مرآة العقول الجزء ١٣

مرآة العقول10%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 363

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 363 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34026 / تحميل: 6470
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين والعاقبة للمتقين والصلاة والسلام على خير خلقه

محمد واله الطاهرين

كتاب الطهارة

______________________________________________________

بسم الله الرحمن الرحيم

«الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى » ، وبعد فهذا هو المجلد الخامس من كتاب مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول مما ألفه أفقر العباد إلى عفو ربه الغني محمد باقر بن محمد تقي أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا.

كتاب الطهارة

الظاهر أن الكتاب هنا خبر مبتدإ محذوف ، ويحتمل أن يكون مبتدأ لخبر مقدر وأن لا يكون له محل من الإعراب أو رد للفصل ، وهو بكسر الكاف لما يكتب به أو المكتوب ، والكتب بمعنى الجمع ومنه الكتيبة للجيش ، والكتاب في العرف كلام جامع لمسائل متحدة جنسا مختلفة نوعا كما قيل.

والطهارة لغة النزاهة من الأوساخ والأدناس ومنه قوله تعالى : «يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ »(١) وقوله تعالى : «إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »(٢) وفي مصطلح أهل الشرع يطلق على معنيين :

___________________

(١) آل عمران : ٤٢.

(٢) الأحزاب : ٣٣.

١

(باب)

(طهور الماء)

قال أبو جعفر محمد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله

_________________________________________

أحدهما : إزالة الخبث وعليه يحمل قوله عز وجل «وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ »(١) .

وثانيهما : ما يشمل الوضوء والغسل والتيمم إما مطلقا أو مقيدا بكونها مبيحة ، ولما كانت التعاريف والأبحاث الموردة عليها وأجوبتها مذكورة في كتب القوم ولا طائل تحتها وكان غرضنا إيراد الأمور الضرورية الكثيرة الجدوى طويناها على عزة.

باب طهور الماء

الكلام في إعراب الباب كالكلام فيما تقدم في الكتاب ، وهو اسم لما يطلب فيه المسائل المتحدة في النوع المختلفة في الصنف ، واعلم أن طهورا بضم الطاء مصدر بمعنى التطهير ، وبفتح الطاء يكون مصدرا وصفة واسما لما يتطهر به ، واختلف العلماء واللغويون في مدلوله إذا كان صفة ، هل هو مبالغة في الطاهر ، أو يراد به الطاهر في نفسه المطهر لغيره وقياسهم يقتضي الأول لأن صيغة فعول يكون للمبالغة في الفاعل ، فإذا كان فاعل البناء لازما يكون فعولة أيضا مبالغة فيه فلا يفيد التعدية ، واستعمالاتهم يقتضي الثاني كما لا يخفى على من تتبع مواردها فكثير من العلماء فسروه بالثاني ، حتى إن الشيخ (ره) في التهذيب أسنده إلى لغة العرب ، ثم احتج عليه باحتجاج مدخول ، وقال الفيروزآبادي : الطهور المصدر واسم ما يتطهر به أو الطاهر المطهر ، وقال ابن الأثير : الطهور بالضم التطهير وبالفتح الماء الذي يتطهر به بفتح الطاء ، وقال في المغرب : الطهور بالفتح مصدر بمعنى

__________________

(١) المدّثّر : ٣.

٢

١ ـ حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني

_________________________________________

التطهر ، يقال تطهرت طهورا حسنا ، ومنه « مفتاح الصلاة الطهور » واسم لما يتطهر به كالسحور والفطور وصفة في قوله تعالى «ماءً طَهُوراً » وما حكي عن تغلب أن الطهور ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره إن كان هذا زيادة بيان لنهايته في الطهارة فصواب حسن وإلا فليس فعول من التفعيل في شيء ، وقياس هذا على ما هو مشتق من الأفعال المتعدية كمقطوع ومنوع غير سديد انتهى.

فقد ظهر لك مما نقلنا أن ما في العنوان يحتمل الضم والفتح وأنه وإن صحت المناقشة في كون الطهور بمعنى المظهر فيما استعمل فيه من الايات والأخبار نظرا إلى قياس اللغة ، لكن الظاهر أنه قد جعل اسما لما يتطهر به كما صرح به المحققون من اللغويين ، وقد نقلنا كلام بعضهم وفسره به بعض المفسرين أيضا وتتبع الروايات مما يورث ظنا قويا بأن الطهور في إطلاقاتهم المراد منه المطهر ، إما لكونه صفة بهذا المعنى أو اسما لما يتطهر به وعلى التقديرين يتم استدلالات القوم على مطهرية المياه بأنواعها بالآيات والأخبار.

قوله : « قال أبو جعفر » الظاهر أنه كلام تلامذته الذين رووا عنه هذا الكتاب ، ويؤيده إنا قد رأينا في بعض الكتب أنهم ألحقوا إسناد بعض المشايخ إلى مؤلف الكتاب في أوله. ويحتمل أن يكون القائل هو المؤلفرحمه‌الله ليعلم مؤلف الكتاب ولتعليم من روى كتابه.

الحديث الأول : ضعيف على المشهور ، لأن السكوني لم ينقل فيه توثيق ونقل أنه كان عاميا ، وكان والدنا العلامة قدس الله روحه يعد حديثه من الموثق لما ذكر الشيخ في العدة « أنه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث وغياث بن كلوب ونوح بن دراج ، والسكوني وغيرهم من العامة عن أئمتناعليهم‌السلام ولم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه » انتهى فهذا الخبر على طريقتهرحمه‌الله مجهول بالنوفلي فلذا نذكر في أمثاله أنه ضعيف على المشهور ، ولا يبعد عندي جواز العمل بأخبار جماعة منهم

٣

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الماء يطهر ولا يطهر.

_________________________________________

كانت لهم كتب مشهورة يرويها عنهم الثقات في أعصار الأئمةعليهم‌السلام ولم يردعوهم عن ذلك ولم ينكروا عليهم ولتفصيل القول في ذلك محل آخر والغرض هنا بيان ما اصطلحنا عليه في كتابنا هذا

قوله : « الماء يطهر ولا يطهر » أقول : توضيحه يتوقف على بيان أمور :

الأول : أنه لا خلاف بين المسلمين في كون الماء المطلق ما لم يرد عليه ما ينجسه طاهرا مطهرا من الحدث والخبث مطلقا سواء كان نازلا من السماء ، أو نابعا من الأرض ، أو ذائبا من الثلج والبرد ، أو منقلبا عن الهواء ، نعم خالف في ماء البحر من المخالفين سعيد بن المسيب ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص فقال سعيد : إن ألجأت إليه توضأ منه وقال الأخر : إن التيمم أحب إلينا لكن أصحابنا أجمعوا على مطهريته.

الثاني : أن الماء يفيد العموم أي كل ماء لا لكون الجنس المعرف باللام مفيدا له بل لأنه لا يعلم ههنا عهد ، والمقنن للقوانين لا يعلق الحكم على فرد ما مجهول لقلة الجدوى.

الثالث : أن حذف المفعول يفيد العموم والعمومان هنا متعارضان لأن أول الكلام يدل علي أن الماء يطهر كل شيء حتى نفسه وآخره يدل على أن الماء لا يتطهر من شيء حتى من نفسه ، وأول في المشهور بأن المراد لا يتطهر من غيره وأيد بأن صدر الكلام أولى بالتعميم وعجز الكلام أولى بالتخصيص ولا يخفى ما فيه ، وبعض المعاصرين ـ لقوله بعدم انفعال القليل ـ حمله على ظاهره ، وقال إنما لا يطهر لأنه إن غلب على النجاسة حتى استهلكت فيطهرها ولم ينجس حتى يحتاج إلى التطهير ، وإن غلبت عليه النجاسة حتى استهلك فيها صار في حكم تلك النجاسة ولم يقبل التطهير إلا بالاستهلاك في الماء وحينئذ لم يبق منه شيء ، ثم قال : وتحقيق المقام أن الله سبحانه بفضله ورحمته على هذه الأمة المرحومة جعل الماء طهورا لأقذارهم

٤

٢ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي

_________________________________________

وإحداثهم ، بعد أن خص الماء من بين المائعات بأن يطهر كلما يقع فيه ويقلبه إلى صفة نفسه وكان مغلوبا من جهته وإن كان عين النجاسة فكما ترى الخل يقع في الماء أو اللبن يقع فيه وهو قليل تبطل صفته ويتصف بصفة الماء وينطبع بطبعه ويحكم عليه بما يحكم على الماء إلا إذا كثر وغلب على الماء بأن يغلب طعمه أو لونه أو ريحه فكذلك النجاسة فهذا هو المعيار إلى آخر ما ذكره ، ويرد على ما اختاره وجوه من الإيراد يوجب ذكرها طول الكلام.

والحق أن هذا الخبر بالنسبة إلى مطهرية الماء للماء مجمل لا يمكن الاستدلال به فينبغي الرجوع في ذلك إلى غيره من الدلائل والنصوص. وتكلف متكلف فقرأ كلاهما بالتخفيف على البناء للفاعل ، أي قد يكون الماء طاهرا وقد لا يكون ولا يخفى ركاكته.

الرابع : يمكن الاستدلال به على عدم انفعال ماء البئر بالنجاسة لأنه مع تنجسه يكون النزح مطهرا له إجماعا فيلزم تطهر الماء بغيره ، مع أن الخبر يدل على خلافه ، إلا أن يقال : المطهر هو الماء الذي يحدث بعد النزح ولا يخفى بعده ، لكن مثل هذا لا يمكن أن يعارض به الأخبار الدالة على الانفعال إلا أن يكون مؤيدا لما دل على عدمه من الأخبار.

الحديث الثاني : مرسل.

قوله : « الماء كله » يدل على أن الأصل في جميع المياه الطهارة حتى يعلم أنه قذر والقذر ما يستكرهه الطباع والمراد ههنا النجس ، والظاهر أن المراد بالعلم الجازم القطعي ، ويحتمل أن يكون المراد ما يشمل الظن لأنه قد يطلق عليه أيضا ، وحكى الشهيد في الذكرى الخلاف في اعتبار ظن إصابة النجاسة للماء ، ورجح في غير المستند إلى إخبار العدلين الطهارة ثم حكم باستحباب الاجتناب عند عروض هذا الاشتباه بشرط أن يكون الظن ناشيا عن سبب ظاهر كشهادة العدل

٥

بإسناده قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي داود المنشد ، عن جعفر بن محمد ، عن يونس ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن ماء البحر أطهور هو قال نعم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي بكر الحضرمي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ماء البحر أطهور هو قال نعم.

(باب)

(الماء الذي لا ينجسه شيء)

١ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وعلي بن

_________________________________________

وإدمان الخمر.

أقول : الأظهر عدم اعتبار الظن في ذلك إلا ما يستند إلى ما اعتبره الشارع وإن كان الحكم باعتباره أيضا محل تأمل لأنه لا يلزم من اعتبار قول العدلين في الحقوق والأموال اعتباره في الحكم بالنجاسة والله يعلم.

الحديث الثالث : مجهول بجعفر ، وأبو داود وهو سليمان بن سفيان المشرق.

الحديث الرابع : صحيح على الظاهر ، وفي رواية محمد بن عيسى ، عن يونس كلام.

قوله : « عن ماء البحر » يدل على مطهرية ماء البحر وقد مر الكلام فيه.

الحديث الخامس : حسن موثق.

باب الماء الذي لا ينجسه شيء

الحديث الأول : حسن كالصحيح ، و علي بن إبراهيم معطوف على محمد بن إسماعيل

٦

إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى جميعا ، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء.

_________________________________________

وهو ليس بابن بزيع كما توهمه الأكثر بل الظاهر أنه البندقي النيسابوري وهو مجهول لكن لما كان من مشايخ الإجازة والظاهر أن ضعفهم غير ضائر واعتمد الكليني أيضا على روايته وحكم القوم أيضا بصحة الخبر الذي هو فيه ، وإن كان الظاهر أنه مبني على توهم كونه ابن بزيع فلذا نعده كالصحيح بل مثل هذا الخبر لا يبعد أن يعد صحيحا أيضا ، لأن إبراهيم بن هاشم خبره فوق الحسن ولا يقصر عن الصحيح ، فإذا أيد بهذا السند كان في أعلى مراتب القوة.

قوله : « إذا كان الماء قدر كر » فيه أبحاث.

الأول : اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة القليل مع التغير بها ، وأما نجاسته بالملاقاة بدون التغير ، فهو المعروف بين الأصحاب ، وقد ادعى الشيخ في الخلاف إجماع الفرقة عليه ، لكن نقل الأصحاب عن ابن أبي عقيل الحكم بعدم النجاسة ، فكان الشيخ لم يعتد به لشذوذه ، أو لكون قائله معلوم النسب ، أو لتحقق الإجماع بعده وحجة المشهور روايات منها هذا الخبر.

الثاني : لا خلاف بين علماء الإسلام في عدم انفعال الكثير بالملاقاة ، وكذا لا خلاف في نجاسته بالتغير بالنجاسة ، وهذا الخبر يدل على عدم تنجس الكثير بالتغير أيضا وخصص بعدم التغير ، للإجماع والأخبار.

الثالث : في بيان الاستدلال بهذا الخبر على انفعال القليل وهو أن مفهوم الشرط دل على أنه إذا لم يكن الماء كرا ينجسه شيء ، ولا يمكن أن يحمل على التنجيس بالتغير إذ على هذا لم يبق فرق بين الكر وغيره لأن الكر ، أيضا إنما ينجس بالتغير ، فلا بد من حمله على التنجيس بالملاقاة في الجملة ، ولما لم يفرق أحد بين أفراد الملاقاة إلا في بعض الأفراد النادرة فيجب الحكم بالتنجيس بمقتضى هذه الرواية فيما عدا المواضع المختلف فيها لئلا يلزم خرق الإجماع المركب ، و

٧

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الذي تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء.

_________________________________________

يمكن أن يتمسك بعموم المفهوم أيضا كما هو المشهور بين الأصوليين ، بل الظاهر من كلام العضدي أنه لا خلاف لا حد في عمومه إلا الغزالي فإنه خالف في ذلك ثم أول كلامه وجعل النزاع بينه وبين القوم لفظيا ، لكن المحققين من المتأخرين أكثرهم نفوا عمومه لضعف دلائله ، وتحقيق الكلام فيه يتوقف على تطويل لا يسعه المقام.

وأورد على هذا الاستدلال أولا : بمنع حجية المفهوم. وفيه ضعف ، إذ الظاهر حجيته عند عدم ظهور فائدة أخرى وفيما نحن فيه لا فائدة سوى الاشتراط.

وثانيا : بمنع كون النجاسة في عرفهمعليهم‌السلام بالمعنى المصطلح الان ولتفصيل الكلام فيه مقام آخر.

والحق أن الخبر يدل على انفعال القليل ومضمونه كالمتواتر عن الأئمةعليهم‌السلام فينبغي النظر فيما يعارضه وفيما يعاضده ومع كون المعارض أقوى يمكن تأويل الخبر على بعض الوجوه كمالا يخفى على المتأمل.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله : « تبول فيه الدواب » استدل به على نجاسة بول الدواب كما ذهب إليه بعض الأصحاب لتقريرهعليه‌السلام السائل عليه. ويرد عليه : أن التقرير إنما يتم لو ظهر أن السائل توهم النجاسة ولعله يكون غرض السائل أنه ماء يرد عليه الطاهر والنجس وهذا شائع في الاستعمالات وسيأتي الكلام فيه في بابه.

قوله : « وتلغ فيه الكلاب » قال في القاموس ولغ الكلب في الإناء وفي الشراب ومنه وبه يلغ كيهب ويالغ وولغ كوارث ووجل ولغا ويضم وولوغا وولغانا محركة شرب ما فيه بأطراف لسانه أو أدخل لسانه فيه فحركة خاص

٨

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة قال إذا كان الماء أكثر من راوية لم

_________________________________________

بالسباع ومن الطير بالذباب.

قوله : « ويغتسل فيه الجنب » لعل السؤال عن الاغتسال لكون الغالب أنه متلوث بالمني لا لنفس الاغتسال فإن من قال بعدم جواز استعمال غسالة الحدث الأكبر لم يقل بنجاسته مع أن في دلالة التقرير ما مر.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله : « أكثر من رواية » قال الجوهري : الرواية البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه والعامة تسمى المزادة راوية وذلك جائز على الاستعارة والأصل ما ذكرناه وقال تفسخت الفأرة في الماء تقطعت.

أقول : روى الشيخ في أبواب الزيادات بسند فيه علي بن حديد ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له : راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة ميتة قال : إذا تفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء ، قال : وقال أبو جعفرعليه‌السلام : إذا كان الماء أكثر من راوية لم ينجسه شيء تفسخ فيه أو لم يتفسخ إلا أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء.

أقول : هذا الخبر لا سيما مع هذه الزيادة التي رواها الشيخ فيها تدل ظاهرا على عدم انفعال القليل بالملاقاة ، لأنهعليه‌السلام علق التنجس على التفسخ الذي لا ينفك غالبا عن التغيير في مثل ذلك الماء المفروض ، وعدمه على عدمه ، وحكم فيما زاد على الراوية في الصورتين بعدم التنجس لأن الغالب فيه عدم التغير في الصورتين ، ولذا استثنىعليه‌السلام صورة التغير لجواز ذلك فيه نادرا ، أو يقال : إن التفسخ مستلزم لتغير بعض الماء وإن لم يظهر على الحس لمخالطته بالأجزاء الأخر

٩

ينجسه شيء تفسخ فيه أو لم يتفسخ فيه إلا أن يجيء له ريح يغلب على ريح الماء.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح الثوري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان الماء في الركي كرا لم ينجسه شيء قلت و

_________________________________________

وقلته ولما لم يتميز الأجزاء المتغيرة عن الأجزاء الغير المتغيرة يجب صب الجميع أو يقال : النهي عن التوضؤ عند التفسخ للتنزيه.

وأجاب القائلون بانفعال القليل ، تارة بالقدح في السند ، وأخرى بالحمل على الكثير ، وأيد بما نقل عن الأزهري أن الرواية تملأ قلتين ، والقلة حب عظيم ، وهي معروفة في الحجاز والشام ، ولا يخفى بعده.

واعترض الشيخ في التهذيب عليه بأن الجرة والحب والقربة كيف يمكن أن يسع الكر ، ثم أجاب بأنه ليس في الخبر أن جرة واحدة ذلك حكمها بل ذكرها بالألف واللام ، وذلك يدل على العموم عند كثير من أهل اللغة.

ولا يخفى ما فيه لأنه على تقدير العموم يكون المعنى أن كل جرة كذلك وهذا لا ينفعه إنما ينفعه أن يحمل الجرة على مائها ويحمل اللام على الجنس وفيه من التكلف ما لا يخفى ، وأيضا في الحمل على الكثير شيء آخر وهو أنه لا فرق حينئذ بين التفسخ وعدمه إلا أن يحمل على ما ذكرنا من الوجوه.

ثم إنه يمكن العمل بظاهر الخبر على غير الوجه الذي عمل به ابن أبي عقيل بأن يكتفي في عدم الانفعال بالبلوغ إلى أحد هذه الأوزان والمقادير كما يفهم من ظاهر كلام السيد ابن طاوس (ره) أو يقال تختلف الكثرة المعتبرة في عدم انفعال الماء بحسب اختلاف مقادير النجاسات الواردة عليه.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله : « إذا كان الماء في الركي » قال الجوهري : الركية البئر والجمع الركي وتحقيق الكلام يتوقف على إيراد فصول.

الأول : اعلم أن للأصحاب في تحديد الكر طريقين أحدهما الوزن والثاني

١٠

كم الكر قال ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها.

_________________________________________

المساحة ( أما الوزن ) فالظاهر اتفاقهم كما يظهر من ظاهر المعتبر والمنتهى على أنه ألف ومائتا رطل ، لكن اختلفوا في تعيين الرطل هل هو عراقي أو مدني ، فالشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والمفيد في المقنعة وأكثر المتأخرين على أنه عراقي والمرتضى في المصباح والصدوق في الفقيه على أنه مدني ، ( وأما المساحة ) فقد اختلف الأصحاب فيها فذهب الأكثر إلى اعتبار بلوغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر ، واكتفى الصدوق وجماعة القميين على ما حكي عنهم ببلوغه سبعة وعشرين ، واختاره من المتأخرين العلامة في المختلف والشهيد الثاني. وحدده الشلمغاني بما لا يتحرك جنباه إن طرح حجر في وسطه ، وقال ابن الجنيد تكسيره بالذرع نحو مائة شبر ، ونسب إلى قطب الدين الراوندي نفي اعتبار التكسير ، وأنه اكتفى ببلوغ مجموع الأبعاد الثلاثة [ لا تكسيره إلى الأبعاد الثلاث ] عشرة أشبار ونصفا ، ويظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى صحيحة إسماعيل بن جابر أنه ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته ، وذهب ابن طاوس إلى رفع النجاسة بكل ما روى ، وقول الشلمغاني متروك بالإجماع كما قال في الذكرى وقول السيد ابن طاوس نادر ، وما يظهر من المحقق في المعتبر مع صحة سنده لم يقل به غيره ، وقول ابن الجنيد أيضا نادر لم يظهر له حجة ، وقول الراوندي أيضا متروك ويرد عليه مفاسد كثيرة إذ قد يصير تكسيره أكثر من المشهور بكثير وقد يصير أقل بكثير كما لا يخفى ، بل أول بعض المتأخرين كلامه بما يوافق المشهور فظهر انحصار الأقوال المعتبرة في قولين.

الثاني : اعلم أن الظاهر من هذا الخبر اعتبار الكرية في ماء البئر وهو خلاف المشهور وسيأتي القول فيه ، وحمل على الغدران التي لم يكن لها منبع تجوزا وليس ببعيد.

١١

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره قال إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصف في مثله ثلاثة أشبار ونصف في عمقه في الأرض فذلك

_________________________________________

الثالث : اعلم أن هذا الخبر في الاستبصار(١) هكذا « ثلاثة أشبار ونصف عمقها في ثلاثة أشبار ونصف طولها في ثلاثة أشبار ونصف عرضها » وفي التهذيب كما في المتن ليس فيه ذكر الطول ، وعلى ما في الاستبصار ظاهر الدلالة على التحديد المشهور وأما على ما في الكتابين فيحتمل وجهين : ( الأول ) أن يكون موافقا للمشهور بأن يكون المراد بالعرض السعة ليشمل الطول ، إذ الطول إنما يطلق فيما كان أحد الجانبين منه أزيد من الأخر فمع التساوي يصح إطلاق العرض عليهما ، أو بأن يقال : ترك الجانب الثالث اكتفاء بما ذكر من الجانبين وهذا شائع في المحاورات ، أو بأن يقال : تحديد العرض بهذا الحد مستلزم لكون الطول أيضا كذلك إذ لو كان أقل منه لما كان طولا ولو لزم زيادة على هذا الحد لكان الظاهر أن يشعر به مع أن الزيادة عليه منتف لأن خلاف ابن الجنيد والشلمغاني لا عبرة بهما كما أومأنا إليه ( والثاني ) أن يكون المراد بالعرض القطر بقرينة كون السؤال عن البئر وهي مستديرة غالبا فيبلغ مكسرة ثلاثة وثلاثين شبرا وخمسه أثمان شبر ونصف ثمن فلا يطابق شيئا من المذاهب وأول الاحتمالين أظهر مع تأيده بما في الاستبصار وشهرته بين علمائنا الأخيار.

الحديث الخامس : موثق.

قوله : « إذا كان الماء ثلاثة أشبار » اعلم أن في نسخ التهذيب في الأول نصفا بالنصب ، وفي الثاني كما هنا غير منصوب وفي الاستبصار أيضا كما في الكتاب إذا عرفت هذا فاعلم أن هذا الخبر هو العمدة في الاحتجاج على المذهب المشهور ،

__________________

(١) الإستبصار : ج ١ ص ١٥.

١٢

الكر من الماء.

_________________________________________

واعترض عليه بأنه ليس فيه تحديد العمق ، وأورد عليه بأن الظاهر أن القول بعدم تحديد العمق في الخبر لا وجه له بل لو كان عدم تحديد فإنما هو في العرض بيانه : أن قولهعليه‌السلام ثلاثة أشبار ونصف الذي بدل من مثله إن كان حال العرض فيكون ـ في عمقه ـ كلاما متهافتا منقطعا إلا أن يكون المراد في عمقه كذلك وحينئذ يظهر تحديد العمق أيضا فيكون التحديد للعرض دون العمق مما لا وجه له ، بل الظاهر أن ثلاثة أشبار ونصف بدل من مثله ـ وفي عمقه ـ حال من مثله أو بدله أو نعت لهما وحينئذ يكون العمق محدودا والعرض مسكوتا عنه.

وأقول : يمكن توجيه الخبر بوجوه.

الأول : ما سنح لي وحل ببالي وهو أن يكون اسم كان ضمير شأن مستتر فيه وخبره جملة الماء ثلاثة أشبار ويكون المراد بها أحد طرفي الطول والعرض ، والمراد بقوله « في مثله » الطرف الأخر ويكون قوله « ثلاثة أشبار ونصف في عمقه » خبرا بعد خبر للماء ، أو بتقدير المبتدأ خبرا ثانيا لكان ، والمراد بقوله « في عمقه » كائنا في عمقه لا مضروبا فيه وفي قوله « في مثله » مضروبا في مثله وهذا إنما يستقيم على نسختي المتن والاستبصار.

الثاني : أن يكون المذكور أحد جانبي الطول والعرض مع العمق وترك ذكر الجانب الأخر للاكتفاء الشائع في الكلام وتوجيهه على جميع النسخ ظاهر مما قررنا.

الثالث : أن يكون المراد بالأول السعة ليشمل الطول والعرض كما مر.

الرابع : أن يكون المراد بالأول القطر في الحوض المدور وقد مر الكلام فيه في الخبر السابق.

الخامس : ما ذكره الشيخ البهائيرحمه‌الله حيث قال : يجوز أن يعود الضمير في مثله إلى ما دل عليه قولهعليه‌السلام ثلاثة أشبار ونصفا أي في مثل [ نصف ] ذلك المقدار من

١٣

_________________________________________

الأرض في مثل الماء إذ لا محصل له ، وكذا الضمير في عمقه ، أي في عمق ذلك المقدار من الأرض.

أقول : ما ذكرهرحمه‌الله مع تشويشه واضطرابه إنما يستقيم إذا كانت إضافة العمق إلى الضمير بيانية وهي غير معهودة.

السادس : ما ذكر الشيخ المتقدم واختاره الوالد العلامة قدس الله روحهما وهو أن يكون ثلاثة في قوله « ثلاثة أشبار ونصف في عمقه » منصوبا على أنه خبر ثان لكان لا مجرورا بالبدلية من مثله وهذا توجيه لما في نسخة التهذيب.

ويرد عليه أنه يقتضي نصب النصف بالعطف على ثلاثة وهو في الرواية غير منصوب وتقدير مبتدأ أو خبر نحو ـ معها ـ بعيد ، والعطف على أشبار كما قيل فاسد لفظا ومعنى ، إما لفظا فلأنه ينسحب عليه لفظ الثلاثة فيجب أن يكون أنصافا لا نصفا ، وأما معنى فلأنه يصير العمق أربعة أشبار ونصفا فلا ينطبق على شيء من المذاهب ويحتمل أن يكون جره للجواز إن لم يأب عنه العطف فإن المشهور أنه لا يجوز معه.

فإذا عرفت هذه الوجوه ، فاعلم أنه مع احتمال القطر يشكل الاستدلال بهذا الخبر على المشهور ، إلا أن يقال : ليس المراد بتلك التوجيهات الاستدلال بتلك الوجوه المحتملة ليكون الاستدلال مبنيا على الاحتمال ، بل الكلام مبني على أنه لا بد أن يكونعليه‌السلام بين تحديد الجهات جميعا ، إذ تحديد البعض وإهمال الباقي لا معنى له ، والحمل على القطر المبتني على فرض نادر الوقوع وهو الحوض المدور بعيد غاية البعد ، فلا بد أن يكون دالا على تحديد الجميع بثلاثة أشبار ونصف إذ لا احتمال سواه وهذه التوجيهات لتطبيق ما هو معلوم أنه مراد من الخبر على لفظه.

١٤

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكر من الماء ألف ومائتا رطل.

_________________________________________

فائدة

اعلم أنا قدرنا الماء الذي يكون كرا على المذهب المشهور بحسب المساحة فوجدناه بالوزن تقريبا ثلاثة وثمانين منا ونصف من وستة وخمسين مثقالا وثمن مثقال بالمن الشاهي الجديد والمثاقيل الصيرفية المعمولة.

الحديث السادس : صحيح بناء على أن مراسيل ابن أبي عمير في حكم المسانيد ، ويدل على أن الكر بالوزن ألف ومائتا رطل وقد مر أن الأكثر حملوه على الرطل العراقي لموافقة أصل طهارة الماء ، ولكون الظاهر أنهعليه‌السلام أجاب السائل على عادة بلد السائل ، وغالب الأصحاب كانوا من العراق ، ويؤيده أن المرسل أيضا عراقي ، ولصحيحة محمد ابن مسلم الدالة على أن الكر ستمائة رطل فإنه لا يمكن أن يحمل على العراقي ولا على المدني لعدم عمل الأصحاب به رأسا فالظاهر حمله على المكي والرطل المكي يوازي رطلين بالعراقي ، واحتج من حمله على المدني بالاحتياط ، وبأنهمعليهم‌السلام من أهل المدينة فينبغي حمل كلامهم على عادة بلدهم ، ويعرف جوابهما مما سبق والأول أظهر.

فائدة

اعلم أن الرطل يطلق بالاشتراك على المكي والمدني والعراقي ، والعراقي نصف المكي وثلثا المدني ، والرطل العراقي مائة وثلاثون درهما على المشهور بين الأصحاب فيكون أحدا وتسعين مثقالا شرعيا ، وبالصير في ثمانية وستين مثقالا وربع مثقال ، فمجموع الكر بالعراقي يكون أحدا وثمانين ألفا وتسعمائة مثقال صيرفي أعني ثمانية وستين منا وربع من بالمن الشاهي الجديد العباسي ، وبالمدني يكون مائة من ومنين وثلاثة أثمان من ، وقد أوضحنا ذلك وبسطنا الكلام فيه في رسالتنا المعمولة في تحقيق الأوزان.

١٥

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن ابن سنان ، عن إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الذي لا ينجسه شيء قال كر قلت وما الكر قال ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الكر من الماء نحو حبي هذا وأشار بيده إلى حب من تلك الحباب التي تكون بالمدينة.

_________________________________________

الحديث السابع : ضعيف على المشهور لكن الظاهر أن ابن سنان هنا هو محمد ، وروى الشيخ في الاستبصار وفي موضع من التهذيب عن عبد الله بن سنان ، وعده الأكثر لذلك صحيحا ، لكن الظاهر أنه اشتبه ابن سنان المذكور هنا على الشيخ فظنه عبد الله ، ويؤيده أنه رواه في موضع آخر من التهذيب عن محمد بن سنان ، لكن ضعف محمد محل تأمل ، والأظهر عندي قبول خبره ، ويدل بمفهومه على انفعال القليل ، وهو حجة القميين في الاكتفاء بسبعة وعشرين ، والقول في عدم ذكر إحدى الجهات كما مر في خبر الثوري من أنه على سبيل الاكتفاء الشائع في العرف وعلى ما ذكرنا سابقا من التقدير يكون الكر على هذا بالوزن اثنين وخمسين منا ونصف من واحد ومائتين وستين مثقالا ، ولا يبعد القول به وحمل الزائد على الاستحباب جمعا بين الأخبار.

الحديث الثامن : مرسل.

وحمله الشيخ على حب يكون كرا ولا يخفى بعده ، واستدل به وبأمثاله لمذهب ابن أبي عقيل إذ الظاهر من هذه الاختلافات الكثيرة أن رعاية الكرية إنما هو على الفضل والاستحباب ، والأحوط التوقف في الفتوى في أمثال هذه المسائل والأخذ بالاحتياط في العمل.

١٦

(باب)

(الماء الذي تكون فيه قلة والماء الذي فيه الجيف)

(والرجل يأتي الماء ويده قذرة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا أتيت ماء وفيه قلة فانضح

_________________________________________

(باب الماء الذي يكون فيه قلة)

(والماء الذي فيه الجيف والرجل يأتي الماء ويده قذرة)

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام : « فانضح » الظاهر أن هذا النضح لرفع ما يستقذر منه الطبع من الكثافات المجتمعة على وجه الماء بأن يأخذ من وجه الماء ثلاث أكف وينضح على الأرض ، أو يأخذ مما يليه وينضح على الجانب الأخر من الماء كما ورد في خبر أبي بصير « إن عرض في قلبك منه شيء فقل هكذا ـ يعني أفرج الماء بيدك ـ وتوضأ »(١)

وروى الشيخ عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان عن ابن مسكان ، قال « حدثني صاحب لي ثقة أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق فيريد أن يغتسل وليس معه إناء والماء في وهدة فإن هو اغتسل رجع غسله في الماء كيف يصنع ، قال : ينضح بكف بين يديه وكفا عن خلفه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله ثم يغتسل ».(٢)

وروي أيضا عن أحمد بن محمد ، عن موسى بن القاسم ، وأبي قتادة ، عن علي بن جعفر

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ـ الحديث ١٤.

(٢) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف ـ الحديث ٢.

١٧

عن يمينك وعن يسارك وبين يديك وتوضأ.

_________________________________________

عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال : « سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة ، إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع وهو يتخوف أن تكون السباع قد شربت منه فقال : إذا كانت يده نظيفة فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة ولينضحه خلفه ، وكفا أمامه وكفا عن يمينه وكفا عن شماله فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده فإن ذلك يجزيه ، وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه ورأسه ورجليه ، وإن كان الماء متفرقا وقدر أن يجمعه ، وإلا اغتسل من هذا ومن هذا وإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع الماء فيه فإن ذلك يجزيه »(١) .

فهذان الخبران يحتملان وجوها :

أحدها : أن يكون المراد رش الأرض التي يغتسل عليها ليكون شربها للماء أسرع ، فتنفذ الماء المنفصل عن أعضائه في أعماقها قبل وصوله إلى الماء الذي يغترف منه.

وثانيها : أن يكون المراد ترطيب الجسد وبل جوانبه بالأكف الأربع قبل الغسل ليجري ماء الغسل إليه بسرعة ويكمل الغسل قبل وصول الغسالة إلى ذلك الماء ، أو لئلا ينفصل الماء عن البدن كثيرا ليبوسته وعدم التصاق الماء به فيرش في الماء الذي يغتسل منه وهذان الوجهان مبنيان على المنع من رفع الحدث بالماء المنفصل عن غسل الجنابة كما هو مذهب جماعة من علمائنا.

وثالثها : أن يكون المنضوح أيضا البدن لكن لا لعدم عود الغسالة إلى الماء بل لترطيب البدن قبل الغسل لئلا ينفصل عنه ماء الغسل كثيرا فلا يفي بغسله لقلة الماء.

__________________

(١) الوسائل ـ الباب ١٠ من أبواب الماء المضاف ـ الحديث ١.

١٨

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن ابن مسكان قال حدثني محمد بن الميسر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل هذا مما قال الله عز وجل : «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن حماد ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال كلما غلب الماء ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب وإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب.

_________________________________________

ورابعها : أن يكون النضح للغسل لا لتمهيد الغسل ويكون المراد أنه إذا كان الماء قليلا يجوز أن يكتفي بأقل من صاع وبأربع أكف إذا نضح كل كف على جانب من الجوانب الأربعة يمكن أن يحصل أقل الجريان ويكون الأربع لغسل البدن فقط بدون الرأس وتطبيق هذين الوجهين على الخبر الأول يحتاج إلى تكلف تام.

وخامسها : ما ذكرناه في حل خبر الكتاب وإن كان بعيدا فيهما.

الحديث الثاني : حسن.

وينبغي إما حمل القليل على القليل العرفي ، أو القذر على الوسخ والمراد بالتوضي غسل اليد.

الحديث الثالث : مرسل.

وقال في منتقى الجمان رواه في التهذيب والاستبصار بسند صحيح عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام بلا توسط قوله عمن أخبره فلا تغفل ولعل حريز رواه على الوجهين ويدل على مذهب ابن أبي عقيل وحمل على الكر.

١٩

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا جالس عن غدير أتوه وفيه جيفة فقال إذا كان الماء قاهرا ولا يوجد فيه الريح فتوضأ.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الماء الساكن والاستنجاء منه والجيفة فيه فقال توضأ من الجانب الآخر ولا توضأ من جانب الجيفة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي

_________________________________________

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل ظاهرا على ما ذهب إليه ابن أبي عقيل ، وحمل القليل على العرفي.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

ويدل أيضا على مذهب ابن أبي عقيل ، أو على عدم نجاسة الميتة بدون التفسخ وسراية النجاسات التي فيها إلى الماء كما هو ظاهر كثير من الأخبار وإن لم يصرح به أحد ، لكن يظهر من الصدوق والكليني العمل بها وحمل المشهور على الكثير ، وإنما أمر بالتنزه عما قرب من الجيفة لاحتمال التغير فيه فإنها تغير ما حولها غالبا.

وقال الشيخ في الاستبصار : يمكن أن يحمل الماء الساكن على قدر الكر وما تضمنه من الأمر بالوضوء إلى الجانب الذي ليس فيه الجيفة ومن النهي من جانب الجيفة فمحمول على الاستحباب في الأول والتنزه في الثاني لأن النفس تعاف مماسة الماء الذي تجاوره الجيفة وإن كان حكمه حكم الطاهر.

الحديث السادس : حسن.

ويدل على كراهة الوضوء بالماء الآجن كما ذكره الأصحاب ، ثم اعلم أن ظاهر الدروس كراهة الطهارة بالماء المتغير مطلقا سواء تغير من قبل نفسه أو بمخالطة جسم طاهر وهو الظاهر من الاستبصار ، لكن الظاهر من المعتبر و

٢٠

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الماء الآجن تتوضأ منه إلا أن تجد ماء غيره فتنزه منه.

٧ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن صفوان الجمال قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع وتلغ فيها الكلاب ويغتسل فيها الجنب أيتوضأ منها قال وكم قدر الماء قلت إلى نصف الساق وإلى الركبة وأقل قال توضأ.

_________________________________________

المنتهى والذكرى اختصاص الكراهة بالأول فقط ، وظاهر الحسنة يساعد الدروس لأن أهل اللغة على ما رأيناه في الصحاح ، والقاموس ، والنهاية فسروا الآجن بالماء المتغير الطعم واللون ولم يعتدوا بشيء ، لكن نقل بعض مشايخنا عن بعض أهل اللغة أنه الماء المتغير من قبل نفسه وهو يقوي الثاني ، ولا يبعد أن يكون المعتبر في الكراهة التغير الذي يصير سبب النفرة واستكراه الطبع وأما التغير الذي ليس كذلك فلا يكون سببا للكراهة.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

واستدل به بعض الأصحاب على عدم انفعال القليل كما ذهب إليه ابن أبي عقيل ، وفيه نظر ظاهر لجواز أن يكون الحياض المذكورة إذا كان ماؤها بقدر نصف الساق يكون كرا ، بل الاستدلال بالانفعال أظهر ، لئلا يلغو السؤال ، إلا أن يقال : السؤال لأجل أنه إذا كان دون كر نهاه عن الوضوء تنزيها.

فإن قلت : قولهعليه‌السلام « وأقل » كما هو الموجود في هذا الكتاب وإن لم يكن موجودا في التهذيب على مطلوبنا أدل.

قلت : المراد بالأقل أقل من الركبة لا الأقل من نصف الساق أيضا ، أو المراد أقل بقليل وكان يعلمعليه‌السلام أن ذلك الأقل أيضا في تلك الحياض كر كيف لا ولو لم يحمل على أحد هذين لم يكن لسؤالهعليه‌السلام عن القدر ثم جوابه بما أجاب ، وجه وجيه فتأمل.

٢١

(باب)

(البئر وما يقع فيها)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال :

_________________________________________

باب البئر وما يقع فيها

الحديث الأول : صحيح.

ويدل ظاهرا على انفعال البئر بالملاقاة كما هو المشهور.

قوله : « أو دم » الظاهر أنه بالكسر فيدل على حكم القليل وقوله : « كالبعرة » أما المراد بها مقدارها من العذرات النجسة فالنزح على المشهور على الوجوب أو أصل البعرات الطاهرة ، فالنزح على الاستحباب. وقال في الحبل المتين : « لا يخفى أن القطرات في هذا الحديث جمع تصحيح ، وقد صرح أهل العربية بأن جمع التصحيح للقلة ، فيكون الحديث متضمنا لحكم القليل من البول والدم ، والأصحاب رضي الله عنهم وإن فرقوا في الدم بين قليله وكثيره ، لكن لم يفرقوا في البول ، ولو قيل بالفرق لم يكن بعيدا » انتهى.

واعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة البئر بالتغير ، وأما نجاسته بالملاقاة ففيها خلاف ، والأشهر أنه ينجس بالملاقاة مطلقا ، وذهب جماعة إلى عدم نجاسته مطلقا ، وذهب الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصروي من المتقدمين ، إلى القول بعدم النجاسة إذا كان كرا ، وألزم هذا القول على العلامة أيضا.

ثم القائلون بالطهارة اختلفوا في وجوب النزح واستحبابه والمشهور بينهم الثاني ، وذهب العلامةرحمه‌الله في المنتهى إلى الوجوب تعبدا لا لنجاسته ولم يصرحرحمه‌الله بأنه يحرم استعماله قبل النزح حتى يتفرع عليه بطلان الوضوء والصلاة بناء على أن النهي في العبادة مستلزم للفساد أم لا.

٢٢

كتبت إلى رجل أسأله أن يسأل أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم أو يسقط فيها شيء من عذرة كالبعرة و

_________________________________________

قوله : « حتى يحل الوضوء » قال. في مشرق الشمسين : تمسك القائلون بنجاسة البئر بالملاقاة بهذا الحديث وأمثاله ، فإن قوله ـ حتى يحل الوضوء منها ـ كالصريح في نجاستها ، وإن كان ذلك من كلام الراوي ، لأن تقريرهعليه‌السلام حجة وأمثال هذه الأحاديث الدالة بظاهرها على نجاستها كثيرة ، لكن لما كانت الأحاديث الدالة على عدم انفعالها كثيرة أيضا ، لم يكن بد من حمل هذه على الاستحباب والله أعلم وحينئذ ينبغي حمل الحل على تساوي الطرفين من غير ترجيح ، إذ على تقدير استحباب النزح ، يكون الوضوء منها قبله مرجوحا والله أعلم.

وقال في الحبل المتين : وما تضمنه الحديث من الدلالة المطلقة قد حملها الشيخ في التهذيب على العشرة قال : إنهعليه‌السلام قال « ينزح منها دلاء » ، وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب أن نأخذ به ونصير إليه ، إذ لا دليل على ما دونه هذا كلامه.

وأورد عليه أن الأخذ بالمتيقن كما اقتضى الحمل على أكثر ما يضاف إلى الجمع أعني العشرة كذلك أصالة براءة الذمة من الزائد يقتضي الحمل على أقل ما يضاف إلى الجمع أعني الثلاثة فكيف حكمت بأنه لا دليل على ما دون العشرة ، هذا. ولا يبعد أن يقال : إن مراد الشيخ طاب ثراه أن العدد الذي يضاف إلى الجمع ويقع الجمع تميزا له وإن كان مشتركا بين العشرة والثلاثة وما بينهما إلا أن هنا ما يدل على أن هذا الجمع مميز للعشرة وذلك أنه جمع كثرة فينبغي أن يكون مميزا لأكثر عدد يضاف إلى الجمع وهو العشرة التي هي آخر أعداد جمع القلة وأقربها إلى جمع الكثرة ترجيحا لا قرب المجازات إلى الحقيقة وبهذا التقرير يسقط الإيراد عنهرحمه‌الله رأسا.

٢٣

نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقععليه‌السلام بخطه في كتابي تنزح منها دلاء.

_________________________________________

وقد اعترض عليه المحقق طاب ثراه في المعتبر بما حاصله : أن هذا الجمع لم يضف إليه عدد ولم يقع مميزا لشيء ليتمشى ما قالهرحمه‌الله ألا ترى أنه لا يعلم من قول القائل عندي دراهم أنه لم يخبر زيادة عن عشرة.

وأجاب عنه العلامة ( نور الله مرقده ) في المنتهى : بأن الإضافة هنا مقدرة وإلا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا بد من إضمار عدد يضاف إليه تقديرا فيحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح إضافته لهذا الجمع أخذا بالمتيقن وحوالة على أصالة براءة الذمة.

وقال شيخنا الشهيد الثاني قدس الله روحه في شرح الإرشاد : في هذا الجواب نظر إذ لا يلزم من عدم تقدير الإضافة هنا تأخير البيان عن وقت الحاجة وإنما يلزم ذلك لو لم يكن له معنى بدون هذا التقدير والحال أن له معنى كسائر أمثاله من صيغ الجموع ، ولو سلم وجوب التقدير لم يتعين العشرة وفي قوله إن أقل ما يصلح إضافته لهذا الجمع عشرة منع وإنما أقله ثلاثة فيحمل عليها لأصالة البراءة من الزائد ، هذا كلامه أعلى الله مقامه ، وهو كلام جيد.

وأنت خبير بأن الظاهر من كلام العلامة طاب ثراه أنه حمل كلام الشيخرحمه‌الله على ما حمله عليه ذلك المورد وأن قوله قدس الله روحه وحوالة على أصالة براءة الذمة غير واقع في موقعه إلا بنوع عناية ، وإن الظاهر أن ما وقع في كلامه أعلى الله مقامه من إبدال لفظة الأكثر بالأقل إنما هو من سهو الناسخين والله أعلم بحقيقة الحال.

واعلم أنه رفع الله درجته بعد ما أورد في المختلف هذا الحديث ، وكلام الشيخ ، واعتراض المحقق قال : ويمكن أن يحتج به أي بالحديث من وجه آخر وهو أن يقال : إن هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشرة بواحد فيحمل عليه

٢٤

٢ ـ وبهذا الإسناد قال ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلا أن يتغير به.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الفأرة والسنور والدجاجة والطير والكلب قال ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء فإن تغير الماء فخذ منه حتى يذهب الريح.

_________________________________________

عملا بالبراءة الأصلية.

واعترض عليه شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه في شرح الإرشاد بأن هذا الدليل لا ينطبق على الدعوى لاستلزامه وجوب أحد عشر والمدعي الاكتفاء بعشرة هذا كلامه.

ولمن حاول الانتصار للعلامة أن يقول مراده طاب ثراه بقوله « ويمكن أن يحتج » هو تغيير الاحتجاج بالحديث على هذا المطلب أعني نزح العشرة على الاحتجاج على نزح أحد عشر ، لا ما ظنه شيخنارحمه‌الله فإن العلامة قدس الله سره أرفع شأنا من أن يصدر عنه مثل هذه الغفلة فلا تغفل.

الحديث الثاني : صحيح.

ولا يخفى ما في هذا الخبر من المبالغات الدالة على عدم انفعال البئر بمجرد الملاقاة من الوصف بالسعة ووجود المادة والحصر والتعليل كما في التهذيب فإن فيه « لأن له مادة » وقد رد هذا الخبر القائلون بالنجاسة بالإرسال ، وأجيب بأن محمد بن إسماعيل الثقة جزم بقولهعليه‌السلام فخرج عن الإرسال وفيه إشكال.

الحديث الثالث : حسن.

والمشهور بين الأصحاب أربعون للكلب والسنور والثعلب والأرنب والخنزير والشاة وأشباهها في الجثة.

وقال الصدوق في الفقيه في الكلب ثلاثون إلى أربعين ، وفي السنور سبع دلاء ، وفي الشاة وما أشبهها تسع دلاء إلى عشرة.

٢٥

٤ ـ محمد بن يحيى رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يفسد الماء إلا ما كان له نفس سائلة.

٥ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في السام أبرص يقع في البئر قال ليس بشيء حرك

_________________________________________

وقال في المقنع : إن وقع فيها كلب أو سنور فانزح ثلاثين دلوا إلى أربعين ، وقد روي سبع دلاء ، وإن وقعت في البئر شاة فانزح منها سبع أدل ، والمعروف بين الأصحاب في الطير سبع دلاء ، ويفهم من الاستبصار أن الشيخ فيه اكتفى بالثلاثة.

وقال في الحبل المتين : ما تضمنه من مساواة الكلب والفأرة والسنور والدجاجة خلاف المشهور ، وربما حمل على خروجه حيا ، وفيه ما فيه فإن التفصيل في الجواب يأباه كما لا يخفى ، والأحاديث في مقدار النزح لهذه الأشياء مختلفة جدا وسيما السنور فالشيخان ، وابن البراج ، وابن إدريس على الأربعين وعلي بن بابويه من ثلاثين إلى أربعين. والصدوق على السبع ولكل من هذه المذاهب رواية ولا يخفى أن سوق الحديث يقتضي اعتبار التلازم في هذه الأشياء بين تغير الطعم والريح وإلا فالظاهر « فخذ منه حتى يذهب الطعم ».

الحديث الرابع : مرفوع ، ويدل على عدم نجاسة ميتة الحيوان الذي ليست له نفس سائلة وعليه الأصحاب.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الصحاح وسام أبرص من كبار الوزغ وهو معرفة إلا أنه تعريف جنس ، وهما اسمان جعلا واحدا ، إن شئت أعربت الأول وأضفته إلى الثاني ، وإن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف.

قوله :عليه‌السلام « حرك الماء بالدلو » يحتمل أن يكون المراد معناه الحقيقي

٢٦

الماء بالدلو.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن ابن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عما يقع في الآبار فقال أما الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلاء إلا أن يتغير الماء فينزح حتى يطيب فإن سقط فيها كلب فقدرت أن تنزح ماءها فافعل وكل شيء وقع في البئر ليس له دم مثل العقرب والخنافس وأشباه ذلك فلا بأس.

٧ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن ابن مسكان ، عن

_________________________________________

لانتشار سمه في الماء أو يكون كناية عن النزح ، وحمله الشيخ في التهذيب على عدم التفسخ وقال مع التفسخ فيه سبع دلاء.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

والمشهور في الفأرة سبع مع التفسخ والانتفاخ وثلاث بدونهما ، وقال المرتضى في المصباح : في الفأرة سبع وقد روي ثلاث ، وقال الصدوق في الفقيه : فإن وقع فيها فأرة فدلو واحد ، وإن تفسخت فسبع دلاء ، ورجح صاحب المدارك الثلاث ، وفيه قوة.

قولهعليه‌السلام : « وأشباه ذلك » الظاهر أن الحية داخلة فيه على القول بعدم كونها ذات نفس سائلة ، وقد اختلف فيه وكذا الوزغة لكونها غير ذات نفس سائلة وذهب الصدوق ، والشيخان وجمع من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للوزغة ، وأوجب سلار ، وأبو الصلاح دلوا واحدا ، وابن إدريس لم يوجب شيئا ، وكذا ذهب الشيخان ، والفاضلان ، وكثير من الأصحاب إلى وجوب ثلاث للحية ، وكذا ذهب الشيخ ، وأبو الصلاح ، وابن البراج إلى وجوبها في العقرب ، وذهب ابن إدريس وجماعة إلى عدم وجوب شيء في العقرب.

الحديث السابع : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « شيء صغير » استدل به للثلاث في الحية ، والمشهور نزح

٢٧

الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا سقط في البئر شيء صغير فمات فيها فانزح منها دلاء وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء فإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن رجل ذبح شاة فاضطربت ووقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلاثين إلى الأربعين دلوا ثم يتوضأ منها ولا بأس به قال وسألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت

_________________________________________

سبع لاغتسال الجنب في البئر ، وقال ابن إدريس لارتماسه ، ورجح بعض الأصحاب لوقوعه ومباشرته لمائها وإن لم يغتسل ، كما هو ظاهر الأخبار ، بل الظاهر من الأخبار أنها لنجاسته بالمني ، ولم يدل دليل على وجوب نزح الجميع للمني وإن اشتهر بين الأصحاب ، ولعلهم حكموا به لأنه لا نص فيه وهذا النص كاف فيه ، ثم إن أكثر القائلين بنجاسة البئر بالملاقاة أوجبوا نزح الجميع بوقوع الخمر مطلقا سواء كان قليلا أم كثيرا ، ونقل عن الصدوقرحمه‌الله أنه حكم نزح عشرين دلوا بوقوع قطرة منه ، والشيخ وجماعة ألحقوا المسكرات مطلقا بالخمر ، ولا دليل عليه سوى ما روي « أن كل مسكر خمر »(١) ولا خلاف في وجوب نزح الجميع لموت البعير والله يعلم.

قولهعليه‌السلام : « فينزح » ظاهره جميع الماء وإن احتمل أن يكون المراد مطلق النزح لكن رواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب وزاد فيه فينزح الماء كله.

الحديث الثامن : صحيح.

وقال في النهاية ، الأوداج هي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك.

قولهعليه‌السلام : « ما بين الثلاثين » يحتمل أن يكون التخيير بين تسع ، أو عشرة ،

__________________

(١) الوسائل : الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأشربة المحرّمة ـ الحديث ـ ٥ ـ.

٢٨

في بئر هل يصلح أن يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها وسألته عن رجل يستقي من بئر فيرعف فيها هل يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت بئر يخرج في مائها قطع جلود قال ليس بشيء إن الوزغ ربما طرح جلده وقال يكفيك دلو من ماء.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر هل يتوضأ من ذلك الماء قال لا بأس.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد

_________________________________________

أو إحدى عشر ، واختلف الأصحاب في حكم الدم فالمفيد (ره) ذهب إلى أن للقليل خمس دلاء ، وللكثير عشرة دلاء ، والشيخ إلى أن للقليل عشرة وللكثير خمسين ، والصدوق ثلاثين إلى أربعين في الكثير ، ودلاء يسيرة في القليل وإليه مال في المعتبر ، وقيل في الدم ما بين الدلو الواحدة إلى عشرين ، ولعل الأظهر حمل ما زاد على أقل ما ورد في الأخبار على الاستحباب إن لم نحمل الجميع عليه.

الحديث التاسع : مرسل.

ولعل فيه دلالة على وجوب الدلو الواحد في الوزغ إذ الظاهر بناء النزح على أدنى المحتملات.

الحديث العاشر : صحيح.

وقال في المختلف يمكن حمله على عدم ملاقاة الحبل الماء ، أو يقال بطهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين ، كما ذهب إليه السيد المرتضى (ره).

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

واختلف الأصحاب في العذرة الذائبة أي المستهلكة في الماء أو المتقطعة الأجزاء

٢٩

عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العذرة تقع في البئر قال ينزح منها عشرة دلاء فإن ذابت فأربعون أو خمسون دلوا.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن سهل ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام بئر يستقى منها ويتوضأ به ويغسل منه الثياب ويعجن به ثم يعلم أنه كان فيها ميت قال فقال لا بأس ولا يغسل منه الثوب ولا تعاد منه الصلاة.

(باب)

(البئر تكون إلى جنب البالوعة)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن الحسن بن رباط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألت عن البالوعة تكون فوق البئر قال إذا كانت فوق البئر

_________________________________________

فذهب الأكثر إلى خمسين وجماعة إلى أربعين أو خمسين ولا مستند للأول ، وألحق بعض الأصحاب بالذائبة الرطبة ، ولا خلاف في نزح العشرة لليابسة.

الحديث الثاني عشر : ضعيف ، على المشهور ،

ويحتمل أن يكون المراد بالعلم الظن ولا عبرة به ، أو يكون المراد أنه يعلم أنه كان فيها ميت ولا يعلم أنه وقع قبل الاستعمال أو بعده لكن ظاهره عدم انفعال البئر.

باب البئر تكون إلى جنب البالوعة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « من كل ناحية » قيل المراد أنه لا يكفي البعد المقدر من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنسبة إليها مختلفا ، وذلك مع استدارة البئر ، فربما بلغ المسافة السبع إذا قيس إلى جانب ، ولا يبلغ بالقياس إلى الأخر ، فالمعتبر البعد بالقياس إلى جميع الجوانب كما ذكره بعض الأصحاب انتهى ، وفيه

٣٠

فسبعة أذرع وإذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع من كل ناحية وذلك كثير.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير قالوا قلنا له بئر يتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها قال فقال إن كانت البئر في أعلى الوادي والوادي يجري فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شيء وإن كان أقل من ذلك ينجسها وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها وما

_________________________________________

بعد ، والظاهر أن المراد أن وجوب هذا البعد لا يختص بجهة خاصة بل لا بد في أي جهة كانت من الشمال والجنوب وغيرهما.

قولهعليه‌السلام : « وذلك كثير » ظاهره أنه إشارة إلى السبعة والخمسة بتأويل المقدار ويحتمل أن يكون إشارة إلى الفوقية والتحتية لكنه بعيد.

ثم اعلم أن المشهور أن القدر الذي يستحب أن يكون بين البئر والبالوعة إنما هو الخمس والسبع لكن أكثرهم قالوا بالخمس مع صلابة الأرض أو فوقية البئر وإلا فالسبع وبعضهم عكس ، وقال بالسبع مع رخاوة الأرض وتحتية البئر وإلا فالخمس وتظهر الفائدة في التساوي ، والخبر مجمل بالنسبة إليهما لتعارض المفهومين ، وقال ابن الجنيد : إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة ، فلتكن بينهما اثنتا عشرة ذراعا وإن كانت الأرض صلبه ، أو كانت البئر فوق البالوعة ، فليكن بينهما سبع ، واحتج العلامة في المختلف له برواية محمد بن سليمان الديلمي وهي لا تدل على تمام مدعاه والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام : « في أعلى الوادي » ظاهره الفوقية بحسب القرار ويحتمل الجهة أيضا والمراد أن البئر أعلى من الوادي التي تجري فيها البول قولهعليه‌السلام « أسفل الوادي » أي أسفل من الوادي ويمر الماء أي البول عليها أي مشرفا عليها بعكس السابق ، والتعبير عن وادي البول بالماء يدل على أنه قد وصل الوادي إلى الماء.

٣١

كان أقل من ذلك فلا يتوضأ منه.

قال زرارة فقلت له فإن كان مجرى البول بلزقها وكان لا يثبت على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به بأس وإن استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا

_________________________________________

قولهعليه‌السلام « وإن استقر منه قليل » ظاهره أنه إن استقر البول في الأرض وإن لم يصل البالوعة إلى الماء يلزم التباعد بالقدرين المذكورين ، وحمل الأصحاب الأول على ما إذا وصل إليه والقرار والقعر في الثاني على المجرى والوصول إليه ، وقوله « إنما ذلك إذا استنقع كله » أي إذا كان له منافذ ومجاري إلى البئر ، فإنه حينئذ يستنقع كله لكنه بعيد كما لا يخفى ، والأظهر أن الأول حكم ذي المجرى والثاني تفصيل في غيره بأنه إن كان ما يستقر منه قليلا ليس به بأس ، وإلا فلا بد من التباعد فتأمل.

وقال في منتقى الجمان : مؤدى قولهعليه‌السلام « لا قعر له » كما في الكافي و « لا يغوله » كما في الاستبصار واحد لأن وجود القعر وهو العمق مظنة النفوذ إلى البئر ، وهو المراد بقوله يغوله ، قال الجوهري غاله الشيء إذا أخذه من حيث لم يدر ، وينبغي أن يعلم أن مرجع الضمير على التقديرين مختلف ، فعلى رواية لا يغوله هو موضع البول ، وعلى رواية لا قعر له ، البئر ، ويقرب كون أحدهما تصحيفا للآخر لما بينهما في الخط من التناسب.

وقوله « لا يثقب » يحتمل أن يكون بالنون وبالثاء المثلثة ، ففي القاموس النقب الثقب ، وأما العبارة التي سقطت من رواية الشيخ فهي باعتبار صراحتها في حصول التنجيس ، يترتب على وجودها وعدمها في الجملة اختلاف معنوي ، ولكن ذكر الفاضل في المنتهى أن القائلين بانفعال البئر بالملاقاة متفقون على عدم حصول التنجيس بمجرد التقارب بين البئر والبالوعة وإن كان كثيرا فلا بد من تأويل هذا الخبر عندهم أيضا.

وقد قرر في المنتهى بطريق السؤال دلالته على التنجيس من خمسة وجوه.

٣٢

قعر له حتى يبلغ البئر وليس على البئر منه بأس فيتوضأ منه إنما ذلك إذا استنقع كله

_________________________________________

أحدهما : تعليق عدم التنجيس بعدد فينتفي بانتفائه.

وثانيها : النهي عن الوضوء مع كون البعد أقل من تسع أذرع وما ذاك إلا التنجيس.

وثالثها : تعليق نفي البأس على انتفاء القرار ، فإنه يدل بالمفهوم على ثبوت البأس مع الاستقرار.

ورابعها : اشتراط نفي البأس ثانيا بقلة المستقر فمفهومه ثبوت البأس مع كثرته.

وخامسها : النص على ثبوت التنجيس مع الاستنقاع بقوله « إنما ذلك إذا استنقع ».

ثم أجاب عن الأول بالمنع ، وعن الثاني بمنع كون النهي للتحريم ، وعن الثالث والرابع بضعف دلالة المفهوم ، ومع تسليمه يمنع استلزام البأس للتحريم ، وعن الخامس بأن الإشارة إلى البأس لا إلى التنجيس ، وذكر أيضا أن رواة الحديث لم يسندوه إلى إمام ، ويجوز أن يكون قولهم قلنا إشارة إلى بعض العلماء ، قال : وهذا الاحتمال وإن كان مرجوحا إلا أنه غير ممتنع.

وأما جوابه عن الوجوه الخمسة ففيه القوي والضعيف كما لا يخفى ، والحق أن للخبر دلالة على حصول التنجيس في بعض الصور المفروضة فيه ، لا سيما مع العبارة التي وقع الاختلاف في إثباتها وإسقاطها ، لكن وجود المعارض من النصوص عند النافين لانفعال البئر بالملاقاة ، ومخالفة الإجماع الذي أشار إليه في المنتهى عند الباقين يوجبان صرف الخبر عن ظاهره وتأويله بوجه ينتفي معه المعارضة والمخالفة.

والأقرب في ذلك أن يقال إن سوق الحديث يؤذن بقصر الحكم في محل

٣٣

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج عبد الله بن عثمان ، عن قدامة بن أبي يزيد الحمار ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته كم أدنى ما يكون بين البئر بئر الماء والبالوعة فقال إن كان سهلا فسبعة أذرع وإن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال الماء يجري إلى القبلة إلى يمين ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجري عن يسار القبلة إلى يمين

_________________________________________

يتكثر ورود النجاسة عليه ويظن فيه النفوذ ، وما هذا شأنه لا يبعد إفضاؤه مع القرب إلى تغير الماء خصوصا مع طول الزمان فلعل الحكم بالتنجيس حينئذ ناظر إلى شهادة القرائن بأن تكرر جريان البول في مثله يفضي إلى حصول التغير أو يقال إن كثرة ورود النجاسة على المحل مع القرب يثمر ظن الوصول إلى الماء ، بل قد يحصل معه العلم بقرينة الحال وهو موجب للاستقذار ، ولا ريب في مرجوحية الاستعمال معه فيكون الحكم بالتنجيس والنهي عن الاستعمال محمولين علي غير الحقيقة لضرورة الجمع.

الحديث الثالث : مرسل.

قولهعليه‌السلام : « وإن كان جبلا ». كأنه ينبغي للأصحاب أن يعبروا عن هذا الشق بالجبل كما هو المطابق للخبر لا الصلبة للفرق بينهما فتفطن.

قولهعليه‌السلام « الماء يجري إلى القبلة » ظاهره أنه يجري الماء من مهب الصبا إلى القبلة مائلا عنها إلى يمينها يعني الدبور وعن يمين القبلة يعني الدبور إلى اليسار يعني الجنوب ومن الجنوب إلى الدبور ولم يظهر حينئذ جريها من الشمال إلى الجنوب مع أنه قد ورد أن مجرى العيون من مهب الشمال ، والذي يخطر بالبال هو أن الأظهر أن يقال : إن المراد من يمين القبلة يمينها إذا فرض شخصا مستقبلا إليها فيكون المراد من الأول جريه من الشمال إلى الجنوب ، فقد ظهر فوقية الشمال بالنسبة إلى الجنوب.

ويحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى قبلة المدينة فإنها منحرفة عن يسار

٣٤

القبلة ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة.

٤ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن عباد بن سليمان ، عن سعد بن سعد ، عن محمد بن القاسم ، عن أبي الحسنعليه‌السلام في البئر يكون بينها وبين الكنيف خمسة أذرع أو أقل أو أكثر يتوضأ منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء.

(باب)

(الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن يتوضأ مما شرب منه ما يؤكل لحمه.

_________________________________________

نقطة الجنوب قريبا من ثلاثين درجة فإذا جرى من نقطة الشمال إلى الجنوب يكون جاريا إلى القبلة مائلا إلى يمينها إذا أخذ اليمين واليسار بالنسبة إلى مستقبل القبلة فتفطن.

الحديث الرابع : حسن.

قولهعليه‌السلام « من قرب » قال السيد الداماد أي من قرب الكنيف وبعده ومن فسر بقرب قرار الماء وبعده لم يأت بما ينبغي.

باب الوضوء من سؤر الدواب والسباع والطير

الحديث الأول : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب كراهة سؤر الجلال وآكل الجيف مع خلو موضع الملاقاة عن النجاسة ، وذهب الشيخ في المبسوط إلى المنع من سؤر آكل الجيف. وفي النهاية من سؤر الجلال وظاهره في التهذيب والاستبصار المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه مطلقا إلا ما لا يمكن التحرز منه كالهرة والفأرة ، والحية ، وهذا الخبر بمفهومه يدل على حصول البأس فيه ، وهو لا يدل على أكثر من الكراهة كما هو ظاهر خبر الوشاء.

٣٥

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن خالد والحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال فضل الحمامة والدجاج لا بأس به والطير.

٣ ـ أبو داود ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته هل يشرب سؤر شيء من الدواب ويتوضأ منه قال فقال أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن

_________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور وقال في الصحاح : الحمام عند العرب ذوات الأطواق من نحو الفواخت ، والقماري ، وساق حر ، والقطا ، والورشين وأشباه ذلك يقع على المذكر والمؤنث لأن الهاء إنما دخلته على أنه واحد من جنس لا للتأنيث ، وعند العامة أنها الدواجن فقط الواحدة حمامة انتهى. قولهعليه‌السلام « والطير » تعميم بعد التخصيص. ويدل علي جواز استعمال سؤر الطيور مطلقا سواء كانت مأكولة اللحم أم لا.

الحديث الثالث : موثق ، وفيه شوب إرسال ، قال الوالد العلامةرحمه‌الله الظاهر أن أبا داود هذا هو سليمان المسترق ، وكان له كتاب يروي الكليني عن كتابه ، ويروي عنه بواسطة الصفار وغيره ، ويروي بواسطتين أيضا عنه ولما كان الكتاب معلوما عنه بقول أبو داود أي روى فالخبر ليس بمرسل انتهى ، وكونه المسترق عندي غير معلوم ولم يظهر لي من هو إلى الان ففيه جهالة.

قولهعليه‌السلام « فلا بأس » أي حتى الكراهة بخلاف غيرها فإنها مكروهة ، واعلم أن المشهور كراهة سؤر البغال والحمير والدواب ويمكن الاستدلال لهم بهذا الخبر.

الحديث الرابع : حسن.

قولهعليه‌السلام « سبع » أي ليس فيه إلا السبعية وهي لا تصير سببا للنجاسة ما لم

٣٦

زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن في كتاب عليعليه‌السلام أن الهر سبع فلا بأس بسؤره وإني لأستحيي من الله أن أدع طعاما لأن هرا أكل منه.

٥ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عما تشرب منه الحمامة فقال كل ما أكل لحمه فتوضأ من سؤره واشرب وعما شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال كل شيء من الطير توضأ مما يشرب منه إلا أن ترى في منقاره دما فإن رأيت في منقاره دما فلا توضأ منه ولا تشرب.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال :

_________________________________________

ينضم إليها خصوصية أخرى كما في الكلب والخنزير وفي بعض النسخ ولا بأس بالواو فالمعنى أنه مع كونه سبعا طاهر.

الحديث الخامس : موثق.

قولهعليه‌السلام : « كل ما أكل لحمه » قال الشيخ في التهذيب : « كل ما يؤكل لحمه يتوضأ بسؤره ويشرب يدل على أن ما لا يؤكل لحمه لا يجوز التوضؤ به. والشرب منه لأنه إذا شرط في استباحة سورة أن يؤكل لحمه دل على أن ما عداه بخلافه ويجري هذا مجرى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ في سائمة الغنم زكاة في أنه يدل علي أن المعلوفة ليس فيها الزكاة » وأورد عليه بعض المحققين أنه بعد تسليم دلالة قولهعليه‌السلام « كل ما يؤكل لحمه يتوضأ بسؤره ويشرب »(١) على أن ما عداه بخلافه فإنما يدل على أن غير المأكول لا يثبت له الحكم كليا كما يثبت للمأكول ونحن نقول بموجبه فإن سؤر بعض غير المأكول نجس وهذا حسن على القول بعدم عموم المفهوم.

الحديث السادس : موثق.

قولهعليه‌السلام « ألقه » الهاء للسكت. وحمل علي الاستحباب والمشهور كراهة

__________________

(١) التهذيب : ج ١ ص.

٣٧

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جرة وجد فيها خنفساء قد ماتت قال ألقها وتوضأ منه وإن كان عقربا فأرق الماء وتوضأ من ماء غيره وعن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر ولا يدري أيهما هو ليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا ويتيمم.

٧ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن الوشاء عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كان يكره سؤر كل شيء لا يؤكل لحمه.

(باب)

(الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن منصور بن حازم ، عن عنبسة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

_________________________________________

استعمال ما مات فيه الوزغ والعقرب لما فيهما من السم ، وحكم ابن البراج بنجاسة ما مات فيه الوزغ ، والشيخ في النهاية بنجاسة ما مات فيه العقرب والأشهر أقوى. قولهعليه‌السلام « يهريقهما » عليه عمل الأصحاب لكن اختلفوا في وجوب الإهراق ومنهم من جعله كناية عن عدم الاستعمال والأحوط الإهراق إلا مع ظن الاحتياج إليه.

الحديث السابع : مرسل.

باب الوضوء من سؤر الحائض والجنب واليهودي والنصراني والناصب

الحديث الأول : ضعيف.

والمشهور كراهة سؤر الحائض إذا كانت متهمة وبعض الأصحاب كالشيخ في المبسوط ، وابن الجنيد أطلقوا ، والشهيد في البيان الحق بها كل متهم ، وقال في الحبل المتين : وقد دل هذا الحديث على عدم كراهة الشرب من سؤر الحائض ،

٣٨

قال اشرب من سؤر الحائض ولا توضأ منه.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يغتسل الرجل والمرأة من إناء واحد فقال نعم يفرغان على أيديهما قبل أن يضعا أيديهما في الإناء قال وسألته عن سؤر الحائض فقال لا توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ثم تغسل يديها قبل أن تدخلهما في الإناء وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يغتسل هو وعائشة في إناء واحد ويغتسلان جميعا.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحائض يشرب من سؤرها قال نعم ولا يتوضأ منه.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أيتوضأ الرجل من فضل المرأة قال :

_________________________________________

يظهر منه أن الاهتمام ببعد ماء الوضوء عن شائبة النجاسة أشد من الاهتمام ببعد ماء الشرب عنها ، وهذا الحديث وإن كان شاملا للمأمونة وغيرها ، لكنه محمول علي غير المأمونة كما هو صريح السابقة واللاحقة.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

قولهعليه‌السلام « من سؤر الجنب » قال في مشرق الشمسين : هذا اللفظ مما يستوي فيه المذكر والمؤنث وقولهعليه‌السلام « تغسل يديها » جملة برأسها يتضمن أمر الحائض بغسل يديها قبل إدخالهما الإناء انتهى. ويحتمل أن يكون قيدا آخر لاستعمال سؤر الجنب أو بيانا لكونها مأمونة.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في المختلف الشيخرحمه‌الله حمل النهي عن الوضوء من سؤر الحائض في هذه الأخبار على المنع على أنها إذا كانت متهمة لم يجز الوضوء بسؤرها تارة

٣٩

إذا كانت تعرف الوضوء ولا يتوضأ من سؤر الحائض.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن سؤر اليهودي والنصراني فقال : لا.

٦ ـ أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد ، عن أيوب بن نوح ، عن الوشاء عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه كره سؤر ولد الزنا وسؤر اليهودي والنصراني والمشرك وكل ما خالف الإسلام وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب.

_________________________________________

وعلى إرادة الاستحباب أخرى ، واحتج على الثاني بما رواه أبو هلال « قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : الطامث أشرب من فضل شربها ولا أحب أن تتوضأ منه. الحديث »(١) انتهى. ولعل المراد بالوضوء غسل الثياب والجسد من النجاسات.

الحديث الخامس : حسن.

ويدل ظاهرا على نجاسة سؤر اليهود والنصارى واتفق الأصحاب على نجاسة ما عدا اليهود والنصارى من أصناف الكفار سواء كان كفرهم أصليا أو ارتدادا ، وأما اليهود والنصارى فذهب الأكثر إلى نجاستهم ، بل ادعى عليه المرتضى ، وابن إدريس الإجماع ، ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بعدم نجاسة أساراهم ، وحكي في المعتبر عن المفيد في المسائل الغرية القول بالكراهة ، وربما ظهر من كلام الشيخ في موضع من النهاية. ويحكي عن المرتضىرحمه‌الله القول بنجاسة سؤر ولد ـ الزنا لأنه كافر ، ويعزى القول بكفره إلى ابن إدريس وإلى الصدوق أيضا ، والمشهور نجاسة الخوارج والنواصب والغلاة.

الحديث السادس : مرسل ، والمراد بالكراهة هنا الحرمة.

__________________

(١) الوسائل : الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الأسئار ـ الحديث ـ ٦ ـ.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363