مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول14%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 279

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18093 / تحميل: 5641
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف.

٣ ـ سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أول ما يتحف به المؤمن يغفر لمن تبع جنازته.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من شيع ميتا حتى يصلي عليه كان له قيراط من الأجر ومن بلغ معه إلى قبره حتى يدفن كان له قيراطان

أقول لعل ثواب التشييع يحصل في الجملة ، وإن لم يمض إلى المصلى ، بل بمجرد التشييع لعموم كثير من الأخبار.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « أول ما يتحف » إلخ قال : في ق التحفة بالضم ، وكهمزة البرد واللطف والطرفة ، والجمع تحف وقد أتحفته تحفة.

أقول لا يتوهم التنافي بين هذا وبين ما ذكر في الخبر الأول ، إن أول حبائه الجنة ، إذ يمكن أن يكون المراد هناك أول حبائه الذي يصل إليه بلا توسط غيره ، أو يكون الأولية في أحدهما إضافية ، وإنما عد مغفرة المشيعين تحفة للميت ، لأنها إكرام للميت فيصير سببا لسروره.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « قيراط » القيراط نصف عشر الدينار والمراد هنا قدر من الثواب ولعل الفرض بيان أن التشيع بعد الصلاة إلى الدفن يساوي في الثواب ، التشييع إلى الصلاة والتشبيه« بجبل أحد » من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، أي كان ذلك الثواب عظيما ممتازا بالنسبة إلى سائر المثوبات الأخروية ، كما أن جبل أحد مشهور ممتاز في العظمة بين الأجسام المحسوسة في الدنيا ويحتمل أن يكون المراد ، أن هذا العمل له هذا الثقل في ميزان عمله ، إما بناء على تجسم الأعمال كما ذهب

٢١

من الأجر والقيراط مثل جبل أحد.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من مشى مع جنازة حتى يصلى عليها ثم رجع كان له قيراط من الأجر فإذا مشى معها حتى تدفن كان له قيراطان والقيراط مثل جبل أحد.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن ميسر قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول من تبع جنازة مسلم أعطي يوم القيامة أربع شفاعات ولم يقل شيئا إلا وقال الملك ولك مثل ذلك.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن سعد بن طريف ، عن الأصبغ بن نباتة قال قال أمير المؤمنين

إليه بعض ، أو تثقيل الدفتر المكتوب فيه العمل بقدر ما يستحقه ذلك العمل من الفضل والثواب كما ذهب إليه آخرون ، والله يعلم.

الحديث الخامس : مثل ما سبق سندا ومتنا.

الحديث السادس : موثق. على الظاهر وإن احتمل أن يكون مجهولا.

قوله عليه‌السلام : « أربع شفاعات » أي تقبل شفاعته في أربعة من المذنبين ، أو في أربع حوائج من حوائجه.

قوله عليه‌السلام : « ولم يقل شيئا » أي من الدعاء للميت بالمغفرة وغيرها ، إلا دعا له الملك بمثله ، ودعاء الملك مستجاب.

الحديث السابع : الخبر مختلف فيه بابن ظريف. فإن عد ممدوحا فالخبر إما حسن ، أو موثق ، وإلا فالخبر ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « من تبع جنازة » إلخ يمكن رفع التنافي بينه وبين الرابع بأن القيراطين هناك للمشي إلى الصلاة وإلى الدفن ، وزيد ههنا قيراط للصلاة وآخر

٢٢

صلوات الله عليه من تبع جنازة كتب الله له أربع قراريط قيراط باتباعه وقيراط للصلاة عليها وقيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها وقيراط للتعزية.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال فيما ناجى به موسىعليه‌السلام ربه قال يا رب ما لمن شيع جنازة قال أوكل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم.

(باب)

(ثواب من حمل جنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سيف بن عميرة ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من حمل جنازة من أربع جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة.

للتعزية.

ويمكن أن يكون القيراط الأول من القيراطين هناك مساويا لقيراطين مما ذكر ههنا.

ويحتمل أن يكون الاختلاف بحسب الأشخاص والنيات كذا أفاده الوالد العلامة ( طاب ثراه ).

الحديث الثامن : ضعيف ومفاده ظاهر.

باب ثواب من حمل الجنازة

قال في النهاية : الجنازة بالفتح والكسر ، الميت بسريره وقيل : بالكسر ( السرير ) وبالفتح ( الميت ).

الحديث الأول : حسن على الظاهر.

٢٣

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن سليمان بن خالد ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة وإذا ربع خرج من الذنوب.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن علي بن شجرة ، عن عيسى بن راشد ، عن رجل من أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول من أخذ بجوانب السرير الأربعة غفر الله له أربعين كبيرة.

(باب)

(جنائز الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن

الحديث الثاني : مرسل ، مجهول.

الحديث الثالث : مرسل.

أقول : الخبر الأول والثالث متحدان في المضمون ، والتوفيق بينهما وبين الثاني : إما بحملها على غير الهيئة المسنونة وحمله عليها ، أو بالحمل على اختلاف الموتى في مراتب الإيمان والفضل ، واختلاف المشيعين في إخلاصهم ونياتهم.

وقوله عليه‌السلام : « بقائمة السرير » أي بقائمة واحدة.

باب جنائز الرجال والنساء والصبيان والأحرار والعبيد

أقول : يظهر من المنتهى أنه لا خلاف في جواز إيقاع الصلاة الواحدة على ما زاد على الواحدة من الجنائز ، ويجوز التفريق أيضا وقال : لو اجتمعت جنازة الرجل والمرأة ، جعل الرجل مما يلي الإمام ، والمرأة مما يلي القبلة ، قاله علماؤنا ، ثم قال : هذه الكيفية والترتيب ليس واجبا بلا خلاف.

قال : الشهيد في الذكرى : والتفريق أفضل ولو كان على كل طائفة لما فيه من تكرار ذكر الله وتخصيص الدعاء الذي هو أبلغ من التعميم ، إلا أن يخاف

٢٤

العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته كيف يصلى على الرجال والنساء قال يوضع الرجل مما يلي الرجال والنساء خلف الرجال.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن

حدوث أمر على الميت. فالصلاة الواحدة أولى ، فيستحب إذا اجتمع الرجل والمرأة محاذات صدرها لوسطه ، ليقف الإمام موقف الفضيلة ، وإن يلي الرجل الإمام ، ثم الصبي لست ، ثم العبد ، ثم الخنثى ، ثم المرأة ، ثم الطفل لدون ست ثم الطفلة.

وجعل ابن الجنيد الخصي بين الرجل والخنثى ، ونقل في الخلاف الإجماع على تقديم الصبي الذي يجب عليه الصلاة إلى الإمام ، ثم المرأة ، ثم قال : وأطلق الصدوقان تقديم الصبي إلى الإمام ، وفي النهاية أطلق تقديم الصبي إلى القبلة على المرأة انتهى :

أقول : استشكل جمع من الأصحاب : الاجتزاء بالصلاة الواحدة على الصبي الذي لم يجب الصلاة عليه مع غيره ممن تجب عليه الاختلاف الوجه ، وصرح العلامة في التذكرة : بعدم جواز جمع الجميع بنية واحدة متحدة الوجه ، ثم قال : ولو قيل بإجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط : أمكن.

أقول : مع وجوب نية الوجه ، هذا هو الوجه.

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « مما يلي الرجال » أي المصلين : والمراد « بالرجال » أخير الموتى ، وهذا الخبر ظاهر الدلالة على المشهور ، ولا يتوهم إمكان الاستدلال به على تقديم الصبيان على النساء لأن إطلاق الرجل على غير البالغ مجاز.

الحديث الثاني : موثق. وهو يشتمل على أحكام.

٢٥

سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يصلي على ميتين أو ثلاثة أموات كيف يصلي عليهم قال إن كان ثلاثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي على ميت واحد وقد صلى عليهم جميعا يضع ميتا واحدا ثم يجعل الآخر إلى ألية الأول ثم يجعل رأس الثالث إلى ألية الثاني شبه المدرج حتى يفرغ منهم كلهم ما كانوا فإذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات يفعل كما يفعل إذا صلى على ميت واحد سئل فإن كان الموتى رجالا ونساء قال يبدأ

الأول جواز صلاة واحدة على الجنائز الكثيرة ، وقد مر الكلام فيه.

الثاني : كيفية الصلاة على الجنائز المتعددة. وقد عمل. بها من تعرض لها ولم أر رادا لها.

والظاهر من الخبر : أنه يقف وسط الصف المدرج للرجال ، وكذا ذكره الأصحاب أيضا ، ولم يتعرضوا أنه يقف قريبا من الجنازة التي أمامه ، فيقع بعض الجنائز الكائنة على يمينه خلفه أو يقف بحيث يكون جميع الجنائز أمامه ، وإن بعد كثيرا عن الجنازة التي تحاذيه ، والخبر أيضا. مجمل ، وعلى تقدير العمل بالخبر القول : بالتخيير لا يخلو من قوة ، لكن قال : في التذكرة ذهب علماؤنا أجمع إلى أن الإمام يقف خلف الجنازة وجوبا ، ولا يجوز أن يتقدمها ، ويصلي والجنازة خلف ظهره انتهى ، والظاهر شموله لما نحن فيه فالأولى اختيار الثاني والله يعلم.

الثالث : الترتيب بين جنازة الرجال والنساء وقد مر أيضا.

الرابع : اشتراط كون رأس الميت في حال الصلاة على يمين المصلي ، فلو كان معكوسا بأن كان رأسه على يساره يلزم إعادة الصلاة وإن كان ساهيا ، قال المحقق : في المعتبر قال : الأصحاب يجب أن يكون رأس الجنازة إلى يمين الإمام وهو السنة المتبعة ، قالوا : ولو تبين أنها مقلوبة أعيدت الصلاة ما لم يدفن ، واحتجوا في ذلك

٢٦

بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى ألية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة إلى ألية الرجل الأخير ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى ألية المرأة الأولى حتى يفرغ منهم كلهم فإذا سوى هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبر وصلى عليهم كما يصلي على ميت واحد وسئل عن ميت صلي عليه فلما سلم الإمام فإذا الميت

برواية عمار ، وقال في الذكرى : ويجب الاستقبال بالميت بأن يوضع رأسه عن يمين المصلي مستلقيا ، ورجلاه إلى يسار المصلى ، قال ابن حمزة : بحيث لو اضطجع على يمينه لكان بإزاء القبلة تأسيا بالنبي والأئمة صلوات الله عليهم ، ولخبر عمار والأصحاب عاملون بهذه الأحكام كلها.

قوله عليه‌السلام : « رجلاه » ظاهره أنه تفسير للمقلوب ، ويحتمل أن يكون المراد « بالمقلوب » أن يكون مكبوبا على وجهه لكنه بعيد.

الخامس أنه لا يصلي على الميت بعد الدفن ، واختلف الأصحاب في هذه المسألة اختلافا كثيرا ، فذهب الأكثر ، ومنهم الشيخان ، وابن إدريس ، والمحقق ، إلى إن لم يدرك الصلاة على الميت ، يجوز له أن يصلي علي قبره يوما وليلة ، فإن زاد على ذلك لم يجز الصلاة عليه ، وإطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه ، كذلك وإن كان الميت قد صلى عليه قبل الدفن ، وقال : سلار يصلي عليه إلى ثلاثة أيام وقال : ابن الجنيد يصلي عليه ما لم يتغير صورته ، واعترف المحقق في المعتبر والعلامة في المنتهى ، بعدم الوقوف في هذه التقديرات على مستند ، وقال : ابن بابويه من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر ، ولم يقدر لها وقتا ، وأوجب العلامة في المختلف : الصلاة على من دفن بغير صلاة ومنع من الصلاة على غيره ، وجزم المحقق في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا ، قال : ولا أمنع الجواز وظاهر هذا الخبر : عدم جواز الصلاة بعد الدفن ، وحمله على الميت الذي صلى عليه هكذا ، لرجوع الضمير في عليه إليه بعيد.

السادس : أنه تضمن كلام السائل التسليم في هذه الصلاة ، ولم ينكره الإمام

٢٧

مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوى وتعاد الصلاة عليه وإن كان قد حمل ما لم يدفن فإن كان قد دفن فقد مضت الصلاة لا يصلى عليه وهو مدفون.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان إذا صلى على المرأة والرجل قدم المرأة وأخر الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد وأخر الحر وإذا صلى على الكبير والصغير قدم الصغير وأخر الكبير.

عليه‌السلام ، وقد حمل على التقية للإجماع ، ولما سيأتي من الأخبار ، ويحتمل أن يكون كناية عن الإتمام ، لأن التسليم غالبا في الصلوات يستلزمه ، أو يحمل على ما إذا صلى خلف المخالف فإنه يسلم عند التمام ، لكنهما بعيدان ، قال في الذكرى : أجمع الأصحاب على سقوط التسليم فيها ، وظاهرهم. عدم المشروعية فضلا عن استحبابه.

قال : في الخلاف ليس فيها تسليم ، واحتج عليه بإجماع الفرقة ، ونقل عن العامة : التسليم على اختلافهم في كونه فرضا أو سنة ، وهو يفهم ، كونه غير سنة عنده ، وقال ابن الجنيد : ولا استحب التسليم فيها ، فإن سلم الإمام فواحدة عن يمينه ، وهذا يدل على شرعيته للإمام ، وعدم استحبابه لغيره ، أو على جوازه للإمام من غير استحباب ، بخلاف غيره انتهى.

الحديث الثالث : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « كان إذا صلى » إلخ رواه في التهذيب عن سهل بهذا الإسناد كما هنا ، وفي الفقيه مرسلا كان عليعليه‌السلام : ( إذا صلى ) لعل وما في الفقيه أظهر وعلى ما في الكتابين فالمراد. الرسول ، أو أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، أو الصادقعليه‌السلام بأن يكون القائل طلحة : ويمكن أن يقرأ الأفعال على البناء للمجهول.

وقوله عليه‌السلام : « قدم المرأة » أي إلى القبلة وكذا البواقي ، ويدل على بعض التفصيل الذي نقلنا عن القوم. وظاهر العبد والحر ، والصغير ، والكبير ، كونهما

٢٨

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجال والنساء كيف يصلى عليهم قال الرجال أمام النساء مما يلي الإمام يصف بعضهم على أثر بعض.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في جنائز الرجال والصبيان والنساء قال يضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم الإمام مما يلي الرجال.

٦ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فقال يقدم الرجال في كتاب عليعليه‌السلام .

في الموضعين ذكرين ، وكذا الرجل ظاهره البالغ ، فلا يستفاد منه حكم اجتماع الطفل والبالغة والعبد والحرة.

الحديث الرابع : صحيح.

ويدل على تقديم الرجال على النساء.

الحديث الخامس : مرسل.

لكنه معتبر لإجماع العصابة على تصحيح ما صح عن ابن بكير ، ويدل على تقديم الصبيان على النساء ، وبإطلاقه بل بعمومه يشمل ما إذا لم يجب عليهم الصلاة فيدل على جواز إيقاع الصلاة الواحدة على من لم يجب عليه الصلاة ومن وجب عليه معا : والتمسك في نفيه بما ذكروه من اختلاف الوجه لا وجه له ، في مقابلة النص.

مع أن أمر النية هين ولا دليل أيضا على عدم جواز اتصاف فعل واحد بالوجوب والندب عن جهتين سوى الاستبعاد والله يعلم.

الحديث السادس : مرسل كالموثق ودلالته ظاهرة.

٢٩

(باب نادر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن زكريا ، عن أبيه زكريا بن موسى ، عن اليسع بن عبد الله القمي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل يصلي على جنازة وحده قال نعم قلت فاثنان يصليان عليها قال نعم ولكن يقوم الآخر خلف الآخر ولا يقوم بجنبه.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يصلى على الجنازة بحذاء ولا بأس بالخف.

باب نادر

أي مشتمل على أخبار متفرقة لا يصلح كل منهما لعقد باب مفرد له.

الحديث الأول : مجهول بعدة مجاهيل.

قوله عليه‌السلام « عن الرجل يصلي » إلخ هو يدل على حكمين.

الأول : جواز صلاة الرجل الواحد على الجنازة وعدم اشتراط التعدد في المصلي ، وظاهر بعض الأصحاب : الاتفاق على الاجتزاء بصلاة الواحد ، ولو كان امرأة قال في التذكرة : ذهب إليه علماؤنا : وقال في المنتهى! أقل من يجزى صلاته على الميت ، شخص واحد ، وللشافعي قولان.

أحدهما : مثل ما قلنا.

والثاني : أن أقل المجزي ثلاثة رجال انتهى. والعمدة في الاستدلال ، الأصل والعمومات : وهذا الخبر مؤيد على أصول الأصحاب.

الثاني : إنه يقف المأموم الواحد في هذه الصلاة خلف الإمام ، بخلاف سائر الصلوات ، فإن المأموم الواحد يقوم بجنب الإمام فيها ولا خلاف ظاهرا في هذا الحكم بينهم ، والمشهور الاستحباب والأولى أن لا يترك.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام « بحذاء ».

٣٠

قال الشهيد في الذكرى : يستحب نزع الحذاء لا الخف ، لخبر سيف بن عميرة : قال في المقنع : روي أنه لا يجوز للرجل أن يصلي على جنازة بنعل حذو وكان محمد بن الحسن يقول : كيف تجوز صلاة الفريضة ولا تجوز صلاة الجنازة؟ وكان يقول : لا نعرف النهي في ذلك إلا من رواية محمد بن موسى الهمداني ، وكان كذابا قال الصدوق : وصدق في ذلك ، إلا إني لا أعرف عن غيره رخصة ، وأعرف النهي وإن كان عن غير ثقة ، ولا يرد الخبر بغير خبر معارض قلت : قد روى الكليني عن عدة عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مرار ، عن سيف بن عميرة ، ما قلناه : وهذا طريق غير طريق الهمداني ، إلا أن يفرق بين الحذاء ونعل الحذو ، واحتج في المعتبر على استحباب الحفا ، وهو عبارة ابن البراج ، بما روى عن بعض الصحابة ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : " من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار ) ولأنه موضع اتعاظ يناسب التذلل بالحفاء ، قلت : استحباب الحفا يعطي استحباب نزع الخف ، والشيخ وابن جنيد ويحيى بن سعيد ، استثنوه ، والخبر ناطق به ، وفي التذكرة : اختار عدم نزع الخف ، واحتج بحجة المعتبر وهو تمام ، لو ذكر الدليل المخرج للخف عن مدلول الحديث انتهى. والظاهر أنه يثبت استحباب ترك الحذاء بهذا الخبر ، لمساهلتهم في مستند المستحبات ، واستدلالهم عليها بالأخبار الضعيفة ، بل العامية.

والظاهر أن الحكم موضع وفاق أيضا بينهم ويحتمل أن يكون مرادهم بنعل الحذو والحذاء غير النعال العربية ، بل النعال العجمية والهندية الساترة لظهر القدم ، أو أكثر بغير الساق وحينئذ فإن قيل بكون هذه الصلاة صلاة حقيقة ، ويشملها عموم ما ورد من الأحكام في مطلق الصلاة كما ذهب إليه جماعة ، يكون القول بالمنع من الصلاة فيها جاريا ههنا إن قال : المانعون بتلك المقدمة ، لكن الظاهر من كلام أكثرهم وبعض اللغويين أن الحذاء شامل لجميع

٣١

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في

النعال سوى الخف قال في النهاية : الحذاء بالمد النعل وقال : المحقق وغيره وينزع نعليه ، وقال : في المنتهى ويستحب التحفي ، واستدل بهذا الخبر وما يفهم من كلام بعضهم من عدم استثناء الخف غير جيد لمخالفة الخبر الذي هو مستند الحكم والله يعلم.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « خير الصفوف » إلخ حمل من رأيت من الأصحاب كلامهم هذا الخبر على أن المراد أن خير صفوف المصلين في سائر الصلوات : الصف المقدم وخير صفوف المصلين في الصلاة على الجنازة الصف المؤخر قال : في المنتهى الصف الأخير في الصلاة على الجنائز أفضل من الصف الأول ، واستدل بهذه الرواية ، ونحوها.

قال : في التذكرة وقال في الذكرى : أفضل الصفوف المؤخر لخبر السكوني ثم قال : وجعل الصدوق : سبب الخبر ترغب النساء في التأخر منعا لهن عن الاختلاط بالرجال في الصلاة كما كن يصلين على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويتقدمن وإن كان الحكم بالأفضلية عاما لهن وللرجال.

وقال : الصدوق في الفقيه وأفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير والعلة في ذلك أن النساء كن يختلطن بالرجال في الصلاة على الجنائز ، فقال : النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل المواضع في الصلاة على الميت الصف الأخير فتأخرن إلى الصف الأخير فبقي فضله على ما ذكرهعليه‌السلام انتهى.

أقول : لا يخفى بعد ما فهموه من الخبر لفظا ومعنى بوجوه.

الأول : التعبير بالصلاة عن سائر الصلوات مطلقا من غير تقييد.

الثاني : ارتكاب الحذف والمجاز.

٣٢

الجنائز المؤخر قيل يا رسول الله ولم قال صار سترة للنساء

ثانيا بأن يكون المراد بالجنائز صلاة الجنائز.

الثالث : تخصيص التعليل بالشق الأخير ، مع جريانه في الأول إلا أن يقال النساء كن لا يرغبن في سائر الصلوات إلى الصف الأول ، وهو أيضا تكلف لابتناء الحمل على احتمال لا يعلم تحققه بل الظاهر خلافه.

الرابع : عدم استقامة التعليل في الأخير أيضا ، إذ لو بني على أنهعليه‌السلام قال ذلك تورية لرغبة النساء إلى الأخير ، فلا يخفى ركاكته وبعده عن منصب النبوة لاشتماله على الحيلة في الأحكام.

ولو قيل أن ذلك صار سببا لتقرر هذا الحكم وجريانه ، فهذا أيضا تكلف إذ كان يكفي لتأخر النساء بيان إن ذلك خير لهن ، مع أن « الأفضل » متعلق بالرجال في جميع الموارد ، بل الظاهر من الخبر أن المراد بالصفوف في الصلاة صفوف جميع الصلوات الشاملة لصلاة الجنازة وغيرها ، والمراد. بصفوف الجنائز نفس الجنائز إذا وضعت للصلاة عليها ، والمراد أن خير الصفوف في الصلاة المقدم أي ما كان أقرب إلى القبلة وخير الصفوف في الجنائز المؤخر أي ما كان أبعد عن القبلة وأقرب من الإمام كما مر مفصلا ، ولما كان الأشرف في جميع المواضع متعلقا بالرجال صار الحكمان معا سببين لسترة النساء لأن تأخرهن في الصفوف سترة لهن ، وتقدم جنائزهن لكونه سببا لبعدهن عن الرجال المصلين سترة لهن فاستقام التعليل وسلم الكلام عن ارتكاب الحذف والمجاز وصار الحكم مطابقا لما دلت عليه الأخبار الكثيرة.

والعجب من الأصحابرحمهم‌الله كيف ذهلوا عن هذا الاحتمال الظاهر وذهبوا إلى ما يحتاج إلى تلك التكلفات البعيدة فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.

٣٣

(باب)

(الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن

(باب الموضع الذي يقوم الإمام إذا صلى على الجنازة)

قال الشيخ : في المبسوط : والمفيد وأبو الصلاح : يقف الإمام في الجنازة عند وسط الرجل وصدر المرأة وعليه معظم الأصحاب لا سيما المتأخرين منهم ، وقال الشيخ في الخلاف : يقف عند رأس الرجل وصدر المرأة وبه قال علي ابن بابويه ، وقال : ابنه في المقنع إذا صليت على الميت فقف عند صدره وكبر ثم قال : وإذا صليت على المرأة فقف عند صدرها وللشيخ في الاستبصار قول ثالث : إنه يقف عند رأس المرأة وصدر الرجل ، قال في المنتهى : بعد ما اختار القول المشهور واستدل عليه ، هذه الكيفية مستحبة بلا خلاف عندنا ، ثم نقل رواية موسى بن بكر فقال والكل جائز.

الحديث الأول : مرسل.

لكنه معتبر لكون المرسل : ابن المغيرة وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وهو حجة المشهور مع رواية عمرو بن شمر عن جابر.

الحديث الثاني : ضعيف.

وهو حجة الشيخ في الاستبصار. وأول خبر ابن المغيرة بأنقوله « مما يلي صدرها » المعنى فيه إذا كان قريبا من الرأس ، وقد يعبر عنه بأنه يلي الصدر لقربه

٣٤

موسى بن بكر ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره.

(باب)

(من أولى الناس بالصلاة على الميت )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يصلي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب.

منه ، وأول في التهذيب هذا الخبر بأنقوله « عند صدره » يعني الوسط استعمالا لاسم الشيء فيما يجاوره ، وكذلك الرأس يعبر به عن الصدر للقرب.

أقول : أخبار العامة وأقوالهم أيضا في ذلك مختلفة لا يتأتى حمل البعض على التقية ، فالقول بالتخيير لا يخلو من قوة وإن كان العمل بالمشهور أولى.

(باب من أولى بالصلاة على الميت)

الحديث الأول : حسن.

ولا يضر إرساله لكون المرسل ابن أبي عمير.

قوله عليه‌السلام « أولى الناس بها » فسر الأصحاب أولى الناس بالوارث وقطعوا بأن الوارث أحق بالصلاة عليه من غيره بل ظاهرهم أنه مجمع عليه واستدلوا باية «أُولُوا الْأَرْحامِ »(١) وبهذا الخبر وبخبر ابن أبي نصر الاتي.

وقال بعض المتأخرين : لو قيل : إن المراد « بالأولى » هنا أمس الناس بالميت رحما ، وأشدهم به علاقة من غير اعتبار لجانب الميراث لم يكن بعيدا.

وقال الشهيد الثانيرحمه‌الله اعلم : أن ظاهر الأصحاب ( إن أذن الولي ) إنما يتوقف عليه الجماعة لا أصل الصلاة لوجوبها على الكفاية فلا يناط برأي أحد من المكلفين فلو صلوا فرادى بغير إذن أجزأ.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٦ سورة الأنفال : ٧٥.

٣٥

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها قال زوجها قلت الزوج أحق من الأب والولد والأخ قال نعم ويغسلها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة تموت من أحق أن يصلي عليها قال الزوج قلت الزوج أحق من الأب والأخ والولد قال نعم.

أقول : الظاهر أن المراد إمامة هذه الصلاة إذ الظاهر أن ليس المراد بكون الإمام أحق أو الوارث أحق أن لا يصلي عليها غيرهم ، مع هذا الحث والترغيب العظيم الوارد في الأخبار من غير تقيد بأحد ، فما ذكرهرحمه‌الله متين وإن اعترض عليه بعض من تأخر عنه.

الحديث الثاني : ضعيف.

ويدل على أن الزوج أولى في الصلاة والغسل من الأب والولد والأخ.

الحديث الثالث : مجهول موافق لما سبق في الدلالة.

واعلم أن كون الزوج أولى من سائر الأقارب ، هو المعروف من مذهب الأصحاب ، وورد صحيحة حفص بن البختري ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله بأن الأخ أولى من الزوج ، وحملهما الشيخ وغيره على التقية.

أقول : وإن وافقنا على كون الزوج أولى من العصبات الشعبي ، وعطاء ، وعمر ابن عبد العزيز ، وإسحاق ، وأحمد في رواية ، لكن حكم بأولوية العصبات جماعة منهم سعيد بن المسيب ، والزهري ، وأبو حنيفة ، ومالك. والشافعي ، وأحمد في رواية وهؤلاء أكثر ، وأقوالهم بين العامة أشهر ورعاية التقية في آرائهم أظهر.

ثم اعلم أن المشهور أن هذا الحكم مخصوص بالزوج ، ولا يتعدى إلى

٣٦

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن طلحة بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا حضر الإمام الجنازة فهو أحق الناس بالصلاة عليها.

الزوجة ، وربما قيل بالمساواة لشمول اسم الزوج لهما لغة وعرفا ، ولا يخفى ضعفه فإن ذلك إنما يتم مع إطلاق لفظ الزوج ، لا مع التصريح بأنه أحق بامرأته كما في الرواية.

الحديث الرابع : ضعيف إلا أنه كالموثق لأنهم ذكروا في طلحة أن كتابه معتمد.

ويدل على أن إمام الأصلعليه‌السلام أولى من كل أحد حتى الوارث في الصلاة على الميت كما هو المشهور ، وقال العلامة : إمام الأصل أحق بالصلاة على الميت إذا قدمه الولي ويجب عليه تقديمه لقوله تعالى «النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ »(١) والإمام يثبت له ما يثبت للنبي من الولاية ، وقال الشيخ : فإن لم يقل الولي لم يجز له أن يتقدم.

واستدل لخبر السكوني عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن قدمه ولي الميت ، وإلا فهو غاصب ، ولا يخفى ضعف هذا القول ، إذ عموم الخبر الأول مؤيد بعمومات الايات والأخبار الدالة على أولوية الإمام في كل أمر من أمور الدين والدنيا وولايته على كل أحد ، والخبر الثاني مخالف لهما فالعمل بالأول متعين مع أن الخبر الثاني غير صريح في الاستئذان ، بل يمكن أن يكون الضمير في قوله « وإلا فهو غاصب » راجعا إلى الولي ، وأيضا يحتمل أن يكون المراد بالسلطان غير إمام الأصل بقرينة التنكير كما ذكره الشهيد (ره) وكيف يتوهم ذلك مع أنه يلزم مع عدم إذن الولي لهعليه‌السلام إما تركه للصلاة أو اقتداؤهعليه‌السلام

__________________

(١) سورة الأحزاب : آية ٣٣.

٣٧

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يصلي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب.

(باب)

(من يصلي على الجنازة وهو على غير وضوء )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الجنازة أيصلى عليها على غير وضوء؟

بغيره والمحذور فيهما ظاهر والأولى عدم التعرض لأمثال هذه المسائل المتعلقة بالإمامعليه‌السلام لسوء الأدب وقلة الجدوى ولأنه مع حضورهعليه‌السلام لا يحتاج إلى فتوى غيره ومع غيبته لا فائدة في البحث عنه والله يعلم.

الحديث الخامس : ضعيف مرسل : وقد مر الكلام فيه.

باب من يصلي على الجنازة وهو على غير وضوء

أجمع علماؤنا على عدم اشتراط هذه الصلاة بالطهارة ، قال في المنتهى : ويستحب أن يصلي بطهارة وليست شرطا ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال الشعبي ومحمد بن جرير الطبري ، وقال الشافعي هي شرط وإليه ذهب أكثر الجمهور. وقال في التذكرة : وليست الطهارة شرطا ، بل يجوز للمحدث والحائض والجنب أن يصلوا على الجنائز مع وجود الماء والتراب والتمكن منهما ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، ثم قال الطهارة وإن لم تكن واجبة إلا أنها مستحبة عند علمائنا.

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « نعم إنما هو تكبير » إلى آخره.

تذكير الضمير : إما باعتبار الخبر ، أو بتأويل الفعل ونحوه ، ويدل على ما مر من عدم اشتراط الطهارة ، ثم اعلم أن الأصحاب اختلفوا في أن إطلاق الصلاة

٣٨

فقال نعم إنما هو تكبير وتحميد وتسبيح وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء.

على هذه حقيقة أم مجاز ، ويتفرع عليه إجراء الأحكام والشرائط الواردة في الصلاة مطلقا فيها ولذا اختلفوا في أنه هل تجب فيها إزالة الخبث وترك ما يجب تركه في سائر الصلوات أم لا؟ وفي أنه هل يبطلها ما يبطل غيرها أم لا؟ فإذا عرفت هذا.

فاعلم أن التعليل الوارد في الخبر يحتمل وجهين.

الأول أن يكون المراد أنها ليست بصلاة حقيقة حتى تكون مشروطة بالطهارة ، بل الصلاة تطلق عليها بالمعنى اللغوي وهو الدعاء ، وهي تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كسائر الأذكار والدعوات.

الثاني أن يكون المراد أنها ليست بصلاة مشتملة على الركوع والسجود حتى يشترط فيها الطهارة ، بل هي نوع خاص من الصلاة ، وفي هذا النوع ليست الطهارة بشرط كما ورد في مرسلة حريز عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : الطامث تصلى على الجنازة ، لأن ليس فيها ركوع وسجود وكذا في غيرها من الأخبار ، وإن احتمل هذه الأخبار أيضا المعنى الأول ، ولعل الظاهر هو المعنى الأول ، وحينئذ يدل على عدم جريان أحكام مطلق الصلاة فيها كليا.

تفريع : اعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب ظاهرا في وجوب الاستقبال والقيام مع القدرة ، اتباعا للهيئة المنقولة وفي وجوب الستر مع الإمكان قولان : وجزم العلامة بعدمه ، وكذا اختلفوا في أنه هل يعتبر فيها الطهارة من الخبث؟ وذهب أكثر المتأخرين إلى العدم ، تمسكا بمقتضى الأصل ، وإطلاق الإذن في صلاة الحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا ولا يخلو من قوة ، وكذا في ترك سائر ما يجب تركه في اليومية ، قال في الذكرى : وفي وجوب إزالة الخبث عنه وعن

٣٩

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل تدركه الجنازة وهو على غير وضوء فإن ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلي.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الحميد بن سعيد قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فإن ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة

ثوبه نظر؟ من الأصل ، وأنها دعاء وأحقية الخبث بالنسبة إلى الحدث ، ومن ثم صحت الصلاة مع الخبث لا مع بقاء حكم الحدث ، ومن إطلاق التسمية بالصلاة التي يشترط فيها ذلك ، وللاحتياط ، ولم أقف في هذا على نص ولا فتوى ، ثم قال : والأجود ترك ما يترك في ذات الركوع والإبطال بما يبطل خلا ما يتعلق بالحدث والخبث انتهى.

أقول : يمكن أن يفرع على الخلاف المذكور ، اشتراط العدالة في إمامة تلك الصلاة ، ويؤيد العدم عدم فوت فعل من الأفعال عن المأموم بسبب الائتمام والله يعلم.

الحديث الثاني : حسن.

وظاهره لزوم الطهارة وأن التيمم لضيق الوقت وحمل على الاستحباب جمعا.

الحديث الثالث : مجهول.

بعبد الحميد ، وفي بعض النسخ ابن سعيد ، وفي بعضها ابن سعد ، وذكره الشيخ في الرجال مرة هكذا ومرة هكذا ، والظاهر أنهما واحد والخبر معتبر لإجماع العصابة على صفوان.

قوله عليه‌السلام : « أحب إلى » ظاهره الاستحباب ، ويمكن أن يكون مراده

٤٠

ألي أن أصلي عليها وأنا على غير وضوء قال تكون على طهر أحب إلي.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير

عليه‌السلام التيمم لأن السائل ذكر أنه لا يتسع الوقت للوضوء فيكون موافقا للخبر السابق ، ويحتمل أن يكون المراد بيان استحباب الطهارة. ليفهم السائل أنه لا حرج في تركه حينئذ ، أو أن يكون. المراد لا تترك مع الإمكان فإنه أحب إلى ، ولعل الأول أظهر.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « تفجأ الجنازة » في القاموس : فجأه كسمعه ومنعه فجأة وفجاءة هجم عليه.

أقول : يدل على سقوط الطهارة مع ضيق الوقت عنها لا مطلقا.

الحديث الخامس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « يضرب بيديه » إلخ ظاهر الخبر جواز التيمم لهذه الصلاة مع وجود الماء وعدم ضيق الوقت عن الوضوء ، وعليه أكثر الأصحاب ، بل ظاهر العلامة أنه إجماعي ، قال في التذكرة : يجوز التيمم مع وجود الماء هنا عند علمائنا وهو أقل فضلا من الطهارة به ، وبه قال أبو حنيفة لقول سماعة سألته إلخ ، ولأن الطهارة ليست شرطا عندنا فساغ ما هو بدل عنها ، ومنعه الشافعي ولا يجوز أن يدخل بهذا التيمم في شيء من الصلوات فرضها ونفلها فقد الماء أولا انتهى.

لكن قال الشيخ في التهذيب ويجوز أن يتيمم الإنسان بدلا من الطهارة إذا

٤١

وضوء كيف يصنع قال يضرب بيديه على حائط اللبن فيتيمم به.

(باب)

(صلاة النساء على الجنازة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن امرأة الحسن الصيقل ، عن الحسن الصيقل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل كيف تصلي النساء على الجنازة إذا لم يكن معهن رجل قال يصففن

خاف أن تفوته الصلاة ، ثم استدل بهذا الخبر.

وقال شيخنا البهائي :رحمه‌الله يمكن أن يستفاد من هذا الحديث أمور.

الأول : أن الضرب باليدين خارج عن التيمم كما هو مذهب العلامة.

الثاني : عدم اشتراط اتصال المضروب عليه فلو كان فيه بعض الفرج جاز إذ حائط اللبن لا يخلو من الفرج.

الثالث : أن التيمم على الخزف غير جائز ، لأن تخصيصهعليه‌السلام بحائط اللبن مع أن الوقت وقت استعجال يعطى ذلك ، ثم لا يخفى أن حمل الشيخ هذا الحديث على ما إذا خيف فوت الصلاة على الجنازة غير ظاهر ، بل الظاهر جواز التيمم عند الاستعجال وإن لم يخف الفوت ، ثم إطلاقهعليه‌السلام الحائط على ما يعم حائطه وحائط غيره يدل على جواز التيمم بحائط الغير كالصلاة في المكان بشاهد الحال.

باب صلاة النساء على الجنازة

لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز إمامة المرأة للنساء في صلاة الجنائز.

والمشهور كراهة بروزها عن الصف بل تقف بينهن.

الحديث الأول : ضعيف.

٤٢

جميعا ولا تتقدمهن امرأة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا لم يحضر الرجل تقدمت امرأة وسطهن وقام النساء عن يمينها وشمالها وهي وسطهن تكبر حتى تفرغ من الصلاة.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت تصلي الحائض

قوله عليه‌السلام : « ولا تقدمهن ».

ظاهر النهي عدم الجواز والمشهور الكراهة ، والأولى الترك ، للنهي في الأخبار الكثيرة ، وعدم المعارض ، ولا يخفى أنه ليس فيه دلالة صريحة على إمامة بعضهن لبعض.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « تقدمت المرأة » إلخ يمكن أن يكون التقدم بحسب الأفعال أو الرتبة ، والمراد إمامتها وأن يكون المراد تقدمها قليلا بحيث لا تتقدم بجميع بدنها ، ولا تبرز من بينهن والله يعلم.

الحديث الثالث : موثق.

ويدل على عدم اشتراطها بالطهارة ، وعلى جواز صلاة الحائض على الجنازة وعلى لزوم انفرادها عن الصف ، ويحتمل أن يكون المراد تأخرها عن صف الرجال فلا اختصاص له بالحائض ، بل هذا حكم مطلق النساء ، ويؤيده تذكير الضمير وأن يكون المراد تأخرها عمن لم يتصف بصفتها من النساء أيضا ، وهذا هو ظاهر الأكثر ويشعر به.

قوله عليه‌السلام : « تقوم منفردة ». قال في التذكرة ، وإذا صلوا جماعة ينبغي أن يتقدم الإمام والمؤتمون خلفه صفوفا ، وإن كان بينهم نساء. وقفن آخر الصفوف

٤٣

على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم تقوم مفردة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم.

٥ ـ حماد ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب تتيمم وتصلي على الجنازة.

وإن كان فيهن حائض انفردت بارزة عنهم وعنهن ، ويدل عليه ظاهر كلامه في المنتهى أيضا.

وقال الشهيد في الذكرى : عند ذكر كيفية صلاة النساء على الجنازة ، وفي انفراد الحائض هنا نظر ، من خبر محمد بن مسلم فإن الضمير يدل على الرجال وإطلاق الانفراد يشمل النساء ، وبه قطع في المبسوط وتبعه ابن إدريس والمحقق انتهى.

أقول : الاستدلال بتلك الأخبار على تأخرها عن النساء لا يخلو من إشكال.

الحديث الرابع : حسن.

والكلام فيه كالكلام فيما تقدم ، والاستدلال بتأخرها عن النساء هنا أخفى كما لا يخفى.

الحديث الخامس : مرسل.

ويدل على جواز صلاة الحائض على الجنازة ، والتعليل بأنه ليس فيها ركوع وسجود يمكن أن يكون المراد به أنه ليس بصلاة حقيقة فيجوز للحائض الإتيان بها ، لأن الصلاة الحقيقية تلزمها الركوع والسجود ، وأن يكون المراد أن هذا النوع من الصلاة لا تشترط فيها الطهارة ، ويدل على رجحان تيمم الجنب لها وبإطلاقه أو بعمومه يشمل ما إذا وجد الماء أيضا وأمكنه الغسل ، وفي موثقة

٤٤

(باب)

(وقت الصلاة على الجنائز )

١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يمنعك شيء من هذه الساعات عن الصلاة على الجنائز فقال لا.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن

سماعة في التهذيب ، يتيمم الحائض أيضا.

والمشهور : استحباب التيمم لهما بل لا خلاف فيه ظاهرا ، قال في المنتهى. يستحب للحائض والجنب أن يتيمما.

باب وقت الصلاة على الجنائز

لا خلاف بين أصحابنا في جواز إيقاع هذه الصلاة في جميع الأوقات ما لم تزاحم صلاة حاضرة ، ولا كراهة لها أيضا وإن كانت في الأوقات الخمسة المكروهة قال في المعتبر يصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ما لم يتضيق فريضة حاضرة ، وبه قال : الشافعي وأحمد ، وقال : الأوزاعي يكره في الأوقات الخمسة ، وقال : أبو حنيفة ومالك لا يجوز وعند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، وقال في التذكرة : ويصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع.

الحديث الأول : مرسل. كالموثق.

لكون الإرسال عن غير واحد ، ويدل على جواز إيقاعها في جميع الساعات.

الحديث الثاني : صحيح.

وفي التعميم صريح ومعلل بأنها ليست بذات ركوع وسجود حتى يجري

٤٥

العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال تصلى على الجنازة في كل ساعة إنها ليست بصلاة ركوع ولا سجود وإنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان

(باب)

(علة تكبير الخمس على الجنائز )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام لم جعل

فيها التعليل الوارد في خبر النهي عن الصلاة في تلك الساعات ، ويدل على كراهة الصلاة ذات الركوع والسجود فيها ، وسيأتي الكلام فيها في كتاب الصلاة.

قوله عليه‌السلام « بين قرني الشيطان » قال في النهاية : فيه أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، أي ناحيتي رأسه وجانبيه ، وقيل القرن : القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها ، وقيل بين قرنيه أي أمتيه الأولين والآخرين ، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها فكأن الشيطان سول له ذلك ، فإذا سجد لها كان الشيطان مقترنا بها انتهى ، وقال : النووي في شرح مسلم أي حزبيه الذين يبعثهما للإغواء ، وقيل جانبي رأسه فإنه يدني رأسه إلى الشمس في هذين الوقتين ليكون الساجدون لها كالساجدين له ، ويخيل لنفسه ولأعوانه إنهم يسجدون له وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط في تلبيس المصلين انتهى.

باب علة تكبير الخمس على الجنازة

لعله اكتفى في العنوان بأحد الفردين ، والغرض تعليل الخمس والأربع معا كما يظهر من إيراده الأخبار.

ثم اعلم : أن وجوب خمس تكبيرات على الجنازة مما أجمع ، عليه علماؤنا وأخبارنا به مستفيضة بل متواترة وقال في التذكرة ، إذا نوى المصلي كبر خمسا

٤٦

التكبير على الميت خمسا فقال ورد من كل صلاة تكبيرة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وهشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكبر على قوم

واجبا بينها أربعة أدعية ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال زيد بن أرقم وحذيفة ، وقال : الفقهاء الأربعة والثوري والأوزاعي وداود وأبو ثور التكبير أربع.

الحديث الأول : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « ورد من كل صلاة » أي ورد على هذه الصلاة ودخل فيها بسبب كل صلاة أو مأخوذا من كل صلاة من الصلوات الخمس اليومية تكبيرة.

تفريع : اعلم أن الظاهر من كلام المتأخرين أن التكبيرات فيها ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا ، وربما يستدل عليه بهذا الخبر وأمثاله فإنها تدل على كونها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية وهي ركن.

وفيه نظر أما أولا فلعدم صراحة الخبر في كون المأخوذة منها هي التكبيرات الإحرامية ، إذ لعل المراد أنه جعل بإزاء كل صلاة هنا تكبيرة.

وأما ثانيا فلأنه لا يلزم من كونها في المأخوذة منها ركنا كونها في هذه الصلاة أيضا ركنا ، فالأولى التمسك بأنه لو أخل بواحد منها لم يأت بالهيئة المطلوبة من الشارع فلا يعلم البراءة ولا يظن ولم يتحقق الامتثال المقتضي للإجزاء.

الحديث الثاني : حسن.

ويدل على وجوب الخمس على المؤمنين والأربع على غيرهم ، والظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب : أن المراد بالمنافق غير الاثني عشري لإطلاقه في مقابل المؤمن.

أقول الكلام ههنا في مقامين ( الأول ) في أنه هل تجب الصلاة على غير المؤمن

٤٧

خمسا وعلى قوم آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن مهاجر ، عن أمه أم سلمة قالت سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت

من فرق المسلمين؟ فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن الجنيد والمحقق إلى الوجوب ، وقال المفيد في المقنعة : ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه ، إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية وإليه ذهب أبو الصلاح وابن إدريس ولا يخلو من قوة ، ويشكل الاستدلال على الوجوب بهذا الخبر لأن فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعم من الوجوب ، وأيضا يمكن أن يكون صلاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم لإظهارهم الإسلام وكونهم ظاهرا من المسلمين ، والتكبير عليهم أربعا بأمر الله تعالى لتبين نفاقهم لا ينافي لزوم الصلاة عليهم ظاهرا ، بل يتعين أن يكون كذلك لأن الله تعالى نهاه عن الصلاة على الكافرين ، ولم يكن في ذلك الزمان واسطة بين الإيمان والكفر إلا بالنفاق ، وليعرفوا أنهم مع إضمارهم الكفر كان يلزمه الصلاة عليهم بظاهر الإسلام.

الثاني : في كون الصلاة على غير المؤمن أربعا ، وهو المقطوع به في كلامهم ويدل عليه هذا الخبر وغيره من الأخبار. ثم أقول : يظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة ( لعنهم الله ) في روايتهم أربع تكبيرات وعمل أكثرهم بها ، هو فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك في بعض المواضع ، ولم يفهموا جهة فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بل أعماهم الله تعالى عن ذلك ليتيسر للشيعة العمل. بهذا في حد الصلاة عليهم لكونهم من أخبث المنافقين : لعنة الله عليهم أجمعين.

الحديث الثالث : مجهول بأم سلمة.

وأقول : تحقيق الأمر فيما تضمنه هذا الخبر يتوقف على بيان أمور.

الأول : أنه اختلف الأصحاب في أن الدعاء بين التكبيرات هل هو واجب أو مستحب ، والمشهور بين الأصحاب الوجوب ، وذهب بعضهم كالمحقق إلى الاستحباب

٤٨

كبر وتشهد ثم كبر ثم صلى على الأنبياء ودعا ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر وانصرف فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد ثم كبر وصلى على النبيين صلّى الله عليهم

وربما يستدل بهذا الخبر على الوجوب للتأسي ، مع أن ظاهر قولهعليه‌السلام كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت كبر المواظبة عليه وهذا يؤكد التأسي ، وفيه كلام ليس هنا موضع تحقيقه.

الثاني : أن القائلين بوجوب الدعاء اختلفوا في أنه هل يجب فيه لفظ على التعيين أم لا؟ والأشهر عدم الوجوب ، وربما يستدل به على الأول بنحو ما مر من التقريب.

الثالث : المشهور بين القائلين بالتعيين العمل بهذا الخبر ، وبين القائلين بعدمه أفضليته ، لكن الأكثر لم يتعرضوا للصلاة علي الأنبياء مع دلالة الخبر عليه ، قال الشهيد في الذكرى : تضمن خبر أم سلمة الصلاة على الأنبياء من فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتحمل على الاستحباب ، ثم قال : نعم تجب الصلاة على آل محمد إذا صلى عليه كما تضمنه الأخبار انتهى ، ومقتضى كلام ابن أبي عقيل ، أن الأفضل جميع الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة ولا يعلم مستنده.

الرابع : أنه على تقدير وجوب الصلاة على المنافق إذا قيل بوجوب الأدعية هل يجب الدعاء عقيب الرابعة على الميت أم لا؟ ظاهر هذا الخبر سقوط الدعاء حيث قال : ثم كبر الرابعة وانصرف ، وإن احتمل أن يكون المراد بالانصراف الانصراف عن التكبير ، وقوله عليه‌السلام لم يدع للميت ، لا ينافي الدعاء عليه لكنه بعيد ، قال : السيد صاحب المدارك قال في الذكرى : والظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب لأن التكبير عليه أربع ، وبها تخرج عن الصلاة ، وهو غير جيد فإن الدعاء للميت أو عليه لا يتعين وقوعه بعد الرابعة كما بيناه ، وقد ورد بالأمر بالدعاء على المنافق روايات انتهى.

٤٩

ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى فرض الصلاة خمسا وجعل للميت من كل صلاة تكبيرة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عثمان بن عبد الملك الحضرمي ، عن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا أبا بكر تدري كم الصلاة على الميت قلت لا قال خمس تكبيرات فتدري من أين أخذت الخمس قلت لا قال أخذت الخمس تكبيرات من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة.

أقول يرد عليه أيضا إن الخروج بالتكبيرة الرابعة غير مسلم ، بل لعله يكون الخروج بإتمام الدعاء الرابع.

الخامس :قوله عليه‌السلام : « ثم صلى على الأنبياء ودعا » يحتمل أن يكون المراد الدعاء للأنبياء ، وأن يكون المراد الدعاء للميت ، وتركه في الصلاة على المنافق ربما يؤيد الثاني.

السادس :قوله عليه‌السلام : « فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين » أي الدعاء لهم لأنهعليه‌السلام ذكر بعد ذلك الصلاة وقال ولم يدع للميت وإن احتمل أن يكون المراد : النهي عن الصلاة الكاملة المعهودة التي كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي بها للمؤمنين ، بل أمره بنقصها والأول أظهر.

الحديث الرابع : مرسل ، وقد مر تفسيره.

الحديث الخامس : مجهول. وقد مضى تفسيره أيضا.

٥٠

(باب)

(الصلاة على الجنائز في المساجد )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلوي قال كنت في المسجد وقد جيء بجنازة فأردت أن أصلي عليها فجاء أبو الحسن الأولعليه‌السلام فوضع مرفقه في صدري فجعل يدفعني حتى خرج من المسجد فقال يا أبا بكر إن الجنائز لا يصلى عليها في المساجد.

(باب)

(الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن زرعة بن

باب الصلاة على الجنائز في المساجد

لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز الصلاة على الجنازة في المساجد ، والمشهور كراهة الإتيان بها فيها إلا بمكة ، والأخبار في ذلك متعارضة ، قال في المنتهى : وتكره الصلاة على الجنائز في المساجد ، والأفضل الإتيان بها في المواضع المختصة بذلك المعتادة لها إلا بمكة ، وبه قال : مالك وأبو حنيفة ، وقال : الشافعي وأحمد لا يكره في المساجد ، ثم قال : مكة كلها مسجد فلو كرهت الصلاة في بعض ، مساجدها لزم التعميم فيها أجمع وهو خلاف الإجماع انتهى ، ولا يخفى ضعف التعليل والاستثناء المبتني عليه ، وذهب بعض المتأخرين إلى نفي الكراهة أيضا لصحيحة الفضل بن عبد الملك وغيرها ولا يخلو عن قوة.

الحديث الأول : مجهول.

وظاهره عدم الجواز ، وحمل على الكراهة لجهالة السند وصحة المعارض.

باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء

الحديث الأول : ضعيف. ورواه الشيخ في الموثق.

٥١

محمد ، عن سماعة قال سألته عن الصلاة على الميت فقال تكبر خمس تكبيرات تقول أول ما تكبر : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى الأئمة الهداة و «اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ »

قوله عليه‌السلام : « غلا ـ الغل » بالكسر والفتح الحقد وهنا بالكسر.

قوله عليه‌السلام : « وألف قلوبنا على قلوب أخيارنا » أي اجعل قلوبنا في العقائد الحقة ، والنيات الصحيحة موافقة لقلوب أخيارنا وهم الأئمةعليهم‌السلام ، وفي التهذيب خيارنا.

قوله عليه‌السلام : « من الحق بيان لما » أي اهدنا إلى الحق الذي اختلف الناس فيه ،« بإذنك » أي بتوفيقك وتيسيرك أو تقديرك.

قوله : عليه‌السلام « فإن قطع عليك ».

أقول : هذا يحتمل الوجهين.

أحدهما : أن يكون المراد أنه إن قطعت التكبيرة الثانية للإمام عليك دعاءك ولم يمهلك لإتمامه فاكتف بما مضى ، وأقرء الدعاء للميت في التكبيرات الأخر ، وإلا فضم إلى ما مضى الدعاء الأخير أيضا أي قولهعليه‌السلام اللهم عبدك.

وثانيهما : أن يكون المراد أن قطع عليك فلا تقطع الدعاء ، ولا يضرك تأخير التكبير عن تكبير الإمام ، بل اقرأ الدعاء للميت في التكبيرة الأولى أيضا ، ثم كبر الثانية.

والإشارة فيقوله عليه‌السلام تقول هذا : على التقديرين إما راجعة إلى الجميع أو إلى الدعاء الأخير.

قوله عليه‌السلام : « ونور له في قبره » أي نور له الأشياء في قبره ، أو أعطه نورا في قبره ، والمراد بالقبر عالم البرزخ ، والنور ، إما المراد به الحقيقة ، أو كناية

٥٢

اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات وألف قلوبنا على قلوب أخيارنا واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرك تقول : « اللهم عبدك ابن عبدك وابن أمتك أنت أعلم به مني افتقر إلى رحمتك واستغنيت عنه اللهم فتجاوز عن سيئاته وزد في إحسانه واغفر له وارحمه ونور له في قبره ولقنه حجته وألحقه بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده تقول هذا حتى تفرغ من خمس تكبيرات

عن فرحه وسروره وظهور الأشياء له ، والأول أولى إذ لا ضرورة إلى التأويل ، فإن الأرواح في أجسادهم المثالية متنعمون في جناتهم مستضيئون بما جعل الله لهم من الأنوار الصورية والمعنوية.

قوله عليه‌السلام : « ولقنه حجته » أي عند سؤال منكر ونكير.

قوله عليه‌السلام : « ولا تحرمنا أجره » أي أجر ما أصابنا من مصيبة.

قوله عليه‌السلام : « ولا تفتنا بعده » في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون منه «بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ »(١) وإعجابك بالشيء فتنة يفتنه فتنا وفتونا وأفتنه والضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب ، وإذابة الذهب والفضة ، والإضلال والجنون والمحنة ، والمال والأولاد ، واختلاف الناس في الآراء انتهى ، أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعد ما رأينا من مصيبة بل نبهنا بما أصابنا واجعلنا زاهدين في الدنيا تاركين لشهواتها ، لتذكر الموت وأهوالها ، ولا تمتحنا بعده بشدة مصيبة فنجزع فيها ، ونستحق بذلك سخطك ، بل أعطنا صبرا عليها ، ولعل الأول أظهر ، ويحتمل معاني أخرى يظهر مما نقلنا من معاني الفتنة لا نطيل الكلام بذكرها.

قوله عليه‌السلام : « تقول هذا حتى تفرغ إلخ » ظاهره يوهم أنه يلزم الدعاء بعد

__________________

(١) سوره القلم : ٦.

٥٣

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصلاة على الميت قال تكبر ثم تصلي على

الخامسة أيضا ، ويمكن أن يقال جعلعليه‌السلام نهاية القراءة الفراغ من الخمس فإذا كبر الخامسة فقد فرغ منها فلا يقرأ بعدها.

الحديث الثاني : حسن.

قال في المنتقى : رواية الحلبي في طريق هذا الخبر عن زرارة من سهو الناسخين بغير شك ، وسيأتي إسناد مثله. وفيه عن الحلبي وزرارة وهو الصواب انتهى.

قوله عليه‌السلام : « لا أعلم منه إلا خيرا ».

أقول : ربما يستشكل ههنا بأن هذه كيفية للصلاة على المؤمن برا كان أو فاجرا ، فكيف يجوز لنا هذا القول فيمن نعلم منه الشرور والفسوق؟ ويمكن أن يجاب عنه بوجوه.

الأول : أن يقال يجوز أن يكون هذا أيضا مما استثني من الكذب سوغه الله لنا رحمة منه على الموتى ليصير سببا لغفرانهم كما سوغه الله في الإصلاح بين الناس بل نقول هذا أيضا كذب في الصلاح ، وقد ورد في الخبر أن الله يحب الكذب في الصلاح ويبغض الصدق في الفساد.

الثاني : أن يخصص الخير والشر بالعقائد لكن الترديد المذكور بعده لا يلائمه كما لا يخفى.

الثالث : أن يقال أن شرهم غير معلوم لاحتمال توبتهم أو شمول عفو الله ، أو الشفاعة لهم مع معلومية إيمانهم.

فإن قيل كما أن شرهم غير معلوم بناء على هذه الاحتمالات فكذلك خيرهم أيضا غير معلوم ، فما الفرق بينهما.

قلت : يمكن أن يقال بالفرق بينهما في العلم الشرعي فإنا مأمورون بالحكم

٥٤

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك لا أعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به مني اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا

بالإيمان الظاهري وباستصحابه بخلاف الشرور والمعاصي فإنا أمرنا بالإغضاء عن عيوب الناس ، وحمل أعمالهم وأفعالهم عن المحامل الحسنة وإن كانت بعيدة ، فليس لنا الحكم فيها بالاستصحاب ، وقيل المراد بالخير : الخير الظاهري وبالشر : الشر الواقعي ، ولا يخفى بعده.

الرابع : أن يخصص هذا الدعاء بالمستورين كما هو ظاهر بعض الأصحاب وهو بعيد جدا.

قوله عليه‌السلام : « في إحسانه بالإضافة إلى المفعول » أي في إحسانك إليه ، ويحتمل أن يكون بالإضافة إلى الفاعل أي ضاعف حسناته ، وفي بعض النسخ حسناته.

قوله عليه‌السلام : « وافسح له » في القاموس ، فسح له كمنع وسع وفي النهاية ، ومنه حديث عليعليه‌السلام اللهم افسح له مفسحا في عدلك : أي أوسع له سعة في دار عدلك.

والكلام في الفسحة كما تقدم في النوادر أو المراد عدم الضغطة.

قوله عليه‌السلام : « إن كان زاكيا فزكه » قال : في النهاية أصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح ، وكل ذلك قد استعمل في القرآن والحديث ، ثم قال : زكي الرجل نفسه : إذا وصفها وأثنى عليها انتهى ، وقال في الغريين : يزكون أنفسهم يزعمون أنهم أزكياء ، ونفسا زكيا : أي طاهرة لم تجن ما توجب قتلها ، وما زكي(١) أي ما ظهر ، وأوصاني بالصلاة والزكاة(٢) أي : الطهارة ، وذلكم أزكى لكم(٣) : أي أنمى وأعظم بركة ، قد أفلح من زكيها(٤)

__________________

(١) سورة النور ، الآية ٢١.

(٢) سورة مريم : الآية ٣١.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٢.

(٤) سورة الشمس : ٩.

٥٥

فاغفر له ذنبه وارحمه وافسح له في قبره واجعله من رفقاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تكبر الثانية وتقول : « اللهم إن كان زاكيا فزكه وإن كان خاطئا فاغفر له » ثم تكبر

أي قربها إلى الله ، وما عليك إلا يزكي(١) أي أن لا يسلم فيتطهر من الشرك انتهى.

أقول : فالمعنى أنه إن كان طاهرا من الشرك والذنب ، أو ناميا في الكمالات والسعادات فزكه أي أثن عليه ، كناية عن قبول أعماله ، أو قربة إليك ، أو طهره أكثر مما اتصف به أو بارك وزد عليه في ثوابه ، واجعل عمله ناميا مضاعفا والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « اللهم اكتبه عندك في عليين » (٢) إشارة إلى قوله تعالى «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ » قال في النهاية : فيه أن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين ، ( عليون ) اسم للسماء السابعة ، وقيل : اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد وقيل أرادا على الأمكنة وأشرف المراتب ، وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة انتهى.

أقول : لعل المراد اكتب وقدر عندك أنه من أهل عليين ، أو اكتب اسمه في عليين فإنه ديوان يكتب أسماء الأبرار والمقربين وأعمالهم فيه.

قوله عليه‌السلام : « واخلف على عقبه في الغابرين » اخلف بضم اللام وكسرها كما في الصحاح ، قال في النهاية : يقال خلف الله لك خلفا بخير ، وأخلف عليك خيرا ، أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه.

وقيل : إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد ، قيل : أخلف الله لك وعليك وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب والأم ، قيل : خلف الله عليك ، وقيل

__________________

(١) سورة عبس : ٧.

(٢) سورة المطفّفين الآية ١٨.

٥٦

الثالثة وتقول : « اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده » ثم تكبر الرابعة وتقول « اللهم اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » ثم تكبر الخامسة وانصرف

يقال : خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفته عليك ، وأخلف الله عليك أي أبدلك ، ومنه حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت « أخلف في عقبه » أي كن لهم بعده وقال في ـ غير ـ قال الأزهري يحتمل الغابر الماضي والباقي فإنه من الأضداد ، قال : والمعروف الكثير أن الغابر الباقي ، وقال غير واحد من الأئمة : إنه يكون بمعنى الماضي انتهى ، وقال في القاموس ، العقب الولد وولد الولد كالعقب ككتف.

أقول : يحتمل أن يكون قولهعليه‌السلام : « في الغابرين » بدلا من قولهعليه‌السلام : « على عقبه » أي كن خليفته في الباقين من عقبه فاحفظ أمورهم ومصالحهم ولا تكلهم إلى غيرك ، وأن يكون حالا من قوله ( عقبه ) أي كن خليفته فيهم كائنين في جملة الباقين من الناس وأن يكون صفة للمصدر المحذوف ، أي أخلف عليهم خلافة كائنة في أمر الباقين من الناس ، بأن تميل قلوب الناس إليهم وتجعلهم مقبولين بينهم يراعون أحوالهم وينفعونهم ولا يضرونهم ، وعلى الاحتمال الثاني أيضا يمكن أن يكون المراد هذا لا يخفى ، ويحتمل أن يكون حالا عن الفاعل في ( اخلف ) أي كن أنت الخليفة على عقبه بين سائر من بقي بعده ، وأن يكون حالا عن الضمير المجرور ويكون الغابر بمعنى الماضي أي حال كونه في جملة الماضين من الموتى فيكون الكلام مشتملا على نوع استعطاف.

قال : شيخنا البهائي (ره) لعل ( في ) للسببية ، والمراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت انتهى.

أقول : لعل ، بعض ما ذكرنا من الاحتمالات أظهر مما ذكره (ره) والله يعلم.

٥٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير على الميت فقال خمس تقول في أوليهن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم صل على محمد وآل محمد ثم تقول اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا وأنت أعلم بسريرته اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية وتفعل ذلك في كل تكبيرة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تكبر ثم تشهد ثم تقول «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » ، «الْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث : حسن. كالصحيح لمشاركة السند الضعيف مع الحسن وتأييده له ورواه الشيخ في الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « إن هذا المسجى » قال في القاموس تسجية الميت تغطيته.

قوله عليه‌السلام : « في كل تكبيرة » ظاهره شمول الخامسة إلا أن يخصص بالأخبار الأخرى.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ثم تشهد » ظاهره الشهادتين.

قوله عليه‌السلام : «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » هذه كلمة أثنى الله تعالى على قائلها عند المصائب لدلالتها على الرضا بقضائه والتسليم لأمره ، فمعنى إنا لله إقرار له بالعبودية أي : نحن عبيد الله وملكه فله التصرف فينا بالموت والحياة والمرض والصحة والمالك على الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه واعتراض المملوك عليه من سفاهته وإنا إليه راجعون إقرار بالبعث والنشور وتسلية للنفس بأن الله تعالى عند رجوعنا

٥٨

رَبِّ الْعالَمِينَ » رب الموت والحياة صل على محمد وأهل بيته جزى الله عنا محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ من رسالات ربه ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه برحمتك اللهم ألحقه بنبيك وثبته «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ » اللهم اسلك

إليه يثيبنا على ما يصيبنا من المكاره والآلام أحسن الثواب كما وعدنا وينتقم لنا ممن ظلم علينا ، وفيه تسلية من جهة أخرى وهي أنه إذا كان رجوعنا جميعا إلى الله وإلى ثوابه فلا بأس بافتراقنا بالموت ولا ضرر على الميت أيضا ، فإنه انتقل من دار إلى دار أحسن من الأولى ورجع إلى رب كريم هو رب الآخرة والأولى.

وروي عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) أنه قال إن قولنا إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك وإنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلاك.

قوله عليه‌السلام : " خلا من الدنيا أي مضى منها ، والأيام الخالية : أي الماضية أو صار خاليا عاريا مما كان له من الدنيا وانقطعت حيلته عنها.

قوله عليه‌السلام : « وثبته بالقول الثابت إلخ » إشارة إلى قوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ »(١) : قال البيضاوي «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ » أي الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم في الحياة الدنيا فلا يزالون إذا افتتنوا في دينهم كزكريا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين فتنهم أصحاب الأخدود وفي الآخرة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا يدهشهم أهوال القيامة وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر قبض روح المؤمن فقال : ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

__________________

(١) سورة إبراهيم ٢٧.

٥٩

بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تكبر الثانية وتقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات.

فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ومحمد نبي ، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا »(١) .

أقول يشكل ما ورد في هذا الدعاء بأن حياته الدنيوية قد انقضت فما معنى الدعاء له بالثبات في الحياة الدنيا.

ويمكن أن يوجه بوجهين الأول : أن يكون الظرف متعلقا بالثابت ، أي : القول الثابت الذي لا يتبدل بتبدل النشأتين فإن العقائد الباطلة التابعة للأغراض الدنيوية والشهوات النفسانية تتبدل وتتغير في النشأة الآخرة لزوال دواعيها ، وفي الآية أيضا يحتمل ذلك وإن لم يذكره المفسرون.

الثاني : أن يكون المراد بالحياة الدنيا ما يقع قبل القيامة فيكون حياة القبر للسؤال داخلا في الحياة الدنيا ، على أنه يحتمل أن يكون ذكره على سبيل التبعية استطرادا لذكره في الآية ولعل ثاني الوجهين أظهر.

قوله عليه‌السلام : « اللهم أسألك بنا وبه سبيل الهدي » أي اجعلنا سالكين سبيلا يهدينا إلى ما يوجب لنا درجات الجنان واسلك به سبيلا يهديه ويوصله إلى الجنة في المحشر ، فسلوك سبيل الهدى في الدنيا موجب لسلوك سبيل الهدى في الآخرة كما ورد في الخبر في قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ »(٢) الآية إن المراد الهداية في الآخرة إلى الجنة ، رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادقعليه‌السلام ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد سبيل الهدى بالنسبة إليه سبيل أهل الهدى الذين يسلكونه إلى الجنة ، بأن يقدر المضاف على أحد التقديرين ، وكذا لكلام في الفقرة الثانية أي اهدنا إلى الصراط المستقيم في العقائد

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٢٧.

(٢) سورة يونس : ٩.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279