مرآة العقول الجزء ١٢

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34435 / تحميل: 5508
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٢

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يا من هو بالمنظر الأعلى يا من هو لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ».

_________________________________________

« يا من يحول » إشارة إلى قوله سبحانه :( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ) (١) وقيل فيه وجوه :

الأول : أنه تمثيل لغاية قربه تعالى من العبد ، لقوله : «وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » فإن الحائل بين الشيء وغيره أقرب إلى ذلك الشيء من ذلك الغير.

الثاني : أنه تنبيه على أنه مطلع على مكنونات القلوب ما عسى يغفل عنه صاحبها ، وهو قريب من الأول ، وروي عن محمد بن إسحاق أنه قال : معناه لا يستطيع القلب أن يكتم الله شيئا.

الثالث : أنه حث على المبادرة إلى إخلاص القلوب وتصفيتها قبل أن يحول الله بين المرء وقلبه بالموت أو غيره ، أو قبل أن يحول الله بين المرء والانتفاع بقلبه بالموت ، فلا يمكنه استدراك ما فات فبادروا إلى الطاعات قبل الحيلولة.

الرابع : أنه تصوير وتخييل لتملكه على العبد قلبه فيفسخ عزائمه ويغير مقاصده ويبدله بالذكر نسيانا وبالنسيان ذكرا وبالخوف أمنا وبالأمن خوفا كما روي عن أمير المؤمنينعليه‌السلام عرفت الله بفسخ العزائم وورد في الدعاء : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، وروي قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء.

الخامس : ما رواه العياشي عن يونس بن عمار قال : إن الله يحول بين المرء وقلبه ، معناه لا يستيقن القلب إن الحق باطل أبدا ولا يستيقن القلب إن الباطل حق أبدا ، وروي أيضا عن هشام بن سالم عنهعليه‌السلام قال : معناه يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق ، وحاصله أنه سبحانه يتم حجته على عباده ويعطيهم المعرفة إما مطلقا أو إذا خلوا أنفسهم عن الأغراض الباطلة وصاروا طالبين للحق

__________________

(١) الأنفال : ٢٤.

٦١

...........................................................................

_________________________________________

كما قال تعالى :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (١) .

السادس : أن المعنى يذهله عما هو مخزون في قلبه.

« يا من هو بالمنظر الأعلى » في القاموس : المنظر والمنظرة ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك ، ومنظري ومنظراني حسن المنظر ، والنظر محركة الفكر في الشيء تقدره وتقيسه ، والمناظر أشراف الأرض ، انتهى.

ولعلهعليه‌السلام شبه المكانة والدرجة الرفيعة المعنوية بالأمكنة المرتفعة الصورية فهو إما كناية عن اطلاعه على جميع المخلوقات فإن من كان على مكان يشرف على ما تحته ويطلع عليه أو عن تسلطه واقتداره على ما تحته من الممكنات أو عن عدم وصول العقول والأفهام إلى ساحة عرفانه ، أي منظره أعلى من أن يدركه أحد ، ويحتمل أن يكون المنظر من النظر بمعنى الفكر أي هو أرفع من أن تدركه أنظار الخلق كما روي وارتفع فوق كل منظر ، ويحتمل أن يكون مصدرا ميميا أي هو متلبس بالنظر الذي هو أعلى الأنظار أو بمعنى ما ينظر إليه من الشخص كما يقال : فلان حسن المنظر أي منظره أعلى من أن يدرك ، وقيل : أي هو سبحانه منظور جميع الممكنات إذ نظر جميعها في ذواتها ولوازمها وآثارها وخواصها في سلسلة الأسباب والعلل إليه جل شأنه وهو أعلى من الجميع.

« يا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » المشهور أن الكاف زائدة قال البيضاوي : أي ليس مثله شيء يزاوجه ويناسبه ، والمراد من مثله ذاته كما في قولهم مثلك لا يفعل كذا على قصد المبالغة في نفيه عنه فإنه إذا نفى عمن يناسبه ويسد مسده كان نفيه عنه أولى ، ومن قال الكاف فيه زائدة لعله عني أنه يعطي معنى ليس مثله لكنه آكد لما ذكرناه ، وقيل : مثل صفته أي ليس كصفته صفة.

وقال الراغب : المثل يقال على وجهين أحدهما : بمعنى المثل نحو شبه وشبه ،

__________________

(١) العنكبوت : ٦٩.

٦٢

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن سنان ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنما هي المدحة ثم الثناء ثم الإقرار بالذنب ثم المسألة إنه والله ما خرج عبد من ذنب إلا بالإقرار.

_________________________________________

قال بعضهم : وقد يعبر بهما عن وصف الشيء نحو قوله : «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ »(١) والثاني عبارة عن المشابه لغيره في معنى من المعاني أي معنى كان ، وهو أعم الألفاظ الموضوعة للمشابهة وذاك أن الند يقال فيما يشارك في الجوهر فقط ، والشبه يقال فيما يشاركه في الكيفية فقط ، والشكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط ، والمثل عام في جميع ذلك ، ولهذا لما أراد الله تعالى نفي التشبيه من كل وجه خصه بالذكر فقال : ليس كمثله شيء ، وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل ذلك لتأكيد النفي تنبيها على أنه لا يصح استعمال المثل ولا الكاف فنفى بليس الأمرين جميعا ، وقيل : المثل ههنا بمعنى الصفة ومعناه ليس كصفته صفة تنبيها على أنه وإن وصف بكثير مما يوصف به البشر فليست تلك الصفات له على حسب ما تستعمل في البشر.

وقوله :( لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى ) (٢) أي لهم الصفات الذميمة وله الصفات العلى.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور صحيح عندي.

ولعل المرادبالمدحة ما يدل على عظمة ذاته وصفاته بلا ملاحظة نعمة وبالثناء الاعتراف بنعمائه وآلائه والشكر عليها وضميرهي راجع إلى آداب الدعاء بقرينة المقام.

قوله : إنه وأمته هذا مبني على أن الخروج من الذنوب من شرائط إجابة الدعاء ، ويؤيده قوله تعالى :( إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) (٣) .

__________________

(١) الرعد : ٣٥.

(٢) النحل : ٦٠.

(٣) المائدة : ٢٧.

٦٣

٤ ـ وعنه ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله إلا أنه قال ثم الثناء ثم الاعتراف بالذنب.

٥ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان ، عن الحارث بن المغيرة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أردت أن تدعو فمجد الله عز وجل واحمده وسبحه وهلله وأثن عليه وصل على محمد النبي وآله ثم سل تعط.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عيص بن القاسم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن على ربه وليمدحه

_________________________________________

الحديث الرابع : موثق كالصحيح.

وضميرعنه راجع إلى أحمد والاعتراف والإقرار متقاربان بل مترادفان.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

والخمس الأول متقاربة ، ويحتمل العموم والخصوص في بعضها ، وقد يقال : التمجيد هو الله أكبر ، والتحميد هو الحمد لله ، والتسبيح سبحان الله ، والتهليل هو لا إله إلا الله ، والثناء هو عد نعم الله عليه ، ولا يبعد تعميمها ليشمل ما يؤدي تلك المعاني كما يطلق التمجيد على الحوقلة.

الحديث السادس : صحيح.

وفي النهاية في أسماء الله تعالىالعزيز هو الغالب القوي الذي لا يغلب ، والعزة في الأصل القوة والشدة والغلبة ، وقال في أسمائه تعالىالجبار ، ومعناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي ، يقال : جبر الخلق وأجبرهم ، وأجبر أكثر وقيل : هو العالي فوق خلقه ، وفي العدةالجواد هو المنعم المحسن الكثير الإنعام والإحسان ، والفرق بينه وبين الكريم أن الكريم الذي يعطي مع السؤال ، والجواد الذي يعطي من غير سؤال ، وقيل : بالعكس.

والجود السخاء ورجل جواد أي سخي ، ولا يقال لله تعالى سخي لأن أصل

٦٤

فإن الرجل إذا طلب الحاجة من السلطان هيأ له من الكلام أحسن ما يقدر عليه

_________________________________________

السخاوة يرجع إلى اللين ، يقال : أرض سخاوية وقرطاس سخاوي إذا كان لينا وسمي السخي سخيا للينه عند الحوائج.

وأقول : روي في الخصال والعيون أنه سأل رجل أبا الحسنعليه‌السلام وهو في الطواف فقال له : أخبرني عن الجواد فقال : إن لكلامك وجهين فإن كنت تسأل عن المخلوق فإن الجواد الذي يؤدي ما افترض الله عليه ، والبخيل من بخل بما افترض الله عليه ، وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن أعطى ، وهو الجواد إن منع ، لأنه إن أعطى عبدا أعطاه ما ليس له ، وإن منع منع ما ليس له.

وقال في النهاية :الأحد هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر ، وهو اسم بني لنفي ما معه من العدد ، تقول : ما جاءني أحد ، والهمزة فيه بدل من الواو ، وأصله وحد لأنه من الوحدة ، وفي حديث الدعاء أنه قال له سعد وكان يشير في دعائه بإصبعين أحد أحد أي أشر بإصبع واحدة ، لأن الذي تدعو إليه واحد ، وهو الله تعالى وقال : الواحد هو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر.

قال الأزهري : الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد بني لنفي ما يذكر معه من العدد تقول : ما جاءني أحد ، والواحد اسم بني لمفتتح العدد ، تقول : جاءني واحد من الناس ، ولا تقول : جاءني أحد من الناس ، ولا تقول : جاءني أحد فالواحد منفرد بالذات في عدم المثل والنظير ، والأحد منفرد بالمعنى وقيل : الواحد هو الذي لا يتجزى ولا يثني ولا يقبل الانقسام ولا نظير له ولا مثل ولا يجمع هذين الوصفين إلا الله تعالى.

وقال في العدة : الواحد والأحد اسمان يشملهما نفي الأبعاض عنهما. والأجزاء ، والفرق من وجوه : الأول : أن الواحد هو المتفرد بالذات والأحد هو المتفرد بالمعنى ، الثاني : أن الواحد أعم موردا لكونه يطلق على من يعقل وغيره ، ولا

٦٥

فإذا طلبتم الحاجة فمجدوا الله العزيز الجبار وامدحوه وأثنوا عليه تقول : « يا

_________________________________________

يطلق الأحد إلا على من يعقل ، الثالث : أن الواحد يدخل في الضرب والعدد ، ويمتنع دخول الأحد في ذلك.

روى الصدوق (ره) في التوحيد عن الصادقعليه‌السلام قال : قال الباقرعليه‌السلام الأحد الفرد المتفرد والحد والواحد بمعنى واحد وهو التفرد الذي لا نظير له ، والتوحيد الإقرار بالوحدة وهو الانفراد والواحد المتباين الذي لا ينبعث من شيء ولا يتحد بشيء ومن ثم قالوا إن بناء العدد من الواحد وليس الواحد من العدد ، لأن العدد لا يقع على الواحد ، بل يقع على الاثنين فمعنى قوله : الله أحد أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته فرد بإلهيته متعال عن صفات خلقه.

وقال البيضاوي :الصمد السيد المصمود إليه في الحوائج من صمد إذا قصد وهو الموصوف به على الإطلاق لأنه يستغني عن غيره مطلقا وكل ما عداه يحتاج إليه في جميع جهاته.

وفي النهاية الصمد هو السيد الذي انتهى إليه السؤدد ، وقيل : الدائم الباقي وقيل : الذي لا جوف له ، وقيل : الذي يصمد في الحوائج إليه أي يقصد ، وروي في التوحيد عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن الحسين بن عليعليهما‌السلام أنه قال : الصمد الذي لا جوف له ، والصمد الذي قد انتهى سؤدده ، والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب ، والصمد الذي لا ينام ، والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال.

وعنهعليه‌السلام قال : كان محمد بن الحنفيةرضي‌الله‌عنه يقول : الصمد القائم بنفسه الغني عن غيره ، وقال غيره : الصمد المتعالي عن الكون والفساد ، والصمد الذي لا يوصف بالتغاير ، وقال الباقرعليه‌السلام : الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه آمر وناه.

وعن علي بن الحسينعليه‌السلام قال : الصمد الذي لا شريك له ولا يؤده حفظ

٦٦

أجود من أعطى ويا خير من سئل يا أرحم من استرحم يا أحد يا صمد يا من

_________________________________________

شيء ولا يعزب عنه شيء وبإسناده عن أبي البختري قال : قال زيد بن عليعليه‌السلام قال : الصمد الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون ، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأشكالا وأزواجا وتفرد بالوحدة بلا ضد ولا شكل ولا مثل ولا ند.

وعنه عن الصادقعليه‌السلام قال : إن أهل البصرة كتبوا إلى الحسينعليه‌السلام يسألونه عن الصمد فكتب إليهم أنه سبحانه قد فسر الصمد فقال : لم يلد لم يخرج منه شيء كثيف كالولد ، وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ولا شيء لطيف كالنفس ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم الخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع ، تعالى عن أن يخرج منه شيء وأن يتولد منه شيء كثيف أو لطيف ، ولم يولد ولم يتولد من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشيء من الشيء والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع والثمار من الأشجار ولا كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب والنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شيء ولا في شيء ولا على شيء مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته يتلاشى ما خلق للفناء بمشية ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد فيعازه في سلطانه.

وجملة القول فيه أنه إما فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده أي السيد المقصود إليه في جميع الحوائج أو هو بمعنى الصمت أي الذي لا جوف له.

وقال بعض اللغويين هو الأملس من الحجر ، لا يقبل الغبار ، ولا يدخله شيء ولا يخرج منه شيء فعلى الأول عبارة عن وجوب الموجود والاستغناء المطلق واحتياج كل شيء في جميع أموره إليه أي الذي يكون عنده ما يحتاج إليه كل

٦٧

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ يا من لم يتخذ صاحِبَةً وَلا وَلَداً يا من

_________________________________________

شيء ويكون رفع حاجة الكل إليه ولم يفقد في ذاته شيئا مما يحتاج إليه الكل وإليه يتوجه كل شيء بالعبادة والخضوع ، وهو المستحق لذلك.

وأما على الثاني فهو عبارة عن أنه إحدى الذات أحدي المعنى ليست له أجزاء ليكون بين الأجزاء جوف ولا صفات زائدة فيكون بينهما وبين الذات جوف ، أو عن أنه الكامل بالذات ليس فيه جهة استعداد وإمكان ولا خلو له عما يليق به ، فلا يكون له جوف يصلح أن يدخله ما ليس له في ذاته فيستكمل به ، فالجوف كناية عن الخلو عما يصح اتصافه به.

وأما على الثالث فهو كناية عن عدم الانفعال والتأثر عن الغير وكونه محلا للحوادث ، كما روي عن الصادقعليه‌السلام أنه سئل عن رضا الله وسخطه فقال : ليس على ما يوجد من المخلوقين ، وذلك أن الرضا دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال ، لأن المخلوق أجوف معتمل مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه لأنه واحد واحدي الذات واحدي المعنى.

وقد بسطنا القول في ذلك في كتاب التوحيد من البحار.

« يا من لَمْ يَلِدْ » لتنزهه عن الشهوة ، والافتقار إلى الصاحبة والولد ، والمجانسة لشيء والولد يجانس الوالد ، وفيه رد على من أثبت له ولدا كاليهود والنصارى والمشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله وَلَمْ يُولَدْ لأنه لا يفتقر إلى شيء ولا سبقه عدم.

وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ أي ولم يكن له كفوا أحد أي ولم يكن أحد يكافئه أو يماثله عن صاحبة ولا غيرها وكان أصله أن يؤخر الظرف لأنه صلة لكن لما كان المقصود نفي المكافاة عن ذاته تعالى قدم تقديما للأهم.

ويجوز أن يكون حالا من المستكن في كفوا أو خبرا ويكون كفوا حال من أحد.

٦٨

...........................................................................

_________________________________________

وقال الطبرسيقدس‌سره سأل رجل علياعليه‌السلام عن تفسير سورة التوحيد فقال هُوَ اللهُ أَحَدٌ بلا تأويل عدد ، الصَّمَدُ بلا تبعيض بدد ، لَمْ يَلِدْ فيكون موروثا هالكا ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون إلها مشاركا ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ من خلقه كُفُواً أَحَدٌ ، وقال ابن عباس لَمْ يَلِدْ فيكون والدا ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون ولدا ، وقيل لَمْ يَلِدْ ولدا فيرث عنه ملكه ، وَلَمْ يُولَدْ فيكون قد ورث الملك عن غيره ، وقيل لَمْ يَلِدْ فيدل على حاجته ، فإن الإنسان يشتهي الولد لحاجته إليه ، وَلَمْ يُولَدْ فيدل على حدوثه ، وذلك من صفات الأجسام ، وفي هذا رد على القائلين بأن عزيرا والمسيح ابن الله تعالى ، وأن الملائكة بنات الله ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، كفوا له أي عديلا ونظيرا يماثله

وفي هذا رد على من أثبت له مثلا في القدم وغيره من الصفات ، وقيل : معناه ولم تكن له صاحبة وزوجة فتلد منه لأن الولد يكون من الزوجة فكني عنها بالكفو ، لأن الزوجة تكون كفوا لزوجها.

وقيل : أنه سبحانه بين التوحيد بقوله اللهُ أَحَدٌ ، وبين العدل بقوله : اللهُ الصَّمَدُ ، وبين ما يستحيل عليه من الوالد والولد بقوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، وبين ما لا يجوز عليه من الصفات بقوله : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ ، وفيه دلالة على أنه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا هو في مكان ولا جهة.

وقال بعض أرباب اللسان : وجدنا أنواع الشرك ثمانية : النقص والتقلب والكثرة والعدد وكونه علة ومعلولا ، والأشكال والأضداد ، فنفى الله سبحانه عن صفة نوع الكثرة والعدد بقوله : هو الله ، ونفى التقلب والنقص بقوله : اللهُ الصَّمَدُ ، ونفى العلة والمعلول بقوله : لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ، ونفى الأشكال والأضداد بقوله : وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ فحصلت الوحدانية البحت.

« ولا ولدا » اتخاذ الولد هو أن يجعل أحدا من عبيده بمنزلة الولد ، فذكر

٦٩

يَفْعَلُ ما يَشاءُ ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ ويقضي ما أحب يا من يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ يا من هو بالمنظر الأعلى يا من لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ يا سميع يا بصير وأكثر من أسماء الله عز وجل فإن أسماء الله كثيرة وصل على محمد وآله وقل اللهم أوسع علي من رزقك الحلال ما أكف به وجهي وأؤدي به عن أمانتي وأصل به رحمي

_________________________________________

عدم الولد لا يغني عنه« يا من يَفْعَلُ ما يَشاءُ » بمجرد المشية بلا آلة ولا روية ولا تعب ولا مشقة « ويَحْكُمُ ما يُرِيدُ » الحكم القضاء بالعدل أي يحكم بلا مانع بالعدل بين العباد ما يشاء من الفقر والغناء والصحة والسقم وغيرها ، ويقضي ما أحب على وفق الحكمة« يا سميع » أي من يسمع بغير جارحة ولا يعزب عن إدراكه مسموع« يا بصير » أي الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخافيها بغير جارحة.

« من رزقك الحلال » هو ما كان حصوله بطريق مشروع بظاهر الشرع لا الحلال الواقعي فإنه قوت المصطفين.

واختلفوا في أن الحرام رزق أم لا؟ فذهب إلى كل فريق ، فالحلال على الأول تقييد وعلى الثاني تأكيد« ما أكف به وجهي » أي عن ذل السؤال« وأؤدي به عن أمانتي» كذا في أكثر نسخ الكتاب وسائر كتب الأدعية وفي بعض النسخ عني أمانتي ، ويؤيده ما رواه السيد بن طاوس في كتاب الإقبال بإسناده عن الكاظم والصادقعليهما‌السلام في الدعاء عقيب كل فريضة في شهر رمضان : « واجعل فيما تقضي وتقدر أن تطيل عمري وتوسع على رزقي وتؤدي عني أمانتي وديني ، وفي رواية أخرى أيضا عن الصادق مثل ذلك ، وعلى الأخير لا يحتاج إلى تكلف وعلى الأول كلمة من أما زائدة أو بمعنى من أو للبدل كما في قوله تعالى :( لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ) (١) أو بتضمين معنى التجاوز والإعراض ، أو للتعليل إن كان المراد بالأمانة ضد الخيانة أي أؤدي به الحقوق بسبب أمانتي.

في القاموس : الأمانة ضد الخيانة و «إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » أي الفرائض المفروضة

__________________

(١) البقرة : ٤٨.

٧٠

ويكون عونا لي في الحج والعمرة

وقال إن رجلا دخل المسجد فصلى ركعتين ثم سأل الله عز وجل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عجل العبد ربه وجاء آخر فصلى ركعتين ثم أثنى على الله عز وجل وصلى على النبي وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سل تعط

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي

_________________________________________

أو النية التي تعتقدها فيما تظهره باللسان من الإيمان وتؤديه من جميع الفرائض في الظاهر لأن الله تعالى ائتمنه عليها ولم يظهرها لأحد من خلقه ، فمن أضمر التوحيد مثل ما أظهر فقد أدى الأمانة.

وفي النهاية : الأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان ، وقد جاء في كل منها حديث ، وفي حديث أشراط الساعة والأمانة مغتما أي يرى من في يده أمانة أن الخيانة فيها غنيمة قد غنمها ، وفيه : استودع الله دينك وأمانتك أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم ومالك الذي تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك.

وقال الطيبي في شرح المشكاة : فيه فإنكم أخذتموهن بأمانة الله أي بعهده وهو ما عهد إليهم من الرفق والشفقة ، انتهى.

والظاهر أن المراد هنا أداء بما ائتمنه عليه الناس وما لزمه من حقوقهم التي يمكن تداركها بالمال ، وربما يقرأ أؤدي بتخفيف الدال من قولهم آدى يؤدي كآوى يؤوي إذا قوي فعن بمعنى على ، فقال : المراد بالأمانة العبادات والقوة عليها وأداؤها موقوف على الرزق ، وفي الخبر لو لا الخبز ما صلينا ولا صمنا.

« عجل العبد ربه » حيث سأله قبل أن يجده ويثني عليه ، وتعديته إلى المفعول به لتضمين معنى السؤال ، وفيه دلالة على أن الحمد والثناء والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة غير كافية للسؤال عقيبها « سل تعطه » كان الهاء للسكت ، وفي بعض النسخ بدونها.

الحديث السابع : مجهول.

٧١

كهمس قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول دخل رجل المسجد فابتدأ قبل الثناء على الله والصلاة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عاجل العبد ربه ثم دخل آخر فصلى وأثنى على الله عز وجل وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سل تعطه ثم قال إن في كتاب عليعليه‌السلام إن الثناء على الله والصلاة على رسوله قبل المسألة وإن أحدكم ليأتي الرجل يطلب الحاجة فيحب أن يقول له خيرا قبل أن يسأله حاجته

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى عمن حدثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت آيتان في كتاب الله عز وجل أطلبهما فلا أجدهما قال وما هما قلت قول الله عز وجل : «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ » فندعوه ولا نرى إجابة قال أفترى الله عز وجل أخلف وعده قلت لا قال فمم ذلك قلت لا أدري قال لكني أخبرك من أطاع الله عز وجل فيما أمره ثم دعاه من جهة الدعاء أجابه قلت وما جهة الدعاء قال ـ تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ثم تشكره ثم تصلي

_________________________________________

ومضمونه ظاهر مما سبق وقوله : « إن في كتاب علي » من كلام الصادقعليه‌السلام .

الحديث الثامن : مرسل.

من« أطاع الله تعالى فيما أمره » أي جميع أوامره ، لأن الله تعالى قال :( أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) (١) أو إشارة إلى قوله تعالى :( وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) (٢) « ثم دعاه من جهة الدعاء » إشارة إلى أن الوعد مشروط بحصول شروط ورفع موانع ، ومن جملة الشروط ما ذكرهعليه‌السلام في هذا الخبر ، فقد يكون عدم حصول خصوص الأمر الذي دعا له لعدم تحقق هذه الشرائط وقد يكون لموانع تمنع من حصوله ، مع أن الاستجابة الموعودة أعم من أن يكون بإعطاء عين المسؤول أو ما هو أفضل منه عاجلا أو آجلا.

__________________

(١) البقرة : ٤٠.

(٢) الأعراف : ١٨٠.

٧٢

على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تذكر ذنوبك فتقر بها ثم تستعيذ منها فهذا جهة الدعاء ثم قال وما الآية الأخرى قلت قول الله عز وجل : «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » وإني أنفق ولا أرى خلفا قال أفترى الله عز وجل

_________________________________________

« وتستعيذ منها » وفي بعض النسخ وتستغفر منها وعلى الأول هو مستلزم للندامة والتوبة ، وقيل : كان الاستعاذة كناية عن التوبة ، وفيه دلالة على أن الدعاء محجوب بدون شرطه كما لا تصح صلاة بغير طهور ، ومن جملة شرائطه التوبة عن الذنوب كلها ، والعزم على عدم العود إليها ، وهذا الشرط لمن له صلاح ولله تعالى فيه عناية ، حيث يمنع إجابة دعائه تأديبا له حتى يخلص له النية ، ويطهر نفسه عن الذنوب المكدرة لصفاء قلبه ويدخل نفسه في خلص عباده وإلا فسيجيء أن دعاء العدو قد يكون أسرع إجابة من دعاء المحب حبا لسماع صوته وبغضا لسماع صوت العدو.

وقال بعض العامة : ومن شرائط قبوله أن لا يشتغل به في وقت مستحق لغيره كما لو اشتغل به في وقت وجوب فريضة فلا يتقبل من غاصب لأنه في كل آن مكلف بالاشتغال بالرد.

وقال بعضهم : الصواب خلاف ما ذكر ، وأنه يصح من المشتغل به في وقت عبادة أخرى ويأثم بالترك أو بتأخير تلك العبادة.

«وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ » قال في مجمع البيان : أي وما أخرجتم من أموالكم في وجوه البر فإنه سبحانه يعطيكم خلفه وعوضه ، إما في الدنيا بزيادة النعمة وإما في الآخرة بثواب الجنة ، يقال : أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه « وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ » لأنه يعطي لمنافع عباده لا لدفع ضرر أو جر نفع لاستحالة المنافع والمضار عليه ، وقال الكلبي : ما تصدقتم به في خير فهو يخلفه إما أن يجعله لكم في الدنيا أو يدخره لكم في الآخرة.

وروي عن جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : كل معروف صدقة ، وما وقى الرجل

٧٣

أخلف وعده قلت لا قال فمم ذلك قلت لا أدري قال لو أن أحدكم اكتسب المال من حله وأنفقه في حله لم ينفق درهما إلا أخلف عليه

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن أسباط عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من سره أن يستجاب له دعوته فليطب مكسبه

_________________________________________

به عرضه فهو صدقة ، وما أنفق المؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا ما كان من نفقة في بنيان أو معصية ، وعن أبي إمامة قال : إنكم تأولون هذه الآية في غير تأويلها «وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ »(١) وقد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول وإلا صمتا إياكم والسرف في المال والنفقة ، فعليكم بالاقتصاد فما افتقر قوم قط اقتصدوا ، انتهى.

وأقول : ظاهر الخبر أن الوعد بالإخلاف إنما هو في الدنيا ، ويمكن أن يكون على سبيل التنزل أي لو كان مقصورا على الدنيا فهو أيضا مشروط بشرط ويمكن أن يكون التخلف للإخلال بالشرط.

« من حله » الحل بالكسر وتشديد اللام ضد الحرام ، والضمير في الموضعين إما راجع إلى المال أو إلى أحدكم.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

« والمكسب » إما مصدر ميمي أو اسم مكان والفعل كضرب ، وطيب المكسب. هو أن يكون من حلال ، والمراد ما يصرفه في المأكل والملبس أو مطلقا وهو أظهر.

__________________

(١) سبأ : ٣٩.

٧٤

(باب)

(الاجتماع في الدعاء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عبد الله الواسطي ، عن درست بن أبي منصور ، عن أبي خالد قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما من رهط أربعين رجلا اجتمعوا فدعوا الله عز وجل في أمر إلا استجاب الله لهم ،

_________________________________________

باب الاجتماع في الدعاء

الحديث الأول : ضعيف.

وفي المصباح :الرهط ما دون العشرة من الرجال ليست فيهم امرأة وسكون الهاء أفصح من فتحها ، وهو جمع لا واحد له من لفظه ، وقيل : الرهط من سبعة إلى عشرة وما دون التسعة إلى الثلاثة نفر ، وقال أبو زيد : الرهط والنفر ما دون العشرة من الرجال ، وقال ثعلب أيضا : الرهط والنفر والقوم والمعشر والعشيرة معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم ، وهو للرجال دون النساء ، وقال ابن السكيت الرهط والعشير بمعنى ، ويقال : الرهط ما فوق العشرة إلى الأربعين قاله الأصمعي ، ونقله ابن فارس أيضا ورهط الرجل قومه وقبيلته الأقربون.

وفي النهاية : الرهط هم عشيرة الرجل وأهله من الرجال ما دون العشرة ، وقيل : إلى الأربعين ، ولا تكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه ، ويجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الجمع ، انتهى.

وقيل : المراد هنا الجماعة المتفقون في مقصد وأربعين بدل من الرهط ، وقوله : فأربعة مجرور بدلا من الرهط المحذوف بتقدير فما من رهط أربعة أو مرفوع بالابتداء ويدعون خبره والمستثنى منه فيقوله : إلا استجاب محذوف أي ما دعوا إلا استجاب وقوله : « فواحد » مرفوع بالابتداء ولا ينافي تنكيره مثل قولهم

٧٥

فإن لم يكونوا أربعين فأربعة يدعون الله عز وجل عشر مرات إلا استجاب الله لهم ، فإن لم يكونوا أربعة فواحد يدعو الله أربعين مرة فيستجيب الله العزيز الجبار له

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن يونس بن يعقوب ، عن عبد الأعلى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما اجتمع أربعة رهط قط على أمر واحد فدعوا الله إلا تفرقوا عن إجابة

_________________________________________

كوكب انتقض الساعة ، ويدعو خبره.

وأقول : ربما يتوهم التنافي بين هذا وبين ما مر من كون دعاء السر أكثر ثوابا ، ويمكن أن يجاب بوجهين :

أولهما : أن كون الاجتماع ادعى للإجابة لا ينافي كونه أقل ثوابا.

والثاني : أن يكون هذا لمن أمن الرياء وما مضى لمن لم يأمن ، مع أنه يمكن أن يدخل في زمرتهم ويخفى الدعاء عنهم لكنه بعيد.

وقيل : الظاهر أنه لا بد من دعاء كل واحد سواء كان الدعاء واحدا أو متعددا ، فإذا اجتمعوا في طلب الرزق مثلا ودعا كل منهم دعاء مأثورا غير ما دعا الآخرون من الأدعية المأثورة فيه يتحقق الاجتماع إذا دعا واحد وأمن الباقون كما يدل عليه خبر آخر.

ثم الظاهر أنه يعتبر في دعاء الأربعة ، عشر مرات ودعاء الواحد ، أربعين مرة أن يكون ذلك في مجلس واحد ، لأن ذلك قائم مقام اجتماع الأربعين.

الحديث الثاني : كالسابق وإن كان أقوى.

« أربعة رهط » أي رجال كقوله تعالى :( تِسْعَةُ رَهْطٍ ) (١) ولا ينافي ذلك كون مظنة الإجابة في الأربعين ، أكثر ، أو يحمل على ما إذا دعا كل منهم عشر مرات ، وقد يحمل الرهط على العشرة فيصير المجموع أربعين.

__________________

(١) النمل : ٤٨.

٧٦

٣ ـ عنه ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن علي بن عقبة ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبيعليه‌السلام إذا حزنه أمر جمع النساء والصبيان ثم دعا وأمنوا

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الداعي والمؤمن في الأجر شريكان

_________________________________________

الحديث الثالث : مرسل.

« إذا أحزنه أمر » في بعض النسخ إذا حزنه ، وفي النهاية : فيه كان إذا حزنه أمر صلى ، أي إذا نزل به مهم أو أصابه غم ، ومنه حديث علي نزلت كراية الأمور وحوازب الخطوب جمع حازب وهو الأمر الشديد : وقالآمين وأمين بالمد والقصر ، والمد أكثر اسم مبني على الفتح ، معناه اللهم استجيب لي ، وقيل : معناه كذلك فليكن يعني الدعاء ، يقال : أمن فلان يؤمن تأمينا.

وقال في المصباح : أمين بالقصر في الجواز والمد إشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على فاعيل ومعناه اللهم استجب. وقال أبو حاتم : معناه كذلك يكون ، وعن الحسن البصري أنه اسم من أسماء الله تعالى ، والموجود في مشاهير الأصول المعتمدة أن التشديد خطأ وقال بعضهم : التشديد لغة وهو وهم قديم ، انتهى.

وهذا الخبر يومئ إلى أن الرهط في الأخبار أعم من النساء والصبيان ويمكن حمل تلك الأخبار علي اجتماع الأجانب ، وهذا الخبر على الأهل والعيال ويؤيد الأول ما ورد من إخراج الأطفال والنساء في الاستسقاء فإنهم محل رحمة جبار الأرض والسماء.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٧٧

(باب)

(العموم في الدعاء)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا دعا أحدكم فليعم فإنه أوجب للدعاء

_________________________________________

باب العموم في الدعاء

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« فليعم » على بناء المجرد من باب نصر أي يدخل المؤمنين في دعائه وظاهره الدخول في اللفظ ففيه رخصة لتغيير الدعوات المنقولة من لفظ المتكلم مع الغير ، ويمكن الاكتفاء بالقصد أو يدعو بعد تلاوة الدعاء المنقول تشريكهم في دعائهفإنه أوجب للدعاء ، قيل : اللام للتعدية.

وأقول : كأنه من الوجوب لا من الجوب والإجابة أي ألزم للدعاء ولزوم الدعاء استحقاقه للإجابة ، قال في النهاية : فيه أن رجلا قال : يا رسول الله أي الليل أجوب دعوة؟ قال : جوف الليل الغابر أجوب ، أي أسرع إجابة كما يقال : أطوع ، من الطاعة ، وقياس هذا أن يكون من جانب لا من أجاب ، لأن ما زاد على العقل الثلاثي لا يبني منه أفعل من كذا إلا في أجوف جاءت شاذة ، قال الزمخشري : كأنه في التقدير : من جابت الدعوة بوزن فعلت بالضم كطالت أي صارت مستجابة كقولهم في فقير وشديد كأنهما من فقر وشدد وليس ذلك بمستعمل ، ويجوز أن يكون من جبت الأرض إذا قطعتها بالسير على معنى أمضى دعوة وأنفذ إلى مظان القبول. انتهى.

فيحتمل أن يكون في الرواية أجوب وما ذكرنا أظهر.

٧٨

(باب)

( م ن أبطأت عليه الإجابة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام جعلت فداك إني قد سألت الله حاجة منذ كذا وكذا سنة وقد دخل قلبي من إبطائها شيء فقال يا أحمد إياك والشيطان أن يكون له عليك سبيل حتى يقنطك إن أبا جعفر صلوات الله عليه كان يقول : إن المؤمن يسأل الله عز وجل حاجة فيؤخر عنه تعجيل إجابته حبا لصوته واستماع نحيبه ثم قال والله ما أخر الله عز وجل عن المؤمنين ما يطلبون من هذه الدنيا خير لهم مما عجل لهم فيها وأي شيء الدنيا إن أبا جعفرعليه‌السلام كان يقول ينبغي

_________________________________________

باب من أبطأت عليه الإجابة

الحديث الأول : صحيح.

وأبو الحسن هو الرضاعليه‌السلام وأبو جعفر هو الباقرعليه‌السلام ، وقيل : كذا وكذا كناية عن العدد المركب مع العطف كإحدى وعشرين.

« من إبطائها شيء » أي شبهة في وعده تعالى مع عدم الإجابة أو خفت أن لا أكون مستحقا للإجابة لشقاوتي أو حصول اليأس من روح الله ، وقوله : « أن يكون » بدل اشتمال للشيطان.

قوله عليه‌السلام : « فيؤخر عنه » على بناء المعلوم ونسبة التأخير إلى التعجيل مع أن الظاهر نسبته إلى الإجابة ، إما باعتبار أن المراد بتعجيل الإجابة إعطاء أثر القبول في الدنيا ، أو باعتبار أن المراد بالتأخير المنع أو باعتبارهما معا كذا قيل. والنحيب أشد البكاء ، وكان حبه تعالى ذلك كناية عن كون ذلك أصلح للمؤمن وبين ذلكبقوله : والله ما أخر الله. وكلمة « ما » في ما أخر الله مصدرية ، وفي« ما يطلبون » موصولة ، وفي« مما » إما موصولة أو مصدرية ، و « من » فيقوله : من هذه ، بيانية

٧٩

للمؤمن أن يكون دعاؤه في الرخاء نحوا من دعائه في الشدة ليس إذا أعطي فتر فلا تمل الدعاء فإنه من الله عز وجل بمكان وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم وإياك ومكاشفة الناس فإنا أهل البيت نصل من قطعنا ونحسن إلى من أساء إلينا فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة إن صاحب النعمة في الدنيا إذا سأل

_________________________________________

أو تبعيضية.

« فإنه » أي الدعاء من الله عز وجل« بمكان » أي بمنزلة عظيمة رفيعة يجب اشتغال عبده المؤمن به في جميع الأحوال ، وقيل : في هذا الكلام إشارة إلى وجوه كثيرة لتأخير الإجابة :

الأول : تحقير الدنيا وكون التأخير إلى الآخرة أصلح للمؤمن ، وإليه أشار تعالى بقوله :( وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً ) (١) .

الثاني : علم الله تعالى أن إجابته يصير سببا لفتوره في الدعاء بسبب الرخاء ، وفيه إشارة إلى أن من شرائط الإجابة عدم تركه الدعاء في الحالين.

الثالث : قلة صبره عن ترك المعاصي وفعل الواجبات ، أو هو إشارة إلى أن من شرائط الإجابة أن يكون صابرا عند تأخرها راجيا لها ملحا في الدعاء.

الرابع : عدم طيب مكسبه كما مر أو هو إشارة إلى أن من شرائط الإجابة عدم كون الدعاء متضمنا لطلب الحرام.

الخامس : قطع الرحم ، أو إشارة إلى عدم تضمن الدعاء قطعها.

السادس : من أسباب تأخير الإجابة مكاشفة الناس ، وفي القاموس : كاشفة بالعداوة : بأداة بها.

« العاقبة الحسنة » أي عاقبة ذلك حسنة في الدنيا والآخرة ، وفي بعض النسخ بالفاء أي نعافي بذلك من شرور الدنيا وأهلها ، والثواب الجزيل في الآخرة. ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى عدم الاهتمام في الدعاء على العدو.

__________________

(١) الإسراء : ١١.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

جالسا ذات يوم وعنده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذ دخل الحسينعليه‌السلام فأخذه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعله في حجره ، وقبّل بين عينيه ، وقبّل شفتيه ، وكان للحسينعليه‌السلام ست سنين. فقال عليعليه‌السلام : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتحبّ ولدي الحسين؟.قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف لا أحبه وهو عضو من أعضائي؟!. فقال : يا رسول الله ، أيّنا أحبّ إليك ، أنا أم الحسين؟. فقال الحسين : يا أبت ، من كان أعلى شرفا ، كان أحبّ إلى رسول الله وأقرب إليه منزلة. قال عليعليه‌السلام : أتفاخرني يا حسين؟.قال : نعم إن شئت يا أبتاه. فقالعليه‌السلام : أنا أمير المؤمنين ، أنا لسان الصادقين ، أنا وزير المصطفى حتّى عدّ من مناقبه نيّفا وسبعين منقبة ، ثم سكت. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام : أسمعت يا أبا عبد الله ، وهو عشر ما قاله من فضائله ، ومن ألف ألف فضيلة ، وهو فوق ذلك وأعلى. فقال الحسينعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين ، وعلى جميع المخلوقين. ثم قال : أمّا ما ذكرت يا أمير المؤمنين ، فأنت فيه صادق أمين. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أذكر أنت فضائلك يا ولدي. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا الحسين ابن علي بن أبي طالب ، وأمي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجدي محمّد المصطفى سيد بني آدم أجمعين ، لا ريب فيه. يا أبت أمي أفضل من أمك عند الله وعند الناس أجمعين ، وجدي خير من جدك وأفضل عند الله وعند الناس أجمعين ، وأبي خير من أبيك عند الله وعند الناس أجمعين ، وأنا في المهد ناغاني جبرائيل وتلقّاني إسرافيل. يا أبت أنت عند الله أفضل مني ، وأنا أفخر منك بالآباء والأمهات والأجداد. ثم اعتنق أباه فقبّله ، وعليّعليه‌السلام أيضا يقبّله ، ويقول : زادك الله شرفا وتعظيما وفخرا وعلما وحلما ، ولعن الله قاتليك يا أبا عبد الله.

١٤٤ ـ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوا الحسنين يتمتعان بي وأتمتّع بهما :

روي أنه لما ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه ، قال :ادعوا إليّ الحسن والحسينعليه‌السلام . قال : فجعل يلثمهما حتّى أغمي عليه. قال :فجعل عليعليه‌السلام يرفعهما عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ففتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه وقال : دعهما يتمتّعان مني وأتمتّع منهما ، فإنهما سيصيبهما بعدي أثرة».

١٤٥ ـ جبرائيل يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ٢٣٨ ط ٣)

في (كامل الزيارة) ص ٦٧ ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : بينا رسول

١٨١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمةعليها‌السلام ، والحسينعليه‌السلام في حجره ، إذ بكى وخرّ ساجدا ، ثم قال : يا فاطمة يا بنت محمّد ، إن العليّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذا ، ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد ، أتحبّ الحسينعليه‌السلام ؟. فقلت : نعم ، قرة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ. فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله ، وناصبه وناواه ونازعه. أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين ، في الدنيا والآخرة ، وسيد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين. وأبوه أفضل منه وخير ، فأقرئه السلام وبشّره بأنه راية الهدى ، ومنار أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خلقي ، وخازن علمي ، وحجتي على أهل السموات وأهل الأرضين ، والثقلين :الجن والإنس.

١٤٦ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٥٢)

في (البحار) سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك؟. قال : الحسن والحسين ، من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنّة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلّده النار.

أيها الناس ، من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة».

ولنعم ما قال القائل :

أخذ النبي يد الحسين وصنوه

يوما ، وقال وصحبه في مجمع

من ودّني يا قوم أو هذين أو

أبويهما ، فالخلد مسكنه معي

وعن أسامة بن زيد ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في بعض الحاجة ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء ، ما أدري ما هو!. فلما فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الّذي أنت مشتمل عليه؟. فكشف ، فإذا هو الحسن والحسينعليهما‌السلام على وركيه. فقال : هذان ابناي ، وابنا ابني. الله م إني أحبهما فأحبّهما ، وأحبّ من يحبّهما ، ألا فمن أحبّهما كان معي».

١٨٢

وفي (البحار) عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقال : إن ابنيّ هذين ، ربّيتهما صغيرين ودعوت لهما كبيرين ، وسألت الله أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيين ، فأجابني إلى ذلك.

وسألت أن يقيهما وشيعتهما من النار ، فأعطاني ذلك. وسألت الله أن يجمع الأمة على محبتهما ، فقال : يا محمّد ، إني قضيت قضاء وقدّرت قدرا ، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس ، وسيخفرون ذمتك في ولدك. وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك أن لا أحلّه محل كرامتي ولا أسكنه جنّتي ، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى يوم القيامة.

١٤٧ ـ السيدة عائشة تستغرب :(البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٢٦٠)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : كان الحسين بن عليعليهما‌السلام ذات يوم في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلاعبه ويضاحكه. فقالت عائشة : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي؟!. فقال لها : ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به ، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟. أما إن أمتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي».

١٤٨ ـ خبر فداء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسينعليه‌السلام بابنه إبراهيمعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٤ ط نجف)

عن تفسير النقاس بإسناده عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا ، إذ هبط جبرئيل بوحي من رب العالمين. فلما سرّي عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال : يا محمّد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : لست أجمعهما ، فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى إبراهيم فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمّه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأمّ الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أؤثر حزني على حزنهما. يا جبرئيل اقبض إبراهيم فديته بالحسين.

قال : فقبض بعد ثلاث. فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الحسينعليه‌السلام مقبلا قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته با بني إبراهيم.

١٨٣

* وسوف ترد قصة حبات اللؤلؤ السبع ، وهي التي حكاها رسول ملك الروم ليزيد ، في آخر الجزء الثاني من الموسوعة ، ضمن الحوادث التي حدثت في مجلس يزيد.

١٤٩ ـ مجلس الحسينعليه‌السلام :(ريحانة الرسول لأحمد فهمي محمّد ، ص ٣٩)

قال أحمد فهمي محمّد يصف مجلس الحسينعليه‌السلام : وكان مجلس الحسينعليه‌السلام مجلس وقار وعلم ، والناس من حوله يتحلقون ، يأخذون عنه ما يلقيه عليهم ، وهم في خشوع كأن على رؤوسهم الطير.

١٥٠ ـ خطابة الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٤٠)

وقد آتاه الله أعنّة الخطابة ، فكانعليه‌السلام طليق اللسان ، مشرق ديباجة البيان ، نديّ الصوت ، خلّاب المنطق. تتفجّر ينابيع الحكمة على لسانه ، وتتدفق سيول الموعظة حول بيانه. لا يتلكأ في منطقه ولا يتلجلج. إذا ما عنّ له أمر تدفّق تدفق اليعسوب ، وملأ الأسماع والقلوب.

١٥١ ـ عبادتهعليه‌السلام :(المجالس السنيّة للسيد الأمين ، ج ١ ص ٢٤)

روى ابن عساكر في (التاريخ الكبير) عن مصعب بن عبد الله ، قال : حج الحسينعليه‌السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإنّ نجائبه تقاد معه.

وفي (تذكرة الخواص) قال علماء السير : أقام الحسينعليه‌السلام بعد وفاة أخيه الحسنعليه‌السلام يحج في كل عام من المدينة إلى مكة ماشيا [المسافة نحو ٥٠٠ كم] إلى أن توفي معاوية وقام يزيد سنة ستين.

وروى ابن عبد ربه في (العقد الفريد) أنه قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما كان أقلّ ولد أبيك؟!. قال : العجب كيف ولدت أنا له ، ولقد كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يتفرغ للنساء؟.

وكانعليه‌السلام إذا توضأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حقّ لمن وقف بين يدي الجبار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

وحسبهعليه‌السلام وقوفه للصلاة في يوم عاشوراء ، والسهام تخطر بين يديه ، وقد وقف أمامه سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين البجلي يقيانه من النبل.

١٥٢ ـ كرم الحسينعليه‌السلام وحسن معاملته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٥٢)

قال الدكتور علي شلق : جاءت جارية تحمل في يدها زهيرات نضرات ، طفح

١٨٤

منها اللون الأخضر ، والعطر الأزهر. فقدّمتها إلى الحسينعليه‌السلام بعد أن سلّمت بخفر وحياء. فتناولهاعليه‌السلام بيده الكريمة ، وقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى.

عند ذلك تحرك أنس بن مالك ، وكان في مجلسه قائلا : ألهذا الحدّ يابن الأكرمين؟. تعتق جارية على طاقة ريحان؟!. فأجاب الحسينعليه‌السلام : كذا أدّبنا ربّنا ، ألم تسمع قوله تعالى :( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) [النساء :٨٦] وكان أحسن منها عتقها.

وفي (نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٨ : قيل كان بين الحسينعليه‌السلام وبين أخيه الحسنعليه‌السلام كلام ووقفة ، فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن واسترضه وطيّب خاطره ، فإنه أكبر منك. فقالعليه‌السلام : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أيّما اثنين بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر ، كان السابق سابقه إلى الجنّة ، وأكره أن أسبق أخي الأكبر إلى الجنّة. فبلغ قوله الحسنعليه‌السلام فأتاه وترضّاه.

١٥٣ ـ سخاؤه وتواضعهعليه‌السلام :

مرّ الحسينعليه‌السلام بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء ، فسلّم عليهم. فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال : لو لا أنه صدقة لأكلت معكم. ثم قال : قوموا إلى منزلي ، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

١٥٤ ـ رأفته بالفقراء والمساكين وإحسانه إليهم :

ولقد وجد على ظهر الحسينعليه‌السلام يوم الطف أثر ، فسئل زين العابدينعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

١٥٥ ـ إباء الحسينعليه‌السلام للضيم :(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١١٢)

أما إباؤهعليه‌السلام للضيم ومقاومته للظلم ، واستهانته القتل في سبيل الحق والعزّ ، فقد ضربت به الأمثال وسارت به الركبان.

فأول ذلك ما قاله الحسينعليه‌السلام حين دعاه والي المدينة إلى البيعة ليزيد ، وكان مروان بن الحكم حاضرا ، قال :

«إنا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة. بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

١٨٥

فقد أبىعليه‌السلام أن يبايع يزيد بن معاوية ، السكّير الخمّير ، صاحب القيان والطنابير ، واللاعب بالقرود والفهود ، والمجاهر بالكفر والإلحاد ، والاستهانة بالدين. بل قال لمروان : وعلى الإسلام السلام ، إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد.

وحين دعا مروان الوالي إلى قتل الحسين ، قالعليه‌السلام : ويلي عليك يابن الزرقاء ، أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ولؤمت. والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك.

ولما أحاط القوم بالحسينعليه‌السلام في كربلاء ، وقيل له : انزل على حكم بني عمك. قال : لا والله! لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد.

وقالعليه‌السلام : ألا وإن الدّعيّ ابن الدعي [يقصد عبيد الله بن زياد] قد ركز بين اثنتين : السّلّة (أي استلال السيوف) أو الذلةّ ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك لنا ، ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

١٥٦ ـ شجاعتهعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١١٥)

أما شجاعة الحسينعليه‌السلام فقد أنست شجاعة الشجعان وبطولة الأقران وفروسية الفرسان ، من مضى ومن سيأتي إلى يوم القيامة. فهو الّذي دعا الناس إلى المبارزة يوم كربلاء ، فلم يزل يقتل كل من برز إليه ، حتّى قتل مقتلة عظيمة.

وما أصدق وصف أحد الرواة للحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، حيث قال : والله ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه ، أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما منه. والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، وإن كانت الرجّالة لتشدّ عليه ، فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عن يمينه وعن شماله ، انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر.

١٥٧ ـ شجاعة موروثة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٦٦)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب ، لو ولد الناس كلهم كانوا شجعانا». وقد ورث الحسينعليه‌السلام الشجاعة من أبيه عليعليه‌السلام وجده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجده أبو طالبعليه‌السلام . وعليعليه‌السلام هو القائل : وأنا من رسول الله كالصّنو من الصنو ، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليّت عنها ، ولو

١٨٦

أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وهو القائل : جنونان لا أخلاني الله منهما : الشجاعة والكرم.

وقد ظهرت شجاعة الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء في أهل الكوفة ، بحيث ذكّرتهم بشجاعة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في غزواته وجولاته.

وما عسى أن يقول القائل فيمن جده محمّد المصطفى ، وأبوه علي المرتضى ، وأمه فاطمة الزهرا ، وجدته خديجة الكبرى ، وأخوه الحسن المجتبى ، مع ماله في نفسه من الفضائل التي لا تحصى!.

٦ ـ الذريّة والإمامة

إن من أكبر فضائل الإمام عليعليه‌السلام أن الله جعل ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلبه من فاطمة الزهراءعليها‌السلام كما جاء في عدة أحاديث سوف نذكرها. وإن من أكبر الفضائل التي حباها الله تعالى للحسينعليه‌السلام أن جعل الأئمة من ذريته ، أولهم زين العابدين وآخرهم المهديعليه‌السلام .

قال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة ، وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

١٥٨ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عصبة الحسن والحسينعليهما‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥١)

أخرج الحاكم عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبة ، إلا ولدي فاطمةعليهم‌السلام [أي الحسن والحسين] فأنا وليهما وعصبتهما».

وفي رواية الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٥ : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

ثم يقول الخوارزمي : والأخبار في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسمّي الحسن والحسينعليهما‌السلام ابنيه ، كالحصى لا تعدّ ولا تحصى.

وأخرج الطبراني عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليه ، إلا ولد فاطمة ، فأنا وليهم وأنا عصبتهم».

وفي (إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ، بهامش نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٣ : وفي رواية صحيحة قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

١٨٧

تعليق : هذه الخصوصية هي لأولاد مولاتنا فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط ، دون أولاد بقية بناته ، فلا يطلق عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أب لهم ، وأنهم بنوه ، بل يطلق عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه. وقد خصّ أولاد فاطمةعليهم‌السلام بهذا الفضل دون غيرها من بقية بناته لسببين : لأنها أفضلهن ، ولأنها هي الوحيدة التي أعقبت ذكرا ، فانحصرت فيها ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليهم‌السلام .

١٥٩ ـ الإمامة في الحسينعليه‌السلام وفي صلبه :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٠٦ ط نجف)

روى الأعرج عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨]. قال : جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، منهم مهديّ هذه الأمة.

* الاحتجاج على الحجّاج :

وقد وردت في الكتب قصة مع الحجّاج فيها استدلال على أن الحسن والحسينعليهما‌السلام أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وليس كما حاول الأمويون نفيه ، ومن بعدهم العباسيون ، وقالوا : إن أبناء البنت ليسوا من ذرية الرجل.

ولهذه القصة روايتان ؛ إحداهما تذكر أن الاستدلال كان من الشعبي وقد مرّت سابقا في الفقرة رقم ٣٤ ، والثانية أن الاستدلال كان من يحيى بن يعمر بحضور الشعبي ، وإليك الرواية الثانية بصيغتين.

يقول الخوارزمي في مقدمة مقتله :

ومن خذلان مبغضيهم المستحكم القواعد ، وإدبارهم المستحصف المقاعد ، وغوايتهم التي حشرتهم إلى دار البوار ، وشقاوتهم التي كبّتهم على مناخرهم في دركات النار ، أن حملهم بغض أحبّاء الله وأحباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن أنكروا أولاد عليعليهم‌السلام من فاطمةعليهم‌السلام أنهم أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمن أولئك الحجّاج المحجوج ، الحقود اللجوج. ثم ساق هذه القصة.

١٦٠ ـ قصة يحيى بن يعمر مع الحجّاج :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٥)

قال الخوارزمي : أخبرنا عاصم بن بهدلة عن يحيى بن يعمر العامري ، قال : بعث

١٨٨

إليّ الحجّاج ، فقال : يا يحيى أنت الّذي تزعم أن ولد علي من فاطمة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قلت له : إن أمّنتني تكلمت. قال : فأنت آمن. قلت : أقرأ عليك كتاب اللهعزوجل ، إن الله يقول :( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٣ ـ ٨٥].

وعيسىعليه‌السلام كلمة الله وروحه ألقاها إلى البتول العذراء ، وقد نسبه الله تعالى إلى إبراهيمعليه‌السلام .

قال الحجاج : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره؟. قال : ما أوجب الله تعالى على أهل العلم في علمهم( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) [آل عمران : ١٨٧]. قال : صدقت ، ولا تعودنّ لذكر هذا ولا نشره.

ثم قال الخوارزمي : وقد ابتلي المكابر الحجّاج ، بالمحجاج يحيى بن يعمر ، المؤيّد من الله بالجواب الصواب ، الّذي أوتي عند سؤاله فصل الخطاب لعن الله الحجّاج وكل ملعون من نسله ، وكل من انضوى إلى حفله ، واحتطب في حبله ، من مبغضي أهل البيتعليهم‌السلام ، ولعن الله من لم يلعن مبغضيهم ، وقاتليهم وسافكي دمائهم ، والذين أعانوا على قتلهم ، وأشاروا إليه ودلّوا عليه. انتهى كلامه.

١٦١ ـ رواية أخرى للقصة :

(آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ، ص ٤٢١)

يروى أن الحجاج أحضر يحيى بن يعمر ، وقال : أنت الّذي تقول : الحسين ابن علي من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : نعم. قال : فوالله لتأتينّ بالمخرج عما قلت ، أو لأضربنّ عنقك!. فقال يحيى : إن جئت بالمخرج فأنا آمن؟. قال : نعم.قال : اقرأ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ) [الأنعام : ٨٣] إلى قوله :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥]. فمن يعدّ عيسىعليه‌السلام من ذرية إبراهيم لا يعدّ الحسينعليه‌السلام من ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

فقال الحجاج : والله كأني ما قرأت هذه الآية قط!. فولاه قضاء المدينة ، وكان قاضيها إلى أن مات.

١٨٩

١٦٢ ـ رواية أشمل وأوسع للقصة :

(المنتخب للطريحي ج ٢ ص ٤٩١)

حكي عن الشّعبي الحافظ لكتاب الله تعالى ، أنه قال : استدعاني الحجاج ابن يوسف [الثقفي] في يوم عيد الضحيّة ، فقال لي : أيها الشيخ أي يوم هذا؟. فقلت : هذا يوم الضّحيّة. قال : بم يتقرّب الناس في مثل هذا اليوم؟. فقلت : بالأضحية والصدقة وأفعال البرّ والتقوى. فقال : اعلم أني قد عزمت أن أضحي برجل حسيني.

قال الشعبي : فبينما هو يخاطبني إذ سمعت خلفي صوت سلسلة وحديد ، فخشيت أن ألتفت فيستخفّني. وإذا قد مثل بين يديه رجل علوي ، وفي عنقه سلسلة وفي رجليه قيد من حديد.

فقال له الحجاج : ألست فلان بن فلان العلوي؟. قال : نعم ، أنا ذلك الرجل.فقال له : أنت القائل : إن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟. قال : ما قلت ولا أقول ، ولكني أقول : إن الحسن والحسينعليه‌السلام ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنهما دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، على رغم أنفك يا حجّاج!.

قال : وكان الحجاج متكئا على مسنده ، فاستوى جالسا ، وقد اشتدّ غيظه وغضبه ، وانتفخت أوداجه ، حتّى تقطّعت أزرار بردته ، فدعا ببردة غيرها فلبسها.

ثم قال للرجل : يا ويلك إن تأتيني بدليل من القرآن يدلّ أن الحسن والحسين ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، وإلا قتلتك في هذا الحين أشرّ قتلة. وإن أتيتني بما يدل على ذلك أعطيتك هذه البردة التي بيدي وخلّيت سبيلك!.

قال الشعبي : وكنت حافظا كتاب الله تعالى كله ، وأعرف وعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه ، فلم تخطر على بالي آية تدل على ذلك. فحزنت وقلت في نفسي : يعزّ والله عليّ ذهاب هذا الرجل العلوي. قال : فابتدأ الرجل يقرأ الآية ، فقال( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (١) [الفاتحة : ١] ، فقطع عليه الحجاج قراءته وقال : لعلك تريد أن تحتجّ عليّ بآية المباهلة ، وهي قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) [آل عمران : ٦١]؟. فقال العلوي : هي والله حجّة مؤكدة معتمدة ، ولكني آتيك بغيرها. ثم ابتدأ يقرأ :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥] وسكت. فقال له الحجاج : فلم لا قلت( وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أنسيت عيسى؟. فقال : نعم صدقت يا حجاج. فبأي شيء دخل

١٩٠

عيسىعليه‌السلام في صلب نوحعليه‌السلام وليس له أب؟. فقال له الحجاج : إنه دخل في صلب نوح من حيث أمه مريم. فقال العلوي : وكذلك الحسن والحسينعليه‌السلام دخلا في صلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمهما فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

قال : فبقي الحجاج كأنما ألقم حجرا. فقال له الحجاج : ما الدليل على أن الحسن والحسين إمامان؟. فقال العلوي : يا حجاج لقد ثبتت لهما الإمامة بشهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقهما ، لأنه قال في حقهما : «ولداي هذان إمامان فاضلان ، إن قاما وإن قعدا ، تميل عليهما الأعداء فيسفكون دمهما ويسبون حرمهما». ولقد شهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما بالإمامة أيضا حيث قال : «ابني هذا ـ يعني الحسين ـ إمام ابن إمام أبو أئمة تسعة».

فقال الحجاج : يا علوي والله لو لم تأتني بهذا الدليل من القرآن وبصحة إمامتهما ، لأخذت الّذي فيه عيناك ، ولقد نجّاك الله تعالى مما عزمت عليه من قتلك ، ولكن خذ هذه البردة لا بارك الله لك فيها. فأخذها العلوي وهو يقول : هذا من عطاء الله وفضله ، لا من عطائك يا حجّاج!.

وقد عمدنا في هذه الموسوعة على إدراج ترجمة لمن يرد ذكرهم من الأشخاص المشهورين ، نبدأ منهم بترجمة الحجّاج.

ترجمة الحجّاج

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٤ ص ٣٤٣)

قال الذهبي : أهلك الله الحجاج في شهر رمضان سنة ٩٥ ه‍ كهلا. وكان ظلوما جارا ناصبيا خبيثا سفّاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن.

قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين. ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة ، وحرب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات ، إلى أن استأصله الله. فنسبّه ولا نحبّه ، بل نبغضه في الله ، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله.

وفي (مروج الذهب) ج ٣ ص ١٧٥ ، قال المسعودي :

ومات الحجاج في سنة ٩٥ ه‍ وهو ابن ٥٤ سنة بواسط العراق ، وكان

١٩١

تأمّره على الناس عشرين سنة. وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفا ، ومات في حبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة ، منهن ستة عشر ألفا مجرّدة. وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد ، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر والبرد في الشتاء.

* ملاحظة عامة : تسالمنا على وضع إطار حول ترجمة الأشخاص ، يختلف حسب نوع الشخص ؛ فإن كان عدوا للحسينعليه‌السلام يكون الإطار متصلا ، وإن كان حياديا يكون الإطار منقطّا ، وإن كان من أنصار الحسينعليه‌السلام يكون الإطار مرقطّا (نقطة شحطة).

* قصيدة حاقدة ومعارضتها :

والآن نستعرض قصيدة صفي الدين الحلي الشاعر الشيعي المعروف ، في الردّ على المتعصب اللدود عبد الله بن المعتز ، الّذي أنكر في قصيدته أن يكون نسل الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة هم ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وادعى أن العباسيين أقرب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العلويين. ولم يعد هذا الشاعر في تعصبه جده المتوكل العباسي الّذي حاول حرث قبر مولانا الحسينعليه‌السلام .

١٦٣ ـ قصيدة عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي :

قال صاحب (روضات الجنات) : وكان عبد الله بن المعتز ذا نصب وعداوة شديدة لأهل البيتعليه‌السلام . ومن شعره قصيدته التي يهجو بها الطالبيين ويتحامل على العلويين ، منها :

ألا من لعين وتسكابها

تشكّى القذا وبكاها بها

ترامت بنا حادثات الزمان

ترامي القسيّ بنشّابها

ويا ربّ ألسنة كالسيوف

تقطّع أرقاب أصحابها

ويقول فيها :

ونحن ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يا بني بنته

ولكن بنو العمّ أولى بها

إلى أن يقول :

١٩٢

قتلنا أميّة في دارها

ونحن أحقّ بأسلابها

إذا ما دنوتم تلقّيتم

زبونا(١) أقرّت بجلّابها

١٦٤ ـ قصيدة صفي الدين الحلي في الردّ عليها :

فردّ الشاعر الشيعي صفي الدين الحلي (٦٧٧ ـ ٧٥٢ ه‍) عليه بهذه القصيدة ، وهي من غرر الشعر ، يقول :

[القصيدة]

ألا قل لشرّ عبيد الإله

وطاغي قريش وكذّابها

وباغي العباد وباغي العناد

وهاجي الكرام ومغتابها

أأنت تفاخر آل النّبيّ

وتجحدها فضل أحسابها؟

بكم باهل المصطفى أم بهم

فردّ العداة بأوصابها؟

أعنكم نفي الرجس أم عنهم

لطهر النفوس وألبابها؟

أما الرجس والخمر من دأبكم

وفرط العبادة من دأبها؟

* * *

وقلت : ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها؟

وعندك لا يورث الأنبياء

فكيف حظيتم بأثوابها؟

فكذّبت نفسك في الحالتين

ولم تعلم الشّهد من صابها(٢)

أجدّك(٣) يرضى بما قلته؟

وما كان يوما بمرتابها

وكان بصفين من حزبهم

لحرب الطغاة وأحزابها

وقد شمرّ الموت عن ساقه

وكشّرت الحرب عن نابها

فأقبل يدعو إلى «حيدر»

بإرغابها وبإرهابها

وآثر أن ترتضيه الأنام

من الحكمين لأسبابها

ليعطي الخلافة أهلا لها

فلم يرتضوه لإيجابها

وصليمع الناس طول الحياة

وحيدر في صدر محرابها

فهلا تقمّصها جدّكم

إذا كان إذ ذاك أحرى بها؟

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كان من بعض أربابها؟

__________________

(١) الزّبون : الناقة التي تدفع ولدها عن ضرعها.

(٢) الصاب : شجر له عصارة بيضاء بالغة المرارة.

(٣) يقصد بجدهم : عبد الله بن عباس.

١٩٣

أخامسهم كان أم سادسا؟

وقد جلّيت بين خطّابها

وقولك : أنتم بنو بنته

ولكن بنو العم أولى بها

بنو البنت أيضا بنو عمّه

وذلك أدنى لأنسابها

فدع في الخلافة فصل الخلاف

فليست ذلولا لركّابها

وما أنت والفحص عن شأنها

وما قمصّوك بأثوابها

وما ساورتك سوى ساعة

فما كنت أهلا لأسبابها

وكيف يخصّوك يوما بها؟

ولم تتأدّب بآدابها

* * *

وقلت : بأنكم القاتلون

أسود أميّة في غابها

كذبت وأسرفت فيما ادّعيت

ولم تنه نفسك عن عابها

فكم حاولتها سراة لكم

فردّت على نكص أعقابها

ولو لا سيوف أبي مسلم(١)

لعزّت على جهد طلّابها

وذلك عبد لهم لا لكم

رعى فيكم قرب أنسابها

وكنتم أسارى ببطن الحبوس

وقد شفّكم لثم أعتابها

فأخرجكم وحباكم بها

وألبسكم فضل جلبابها

فجازيتموه بشرّ الجزاء

لطغوى النفوس وإعجابها

* * *

فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف

وجاؤوا الخلافة من بابها

هم الزاهدون هم العابدون

هم الساجدون بمحرابها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابها

هم قطب ملّة دين الإله

ودور الرحى حول أقطابها

عليك بلهوك بالغانيات

وخلّ المعالي لأصحابها

ووصف العذارى وذات الخمار

ونعت العقار(٢) بألقابها

وشعرك في مدح ترك الصلاة

وسعي السّقاة بأكوابها

فذلك شأنك لا شأنهم

وجري الجياد بأحسابها

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٣١٧)

__________________

(١) هو أبو مسلم الخراساني الّذي قاد الثورة ضد الأمويين.

(٢) العقار : الخمر.

١٩٤

الفصل الخامس

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

التوراة ـ الإنجيل ـ كتاب إرميا

ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

ـ تشابه محنة يحيىعليه‌السلام مع محنة الحسينعليه‌السلام

٢ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيتهعليه‌السلام من بعده

ـ علم أهل البيتعليه‌السلام بالمغيبات :

ـ علوم الجفر الخاصة بأهل البيتعليه‌السلام

ـ الوصية الإلهية التي نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستشهاد الحسينعليه‌السلام

ـ روايات الإمام عليعليه‌السلام

ـ روايات أم سلمة وعائشة

ـ روايات الحسينعليه‌السلام والأئمةعليه‌السلام

ـ روايات ابن عباس

١٩٥

ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام

ـ إخبار الحسنينعليه‌السلام

ـ إخبار سلمان الفارسي

ـ إخبار أبي ذر الغفاري

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

١٩٦

الفصل الخامس :

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

تعريف بالفصل :

قبل وقوع حادثة كربلاء واستشهاد الحسينعليه‌السلام وأصحابه (رض) ، تواترت الأنباء باستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . منها ما كان على لسان جبرائيلعليه‌السلام أو على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه الأخبار جاءت بروايات مختلفة ، بعضها عن الإمام علي أو الأئمةعليه‌السلام ومنها على لسان أم سلمة وابن عباس (رض) ، ومنها على لسان الصحابة (رض).

وكانت متعددة في الأمكنة ومختلفة في الأزمنة. فبعضها في بيت فاطمة أو أم سلمة أو عائشة ، وبعضها في المسجد وقد قام النبي خطيبا في أصحابه ، وبعضها في الإسراء. ومرة قبل ولادة الحسينعليه‌السلام ، ومرة عند ولادته ، وعند بلوغه السنة ثم السنتين وهكذا. وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل مرة منها يرى حزينا مغموما ويبكي عليه.

وفي بعض هذه الروايات إخبار مجمل بشهادتهعليه‌السلام ، وفي بعضها الآخر تفصيل لكيفية شهادته ، ومن الذي يتولى قتله ، من يزيد الشنار ، أو عمر بن سعد صاحب الخزي والعار. وفي بعضها الآخر تعيين لمكان استشهادهعليه‌السلام في كربلاء أو عمورا أو على شط الفرات.

وثمة روايات معينة صدرت عن الإمام عليعليه‌السلام حين وروده كربلاء في طريقه إلى صفين ، كما صدرت عن عدد كبير من الأنبياء حين مروا بكربلاء ، وحدثت معهم حوادث غريبة ملفتة للنظر.

وسوف نبدأ الفصل بأنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة ، وإخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار القرآن في مطلع سورة مريم (كهيعص) عن استشهاد الحسينعليه‌السلام كما استشهد يحيى بن زكرياعليه‌السلام من قبله ، وإجراء مقارنة بينهما.

١٩٧

ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيته من بعده ، وأن ذلك كله مكتوب في الجفر ، الذي توارثه الأئمةعليهم‌السلام فكانوا يعلمون بما سيجزي عليهم. ثم إخبار الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه باستشهاد الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار الإمام عليعليه‌السلام وأم سلمة والأئمةعليهم‌السلام بذلك. ثم إخبار بقية الصحابة كسلمان المحمدي وأبي ذر الغفاري وغيرهم.

وينتهي الفصل بالأخبار التي حددت اسم قاتل الحسينعليه‌السلام .

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

١٦٥ ـ التوراة تخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام ومنزلة أصحابه :

(أمالي الصدوق مجلس ٢٩ رقم ٤ ص ٢٢٤)

عن سالم بن أبي جعدة ، قال : سمعت كعب الأحبار (وكان يهوديا) يقول : إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ، ولا يجفّ عرق دواب أصحابه حتى يدخل الجنة ، فيعانقوا الحور العين.

فمر بنا الحسنعليه‌السلام فقلنا : هو هذا؟ قال : لا. فمرّ بنا الحسينعليه‌السلام فقلنا :هو هذا؟ قال : نعم.

١٦٦ ـ في الإنجيل خبر مقتل الحسينعليه‌السلام :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٦)

قال رأس الجالوت (وهو من النصارى) ذلك الزمان : ما مررت بكربلاء إلا وأنا أركض دابتي ، حتى أخلف المكان ، لأنا كنا نتحدث أن ولد نبي يقتل بذلك المكان ، فكنت أخاف.

فلما قتل الحسينعليه‌السلام أمنت ، فكنت أسير ولا أركض.

١٦٧ ـ كتاب إرميا يخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(الخصائص الحسينية لجعفر التستري ، ص ١٣٧)

جاء في كتاب إرميا في (باسوق) من السيمان السادس والأربعين قوله : (كي ذبح لدوناي الوهيم صوا ووث بارض صافون ال نهر پرات). ويعني : يذبح ويضحى لرب العالمين شخص جليل في أرض الشمال بشاطىء الفرات.

١٩٨

١٦٨ ـ ما وجد منقوشا على بعض الأحجار :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٣ ط ٢ نجف)

وقال ابن سيرين : وجد حجر قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسمائة سنة مكتوب عليه بالسريانية ، فنقلوه إلى العربية ، فإذا هو :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

وقال سليمان بن يسار : وجد حجر مكتوب عليه :

لا بد أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

وسيرد شبيه هذا في الجزء الثاني من الموسوعة ، أول مسير السبايا والرؤوس من الكوفة إلى الشام.

١٦٩ ـ ما وجد مكتوبا على جدار إحدى كنائس الروم :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٦ ط نجف)

عن مشايخ بني سليم أنهم غزوا الروم ، فدخلوا بعض كنائسهم فإذا مكتوب هذا البيت :

أترجوا أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

قالوا : فسألنا منذ كم هذا مكتوب في كنيستكم؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام.

وحدث عبد الرحمن بن مسلم عن أبيه ، أنه قال : غزونا بلاد الروم ، فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من قسطنطينة ، وعليها شيء مكتوب. فسألنا أناسا من أهل الشام يقرؤون بالرومية ، فإذا هو مكتوب هذا البيت.

وفي رواية أخرى أن الروم كانوا يحفرون في بلادهم فوجدوا حجرا ، فقرؤوا عليه البيت السابق. (راجع مقتل العوالم ص ١١٠).

١٧٠ ـ لوح من ذهب يشهد بقتل الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ص ٩٣)

أخرج الحاكم عن أنس ، أن رجلا من أهل نجران ، حفر حفيرة فوجد لوحا من ذهب مكتوب فيه :

١٩٩

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

كتب إبراهيم خليل الله.

فجاء باللوح إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقرأه ثم بكى ، وقال : من آذاني وعترتي لم تنله شفاعتي.

١٧١ ـ القرآن يصف قتل الحسينعليه‌السلام بالفساد الكبير :

حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار ، وقدم المدينة ، جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن.

فقال كعب لهم : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا ، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم في قوله (ظهر الفساد في البر والبحر) وإنما فتح بقتل هابيل ويختم بقتل الحسين بن عليعليه‌السلام .

* * *

إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

١٧٣ ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام حين مرّوا بكربلاء :

(مقتل العوالم للشيخ عبد الله البحراني ج ١٧ ص ١٠١)

جاء في الأخبار أن جملة من الأنبياءعليهم‌السلام من آدم إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد مروا بأرض كربلاء ، وكانت تحدث لهم متاعب ومصاعب ، فيناجون الله ، فيخبرهم بأن سبب ذلك أن في هذه الأرض سيقتل سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين بن عليعليه‌السلام ويأمرهم بلعن قاتليه.

حصل ذلك لآدمعليه‌السلام وهو يبحث عن حواء فمر بكربلاء ، وكذلك حدث لنوحعليه‌السلام حين مرت سفينته فوق كربلاء ، وكذلك لابراهيم حين عثر به فرسه في كربلاء ، وكذلك لإسماعيل حين كان يرعى أغنامه بشط الفرات فحين وصلت إلى كربلاء امتنعت عن شرب الماء ، وكذلك لموسىعليه‌السلام حين انقطع شسع نعله هناك ، وكذلك لعيسىعليه‌السلام حين كان سائحا مع الحواريين فمروا بكربلاء حين رأوا أسدا كاسرا قابعا هناك.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594