مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34399 / تحميل: 6521
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن وهيب بن حفص ، عن أبي بصير قال سألته عن حية دخلت حبا فيه ماء وخرجت منه قال إن وجد ماء غيره فليهرقه.

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن رجل رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه هل يصلح له الوضوء منه فقال إن لم يكن شيء يستبين في الماء فلا بأس وإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه.

قال : وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فيقطر قطرة في إنائه هل يصلح الوضوء منه؟ قال : لا.

١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد ، عن صفوان

_________________________________________

صحيحة أبي حمزة ، ونقل عن ابن حمزة القول بالاستحباب وهو ضعيف ، وقيل : الحائض كالجنب في ذلك لمرفوعة محمد بن يحيى ، وأنكر المصنف في المعتبر الوجوب لقطع الرواية ، ولأنه لا سبيل لها إلى الطهارة بخلاف الجنب ، ثم حكم بالاستحباب وكان وجهه ما ذكرهرحمه‌الله من ضعف السند ، وما اشتهر بينهم من التسامح في أدلة السنن قولهعليه‌السلام : « ولا يحبسان » الظاهر أن المراد به مطلق المكث بقرينة المقابلة.

الحديث الخامس عشر : موثق.

قولهعليه‌السلام « فليهرقه » حمل على استحباب للسم.

الحديث السادس عشر : صحيح.

واستدل به الشيخ على أن ما لا يدركه الطرف من الدم لا ينجس القليل ، والمشهور خلافه ، وحملوا هذا الخبر على أنه علم إصابة الدم الإناء وشك في الوصول إلى الماء بقرينة السؤال الثاني.

الحديث السابع عشر : صحيح.

٢٠١

قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشتري ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشتري قد أصابني مثل ذلك فاشتريت وتوضأت وما يشترى بذلك مال كثير.

هذا آخر كتاب الطهارة من كتاب الكافي وهو خمسة وأربعون بابا ويتلوه كتاب الحيض إن شاء الله تعالى.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « وما يشتري بذلك » وفي بعض النسخ يسوؤني ، وفي بعضها « يسرني » وعلى نسخة « يشتري » ما موصولة أي الذي يشتري بهذا المال مال كثير من الثواب الأخروي فلا يبالي بكثرة المال ، وكذا على نسخة ـ يسرني ـ أي ما يصير سببا لسروري في الآخرة بسبب ذلك الشراء ثواب عظيم ، أو المراد سروري إن اشترى ذلك بمال كثير ، والحاصل أن كثرة الثمن أحب إلى ، ويحتمل أن تكون نافية ، والباء للعوض أي ما يسرني أن يفوت عني هذا ويكون لي مال كثير ، وعلى نسخة يسوؤني يتعين أن تكون نافية ، ويحتمل بعيدا أن تكون موصولة بنحو ما مر من التقريب.

٢٠٢

بسم الله الرحمن الرحيم

(كتاب الحيض)

(أبواب الحيض)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن الله تبارك وتعالى حد للنساء في كل شهر مرة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : «إِنِ ارْتَبْتُمْ » فقال ما جاز الشهر فهو ريبة.

_________________________________________

كتاب الحيض

باب الحيض

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني : حسن.

وظاهر هذا الخبر مخالف لكلام كافة الأصحاب ولكثير من الأخبار ، ويمكن حمله مع بعد على أن الريبة والاختلاط يحصل بهذا القدر وإن لم يترتب عليه الحكم المذكور في الآية أو المراد أنه مع تجاوز الشهر عن العادة تحصل الريبة المقصودة من الآية غالبا والله أعلم.

٢٠٣

(باب)

(أدنى الحيض وأقصاه وأدنى الطهر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن أحمد بن أشيم ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال ثلاثة وأكثره عشرة.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وأكثر ما يكون عشرة أيام.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن صفوان بن يحيى قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال أدناه ثلاثة وأبعده عشرة.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا يكون القرء في أقل من عشرة أيام فما زاد أقل

_________________________________________

باب أدنى الحيض وأقصاه وأدنى الطهر

الحديث الأول : مجهول ، والحكمان إجماعيان.

الحديث الثاني : حسن كالصحيح.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

« والقرء » بمعنى الطهر وهذا بيان وتوضيح لما سبقه قولهعليه‌السلام « فما زاد » الظاهر أنه معطوف على الأقل أي فصاعدا ، وقوله « أقل » مبتدأ و « عشرة » خبره والجملة مبنية للجملة السابقة ، وقال الشيخ البهائيرحمه‌الله : الفاء في قولهعليه‌السلام ـ فما زاد فصيحة أي فالقرء ما زاد ، ويمكن جعل ما زاد مبتدأ أو أقل مبتدأ ثانيا وعشرة خبره ، والجملة خبر المبتدأ الأول ، وقال في الحبل المتين : أي إذا كان

٢٠٤

ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أدنى الطهر عشرة أيام وذلك أن المرأة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم فيكون حيضها عشرة أيام فلا تزال كلما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام فإذا رجعت إلى ثلاثة أيام ارتفع حيضها ولا يكون أقل من ثلاثة أيام فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة فهو من الحيض وإن مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض إنما كان من علة إما من قرحة في جوفها وإما من الجوف فعليها أن

_________________________________________

كذلك فالقرء ما زاد على أقل من عشرة وقولهعليه‌السلام « أقل ما يكون عشرة » إلى آخره لعله إنما ذكرهعليه‌السلام للتوضيح ورفع ما عساه يتوهم من أن المراد بالقرء معناه الأخر ولفظة يكون تامة وعشرة بالرفع خبر أقل.

الحديث الخامس : مرسل.

قولهعليه‌السلام « تركت الصلاة » لا خلاف في أن ذات العادة الوقتية تترك العبادة بمجرد رؤية الدم إذا رأت في أيام عادتها.

قولهعليه‌السلام « فإذا استمر بها الدم » اختلف الأصحاب في اشتراط التوالي في الأيام الثلاثة فقال الشيخرحمه‌الله في الجمل : أقله ثلاثة أيام متواليات وهو اختيار المرتضى وابني بابويه ، وقال في النهاية : إن رأت يوما أو يومين ثم رأت قبل انقضاء العشرة ما يتم. به ثلاثة فهو حيض وإن لم ير حتى يمضي عشرة فليس بحيض ، واحتج عليه برواية يونس ، وهي ضعيفة مرسلة ، ويظهر من روض الجنان أنه على

٢٠٥

تعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم تكن حائضا فيجب أن تقضي ما تركت من الصلاة في اليوم واليومين وإن تم لها ثلاثة أيام فهو من الحيض وهو أدنى الحيض ولم يجب عليها القضاء ولا يكون الطهر أقل من عشرة أيام فإذا حاضت المرأة وكان حيضها خمسة أيام ثم انقطع الدم اغتسلت وصلت فإن رأت بعد ذلك الدم ولم يتم لها من يوم طهرت عشرة أيام فذلك من الحيض تدع الصلاة وإن رأت الدم من أول ما رأت الثاني الذي رأته تمام العشرة أيام ودام عليها عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام ثم هي مستحاضة تعمل ما تعمله المستحاضة.

_________________________________________

القول بعدم اشتراط التوالي لو رأت الأول والخامس والعاشر فالثلاثة حيض لا غير ، ومقتضاه أن أيام النقاء طهر.

وقال في المدارك : هو مشكل لأن الطهر لا يكون أقل من عشرة إجماعا ، وأيضا فقد صرح المصنف في المعتبر ، والعلامة في المنتهى وغيرهما من الأصحاب بأنها لو رأت ثلاثة ثم رأت العاشر كانت الأيام الأربعة وما بينهما من أيام النقاء حيضا والحكم في المسألتين واحد ، واختلف الأصحاب في المعنى المراد من التوالي فظاهر الأكثر الاكتفاء فيه برؤية الدم في كل يوم من الأيام الثلاثة وقتا ما عملا بالعموم وقيل يشترط اتصاله في مجموع الثلاثة الأيام ، ورجح بعض المتأخرين اعتبار حصوله في أول الأول وآخر الأخر وفي أي جزء كان من الوسط وهو بعيد.

قولهعليه‌السلام « من يوم طهرت » أي من آخر يوم كانت طاهرة قبل الحيض ، أو آخر جزء من طهرها السابق أو المراد يتم لها من يوم طهرت مع ما رأت من الدم قبله عشرة فالمراد حصول تتمة العشرة من ذلك اليوم.

قولهعليه‌السلام « تمام العشرة » أي تتمة العشرة مع الدم السابق والنقاء المتخلل

٢٠٦

وقال : كل ما رأت المرأة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض وكل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض.

(باب)

(المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بعد طهرها)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة فهو من الحيضة الأولى وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن المرأة ترى الدم قبل وقت حيضها فقال إذا رأت الدم قبل وقت حيضها فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت

_________________________________________

والظاهر أنها ذات عادة كما يظهر من أول الخبر ، وحمله بعض الأصحاب على ما إذا صادف الدم الثاني جزءا من العادة ، ويشكل حينئذ الحكم يكون العشرة مطلقا حيضا ، إلا أن يحمل على كون عادتها عشرة والأولى حملها على غير ذات العادة أو على أنها تعمل عمل الحيض إلى العشرة استظهارا كما ذهب إليه المرتضىرحمه‌الله .

باب المرأة ترى الدم قبل أيامها أو بعد طهرها

الحديث الأول : حسن.

ويمكن أن يكون مبدء العشرة الأولى أول الحيض ومبدأ العشرة الثانية منتهاه وأن يكون مبدؤهما في الموضعين مبدأ الحيض ، فالمراد بكونها من الحيضة الثانية أنها من مقدماتها لا أنها يحكم عليها أنها حيض وأن يكون مبدؤهما منتهاه فالمراد بكونها من الحيضة الأولى أنها من توابعها التي نشأت منها.

الحديث الثاني : موثق.

ويدل على أن أكثر الاستظهار ثلاثة ، ونقل في المعتبر إجماع الأصحاب على

٢٠٧

فإذا كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضي أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام ولم ينقطع عنها الدم فلتصنع كما تصنع المستحاضة.

٣ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كانت أيام المرأة عشرة أيام لم تستظهر وإذا كانت أقل استظهرت.

(باب)

(المرأة ترى الصفرة قبل الحيض أو بعده)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان

_________________________________________

ثبوت الاستظهار لذات العادة مع استمرار الدم إذا كانت عادتها دون العشرة بترك العبادة ، واختلف في وجوب الاستظهار واستحبابه فالمشهور بين القدماء الأول وبين المتأخرين الثاني واختلف أيضا في عدده فقال الشيخ في النهاية : تستظهر بيوم أو يومين بعد العادة ، وهو قول الصدوق والمفيد ، وقال المرتضىرحمه‌الله : إلى العشرة والظاهر من الأخبار التخيير بين اليوم واليومين والثلاثة واختاره صاحب المدارك وقال أيضا فيه ذكر المصنف وغيره أن الدم متى انقطع على العاشر تبين كون الجميع حيضا فيجب عليها قضاء صوم العشرة وإن كانت قد صامت بعد انقضاء العادة لتبين فساده دون الصلاة ، وإن تجاوز العشرة تبين أن ما تجاوز عن العادة طهر كله فيجب عليها قضاء ما أخلت به من العبادة في ذلك الزمان ويجزيها ما أتت به من الصلاة والصيام لتبين كونها طاهرا ، وعندي في هذه الأحكام توقف لعدم الظفر بما يدل عليها من النصوص والمستفاد من الأخبار أن ما بعد أيام الاستظهار استحاضة وأنه لا يجب قضاء ما فاتها في أيام الاستظهار مطلقا انتهى ، وهو جيد.

الحديث الثالث : مرسل.

باب المرأة ترى الصفرة قبل الحيض أو بعده

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

٢٠٨

عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها فقال لا تصلي حتى تنقضي أيامها وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة ترى الصفرة فقال إن كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض وإن كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن إسماعيل الجعفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا رأت المرأة الصفرة قبل انقضاء أيام عدتها لم تصل وإن كانت صفرة بعد انقضاء أيام قرئها صلت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن خالد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر عن المرأة ترى الصفرة فقال ما كان قبل الحيض فهو من الحيض وما كان بعد الحيض فليس منه.

٥ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن معاوية بن حكيم قال قال الصفرة قبل الحيض بيومين فهو من الحيض وبعد أيام الحيض ليس من الحيض وهي في أيام الحيض حيض.

_________________________________________

وهذه الأخبار وخبر يونس المتقدم تدل على أن الاستظهار لا يكون إلا إذا كان الدم عبيطا أسود فلا تغفل ،

الحديث الثاني : حسن أو موثق.

قولهعليه‌السلام « وإن كان بعد الحيض بيومين » لعل المراد به ما تراه بعد يومئ الاستظهار ويكون المراد بقولهعليه‌السلام فليس من الحيض أنه ليس ظاهرا منها وإن كان مع الانقطاع يحكم بكونه حيضا.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : ضعيف.

الحديث الخامس : صحيح مقطوع.

٢٠٩

(باب)

(أول ما تحيض المرأة)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض فتقعد في الشهر في يومين وفي الشهر ثلاثة أيام ويختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها أن تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم تجز العشرة فإذا اتفق الشهران عدة أيام سواء فتلك أيامها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة قلت فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال تصلي قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة قلت فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة؟

_________________________________________

باب أول ما تحيض المرأة

الحديث الأول : موثق.

قولهعليه‌السلام « وتدع الصلاة » ظاهره أن الحيض يكون أقل من ثلاثة وهو مخالف للإجماع فيمكن أن يكون المراد أنها تحيض في الشهر يومين ثم تنقطع فتراه قبل العشرة ، وقيل فيه تأويلات بعيدة.

قولهعليه‌السلام « عدة أيام سواء » يفهم منه أنه لا عبرة باستواء الاثنين كما وقع في كلام السائل ، فتأمل.

الحديث الثاني : حسن ، أو موثق.

وهو مخالف لما أجمعوا عليه من كون أقل الطهر عشرة ، ويمكن أن يكون المراد أنها ترى الدم بصفة الاستحاضة ثلاثة أو أربعة في ضمن العشرة التي هي أيام الطهر لا متصلا بما رأته في الثلاثة أو الأربعة بصفة الحيض وإن لأن بعيدا جدا ، والظاهر

٢١٠

قال؟ تصلي قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة تصنع ما بينها وبين شهر فإذا انقطع الدم عنها وإلا فهي بمنزلة المستحاضة.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد رفعه ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها فقال أقراؤها مثل أقراء نسائها فإن كانت نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام.

(باب)

(استبراء الحائض)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار وغيره ، عن يونس عمن حدثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن امرأة انقطع عنها الدم فلا تدري أطهرت أم لا قال تقوم قائما وتلزق بطنها بحائط وتستدخل قطنة بيضاء وترفع

_________________________________________

أن هذا حكم المبتدئة في الشهر الأول كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، والعمومات مخصصة به.

الحديث الثالث : مرفوع.

والمراد بالنساء إما أقران البلد أو الأقارب ولم يظهر منه الترتيب والتفصيل اللذين ذكر هما الأصحاب ، ولا يخفى أن الظاهر من هذا الخبر التخيير بين الثلاثة والعشرة وإن لم يكن أظهر مما ذكره الأصحاب من كون الثلاثة في شهر والعشرة في آخر فلا يمكن الاستدلال به على مطلوبهم كما لا يخفى

باب استبراء الحائض

الحديث الأول : مرسل.

وفي الصحاح العبيط الدم الخالص الطري وحمل الأكثر تلك الخصوصيات على الاستحباب والأحوط الإتيان به كما ورد في الخبر

٢١١

رجلها اليمنى فإن خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر وإن لم يخرج فقد طهرت تغتسل وتصلي.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا أرادت الحائض أن تغتسل فلتستدخل قطنة فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل وإن لم تر شيئا فلتغتسل وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن الحسن الطاطري ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن ابن مسكان ، عن شرحبيل الكندي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت كيف تعرف الطامث طهرها قال تعتمد برجلها اليسرى على الحائط وتستدخل الكرسف بيده اليمنى فإن كان ثم مثل رأس الذباب خرج على الكرسف.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

وهذا شامل لما كان في العادة أو بعدها في العشرة وحمل على ما بعد العادة بل الاستظهار أيضا.

الحديث الثالث : ضعيف.

ويمكن أن يكون خرج جزاء الشرط وأن يكون الجزاء محذوفا ، وقال في المدارك : الحائض متى انقطع دمها ظاهرا لدون العشرة وجب عليها الاستبراء وهو طلب براءة الرحم من الدم بإدخال القطنة والصبر هنيئة ثم إخراجها لتعلم النقاء وعدمه ، والظاهر حصوله بأي كيفية اتفقت لا طلاق قولهعليه‌السلام في صحيحة محمد بن مسلم ، والأولى أن تعتمد برجلها اليسرى على حائط أو شبهه ، وتستدخل القطنة بيدها اليمنى لرواية شرحبيل.

الحديث الرابع : صحيح والظاهر أنهن كن ينظرن في الفرج وكانعليه‌السلام يعيب ذلك ويقول ما كان

٢١٢

عليه‌السلام : أنه بلغه أن نساء كانت إحداهن تدعو بالمصباح في جوف الليل تنظر إلى الطهر فكان يعيب ذلك ويقول متى كانت النساء يصنعن هذا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ثعلبة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كان ينهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن في المحيض بالليل ويقول إنها قد تكون الصفرة والكدرة.

٦ ـ علي بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن محمد بن علي البصري قال سألت أبا الحسن الأخيرعليه‌السلام وقلت له إن ابنة شهاب تقعد أيام أقرائها فإذا هي اغتسلت رأت القطرة بعد القطرة قال فقال مرها فلتقم بأصل الحائط كما يقوم الكلب ثم تأمر امرأة فلتغمز بين وركيها غمزا شديدا فإنه إنما هو شيء يبقى في الرحم يقال له الإراقة وإنه سيخرج كله ثم قال لا تخبروهن بهذا وشبهه وذروهن وعلتهن القذرة قال ففعلت بالمرأة الذي قال فانقطع عنها فما عاد إليها الدم حتى ماتت.

_________________________________________

نساء النبي أو النساء في زمنهعليه‌السلام يضعن ذلك بل كن يتخذن الكرسف وكان الليل لأن نور السراج فيه أظهر وعليه ينبغي حمل الخبر الثاني أيضا. قولهعليه‌السلام « إنها قد تكون الصفرة والكدرة » أي أنهما لا تظهران بالسراج في الفروج ، ويحتمل أن يكون المراد من الخبر الثاني مطلق الملاحظة في الليل سواء كان على الكرسف أو في الفرج لأن الصفرة الضعيفة لا تظهر فيها ، لكنه بعيد.

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مرسل مجهول.

قولهعليه‌السلام « لا تخبروهن » الظاهر أن الضمير راجع إلى نساء العامة ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد مطلق النساء.

٢١٣

(باب)

(غسل الحائض وما يجزئها من الماء)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن النساء اليوم أحدثن مشطا تعمد إحداهن إلى القرامل من الصوف تفعله الماشطة تصنعه مع الشعر ثم تحشوه بالرياحين ثم تجعل عليه خرقة رقيقة ثم تخيطه بمسلة ثم تجعله في رأسها ثم تصيبها الجنابة فقال كان النساء الأول إنما يمتشطن المقاديم فإذا أصابهن الغسل بقذر مرها أن تروي رأسها من الماء وتعصره حتى يروى فإذا روي فلا بأس عليها قال قلت فالحائض قال تنقض المشط نقضا.

_________________________________________

باب غسل الحائض وما يجزيها من الماء

الحديث الأول : حسن.

وقال في الصحاح : القرامل ما تشد المرأة في شعرها ، وقال المسألة بالكسر واحدة المسال وهي الإبر العظام.

قولهعليه‌السلام « إنما يمشطن المقاديم » أي كن يجمعنه فلا يمنع من وصول الماء بسهولة قوله « بقذر » أي بجنابة ، وقال في المنتقى قوله : إذا أصابهن الغسل تغدر ، معناه تترك الشعر على حاله ولا تنقض ، قال في القاموس : غدرة تركه وبقاه كغادره انتهى ، وفيما عندنا من النسخ بالقاف والذال كما ذكرنا.

قولهعليه‌السلام « تنقض المشط نقضا » محمول على الاستحباب لأن الجنابة أكثر وقوعا من الحيض والنقض في كل مرة لا يخلو من عسر وحرج بخلاف الحيض فإنها في الشهر مرة وأيضا الخباثة الحاصلة من الحيض أكثر منها من الجنابة ، فتأمل

٢١٤

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن حسن الصيقل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الطامث تغتسل بتسعة أرطال من ماء.

٣ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة الحائض ترى الطهر وهي في السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة قال إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم تتيمم وتصلي قلت فيأتيها زوجها في تلك الحال قال نعم إذا غسلت فرجها وتيممت فلا بأس.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأها.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

وحمل على المدني كما ذكره الصدوق (ره) وبه خبر أيضا وكثير من الأخبار يدل على أن معناه مقدار الماء للحيض أكثر منه للجنابة.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ويدل على اشتراط الغسل للجماع وجوبا أو استحبابا وعلى جواز التيمم بدلا منه فيه.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على أن التسعة الأرطال على الاستحباب.

الحديث الخامس : موثق.

وحمل على لون الزعفران أو على الزعفران القليل الذي لم يمنع من وصول

٢١٥

في الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران لم يذهب به الماء قال لا بأس.

(باب)

(المرأة ترى الدم وهي جنب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة يجامعها زوجها فتحيض وهي في المغتسل تغتسل أو لا تغتسل قال قد جاءها ما يفسد الصلاة فلا تغتسل.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة قال غسل الجنابة والحيض واحد.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن

_________________________________________

الماء ولم يصر سببا لصيرورته مضافا.

باب المرأة ترى الدم وهي جنب

الحديث الأول : حسن.

واستدل بهذا الخبر على أن غسل الجنابة واجب لغيره ويمكن حمل النهي على عدم تضيق الوجوب أو على أن الغسل لا يتبعض بالنظر إلى الإحداث بل هو رفع الحدث مطلقا كالوضوء فإذا حدث هذا الحدث لا يجوز الغسل لرفع الجنابة دونه.

الحديث الثاني : صحيح.

وقال الوالد العلامةقدس‌سره : الذي يظهر منه أن المراد أنه يكفي غسل واحد بعد طهرها لجنابتها وحيضها فلا تحتاج إلى أن تغتسل الان غسل الجنابة ، أو المراد أنه بعد الطهر لا تحتاج إلى تعدد الغسل فإنهما واحد الكيفية وكل واحد منهما يجزى عن الأخر.

٢١٦

سعيد بن يسار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المرأة ترى الدم وهي جنب أتغتسل من الجنابة أم غسل الجنابة والحيض فقال قد أتاها ما هو أعظم من ذلك.

(باب)

(جامع في الحائض والمستحاضة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن غير واحد سألوا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحائض والسنة في وقته فقال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سن في الحائض ثلاث سنن بين فيها كل مشكل لمن سمعها وفهمها حتى لا يدع لأحد مقالا فيه بالرأي أما إحدى السنن فالحائض التي لها أيام معلومة قد أحصتها بلا اختلاط عليها ثم استحاضت واستمر بها الدم وهي في ذلك تعرف أيامها ومبلغ عددها فإن امرأة يقال لها : فاطمة بنت أبي حبيش استحاضت فاستمر بها الدم فأتت أم سلمة

_________________________________________

الحديث الثالث : مجهول ويؤيد ما ذكرنا في الخبر الأول أخيرا.

باب جامع في الحائض والمستحاضة

الحديث الأول : مرسل كالصحيح.

قولهعليه‌السلام : « تعرف أيامها ». أي وقتها من الشهر.

قولهعليه‌السلام : « أو قدر حيضها » حمل على ما إذا لم ينقطع على العشرة.

قولهعليه‌السلام : « عزف » كذا في أكثر النسخ بالزاي والفاء ، قال في القاموس : عزفت نفسي عنه زهدت فيه وانصرفت عنه وفي بعض النسخ عرق ، وروي في المشكاة هكذا كأنما ذلك عرق وليس بحيض بالعين المهملة والراء المهملة والقاف ، وقال الطيبي : معناه أن ذلك دم عرق وليس بحيض. وقال في شرح المصباح : معناه أن ذلك دم عرق انشق وليس بحيض تميزه القوة المولدة بإذن الله من أجل الجنين وتدفعه إلى الرحم في مجاريه المعتادة ويجتمع فيه ولذلك يسمى حيضا من قولهم استحوض الماء أي اجتمع فإذا كثر وأخذه الرحم ولم يكن جنين ، أو كان أكثر مما

٢١٧

فسألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك فقال تدع الصلاة قدر أقرائها أو قدر حيضها وقال إنما هو عرق وأمرها أن تغتسل وتستثفر بثوب وتصلي.

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام هذه سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التي تعرف أيام أقرائها لم تختلط عليها ألا ترى أنه لم يسألها كم يوم هي ولم يقل إذا زادت على كذا يوما فأنت مستحاضة وإنما سن لها أياما معلومة ما كانت من قليل أو كثير بعد أن تعرفها وكذلك أفتى أبيعليه‌السلام وسئل عن المستحاضة فقال إنما ذلك عرق غابر أو ركضة من الشيطان فلتدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة قيل وإن سال قال وإن سال مثل المثعب قال أبو عبد اللهعليه‌السلام هذا تفسير حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو موافق له فهذه سنة التي تعرف أيام أقرائها لا وقت لها إلا أيامها قلت أو كثرت.

وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من الشهر فإن سنتها غير ذلك و

_________________________________________

يحتمله ينصب عنه.

قولهعليه‌السلام : « إن تغتسل » أي غسل الانقطاع ، وفي الصحاح استثفر الرجل بثوبه إذا رد طرفه بين رجليه إلى حجزته.

قولهعليه‌السلام : « غابر » قال في الصحاح : غبر الجرح بالكسر غبرا اندمل على فساد ثم ينقص بعد ذلك ، ومنه سمي العرق الغبر بكسر الباء لا يزال ينتقض ، وفي روايات العامة عاند ، قال في النهاية : منه حديث المستحاضة أنه عرق عاند شبه به لكثرة ما تخرج منه على خلاف عادته ، وقيل : العاند الذي لا يرقى انتهى. وقال في الصحاح : في حديث الاستحاضة إنما هي ركضة من الشيطان يريد الدفعة ، وقال في المغرب : قوله في الاستحاضة : إنما هي ركضة من ركضات الشيطان ، فإنما جعلها كذلك لأنه آفة وعارض والضرب والإيلام من أسباب ذلك ، وإنما أضيفت

٢١٨

ذلك أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالت إني أستحاض فلا أطهر فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس ذلك بحيض إنما هو عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي وكانت تغتسل في كل صلاة وكانت تجلس في مركن لأختها وكانت صفرة الدم تعلو الماء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام أما تسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر هذه بغير ما أمر به تلك ألا تراه لم يقل لها دعي الصلاة أيام أقرائك ولكن قال لها إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي فهذا يبين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها ألا تسمعها تقول إني أستحاض فلا أطهر وكان أبي يقول إنها استحيضت سبع سنين ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط ـ فلهذا احتاجت إلى أن تعرف إقبال الدم من إدباره وتغير لونه من السواد إلى غيره وذلك أن دم الحيض أسود يعرف ولو كانت تعرف أيامها ما احتاجت إلى معرفة لون الدم لأن السنة في الحيض أن تكون الصفرة والكدرة فما فوقها في أيام الحيض إذا عرفت حيضا كله إن كان الدم أسود أو غير ذلك فهذا يبين لك أن قليل الدم وكثيره أيام الحيض

_________________________________________

إلى الشيطان وإن كانت من فعل الله لأنها ضرر و [ وسيلة ] سيئة والله تعالى يقول : «ما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ » أي بفعلك ومثل هذا يكون بوسوسة الشيطان. وقال في النهاية : والمعنى أن الشيطان قد وجه بذلك طريقا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطهرها وصلاتها حتى أنساها عادتها.

قولهعليه‌السلام : « وإن سال » أقول : حمل هذا على القليلة بعيد مع أن الظاهر أن الاغتسال للانقطاع ولكل صلاة يتعلق بالوضوء فتوجيهه إما بأن يحمل على الكثيرة ويعلق قوله : « لكل صلاة » بكل شيء من الاغتسال والوضوء والمراد إما في وقت كل صلاة لأن الصلاتين تقعان في وقت واحد وإما مع التفريق ، أو المراد من قوله وإن سال أنه ليس بيض وإن سال لا أنه يتوضأ لكل صلاة وإن سال فتأمل. وفي

٢١٩

حيض كله إذا كانت الأيام معلومة فإذا جهلت الأيام وعددها احتاجت إلى النظر حينئذ إلى إقبال الدم وإدباره وتغير لونه ثم تدع الصلاة على قدر ذلك ولا أرى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال اجلسي كذا وكذا يوما فما زادت فأنت مستحاضة كما لم تؤمر الأولى بذلك وكذلك أبيعليه‌السلام أفتى في مثل هذا وذاك أن امرأة من أهلنا استحاضت فسألت أبيعليه‌السلام عن ذلك فقال إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة وإذا رأيت الطهر ولو ساعة من نهار فاغتسلي وصلي قال أبو عبد اللهعليه‌السلام وأرى جواب أبيعليه‌السلام هاهنا غير جوابه في المستحاضة الأولى ألا ترى أنه قال تدع الصلاة أيام أقرائها لأنه نظر إلى عدد الأيام وقال هاهنا إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة وأمر هاهنا أن تنظر إلى الدم إذا أقبل وأدبر وتغير وقوله البحراني شبه معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إن دم الحيض أسود يعرف وإنما سماه أبي بحرانيا لكثرته ولونه فهذا سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في التي اختلط عليها أيامها حتى لا تعرفها وإنما تعرفها بالدم ما كان من قليل الأيام وكثيره.

_________________________________________

الصحاح ثعبت الماء ثعبا فجرته والمثعب بالفتح واحد مثاعب الحياض.

قولهعليه‌السلام : « إني أستحاض » قال في المغرب استحيضت بضم التاء استمر بها الدم.

قولهعليه‌السلام : « ليس ذلك بحيض » الظاهر أن حالها كان كما ذكرهعليه‌السلام أولا أي أغفلت ونسيت عددها وموضعها من الشهر أو أنها زادت أيامها على العادة ونقصت عنها مرتين أو أكثر على خلاف حتى انتقضت عادتها وإن لم تنسها فتأمل.

وقال الطيبي : قوله « إذا أقبلت حيضك » يحتمل أن يكون المراد به الحالة التي كانت تحيض فيكون ردا إلى العادة وأن يكون المراد به الحال التي تكون للحيض من قوة الدم في اللون والقوام انتهى والمراد الثاني كما أفادهعليه‌السلام .

وقال في الصحاح : المركن بالكسر إجانة تغسل فيها الثياب. وروي في

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

كقوله تعالى( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) وقوله تعالى من بعد( ثُمَّ إذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ) يجري هذا المجرى لانه تعالى لا يدعوهم في الحقيقة لكنه يجيبهم ويكمل عقولهم ويمكنهم فيخرجون ويرجعون إلى الله تعالى بمعنى إلى حيث لا حاكم سواه وقوله تعالى من بعد( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) ربما قالوا فيه ان ذلك يدل على جواز الضعف عليه. وجوابنا أنّه بمعنى هيّن كما إذا قلنا في الله انه أكبر وأعظم فالمراد به كبير عظيم وكما قال الشاعر :

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

والمعنى أنه عزيز طويل.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) كيف يصح ظهور الفساد لاجل كسبهم؟ وجوابنا أنهم إذا أفسدوا في الارض وظلموا ومنعوا الحقوق يظهر بذلك الفساد في الموضعين واذا قلت النعم من جهة الله تعالى لاجل ذلك كان ردعا لهم عن أمثال ما فعلوا وبذلك قال تعالى( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ولا يمتنع أن يكون الصلاح عند كسبهم أن يقع من الله تعالى التضييق في المعيشة على وجه الاعتبار كما فعله تعالى بأمم الأنبياء من إنزال العقاب بهم ولذلك قال تعالى بعده( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ) فبيّن ما نالهم لاجل شركهم وقوله من بعد( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ ) هو خطاب للكل وإن كان لفظه خاصا والمراد بالوجه نفس الانسان فكأنه قال فأقم نفسك للدين القيم حتّى لا تحول عنه ولا تزول فلا تأمن في كل وقت من الاخترام فاذا ثبت على الاستقامة كنت من الفائزين

تنزيه القرآن (٢١)

٣٢١

ولذلك قال تعالى بعده( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ) وقوله تعالى من بعد( مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ) يدل على أنه من فعله والا كانت اضافته إلى خالقه أولى وقوله تعالى( وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ ) يوجب أن ذلك من فعلهم أيضا وقوله تعالى من بعد( لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ ) يدل أيضا على ذلك لان المجازاة من الله تعالى على نفس ما خلق لا تصح وقوله تعالى من بعد( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ ) يدل أيضا على ذلك لأن الكفر إن كان من خلقه فقد أراده وأحبه وإذا أراده فقد أحب الكافر إذ محبة الكافر هو محبة كفره وقوله تعالى من بعد( فَانْتَقَمْنا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ) يدل على ان الجرم من قبلهم وقوله تعالى من بعد( وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ) يدل على ان ايمانهم من قبلهم إذ لو كان خلقا من الله لكان ناصرا لنفسه وذلك محال وقوله تعالى من بعد( فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ) هو على وجه المبالغة لتركهم القبول والتفكر وكذلك قوله( وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ ) ولذلك قال تعالى بعده( إذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ ) ولو أراد حقيقة الصم لكان حالهم في الاقبال كحالهم في الادبار ولذلك قال تعالى بعده( إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا ) فأما قوله عز وجل( اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) والضعف عرض لا يصح أن يخلق الجسم منه فالمراد المبالغة في ضعفه وهو على ما هو عليه وبيّن ان آخر أمره أن لا ينتظر له قوة بعد ضعف وبقوله تعالى( ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ) وكل ذلك تحريك لهم على التدارك إلى التوبة خصوصا وقد أدرك حال الشيبة.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ ) كيف يصح أن يخبروا بذلك ويقسموا عليه وهو كذب وعندكم أنهم في الآخرة هم ملجئون

٣٢٢

الى أن يفعلوا القبيح؟ وجوابنا أنّ المراد بذلك إخبارهم عن أنهم ما لبثوا غير ساعة عند أنفسهم لأنّ ما بين الموت والاعادة وان طالت مدته فهو كالقصير من الاوقات في أن المعاد لا يتبين له ذلك وقوله تعالى( فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ ) يدل على ما نقول لأنه أن كان ظلمهم من خلق الله فهم مستغنون عن المعذرة.

٣٢٣
٣٢٤

سورة لقمان

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ) كيف يصح مع ثقلها وعظمها أن تقف لا على عمد؟ وجوابنا أنّه تعالى اذ اسكنها حالا بعد حال وقفت وان كانت ثقيلة كما أن أحدنا يمسك يده وقد بسطها فمن حيث يفعل فيها السكون حالا بعد حال تثبت ولذلك متى لم يسكنها سقطت لانّ أحدنا يغفل ويلهو والله سبحانه يتعالى عن ذلك واختلف المفسرون في ذلك فقال بعضهم الفائدة فيه نفي نفس العمد أصلا على ما ذكرنا وقال بعضهم الفائدة فيه انا لا نرى العمد والاول هو أقوى وهو داخل في الاعجوبة وقوله تعالى من قبل( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يدل على أن المضل هو الانسان وأنه مذموم ويدل على أن كل قول قيل بلا علم في الاديان فهو مذموم وقوله تعالى المتصلة من بعد( وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً ) يدل على أن العشرة بأحوال الدنيا قد تحسن مع المباينة في الدين ثمّ بين أن من أناب إلى الله يجب أن يتبع فقال( وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ ) إلى قوله تعالى من بعد حاكيا عن لقمان( يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ) القصد فيه أن يتأمله المرء فيعمل به فان هذه الوصية جامعة للانقطاع إلى الله تعالى بعد المعرفة بعلمه وقدرته لان قوله تعالى( إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أو فِي السَّماواتِ أو فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ

٣٢٥

إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) يؤذن بأن ما أقدم المرء عليه دق أم جل فهو معلوم لله وتكون المجازاة بحسبه وذلك ردع عظيم وهي جامعة القيام بالعبادات وهو بقوله( يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ ) وهي أيضا جامعة للآداب وما ينبغي أن يتمسك به المرء من الاخلاق والتواضع وهو بقوله( وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ) إلى آخر الكلام وقوله من بعد( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يدل على أن التمسك بالمذاهب إنما يحسن إذا كان عن علم وقوله( وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إلى عَذابِ السَّعِيرِ ) مما لا مزيد عليه في بطلان التقليد لأنه تعالى بيّن أنهم إذا جاز أن يتركوا الدليل اتباعا لآبائهم من دون دلالة فقد جاز أن يرجعوا إلى اتباع الشيطان فيما يدعوهم اليه لأن ما في كلا الموضعين هو اعتماد على القول من دون دلالة وهذا هو الذي نعتمد عليه في بطلان التقليد ونقول إنه إذا جاز تقليد الآباء في الاسلام فيجوز تقليد أولاد النصارى لآبائهم لأن كل ذلك اعتماد على قبول القول من غير دلالة وقوله تعالى( وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) يدل على أن كلام الله مقدور له يحدث حالا بعد حال لا كما قاله قوم من أنه متكلم بذات أو بكلام قديم لا يصح فيه زيادة ولا نقصان.

[ مسألة ] وربما تعلقوا بقوله تعالى( أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللهِ ) وقالوا يدل ذلك على أن جريه من فعل الله تعالى ليكون مضافا إلى الله تعالى ولو لا ذلك لوجب أن يكون مضافا إلى الملاح ولما صح أن يكون آية وقد قال تعالى( لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ ) وجوابنا أنّ وجه الاعتبار في ذلك خلقه تعالى للماء في البحر على الصفة التي معها تجري السفن

٣٢٦

وخلقه الرياح على هذا الوجه ولو لا ذلك لـما صح جريها بفعل العباد وفي ذلك آيات الله تعالى ونعمه لأنه لو لا ذلك لـما صحّ التوصل إلى قطع البلاد وجلب النعم وقوله تعالى( وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ) يدل على أن الجحد لا يكون من خلق الله تعالى إذ لو كان من خلقه لـما صح أن يذمه هذا الذم العظيم وقوله تعالى من بعد( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ ) أي عقاب ربكم بالتحرز من المعاصي وقوله تعالى( وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ) من أقوى دلالة ما يدل على أن وعده ووعيده لا يجوز أن يقع فيهما خلف ومن أقوى ما زجر الله به عباده عن المعاصي فإذا تدبر المرء عند قراءته ما ذكرنا عظم انتفاعه بذلك ؛ ولذلك قال بعده( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ) يعني بذلك متاعها( وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ ) زجر بذلك عن قبول كل قول يغر المرء ويصرفه عن التمسك بطاعة الله ثمّ بين تعالى ما يختص به عز وجل من العلم ولم يطلع العباد عليه بالادلة وان جاز أن يطلع أنبيائه على بعضه ليكون معزا لهم فقال جل من قائل( إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ) وفي ذلك دلالة على بطلان قول من يحكم أن أحكام المنجمين صحيحة فيما جرى هذا المجرى.

٣٢٧
٣٢٨

سورة السجدة

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إلى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ ) أليس ذلك صريحا في أنه تعالى في السماء؟ وجوابنا أنّه جعل جل وعز السماء مكانا للملائكة وللأرزاق التي بها يحيي الناس ولذلك قال تعالى( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) فلاجل ذلك قال( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إلى الْأَرْضِ ) ومعنى قوله( ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ) أي إلى المكان الذي لا حكم فيه الا حكمه لانّ الملائكة طوع الله ولا يفعلون إلا بأمره.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) . وجوابنا أنّ المراد بهذه الآية نزول الملائكة بالوحي وغيره من السماء إلى الارض ورجوعها إلى مكانها فلا يكون ألف سنة بل بين السماء والارض مسير خمسمائة عام وأما الآية الثانية فالمراد بها يوم القيامة ويدل عليه قوله تعالى( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَنَراهُ قَرِيباً ) فبين أنه يطول ذلك الزمن على الكفار لشدته فيساوي لاجل تلك الشدائد خمسين ألف سنة وقوله من بعد( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) يبين أنه لا قبيح في قوله ولا أسمائه فان قيل ففي جملة ما خلق ما يقبح في الصورة. فجوابنا أنّ المراد نفي ما يقبح في العقل من فعله لا ما يستقبح في الصورة بين ذلك ان هيئة الانسان في صلاته وقضاء حاجته والنهي عن المنكر قد يستقبح في المنظر وتوصف مع ذلك بأنها حسنة وحكمة وقوله تعالى( أَإِذا ضَلَلْنا فِي

٣٢٩

الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ ) يدل على بطلان تعلقهم في باب الرؤية بذكر اللقاء لانّ الله عز وجل بين أنهم كافرون بلقاء ربهم وأراد كفرهم بالاعادة وبالثواب والعقاب وقوله عز وجل من بعد( وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ) المراد به يقولون ربنا وحذف مثل ذلك يحسن في الكلام إذا كان فيه ما يدل عليه ولا يجوز أن يتمنوا ذلك ويسألوه الا والعقاب من جهتهم يقع وباختيارهم يكون وقوله تعالى( وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ) فالمراد به على وجه الالجاء الذي وقع لم ينتفعوا به لانهم انما ينتفعون بما يفعلونه طوعا ليستحقوا به الثواب ولذلك قال تعالى( وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) وقوله( فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ) يدل على أن اللقاء ليس بمعنى الرؤية وأراد تركتم النظر والعلم بالاعادة وقوله تعالى( إِنَّا نَسِيناكُمْ ) والنسيان على الله تعالى لا يجوز والمراد به عاقبناكم على ترككم على مثال قوله تعالى( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) وقوله تعالى( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) يدل على أن الفاسق ليس بمؤمن لانه تعالى ميز بينهما فجعل للمؤمنين جنات المأوى وللفاسقين النار.

[ مسألة ] ومتى قيل ما معنى قوله تعالى( وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) . وجوابنا أنّ المراد ما عجله من الآلام لكي يصلحوا فسماه عذابا مجازا ويجوز أن يريد بذلك عذاب القبر أو الحدود التي تقام على بعضهم فمن يعلم ذلك يكون أقرب إلى أن يرجع عن معاصيه وقوله تعالى( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها ) أحد ما يدل على أن العبد مختار لفعله والا فالاعراض ممن لا يقدر على الشيء وتركه محال لأنه لا يقال في أحدنا أنه أعرض عما يعجز عنه

٣٣٠

وقوله تعالى من بعد( إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ) والمراد به العقاب يدل على أن كل مجرم وان كان من أهل الصلاة فالله تعالى ينتقم منه إلاّ أن يكون تائبا أو جرمه صغيرا وقوله تعالى من بعد( وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا ) المراد به جعلناهم أنبياء وعلماء يقتدى بهم لأجل صبرهم فدل بذلك على أن الانبياء لو لا صبرهم عن معاصي الله لـما جعلوا أنبياء فيبطل بذلك قول من يجوز عليهم الكفر والكبائر قبل البعثة وقوله تعالى من بعد( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) يحمل على أنه تعالى يفصل بينهم بالعلم فينقاد المبطل ويعرف المحق حاله في ذلك فان كان الفصل يقتضي نقل الاعراض فسيفعله تعالى.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ ) وكيف يصح والقوم يكذبون بذلك كما قال تعالى بعده( وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) ومن لا يؤمن بيوم القيامة كيف ينتظر ذلك؟ وجوابنا أنّ موتهم لـما كان مقدمة الاعادة جاز أن يقول ذلك ويحتمل أنهم على غير يقين مما قالوا فهم على شك وتجويز فحكمهم حكم المنتظر.

٣٣١
٣٣٢

سورة الاحزاب

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) ما معنى ذلك فان كان تعريفا لنا فهو معلوم؟ وجوابنا ما جعل لأحد ما يتسع به في النظر في الامور وفي الامور وفي الاجتهاد وفي الرأي حتّى لا يشغله بعض ذلك عن بعض بين ذلك ان المراد مقصور على ما جرت به العادة على النظر في الدين والدنيا وقد قيل انه كان في الصحابة من يلقب بذلك ويعتقد فيه الاتساع في الرأي والمعرفة فانزل الله تعالى ذلك لان المنافقين زعموا أنه له قلبين.

[ مسألة ] ومتى قيل ما المراد بقوله( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ ) كيف يصح أن يكون أولى بهم من أنفسهم وكيف يصح في أزواجه أن يكنّ أمهاتهم؟ وجوابنا أنّه أولى بهم فيما يقتضي الانقياد في الشرع وأولى بهم فيما يتصل بالاشقاق أو المراد أنه أولى بهم من بعضهم لبعض كقوله تعالى فسلموا على أنفسكم واما أن أزواجه صلّى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين فالمراد تأكيد تحريمهن على المؤمنين وتبرئة رسول الله عن ان يخلفه في أزواجه غيره ولذلك روي عن عائشة في امرأة قالت انك أمي انها أنكرت ذلك وقالت انما أنا أم رجالكم لأن التزويج في الرجال يصح فأكد ذلك بأن شبههن بالامهات وربما حذف في التشبيه اللفظ ليكون على وجه التحقيق كما يقال للرجل

٣٣٣

البليد هو حمار ولمن لا يصغي ولا يفهم انه ميت قال تعالى( إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى ) .

[ مسألة ] ومتى قيل ما معنى قوله( وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ ) وقوله( وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً ) ما هذا الميثاق المأخوذ من أمم الانبياء؟ وجوابنا أنّه تعالى لـما أعلمهم بوجوب طاعته وطاعة الرسول ودلهم على ذلك ببعثة الرسل وغيرهم وألزمهم القيام بذلك كان ذلك أوكد من المواثيق بالايمان المغلظة وأعظم في وجوب الحجة عليهم في الآخرة ولذلك قال تعالى بعده( لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ ) كيف يجوز أن يزيد في عقابهن وذلك ظلم يتعالى الله عنه؟ وجوابنا أنّ مكان اتصالهن برسول الله صلّى الله عليه وسلم وعظم نعمة الله عليهن بذلك وبغيره يوجب ان ما يقع منهن من المعصية يكون أعظم عقابا لان المعصية تعظم بعظم نعمة المعصي كما ان معصية الولد لوالده وله عليه الحقوق العظيمة أعظم فبيّن الله تعالى ان عقاب معصيتهن لو وقعت منهن يكون أعظم لان ذلك عين المستحق فان قيل فقد قال تعالى( وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ ) فانه كان عظم المعصية لعظم النعمة فيجب في الطاعة ان يكون موقعها منهن أخف لان عظم النعمة كما يعظم المعصية يخفف أمر الطاعة. وجوابنا عن ذلك ان الطاعة لله تعالى تعظم لوجه آخر وهو ان الناس يقتدون بهن لعظم منزلتهن في القلوب كما قال صلّى الله عليه وسلم مثل ذلك في من سن سنة حسنة.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ

٣٣٤

عَنْكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ ) أليس ذلك يدل على انه تعالى يفعل فيهم الصرف عن المعاصي؟ وجوابنا أنّ المراد بهذا انه تعالى يلطف لهم زيادات الالطاف فلا يختارون الا الطاعة فهذا معنى الاذهاب بالرجس ولذلك قال بعده( وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) .

[ مسألة ] وربما قيل ما معنى قوله في قصة زيد( وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ ) . وجوابنا أنّه تعالى أحب فيما أراده من تزوج النبي صلّى الله عليه وسلم بامرأة زيد ان يكون مظهرا لذلك لانه من باب ما قد أحله الله تعالى له وأن لا يكون في قلبه من الناس ما يتكلف لاجله ابطان ذلك ولذلك قال( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها ) وقوله تعالى( إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ ) مع انه مقدم في الانزال على قوله تعالى( لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ ) وهي التاسعة لان المعتبر في الناسخ أن يكون متأخرا في التعريف والانزال لا في التلاوة وقوله تعالى( وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ ) فيها اختلاف فبعض المفسرين يزعم أن ذلك مقدار ثابت بيّن به تعالى أنه يحل له التزوج فلا يدل على أنه صلّى الله عليه وسلم مخصوص بذلك كما خص باباحة الزيادة على أربع ومنهم من يثبت الموهبة ولذلك قال تعالى( خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ) .

[ مسألة ] ومتى قيل في قوله تعالى( إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ ) بعبارة واحدة ذلك عندكم ممنوع منه وكيف يصح الصلاة من الله تعالى ومن الملائكة على الرسول؟ فجوابنا أنّ قوله تعالى( يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ) يرجع إلى الملائكة فقط لانه تعالى يعظم أن يذكر مع غيره ولكنه يعقل بذلك أنه جل وعز أيضا يصلي على الرسول وصلاته جل وعز معناها الرحمة العظيمة والانعام الجسم وصلاة الملائكة الدعاء وقد قال تعالى قبل ذلك( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ ) وذكر ذلك في عباده والمراد أنه يرحمكم بالهداية لتصلوا إلى الثواب وقوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا

٣٣٥

عَلَيْهِ ) المراد الدعاء له بالمغفرة والرحمة العظيمة وفي الفقهاء من استدل بذلك على وجوب الصلاة عليه وعلى وجوبها في التشهد ومن حيث قال( وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) فقال بعض أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلم قد عرفنا معنى السلام عليك فكيف الصلاة عليك فعلمهم كيف يصلون عليه فيوردون ذلك في الصلاة كما علمهم التشهد من قبل.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ ) كيف يصح ذلك؟ وجوابنا أنّه تعالى يفعل ذلك في الحقيقة لانه قادر على ذلك فيكون أزيد في غمهم وقوله تعالى من بعد( رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ ) في السادة الذين اتبعوهم صحيح لان من سن سنة سيئة يزاد في عقابه فأما قوله تعالى( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا ) ففي المفسرين من قال دخل ليغتسل فلما خرج وثيابه على حجر عدا الحجر حتّى رؤي مكشوفا فبرّأه الله مما كانوا يضيفونه إليه من أنه7 آدر وهذا مما أنكره مشايخنا وقالوا إن ذلك لا يجوز على الانبياء وأن المراد بالآية أنهم اتهموه بأنه قتل هارون أخاه لانه مات قبله وكان في هارون ضرب من اللين وفي موسى صلّى الله عليه وسلم خشونة فلميلهم إليه قالوا هذا القول فبرّأه الله اعاده حتّى برئ موسى من هذه التهمة.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ ) كيف يصح ذلك فيها وهي من جملة الجمادات التي لا يصح أن تعرف وتعلم؟ وجوابنا أنّ المراد عرضنا الامانة أي تضييع الامانة وخيانتها على أهل السموات والأرض وهم الملائكة( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها ) والاشفاق لا يصح إلا في الحي الذي يعرف العواقب ثمّ قال تعالى( وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) ولو حمل نفس الامانة لم يصح ذلك فيه.

٣٣٦

سورة سبأ

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) كيف يصح ذلك وقد زال التكليف؟

وجوابنا انه وان زال فالشكر والحمد لله في الآخرة يكثر لانهم يسرون بذلك فيشكرون نعم الوقت حالا بعد حال ويشكرون النعم المتقدمة وما يفعله المرء لربه لا يكون داخلا في التكليف.

[ مسألة ] ومتى قيل كيف يصح في قوله تعالى( وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ) وما تعلق به قوله تعالى( عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ ) مما تقدم وجوابنا أنّ من اقيمت له الدلالة على بطلان ما هو عليه مجوز إذا ذكر مذهبه أن يكون هذا جوابه لينبه على تقصيره فبيّن الله تعالى بأنه عالم الغيب وأنه يجازي كل أحد يوم القيامة بما استحقه على ما ذكره من بعد.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ) كيف يصح أن يأمر الله تعالى الجبال والطير وكيف يلين الحديد وفي تليينه إبطال كونه حديدا؟ وجوابنا أنّ ذلك بمنزلة قوله تعالى( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) وليس ذلك بأمر فالمراد بيان أن الجبال والطيور لا تمتنع عليه فيما يريده فأما تليين الحديد فمعلوم أنه يلين بالنار ولا يخرج من ان يكون حديدا فجعله الله

تنزيه القرآن (٢٢)

٣٣٧

عز وجل لداود صلّى الله عليه وسلم بهذه الصفة أو جعله من حيث القوة بحيث يتصرف فيه كتصرف أحدنا في الطين وكل ذلك صحيح ولما بيّن عظم نعمه على داود وسليمان بالامور التي سخرها لهما قال تعالى من بعد( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) بالامور التي سخرها لهما قال تعالى من بعد( اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً ) وذلك يدل على ان النعم توجب مزيد الشكر والقيام بالطاعة على وجه الشكر وبيّن تعالى بقوله( وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ) ان التكليف وان عم الكثير فقليل منهم يقوم بحق شكره وذكر تعالى ذلك ليجتهد كل أحد أن يكون من جملة هذا القليل فيفوز بالثواب فاما قوله تعالى من بعد( وَهَلْ نُجازِي إِلاَّ الْكَفُورَ ) فلا يصح للخوارج الذين يقولون ان كل ذنب كفر ان يتعلقوا به لان المراد وهل نجازي بما تقدم ذكره إلا الكفور وقد أجرى الله تعالى العادة بانه لا يعذب بعذاب الاستئصال في الدنيا إلا من كفر وقوله تعالى( وَقَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ ) ربما يتعلق به المجبرة انه تعالى يفعل السير وذلك بعيد لان المقدر للشيء لا يجب أن يكون فاعلا له لان من بين الشيء كيف يفعل يوصف بانه قدره وان كان الفعل من غيره ولذلك قال بعده على وجه الامر( سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ ) .

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا ) كيف يصح من العقلاء أن يسألوا ربهم أن يباعد بين أسفارهم وهي قريبة؟ وجوابنا أنّ ذلك منهم جاء على وجه الجهل كقوله تعالى( وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ ) هذا إذا قرئ على هذا الوجه وقد قرئ ربنا باعد بين أسفارنا وذلك على وجه الجبر لانه غير أحوالهم فنالهم من المشاق في أسفارهم خلاف ما كانوا عليه وقد يقول الضعيف بعد عليّ الطريق لمزية مشقته وان كان حال الطريق لم يتغير.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ ) كيف يصح أن يصف نفسه بانه يعلم بانه لم يكن له عليهم سلطان وهو عالم بنفسه؟ وجوابنا أنّه تعالى

٣٣٨

يذكر العلم ويريد المعلوم كما ذكرنا من قبل فالمراد به أنه لا يقع من إبليس إلا الوسوسة والترغيب في المعاصي وعند ذلك يتميز من يؤمن ممن يشك ويجهل ولذلك قال بعده( وَرَبُّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) أي هو انه عالم بهذه الامور قبل أن تقع.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) من المراد بذلك وما معنى قوله لمن بعد( حَتَّى إذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قالُوا ما ذا قالَ رَبُّكُمْ قالُوا الْحَقَّ ) وما الفائدة في هذا الجواب؟ وجوابنا أنّ المراد بذلك الملائكة بيّن تعالى انهم لا يشفعون إلاّ بإذنه وأنهم بخلاف الشياطين فلا يقع منهم إلا ما هو طاعة لله تعالى وفي الخبر عن ابن مسعود أنه تعالى إذا أراد أن يكلم ملائكته بما لا يريد ظهوره لغيرهم يحدث في السماء صوتا عظيما يفزع منه سائر الملائكة فإذا انجلى يقولون للملائكة الذين كلمهم الله ما ذا قال ربكم فيجيبون بقولهم قالوا الحق أي قال ربنا الحق فيعلمون أن ذلك من الباب الذي يجب أن لا يظهر فهذا معناه وقد قيل ان الملائكة الذين ينزلون لكتب أعمال العباد إذا نزلوا فزع من هو دونهم من ذلك وتوهموا أن ذلك لقيام القيامة فيسألون ويجابون بما تقدم فأما قوله من بعد( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أو إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أو فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) فالمراد بيان الحق وتمييزه من الضلال كما يقوله أحدنا لمن يستدعيه لأنه صلّى الله عليه وسلم كان يعلم أنه على هدى وأن المشركين على ضلال وقوله تعالى من بعد( وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ) دليل قوي على ان العبد هو القادر عليه لأنه تعالى لو كان هو الخالق فيهم الايمان لـما صح أن يقولوا لو لا انتم

٣٣٩

لكنا مؤمنين بل الصحيح أن يقولوا لو لا خلق الله تعالى الكفر فينا لكنا مؤمنين فذلك يدل على قدرتهم على الايمان واعترافهم يوم القيامة بأن الذي صرفهم عن الايمان دعاء هؤلاء الرؤساء وانه لو لا دعاؤهم لكانوا يختارون الايمان وقوله تعالى من بعد( قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ ) يدل أيضا على ما ذكرنا لأنهم بينوا أن الذي وقع منهم لم يكن صدّا لهم عن الهدى وقد ظهر لهم وتجلى أن ما وقع منهم إنما وقع باختيارهم ولو كان تعالى يخلق فيهم لكان أقوى حجة لهم أن يقولوا أنحن صددناكم بل الله خلق فيكم ذلك وقوله تعالى من بعد( وَما أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنا زُلْفى إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ) بيان من الله تعالى بان الاموال والاولاد لا تنفع في الآخرة وأن الذي ينفعهم إيمانهم وعملهم الصالح وبيّن من بعد بقوله تعالى( وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ) ما يقوى قلب المرء على الانفاق في طاعة الله فإن قيل فنحن نرى من ينفق ولا يخلف الله عليه شيئا. وجوابنا أنّ المراد فهو يخلفه متى كان صلاحا ولم يكن فسادا ولم يوقت ذلك بوقت وذلك يبطل السؤال.

[ مسألة ] وربما قيل في قوله تعالى( وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ ) كيف يصح ذلك وفيهم من لم يكن يعبد الملائكة بل أكثرهم ليس بهذه الصفة؟ وجوابنا أنّ الغرض إبطال عبادة الله دون بيان لمن كانوا يعبدون من ملك أو جنّ أو صنم ولذلك قال تعالى بعده( فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا ) فاذا أقبل على الملائكة جلّ وعزّ ونبّه على أن من عبدهم فقد عبد من لا يملك له ضرّا ولا نفعا فقد نبّه بذلك على ان عبادة الجن والصنم بهذا التوبيخ

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363