مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 279

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 279
المشاهدات: 12645
تحميل: 4186


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 279 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 12645 / تحميل: 4186
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 14

مؤلف:
العربية

ألي أن أصلي عليها وأنا على غير وضوء قال تكون على طهر أحب إلي.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة ، عن سماعة قال سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير

عليه‌السلام التيمم لأن السائل ذكر أنه لا يتسع الوقت للوضوء فيكون موافقا للخبر السابق ، ويحتمل أن يكون المراد بيان استحباب الطهارة. ليفهم السائل أنه لا حرج في تركه حينئذ ، أو أن يكون. المراد لا تترك مع الإمكان فإنه أحب إلى ، ولعل الأول أظهر.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « تفجأ الجنازة » في القاموس : فجأه كسمعه ومنعه فجأة وفجاءة هجم عليه.

أقول : يدل على سقوط الطهارة مع ضيق الوقت عنها لا مطلقا.

الحديث الخامس : موثق.

قوله عليه‌السلام : « يضرب بيديه » إلخ ظاهر الخبر جواز التيمم لهذه الصلاة مع وجود الماء وعدم ضيق الوقت عن الوضوء ، وعليه أكثر الأصحاب ، بل ظاهر العلامة أنه إجماعي ، قال في التذكرة : يجوز التيمم مع وجود الماء هنا عند علمائنا وهو أقل فضلا من الطهارة به ، وبه قال أبو حنيفة لقول سماعة سألته إلخ ، ولأن الطهارة ليست شرطا عندنا فساغ ما هو بدل عنها ، ومنعه الشافعي ولا يجوز أن يدخل بهذا التيمم في شيء من الصلوات فرضها ونفلها فقد الماء أولا انتهى.

لكن قال الشيخ في التهذيب ويجوز أن يتيمم الإنسان بدلا من الطهارة إذا

٤١

وضوء كيف يصنع قال يضرب بيديه على حائط اللبن فيتيمم به.

(باب)

(صلاة النساء على الجنازة )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن امرأة الحسن الصيقل ، عن الحسن الصيقل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل كيف تصلي النساء على الجنازة إذا لم يكن معهن رجل قال يصففن

خاف أن تفوته الصلاة ، ثم استدل بهذا الخبر.

وقال شيخنا البهائي :رحمه‌الله يمكن أن يستفاد من هذا الحديث أمور.

الأول : أن الضرب باليدين خارج عن التيمم كما هو مذهب العلامة.

الثاني : عدم اشتراط اتصال المضروب عليه فلو كان فيه بعض الفرج جاز إذ حائط اللبن لا يخلو من الفرج.

الثالث : أن التيمم على الخزف غير جائز ، لأن تخصيصهعليه‌السلام بحائط اللبن مع أن الوقت وقت استعجال يعطى ذلك ، ثم لا يخفى أن حمل الشيخ هذا الحديث على ما إذا خيف فوت الصلاة على الجنازة غير ظاهر ، بل الظاهر جواز التيمم عند الاستعجال وإن لم يخف الفوت ، ثم إطلاقهعليه‌السلام الحائط على ما يعم حائطه وحائط غيره يدل على جواز التيمم بحائط الغير كالصلاة في المكان بشاهد الحال.

باب صلاة النساء على الجنازة

لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز إمامة المرأة للنساء في صلاة الجنائز.

والمشهور كراهة بروزها عن الصف بل تقف بينهن.

الحديث الأول : ضعيف.

٤٢

جميعا ولا تتقدمهن امرأة.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا لم يحضر الرجل تقدمت امرأة وسطهن وقام النساء عن يمينها وشمالها وهي وسطهن تكبر حتى تفرغ من الصلاة.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد الكندي ، عن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت تصلي الحائض

قوله عليه‌السلام : « ولا تقدمهن ».

ظاهر النهي عدم الجواز والمشهور الكراهة ، والأولى الترك ، للنهي في الأخبار الكثيرة ، وعدم المعارض ، ولا يخفى أنه ليس فيه دلالة صريحة على إمامة بعضهن لبعض.

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « تقدمت المرأة » إلخ يمكن أن يكون التقدم بحسب الأفعال أو الرتبة ، والمراد إمامتها وأن يكون المراد تقدمها قليلا بحيث لا تتقدم بجميع بدنها ، ولا تبرز من بينهن والله يعلم.

الحديث الثالث : موثق.

ويدل على عدم اشتراطها بالطهارة ، وعلى جواز صلاة الحائض على الجنازة وعلى لزوم انفرادها عن الصف ، ويحتمل أن يكون المراد تأخرها عن صف الرجال فلا اختصاص له بالحائض ، بل هذا حكم مطلق النساء ، ويؤيده تذكير الضمير وأن يكون المراد تأخرها عمن لم يتصف بصفتها من النساء أيضا ، وهذا هو ظاهر الأكثر ويشعر به.

قوله عليه‌السلام : « تقوم منفردة ». قال في التذكرة ، وإذا صلوا جماعة ينبغي أن يتقدم الإمام والمؤتمون خلفه صفوفا ، وإن كان بينهم نساء. وقفن آخر الصفوف

٤٣

على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم تقوم مفردة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تصف معهم.

٥ ـ حماد ، عن حريز عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الطامث تصلي على الجنازة لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب تتيمم وتصلي على الجنازة.

وإن كان فيهن حائض انفردت بارزة عنهم وعنهن ، ويدل عليه ظاهر كلامه في المنتهى أيضا.

وقال الشهيد في الذكرى : عند ذكر كيفية صلاة النساء على الجنازة ، وفي انفراد الحائض هنا نظر ، من خبر محمد بن مسلم فإن الضمير يدل على الرجال وإطلاق الانفراد يشمل النساء ، وبه قطع في المبسوط وتبعه ابن إدريس والمحقق انتهى.

أقول : الاستدلال بتلك الأخبار على تأخرها عن النساء لا يخلو من إشكال.

الحديث الرابع : حسن.

والكلام فيه كالكلام فيما تقدم ، والاستدلال بتأخرها عن النساء هنا أخفى كما لا يخفى.

الحديث الخامس : مرسل.

ويدل على جواز صلاة الحائض على الجنازة ، والتعليل بأنه ليس فيها ركوع وسجود يمكن أن يكون المراد به أنه ليس بصلاة حقيقة فيجوز للحائض الإتيان بها ، لأن الصلاة الحقيقية تلزمها الركوع والسجود ، وأن يكون المراد أن هذا النوع من الصلاة لا تشترط فيها الطهارة ، ويدل على رجحان تيمم الجنب لها وبإطلاقه أو بعمومه يشمل ما إذا وجد الماء أيضا وأمكنه الغسل ، وفي موثقة

٤٤

(باب)

(وقت الصلاة على الجنائز )

١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يمنعك شيء من هذه الساعات عن الصلاة على الجنائز فقال لا.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن

سماعة في التهذيب ، يتيمم الحائض أيضا.

والمشهور : استحباب التيمم لهما بل لا خلاف فيه ظاهرا ، قال في المنتهى. يستحب للحائض والجنب أن يتيمما.

باب وقت الصلاة على الجنائز

لا خلاف بين أصحابنا في جواز إيقاع هذه الصلاة في جميع الأوقات ما لم تزاحم صلاة حاضرة ، ولا كراهة لها أيضا وإن كانت في الأوقات الخمسة المكروهة قال في المعتبر يصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ما لم يتضيق فريضة حاضرة ، وبه قال : الشافعي وأحمد ، وقال : الأوزاعي يكره في الأوقات الخمسة ، وقال : أبو حنيفة ومالك لا يجوز وعند طلوع الشمس وغروبها وقيامها ، وقال في التذكرة : ويصلي على الجنازة في الأوقات الخمسة المكروهة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع.

الحديث الأول : مرسل. كالموثق.

لكون الإرسال عن غير واحد ، ويدل على جواز إيقاعها في جميع الساعات.

الحديث الثاني : صحيح.

وفي التعميم صريح ومعلل بأنها ليست بذات ركوع وسجود حتى يجري

٤٥

العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال تصلى على الجنازة في كل ساعة إنها ليست بصلاة ركوع ولا سجود وإنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان

(باب)

(علة تكبير الخمس على الجنائز )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه رفعه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام لم جعل

فيها التعليل الوارد في خبر النهي عن الصلاة في تلك الساعات ، ويدل على كراهة الصلاة ذات الركوع والسجود فيها ، وسيأتي الكلام فيها في كتاب الصلاة.

قوله عليه‌السلام « بين قرني الشيطان » قال في النهاية : فيه أن الشمس تطلع بين قرني الشيطان ، أي ناحيتي رأسه وجانبيه ، وقيل القرن : القوة أي حين تطلع يتحرك الشيطان ويتسلط فيكون كالمعين لها ، وقيل بين قرنيه أي أمتيه الأولين والآخرين ، وكل هذا تمثيل لمن يسجد للشمس عند طلوعها فكأن الشيطان سول له ذلك ، فإذا سجد لها كان الشيطان مقترنا بها انتهى ، وقال : النووي في شرح مسلم أي حزبيه الذين يبعثهما للإغواء ، وقيل جانبي رأسه فإنه يدني رأسه إلى الشمس في هذين الوقتين ليكون الساجدون لها كالساجدين له ، ويخيل لنفسه ولأعوانه إنهم يسجدون له وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط في تلبيس المصلين انتهى.

باب علة تكبير الخمس على الجنازة

لعله اكتفى في العنوان بأحد الفردين ، والغرض تعليل الخمس والأربع معا كما يظهر من إيراده الأخبار.

ثم اعلم : أن وجوب خمس تكبيرات على الجنازة مما أجمع ، عليه علماؤنا وأخبارنا به مستفيضة بل متواترة وقال في التذكرة ، إذا نوى المصلي كبر خمسا

٤٦

التكبير على الميت خمسا فقال ورد من كل صلاة تكبيرة.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان وهشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يكبر على قوم

واجبا بينها أربعة أدعية ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال زيد بن أرقم وحذيفة ، وقال : الفقهاء الأربعة والثوري والأوزاعي وداود وأبو ثور التكبير أربع.

الحديث الأول : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « ورد من كل صلاة » أي ورد على هذه الصلاة ودخل فيها بسبب كل صلاة أو مأخوذا من كل صلاة من الصلوات الخمس اليومية تكبيرة.

تفريع : اعلم أن الظاهر من كلام المتأخرين أن التكبيرات فيها ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا ، وربما يستدل عليه بهذا الخبر وأمثاله فإنها تدل على كونها مأخوذة من التكبيرات الإحرامية وهي ركن.

وفيه نظر أما أولا فلعدم صراحة الخبر في كون المأخوذة منها هي التكبيرات الإحرامية ، إذ لعل المراد أنه جعل بإزاء كل صلاة هنا تكبيرة.

وأما ثانيا فلأنه لا يلزم من كونها في المأخوذة منها ركنا كونها في هذه الصلاة أيضا ركنا ، فالأولى التمسك بأنه لو أخل بواحد منها لم يأت بالهيئة المطلوبة من الشارع فلا يعلم البراءة ولا يظن ولم يتحقق الامتثال المقتضي للإجزاء.

الحديث الثاني : حسن.

ويدل على وجوب الخمس على المؤمنين والأربع على غيرهم ، والظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب : أن المراد بالمنافق غير الاثني عشري لإطلاقه في مقابل المؤمن.

أقول الكلام ههنا في مقامين ( الأول ) في أنه هل تجب الصلاة على غير المؤمن

٤٧

خمسا وعلى قوم آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم يعني بالنفاق.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن مهاجر ، عن أمه أم سلمة قالت سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت

من فرق المسلمين؟ فذهب الشيخ في جملة من كتبه وابن الجنيد والمحقق إلى الوجوب ، وقال المفيد في المقنعة : ولا يجوز لأحد من أهل الإيمان أن يغسل مخالفا للحق في الولاية ، ولا يصلي عليه ، إلا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية وإليه ذهب أبو الصلاح وابن إدريس ولا يخلو من قوة ، ويشكل الاستدلال على الوجوب بهذا الخبر لأن فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعم من الوجوب ، وأيضا يمكن أن يكون صلاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم لإظهارهم الإسلام وكونهم ظاهرا من المسلمين ، والتكبير عليهم أربعا بأمر الله تعالى لتبين نفاقهم لا ينافي لزوم الصلاة عليهم ظاهرا ، بل يتعين أن يكون كذلك لأن الله تعالى نهاه عن الصلاة على الكافرين ، ولم يكن في ذلك الزمان واسطة بين الإيمان والكفر إلا بالنفاق ، وليعرفوا أنهم مع إضمارهم الكفر كان يلزمه الصلاة عليهم بظاهر الإسلام.

الثاني : في كون الصلاة على غير المؤمن أربعا ، وهو المقطوع به في كلامهم ويدل عليه هذا الخبر وغيره من الأخبار. ثم أقول : يظهر لك من أمثال هذا الخبر أن منشأ اشتباه العامة ( لعنهم الله ) في روايتهم أربع تكبيرات وعمل أكثرهم بها ، هو فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك في بعض المواضع ، ولم يفهموا جهة فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله بل أعماهم الله تعالى عن ذلك ليتيسر للشيعة العمل. بهذا في حد الصلاة عليهم لكونهم من أخبث المنافقين : لعنة الله عليهم أجمعين.

الحديث الثالث : مجهول بأم سلمة.

وأقول : تحقيق الأمر فيما تضمنه هذا الخبر يتوقف على بيان أمور.

الأول : أنه اختلف الأصحاب في أن الدعاء بين التكبيرات هل هو واجب أو مستحب ، والمشهور بين الأصحاب الوجوب ، وذهب بعضهم كالمحقق إلى الاستحباب

٤٨

كبر وتشهد ثم كبر ثم صلى على الأنبياء ودعا ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر وانصرف فلما نهاه الله عز وجل عن الصلاة على المنافقين كبر وتشهد ثم كبر وصلى على النبيين صلّى الله عليهم

وربما يستدل بهذا الخبر على الوجوب للتأسي ، مع أن ظاهر قولهعليه‌السلام كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا صلى على ميت كبر المواظبة عليه وهذا يؤكد التأسي ، وفيه كلام ليس هنا موضع تحقيقه.

الثاني : أن القائلين بوجوب الدعاء اختلفوا في أنه هل يجب فيه لفظ على التعيين أم لا؟ والأشهر عدم الوجوب ، وربما يستدل به على الأول بنحو ما مر من التقريب.

الثالث : المشهور بين القائلين بالتعيين العمل بهذا الخبر ، وبين القائلين بعدمه أفضليته ، لكن الأكثر لم يتعرضوا للصلاة علي الأنبياء مع دلالة الخبر عليه ، قال الشهيد في الذكرى : تضمن خبر أم سلمة الصلاة على الأنبياء من فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فتحمل على الاستحباب ، ثم قال : نعم تجب الصلاة على آل محمد إذا صلى عليه كما تضمنه الأخبار انتهى ، ومقتضى كلام ابن أبي عقيل ، أن الأفضل جميع الأذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة ولا يعلم مستنده.

الرابع : أنه على تقدير وجوب الصلاة على المنافق إذا قيل بوجوب الأدعية هل يجب الدعاء عقيب الرابعة على الميت أم لا؟ ظاهر هذا الخبر سقوط الدعاء حيث قال : ثم كبر الرابعة وانصرف ، وإن احتمل أن يكون المراد بالانصراف الانصراف عن التكبير ، وقوله عليه‌السلام لم يدع للميت ، لا ينافي الدعاء عليه لكنه بعيد ، قال : السيد صاحب المدارك قال في الذكرى : والظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب لأن التكبير عليه أربع ، وبها تخرج عن الصلاة ، وهو غير جيد فإن الدعاء للميت أو عليه لا يتعين وقوعه بعد الرابعة كما بيناه ، وقد ورد بالأمر بالدعاء على المنافق روايات انتهى.

٤٩

ثم كبر ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابه ، عن سليمان بن جعفر الجعفري ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى فرض الصلاة خمسا وجعل للميت من كل صلاة تكبيرة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عثمان بن عبد الملك الحضرمي ، عن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو جعفرعليه‌السلام يا أبا بكر تدري كم الصلاة على الميت قلت لا قال خمس تكبيرات فتدري من أين أخذت الخمس قلت لا قال أخذت الخمس تكبيرات من الخمس صلوات من كل صلاة تكبيرة.

أقول يرد عليه أيضا إن الخروج بالتكبيرة الرابعة غير مسلم ، بل لعله يكون الخروج بإتمام الدعاء الرابع.

الخامس :قوله عليه‌السلام : « ثم صلى على الأنبياء ودعا » يحتمل أن يكون المراد الدعاء للأنبياء ، وأن يكون المراد الدعاء للميت ، وتركه في الصلاة على المنافق ربما يؤيد الثاني.

السادس :قوله عليه‌السلام : « فلما نهاه الله عن الصلاة على المنافقين » أي الدعاء لهم لأنهعليه‌السلام ذكر بعد ذلك الصلاة وقال ولم يدع للميت وإن احتمل أن يكون المراد : النهي عن الصلاة الكاملة المعهودة التي كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يأتي بها للمؤمنين ، بل أمره بنقصها والأول أظهر.

الحديث الرابع : مرسل ، وقد مر تفسيره.

الحديث الخامس : مجهول. وقد مضى تفسيره أيضا.

٥٠

(باب)

(الصلاة على الجنائز في المساجد )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن طلحة ، عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلوي قال كنت في المسجد وقد جيء بجنازة فأردت أن أصلي عليها فجاء أبو الحسن الأولعليه‌السلام فوضع مرفقه في صدري فجعل يدفعني حتى خرج من المسجد فقال يا أبا بكر إن الجنائز لا يصلى عليها في المساجد.

(باب)

(الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عن زرعة بن

باب الصلاة على الجنائز في المساجد

لا خلاف ظاهرا بين الأصحاب في جواز الصلاة على الجنازة في المساجد ، والمشهور كراهة الإتيان بها فيها إلا بمكة ، والأخبار في ذلك متعارضة ، قال في المنتهى : وتكره الصلاة على الجنائز في المساجد ، والأفضل الإتيان بها في المواضع المختصة بذلك المعتادة لها إلا بمكة ، وبه قال : مالك وأبو حنيفة ، وقال : الشافعي وأحمد لا يكره في المساجد ، ثم قال : مكة كلها مسجد فلو كرهت الصلاة في بعض ، مساجدها لزم التعميم فيها أجمع وهو خلاف الإجماع انتهى ، ولا يخفى ضعف التعليل والاستثناء المبتني عليه ، وذهب بعض المتأخرين إلى نفي الكراهة أيضا لصحيحة الفضل بن عبد الملك وغيرها ولا يخلو عن قوة.

الحديث الأول : مجهول.

وظاهره عدم الجواز ، وحمل على الكراهة لجهالة السند وصحة المعارض.

باب الصلاة على المؤمن والتكبير والدعاء

الحديث الأول : ضعيف. ورواه الشيخ في الموثق.

٥١

محمد ، عن سماعة قال سألته عن الصلاة على الميت فقال تكبر خمس تكبيرات تقول أول ما تكبر : « أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى الأئمة الهداة و «اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ »

قوله عليه‌السلام : « غلا ـ الغل » بالكسر والفتح الحقد وهنا بالكسر.

قوله عليه‌السلام : « وألف قلوبنا على قلوب أخيارنا » أي اجعل قلوبنا في العقائد الحقة ، والنيات الصحيحة موافقة لقلوب أخيارنا وهم الأئمةعليهم‌السلام ، وفي التهذيب خيارنا.

قوله عليه‌السلام : « من الحق بيان لما » أي اهدنا إلى الحق الذي اختلف الناس فيه ،« بإذنك » أي بتوفيقك وتيسيرك أو تقديرك.

قوله : عليه‌السلام « فإن قطع عليك ».

أقول : هذا يحتمل الوجهين.

أحدهما : أن يكون المراد أنه إن قطعت التكبيرة الثانية للإمام عليك دعاءك ولم يمهلك لإتمامه فاكتف بما مضى ، وأقرء الدعاء للميت في التكبيرات الأخر ، وإلا فضم إلى ما مضى الدعاء الأخير أيضا أي قولهعليه‌السلام اللهم عبدك.

وثانيهما : أن يكون المراد أن قطع عليك فلا تقطع الدعاء ، ولا يضرك تأخير التكبير عن تكبير الإمام ، بل اقرأ الدعاء للميت في التكبيرة الأولى أيضا ، ثم كبر الثانية.

والإشارة فيقوله عليه‌السلام تقول هذا : على التقديرين إما راجعة إلى الجميع أو إلى الدعاء الأخير.

قوله عليه‌السلام : « ونور له في قبره » أي نور له الأشياء في قبره ، أو أعطه نورا في قبره ، والمراد بالقبر عالم البرزخ ، والنور ، إما المراد به الحقيقة ، أو كناية

٥٢

اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات وألف قلوبنا على قلوب أخيارنا واهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرك تقول : « اللهم عبدك ابن عبدك وابن أمتك أنت أعلم به مني افتقر إلى رحمتك واستغنيت عنه اللهم فتجاوز عن سيئاته وزد في إحسانه واغفر له وارحمه ونور له في قبره ولقنه حجته وألحقه بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده تقول هذا حتى تفرغ من خمس تكبيرات

عن فرحه وسروره وظهور الأشياء له ، والأول أولى إذ لا ضرورة إلى التأويل ، فإن الأرواح في أجسادهم المثالية متنعمون في جناتهم مستضيئون بما جعل الله لهم من الأنوار الصورية والمعنوية.

قوله عليه‌السلام : « ولقنه حجته » أي عند سؤال منكر ونكير.

قوله عليه‌السلام : « ولا تحرمنا أجره » أي أجر ما أصابنا من مصيبة.

قوله عليه‌السلام : « ولا تفتنا بعده » في القاموس الفتنة بالكسر الخبرة كالمفتون منه «بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ »(١) وإعجابك بالشيء فتنة يفتنه فتنا وفتونا وأفتنه والضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب ، وإذابة الذهب والفضة ، والإضلال والجنون والمحنة ، والمال والأولاد ، واختلاف الناس في الآراء انتهى ، أي لا تجعلنا مفتونين بالدنيا بعد ما رأينا من مصيبة بل نبهنا بما أصابنا واجعلنا زاهدين في الدنيا تاركين لشهواتها ، لتذكر الموت وأهوالها ، ولا تمتحنا بعده بشدة مصيبة فنجزع فيها ، ونستحق بذلك سخطك ، بل أعطنا صبرا عليها ، ولعل الأول أظهر ، ويحتمل معاني أخرى يظهر مما نقلنا من معاني الفتنة لا نطيل الكلام بذكرها.

قوله عليه‌السلام : « تقول هذا حتى تفرغ إلخ » ظاهره يوهم أنه يلزم الدعاء بعد

__________________

(١) سوره القلم : ٦.

٥٣

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصلاة على الميت قال تكبر ثم تصلي على

الخامسة أيضا ، ويمكن أن يقال جعلعليه‌السلام نهاية القراءة الفراغ من الخمس فإذا كبر الخامسة فقد فرغ منها فلا يقرأ بعدها.

الحديث الثاني : حسن.

قال في المنتقى : رواية الحلبي في طريق هذا الخبر عن زرارة من سهو الناسخين بغير شك ، وسيأتي إسناد مثله. وفيه عن الحلبي وزرارة وهو الصواب انتهى.

قوله عليه‌السلام : « لا أعلم منه إلا خيرا ».

أقول : ربما يستشكل ههنا بأن هذه كيفية للصلاة على المؤمن برا كان أو فاجرا ، فكيف يجوز لنا هذا القول فيمن نعلم منه الشرور والفسوق؟ ويمكن أن يجاب عنه بوجوه.

الأول : أن يقال يجوز أن يكون هذا أيضا مما استثني من الكذب سوغه الله لنا رحمة منه على الموتى ليصير سببا لغفرانهم كما سوغه الله في الإصلاح بين الناس بل نقول هذا أيضا كذب في الصلاح ، وقد ورد في الخبر أن الله يحب الكذب في الصلاح ويبغض الصدق في الفساد.

الثاني : أن يخصص الخير والشر بالعقائد لكن الترديد المذكور بعده لا يلائمه كما لا يخفى.

الثالث : أن يقال أن شرهم غير معلوم لاحتمال توبتهم أو شمول عفو الله ، أو الشفاعة لهم مع معلومية إيمانهم.

فإن قيل كما أن شرهم غير معلوم بناء على هذه الاحتمالات فكذلك خيرهم أيضا غير معلوم ، فما الفرق بينهما.

قلت : يمكن أن يقال بالفرق بينهما في العلم الشرعي فإنا مأمورون بالحكم

٥٤

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك لا أعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به مني اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا

بالإيمان الظاهري وباستصحابه بخلاف الشرور والمعاصي فإنا أمرنا بالإغضاء عن عيوب الناس ، وحمل أعمالهم وأفعالهم عن المحامل الحسنة وإن كانت بعيدة ، فليس لنا الحكم فيها بالاستصحاب ، وقيل المراد بالخير : الخير الظاهري وبالشر : الشر الواقعي ، ولا يخفى بعده.

الرابع : أن يخصص هذا الدعاء بالمستورين كما هو ظاهر بعض الأصحاب وهو بعيد جدا.

قوله عليه‌السلام : « في إحسانه بالإضافة إلى المفعول » أي في إحسانك إليه ، ويحتمل أن يكون بالإضافة إلى الفاعل أي ضاعف حسناته ، وفي بعض النسخ حسناته.

قوله عليه‌السلام : « وافسح له » في القاموس ، فسح له كمنع وسع وفي النهاية ، ومنه حديث عليعليه‌السلام اللهم افسح له مفسحا في عدلك : أي أوسع له سعة في دار عدلك.

والكلام في الفسحة كما تقدم في النوادر أو المراد عدم الضغطة.

قوله عليه‌السلام : « إن كان زاكيا فزكه » قال : في النهاية أصل الزكاة في اللغة الطهارة والنماء والبركة والمدح ، وكل ذلك قد استعمل في القرآن والحديث ، ثم قال : زكي الرجل نفسه : إذا وصفها وأثنى عليها انتهى ، وقال في الغريين : يزكون أنفسهم يزعمون أنهم أزكياء ، ونفسا زكيا : أي طاهرة لم تجن ما توجب قتلها ، وما زكي(١) أي ما ظهر ، وأوصاني بالصلاة والزكاة(٢) أي : الطهارة ، وذلكم أزكى لكم(٣) : أي أنمى وأعظم بركة ، قد أفلح من زكيها(٤)

__________________

(١) سورة النور ، الآية ٢١.

(٢) سورة مريم : الآية ٣١.

(٣) سورة البقرة : ٢٣٢.

(٤) سورة الشمس : ٩.

٥٥

فاغفر له ذنبه وارحمه وافسح له في قبره واجعله من رفقاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم تكبر الثانية وتقول : « اللهم إن كان زاكيا فزكه وإن كان خاطئا فاغفر له » ثم تكبر

أي قربها إلى الله ، وما عليك إلا يزكي(١) أي أن لا يسلم فيتطهر من الشرك انتهى.

أقول : فالمعنى أنه إن كان طاهرا من الشرك والذنب ، أو ناميا في الكمالات والسعادات فزكه أي أثن عليه ، كناية عن قبول أعماله ، أو قربة إليك ، أو طهره أكثر مما اتصف به أو بارك وزد عليه في ثوابه ، واجعل عمله ناميا مضاعفا والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « اللهم اكتبه عندك في عليين » (٢) إشارة إلى قوله تعالى «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ » قال في النهاية : فيه أن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين ، ( عليون ) اسم للسماء السابعة ، وقيل : اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد وقيل أرادا على الأمكنة وأشرف المراتب ، وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة انتهى.

أقول : لعل المراد اكتب وقدر عندك أنه من أهل عليين ، أو اكتب اسمه في عليين فإنه ديوان يكتب أسماء الأبرار والمقربين وأعمالهم فيه.

قوله عليه‌السلام : « واخلف على عقبه في الغابرين » اخلف بضم اللام وكسرها كما في الصحاح ، قال في النهاية : يقال خلف الله لك خلفا بخير ، وأخلف عليك خيرا ، أي أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه.

وقيل : إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد ، قيل : أخلف الله لك وعليك وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالبا كالأب والأم ، قيل : خلف الله عليك ، وقيل

__________________

(١) سورة عبس : ٧.

(٢) سورة المطفّفين الآية ١٨.

٥٦

الثالثة وتقول : « اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده » ثم تكبر الرابعة وتقول « اللهم اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله » ثم تكبر الخامسة وانصرف

يقال : خلف الله عليك إذا مات لك ميت أي كان الله خليفته عليك ، وأخلف الله عليك أي أبدلك ، ومنه حديث أبي الدرداء في الدعاء للميت « أخلف في عقبه » أي كن لهم بعده وقال في ـ غير ـ قال الأزهري يحتمل الغابر الماضي والباقي فإنه من الأضداد ، قال : والمعروف الكثير أن الغابر الباقي ، وقال غير واحد من الأئمة : إنه يكون بمعنى الماضي انتهى ، وقال في القاموس ، العقب الولد وولد الولد كالعقب ككتف.

أقول : يحتمل أن يكون قولهعليه‌السلام : « في الغابرين » بدلا من قولهعليه‌السلام : « على عقبه » أي كن خليفته في الباقين من عقبه فاحفظ أمورهم ومصالحهم ولا تكلهم إلى غيرك ، وأن يكون حالا من قوله ( عقبه ) أي كن خليفته فيهم كائنين في جملة الباقين من الناس وأن يكون صفة للمصدر المحذوف ، أي أخلف عليهم خلافة كائنة في أمر الباقين من الناس ، بأن تميل قلوب الناس إليهم وتجعلهم مقبولين بينهم يراعون أحوالهم وينفعونهم ولا يضرونهم ، وعلى الاحتمال الثاني أيضا يمكن أن يكون المراد هذا لا يخفى ، ويحتمل أن يكون حالا عن الفاعل في ( اخلف ) أي كن أنت الخليفة على عقبه بين سائر من بقي بعده ، وأن يكون حالا عن الضمير المجرور ويكون الغابر بمعنى الماضي أي حال كونه في جملة الماضين من الموتى فيكون الكلام مشتملا على نوع استعطاف.

قال : شيخنا البهائي (ره) لعل ( في ) للسببية ، والمراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميت انتهى.

أقول : لعل ، بعض ما ذكرنا من الاحتمالات أظهر مما ذكره (ره) والله يعلم.

٥٧

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير على الميت فقال خمس تقول في أوليهن : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم صل على محمد وآل محمد ثم تقول اللهم إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا وأنت أعلم بسريرته اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية وتفعل ذلك في كل تكبيرة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تكبر ثم تشهد ثم تقول «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » ، «الْحَمْدُ لِلَّهِ

الحديث الثالث : حسن. كالصحيح لمشاركة السند الضعيف مع الحسن وتأييده له ورواه الشيخ في الصحيح.

قوله عليه‌السلام : « إن هذا المسجى » قال في القاموس تسجية الميت تغطيته.

قوله عليه‌السلام : « في كل تكبيرة » ظاهره شمول الخامسة إلا أن يخصص بالأخبار الأخرى.

الحديث الرابع : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ثم تشهد » ظاهره الشهادتين.

قوله عليه‌السلام : «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » هذه كلمة أثنى الله تعالى على قائلها عند المصائب لدلالتها على الرضا بقضائه والتسليم لأمره ، فمعنى إنا لله إقرار له بالعبودية أي : نحن عبيد الله وملكه فله التصرف فينا بالموت والحياة والمرض والصحة والمالك على الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه واعتراض المملوك عليه من سفاهته وإنا إليه راجعون إقرار بالبعث والنشور وتسلية للنفس بأن الله تعالى عند رجوعنا

٥٨

رَبِّ الْعالَمِينَ » رب الموت والحياة صل على محمد وأهل بيته جزى الله عنا محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ من رسالات ربه ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه برحمتك اللهم ألحقه بنبيك وثبته «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ » اللهم اسلك

إليه يثيبنا على ما يصيبنا من المكاره والآلام أحسن الثواب كما وعدنا وينتقم لنا ممن ظلم علينا ، وفيه تسلية من جهة أخرى وهي أنه إذا كان رجوعنا جميعا إلى الله وإلى ثوابه فلا بأس بافتراقنا بالموت ولا ضرر على الميت أيضا ، فإنه انتقل من دار إلى دار أحسن من الأولى ورجع إلى رب كريم هو رب الآخرة والأولى.

وروي عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) أنه قال إن قولنا إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك وإنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلاك.

قوله عليه‌السلام : " خلا من الدنيا أي مضى منها ، والأيام الخالية : أي الماضية أو صار خاليا عاريا مما كان له من الدنيا وانقطعت حيلته عنها.

قوله عليه‌السلام : « وثبته بالقول الثابت إلخ » إشارة إلى قوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ »(١) : قال البيضاوي «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ » أي الذي ثبت بالحجة عندهم وتمكن في قلوبهم في الحياة الدنيا فلا يزالون إذا افتتنوا في دينهم كزكريا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين فتنهم أصحاب الأخدود وفي الآخرة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا يدهشهم أهوال القيامة وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر قبض روح المؤمن فقال : ثم يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

__________________

(١) سورة إبراهيم ٢٧.

٥٩

بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تكبر الثانية وتقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات.

فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ومحمد نبي ، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا »(١) .

أقول يشكل ما ورد في هذا الدعاء بأن حياته الدنيوية قد انقضت فما معنى الدعاء له بالثبات في الحياة الدنيا.

ويمكن أن يوجه بوجهين الأول : أن يكون الظرف متعلقا بالثابت ، أي : القول الثابت الذي لا يتبدل بتبدل النشأتين فإن العقائد الباطلة التابعة للأغراض الدنيوية والشهوات النفسانية تتبدل وتتغير في النشأة الآخرة لزوال دواعيها ، وفي الآية أيضا يحتمل ذلك وإن لم يذكره المفسرون.

الثاني : أن يكون المراد بالحياة الدنيا ما يقع قبل القيامة فيكون حياة القبر للسؤال داخلا في الحياة الدنيا ، على أنه يحتمل أن يكون ذكره على سبيل التبعية استطرادا لذكره في الآية ولعل ثاني الوجهين أظهر.

قوله عليه‌السلام : « اللهم أسألك بنا وبه سبيل الهدي » أي اجعلنا سالكين سبيلا يهدينا إلى ما يوجب لنا درجات الجنان واسلك به سبيلا يهديه ويوصله إلى الجنة في المحشر ، فسلوك سبيل الهدى في الدنيا موجب لسلوك سبيل الهدى في الآخرة كما ورد في الخبر في قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ »(٢) الآية إن المراد الهداية في الآخرة إلى الجنة ، رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادقعليه‌السلام ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد سبيل الهدى بالنسبة إليه سبيل أهل الهدى الذين يسلكونه إلى الجنة ، بأن يقدر المضاف على أحد التقديرين ، وكذا لكلام في الفقرة الثانية أي اهدنا إلى الصراط المستقيم في العقائد

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٢٧.

(٢) سورة يونس : ٩.

٦٠