مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38683 / تحميل: 7095
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لكن يبعد أن يفوز بها وهي [ حادثة ](١) في ملك غيره ، ثمّ لا يحتسبها من المبيع ، فإذا فاز بها فليقدّر كأنّها وُجدت يوم البيع(٢) .

ولنذكر مثالاً في اختلاف قيمة الأشجار والثمار.

فنقول : كانت قيمة الشجرة يوم البيع عشرةً ، وقيمة الثمرة خمسةً ، فلو لم تختلف القيمة ، لأخذ الشجرة بثلثي الثمن(٣) .

ولو زادت قيمة الثمرة فكانت عشرةً يوم البيع ، فكما لو كانت القيمة بحالها على أشهر الوجهين. وعلى الآخَر : يُضارب بنصف الثمن. ولو نقصت فكانت يوم القبض درهمين ونصفاً ، يُضارب بخُمْس الثمن.

ولو زادت قيمة الشجرة أو نقصت ، فالحكم على الوجه الثاني كما لو بقيت بحالها. وعلى الأوّل كذلك إن نقصت. وإن زادت وكانت خمسة عشر ، ضارَب بربع الثمن.

تذنيبان :

أ : إذا اعتبرنا في الثمار أقلّ القيمتين ، فلو كانتا متساويتين لكن وقع بينهما نقصان‌ ، نُظر إن كان بمجرّد انخفاض السوق ، فلا عبرة به. وإن كان لعيبٍ طرأ وزال ، فكذلك على الظاهر ، كما أنّه يسقط بزواله حقّ الردّ. وإن لم يزل العيب لكن عادت قيمته إلى ما كان بارتفاع السوق ، اعتبرت قيمته يوم العيب ، دون البيع والقبض ؛ لأنّ النقصان الحاصل من ضمان البائع‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « جارية ». والمثبت من المصدر.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣.

(٣) في العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٩٩ زيادة : « وضارب للثمرة بالثلث ».

١٤١

والارتفاع بعده في ملك المشتري لا يصلح جابراً له.

ب : إن اعتبرنا في الأشجار أكثر القيمتين ، فلو كانت قيمة الشجرة يوم العقد مائةً وخمسين‌ ، ويوم الرجوع إلى البائع مائتين ، فالوجه القطع باعتبار المائتين. ولو كانت قيمتها مائتين يوم العقد ويوم القبض ، ويوم الرجوع مائةً ، اعتبر يوم الرجوع ، فإنّ ما طرأ من زيادة وزال ليس ثابتاً يوم العقد حتى نقول : إنّه وقت المقابلة ، ولا يوم أخذ البائع [ حتى ](١) يحسب [ عليه ](٢) .

ولقائلٍ أن يقول : هذا إن استقام في طرف الزيادة ، تخريجاً على ما سبق أنّ ما فاز به البائع من الزيادة الحادثة(٣) عند المشتري يُقدَّر كالموجود عند البيع ، فلا يستقيم في طرف النقصان ؛ لأنّ النقصان الحاصل في يد المشتري كعيبٍ حدث في المبيع.

وإذا رجع البائع على العين المبيعة ، لزمه القناعة بها ، ولا يطالب المشتري للعيب بشي‌ء.

مسألة ٣٦٨ : قد ذكرنا أوّلاً أنّ الزيادة إمّا أن تكون حاصلةً لا من خارجٍ‌ ، وقد ذكرنا أقسامه وأحكام تلك الأقسام ، وإمّا أن تكون من خارجٍ. وأقسامها ثلاثة :

أ : أن تكون عيناً محضة.

ب : أن تكون صفةً محضة.

ج : ما يتركّب منهما.

____________________

(١) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عليك ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) في « ج » : « الحاصلة » بدل « الحادثة ».

١٤٢

أمّا الأوّل فله ضربان :

أ : أن تكون قابلةً للتميّز عن المبيع.

ب : أن لا تكون قابلةً للتميّز.

فالأوّل كما إذا اشترى أرضاً فغرس فيها أو بنى ثمّ أفلس قبل إيفاء الثمن وأراد البائع الرجوعَ في أرضه ، فإن اتّفق الغرماء والمفلس على القلع وتفريغ الأرض وتسليمها بيضاء ، رجع فيها ؛ لأنّ ذلك الحقّ لهم لا يخرج من بينهم ، فإذا فعلوا ، فللبائع الرجوع في أرضه ؛ لأنّه وجد متاعه بعينه.

وهل يرجع قبل القلع أو بعده؟

قال بعض الحنابلة : لا يستحقّه حتى يوجد القلع ؛ لأنّ قبل القلع لم يدرك متاعه إلّا مشغولاً بملك المشتري(١) .

وقال الشافعي : يرجع قبله وهُمْ يشتغلون بالقلع ، وهو قول أكثر الحنابلة(٢) .

وليس له أن يلزمهم أخذ قيمة الغراس والبناء ليتملّكها مع الأرض.

وإذا قلعوا الغراس والبناء ، وجب تسوية الحُفَر من مال المفلس.

وإن حدث في الأرض نقصٌ بالقلع ، وجب أرش النقص في ماله.

ويضارب به أو يقدَّم؟ قال بعض الشافعيّة : يقدَّم على سائر الديون ؛ لأنّه لتخليص ماله وإصلاحه ، فكان عليه ، كما لو دخل فصيلٌ دارَ إنسانٍ فكبر فلم يمكنه إخراجه إلّا بهدم بابها ، فإنّ الباب يُهدم ليخرج ، ويضمن صاحبه ما نقص ، بخلاف ما لو وجد البائع عين ماله ناقصةً فرجع فيها ، فإنّه‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ ، المغني ٤ : ٥١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

١٤٣

لا يرجع في النقص ؛ لأنّ النقص كان في ملك المفلس ، وهنا النقص حدث بعد رجوعه في العين ، فلهذا ضمنوه ، ويضرب بالنقص مع الغرماء(١) .

وإن قلنا : ليس له الرجوع قبل القلع ، لم يلزمهم تسوية الحُفَر ولا أرش النقص ؛ لأنّهم فعلوا ذلك في أرض المفلس قبل رجوع البائع فيها ، فلم يضمنوا النقص ، كما لو [ قلعه ](٢) المفلس قبل فلسه.

ولو اختلفوا ، فقال المفلس : يقلع ، وقال الغرماء : نأخذ القيمة من البائع ليتملّكه ، أو بالعكس ، أو وقع هذا الاختلاف بين الغرماء ، أُجيب مَن المصلحةُ في قوله.

ولو امتنع الغرماء والمفلس معاً من القلع ، لم يُجبروا عليه ؛ لأنّه حين البناء والغرس لم يكن متعدّياً بهما ، بل فَعَل ذلك بحقٍّ ، ومفهوم قولهعليه‌السلام : « ليس لعِرْق ظالمٍ حقٌّ »(٣) أنّه إذا لم يكن ظالماً ، فله حقٌّ.

وحينئذٍ يُنظر إن رجع على أن يتملّك البناء والغراس مع الأرض بقيمتها ، أو يقلع ويغرم أرش النقص ، فله ذلك ؛ لأنّ الضرر يندفع من الجانبين بكلّ واحدٍ من الطريقين ، والاختيار فيهما إليه.

وليس للمفلس ولا للغرماء الامتناع من القبول ؛ لأنّ مال المفلس معرَّض(٤) للبيع ، فلا يختلف غرضهم بين أن يتملّكه البائع أو يشتريه‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ ، ولاحِظ : المغني ٤ : ٥١٣ - ٥١٤ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٢٩.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « قطعه ». والظاهر ما أثبتناه.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٤٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ١٧٨ / ٣٠٧٣ ، سنن الترمذي ٣ : ٦٦٢ / ١٣٧٨ ، سنن الدار قطني ٣ : ٣٦ / ١٤٤ ، الموطّأ ٢ : ٧٤٣ / ٢٦ ، مسند أحمد ٦ : ٤٤٦ - ٤٤٧ / ٢٢٢٧٢.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « متعرض ». والظاهر ما أثبتناه.

١٤٤

أجنبيّ ، ويخالف هذا ما إذا زرع المشتري الأرض وأفلس(١) ورجع البائع في الأرض حيث لا يتمكّن من تملّك الزرع بالقيمة ولا من القلع وغرامة الأرش ؛ لأنّ للزرع أمداً منتظَراً يسهل احتماله ، والغراس والبناء للتأبيد ، قال كلَّ ذلك الشافعي(٢) .

وقال أحمد : إذا بذل البائع قيمة الغرس والبناء ليكون له ذلك ، أو قال : أنا أقلع وأغرم الأرش ، فإن قلنا : له الرجوع قبل القلع ، فله ذلك ؛ لأنّ البناء و(٣) الغراس حصل في ملكه لغيره بحقٍّ ، فكان له أخذه بقيمته ، أو قلعه وضمان نقصه ، كالشفيعِ إذا أخذ الأرض وفيها غراس وبناء للمشتري ، والمعيرِ إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير. وإن قلنا : ليس له الرجوعُ قبل القلع ، لم يكن له ذلك ؛ لأنّ المفلس بنى وغرس في ملكه ، فلم يُجبر على بيعه لهذا البائع ولا على قلعه ، كما لو لم يرجع في الأرض(٤) .

وليس عندي بعيداً من الصواب أن يقال : ليس للبائع إجبار المفلس والغرماء على القلع ودفع الأرش ، ولا على دفع قيمة البناء والغرس ، بل إمّا أن يختار العين أو يمضي البيع ، فإن اختار العين وفسخ البيع ، لم يكن له القلع ولا دفع القيمة ، بل يرجع والأرض مشغولة بهذا البناء والغراس ، فتكون قد تعيّبت بالشغل بهما مؤبّداً ، فإن انهدم البناء أو قلع الغرس أو مات ، سقط حقّ المفلس ، وليس لصاحب الأرض الرجوعُ بالأُجرة مدّة مقامها(٥) فيها ؛ لأنّه إنّما يرجع في المعيب ثمّ يباع البناء أو الغراس على‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلس ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤ - ٥٥.

(٣) الظاهر : « أو » بدل « و».

(٤) المغني ٤ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٠.

(٥) في « ث » : « بقائها ». والظاهر : « مقامهما » أو « بقائهما ».

١٤٥

صاحب الأرض أو غيره(١) مستحقَّين للبقاء.

ولأحمد قولٌ آخَر : إنّه يسقط حقّ بائع الأرض من الرجوع فيها ؛ لأنّه لم يُدرك البائع متاعَه على وجهٍ يمكنه أخذه منفرداً عن غيره فلم يكن له أخذه ، كالحجر والبناء والمسامير في الباب ، وكما لو كانت العين مشغولةً بالرهن - وهو قول بعض الشافعيّة - ولأنّ في ذلك ضرراً على المشتري والغرماء ، فإنّه لا يكون له طريق يسلكون منه إلى البناء والغراس ، ولا يزال الضرر بمثله. ولأنّه لا يحصل بالرجوع هنا انقطاع النزاع والخصومة ، بخلاف ما إذا وجدها مفرّغةً(٢) .

مسألة ٣٦٩ : لو أراد البائع الرجوعَ في الأرض وحدها وإبقاءَ الغراس والبناء للمفلس والغرماء ، أُجيب إلى ذلك‌ ، بل هو الوجه عندنا لو أراد الرجوع في العين على ما تقدّم.

وللشافعي قولان :

أحدهما : أنّه يجاب إلى ذلك ، كقولنا.

والثاني : أنّه ليس له الرجوعُ في الأرض خاصّةً ، وإبقاء البناء والغراس للمفلس.

ولأصحابه طريقان :

أحدهما : أنّ في المسألة قولين :

أحدهما - وهو اختيار المزني - : له [ أن ](٣) يرجع كذلك ، كما لو صبغ الثوبَ المشتري ثمّ [ أفلس ](٤) ، رجع(٥) البائع في الثوب ، ويكون المفلس‌

____________________

(١) في « ج ، ر » : « أو على غيره ».

(٢) المغني ٤ : ٥١٤ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٣٠ - ٥٣١.

(٣) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق ، وكما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلس ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ورجع ». والمثبت هو الصحيح.

١٤٦

شريكاً معه بالصبغ.

وأصحّهما عنده : المنع ؛ لما فيه من الضرر ، فإنّ الغراس بلا أرض والبناء بلا مقرّ ولا ممرّ ناقص القيمة ، والرجوع إنّما يثبت لدفع الضرر ، فلا يدفع بضرر ، بخلاف الصبغ ، فإنّ الصبغ كالصفة التابعة للثوب.

والثاني : تنزيل النصّين على حالين ، وله طريقان :

أحدهما : قال بعض الشافعيّة : إنّه حيث قال : « يرجع » أراد ما إذا كانت الأرض كثيرة القيمة ، والبناء والغراس مستحقرين بالإضافة إليها ، وحيث قال : « لا يرجع » أراد ما إذا كانت الأرض مستحقرةً بالإضافة إليهما. والمعنى في الطريقين اتّباع الأقلّ للأكثر.

ومنهم مَنْ قال : حيث قال : « يرجع » أراد ما إذا رجع في البياض المتخلّل بين الأبنية والأشجار ، وضارَب للباقي بقسطه من الثمن ، [ يُمكّن ](١) منه ؛ لأنّه ترك بعض حقّه في العين.

فإذا فرّعنا على طريقة القولين ، فإن قلنا : ليس له الرجوعُ في الأرض وإبقاء البناء(٢) والغراس للمفلس ، فللبائع ترك الرجوع ، ويُضارب مع الغرماء بالثمن ، أو يعود إلى بذل قيمتهما أو قلعهما وغرامة أرش النقصان ، فإن مكّنّاه منه فوافق البائع الغرماء وباع الأرض معهم حين باعوا البناء والغراس ، فذلك.

وإن أبى فهل يُجبر؟ فيه للشافعيّة قولان :

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يتمكّن ». والظاهر ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٢) فيما عدا « ث » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « العين » بدل « البناء ».

١٤٧

أحدهما : يُجبر ، كما في مسألة الصبغ.

وأصحّهما عندهم : لا يُجبر ؛ لأنّ إفراد البناء والغراس بالبيع ممكن ، بخلاف الصبغ.

فإذا لم يوافقهم فباعوا البناء والغراس ، بقي للبائع ولاية التملّك بالقيمة والقلع مع غرامة الأرش ، وللمشتري الخيار في المبيع إن كان جاهلاً بحال ما اشتراه(١) .

واعلم أنّ الجويني نقل أربعة أقوال في هذه المسألة.

أ : أن يقال : إنّ البائع فاقد عين ماله ، ولا رجوع بحال ؛ لأنّ الرجوع في الأرض ينقص قيمة البناء والغراس.

ب : أنّ الأرض والبناء أو الغراس يُباعان معاً ، دفعاً للخُسْران عن المفلس ، كما في الثوب المصبوغ.

ج : أنّه يرجع في الأرض ، ويتخيّر بين أُمور ثلاثة : إمّا تملّك البناء والغراس بالقيمة ، وإمّا قلعهما مع غرامة أرش النقصان ، وإمّا إبقاؤهما بأُجرة المثل تؤخذ من مالكهما(٢) .

فإذا عيّن واحدةً من هذه الخصال الثلاث فاختار المفلس والغرماء غيرها أو امتنعوا من الكلّ ، فللشافعيّة وجهان في أنّه يرجع إلى الأرض ويقلع مجّاناً ، أو يُجبرون على ما عيّنه(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٠ - ٤٠١.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مالكها ». والصحيح ما أثبتناه ، كما في المصدر أيضاً.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عيّنوا » بدل « عيّنه ». والصحيح ما أثبتناه كما في المصدر أيضاً.

١٤٨

د : أنّه إن كانت قيمة البناء أكثر ، فالبائع فاقد عينٍ. وإن كانت قيمة الأرض أكثر ، فواجدٌ(١) .

مسألة ٣٧٠ : لو اشترى من رجل أرضاً فارغة واشترى من آخَر غرساً وغرسه في تلك الأرض ثمّ أفلس ، كان لصاحب الأرض الرجوعُ فيها ، ولصاحب الغراس الرجوعُ فيه.

ثمّ يُنظر فإن أراد صاحب الغراس قلعه ، كان له ذلك ، وعليه تسويةُ الحُفَر ؛ لأنّه لتخليص ماله ، وأرشُ نقص الأرض إن حصل نقصٌ.

فإن أراد صاحب الأرض أن يعطيه قيمته إن لم يختر صاحبه قلعه ، قال الشافعي : يكون له مطلقاً(٢) .

والأقوى عندي : أنّه يكون له ذلك إن رضي صاحب الغرس ، وإلّا فلا.

وإن أراد صاحب الأرض قلعه ويضمن ما نقص ، كان له.

وإن أراد قلعه بغير ضمانٍ ، فالأقرب : أنّه ليس له ذلك ؛ لأنّ غرسه ثابت في الأرض بحقٍّ ، فلا يكون له قلعه مجّاناً.

ولو كان الغراس من المفلس ، لم يُجبر على قلعه من غير ضمانٍ ، وهو أحد وجهي الشافعي.

والثاني : أنّه يجاب إلى ذلك ؛ لأنّه إنّما اشترى منه الغراس مقلوعاً ، فكان عليه أن يأخذه كذلك ، وليس له تبقيته في ملك غيره ، ويفارق المفلس ؛ لأنّه غرسه في ملكه فيثبت حقّه في ذلك(٣) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٥ - ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠١.

(٢) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٩٣.

(٣) راجع : الحاوي الكبير ٦ : ٢٩٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ ، وروضة الطالبين ٣ : ٤٠١.

١٤٩

ويُحتمل عندي وجهٌ آخَر ، وهو : أن يقال : صاحب الغراس(١) لا يستحقّ الإبقاء في الأرض ، وصاحب الأرض لا يستحقّ القلع مجّاناً ؛ لأنّه أثبت بحقٍّ ، فيُقوَّم الغراس مقلوعاً وثابتاً ، ويأخذ المفلس التفاوت بينهما ؛ لأنّه مستحقّ له.

مسألة ٣٧١ : قد ذكرنا حكم الزيادة من خارجٍ ، القابلة للتميّز ، وبقي ما لا يقبله‌ ، كمزج ذوات الأمثال بعضها ببعضٍ ، مثل أن يشتري صاعاً من حنطةٍ أو شعير أو دخن أو غير ذلك من الحبوب ويمزجه بصاعٍ له ، أو يشتري مكيلةً من زيتٍ أو سمن أو شيرج أو غير ذلك من الأدهان ثمّ يمزجه بمكيلة ، وكذا جميع ذوات الأمثال إذا امتزجت بحيث لا يمكن تخليص بعضها من بعضٍ ، فأقسامه ثلاثة :

أ : أن يكون الممتزجان متماثلين ليس أحدهما أجود من الآخَر ، لم يسقط حقّه من العين - وبه قال الشافعي ومالك(٢) - ويكون له المطالبة بالقسمة ؛ لأنّ عين ماله موجودة فيه ، ويمكنه التوصّل إلى حقّه بالقسمة ؛ لأنّ الزيت كلّه سواء ، فيأخذ حقّه بالكيل أو الوزن.

وقال أحمد : يسقط حقّه من العين ؛ لأنّه لم يجد عين ماله ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو تلفت. ولأنّ ما يأخذه من غير ماله ممتزجاً بعين ماله(٣)

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « الغرس ».

(٢) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٣ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩ ، التفريع ٢ : ٢٥١.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ما يأخذه من عين ماله ممتزجاً بغير ماله ». والمثبت هو الصحيح.

١٥٠

إنّما يأخذه عوضاً عن ماله ، فلم يختصّ به دون(١) الغرماء ، كما لو تلف ماله(٢) .

ويُمنع عدم وجدانه لعين ماله ، بل وجدها ممتزجةً بغيرها.

والفرق بينه وبين التلف ظاهرٌ ؛ لأنّه نقيضه.

وما يأخذه من غير(٣) ماله وإن كان عوضاً عن ماله إلّا أنّه يُدخل بواسطته في حقّ المفلس مالاً ، فكان مقدَّماً به على باقي الغرماء.

وإن لم تجز القسمة وطالب(٤) بالبيع ، فالأقرب أنّه يجاب إلى ذلك ؛ لأنّ بالقسمة لا يصل إلى عين ماله ، وربما كان له غرض في أن لا يأخذ من زيت المشتري شيئاً ، وهو أحد قولي الشافعي.

والثاني : أنّه لا يجاب إليه ؛ لأنّه يصل إلى جميع حقّه بالقسمة ، فهو كجماعةٍ ورثوا زيتاً لا يكون لبعضهم أن يطالب بعضاً بالبيع(٥) .

والفرق أنّ الورّاث ملكوا الزيت ممزوجاً ، والمفلس كان قد ملك متميّزاً عن ملك البائع ، وكذا البائع ملك متميّزاً عن ملك المفلس ، فافترقا.

ب : أن يمزجه المشتري بأردأ منه‌. وللبائع هنا أيضاً الخيار بين الفسخ(٦) فيرجع في عينه بالكيل أو الوزن - وبه قال الشافعي ومالك(٧) - لما‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إذن » بدل « دون ». والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٢) المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩ - ٥٢٠.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عين » بدل « غير ». والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في الطبعة الحجريّة : « فطالب ».

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٣ - ٥١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٦ - ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٦) كذا قوله : « بين الفسخ ». ولعلّها : « في الفسخ ».

(٧) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٠ ، المهذّب =

١٥١

تقدّم في المساوي ، فإذا رضي بالأردأ ، كان أولى.

وقال أحمد : يسقط حقّه من العين بمجرّد المزج ، سواء بالأجود أو الأردأ أو المساوي(١) .

وقد تقدّم بطلانه ؛ لأنّ عين ماله موجودة من طريق الحكم ، فكان له الرجوعُ ، كما لو وجد عين ماله منفردة [ و ] لأنّه ليس فيها أكثر من اختلاطها ، وهو لا يُخرج الحقيقة عن حقيقتها ، فأشبهت صبغ الثوب وبلّ السويق بالزيت.

وفي كيفيّة أخذ حقّه للشافعي طريقان :

أحدهما - وهو الأصحّ عنده وعندي - : أنّه يقسّم بالمكيال أو الوزن ، فإن تساويا قدراً ، أخذ النصف. وإن تفاوتا ، أخذ المقدار(٢) الذي له ، وإن شاء ضارَب مع الغرماء.

والثاني : أنّ المكيلين يباعان معاً ويُقسّم الثمن بينهما على قدر القيمتين ؛ لأنّه إن أخذ مكيله من الممتزج ، نقص حقّه ، ولا يجب عليه المسامحة ، وإن أخذ أكثر من مكيله ، لزم الربا ، فعلى هذا لو كان المبيع يساوي درهمين ، والممتزج به يساوي درهماً ، قسّم الثمن بينهما أثلاثاً(٣) .

وهو خطأ ؛ لأنّ هذا نقصان حصل في المبيع ، فأشبه تعيّب العبد‌

____________________

= - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٤ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(١) المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مقدار » بدل « المقدار ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

١٥٢

والثوب.

ج : أن يمتزج(١) بالأجود‌ ، فالأصحّ أنّه يسقط حقّه من العين ، وليس له إلّا المضاربة بالثمن - قال الشافعي : بهذا أقول ، وهو أصحّ الوجهين(٢) - لأنّ عين زيته تالفة من طريق المشاهدة والحكم.

أمّا من طريق المشاهدة والحقيقة : فللاختلاط.

وأمّا من طريق الحكم : فلأنّه لا يمكنه الرجوع إلى عينه بالقسمة وأخذ المكيل من الممتزج ؛ لما فيه من الإضرار بصاحب الأجود ، ولا المطالبة بقيمته ، بخلاف المساوي ، فإنّه يمكنه المطالبة بقسمته فيه ، وبخلاف الثوب المصبوغ ، فإن عينه موجودة محسوسة ، وكذا السويق ، فإنّ عينه لم تفقد وهي مشاهدة.

وقال المزني : له الفسخ ، والرجوع إلى حقّه من المخلوط ، كالخلط بالمثل والأردأ ، وكما لو صبغ الثوب ولتَّ السويق(٣) ، لا ينقطع(٤) حقّ الرجوع ، فكذا هنا(٥) .

والفرق أنّ الزيت إذا اختلط ، لم يمكن الإشارة إلى شي‌ء من‌

____________________

(١) فيما عدا « ث » من النسخ الخطّيّة والحجريّة : « يمزج ».

(٢) الأُم ٣ : ٢٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٣) لتّ السويق : أي بلّه بالماء أو بغيره. لسان العرب ٢ : ٨٢ و ٨٣ « لتت ».

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا يقطع ». والظاهر ما أثبتناه كما في « العزيز شرح الوجيز ».

(٥) مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧.

١٥٣

المخلوط بأنّه المبيع ، فكأنّه هلك ، بخلاف الثوب والسويق.

ومن هذا الفرق خرّج بعضهم في المزج بالمثل والأردأ قولاً آخَر : إنّه ينقطع به حقّ الرجوع ، وأيّد ذلك بأنّ الحنطة المبيعة لو انثالت عليها أُخرى قبل القبض ، ينفسخ المبيع على قولٍ ؛ تنزيلاً له منزلة التلف(١) .

والمعتمد عندنا وعندهم(٢) أنّ الخلط بالمثل والأردأ لا يمنع الرجوع ، على ما سبق. ويفارق اختلاط المبيع قبل القبض ؛ لأنّ الملك غير مستقرّ ، فلا يبعد تأثّره بما لا يتأثّر الملك المستقرّ.

وعلى قول المزني بالرجوع في صورة المزج بالأجود ، فيه قولان للشافعي في كيفيّة الرجوع :

أصحّهما عندهم : أنّه يكون شريكاً مع المفلس بقدر قيمة مكيله ، فيباع المكيلتان ، ويقسّم بينهما على قدر القيمتين ، كما في صبغ الثوب.

والثاني : أنّ نفس المكيلتين يقسّم بينهما باعتبار القيمة ، فإذا كانت المكيلة المبيعة تساوي درهماً والمخلوطة درهمين ، أخذ من المكيلتين ثلثي مكيلة(٣) .

وقد خرّج بعضهم هذا الخلافَ على أنّ القسمة بيع أو إفراز حقٍّ؟ إن قلنا : إنّها بيع ، لم يقسّم عين الزيت ؛ لما في القسمة من مقابلة مكيلة بثلثي مكيلة. وإن قلنا بالثاني ، فيجوز ، وكأنّه أخذ بعض حقّه وترك البعض(٤) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، الوسيط ٤ : ٣١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٨ ، حلية العلماء ٤ : ٥١٥ ، الوسيط ٤ : ٣٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٧ - ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨.

١٥٤

وقال بعضهم : إنّ هذا ليس بصحيح ؛ لأنّ ذلك إن كان بيعاً ، كان رباً ، وإن أخذ ثلثه وأبرأه عمّا بقي من مكيلة زيته ، لم تكن البراءة واجبةً عليه ، فيكون له أن لا يفعل ، ويطالب بالباقي ، ولا يجوز ذلك ؛ لأنّه يأخذ حينئذٍ أكثر ممّا لَه ، فلم يبق إلّا البيع لهما(١) .

تذنيبان :

أ : إذا قلنا : الخلط يُلحق المبيعَ بالمفقود‌ - كما هو قول بعض الشافعيّة ، وقول أحمد(٢) - لو كان أحد الخليطين كثيراً والآخَر قليلاً ولا تظهر به زيادة في الحسّ ، ويقع مثله بين المثلين ، فإن كان الكثير للبائع ، فهو واجد عين ماله. وإن كان الكثير للمشتري ، فهو فاقد.

وقال بعض الشافعيّة : الحكم الأوّل قطعيّ ، والثاني ظاهر(٣) .

ب : لو كان المخلوط من غير جنس المبيع كالزيت والشيرج ، فهو فاقد عين ماله‌ ، وليس له الفسخ حينئذٍ ، ويكون بمثابة ما لو تلف المبيع ، فيُضارب بالثمن.

قال الجويني : وفيه احتمال ، سيّما على قوله ببيع المخلوط وقسمة الثمن(٤) .

مسألة ٣٧٢ : قد ذكرنا من أقسام النوع الثاني من الزيادات قسماً واحداً‌ ، وهو أن تكون الزيادة عيناً محضة ، وبقي قسمان : ما يكون صفةً محضة ، وما يتركّب منهما ، فنبدأ بالصفة المحضة.

____________________

(١) راجع المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٣.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٩.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢.

١٥٥

فنقول : إذا اشترى عيناً وعمل فيها ما يزيد في صفتها - مثل أن يشتري حنطة فيطحنها أو يزرعها ، أو دقيقاً فيخبزه ، أو ثوباً فيقصره ، أو يخيطه قميصاً بخيوط من الثوب ، أو غزلاً فينسجه ، أو خشباً فينشره ألواحاً ، أو ألواحاً فينجرها باباً ، وبالجملة أن يعمل شيئاً يزيل اسمه - فإنّه لا يسقط حقّ الرجوع بذلك عندنا إذا أفلس - وبه قال الشافعي(١) - لأنّ العين لم تخرج عن حقيقتها بتوارد هذه الصفات عليها ، فكان واجداً عين ماله ، فله الرجوع فيها.

وقال أحمد : يسقط حقّ البائع من الرجوع ؛ لأنّه لم يجد عين ماله بعينه ، فلم يكن له الرجوعُ ، كما لو أتلفه. ولأنّه غيّر اسمه وصفته ، فلم يكن له الرجوع ، كما لو كان نوىً فنبت شجراً(٢) .

وليس بصحيح ؛ لأنّا قد بيّنّا أنّ العين لم تخرج عن حقيقتها ، وإلّا لكان الغاصب يملك المغصوب إذا فَعَل به هذه الصفات ، وكان ينتقل حقّ المغصوب منه إلى المثل أو القيمة ، وليس كذلك. وتغيير الوصف لا ينافي بقاء العين ، ويخالف النوى ؛ لأنّ الحقيقة قد زالت ووُجدت أُخرى.

إذا عرفت هذا ، فنقول : إن لم تزد قيمة المبيع بهذه الصفات ، لم يكن للمفلس شركة فيه ، بل يأخذه البائع موصوفاً بهذه الصفة ، سواء غرم عليها المفلس شيئاً أو لا.

وإن نقصت قيمته ، فلا شي‌ء للبائع معه.

____________________

(١) الأُم ٣ : ٣٠٣ ، مختصر المزني : ١٠٣ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التنبيه : ١٠٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢ - ٥١٣.

١٥٦

وإن زادت ، صار المفلس شريكاً فيها ، كما في زيادات الأعيان.

قال الشافعي : وبه أقول - وهو أصحّ القولين - لأنّها زيادة حصلت بفعلٍ متقوّم محترم ، فوجب أن لا تضيع عليه ، كما لو صبغ الثوب. ولأنّ الطحن والقصارة أُجريت مجرى الأعيان ، ولهذا كان للطحّان أن يمسك الدقيق على الأُجرة ، وكذا القصّار(١) .

والقول الثاني للشافعي - وبه قال المزني - : إنّ الزيادة في هذه الأعمال تجري مجرى الآثار ، ولا شركة للمفلس فيها ؛ لأنّها صفات تابعة ، وليس للمفلس فيها عين مال ، بل أثر صنعة ، فهي كسمن الدابّة بالعلف وكِبَر الوَديّ بالسقي والتعهّد ، وكتعلّم الغلام صنعةً ، وكما لو اشترى لوزاً فقشره أو غنماً فرعاها. ولأنّ القصارة تزيل الوسخ وتكشف عمّا فيه من البياض ، فلا تقتضي الشركة ، كما لو كان المبيع لوزاً فكسره وكشف اللُّبّ وزادت به القيمة. ويدلّ عليه أنّ الغاصب لو قصر الثوب أو طحن الحنطة لم يستحق شيئاً(٢) .

والفرق ظاهرٌ بين المتنازع وسمن الدابّة بالعلف وكِبَر الوَديّ بالسقي ؛ لأنّ القصّار إذا قصر الثوب ، صار الثوب مقصوراً بالضرورة ، وأمّا السقي والعلف فقد يوجدان كثيراً من غير سمن ولا كِبَر ؛ لأنّ الأثر فيه غير منسوبٍ إلى فعله ، بل هو محض صنع الله تعالى ، ولهذا لا يجوز الاستئجار على‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٧ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ ، الحاوي الكبير ٦ : ٣٠٣ ، حلية العلماء ٤ : ٥٠٩ ، الوجيز ١ : ١٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٢ ، المغني ٤ : ٥٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٥١٢.

١٥٧

تسمين الدابّة و [ تكبير ](١) الوَديّ ، ويجوز الاستئجار على القصارة.

ويخالف المشتري الغاصب ؛ فإنّ الغاصب مُعْتدٍ بفعله ، فلم يثبت له فيها حقّ ، بخلاف مسألتنا.

لا يقال : أليس لو صبغ الغاصب الثوبَ ، كان شريكاً فيه مع تعدّيه؟

لأنّا نقول : الصبغ عين ماله ، وله قلعه ، فإذا تعذّر ذلك ، كان شريكاً ، بخلاف المتنازع ، إلّا أنّ هذا الفرق يمنع اعتبار مسألتنا أيضاً بالصبغ.

مسألة ٣٧٣ : لو اشترى دقيقاً فخبزه ، أو لحماً فشواه ، أو شاةً فذبحها ، أو أرضاً فضرب من ترابها لِبْناً ، أو عرصةً وآلات البناء فبناها فيها(٢) داراً ثمّ أفلس ، كان شريكاً بهذه الأفعال.

وللشافعي قولان(٣) .

أمّا لو علّم العبدَ القرآنَ أو الصنعةَ أو الكتابةَ أو الشعرَ المباح ، أو راضَ الدابّةَ ، فكذلك عندنا ؛ لأنّ هذه الأفعال تصحّ المعاوضة عليها ، فكانت زيادةً.

وقد اختلفت الشافعيّة :

فقال أبو إسحاق : إنّ هذه لا تلحق بما تقدّم ، ولا تجري مجرى الأعيان قطعاً ؛ لأنّه ليس بيد المعلّم والرائض إلّا التعليم ، وقد يجتهد فيه فلا يحصل الغرض ، فكان كالسمن ونحوه(٤) .

والأصحّ عندهم - وبه قال ابن سريج - : أنّها من صور القولين ؛ لأنّها‌

____________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « كبر ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.

(٢) كذا ، والظاهر : « فبنى فيها ».

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٩٦ و ٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٥٨

أعمال يجوز الاستئجار عليها ، ومقابلتها بالعوض(١) .

وضبط صور القولين أن يصنع المفلس بالمبيع ما يجوز الاستئجار عليه ، فيظهر به أثر فيه.

وإنّما اعتبرنا ظهور الأثر فيه ؛ لأنّ حفظ الدابّة وسياستها عمل يجوز الاستئجار عليه ، ولا تثبت به الشركة ؛ لأنّه لا يظهر بسببه أثر على الدابّة.

ثمّ الأثر قد يكون صفةً محسوسة كالطحن والقصارة ، وقد يكون من قبيل الأخلاق كالتعليم والرياضة.

فعلى أحد قولي الشافعي يأخذ البائع العينَ زائدةً بهذا الوصف ، ويفوز بالزيادة مجّاناً.

وعلى ما أختاره - وهو القول الثاني له - تُباع العين ، ويكون للمفلس من الثمن بنسبة ما زاد في قيمته.

فلو كانت قيمة الثوب خاماً خمسةً ، ومقصوراً ستّةً ، كان للمفلس سدس الثمن ، فلو ارتفعت القيمة بالسوق أو انخفضت ، فالزيادة أو النقصان بينهما على النسبة.

ولو ارتفعت قيمة الثوب خاصّةً بأن صار مثل ذلك الثوب خاماً يساوي ستّةً ، ويسوي مقصوراً سبعةً ، فليس للمفلس إلّا سُبْع الثمن ؛ لأنّه قيمة صنعته ، والزيادة حصلت في الثوب للبائع ليس للمفلس فيها شي‌ء ؛ لأنّها زيادة سوقيّة.

ولو انعكس الفرض ، فزادت قيمة الصنع خاصّةً بأن كان مثل هذا الثوب يسوي مقصوراً سبعةً ، ويساوي خاماً خمسةً ، فالزيادة للمفلس خاصّةً ، فيكون له سُبْعا الثمن. وعلى هذا القياس.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٥٩

وهل للبائع إمساك المبيع ببذل قيمة ما فَعَله المفلس ومنعه من بيعه؟ الأقرب : ذلك ؛ لوجوب البيع على كلّ تقدير ، واعتبار الأصل بالبقاء أولى ؛ إذ لا يجب بذل عينه للبيع ، وبه قال بعض الشافعيّة ؛ قياساً على أنّه يبذل قيمة الغراس والبناء(١) .

ومَنَع بعضُهم منه ؛ لأنّ الصنعة لا تُقابل بعوض(٢) .

ونحن لـمّا منعنا - فيما تقدّم - وجوبَ بذل البناء والغراس بدفع القيمة ، وأوجبنا هنا دفع الصنعة ، قلنا ذلك ؛ للفرق بين الأعيان التي تُعدّ أُصولاً ، وبين الصفات التابعة.

تذنيبان :

أ : إذا استأجره للقصارة أو الطحن فعمل الأجير عمله ، كان له حبس الثوب والدقيق لاستيفاء الأُجرة‌ إن جعلنا القصارة والطحن كالأعيان ، كما يحبس البائع المبيع لقبض الثمن. وإن جعلنا القصارة وشبهها من الآثار ، فلا.

ب : إذا تمّم القصّار والطحّان العملَ وتلف الثوب والطحين في يده‌ ، إن قلنا : إنّ فعله آثار لا تجري مجرى الأعيان ، استحقّ الأُجرة كأنّه وقع مسلّماً بالفراغ. وإن قلنا : إنّه أعيان ، لم يستحق ؛ حيث تلف قبل التسليم ، كما يسقط الثمن بتلف المبيع قبل تسليمه.

مسألة ٣٧٤ : قد ذكرنا حكم الزيادة إذا كانت صفةً محضة ، وبقي ما إذا كانت الزيادة عيناً من وجهٍ وصفةً من وجهٍ.

فنقول : إذا اشترى ثوباً فصبغه ، أو سويقاً ولتَّه بزيتٍ وأشباه ذلك ثمّ‌

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٦٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٠٣.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

إني كنت أقعد من نفاسي عشرين يوما حتى أفتوني بثمانية عشر يوما فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ولم أفتوك بثمانية عشر يوما فقال رجل للحديث الذي روي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أسماء سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد أتي بها ثمانية عشر يوما ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل ما تفعله المستحاضة.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال قلت له النفساء متى تصلي قال تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت وإن جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب والعشاء بغسل وإن لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد قلت والحائض قال مثل ذلك سواء

_________________________________________

قال في المدارك : ويمكن الجمع بين الأخبار بحمل الأخبار الواردة بالثمانية عشر على المبتدئة كما اختاره في المختلف ، أو بالتخيير بين الغسل بعد انقضاء العادة والصبر إلى ثمانية عشر ، فكيف كان فلا ريب في أن للمعتادة الرجوع إلى العادة لاستفاضة الروايات الواردة بذلك وصراحتها وإنما يحصل التردد في المبتدئة خاصة من الروايات الواردة بالثمانية عشر ، ومن أن مقتضى رجوع المعتادة إلى العادة كون النفاس حيضا في المعنى فيكون أقصاه عشرة ، وطريق الاحتياط بالنسبة إليها واضح.

الحديث الرابع : صحيح.

اعلم أنه قد اختلف عبارات الأصحاب في بيان المتوسطة والكثيرة كما أومأنا إليه سابقا فيظهر من بعضهم اشتراط التجاوز عن الكرسف في المتوسطة والخرقة في الكثيرة ، ومن بعضهم ظهور اللون خلف الكرسف وإن لم يصل الدم إلى الخرقة فإن وصل فهي كثيرة ، ولا يخفى أن هذا الخبر على الأخير أدل ، ويمكن أن يكون

٢٤١

فإن انقطع عنها الدم وإلا فهي مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلي ولا تدع الصلاة على حال فإن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال الصلاة عماد دينكم.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وأبو داود ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن يونس بن يعقوب قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول تجلس النفساء أيام حيضها التي كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلي.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض وتستظهر بيومين.

(باب)

(النفساء تطهر ثم ترى الدم أو رأت الدم قبل أن تلد)

١ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام في امرأة نفست فتركت الصلاة ثلاثين يوما ثم تطهرت ثم رأت الدم بعد ذلك قال تدع الصلاة لأن أيامها أيام الطهر وقد جازت أيام النفاس.

_________________________________________

المراد بغسل واحد غسل انقطاع الحيض أي يكفيها ذلك الغسل ولا يحتاج إلى غسل آخر ويكون المراد بتجاوز الكرسف ثقبه.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : موثق كالصحيح.

باب النفساء تطهر ثم ترى الدم أو رأت الدم قبل أن تلد

الحديث الأول : موثق ، ومحمد بن أبي عبد الله هو محمد بن جعفر بن عون الأسدي على الظاهر ، ويقال إنه غيره.

٢٤٢

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام عن امرأة نفست فمكثت ثلاثين يوما أو أكثر ثم طهرت وصلت ثم رأت دما أو صفرة قال إن كانت صفرة فلتغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يومين فترى الصفرة أو دما فقال تصلي ما لم تلد فإن غلبها الوجع ففاتها صلاة لم تقدر أن تصليها من الوجع فعليها قضاء تلك الصلاة بعد ما تطهر.

(باب)

(ما يجب على الحائض في أوقات الصلاة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحائض تطهر يوم الجمعة وتذكر

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

والأمر بالغسل إما بالحمل على غير القليلة أو عليها أيضا استحبابا ، ولعل الخبر الأول محمول على ما إذا صادف العادة أو كان بصفة الحيض وهذا على عدمهما وهذا مما يدل على أن قول الأصحاب كل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض ليس على عمومه كما أومأنا إليه سابقا ، والله يعلم.

الحديث الثالث : موثق ، وعليه عمل الأصحاب.

باب ما يجب على الحائض في أول أوقات الصلاة

الحديث الأول : حسن.

ويدل على عدم جواز غسل الجمعة للحائض ، وعلى رجحان الوضوء لها في

٢٤٣

الله؟ قال أما الطهر فلا ولكنها تتوضأ في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة وتذكر الله.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وحماد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تتوضأ المرأة الحائض إذا أرادت أن تأكل وإذا كان وقت الصلاة توضأت واستقبلت القبلة وهللت وكبرت وتلت القرآن وذكرت الله عزوجل.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمار بن مروان ، عن زيد الشحام قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كل صلاة ثم تستقبل القبلة وتذكر الله مقدار ما كانت تصلي.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا كانت المرأة طامثا فلا تحل لها الصلاة وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة ثم تقعد

_________________________________________

أوقات الصلوات وذكر الله بقدر الصلاة كما ظهر من غيره ، والمشهور فيها الاستحباب ، وظاهر المصنف الوجوب كما نقل عن ابن بابويه أيضا لحسن زرارة ، وهو مع عدم صراحته في الوجوب محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة ولو لم يتمكن من الوضوء ففي مشروعية التيمم لها قولان أظهرهما العدم.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح ويدل على ما مر وعلى استحباب الوضوء عند الأكل أيضا ويمكن أن يراد بالوضوء عند الأكل غسل اليد.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

والفراغ بمعنى القصد جاء متعديا باللام أيضا قال في القاموس : فرغ له وإليه قصده ، ويمكن أن يكون الفراغ بمعناه المشهور واللام سببية. وأن تكون تتفرغ فحذفت منه إحدى التائين يقال : تفرغ أي تخلى من الشغل. وقال في المنتهى

٢٤٤

في موضع طاهر وتذكر الله عز وجل وتسبحه وتحمده وتهلله كمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها.

(باب)

(المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها أو تطهر قبل)

(دخول وقتها فتتوانى في الغسل)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الفضل بن يونس قال سألت أبا الحسن الأولعليه‌السلام قلت المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة قال إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي إلا العصر لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم وخرج عنها الوقت وهي في الدم فلم يجب عليها أن تصلي الظهر وما طرح الله عنها من الصلاة وهي في الدم أكثر قال وإذا رأت المرأة الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك

_________________________________________

ينبغي أن يراد من اللام في لحاجتها معنى إلى لينتظم مع المعنى المناسب هنا لتفرغ وهو تقصد ففي القاموس فرغ إليه قصد.

باب المرأة تحيض بعد دخول وقت الصلاة قبل أن تصليها أو تطهر قبل دخول وقتها فتتوانى في الغسل

الحديث الأول : موثق.

ويدل علي أن مناط القضاء إدراك وقت الفضيلة كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، ويظهر من المصنف أيضا اختيار هذا القول ، والمشهور أن الحكم منوط بوقت الإجزاء في الأول والأخر وهو أحوط.

قولهعليه‌السلام : « وما طرح الله عنها » الغرض رفع الاستبعاد عن الحكم بأنه كيف لا تقضي الظهر مع أنه يمكنها الإتيان بها وبالعصر إلى الغروب مرارا فأجابعليه‌السلام بأن مدار الوجوب والقضاء على حكم الشارع فكما أنه حكم بعدم قضاء ما فات

٢٤٥

عن الصلاة فإذا طهرت من الدم فلتقض صلاة الظهر لأن وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهر فضيعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن معمر بن يحيى قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلي الأولى؟ قال : لا إنما تصلي الصلاة التي تطهر عندها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال إذا رأت المرأة الطهر وقد دخل عليها وقت الصلاة ثم أخرت الغسل حتى تدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها فإذا طهرت في وقت وجوب الصلاة فأخرت الصلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى ثم رأت دما كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها.

٤ ـ ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________

في أيام الحيض مع كثرته فكذا حكم بعدم قضاء ما لم تدرك جزءا من وقت فضيلتها طاهرا ، ويدل على أنه لا يكفي لوجوب قضاء الظهر إدراك مقدار الطهارة والصلاة من أول الوقت بل لا بد من خروج وقت الفضيلة وهي طاهر لأنه كان لها التأخير ما دام وقت الفضيلة باقيا فلا يلزمها القضاء لعدم التفريط بخلاف ما إذا خرج وقت الفضيلة فإنها فرطت بالتأخير عنه فيلزمها القضاء فتدبر.

الحديث الثاني : مجهول ، وفي بعض النسخ معمر بن يحيى فالخبر صحيح.

وقال الفاضل التستري (ره) لعل هذا عند تضيق الوقت بحيث لم يبق وقت إلا للعصر وإلا فالظاهر أن وقت الإجزاء موسع.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : حسن.

٢٤٦

قال : قال أيما امرأة رأت الطهر وهي قادرة على أن تغتسل في وقت صلاة ففرطت فيها حتى يدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها وإن رأت الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك فجاز وقت صلاة ودخل وقت صلاة أخرى فليس عليها قضاء وتصلي الصلاة التي دخل وقتها.

٥ ـ ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي الورد قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المرأة تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم قال تقوم من مسجدها ولا تقضي الركعتين وإن كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم من مسجد فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب.

(باب)

(المرأة تكون في الصلاة فتحس بالحيض)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة تكون

_________________________________________

قولهعليه‌السلام : « ودخل وقت صلاة أخرى » يمكن حمله على وقت الاختصاص لكن ظاهر هذه الأخبار كلها وقت الفضيلة كما فهمه المصنف (ره).

الحديث الخامس : حسن.

وعمل بمضمونه الصدوق (ره) قال العلامة (ره) في المختلف : والتحقيق في ذلك أنها إن فرطت بتأخير الصلاة في الموضعين وجب عليها قضاء الصلاة فيهما وإن لم تفرط لم يجب عليها شيء في الموضعين ، والرواية متأولة على من فرطت في المغرب دون الظهر ، وإنما يتم قضاء الركعة بقضاء باقي الصلاة ويكون إطلاق الركعة على الصلاة مجازا.

باب المرأة تكون في الصلاة فتحس بالحيض

الحديث الأول : موثق ويدل على عدم بطلان الوضوء بمس الفرج ، وعلى

٢٤٧

في الصلاة فتظن أنها قد حاضت قال : تدخل يدها فتمس الموضع فإن رأت شيئا انصرفت وإن لم تر شيئا أتمت صلاتها.

(باب)

(الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة)

١ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان عمن أخبره ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا الحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن بن راشد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الحائض تقضي الصلاة قال لا قلت تقضي الصوم قال نعم قلت من أين جاء هذا قال إن أول من قاس إبليس.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قضاء الحائض الصلاة ثم تقضي الصوم قال ليس عليها أن تقضي الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان ثم أقبل علي وقال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________

لزوم استعلام حالها إذا ظنت جريان الدم ويمكن حمله على الفضل لجواز البناء على الصلاة التي شرعت فيها صحيحة ، والأحوط العمل بالخبر وإن لم تكن صحيحة.

باب الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وهذا الحكم أعني قضاء الصوم دون الصلاة إجماعي منصوص في عدة أخبار والفارق النص ، وقال في المدارك : والظاهر عدم الفرق بين الصلاة اليومية وغيرها واستثنى من ذلك الزلزلة لأن وقتها العمر وفي الاستثناء نظر يظهر من التعليل.

الحديث الثاني : ضعيف.

وكان استبعاده نشأ عن قياس الصلاة بالصوم فلذا أجابهعليه‌السلام برد القياس.

الحديث الثالث : حسن.

وكان المراد أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأمرها أن تأمر النساء المؤمنات بذلك لأنهاعليها‌السلام

٢٤٨

كان يأمر بذلك فاطمةعليها‌السلام وكانت تأمر بذلك المؤمنات.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن إسماعيل الجعفي قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام إن المغيرة بن سعيد روى عنك أنك قلت له إن الحائض تقضي الصلاة فقال ما له لا وفقه الله إن امرأة عمران نذرت ما في بطنها محررا والمحرر للمسجد يدخله ثم لا يخرج منه أبدا «فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى » «وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى » فلما وضعتها أدخلتها المسجد فساهمت

_________________________________________

كانت متبرئة من الحيض كما ورد في الأخبار أنها كانت كالحورية لا ترى الدم.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

ويحتمل أن يكون للمحرر في شرعهم عبادات مخصوصة تستوعب جميع أوقاتهم فلو كان عليها قضاء الصلوات التي فاتتها لزم التكليف بما لا يطاق ، ويحتمل أن يكون باعتبار أصل الكون في المسجد فإنه عبادة أيضا وهذا أظهر من العبارة كما لا يخفى ، ويمكن أن يكون هذا إلزاما على المخالفين بما كانوا يعتقدونه من الاستحسانات وإلا فيمكن أن يقال إنما سقط ههنا للضرورة ، ويمكن أن يقال : لما كان بناء استدلالهم على الحكم بوجوب قضاء كل عبادة فاتت عن المكلف فمنعهعليه‌السلام وذكر هذا سندا للمنع ولا يتوجه المنع على السند.

وقال بعض الأفاضل : يحتمل أنه كان في تلك الشريعة يجب على الحائض قضاء ما فاتها من الصلاة في محل الفوات ، أو على من كانت في خدمة المسجد كما قد يفهم من قولهعليه‌السلام فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد فإن هذا الكلام مشعر بما ذكرته فهو في معنى هل تقدر على الخروج لأجل القضاء خارج المسجد أو كيف تبقى خارجه بعد الطهر لأجل القضاء وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد مع عدم مانع كالحيض وهو نظير اعتبار مثل وقت الفوات في هذه الشريعة عند من يعتبره ، ودون هذا الاحتمال احتمال عدم

٢٤٩

عليها الأنبياء فأصابت القرعة زكريا «وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا » فلم تخرج من المسجد حتى بلغت فلما بلغت ما تبلغ النساء خرجت فهل كانت تقدر على أن تقضي تلك الأيام التي خرجت وهي عليها أن تكون الدهر في المسجد.

(باب)

(الحائض والنفساء تقرءان القرآن)

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير وحماد ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحائض تقرأ القرآن وتحمد الله.

_________________________________________

جواز فعل مثل القضاء في المسجد مع الخدمة فإنه يمكن اعتبارها في تلك الشريعة على وجه لا يجوز أو لا يسع معها القضاء.

قيل : ويحتمل أن يكون الكون في المسجد وخدمته على وجه لا يحصل معه إلا الصلاة المؤداة لا المقضية فلا وقت لقضاء ما فات مع ذلك ، ويحتمل أن يكون ذكر قصة مريم لفائدة أن الله سبحانه لم يكلف الحائض بقضاء الصلاة لهذه العلة ، ثم إنه يظهر من بعض الأخبار أنهاعليها‌السلام لم تكن ترى الدم كفاطمةعليها‌السلام فيمكن أن يكون الغرض إلزام مغيرة بما كان يعتقده في ذلك والله يعلم.

باب الحائض والنفساء تقرءان القرآن

الحديث الأول : مجهول كالصحيح.

وقال في المدارك عند قول المحقق الرابعة لا يجوز لها قراءة شيء من العزائم ويكره لها ما عدا ذلك الكلام في هذين الحكمين كما تقدم في الجنب ، ويستفاد من العبارة كراهة السبع المستثناة للجنب واستحسنه الشارح لانتفاء النص المقتضي للتخصيص وهو غير جيد ، بل المتجه إباحة قراءة ما عدا العزائم من غير كراهة بالنسبة إليها مطلقا لانتفاء ما يدل على الكراهة بطريق الإطلاق أو التعميم حتى يحتاج

٢٥٠

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تقرأ الحائض القرآن والنفساء والجنب أيضا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الطامث تسمع السجدة قال إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض فقال نعم إذا كان في جلد أو فضة أو قصبة حديد.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن داود بن فرقد ، عن

_________________________________________

استثناء السبع إلى المخصص ، ورواية سماعة التي هي الأصل في كراهة قراءة ما زاد على السبع مختصة بالجنب فتبقى الأخبار الصحيحة المتضمنة لإباحة قراءة الحائض ما شاءت سالمة عن المعارض انتهى وهو جيد.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب أنها لو تلت السجدة أو سمعتها يجب عليها السجود ، وخالف في ذلك الشيخ (ره) فحرم عليها السجود بناء على اشتراط الطهارة فيه ، ونقل عليه في التهذيب الإجماع والظاهر عدم الاشتراط تمسكا بإطلاق الأمر الخالي من التقييد وخصوص هذه الرواية ورواية أبي بصير.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح.

وكأنه محمول على الاستحباب للتعظيم ، ويظهر منه عدم حرمة استعمال مثل هذه الظروف من الفضة التي لا تسمى آنية عرفا ، والحديد وإن كان فيه كراهة لكن لا ينافي ذهاب كراهة حمل التعويذ وتخفيفها بسبب ذلك ، والله أعلم.

الحديث الخامس : حسن وآخره مرسل.

٢٥١

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض قال نعم لا بأس قال وقال تقرؤه وتكتبه ولا تصيبه يدها وروي أنها لا تكتب القرآن.

(باب)

(الحائض تأخذ من المسجد ولا تضع فيه شيئا)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه فقال لأن الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلا منه.

_________________________________________

ولا يخفى عدم دلالة الخبر على جواز الكتابة والقراءة للقرآن للحائض لأن التعويذ أعم منه إلا أن يستدل بعمومه أو إطلاقه ، وفيه دلالة على المنع من مس الأدعية والأسماء وسائر ما يجعل تعويذا وفي أكثرها على المشهور محمول على الكراهة فتأمل.

باب الحائض تأخذ من المسجد ولا تضع فيه شيئا

الحديث الأول : صحيح.

والنهي عن الوضع محمول عند أكثر الأصحاب على التحريم ، وعند سلار على الكراهة ، والعمل على المشهور ، وذكر الأكثر أنه لا فرق في الوضع بين كونه من خارج المسجد أو داخله كما تقتضيه إطلاق الخبر.

٢٥٢

(باب)

(المرأة يرتفع طمثها ثم يعود وحد اليأس من المحيض)

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة ذهب طمثها سنين ثم عاد إليها شيء قال تترك الصلاة حتى تطهر.

٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام المرأة التي قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة ، وروي ستون سنة أيضا.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن طريف ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم

_________________________________________

باب المرأة يرتفع طمثها ثم يعود وحد اليأس من المحيض.

الحديث الأول : صحيح.

وظاهره ترك الصلاة بمجرد الرؤية ويمكن حمله على ما إذا صادف العادة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور ، وأخره مرسل.

الحديث الثالث : صحيح.

ويظهر بانضمام الخبر السابق أن القرشية تيأس لستين ، ولم أجد رواية بإلحاق النبطية بالقرشية ، وفي شرح الشرائع أنه لم يوجد لها رواية مسندة ، وقال في المدارك : المراد بالقرشية من انتسب إلى قريش بأبيها كما هو المختار في نظائره ، ويحتمل الاكتفاء بالأم هنا لأن لها مدخلا في ذلك بسبب تقارب الأمزجة ومن ثم اعتبرت الخالات وبناتهن في المبتدئة وأما النبطية فذكرها المفيد ومن تبعه معترفين بعدم النص عليها ظاهرا ، واختلفوا في معناها ، والأجود عدم الفرق بينها وبين غيرها ، وقد أجمع الأصحاب وغيرهم على أن ما تراه المرأة بعد يأسها لا يكون حيضا ، وإنما

٢٥٣

ترحمرة إلا أن تكون امرأة من قريش.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال حد التي قد يئست من المحيض خمسون سنة.

(باب)

(المرأة يرتفع طمثها من علة فتسقى الدواء ليعود طمثها)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن رفاعة بن موسى النخاس قال سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قلت أشتري الجارية

_________________________________________

الخلاف فيما يتحقق به اليأس ، وقد اختلف فيه كلام المصنف (ره) فجزم هنا باعتبار بلوغ الستين مطلقا ، واختار في باب الطلاق من هذا الكتاب اعتبار الخمسين كذلك. وجعله في النافع أشهر الروايتين ، ورجح في المعتبر الفرق بين القرشية وغيرها باعتبار الستين فيها خاصة والاكتفاء في غيرها بالخمسين ، واحتج عليه بمرسلة ابن أبي عمير ، وهي مع قصور سندها لا تدل على المدعى صريحا. والأجود اعتبار الخمسين مطلقا لصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال في المعتبر : ورواه أيضا أحمد بن محمد بن أبي نصر في كتابه عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقد ورد بالستين رواية أخرى عن عبد الرحمن بن الحجاج أيضا عن الصادقعليه‌السلام وفي طريقها ضعف فالعمل بالأول متعين. ثم إن قلنا بالفرق بين القرشية وغيرها فكل امرأة علم انتسابها إلى قريش وهو النضر بن كنانة أو انتفاؤها عنه فحكمها واضح ، ومن اشتبه نسبها كما هو الأغلب في هذا الزمان من عدم العلم بنسب غير الهاشميين فالأصل يقتضي عدم كونها قرشية ويعضده استصحاب التكليف بالعبادة إلى أن يتحقق المسقط.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح.

باب المرأة يرتفع طمثها من علة فتسقى الدواء ليعود طمثها.

الحديث الأول : صحيح.

٢٥٤

فتمكث عندي الأشهر لا تطمث وليس ذلك من كبر وأريها النساء فيقلن لي ليس بها حبل فلي أن أنكحها في فرجها فقال إن الطمث قد تحبسه الريح من غير حبل فلا بأس أن تمسها في الفرج قلت فإن كان بها حبل فما لي منها قال إن أردت فيما دون الفرج.

٢ ـ ابن محبوب ، عن رفاعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أشتري الجارية فربما احتبس طمثها من فساد دم أو ريح في الرحم فتسقى الدواء لذلك فتطمث من يومها أفيجوز لي ذلك وأنا لا أدري ذلك من حبل هو أو من غيره فقال لي لا تفعل ذلك فقلت له إنه إنما ارتفع طمثها منها شهرا ولو كان ذلك من حبل إنما كان نطفة كنطفة الرجل الذي يعزل فقال لي إن النطفة إذا وقعت في الرحم تصير إلى علقة ثم إلى مضغة ثم إلى ما شاء الله وإن النطفة إذا وقعت في غير الرحم لم يخلق منها شيء فلا تسقها دواء إذا ارتفع طمثها شهرا وجاز وقتها الذي كانت تطمث فيه.

_________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « لا تفعل ذلك » لاحتمال كونه من الحمل.

قوله : « لو كان » الظاهر أن مراد السائل أنه لو كان بها حبل أيضا لما لم يجز أكثر من شهر لم يخلق بعد منه إنسان حتى يكون سقي الدواء موجبا لقتل إنسان بل هو تضييع نطفة كالعزل ، فأجابعليه‌السلام بالفرق بينهما بأن النطفة عند العزل لم تستقر في الرحم ، وأما إذا استقرت فتصير مبدأ لنشوء آدمي فيحرم تضييعه ، ويمكن أن يكون مراده أن الحمل لو كان فإنما هو من نطفة ضعيفة معزولة قد استقر قليل منها في الرحم بأن يكون قد علم أن مولاها السابق كان يعزل عنها ، والجواب حينئذ أن القليل والكثير إذا استقرت في الرحم تصير مبدأ للنشوء فيحترم لذلك ولا يخفى بعده فتأمل.

٢٥٥

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن داود بن فرقد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل اشترى جارية مدركة ولم تحض عنده حتى مضى لذلك ستة أشهر وليس بها حبل قال إن كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر فهذا عيب ترد منه.

(باب)

(الحائض تختضب)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سهل بن اليسع ، عن أبيه قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المرأة تختضب وهي حائض قال لا بأس به.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن محمد بن أبي حمزة قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام تختضب المرأة وهي طامث قال : نعم.

(باب)

(غسل ثياب الحائض)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن سورة بن كليب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المرأة الحائض أتغسل ثيابها التي لبستها في طمثها قال تغسل ما أصاب ثيابها من الدم وتدع ما سوى ذلك قلت

_________________________________________

الحديث الثالث : صحيح وكان الأنسب ذكرها في كتاب البيع.

باب الحائض تختضب.

الحديث الأول : حسن ، والمشهور الكراهة وعدم البأس لا ينافيها.

الحديث الثاني : صحيح وفي بعض النسخ بعد قوله عن محمد بن أبي حمزة عن علي بن أبي حمزة فالخبر ضعيف على المشهور.

باب غسل ثياب الحائض.

الحديث الأول : حسن ، وعليه عمل الأصحاب.

٢٥٦

له وقد عرقت فيها قال إن العرق ليس من الحيض.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عقبة بن محرز ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحائض تصلي في ثوبها ما لم يصبه دم.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال سألته أم ولد لأبيه فقالت جعلت فداك إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحيي منه فقال سلي ولا تستحيي قالت أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره فقال اصبغيه بمشق حتى يختلط ويذهب.

(باب)

(الحائض تناول الخمرة أو الماء)

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الحائض تناول الرجل الماء فقال قد كان بعض نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تسكب عليه الماء وهي حائض وتناوله الخمرة.

تم كتاب الحيض من كتاب الكافي «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » وصلى الله على محمد وآله.

_________________________________________

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : مجهول.

والظاهر أنه لما لم يكن عبرة باللون بعد إزالة العين ويحصل من رؤية اللون أثر في النفس فلذا أمرهاعليه‌السلام بالصبغ لئلا تتميز وترتفع استنكاف النفس ، ويحتمل أن يكون الصبغ بالمشق مؤثرا في إزالة الدم ولونه لكنه بعيد ، والمشق طين أحمر.

باب الحائض تناول الخمرة أو الماء.

الحديث الأول : كالصحيح.

وقال في الصحاح : الخمرة بالضم سجادة صغيرة من سعف.

٢٥٧

[بسم الله الرحمن الرحيم]

(كتاب الجنائز)

(باب)

(علل الموت وأن المؤمن يموت بكل ميتة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال عمن حدثه ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان الناس يعتبطون اعتباطا فلما كان زمان إبراهيمعليه‌السلام قال يا رب اجعل للموت علة يؤجر بها الميت ويسلى بها عن المصاب قال فأنزل الله عز وجل الموم وهو البرسام ثم أنزل بعده الداء.

_________________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الجنائز

باب علل الموت وأن المؤمن يموت بكل ميتة.

الحديث الأول : مرسل.

وقال في الصحاح : يقال عبطت الناقة وعتبطتها إذا ذبحتها وليست بها علة ، وقال مات فلان عبطة أي صحيحا شابا ، وقال في النهاية : الموم البرسام مع الحمى وقال البرسام بالكسر علة يهذي فيها.

قولهعليه‌السلام : « بعده الداء » أي سائر الأمراض.

٢٥٨

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن عاصم بن حميد ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان الناس يعتبطون اعتباطا فقال إبراهيمعليه‌السلام يا رب لو جعلت للموت علة يعرف بها ويسلى عن المصاب فأنزل الله عز وجل الموم وهو البرسام ثم أنزل الداء بعده.

٣ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن سعدان ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول الحمى رائد الموت وهو سجن الله في الأرض وهو حظ المؤمن من النار.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن محمد بن الحصين ، عن محمد بن الفضيل ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مات داود النبيعليه‌السلام يوم السبت مفجوءا فأظلته الطير بأجنحتها ومات

_________________________________________

الحديث الثاني : مختلف فيه.

قوله : « يعرف بها » أي وروده قبله فيهيء أموره بالوصية وغيرها ، ويمكن أن يكون قوله : « يؤجر بها » الميت في الخبر السابق شاملا لذلك أيضا فإنه يؤجر بسبب أصل المرض وبسبب ما يصير المرض سببا لإيقاعه من الأعمال الصالحة والوصية والتوبة وغيرها ، وإنما ارتكبنا ذلك لأن الراوي في الخبرين واحد والقصة واحدة وسائر المضامين مشتركة.

الحديث الثالث : مجهول.

وفي الصحاح الرائد الذي يرسل في طلب الكلاء انتهى. والمراد أنها تأتي لتهيئة منزل الموت ولإعلام الناس بنزوله كما أن بقدوم الرائد يستدل الناس على قدوم القوم.

الحديث الرابع : مجهول.

وفي الصحاح التيه المفازة يتاه فيها.

٢٥٩

موسى كليم اللهعليه‌السلام في التيه فصاح صائح من السماء مات موسىعليه‌السلام وأي نفس لا تموت؟.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر والحسن بن محبوب ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن موت الفجأة تخفيف عن المؤمن وأخذة أسف عن الكافر.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد أو غيره ، عن علي بن حديد ، عن الرضاعليه‌السلام قال أكثر من يموت من موالينا بالبطن الذريع.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن موسى بن الحسن ، عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن شيخ من أصحابنا يكنى بأبي عبد الله ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحمى رائد الموت وسجن الله تعالى في أرضه وفورها من جهنم وهي حظ كل مؤمن من النار.

_________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « وأخذه أسف » أي أخذه توجب تأسفه ويمكن أن يقرأ بكسر السين قال في النهاية : في حديث ـ موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذه أسف للكافر أي ـ أخذه غضب أو غضبان ، يقال أسف يأسف أسفا فهو أسف إذا غضب.

الحديث السادس : ضعيف.

وفي القاموس : البطن محركة داء البطن ، وفي الصحاح : قتل ذريع أي سريع انتهى. والمراد هنا الإسهال الذي يتواتر الدفع فيه فيقتل ، أو الأعم منه ومن الأدواء التي تحدث بسبب كثرة الأكل كالهيضة والقولنج وأشباههما.

الحديث السابع : مرسل.

وفي القاموس فار العرق فورانا هاج انتهى. وكون فورها من جهنم لعله على المجاز أي لشدتها كأنها من جهنم ، أو أنها تنبعث من الخطايا التي توجب النار

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363