مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38145 / تحميل: 7065
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

(باب)

(الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها والحد في غسل اليدين)

(من الجنابة والبول والغائط والنوم)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سماعة ، عن أبي بصير عنهمعليهم‌السلام قال إذا دخلت يدك في الإناء قبل أن تغسلها فلا بأس إلا أن يكون أصابها قذر بول أو جنابة فإن دخلت يدك في الإناء وفيها شيء من ذلك فأهرق ذلك الماء.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن عبد الكريم بن عتبة قال سألت الشيخ عن الرجل يستيقظ من نومه ولم يبل أيدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها قال لا لأنه لا يدري أين كانت يده فليغسلها.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل الجنب يسهو فيغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها أنه لا بأس إذا لم يكن أصاب يده شيء.

_________________________________________

باب الرجل يدخل يده في الماء قبل أن يغسلها والحد في غسل اليدين من الجنابة والبول والغائط والنوم

الحديث الأول : حسن أو موثق.

ويدل على انفعال القليل مطلقا ، وظاهره اختصاص استحباب غسل اليد بالقليل.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور ، وحمل على الاستحباب.

الحديث الثالث : صحيح.

ويدل على أن الغسل في سائر الأخبار محمول على الاستحباب ويمكن حمل هذا على ما إذا علم طهارة اليد.

٤١

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل يبول ولم يمس يده شيء أيغمسها في الماء قال نعم وإن كان جنبا.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل كم يفرغ الرجل على يده قبل أن يدخلها في الإناء قال واحدة من حدث البول وثنتين من الغائط وثلاثة من الجنابة.

٦ ـ علي بن محمد ، عن سهل عمن ذكره ، عن يونس ، عن بكار بن أبي بكر قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يضع الكوز الذي يغرف به من الحب في مكان قذر ثم يدخله الحب قال يصب من الماء ثلاثة أكف ثم يدلك الكوز.

_________________________________________

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

ويحتمل أن يكون المراد أنه يصب ثلاث أكف من الماء ثم بذلك الكوز أيضا يصب ثلاثا لدفع الاستقذار الذي حدث في النفس بذلك ، على أن يكون المراد من القذر الوسخ لا النجس ، والذي يخطر بالبال أنه ، يحتمل أن يكون المراد بقوله « ثم يدخله » ثم يريد أن يدخله فالجواب أنه يصب ثلاث أكف على أسفل ذلك الكوز ثم يغرف بذلك الكوز ويكون المراد النجس وفي بعض النسخ ثلاث أكواز بذلك الكوز فيتعين الأول.

٤٢

(باب)

(اختلاط ماء المطر بالبول وما يرجع في الإناء من غسالة الجنب)

(والرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجي به)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضره ذلك.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الهيثم بن أبي مسروق ، عن الحكم بن مسكين ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لو أن ميزابين سالا أحدهما ميزاب بول والآخر ميزاب ماء فاختلطا ثم أصابك ما كان به بأس.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الكاهلي ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت أمر في الطريق فيسيل علي الميزاب في أوقات أعلم أن الناس يتوضئون قال قال ليس به بأس لا تسأل عنه قلت ويسيل علي من ماء المطر أرى فيه التغير وأرى فيه آثار القذر فتقطر القطرات علي وينتضح علي منه والبيت

_________________________________________

باب اختلاط ماء المطر بالبول وما يرجع في الإناء من غسالة الجنب الرجل يقع ثوبه على الماء الذي يستنجي به

الحديث الأول : حسن وحمل على ما إذا كان عند نزول المطر ولم يتغير الماء به ويكون في حال نزول الغيث ، وما قيل : من أن المراد من الاختلاط الاشتباه فاشتباه ظاهر.

الحديث الثاني : مجهول وظاهره عدم انفعال القليل وحمل على ماء المطر بالشروط السابقة كما هو الغالب.

الحديث الثالث : مرسل.

قوله : « فتقطر القطرات » في نسخة بخط ابن المزيد فتطفر ، قوله « وينتضح » أي

٤٣

يتوضأ على سطحه فيكف على ثيابنا قال ما بذا بأس لا تغسله كل شيء يراه ماء المطر فقد طهر.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن في طين المطر أنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه قد نجسه شيء بعد المطر فإن أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله وإن كان الطريق نظيفا لم تغسله.

_________________________________________

بعد وصوله إلى الأرض من المياه التي في الأرض التي لم يتغير ، وقال المحقق في المعالم : اعلم أن ماء الغيث يلحق بالجاري في عدم الانفعال بالملاقاة ما دام نازلا سواء جري أو لم يجر ، ذهب إليه أكثر الأصحاب كالفاضلين والشهيدين وغيرهم ، وقال الشيخ (ره) في التهذيب : الوجه أن ماء المطر إذا جرى من الميزاب فحكمه حكم الماء الجاري لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته ، وتبعه في ذلك صاحب الجامع ، احتج الشيخ برواية هشام بن الحكم كما مر وبغيرها من الأخبار ، واحتج الأولون بهذه الرواية بما رواه علي بن جعفر في الصحيح ، عن أخيه موسىعليه‌السلام عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل أن يغسله فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه ولا بأس.(١)

الحديث الرابع : مرسل.

وقال الفاضل التستري كان المقصود نفي الكراهة قبل الثلاثة مع عدم علم النجاسة ، وإثبات الكراهة بعدها إلا أن يعلم الطهارة اليقينية ، وإلا فالظاهر أن مع علم عدم النجاسة لا يحسن الاجتناب سواء كان قبل الثلاثة أو بعدها ، وكيف ما كان فإثبات الحكم بمثل هذه لا يخلو من شيء ، وإن كان مجرد الكراهة ، وقال المحقق في المعالم اشتهر في كلام الأصحاب الحكم باستحباب إزالة طين المطر بعد مضي ثلاثة أيام من وقت انقطاعه وأنه لا بأس به في الثلاثة ما لم يعلم فيه نجاسة والأصل فيه رواية

__________________

(١) الوسائل : الباب ـ ٣٦ ـ من أبواب الماء المطلق الحديث ـ ٥ ـ ،.

٤٤

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن الأحول قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أخرج من الخلاء فأستنجي بالماء فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به فقال لا بأس به.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن الحكم ، عن شهاب بن عبد ربه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في الجنب يغتسل فيقطر الماء عن جسده في الإناء وينتضح الماء من الأرض فيصير في الإناء إنه لا بأس بهذا كله.

_________________________________________

محمد بن إسماعيل.

الحديث الخامس : حسن يستفاد من عدم البأس أنه طاهر لا أنه نجس معفو عنه كما نسبه في الذكرى إلى المحقق في المعتبر وإطلاقه يؤذن بعدم الفرق في ذلك بين المخرجين المتعدي وغيره إلا أن يتفاحش بحيث لا يصدق على إزالته اسم الاستنجاء ولا بين أن ينفصل مع الماء أجزاء من النجاسة مميزة أولا ، واشترط العلامة في النهاية عدم زيادة الوزن وتبعه شيخنا في الذكرى ودليله غير ظاهر ، نعم يشترط عدم تغيره بالنجاسة وعدم وقوعه على نجاسة خارجة.

الحديث السادس : صحيح.

ويدل على أن القطرات من الغسالة ليس حكمها حكم الغسالة واختلف الأصحاب في غسالة الجنب ، فذهب جماعة إلى النجاسة وجماعة من القدماء إلى الطهارة واستثنى منها غسالة الاستنجاء ، فإن المشهور فيها الطهارة ، وقيل : أنها نجسة معفوة كما مر وأما غسالة الوضوء فلا خلاف في كونها طاهرة مطهرة إلا لأبي حنيفة فإنه يقول بنجاستها ، وأما غسالة الغسل فلا خلاف ظاهرا بيننا في طهارتها وكونها مزيلة للخبث وإنما الخلاف في كونها مزيلة للحدث ثانيا أم لا والمشهور المأثور الأول.

٤٥

٧ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي بن عبد الله ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الرجل الجنب يغتسل فينتضح من الماء في الإناء فقال لا بأس «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ».

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أغتسل في مغتسل يبال فيه ويغتسل من الجنابة فيقع في الإناء ماء ينزو من الأرض فقال لا بأس به٠

(باب)

(ماء الحمام والماء الذي تسخنه الشمس)

١ ـ بعض أصحابنا ، عن ابن جمهور ، عن محمد بن القاسم ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال لا تغتسل من البئر التي تجتمع فيها غسالة الحمام

_________________________________________

الحديث السابع : مجهول كالصحيح.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور ، وينبغي حمله على ما إذا لم يقع على البول والنجس أو يكون المراد مغتسل الحمام فإنه يرد عليه تلك الأشياء والماء الذي يطهره فلذا قالعليه‌السلام لا بأس إذ الماء يطهرها أو المراد أنه يظن وقوع تلك الأشياء عليه غالبا فالجواب بعدم البأس لعدم العبرة بذلك الظن.

باب ماء الحمام والماء الذي تسخنه الشمس

الحديث الأول : ضعيف.

ويدل على وجوب الاحتراز عن غسالة الحمام كما ذهب إليه بعض الأصحاب ، وقال في المنتهى منع الشيخ في النهاية من استعمال غسالة الحمام وكذا ابن بابويه وادعى ابن إدريس الإجماع على ذلك وكثرة الأخبار عليه ، ولم يصل إلينا من القدماء غير حديثين ضعيفين والأقوى عندي أنها على أصل الطهارة.

وقال المحقق في المعالم اختلف الأصحاب في غسالة الحمام فقال الصدوق في

٤٦

فإن فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر إلى سبعة آباء وفيها غسالة الناصب وهو شرهما إن الله لم يخلق خلقا شرا من الكلب وإن الناصب أهون على الله من الكلب قلت أخبرني عن ماء الحمام يغتسل منه الجنب والصبي واليهودي والنصراني والمجوسي فقال إن ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا.

_________________________________________

الفقيه لا يجوز التطهير بغسالة الحمام لأنه يجتمع فيه غسالة اليهودي والنصراني والمبغض لآل محمد وهو شرهم ، وقال أبوه في رسالته : إياك أن تغتسل من غسالة الحمام وذكر التعليل الذي ذكره ابنه ، وقال الشيخ في النهاية غسالة الحمام لا يجوز استعمالها على حال ، وقال المحقق : لا يغتسل بغسالة الحمام إلا أن يعلم خلوها من النجاسة ، وقال العلامة في المنتهى : الأقرب عندي أنها على أصل الطهارة ويعزى هذا القول إلى غيره من الأصحاب أيضا ، وصرح في الإرشاد بنجاستها وربما تبعه فيه بعض من تأخر ، واحتج المحقق في المعتبر برواية أبي يحيى الواسطي كما ذكره المصنف طاب ثراه وهذه الرواية تدل على الطهارة إلا أن في طريقها ضعفا بالإرسال وجهالة أبي يحيى حيث ذكره الشيخ من غير تعرض لثناء أو غيرها ، وقد قال المحقق في المعتبر عند ذكره لها بعد جعلها مؤيدة لما حكم به من عدم المنع إذا علم خلوها من النجاسة أنها وإن كانت مرسلة إلا أن الأصل يؤيدها ، وفي المنتهى جعله شاهدا على ما ذهب إليه من الحكم بالطهارة مطلقا مع الأصل وبيان ضعف ما دل على خلافه.

قولهعليه‌السلام « إلى سبعة آباء ».

أي من الأسفل ويحتمل الأعلى أيضا على بعد ، ويدل على نجاسة ولد الزنا كما ذهب إليه المرتضى ويعزى إلى ابن إدريس وإلى الصدوق أيضا لكن ينبغي حمل الطهارة في أولاده على الطهارة المعنوية لعدم القول بنجاستهم ظاهرا.

قولهعليه‌السلام « ماء الحمام كماء النهر » يحتمل أن يكون المراد الحياض الصغار والمراد بقوله « يطهر بعضه بعضا » إن المادة عند الاتصال يطهر ذلك الماء القليل ، ويحتمل أن يكون المراد الماء الذي يصب على صحن الحمام بناء على عدم القول

٤٧

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن بكر بن حبيب ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة.

_________________________________________

بالسراية فتأمل.

الحديث الثاني : مجهول.

وقال في الحبل المتين : المراد بماء الحمام ما في حياضه الصغار التي دون الكر وإطلاقه شامل لذي المادة وعديمها لكن اشتراط المادة مستفاد من رواية بكر ابن حبيب عن أبي جعفرعليه‌السلام وابن الحبيب وإن كان مجهول الحال إلا أن جمهور الأصحاب تلقوا روايته هذه بالقبول فلعل ضعفه منجبر بذلك وهل يشترط الكرية في المادة إطلاق هذه الرواية يقتضي عدم الاشتراط وإليه ذهب المحقق طاب ثراه في المعتبر وأكثر من تأخر عنه على خلافه مستندين إلى العمومات الدالة على انفعال القليل بالملاقاة ، وهذا وإن كان أقرب إلى جادة الاحتياط إلا أن قول المحقق (ره) غير بعيد عند التحقيق فإن جعلهعليه‌السلام بمنزلة الجاري كالصريح في عدم اشتراط الكرية فيه نعم يتجه اشتراطها عند العلامة أعلى الله مكانه حيث اشترطها في الجاري ، أما هم قدس الله أرواحهم فحيث لم يشترطوا الكرية فيه ينبغي أن لا يشترطوها فيما هو بمنزلته على ما نطق به النص الصحيح.

والحاصل أن تنزيلهعليه‌السلام بمنزلة الجاري أخرجه عن حكم القليل فلا يلزم ـ من الحكم بانفعال القليل بالملاقاة الحكم بانفعاله بها كما خرج ماء الاستنجاء وماء المطر عن هذا الحكم بنص خاص خرج هذا أيضا ومع هذا فاشتراط الكرية هو الأحوط انتهى ، أقول : لعل التشبيه بالجاري باعتبار أن مع قلته متصل بماء كثير تحت الأرض هو مادة له فلا يلزم من ذلك إلا عدم اشتراط الكرية في ذي المادة لا فيها فتفطن.

٤٨

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن عبد الله بن عامر ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان قال سمعت رجلا يقول لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني أدخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم فأغتسل فينتضح علي بعد ما أفرغ من مائهم قال أليس هو جار قلت بلى قال لا بأس.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال سئل عن مجمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب قال لا بأس.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن أبي الحسين الفارسي ، عن سليمان بن جعفر ، عن إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الماء الذي تسخنه الشمس لا توضئوا به ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به

_________________________________________

الحديث الثالث : موثق.

قولهعليه‌السلام « أليس هو جار » يحتمل أن يكون المراد أليس يجري الماء الجاري في صحن الحمام ، أو أليس المياه التي في تلك الحياض جارية على صحن الحمام ، أو أليس الماء جاريا من المادة إلى الحياض الصغار التي يغتسلون منها إذ الماء يمكن أن يكون انتضح من أبدانهم ، وقيل المراد ما سمعت إن ماء الحمام بحكم الجاري ولا يخفى بعده ولعل الثالث أظهر الوجوه.

الحديث الرابع : مرسل.

ولعله محمول على ما إذا لم يحصل العلم أو الظن ، بوقوع غسالة من مر ذكره في الخبر الأول فيها ويمكن حمل الأول على الكراهة.

الحديث الخامس : ضعيف :

على المشهور وحمل على الكراهة وخص العلامة الكراهة بالأواني المنطبقة غير الذهب والفضة ونقل الإجماع على عدم كراهة ما يسخن في الحياض والبرك ، وربما يستشكل الكراهة نظرا إلى ما تضمنه الخبر من إيراث البرص ووجوب

٤٩

فإنه يورث البرص.

(باب)

(الموضع الذي يكره أن يتغوط فيه أو يبال)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من فقه الرجل أن يرتاد موضعا لبوله.

٢ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رجل لعلي بن الحسينعليه‌السلام أين يتوضأ الغرباء قال يتقي شطوط الأنهار والطرق النافذة وتحت الأشجار المثمرة و

_________________________________________

اجتناب ما يضر بالبدن ، نعم إن حمل إيراثه على احتمال ذلك احتمالا ضعيفا أمكن ذلك.

باب الموضع الذي يكره أن يتغوط فيه أو يبال

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في الصحاح : راد الكلاء يروده رودا وريادا وارتادا وارتيادا أي طلبه في الحديث إذا بال أحدكم فليرتد لبوله أي تطلب مكانا لينا أو منحدرا.

الحديث الثاني : صحيح.

قولهعليه‌السلام « يتوضأ الغرباء » المراد إما التغوط أو الأعم منه ومن البول والأول أظهر ، والتخصيص بالغريب لأن البلدي يكون له مكان معد لذلك غالبا ، وفي الصحاح الشط جانب النهر قولهعليه‌السلام « والطرق النافذة ». أي المسلوكة لا المتروكة قولهعليه‌السلام « أبواب الدور » يمكن أن يكون ذكر هذا على سبيل المثال ويكون عاما في كل ما يتأذى به الناس قال في النهاية فيه « اتقوا الملأ عن الثلاث » جمع الملعنة وهي الفعلة التي تلعن فيها فاعلها كأنه مظنة للعن ومحل له وهو أن يتغوط الإنسان على قارعة الطريق ، أو ظل الشجرة ، أو جانب

٥٠

مواضع اللعن فقيل له وأين مواضع اللعن قال أبواب الدور.

٣ ـ محمد بن يحيى بإسناده رفعه قال سئل أبو الحسنعليه‌السلام ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها. وروي أيضا في حديث آخر لا تستقبل الشمس ولا القمر.

_________________________________________

النهر فإذا يراها الناس لعنوا فاعله.

الحديث الثالث : مرفوع وأخره مرسل.

واختلف الأصحاب في تحريم الاستقبال والاستدبار على المتخلي ، فذهب الشيخ ، وابن البراج وابن إدريس إلى تحريمهما في الصحاري والبنيان ، وقال ابن الجنيد يستحب إذا أراد التغوط في الصحراء أن يتجنب استقبال القبلة ولم يتعرض للاستدبار ، ونقل عن سلار الكراهة في البنيان. ويلزم منه الكراهة في الصحاري أيضا أو التحريم ، وقال المفيد في المقنعة : ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ـ ثم قال ـ فإن دخل دارا قد بنى فيها مقعد الغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يكره الجلوس عليه ، وإنما يكره ذلك في الصحاري ، والمواضع التي يتمكن فيها من الانحراف عن القبلة ، وقال العلامة في المختلف : بعد حكاية ذلك وهذا يعطي الكراهة في الصحاري والإباحة في البنيان وهو غير واضح.

ثم الخبر يدل على المنع من استقبال الريح واستدبارها وحمل على الكراهة. وقال المحقق في المعالم : الرواية تضمنت الاستدبار ولم يذكر أكثر الأصحاب كراهته نظرا إلى أن التعليل بمخافة العود غير آت فيه ، وأنت خبير بأن الرواية لا تعلق لها بالتعليل ، فالمتجه بتقدير العمل بها عدم الفرق ، وبه جزم الشهيد في الذكرى ، وقال العلامة في النهاية : الظاهر أن المراد بالنهي عن الاستدبار حالة خوف الرد إليه انتهى. والظاهر أن خوف الرد في الاستدبار أكثر من الاستقبال غالبا قولهعليه‌السلام « لا تستقبل الشمس » لا يخفى أن هذا أعم ـ من الاستقبال بالفرج الذي ذكره الأصحاب ـ من وجه فتأمل.

٥١

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يطمح الرجل ببوله من السطح أو من الشيء المرتفع في الهواء.

٥ ـ علي بن إبراهيم رفعه قال خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبو الحسن موسىعليه‌السلام قائم وهو غلام فقال له أبو حنيفة يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم فقال اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن إبراهيم الكرخي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاث

_________________________________________

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في الصحاح : طمح ببوله رماه في الهواء انتهى ، وحمل على الكراهة ، ولا ينافي استحباب ارتفاع كثير لعدم الرد كما يفهم من الارتياد ، وربما يستثنى من ذلك البلاليع المعدة لذلك ، وفيه نظر.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله : « أين يضع الغريب ». حذف المفعول لاستهجان ذكره.

قولهعليه‌السلام : « أفنية المساجد » الظاهر أن المراد الساحة عند باب المسجد ، ويحتمل أن يكون المراد حريمها من كل جانب والمعنيان مذكوران في اللغة. وقال في القاموس : فناء الدار ككساء ما اتسع من أمامها ، وقال في الصحاح ، فناء الدار ما امتد من جوانبها.

قولهعليه‌السلام : « بغائط » الباء إما للسببية أو للمصاحبة ويمكن تعلقه بالأخير وبالجميع.

الحديث السادس : مجهول.

وظاهره حرمة التغوط في ظل النزال ، ويمكن حمله على ما إذا كان وقفا لذلك ،

٥٢

خصال ملعون من فعلهن المتغوط في ظل النزال والمانع الماء المنتاب وساد الطريق المسلوك.

(باب)

(القول عند دخول الخلاء وعند الخروج والاستنجاء ومن نسيه)

(والتسمية عند الدخول وعند الوضوء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا دخلت المخرج فقل : بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم فإذا خرجت

_________________________________________

مع أنه لا استبعاد في حرمة مثل هذا الفعل الذي يتضمن الضرر العظيم على المسلمين ، وقد يقال : اللعن البعد من رحمة الله وهو يتحقق في ضمن المكروه أيضا.

قولهعليه‌السلام « المنتاب » قال شيخنا البهائي (ره) : أي الذي يتناوب عليه الناس نوبة بعد نوبة ، فالمنتاب صفة للماء ويمكن أن يراد به ذو النوبة فيكون مفعولا ثانيا للمانع ، وقال في الصحاح : انتاب فلان القوم أي أتاهم مرة بعد أخرى.

باب القول عند دخول الخلاء وعند الخروج والاستنجاء ومن نسيه والتسمية عند الدخول وعند الوضوء

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام « بسم الله » أي أدخل مستعينا باسمه تعالى ، وقال في النهاية : الخبيث ذو الخبث في نفسه والمخبث الذي أعوانه خبثاء كما يقال للذي فرسه ضعيف مضعف ، وقيل : هو الذي يعلمهم الخبث ويوقعهم فيه ، وقال : الرجس القذر وقد يعبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر ، والمراد في الحديث الأول ، قال الفراء : إذا بدؤوا بالنجس ولم يذكروا معه الرجس فتحوا النون والجيم وإذا بدؤوا بالرجس ثم أتبعوه النجس كسروا الجيم ، وقال في

٥٣

فقل : بسم الله الحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط عني الأذى وإذا توضأت فقل : أشهد أن لا إله إلا الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين «وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ».

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا سميت في الوضوء طهر جسدك كله وإذا لم تسم لم يطهر من جسدك إلا ما مر عليه الماء.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن إبراهيم بن أبي محمود قال سمعت الرضاعليه‌السلام يقول يستنجى ويغسل ما ظهر منه على الشرج ولا تدخل فيه الأنملة.

٤ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________

القاموس : النجس بالفتح والكسر وبالتحريك وككتف وعضد ، وقال : الرجس بالكسر القذر ويحرك ويفتح الراء ويكسر الجيم والمأثم ، وكل ما استقذر من العمل ، والعمل المؤدي إلى العذاب والشك والعقاب والغضب.

قولهعليه‌السلام « الشيطان الرجيم » أي المرجوم بلعنة الله والملائكة أو المطرود من السماء أو الجنة ، والإماطة الإبعاد ، ولعل المراد بالتوضي الاستنجاء.

الحديث الثاني : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « طهر جسدك » أي الطهارة المعنوية الحاصلة بسبب الوضوء يسري إلى جميع البدن ، أو أنه كفارة للذنوب التي صدرت عن جميع البدن أو أن ثوابه ثواب الغسل كأنه طهر جميع البدن والثاني بالخلاف في الجميع فتأمل.

الحديث الثالث : صحيح ، وفي المغرب شرح الدبر حلقته.

الحديث الرابع : موثق.

وقال في المعالم وقد أورد العلامة في المنتهى هذه الرواية ـ ثم قال ـ و

٥٤

قال سألته عن الرجل إذا أراد أن يستنجي بأيما يبدأ بالمقعدة أو بالإحليل فقال بالمقعدة ثم بالإحليل.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يستنجي الرجل بيمينه.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحسين بن عبد ربه قال قلت له ما تقول في الفص يتخذ من حجارة زمرد؟ قال :

_________________________________________

يمكن أن يكون الوجه في ذلك افتقار البول إلى المسح من المقعدة ، وقيل غسلها لا تنفك اليد عن النجاسة ـ قال ـ وبعض الجمهور عكس الحكم لئلا يتلوث يده إذا شرع في الدبر لأن قبله بارز يصيبه إذا مدها إلى الدبر ـ ثم قال ـ والوجهان سائغان فإن عمارا لا يوثق بما ينفرد به ، ونعم ما قال ، غير أن الرواية لو كانت ناهضة بإثبات الحكم لكان المناسب توجيهه بأن في ذلك استظهارا لخروج بقايا البول لا ما ذكره.

الحديث الخامس : مرسل.

واستدل الأصحاب بهذه الأخبار على استحباب الاستنجاء باليسار ويتوقف على كون الضد الخاص للمكروه مندوبا وهو محل كلام فتدبر.

الحديث السادس : صحيح.

وقال في المعالم : وقع في نسخ الكافي اختلاف ففي بعضها بدل زمزم زمرد قال في الذكرى وسمعناه يعني الزمرد مذاكرة.

وقد أورد على رواية زمزم إشكال حاصله. أن زمزم من جملة المسجد فلا يجوز أخذ الحصى منه كسائره.

وأجيب : بأن ذلك مستثنى للنص ، وبأن الحكم مبني على الوقوع ولا يلزم من وقوعه جوازه.

واستبعد والدي (ره) كلا الوجهين ، لا سيما الأول من حيث أن مثل هذا

٥٥

لا بأس به ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الاستنجاء باليمين من الجفاء وروي أنه إذا كانت باليسار علة.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا انقطعت درة البول فصب الماء.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن المغيرة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت

_________________________________________

النص لا يكفي في معارضة ما وقع الاتفاق عليه من المنع من أخذ الحصى من المسجد ـ قال ـ ويمكن تقريبه بما يخرج من البئر على وجه الإصلاح فإنه لا يعد جزءا منه كالقمامة ، وحكى بعد هذا رواية الزمرد ـ ثم قال ـ وهو الأنسب ولعل الأول تصحيف ، والتقريب الذي ذكره متوجه ، فالتصحيف في كل منهما محتمل ، و الزمرد بالضمات وتشديد الراء الزبرجد معرب قاله في القاموس.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور ، وأخره مرسل.

وقال في الصحاح الجفاء ممدودا خلاف البر قوله وروي أي تجويز الاستنجاء باليمين.

الحديث الثامن : كالصحيح.

وفي الصحاح الدرة كثرة اللبن وسيلانه وللسحاب درة أي صب. انتهى. ويفهم منه أنه مخير بين الاستبراء والصبر إلى انقطاع درة البول ، ويمكن أن يقال ، انقطاع الدرة لا يحصل إلا بالاستبراء لكنه بعيد.

الحديث التاسع : حسن.

ويدل على جواز الاكتفاء بأقل من ثلاثة أحجار إذا حصل النقاء بدونها كما ذهب إليه المفيد ، والعلامة في المختلف ، والتذكرة ، وإن استدل بعدم تحديد إزالة مخرج البول ، يمكن الجواب بأنه لا يسمى استنجاء لأن الاستنجاء

٥٦

له للاستنجاء حد قال لا ينقى ما ثمة قلت فإنه ينقى ما ثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها.

١٠ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن الحسن بن زياد قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يبول فيصيب فخذه وركبته قدر نكتة من بول فيصلي ثم يذكر بعد أنه لم يغسله قال يغسله ويعيد صلاته :

١١ ـ محمد بن الحسن ، عن سهل ، عن موسى بن القاسم ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد قال كما يقعد للغائط وقال إنما عليه أن يغسل ما ظهر منه وليس عليه أن يغسل باطنه.

_________________________________________

لغة إزالة النجو وهو الغائط.

قولهعليه‌السلام « لا ينظر إليها » قال في الحبل المتين ، أي لا يلتفت إليها ، ويمكن أن يكون مرادهعليه‌السلام أن الرائحة ليست أمرا مدركا بحس البصر فلا يعبأ بها.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

وحمله أكثر الأصحاب على الوقت ، ويمكن أن يكون المراد الأعم استحبابا ، وقال في المختلف : المشهور أن من ترك الاستنجاء ناسيا حتى صلى يعيد صلاته في الوقت وخارجه. وقال ابن الجنيد ، إذا ترك غسل مخرج البول ناسيا يجب الإعادة في الوقت ، ويستحب بعده ، وقال الصدوق (ره). من صلى وذكر بعد ما صلى أنه لم يغسل ذكره ، فعليه أن يغسل ذكره ويعيد الوضوء والصلاة ، ومن نسي أن يستنجي من الغائط حتى صلى لم يعد الصلاة.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

ويفهم منه أنه ينبغي التنزه عن استقبال القبلة واستدبارها حين الاستنجاء أيضا ولم أر قائلا بالوجوب هنا.

٥٧

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبعض نسائه مري نساء المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير.

١٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن

_________________________________________

الحديث الثاني عشر : صحيح.

وقال الشهيد (ره) في الأربعين : الحواشي جمع حاشية وهي الجانب أي مطهرة لجوانب المخرج ، والمطهرة بفتح الميم وكسرها والفتح أولى موضوعة في الأصل للأدوات وجمعها مطاهر ويراد بها ههنا المطهرة أي المزيلة للنجاسة ، مثل السواك مطهرة للفم أي مزيلة لدنس الفم ، والبواسير جمع باسور وهي علة تحدث في المقعدة وفي الأنف أيضا ، والمراد ههنا هو الأول والمعنى أنه يذهب البواسير.

واستدل به الشيخ أبو جعفر على وجوب الاستنجاء لكن تقرير الدلالة من وجهين ،

الأول. أن الأمر بالأمر أمر عند بعض الأصوليين! والأمر للوجوب وفيها كلام في الأصول.

الثاني : قوله مطهرة فقد قلنا إن المراد بها المزيلة للنجاسة وإزالة النجاسة واجبة فيكون الاستنجاء واجبا ، ثم إذا وجب الاستنجاء على النساء وجب على الرجال لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « حكمي على الواحد حكمي على الجماعة » ولعدم فصل السلف بين المسألتين انتهى.

أقول ، يرد على الوجه الثاني أنه إذا ثبت وجوب الإزالة فلا حاجة إلى هذا الخبر وإلا فلا يتم ، إذ غاية ما يظهر منه أن الماء يطهر وأما أن التطهير واجب فلا ، وعلى تقدير التسليم إنما يتم إذا ثبت الانحصار ، فتأمل. قولهعليه‌السلام « فإنه مطهرة » أي الاستنجاء بالماء ، أو المبالغة.

الحديث الثالث عشر : حسن كالصحيح.

٥٨

أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في قول الله عزوجل «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ » قال كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أحدث الوضوء وهو خلق كريم فأمر به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وصنعه وأنزل الله في كتابه «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ».

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال توضأت يوما ولم أغسل ذكري ثم صليت فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال اغسل ذكرك وأعد صلاتك.

١٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أخيه الحسين ، عن علي بن يقطين ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في الرجل يبول فينسى غسل ذكره ثم يتوضأ وضوء الصلاة قال يغسل ذكره يعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء.

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « ثم أحدث » كأنه إشارة إلى ما رواه الصدوق ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن الناس كانوا يستنجون بالأحجار ، فأكل البراء بن معرور الدباء فلان بطنه فاستنجى بالماء فأنزل الله عز وجل فيه «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ »(١) فجرت السنة بالاستنجاء بالماء ، بقرينة قوله « فأمر » ولا يفهم ترتيب بين الأمر والإنزال من الواو فيطابق خبر الأنصاري.

الحديث الرابع عشر : حسن.

ويمكن أن يكون المراد تركه عمدا ، أو إعادته في الوقت ، أو الأعم من الوقت وخارجه وجوبا ، كما هو المشهور ، أو استحبابا فيهما ، كما قاله بعض المتأخرين أو وجوبا في الوقت ، واستحبابا في خارجه.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

__________________

(١) الوسائل : الباب ٣٤ من أبواب أحكام الخلوة الحديث ـ ٣ ـ.

٥٩

١٦ ـ عنه ، عن أحمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يبول وينسى أن يغسل ذكره حتى يتوضأ ويصلي قال يغسل ذكره ويعيد الصلاة ولا يعيد الوضوء.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا دخلت الغائط فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت أن تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة وإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك لأن البول ليس مثل البراز.

(باب)

(الاستبراء من البول وغسله ومن لم يجد الماء)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال :

_________________________________________

الحديث السادس عشر : مرسل.

الحديث السابع عشر : موثق.

قولهعليه‌السلام « فلم تهرق الماء » أي لم تبل قولهعليه‌السلام « لأن البول ليس مثل البراز » أقول ، ليس في بعض النسخ ـ ليس ـ فقولهعليه‌السلام « فعليك الإعادة » المراد به إعادة الوضوء والصلاة ، وعلى النسخة الأخرى المراد إعادة الصلاة حسب ، وإعادة الوضوء في الموضعين ، أو في الثاني محمولة على الاستحباب أو التقية ، وفي الصحاح البراز حكاية عن ثفل الغذاء ، وهو الغائط.

باب الاستبراء من البول وغسله ومن لم يجد الماء

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام ، « إلى طرفه » أي ذكره لأنه يطلق الطرف على الذكر واللسان ، كما ورد في الخبر نفي الطرفين وفسر بهما. وقال في الصحاح قال ابن الأعرابي : قولهم لا يدري أي طرفيه أطول طرفاه لسانه وذكره فيكون المراد عصر ما بين المقعدة إلى الأنثيين ، ويكون المراد من نتر الطرف عصر أصل القضيب ، و

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

جالسا ذات يوم وعنده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذ دخل الحسينعليه‌السلام فأخذه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعله في حجره ، وقبّل بين عينيه ، وقبّل شفتيه ، وكان للحسينعليه‌السلام ست سنين. فقال عليعليه‌السلام : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتحبّ ولدي الحسين؟.قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف لا أحبه وهو عضو من أعضائي؟!. فقال : يا رسول الله ، أيّنا أحبّ إليك ، أنا أم الحسين؟. فقال الحسين : يا أبت ، من كان أعلى شرفا ، كان أحبّ إلى رسول الله وأقرب إليه منزلة. قال عليعليه‌السلام : أتفاخرني يا حسين؟.قال : نعم إن شئت يا أبتاه. فقالعليه‌السلام : أنا أمير المؤمنين ، أنا لسان الصادقين ، أنا وزير المصطفى حتّى عدّ من مناقبه نيّفا وسبعين منقبة ، ثم سكت. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام : أسمعت يا أبا عبد الله ، وهو عشر ما قاله من فضائله ، ومن ألف ألف فضيلة ، وهو فوق ذلك وأعلى. فقال الحسينعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين ، وعلى جميع المخلوقين. ثم قال : أمّا ما ذكرت يا أمير المؤمنين ، فأنت فيه صادق أمين. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أذكر أنت فضائلك يا ولدي. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا الحسين ابن علي بن أبي طالب ، وأمي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجدي محمّد المصطفى سيد بني آدم أجمعين ، لا ريب فيه. يا أبت أمي أفضل من أمك عند الله وعند الناس أجمعين ، وجدي خير من جدك وأفضل عند الله وعند الناس أجمعين ، وأبي خير من أبيك عند الله وعند الناس أجمعين ، وأنا في المهد ناغاني جبرائيل وتلقّاني إسرافيل. يا أبت أنت عند الله أفضل مني ، وأنا أفخر منك بالآباء والأمهات والأجداد. ثم اعتنق أباه فقبّله ، وعليّعليه‌السلام أيضا يقبّله ، ويقول : زادك الله شرفا وتعظيما وفخرا وعلما وحلما ، ولعن الله قاتليك يا أبا عبد الله.

١٤٤ ـ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوا الحسنين يتمتعان بي وأتمتّع بهما :

روي أنه لما ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه ، قال :ادعوا إليّ الحسن والحسينعليه‌السلام . قال : فجعل يلثمهما حتّى أغمي عليه. قال :فجعل عليعليه‌السلام يرفعهما عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ففتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه وقال : دعهما يتمتّعان مني وأتمتّع منهما ، فإنهما سيصيبهما بعدي أثرة».

١٤٥ ـ جبرائيل يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ٢٣٨ ط ٣)

في (كامل الزيارة) ص ٦٧ ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : بينا رسول

١٨١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمةعليها‌السلام ، والحسينعليه‌السلام في حجره ، إذ بكى وخرّ ساجدا ، ثم قال : يا فاطمة يا بنت محمّد ، إن العليّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذا ، ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد ، أتحبّ الحسينعليه‌السلام ؟. فقلت : نعم ، قرة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ. فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله ، وناصبه وناواه ونازعه. أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين ، في الدنيا والآخرة ، وسيد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين. وأبوه أفضل منه وخير ، فأقرئه السلام وبشّره بأنه راية الهدى ، ومنار أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خلقي ، وخازن علمي ، وحجتي على أهل السموات وأهل الأرضين ، والثقلين :الجن والإنس.

١٤٦ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٥٢)

في (البحار) سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك؟. قال : الحسن والحسين ، من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنّة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلّده النار.

أيها الناس ، من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة».

ولنعم ما قال القائل :

أخذ النبي يد الحسين وصنوه

يوما ، وقال وصحبه في مجمع

من ودّني يا قوم أو هذين أو

أبويهما ، فالخلد مسكنه معي

وعن أسامة بن زيد ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في بعض الحاجة ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء ، ما أدري ما هو!. فلما فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الّذي أنت مشتمل عليه؟. فكشف ، فإذا هو الحسن والحسينعليهما‌السلام على وركيه. فقال : هذان ابناي ، وابنا ابني. الله م إني أحبهما فأحبّهما ، وأحبّ من يحبّهما ، ألا فمن أحبّهما كان معي».

١٨٢

وفي (البحار) عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقال : إن ابنيّ هذين ، ربّيتهما صغيرين ودعوت لهما كبيرين ، وسألت الله أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيين ، فأجابني إلى ذلك.

وسألت أن يقيهما وشيعتهما من النار ، فأعطاني ذلك. وسألت الله أن يجمع الأمة على محبتهما ، فقال : يا محمّد ، إني قضيت قضاء وقدّرت قدرا ، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس ، وسيخفرون ذمتك في ولدك. وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك أن لا أحلّه محل كرامتي ولا أسكنه جنّتي ، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى يوم القيامة.

١٤٧ ـ السيدة عائشة تستغرب :(البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٢٦٠)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : كان الحسين بن عليعليهما‌السلام ذات يوم في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلاعبه ويضاحكه. فقالت عائشة : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي؟!. فقال لها : ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به ، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟. أما إن أمتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي».

١٤٨ ـ خبر فداء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسينعليه‌السلام بابنه إبراهيمعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٤ ط نجف)

عن تفسير النقاس بإسناده عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا ، إذ هبط جبرئيل بوحي من رب العالمين. فلما سرّي عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال : يا محمّد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : لست أجمعهما ، فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى إبراهيم فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمّه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأمّ الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أؤثر حزني على حزنهما. يا جبرئيل اقبض إبراهيم فديته بالحسين.

قال : فقبض بعد ثلاث. فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الحسينعليه‌السلام مقبلا قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته با بني إبراهيم.

١٨٣

* وسوف ترد قصة حبات اللؤلؤ السبع ، وهي التي حكاها رسول ملك الروم ليزيد ، في آخر الجزء الثاني من الموسوعة ، ضمن الحوادث التي حدثت في مجلس يزيد.

١٤٩ ـ مجلس الحسينعليه‌السلام :(ريحانة الرسول لأحمد فهمي محمّد ، ص ٣٩)

قال أحمد فهمي محمّد يصف مجلس الحسينعليه‌السلام : وكان مجلس الحسينعليه‌السلام مجلس وقار وعلم ، والناس من حوله يتحلقون ، يأخذون عنه ما يلقيه عليهم ، وهم في خشوع كأن على رؤوسهم الطير.

١٥٠ ـ خطابة الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٤٠)

وقد آتاه الله أعنّة الخطابة ، فكانعليه‌السلام طليق اللسان ، مشرق ديباجة البيان ، نديّ الصوت ، خلّاب المنطق. تتفجّر ينابيع الحكمة على لسانه ، وتتدفق سيول الموعظة حول بيانه. لا يتلكأ في منطقه ولا يتلجلج. إذا ما عنّ له أمر تدفّق تدفق اليعسوب ، وملأ الأسماع والقلوب.

١٥١ ـ عبادتهعليه‌السلام :(المجالس السنيّة للسيد الأمين ، ج ١ ص ٢٤)

روى ابن عساكر في (التاريخ الكبير) عن مصعب بن عبد الله ، قال : حج الحسينعليه‌السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإنّ نجائبه تقاد معه.

وفي (تذكرة الخواص) قال علماء السير : أقام الحسينعليه‌السلام بعد وفاة أخيه الحسنعليه‌السلام يحج في كل عام من المدينة إلى مكة ماشيا [المسافة نحو ٥٠٠ كم] إلى أن توفي معاوية وقام يزيد سنة ستين.

وروى ابن عبد ربه في (العقد الفريد) أنه قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما كان أقلّ ولد أبيك؟!. قال : العجب كيف ولدت أنا له ، ولقد كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يتفرغ للنساء؟.

وكانعليه‌السلام إذا توضأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حقّ لمن وقف بين يدي الجبار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

وحسبهعليه‌السلام وقوفه للصلاة في يوم عاشوراء ، والسهام تخطر بين يديه ، وقد وقف أمامه سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين البجلي يقيانه من النبل.

١٥٢ ـ كرم الحسينعليه‌السلام وحسن معاملته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٥٢)

قال الدكتور علي شلق : جاءت جارية تحمل في يدها زهيرات نضرات ، طفح

١٨٤

منها اللون الأخضر ، والعطر الأزهر. فقدّمتها إلى الحسينعليه‌السلام بعد أن سلّمت بخفر وحياء. فتناولهاعليه‌السلام بيده الكريمة ، وقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى.

عند ذلك تحرك أنس بن مالك ، وكان في مجلسه قائلا : ألهذا الحدّ يابن الأكرمين؟. تعتق جارية على طاقة ريحان؟!. فأجاب الحسينعليه‌السلام : كذا أدّبنا ربّنا ، ألم تسمع قوله تعالى :( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) [النساء :٨٦] وكان أحسن منها عتقها.

وفي (نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٨ : قيل كان بين الحسينعليه‌السلام وبين أخيه الحسنعليه‌السلام كلام ووقفة ، فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن واسترضه وطيّب خاطره ، فإنه أكبر منك. فقالعليه‌السلام : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أيّما اثنين بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر ، كان السابق سابقه إلى الجنّة ، وأكره أن أسبق أخي الأكبر إلى الجنّة. فبلغ قوله الحسنعليه‌السلام فأتاه وترضّاه.

١٥٣ ـ سخاؤه وتواضعهعليه‌السلام :

مرّ الحسينعليه‌السلام بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء ، فسلّم عليهم. فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال : لو لا أنه صدقة لأكلت معكم. ثم قال : قوموا إلى منزلي ، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

١٥٤ ـ رأفته بالفقراء والمساكين وإحسانه إليهم :

ولقد وجد على ظهر الحسينعليه‌السلام يوم الطف أثر ، فسئل زين العابدينعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

١٥٥ ـ إباء الحسينعليه‌السلام للضيم :(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١١٢)

أما إباؤهعليه‌السلام للضيم ومقاومته للظلم ، واستهانته القتل في سبيل الحق والعزّ ، فقد ضربت به الأمثال وسارت به الركبان.

فأول ذلك ما قاله الحسينعليه‌السلام حين دعاه والي المدينة إلى البيعة ليزيد ، وكان مروان بن الحكم حاضرا ، قال :

«إنا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة. بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

١٨٥

فقد أبىعليه‌السلام أن يبايع يزيد بن معاوية ، السكّير الخمّير ، صاحب القيان والطنابير ، واللاعب بالقرود والفهود ، والمجاهر بالكفر والإلحاد ، والاستهانة بالدين. بل قال لمروان : وعلى الإسلام السلام ، إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد.

وحين دعا مروان الوالي إلى قتل الحسين ، قالعليه‌السلام : ويلي عليك يابن الزرقاء ، أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ولؤمت. والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك.

ولما أحاط القوم بالحسينعليه‌السلام في كربلاء ، وقيل له : انزل على حكم بني عمك. قال : لا والله! لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد.

وقالعليه‌السلام : ألا وإن الدّعيّ ابن الدعي [يقصد عبيد الله بن زياد] قد ركز بين اثنتين : السّلّة (أي استلال السيوف) أو الذلةّ ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك لنا ، ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

١٥٦ ـ شجاعتهعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١١٥)

أما شجاعة الحسينعليه‌السلام فقد أنست شجاعة الشجعان وبطولة الأقران وفروسية الفرسان ، من مضى ومن سيأتي إلى يوم القيامة. فهو الّذي دعا الناس إلى المبارزة يوم كربلاء ، فلم يزل يقتل كل من برز إليه ، حتّى قتل مقتلة عظيمة.

وما أصدق وصف أحد الرواة للحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، حيث قال : والله ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه ، أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما منه. والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، وإن كانت الرجّالة لتشدّ عليه ، فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عن يمينه وعن شماله ، انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر.

١٥٧ ـ شجاعة موروثة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٦٦)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب ، لو ولد الناس كلهم كانوا شجعانا». وقد ورث الحسينعليه‌السلام الشجاعة من أبيه عليعليه‌السلام وجده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجده أبو طالبعليه‌السلام . وعليعليه‌السلام هو القائل : وأنا من رسول الله كالصّنو من الصنو ، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليّت عنها ، ولو

١٨٦

أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وهو القائل : جنونان لا أخلاني الله منهما : الشجاعة والكرم.

وقد ظهرت شجاعة الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء في أهل الكوفة ، بحيث ذكّرتهم بشجاعة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في غزواته وجولاته.

وما عسى أن يقول القائل فيمن جده محمّد المصطفى ، وأبوه علي المرتضى ، وأمه فاطمة الزهرا ، وجدته خديجة الكبرى ، وأخوه الحسن المجتبى ، مع ماله في نفسه من الفضائل التي لا تحصى!.

٦ ـ الذريّة والإمامة

إن من أكبر فضائل الإمام عليعليه‌السلام أن الله جعل ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلبه من فاطمة الزهراءعليها‌السلام كما جاء في عدة أحاديث سوف نذكرها. وإن من أكبر الفضائل التي حباها الله تعالى للحسينعليه‌السلام أن جعل الأئمة من ذريته ، أولهم زين العابدين وآخرهم المهديعليه‌السلام .

قال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة ، وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

١٥٨ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عصبة الحسن والحسينعليهما‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥١)

أخرج الحاكم عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبة ، إلا ولدي فاطمةعليهم‌السلام [أي الحسن والحسين] فأنا وليهما وعصبتهما».

وفي رواية الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٥ : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

ثم يقول الخوارزمي : والأخبار في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسمّي الحسن والحسينعليهما‌السلام ابنيه ، كالحصى لا تعدّ ولا تحصى.

وأخرج الطبراني عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليه ، إلا ولد فاطمة ، فأنا وليهم وأنا عصبتهم».

وفي (إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ، بهامش نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٣ : وفي رواية صحيحة قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

١٨٧

تعليق : هذه الخصوصية هي لأولاد مولاتنا فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط ، دون أولاد بقية بناته ، فلا يطلق عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أب لهم ، وأنهم بنوه ، بل يطلق عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه. وقد خصّ أولاد فاطمةعليهم‌السلام بهذا الفضل دون غيرها من بقية بناته لسببين : لأنها أفضلهن ، ولأنها هي الوحيدة التي أعقبت ذكرا ، فانحصرت فيها ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليهم‌السلام .

١٥٩ ـ الإمامة في الحسينعليه‌السلام وفي صلبه :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٠٦ ط نجف)

روى الأعرج عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨]. قال : جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، منهم مهديّ هذه الأمة.

* الاحتجاج على الحجّاج :

وقد وردت في الكتب قصة مع الحجّاج فيها استدلال على أن الحسن والحسينعليهما‌السلام أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وليس كما حاول الأمويون نفيه ، ومن بعدهم العباسيون ، وقالوا : إن أبناء البنت ليسوا من ذرية الرجل.

ولهذه القصة روايتان ؛ إحداهما تذكر أن الاستدلال كان من الشعبي وقد مرّت سابقا في الفقرة رقم ٣٤ ، والثانية أن الاستدلال كان من يحيى بن يعمر بحضور الشعبي ، وإليك الرواية الثانية بصيغتين.

يقول الخوارزمي في مقدمة مقتله :

ومن خذلان مبغضيهم المستحكم القواعد ، وإدبارهم المستحصف المقاعد ، وغوايتهم التي حشرتهم إلى دار البوار ، وشقاوتهم التي كبّتهم على مناخرهم في دركات النار ، أن حملهم بغض أحبّاء الله وأحباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن أنكروا أولاد عليعليهم‌السلام من فاطمةعليهم‌السلام أنهم أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمن أولئك الحجّاج المحجوج ، الحقود اللجوج. ثم ساق هذه القصة.

١٦٠ ـ قصة يحيى بن يعمر مع الحجّاج :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٥)

قال الخوارزمي : أخبرنا عاصم بن بهدلة عن يحيى بن يعمر العامري ، قال : بعث

١٨٨

إليّ الحجّاج ، فقال : يا يحيى أنت الّذي تزعم أن ولد علي من فاطمة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قلت له : إن أمّنتني تكلمت. قال : فأنت آمن. قلت : أقرأ عليك كتاب اللهعزوجل ، إن الله يقول :( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٣ ـ ٨٥].

وعيسىعليه‌السلام كلمة الله وروحه ألقاها إلى البتول العذراء ، وقد نسبه الله تعالى إلى إبراهيمعليه‌السلام .

قال الحجاج : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره؟. قال : ما أوجب الله تعالى على أهل العلم في علمهم( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) [آل عمران : ١٨٧]. قال : صدقت ، ولا تعودنّ لذكر هذا ولا نشره.

ثم قال الخوارزمي : وقد ابتلي المكابر الحجّاج ، بالمحجاج يحيى بن يعمر ، المؤيّد من الله بالجواب الصواب ، الّذي أوتي عند سؤاله فصل الخطاب لعن الله الحجّاج وكل ملعون من نسله ، وكل من انضوى إلى حفله ، واحتطب في حبله ، من مبغضي أهل البيتعليهم‌السلام ، ولعن الله من لم يلعن مبغضيهم ، وقاتليهم وسافكي دمائهم ، والذين أعانوا على قتلهم ، وأشاروا إليه ودلّوا عليه. انتهى كلامه.

١٦١ ـ رواية أخرى للقصة :

(آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ، ص ٤٢١)

يروى أن الحجاج أحضر يحيى بن يعمر ، وقال : أنت الّذي تقول : الحسين ابن علي من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : نعم. قال : فوالله لتأتينّ بالمخرج عما قلت ، أو لأضربنّ عنقك!. فقال يحيى : إن جئت بالمخرج فأنا آمن؟. قال : نعم.قال : اقرأ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ) [الأنعام : ٨٣] إلى قوله :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥]. فمن يعدّ عيسىعليه‌السلام من ذرية إبراهيم لا يعدّ الحسينعليه‌السلام من ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

فقال الحجاج : والله كأني ما قرأت هذه الآية قط!. فولاه قضاء المدينة ، وكان قاضيها إلى أن مات.

١٨٩

١٦٢ ـ رواية أشمل وأوسع للقصة :

(المنتخب للطريحي ج ٢ ص ٤٩١)

حكي عن الشّعبي الحافظ لكتاب الله تعالى ، أنه قال : استدعاني الحجاج ابن يوسف [الثقفي] في يوم عيد الضحيّة ، فقال لي : أيها الشيخ أي يوم هذا؟. فقلت : هذا يوم الضّحيّة. قال : بم يتقرّب الناس في مثل هذا اليوم؟. فقلت : بالأضحية والصدقة وأفعال البرّ والتقوى. فقال : اعلم أني قد عزمت أن أضحي برجل حسيني.

قال الشعبي : فبينما هو يخاطبني إذ سمعت خلفي صوت سلسلة وحديد ، فخشيت أن ألتفت فيستخفّني. وإذا قد مثل بين يديه رجل علوي ، وفي عنقه سلسلة وفي رجليه قيد من حديد.

فقال له الحجاج : ألست فلان بن فلان العلوي؟. قال : نعم ، أنا ذلك الرجل.فقال له : أنت القائل : إن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟. قال : ما قلت ولا أقول ، ولكني أقول : إن الحسن والحسينعليه‌السلام ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنهما دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، على رغم أنفك يا حجّاج!.

قال : وكان الحجاج متكئا على مسنده ، فاستوى جالسا ، وقد اشتدّ غيظه وغضبه ، وانتفخت أوداجه ، حتّى تقطّعت أزرار بردته ، فدعا ببردة غيرها فلبسها.

ثم قال للرجل : يا ويلك إن تأتيني بدليل من القرآن يدلّ أن الحسن والحسين ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، وإلا قتلتك في هذا الحين أشرّ قتلة. وإن أتيتني بما يدل على ذلك أعطيتك هذه البردة التي بيدي وخلّيت سبيلك!.

قال الشعبي : وكنت حافظا كتاب الله تعالى كله ، وأعرف وعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه ، فلم تخطر على بالي آية تدل على ذلك. فحزنت وقلت في نفسي : يعزّ والله عليّ ذهاب هذا الرجل العلوي. قال : فابتدأ الرجل يقرأ الآية ، فقال( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (١) [الفاتحة : ١] ، فقطع عليه الحجاج قراءته وقال : لعلك تريد أن تحتجّ عليّ بآية المباهلة ، وهي قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) [آل عمران : ٦١]؟. فقال العلوي : هي والله حجّة مؤكدة معتمدة ، ولكني آتيك بغيرها. ثم ابتدأ يقرأ :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥] وسكت. فقال له الحجاج : فلم لا قلت( وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أنسيت عيسى؟. فقال : نعم صدقت يا حجاج. فبأي شيء دخل

١٩٠

عيسىعليه‌السلام في صلب نوحعليه‌السلام وليس له أب؟. فقال له الحجاج : إنه دخل في صلب نوح من حيث أمه مريم. فقال العلوي : وكذلك الحسن والحسينعليه‌السلام دخلا في صلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمهما فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

قال : فبقي الحجاج كأنما ألقم حجرا. فقال له الحجاج : ما الدليل على أن الحسن والحسين إمامان؟. فقال العلوي : يا حجاج لقد ثبتت لهما الإمامة بشهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقهما ، لأنه قال في حقهما : «ولداي هذان إمامان فاضلان ، إن قاما وإن قعدا ، تميل عليهما الأعداء فيسفكون دمهما ويسبون حرمهما». ولقد شهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما بالإمامة أيضا حيث قال : «ابني هذا ـ يعني الحسين ـ إمام ابن إمام أبو أئمة تسعة».

فقال الحجاج : يا علوي والله لو لم تأتني بهذا الدليل من القرآن وبصحة إمامتهما ، لأخذت الّذي فيه عيناك ، ولقد نجّاك الله تعالى مما عزمت عليه من قتلك ، ولكن خذ هذه البردة لا بارك الله لك فيها. فأخذها العلوي وهو يقول : هذا من عطاء الله وفضله ، لا من عطائك يا حجّاج!.

وقد عمدنا في هذه الموسوعة على إدراج ترجمة لمن يرد ذكرهم من الأشخاص المشهورين ، نبدأ منهم بترجمة الحجّاج.

ترجمة الحجّاج

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٤ ص ٣٤٣)

قال الذهبي : أهلك الله الحجاج في شهر رمضان سنة ٩٥ ه‍ كهلا. وكان ظلوما جارا ناصبيا خبيثا سفّاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن.

قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين. ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة ، وحرب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات ، إلى أن استأصله الله. فنسبّه ولا نحبّه ، بل نبغضه في الله ، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله.

وفي (مروج الذهب) ج ٣ ص ١٧٥ ، قال المسعودي :

ومات الحجاج في سنة ٩٥ ه‍ وهو ابن ٥٤ سنة بواسط العراق ، وكان

١٩١

تأمّره على الناس عشرين سنة. وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفا ، ومات في حبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة ، منهن ستة عشر ألفا مجرّدة. وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد ، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر والبرد في الشتاء.

* ملاحظة عامة : تسالمنا على وضع إطار حول ترجمة الأشخاص ، يختلف حسب نوع الشخص ؛ فإن كان عدوا للحسينعليه‌السلام يكون الإطار متصلا ، وإن كان حياديا يكون الإطار منقطّا ، وإن كان من أنصار الحسينعليه‌السلام يكون الإطار مرقطّا (نقطة شحطة).

* قصيدة حاقدة ومعارضتها :

والآن نستعرض قصيدة صفي الدين الحلي الشاعر الشيعي المعروف ، في الردّ على المتعصب اللدود عبد الله بن المعتز ، الّذي أنكر في قصيدته أن يكون نسل الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة هم ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وادعى أن العباسيين أقرب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العلويين. ولم يعد هذا الشاعر في تعصبه جده المتوكل العباسي الّذي حاول حرث قبر مولانا الحسينعليه‌السلام .

١٦٣ ـ قصيدة عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي :

قال صاحب (روضات الجنات) : وكان عبد الله بن المعتز ذا نصب وعداوة شديدة لأهل البيتعليه‌السلام . ومن شعره قصيدته التي يهجو بها الطالبيين ويتحامل على العلويين ، منها :

ألا من لعين وتسكابها

تشكّى القذا وبكاها بها

ترامت بنا حادثات الزمان

ترامي القسيّ بنشّابها

ويا ربّ ألسنة كالسيوف

تقطّع أرقاب أصحابها

ويقول فيها :

ونحن ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يا بني بنته

ولكن بنو العمّ أولى بها

إلى أن يقول :

١٩٢

قتلنا أميّة في دارها

ونحن أحقّ بأسلابها

إذا ما دنوتم تلقّيتم

زبونا(١) أقرّت بجلّابها

١٦٤ ـ قصيدة صفي الدين الحلي في الردّ عليها :

فردّ الشاعر الشيعي صفي الدين الحلي (٦٧٧ ـ ٧٥٢ ه‍) عليه بهذه القصيدة ، وهي من غرر الشعر ، يقول :

[القصيدة]

ألا قل لشرّ عبيد الإله

وطاغي قريش وكذّابها

وباغي العباد وباغي العناد

وهاجي الكرام ومغتابها

أأنت تفاخر آل النّبيّ

وتجحدها فضل أحسابها؟

بكم باهل المصطفى أم بهم

فردّ العداة بأوصابها؟

أعنكم نفي الرجس أم عنهم

لطهر النفوس وألبابها؟

أما الرجس والخمر من دأبكم

وفرط العبادة من دأبها؟

* * *

وقلت : ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها؟

وعندك لا يورث الأنبياء

فكيف حظيتم بأثوابها؟

فكذّبت نفسك في الحالتين

ولم تعلم الشّهد من صابها(٢)

أجدّك(٣) يرضى بما قلته؟

وما كان يوما بمرتابها

وكان بصفين من حزبهم

لحرب الطغاة وأحزابها

وقد شمرّ الموت عن ساقه

وكشّرت الحرب عن نابها

فأقبل يدعو إلى «حيدر»

بإرغابها وبإرهابها

وآثر أن ترتضيه الأنام

من الحكمين لأسبابها

ليعطي الخلافة أهلا لها

فلم يرتضوه لإيجابها

وصليمع الناس طول الحياة

وحيدر في صدر محرابها

فهلا تقمّصها جدّكم

إذا كان إذ ذاك أحرى بها؟

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كان من بعض أربابها؟

__________________

(١) الزّبون : الناقة التي تدفع ولدها عن ضرعها.

(٢) الصاب : شجر له عصارة بيضاء بالغة المرارة.

(٣) يقصد بجدهم : عبد الله بن عباس.

١٩٣

أخامسهم كان أم سادسا؟

وقد جلّيت بين خطّابها

وقولك : أنتم بنو بنته

ولكن بنو العم أولى بها

بنو البنت أيضا بنو عمّه

وذلك أدنى لأنسابها

فدع في الخلافة فصل الخلاف

فليست ذلولا لركّابها

وما أنت والفحص عن شأنها

وما قمصّوك بأثوابها

وما ساورتك سوى ساعة

فما كنت أهلا لأسبابها

وكيف يخصّوك يوما بها؟

ولم تتأدّب بآدابها

* * *

وقلت : بأنكم القاتلون

أسود أميّة في غابها

كذبت وأسرفت فيما ادّعيت

ولم تنه نفسك عن عابها

فكم حاولتها سراة لكم

فردّت على نكص أعقابها

ولو لا سيوف أبي مسلم(١)

لعزّت على جهد طلّابها

وذلك عبد لهم لا لكم

رعى فيكم قرب أنسابها

وكنتم أسارى ببطن الحبوس

وقد شفّكم لثم أعتابها

فأخرجكم وحباكم بها

وألبسكم فضل جلبابها

فجازيتموه بشرّ الجزاء

لطغوى النفوس وإعجابها

* * *

فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف

وجاؤوا الخلافة من بابها

هم الزاهدون هم العابدون

هم الساجدون بمحرابها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابها

هم قطب ملّة دين الإله

ودور الرحى حول أقطابها

عليك بلهوك بالغانيات

وخلّ المعالي لأصحابها

ووصف العذارى وذات الخمار

ونعت العقار(٢) بألقابها

وشعرك في مدح ترك الصلاة

وسعي السّقاة بأكوابها

فذلك شأنك لا شأنهم

وجري الجياد بأحسابها

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٣١٧)

__________________

(١) هو أبو مسلم الخراساني الّذي قاد الثورة ضد الأمويين.

(٢) العقار : الخمر.

١٩٤

الفصل الخامس

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

التوراة ـ الإنجيل ـ كتاب إرميا

ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

ـ تشابه محنة يحيىعليه‌السلام مع محنة الحسينعليه‌السلام

٢ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيتهعليه‌السلام من بعده

ـ علم أهل البيتعليه‌السلام بالمغيبات :

ـ علوم الجفر الخاصة بأهل البيتعليه‌السلام

ـ الوصية الإلهية التي نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستشهاد الحسينعليه‌السلام

ـ روايات الإمام عليعليه‌السلام

ـ روايات أم سلمة وعائشة

ـ روايات الحسينعليه‌السلام والأئمةعليه‌السلام

ـ روايات ابن عباس

١٩٥

ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام

ـ إخبار الحسنينعليه‌السلام

ـ إخبار سلمان الفارسي

ـ إخبار أبي ذر الغفاري

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

١٩٦

الفصل الخامس :

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

تعريف بالفصل :

قبل وقوع حادثة كربلاء واستشهاد الحسينعليه‌السلام وأصحابه (رض) ، تواترت الأنباء باستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . منها ما كان على لسان جبرائيلعليه‌السلام أو على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه الأخبار جاءت بروايات مختلفة ، بعضها عن الإمام علي أو الأئمةعليه‌السلام ومنها على لسان أم سلمة وابن عباس (رض) ، ومنها على لسان الصحابة (رض).

وكانت متعددة في الأمكنة ومختلفة في الأزمنة. فبعضها في بيت فاطمة أو أم سلمة أو عائشة ، وبعضها في المسجد وقد قام النبي خطيبا في أصحابه ، وبعضها في الإسراء. ومرة قبل ولادة الحسينعليه‌السلام ، ومرة عند ولادته ، وعند بلوغه السنة ثم السنتين وهكذا. وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل مرة منها يرى حزينا مغموما ويبكي عليه.

وفي بعض هذه الروايات إخبار مجمل بشهادتهعليه‌السلام ، وفي بعضها الآخر تفصيل لكيفية شهادته ، ومن الذي يتولى قتله ، من يزيد الشنار ، أو عمر بن سعد صاحب الخزي والعار. وفي بعضها الآخر تعيين لمكان استشهادهعليه‌السلام في كربلاء أو عمورا أو على شط الفرات.

وثمة روايات معينة صدرت عن الإمام عليعليه‌السلام حين وروده كربلاء في طريقه إلى صفين ، كما صدرت عن عدد كبير من الأنبياء حين مروا بكربلاء ، وحدثت معهم حوادث غريبة ملفتة للنظر.

وسوف نبدأ الفصل بأنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة ، وإخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار القرآن في مطلع سورة مريم (كهيعص) عن استشهاد الحسينعليه‌السلام كما استشهد يحيى بن زكرياعليه‌السلام من قبله ، وإجراء مقارنة بينهما.

١٩٧

ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيته من بعده ، وأن ذلك كله مكتوب في الجفر ، الذي توارثه الأئمةعليهم‌السلام فكانوا يعلمون بما سيجزي عليهم. ثم إخبار الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه باستشهاد الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار الإمام عليعليه‌السلام وأم سلمة والأئمةعليهم‌السلام بذلك. ثم إخبار بقية الصحابة كسلمان المحمدي وأبي ذر الغفاري وغيرهم.

وينتهي الفصل بالأخبار التي حددت اسم قاتل الحسينعليه‌السلام .

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

١٦٥ ـ التوراة تخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام ومنزلة أصحابه :

(أمالي الصدوق مجلس ٢٩ رقم ٤ ص ٢٢٤)

عن سالم بن أبي جعدة ، قال : سمعت كعب الأحبار (وكان يهوديا) يقول : إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ، ولا يجفّ عرق دواب أصحابه حتى يدخل الجنة ، فيعانقوا الحور العين.

فمر بنا الحسنعليه‌السلام فقلنا : هو هذا؟ قال : لا. فمرّ بنا الحسينعليه‌السلام فقلنا :هو هذا؟ قال : نعم.

١٦٦ ـ في الإنجيل خبر مقتل الحسينعليه‌السلام :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٦)

قال رأس الجالوت (وهو من النصارى) ذلك الزمان : ما مررت بكربلاء إلا وأنا أركض دابتي ، حتى أخلف المكان ، لأنا كنا نتحدث أن ولد نبي يقتل بذلك المكان ، فكنت أخاف.

فلما قتل الحسينعليه‌السلام أمنت ، فكنت أسير ولا أركض.

١٦٧ ـ كتاب إرميا يخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(الخصائص الحسينية لجعفر التستري ، ص ١٣٧)

جاء في كتاب إرميا في (باسوق) من السيمان السادس والأربعين قوله : (كي ذبح لدوناي الوهيم صوا ووث بارض صافون ال نهر پرات). ويعني : يذبح ويضحى لرب العالمين شخص جليل في أرض الشمال بشاطىء الفرات.

١٩٨

١٦٨ ـ ما وجد منقوشا على بعض الأحجار :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٣ ط ٢ نجف)

وقال ابن سيرين : وجد حجر قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسمائة سنة مكتوب عليه بالسريانية ، فنقلوه إلى العربية ، فإذا هو :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

وقال سليمان بن يسار : وجد حجر مكتوب عليه :

لا بد أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

وسيرد شبيه هذا في الجزء الثاني من الموسوعة ، أول مسير السبايا والرؤوس من الكوفة إلى الشام.

١٦٩ ـ ما وجد مكتوبا على جدار إحدى كنائس الروم :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٦ ط نجف)

عن مشايخ بني سليم أنهم غزوا الروم ، فدخلوا بعض كنائسهم فإذا مكتوب هذا البيت :

أترجوا أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

قالوا : فسألنا منذ كم هذا مكتوب في كنيستكم؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام.

وحدث عبد الرحمن بن مسلم عن أبيه ، أنه قال : غزونا بلاد الروم ، فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من قسطنطينة ، وعليها شيء مكتوب. فسألنا أناسا من أهل الشام يقرؤون بالرومية ، فإذا هو مكتوب هذا البيت.

وفي رواية أخرى أن الروم كانوا يحفرون في بلادهم فوجدوا حجرا ، فقرؤوا عليه البيت السابق. (راجع مقتل العوالم ص ١١٠).

١٧٠ ـ لوح من ذهب يشهد بقتل الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ص ٩٣)

أخرج الحاكم عن أنس ، أن رجلا من أهل نجران ، حفر حفيرة فوجد لوحا من ذهب مكتوب فيه :

١٩٩

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

كتب إبراهيم خليل الله.

فجاء باللوح إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقرأه ثم بكى ، وقال : من آذاني وعترتي لم تنله شفاعتي.

١٧١ ـ القرآن يصف قتل الحسينعليه‌السلام بالفساد الكبير :

حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار ، وقدم المدينة ، جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن.

فقال كعب لهم : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا ، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم في قوله (ظهر الفساد في البر والبحر) وإنما فتح بقتل هابيل ويختم بقتل الحسين بن عليعليه‌السلام .

* * *

إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

١٧٣ ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام حين مرّوا بكربلاء :

(مقتل العوالم للشيخ عبد الله البحراني ج ١٧ ص ١٠١)

جاء في الأخبار أن جملة من الأنبياءعليهم‌السلام من آدم إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد مروا بأرض كربلاء ، وكانت تحدث لهم متاعب ومصاعب ، فيناجون الله ، فيخبرهم بأن سبب ذلك أن في هذه الأرض سيقتل سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين بن عليعليه‌السلام ويأمرهم بلعن قاتليه.

حصل ذلك لآدمعليه‌السلام وهو يبحث عن حواء فمر بكربلاء ، وكذلك حدث لنوحعليه‌السلام حين مرت سفينته فوق كربلاء ، وكذلك لابراهيم حين عثر به فرسه في كربلاء ، وكذلك لإسماعيل حين كان يرعى أغنامه بشط الفرات فحين وصلت إلى كربلاء امتنعت عن شرب الماء ، وكذلك لموسىعليه‌السلام حين انقطع شسع نعله هناك ، وكذلك لعيسىعليه‌السلام حين كان سائحا مع الحواريين فمروا بكربلاء حين رأوا أسدا كاسرا قابعا هناك.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363