مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 279

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 12656
تحميل: 4186


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12656 / تحميل: 4186
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 14

مؤلف:
العربية

الْآخِرَةِ » ثم يفسحان له في قبره مد بصره ثم يفتحان له بابا إلى الجنة ثم يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم فإن الله عز وجل يقول : «أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلاً » قال وإن كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح من خلق الله زيا ورؤيا وأنتنه ريحا فيقول له أبشر بنزل من حميم وتصلية جحيم وإنه ليعرف غاسله ويناشد حملته أن يحبسوه فإذا أدخل القبر أتاه ممتحنا القبر فألقيا عنه

قوله عليه‌السلام : « في قبره » لعل المراد بالقبر عالم البرزخ كما مر ، ويقالفسح له يفسح بالفتح فيهما أي وسع له ، والفسحة بالضم السعة : والمراد بمد البصر مداه وغايته التي ينتهي إليها.

قوله عليه‌السلام : « إلى الجنة » أي جنة الدنيا كما سيأتي ويحتمل الآخرة.

قوله عليه‌السلام : « نم قرير العين » قرة العين برودتها وانقطاع بكائها ورؤيتها ما كانت مشتاقة إليه ، والقر بالضم ضد الحر والعرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد ودمع الباكي من الحزن حار فقرة العين كناية عن الفرح والسرور والظفر بالمطلوب يقال : قرت عينه تقر بالفتح والكسر قرة بالفتح ، والضم نوم الشاب الناعم من النعمة بالكسر وهي ما يتنعم به من المال ونحوه أو بالفتح وهي نفس التنعم ، ولعل الثاني أولى فقد قيل كم من ذي نعمة لا نعمة له كذا ذكره الشيخ البهائي ( قدس الله سره ) وقال :قوله فإن الله يقول يحتمل أن يكون من كلام الإمامعليه‌السلام ويكون كالمؤيد لما تضمنه الكلام السابق من الفسحة وفتح الباب إلى الجنة ونومه قرير العين وأن يكون من مقول قول الملكين أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا(١) المراد اليوم المذكور في قوله سبحانه قبل هذه الآية «يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً »(٢) وهذا الخبر يدل

__________________

(١) سورة الفرقان : ٢٤.

(٢) سورة الفرقان : ٢٣.

٢٠١

أكفانه ثم يقولان له من ربك وما دينك ومن نبيك فيقول لا أدري فيقولان لا دريت ولا هديت فيضربان يافوخه بمرزبة معهما ضربة ما خلق الله عز وجل من دابة إلا وتذعر لها ما خلا الثقلين ثم يفتحان له بابا إلى النار ثم يقولان له نم بشر حال فيه من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج حتى إن دماغه ليخرج

على أن المراد بذلك اليوم : يوم الموت ، وبالملائكة ملائكة الموت وهو قول كثير من من المفسرين ، وفسر بعضهم ذلك اليوم ، بيوم القيمة والملائكة بملائكة النار والمرادبالمستقر : المكان الذي يستقر فيه ، وبالمقيل مكان الاستراحة مأخوذ من مكان القيلولة ، ويحتمل أن يراد بأحدهما الزمان. أي أن مكانهم وزمانهم أطيب مما يتخيل من الأمكنة والأزمنة ، ويحتمل المصدرية فيهما أو في أحدهما ، ولا يبعد أن يكون المراد بالمستقر الجنة وبالمقيل القبر تشبيها بالمسافر الذي يقيل في وسط الطريق ثم يروح إلى منزله ومستقره وإذا كان لربه عدوا لعلهعليه‌السلام إنما خص الحكمين بالعدو والولي لأن المستضعفين ملهو عنهم كما سيأتي ، والفساق من الشيعة يحتمل دخولهم في الولي وفي الملهو عنهم ، والزي بكسر الزاي وتشديد الياء الهيئة« أبشر بنزل من حميم » البشارة هنا على التهكم كقوله تعالى «فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ »(١) والنزل بضمتين ما يعد للضيف النازل على الإنسان من الطعام والشراب ، وفيه أيضا تهكم « والحميم » الماء الشديد الحرارة يسقى منه أهل النار ، أو يصب على أبدانهم ، والأول أنسب بالنزل وبسائر الايات« والتصلية » التلويح على النار« أتاه ممتحنا القبر » إضافة اسم الفاعل إما إلى معموله على حذف المضاف أي ممتحنا صاحب القبر ، أو إلى غير معموله كمصارع مصر وهذا أولى وتخصيص إلقاء الأكفان بعيد والله ظاهر لما فيه من الشفاعة المناسبة لحاله واليافوخ هو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل إذا كان قريب عهد بالولادة.

__________________

(١) سورة التوبة : ٣٤.

٢٠٢

من بين ظفره ولحمه ويسلط الله عليه حيات الأرض وعقاربها وهوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره وإنه ليتمنى قيام الساعة فيما هو فيه من الشر.

وقال جابر قال أبو جعفرعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إني كنت أنظر إلى الإبل والغنم وأنا أرعاها وليس من نبي إلا وقد رعى الغنم وكنت أنظر إليها قبل النبوة وهي متمكنة في المكينة ما حولها شيء يهيجها حتى تذعر فتطير فأقول ما هذا وأعجب حتى حدثني جبرئيلعليه‌السلام أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها ويذعر لها إلا الثقلين فقلت ذلك لضربة الكافر فنعوذ بالله من عذاب القبر

وقال الجوهري :الأرزبة التي يكسر بها المدر فإن قلتها بالميم خففت قلت المرزبة ، وقال البيضاوي : في شرح المصابيح أن المحدثين يشددون الباء من المرزبة والصواب تخفيفه وإنما يشدد الباء إذا أبدلت الميم همزة انتهى ، ولكن كلام صاحب القاموس صريح في مجيء التشديد في مرزبة أيضا وتذعر : أي تفزع وإنما سمي الإنس والجنبالثقلين لعظم شأنهما بالنسبة إلى ما في الأرض من الحيوانات ، والعرب تطلق على ما له نفاسة وشأن اسم الثقل ولعل الحكمة في عدم سماع الثقلين ذلك إنهم لو سمعوه لصار الإيمان ضروريا فيرتفع التكليف ، والقنا جمع قناة وهي الرمحوالزج الحديدة التي في أسفل الرمح ، وفي تفسير علي بن إبراهيم فهو من الضيق وهو أصوب ، والحيات والعقارب إما مثالية تلذع الأجساد المثالية أو هي المتولدة من القبر تلذع الجسد الأصلي ، وتتألم الروح بذلك وسيأتي بسط القول فيه إن شاء الله.

قوله عليه‌السلام : « في المكينة » أي في مكان تمكنت فيها ، قال في القاموس : مضيت مكانتي ومكينتي أي : طيني ولا يبعد أن يكون في الأصل المكنة بدون الياء.

قال في النهاية : فيه أقروا الطير على مكناتها ، المكناة في الأصل بيض الضباب ، واحدها مكنة بكسر الكاف ، وقد تفتح يقال : مكنت الضبة وأمكنت قال

٢٠٣

٢ ـ سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وعلي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حمل عدو الله إلى قبره نادى حملته ألا تسمعون يا إخوتاه أني أشكو إليكم ما وقع فيه أخوكم الشقي أن عدو الله خدعني فأوردني ثم لم يصدرني وأقسم لي أنه ناصح لي فغشني وأشكو إليكم دنيا غرتني حتى إذا اطمأننت إليها صرعتني وأشكو إليكم أخلاء الهوى منوني ثم تبرءوا مني وخذلوني وأشكو إليكم أولادا حميت عنهم وآثرتهم على نفسي فأكلوا مالي وأسلموني وأشكو إليكم مالا منعت منه حق الله فكان وباله علي وكان نفعه لغيري وأشكو إليكم دارا أنفقت عليها حريبتي وصار ساكنها غيري وأشكو إليكم طول الثواء في قبري ينادي أنا بيت الدود أنا بيت الظلمة والوحشة والضيق يا إخوتاه فاحبسوني ما استطعتم واحذروا مثل ما لقيت فإني قد بشرت بالنار وبالذل والصغار وغضب العزيز الجبار وا حسرتاه «عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ » ويا طول عولتاه فما لي من «شَفِيعٍ يُطاعُ » ولا صديق يرحمني فلو أن لي كرة فأكون من المؤمنين.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله وزاد فيه فما يفتر ينادي حتى يدخل قبره فإذا دخل حفرته

أبو عبيد : جائز في الكلام أن يستعار مكن الضباب فيجعل للطير ، وقيل : المكناة بمعنى الأمكنة يقال الناس على مكناتهم وسكناتهم أي : على أمكنتهم ومساكنهم ، وقيل : المكنة التمكن كالطلبة من التطلب ، وإن فلانا لذو مكنة من السلطان أي : ذو تمكن انتهى.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « نادى » أي في جسده المثالي بلسان الحال أو بالمقال بحيث لا يسمعه الحاضرون وخبر حمزة يؤيد الثاني.( إن عدو الله ) أي : الشيطان فأوردني أي

٢٠٤

ردت الروح في جسده وجاءه ملكا القبر فامتحناه قال وكان أبو جعفرعليه‌السلام يبكي إذا ذكر هذا الحديث.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر قال قال علي بن الحسينعليه‌السلام ما ندري كيف نصنع بالناس إن حدثناهم بما سمعنا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ضحكوا وإن سكتنا لم يسعنا قال فقال ضمرة بن معبد حدثنا فقال هل تدرون ما يقول عدو الله إذا حمل على سريره قال فقلنا لا قال فإنه يقول لحملته ألا تسمعون أني أشكو إليكم عدو الله خدعني وأوردني ثم لم يصدرني وأشكو إليكم إخوانا واخيتهم فخذلوني وأشكو إليكم أولادا حاميت عنهم فخذلوني وأشكو إليكم دارا أنفقت فيها حريبتي فصار سكانها غيري فارفقوا بي ولا تستعجلوا قال فقال ضمرة يا أبا الحسن إن كان هذا يتكلم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه قال فقال علي بن الحسينعليه‌السلام اللهم إن كان ضمرة هزئ من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخذه أخذة أسف قال فمكث أربعين يوما ثم مات فحضره مولى له قال فلما دفن أتى علي بن الحسينعليه‌السلام فجلس إليه فقال له من أين جئت يا فلان قال من جنازة ضمرة فوضعت وجهي عليه حين سوي عليه فسمعت صوته والله أعرفه كما كنت أعرفه وهو حي يقول

المهالك ثم لم يصدرني أي لم يرجعني عنها ، وإخلاء الهوى. هم الذين خلتهم كانت لمحض هوى النفس لا لله.

وقال الجوهري :حريبة الرجل ماله الذي يعيش به على ما فرطت في جنب الله أي في طاعة الله ، وفسر في الأخبار بالأئمةعليهم‌السلام وولايتهم كما مر ،« والعولة والعويل » رفع الصوت بالبكاء« والكرة الرجوع » إلى الدنيا.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : ضعيف ، وقال في النهاية : فيه موت الفجأة :أخذه أسف

٢٠٥

ويلك يا ضمرة بن معبد اليوم خذلك كل خليل وصار مصيرك إلى الجحيم فيها مسكنك ومبيتك والمقيل قال فقال علي بن الحسينعليه‌السلام أسأل الله العافية هذا جزاء من يهزأ من حديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(باب)

(المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا والآخرون يلهون عنهم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنما يسأل في قبره من محض الإيمان محضا والكفر محضا وأما ما سوى ذلك فيلهى عنهم.

للكافر ، أي أخذه غضب ، أو غضبان انتهى ، وظهور بعض هذه الأمور نادرا للإعجاز لا ينافي مصلحة التكليف ولا يوجب الإلجاء.

باب المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « من محض الإيمان » كلمة « من » بالفتح اسم موصول و ( محض ) على صيغة الفعل أي لا يسأل في القبر إلا المؤمن الخالص والكافر الخالص ، وأما المستضعفون المتوسطون بينهما فلا ثواب لهم في البرزخ ولا عقاب إلى أن يحشروا ، وربما يقرأ من : بالكسر ومحض : بصيغة المصدر ، أي لا يسأل في القبر إلا عن العقائد وأما الأعمال فلا سؤال عنها فيه ، والأول أظهر وكذا فهمه الأصحاب كالمفيدقدس‌سره وغيره وسيأتي ما يؤيده بل يعينه.

٢٠٦

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن ابن بكير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إنما يسأل في قبره من محض الإيمان محضا والكفر محضا وأما ما سوى ذلك فيلهى عنه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن بريد بن معاوية ، عن محمد بن مسلم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا.

٥ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن هارون بن خارجة ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يسأل وهو مضغوط.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أيفلت من ضغطة القبر أحد قال فقال نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : موثق.واللهو ليس على المعنى الحقيقي بل هو كناية عن عدم التعرض لهم بثواب أو عقاب أو سؤال وما سوى ذلك لعله يشمل المستضعفين من المؤمنين أيضا.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : صحيح. ولعل المعنى أنالضغطة والسؤال متلازمان فكل من لا يضغط لا يسأل وبالعكس ، أو يسأل في حال الضغطة ، ويحتمل أن يكون الغرض إثبات الحالتين فقط من غير بيان تلازم أو مقارنة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « وما لقيت » أي من روحها اللعين كما سيأتي في باب النوادر ،

٢٠٧

وقال للناس إني ذكرت هذه وما لقيت فرققت لها واستوهبتها من ضمة القبر قال فقال اللهم هب لي رقية من ضمة القبر فوهبها الله له قال وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج في جنازة سعد وقد شيعه سبعون ألف ملك فرفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه إلى السماء ثم قال مثل سعد يضم قال قلت جعلت فداك إنا نحدث أنه كان يستخف بالبول فقال معاذ الله إنما كان من زعارة في خلقه على أهله قال فقالت أم سعد هنيئا لك يا سعد قال فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أم سعد لا تحتمي على الله.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن غالب بن عثمان ، عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يجيء الملكان منكر ونكير إلى الميت حين يدفن أصواتهما كالرعد القاصف وأبصارهما كالبرق الخاطف يخطان الأرض بأنيابهما ويطئان في شعورهما فيسألان الميت من ربك؟ وما دينك؟ قال فإذا كان مؤمنا قال الله ربي وديني الإسلام فيقولان له ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول أعن محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تسألاني فيقولان له

والإفلات الخلاص يكون لازما ومتعديا والزعارة بتشديد الراء شكاسة الخلق كذا ذكره الجوهري ونسب التخفيف إلى العامة وقال حتمت عليه الشيء أوجبت.

الحديث السابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « يخطان الأرض » أقول لا ينافي ما مر أنهما يشقان الأرض بأقدامها إذ يمكن أن يكون بعد الشق بالأقدام لطول أنيابها تحدث خطوط في الأرض لها ، وقال في النهاية : فيه فأقاموابين ظهرانيهم وبين أظهرهم ، أي بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيد ، أو معناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فهو مكتوف من جانبيه ومن جوانبه إذا قيل : بين أظهرهم ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين القوم مطلقا ، وقال : فيه الرؤيا من الله والحلم من الشيطان ، الحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء لكن غلبت

٢٠٨

تشهد أنه رسول الله فيقول أشهد أنه رسول الله فيقولان له نم نومة لا حلم فيها ويفسح له في قبره تسعة أذرع ويفتح له باب إلى الجنة ويرى مقعده فيها وإذا كان الرجل كافرا دخلا عليه وأقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس فيقولان له من ربك وما دينك وما تقول في هذا الرجل الذي قد خرج من بين ظهرانيكم فيقول لا أدري فيخليان بينه وبين الشيطان فيسلط عليه في قبره تسعة وتسعين تنينا لو أن تنينا واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت شجرا أبدا ويفتح له باب إلى النار ويرى مقعده فيها.

الرؤيا على ما يراه من الخير والشيء الحسن ، والحلم على ما يراه من الشر والشيء القبيح.

قوله عليه‌السلام : « تسعة وتسعين ».

قال الشيخ البهائي :قدس‌سره قال بعض أصحاب الحال : ولا ينبغي أن يتعجب من التخصيص بهذا العدد فلعل عدد هذه الحيات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر والرياء والحسد والحقد وسائر الأخلاق والملكات الرديئة فإنها تتشعب وتتنوع أنواعا كثيرة وهي بعينها تنقلب حيات في تلك النشأة انتهى كلامه ، ولبعض أصحاب الحديث في نكتة التخصيص بهذا العدد وجه ظاهري إقناعي محصلة أنه قد ورد أن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ، ومعنى إحصائها الإذعان باتصافه عز وعلا بكل منها وروى الصادقعليه‌السلام : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم وآخر تسعة وتسعين رحمة يرحم بها عباده ، فتبين من الحديث الأول أنه سبحانه بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء التسعة والتسعين ، ومن الحديث الثاني أن لهم عنده في النشأة الأخروية تسعة وتسعين رحمة ، وحيث أن الكافر لم يعرف الله سبحانه بشيء من تلك الأسماء جعل له في مقابل كل اسم رحمة تنين ينهشه في قبره ، هذا حاصل كلامه وهو كما ترى.

٢٠٩

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن القاسم ، عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام أصلحك الله من المسئولون في قبورهم قال من محض الإيمان ومن محض الكفر قال قلت فبقية هذا الخلق قال يلهى والله عنهم ما يعبأ بهم قال قلت وعم يسألون قال عن الحجة القائمة بين أظهركم فيقال للمؤمن ما تقول في فلان بن فلان فيقول ذاك إمامي فيقال نم أنام الله عينك ويفتح له باب من الجنة فما يزال يتحفه من روحها إلى يوم القيامة ويقال للكافر ما تقول في فلان بن فلان قال فيقول قد سمعت به وما أدري ما هو فيقال له لا دريت قال ويفتح له باب من النار فلا يزال يتحفه من حرها إلى يوم القيامة.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل ، عن عمرو بن الأشعث أنه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول يسأل الرجل في قبره فإذا أثبت فسح له في قبره سبعة أذرع وفتح له باب إلى الجنة وقيل له نم نومة العروس قرير العين.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا وضع الرجل

الحديث الثامن : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « لأدريت » الظاهر أنه دعاء عليه ، ويحتمل أن يكون استفهاما على الإنكار ، أي علمت وتمت عليك الحجة في الدنيا وإنما جحدت لشقاوتك ، أو كان عدم العلم لتقصيرك وألا تخاف في الأخير على التهكم.

الحديث التاسع : ضعيف. والاختلاف في الفسحة باختلاف مراتب الإيمان ، وقال الجوهري :العروس. نعت يستوي فيه الرجل والمرأة ما داما في إعراسهما ، يقال : رجل عروس في رجال عرس ، وامرأة عروس في نساء عرائس.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

٢١٠

في قبره أتاه ملكان ملك عن يمينه وملك عن يساره وأقيم الشيطان بين عينيه عيناه من نحاس فيقال له كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم قال فيفزع له فزعة فيقول إذا كان مؤمنا أعن محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تسألاني فيقولان له نم نومة لا حلم فيها ويفسح له في قبره تسعة أذرع ويرى مقعده من الجنة وهو قول الله عز وجل : «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ »(١) وإذا كان كافرا قالا له من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول لا أدري فيخليان بينه وبين الشيطان.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن بعض أصحابه ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال يقال للمؤمن في قبره من ربك قال فيقول الله فيقال له ما دينك فيقول الإسلام فيقال له من نبيك فيقول محمد فيقال من إمامك فيقول فلان فيقال كيف علمت بذلك فيقول أمر هداني الله له وثبتني عليه فيقال له نم نومة لا حلم فيها نومة العروس ثم يفتح له باب إلى الجنة فيدخل عليه من روحها وريحانها فيقول يا رب عجل قيام الساعة لعلي أرجع إلى أهلي ومالي ويقال للكافر من ربك فيقول الله فيقال من نبيك فيقول محمد فيقال ما دينك فيقول الإسلام فيقال من أين علمت ذلك فيقول سمعت الناس يقولون فقلته فيضربانه بمرزبة

الحديث الحادي عشر : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « من أين علمت ذلك » أي أن الإسلام مما أنت عليه مع خلوه عن الاعتقاد بأئمة المؤمنين ، وربما يستدل به على عدم جواز التقليد في الأصول ، ويمكن أن يقال : هو مبني على أن إسلام المخالفين لعدم توسلهم بأئمة الهدىعليهم‌السلام ظني تقليدي لم يهدهم الله للرسوخ فيه وإنما الهداية واليقين مع متابعتهم وولايتهمعليهم‌السلام .

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٢٦.

٢١١

لو اجتمع عليها الثقلان الإنس والجن لم يطيقوها قال فيذوب كما يذوب الرصاص ثم يعيدان فيه الروح فيوضع قلبه بين لوحين من نار فيقول يا رب أخر قيام الساعة.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن المؤمن إذا أخرج من بيته شيعته الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض مرحبا بك وأهلا أما والله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك لترين ما أصنع بك فتوسع له مد بصره ويدخل عليه في قبره ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقعدانه ويسألانه فيقولان له من ربك فيقول الله فيقولان ما دينك فيقول الإسلام فيقولان ومن نبيك فيقول محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقولان ومن إمامك فيقول فلان قال فينادي مناد من السماء صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة وافتحوا له في قبره بابا إلى الجنة وألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا وما عندنا خير له ثم يقال له نم نومة عروس نم نومة لا حلم فيها قال وإن كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره تلعنونه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه قال ثم يدخل عليه ملكا القبر وهما قعيدا القبر منكر ونكير.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « قالت له الأرض » أي أهلها من الملائكة أو هي بلسان الحال كما سيأتي.

وقال في النهاية :القعيد الذي يصاحبك في قعودك فعيل بمعنى الفاعل وقال :الجوانح الأضلاع مما يلي الصدر الواحدة جانحة ، وفي القاموس :اللجلجة ، والتلجلج

٢١٢

قال أبو بصير جعلت فداك يدخلان على المؤمن والكافر في صورة واحدة فقال لا قال فيقعدانه ويلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقولان له من ربك فيتلجلج ويقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له لا دريت ويقولان له ما دينك فيتلجلج فيقولان له لا دريت ويقولان له من نبيك فيقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له لا دريت ويسأل عن إمام زمانه قال فينادي مناد من السماء كذب عبدي افرشوا له في قبره من النار وألبسوه من ثياب النار وافتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا وما عندنا شر له فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا لو ضرب بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ويسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا والشيطان يغمه غما قال ويسمع عذابه من خلق الله إلا الجن والإنس قال وإنه ليسمع خفق نعالهم ونقض أيديهم وهو قول الله عز وجل : «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ ».

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن كولوم ، عن أبي سعيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه والزكاة عن يساره والبر يطل عليه ويتنحى الصبر ناحية وإذا دخل عليه

التردد في الكلام وإلقاء الروح إلى حقويه لئلا يقوم ، ولعدم الحاجة إلى أكثر من ذلك ، وربما يقال : إنه كناية عن إن تعلقها به تعلق ضعيف ، و الخفق صوت النعل.

الحديث الثالث عشر : مجهول ويقال :أطل عليه أي أشرف. وفي بعض النسخ بالظاء المعجمة ، وربما يستدل بأمثاله على تجسم الأعمال في النشأة الآخرة ، ويمكن أن يخلق الله تعالى بإزاء كل منها صورة تناسبه ، ويمكن حمله عن الاستعارة التمثيلية أيضا. لكن عدم التصرف في الظواهر مع عدم الضرورة أحوط وأولى.

٢١٣

الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة والزكاة دونكما صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه.

١٤ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن أحمد الخراساني ، عن أبيه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا وضع الميت في قبره مثل له شخص فقال له يا هذا كنا ثلاثة كان رزقك فانقطع بانقطاع أجلك وكان أهلك فخلفوك وانصرفوا عنك وكنت عملك فبقيت معك أما إني كنت أهون الثلاثة عليك.

١٥ ـ عنه ، عن أبيه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يسأل الميت في قبره عن خمس عن صلاته وزكاته وحجه وصيامه وولايته إيانا أهل البيت فتقول الولاية من جانب القبر للأربع ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس قال سألته عن المصلوب يعذب عذاب القبر قال فقال نعم إن الله عز وجل يأمر الهواء أن يضغطه.

١٧ ـ وفي رواية أخرى سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن المصلوب يصيبه عذاب القبر

الحديث الرابع عشر : مجهول.

الحديث الخامس عشر : مرفوع. ويدل على السؤال في القبر عن بعض الأعمال أيضا ، ويمكن حمله على السؤال عن الاعتقاد بها لكونها من ضروريات الدين فالاعتقاد بها من أجزاء الإيمان لا من عملها.

الحديث السادس عشر : صحيح. مضمر وآخره مرسل ويدل على أن المصلوب تصيبه الضغطة وكونه أشر من ضغطة الأرض ، إما لكونه من أصحاب الكبائر إن كان الصلب شرعيا ، أو المراد أنه إن أراد الله تعالى. أن يضغطه في الهواء أشد من ضغطة الأرض لقدر عليه.

الحديث السابع عشر : مرسل. كالموثق ويدل على إصابة الضغطة لبعض

٢١٤

فقال إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عز وجل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر.

١٨ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال لما ماتت رقية ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وأصحابه قال وفاطمةعليها‌السلام على شفير القبر تنحدر دموعها في القبر ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتلقاه بثوبه قائما يدعو قال

السعداء والكمل من المؤمنين أيضا.

فذلكة اعلم : أن الذي ظهر من الايات الكثيرة والأخبار المستفيضة والبراهين القاطعة هو أن النفس باقية بعد الموت ، إما معذبة إن كان ممن محض الكفر أو منعمة إن كان ممن محض الإيمان ، أو ملهي عنه إن كان من المستضعفين وأشباههم من الصبيان والبله والمجانين ويرد إلى الميت المسؤول الحياة في القبر ، إما كاملا أو إلى بعض بدنه كما مر ، ويسأل عن بعض العقائد وبعض الأعمال ويثاب ويعاقب بحسب ذلك وتضغط أجساد بعضهم وإنما السؤال والضغطة في الأجساد الأصلية وقد يدفعان عن بعض المؤمنين كمن لقن كما مر ، أو مات في ليلة الجمعة ، أو يومها أو غير ذلك مما مر وسيأتي في الأخبار ثم تتعلق الروح بالأجساد المثالية اللطيفة الشبيهة بأجسام الجن والملائكة المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية فينعم ويعذب فيها ، ولا يبعد أن يصل إليه الآلام بعض ما يقع على الأجساد الأصلية لسبق تعلق الروح بها كبيت كان لرجل وخرج منه وخرب فإن له تعلقا ما بذلك البيت ويتألم بما يقع عليه وبذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر وعذابه واتساع القبر وضيقه وحركة الروح وطيرانه في الهواء وزيارته لأهله ورؤية الأئمةعليهم‌السلام بأشكالهم وصورهم ومشاهدة أعدائهم معذبين وسائر ما ورد في أمثال ذلك ، وهذا يتم على تجسم الروح وتجرده وإن كان يمكن تصحيح بعض الأخبار بالقول بتجسم الروح

٢١٥

إني لأعرف ضعفها وسألت الله عز وجل أن يجيرها من ضمة القبر.

(باب)

(ما ينطق به موضع القبر )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من موضع قبر إلا وهو ينطق كل يوم ثلاث مرات أنا بيت التراب أنا بيت البلاء أنا بيت الدود قال فإذا دخله عبد مؤمن قال مرحبا وأهلا أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا

أيضا بدون الأجساد المثالية كما ستعرف.

ثم اعلم أن عذاب البرزخ وثوابه مما اتفقت عليه الأمة سلفا وخلفا ، وقال به : أكثر أهل الملل ولم ينكره من المسلمين إلا شرذمة قليلة لا عبرة بهم ، وقد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا ولا حقا ، والأخبار الواردة فيه من طرق الخاص والعام متواترة المضمون وكذا بقاء النفوس بعد خراب الأبدان مذهب أكثر العقلاء من المليين والفلاسفة ولم ينكره إلا فرقة قليلة كالقائلين بأن النفس هي المزاج وأمثاله ممن لا يعبأ بهم ولا بكلامهم ، وقد عرفت ما يدل عليه من الأخبار الجلية وقد أقيمت عليه البراهين العقلية وقد بسطنا القول في تلك المقامات في كتاب بحار الأنوار ونقلنا عنه عبارات علمائنا الأخيار والمخالفين في ذلك فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليه والله الموفق والمعين.

باب ما ينطق به موضع القبر

الحديث الأول : مختلف فيه.

قوله عليه‌السلام : « إلا وهو ينطق » أي بلسان الحال والحاصل أنه استعارة تمثيلية أو ينطق أهله أو يخلق الله فيه صوتا لا يسمعه الثقلان إلا بسمع الإيمان ، و« البلى » بكسر الباء الخلق ، والبالي خلاف الجديد أي تبلى فيه الأجساد.

٢١٦

دخلت بطني فسترى ذلك قال فيفسح له مد البصر ويفتح له باب يرى مقعده من الجنة قال ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا قط أحسن منه فيقول يا عبد الله ما رأيت شيئا قط أحسن منك فيقول أنا رأيك الحسن الذي كنت عليه وعملك الصالح الذي كنت تعمله قال ثم تؤخذ روحه فتوضع في الجنة حيث رأى منزله ثم يقال له نم قرير العين فلا يزال نفحة من الجنة تصيب جسده يجد لذتها وطيبها حتى يبعث قال وإذا دخل الكافر قال لا مرحبا بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغضك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك قال فتضم عليه فتجعله رميما ويعاد كما كان ويفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار ثم قال ثم إنه يخرج منه رجل أقبح من رأى قط قال فيقول يا عبد الله من أنت ما رأيت شيئا أقبح منك قال فيقول أنا عملك السيئ الذي كنت تعمله ورأيك الخبيث قال ثم تؤخذ روحه فتوضع حيث رأى مقعده من النار ثم لم تزل نفخة من النار تصيب جسده فيجد ألمها وحرها في جسده إلى يوم يبعث ويسلط الله على روحه تسعة وتسعين تنينا تنهشه ليس فيها تنين ينفخ على ظهر الأرض فتنبت شيئا.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن غالب

قوله عليه‌السلام : « فتوضع في الجنة » أي جنة الدنيا كما سيأتي وكذا النار ، ثم إنه يستفاد من بعض الأخبار أن الضغطة لا تكون للمؤمن وهو ينافي في بعض الأخبار وحملها على المؤمن الكامل أيضا لا ينفع ، إذ معلوم أن فاطمة بنت أسد وسعد بن معاذ كانا من كمل المؤمنين وكذا رقية رضي الله عنهم ، فيمكن أن يقال : كان ذلك في صدر الإسلام ثم رفع الله الضغطة عن المؤمنين ببركة النبي وأهل بيته الكرام عليهم الصلاة والسلم.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٢١٧

بن عثمان ، عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن للقبر كلاما في كل يوم يقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود أنا القبر أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الرحمن بن حماد ، عن عمرو بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني سمعتك وأنت تقول كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم قال صدقتك كلهم والله في الجنة قال قلت جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبار فقال أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ قلت وما البرزخ قال القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة.

(باب)

(في أرواح المؤمنين )

١ ـ علي بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن الحسين بن راشد ، عن المرتجل

الحديث الثالث : مجهول. ويدل على أن الشيعة لا تدخل النار في الآخرة أصلا وأن التشيع أمر لا ينافيه ارتكاب الكبائر وأن عذاب البرزخ يمكن أن يلحق الشيعة.

باب في أرواح المؤمنين

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إلى الظهر » أي ظهر الكوفة ووادي السلام النجف( فراحة ساعة ) منصوب بفعل مقدر أي أطلب أو أطلب راحة ساعة ، أو مرفوع والخبر مقدر أي أولى وأخرى فقال : أرواح. أي ليسوا في أجسادهم الأصلية الكثيفة بل هم في أجسادهم المثالية اللطيفة ومع تجسم الروح يمكن حمله على الحقيقة لكن يخالف سائر الأخباروأنها لبقعة من جنة عدن أي تصير في القيمة كذلك فينقلونها إلى

٢١٨

بن معمر ، عن ذريح المحاربي ، عن عبادة الأسدي ، عن حبة العرني قال خرجت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا ثم جلست حتى مللت ثم قمت وجمعت ردائي فقلت يا أمير المؤمنين إني قد

الجنة ، أو أنه لما كانت الأعمال الواقعة فيها من العبادات والزيارات موجبة لدخول الجنة فكأنها قطعة منها ، أو أنها جنة معنوية للمقربين لما يحصل لهم فيها من اللذات الروحانية والقربات الربانية ، ويخطر بالبال على سبيل الاحتمال أنه يمكن أن تكون جنات البرزخ وشجراته وثماره كأجسادهم المثالية أجساما لطيفة لا تدركها حواسنا فلا ينافي كون الجنة في تلك الوادي ولا نراه بأعيننا ، فلا ينافي الأخبار الواردة بأن الأرواح تنتقل إلى جنة الدنيا ، وعلى الاحتمالات الأخرى يمكن الجمع بينها بأنها قد تكون في الجنة الدنيا وقد تكون في وادي السلام وقد تكون عند قبورها ، ويؤيد ما حققنا ما ورد في بعض الأخبار أنهمعليهم‌السلام أظهروا لبعض خواص شيعتهم في مكانهم الذي كانوا فيه جنانا وأنهارا وقصورا وغلمانا كما إراءة الهاديعليه‌السلام لبعض شيعته عند ما أنزله المتوكل لعنه الله في خان الصعاليك كما مر في باب تاريخهعليه‌السلام ويؤيده ما رواه : الصفار في كتاب بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحوض. فقال : لي هو حوض ما بين بصري إلى صنعاء أتحب أن تراه؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال : فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة ثم ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري لا أدرك حافتيه إلا الموضع الذي أنا فيه قائم فإنه شبيهة بالجزيرة فكنت أنا وهو وقوفا فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج وفي وسطه خمر أحمر من الياقوت فما رأيت شيئا أحسن من تلك الخمرين اللبن والماء ، فقلت له جعلت فداك من أين يخرج هذا ومن أين مجراه؟ فقال : هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه إنها في الجنة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمر تجري في هذا النهر

٢١٩

أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته قال قلت يا أمير المؤمنين وإنهم لكذلك قال نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون فقلت أجسام أم أرواح فقال أرواح وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه الحقي بوادي السلام وإنها لبقعة من جنة عدن.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن عمر رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إن أخي ببغداد وأخاف أن يموت

ورأيت حافاته عليها شجر فيهن جوار معلقات برءوسهن ما رأيت أحسن منهن وبأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا ، فدنا من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمالت الشجرة معها فاغترفت ثم ناولته فشرب ، ثم ناولها ثم أومأ إليها فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها فاغترفت ، ثم ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه ولا ألذ منه وكانت رائحته رائحة المسك ، فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت : له جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط ولا كنت أرى الأمر هكذا فقال : لي هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر ورعت في رياضة وشربت من شرابه ، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه وأطعمت من زقومه وسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي.

أقول : فيحتمل أن يكونعليه‌السلام أراه ذلك خارج المدينة على الإعجاز بأن جعل الله في عينه نورا يشاهد تلك الأمور وإن لم يشاهده غيره إلا بعد الانتقال إلى الأجساد المثالية ، ويحتمل أن يكونعليه‌السلام نقله بطي الأرض إلى جنة الدنيا فأراه ذلك فيها.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٢٢٠