، وإن كان الأخير فيضيف إلى عيبه الأصغر عيبا آخر أكبر وهو التعيير والغيبة ، وما كان المراد بعدم الاستطاعة هنا ما يصعب عليه تركه ، ولذلك لا يتركه لا أنه ليس له قدرة على الترك أصلا ، فإنه حينئذ لا يكون مكلفا به.

« أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه » أي لا يهمه ولا ينفعه والضمير المنصوب إما راجع إلى المرء أو الجليس ، والأول أظهر أي يؤذيه بشيء لا فائدة له فيه ، فإن هذا أشد وأقبح أو لا فائدة للجليس فيه ، فإنه إن كان لنفعه كالنهي عن المنكر أو الأمر بالخيرات فهو حسن ، ويحتمل أن يكون المراد كثيرة الكلام بما ليس فيه طائل فإن ذلك يؤذي الجليس العاقل.

قال في النهاية : يقال هذا الأمر لا يعنيني أي لا يشغلني ويهمني ، ومنه الحديث من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أي ما لا يهمه.

__________________

(١) سورة يوسف : ٥٣.

٣٨١

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي حمزة قال سمعت علي بن الحسينعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كفى بالمرء عيبا أن يبصر من الناس ما يعمى عليه من نفسه وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن مختار ، عن بعض أصحابه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كفى بالمرء عيبا أن يتعرف من عيوب الناس ما يعمى عليه من أمر نفسه أو يعيب على الناس أمرا هو فيه لا يستطيع التحول عنه إلى غيره أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي عبد الرحمن الأعرج وعمر بن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر وعلي بن الحسين صلوات الله عليهم قالا إن أسرع الخير ثوابا البر وأسرع الشر عقوبة البغي وكفى بالمرء عيبا أن ينظر في عيوب غيره ما يعمى عليه من عيب نفسه أو يؤذي جليسه بما لا يعنيه أو ينهى الناس عما لا يستطيع تركه.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : مرسل.

الحديث الرابع : صحيح وراويه هو راوي الحديثين الأولين.

٣٨٢

باب

أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن ناسا أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما أسلموا فقالوا يا رسول الله أيؤخذ الرجل منا بما كان عمل في الجاهلية بعد

باب أنه لا يؤاخذ المسلم بما عمل في الجاهلية(١)

الحديث الأول : صحيح.

والمراد بالإسلام الحسن أن يكون مقرونا بالإقرار بجميع أصول الدين ، ليخرج المخالفون وأضرابهم ، و بصحة يقين الإيمان أن لا يكون مشوبا بشك ونفاق ، وقال في المغرب : رجل سخف وفيه سخف ، وهو رقة العقل من قولهم : ثوب سخيف إذا كان قليل الغزل ، وقد سخف سخافة ، انتهى.

وكان المراد هنا ما كان مشوبا بشك ونفاق ، قال في النهاية : الجب القطع ومنه الحديث : إن الإسلام يجب ما قبله ، والتوبة تجب ما قبلها ، أي يقطعان ويمحو أن ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب ، انتهى.

فالإسلام الحسن يجب جميع ما وقع في أيام الكفر من حق الله وحق البشر إلا ما خرج بدليل ، مثل مال المسلم الموجود في يده ، وقيل : الظاهر أن هذا حال الحربي الذي أسلم ، وأما الذمي فلا يسقط إسلامه ما وجب من دم أو مال أو غيره لأن حكم الإسلام جار عليه على الظاهر ، والإسلام السخيف لا يجب ما قبله ، لأنه ليس بإسلام حقيقة فيؤخذ بالكفر الأول والآخر ، والعمل فيهما.

وفيه دلالة على أن الكافر مكلف بالفروع كما أنه مكلف بالأصول ، ويمكن

__________________

(١) هكذا عنوان المتن في نسخ الكافي ، لكن في نسخ مرآة العقول التي عندنا عنوان الباب هكذا : « باب وهو في جبّ الإسلام ما قبله وشرائطه ».

٣٨٣

إسلامه فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من حسن إسلامه وصح يقين إيمانه لم يؤاخذه الله تبارك وتعالى بما عمل في الجاهلية ومن سخف إسلامه ولم يصح يقين إيمانه أخذه الله تبارك وتعالى بالأول والآخر.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن المنقري ، عن فضيل بن عياض قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يحسن في الإسلام أيؤاخذ بما عمل في الجاهلية فقال قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر.

أن يراد بالإسلام الحسن الإسلام الثابت الذي لا يعقبه ارتداد ، وبالإسلام السخيف ما يعقبه ارتداد ، فإذا ارتد يؤخذ بكفره الأول والآخر.

ثم قال : وهذا التفسير لا يخلو من مناقشة ، لأن الإسلام قد جب الأول فكيف يؤخذ بعد الارتداد بالأول ويحكم بعود الزائل من غير سبب ، ويمكن أن يدفع بأن السبب هو الارتداد لأنه إذا ارتد حبطت أعماله ، ومن جملة أعماله إسلامه السابق فإذا أبطل إسلامه السابق بطل جبه ، وإذا بطل جبه يؤخذ بالكفر الأول أيضا ، ضرورة أن المسبب ينتفي بانتفاء سببه.

على أنه يمكن أن يقال : الذي يجب ما قبله هو الإسلام بشرط الاستمرار فإذا قطع الاستمرار بالارتداد ، علم أن هذا الإسلام لم يجب ما قبله ، فلا يلزم عود الزائل ، بل اللازم ظهور عدم زواله بذلك الإسلام.

ومنهم من فسر حسن الإسلام بالطاعة بأن يكون معه أعمال صالحة ، والإسلام السخيف ما كان مع المخالفة ، وجعل قوله : وصح يقين إيمانه وصفا آخر للإسلام ، ولا يخفى ضعفه ، لأنه يوجب أن يكون جب الإسلام ما قبله موقوفا على الطاعة والعمل ، وليس الأمر كذلك إذ لا دليل عليه ولم يقل به أحد.

الحديث الثاني : ضعيف ومضمونه قريب من الأول.

وكان المراد بالإساءة الإساءة المخرجة من الإيمان كما عرفت.

٣٨٤

باب

أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب وغيره ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من كان مؤمنا فعمل خيرا في إيمانه ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب بعد كفره كتب له وحوسب بكل شيء كان عمله في إيمانه ولا يبطله الكفر إذا تاب بعد كفره.

باب أن الكفر مع التوبة لا يبطل العمل(١)

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وإطلاقه يدل على أن توبة المرتد مقبولة وإن كان فطريا ، وعلى المشهور مخصوصة بالملي لبعض الروايات الدالة على أن توبة الفطري غير مقبولة وقد مر تحقيقه.

__________________

(١) كذا عنوان المتن في النسخة المصحّحة التي عندنا من الكافي لكن في نسخة الشارح (ره) التي هي بخطه هكذا « باب وفيه بيان حال من آمن ثمّ ارتدّ ثمّ تاب » وفي النسخة المطبوعة والمنقول عن بعض المتن « باب توبة المرتدّ ».

٣٨٥

باب

المعافين من البلاء

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب وغيره ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله عز وجل ضنائن يضن بهم عن البلاء فيحييهم في عافية ويرزقهم في عافية ويميتهم في عافية ويبعثهم في عافية ويسكنهم الجنة في عافية.

باب(١)

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وقال الشيخ البهائي (ره) في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة الثمالي نظر لا يخفى ، وقال الجزري : في النهاية فيه أن لله ضنائن من خلقه يحييهم في عافية ، ويميتهم في عافية ، الضنائن الخصائص واحدهم ضنينة ، فعيلة بمعنى مفعولة ، من الضن وهو ما تختصه وتضن به أي تبخل ، لمكانة منك وموقعه عندك ، يقال : فلان ضني من بين إخواني وضنتي أي اختص به وأضن بمودته ، وقال الجوهري : ضننت بالشيء أضن به ضنا وضنانة إذا بخلت وهو ضنين به. وقال الغراء : وضننت بالفتح أضن لغة ، وفلان ضني من بين إخواني وهو شبه الاختصاص ، وفي الحديث : إن الله ضنا من خلقه ، الخبر ، وقال الفيروزآبادي : الضنين البخيل يضن بالفتح والكسر ضنانة وضنا بالكسر ، وهو ضني بالكسر أي خاص بي ، وضنائن الله خواص خلقه ، انتهى.

وقيل : المعنى يضن بالبلاء عنهم ، فإن البلاء نعمة كأنه يضن بها عنهم ولا يخفى بعده.

__________________

(١) كذا في النسخ الموجودة عندنا من الشرح لكن في نسخة الكافي هكذا « باب المعافين من البلاء ».

٣٨٦

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن الله عز وجل خلق خلقا ضن بهم عن البلاء خلقهم في عافية وأحياهم في عافية وأماتهم في عافية وأدخلهم الجنة في عافية.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن جعفر بن محمد ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن لله عز وجل ضنائن من خلقه يغذوهم بنعمته ويحبوهم بعافيته ويدخلهم الجنة برحمته تمر بهم البلايا والفتن لا تضرهم شيئا.

باب

ما رفع عن الأمة

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق قال حدثني عمرو بن مروان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رفع عن

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : مجهول.

وفي القاموس حبا فلانا أعطاه بلا جزاء ولا من ، والاسم الحباء ككتاب والحياة مثلثة.

باب ( ما رفع عن الأمة )(١)

وهو مشتمل على ما لا يؤاخذ الله هذه الأمة به

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« رفع عن أمتي » لعل المراد رفع المؤاخذة والعقاب ، ويحتمل أن يكون المراد في بعضها رفع أصله أو تأثيره أو حكمه التكليفي ولعل مفهوم قوله : عن أمتي

__________________

(١) ليس هذا العنوان موجودا في النسخ التي عندنا من الشرح بل الموجود فيها هكذا « باب وهو مشتمل على ».

٣٨٧

أمتي أربع خصال خطأها ونسيانها وما أكرهوا عليه وما لم يطيقوا وذلك

غير مراد في بعضها ، فالمراد اختصاص المجموع بهذه الأمة وإن اشترك البعض بينها وبين غيرها ، فالخطأ كما إذا أراد رمي صيد فأصاب إنسانا ، وكخطإ المفتي والطبيب والمراد هنا رفع الإثم ، فلا ينافي الضمان في الدنيا ، وإن كان ظاهره عدم الضمان أيضا ، وكذا رفع الإثم بالنسيان لا ينافي وجوب الإعادة عند نسيان الركن وسجدة السهو ، والتدارك عند نسيان بعض الأفعال.

وقيل : يفهم من الرفع أنهما يورثان الإثم والعقوبة ، ولكنه تعالى تجاوز عنهما رحمة وتفضلا ، و الإكراه أعم من أن يكون في أصول الدين أو فروعه مما يجوز فيه التقية ، لا فيما لا تقية فيه كالقتل.

« وما لم يطيقوا » أي التكاليف الشاقة التي رفعت عن هذه الأمة.

ثم استشهد للخصال الأربع وعدم المؤاخذة بها بالآيات وهي قوله تعالى : «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا » قال في مجمع البيان : قيل فيه وجوه :

الأول : أن المراد بنسينا تركنا كقوله تعالى : «نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ »(١) أي تركوا إطاعة الله فتركهم من ثوابه ، والمراد بأخطأنا أذنبنا لأن المعاصي توصف بالخطاء من حيث إنها ضد للصواب.

والثاني : أن معنى قوله : إن نسينا إن تعرضنا لأسباب يقع عندها النسيان عن الأمر أو الغفلة عن الواجب ، أو أخطأنا أي تعرضنا لأسباب يقع عندها الخطأ ويحسن الدعاء بذلك كما يحسن الاعتذار منه.

والثالث : أن معناه لا تؤاخذنا إن نسينا أي إن لم نفعل فعلا يجب فله على سبيل السهو والغفلة «أَوْ أَخْطَأْنا » أي فعلنا فعلا يجب تركه من غير قصد ، ويحسن هذا في الدعاء على سبيل الانقطاع إلى الله سبحانه ، وإظهار الفقر إلى مسائلته

__________________

(١) سورة التوبة : ٦٧.

٣٨٨

قول الله عز وجل : «رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ »(١) وقوله «إِلاَّ

والاستعانة به ، وإن كان مأمونا منه المؤاخذة بمثله ، ويجري ذلك مجرى قوله فيما بعد : «وَلا تُحَمِّلْنا » على أحد الأجوبة.

والرابع : ما روي عن ابن عباس وعطاء أن معناه لا تعاقبنا إن عصيناك جاهلين أو متعمدين.

وقوله : «رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً » قيل فيه وجهان : الأول : أن معناه لا تحمل علينا عملا نعجز عن القيام به ، وتعذبنا يتركه ونقضه عن ابن عباس وغيره والثاني : أن معناه لا تحمل علينا ثقلا يعني لا تشدد الأمر علينا «كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا » أي على الأمم الماضية والقرون الخالية ، لأنهم كانوا إذا ارتكبوا خطيئة عجلت عليهم عقوبتها ، وحرم عليهم بسببها ما أحل لهم من الطعام كما قال تعالى : «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ »(٢) وأخذ عليهم العهود والمواثيق وكلفوا من أنواع التكاليف ما لم تكلف هذه الأمة تخفيفا عنها.

«رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ » قيل فيه وجوه : الأول : أن معناه ما يثقل علينا تحمله من أنواع التكاليف والامتحان ، مثل قتل النفس عند التوبة ، وقد يقول الرجل لأمر يصعب عليه : إني لا أطيقه ، والثاني : أن معناه ما لا طاقة لنا به من العذاب عاجلا وآجلا.

والثالث : أنه على سبيل التعبد وإن كان سبحانه لا يكلف ولا يحمل أحدا ما لا يطيقه ، انتهى.

وقال بعضهم : فإن قلت : الآية دلت على المؤاخذة والإثم بالخطإ والنسيان ، وإلا فلا فائدة للدعاء بعدم المؤاخذة ، فكيف تكون دليلا على الرفع المذكور؟ قلت : أولا قال بعض المحققين السؤال والدعاء قد يكون للواقع والغرض منه بسط

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٨٦.

(٢) سورة النساء : ١٦٠.

٣٨٩

مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ »(١)

الكلام مع المحبوب ، وعرض الافتقار لديه ، كما قال خليل الرحمن وابنه إسماعيلعليهما‌السلام : «رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا » مع أنهما لا يفعلان غير المقبول ، وثانيا أنه قد صرح بعض المفسرين بأن الآية دلت على أن الخطأ والنسيان سببان للإثم والعقوبة ، ولا يمتنع عقلا المؤاخذة بهما إذ الذنب كالسم ، فكما أن السم يؤدي إلى الهلاك وإن تناوله خطأ كذلك الذنب ، ولكنه عز وجل وعد بالتجاوز عنه رحمة وتفضلا وهو المراد من الرفع ، فيجوز أن يدعو الإنسان به استدامة لها وامتدادا بها.

وقال بعضهم معنى الآية : ربنا لا تؤاخذنا بما أدى بنا إلى خطاء أو نسيان من تقصير ، وقلة مبالاة ، فإن الخطأ والنسيان أغلب ما يكونان من عدم الاعتناء بالشيء وهذا وإن كان رافعا للإيراد المذكور لكن فيه شيء لا يخفى على المتأمل.

والأصر الذنب والعقوبة وأصله من الضيق والحبس ، يقال أصره يأصره إذا حبسه وضيق عليه ، وقيل : المراد به الحمل الثقيل الذي يحبس صاحبه في مكانه ، والتكاليف الشاقة مثل ما كلف به بنو إسرائيل من قتل الأنفس وقطع موضع النجاسة من الجلد والثوب ، وخمسين صلاة في اليوم والليلة ، وصرف ربع المال للزكاة أو ما أصابهم من الشدائد والمحن.

وقوله : «رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ » تأكيد لما قبله ، وطلب للإعفاء من التكاليف الشاقة التي كلف بها الأمم السابقة ، لا طلب للإعفاء عن تكليف ما لا يتعلق به قدرة البشر أصلا ، فلا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق ، الذي أنكره العدلية وجوزه الأشاعرة باعتبار أنه لو لم يجز لم يطلبوا الإعفاء عنه.

وقوله : إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ، معناه إلا من أكره على قبيح مثل كلمة الكفر وغيرها «وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » غير متغير عن اعتقاد الحق ، وفيه دلالة على أنه لا إثم على المكره.

__________________

(١) سورة النحل : ١٩.

٣٩٠

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن محمد بن أحمد النهدي رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضع عن أمتي تسع خصال الخطأ والنسيان وما لا

لا يقال : الاستثناء من قوله تعالى «مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ » ومن شرطية محذوفة الجزاء ، أي فهو مفتر للكذب لا على أنه غير آثم؟

لأنا نقول : المستثنى منه في معرض الذم والوعيد ، وهما منفيان عن المكره بحكم الاستثناء ، فلا يكون المكره من أهل الذم والوعيد ، فلا يكون آثما.

الحديث الثاني : مرفوع.

« وما لا يعلمون » ظاهره معذورية الجاهل مطلقا ، ويدل عليه فحاوي كثير من الآيات والأخبار ، ولا يبعد العمل به إلا فيما أخرجه الدليل لكن أكثر الأصحاب اقتصروا في العمل به على مواضع مخصوصة ، ذكروها في كتب الفروع كالصلاة مع نجاسة الثوب والبدن ، أو موضع السجود ، أو في الثوب والمكان المغصوبين ، أو ترك الجهر والإخفات في موضعهما ، والنكاح في العدة وأمثالها ، ولو قيل : المراد عدم المؤاخذة لا عدم ترتب الأحكام ، فمع عدم التقصير في التفحص ظاهره العموم في جميع الموارد ، لكن ظاهر الوضع والرفع عدم ترتب الأحكام أيضا.

« وما اضطروا إليه » سواء كان سبب الاضطرار من قبل الله تعالى كما في أكل الميتة في المخمصة ، وشرب الماء النجس عند الاضطرار ، والتداوي بالحرام للمريض عند انحصار الدواء ، أو من قبل نفسه أو من الغير كمن جرح نفسه أو جرحه غيره في شهر رمضان ، واضطر إلى الإفطار ولكن في التداوي بالحرام لا سيما الخمر أخبار كثيرة بالمنع ، وكذا في شرب النبيذ والخمر عند الإكراه ، وسيأتي القول فيها في محله إن شاء الله.

وقد عرفت اختلاف الأخبار في التقية في البراءة عن أهل البيتعليهم‌السلام ووجه الجمع بينها ، وأما الطيرة فقال الجوهري : الطيرة مثال العنبة هي ما يتشأم به من الفال الرديء ، وفي الحديث أنه كان يحب الفال ويكره الطيرة وقال في النهاية فيه

٣٩١

يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه وما استكرهوا عليه والطيرة والوسوسة

لاعدوى ولا طيرة بكسر الطاء وفتح الياء ، وقد تسكن هي التشؤم بالشيء وهو مصدر تطير يقال تطير طيرة وتخير خيرة ، ولم يجيء من المصادر هكذا غيرها ، وأصله فيما يقال التطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير في جلب نفع ودفع ضر.

وقد تكرر ذكرها في الحديث اسما وفعلا ، ومنه الحديث : ثلاث لا يسلم منها أحد الطيرة والحسد والظن ، قيل : فما نصنع؟ قال : إذا تطيرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقق ، ومنه الحديث الآخر : الطيرة شرك وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل.

هكذا جاء الحديث مقطوعا ولم يذكر المستثنى أي إلا وقد يعتريه التطير وتسبق قلبه الكراهة ، فحذف اختصارا واعتمادا على فهم السامع وإنما جعل الطيرة من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعا أو يدفع عنهم ضرا إذا عملوا بموجبه ، فكأنهم أشركوه مع الله تعالى في ذلك.

وقوله : ولكن الله يذهبه بالتوكل معناه أنه إذا خطر له عارض التطير فتوكل على الله تعالى وسلم إليه ولم بعمل بذلك الخاطر غفره الله تعالى ، ولم يؤاخذه به.

وقال في المصباح : تطير من الشيء وأطير منه والاسم الطيرة وزان عنبة وهي التشاؤم ، وكانت العرب إذا أرادت المضي لمهم مرت بمجاثم الطير وإثارتها لتستفيد هل تمضي أو ترجع ، فنهى الشارع عن ذلك وقال : لا هام ولا طيرة ، انتهى.

وأقول : إذا عرفت هذا فكون الطيرة موضوعة يحتمل وجوها :

الأول : وضع المؤاخذة والعقاب عن هذا الخطور ، فإنه لا يكاد يمكن رفعها عن النفس وكفارته أن لا يعمل بمقتضاها ويتوكل على الله تعالى ، ولذا قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٩٢

في التفكر في الخلق والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد.

إذا تطيرت فامض.

الثاني : رفع تأثيرها عن هذه الأمة ببركة ما وصل إليهم عن الرسول والأئمةعليهم‌السلام من عدم الاعتناء به ، والتوكل على الله والأدعية والأذكار الدافعة لذلك.

الثالث : أن المراد بوضعها رفعها والمنع عن العمل بها ، والرجز عنها كما فهمه صاحب النهاية وغيره ، فلا يكون على سياق سائر الفقرات ، والأظهر في هذا الخبر المعنى الأول.

وأما تأثيرها فالأخبار مختلفة في ذلك ، والذي يقتضيه الجمع بينها أن مع تأثر النفس بها قد يكون لها تأثير ومع عدم الاعتناء بها والتوكل على الله فلا تأثير لها.

« والوسوسة في التفكر » سيأتي إن شاء الله عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : ثلاث لم ينج منها نبي فمن دونه : التفكر في الوسوسة في الخلق ، والطيرة والحسد إلا أن المؤمن لا يستعمل حسده.

وعلى التقديرين يحتمل هذه الفقرة وجوها :

الأول : أن يكون المراد وساوس الشيطان بسبب التفكر في أحوال الخلق ، وسوء الظن بهم بما يشاهد منهم ، فإن هذا شيء لا يمكن دفعه عن النفس ، لكن يجب عليه أن لا يحكم بهذا الظن ، ولا يظهره ولا يعمل بموجبه بالقدح فيهم ، ورد شهادتهم ونحو ذلك ، ويؤيده الخبر الذي رواه في النهاية ، حيث ذكر مكانها : الظن وقال : وإذا ظننت فلا تحقق أي لا تجزم.

وقال في النهاية أيضا فيه : إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ، أراد الشك يعرض لك في شيء فتحققه وتحكم به ، وقيل : أراد إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادئ الظنون التي لا تملك وخواطر القلوب التي لا تدفع ومنه الحديث

٣٩٣

وإذا ظننت فلا تحقق.

الثاني : التفكر في الوساوس التي تحدث في النفس في مبدء خلق الأشياء ، وأن الله سبحانه من خلقه وكيف وجد وأين هو؟ مما لو تفوه به لكان كفرا وشركا ويؤيده الأخبار الكثيرة التي مضت في باب الوسوسة ، وحديث النفس ، وقد روت العامة في صحاحهم أنه سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الوسوسة؟ فقال : تلك محض الإيمان وفي رواية أخرى يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا وكذا حتى يقول : من خلق ربك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته.

الثالث : أن يتفكر في القضاء والقدر ، وخلق أعمال العباد والحكمة في خلق بعض الشرور في العالم ، كخلق إبليس والمؤذيات ، وفي تمكين الأشرار على الأخيار وخلق الكفار وخلق جهنم وتأبيد الكفار فيها وغير ذلك مما لا يخلو أحد عنها وذلك كله معفو إذا لم يستقر في النفس ، ولم يحصل بسببه شك في حكمة الخالق وعدله ، وكون العباد غير مجبورين فيما كلفوا به أو بتركه ولعل الأول هنا أظهر وإن كان للثاني شواهد كثيرة.

وروى الصدوق (ره) في الخصال والتوحيد بسند صحيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وما لا يعلمون وما لا يطيقون وما اضطروا إليه والحسد والطيرة والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة ، والقيد بعدم النطق بالشفة لا ينافي شيئا من المعاني ، والحسد ما لم يظهر بلسان أو يد بدل على أن الحسد ليس معصية مع عدم الإظهار وهو خلاف المشهور ، ويؤيده قولهعليه‌السلام في خبر الروضة : لم يخل منها نبي فمن دونه وهو أنسب بسعة رحمة الله ، ونفي الحرج في الدين ، فإنه قل من يخلو عن ذلك ، فما ورد في ذم الحسد وعقوباته يمكن حمله على ما إذا كان مع الإظهار ، ويمكن أن يكون متعلقا بالوسوسة أيضا بل بالطيرة أيضا ، ويؤيده رواية الصدوق ، بل في

٣٩٤

باب

أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يعقوب بن شعيب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام هل لأحد على ما عمل ثواب على الله موجب إلا المؤمنين قال : لا.

رواية الصدوق أيضا يمكن تعلقه بالثلاثة.

ثم اعلم أن التسع المذكورة في هذا الخبر لا ينافي الأربع في الخبر السابق فإنهعليه‌السلام اكتفى فيه بالأهم أو المراد بالأول ما ورد في ظواهر الآيات رفعها ، مع أنه يمكن إدخال ما لم يذكر فيه فيما لا يطيقون على ما فسر به ، فإن التحرز عنها في غاية العسر والشدة.

باب

أن الإيمان لا يضر معه سيئة والكفر لا ينفع معه حسنة(١)

الحديث الأول : صحيح.

« على الله بوجوب » كذا في أكثر النسخ ، والوجوب بمعنى اللزوم لازم ، والأظهر « موجب » كما ينسب إلى بعض النسخ ، إلا أن يكون المفعول بمعنى الفاعل كما قيل في قوله تعالى : «حِجاباً مَسْتُوراً »(٢) قيل : أي ساترا نعم قال الفيروزآبادي : وجب عياله وفرسه عودهم أكلة واحدة ، وهو لا يناسب المقام إلا بتكليف شديد ، لكنه في كلام السائل ، والحاصل أنه هل أوجب الله ثوابا على نفسه بمقتضى وعده إلا للمؤمنين فإنه لا يجب على الله ثواب مع قطع النظر عن الوعد كما مر تحقيقه خلافا للمعتزلة ونادر من الإمامية.

فقالعليه‌السلام لا ، لأن الله تعالى وعد على العمل بشرائطه التي ثوابا فإذا

__________________

(١) هذا العنوان غير موجود في النسخ الموجودة عندنا من كتاب مرآة العقول.

(٢) سورة الإسراء : ٤٥.

٣٩٥

٢ ـ عنه ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال موسى للخضرعليهما‌السلام قد تحرمت بصحبتك فأوصني قال له الزم ما لا يضرك معه شيء كما لا ينفعك مع غيره شيء.

٣ ـ عنه ، عن يونس ، عن ابن بكير ، عن أبي أمية يوسف بن ثابت قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا يضر مع الإيمان عمل ولا ينفع مع الكفر عمل ألا ترى أنه قال : «وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ

تحقق العمل مع شرائطه التي من جملتها الإيمان لزم الثواب وثبت ، وهذا معنى الوجوب على الله لأن خلف الوعد منه قبيح خلافا للأشاعرة ، فإنهم ذهبوا إلى أنه لا يجب على الله شيء ، وقالوا يجوز أن يعاقب المطيع ويثبت العاصي ، وهذا القول يبطل الوعد والوعيد.

الحديث الثاني : مرسل.

وضمير عنه راجع إلى محمد بن عيسى ، وكذا في الخبر الآتي « قد تحرمت بصحبتك » أي اكتسبت حرمة ، وحصلت لي بسبب مصاحبتك حرمة فلا تردني عن جواب ما أسألك عنه ، ولا تمنعني نصيحتك.

في القاموس : تحرم منه بحرمة تمنع وتحمى بذمة ، وفي الصحاح : الحرمة ما لا يحل انتهاكه وقد تحرم بصحبته.

« ألزم ما لا يضرك معه شيء » أي من المعاصي وهو الإيمان ، فالمراد بالضرر ما يصير سببا لدخول النار أو الخلود فيها « كما لا ينفعك » أي النفع الموجب لدخول الجنة ، والمراد بالشيء هيهنا العمل الصالح فلا ينافي ما ورد في الأخبار من معاقبة المؤمنين بالأعمال القبيحة وأثابه الكافرين في الدنيا بالعمل الصالح ، ويمكن تعميم نفي الضرر بحمل الإيمان على ما كان مع الإتيان بالفرائض وترك الكبائر ، فالمراد بعدم النفع عدم النفع الكامل.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

«وَما مَنَعَهُمْ » الآية ، وما قبلها في سورة التوبة هكذا : «قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ ، وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ

٣٩٦

وماتوا وهم كافرون »(١) .

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن أبي أمية يوسف بن ثابت بن أبي سعدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال الإيمان لا يضر معه عمل وكذلك الكفر لا ينفع معه عمل.

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد عمن ذكره ، عن عبيد بن زرارة ، عن محمد بن مارد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام حديث روي لنا أنك قلت إذا عرفت فاعمل ما شئت فقال قد قلت ذلك قال قلت وإن زنوا أو سرقوا أو شربوا الخمر فقال لي «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » والله ما أنصفونا أن نكون أخذنا

إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كارِهُونَ ، فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ » وقال بعد آيات كثيرة : «وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ » فلعلها كانت في قراءتهم هكذا ونقلعليه‌السلام بالمعنى لكون الآيات في وصف جماعة واحدة ، ولعل فيما ذكرهعليه‌السلام إشعارا بأنهم لو ماتوا على الإيمان تقبل منهم نفقاتهم في حال الكفر.

الحديث الرابع : مجهول وأبو سعيد إن كان القماط فالخبر موثق ، وقد مر الكلام فيه.

الحديث الخامس : مرسل.

وقوله : حديث ، مبتدأ و « روي » خبره ، و أنك بالفتح خبر محذوف أي هو أنك « وإن زانوا » إن وصلية بتقدير الاستفهام « إنا لله » إشارة إلى أن هذا الافتراء علينا بفهم هذا المعنى مصيبة عظيمة « أن نكون » أي في أن نكون ، والحاصل أن التكليف لم يوضع عنا فكيف وضع عنهم بسببنا أو إنا نخاف العقاب ونتوب ونتضرع إلى الله تعالى وهم آملون بسبب ولايتنا أن هذا ليس بإنصاف.

__________________

(١) سورة التوبة : ٥٤

٣٩٧

بالعمل ووضع عنهم إنما قلت إذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير وكثيره فإنه يقبل منك.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن الريان بن الصلت رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيرا ما يقول في خطبته يا أيها الناس دينكم دينكم فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره والسيئة فيه تغفر

ثم أفادعليه‌السلام إن غرضي من هذا الكلام اشتراط قبول العمل بالولاية لا سقوط التكليف أو العقاب رأسا عنهم.

الحديث السادس : مرفوع.

« دينكم » نصب على الإغراء أي ألزموا دينكم واحفظوه أو أكملوه والتكرير للتأكيد أو باعتبار اختلاف العامل « فإن السيئة فيه خير » لعل الخيرية باعتبار أن في السيئة التذاذا دنيويا مع الغفران ، وفي الحسنة تعبا دنيويا مع الخسران ، أو باعتبار أن الحسنة التي لا تقبل يعاقب عليها كالصلاة بغير وضوء ، وقيل : كلمة في في قوله « فيه » وفي غيره بمعنى مع ، أي المركب من السيئة ودين الحق خير من المركب من الحسنة ودين أهل الضلال ، و قوله : والسيئة فيه تغفر ، للترقي وللإشارة إلى أن السيئة في دين الحق لو لم تكن مغفورة وكانت الحسنة في دين الباطل مقبولة لكان المركب من السيئة والدين الصحيح أفضل من المركب من الحسنة والدين الباطل لأنه لا سيئة مثل الدين الباطل في العقاب ولا حسنة مثل الدين الحق في الثواب ، فكيف والسيئة في الدين القويم مغفورة ، والحسنة في الدين الفاسد غير مقبولة ، وقيل : فيه إشارة إلى أن السيئة من حيث هي سيئة ليست خيرا من الحسنة من حيث هي حسنة ، بل الخيرية وعدمها باعتبار المغفرة وعدم القبول وما ذكرنا لعله أظهر.

واتفق الفراغ من جمع هذه التعليقات مع كثرة الأشغال وهجوم الأمراض وتشتت

٣٩٨

والحسنة في غيره لا تقبل.

هذا آخر كتاب الإيمان والكفر والطاعات والمعاصي من كتاب الكافي

والحمد لله وحده وصلى الله على محمد وآله.

الأحوال بفضل الله تعالى في الثالث والعشرين من شهر صفر المظفر سنة ١١٠٩ والحمد لله أولا وآخرا ، والصلاة على سيد المرسلين محمد وعترته الأطهرين.

* * *

وقد اتفق الفراغ من تصحيحه والتعليق عليه في شهر ذي حجة الحرام في ليلة العرفة من سنة ١٣٩٨ ويليه الجزء الثاني عشر إن شاء الله تعالى وأوله « كتاب الدعاء » والحمد لله أوّلا وآخرا.

وأنا العبد المذنب الفاني

السيّد هاشم الرسولي المحلاتي

٣٩٩

الفهرست

رقم الصفحة

العنوان

عدد الأحاديث

١

باب الرواية على المؤمن

٣

٤

باب الشماتة

١

٤

باب السباب

٩

١٣

باب التهمة وسوء الظن

٣

١٩

باب من لم يناصح أخاه المؤمن

٦

٢١

باب خلف الوعد

٢

٤٥

باب من حجب أخاه المؤمن

٤

٤٩

باب من استعان به أخوه فلم يعنه

٤

٥١

باب من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره

٥

٥٤

باب من أخاف مؤمنا

٣

٥٥

باب النميمة

٣

٦٠

باب الإذاعة

١٢

٦٨

باب من أطاع المخلوق في معصية الخالق

٥

٧٠

باب في عقوبات المعاصي العاجلة

٢

٧٥

باب مجالسة أهل المعاصي

١٦

١٠٠

باب أصناف الناس

٣

١٠٨

باب الكفر

٢١

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407