مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 277

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف: الصفحات: 277
المشاهدات: 24628
تحميل: 6536


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 277 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24628 / تحميل: 6536
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 14

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إني لأعرف ضعفها وسألت الله عز وجل أن يجيرها من ضمة القبر.

(باب)

(ما ينطق به موضع القبر )

١ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ما من موضع قبر إلّا وهو ينطق كلّ يوم ثلاث مرات أنا بيت التراب أنا بيت البلاء أنا بيت الدود قال فإذا دخله عبد مؤمن قال مرحباً وأهلاً أما والله لقد كنت أحبك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا

_________________________________________________

أيضاً بدون الأجساد المثالية كما ستعرف.

ثمَّ اعلم أن عذاب البرزخ وثوابه ممّا اتفقت عليه الأمة سلفاً وخلفاً ، وقال به : أكثر أهل الملل ولم ينكره من المسلمين إلّا شرذمة قليلة لا عبرة بهم ، وقد انعقد الإجماع على خلافهم سابقاً ولا حقّاً ، والأخبار الواردة فيه من طرق الخاص والعام متواترة المضمون وكذا بقاء النفوس بعد خراب الأبداًن مذهب أكثر العقلاء من المليين والفلاسفة ولم ينكره إلّا فرقة قليلة كالقائلين بأن النفس هي المزاج وأمثاله ممن لا يعبأ بهم ولا بكلامهم ، وقد عرفت ما يدلّ عليه من الأخبار الجلية وقد أقيمت عليه البراهيّن العقلية وقد بسطنا القول في تلك المقامات في كتاب بحار الأنوار ونقلنا عنه عبارات علمائنا الأخيار والمخالفين في ذلك فمن أراد غاية التحقيق فليرجع إليه والله الموفق والمعين.

باب ما ينطق به موضع القبر

الحديث الأول : مختلف فيه.

قولهعليه‌السلام : « إلّا وهو ينطق » أيّ بلسان الحال والحاصل أنه استعارة تمثيلية أو ينطق أهله أو يخلق الله فيه صوتاً لا يسمعه الثقلان إلّا بسمع الإيمان ، و « البلى » بكسر الباء الخلق ، والبالي خلاف الجديد أيّ تبلى فيه الأجساد.

٢٢١

دخلت بطني فسترى ذلك قال فيفسح له مد البصر ويفتح له باب يرى مقعده من الجنّة قال ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئاً قط أحسن منه فيقول يا عبد الله ما رأيت شيئاً قط أحسن منك فيقول أنا رأيك الحسن الذي كنت عليه وعملك الصالح الذي كنت تعمله قال ثمَّ تؤخذ روحه فتوضع في الجنّة حيث رأى منزله ثمَّ يقال له نم قرير العين فلا يزال نفحة من الجنّة تصيب جسده يجد لذتها وطيبها حتّى يبعث قال وإذا دخل الكافر قال لا مرحباً بك ولا أهلا أما والله لقد كنت أبغضك وأنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك قال فتضم عليه فتجعله رميما ويعاد كما كان ويفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار ثمَّ قال ثمَّ إنّه يخرج منه رجل أقبح من رأى قط قال فيقول يا عبد الله من أنت ما رأيت شيئاً أقبح منك قال فيقول أنا عملك السيئ الذي كنت تعمله ورأيك الخبيث قال ثمَّ تؤخذ روحه فتوضع حيث رأى مقعده من النار ثمَّ لم تزل نفخة من النار تصيب جسده فيجد ألمها وحرها في جسده إلى يوم يبعث ويسلط الله على روحه تسعة وتسعين تنينا تنهشه ليس فيها تنين ينفخ على ظهر الأرض فتنبت شيئاً.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن عليّ ، عن غالب

_________________________________________________

قولهعليه‌السلام : « فتوضع في الجنّة » أيّ جنة الدنيا كما سيأتي وكذا النار ، ثمَّ إنه يستفاد من بعض الأخبار أن الضغطة لا تكون للمؤمن وهو ينافي في بعض الأخبار وحملها على المؤمن الكامل أيضاً لا ينفع ، إذ معلوم أن فاطمة بنت أسد وسعد بن معاذ كانا من كمل المؤمنين وكذا رقية رضي الله عنهم ، فيمكن أن يقال : كان ذلك في صدر الإسلام ثمَّ رفع الله الضغطة عن المؤمنين ببركة النبيّ وأهل بيته الكرام عليهم الصلاة والسلم.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٢٢٢

بن عثمان ، عن بشير الدهان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن للقبر كلاما في كلّ يوم يقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود أنا القبر أنا روضة من رياض الجنّة أو حفرة من حفر النار.

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد ، عن عبد الرحمن بن حمّاد ، عن عمرو بن يزيد قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إني سمعتك وأنت تقول كلّ شيعتنا في الجنّة على ما كان فيهم قال صدقتك كلهم والله في الجنّة قال قلت جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبار فقال أما في القيامة فكلكم في الجنّة بشفاعة النبيّ المطاع أو وصي النبيّ ولكني والله أتخوف عليكم في البرزخ قلت وما البرزخ قال القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة.

(باب)

(في أرواح المؤمنين )

١ - عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن الحسن ، عن الحسين بن راشد ، عن المرتجل

_________________________________________________

الحديث الثالث : مجهول. ويدلّ على أن الشيعة لا تدخل النار في الآخرة أصلا وأن التشيع أمرّ لا ينافيه ارتكاب الكبائر وأن عذاب البرزخ يمكن أن يلحق الشيعة.

باب في أرواح المؤمنين

الحديث الأول : مجهول.

قولهعليه‌السلام : « إلى الظهر » أيّ ظهر الكوفة ووادي السلام النجف ( فراحة ساعة ) منصوب بفعل مقدر أيّ أطلب أو أطلب راحة ساعة ، أو مرفوع والخبر مقدر أيّ أولى وأخرى فقال : أرواح. أيّ ليسوا في أجسادهم الأصلية الكثيفة بل هم في أجسادهم المثالية اللطيفة ومع تجسم الروح يمكن حمله على الحقيقة لكن يخالف سائر الأخبار وأنّها لبقعة من جنة عدن أيّ تصير في القيمة كذلك فينقلونها إلى

٢٢٣

بن معمرّ ، عن ذريح المحاربي ، عن عبادة الأسدي ، عن حبة العرني قال خرجت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتّى أعييت ثمَّ جلست حتّى مللت ثمَّ قمت حتّى نالني مثل ما نالني أوّلاً ثمَّ جلست حتّى مللت ثمَّ قمت وجمعت ردائي فقلت يا أمير المؤمنين إني قد

_________________________________________________

الجنّة ، أو أنّه لـمّا كانت الأعمال الواقعة فيها من العبادات والزيارات موجبة لدخول الجنّة فكأنّها قطعة منها ، أو أنّها جنة معنوية للمقربين لما يحصل لهم فيها من اللذات الروحانية والقربات الربانيّة ، ويخطر بالبال على سبيل الاحتمال أنه يمكن أن تكون جنات البرزخ وشجراته وثماره كأجسادهم المثالية أجساماً لطيفة لا تدركها حواسنا فلا ينافي كون الجنّة في تلك الوادي ولا نراه بأعيننا ، فلا ينافي الأخبار الواردة بأن الأرواح تنتقل إلى جنة الدنيا ، وعلى الاحتمالات الأخرى يمكن الجمع بينها بأنها قد تكون في الجنّة الدنيا وقد تكون في وادي السلام وقد تكون عند قبورها ، ويؤيد ما حققنا ما ورد في بعض الأخبار أنّهمعليهم‌السلام أظهروا لبعض خواص شيعتهم في مكانهم الذي كانوا فيه جنانا وأنهاراً وقصوراً وغلمانا كما إراءة الهاديعليه‌السلام لبعض شيعته عند ما أنزله المتوكلّ لعنه الله في خان الصعاليك كما مرّ في باب تاريخهعليه‌السلام ويؤيده ما رواه : الصفار في كتاب بصائر الدرجات بإسناده عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحوض. فقال : لي هو حوض ما بين بصري إلى صنعاء أتحب أن تراه؟ قلت : نعم جعلت فداك ، قال : فأخذ بيدي وأخرجني إلى ظهر المدينة ثمَّ ضرب برجله فنظرت إلى نهر يجري لا أدرك حافتيه إلّا الموضع الذي أنا فيه قائم فإنه شبيهة بالجزيرة فكنت أنا وهو وقوفا فنظرت إلى نهر يجري من جانبه هذا ماء أبيض من الثلج ومن جانبه هذا لبن أبيض من الثلج وفي وسطه خمرّ أحمرّ من الياقوت فما رأيت شيئاً أحسن من تلك الخمرين اللبن والماء ، فقلت له جعلت فداك من أين يخرج هذا ومن أين مجراه؟ فقال : هذه العيون التي ذكرها الله في كتابه إنها في الجنّة عين من ماء وعين من لبن وعين من خمرّ تجري في هذا النهر

٢٢٤

أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثمَّ طرحت الرداء ليجلس عليه فقال لي يا حبة إن هو إلّا محادثة مؤمن أو مؤانسته قال قلت يا أمير المؤمنين وأنّهم لكذلك قال نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون فقلت أجسام أم أرواح فقال أرواح وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلّا قيل لروحه الحقي بوادي السلام وإنها لبقعة من جنة عدن.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن عليّ ، عن أحمد بن عمرّ رفعه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له إن أخي ببغداد وأخاف أن يموت

_________________________________________________

ورأيت حافاته عليها شجر فيهن جوار معلقات برءوسهن ما رأيت أحسن منهن وبأيديهن آنية ما رأيت آنية أحسن منها ليست من آنية الدنيا ، فدنا من إحداهن فأومأ إليها بيده لتسقيه فنظرت إليها وقد مالت لتغرف من النهر فمالت الشجرة معها فاغترفت ثمَّ ناولته فشرب ، ثمَّ ناولها ثمَّ أومأ إليها فمالت لتغرف فمالت الشجرة معها فاغترفت ، ثمَّ ناولته فناولني فشربت فما رأيت شرابا كان ألين منه ولا ألذ منه وكانت رائحته رائحة المسك ، فنظرت في الكأس فإذا فيه ثلاثة ألوان من الشراب فقلت : له جعلت فداك ما رأيت كاليوم قط ولا كنت أرى الأمرّ هكذا فقال : لي هذا أقل ما أعده الله لشيعتنا إن المؤمن إذا توفي صارت روحه إلى هذا النهر ورعت في رياضة وشربت من شرابه ، وإن عدونا إذا توفي صارت روحه إلى وادي برهوت فأخلدت في عذابه وأطعمت من زقومه وسقيت من حميمه فاستعيذوا بالله من ذلك الوادي.

أقول : فيحتمل أن يكونعليه‌السلام أراه ذلك خارج المدينة على الإعجاز بأن جعل الله في عينه نورا يشاهد تلك الأمور وإن لم يشاهده غيره إلّا بعد الانتقال إلى الأجساد المثالية ، ويحتمل أن يكونعليه‌السلام نقله بطي الأرض إلى جنة الدنيا فأراه ذلك فيها.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٢٢٥

بها فقال : ما تبالي حيثما مات أما إنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض وغربها إلّا حشر الله روحه إلى وادي السلام قلت له وأين وادي السلام قال ظهر الكوفة أما إنّي كأنّي بهم حلق حلق قعود يتحدّثون.

(باب )

(آخر في أرواح المؤمنين )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في

_________________________________________________

باب آخر في أرواح المؤمنين

ليس عنوان الباب مذكورا في بعض النسخ.

الحديث الأول : حسن. ويدلّ على انتقال الأرواح بعد الموت إلى الأجساد المثالية وبه يستقيم كثير من الايات والأخبار الواردة في أحوال الروح بعد البدن وقد وردت به أخبار مستفيضة لا محيص عن القول به ، وليس هذا من التناسخ الباطل في شيء إذ التناسخ لم يتم دليل عقلي على امتناعه وأكثرها عليلة مدخولة ولو تمت لا تجري أكثرها فيما نحن فيه كما لا يخفى على من تدبر فيها ، والعمدة في نفيه إجماع المسلمين وضرورة الدين ، ومعلوم أن هذا غير داخل فيما انعقده الإجماع والضرورة على نفيه ، كيف وقد قال : به كثير من المسلمين كشيخنا المفيد ( قدس الله روحه ) وغيره من علمائنا المتكلّمين والمحدّثين بل لا يبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالية عند النوم أيضاً كما يشهد به ما يرى في المنام وقد وقع في الأخبار تشبيه حالة البرزخ وما يجري فيها بحالة الرؤيا وما يشاهد فيها.

قال : الشيخ المفيد ( قدس الله روحه ) في أجوبة المسائل السروية حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في عذاب القبر ، وكيفيته ومتى يكون وهل ترد الأرواح

٢٢٦

حواصل طيور خضر حول العرش فقال لا المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه

_________________________________________________

إلى الأجساد عند التعذيب؟ أم لا وهل يكون العذاب في القبر أو بين النفختين؟ فأجابرحمه‌الله بأن الكلام في عذاب القبر طريقه السمع دون العقل ، وقد ورد عن أئمة الهدىعليهم‌السلام أنّهم قالوا : ليس يعذب في القبر كلّ ميت وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر محضاً ، ولا ينعم كلّ ماض لسبيله ، وإنّما ينعم منهم من محض الإيمان محضاً ، فأمّا ما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم ، وكذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلّا هذان الصنفان خاصة وعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه ، فأما عذاب الكافر في القبر ونعيم المؤمنين فيه فإن الخبر أيضاً قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جناته ينعمه فيها إلى يوم الساعة فإذا نفخ في الصور أنشئ جسده الذي بلى في التراب وتمزق ، ثمَّ أعاده إليه وحشره إلى الموقف وأمرّ به إلى جنة الخلد فلا يزال منعماً ببقاء الله عزّ وجلّ غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا بل تعدل طباعه وتحسن صورة فلا يهرم مع تعديل الطباع ولا يمّسه نصب في الجنّة ولا لغوب والكافر يجعل في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به ونار يعذب بها حتّى الساعة ثمَّ أنشئ جسده الذي فارقه في القبر ويعاد إليه ثمَّ يعذب به في الآخرة عذاب الأبد ويركب أيضاً جسده تركيباً لا يفنى معه. وقد قال الله عزّ وجلّ اسمه «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ »(١) وقال في قصة الشهداء «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ »(٢) فدلّ على أن العذاب والثواب يكونان قبل يوم القيمة وبعدها والخبر وارد بأنه يكون مع فراق الرّوح الجسد من الدنيا ، والرّوح هيهنا عبارة عن الفعال الجوهر البسيط وليس بعبارة

__________________

(١) سورة غافر : ٤٦.

(٢) سورة آل عمران : ١٦٩.

٢٢٧

في حوصلة طير ولكن في أبدان كابدانهم

_________________________________________________

عن الحياة التي يصح معها العلم والقدرة لأن هذه الحياة عرض لا يبقى ولا تصح الإعادة فيه فهذا ما عول عليه بالنقل وجاء به الخبر على ما بيناه.

وقال : الشيخ البهائي ( قدس الله روحه ) لطيفة قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد مفارقة أبداًنها العنصرية بأشباح أخر كما دلت عليه الأحاديث ، قول بالتناسخ وهذا توهم سخيف لأن التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام آخر في هذا العالم إما عنصرية كما يزعم بعضهم ويقسمه إلى النسخ والمسخ والفسخ والرسخ ، أو فلكية ابتداء أو بعد ترددها في الأبداًن العنصرية على اختلاف آرائهم الواهية المفصلة في محلها ، وأما القول بتعلقها في عالم آخر بأبداًن المثالية مدة البرزخ إلى أن تقوم قيامتها الكبرى فتعود إلى أبدانها الأولية بإذن مبدعها إما بجميع أجزائها المتشتتة أو بإيجادها من كتم العدم كما أنشأها أوّل مرة فليس من التناسخ في شيء وإن سميّته تناسخا فلا مشاحة في التسمية إذا اختلف المسمى وليس إنكارنا على التناسخية ، وحكمنا بتكفيرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن إلى آخر فإن المعاد الجسماني كذلك عند كثير من أهل الإسلام بل بقولهم بقدّم النفوس وترددها في أجسام هذا العالم وإنكارهم المعاد الجسماني في النشأة الأخروية ، قال الفخر الرازي : في نهاية العقول إن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح وردها إلى الأبداًن لا في هذا العالم ، والتناسخية يقولون بقدّمها وردها إليها في هذا العالم وينكرون الآخرة والجنّة والنار وإنما كفروا من أجل هذا الإنكار ، ثمَّ قالقدس‌سره ما ورد في بعض أحاديث أصحابنا ( رضي الله عنهم ) من أن الأشباح التي تتعلق بها النفوس ما دامت في عالم البرزخ ليست بأجسامهم وأنّهم يجلسون حلقا حلقا على صور أجسادهم العنصرية يتحدّثون ويتنعمون بالأكلّ والشرب ، وأنّهم ربمّا يكونون في الهواء بين الأرض

٢٢٨

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنّة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون ربنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.

٣ - سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست بن أبي منصور ، عن

_________________________________________________

والسماء يتعارفون في الجو ويتلاقون وأمثال ذلك ممّا يدلّ على نفي الجسمية وإثبات بعض لوازمها على ما هو منقول في الكافي وغيره يعطي أن تلك الأشباح ليست في كثافة الماديات ولا في لطافة المجردات بل هي ذوات جهتين وواسطة بين العالمين وهذا يؤيّد ما قاله : طائفة من أساطين الحكماء ، من أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي هو واسطة بين عالم المجردات وعالم الماديات ليس في تلك اللطافة ولا في هذه الكثافة فيه للأجسام والأعراض من الحركات والسكنات والأصوات والطعوم والروائح وغيرها مثل قائمة بذواتها لا في مادة ، وهو عالم عظيمة الفسحة وسكانه على طبقات متفاوتة في اللطافة والكثافة وقبح الصورة وحسنها ولأبدانهم المثالية جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيتنعمون ويتألمون باللذات والآلام النفسانية والجسمانية ، وقد نسب العلامة في شرح حكمة الإشراق : القول بوجود هذا العالم إلى الأنبياء والأولياء المتألهيّن من الحكماء وهو وإن لم يقم على وجوده شيء من البراهيّن العقلية لكنه قد تأيد بالظواهر النقلية وعرفه المتألهون بمجاهداتهم الذوقية.

الحديث الثاني : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « وألحق آخرنا بأولنا » أيّ ألحقنا بمن مضى منا من الأنبياء والأوصياء والصالحين ، أو الحق بنا من بقي في الدنيا ومن سيولد إلى يوم القيمة أو الأعم.

الحديث الثالث : ضعيف.

٢٢٩

ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنّة تعارف وتساءل فإذا قدمت الروح على الأرواح يقول دعوها فإنّها قد أفلتت من هول عظيم ثمَّ يسألونها ما فعل فلان وما فعل فلان فإن قالت لهم تركته حياً ارتجوه وإن قالت لهم قد هلك قالوا قد هوى هوى.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أرواح المؤمنين فقال في حجرات في الجنّة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها ويقولون ربّنا أقم الساعة لنا وأنجز لنا ما وعدتنا وألحق آخرنا بأولنا.

٥ - عليّ ، عن أبيه ، عن محسن بن أحمد ، عن محمّد بن حمّاد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا مات الميّت اجتمعوا عنده يسألونه عمن مضى وعمن بقي فإن كان مات ولم يرد عليهم قالوا قد هوى هوى ويقول بعضهم لبعض دعوه حتّى يسكن ممّا مرّ عليه من الموت.

٦ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن محمّد ، عن الحسين بن أحمد ، عن يونس بن ظبيان قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فقال ما يقول الناس في أرواح المؤمنين فقلت يقولون تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسينعليه‌السلام والملائكة المقربونعليهم‌السلام فإذا قبضه الله عز وجل

_________________________________________________

يقال : ( هوى يهوي هوياَ ) أيّ هبط والمعنى سقط إلى دركات الجحيم إذ لو كان من السعداء لكان يلحق بنا.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : ضعيف.

٢٣٠

صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون ويشربون فإذا قدّم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا.

٧ - محمّد ، عن أحمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إنا نتحدث عن أرواح المؤمنين أنها في حواصل طيور خضر ترعى في الجنّة وتأوي إلى قناديل تحت العرش فقال لا إذا ما هي في حواصل طير قلت فأين هي قال في روضة كهيئة الأجساد في الجنة.

(باب)

(في أرواح الكفار )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن أرواح المشركين فقال في النار يعذبون يقولون ربّنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن مثنى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أرواح الكفار في نار جهنّم يعرضون عليها يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة ولا تنجز لنا ما وعدتنا ولا تلحق آخرنا بأولنا

_________________________________________________

وفي القاموس : « الحوصلة » وتشدد لامها من الطير : كالمعدّة للإنسان.

الحديث السابع : موثّق.

باب في أرواح الكفار

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٣١

٣ - محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد بإسناد له قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام شرّ بئر في النار برهوت الذي فيه أرواح الكفار.

٤ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن القداح ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام شر ماء على وجه الأرض ماء برهوت وهو الذي بحضرموت ترده هام الكفار.

_________________________________________________

الحديث الثالث : مرسل.

الحديث الرابع : حسن أو موثّق.

قولهعليه‌السلام : « ترده هام الكفار » أيّ أرواح الكفار التي يعبرون الناس عنها بإلهام وإن كان باطلا ، أو هي تكون في صورة الهام في أجسادهم المثالية.

قال في النهاية : في الحديث لا عدوى ولا هامة « الهامة » الرأس واسم طائر وهو المراد في الحديث وذلك أنّهم كانوا يتشاءمون بها وهي من طير الليل وقيل : هي البومة ، وقيل : إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت ، وقيل : كانوا يزعمون أن عظام الميّت ، وقيل : روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدى فنفاه الإسلام ونهاهم عنه انتهى.

وفي الصحاح : كانت العرب تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتزفو عند قبره يقول اسقوني اسقوني فإذا أدرك بثأره طارت ، يقال : قتل قاتله فنفرت الطير من قبره.

وفي القاموس : الهامة طائر من طير الليل وهو الصدى.

وقال الجوهري : الصدى : ذكر البوم وقال :حضر موت اسم بلد وقبيلة أيضاً وهما اسمان جعلا واحداً إن شئت بنيت الأول على الفتح وأعربت الثاني بإعراب ما لا ينصرف فقلت هذا حضرموت وإن شئت أضفت الأول إلى الثاني فقلت هذا حضرموت أعربت حضرا وخفضت موتا ، وقال : برهوت بفتح الراء كرهبوت بئر

٢٣٢

٥ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النّوفليّ ، عن السّكونيّ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شر اليهود يهود بيسان وشر النصارى نصارى نجران وخير ماء على وجه الأرض ماء زمزم وشر ماء على وجه الأرض ماء برهوت وهو واد بحضرموت يرد عليه هام الكفار وصداهم.

(باب)

(جنة الدنيا )

١ - عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن رئاب ، عن ضريس الكناسي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام أن الناس يذكرون أن فراتنا يخرج من الجنّة فكيف هو وهو يقبل من المغرب وتصب فيه العيون والأودية قال فقال أبو جعفرعليه‌السلام وأنا أسمع : إن لله جنة خلقها الله في المغرب وماء فراتكم يخرج منها وإليها تخرج أرواح المؤمنين من حفرهم عند كلّ مساء فتسقط على ثمارها وتأكلّ منها وتتنعم فيها وتتلاقى وتتعارف فإذا طلع الفجر هاجت من الجنّة فكانت في الهواء فيما بين السماء والأرض تطير ذاهبة وجائية وتعهد حفرها إذا طلعت الشمس وتتلاقى في الهواء وتتعارف قال وإن لله ناراً في المشرق خلقها ليسكنها أرواح الكفار

_________________________________________________

بحضر موت ، يقال فيها أرواح الكفار ويقال برهوت مثال سبروت.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

وقال الفيروزآبادي : بيسان قرية بالشام ، وقرية بمرور ، وموضع باليمامة وقال نجران موضع باليمن.

باب جنة الدنيا

الحديث الأول : صحيح.

قولهعليه‌السلام : « يخرج منها » أيّ من تحت الأرض فلا ينافي بنوعه ظاهراً من

٢٣٣

ويأكلون من زقومها ويشربون من حميمها ليلهم فإذا طلع الفجر هاجت إلى واد باليمن يقال له : برهوت أشد حرا من نيران الدنيا كانوا فيها يتلاقون ويتعارفون فإذا كان المساء عادوا إلى النار فهم كذلك إلى يوم القيامة قال قلت أصلحك الله فما حال الموحدين المقرين بنبوة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ولا يعرفون ولايتكم فقال أما هؤلاء فأنّهم في حفرتهم لا يخرجون منها فمن كان منهم له عمل صالح ولم يظهر منه عداوة فإنه يخد له خد إلى الجنّة التي خلقها الله في المغرب فيدخل عليه منها الروح في حفرته إلى يوم القيامة فيلقى الله فيحاسبه بحسناته وسيئاته فإما إلى الجنّة وإما إلى النار فهؤلاء موقوفون لأمرّ الله قال وكذلك يفعل الله بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم فأما النصاب من أهل القبلة فأنّهم يخد لهم خد إلى النار التي خلقها الله في المشرق فيدخل عليهم منها اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ثمَّ مصيرهم إلى «الْحَمِيمِ ثمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ » ثمَّ قيل لهم «أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ » أين إمامكم الذي اتخذتموه دون الإمام الذي جعله الله للناس إماماً

_________________________________________________

موضع لا ترى فيه جنة ، وربمّا يستشكلّ بأنه كيف يكون في الدنيا جنة ولم يطلع عليها أحد ، والجواب أن ذلك من استبعادات الأوهام الضعيفة إذ لم يطلع أحد على جميع أجزاء الأرض وكثيراً ما يطلع في إلّا زمان المتأخرة على جزائر وسيعة وبلدان عظيمة لم يطلع عليها المتقدّمون كالبلاد المسماة بينكي دنيا ظهر قبل ذلك بستين سنة أو نحو ذلك ، وقصة جنة شداد معروف وأنه دخلها أعرابي في زمن معاوية ولم يعثر عليها إلى الان أحد ولا تضيق قدرة الله سبحانه على إخفاء شيء عن الناس إذا تعلقت المصلحة به مع أنه قد مرّ احتمال آخر لا نحتاج معه إلى شيء من ذلك

٢٣٤

٢ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن الحسين بن ميسر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جنة آدمعليه‌السلام فقال جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمرّ ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً.

(باب )

(الأطفال )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي

_________________________________________________

الحديث الثاني : مجهول. واختلف في أن جنة آدمعليه‌السلام هل كانت في الأرض أم في السماء؟ وعلى تقدير كونها في السماء هل هي الجنّة التي هي دار الثواب وجنة الخلد؟ أم غيرها ، فذهب أكثر المفسرين وأكثر المعتزلة إلى أنها جنة الخلد ، وقال أبو هاشم : هي جنة من جنان السماء غير جنة الخلد ، وقال : أبو مسلم الأصبهاني وأبو القاسم البلخي ، وطائفة هي بستان من بساتين الدنيا في الأرض كما يدلّ عليه هذا الخبر ، واستدلّ أكثرهم بالوجه المذكور في الخبر وأورد عليه بأن عدم الخروج إنّما يكون بعد دخولهم بجزاء العمل لا مطلقاً والخبر يدلّ على أنه لا يخرج من يدخله مطلقاً ، ويشكلّ بدخول الملائكة ودخول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة المعراج. إلّا أن يأوّل بالدخول على وجه الإسكان والنزول ، لا على وجه المرور والعبور ، والحق أن الجمع بين الايات في ذلك مشكلّ ، إذ ظاهر أكثر الايات والأخبار كونها في السماء وكونها جنة الخلد وهذا الخبر وبعض الأخبار النادرة صريحة في كونها في الأرض ، وللتوقف فيه مجال ، وظاهر الشيخ في التبيان والطبرسي في مجمع البيان اختيار أنها دار الخلد والله يعلم.

باب الأطفال

الحديث الأول : حسن. ولا خلاف بين أصحابنا في أنّ أطفال المؤمنين

٢٣٥

جعفرعليه‌السلام قال : سألته هل سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الأطفال فقال قد سئل فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

ثمَّ قال : يا زرارة هل تدري قوله الله أعلم بما كانوا عاملين قلت لا قال لله فيهم المشيئة إنه إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الأطفال والذي مات من الناس في الفترة والشيخ الكبير الذي أدرك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو لا يعقل والأصم والأبكم الذي لا يعقل والمجنون والأبله الذي لا يعقل وكلّ واحد منهم يحتج

_________________________________________________

يدخلون الجنّة ، وذهب المتكلمون منا إلى أن أطفال الكفار لا يدخلون النار فهم إما يدخلون الجنّة أو يسكنون الأعراف ، وذهب أكثر المحدثين منا إلى ما دلت عليه الأخبار الصحيحة من تكليفهم في القيمة بدخول النار المؤججة لهم.

قال المحقّق : الطوسي ( قدس الله سره ) في التجريد وتعذيب غير المكلّف قبيح ، وكلام نوحعليه‌السلام مجاز والخدمة ليست عقوبة له والتبعية في بعض الأحكام جائزة.

وقال العلامة : رفع الله مقامه في شرحه ذهب بعض الحشوية إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين ، ويلزم الأشاعرة تجويزه ، والعدلية كافة على منعه. والدليل عليه أنّه قبيح عقلاً فلا يصدر منه تعالى.

احتجوا بوجوه الأول : قول نوحعليه‌السلام ولا يلدوا إلّا فاجراً كفاراً(١) .

والجواب أنه مجاز والتقدير أنّهم يصيرون كذلك لا حال طفوليتهم.

الثاني : قالوا إنا نستخدمه لأجل كفر أبيه فقد فعلنا فيه ألما وعقوبة فلا يكون قبيحاً.

والجواب أن الخدمة ليست عقوبة للطفل وليس كلّ ألم عقوبة ، فإن الفصد

__________________

(١) سورة النوح : ٢٧.

٢٣٦

على الله عز وجل فيبعث الله إليهم ملكاً من الملائكة فيؤجج لهم ناراً ثمَّ يبعث الله إليهم ملكاً فيقول لهم إن ربّكم يأمركم أن تثبوا فيها فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً وأدخل الجنّة ومن تخلف عنها دخل النار.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن غير واحد رفعوه أنه سئل عن الأطفال فقال إذا كان يوم القيامة جمعهم الله وأجج لهم ناراً وأمرهم أن يطرحوا أنفسهم فيها فمن كان في علم الله عز وجل أنّه سعيد رمى بنفسه فيها وكانت عليه برداً وسلاماً ومن كان في علمه أنه شقي امتنع فيأمر الله بهم إلى النار فيقولون

_________________________________________________

والحجامة ألمان وليسا عقوبة ، نعم استخدامه عقوبة لأبيه وامتحان له يعوّض عليه كما يعوض على أمراضه.

الثالث : قالوا إن حكم الطفل يتبع حكم أبيه في الدفن ومنع التوارث والصلاة عليه ومنع التزويج.

والجواب أن المنكر عقابه لأجل جرم أبيه ، وليس بمنكر أن يتبع حكم أبيه في بعض الأشياء إذا لم يحصل له بها ألم وعقوبة ، ولا ألم له في منعه من الدفن والتوارث وترك الصلاة عليه انتهى.

الحديث الثاني : ضعيف. وأخره مرسل وروى الصدوق في الفقيه بإسناده عن وهب بن وهب عن جعفر بن محمّد عن أبيهعليهما‌السلام قال : قال عليّعليه‌السلام : أولاد المشركين مع آبائهم في النار ، وأولاد المسلمين مع آبائهم في الجنّة ، وفي الصحيح عن ابن سنان قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أولاد المشركين يموتون قبل أن يبلغوا الحنث قال : كفار والله أعلم بما كانوا عاملين يدخلون مداخل آبائهم ، وقال :عليه‌السلام يؤجج لهم نار فيقال : لهم ادخلوها فإن دخلوها كانت عليهم برداً وسلاماً وإن أبوا قال : لهم الله عز وجل هو ذا أنا قد أمرتكم فعصيتموني فيأمر الله عز وجل بهم إلى النار ، ثمَّ : قال الصدوق :رضي‌الله‌عنه بعد إيراد تلك الروايات هذه الأخبار

٢٣٧

يا ربنا تأمرّ بنا إلى النار ولم تجر علينا القلم فيقول الجبّار قد أمرتكم مشافهة فلم تطيعوني فكيف ولو أرسلت رسلي بالغيب إليكم.

وفي حديث آخر أما أطفال المؤمنين فيلحقون بآبائهم وأولاد المشركين

_________________________________________________

متفقة وليست بمختلفة وأطفال المشركين والكفار مع آبائهم في النار لا تصيبهم من حرها لتكون الحجّة أوكد عليهم متى أمروا بدخول نار تؤجج لهم مع ضمان السلامة متى لم يثقوا به ولم يصدقوا وعده في شيء قد شاهدوا مثله انتهى.

أقول جمعرحمه‌الله بينها بحمل ما دل على إطلاق دخولهم النار على نار البرزخ ، وقال : لا تصيبهم حرها حينئذ ورأى أن فائدة ذلك توكيد الحجّة عليهم في التكليف بدخول نار تؤجج لهم في القيمة ، ويمكن أن يقال : لعلّ الله تعالى يعلم أن كلّ أولاد الكفار الذين يموتون قبل الحلم لا يدخلون النار يوم القيمة بعد التكليف فلذا قال الله : اعلم بما كانوا عاملين أيّ في القيمة بعد التكليف ولذا جعلهم من أولادهم ، ويمكن أيضاً أن يحمل قولهعليه‌السلام كفار على أنه يجري عليهم في الدنيا أحكام الكفار بالتبعية في النجاسة ، وعدم التغسيل والتكفين والصلاة والتوارث وغير ذلك ، ويخص دخول النار ودخول مداخل آبائهم بمن يدخل منهم نار التكليف ، والأظهر حملها على التّقية لموافقتها لروايات المخالفين وأقوال أكثرهم ، قال النووي : في شرح صحيح مسلم اختلف العلماء فيمن مات من أطفال المشركين فمنهم من يقول : هم تبع لابائهم في النار ، ومنهم من يتوقف فيهم ، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنّهم من أهل الجنّة وروى البغوي في شرح السنّة بإسناده عن أبي هريرة قال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أطفال المشركين قال الله أعلم بما كانوا عاملين ، وقال : هذا حديث متفق على صحته ، وروي بإسناد آخر عن صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من يولد ، يولد على الفطرة وأبوّاه يهودانه وينصرانه كما تنتجون البهيمة هل تجدون فيها من جدعاء حتّى تكونوا أنتم تجدعونها ، قالوا يا رسول الله أفرأيت من يموت وهو صغير؟

٢٣٨

يلحقون بآبائهم وهو قول الله عز وجل «بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ».

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الولدان فقال سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الولدان والأطفال فقال الله أعلم بما كانوا عاملين.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرّ بن أذينة ، عن زرارة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما تقول في الأطفال الذين ماتوا قبل أن يبلغوا فقال سئل عنهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال الله أعلم بما كانوا عاملين ثمَّ أقبل علي

_________________________________________________

قال الله أعلم بما كانوا عاملين ، ثمَّ قال : هذا حديث متفق على صحته ، ثمَّ قال : في شرح الخبر قلت : أطفال المشركين لا يحكم لهم بجنة ولا نار بل أمرهم موكول إلى علم الله فيهم كما أفتى به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وجملة الأمرّ أن مرجع العباد في المعاد إلى ما سبق لهم في علم الله من السعادة والشقاوة.

وقيل حكم أطفال المشركين والمؤمنين حكم آبائهم وهو المراد بقوله الله أعلم بما كانوا عاملين ، يدلّ عليه ما روي مفسراً عن عائشة أنها قالت قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين؟ قال من آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت فذراري المشركين قال من آبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين! وقال : معمر عن قتادة عن الحسن إن سلمان قال : أولاد المسلمين خدم أهل الجنّة قال الحسن : أتعجبون أكرمهم الله وأكرمهم به؟ انتهى ، أقول : فظهر أن تلك الروايات موافقة لما رواه المخالفون في طرقهم وقد أوّلها أئمتناعليهم‌السلام بما في تلك الأخبار.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن. واختلاف التفسير أيضاً من شواهد التقية.

٢٣٩

فقال يا زرارة هل تدري ما عنى بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال قلت لا فقال إنّما عنّى كفوا عنهم ولا تقولوا فيهم شيئاً وردوا علمهم إلى الله.

٥ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ » قال فقال قصرت الأبناء عن عمل الآباء فألحقوا الأبناء بالآباء لتقر بذلك أعينهم.

٦ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عمن مات في الفترة وعمن لم يدرك الحنث والمعتوه فقال يحتج الله عليهم يرفع لهم ناراً فيقول لهم ادخلوها فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن

_________________________________________________

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

قوله تعالى «وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ »(١) . قال الطبرسي (ره) يعني بالذرية أولادهم الصغار والكبار ولأنّ الكبار يتبعون الإباء بإيمان منهم ، والصغار يتبعون الإباء بإيمان من الإباء ، فالولد يحكم له بالإسلام تبعا لوالده ، والمعنى إنا نلحق الأولاد بالإباء في الجنّة والدرجة من أجل الإباء لتقر عين الإباء باجتماعهم معهم في الجنّة كما كانت تقربهم في الدنيا ، عن ابن عباس والضحاك وابن زيد ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس أنّهم البالغون ألحقوا بدرجة آبائهم وإن قصرت أعمالهم تكرمة لابائهم ، وإذا قيل كيف يلحقون بهم في الثواب ولم يستحقوه؟ الجواب أنّهم يلحقون بهم في الجمع لا في الثواب والمرتبة ، وروى زاذان عن عليّعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن المؤمنين وأولادهم في الجنّة ، ثمَّ قرأ هذه الآية ، وروي عن الصادقعليه‌السلام قال : أطفال المؤمنين يهدون إلى آبائهم يوم القيمة.

الحديث السادس : حسن. والفترة الزمان بين الرسولين وفي ( القاموس )

__________________

(١) سورة الطور : ٢١.

٢٤٠