مرآة العقول الجزء ١١

مرآة العقول14%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 407

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 407 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 22616 / تحميل: 7493
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١١

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وقد تدخل الاستثناء في الكلام ويراد به التسهيل والأقدار والتخلية والبقاء على ما هو عليه من الأحوال ، وهذا هو المراد إذا دخل في المباحات.

وهذا الوجه يمكن في الآية ، وقد يدخل استثناء المشية في الكلام وإن لم يرد به شيء من المتقدم ذكره ، بل يكون الغرض الانقطاع إلى الله من غير أن يقصد به إلى شيء من هذه الوجوه ، ويكون هذا الاستثناء أيضا غير معتد به في كونه كاذبا أو صادقا لأنه في الحكم كأنه قال : لا فعلن كذا إن وصلت إلى مرادي مع انقطاعي إلى الله وإظهاري الحاجة إليه.

وهذا الوجه أيضا يمكن في الآية ومتى تأمل جملة ما ذكرناه من الكلام عرف به الجواب عن المسألة التي يسأل عنها من يذهب إلى خلاف العدل من قولهم : لو كان الله تعالى إنما يريد الطاعات من الأعمال دون المعاصي لوجب إذا قال الذي عليه الدين وطالبه به : والله لأعطينك حقك غدا إن شاء الله ، أن يكون كاذبا أو حانثا إذا لم يفعل لأن الله قد شاء ذلك منه عندكم وإن كان لم يقع ، ولكان يجب أن تلزمه به الكفارة وأن لا يؤثر هذا الاستثناء في يمينه ، ولا يخرجه من كونه حانثا كما أنه لو قال : والله لأعطينك حقك إن قام زيد فقام ولم يعطه فيكون حانثا ، وفي التزام هذا الحنث خروج عن الإجماع « انتهى » وسيأتي تمام الكلام فيه في الاستثناء بالمشية إن شاء الله.

وأقول : قد أطبق الأصحاب على أنه يجوز للحالف الاستثناء في يمينه بمشية الله ، والمشهور أنه يقتضي عدم انعقاد اليمين ، وفصل العلامة في القواعد فحكم بانعقاد اليمين مع الاستثناء إن كان المحلوف عليه واجبا أو مندوبا وإلا فلا ، ومستند المشهور وإن كان ضعيفا لكنه منجبر بالشهرة بين الأمة ، وأيضا ظاهرا لأكثر عدم الفرق بين قصد التعليق والتبرك ، وربما يقصر الحكم على التعليق ، وأيضا المشهور أن الاستثناء إنما يكون باللفظ واستوجه في المختلف الاكتفاء بالنية وفيه نظر ،

٤١

وورد في الأخبار جواز الاستثناء إلى أربعين يوما ، ولعله في العمل بالسنة لا التأثير في اليمين كما ذكره الطبرسي وسيأتي الكلام في جميع ذلك إن شاء الله.

ولا يبعد جريان جميع تلك الأحكام هنا بتقريب ما مر وكما يظهر من كلام السيدرضي‌الله‌عنه ، وكما يومئ إليه الخبر : الأول : من تشبيهه بالنذر ، الثاني : ما إذا كان الأمر الموعود حراما ، فإنه لا ريب في عدم جواز الوفاء به ووجوب الخلف. الثالث : إذا كان الأمر الموعود مرجوحا دينا أو دنيا فإنه لا يبعد جواز الخلف فيه ، فإن اليمين والنذر والعهد مع كونها عدة مؤكدة مع الله وعهدا موثقا مقرونا باسمه سبحانه يجوز مخالفته فهذا يجوز الخلف فيه بطريق أولى ، وأيضا يشمل تلك الأخبار ما يتضمن عدة لمؤمن أو مؤمنة ، وقد ورد في أخبار كثيرة إذا رأيت خيرا من يمينك فدعها ، وفي بعضها إذا حلف الرجل على شيء والذي حلف عليه إتيانه خيرا من يمينك فدعها ، وفي بعضها إذا حلف الرجل على شيء والذي حلف عليه إتيانه خير من تركه فليأت الذي هو خير ولا كفارة عليه ، وفي خبر آخر من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فأتى ذلك فهو كفارة يمينه وله حسنة ، فعلى هذا لو وعده فيما فعله مكروه أو خلافه مستحب يجوز له الخلف ، وأما إذا كان خلافه راجحا بحسب الدنيا ، فإن تضمن ضررا بدنيا بالنسبة إلى الواعد أو غيره من المؤمنين أو هتك عرض له بينا بالنسبة إلى الواعد فيجوز الخلف فيه ، بل يجب في بعض الصور وإن تضمن ضررا ماليا قليلا لا يضر بحال الواعد ، فالظاهر عدم جواز الخلف على تقدير الوجوب وإلا يلزم أن لا يجب الوفاء في الوعد بالمال أصلا.

نعم إذا تضمن تفويت مال بغير جهة شرعية كالسرقة والغصب وفوت الغريم ونحو ذلك ، فلا يبعد القول بالجواز كما جوزوا قطع الصلاة الواجبة له ، بل جوز بعض الأصحاب ترك الحج أيضا لذلك ، وجوزوا لذلك التيمم وترك طلب الماء للطهارة.

٤٢

الرابع : ما كان فعله راجحا دينا بحيث لا يصل إلى حد الوجوب ومرجوحا دنيا هل يجوز الخلف فيه؟ ظاهرا لأصحاب عدم جواز الخلف في اليمين ، ويظهر من كثير من الأخبار الجواز كقول أبي عبد اللهعليه‌السلام في صحيحة زرارة : كلما كان لك منفعة في أمر دين أو دنيا فلا حنث عليك ، وقول أبي جعفرعليه‌السلام في موثقة زرارة : كل يمين حلفت عليها لك فيها منفعة في أمر دين أو دنيا فلا شيء عليك فيها ، وإنما تقع عليك الكفارة فيما حلفت عليه فيما لله فيه معصية أن لا تفعله ثم تفعله ، وفي الحسن كالصحيح عن زرارة قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء لا نذر في معصية؟ قال : فقال : كل ما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا فلا حنث عليك فيه ، فإذا كان في اليمين والنذر كذلك ففي الوعد كذلك ، بتقريب ما مر مع ما ورد في الخبر من تشبيهه بالنذر.

الخامس : ما كان مباحا متساوي الطرفين فالمشهور في اليمين الانعقاد ، وفي النذر عدمه ، وظاهر كثير من الأخبار أن اليمين أيضا لا ينعقد كما روي عن زرارة أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام : أي شيء الذي فيه الكفارة من الأيمان؟ فقال : ما حلفت عليه مما فيه البر فعليك الكفارة إذا لم تف به ، وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا لم تف به ، وما حلفت عليه مما فيه المعصية فليس عليك فيه الكفارة إذا رجعت عنه ، وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية فليس بشيء ، وقد ورد مثله بأسانيد جمة فالظاهر بتقريب ما مر عدم الوجوب في الوعد ، ويدل عليه أيضا تسميته نذرا في الخبر الأول ، إذ قولهعليه‌السلام : نذر ، الظاهر أن المراد به النذر الشرعي لا اللغوي لقوله : لا كفارة ، فلما لم يكن نذرا شرعيا فالغرض التشبيه به في الاشتراك في الأحكام ، وقوله : لا كفارة له ، بمنزلة الاستثناء إذ هو بقوة إلا أنه لا كفارة له ، كما هو الظاهر من السياق ، والاستثناء دليل العموم ، فالكلام في قوة أنه بحكم النذر ، ومشترك معه في الأحكام إلا في

٤٣

الكفارة ، فيجري فيه أحكام النذر.

السادس : أنه لا حكم له مع عدم القصد كالنذر واليمين.

السابع : أنه لا حكم له مع الجبر والإكراه والتقية ، وحفظ عرض مؤمن أو ماله أو دمه ، وكلما يجوز فيه اليمين ، وينحل به النذر كل ذلك بتقريب ما مر ، ووجوه أخرى لا تخفى.

الثامن : أن النية فيه على قصد الحق والعبرة به كاليمين.

التاسع : وعد الأهل كما مر في باب الكذب عن عيسى بن حسان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حيث قال : كل كذب مسئول عنه صاحبه يوما إلا كذبا في ثلاثة ، إلى أن قال : أو رجل وعد أهله شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم ، ويمكن أن يستدل به على السادس والثامن ، وقد مر الكلام في تسميته كذبا ، ولو حمل على الحقيقة ، وقيل : بأن قبحه للكذب فأخبار جواز الكذب للمصلحة كثيرة ، وقد سبق بعضها ، والخبر يومئ إلى جواز الخلف لقليل من المصالح الدنيوية ، فكيف الدينية.

ثم اعلم أن كلما ذكرنا فإنما هو في الوعد ، وأما الوعيد فلا ريب في حسن الخلف فيه عقلا ونقلا كما مر بعض الكلام فيه في وعيد الله سبحانه ، والأخبار الدالة على الوجوب أو الرجحان إنما هي في الوعد لا الوعيد ، والخبر الأول أيضا ورد بلفظ العدة وقد مر في كلام الجوهري أنها في الوعد بالخير ، والخبر الثاني ظاهر والأخبار الواردة بحسن العفو عن الوعيد قولا وفعلا عن أئمة الهدىعليهم‌السلام أكثر من أن تحصى.

واعلم أيضا أن الوعد على تقدير القول بوجوب الوفاء به الظاهر أنه لا يوجب شغل ذمة للواعد ولا حقا لازما للموعود له يمكنه الاستعداء به والأخذ منه قهرا ، بل الأظهر عندي في اليمين أيضا كذلك ، بل حق لله عليه يلزمه الوفاء به ، وبهذا يظهر الفرق بين ما إذا كان في ضمن عقد لازم أو لم يكن ، ويمكن حمل كلام بعض

٤٤

باب

من حجب أخاه المؤمن

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسان وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد جميعا ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله عز وجل

الأصحاب حيث حكموا بالفرق على هذا الوجه أيضا وإن كان بعيدا ، والله تعالى يعلم حقائق الأحكام وحججه الكرام عليهم الصلاة والسلام.

وقد أطنبنا الكلام في هذا المقام لأنه مما يعم به البلوى ، ولم أر من الأصحاب من تصدى لتحقيقه ، وفي بالي إن وفقني الله تعالى أن أكتب فيه رسالة مفردة والله الموفق.

باب من حجب أخاه المؤمن

الحديث الأول : ضعيف.

« كان بينه وبين مؤمن حجاب » أي مانع من الدخول عليه إما بإغلاق الباب دونه أو إقامة بواب على بابه يمنعه من الدخول عليه ، وقال الراغب : الضرب إيقاع شيء على شيء ، ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد والعصا ونحوهما ، وضرب الأرض بالمطر ، وضرب الدراهم اعتبارا بضربه بالمطرقة ، وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه ، وضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة وتشبيها بضرب الخيمة قال : «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ »(١) أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة لمن ضربت عليه ومنه أستعير : «فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ »(٢) وقال : «فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ »(٣) إلى آخر ما قال في ذلك.

__________________

(١) سورة آل عمران : ١١٢.

(٢) سورة الكهف : ١١.

(٣) سورة الحديد : ١٣.

٤٥

بينه وبين الجنة سبعين ألف سور ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام.

٢ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن أحمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن محمد ، عن محمد بن سنان قال كنت عند الرضا صلوات الله عليه فقال لي يا محمد إنه كان في زمن بني إسرائيل أربعة نفر من المؤمنين فأتى واحد منهم الثلاثة وهم مجتمعون في منزل أحدهم في مناظرة بينهم فقرع الباب فخرج إليه الغلام فقال أين مولاك فقال ليس هو في البيت فرجع الرجل ودخل الغلام إلى مولاه فقال له من كان الذي قرع الباب قال كان فلان فقلت له لست في المنزل فسكت ولم يكترث

« مسيرة ألف عام » أي من أعوام الدنيا ، ويحتمل عام الآخرة ، ثم الظاهر منه إرادة هذا العدد حقيقة ، ويمكن حمله على المجاز والمبالغة في بعده عن الرحمة والجنة ، أو على أنه لا يدخلها إلا بعد زمان طويل تقطع فيه تلك المسافة البعيدة ، وعلى التقادير لعله محمول على ما إذا كان الاحتجاب للتكبر والاستهانة بالمؤمن وتحقيره ، وعدم الاعتناء بشأنه لأنه معلوم أنه لا بد للمرء من ساعات في اليوم والليلة يشتغل فيها الإنسان بإصلاح أمور نفسه ومعاشه ومعاده ، لا سيما العلماء لاضطرارهم إلى المطالعة والتفكر في المسائل الدينية وجمعها وتأليفها وتنقيحها ، وجمع الأخبار وشرحها وتصحيحها وغير ذلك من الأمور التي لا بد لهم من الخوض فيها والاعتزال عن الناس والتخلي في مكان لا يشغله عنها أحد ، والأدلة في مدح العزلة والمعاشرة متعارضة وسيأتي تحقيقها إنشاء الله ، وقد يقال المراد بالجنة جنة معينة يدخل فيها من لم يحجب المؤمن.

الحديث الثاني : ضعيف.

« كان فلان » قيل : كان تامة أو فلان كناية عن اسم غير منصرف كأحمد ، وأقول : يحتمل تقدير الخبر أي كان فلان قارع الباب ، وفي القاموس : ما اكترث له ما أبالي به.

٤٦

ولم يلم غلامه ولا اغتم أحد منهم لرجوعه عن الباب وأقبلوا في حديثهم فلما كان من الغد بكر إليهم الرجل فأصابهم وقد خرجوا يريدون ضيعة لبعضهم فسلم عليهم وقال أنا معكم فقالوا له نعم ولم يعتذروا إليه وكان الرجل محتاجا ضعيف الحال فلما كانوا في بعض الطريق إذا غمامة قد أظلتهم فظنوا أنه مطر فبادروا فلما استوت الغمامة على رءوسهم إذا مناد ينادي من جوف الغمامة أيتها النار خذيهم وأنا جبرئيل رسول الله فإذا نار من جوف الغمامة قد اختطفت الثلاثة النفر وبقي الرجل مرعوبا يعجب مما نزل بالقوم ولا يدري ما السبب فرجع إلى المدينة فلقي يوشع بن نونعليه‌السلام فأخبره الخبر وما رأى وما سمع فقال يوشع بن نونعليه‌السلام أما علمت أن الله سخط عليهم بعد أن كان عنهم راضيا وذلك بفعلهم بك فقال وما فعلهم بي فحدثه يوشع فقال الرجل فأنا أجعلهم في حل وأعفو عنهم قال لو كان هذا قبل لنفعهم

« فلما كان من الغد » قيل : كان تامة والمستتر راجع إلى أمر الدهر ومن بمعنى في ، وفي القاموس : بكر عليه وإليه وفيه بكورا وبكر وابتكر وأبكر وباكره أتاه بكرة ، وكل من بادر إلى شيء فقد أبكر إليه في أي وقت كان ، وقال : الضيعة العقار والأرض المغلة.

« ولم يعتذروا إليه » ربما يفهم منه أنه عرف أنهم كانوا في البيت ولم يأذنوا له ، وفيه نظر بل الظاهر من آخر الخبر خلافه ، ويدل على أنه لو صدر عن أحد مثل هذه البادرة كان عليه أن يبادر إلى الاعتذار وأنه مع رضاه يسقط عنهم الوزر.

« ضعيف الحال » أي قليل المال « قد أظلتهم » أي قربت منهم ، أو الشمس لما كانت في جانب المشرق وقعت ظلها عليهم قبل أن تحاذي رؤوسهم « فظنوا أنه » أي سبب حدوث الغمامة « مطر ، فبادروا » ليصلوا إلى الضيعة قبل نزول المطر ، و النفر لما كان في معنى الجمع جعل تميزا للثلاثة « وأما الساعة فلا » أي لا ينفعهم ليردوا إلى الدنيا « وعسى أن ينفعهم » أي في البرزخ والقيامة.

٤٧

فأما الساعة فلا وعسى أن ينفعهم من بعد.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان ، عن مفضل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما مؤمن كان بينه وبين مؤمن حجاب ضرب الله بينه وبين الجنة سبعين ألف سور غلظ كل سور مسيرة ألف عام ما بين السور إلى السور مسيرة ألف عام.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك ما تقول في مسلم أتى مسلما زائرا [ أو طالب حاجة ] وهو في منزله فاستأذن عليه فلم يأذن له ولم يخرج إليه قال يا أبا حمزة أيما مسلم أتى مسلما زائرا أو طالب حاجة وهو في منزله فاستأذن له ولم يخرج إليه لم يزل في لعنة الله حتى يلتقيا فقلت جعلت فداك في لعنة الله حتى يلتقيا قال نعم يا أبا حمزة.

الحديث الثالث : ضعيف ، وقد مر مثله إلا أنه لم يكن فيه « غلظ السور ».

الحديث الرابع : مجهول.

« أيما مسلم » قيل : أي مبتدأ وما زائدة بين المضاف والمضاف إليه ، وأتى مسلما خبره ، والجملة شرطية وجملة لم يزل جزائية ، والضمير راجع إلى المسلم الثاني ، ولو كان أتي صفة ولم يزل خبرا لم يكن للمبتدإ عائدا ، ولعل المراد بالالتقاء الاعتذار أو معه وهو محمول على ما مر من عدم العذر أو الاستخفاف.

٤٨

باب

من استعان به أخوه فلم يعنه

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن علي ، عن سعدان ، عن حسين بن أمين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام له في حاجته [ إلا ] ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما رجل من شيعتنا أتى رجلا من إخوانه

باب من استعان به أخوه فلم يعنه

الحديث الأول : ضعيف.

وقوله : والقيام إما عطف تفسير للمعونة ، أو المراد بالمعونة ما كان من عند نفسه ، وبالقيام ما كان من غيره « إلا ابتلي » كذا في أكثر النسخ ، فكلمة إلا إما زائدة أو المستثنى منه مقدر أي ما فعل ذلك إلا ابتلي ، وقيل : من للاستفهام الإنكاري ، وفي بعض النسخ ابتلي بدون كلمة إلا موافقا لما في المحاسن وثواب الأعمال وهو أظهر ، وضمير عليه راجع إلى من بتقدير مضاف أي على معونته ، وفاعل يأثم راجع إلى من بخل ، ويحتمل أن يكون راجعا إلى من في من يأثم ، وضمير عليه للباخل ، والتعدية بعلى لتضمين معنى القهر ، أو على بمعنى في أي بمعونة ظالم يأخذ منه قهرا وظلما ، ويعاقب على ذلك الظلم و قوله : ولا يؤجر أي الباخل على ذلك الظلم لأنه عقوبة ، وعلى الأول قوله : ولا يؤجر إما تأكيد أو لدفع توهم أن يكون آثما من جهة ومأجورا من أخرى.

الحديث الثاني : صحيح.

٤٩

فاستعان به في حاجته فلم يعنه وهو يقدر إلا ابتلاه الله بأن يقضي حوائج غيره من أعدائنا يعذبه الله عليها يوم القيامة.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن أسلم ، عن الخطاب بن مصعب ، عن سدير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لم يدع رجل معونة أخيه المسلم حتى يسعى فيها ويواسيه إلا ابتلي بمعونة من يأثم ولا يؤجر.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن علي بن جعفر ، عن [ أخيه ] أبي الحسنعليه‌السلام قال سمعته يقول من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية الله عز وجل.

والاستثناء يحتمل الوجوه الثلاثة المتقدمة ، و قوله : يعذبه الله صفة حوائج وضمير عليها راجع إلى الحوائج ، والمضاف محذوف ، أي علي قضائها ، ويدل على تحريم قضاء حوائج المخالفين ، ويمكن حمله على النواصب أو على غير المستضعفين جمعا بين الأخبار وحمله على الإعانة في المحرم بأن يكون يعذبه الله قيدا احترازيا بعيد.

الحديث الثالث : ضعيف.

« حتى يسعى » متعلق بالمعونة فهو من تتمة مفعول يدع ، والضمير في يأثم راجع إلى الرجل ، والعائد إلى من محذوف ، أي على معونته.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

« مستجيرا به » أي لدفع ظلم أو لقضاء حاجة ضرورية « فقد قطع ولاية الله » أي محبته لله أو محبة الله له أو نصرة الله له أو نصرته لله ، أو كناية عن سلب إيمانه فإن الله ولي الذين آمنوا ، والحاصل أنه لا يتولى الله أموره ولا يهديه بالهدايات الخاصة ولا يعينه ولا ينصره.

٥٠

باب

من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسان جميعا ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، عن فرات بن أحنف ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه مزرقة عيناه مغلولة يداه

باب من منع مؤمنا شيئا من عنده أو من عند غيره

الحديث الأول : ضعيف.

« مزرقة عيناه » بضم الميم وسكون الزاي وتشديد القاف من باب الأفعال من الزرقة ، وكأنه إشارة إلى قوله تعالى : «وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً »(١) وقال البيضاوي : أي زرق العيون وصفوا بذلك لأن الزرقة أسوأ ألوان العين وأبغضها إلى العرب ، لأن الروم كانوا أعدى أعدائهم وهم زرق ، ولذلك قالوا في صفة العدو أسود الكبد أصهب السبال أزرق العين أو عمياء ، فإن حدقة الأعمى تزرق ، انتهى.

وقال في غريب القرآن : «يَوْمَئِذٍ زُرْقاً » لأن أعينهم تزرق من شدة العطش ، وقال الطيبي فيه : أسودان أزرقان ، أراد سوء منظرهما وزرقه أعينهما والزرقة أبغض الألوان إلى العرب ، لأنها لون أعدائهم الروم ، ويحتمل إرادة قبح المنظر وفظاعة الصورة ، انتهى.

وقيل : لشدة الدهشة والخوف تنقلب عينه ولا يرى شيئا ، وإلى في قوله إلى عنقه بمعنى مع ، أو ضمن معنى الانضمام ، ويدل على وجوب قضاء حاجة المؤمن

__________________

(١) سورة طه : ١٠٢.

٥١

إلى عنقه فيقال هذا الخائن الذي خان الله ورسوله ثم يؤمر به إلى النار.

٢ ـ ابن سنان ، عن يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا يونس من حبس حق المؤمن أقامه الله عز وجل يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه حتى يسيل عرقه أو دمه وينادي مناد من عند الله هذا الظالم الذي حبس عن الله حقه قال فيوبخ أربعين يوما ثم يؤمر به إلى النار.

٣ ـ محمد بن سنان ، عن مفضل بن عمر قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من كانت له دار فاحتاج مؤمن إلى سكناها فمنعه إياها قال الله عز وجل يا ملائكتي أبخل عبدي على عبدي بسكنى الدار الدنيا وعزتي وجلالي لا يسكن جناني أبدا.

مع القدرة ، وربما يحمل على ما إذا منعه لإيمانه أو استخفافا به وكان المراد بالمؤمن المؤمن الكامل.

الحديث الثاني : كالأول.

والمراد بحق المؤمن الديون والحقوق اللازمة أو الأعم منها ومما يلزمه أداؤه من جهة الإيمان على سياق سائر الأخبار « خمسمائة عام » أي مقدارها من أعوام الدنيا « أودية » في بعض النسخ أو دمه فالترديد من الراوي ، وقيل أو للتقسيم أي إن كان ظلمه قليلا يسيل عرقه وإن كان كثيرا يسيل دمه والموبخ المؤمنون أو الملائكة أو الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام أو الأعم ، وفيه دلالة على أن حق المؤمن حق الله عز وجل لكمال قربه منه أو لأمره تعالى به.

الحديث الثالث : كالسابق.

وظاهر هذه الأخبار وجوب إعانة المؤمنين بكل ما يقدر عليه وإسكانهم وغير ذلك مما لم يقل بوجوبه أحد من الأصحاب ، بل ظاهرها كون تركها من الكبائر وهو حرج عظيم ينافي الشريعة السمحة ، وقد يأول بكون المنع من أجل الإيمان فيكون كافرا ، أو على ما إذا وصل اضطرارا المؤمن حدا خيف عليه التلف

٥٢

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، عن علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول من أتاه أخوه المؤمن في حاجة فإنما هي رحمة من الله عز وجل ساقها إليه فإن قبل ذلك فقد وصله بولايتنا وهو موصول بولاية الله عز وجل وإن رده عن حاجته وهو يقدر على قضائها سلط الله عليه شجاعا من نار ينهشه في قبره إلى يوم القيامة مغفور له أو معذب فإن عذره الطالب كان أسوأ حالا قال وسمعته يقول من قصد إليه رجل من إخوانه مستجيرا به في بعض أحواله فلم يجره بعد أن يقدر عليه فقد قطع ولاية الله تبارك وتعالى.

أو الضرر العظيم الذي تجب إعانته عنده ، أو يراد بالجنان جنات معينة لا يدخلها إلا المقربون.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقد مر سندا ومتنا في باب قضاء حاجة المؤمن إلى قوله : كان أسوأ حالا إلا أن فيه : مغفورا له أو معذبا ، ومضى ما بعده في الباب السابق ، نقول زائدا على ما مضى أن قوله : فقد وصله بولايتنا ، يحتمل أن يكون المراد أنه وصل ذلك الفعل بولايتنا ، أي جعله سببا لولايتنا وحبنا له ، وهو أي الفعل أو الولاية بتأويل سبب لولاية الله ، ويمكن أن يكون ضمير الفاعل في وصل راجعا إلى الفعل ، والمفعول إلى الرجل أي وصل ذلك الفعل الرجل الفاعل له بولايتنا « كان أسوأ حالا » أي المطلوب أو الطالب كما مر والأول أظهر ، فالمراد بقوله عذره ، قبل عذره الذي اعتذر به ، ولا أصل له.

وكون حال المطلوب حينئذ أسوأ ظاهر ، لأنه صدقة فيما ادعى كذبا ولم يقابله بتكذيب وإنكار يستخف وزره ، وأما على الثاني فقيل كونه أسوأ لتصديق الكاذب ولتركه النهي عن المنكر ، والأولى أن يحمل على ما إذا فعل ذلك للطمع وذلة النفس لا للقربة وفضل العفو.

٥٣

باب

من أخاف مؤمنا

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن عيسى ، عن الأنصاري ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق الخفاف ، عن بعض الكوفيين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار ومن روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه فهو مع فرعون وآل

باب من أخاف مؤمنا

الحديث الأول : مجهول ، ولو كان عبد الغفار بن القاسم الثقة فالحديث صحيح.

« يوم لا ظل إلا ظله » أي إلا ظل عرشه والمراد بالظل الكنف أي لا ملجأ ولا مفزع إلا إليه ، قال الراغب : الظل ضد الضح وهو أعم من الفيء ، ويعبر بالظل عن العزة والمناعة وعن الرفاهة ، قال تعالى : «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ »(١) أي في عزة ومناعة ، وأظلني فلان أي حرسني ، وجعلني في ظله أي في عزه ومناعته «وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلاً »(٢) كناية عن غضارة العيش.

الحديث الثاني : مجهول.

« ليصيبه منه » أي من السلطان « مكروه » أي ضرر يكرهه « فلم يصبه » « فهو في النار » أي يستحقها أي لم يعف عنه ، و الروع : الفزع ، والترويع : التخويف

__________________

(١) سورة المرسلات : ٤١.

(٢) سورة النساء : ٥٧.

٥٤

فرعون في النار.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز وجل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي.

باب النميمة

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا أنبئكم بشراركم قالوا بلى يا رسول الله ـ قال المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون

« في النار » قيل أي في نار البرزخ ، حيث قال : «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ »(١) .

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

وقال في النهاية : الشطر النصف ، ومنه الحديث : من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ، قيل هو أن يقول : اق في اقتل ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كفى بالسيف شا ، يريد شاهدا وفي القاموس : الشطر نصف الشيء وجزؤه ، وأقول : يحتمل أن يكون كناية عن قلة الكلام أو كان يقول نعم مثلا في جواب من قال أقتل زيدا؟ وكان بين العينين كناية عن الجبهة.

باب النميمة

الحديث الأول : صحيح.

« المشاؤون بالنميمة » إشارة إلى قوله تعالى : «وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ ، هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ، مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ، عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ »(٢) قال البيضاوي

__________________

(١) سورة غافر : ٤٦.

(٢) سورة القلم : ١٠ ـ ١٣.

٥٥

للبرآء المعايب.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن يوسف بن عقيل ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال محرمة الجنة على القتاتين المشاءين بالنميمة.

«هَمَّازٍ » أي عياب ، «مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ » أي نقال للحديث على وجه السعاية ، «عُتُلٍ » : جاف غليظ «بَعْدَ ذلِكَ » أي بعد ما عد من مثاليه ، «زَنِيمٍ » دعي ، وفي المصباح نم الرجل الحديث نما من بابي قتل وضرب سعى به ليوقع فتنة أو وحشة ، والرجل نم تسمية بالمصدر ومبالغة والاسم النميمة والنميم أيضا ، وفي النهاية النميمة نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشر.

« المفرقون بين الأحبة » بالنميمة وغيرها ، و البغي الطلب والبراء ككرام وكفقهاء جمع البريء ، وهنا يحتملهما ، وأكثر النسخ على الأول ، ويقال أنا براء منه بالفتح لا يثني ولا يجمع ولا يؤنث أي بريء ، كل ذلك ذكره الفيروزآبادي والأخير هنا بعيد ، والظاهر أن المراد به من يثبت لمن لا عيب له عيبا ليسقطه من أعين الناس ، ويحتمل شموله لمن لا يتجسس عيوب المستورين ليفشيها عند الناس وإن كانت فيهم فالمراد البراء عند الناس.

الحديث الثاني : صحيح.

وفي القاموس : القت نم الحديث والكذب واتباعك الرجل سرا لتعلم ما يريد ، وفي النهاية فيه لا يدخل الجنة قتات وهو النمام ، يقال : وقت الحديث يفته إذا زوره وهيأه وسواه ، وقيل : النمام الذي يكون مع القوم يتحدثون فينم عليهم ، والقتات الذي يتسمع مع القوم وهم لا يعلمون ثم ينم ، والقساس الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها ، انتهى.

وربما يأول الحديث بالحمل على المستحل أو على أن الجنة محرمة عليه

٥٦

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي الحسن الأصبهاني عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام شراركم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة المبتغون للبرآء المعايب.

ابتداء ولا يدخلها إلا بعد انقضاء مدة العقوبة ، أو على أن المراد بالجنة جنة معينة لا يدخلها القتات أبدا(١) .

الحديث الثالث : مجهول.

وقال الشهيد الثاني قدس الله روحه في رسالة الغيبة : في عد ما يلحق بالغيبة أحدها النميمة ، وهي نقل قول الغير إلى المقول فيه ، كما تقول فلان تكلم فيك بكذا وكذا ، سواء نقل ذلك بالقول أم بالكتابة أم بالإشارة والرمز ، فإن تضمن ذلك نقصا أو عيبا في المحكي عنه كان ذلك راجعا إلى الغيبة أيضا ، فجمع بين معصية الغيبة والنميمة ، والنميمة إحدى المعاصي الكبائر ، قال الله تعالى : «هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ »(٢) ثم قال : «عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ ».

قال بعض العلماء : دلت هذه الآية على أن من لم يكتم الحديث ومشى بالنميمة ولد زناء ، لأن الزنيم هو الدعي ، وقال تعالى : «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ »(٣) قيل : الهمزة النمام وقال تعالى عن امرأة نوح وامرأة لوط «فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ »(٤) قيل : كانت امرأة لوط تخبر بالضيفان ،

__________________

(١) ونظير هذه التأويلات قد مرّ في باب البداء أيضا في حديث « ان الله حرم الجنة على كل فحاش بذىء اه » ونقل هنا عن الشيخ البهائي روّح الله روحه أنّه قال : لعلّه (ع) أراد أنّها محرمة عليهم زمانا طويلا لا محرّمة تحريما مؤبّدأ أو المراد جنبة خاصّة معدّة لغير الفحّاش ، وإلاّ فظاهره مشكل فإن العصاة من هذه الأمّة مآلهم إلى الجنّة وإن طال مكثهم في النار.

(٢) سورة القلم : ١١.

(٣) سورة الهمزة : ١.

(٤) سورة التحريم : ١٠.

٥٧

وامرأة نوح تخبر بأنه مجنون.

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يدخل الجنة نمام ، وفي حديث آخر : لا يدخل الجنة قتات ، والقتات هو النمام ، وروي أن موسى استسقى لبني إسرائيل حين أصابهم قحط فأوحى الله تعالى إليه : أني لا أستجيب لك ولا لمن معك وفيكم نمام قد أصر على النميمة ، فقال موسىعليه‌السلام : يا رب من هو حتى نخرجه من بيننا؟ فقال : يا موسى أنهاكم عن النميمة وأكون نماما! فتابوا بأجمعهم فسقوا.

أقول : وذكر رفع الله درجته أخبارا كثيرة من طريق الخاصة والعامة ، ثم قال : واعلم أن النميمة تطلق في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه كما يقال فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا ، وليست مخصوصة بالقول فيه ، بل يطلق على ما هو أعلم من القول كما مر في الغيبة ، وحدها بالمعنى الأعم كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول منه أو المنقول إليه ، أم كرهه ثالث ، وسواء كان الكشف بالقول أم بالكتابة أم الرمز أم الإيماء ، وسواء كان المنقول من الأعمال أم من الأقوال ، وسواء كان ذلك عيبا ونقصانا على المنقول عنه أم لم يكن ، بل حقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه ، بل كل ما رآه الإنسان عن أحوال الناس ، فينبغي أن يسكت عنه إلا ما في حكايته فائدة لمسلم أو دفع لمعصية كما إذا رأى من يتناول مال غيره فعليه أن يشهد به مراعاة لحق المشهود عليه ، فأما إذا رآه يخفي مالا لنفسه فذكره نميمة وإفشاء للسر ، فإن كان ما ينم به نقصانا أو عيبا في المحكي عنه كان جمع بين الغيبة والنميمة.

والسبب الباعث على النميمة إما إرادة السوء بالمحكي عنه أو إظهار الحب للمحكي له أو التفرج بالحديث أو الخوض في المفضول.

وكل من حملت إليه النميمة ، وقيل له : إن فلانا قال فيك كذا وكذا

٥٨

وفعل فيك كذا وكذا وهو يدبر فيها فساد أمرك أو في ممالاة عدوك أو تقبيح حالك أو ما يجري مجراه ، فعليه ستة أمور :

الأول : أن لا يصدقه لأن النمام فاسق وهو مردود الشهادة ، قال الله تعالى : «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ »(١) .

الثاني : أن ينهاه عن ذلك وينصحه ويقبح له فعله ، قال الله تعالى : «وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ »(٢) .

الثالث : أن يبغضه في الله تعالى ، فإنه بغيض عند الله ويحب بغض من يبغضه الله.

الرابع : أن لا تظن بأخيك السوء بمجرد قوله ، لقوله تعالى : «اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِ »(٣) بل تثبت حتى تتحقق الحال.

الخامس : أن لا يحملك ما حكي لك على التجسس والبحث لتحقق ، لقوله تعالى : «وَلا تَجَسَّسُوا »(٤) .

السادس : أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه فلا تحكي نميمته فتقول : فلان قد حكى لي كذا وكذا ، فتكون به نماما ومغتابا فتكون قد أتيت بما نهيت عنه ، وقد روي عن عليعليه‌السلام : أن رجلا أتاه يسعى إليه برجل ، فقال : يا هذا نحن نسأل عما قلت فإن كنت صادقا مقتناك وإن كنت كاذبا عاقبناك ، وإن شئت أن نقيلك أقلناك ، قال : أقلني يا أمير المؤمنين ، وقال الحسن : من نم إليك نم عليك ، وهذه إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يوثق بصداقته ، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك من الكذب والغيبة والغدر والخيانة والغل والحسد والنفاق والإفساد بين الناس

__________________

(١) سورة الحجرات : ٦.

(٢) سورة لقمان : ١٧.

(٣ ـ ٤) سورة الحجرات : ١٢.

٥٩

باب الإذاعة

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن محمد بن عجلان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله عز وجل عير أقواما بالإذاعة في قوله عز وجل : «وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ »(١) فإياكم

والخديعة ، وهو ممن سعى في قطع ما أمر الله تعالى به أن يوصل ، قال الله تعالى : «وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ (٢) » وقال تعالى : «إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ »(٣) والنمام منهم.

وبالجملة فشر النمام عظيم ينبغي أن يتوقى ، قيل : باع بعضهم عبدا للمشتري ما فيه عيب إلا النميمة ، قال : رضيت به فاشتراه فمكث الغلام أياما ثم قال لزوجة مولاه : إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن يتسرى عليك ، فخذي الموسى(٤) واحلقي من قفاه شعيرات حتى أسحر عليها فيحبك ، ثم قال للزوج : إن امرأتك اتخذت خليلا وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتى تعرف ، فتناوم فجاءت المرأة بالموسى فظن أنها تقتله ، فقام وقتلها ، فجاء أهل المرأة وقتلوا الزوج ، فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر.

باب الإذاعة

الحديث الأول : مجهول.

ويقال : ذاع الخبر يذيع ذيعا أي انتشر ، وأذاعه غيره أي أفشاه «وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ » قال البيضاوي : أي مما يوجب الأمن أو الخوف «أَذاعُوا بِهِ »

__________________

(١) سورة النساء : ٨٢.

(٢) سورة الرعد : ٢٥.

(٣) سورة الشورى : ٤٢.

(٤) الموسي. آلة الحلق.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تجزئ عنه عند الشافعي وأحمد(١) .

أمّا عندنا فإن كان المدفوع قرضاً سقطت الزكاة ، لأنّها تتمة النصاب ، وإن كان زكاةً معجَّلة لم تقع ، وكانت باقيةً على ملك صاحبها إن كان المال بحاله جاز أن يحتسبه من الزكاة وأن يعدل بها إلى غيره.

وأمّا عندهما : فلأنّه نصاب تجب فيه الزكاة بحلول الحول ، فجاز تعجيلها منه ، كما لو كان أكثر من أربعين ، ولأنّ المعجَّل في حكم الموجود(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب الزكاة ، ولا يكون ما عجّله زكاة ؛ لأنّ المعجَّل زال ملكه عنه فلم يحتسب من ماله ، كما لو باعه أو أتلفه(٣) .

الثانية : لو كان معه مائة وعشرون فعجَّل منها شاةً ثم نتجت شاة ثم حال الحول لم يكن عليه شاة اُخرى عندنا ؛ لعدم ضمّ السخال إلى الاُمّهات عند علمائنا ، فالنصاب لا يجب فيه أكثر من شاة ، فله الاحتساب والدفع إلى غير الآخذ.

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة اُخرى(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا تجب اُخرى(٥) ، كما قلناه.

الثالثة : لو كان معه مائتا شاة فعجَّل منها شاتين ثم نتجت شاة ، وحال عليها الحول لم تجب عليه شاة اُخرى عندنا ، وبه قال أبو حنيفة(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، المغني ٢ : ٤٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢) اُنظر : المغني ٢ : ٤٩٩ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المغني ٢ : ٤٩٩ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٧ - ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤ - ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٤٩٩.

(٦) شرح فتح القدير ٢ : ١٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢ ، المجموع ٦ : ١٤٨.

٣٠١

وقال الشافعي وأحمد : تجب عليه شاة أخرى ، لأنّه لو لم يعجّل الشاتين وجب عليه ثلاث شياه ، والتعجيل رفق بالمساكين ، فلا يكون سببا في إسقاط حقوقهم(١) .

وينتقض بالبيع والإتلاف.

مسألة ٢١٢ : لو كان معه خمس من الإِبل فعجّل زكاتها‌ وله أربعون من الغنم فهلكت الإِبل فأراد أن يجعل الشاة معجَّلة عن الغنم ابتني على ما إذا عيّن الزكاة من مال هل له أن يصرفه إلى غيره؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها لم تصر زكاةً بعدُ ، وسيأتي.

مسألة ٢١٣ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة في النقدين والمواشي فكذا في الزروع والثمار‌ - وهو قول بعض الشافعية(٢) - لأنّ زكاتها متعلّقة بسبب واحد وهو الإِدراك ، فإذا قدّم الزكاة فقد قدّمها قبل وجود سببها.

وقال ابن أبي هريرة منهم : يجوز(٣) ؛ لأنّ وجود الزرع سبب فيها ، وإدراكه بمنزلة حؤول الحول فجاز تقديمها.

مسألة ٢١٤ : وكما لا يجوز تقديم الزكاة عندنا لحول واحد فالحولان فصاعداً أولى بالمنع‌.

واختلف المـُجوّزون في الأول هل يجوز تعجيل أكثر من زكاة حول واحد فقال الحسن البصري : يجوز لسنتين وثلاث - وهو المشهور عند الشافعية ، وهو قول أبي إسحاق منهم - لأنّ النصاب سبب في إيجاب الزكاة في هذين العامين فجاز تقديم الزكاة كالعام الأول ( ولأنّ العباس استلف صدقة عامين‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٢.

(٢ و ٣ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

٣٠٢

من الناس )(١) (٢) .

وقال بعض الشافعية : لا يجوز - كما قلناه - لأنّه قدّم الزكاة على الحول الثاني ( فلم يجز )(٣) كما لو قدّمه على الحول الأول(٤) .

وفرّق الأولون : بأنّ التقديم على الحول الأول تقديم على النصاب ، بخلاف صورة النزاع.

إذا ثبت هذا فإن كان معه نصاب لا غير لم يجز له أن يعجّل أكثر من صدقة سنة واحدة إجماعاً منهم ؛ لأنّه إذا عجّل أكثر من ذلك نقص النصاب في الحول الثاني بوقوع زكاة الحول الأول موقعها ، وانقطاع حكمها عن ماله.

وعلى قولنا إن احتسب عند الحول الأول المدفوع من الزكاة سقطت في الثاني ، وإن لم يحتسب سقطت أيضاً ؛ لتعلّق الزكاة بالعين فينقص عن النصاب حكماً في الثاني.

مسألة ٢١٥ : إذا مات المالك قبل الحول انتقل المال إلى الوارث‌ ، واستأنف الحول ، وبطل حكم الأول ، وانقطع الحول بموت المالك عند علمائنا - وهو الجديد للشافعي(٥) - لأنّه بموته خرج عن أهلية التملّك ، وبقاء مال بغير مالك محال ، فينتقل إلى الوارث ، فيستأنف الحول كما لو باعه.

____________________

(١) كذا في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية ، خلافاً لما في المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، وسنن البيهقي ٤ : ١١١ ، حيث ورد فيها : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسلّف من العباس صدقة عامين. فلاحظ.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣١ - ٥٣٢ ، والمغني ٢ : ٤٩٨.

(٣) في « ط » : فلم يجزئه.

(٤) راجع المصادر في الهامش (٢)

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٦ - ٢٧.

٣٠٣

ولقوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (١) أضاف بلام التملّك.

وقال في القديم : لا ينقطع بموته ، ويبنى حول الوارث على حول الموروث(٢) .

إذا عرفت هذا ، فلو عجّل زكاة ماله قبل الحول ثم مات ، وانتقل المال إلى ورثته ، لم يجزئه التعجيل عندنا ؛ لما مرّ ، وهو قول بعض الشافعية ؛ لأنّه يؤدّي إلى أن تكون الزكاة معجّلةً قبل ملك النصاب.

وعلى القديم يجزئه ما عجّله ؛ لأنّه لمـّا قام الوارث مقام الميت في ملكه قام مقامه في حقّه ، ولهذا يرث منه الشفعة ( فيأخذها )(٣) بسبب ملك متجدّد(٤) .

وهو ممنوعٌ ؛ لأنّه يأخذها إرثاً لا بسبب ملكه.

إذا ثبت هذا ، فإن كان المالك حين الدفع شرط التعجيل رجع بها الوارث ، وإلّا فلا.

وفرّع الشافعي على الإِجزاء إن كان نصيب كلّ واحد يبلغ نصابا أجزأت عنهم إذا حال الحول ، وإن قصر فإن اقتسموا بطل الحول ، وكان لهم ارتجاع الزكاة إن شرط فيها التعجيل ، وإن لم يقتسموا وبقي مختلطاً إلى آخر الحول ، فإن كانت ماشيةً أجزأت عنهم الزكاة ، وإن كان غيرها ( بني )(٥) على القولين في الخلطة فيه ، إن جوّزناها كان كالماشية ، وإلّا كان كما لو اقتسموا(٦) .

____________________

(١) النساء : ١١.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٧.

(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : فيأخذ.

وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ و ٥٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٩.

(٥) في « ط » : يبنى.

(٦) اُنظر : المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٦.

٣٠٤

مسألة ٢١٦ : إذا تسلّف الساعي أو الإِمام الزكاة‌ ، فإن كان بغير مسألة أهل السُّهمان ولا أرباب الأموال فتلفت في يده ضمن - وبه قال الشافعي(١) - لأنّهم أهل رشد لا يولّى عليهم ، فإذا قبض لهم بغير إذنهم كان ضامناً ، كالأب يقبض لابنه الكبير بغير إذنه.

لا يقال : الأب ليس له القبض ، وهنا يجوز لحاجتهم.

لأنّا نقول : جواز القبض لا يدفع الضمان.

وقال أبو حنيفة وأحمد : لا يضمن ، لأنّ للإِمام ولاية على أهل السُّهمان ، فإذا استقرض لهم وتلف في يده من غير تفريط لم يضمن كولي اليتيم(٢) .

ونمنع ولاية الإِمام إذا لم يكن المالك مانعاً ، ويخالف ولي اليتيم ؛ لأنّه لا إذن للمولّى عليه ، بخلاف أهل السُّهمان.

وإن قبضها بسؤال أهل السُّهمان فتلفت ( في يده )(٣) من غير تفريط لم يضمن ، وأجزأت عن رب المال ؛ لأنّ يده كيدهم إذا نوى في القبض ، والمالك مأمور بالدفع إليه ، فحصل الإِجزاء؛ للامتثال.

وإن قبضها بسؤال أرباب الأموال فلا ضمان عليه ؛ لأنّه أمين قبض المال بإذن ربه على سبيل الأمانة ولا تجزئ عن أربابها ، بل تكون من أموالهم ؛ لأنّه وكيل لهم فيها.

وإن كان بسؤالهما معاً قال الشيخ : الأولى أن يكون منهما ؛ لأنّ كلّ واحد منهما له إذن في ذلك ، ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه في ذلك(٤) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧ ، المغني ٢ : ٥٠٢.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٧.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في « ن ».

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٨.

٣٠٥

وللشافعي وجهان : أحدهما : يكون من ضمان أرباب الأموال ؛ لأنّهم أقوى جنبة فإنّهم المالكون للمال. والثاني : يكون من ضمان الفقراء ، لأنّه قبضه لمنفعتهم بإذنٍ ، فكان من ضمانهم. وهو أصحّهما عند الشافعية(١) .

مسألة ٢١٧ : ما يتعجّله الوالي من الصدقة يقع متردّداً بين أن يقع زكاةً أو يستردّ‌ - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّا قد بيّنّا أنّه لا يجوز تقديم الزكاة إلّا على جهة القرض ، فإذا حال الحول فإن تمّت الشرائط والدافع والمدفوع إليه على الصفات ، كان للمالك احتسابه من الزكاة والاسترداد على ما اخترناه نحن.

وعند الشافعي يقع زكاةً معجّلة ، فإن تغيّرت الأحوال لم يسقط عنه الدّين ، بل يتأكّد قضاؤه عليه(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه متردّد بين أن يقع زكاةً أو تطوّعاً(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ المالك لم يقصد التطوّع ، فلا ينصرف إلى غير ما قصده.

مسألة ٢١٨ : إذا تسلّف الساعي الزكاة‌ ، فبعد الحول إن لم يتغيّر الحال في المال والدافع والمدفوع إليه ، فعلى ما اخترناه نحن من أنّها قرض لا زكاة معجّلة ، للمالك استرجاعها منه ، ودفعها إلى غيره ، أو دفع عوضها ، أو احتسابها من الزكاة ، وللمدفوع إليه دفع المثل أو القيمة وإن كره المالك ؛ لأنّه قرض.

وعند القائلين بأنّها زكاة معجّلة يقع الدفع موقعه ويجزئ ، وليس للمالك انتزاعها منه(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٩ ، و ٥ : ٥٣٧ و ٥٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٨ ، المغني ٢ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٤) حلية العلماء ٣ : ١٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٥٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

٣٠٦

وإن تغيّرت حال المالك فمات قبل الأجل أو نقص النصاب أو ارتدّ لم يقع ما دفعه زكاةً ، وله استرجاعه - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّه مال دفعه عمّا يستحقّه القابض في الثاني(٢) ، فإذا طرأ ما يمنع الاستحقاق وجب الردّ ، كما لو دفع اُجرةً في سكنى دار فانهدمت. ولأنّه دفع على أنّها زكاة واجبة وقد ظهر البطلان.

وقال أبو حنيفة : ليس له استرجاعه إلّا أن يكون في يد الإِمام أو الساعي ؛ لأنّها وصلت إلى يد الفقير ، فلم يكن له استرجاعها ، كما لو لم يشترط ؛ لأنّه زكاة معجّلة(٣) .

والفرق أنّه إذا لم يشترط التعجيل احتمل أن يكون تطوعاً ، فلم يقبل قوله في الرجوع.

وإن تغيّرت حال الفقير بأن يستغني بغير الزكاة ، أو يرتدّ ، فإنها لا تجزئ ، ويجب استرجاعها ليدفعها إلى مستحقّها - وبه قال الشافعي(٤) وأحمد(٥) - لأنّ ما كان شرطاً في إجزاء الزكاة إذا ( عدم )(٦) قبل حلول الحول لم يجزئ كما لو مات رب المال.

وقال أبو حنيفة : وقعت موقعها ؛ لأنّ تغيّر حال الفقير بعد وصول الزكاة‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٢) أي : في العام القابل.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣.

(٥) يظهر من المغني ٢ : ٥٠٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، أنّ قول أحمد موافق لقول أبي حنيفة ومخالف لرأي المصنّف ، والشافعي. فلاحظ.

(٦) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : ( تقدّم ) والصحيح - كما يقتضيه السياق - ما أثبتناه.

٣٠٧

إلى يده لا يمنع من إجزائها ، كما لو استغنى بها(١) .

والفرق : أنّه إذا استغنى بها حصل المقصود بالدفع ، فلم يمنع ذلك من إجزائها.

فروع :

أ - لو مات المدفوع إليه جاز الاحتساب من الزكاة بعد الحول ؛ لأنّ قضاء الدَّين عن الميت من الزكاة سائغ على ما أوضحناه. ولأنّه من سبيل الله.

ومنع الشافعي من ذلك(٢) . وليس بمعتمد.

ب - قال الشيخ : إذا عجّل الزكاة لمسكين ثم حال الحول وقد أيسر ، فإن كان من هذا المال مثل أن كانت ماشيةً فتوالدت ، أو مالاً فاتّجر به وربح ، وقعت موقعها ، ولا يجب استرجاعها ؛ لأنّه يجوز أن يعطيه ما يغنيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « أعطه وأغنه »(٣) .

ولأنّا لو استرجعناها منه افتقر وصار مستحقّاً للإِعطاء ، ويجوز أن تردّ عليه ، وإذا جاز ذلك جاز أن يحتسب به.

وإن كان قد أيسر بغير هذا المال بأن ورث أو غنم أو وجد كنزاً ، لم تقع موقعها ، ووجب استرجاعها ، أو إخراج عوضها ؛ لأنّ ما أعطاه كان دَيْناً عليه ، وإنّما تحتسب عليه بعد حوؤل الحول ، وفي هذه الحال لا يستحق الزكاة ، لغنائه ، فلا تحتسب له(٤) .

وفي قول الشيخ إشكال ، أمّا أوّلاً : فلأنّ نماء المدفوع يقع ملكاً

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥٢ ، المغني ٢ : ٥٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٣) نقله الشيخ الطوسي بالمعنى ، وانظر : الكافي ٣ : ٥٤٨ / ٣ و ٤ ، والتهذيب ٤ : ٦٣ / ١٧٠ و ٦٤ / ١٧٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣٠.

٣٠٨

للقابض ؛ لأنّه قرض على ما تقدّم ، ونماء القرض لمالكه ، فإذا كان النماء موجباً للغناء لم يجز صرف الزكاة إليه كما لو كان غنياً بغيره.

وأمّا ثانياً : فلأنّ ما يأخذه على سبيل القرض يملكه المقترض ، ويخرج عن ملك الدافع ، فلا يكون محسوباً من النصاب ، فيجب على المالك زكاة ما في يده إن كان نصاباً ، ولا يضمّ إليه ما أخذه القابض.

ج - إنّما يكون له الرجوع في موضعه إذا شرط حالة الدفع ثم ظهر الخلاف على ما يأتي.

مسألة ٢١٩ : إذا تسلّف الساعي الزكاة ، وتغيّرت الحال‌ ، وحكمنا باسترداد المدفوع ، فإن كان باقياً بحاله استرجعه إن شرط حالة الدفع أنّها زكاة معجّلة ؛ لفساد الدفع عندنا ، ولفوات شرط الاستحقاق عند من سوّغه.

وإن كان قد زاد زيادةً متصلةً كالسمن ردّ العين مع الزيادة ، لأنّها تابعة لها ، وإن كانت منفصلةً كالولد ردّه أيضاً مع العين ؛ لفساد الدفع.

وقال الشافعي : لا يستردّ النماء ؛ لأنّها حدثت في ملك الفقير(١) . وهو ممنوع.

نعم لو دفعها قرضاً ملكها الفقير ، ولم يكن له الرجوع في العين ، بل يطالب بالمثل أو القيمة سواء زادت أو لا ، والنماء المنفصل للفقير حينئذٍ ؛ لأنّه نماء ملكه.

ولو كانت العين ناقصةً لم يضمن النقصان لفساد الدفع ، فكانت العين أمانةً في يده ، أمّا لو قبضها قرضاً فإنّه يضمن النقصان.

وقال الشافعي في الاُم : لا يضمنها ؛ لأنّ النقص حدث في ملكه فلا يضمنه(٢) .

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

(٢) الاُم ٢ : ٢١ وعنه في فتح العزيز ٥ : ٥٤٣.

٣٠٩

وله آخر : الضمان ؛ لأنّ من ضمن القيمة عند التلف ضمن النقص(١) .

ولو كانت العين تالفةً ، فإن كان لها مثل وجب المثل وإلّا القيمة.

ومتى يعتبر؟ قال الشيخ : يوم القبض ؛ لأنّه قبض العين على جهة القرض ، فيلزمه قيمة يوم القبض(٢) .

وهو حقّ إن دفعها على جهة القرض ، أمّا لو دفعها على أنّها زكاة معجّلة فإنّ الدفع يقع فاسداً ، والملك باقٍ على مالكه.

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه تعتبر القيمة يوم القبض - وبه قال أحمد - لأنّ ما زاد بعد ذلك أو نقص فإنّما كانت في ملكه فلم يضمنه ، كما لو تلف الصداق في يد المرأة ثم طلّقها فإنّها تضمن نصيبه يوم القبض.

والثاني : يضمنه يوم التلف(٣) ، لأنّ حقّه انتقل من العين الى القيمة بالتلف ، فاعتبر يوم التلف كالعارية ، بخلاف الصداق ؛ فإنّ حقّه في المسمّى خاصة ، ولهذا لو زاد الصداق لم يرجع في العين مع الزيادة المتصلة والمنفصلة ، فافترقا.

إذا عرفت هذا ، فإن استرجع المدفوع بعينه ضمّ إلى ماله ، وأخرج زكاته إن كان قد دفع على أنّها زكاة معجّلة ؛ لبقاء الملك على ربّه ، وتمكّنه من أخذه ، وبه قال الشافعي(٤) .

وبعض أصحابه قال : إن كان غير الحيوان ضمّه كما يضمّ الدَّين الى ماله ، وإن كان حيواناً لم يضمّه ؛ لأنّه لمـّا استغنى الفقير زال حكم الزكاة فيها ،

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٢٩.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦ ، المغني ٢ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٠

وتعلّق حقّه بعينها ، ولم يملكها إلا بالرجوع فيها ، فانقطع حكم الحول فيها(١) .

وإن استرجع القيمة لم يضمّها الى ماله ؛ لأنّه تجدّد ملكه عليها ، ولم يكن حكمها حكم ماله.

مسألة ٢٢٠ : إذا عجّل الزكاة إلى فقير حال الدفع ثم استغنى بغير الزكاة ثم افتقر‌ فحال الحول وهو فقير ، جاز له أن يحتسب من الزكاة ؛ لأنّ الاعتبار بحال الدفع وحال الحول ، وإذا كان حال الدفع فقيراً حصل المقصود بالدفع ، وإذا كان فقيرا حال الحول فهو ممّن يجوز دفع الصدقة إليه فيجزئه ، ولا اعتبار بما بينهما ، وهو أحد وجهي الشافعي(٢) .

وفي الثاني : لا يجزئ(٣) ، لأنّه بالاستغناء بطل قبضه ، فصار كما لو دفعها إلى غني ثم صار فقيراً عند الحول.

ونمنع الحكم في الأصل.

ولو دفعها إلى غني إلّا أنّه افتقر حال الحول ، فالوجه الإِجزاء ؛ لأنّ الاعتبار إنّما هو بالحول ، وهو حينئذٍ ممّن يستحقّ الزكاة.

وقال الشافعي : لا يجوز(٤) ؛ لأنّ التعجيل جاز للإِرفاق ، فإذا لم يكن من أهله لم يصح التعجيل.

وينتقض عليهم : بما لو أوصى لوارث ثم تغيّرت حاله(٥) فمات وهو غير وارث ، فإنّها تصح الوصية عندهم(٦) اعتباراً بحال نفاذها. ولأنّه لا فائدة في‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٣٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٧.

(٤) المجموع ٦ : ١٥٦.

(٥) بارتداد مثلاً.

(٦) لم نعثر عليه في مظانّه.

٣١١

استعادتها منه ثم دفعها إليه.

مسألة ٢٢١ : إذا عجّل الزكاة ثم تلف ماله قبل الحول‌ بطل الحول ، وسقطت الزكاة عنه ، وله الرجوع فيما دفعه إن كان حين الدفع قال : هذه صدقة مالي عجّلتها أو زكاة مالي عجّلتها ؛ لأنّه دفع دفعاً مشروطاً لا مطلقاً ، وقد ظهر بطلانه ، فله الاستعادة.

وإن قال : هذه زكاة مالي ، أو صدقة مالي ، وأطلق ، لم يكن له أن يرجع فيها ، قاله الشيخ(١) - وهو مذهب الشافعي(٢) - لأنّه إذا قال : هذه زكاة مالي ، كان الظاهر أنّها واجبة عليه ، واحتمل أن يكون عن هذا المال وعن غيره.

وإذا قال : هذه صدقة ؛ كان الظاهر أنّها صدقة في الحال إمّا واجبة أو تطوّع.

فإن ادّعى علم المدفوع إليه أنّها معجّلة ، كان له إحلافه ؛ لأنّ المدفوع إليه منكر لو اعترف بما قاله الدافع وجب عليه ردّ ذلك ، فإذا أنكره وادّعى علمه اُحلف ، كمن يدّعي على ورثة الميت دَيناً عليه ، وهو أحد وجهي الشافعي.

وفي الثاني : لا يحلف ؛ لأنّ دعوى الدافع يخالف ظاهر قوله فلم يسمع(٣) .

لا يقال : ألا جعلتم القول قول الدافع ؛ لأنّه أعلم بنيّته ، كما لو دفع مالا وقال : إنّه قرض ، وقال المدفوع إليه : إنّه هبة ، فالقول قول الدافع ، وكما لو قضى أحد الدينين وادّعى القابض قضاء الآخر ، قدّم قول الدافع.

لأنّا نقول : إنّما كان القول في هاتين قول الدافع ؛ لأنّه لا يخالف الظاهر ، فكان أولى ، وفي مسألة الزكاة قول الدافع يخالف الظاهر ؛ لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٣١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ - ١٧٤ ، المجموع ٦ : ١٥٠ ، مغني المحتاج ١ : ٤١٧.

(٣) المجموع ٦ : ١٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤٠.

٣١٢

ظاهرة في الوجوب ، والمعجّلة ليست زكاةً في الحال ، فلم يقبل قوله.

أمّا الوالي إذا أطلق وكانت معجّلةً ، فإنّ له الرجوع ؛ لأنّه نائب عن الفقراء ، فيقبل قوله عليهم ، ورب المال يدّعيها لنفسه ، فلم يقبل قوله.

إذا ثبت هذا ، فالدافع أعرف بنيّته إن كان صادقاً وتمكّن من الاستيفاء ، كان له ذلك ، وإلّا فلا. ولو علم الفقير ذلك وجب عليه الردّ مع الطلب وإن كان مستحقّاً ولم يتغيّر الحال.

مسألة ٢٢٢ : قد بيّنا أنّه لا يجوز أن يعجّل الزكاة قبل إكمال النصاب‌ عند المجوّزين ، فلو كان معه مائتا شاة فعجّل زكاة أربعمائة عن المائتين الموجودة وعمّا تتوالد ، فتوالدت وبلغت أربعمائة لم تجزئ إلّا عن المائتين عند القائلين منّا بالتعجيل - وهو أحد وجهي الشافعي(١) - لأنّها لم توجد في ملكه ، فأشبه ما إذا زكّى مائتي درهم قبل حصولها.

والثاني : الإِجزاء ؛ لأنّ السخال تابعة للاُمّهات ، فإذا سلف عنها مع وجود الاُمّهات صار ذلك كوجودها(٢) .

ولو كان عنده عشرون من الغنم حوامل ، فعجّل شاةً عنها وعن أولادها ، فتوالدت وبلغت أربعين ، لم تجزئ ؛ لأنّها لا تتبع ما دون النصاب ، وبه قال الشافعي(٣) .

ولو كان معه سلعة للتجارة قيمتها مائتان ، فأخرج زكاة أربعمائة ، ثم زادت قيمتها ، وصارت أربعمائة عند الحول ، لم يجزئه عندنا ، لما تقدّم.

وقال الشافعي : يجزئه ؛ لأنّ الواجب في قيمة العرض ، والاعتبار بالقيمة في آخر الحول دون غيره ، ولهذا لو نقصت القيمة ثم زادت لم ينقطع الحول(٤) .

____________________

(١ و ٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٤.

(٣) اُنظر : فتح العزيز ٥ : ٥٣١ ، والمجموع ٦ : ١٤٦.

(٤) فتح العزيز ٥ : ٥٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣.

٣١٣

وكذا لو كان معه أقلّ من نصاب للتجارة ، فأخرج خمسة دراهم ، وزادت القيمة ، وبلغت نصاباً ، أجزأه(١) .

وعندنا أنّ النصاب معتبر في أول الحول إلى آخره في القيمة ، فلهذا قلنا بعدم الإِجزاء.

ولو كان معه مائتا درهم فعجّل منها خمسة ، فلمـّا دنا الحول أتلف منها درهماً انقطع الحول ، وسقطت الزكاة عنه ؛ لقصور المال عن النصاب ، وله أن يرجع فيما عجّله إذا شرط أنّه زكاة معجّلة ؛ لأنّ الزكاة لم تجب عليه.

ولا فرق في النقصان قبل الحول بين التفريط وعدمه ، ولهذا نمنع وجوب الزكاة ، وهو أحد وجهي الشافعية.

والثاني : ليس له ، لأنّه مفرط في ذلك ، قاصد لاسترجاع ما عجّله ، فلم يكن له الرجوع(٢) .

وقد تقدّم أنّ التفريط لا يمنع الرجوع.

* * *

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٣ ، المجموع ٦ : ١٤٦ و ١٤٨.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٣٦.

٣١٤

٣١٥

الفصل الثالث

في المُخرج‌

مسألة ٢٢٣ : يجوز أن يتولّى المالك الإِخراج بنفسه في الأموال كلّها‌ ، سواء كانت ظاهرةً أو باطنةً ، وإن كان الأفضل في الظاهرة صرفها إلى الإمام أو الساعي ؛ ليتولّيا تفريقها ، عند علمائنا - وبه قال الحسن ومكحول وسعيد بن جبير وميمون بن مهران والثوري وطاوس وعطاء والشعبي والنخعي وأحمد والشافعي في أحد القولين(١) - لأنّها حق لأهل السُّهمان ، فجاز دفعه إليهم ؛ لأنّهم المستحقّون كسائر الحقوق ، وكالدَّين إذا دفعه إلى مالكه ، وكالزكاة الباطنة. ولأنّه أحد نوعي الزكاة ، فأشبه الآخر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لو أنّ رجلاً حمل زكاته على عاتقه فقسّمها علانيةً كان ذلك حسناً جميلاً »(٢) .

وقال مالك : لا يفرّق الأموال الظاهرة إلّا الإِمام - وبه قال أبو حنيفة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٠٥ و ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٣١٦

والشافعي في أحد القولين(١) - لقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ ) (٢) .

ولأنّ أبا بكر طالبهم بالزكاة وقاتلهم عليها ، وقال : لو منعوني عناقاً كانوا يؤدّونه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقاتلتهم عليها. ووافقه الصحابة على هذا(٣) .

ولأنّ ما للإِمام قبضه بحكم الولاية لا يجوز دفعه إلى المولّى عليه كولي اليتيم(٤) .

والجواب : نقول بموجب الآية ، فإنّها تدلّ على أنّ للإِمام أخذها ، ولا خلاف فيه.

ومطالبة أبي بكر ؛ لمنعهم ، ولو أدّوها إلى مستحقّها لم يقاتلهم.

وإنّما يطالب الإِمام بحكم الولاية والنيابة عن مستحقّها ، وإذا دفعها إليهم جاز ، لأنّهم أهل رشد ، فجاز الدفع إليهم ، بخلاف اليتيم.

إذا ثبت هذا ، فإنّ المالك يتخيّر في الصرف إلى الإِمام أو العامل أو المساكين أو الوكيل ؛ لأنّه فِعْلٌ تدخله النيابة فجاز التوكيل فيه.

مسألة ٢٢٤ : الأفضل أن تدفع زكاة الأموال الظاهرة إلى الإِمام العادل‌ ، وبه قال الباقرعليه‌السلام والشعبي والأوزاعي وأحمد(٥) - لأنّ الإِمام أعلم بمصارفها ، ودفعها إليه يبرئه ظاهراً وباطناً ؛ لاحتمال أن يكون الفقير غير مستحق ، ويزيل التهمة عنه في منع الحق ، ولأنّه يخرج من الخلاف.

____________________

(١) بدائع الصنائع ٢ : ٣٥ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٧٥ ، المجموع ٦ : ١٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٢) التوبة : ١٠٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٣١ ، سنن البيهقي ٤ : ١١٤.

(٤) المنتقى - للباجي - ٢ : ٩٤ ، المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧٢ ، حلية العلماء ٣ : ١٤١.

(٥) المغني ٢ : ٥٠٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٧١ - ٦٧٢.

٣١٧

وقال بعض الجمهور : الأفضل أن يفرّقها بنفسه ؛ لما فيه من توفير أجر العمالة وصيانة الحق عن خطر الخيانة ومباشرة تفريج كربة مستحقّها وإغنائه بها ، مع إعطائها الأولى بها من محاويج أقاربه وذوي رحمه وصلة الرحم بها فكان أفضل(١) .

ولو تعذّر الصرف إلى الإِمام حال الغيبة استحب دفعها إلى الفقيه المأمون من الإِمامية ؛ لأنّه أبصر بمواقعها. ولأنّه إذا دفعها إلى الإِمام أو الفقيه برئ لو تلفت قبل التسليم ؛ لأنّ الإِمام أو نائبه كالوكيل لأهل السُّهمان ، فجرى مجرى قبض المستحقّ.

مسألة ٢٢٥ : لو طلب الإِمام الزكاة منه وجب دفعها إليه‌ إجماعاً منّا ؛ لأنّه معصوم تجب طاعته وتحرم مخالفته ، فلو دفعها المالك إلى المستحقّين بعد طلبه وإمكان دفعها إليه فقولان لعلمائنا : الإِجزاء - وهو الوجه عندي - لأنّه دفع المال إلى مستحقّه ، فخرج عن العهدة ، كالدَّين إذا دفعه الى مستحقّه.

وعدمه ؛ لأنّ الإِخراج عبادة لم يوقعها على وجهها ؛ لوجوب الصرف إلى الإِمام بالطلب ، فيبقى في عهدة التكليف. ولا خلاف في أنّه يأثم بذلك.

مسألة ٢٢٦ : الطفل والمجنون إن أوجبنا الزكاة في مالهما أو قلنا باستحبابها فالولي هو المتولّي للإِخراج‌ ، وحكم الولي هنا حكم المالك ، إن شاء فرّقها بنفسه ، وإن شاء دفعها إلى الساعي أو إلى الإِمام ، وكذا الوكيل في الدفع له أن يدفع إلى الفقراء وإلى الإِمام وإلى الساعي.

ولو أمره المالك بالمباشرة ، فإن دفع الى الإِمام العادل برئ ؛ لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، وإن دفعها إلى الساعي فالوجه الضمان ؛ للمخالفة.

مسألة ٢٢٧ : يجب أن ينصب الإِمام عاملاً لقبض الصدقات‌ ؛ لأنّه من الأمر بالمعروف ، ومن المصالح التي تشتد الحاجة إليها من الفقراء‌

____________________

(١) قاله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٠٦ - ٥٠٧ ، والشرح الكبير ٢ : ٦٧٢.

٣١٨

للانتفاع ، ومن المالك لتخليص ذمته من الحقّ.

ويجب الدفع إليه مع طلبها ؛ لأنّه كالنائب للإِمام ، وأمره مستند إلى أمره ولمـّا كان امتثال أمر الإِمام واجباً فكذا أمر نائبه.

ولقوله تعالى( خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ) (١) والأمر بالأخذ يستلزم الأمر بالإِعطاء.

مسألة ٢٢٨ : وليس للعامل أن يتولّى تفريق الصدقة إلّا بإذن الإِمام‌ ؛ لأنّه لا ولاية له إلّا من قِبَلهعليه‌السلام ، فتختص ولايته بما قصرها عليه ، فإن فوّض إليه ذلك جاز.

ثم إن عيّن له الإِمام الصرف إلى أقوام معيّنين على التفضيل أو التسوية ، لم يجز التخطّي(٢) ، فإن تخطّى الى غيرهم أو فضّل وقد اُمر بالتسوية أو بالعكس ، ضمن القدر الذي فرّط فيه خاصة، وإن أطلق تصرّف هو كيف شاء ممّا يبرئ المالك.

ولو عيّن له المالك وعيّن له الإِمام أيضاً ، واختلف المحل أو التقسيط اتّبع تعيين الإِمام خاصة.

ومع إطلاق الإِمام وتعيين المالك هل يجوز له التخطّي(٣) الى غير من عيّنه المالك؟ إشكال ينشأ من أنّ للمالك التخيير لا لغيره ، ومن زوال ولايته بالدفع إلى الساعي.

إذا عرفت هذا ، فإذا أذن الإِمام في التفريق وأطلق ، جاز أن يأخذ نصيبه من تحت يده ؛ لأنّه أحد المستحقّين وقد أذن له في الدفع إليهم ، فيندرج تحت الإِذن كغيره.

مسألة ٢٢٩ : واذا بعث الإِمام الساعي لم يتسلّط على أرباب المال‌ ، بل يطلب منهم الحقّ إن كان عليهم ، فإن قال المالك : أخرجت الزكاة ، أو‌

____________________

(١) التوبة : ١٠٣.

(٢ و ٣ ) في النسخ الخطيّة والحجرية : التخطية. والصحيح ما أثبتناه.

٣١٩

لم يَحُلْ على مالي الحول ، أو أبدلته ؛ صدَّقه من غير يمين ، خلافاً للشافعي(١) ، على ما تقدّم.

ولا يلزم المالك أن يدفع من خيار ماله ، ولا يقبل منه الأدون ، بل يؤخذ الأوسط ، ويقسّم الشياه قسمين عندنا ، ويخيّر المالك حتى تبقى الفريضة.

وقال بعض الجمهور : يقسّم ثلاثة أقسام : أجود وأدون وأوسط ، وتؤخذ الفريضة من الأوسط(٢) .

وقولنا أعدل ؛ لأنّ فيه توصّلاً إلى الحقّ من غير تسلّط على أرباب الأموال.

مسألة ٢٣٠ : وينبغي أن يخرج العامل في أخذ صدقة الثمار والغلّات عند كمالها وقطفها‌ وجذاذها وتصفيتها ، والناحية الواحدة لا تختلف زروعها اختلافاً كثيراً ، وأمّا ما يعتبر فيه الحول فيخرج في رأس الحول استحباباً ؛ لتنضبط الأحوال.

فإذا قدم العامل فإن كان حول الأموال قد تمّ ، قبض الزكاة ، وإن كان فيهم من لم يتمّ حوله وصّى عدلاً ثقةً يقبض الصدقة منه عند حلولها ، ويفرّقها في أهلها إن أذن له الإِمام دفعاً لحرج العود.

وإن رأى أن يكتبها ديناً عليه ليأخذ من قابل ، فالوجه المنع ، خلافاً للشافعي(٣) .

وإن أراد أن يرجع في وقت حلولها لقبضها كان أولى.

ولا يكلّف أرباب الأموال أن يجلبوا المواشي إليه ليعدّها ، ولا يكلّف الساعي أن يتبعها في مراتعها ؛ لما فيه من المشقة ، بل يقصد الساعي موارد‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٤٢.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٧٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٦ ، المجموع ٦ : ١٧٣.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407