مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34478 / تحميل: 5520
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٢

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

الحديث ناقلاً كلا تأويلي التوربشتي: « أوّل بعضهم هذا الحديث على أنّ المراد: بمن هو من أحبّ خلقك إليك، فيشاركه فيه غيره، وهم المفضلَّون بإجماع الاُمة، وهو كقولهم: فلان أعقل الناس وأفضلهم. أي: من أعقلهم وأفضلهم. وممّا يدلّ على أنّ حمله على العموم غير جائز: أنّهعليه‌السلام من جملة « خلقك » ولا جائز أن يكون علي أحبّ إلى الله منه. فإنْ قيل: ذلك شيء عرف بأصل الشرع. أُجيب: بأن ما نحن فيه أيضاً عرف بالنصوص الصحيحة.

أو يقال: أراد أحبّ خلقه من بني عمّه، وقد كانعليه‌السلام يطلق ويريد به التقييد، فيعرفه ذو الفهم بالنظر إلى الحال أو الوقت أو الأمر الذي هو فيه »(١) .

السُّيوطي

تأويل التوربشتي فقط

وقال جلال الدين السيوطي - شارح الترمذي - بشرحه: « قال التوربشتي: قوله: بأحبّ خلقك إليك. أي: من هو من أحبّ خلقك. فيشارك غيره وهم المفضلّون بإجماع الاُمة، وهذا مثل قولهم: فلان أفضل الناس وأعقلهم. أي: من أفضلهم وأعقلهم. ومما يتبيّن لك. أنّ حمله على العموم غير جائز: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة خلق الله، ولا جائز أن يكون علي أحبّ إلى الله منه.

أو يأوّل على أنّه أراد به: أحبّ خلقه إليه من بني عمّه وذويه، وقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلق القول وهو يريد تقييده، ويعم به ويريد تخصيصه، فيعرفه ذو الفهم بالنظر إلى الحال أو الوقت أو الأمر الذي هو فيه »(٢) .

____________________

(١). المفاتيح - شرح المصابيح - مخطوط.

(٢). قوت المغتذي على شرح الترمذي - باب مناقب علي.

٣٤١

القاري

١ - نقله كلامي التوربشتي والطيّبي

وقال علي بن سلطان القاري - شارح مشكاة المصابيح - بشرحه:

« قال الإِمام التوربشتي: نحن وإنْ كنّا لا نجهل بحمد الله فضل علي

قال الطيبي: والوجه الذي يقتضيه المقام هو الوجه الثاني

وفيه: إنّه لا شك أنّ العم أولى من ابنه، وكذا البنت وأولادها في أمر البرّ والإِحسان. على أنّ قول الطيبي هذا إنّما يتم إذا لم يكن أحد هناك ممّن يؤاكله، ولا شك في وجوده لا سيّما وأنس حاضر وهو خادمه، ولم يكن من عادته أنْ لا يأكل معه. فالوجه الأول هو المعوَّل، ونظيره ما ورد من الأحاديث بلفظ: « أفضل الأعمال » في أُمورٍ لا يمكن جمعها، إلّا أنْ يقال في بعضها: إن التقدير من أفضلها »(١) .

٢ - ردّه كلام الطيبي

أقول: لقد أورد القاري نصّ عبارة التوربشتي، ثمّ نصّ عبارة الطيبي في توجيه الوجه الثاني من تأويلي التوربشتي، ثمّ ردَّ ما ذكره الطيبي بما رأيت.

فظهر من مجموع ذلك: سقوط الوجه الأوّل عند الطيبي، وسقوط الوجه الثاني عند القاري، مضافاً إلى ما ذكرناه بالتفصيل في ردّ الوجهين والكلامين.

____________________

(١). مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح ٥ / ٥٦٩.

٣٤٢

٣ - نقد تأييد القاري للوجه الأوّل.

وأمّا تأييد القاري الوجه الأوّل بقوله: « فالوجه الأول هو المعوّل، ونظيره ما ورد من الأحاديث بلفظ » ففيه: أنّه إذا كان أهل السنّة مضطرّين إلى التأويل لرفع التهافت في أحاديثهم تلك، فما الملزم للشيعة الإِمامية لأنْ يلتزموا بالتأويل في حديث الطير؟!

عبد الحقّ الدّهلوي

١ - نقل كلامي التوربشتي والطيّبي

وقال الشيخ عبد الحق الدهلوي - شارح مشكاة المصابيح -: « قوله: بأحبّ خلقك. أوّله الشّارحون بأنّ المراد من أحبّ خلقك - أو أحبّ خلق الله - من بني عمّه، أو بأحبّ خلقك إليك من ذوي القرابة القريبة، أو من هو أولى وأقرب وأحق بإحساني إليه. وهذا الوجه الأخير أقرب وأوفق بالمقام. هكذا قالوا. »(١) .

٢ - خطأ فضيع من الدهلوي

وهذه هي تأويلات التوربشتي والطيّبي، وقد عرفت سخافتها وركاكتها بالتفصيل فلا حاجة إلى الإِعادة والتكرار لكنْ من العجيب جدّاً أنّ هذا الشّيخ ينقل - بعد عبارته المذكورة - كلام التوربشتي - الذي أوردنا نصّه بكاملة وأبطلناه بما لا مزيد عليه - عن ( الصواعق ) ناسباً إيّاه إلى ابن حجر المكّي إستمع إليه يقول:

« ولقد أتى الشيخ ابن حجر في كتاب الصواعق في الإِعتذار عن التأويل

____________________

(١). اللمعات في شرح المشكاة - باب مناقب علي.

٣٤٣

لهذا الحديث بكلامٍ مليح فصيح طويل، قال: نحن وإنْ كنّا لا نجهل - بحمد الله - فضل عليرضي‌الله‌عنه وقدمه وسوابقه في الإِسلام واختصاصه برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقرابة القريبة، ومؤاخاته إيّاه في الدين، ونتمسّك من حبّه بأقوى وأولى ممّا يدّعيه الغالون فيه، فلسنا نرى أن نضرب عن تقرير أمثال هذه الأحاديث في نصابها صفحاً، لما نخشى فيها من تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين. وهذا باب أمرنا بمحافظته، وحمىً اُمرنا بالذبّ عنه، فحقيق علينَا أنْ ننصر فيه الحق ونقدّم فيه الصّدق. وهذا حديث يريش به المبتدع سهامه ويوصل به المنتحل جناحه فيتخذّه ذريعةً إلى الطّعن في خلافة أبي بكر، التي هي أوّل حكمٍ أجمع عليه المسلمون في هذه الاُمة، وأقوم عمادٍ اُقيم به الدين بعد رسول الله فنقول - وبالله التوفيق:

هذا الحديث لا يقاوم ما أوجب تقديم أبي بكر والقول بخيريّته، من الأخبار الصّحاح. منضّماً إليه إجماع الصّحابة، لمكان سنده، فإنّ فيه لأهل النقل مقالاً، ولا يجوز حمل أمثاله على ما يخالف الإِجماع، لا سيّما والصّحابي الذي يرويه ممّن دخل في هذا الإجماع واستقام عليه مدّة عمره ولم ينقل عنه خلافه، فلو ثبت عنه هذا الحديث فالسّبيل أن يأوّل على وجهٍ لا ينتقض عليه ما اعتقده ولا يخالف ما هو أصحّ متناً وإسناداً، وهو أنْ يحمل على أحد الوجوه المذكورة ».

وهذا كلام التوربشتي الذي أتينا عليه آنفاً، غير أنّ للدهلوي فيه تصرّفاً مّا في آخره، وليس لهذا الكلام في ( الصواعق ) عين ولا أثر أبداً، وليته نسبه إلى ابن حجر ولم ينص على أنّه في ( كتاب الصّواعق )!!

ثمّ إنّ الدهلوي تصدّى لتأويل الحديث الشّريف حسبما يروق له ويسوقه إليه تعصّبه فقال:

« قال العبد الضعيف - عصمه الله عمّا يصمّه وصانه عمّا شانه -: إنّ من الظاهر أنّ الحديث غير محمول على الظاهر، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣٤٤

من جملة خلق الله، وهو أحبّ الخلق إلى الله من جميع الوجوه والحيثيّات، فالمراد أهل زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصحابة، وغيره إنّما يكون من وجهٍ واحد خاص أو وجوه متعددّة مخصوصة، فلا حاجة إلى تخصيص الخلق، بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه، لأنّه ليس أحبّ وأفضل من جميع الوجوه سوى سيّد المحبوبين وأفضل المخلوقينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ثمّ الكلام في الصحابة إنّما هو في الأفضليّة من كثرة الثواب والأحبيّة، كما في القول المشهور من بعض العلماء في الفرق بين الأفضلية والأحبيّة. والـمَخلَص في هذه المسألة: إعتبار الوجوه والحيثيّات. والله أعلم ».

٣ - تكراره استلزام دخول النبيّ في العموم

لقد حكم الدهلوي بعدم جواز بقاء هذا الحديث على ظاهره في العموم « لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جملة خلق الله وهو أحبّ الخلق إلى الله من جميع الوجوه والحيثيّات » وهذا تكرار لما سبق عن التوربشتي، وقد عرفت سقوطه بوجوه

٤ - حمله الحديث على أنّه أحبّ أهل زمان الرسول إليه باطل

وأمّا حمله الحديث - بعد عدم جواز إبقائه على ظاهره، لأنّ النبيّ من جملة خلق الله، وهو أحبّ الخلق إليه - على أنّ « المراد أهل زمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الصحابة » فواضح البطلان، لأنّا لو سلّمنا رفع اليد عن ظاهر الحديث بسبب استلزام كون أمير المؤمنينعليه‌السلام أحبّ إلى الله تعالى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ مقتضى القاعدة رفع اليد عن ظاهر الحديث بقدر الضرورة، بأن يكون عمومه غير شاملٍ للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط، وأمّا غيره من الأنبياء والأوصياء والملائكة وسائر الخلق فباق تحت العموم.

٣٤٥

إن وجوه بطلان هذا الحمل كثيرة، وهو واضحٌ جدّاً، فلا نطيل المقام ببيان تلك الوجوه، ونكتفي بأنّ في بعض ألفاظ الحديث: « اللّهم أدخل عليَّ أحبَّ الخلق من الأوّلين والآخرين ».

٥ - دعوى اختصاص النبيّ بالأحبيّة من جميع الوجوه مردودة

وأمّا قوله: « وغيره إنّما يكون من وجهٍ واحدٍ خاص أو وجوه متعدّدة مخصوصة فلا حاجة إلى تخصيص الخلق بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه، فإنّه ليس أحبّ وأفضل من جميع الوجوه سوى سيّد المحبوبين وأفضل المخلوقينصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » فدعوى بلا دليل، لأنّ اجتماع جميع وجوه الأحبيّة المعتبرة في الأفضليّة في غير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير ممنوع أبدا، إنّما الممنوع أن يكون كمال جميع الوجوه الموجودة في غيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أزيد من كمالها في شخصهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

إذن، لا مانع من اجتماع جميع وجوه الأحبيّة في أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وحينئذ فما الملزم لتخصيص أحبيّته بجهةٍ أو جهات دون غيرها وصرف الكلام النبوي عن ظاهره؟ ولو لم يكن لبطلان هذا التخصيص وجه إلاّ صرف الحديث عن ظاهره بلا دليل لكفى، فكيف والوجوه على بطلانه كثيرة! تقدّمت طائفة منها في ردّ التأويل الأوّل الذي زعمه ( الدّهلوي )، فلا تغفل.

ثمّ العجب من هذا الشيخ يدّعي التّخصيص في الخلق ويقول « فالمراد أهل زمان رسول الله من الصحابة » ثمّ يعود بفاصلٍ قليل ليقول: « فلا حاجة إلى تخصيص الخلق بل إلى تخصيص الوجه أو الوجوه » وهل هذا إلّا تهافت؟!

٣٤٦

٦ - مغايرة الأحبيّة للأفضليّة مردودة عند علمائهم

وأمّا قوله: « ثمّ الكلام في الصّحابة إنّما هو في الأفضلية من جهة كثرة الثواب، والأحبيّة غيرها، كما في القول المشهور من بعض العلماء في الفرق بين الأفضليّة والأحبيّة » فعجيبٌ أيضاً، فقد صرّح الرازي في ( تفسيره ) بأنّ المحبّة من الله إعطاء الثواب، فالأحبيّة إليه توجب أكثريّة الثواب بلا ارتياب، وقد تقدّمت عبارته سابقاً، كما ستعلم أن أكابر المتكلّمين من أهل السنّة: كالرازي، والأصفهاني، والعضد، والشّريف الجرجاني، والدولت آبادي، وافقوا على كون الأحبيّة بمعنى أكثريّة الثّواب.

* * *

٣٤٧

٣٤٨

دحضُ تقوّلات

بعض عُلماء الكلام

٣٤٩

٣٥٠

القاضي عبد الجبّار

قال قاضي القضاة عبد الجبّار بن أحمد الأسترآبادي ما نصّه:

« دليل لهم آخر: وقد تعلّقوا بقولهعليه‌السلام : لاُعطينَّ الرّاية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله و بما روي من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطّائر.

قالوا: إذا دلَّ على أنّه أفضل خلق الله تعالى بعده وأحبَّهم إلى الله تعالى فيجب أنْ يكون هو الإِمام.

وهذا بعيد، لأنّه إنّما يمكن أنْ يتعلَّق به في أنّه أفضل، فأمّا في النصّ على أنّه إمام فغير جائز التعلّق به، إلّا من حيث أنْ يقال: الإِمامة واجبة للأفضل. وقد بيّنا أنّها غير مستحقّة بالفضل، فإنّه لا يمتنع في المفضول أنْ يتولّاها أو من يساويه غيره في الفضل »(١) .

إقراره بالسّند والدلالة وإنكاره تعيّن الأفضل للإِمامة

أقول : هذا كلام ظاهر في قبول القاضي عبد الجبّار حديث الطّير سنداً ودلالةً، ولو كان عنده تأمّل في جهة سنده أو جهة دلالته على أفضليّة أمير

____________________

(١). المغني في الإِمامة ج ٢٠ ق ٢ / ١٢٢.

٣٥١

المؤمنينعليه‌السلام لَما سكت عن إظهاره، لكنه منع وجوب الإِمامة للأفضل وجوّز أنْ يتولّاها المفضول تصحيحاً لخلافة المتغلّبين عليها لكنْ قد أثبتنا في محلّه أن نصب المفضول لها مع وجود الأفضل غير جائز فلا يبقى ريبٌ في دلالة حديث الطّير على إمامة الإِمام وخلافته عن الرّسول بلا فصل.

ولنعم ما أفاد السيّد المرتضى علم الهدى طاب ثراه في نقض كلام القاضي: « هذان الخبران اللذان ذكرتهما إنّما يدلّان عندنا على الإِمامة، كدلالة المؤاخاة وما جرى مجراها، لأنّا قد بيّنا أنّ كلّ شيء دلَّ على التفضيل والتعظيم فهو دلالة على استحقاق أعلى الرتب والمنازل، وإنّ أولى الناس بالإِمامة من كان أفضلهم وأحقّهم بأعلى منازل التبجيل والتعظيم، وقد مضى طرف من الكلام في أنَّ المفضول لا يحسن إمامته، وإنْ ورد من كلامه شيء من ذلك في المستقبل أفسدناه بعون الله»(١) .

الفخرُ الرّازي

وقال الفخر الرّازي - في ذكر أدلّة الإِمامية على أفضليّة الإِمام أمير المؤمنينعليه‌السلام -: « الحجّة الثّانية: التمسّك بخبر الطّير، وهو قولهعليه‌السلام : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل هذا الطير معي والمحبّة من الله تعالى عبارة عن كثرة الثواب والتعظيم ».

فأجاب: « أمّا الثاني - وهو التمسّك بخبر الطّير - فالإِعتراض عليه أنْ نقول: قولهعليه‌السلام : بأحبّ خلقك. يحتمل أنْ يكون [ المراد منه ] أحبّ خلق الله في جميع الاُمور، وأن يكون أحبّ خلق الله في شيءٍ معيّن. والدليل على كونه محتملاً لهما: أنّه يصح تقسيمه إليهما فيقال: إمّا أنْ يكون أحبّ خلق الله في جميع الأمور أو يكون أحبّ خلق الله في هذا الأمر الواحد، وما به

____________________

(١). الشافي في الإِمامة ٣ / ٨٦ - ٨٧.

٣٥٢

الإِشتراك غير مستلزم بما به الإِمتياز، فإذن، هذا اللفظ لا يدلّ على كونه أحبّ إلى الله تعالى في جميع الاُمور، فإذن، هذا اللفظ لا يفيد إلّا أنّه أحبّ إلى الله في بعض الاُمور، وهذا يفيد كونه أزيد ثواباً من غيره في بعض الاُمور، ولا يمتنع كون غيره أزيد ثواباً منه في أمر آخر، فثبت أنّ هذا لا يوجب التفضيل. وهذا جواب قوي »(١) .

وجوب الجواب عن هذا الكلام

وهذا الإِعتراض الذي وصفه بالقوة في غاية الضعف والسخافة، لما قدّمنا في جواب التأويل الأول من تأويلات ( الدهلوي )، من الوجوه القويمة الدالّة على بطلان تأويل حديث الطير وحمل « الأحبيّة » فيه على بعض الوجوه دون بعض.

ونقول هنا بالإضافة إلى ذلك:

أولاً : تخصيص « الأحبيّة » ببعض الاُمور صرف للكلام عن ظهوره وهو حرام بلا ريب، كما سبق وسيأتي فيما بعد أيضاً.

وثانياً : صحّة الإِستثناء دليل العموم، إذ يصحّ أن يقال: اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك إلّا في كذا، وإذ لم يستثن فالكلام عام، وهذه القاعدة مقررة ومقبولة بلا كلام.

وثالثاً : لو سلَّمنا أنّ مدلول حديث الطير كونه « أحبّ إلى الله في بعض الاُمور، وأن هذا يفيد كونه أزيد ثواباً من غيره في بعض الاُمور » فالحديث يدل على أنّهعليه‌السلام أفضل من الثلاثة، إذ لا سبيل لأهل السنّة لأن يثبتوا للإِمامية أنّ أحدهم يستحقّ ثواباً في الأمر الفلاني المحبوب لله ورسوله، فضلاً عن الأحبيّة وأكثريّة الثواب، فضلاً عن أن يكون أحدهم أحبّ وأكثر ثواباً منه

____________________

(١). الأربعين في اُصول الدين - مبحث أدلّة الاماميّة على أفضليّة على.

٣٥٣

عليه‌السلام .

الشَّمسُ السَّمرقَنْدي

وقال شمس الدين محمّد بن أشرف الحسني السمرقندي:

« الفصل الثالث في أفضل الناس بعد النبي. المراد بالأفضل هاهنا أن يكون أكثر ثواباً عند الله. واختلفوا فيه فقال أهل السنّة وقدماء المعتزلة: إنّه أبو بكر. وقال الشيعة وأكثر المتأخرين من المعتزلة: هو علي:

إستدلّ أهل السنّة بوجهين: الأول: قوله تعالى:( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ ) السورة. والمراد هو أبو بكر -رضي‌الله‌عنه - عند أكثر المفسّرين، والأتقى أكرم عند الله تعالى، لقوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) والأكرم عند الله أفضل. الثاني: قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : والله ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيين والمرسلين أفضل من أبي بكر.

وأجاب الشيعة: بأنّ هذا لا يدلّ على أنّه أفضل، بل على أنَّ غيره ليس أفضل منه.

واحتجّت الشيعة: بأنَّ الفضيلة إمّا عقليّة أو نقليّة، والعقليّة إمّا بالنسب أو بالحسب، وكان علي أكمل الصّحابة في جميع ذلك، فهو أفضل.

أمّا النسب: فلأنّه أقرب إلى رسول الله، والعباس - وإنْ كان عمّ رسول الله لكنه - كان أخا عبد الله من الأب، وكان أبو طالب أخاً منهما. وكان علي هاشمياً من الأب والاُم، لأنّه علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، وعلي بن فاطمة بنت أسد بن هاشم، والهاشمي أفضل لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إصطفى من ولد إسماعيل قريشاً واصطفى من قريش هاشماً.

وأمّا الحسب فلأنّ أشرف الصّفات الحميدة: الزّهد والعلم والشجاعة،

٣٥٤

وهي فيه أتم وأكمل من الصحابة.

أمّا العلم: فلأنّه ذكر في خطبه من أسرار التوحيد والعدل والنبوّة والقضاء والقدر وأحوال المعاد ما لم يوجد في الكلام لأحدٍ من الصحابة، وجميع الفرق ينتهي نسبتهم في علم الاُصول إليه، فإنّ المعتزلة ينسبون أنفسهم إليه، والأشعري أيضاً منتسب إليه، لأنّه كان تلميذ الجبائي المنتسب إلى علي، وانتساب الشيعة بيّن، الخوارج - مع كونهم أبعد الناس عنه - أكابرهم تلامذته، وابن عباس رئيس المفسّرين كان تلميذاً له. وعلم منه تفسير كثيرٍ من المواضع التي تتعلَّق بعلوم دقيقةٍ مثل: الحكمة والحساب والشعر والنجوم والرمل وأسرار الغيب، وكان في علم الفقه والفصاحة في الدرجة العليا، وعلم النحو منه وأرشد أبا الأسود الدؤلي إليه، وكان عالماً بعلم السّلوك وتصفية الباطن الذي لا يعرفه إلّا الأنبياء والأولياء، حتى أخذه جميع المشايخ منه أو من أولاده أو من تلامذتهم، وروي أنّه قال: لو كسرت الوسادة ثمّ جلست عليها لقضيت بين أهل التوارة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم، والله ما من آية نزلت في بر أو بحر أو سهل أو جبل أو سماء أو أرض أو ليل أو نهار إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ شيء نزلت.

وروي أنّه قال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أقضاكم علي. والقضاء يحتاج إلى جميع العلوم.

وأمّا الزهد: فلمـّا علم منه بالتواتر من ترك اللّذات الدنياوية والاحتراز عن المحظورات من أوّل العمر إلى آخره مع القدرة، وكان زهّاد الصحابة: كأبي ذرّ وسلمان الفارسي وأبي الدرداء تلامذته.

وأمّا الشجاعة: فغنية عن الشرح، حتى قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا فتى إلاّ علي لا سيف إلاّ ذو الفقار و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الأحزاب: لضربة علي خير من عباده الثقلين.

وكذا السخاء: فإنّه بلغ فيها الدرجة القصوى، حتى أعطى ثلاثة أقراصٍ

٣٥٥

ما كان له ولا لأولاده غيرها عند الإِفطار، فأنزل الله تعالى:( وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) .

وكان أولاده أفضل أولاد الصحابة كالحسن والحسين. و قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هما سيّدا شباب أهل الجنّة ، ثمّ أولاد الحسن مثل: الحسن المثنى، والحسن المثلث، وعبد الله بن المثنى، والنفس الزكيّة. وأولاد الحسين مثل: الأئمة المشهورة وهم إثنا عشر. وكان أبو حنيفة ومالك - رحمهما الله - أخذا الفقه من جعفر الصادق والباقون منهما، وكان أبو يزيد البسطامي - من مشايخ الإسلام - سقّاء في دار جعفر الصادق، والمعروف الكرخي أسلم على يد علي الرّضا وكان بوّاب داره.

وأيضاً: اجتماع الأكابر من الاُمة وعلمائها على شيعيّته دالّ على أنّه أفضل، ولا عبرة بقول العوام.

وأمّا الفضائل النقليّة: فما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

الاُولى : خبر الطير، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي وأكل معه.

الثانية : خبر المنزلة، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا إنّه لا نبي بعدي وهذا أقوى من قوله في حق أبي بكر: والله ما طلعت شمس ولا غربت بعد النبيّين على أفضل من أبي بكر، لأنّه إنّما يدلّ على أنّ غيره ليس اُفضل منه لا على أنّه أفضل من غيره. وأيضاً: يدلّ على أنّ الغير ما كان أفضل منه لا على أنّه ما يكون، فجاز أنْ لا يكون عند ورود هذا الخبر ويكون بعده. وأيضاً: خبر المنزلة يدلُّ على أنّ له مرتبة الأنبياء لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إلّا أنّه لا نبي بعدي، وخبر أبي بكر إنّما يدلّ على أنّ غيره ممّن هو أولى من مراتب الأنبياء ليس أفضل منه لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بعد النبيين والمرسلين، فجاز أن يكون علي أفضل منه.

٣٥٦

الثالثة : خبر الراية، روي أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أبا بكر إلى خيبر فرجع منهزماً، ثمّ بعث عمر فرجع منهزماً، فبات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مغتمّاً، فلمـّا أصبح خرج إلى الناس ومعه الراية وقال: لأعطينّ الرّاية رجلا يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، كرّاراً غير فرّار. فتعرّض له المهاجرون والأنصار فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أين علي؟ فقيل: إنّه أرمد العينين، فتفل في عينيه، ثمّ دفع إليه الرّاية.

الرابعة : خبر السّيادة. قالت عائشة: كنت جالسة عند النبيّ -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - إذْ أقبل علي فقال: هذا سيّد العرب. فقلت: بأبي واُمّي، ألست سيد العرب؟ فقال: أنا سيد العالمين، وهو سيد العرب.

الخامسة : خبر المولى. قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من كنت مولاه فعليّ مولاه. وروى أحمد والبيهقي في فضائل الصحابة أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى يوشع في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى وجه علي.

السادسة : روي عن أنس بن مالك -رضي‌الله‌عنه - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أخي ووزيري وخير من أتركه من بعدي يقضي ديني وينجز وعدي: علي بن أبي طالب.

السابعة : روي عن ابن مسعود أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : علي خير البشر من أبى فقد كفر.

الثامنة : روي أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في ذي الثدية، وكان رجلاً منافقاً - يقتله خير الخلق. و في رواية: خير هذه الاُمة. وكان قاتله علي بن أبي طالب. و قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لفاطمة: إنّ الله تعالى اطّلع على أهل الدنيا واختار منهم أباك واتّخذه نبيّاً، ثمّ اطّلع ثانياً فاختار منهم بعلكِ

٣٥٧

هذا ما قالوا.

والحق: إنّ كلّ واحدٍ من الخلفاء الأربعة - بل جميع الصحابة - مكرّم عند الله، موصوف بالفضائل الحميدة »(١) .

إقراره بالدلالة وإعراضه عن التأويل

أقول: لقد أنصف السمرقندي، فنقل استدلالات الشّيعة على أفضليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وإن أضاف إليها - عن كياسة أو جهل - كلماتٍ غير صادرة عنهم، وأذعن بدلالاتها وأقرّ بمتانتها ومنها حديث الطّير، فإنّه أورده ولم يناقش في سنده، ولم يتّبع الفخر الرازي في تقوّلاته - وإنْ قلّده في مواضع كثيرة ونقل أقواله ولو بالتفريق والتوزيع ووافقه عليها - لِما رأى فيها من السّخافة والركاكة المانعة من التفوّه بها.

ويؤكّد إقراره بالحق أو عجزه عن الجواب تخلّصه عن استدلال الشيعة بقوله: « والحقّ: إنّ كلّ واحد ». فإنّه يعلم بأنّ هذه الجملة لا تفي للجواب عن تلك الاستدلالات المتينة والبراهين الرصينة، التي يكفي كل واحد واحد منها لإِثبات مطلوب الشيعة، على أنّ ما قاله مجرّد دعوى فهو مطالَب بالدليل عليها. ولو فرض أنّ الثّلاثة - بل جميع الصحابة « مكرم عند الله موصوف بالفضائل الحميدة » فإنّ هذا لا ينافي أفضَليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام منهم.

____________________

(١). الصحائف في علم الكلام - مخطوط. قال كاشف الظنون ٢ / ١٠٧٥ « أوّله: الحمد لله الذي استحق الوجود والوحدة. إلخ. وهو على مقدمة وست صحائف وخاتمة، ومن شروحه: المعارف في شرح الصحائف، أوله: الحمد لله الذي ليس لوجوده بداية إلخ للسمرقندي شمس الدين محمّد، وشرحه البهشتي أيضاً بشرحين » وأرخ وفاته بسنة ٦٠٠. لكن في هديّة العارفين ٢ / ١٠٦: رأيت شرحه على المقدمة البرهانيّة للنسفي، فرغ منه سنة ٦٩٠ فليصحح. وذكر له مؤلّفاتٍ أُخرى.

٣٥٨

القاضي البيضاوي

وقال القاضي ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي - في بيان وجوه استدلال الشيعة على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام -:

« السادس - إنّ عليّاً كرّم الله وجهه كان أفضل الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لأنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله تعالى حكايةً( أَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) علي، ولا شكّ أنّه ليس نفس محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعينه، بل المراد به أنّه بمنزلته أو هو أقرب الناس إليه، وكلّ من كان كذلك كان أفضل الخلق بعده. ولأنّه أعلم الصحابة، لأنّه كان أشدّهم ذكاء وفطنة وأكثرهم تدبيرا ورويّة، وكان حرصه على التعلّم أكثر، واهتمام الرسولعليه‌السلام بإرشاده وتربيته أتمّ وأبلغ، وكان مقدّماً في فنون العلوم الدينية اُصولها وفروعها، فإنّ أكثر فرق المتكلّمين ينتسبون إليه ويسندون اُصول قواعدهم إلى قوله، والحكماء يعظّمونه غاية التعظيم، والفقهاء يأخذون برأيه. وقد قالعليه‌السلام : أقضاكم علي.

وأيضاً: فأحاديث كثيرة، كحديث الطير وحديث خيبر، وردت شاهدةً على كونه أفضل. والأفضل يجب أن يكون إماماً ».

فقال في الجواب: « وعن السادس: إنّه معارض بمثله، والدليل على أفضلية أبي بكر قوله تعالى:( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) فإنّ المراد به إمّا أبو بكر أو علي وفاقاً، والثاني مدفوع لقوله تعالى:( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) لأنّ علياً نشأ في تربيته وإنفاقه وذلك نعمة تجزى، وكلّ من كان أتقى كان أكرم عند الله وأفضل، لقوله تعالى:( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) . و قولهعليه‌السلام : ما طلعت الشمس ولا غربت على أحدٍ بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر. و قولهعليه‌السلام لأبي بكر وعمر: هما سيّدا كهول أهل الجنّة ما خلا

٣٥٩

النبيّين والمرسلين »(١) .

إقراره بالدلالة وإعراضه عن التأويل

أقول : لقد ذكر البيضاوي أدلّة للشيعة على أفضليّة الإِمامعليه‌السلام ، فلم يناقش في شيء منها، لا في السند ولا في الدلالة. وذكر منها حديث الطّير وأقرّ بدلالته، ولم يذكر له أيّ تأويل.

ويؤكّد ما ذكرنا أنّه لم يأت في الجواب إلّا بالمعارضة بأشياء يروونها في فضل خلفائهم، فإنّ المعارضة - كما هو معلوم - فرع تمامية السّند والدّلالة لكنّ ما استند إليه في المعارضة باطل حتى على اُصولهم(٢) ، وعلى فرض التسليم فإنّه ليس بحجةٍ على الشيعة.

الشّمس الأصفهاني

وقال شمس الدين محمود بن عبد الرحمن الأصفهاني - في بيان أدلّة الشيعة على إمامة سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام : « السادس - إنّ عليّاً كان أفضل الناس بعد النبيّ، لأنّه ثبت بالأخبار الصحيحة أنّ المراد من قوله تعالى:( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) علي،

____________________

(١). طوالع الأنوار - مخطوط.

(٢). هذا الحديث أخرجه الهيثمي وحكم بسقوطه، وإليك نصّه:

« عن جابر بن عبد الله قال: رأى رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - أبا الدرداء يمشي بين يدي أبي بكر، فقال: يا أبا الدرداء تمشي قدّام رجلٍ لم تطلع الشمس بعد النبيّين على رجل أفضل منه. فما رؤي أبو الدرداء بعدُ يمشي إلّا خلف أبي بكر. رواه الطبراني في الأوسط، وفيه: إسماعيل بن يحيى التيمي، وهو كذاب.

وعن أبي الدرداء قال: رآني رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأنا أمشي أمام أبي بكر فقال: لا تمشي أمام من هو خير منك، إنّ أبا بكر خير من طلعت عليه الشمس، أو غربت. رواه الطبراني، وفيه: بقيّة، وهو مدلّس » مجمع الزوائد ٩ / ٤٤.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

تعرض للصبيان فكتب إليه بخطه بهاتين العوذتين وزعم صالح أنه أنفذهما إلي إبراهيم بخطه الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله الله أكبر الله أكبر لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ ولا رب لي إلا الله لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ لا شَرِيكَ لَهُ سبحان الله ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن اللهم ذا الجلال والإكرام رب موسى وعيسى وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى إله إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط لا إله إلا أنت سبحانك مع ما عددت من آياتك وبعظمتك وبما سألك به النبيون وبأنك رب الناس كنت قبل كل شيء وأنت بعد كل شيء أسألك باسمك الذي تمسك به السماوات أن تقع على الأرض إلا بإذنك وبكلماتك التامات التي تحيي به الموتى أن تجير عبدك فلانا من شر ما ينزل من السماء وما يعرج إليها وما يخرج من الأرض وما يلج فيها وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وكتب إليه أيضا بخطه بسم الله وبالله وإلى الله وكما شاء الله وأعيذه بعزة الله وجبروت الله وقدرة الله وملكوت الله هذا الكتاب من الله شفاء لفلان بن فلان ابن عبدك وابن أمتك عبدي الله صلى الله على محمد وآله.

_________________________________________

الشيخ في القانون ريح الصبيان ، وقال في النهاية : في حديث صمام إني أعالج هذه الأرواح والأرواح هنا كناية عن الجن سموا أرواحا لكونهم لا يرون بمنزلة الأرواح ـأنفذهما إلى ـ الظاهر أنه بتشديد الياء ورفع إبراهيم وهو كلام محمد بن عيسى وقيل المعنى أنه قال صالح إنهعليه‌السلام أرسلهما مع خادمه إلى إبراهيم ولم يعتمد على رسول إبراهيم ولا يخفى بعده« مع ما عددت » لعله معطوف على موسى أو على مقدر أي أسألك بهم ما عددت كما يومئ إليه ما بعده ، وقيل ظرف للتسبيح أي أسبحك وأنزهك عن التركب في ذاتك مع ما عددت من أسمائك وصفاتك فإنها مما يوهم التركيب والواو في قوله« وبعظمتك » للاستئناف لا للعطف وفي القاموسالملكوت العز والسلطان.

٤٤١

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن علي بن محمد ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا لقيت السبع فاقرأ في وجهه آية الكرسي وقل له عزمت عليك بعزيمة الله وعزيمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعزيمة سليمان بن داودعليهما‌السلام وعزيمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام والأئمة الطاهرين من بعده فإنه ينصرف عنك إن شاء الله قال فخرجت فإذا السبع قد اعترض فعزمت عليه وقلت له إلا تنحيت عن طريقنا ولم تؤذنا قال فنظرت إليه قد طأطأ برأسه وأدخل ذنبه بين رجليه وانصرف.

١٢ ـ عنه ، عن جعفر بن محمد ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الجارود ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قال في دبر الفريضة ـ أستودع الله العظيم الجليل نفسي وأهلي وولدي ومن يعنيني أمره وأستودع الله المرهوب المخوف المتضعضع لعظمته كل شيء نفسي وأهلي ومالي وولدي ومن يعنيني أمره حف بجناح من أجنحة جبرئيلعليه‌السلام وحفظ في نفسه وأهله وماله.

١٣ ـ عنه رفعه قال من بات في دار وبيت وحده فليقرأ آية الكرسي وليقل : « اللهم آنس وحشتي وآمن روعتي وأعني على وحدتي ».

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

« بعزيمة الله » لعل المراد بالعزيمة ما يقسم به أي أقسمت عليك بالله أو بأسمائه أو بعهود الله أو حقوقه اللازمة عليك وكذا البواقي.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

وقال في الصحاحضعضعه أي هدمه حتى الأرض وتضعضعت أركانه أي اتضعت وضعضعه الدهر فتضعضع أي خضع وذل« ومن يعنيني أمره » أي اهتم بشأنه وفي القاموس حف بالشيء أحاط به.

الحديث الثالث عشر : مرفوع.

٤٤٢

١٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن يزيد بن مرة ، عن بكير قال سمعت أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا علي ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة أو بلية فقل «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فإن الله عز وجل يصرف بها عنك ما يشاء من أنواع البلاء.

(باب)

(الدعاء عند قراءة القرآن)

١ ـ قال كان أبو عبد اللهعليه‌السلام يدعو عند قراءة كتاب الله عز وجل ـ اللهم ربنا لك الحمد أنت المتوحد بالقدرة والسلطان المتين ولك الحمد أنت المتعالي بالعز والكبرياء وفوق السماوات والعرش العظيم ربنا ولك الحمد أنت المكتفي بعلمك ـ والمحتاج إليك كل ذي علم ربنا ولك الحمد يا منزل الآيات والذكر العظيم ربنا فلك الحمد بما علمتنا من الحكمة والقرآن العظيم المبين اللهم أنت

_________________________________________

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

وفي القاموسالورطة الهلكة وكل أمر تعسر منه النجاة.

باب الدعاء عند قراءة القرآن

الحديث الأول : مرسل.

« وفوق السماوات » أي حال كونك مستوليا ومتسلطا على السماوات والعرش ، وقال في النهاية :رب أوزعني أي ألهمني وأولعني ، وقالترتيل القرآن التأني فيها. والتمهل وتبيين الحروف والحركات تشبيها بالثغر المرتل وهو المشبه بنور الأقحوان يقال رتل وترتل« عند الأحايين » وفي بعض النسخ الإجابين قال في القاموس فلان يفعل كذا أحيانا وفي الأحايين ، وقال الإجاب والإجابة والجابة والمجوبة والجيبة ، الجواب ، وقال في النهاية :الوسنان النائم الذي ليس بمستغرق

٤٤٣

علمتناه قبل رغبتنا في تعلمه واختصصتنا به قبل رغبتنا بنفعه اللهم فإذا كان ذلك منا منك وفضلا وجودا ولطفا بنا ورحمة لنا وامتنانا علينا من غير حولنا ولا حيلتنا ولا قوتنا اللهم فحبب إلينا حسن تلاوته وحفظ آياته وإيمانا بمتشابهه وعملا بمحكمه وسببا في تأويله وهدى في تدبيره وبصيرة بنوره اللهم وكما أنزلته شفاء لأوليائك وشقاء على أعدائك وعمى على أهل معصيتك ونورا لأهل طاعتك اللهم فاجعله لنا حصنا من عذابك وحرزا من غضبك وحاجزا عن معصيتك وعصمة من سخطك ودليلا على طاعتك ونورا يوم نلقاك نستضيء به في خلقك ونجوز به على صراطك ونهتدي به إلى جنتك اللهم إنا نعوذ بك من الشقوة في حمله والعمى عن عمله والجور عن حكمه والعلو عن قصده والتقصير دون حقه اللهم احمل عنا ثقله وأوجب لنا أجره وأوزعنا شكره واجعلنا نراعيه ونحفظه اللهم اجعلنا نتبع حلاله ونجتنب حرامه ونقيم حدوده ونؤدي فرائضه اللهم ارزقنا حلاوة في تلاوته ونشاطا في قيامه ووجلا في ترتيله وقوة في استعماله في آناء الليل وأطراف النهار اللهم واشفنا من النوم باليسير وأيقظنا في ساعة الليل من رقاد الراقدين ونبهنا عند الأحايين التي يستجاب فيها الدعاء من سنة الوسنانين اللهم اجعل لقلوبنا ذكاء عند عجائبه التي لا تنقضي ولذاذة عند ترديده وعبرة عند ترجيعه ونفعا بينا عند استفهامه اللهم إنا نعوذ بك من تخلفه في قلوبنا وتوسده عند رقادنا ونبذه وراء ظهورنا ونعوذ بك من قساوة قلوبنا لما به وعظتنا اللهم انفعنا بما صرفت

_________________________________________

في نومه والوسن أول النوم ، وقد وسن يسن سنة والهاء فيه عوض من الواو المحذوفة كما في عدة وقال في الصحاحالذكاء ممدود حدة القلب وقد ذكي الرجل يذكي ذكاء فهو ذكي وقال وقد لذذت الشيء بالكسر لذا ذا ولذاذة أي وجدته لذيذا« من تخلفه » لعل المراد أن يتخلف في قلوبنا فلا يظهر أثره على أعضائنا وجوارحنا« وتوسده » قال في النهاية وفي الحديث إنه ذكر عنده شريح الحضرمي فقال ذلك رجل لا يتوسد القرآن هذا يحتمل مدحا وذما ، فالمدح أنه لا ينام الليل عن القرآن

٤٤٤

فيه من الآيات وذكرنا بما ضربت فيه من المثلات وكفر عنا بتأويله السيئات وضاعف لنا به جزاء في الحسنات وارفعنا به ثوابا في الدرجات ولقنا به البشرى بعد الممات اللهم اجعله لنا زادا تقوينا به في الموقف بين يديك وطريقا واضحا نسلك به إليك وعلما نافعا نشكر به نعماءك وتخشعا صادقا نسبح به أسماءك فإنك اتخذت به علينا حجة قطعت به عذرنا واصطنعت به عندنا نعمة قصر عنها شكرنا اللهم اجعله لنا وليا يثبتنا من الزلل ودليلا يهدينا لصالح العمل وعونا هاديا يقومنا من الميل وعونا يقوينا من الملل حتى يبلغ بنا أفضل الأمل اللهم اجعله لنا شافعا يوم اللقاء وسلاحا يوم الارتقاء وحجيجا يوم القضاء ونورا يوم الظلماء يوم لا أرض ولا سماء يوم يجزى كل ساع بما سعى اللهم اجعله لنا ريا يوم الظمإ وفوزا يوم الجزاء من نار حامية قليلة البقيا على من بها اصطلى وبحرها تلظى اللهم اجعله لنا برهانا على رءوس الملإ يوم يجمع فيه أهل

_________________________________________

ولم يتهجد إلا به فيكون القرآن متوسدا معه بل يداوم قراءته ويحافظ عليها ، والذم معناه لا يحفظ من القرآن شيئا ولا يديم قراءته فإذا نام لم يتوسد معه القرآن وأراد بالتوسد النوم ، ومن الأول الحديث لا توسدوا القرآن وأتلوه حق تلاوته وفيه أيضا من قرأ ثلاث آيات في ليلة لم يكن متوسدا للقرآن ، ومن الثاني حديث أبي الدرداء قال له رجل إني أريد أن أطلب العلم وأخشى أن أضيعه فقال لأن تتوسد العلم خير لك من أن تتوسد الجهل ، وقال الطيبي في شرح المشكاة هو كناية عن التكاسل أي لا تجعلوه وسادة تنكبون وتنامون عليه ، أو عن التغافل عن تدبر معانيه وقال في القاموس رجل توسد القرآن يحتمل كونه مدحا أي لا يمتهنه ولا يطرحه بل يجله ويعظمه وذما أي لا يكب على تلاوته إكباب النائم على وسادته ، ومن الأول قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا توسدوا القرآن ، وقال تصريف الآيات تبيينها ، وقال في الصحاحالميل بالتحريك ما كان خلقه يقال منه رجل أميل العاتق في عنقه ميل.

« وحجيجا » قال في النهاية : في حديث الدجال أن يخرج وأنا فيكم فأنا

٤٤٥

الأرض وأهل السماء اللهم ارزقنا منازل الشهداء وعيش السعداء ومرافقة الأنبياء إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ.

(باب)

(الدعاء في حفظ القرآن)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد عمن ذكره ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تقول اللهم إني أسألك ولم يسأل العباد مثلك أسألك بحق محمد نبيك ورسولك وإبراهيم خليلك وصفيك وموسى كليمك ونجيك وعيسى كلمتك وروحك وأسألك بصحف إبراهيم وتوراة موسى وزبور داود وإنجيل عيسى وقرآن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكل وحي أوحيته وقضاء أمضيته وحق قضيته وغني أغنيته وضال هديته وسائل أعطيته وأسألك باسمك الذي وضعته على الليل فأظلم وباسمك الذي وضعته على النهار فاستنار وباسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت ودعمت به السماوات فاستقلت ووضعته

_________________________________________

حجيجه أي محاججه ومغالبة بإظهار الحجة عليه والحجة الدليل والبرهان يقال حاججته فأنا محاج وحجيج فعيل بمعنى فاعل ، وقال في حديث الدعاء لا يبقى على من تضرع إليها يعني النار يقال أبقيت عليه أبقى إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه والاسم البقيا كدنيا.

باب الدعاء في حفظ القرآن

الحديث الأول : مرسل.

وفي القاموسالخليل الصادق أو من أصفى المودة« وعيسى كلمتك » قال في مجمع البيان إنما سمي المسيح كلمة لأنه حصل بكلام الله من غير أب ، وقيل إنما سمي به لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله ،وروحك قال في مجمع البيان إنما سماه الله روحا لأنه حدث عن نفخة جبرائيلعليه‌السلام في درع مريم بأمر

٤٤٦

على الجبال فرست ـ وباسمك الذي بثثت به الأرزاق وأسألك باسمك الذي تحيي به الموتى وأسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد وأن ترزقني حفظ القرآن وأصناف العلم وأن تثبتها في قلبي وسمعي وبصري وأن تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي وتستعمل بها ليلي ونهاري برحمتك وقدرتك فإنه لا حول ولا قوة إلا بك يا حي يا قيوم قال وفي حديث آخر زيادة وأسألك باسمك الذي دعاك به عبادك الذين استجبت لهم وأنبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم وأسألك بكل اسم أنزلته في كتبك وباسمك الذي استقر به عرشك وباسمك الواحد الأحد الفرد الوتر المتعال الذي يملأ الأركان كلها الطاهر الطهر المبارك المقدس الحي القيوم نور السماوات والأرض الرحمن الرحيم الكبير المتعال وكتابك المنزل بالحق وكلماتك التامات ونورك التام وبعظمتك وأركانك وقال في حديث آخر قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من أراد أن

_________________________________________

الله وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره ، وقيل إنما أضافه إلى نفسه تفخيما لشأنه كما قال : ـ الصوم لي وأنا أجزي به ـ وقد يسمى النفخ روحا ، وقيل سمي به لأنه يحيي الله به الناس في دينهم كما يحيون بالأرواح فيكون المعنى أنه جعله نبيا يقتدى به وقيل : لأنه أحياه الله بتكوينه بلا واسطة من جماع أو نطفة ، وقيل : معناه ورحمة منه كما قال في موضع. آخر وأيدهم بروح منه أي برحمته فجعل الله عيسى رحمة على من أمن به« باسمك الذي » يمكن أن يكون لأسماء الله تعالى تأثيرات جعلها الله لها وأن يكون المراد بالأسماء الصفات والله يعلم قيل دعمه كمنعه أقامه ، وفي الصحاحرسى الشيء يرسو ثبت« من عرشك » أي الخصال التي استحق بها لعرش العز أو بموضع انعقادها منه وحقيقة معناه بعز عرشك وأصحاب أبي حنيفة يكرهون هذا اللفظ في الدعاء« ومنتهى الرحمة » أي منتهى الرحمة التي يظهرمن كتابك أي القرآن أو اللوح المحفوظ ويحتمل على بعد أن يكون من بيانيةيملأ الأركان كلها أي أركان

٤٤٧

يوعيه الله عز وجل ـ القرآن والعلم فليكتب هذا الدعاء في إناء نظيف بعسل ماذي ثم يغسله بماء المطر قبل أن يمس الأرض ويشربه ثلاثة أيام على الريق فإنه يحفظ ذلك إن شاء الله.

٢ ـ عنه ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى رفعه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعلمك دعاء لا تنسى القرآن ـ اللهم ارحمني بترك معاصيك أبدا ما أبقيتني وارحمني من تكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن المنظر فيما يرضيك عني وألزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني اللهم نور بكتابك بصري واشرح به صدري وفرح به قلبي وأطلق به لساني واستعمل به بدني وقوني على ذلك وأعني عليه إنه لا معين عليه إلا أنت لا إله إلا أنت.

قال ورواه بعض أصحابنا ، عن وليد بن صبيح ، عن حفص الأعور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(باب)

(دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن إسماعيل بن سهل ، عن عبد الله بن جندب ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قل اللهم اجعلني

_________________________________________

العرش أو أركان الخلق أي السماوات والأرضين وغيرها ، وهو إما كناية عن عظمة الاسم تشبيها للمعقول بالمحسوس ، أو المراد أنه يملأ آثاره الأركان وتحيط لجميع الخلق والله يعلم والمأذي العسل الأبيض.

الحديث الثاني : مرفوع وآخره مرسل.

باب دعوات موجزات لجميع الحوائج للدنيا والآخرة

الحديث الأول : ضعيف.

« واجعلهما الوارثين » قيل : أي اجعل السمع والبصر باقيين مني والمراد

٤٤٨

أخشاك كأني أراك وأسعدني بتقواك ولا تشقني بنشطي لمعاصيك وخر لي في قضائك وبارك لي في قدرك حتى لا أحب تأخير ما عجلت ولا تعجيل ما أخرت واجعل غناي في نفسي ومتعني بسمعي وبصري واجعلهما الوارثين مني وانصرني على من ظلمني وأرني فيه قدرتك يا رب وأقر بذلك عيني.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي سليمان الجصاص ، عن إبراهيم بن ميمون قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « اللهم أعني على هول يوم القيامة وأخرجني من الدنيا سالما وزوجني من الحور العين واكفني مئونتي ومئونة عيالي ومئونة الناس وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قل اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك

_________________________________________

ما يحصل بالسمع والبصر وهو العلم أي وفقنا لحيازة العلم لا المال حتى يكون العلم هو الباقي مني يبقى بعد موتي فالنسبة مجازية نسبة السبب إلى المسبب ، ويحتمل أن يرجع الضمير إلى التمتيع وتثنيته باعتبار تمتيع السمع ، بل هذا الاحتمال أرجح ، لأن السمع والبصر سببان لتحصيل العلم ، وخصوصا إذا أريد بالبصر البصيرة ، وأولت العامة ما نقلوه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الدعاء اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا على هذا الاحتمال ، وقال في مجمع البحار فيه الوارث تعالى يرث الخلائق ويبقى بعد فنائهم ، ومنه اللهم متعني بسمعي وبصري « واجعلهما الوارث مني » أي أبقهما صحيحين سليمين إلى أن أموت ، وقيل : أراد بقاء قوتها عند الكبر وانحلال القوي النفسانية فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوي والباقيين بعدها ، وقيل : أرادبالسمع ما يسمع والعمل به وبالبصر الاعتبار.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : حسن.

٤٤٩

وأعوذ بك من كل سوء أحاط به علمك اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن علي بن زياد قال كتب علي بن بصير يسأله أن يكتب له في أسفل كتابه دعاء يعلمه إياه يدعو به فيعصم به من الذنوب جامعا للدنيا والآخرة فكتبعليه‌السلام بخطه : « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » يا من أظهر الجميل وستر القبيح ولم يهتك الستر عني يا كريم العفو يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا صاحب كل نجوى ويا منتهى كل شكوى يا كريم الصفح يا عظيم المن يا مبتدئ كل نعمة قبل استحقاقها يا رباه يا سيداه يا مولاه يا غياثاه صل على محمد وآل محمد وأسألك أن لا تجعلني في النار ثم تسأل ما بدا لك.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي عبد الله البرقي وأبي طالب ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال اللهم أنت ثقتي في كل كربة وأنت رجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة كم من كرب يضعف عنه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل عنه القريب والبعيد ويشمت به العدو وتعنيني فيه الأمور أنزلته بك وشكوته إليك راغبا فيه عمن سواك ففرجته وكشفته وكفيتنيه فأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حاجة ومنتهى كل رغبة فلك الحمد كثيرا ولك المن فاضلا.

٦ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن عيسى بن عبد الله القمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قل : « اللهم إني أسألك بجلالك وجمالك وكرمك أن تفعل بي كذا وكذا ».

_________________________________________

الحديث الرابع : مجهول.

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : حسن أو موثق.

٤٥٠

٧ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قال لي أكثر من أن تقول ـ اللهم لا تجعلني من المعارين ولا تخرجني من التقصير قال قلت أما المعارين فقد عرفت فما معنى لا تخرجني من التقصير قال كل عمل تعمله تريد به وجه الله عز وجل فكن فيه مقصرا عند نفسك فإن الناس كلهم في أعمالهم في ما بينهم وبين الله عز وجل مقصرون.

٨ ـ عنه ، عن ابن محبوب ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أعين قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لقد غفر الله عز وجل لرجل من أهل البادية بكلمتين دعا بهما قال ـ اللهم إن تعذبني فأهل لذلك أنا وإن تغفر لي فأهل لذلك أنت فغفر الله له.

٩ ـ عنه ، عن يحيى بن المبارك ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن عمه ، عن الرضاعليه‌السلام قال يا من دلني على نفسه وذلل قلبي بتصديقه أسألك الأمن والإيمان في الدنيا والآخرة.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن أبيه قال رأيت علي بن الحسينعليه‌السلام في فناء الكعبة في الليل وهو يصلي فأطال القيام ـ حتى جعل مرة يتوكأ على رجله اليمنى ومرة على رجله اليسرى ثم سمعته

_________________________________________

الحديث السابع : موثق.

« من المعارين » أي الذين لا تثبت لهم في الإيمان كان الدين عندهم عارية وقد سبق في باب الإيمان والكفر ، وقال السيد الداماد (ره) : المعاري من يركب الفرس عريانا قال في القاموس : نحن نعاري نركب الخيل أعراء ، والمعنى بالمعارين هيهنا الذين يتعبدون لا على أسبغ الوجوه ويلزمون الطاعات لكن لا على قصيا المراتب بل على ضرب من التقصير كالذين يركبون الخيل ولكن أعراء.

الحديث الثامن : حسن أو موثق.

الحديث التاسع : مجهول.

الحديث العاشر : حسن.

٤٥١

يقول بصوت كأنه باك ـ يا سيدي تعذبني وحبك في قلبي أما وعزتك لئن فعلت لتجمعن بيني وبين قوم طال ما عاديتهم فيك.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن بعض أصحابنا ، عن داود الرقي قال إني كنت أسمع أبا عبد اللهعليه‌السلام أكثر ما يلح به في الدعاء على الله بحق الخمسة يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم.

١٢ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب ، عن إبراهيم الكرخي قال علمنا أبو عبد اللهعليه‌السلام دعاء وأمرنا أن ندعو به يوم الجمعة ـ اللهم إني تعمدت إليك بحاجتي وأنزلت بك اليوم فقري ومسكنتي فأنا اليوم لمغفرتك أرجى مني لعملي ولمغفرتك ورحمتك أوسع من ذنوبي فتول قضاء كل حاجة هي لي بقدرتك عليها وتيسير ذلك عليك ولفقري إليك فإني لم أصب خيرا قط إلا منك ولم يصرف عني أحد شرا قط غيرك وليس أرجو لآخرتي ودنياي سواك ولا ليوم فقري ويوم يفردني الناس في حفرتي وأفضي إليك يا رب بفقري.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن عطية ، عن زيد الصائغ قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ادع الله لنا فقال ـ اللهم ارزقهم صدق الحديث وأداء الأمانة والمحافظة على الصلوات اللهم إنهم أحق خلقك أن تفعله بهم اللهم وافعله بهم.

_________________________________________

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

« وأفضى إليك » أفيد أنه ينبغي أن يقرأ بضم الهمزة وفتح الضاد أي يوم أفضاني الخلق إليك إلى قبري متلبسا بالفقر والفاقة ، وفي بعض النسخ وأقضى قال في القاموس يقال : قضى إليه أنهاه وأعلمه ،

الحديث الثالث عشر : مجهول.

وفي الصحاح وأدى دينه تأدية أي قضاه والاسم الأداء.

٤٥٢

١٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول : « اللهم من علي بالتوكل عليك والتفويض إليك والرضا بقدرك والتسليم لأمرك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت يا رب العالمين ».

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن سحيم ، عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وهو رافع يده إلى السماء ـ رب لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا لا أقل من ذلك ولا أكثر قال فما كان بأسرع من أن تحدر الدموع من جوانب لحيته ثم أقبل علي فقال يا ابن أبي يعفور إن يونس بن متى وكله الله عز وجل إلى نفسه أقل من طرفة عين فأحدث ذلك الذنب قلت فبلغ به كفرا أصلحك الله قال لا ولكن الموت على تلك الحال هلاك.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد رفعه قال أتى جبرئيلعليه‌السلام إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له إن ربك يقول لك إذا أردت أن تعبدني يوما وليلة حق عبادتي فارفع يديك إلي وقل اللهم لك الحمد حمدا خالدا مع خلودك ولك الحمد حمدا لا منتهى له دون علمك ولك الحمد حمدا لا أمد له دون مشيئتك

_________________________________________

الحديث الرابع عشر : حسن كالصحيح.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

وفي الصحاحتحدر الدمع أي تنزل« ذلك الذنب » أي ترك الأولى« هلاك » أي لا يليق بشأن الأنبياء.

الحديث السادس عشر : مرفوع.

« دون علمك » يحتمل أن يكون دون في الموضعين بمعنى عند وبمعنى سوى فعلى الأول فالمراد لا تعلم له نهاية ولم تكن له نهاية في علمك وإذا لم يكن له نهاية في علم الله لا يكون له نهاية

٤٥٣

ولك الحمد حمدا لا جزاء لقائله إلا رضاك اللهم لك الحمد كله ولك المن كله ولك الفخر كله ولك البهاء كله ولك النور كله ولك العزة كلها ولك الجبروت كلها ولك العظمة كلها ولك الدنيا كلها ولك الآخرة كلها ولك الليل والنهار كله ولك الخلق كله وبيدك الخير كله وإليك يرجع الأمر كله علانيته وسره اللهم لك الحمد حمدا أبدا أنت حسن البلاء جليل الثناء سابغ النعماء عدل القضاء جزيل العطاء حسن الآلاء إله من في الأرض وإله من في السماء اللهم لك الحمد في السبع الشداد ولك الحمد في الأرض المهاد ولك الحمد طاقة العباد ولك الحمد سعة البلاد ـ ولك الحمد في الجبال الأوتاد ولك الحمد في اللَّيْلِ إِذا يَغْشى ولك الحمد في النَّهارِ إِذا تَجَلَّى ولك الحمد في الآخرة والأولى ولك الحمد في المثاني والقرآن العظيم وسبحان الله وبحمده والأرض جميعا قبضته يوم القيامة وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ سبحان الله وبحمده كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ سبحانك ربنا وتعاليت وتباركت وتقدست خلقت كل شيء بقدرتك وقهرت كل شيء بعزتك وعلوت فوق كل شيء بارتفاعك وغلبت كل شيء بقوتك وابتدعت كل شيء بحكمتك وعلمك وبعثت الرسل بكتبك وهديت

_________________________________________

أصلا بخلاف علمنا ، وكذا فيالمشية أي لا تشاء له نهاية ، وأما على الثاني فيحتمل أن يكون كناية عن الكثرة كما يقال فمكث ما شاء الله ، أو كناية عن عدم التناهي أي يكون بعده معلومات الله تعالى ومقدوراته ، وهما غير متناهيين ، أو يكون الاستثناء لتأكيد العموم من باب أنا أفصح العرب بيد أني من قريش ، أي لا يكون له نهاية إلا علمك وهو لا نهاية له فلا يكون له نهاية أصلا« لك الحمد في السبع الشداد » أي أنت محمود في السماوات بحمدك أهلها ، أو أنت مستحق للحمد من أهلها ، أو أنت محمود بسبب خلق السبع الشداد ، وكذا في الثانية والله يعلم قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ قال في مجمع البيان القبضة في اللغة ما قبضت عليه بجميع كفك أخبر الله تعالى عن كمال قدرته فذكر أن الأرض كلها مع عظمها في مقدوره كالشيء يقبض

٤٥٤

الصالحين بإذنك وأيدت المؤمنين بنصرك وقهرت الخلق بسلطانك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك لا نعبد غيرك ولا نسأل إلا إياك ولا نرغب إلا إليك أنت موضع شكوانا ومنتهى رغبتنا وإلهنا ومليكنا.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار قال قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام ابتداء منه يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى أمير المؤمنين صلوات الله عليه فشكا الإبطاء عليه في الجواب في دعائه فقال له أين أنت عن الدعاء السريع الإجابة فقال له الرجل ما هو قال قل اللهم إني أسألك باسمك العظيم الأعظم الأجل الأكرم المخزون المكنون النور الحق البرهان المبين الذي هو نور مع نور ونور من نور ونور في نور و( نُورٌ عَلى نُورٍ ) ونور فوق كل نور ونور يضيء به كل ظلمة ويكسر به كل شدة وكل شيطان مريد وكل جبار عنيد لا تقر به أرض ولا تقوم به سماء ويأمن به كل خائف ويبطل به سحر كل ساحر وبغي كل باغ وحسد كل حاسد ويتصدع لعظمته البر

_________________________________________

عليه القابض بكفيه فيكون في قبضته وكذاقوله ( وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ ) أي يطويها بقدرته كما يطوي الواحد منا الشيء المقدور له طيبه بِيَمِينِهِ وذكر اليمين للمبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك ، وقيل : معناه أنها محفوظات مصونات بقوته واليمين القوة.

الحديث السابع عشر : حسن.

« لا تقر به أرض » قال السيد الداماد (ره) الجار والمجرور في ـ لا تقر به أرضولا يقوم به سماء غير متعلق بالفعل المذكور بل بفعل آخر مقدر والتقدير إذا رعيت به لا تقر أرض ، وإذا رعيت به لا تقوم سماء ، أو الباء بمعنى مع أي لا تقر معه أرض ولا يقوم معه سماء ، وأما ـ لا يقوم له ـ باللام موضع الباء فمعناه لا تنهض لمقاومته ومعارضته سماء ، وفي القاموسالصدع الشق في الشيء الصلب و

٤٥٥

والبحر ويستقل به الفلك حين يتكلم به الملك فلا يكون للموج عليه سبيل وهو اسمك الأعظم الأعظم الأجل الأجل النور الأكبر الذي سميت به نفسك واستويت به على عرشك وأتوجه إليك بمحمد وأهل بيته أسألك بك وبهم أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا.

١٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن عمرو بن أبي المقدام قال أملى علي هذا الدعاء ـ أبو عبد اللهعليه‌السلام وهو جامع للدنيا والآخرة تقول بعد حمد الله والثناء عليه :

« اللهم أنت الله لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الحليم الكريم وأنت الله لا إله إلا أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وأنت الله لا إله إلا أنت الْواحِدُ الْقَهَّارُ وأنت الله لا إله إلا أنت الملك الجبار وأنت الله لا إله إلا أنت الرحيم الغفار وأنت الله لا إله إلا أنت شَدِيدُ الْمِحالِ وأنت الله لا إله إلا أنت الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ وأنت الله لا إله إلا أنت السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وأنت الله لا إله إلا أنت المنيع القدير وأنت الله لا إله إلا أنت الغفور الشكور وأنت الله لا إله إلا أنت الحميد المجيد وأنت الله لا إله إلا أنت الْغَفُورُ الْوَدُودُ وأنت الله لا إله إلا أنت الحنان المنان وأنت الله لا إله إلا أنت الحليم الديان

_________________________________________

الفرقة من الشيء ،« ويستقل به الفلك » قال في الصحاح الفلك السفينة واحد وجمع يذكر ويؤنث ، ويمكن أن يقرأ بفتحتين أيضا ولعل المراد على هذا موج الهواء وعلى تقدير الضم يظهر منه أنه تعالى وكل ملكا بالسفينة.

الحديث الثامن عشر : ضعيف أو مجهول.

« الشديد المحال » قال البيضاوي : أي شديد المماحلة والمكايدة لأعدائه من محل بفلان إذا كاده وعرضه للهلاك ، ومنه تمحل إذا تكلف استعمال الحلية ، ولعل أصله المحل بمعنى القحط ، وقيل : فعال بمعنى القوة ، وقيل : مفعل من الحول والحيلة أعل على غير قياس ، ويعضده أنه قرأ بفتح الميم من حال يحول إذا احتال ، ويجوز أن يكون بمعنى الفعال فيكون مثلا في القوة والقدرة وفي القاموس المحال

٤٥٦

وأنت الله لا إله إلا أنت الجواد الماجد وأنت الله لا إله إلا أنت الواحد الأحد وأنت الله لا إله إلا أنت الغائب الشاهد وأنت الله لا إله إلا أنت الظاهر الباطن وأنت الله لا إله إلا أنت بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ تم نورك فهديت وبسطت يدك فأعطيت ربنا وجهك أكرم الوجوه وجهتك خير الجهات وعطيتك أفضل العطايا وأهنؤها تطاع ربنا فتشكر وتعصى ربنا فتغفر لمن شئت تجيب المضطرين وتكشف السوء وتقبل التوبة وتعفو عن الذنوب لا تجازى أياديك ولا تحصى نعمك ولا يبلغ مدحتك قول قائل اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وروحهم وراحتهم وسرورهم ـ وأذقني طعم فرجهم وأهلك أعداءهم من الجن والإنس وآتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ واجعلنا من الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ واجعلني من الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ وثبتني بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وبارك لي في المحيا والممات والموقف والنشور والحساب والميزان وأهوال يوم القيامة وسلمني على الصراط وأجزني عليه وارزقني علما نافعا ويقينا صادقا وتقى وبرا وورعا وخوفا منك وفرقا يبلغني منك زلفى ولا يباعدني عنك

_________________________________________

الكيد والمكر والقدرة ، وقال في مصباح اللغة : يقال : أزالمنعة الطائر أي قوته التي يمتنع بها على من يريده ، والمناعة بالفتح مثل المنعة ومنع مناعة ومنعة فهو منيع ، وقال الجزري والفيروزآبادي في أسماء الله تعالى المانع هو الذي يمنع عن أهل طاعته ويحوطهم وينصرهم ، وقيل يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد وفيه اللهم من منعت ممنوع أي من حرمته فهو محروم لا يعطيه أحد غيرك يقال منعه يمنعه ضد أعطاه كمنعه فهو مانع ومناع ومنوع ، وجمع الأول منعة محركه وتسكن أي معه من يمنعه ، ومنع ككرم صار منيعا ، وقال الجوهريالدين الجزاء والمكافاة يقال دانه دينا أي جازاه ومنه الديان في صفة الله تعالى والجهة مثلثة الناحية والجانبوالآخرة أي عند سؤال القبر وعند سؤال الله تعالى في القيامة وقال في الصحاحالفرق بالتحريك الخوف والفزع ، وقالحذافير الشيء أعاليه

٤٥٧

وأحببني ولا تبغضني وتولني ولا تخذلني وأعطني من جميع خير الدنيا والآخرة ما علمت منه وما لم أعلم وأجرني من السوء كله بحذافيره ما علمت منه وما لم أعلم.

١٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب ، عن معاوية بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ألا تخصني بدعاء قال بلى قال قل ـ يا واحد يا ماجد يا أحد يا صمد يا من لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يا عزيز يا كريم يا حنان يا منان يا سامع الدعوات يا أجود من سئل ويا خير من أعطى يا الله يا الله يا الله قلت وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « [ نعم ] لنعم المجيب أنت ونعم المدعو ونعم المسئول أسألك بنور وجهك وأسألك بعزتك وقدرتك وجبروتك وأسألك بملكوتك ودرعك الحصينة وبجمعك وأركانك كلها وبحق محمد وبحق الأوصياء بعد محمد أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا ».

٢٠ ـ عنه ، عن بعض أصحابه ، عن حسين بن عمارة ، عن حسين بن أبي سعيد المكاري وجهم بن أبي جهمة ، عن أبي جعفر رجل من أهل الكوفة كان يعرف بكنيته

_________________________________________

ونواحيه يقال أعطاه الدنيا بحذافيرها أي بأسرها وتمامها واحدها حذفار.

الحديث التاسع عشر : صحيح.

و « يجمعك » قيل : المراد جمعك للكمالات ، ويحتمل أن يكون المراد الجيش ، أو يكون الجمع بمعنى المجموع أي بمجموع صفاتك ولعل المرادبالأركان مطلق الصفات أو الصفات الذاتية أو أركان الخلق والعظمة من السماوات والكرسي والعرش والله يعلم. وفي الصحاح الجمع الجماعة تسمية بالمصدر ، يقال : رأيت جمعا من الناس ، وفي النهاية وأركان كل شيء جوانبه التي يستند إليها ويقوم بها.

الحديث العشرون : مجهول.

وروى السيد في كتاب الإقبال ، عن علي بن محمد البرسي ، عن الحسين بن

٤٥٨

قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام علمني دعاء أدعو به فقال نعم قل يا من أرجوه لكل خير ـ ويا من آمن سخطه عند كل عثرة ويا من يعطي بالقليل الكثير يا من أعطى من سأله تحننا منه ورحمة يا من أعطى من لم يسأله ولم يعرفه صل على محمد وآل محمد وأعطني بمسألتي من جميع خير الدنيا وجميع خير الآخرة فإنه غير منقوص ما أعطيتني وزدني من سعة فضلك يا كريم.

٢١ ـ وعنه رفعه إلى أبي جعفرعليه‌السلام أنه علم أخاه عبد الله بن علي هذا الدعاء اللهم ارفع ظني صاعدا ولا تطمع في عدوا ولا حاسدا واحفظني قائما و

_________________________________________

أحمد بن شيبان ، عن حمزة بن القاسم العلوي العباسي ، عن محمد بن عبد الله بن عمران البرقي ، عن محمد بن علي الهمداني ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن السجاد في حديث طويل قال : قلت : لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك هذا رجب ، علمني فيه دعاء ينفعني الله به ، قال : فقال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ، وقل في كل يوم من رجب صباحا ومساء وفي أعقاب صلواتك في يومك وليلتك يا من أرجوه إلى قوله يا كريم قال ، ثم مد أبو عبد اللهعليه‌السلام يده اليسرى فقبض على لحيته ودعا بهذا الدعاء وهو يلوذ بسبابته اليمنى ، ثم قال بعد ذلك يا ذا الجلال والإكرام يا ذا النعماء والجود يا ذا المن والطول حرم شيبتي على النار ، وفي حديث آخر ، ثم وضع يده على لحيته ولم يرفعها إلا وقد امتلأ ظهر كفه دموعا ، وذكر أبو عمرو الكشي هذا الدعاء وأسند نقله إلى محمد بن زيد الشحام هكذا ، قلت له علمني دعاء قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم يا من أرجوه إلى قوله وأعطني بمسألتي إياك الدعاء« سخطه » لعله محمول على السخط الذي يوجب الخلود في النار ، أو المرادبالأمن رجاء العفو أو محض العثرة بالصغائر« غير منقوص » أي عطاؤك كامل غير ناقص أو لا يصير ما تعطيني سببا لنقص خزائنك أي منقوصا من شيء فتأمل.

الحديث الحادي والعشرون : مرفوع.

« اللهم ارفع ظني » لعل المراد ارفع ظني عن المخلوقين واجعله صاعدا إليك

٤٥٩

قاعداً ويقظاناً وراقداً ، اللهم اغفر لي وارحمني واهدني سبيلك الأقوم وقني حر جهنم واحطط عني المغرم والمأثم واجعلني من خير خيار العالم.

٢٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى وهارون بن خارجة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : « ارحمني مما لا طاقة لي به ولا صبر لي عليه ».

٢٣ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن ابن سنان ، عن حفص ، عن محمد بن مسلم قال قلت له علمني دعاء فقال فأين أنت عن دعاء الإلحاح قال قلت وما دعاء الإلحاح فقال اللهم رب السماوات السبع وما بينهن ورب العرش العظيم ورب جبرئيل وميكائيل وإسرافيل ورب القرآن العظيم ورب محمد خاتم النبيين إني أسألك بالذي تقوم به السماء وبه تقوم الأرض وبه تفرق بين الجمع وبه تجمع بين المتفرق وبه ترزق الأحياء وبه أحصيت عدد الرمال ووزن الجبال وكيل البحور ثم تصلي على محمد وآل محمد ثم تسأله حاجتك وألح في الطلب.

٢٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن كرام ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كان يقول اللهم املأ قلبي حبا لك وخشية منك وتصديقا وإيمانا بك وفرقا منك وشوقا إليك يا ذا الجلال والإكرام اللهم

_________________________________________

فتكون أنت موضع رجائي ، أو ارفع ظني عن الانحطاط أي اجعل ظني بك كاملا والله يعلم ، وفي الصحاحالغرامة ما يلزم أداؤه وكذلك المغرم والغرم.

الحديث الثاني والعشرون : مجهول.

الحديث الثالث والعشرون : صحيح.

الحديث الرابع والعشرون : حسن ، أو موثق ، وكرام لقب عبد الكريم ابن عمرو.

« ونصرا في دينك » في بعض الكتب ـ بصيرة في خلقك ـ في بعض الكتب ـ

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594