مرآة العقول الجزء ١٤

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 277

مرآة العقول

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف: الصفحات: 277
المشاهدات: 24637
تحميل: 6536


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 277 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 24637 / تحميل: 6536
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 14

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فاغفر له ذنبه [ وارحمه ] وافسح له في قبره واجعله من رفقاء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ثمَّ تكبّر الثانية وتقول : « اللّهمّ إن كان زاكياً فزكه وإن كان خاطئا فاغفر له » ثمَّ تكبر

_________________________________________________

أيّ قربها إلى الله ، وما عليك إلّا يزكي(١) أيّ أن لا يسلم فيتطهر من الشرك انتهى.

أقول : فالمعنى أنه إن كان طاهراً من الشرك والذنب ، أو ناميا في الكمالات والسعادات فزكه أيّ أثن عليه ، كناية عن قبول أعماله ، أو قربة إليك ، أو طهره أكثر ممّا اتصفّ به أو بارك وزد عليه في ثوابه ، واجعل عمله ناميا مضاعفا والله يعلم.

قولهعليه‌السلام : « اللّهمّ اكتبه عندك في عليين» (٢) إشارة إلى قوله تعالى «كَلاَّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ » قال في النهاية : فيه أن أهل الجنّة ليتراؤون أهل عليين ، ( عليون ) اسم للسماء السابعة ، وقيل : اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع إليه أعمال الصالحين من العباد وقيل أرادا على الأمكنة وأشرف المراتب ، وأقربها من الله تعالى في الدار الآخرة انتهى.

أقول : لعلّ المراد اكتب وقدر عندك أنه من أهل عليين ، أو اكتب اسمه في عليين فإنه ديوان يكتب أسماء الأبرار والمقربين وأعمالهم فيه.

قولهعليه‌السلام : « واخلف على عقبه في الغابرين » اخلف بضم اللام وكسرها كما في الصحاح ، قال في النهاية : يقال خلف الله لك خلفاً بخير ، وأخلف عليك خيراً ، أيّ أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه.

وقيل : إذا ذهب للرجل ما يخلفه مثل المال والولد ، قيل : أخلف الله لك وعليك وإذا ذهب له ما لا يخلفه غالباً كالأب والأم ، قيل : خلف الله عليك ، وقيل

__________________

(١) سورة عبس : ٧.

(٢) سورة المطففين الآية ١٨.

٦١

الثالثة وتقول : « اللّهمّ لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده » ثمَّ تكبّر الرابعة وتقول « اللّهمّ اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله » ثمَّ تكبّر الخامسة وانصرف

_________________________________________________

يقال : خلف الله عليك إذا مات لك ميت أيّ كان الله خليفته عليك ، وأخلف الله عليك أيّ أبدلك ، ومنه حديث أبي الدرداء في الدعاء للميّت « أخلف في عقبه » أيّ كن لهم بعده وقال في - غير - قال الأزهري يحتمل الغابر الماضي والباقي فإنه من الأضداد ، قال : والمعروف الكثير أن الغابر الباقي ، وقال غير واحد من الأئمة : إنه يكون بمعنى الماضي انتهى ، وقال في القاموس ، العقب الولد وولد الولد كالعقب ككتف.

أقول : يحتمل أن يكون قولهعليه‌السلام : « في الغابرين » بدلا من قولهعليه‌السلام : « على عقبه » أيّ كن خليفته في الباقين من عقبه فاحفظ أمورهم ومصالحهم ولا تكلهم إلى غيرك ، وأن يكون حإلّا من قوله ( عقبه ) أيّ كن خليفته فيهم كائنين في جملة الباقين من الناس وأن يكون صفة للمصدر المحذوف ، أيّ أخلف عليهم خلافة كائنة في أمرّ الباقين من الناس ، بأن تميل قلوب الناس إليهم وتجعلهم مقبولين بينهم يراعون أحوالهم وينفعونهم ولا يضرونهم ، وعلى الاحتمال الثاني أيضاً يمكن أن يكون المراد هذا لا يخفى ، ويحتمل أن يكون حإلّا عن الفاعل في ( اخلف ) أيّ كن أنت الخليفة على عقبه بين سائر من بقي بعده ، وأن يكون حإلّا عن الضمير المجرور ويكون الغابر بمعنى الماضي أيّ حال كونه في جملة الماضين من الموتى فيكون الكلام مشتملا على نوع استعطاف.

قال : شيخنا البهائي (ره) لعلّ ( في ) للسببيّة ، والمراد الدعاء بجعل الباقين من أقارب عقبه عوضا لهم عن الميّت انتهى.

أقول : لعلّ ، بعض ما ذكرنا من الاحتمالات أظهر ممّا ذكره (ره) والله يعلم.

٦٢

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير على الميّت فقال خمس تقول في أوليهن : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد ثمَّ تقول اللّهمّ إن هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللّهمّ إنا لا نعلم من ظاهره إلّا خيراً وأنت أعلم بسريرته اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه وإن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته ثمَّ تكبّر الثانية وتفعل ذلك في كلّ تكبيرة.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تكبّر ثمَّ تشهد ثمَّ تقول «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » ، «الْحَمْدُ لِلَّهِ

_________________________________________________

الحديث الثالث : حسن. كالصحيح لمشاركة السنّد الضعيف مع الحسن وتأييده له ورواه الشيخ في الصحيح.

قولهعليه‌السلام : « إن هذا المسجى » قال في القاموس تسجية الميّت تغطيته.

قولهعليه‌السلام : « في كلّ تكبيرة » ظاهره شمول الخامسة إلّا أن يخصص بالأخبار الأخرى.

الحديث الرابع : حسن.

قولهعليه‌السلام : « ثمَّ تشهد » ظاهره الشهادتين.

قولهعليه‌السلام : «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ » هذه كلمة أثنى الله تعالى على قائلها عند المصائب لدلالتها على الرضا بقضائه والتسليم لأمره ، فمعنى إنا لله إقرار له بالعبودية أيّ : نحن عبيد الله وملكه فله التصرف فينا بالموت والحياة والمرض والصحة والمالك على الإطلاق أعلم بصلاح مملوكه واعتراض المملوك عليه من سفاهته وإنا إليه راجعون إقرار بالبعث والنشور وتسلية للنفس بأن الله تعالى عند رجوعنا

٦٣

رَبِّ الْعالَمِينَ » رب الموت والحياة صل على محمّد وأهل بيته جزى الله عنا محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ من رسالات ربه ثمَّ تقول اللّهمّ عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللّهمّ إنا لا نعلم منه إلّا خيراً وأنت أعلم به اللّهمّ إن كان محسناً فزد في إحسانه وتقبّل منه وإن كان مسيئاً فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه برحمتك اللّهمّ ألحقه بنبيك وثبته «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ » اللّهمّ اسلك

_________________________________________________

إليه يثيبنا على ما يصيبنا من المكاره والآلام أحسن الثواب كما وعدنا وينتقم لنا ممن ظلم علينا ، وفيه تسلية من جهة أخرى وهي أنه إذا كان رجوعنا جميعاً إلى الله وإلى ثوابه فلا بأس بافتراقنا بالموت ولا ضرر على الميّت أيضاً ، فإنه انتقل من دار إلى دار أحسن من الأولى ورجع إلى ربّ كريم هو رب الآخرة والأولى.

وروي عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) أنه قال إن قولنا إنا لله إقرار على أنفسنا بالملك وإنا إليه راجعون إقرار على أنفسنا بالهلاك.

قولهعليه‌السلام : " خلا من الدنيا أيّ مضى منها ، والأيام الخالية : أيّ الماضية أو صار خالياً عاريا ممّا كان له من الدنيا وانقطعت حيلته عنها.

قولهعليه‌السلام : « وثبته بالقول الثابت إلخ » إشارة إلى قوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ »(١) : قال البيضاوي «بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ » أيّ الذي ثبت بالحجّة عندهم وتمكن في قلوبهم في الحياة الدنيا فلا يزالون إذا افتتنوا في دينهم كزكريّا ويحيى وجرجيس وشمعون والذين فتنهم أصحاب الأخدود وفي الآخرة فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف ولا يدهشهم أهوال القيامة وروي أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر قبض روح المؤمن فقال : ثمَّ يعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه في قبره فيقولان له من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟

__________________

(١) سورة إبراهيم ٢٧.

٦٤

بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللّهمّ عفوك عفوك ثمَّ تكبّر الثانية وتقول مثل ما قلت حتّى تفرغ من خمس تكبيرات.

_________________________________________________

فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ومحمّد نبي ، فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلكقوله تعالى «يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا »(١) .

أقول يشكلّ ما ورد في هذا الدعاء بأن حياته الدنيوية قد انقضت فما معنى الدعاء له بالثبات في الحياة الدنيا.

ويمكن أن يوجه بوجهيّن الأول : أن يكون الظرف متعلقا بالثابت ، أيّ : القول الثابت الذي لا يتبدل بتبدل النشأتين فإن العقائد الباطلة التابعة للأغراض الدنيوية والشهوات النفسانية تتبدل وتتغير في النشأة الآخرة لزوال دواعيها ، وفي الآية أيضاً يحتمل ذلك وإن لم يذكره المفسرون.

الثاني : أن يكون المراد بالحياة الدنيا ما يقع قبل القيامة فيكون حياة القبر للسؤال داخلا في الحياة الدنيا ، على أنه يحتمل أن يكون ذكره على سبيل التبعية استطرادا لذكره في الآية ولعلّ ثاني الوجهيّن أظهر.

قولهعليه‌السلام : « اللّهمّ أسألك بنا وبه سبيل الهدي » أيّ اجعلنا سالكين سبيلا يهدينا إلى ما يوجب لنا درجات الجنان واسلك به سبيلا يهديه ويوصله إلى الجنّة في المحشر ، فسلوك سبيل الهدى في الدنيا موجب لسلوك سبيل الهدى في الآخرة كما ورد في الخبر في قوله تعالى «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ »(٢) الآية إن المراد الهداية في الآخرة إلى الجنّة ، رواه عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادقعليه‌السلام ، ويحتمل على بعد أن يكون المراد سبيل الهدى بالنسبة إليه سبيل أهل الهدى الذين يسلكونه إلى الجنّة ، بأن يقدر المضاف على أحد التقديرين ، وكذا لكلام في الفقرة الثانية أيّ اهدنا إلى الصراط المستقيم في العقائد

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٢٧.

(٢) سورة يونس : ٩.

٦٥

٥ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس قال سألت الرضاعليه‌السلام قلت جعلت فداك إن الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميّت في التكبيرة الأولى ولا يرفعون فيما بعد ذلك فأقتصر على التكبيرة الأولى كما يفعلون أو أرفع يدي في كلّ تكبيرة فقال ارفع يدك في كلّ تكبيرة.

٦ - عليّ بن محمّد ، عن عليّ بن الحسن ، عن أحمد بن عبد الرحيم أبي الصخر ، عن إسماعيل بن عبد الخالق بن عبد ربه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصلاة على الجنائز

_________________________________________________

والأعمال ، واهده إلى صراط الآخرة الموصل إلى الجنّة ، ويحتمل في الفقرتين أن يكون المراد سبيل الهدى والصراط المستقيم في الآخرة بالنسبة إلينا وإليه معاً فإن طلب هدايتنا في الآخرة إلى ذلك السبيل ، والصراط يستلزم طلب ، يوصل إليهما ويوجبهما في الدنيا والله يعلم.

قولهعليه‌السلام : « عفوك عفوك بالنصب » أيّ اطلبه ، ويحتمل الرفع بتقدير الخبر.

الحديث الخامس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام « إن الناس » أيّ العامة.

أقول أجمع العلماء كافة على استحباب رفع اليدين في التكبيرة الأولى ، واختلفوا في البواقي فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية والمبسوط ، والمفيد والمرتضى وابن إدريس إلى أنه غير مستحب ، وبه قال مالك والثوري وأبو حنيفة من علماء العامّة ، وقال : الشيخ في كتابي الأخبار يستحبّ رفع اليدين في كلّ تكبيرة ، ومال إليه جماعة من المتأخرين كالعلامة والمحقّق ، وذهب إليه جماعة من العامّة ، واختلف أخبارنا في ذلك ، ويظهر من هذا الخبر أن أخبار النفي مجمولة على التّقية كما فعله الشيخ والله يعلم.

الحديث السادس : مجهول. ولا يبعد أن يكون بن عبد ربه فصحف بعن.

٦٦

تقول اللّهمّ أنت خلقت هذه النفس وأنت أمتها تعلم سرها وعلانيتها أتيناك شافعين فيها فشفعنا اللّهمّ ولها من تولت واحشرها مع من أحبت.

_________________________________________________

قولهعليه‌السلام : « فشفعنا » كذا في بعض النسخ وهو الظاهر ، وفي بعضها ( شفعنا ) وفي بعضها ( شفعاء ) على صيغة الجمع فيكون تأكيدا ، وعلى الأولين أمرّ من باب التفعيل ، أيّ أقبل شفاعتنا فيه.

قال في القاموس : شفعته فيه تشفيعا حتّى شفع كمنع شفاعة قبلت شفاعته.

قولهعليه‌السلام : « ولها من تولت » أيّ اجعل ولى أمرّ هذه النفس من كانت تتولاه في الدنيا ، ومن اتخذته وليّها وإمامها ، أو أحبته من الأئمة الطاهرينعليهم‌السلام إن كان مؤمنا ، وأعدائهم إن كان منافقا ، قال : في النهاية ( لنولينك ما توليت ) أيّ نكلّ إليك ما قلت ونرد إليك ما وليته نفسك ورضيت لها به انتهى ، وفي بعض النسخ ( ما تولت ) فيمكن أن تكون ما استعملت في موضع من وكثيرا ما تقع وأن يكون المراد العقائد والمذاهب فيرجع إلى الأول.

وأما الأعمال فلا يناسب مقام الدعاء والشفاعة كما لا يخفى.

قولهعليه‌السلام : « واحشرها » أيّ أجمعها كما هو أصل معنى الحشر ، أو ابعثها في القيمة معهم ليصيروا سبباً لنجاته من أهوالها.

تذنيب قال : العلامة في المنتهى لو لم يعرف الميّت ، لم يقل اللّهمّ إنا لا نعلم منه إلّا خيراً لأنه يكون كذبا ، بل يقول : ما رواه الشيخ عن ثابت أبي المقدام.

وذكر قريباً من الدعاء الذي ذكر في هذا الخبر.

أقول الظاهر أن مراده من لا يعرفه بالإيمان كما يدلّ عليه كلامه بعد ذلك.

٦٧

(باب)

(أنه ليس في الصلاة دعاء موقت وأنه ليس فيها تسليم )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن محمّد بن مسلم وزرارة ومعمرّ بن يحيى وإسماعيل الجعفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ليس في الصلاة على الميّت قراءة ولا دعاء موقت تدعو بما بدا لك وأحق الموتى أن يدعى له المؤمن وأن يبدأ بالصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

_________________________________________________

باب أنه ليس في الصلاة دعاء موقت وأنه ليس فيها تسليم

الحديث الأول : حسنة الفضلاء.

قولهعليه‌السلام : ليس في الصلاة على الميّت قراءة ولا دعاء موقت" إلخ. يدلّ على عدم القراءة فيها ، ولا خلاف فيه بين علمائنا ، ووافقنا على ذلك من العامّة الثوري والأوزاعي ومالك وأبو حنيفة ، وقال : الشافعي وأحمد وإسحاق وداود تجب فاتحة الكتاب ، وظاهره لزوم الدعاء وعدم تعين دعاء مخصوص كما هو مختار الأكثر ، وقد مرّ الكلام فيه.

وربمّا يقال هذا لا ينافي كون أحد الأدعية المنقولة واجباً ولا يخفى ما فيه.

قولهعليه‌السلام : « وأحق الموتى أن يدعى له المؤمن » أيّ الدعاء للمؤمن الخالص أو كلّ مؤمن أهم من الدعاء للمستضعف ولمن لا يعرف حاله أو للفاسق على الأول ، والتعميم أولى لأن احتياج الفاسق إلى الشفاعة أكثر.

و قولهعليه‌السلام : وأن يبدأ يمكن عطفه على قوله إن يدعى أيّ : وأحق الموتى أن يبدأ في الصلاة عليه بالصلاة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المؤمن ، ويمكن أن يقدر فيه فعل ، أيّ يلزم أن يبدأ أو مبتدأ ، أيّ : أحق ما يبدأ به وأن يكون معطوفاً على المعنى فإن الجملة السابقة في قوة ينبغي أن يدعى فتدبر.

٦٨

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن سنان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن الحلبي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ليس في الصلاة على الميّت تسليم.

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي وزرارة ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالاً ليس في الصلاة على الميّت تسليم.

(باب)

(من زاد على خمس تكبيرات )

١ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن

_________________________________________________

الحديث الثاني : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « ليس في الصلاة » إلخ يدلّ بعمومه على عدم شرعية السلم فيها لا وجوباً ولا استحبابا ، وقد مرّ الكلام فيه في باب جنائز الرّجال والنساء.

الحديث الثالث : حسن والكلام فيه كما تقدم.

باب من زاد على خمس تكبيرات

اختلف الأصحاب في تكرار الصلاة على الجنازة الواحدة مرتين ، فقال : العلامة في المختلف المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميّت ، وقيد ابن إدريس بالصلاة جماعة لتكرار الصحابة الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرادى ، وقال : الشيخ في الخلاف من صلّى على جنازة يكره له أن يصلّي عليها.

ثانياً : وهو يشعر باختصاص الكراهة بالمصلي المتحد وربمّا ظهر من كلامه في الاستبصار ، استحباب التكرار من المصلّي الواحد وغيره ، وظاهرهم الاتفاق على الجواز والأخبار في ذلك مختلفة ، ثمَّ اعلم أنه ينبغي حمل كلام المصنف في العنوان على تكرار الصلاة لا على الزيادة على الخمس في الصلاة الواحدة كما يوهمه ظاهر عبارته ، فإنّه لا خلاف في عدم شرعيتها ، قال : في التذكرة ( لا ينبغي الزيادة على الخمس ) لأنها منوطة بقانون الشرع ، ولم ينقل الزيادة وما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

٦٩

مثنى بن الوليد ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة سبعين صلاة.

٢ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كبّر أمير المؤمنين صلوات الله عليه على سهل بن حنيف

_________________________________________________

من أنه كبّر على حمزة سبعين تكبيرة ، وعن عليّعليه‌السلام أنه كبّر على سهل بن حنيف خمساً وعشرين تكبيرة إنّما كان في صلوات متعددة انتهى.

الحديث الأول : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « سبعين صلاة » لعلّ المراد بالصلاة التكبير مجازا تسمية للجزء باسم الكلّ ، أو المراد بالصلاة الدعاء وأطلق على التكبير مجازا تسمية للملزوم باسم ما يلزمه غالباً ، أو المراد بها الدعاء بأن يكونصلى‌الله‌عليه‌وآله دعى له عقيب الخامسة أيضاً ، كما يظهر من بعض الأخبار ، وإنما حملنا على تلك الوجوه لما سيأتي من خبر أبي بصير ، وروى الشيخ في الحسن عن إسماعيل بن جابر وزرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال صلّى عليه سبعين صلاة وكبّر علية سبعين تكبيرة.

واستدلّ القائلون بعدم كراهة التكرار بهذا الخبر.

وأجيب بأنه يمكن أن يكون لفضل حمزة ومناقبه ، وبأنه يمكن أن يكون بعد الصلاة عليه أو في أثنائها يؤتى بالشهداء فيوضع معه فيصلّي عليهم ويشركه معهم في الدعاء إلى أن انتهت إلى سبعين ، وبأن هذا ورد في تكرار الإمام فلا يمكن الاستدلال به على العموم.

الحديث الثاني : حسن.

قولهعليه‌السلام : « على سهل بن حنيف » إلخ.

الكلام فيه كالكلام فيما تقدّم استدلالاً وجواباً ، ويؤيد الاختصاص هنا ما رواه الشيخ بسند فيه جهالة عن عقبة عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : أما بلغكم إن

٧٠

وكان بدريا خمس تكبيرات ثمَّ مشى ساعة ثمَّ وضعه وكبّر عليه خمسة أخرى فصنع ذلك حتّى كبّر عليه خمساً وعشرين تكبيرة.

_________________________________________________

رجلاً صلّى عليه عليّعليه‌السلام فكبّر عليه خمساً حتّى صلّى عليه خمس صلوات يكبّر في كلّ صلاة خمس تكبيرات؟ قال : ثمَّ قال : إنّه بدري ، عقبي ، إحدى وكان من النقباء الذين اختارهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الاثني عشر ، فكانت له خمس مناقب فصلّى عليه لكلّ منقبة صلاة.

أقول يمكن أن يكون الخمس بضم الإيمان إلى الأربع لأن الإيمان يكفي لصلاة واحدة كما في سائر المؤمنين فأضيفت الأربع الأخر لأربع مناقب ، ويمكن أن يكونعليه‌السلام عد كونه عقيبا خصلتين لحضوره في العقبة الأولى وفي الثانية معاً فكانت له بيعتان فكلّ منها منقبة ، ويحتمل ترك ذكر خصلة واحدة وهو بعيد ، وفي هذا الخبر المذكور في المتن أيضاً إشعار بالاختصاصل قولهعليه‌السلام وإن كان بدرياً وقال : العلامة في المختلف إن حديث سهل بن حنيف مختص بذلك الشخص إظهاراً لفضله كما خص النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عمه حمزة بسبعين تكبيرة.

وفي كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام في نهج البلاغة ما يدلّ على ذلك قال : بعض أفاضل المتأخرين وكيف كان ، فينبغي القطع بكراهة التكرار من المصلّي الواحد لغير الإمام بل يمكن القول بعدم مشروعيته لعدم ثبوت التعبد به ، أما الإمام فلا يبعد الحكم بأنّه يستحبّ له الإعادة بمن لم يصل للتأسي وانتفاء ما ينهض حجّة على اختصاص الحكم بذلك الشخص انتهى ، والمسألة قوية الإشكال وإن كان القول بالاستحباب مطلقاً لا يخلو من قوة لاحتمال أن يكون النهي عن التكرار محمولاً على التّقية لاشتهاره بين العامة.

قال في المنتهى : ولو صلّى على جنازة قال : الشيخ كره له أن يصلّي عليها ثانياً وبه قال عليّعليه‌السلام وابن عمر ، وعائشة وأبو موسى ، وذهب إليه الأوزاعي وأحمد والشافعي ومالك وأبو حنيفة انتهى ، فظهر أن المشهور بينهم الكراهة وإن

٧١

٣ - محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حمزة سبعين تكبيرة وكبّر عليّعليه‌السلام عندكم على سهل بن حنيف خمساً وعشرين تكبيرة قال كبّر خمساً خمساً كلما أدركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على سهل فيضعه فيكبّر عليه خمساً حتّى انتهى إلى قبره خمس مرات.

(باب)

(الصلاة على المستضعف وعلى من لا يعرف )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف الصلاة على

_________________________________________________

نسبوه إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه أيضاً والله يعلم.

الحديث الثالث : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « كلما أدركه الناس ».

أقول : هذا الخبر يدلّ على أنه يجوز للإمام تكرار الصلاة لا مطلقاً ، إذ ليس في الخبر أن المأمومين الذين صلوا أوّلاً ، كرروا الصلاة معهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

باب الصلاة على المستضعف وعلى من لا يعرف

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام : « الصلاة على المستضعف » أقول فسر ابن إدريس المستضعف بمن لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ، ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم وعرفه في الذكرى : بأنه الذي لا يعرف الحق ولا يعاند فيه ولا يوالي أحدا بعينه ، وحكي عن المفيد في الغرية أنه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء ويتوقف عن البراءة ، ويظهر من بعض الأخبار أن المراد بهم ضعفاء العقول ، وأشباه الصبيان ممن لهم

٧٢

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والدُّعاء للمؤمنين والمؤمنات تقول ربنا اغفر «لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » إلى آخر الآيتين.

_________________________________________________

حيرة في الدين ولا يعاندون أهل الحق ، ثمَّ إن هذا الخبر يخالف ما ذكر الأكثر بوجوه.

الأول : أنّهم ذكروا الآية للمستضعف عقيب الرابعة وظاهر الخبر أنه يقرأ في كلّ تكبيرة.

الثاني : أنّهم ذكروا الآية فقط ، وهذا الخبر يدلّ على الصلاة والدعاء للمؤمنين معها.

الثالث : أنّهم ذكروا للمستضعف الآية ولمن لا يعرف أن يسأل الله أن يحشره مع من كان يتولاه ، لكن يدلّ على الأخير أخبار آخر والأجود القول بالتخيير بين ما ورد فيهما في الأخبار ، ويمكن توجيه الأول بأن القوم حملوا هذا الخبر على القراءة في الرابعة لعموم الخبر الدال على ما يقرأ في سائر التكبيرات ويضعف بما قد عرفت من أن ظاهر أكثر الأخبار المعتبرة عدم الاختلاف في أدعية التكبيرات وتوجيه الثاني بأنّهم حملوا الصلاة على الثانية والدعاء للمؤمنين على الثالثة والآية على الرابعة وترك الشهادتان للظهور ولا يخفى وهنه ثمَّ اعلم : أن الظاهر أن المراد بمن لا يعرف مذهبه ولو كان من أهل بلد يعلم إيمان أهلها أجمع فهذا كاف في إلحاقه بهم بل لو كان الأغلب فيهم الإيمان لا يبعد الإلحاق والله يعلم.

قولهعليه‌السلام : " إلى آخر الآيتين" بعد ذلك قوله تعالى" «رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ »(١) «" وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ »(٢) " فيحتمل أن يكون المراد آيتين بعد هذه الآية أيّ إلى قوله" العظيم" أو آية أخرى

__________________

(١) سورة غافر ٨.

(٢) سورة غافر ٩.

٧٣

٢ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرّ بن أذينة ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إذا صلّيت على المؤمن فادع له واجتهد له في الدعاء وإن كان واقفا مستضعفاً فكبّر وقل اللّهمّ اغفر «لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ ».

٣ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن كان مستضعفاً فقل اللّهمّ اغفر «لِلَّذِينَ تابُوا

_________________________________________________

ليكون مع ما ذكره آيتين فيكون إلىقوله « الحكيم » والأحوط الأول ، ولعلّه أظهر أيضاً لمناسبتهما لذلك والكون ما أوردعليه‌السلام آية ناقصة من أولها.

الحديث الثاني : حسن ، ويدلّ على الاجتهاد والسعي والاهتمام للدعاء للمؤمن ويدلّ على جواز الاكتفاء ببعض الآية كما ذهب إليه الأصحاب فيكون الزيادة التي اشتمل عليها الخبر الأول سابقا ولا حقا محمولة على الاستحباب والفضل.

الحديث الثالث : حسن. ويدلّ على التفصيل والفرق بين المستضعف ومن لا يعرف في الدعاء.

قولهعليه‌السلام « وإن كان المستضعف منك بسبيل » السبيل في الأصل الطريق ثمَّ يستعار لكلّ ما يصير سبباً لاختصاص وارتباط بين الأمرين أو شخصين من قرابة أو مودة أو خلطة أو نحو ذلك.

وقولهعليه‌السلام « بسبيل » خبر كان :

وقولهعليه‌السلام منك حال عن السبيل ومن فيه ابتدائية أيّ كان المستضعف بسبيل حال كون ذلك السبيل مبتدأ منك من قرابة أو مودة أو يد أو منة له عليك أو جوار فاستغفر له على وجه الشفاعة لا على وجه الولاية : أيّ تشفع له على أنه أحد من آحاد الناس وتترحم عليه لا على وجه المودة والمحبة فإنّه لا يجوز مودة

٧٤

وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » وإذا كنت لا تدري ما حاله فقل اللّهمّ إن كان يحبّ الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه وإن كان المستضعف منك بسبيل فاستغفر له على وجه الشفاعة لا على وجه الولاية.

٤ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الترحم على جهتين جهة الولاية وجهة الشفاعة.

٥ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن رجل ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تقول أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمّداً رسول الله اللّهمّ صل على محمّد عبدك ورسولك اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد وتقبل

_________________________________________________

غير المؤمنين وإظهارها عند الله وعند الخلق ، كما قال تعالى «لا تَجِدُ قوماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوأنّهم أَوْ عَشِيرَتَهُمْ »(١) فيدلّ على جواز الدعاء لهم على وجه الشفاعة ، وعلى أنّه يمكن نجاتهم بفضل الله تعالى كما يدلّ عليه أخبار كثيرة ويحتمل أن يكون المراد بقوله ( على وجه الشفاعة ) عدم الاهتمام في الدعاء والختم فيه ، بل على سبيل الترديد كما هو ظاهر الأدعية لا على وجه الولاية والمودة فإن المودة موجبة للاهتمام والعزم والحتم في الدعاء كما ورد في الأدعية المقرّرة للمؤمنين ، أو المراد بقوله على وجه الولاية ، على أنه من أهل الولاية للأئمةعليهم‌السلام ومن المؤمنين بأن يشهد بإيمانه بل يقول على الترديد والتفصيل أو يدعو للمؤمنين على الإجمال والله يعلم.

الحديث الرابع : مرسل وقد مرّ تفسيره.

الحديث الخامس : مرسل.

قولهعليه‌السلام : « وبيض وجهه » أيّ نور وجهه الظاهر أنه كناية عن سروره

__________________

(١) سورة المجادلة : ٢٢.

٧٥

شفاعته وبيض وجهه وأكثر تبعه اللّهمّ اغفر لي وارحمني وتب عليّ اللّهمّ اغفر «لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ » فإن كان مؤمنا دخل فيها وإن كان ليس بمؤمن خرج منها.

٦ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الله بن غالب ، عن ثابت أبي المقدام قال كنت مع أبي جعفرعليه‌السلام فإذا بجنازة لقوم من جيرته فحضرها وكنت قريباً منه فسمعته يقول : اللّهمّ إنك أنت خلقت هذه النفوس وأنت تميتها وأنت تحييها وأنت أعلم بسرائرها وعلانيتها منا ومستقرها و

_________________________________________________

وظهور علو قدره في القيمة وقبول شفاعتهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قولهعليه‌السلام « وأكثر تبعه » بفتحتين. أيّ أتباعه ، قال الجوهري : التبع يكون واحداً وجمعاً.

قولهعليه‌السلام « فإن كان مؤمناً » يدلّ على أن هذا الدعاء لمن لا يعرف حاله وظاهره كالأخبار السالفة قراءة الدعاء في كلّ تكبير.

الحديث السادس : ضعيف.

قولهعليه‌السلام : « ومستقرها ومستودعها» (١) بالجر فيهما على قوله بسرائرها أيّ أنت أعلم بمستقرها ومستودعها منا ، أو بالرفع بتقدير الخبر أيّ مستقرها ومستودعها في علمك أو بيدك أو بتقديرك ، والأول أظهر وهو مأخوذ من قوله تعالى «وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إلّا عَلَى اللهِ رِزْقُها وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها » قال في مجمع البيان : أيّ يعلم موضع قرارها والموضع الذي أودعها فيه ، وهو أصلاب الإباء وأرحام الأمهات ، وقيل مستقرها حيث تأوي إليه من الأرض ومستودعها حيث تموت وتبعث منه عن ابن عباس والربيع ، وقيل مستقرها : ما تستقر عليه ومستودعها ما تصير إليه انتهى.

أقول : يحتمل أن يكون المراد بالمستقر الجنّة أو النار وبالمستودع ما يكون

__________________

(١) سورة : هود ٦.

٧٦

مستودعها اللّهمّ وهذا عبدك ولا أعلم منه شرا وأنت أعلم به وقد جئناك شافعين له بعد موته فإن كان مستوجباً فشفعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه.

(باب)

(الصلاة على الناصب )

١ - عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما مات عبد الله بن أبي بن سلول حضر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________________________________

فيه في عالم البرزخ ، أو يكون المراد بالمستقر الأجساد الأصلية وبالمستودع الأجساد المثالية ، ويمكن أن يكون المراد بالمستقر الذي استقر فيه الإيمان ، وبالمستودع الذي أعير الإيمان ثمَّ سلب منه كما ورد في تفسيرقوله تعالى «فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ »(١) أيّ تعلم من الأرواح ما هو مستقر وما هو مستودع ولا نعلم أن هذه النفس من المستقرين فيكون قد مات على الإيمان أو من المستودعين فيكون قد مات على الكفر وسلب الإيمان ، ثمَّ أقول : ذكر الأصحاب هذا الدعاء لمن لا يعرف حاله وهو الظاهر منه لكن يبعد منهعليه‌السلام أن لا يعرف حال الناس خصوصا من كان من جيرانه ، إلّا أن يقال قرأهعليه‌السلام ذلك لتعليم الأصحاب ، ويحتمل أن يكون الميّت مستضعفاً ، ويمكن القول بعموم هذا الدعاء للصلاة على جميع الأموات ويؤيد ما ذكرنا من أخير الاحتمالات لكن ما فهمه القوم العمل به أولى وأحوط.

باب الصلاة على الناصب

قد ذكرنا سابقاً حكم الصلاة على غير المؤمن.

فاعلم : أنه قد يطلق الناصب على مطلق المخالف غير المستضعف كما هو الظاهر من كثير الأخبار ، وقد يطلق ويراد به من نصب العداوة لأهل البيتعليهم‌السلام ، وهذا

__________________

(١) سورة الأنعام ، ٩٨.

٧٧

جنازته فقال عمرّ لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره

_________________________________________________

كافر لا يجوز الصلاة عليه لأنّه منكر لما علم من دين الإسلام ضرورة ، وظاهر الأصحاب أنه لا خلاف بينهم فيه ، وإنّما الخلاف في المخالف الذي لم ينكر ضروريا من ضروريات دين الإسلام.

قال الشهيد : (ره) في الذكرى : واحترزنا بالمسلم عن الكافر فلا يصلّي عليه لقوله تعالى «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً »(١) ولا فرق بين الأصلي والمرتد والذمي والحربي للعموم ، ثمَّ قال : ولو وجد ميت لا يعلم إسلامه ، الحق بالدار إلّا أن يغلب الظن على إسلامه في دار الكفر لقوة العلامة فيصلّي عليه ، وأما القرعة فاستعمالها فيه ضعيف ، ثمَّ قال : والمراد بالمسلم من أظهر الشهادتين ولم يجحد ما علم ثبوته من الدين ضرورة ، فيصلّي على غير الناصب والغالي لعموم السالف ، ولخبر طلحة بن زيد عن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام صل على من مات من أهل القبلة وحسابه على الله.

وقال ابن الجنيد : يصلّي على سائر أهل القبلة ممن لم يخرج منها لقول وفعل.

وقال أبو الصلاح : لا يجوز الصلاة على المخالف لجبر أو تشبيه أو اعتزال أو خارجية أو إنكار إمامة إلّا لتقية ، فإن فعل لعنه بعد الرابعة.

وقال المفيد : ولا يجوز أن يغسل مخالف للحق في الولاء ولا يصلّي عليه إلّا أن يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التّقية فلعنه في صلاته مع أنه جوز الصلاة على المستضعف.

وشرط سلار في الغسل اعتقاد الميّت للحق ، ويلزمه ذلك في الصلاة ، وابن إدريس قال : لا تجب الصلاة إلّا على المعتقد للحق ومن بحكمه كابن ست أو المستضعف

__________________

(١) سورة التوبة : ٨٤.

٧٨

فسكت فقال يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره فقال له ويلك وما يدريك ما قلت إني قلت : اللّهمّ احش جوفه نارا واملأ قبره نارا وأصله نارا

_________________________________________________

محتجاً بكفر غير الحق ، والشيخ وابن البراج لم يصرحا بغير لعنة الناصب لكن قال : في باب الصلاة من المبسوط لا يصلّي على الباغي لكفره ، وكذا قال : في أهل البغي من المبسوط لا يصلّى على الباغي لكفره ، وأما في هذا الباب من الخلاف فأوجب الصلاة على الباغي محتجا بالعمومات ، ونقل ابن إدريس عن الشيخ إيجاب الصلاة على أهل القبلة انتهى.

أقول : الظاهر إن مراد المصنف بالناصب المعنى الأعم ، ويحتمل الأخص.

الحديث الأول : حسن.

قولهعليه‌السلام : « إن تقوم على قبره » أيّ للدعاء إشارة إلى قوله تعالى «وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ أنّهم كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ »(١) وظاهرها يدلّ على عدم جواز الصلاة في وقت من الأوقات على أحد من الكفار الذين ماتوا على كفرهم ، وكذا الوقوف على قبورهم للدعاء لهم ، وإن علة ذلك هو الكفر.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « ويلك » قال الجوهري : « ويل » كلمة مثل ويح إلّا أنّها كلمة عذاب يقال : ويله وويلك وويلي ، قال عطاء بن يسار : الويل واد في جهنم لو أرسلت فيه الجبال لماعت من حره.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « وما يدريك » أيّ ما يعلمك وكيف علمت ما قلت أيّ لا تدري.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « اللّهمّ احش » بضم الشين أيّ املأ.

قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله « وأصله ناراً » قال الجوهري : صلّيت اللحم وغيره أصلية صلياً مثال رميته رمياً أيّ إذا شويته.

__________________

(١) سورة التوبة : ٨٤.

٧٩

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام فأبدى من رسول الله ما كان يكره.

٢ - عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعليّ بن إبراهيم ، عن أبيه جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن زياد بن عيسى ، عن عامرّ بن السمط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رجلاً من المنافقين مات فخرج الحسين بن عليّ صلوات الله عليه يمشي معه فلقيه مولى له فقال له الحسينعليه‌السلام أين تذهب يا فلان قال فقال له مولاه أفر من جنازة هذا المنافق أن أصلي عليها فقال له الحسينعليه‌السلام انظر أن تقوم على يميني فما

_________________________________________________

ويقال أيضاً صلّيت الرجل ناراً إذا أدخلته النار وجعلته يصلاها فإن ألقيته فيها إلقاء كأنك تريد الإحراق ، قلت : أصليته بالألف وصليته تصلية وقرئ ويصلّي سعيرا ومن خفف فهو من قولهم صلّى فلان النار بالكسر يصلّي صليّاً احترق قال الله تعالى «هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا »(١) انتهى.

أقول : ظهر ممّا نقلنا أنه يجوز إن يقرأ بالوصل والقطع ، وعلى التقديرين اللام مكسور.

قولهعليه‌السلام : « فأبدى » قال الجوهري : « أبديت الأمرّ » أظهرته.

أقول يدلّ على كفر هذا الزنديق لأنه بإبرامه وجسارته وكفره وعناده صار سبباً لظهور أمرّ منهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان الصلاح في إخفائه لو لم يكن هذا الإبرام ، ثمَّ أقول : قد مرّ الكلام منا في سبب الصلاة عليهم فلا نعيده.

الحديث الثاني : مجهول بعامر.

قولهعليه‌السلام : « مولى له » أيّ معتقه ، أو شيعته ومحبة.

قولهعليه‌السلام : « انظر » كناية عن التأمل والتدبير في ذلك.

قولهعليه‌السلام : « قال الحسينعليه‌السلام الله أكبّر » ظاهره أنه لم يكتف باللعن عليه بل أوقع صورة الصلاة عليه إما تقية كما هو الظاهر ، أو للزوم الصلاة عليه كما

__________________

(١) سورة مريم : ٧٠.

٨٠