مرآة العقول الجزء ١٧

مرآة العقول14%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 417

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27568 / تحميل: 5077
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ١٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

عليكما ولكن الله «لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ » يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض ليؤنسوك ويطوفوا حول أركان البيت المعمور والخيمة سألوا الله أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله ـ كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور فأوحى الله عز وجل إلي أن أنحيك وأرفع الخيمة فقال آدم قد رضينا بتقدير الله ونافذ أمره فينا فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا وحجر من المروة وحجر من طور سيناء وحجر من جبل السلام وهو ظهر الكوفة وأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله عز وجل من مواضعهن بجناحه فوضعها حيث أمر الله عز وجل في أركان البيت على قواعده التي قدرها الجبار ونصب أعلامها ثم أوحى الله عز وجل إلى جبرئيلعليه‌السلام أن ابنه وأتمه بحجارة من أبي قبيس واجعل له بابين ـ بابا شرقيا وبابا غربيا قال فأتمه جبرئيلعليه‌السلام فلما أن فرغ طافت حوله الملائكة فلما نظر آدم وحواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان

معرب وهو بالفارسية أرغوان وكل لون يشبهه فهو أرجوان انتهى ، وهو بضم الهمزة والجيم وسكون الراء.

قوله عليه‌السلام : « بحجارة من أبي قبيس » يمكن أن يكون المراد به الحجر الأسود لأنه كان مودعا فيه.

قوله عليه‌السلام : « يطلبان ما يأكلان » يظهر منه أنه كان يحصل لهما مأكولهما قبل ذلك بغير كسب وسعى.

٢١

(باب )

(ابتلاء الخلق واختبارهم بالكعبة)

١ ـ محمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن أبي يسر ، عن داود بن عبد الله ، عن محمد بن عمرو بن محمد ، عن عيسى بن يونس قال كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر وطورا بالجبر وو ما أعلمه اعتقد مذهبا دام عليه وقدم مكة متمردا وإنكارا على من يحج وكان يكره العلماء مجالسته ومساءلته لخبث لسانه وفساد ضميره فأتى أبا عبد اللهعليه‌السلام فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال يا أبا عبد الله إن المجالس أمانات ولا بد لكل من به سعال أن يسعل أفتأذن في الكلام فقال تكلم فقال إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المعمور بالطوب والمدر وتهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر إن من فكر

باب ابتلاء الخلق واختيارهم بالكعبة

الحديث الأول : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إن المجالس أمانات » قال في النهاية : وفيه « المجالس بالأمانة » هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه انتهى(١) .

و « الدوس » الوطء بالرجل.

و « البيدر » الموضع الذي يداس فيه الطعام.

و « الطوب » بالضم الأجر.

« والمدر » محركة قطع الطين اليابس.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ١ ص ٧١.

٢٢

في هذا وقدر علم أن هذا فعل أسسه غير حكيم ولا ذي نظر فقل فإنك رأس هذا الأمر وسنامه وأبوك أسه وتمامه فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن من أضله الله وأعمى قلبه استوخم الحق ولم يستعذبه وصار الشيطان وليه وربه وقرينه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في إتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين إليه فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدي إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر وانتهي عما نهى عنه وزجر الله المنشئ للأرواح والصور

٢ ـ وروي أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال في خطبة له ولو أراد الله جل ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن العقيان ومغارس الجنان

قوله عليه‌السلام : « استوخم الحق » أي وجده وخيما ثقيلا ولم يسهل عليه إساغته

قوله عليه‌السلام : « لم يستعذبه » أي لم يجده عذبا وهما كنايتان عن ثقل قبول الحق عليه و« المنهل » الشرب.

وفي القاموس :« الصدر » الرجوع ، وقد صدر غيره وأصدره وصدره فصدر وقال استوى اعتدل.

قال الوالد العلامة : رفع الله مقامه ، نصبه على استواء الكمال : هو جعل كل فعل من أفعاله سببا لرفع رذيلة من الرذائل النفسانية وموجبا لحصول فضيلة من الفضائل القلبية ، أو المراد به الكمالات المعنوية للكعبة التي يفهمها أرباب القلوب ويؤيدهقوله « ومجتمع العظمة والجلال » فإن عظمته وجلالته معنويتان ، أو التعظيم الذي في قوله تعالى«بَيْتِيَ » بإضافة الاختصاص وتعظيم أنبيائه له حتى صار معظما في قلوب المؤمنين ويقاسون الشدائد العظيمة في الوصول إليه.

قوله عليه‌السلام : « فأحق » هو مبتدأ والجلالة خبره.

الحديث الثاني : مرسل. وهي من جملة الخطبة التي تسمى القاصعة.

قوله عليه‌السلام : « كنوز الذهبان » هو بالضم جمع ذهب وفي النهج ومعادن العقيان.

٢٣

وأن يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحلت الأنباء ولما وجب للقائلين أجور المبتلين ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ولا لزمت الأسماء أهاليها على معنى مبين ولذلك لو أنزل الله «مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ » ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين ولكن الله جل ثناؤه جعل رسله أولي قوة في عزائم نياتهم وضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم من قناعة تملأ القلوب والعيون غناؤه وخصاصة تملأ الأسماع والأبصار أذاؤه ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال ويشد إليه عقد

قوله عليه‌السلام : « واضمحلت الإنباء » في النهج و « اضمحل الإنباء » أي تلاشت وفنيت وبطلت الإنباء بالوعد والوعيد وقوله « ولما وجب للقائين » أي للحق.

قوله عليه‌السلام : « ولا لزمت الأسماء » كالمؤمن والمتقي والزاهد والعابد وفي النهج ولا لزمت الأسماء معانيها وليس فيه على معنى مبين.

قوله عليه‌السلام : « ولذلك » إشارة إلى قوله تعالى «إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ »(١) ويمكن توجيهه بوجهين.

الأول : أن يكون المعنى لأجل ما ذكرنا من بطلان الجزاء وسقوط البلاء قال الله تعالى : على وجه الإنكار « إن نشأ نزل » فأقامعليه‌السلام كلمة لو مكان أن للإشعار بأن المراد بالآية : الإنكار ، وعدم كون المصلحة في ذلك فلذا لم يفعل.

والثاني : أن يكون الظرف متعلقا بقوله ظلت أي ولما ذكرنا من سقوط البلاء ونظائره ظلت أعناقهم خاضعين على تقديم نزول البلاء ولا يخفى بعده ، وقوله من قناعة في النهج : مع قناعة وفيه غنى مكان غناؤه والخصاصة الفقر.

قوله عليه‌السلام : « أذاه » (٢) في بعض النسخ أداؤه بالمهملة وفي بعضها بالمعجمة وفي النهج أذى ويظهر من القاموس الأذاء يجيء ممدودا وبالمهملة يحتاج إلى تكلف والتذكير للمصدرية ويقال ضامه حقه واستضامه انتقصه ، والضيم الظلم.

قوله عليه‌السلام : « تمد نحوه » أي يؤمله المؤملون فكل من أمل شيئا طمح

__________________

(١) سورة الشعراء : الآية ٤.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في الكافي « أذاؤه ».

٢٤

الرحال لكان أهون على الخلق في الاختبار وأبعد لهم في الاستكبار ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله أراد أن يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لأمره والاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا تشوبها من غيرها شائبة وكلما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء أجزل ألا ترون أن الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن آدم إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر ولا تنفع ولا تبصر

إليه بصره ومد إليه عنقه وسافر رغبة إليه.

قولهعليه‌السلام : « فكانت النيات مشتركة » أي يكون المكلف قد فعل الإيمان لكلا الأمرين فلم يكن نياتهم في أيمانهم ولا حسناتهم خالصة لله بل مشتركة ومقتسمة بعضها له وبعضها للرغبة وبعضها للرهبة كذا ذكره ابن أبي الحديد ، وابن ميثم.

وقيل يحتمل أن يقال : لو كانت الأنبياء أهل قوة وعزة وملك لا من بهم وسلم لأمرهم جميع أهل الأرض عن رغبة ورهبة فكانت النيات والحسنات مشتركة مقتسمة بين الناس ولم يتميز المطيع عن العاصي والمؤمن عن الكافر ولم يتميز من عمل لله خالصة عن من فعل الحسنات لأغراض أخر فلم يكن الاستلام والخشوع لله خاصة لكن لا ـ يخفى أن الأول أظهر وربما بعده أنسب فتأمل.

وقال ابن ميثم : ويروي فكانت السيئات مشتركة أي كانت السيئات الصادرة منهم مشتركة بينهم وبين من فعلوها رهبة منه.

قولهعليه‌السلام : « والجزاء أجزل » أي أعظم ، وفي النهج إلى الأخيرين معرفا باللام وفيه لا تضر

قولهعليه‌السلام : « جعله للناس قياما » إشارة إلى قوله تعالى«جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ »(١) قال الطبرسي(٢) (ره) القيام مصدر كالصيام ، أي : جعل الله حج الكعبة ، أو نصب الكعبة«قِياماً لِلنَّاسِ » أي لمعايش الناس ومكاسبهم

__________________

(١) سورة المائدة : الآية ٩٧.

(٢) مجمع البيان : ج ١ ـ ٢ ـ ص ٢٤٧.

٢٥

ولا تسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الأودية معاشا وأغلظ محال المسلمين

لما يحصل لهم في زيادتها من التجارة وأنواع البركة وهو المروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وقيل : معناه أنهم لو تركوه عاما واحدا لم يحجوه(١) لما نوظروا إن أهلكهم(٢) الله رواه عل بن إبراهيم عنهمعليهم‌السلام (٣) .

أقول : ويحتمل أن يكون إشارة إلى ما روي أن الكعبة والقرآن أمانان لله في الأرض فإذا رفعا إلى السماء نزل عليهم العذاب وقامت الساعة.

قولهعليه‌السلام : « ثم جعله » في النهج :ثم وضعه وقال في النهاية :« جبل وعر » أي غليظ حزن ، يصعب الصعود إليه(٤) ، وقال في النهاية : في حديث عليعليه‌السلام « أقل نتائق الدنيا مدرا » النتائق جمع نتيقة وهي فعيلة. بمعنى مفعوله ، من النتق وهو أن يقلع الشيء فترفعه من مكانه لترمي به هذا هو الأصل وأراد بها هاهنا البلاد لرفع بنائها وشهرتها في موضعها(٥) .

وقال ابن أبي الحديد : أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة منتاق أي كثيرة الحبل والولادة.

ويقال : ضيعة منتاق : أي كثيرة الربع فجعلعليه‌السلام الضياع ذوات المدر التي يثأر للحرث نتائق وقال : إن مكة أقلها صلاحا للزرع لأن أرضها حجرية.

وقال الفيروزآبادي : المدر : محركة قطع الطين النبق بالكسر وهو أرفع موضع في الجبل.

قوله عليه‌السلام : « معاشا » في النهج مكانه قطرا وهو بالضم الجانب.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في المجمع : لم يحجّونه.

(٢) هكذا في الأصل : ولكن في المجمع : أن يهلكوا.

(٣) الظاهر ممّا يستفاد من المجمع : أنّ هذا القول مرويّ عن عطاء ورواية عليّ بن إبراهيم رواية مستقلة تأتي بعد ذلك ولم يذكرها المؤلّفقدس‌سره .

(٤) نهاية ابن الأثير ج ٥ ص ٢٠٦.

(٥) نهاية ابن الأثير ج ٥ ص ١٣.

٢٦

مياها بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة وأثر من مواضع قطر السماء داثر ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر ثم أمر آدم وولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوي إليه ثمار الأفئدة

قوله عليه‌السلام : « دمثة » قال في النهاية « الدمث » الأرض السهلة الرخوة والرمل الذي ليس بمتلبد(١) .

وقال ابن أبي الحديد : أي سهلة وكل ما كان الرمل أسهل كان أبعد من أن ينبت.

وقال ابن ميثم : إنما ذكر الرمال اللينة في معرض الدم لأنها أيضا مما لا يزكوا بها الدواب لأن حافر الدواب يسوخ فيها ويتعب في المشي بها ولو شل بالتحريك الماء القليل.

قوله عليه‌السلام : « وأثر » ليست هذه الفقرة في النهج بل فيه هكذا وقرى منقطعة لا يزكو بها خف ولا حافر ولا ظلف ، وقال الفيروزآبادي : « وثر يثره ووثره توثيرا » وطئه وقد وثر ككرم انتهى ، أي بين آثار منطمسة من سيلان الأمطار قد خربت تلك القرى وذهبت الأمطار بآثارها ، وفي بعض النسخ داثر مكان واثرة وعلى التقديرين لا يخلو من تكلف ولعله لهذا أسقطه السيد (ره) والمراد« بالخف والظلف والحافر » الجمل والخيل والبقر والغنم من قبيل إطلاق الجزء على الكل أو بحذف المضاف.

قوله عليه‌السلام : « أعطافهم » عطفا الرجل جانباه : أي يقصدوه ويحجوه و« يثنوا » أي يميلوا جوانبهم متوجهين إليه معرضين عن غيره وليس من قبيل قوله تعالى«ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ »(٢) فإنه بمعنى أماله الجانب للإعراض أو التجبر على ما ذكره المفسرون.

قوله عليه‌السلام « مثابة » قال الطبرسي : (ره) في قوله تعالى «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٢ ص ١٣٢.

(٢) سورة الحجّ : ٩.

٢٧

من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة ومهاوي فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا القنع والسرابيل

لِلنَّاسِ »(١) المثابة هاهنا الموضع الذي يثاب إليه من ثاب يثوب مثابة ومثابا أي رجع.

وقيل : إن الثاء فيه للمبالغة كما(٢) قالوا : نسابة.

وقيل : إن معناهما واحد كما قالوا مقام ومقامة ، وقوله تعالى«مَثابَةً لِلنَّاسِ »(٣) ذكر فيه وجوه.

فقيل : إن الناس يثوبون إليه كل عام أي : ليس هو مرة في الزمان فقط على الناس.

وقيل : معناه أنه لا ينصرف عنه أحد وهو يرى أنه قد مضى منه وطرا فهم يعودون إليه.

وقيل : معناه ويحجون إليه فيثابون عليه.

وقيل : مثابة أي معاذا وملجأ.

وقيل : مجمعا والمعنى في الكل يؤول إلى أنهم يرجعون إليه مرة بعد مرة(٤) .

وقال ابن أبي الحديد :« النجعة » طلب الكلام في الأصل ثم تسمى كل من قصد أمرا يروم النفع فيه منتجعا.

قوله عليه‌السلام : « ثمار الأفئدة » قال ابن أبي الحديد : ثمرة الفؤاد هي سويداء القلب ، ومنه قولهم للولد هو ثمرة الفؤاد.

وأقول : الظاهر أنه إشارة إلى ما ورد في بعض الأخبار في قوله تعالى«وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ »(٥) أن المراد بها ثمرات القلوب.

__________________

(١ و ٣) سورة البقرة : ١٣٥.

(٢) هكذا في الأصل : وفي المجمع كما قيل.

(٤) مجمع البيان : ج ١ ـ ٢ ص ٢٠٢.

(٥) سورة إبراهيم : ٣٧.

٢٨

وراء ظهورهم وحسروا بالشعور حلقا عن رءوسهم ابتلاء عظيما واختبارا كبيرا وامتحانا

و « المفاوز » جمع مفاوزة وهي الفلاة سميت مفازة : إما لأنها مهلكة من قولهم فوز الرجل أي هلك ، وإما تفاؤلا بالسلامة والفوز.

وقال ابن أبي الحديد : والرواية المشهورة من مفاوز قفار بالإضافة.

وقد روى قوم : من مفاوز بفتح الزاي لأنه لا ينصرف ولم يضيفوا وجعلوا قفار صفة.

وفي النهج : مكان متصلة سحيقة أي بعيدة.

و « المهاوى » المساقط و« الفج » الطريق بين الجانبين.

وقوله « حتى يهزوا » قال الجوهري : هزت الشيء هزا فاهتز ، أي حركته فتحرك.

وقال ابن أبي الحديد : أي يحركهم الشوق نحوه إلى أن يسافروا إليه فكني عن السفر : بهز المناكب.

« وذللا » حال إما منهم ، أو من المناكب.

وفي النهج بعد ذلك يهلون لله حوله ويرملون على أقدامهم.

وقال ابن أبي الحديد : « يهلون » أي يرفعون أصواتهم بالتلبية ، ويروى يهللون انتهى.

ويقال : « رمل » أي أسرع في المشي وعلى ما في الكتاب يرملوا معطوف على يهزوا و « الشعث » انتشار الأمر والمراد هنا انتشار الشعر ودخول بعضها في بعض بترك الترجيل.

والحاصل : إنهم لا يتعهدون شعورهم ولا ثيابهم ولا أبدانهم ، والقنع بالضم جمع القناع وهو المقنعة والسلاح وليس هذه اللفظة في النهج بل فيه قد نبذوا السرابيل و « السربال » القميص.

قوله عليه‌السلام : « وحسروا » يقال : حسرت كمي عن ذراعي [ ذراعيه ] كشفت ، وفي

٢٩

شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا مبينا جعله الله سببا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى جنته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته ولو كان الله تبارك وتعالى وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار جم الأشجار داني الثمار ملتف النبات متصل القرى من برة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة وعراص مغدقة وزروع ناضرة وطرق عامرة وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء ثم لو كانت الأساس المحمول عليها والأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء

النهج مكان هذه الفقرة وشوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم.

وقال : في النهاية« المحص » التلخيص ومنه تمحيص الذنوب أي إزالتها ومنه حديث عليعليه‌السلام وذكر فتنة فقال : « يمحص الناس فيها كما يمحص الذهب المعدن » أي يخلصون بعضهم من بعض ، كما يخلص ذهب المعدن من التراب(١) .

وقيل : يختبرون كما يختبر الذهب ليعرف جودته من رداءته.

وفي النهج هكذا ابتلاء عظيما وامتحانا شديدا واختبارا مبينا وتمحيصا بليغا جعله الله سببا لرحمته ووصلة إلى جنته.

قوله عليه‌السلام : « ومشاعره » هو جمع مشعر أي محل العبادة وموضعها.

قوله عليه‌السلام : « وسهل » أي في مكان سهل يستقر فيه الناس ولا ينالهم من المقام به مشقة والجم الكثير ، وفي النهج ملتف النبي أي مشيتك العمارة ، والبرة الواحدة « البر » وهي الحنطة.

و « الأرياف » جمع ريف وهو كل أرض فيها زرع ونخل.

وقيل : هو ما قارب الماء من الأرض.

وقال الفيروزآبادي :« حدقوا به » أطافوا كأحدقوا ، « والحديقة » الروضة ذات الشجر أو البستان من النخل والشجر ، وكلما أحاط به البناء أو القطعة من النخل و « أحدقت الروضة » صارت حديقة وقال :الغدق الماء الكثير ، وأغدق المطر كثر

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٤ ص ٣٠٢.

٣٠

وياقوتة حمراء ونور وضياء لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس ولكن الله عز وجل يختبر عبيده ـ بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر من قلوبهم وإسكانا للتذلل في أنفسهم وليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه وفتنته كما قال «الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ

قطرة « والنضارة » الحسن ، وفي النهج قدر الجزاء ولو كانت.

قوله عليه‌السلام : « من مصارعة الشك » في بعض النسخ بالصاد المهملة أي منازعته ومجادلته ، وفي بعضها بالمعجمة أي مقاربة الشك ودنوة من النفس من مضارعة الشمس إذا دنت للمغيب ويقال : ضرع السبع من الشيء إذا دنا أو مشابهة الشك أي الأمر المشكوك فيه باليقين.

قوله عليه‌السلام : « مجاهدة إبليس » بالإضافة إلى الفاعل أو المفعول.

قوله عليه‌السلام : « معتلج الريب » قال في النهاية : هو من اعتلجت الأمواج إذا التطمت أو من اعتلجت الأرض إذا طال نباتها انتهى(١) .

والأول أظهر وهو مصدر ميمي أي ولنفي اضطراب الشك.

قوله عليه‌السلام : « بألوان المجاهدة » في النهج بألوان المجاهد » جمع مجهدة وهي المشقة.

قوله عليه‌السلام : « في أنفسهم » في النهج في نفوسهم« وليجعل ذلك أبوابا فتحا » بضمتين أي مفتوحة.

قوله عليه‌السلام : « ذللا » أي سهلة ».

قوله تعالى : «أَحَسِبَ النَّاسُ » أي أحسب ما تركهم غير مفتونين لقولهم آمنا؟

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٢٨٦.

٣١

وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ ».

(باب)

(حج إبراهيم وإسماعيل وبنائهما البيت ومن ولي البيت بعدهما)

(عليهما‌السلام )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه والحسين بن محمد ، عن عبدويه بن عامر وغيره ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي العباس ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما ولد إسماعيل حمله إبراهيم وأمه على حمار وأقبل معه جبرئيل حتى وضعه في موضع الحجر ومعه شيء من زاد وسقاء فيه شيء من ماء والبيت يومئذ ربوة حمراء من مدر فقال إبراهيم لجبرئيلعليه‌السلام هاهنا أمرت قال نعم قال ومكة يومئذ سلم وسمر وحول مكة يومئذ ناس من العماليق.

قوله عليه‌السلام : «فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ » قال البيضاوي : أي ليتعلقن عمله بالامتحان تعلقا خاليا يتميز به «الَّذِينَ صَدَقُوا » في الإيمان والذين كذبوا فيه وينوط به ثوابهم وعقابهم ولذلك قيل المعنى : وليميزن أو ليجازين وقرئ وليعلمن عن الإعلام.

باب حج إبراهيم وإسماعيل وبنائهما البيت ومن ولي البيت بعدهماعليهما‌السلام

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « ربوة » هي مثلثة ما ارتفع من الأرض و« السلم » بالتحريك و« السمر » بضم الميم نوعان من الشجر.

وقال الجوهري :العماليق والعمالقة ، قوم من ولد عمليق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح وهم أمم تفرقوا في البلاد.

٣٢

وفي حديث آخر عنه أيضا قال فلما ولى إبراهيم قالت هاجر يا إبراهيم إلى من تدعنا قال أدعكما إلى رب هذه البنية قال فلما نفد الماء وعطش الغلام خرجت حتى صعدت على الصفا فنادت هل بالبوادي من أنيس ثم انحدرت حتى أتت المروة فنادت مثل ذلك ثم أقبلت راجعة إلى ابنها فإذا عقبه يفحص في ماء فجمعته فساخ ولو تركته لساح

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن إبراهيمعليه‌السلام لما خلف إسماعيل بمكة عطش الصبي فكان فيما بين الصفا والمروة شجر فخرجت أمه حتى قامت على الصفا فقالت هل بالبوادي من أنيس فلم تجبها أحد فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت هل بالبوادي من أنيس فلم تجب ثم رجعت إلى الصفا وقالت ذلك حتى صنعت ذلك سبعا فأجرى الله ذلك سنة وأتاها جبرئيل فقال لها من أنت فقالت أنا أم ولد إبراهيم قال لها إلى من ترككم فقالت أما لئن قلت ذاك لقد قلت له حيث أراد الذهاب يا إبراهيم إلى من تركتنا فقال إلى الله عز وجل فقال جبرئيلعليه‌السلام لقد وكلكم إلى كاف قال وكان الناس يجتنبون الممر إلى مكة لمكان الماء ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم قال فرجعت من المروة إلى الصبي وقد نبع الماء فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح الماء ولو تركته لكان سيحا قال فلما رأت الطير الماء حلقت عليه فمر ركب من اليمن يريد السفر فلما رأوا الطير قالوا ما حلقت الطير إلا على ماء

قوله عليه‌السلام : « يفحص » الفحص : البحث والكشف ، ويقال :ساخ يسيخ سيخا وسيخانا إذا رسخ وثبت ، وساح الماء يسيح سيحا وسيحانا إذا جرى على وجه الأرض.

الحديث الثاني : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فخرجت » يمكن أن يقرأ بالحاء المهملة ثم الراء ثم الجيم أي ضاق صدرها.

قوله عليه‌السلام : « ما حلقت » تحليق الطائر ارتفاعه في طيرانه.

٣٣

فأتوهم فسقوهم من الماء فأطعموهم الركب من الطعام وأجرى الله عز وجل لهم بذلك رزقا وكان الناس يمرون بمكة فيطعمونهم من الطعام ويسقونهم من الماء.

٣ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس ، عن عيسى بن محمد بن أبي أيوب ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن منصور ، عن كلثوم بن عبد المؤمن الحراني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أمر الله عز وجل إبراهيمعليه‌السلام أن يحج ويحج إسماعيل معه ويسكنه الحرم فحجا على جمل أحمر وما معهما إلا جبرئيلعليه‌السلام فلما بلغا الحرم قال له جبرئيل يا إبراهيم انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم فنزلا فاغتسلا وأراهما كيف يتهيئان للإحرام ففعلا ثم أمرهما فأهلا بالحج وأمرهما بالتلبيات الأربع التي لبى بها المرسلون ثم صار بهما إلى الصفا فنزلا وقام جبرئيل بينهما واستقبل البيت فكبر الله وكبرا وهلل الله وهللا وحمد الله وحمدا ومجد الله ومجدا وأثنى عليه وفعلا مثل ذلك وتقدم جبرئيل وتقدما يثنيان على الله عز وجل ويمجدانه حتى انتهى بهما إلى موضع الحجر فاستلم جبرئيل الحجر وأمرهما أن يستلما وطاف بهما أسبوعا ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيمعليه‌السلام فصلى ركعتين وصليا ثم أراهما المناسك وما يعملان به فلما قضيا مناسكهما أمر الله إبراهيمعليه‌السلام بالانصراف وأقام إسماعيل وحده ما معه أحد غير أمه فلما كان من قابل أذن الله لإبراهيمعليه‌السلام في الحج وبناء الكعبة وكانت العرب تحج إليه وإنما كان ردما إلا أن قواعده معروفة فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة وطرحها في جوف الكعبة فلما أذن الله له في البناء قدم إبراهيم

قوله عليه‌السلام : « فأطعموهم » من قبيل أكلوني البراغيث ، وفي بعض النسخ : [ فأطعمهم ].

الحديث الثالث : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ويحج إسماعيل معه » الظاهر إن هذا كان بعد أن كبر إسماعيل وترك أمه هناك وذهب إلى أبيه بالشام.

قوله عليه‌السلام : « ردما » الردم ما يسقط من الجدار المنهدم.

٣٤

عليه‌السلام فقال يا بني قد أمرنا الله ببناء الكعبة وكشفا عنها فإذا هو حجر واحد أحمر فأوحى الله عز وجل إليه ضع بناءها عليه وأنزل الله عز وجل أربعة أملاك يجمعون إليه الحجارة فكان إبراهيم وإسماعيلعليهما‌السلام يضعان الحجارة والملائكة تناولهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا وهيئا له بابين بابا يدخل منه وبابا يخرج منه ووضعا عليه عتبا وشرجا من حديد على أبوابه وكانت الكعبة عريانة فصدر إبراهيم وقد سوى البيت وأقام إسماعيل فلما ورد عليه الناس نظر إلى امرأة من حمير أعجبه جمالها فسأل الله عز وجل أن يزوجها إياه وكان لها بعل فقضى الله على بعلها بالموت وأقامت بمكة حزنا على بعلها فأسلى الله ذلك عنها وزوجها إسماعيل وقدم إبراهيم الحج وكانت امرأة موفقة وخرج إسماعيل إلى الطائف يمتار لأهله طعاما فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم ـ فأخبرته بحسن حال فسألها عنه خاصة فأخبرته بحسن الدين وسألها ممن أنت؟

قوله عليه‌السلام : « عتبا » العتب بالتحريك جمع العتبة ، وشرج العيبة بالتحريك عراها.

قوله عليه‌السلام : « فسأل الله » لعلهعليه‌السلام لم يكن يعلم أن لها بعدا وقت السؤال.

قوله عليه‌السلام : « فأسلى الله » سلاني من همي وأسلاني أي كشفه عني.

قوله عليه‌السلام : « وقدم » إما بالتخفيف أي أتى للحج ، أو بالتشديد أي أتى قبل موسم الحج.

قوله عليه‌السلام : « موفقة » في بعض النسخ بتقديم القاف على بناء الأفعال المجهول من أوقفه على الأمر أطلعه عليه أي كانت ملهمة للخير ، وفي بعضها بتقديم الفاء وهو أظهر و« الامتيار » جلب الميرة.

وقال في المغرب« الشعث » انتشار الشعر وتغيره لقلة تعهده ، ورجل أشعث والشعث مثل الأشعث.

وقال : في القاموس الشعث محركة انتشار الأمر ، ومصدر الأشعث للمغبر الرأس.

٣٥

فقالت امرأة من حمير فسار إبراهيم ولم يلق إسماعيل وقد كتب إبراهيم كتابا فقال ادفعي هذا إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله فقدم عليها إسماعيل فدفعت إليه الكتاب فقرأه فقال أتدرين من هذا الشيخ فقالت لقد رأيته جميلا فيه مشابهة منك قال ذاك إبراهيم فقالت وا سوأتاه منه فقال ولم نظر إلى شيء من محاسنك فقالت لا ولكن خفت أن أكون قد قصرت وقالت له المرأة وكانت عاقلة فهلا تعلق على هذين البابين سترين سترا من هاهنا وسترا من هاهنا فقال لها نعم فعملا لهما سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقاهما على البابين فأعجبهما ذلك فقالت فهلا أحوك للكعبة ثيابا فتسترها كلها فإن هذه الحجارة سمجة فقال لها إسماعيل بلى فأسرعت في ذلك وبعثت إلى قومها بصوف كثير تستغزلهم.

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام وإنما وقع استغزال النساء من ذلك بعضهن لبعض لذلك قال فأسرعت واستعانت في ذلك فكلما فرغت من شقة علقتها فجاء الموسم وقد بقي وجه من وجوه الكعبة فقالت لإسماعيل كيف نصنع بهذا الوجه الذي لم تدركه الكسوة فكسوه خصفا فجاء الموسم وجاءته العرب على حال ما كانت تأتيه فنظروا إلى أمر أعجبهم فقالوا ينبغي لعامل هذا البيت أن يهدى إليه فمن ثم وقع الهدي فأتى كل فخذ من العرب بشيء يحمله من ورق ومن أشياء غير ذلك حتى اجتمع شيء كثير فنزعوا ذلك الخصف وأتموا كسوة البيت وعلقوا عليها بابين وكانت الكعبة

قوله عليه‌السلام : « مشابهة » أي فيه ما يشبهك ، وفي بعض النسخ مشابهة وهو أصوب.

ويقال :« حاك الثوب يحوك حوكا » نسجه« والسماجة » القباحة و« الخصف » بالتحريك الجلة التي تعمل من الخوص للتمر.

وقال الجوهري :الفخذ من العشائر أقل من البطن ، أولها الشعب ثم القبيلة ثم الفصيلة ثم العمارة ثم البطن ثم الفخذ.

قوله عليه‌السلام : « وعلقوا عليها بابين » أي علقوا على الكسوة سترين للبابين فلا ينافي ما مر من أنه هيأ له بابين ، على أنه يحتمل أن يكون التهيئة سابقا

٣٦

ليست بمسقفة فوضع إسماعيل فيها أعمدة مثل هذه الأعمدة التي ترون من خشب وسقفها إسماعيل بالجرائد وسواها بالطين فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة ورأوا عمارتها فقالوا ينبغي لعامل هذا البيت أن يزاد فلما كان من قابل جاءه الهدي ـ فلم يدر إسماعيل كيف يصنع فأوحى الله عز وجل إليه أن انحره وأطعمه الحاج قال وشكا إسماعيل إلى إبراهيم قلة الماء فأوحى الله عز وجل إلى إبراهيم أن احتفر بئرا يكون منها شراب الحاج فنزل جبرئيلعليه‌السلام فاحتفر قليبهم يعني زمزم حتى ظهر ماؤها ثم قال جبرئيلعليه‌السلام انزل يا إبراهيم فنزل بعد جبرئيل فقال يا إبراهيم اضرب في أربع زوايا البئر وقل بسم الله قال فضرب إبراهيمعليه‌السلام في الزاوية التي تلي البيت وقال بسم الله فانفجرت عين ثم ضرب في الزاوية الثانية وقال بسم الله فانفجرت عين ثم ضرب في الثالثة وقال بسم الله فانفجرت عين ثم ضرب في الرابعة وقال بسم الله فانفجرت عين وقال له جبرئيل اشرب يا إبراهيم وادع لولدك فيها بالبركة وخرج إبراهيمعليه‌السلام وجبرئيل جميعا من البئر فقال له أفض عليك يا إبراهيم وطف حول البيت فهذه سقيا سقاها الله ولد إسماعيل فسار إبراهيم وشيعه إسماعيل حتى خرج من الحرم فذهب إبراهيم ورجع إسماعيل إلى الحرم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه والحسين بن محمد ، عن عبدويه بن عامر ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن عقبة بن بشير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إن الله عز وجل أمر إبراهيم ببناء الكعبة

والتعليق في هذا الوقت ، أو يكون المراد بالسابق تهيئة مكان البابين.

قوله عليه‌السلام : « فاحتفر قليبهم » قال الجوهري : « القليب » البئر قبل أن تطوى يذكر ويؤنث. وقال أبو عبيد وهي البئر العالية القديمة انتهى.

والمراد هنا زمزم ولعل ماء زمزم كان أول ظهوره بتحريك إسماعيلعليه‌السلام رجله على وجه الأمر : [ الأرض ] ثم يبس فحفر إبراهيمعليه‌السلام في ذلك المكان حتى ظهر الماء ، ويحتمل أن يكون الحفر لازدياد الماء فيكون المراد بقولهعليه‌السلام « حتى ظهر ماؤها » أي ظهر ظهورا بينا بمعنى كثر ، ومنهم من قرأ ظهر : على بناء التفعيل من قبيل مؤنث الإبل.

الحديث الرابع : مجهول.

٣٧

وأن يرفع قواعدها ويري الناس مناسكهم فبنى إبراهيم وإسماعيل البيت كل يوم سافا حتى انتهى إلى موضع الحجر الأسود قال أبو جعفرعليه‌السلام فنادى أبو قبيس إبراهيمعليه‌السلام إن لك عندي وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه ثم إن إبراهيمعليه‌السلام أذن في الناس بالحج فقال أيها الناس إني إبراهيم خليل الله إن الله يأمركم أن تحجوا هذا البيت فحجوه فأجابه من يحج إلى يوم القيامة وكان أول من أجابه من أهل اليمن قال وحج إبراهيمعليه‌السلام هو وأهله وولده فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق ـ فمن هاهنا كان ذبحه.

قوله عليه‌السلام : « سافا » الساف كل عرق من الحائط وقال في كنز اللغة : « عرق » بفتح الراء چكيده ديوار را گويند.

قوله عليه‌السلام : « فمن هاهنا كان ذبحه » غرضه رفع استبعاد لكون إسحاق ذبيحا بأن إسحاق كان بالشام والذي كان بمكة إسماعيل فكون إسحاق ذبيحا مستبعد فأشار المؤلف (ره) هاهنا إلى أن هذا الخبر يدل على إن إبراهيمعليه‌السلام قد حج مع أهله وولده فيمكن أن يكون الأمر بذبح إسحاق في هذا الوقت.

واعلم : إن المسلمين اختلفوا في أن الذبيح إسماعيل أو إسحاق مع اتفاق أهل الكتاب على أنه إسحاق وكذا اختلف أخبار الخاصة والعامة في ذلك لكن القول بكونه إسحاق أشهر بين المخالفين كما أن القول بكونه إسماعيل أشهر بين الإمامية ، فحمل الأخبار الدالة على كونه إسحاقعليه‌السلام على التقية أظهر ، ويظهر من الكليني (ره) أنه في ذلك من المتوقفين ولا يبعد حمل الأخبار الدالة على كونه إسحاقعليه‌السلام على التقية.

وقال الصدوق (ره) في الخصال والعيون وغيرهما : قد اختلفت الروايات في الذبيح.

فمنها : ما ورد بأنه إسماعيل.

ومنها : ما ورد بأنه إسحاق ولا سبيل إلى رد الأخبار متى صحت طرقها وكان

٣٨

وذكر ، عن أبي بصير أنه سمع أبا جعفر وأبا عبد اللهعليه‌السلام يزعمان أنه إسحاق فأما زرارة فزعم أنه إسماعيل.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال قال قال أبو الحسنعليه‌السلام يعني الرضا للحسن بن الجهم أي شيء السكينة عندكم فقال لا أدري جعلت فداك وأي شيء هي قال ريح تخرج من الجنة طيبة لها صورة كصورة وجه الإنسان فتكون مع الأنبياء وهي التي نزلت على إبراهيمعليه‌السلام حيث بنى الكعبة فجعلت تأخذ كذا وكذا فبنى الأساس عليها.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن أسباط قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام ـ عن السكينة فذكر مثله.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال عن عبد الله بن سنان ،

الذبيح إسماعيل لكن إسحاق لما ولد بعد ذلك تمنى أن يكون هو الذي أمر أبوه بذبحه فكان يصبر لأمر الله ويسلم له كصبر أخيه وتسليمه فينال بذلك درجة في الثواب فعلم الله عز وجل ذلك من قلبه فسماه بين ملائكته ذبيحا لتمنيه لذلك.

وحدثنا بذلك محمد بن علي بن بشار ، عن المظفر بن أحمد ، عن محمد بن جعفر الأسدي عن محمد بن إسماعيل البرمكي ، عن عبد الله بن داهر ، عن أبي قتادة ، عن وكيع ، عن سليمان بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انتهى.

أقول : لا ينفع هذا في أكثر الأخبار المصرحة بكون الذبيح حقيقة هو إسحاق ، ويمكن القول بصدورهما معا إن لم يتحقق إجماع على كون الذبيح أحدهما فقط.

الحديث الخامس : موثق كالصحيح. وسنده الثاني حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « لها صورة » لا استبعاد في أن ينبعث الريح على وجه يتشكل منها في الهواء هذه الصورة بقدرة الله تعالى.

الحديث السادس : موثق كالصحيح. وفي بعض النسخ عن ابن مسكان فيكون

٣٩

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لما أمر إبراهيم وإسماعيلعليهما‌السلام ببناء البيت وتم بناؤه قعد إبراهيم على ركن ثم نادى هلم الحج هلم الحج فلو نادى هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا ولكنه نادى هلم الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله عز وجل فمن لبى عشرا يحج عشرا ومن لبى خمسا ـ يحج خمسا ومن لبى أكثر من ذلك فبعدد ذلك ومن لبى واحدا حج واحدا ومن لم

الخبر صحيحا.

قوله عليه‌السلام : « هلم الحج » في الفقيه « هلم إلى الحج » في الموضعين وفي علل الشرائع كما هنا بدون كلمة إلى فعلى ما في الفقيه الفرق بين العبارتين باعتبار أن الأصل في الخطاب أن يكون متوجها إلى الموجودين ، وأما شمول الحكم للمعدومين فيستفاد من دلائل أخر لا من نفس الخطاب إلا أن يكون المراد بالخطاب : الخطاب العام المتوجهة إلى كل من يصلح للخطاب فإنه شامل للواحد والكثير والموجود والمعدوم ، والشائع في مثل هذا الخطاب أن يكون بلفظ المفرد ، بل صرح بعضهم بأنه لا يتأتى إلا بالمفرد.

قال الحلبي في حاشية شرح تلخيص المفتاح عند قول المصنف وقد يترك الخطاب إلى غير المعين ليعم الخطاب : كل مخاطب على سبيل البدل ، أما إذا كان ضمير المخاطب واحدا أو مثنى فكون العموم على سبيل البدل ظاهر ، وأما إذا كان جمعا فالظاهر إذا قصد غير معين أن يعم جمع المخاطبين على سبيل الشمول ، لكن قيل : لم يوجد في القرآن ولا في كلام العرب العرباء خطاب عام بصيغة الجمع انتهى.

وعلى ما في الكتاب يحتمل هذا الوجه بأن يكون الحج منصوبا بنزع الخافض.

ويحتمل وجها آخر بأن يكون الحج مرفوعا بأن يكون المخاطب الحج لبيان أنه مطلوب في نفسه من غير خصوصية ، مباشر فيكون أبلغ في إفادة

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

عليه‌السلام يقول الله عزّوجلّ: انا خير شريك، من أشرك معي غيري في عمل لم أقبل إلا ما كان لى خالصاً ».

٩١ / ٨ - تفسير العسكري قال محمّد بن علي الباقر عليهما‌السلام: « لا يكون العبد عابداً لله حق عبادته حتى ينقطع، عن الخلق كله (١) إليه، فحينئذ يقول هذا خالص لى فيتقبّله (٢) بكرمه ».

وقال جعفر بن محمّد (٣) عليهما‌السلام: « ما أنعم الله عزّوجلّ على عبد أجلّ من أن لا يكون في قلبه مع الله غيره ».

وقال جعفر بن محمّد عليهما‌السلام: « أشرف الاعمال التقرّب بعبادة الله عزّوجلّ (٤) ».

٩٢ / ٩ الشيخ أبوالفتوح الرازي في تفسيره:، عن حذيفة بن اليمان قال: سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، عن الإخلاص فقال: « سألته، عن جبرئيل فقال: سألته، عن الله تعالى: فقال: الإخلاص سرّ من سرّى اودعه في قلب من أحببته ».

٩٣ / ١٠ - وعن أبي ذر الغفاري قال: قال رسول الله

____________________________

٨ - تفسير العسكري عليه‌السلام ص ١٣٢.

(١) في المصدر: كلهم.

(٢) في المصدر: فيقبله.

(٣) في المصدر: موسى بن جعفر عليه‌السلام.

(٤) في المصدر: تعالى إليه.

٩ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢١٥، ومنية المريد ص ٤٣، عنه في البحار ج ٧٠ ص ٢٤٩ ح ٢٤.

١٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢١٥.

١٠١

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إنّ لكلّ حقّ حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحبّ أن يحمد على شئ من عمل ».

٩- ( باب ما يجوز قصده من غايات النية وما يستحب اختياره منها )

٩٤ / ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح:، عن حميد بن شعيب، عن جابر بن يزيد الجعفي قال: سمعته - أي جعفراً عليه‌السلام - يقول: « قد كان عليّ عليه‌السلام وهو عبدالله، قد أوجب له الجنة عمد إلى قربات فجعلها صدقة مبتولة (١)، قال: اللهم إنّما فعلت هذا لتصرف وجهى، عن النار، وتصرف النار، عن وجهى ».

٩٥ / ٢ - تفسير العسكري عليه‌السلام: قال علي بن الحسين عليهما‌السلام: « انى أكره ان أ عبدالله لأغراض لى ولثوابه، فأكون كالعبد الطمع المطمع، ان طمع عمل، والّا لم يعمل، وأكره أن أعبده لخوف عذابه، فأكون كالعبد السوء، ان لم يخف لم يعمل قيل: فلم تعبده ؟ قال: لما هو اهله بأياديه (١) على وانعامه ».

____________________________

الباب - ٩

١- كتاب جعفر بن محمّد بن شريح ص ٧٠.

(١) في المصدر: مقبولة تجري من بعده للفقراء.

والمبتول: المقطوع (مجمع البحرين ج ٥ ص ٣١٧ مادة بتل) وصدقة بتلة أي منقطعة من مال المتصدق بها خارجة الى سبيل الله (لسان العرب ج١١ ص ٤٢ مادة بتل).

٢- تفسير العسكري عليه‌السلام ص ١٣٢.

(١) قال ابن جني: أكثر ما تستعمل الأيادي في النعم لا في الأعضا ... وقال ابن شميل: له على يد، وابن الأعرابي: اليد: النعمة - لسان العرب ج ١٥ ص ٤١٩و٤٢٣ (يدي) ولا تجعل لفاجر على يداً ولا منه. يريد باليد هنا النعمة لأنها من شأنها =

١٠٢

١٠ - ( باب عدم جواز الوسوسة في النية والعبادة )

٩٦ / ١ - الشيخ حسين العاملي - والد شيخنا البهائي - في العقد الطهماسية: رويت بسندي إلى رسول الله (صلى الله عليه آله)، أنّ بعض أصحابه شكا إليه كثرة الوسوسة، فقال: يا رسول الله، ان الشيطان قد حال بينى وبين صلواتي يلبسها علىّ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « ذلك شيطان يقال له (خنزب) فإذا أحسست به، فتعوذ بالله واتفل، عن يسارك ثلاثاً » قال ففعلت ذلك، فأذهب الله عنى (خنزب) بخاء معجمة تفتح وتكسر ونون ساكنة وزاء مفتوحة. [ وباقى أخبار الباب ياتي في آخر أبواب الخلل ] (١).

١١ - ( باب تحريم قصد الرياء والسمعة في العبادة )

٩٧ / ١ - عليّ بن ابراهيم في تفسيره:، عن جعفر بن أحمد، عن عبيد الله بن موسى، عن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قوله عزّوجلّ: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١)، قال:

____________________________

= أن تصدر من اليد، مجمع البحرين ج ١ ص ٤٨٩ (يدا).

الباب - ١٠

١ - العقد الطهماسية ص ٤٠ والبحار ج ٢١ ص ٣٦٤ عنن اعلام الدين، وج ٩٥ ص ١٣٧، عن خط الشهيد (ره)

(١) مابين المعقوفين اثبتناه من الحجرية.

الباب - ١١

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٤٧.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

١٠٣

« هذا الشرك شرك رياء ».

٩٨ / ٢ - فقه الرضا عليه‌السلام: ونروى، « من عمل لله كان ثوابه على الله، ومن عمل للناس كان ثوابه على الناس، إن ّكل رياء شرك ».

٩٩ / ٣ - العياشي في تفسيره:، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: سألته، عن تفسير هذه الآية: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١) قال: « من صلى، أو صام، أو اعتق، أو حجّ، يريد محمّدة (٢) الناس، فقد أشرك (٣) في عمله، وهو شرك (٤) مغفور ».

١٠٠ / ٤ - وعن جراح، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: ( مَن كَانَ يَرْجُو - إلى - بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١) أنه ليس من رجل يعمل شيئاً من البر، ولا يطلب به وجه الله، انما يطلب تزكية الناس يشتهى أن يسمع به الناس، فذاك الذى اشرك بعبادة ربه احداً.

١٠١ / ٥ - وعن مسعدة بن زياد، عن الصادق، عن أبيه

____________________________

٢ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٥٢.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٢ ح ٩٢.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

(٢) الحمد: نقيض الذم.. ومنه المحمّدة خلاف المذمة لسان العرب ج ١ ص ١٠٥ (حمد).

(٣) في المصدر: اشترك.

(٤) في المصدر: مشرك.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٢ ح ٩٣.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٨٣ ح ٢٩٥.

١٠٤

عليهما‌السلام: « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ سئل فيما النجاة غداً؟ فقال: النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه، ويخلع منه الإيمان، ونفسه يخدع لو يشعر، فقيل له: وكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله، ثم يريد به غيره فاتقوا الله، واجتنبوا الرياء فإنه شرك بالله، إن المرائى يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك، وبطل أجرك، ولا خلاق (١) لك اليوم، فاطلب (٢) أجرك ممّن كنت تعمل له ».

١٠٢ / ٦ - وعن زرارة وحمران، عن أبي جعفر و أبي عبدالله عليهما‌السلام قالا: « لو أنّ عبداً عمل عملاً يطلب به رحمة الله والدار الآخرة، ثم ادخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركاً ».

١٠٣ / ٧ - نهج البلاغة: قال أميرالمؤمنين عليه‌السلام: « واعملوا في غير رياء ولا سمعة، فانه من يعمل لغير الله يكله الله (إلى من عمل) (١) له ».

١٠٤ / ٨ - الجعفريات: اخبرنا عبدالله، اخبرنا محمّد، حدّثني موسى قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب

____________________________

(١) الخلاق: الحظ والنصيب من الخير والصلاح (لسان العرب ج ١٠ ص ٩٢، مجمع البحرين ج ٥ ص ١٥٧ مادة خلق).

(٢) في المصدر: فالتمس.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٣ ح ٩٦.

٧ - نهج البلاغة ج ١ ص ٥٧ خطبة ٢٢.

(١) في المصدر: لمن عمل.

٨ - الجعفريات ص ١٣٦.

١٠٥

عليهم‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: من زاد خشوع الجسد على ما في القلب، فهو خشوع نفاق ».

١٠٥ / ٩ - كتاب المانعات من الجنة: للشيخ الفقيه أبي محمّد جعفر بن أحمد القمى، عن أبي سعيد الخدرىّ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إن الله حرّم الجنة على كل مراءٍ ومرائية، وليس البرّ فى حسن الزى ولكن البرّ في السكينة والوقار ».

١٠٦ / ١٠ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي:، عن أبي الصبّاح العبدى، - ويقال له الكنانى -، عن يزيد بن خليفة، قال: دخلنا على أبي عبدالله عليه‌السلام، فلمّا جلسنا عنده قال: « نظرتم حيث نظر الله - إلى أن قال -: ما على عبد إذا عرفه الله إلا يعرفه الناس، انه من عمل للناس كان ثوابه على الناس، ومن عمل لله كان ثوابه على الله، وإنّ كل رياء شرك ».

١٠٧ / ١١ - وعن حميد بن شعيب، عن جابر قال: سمعته - أي - جعفراً عليه‌السلام - يقول: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١) - ثم قال -: « إنّه ليس من رجل عمل شيئاً من أبواب الخير يطلب به وجه الله، ويطلب به حمد الناس، يشتهى ان يسمع الناس، قال فقال: هذا الذى أشرك بعبادة ربه ».

١٠٨ / ١٢ - الشهيد الثاني في منية المريد: قال رسول الله

____________________________

٩ - كتاب المانعات ص ٦٢.

١٠ - كتاب جعفر بن محمّد الحضرمي ص ٧٧.

١١ - المصدر السابق ص ٧١.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

١٢ - منية المريد ص ١٥٨، عدة الداعي ص ٢١٤ مع اختلاف يسير في ذيله.

١٠٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الاصغر » قالوا: وما الشرك الاصغر؟

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « هو الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم: اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء ».

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « استعيذوا (١) من جبّ الخزى »، قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: « واد في جهنّم اُعدّ للمرائين ».

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إنّ المرائى ينادى يوم القيامة: يا فاجر، يا غادر، يا مرائى، ضلّ عملك وبطل اجرك، اذهب فخذ اجرك ممّن كنت تعمل له ».

١٠٩ / ١٣ - وفى أسرار الصلاة:، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إنّ الجنة تكلّمت وقالت: إنى حرام على كل بخيل ومراء ».

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إن النار وأهلها يعجون (١) من اهل الرياء فقيل: يا رسول الله وكيف تعجّ النار؟ قال: « من حرّ النار التي يعذبون بها ».

١١٠ / ١٤ - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه‌السلام: « لاتراء بعملك من لا يحيى ولا يميت ولا يغنى عنك شيئاً، والرياء شجرة لا تثمر إلا الشرك الخفىّ وأصلها النفاق، يقال للمرائي عند الميزان: خذ

____________________________

(١) في المصدر: استعيذوا بالله.

١٣ - اسرار الصلاة ص ١٤٢.

(١) عج يعج: رفع صوته وصاح (لسان العرب ج ٢ ص ٣١٨ مادة عجج).

١٤ - مصباح الشريعة ص ٢٨٠.

١٠٧

ثوابك ممّن عملت له (١)، ممّن أشركته معى، فانظر من تعبد؟ ومن تدعو؟ ومن ترجو؟ ومن تخاف؟ واعلم أنّك لا تقدر على إخفاء شئ من باطنك عليه (٢) وتصير مخدوعاً (٣)، قال الله عزّوجلّ: ( يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) (٤).

واكثر ما يقع الرياء في النظر (٥)، والكلام، والاكل، والمشى، والمجالسة، واللباس، والضحك، والصلاة، والحج، والجهاد، والقراءة (٦)، وسائر العبادات الظاهرة، ومن اخلص باطنه لله وخشع له بقلبه و رأى نفسه مقصّراً بعد بذل كلّ مجهود، وجد الشكر عليه حاصلاً، فيكون ممّن يرجى له الخلاص من الرياء والنفاق، إذا استقام على ذلك في كل حال ».

١١١ / ١٥ - الشيخ الطوسى في مجالسه:، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن أبي الحسين رجاء بن يحيى، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبدالله بن أبي دُنّى [ الهنائى ] (١)، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن

____________________________

(١) في المصدر: خذ ثوابك وثواب عملك، ...

(٢) في المصدر: عليك.

(٣) في المصدر: مخدوعاً بنفسك.

(٤) البقرة ٢: ٩.

(٥) في المصدر: البصر.

(٦) في المصدر: وقراءة القرآن.

١٥ - امالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٥، مكارم الاخلاق ص ٤٦٤، تنبيه الخواطر (مجموعة ورام) ج ٢ ص ٥٨، البحار ج ٧٧ ص ٨١، عن المكارم.

(١) هذا هو الصحيح - وما بين المعقوفتين أثبتناه من البحار - وكان في الاصل المخطوط:

... بن أبي دبي، وفي الأمالي: بن أبي داود الهنابي، وفي المكارم: وهب بن

١٠٨

أبيه، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « يا أبا ذر، إتّق الله ولا تر الناس انّك تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر ».

١١٢ / ١٦ - الصدوق في الأمالى:، عن جعفر بن محمّد بن مسرور، عن الحسين بن عامر، عن عمه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالى، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال: « المؤمن خلط علمه بالحلم - إلى أن قال -: ولا يفعل شيئاً من الحق رياء، ولا يتركه حياء ».

١١٣ / ١٧ - الشيخ ورّام بن أبي فراس في تنبيه الخواطر:، عن شداد بن أوس قال: دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، فرأيت في وجهه ما ساءني فقلت: ما الذى أرى بك؟ فقال: « اخاف على امتي الشرك »، فقلت: أ يشركون من بعدك؟! فقال: « أما إنهم لا يعبدون شمساً ولاقمراً ولا وثناً ولا حجراً، ولكنّهم يراؤون بأعمالهم، والرياء هو الشرك ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١).

١٢ - ( باب بطلان العبادة المقصود بها الرياء )

١١٤ / ١ - الجعفريات: اخبرنا عبدالله، اخبرنا محمّد، حدّثني موسى

____________________________

= عبدالله الهناء، وهو تصحيف ظاهر. راجع تهذيب الكمال، وتهذيب التهذيب، خلاصة الخزرجي، والتقريب.

١٦ - امالي الصدوق ص ٣٩٩ ح ١٢، البحار ج ٦٧ ص ٢٩١ ح ١٤.

١٧ - تنبيه الخواطر ج ٢ ص ٢٣٣.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ١٦٣.

١٠٩

قال: حدّثنا أبى، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إنّ الملك ليصعد بعمل العبد إلى الله تعالى فإذا صعد بحسناته إلى الله تعالى يقول [ الله ] تعالى: اجعله في سجّين (١)، فانه ليس إيّاى أراد به ».

١١٥ / ٢ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: لا يقبل الله تعالى دعاء المرائى » الخبر.

١١٦ / ٣ - فقه الرضا عليه‌السلام: ونروى في قول الله تعالى: ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١) قال: ليس من رجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله، إنما يطلب تزكية الناس، ويشتهي أن يسمع به إلّا أشرك بعبادة ربّه في ذلك العمل، فيبطله الرياء وقد سمّاه الشرك.

١١٧ / ٤ - العياشي في تفسيره:، عن علي بن سالم، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: « قال الله تعالى: انا خير شريك، من أشرك بى في عمله، لم أقبله إلّا ما كان لى خالصاً ».

١١٨ / ٥ - وفى رواية اُخرى عنه عليه‌السلام: قال: « إن الله تعالى

____________________________

(١) سجين: من السجن وهو الحبس. وفي التفسير: هو كتاب جامع ديوان الشر مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٦٢ وقال ابن الاثير في النهاية ج ٢ ص ٣٤٤ سجين: بدون الالف واللام، اسم علم للنار.

٢ - المصدر السابق ص ١٧٠.

٣ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٥٢.

(١) الكهف ١٨: ١١٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٥٣ ح ٩٤.

٥ - المصدر السابق. ج ٢ ص ٣٥٣ ح ٩٥.

١١٠

يقول: أنا خير شريك، من عمل لى ولغيري فهو لمن عمل له دوني ».

١١٩ / ٦ - عدّة الداعي:، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إن الله تعالى لا يقبل عملاً فيه مثقال ذرّة من رياء ».

١٢٠ / ٧ - الشهيد الثاني في اسرار الصلاة، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إنّ أول من يدعى يوم القيامة رجل جمع القرآن، ورجل قتل فسبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله عزّوجلّ للقارئ: ألم اُعلمك ما أنزلت على رسولي ؟ فيقول بلى: يا ربّ، فيقول: ما عملت فيما علمت ؟ فيقول: يا رب قمت به في آناء الليل وأطراف النهار، فيقول الله تعالى: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: إنّما أردت أن يقال: فلان قارئ، فقد قيل ذلك. ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى: ألم اُوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد؟ فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فما عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم وأتصدّق، فيقول الله تعالى: كذبت، وتقول الملائكة كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال فلان جواد، وقد قيل ذلك. ويؤتى بالذى قتل في سبيل الله، فيقول الله تعالى: ما فعلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله تعالى: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال فلان شجاع جرئ، فقد قيل ذلك. ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: اُولئك تسعّر لهم نار جهنّم ».

١٢١ / ٨ - السيّد الأجلّ علي بن طاووس في فلاح السائل: بإسناده عن

____________________________

٦ - عدة الداعي ص ٢١٤.

٧ - اسرار الصلاة ص ١٤٢.

٨ - فلاح السائل ص ١٢٣ باختلاف يسير.

١١١

الشيخ هارون بن موسى التلعكبري، عن ابن عقدة، عن محمّد بن سالم بن جبهان، عن عبد العزيز، عن الحسن بن علي، عن سنان، عن عبد الواحد، عن رجل، عن معاذ، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في خبر طويل: « وتصعد الحفظة بعمل العبد أعمالاً بفقه واجتهاد وورع، له صوت كصوت الرعد، وضوء كضوء البرق، وله ثلاثة آلاف ملك، فيمرّ بهم على ملك السماء السابعة، فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه، أنا ملك الحجّاب أحجب كل عمل ليس لله، إنّه أراد رفعة عند القوّاد، وذكراً في المجالس، وصوتاً (١) في المدائن، أمرني ربّى أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيرى ما لم يكن خالصاً.

[ قال ] وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً به من صلاة، وزكاة، وصيام، وحج، وعمرة، وخلق حسن وصمت، وذكر كثير، تشيّعه ملائكة السموات وملائكة السموات السبعة بجماعتهم، فيطؤون الحجب كلّها حتى يقوموا بين يدى الله سبحانه، فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء، فيقول الله تعالى: انتم حفظة عمل عبدى، وانا رقيب على ما في نفسه، إنّه لم يردنى بهذا العمل، عليه لعنتي، فتقول الملائكة: عليه لعنتك ولعنتنا ».

١٢٢ / ٩ - ورواه ابن فهد في عدة الداعي -، عن كتاب المنبئ، عن زهد النبي - صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لأبي محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمى، عن عبد الواحد، عمن حدّثه، عن معاذ بن جبل، مثله.

____________________________

(١) الصوت: قالوا: انتشر صوته في الناس! بمعنى الصيت، والصيت: الذكر (لسان العرب ج ٢ ص ٥٨ مادة صوت).

٩ - عدة الداعي ص ٢٢٩.

١١٢

١٢٣ / ١٠ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول:، عن هشام، عن الكاظم عليه‌السلام: انه قال: « وينبغى للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيى من الله إذ تفرّد بالنعم، أن يشارك في عمله أحداً غيره ».

١٢٤ / ١١ - القطب الراوندي في لبّ اللباب، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، انه سئل، ما القلب السليم؟ فقال: « دين بلاشك وهوى، وعمل بلا سمعة ورياء ».

١٢٥ / ١٢ - وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: « ينادى في القيامة: أين الّذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا وخذوا أجوركم ممّن عملتم له، فإنّى لا أقبل عملاً خالطه شئ من الدنيا ».

١٢٦ / ١٣ - وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « الشرك أخفى في امتي من دبيب النمل على الصفا (١)».

١٢٧ / ١٤ - دعائم الإسلام:، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، أنّه أوصى قوماً من أصحابه فقال: « اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس، فإنّه ماكان لله فهو له، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله » الخبر.

١٢٨ / ١٥ - وعن أبي جعفر عليه‌السلام أنه أوصى لبعض شيعته

____________________________

١٠ - تحف العقول ص ٢٩٧.

١١ - لب اللباب: مخطوط.

١٢ - المصدر السابق.

١٣ - لب اللباب: مخطوط.

(١) الصفا: العريض من الحجارة الاملس (لسان العرب ج ١٤ ص ٤٦٤، مجمع البحرين ج ١ ص ٢٦٣ مادة صفا).

١٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٢.

١٥ - المصدر السابق ج ١ ص ٦٤.

١١٣

فقال: « يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا - إلى أن قال -: واجتمعوا على اُموركم، ولا تدخلوا غشاً ولا خيانة على أحد - إلى أن قال -: ولا عملكم لغير ربّكم، ولا إيمانكم وقصدكم لغير نبيّكم ».

١٣ - ( باب كراهية الكسل في الخلوة والنشاط بين الناس )

١٢٩ / ١ - الجعفريات: أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى قال: حدّثنا، أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه على بن الحسن، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم‌السلام قال: « للمرائي ثلاث علامات، ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا خلا، ويحبّ أن يحمد في جميع اُموره ».

١٣٠ / ٢ - الصدوق في الخصال:، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن حماد، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « قال لقمان لابنه: للمرائي ثلاث علامات، يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان الناس عنده، ويتعرّض في كل امر للمحمدة ».

١٣١ / ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: قال: قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من احسن صلاته حتى يراها الناس، وأساءها حين يخلو، فتلك استهانة استهان بها ربه ».

١٤ - ( باب كراهة ذكر الانسان عبادته للناس )

١٣٢ / ١ - عدّة الداعي:، عن الصادق عليه‌السلام: « من عمل

____________________________

الباب - ١٣

١ - الجعفريات ص ٢٣١.

٢ - الخصال ص ١٢١ ح ١١٣.

٣ - لب اللباب: مخطوط، شهاب الاخبار ص ٢١٤ ح ٣٨٩.

الباب - ١٤

١ - عدة الداعي ص ٢٢١.

١١٤

حسنة سرّاً كتبت له سراً، فإذا أقرّ بها محيت، وكتبت جهراً، فإذا أقرّ بها ثانياً، محيت وكتبت رياء ».

١٣٣ / ٢ - القطب الراوندي في دعواته: روى زيد بن أسلم: أن عابداً في بنى اسرائيل سأل الله تعالى فقال: يا ربّ ما حالى عندك، أخير فأزداد في خيرى؟ أو شرّ فاستعتب (١) قبل الموت؟ قال: فأتاه آت فقال له: ليس لك عند الله خير، قال: يا ربّ وأين عملي؟ قال: كنت إذا عملت لى خيراً أخبرت الناس به، فليس لك منه إلّا الذى رضيت به لنفسك الخبر.

١٣٤ / ٣ - كتاب العلاء بن رزين:، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: « لا بأس أن تحدّث أخاك إذا رجوت أن تنفعه وتحثّه، وإذا سألك هل قمت الليلة أو صمت؟ فحدّثه بذلك إن كنت فعلته، فقل: قد رزق الله ذلك ولا تقل: لا، فإن ذلك كذب ».

١٥ - ( باب جواز تحسين العبادة ليقتدى بالفاعل وللترغيب في المذهب )

١٣٥ / ١ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى:، عن الحسن بن الحسين بن بابويه، عن عمّه محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن عمّه أبي جعفر بن بابويه، عن أبيه، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس، عن يحيى الحلبي، عن عبدالحميد بن غواص، عن عمر بن يحيى بن بسام قال: سمعت

____________________________

٢ - دعوات الراوندي ص ٥٩، عنه في البحار ج ٧٢ ص ٣٢٤ ح ٤.

(١) استعتب: طلب الرضا (لسان العرب ج ١ ص ٥٧٨ عتب).

٣ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥٤.

الباب - ١٥

١ - بشارة الصطفى ص ١٤٠.

١١٥

أباعبدالله عليه‌السلام يقول: « إنّ أحقّ الناس بالورع آل محمّد وشيعتهم كى تقتدي الرعيّة بهم ».

١٣٦ / ٢ - دعائم الإسلام: روينا، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، انه قال في حديث: « اوصيكم بتقوى الله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وأداء الامانة لمن ائتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه، وأن تكونوا لنا دعاة صامتين، فقالوا: يابن رسول الله وكيف ندعو إليكم ونحن صموت ؟ قال: تعملون بما أمرناكم به من العمل بطاعة الله، وتتناهون (عن معاصي) (١) الله وتعاملون الناس بالصدق والعدل، وتؤدّون الأمانة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون، عن المنكر، ولا يطّلع الناس منكم إلّا على خير، فإذا رأوا ما أنتم عليه (٢)، عملوا أفضل ما عندنا فتنازعوا إليه » (٣)، الخبر.

١٦ - (  باب استحباب العبادة في السرّ واختيارها على العبادة في العلانية إلّا فى الواجبات  )

١٣٧ / ١ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في بعض خطبه: (  يا أيّها الناس، طوبى لمن شغله عيبه، عن عيوب الناس، وطوبى لمن لزم بيته، وأكل قوته، واشتغل بطاعة ربّه وبكى على

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٥٦.

(١) في المصدر: عما نهيناكم عنه من ارتكاب محارم.

(٢) هنا في المصدر زيادة: قالوا هؤلاء الفلانية رحم فلانا، ما كان احسن ما يؤدب أصحابه.

(٣) زاد في المصدر: وعلموا أفضل ما كان عندنا فسارعوا إليه.

الباب - ١٦

١ - نهج البلاغة ج ٢ ص ١١٦ ح ١٧١.

١١٦

خطيئته، فكان من نفسه في شغل، والناس منه في راحة ».

١٣٨ / ٢ - الجعفريات: اخبرنا عبدالله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام، أنّه قال لرجل: « هل في بلدك قوم شهروا أنفسهم بالخير فلا يعرفون إلّا به »؟ قال: نعم، قال: « فهل في بلدك قوم شهروا أنفسهم بالشرّ فلا يعرفون إلّا به »؟ قال: نعم، قال: « ففيها بين ذلك قوم يجترحون السيئات ويعملون بالحسنات يخلطون ذا بذا »؟ قال: نعم، قال عليه‌السلام: « تلك خيار اُمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، تلك النمرقة (١) الوسطى، يرجع إليهم الغالى وينتهى إليهم المقصر ».

١٣٩ / ٣ - الشيخ الطوسى في مجالسه:، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن رجاء بن يحيى، عن محمّد بن الحسن بن شمون، عن عبدالله بن عبد الرحمن الاصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب بن عبدالله، عن أبي الحرب بن أبي الاسود، عن أبيه، عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « يا أباذرّ، ان الصلاة النافلة

____________________________

٢ - الجعفريات ص ٢٣٢.

(١) النمرقة بكسر النون وفتها فسكون: الوسادة، قال في مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٤٢ ما لفظه: « استعار عليه‌السلام ذلك له ولاهل بيته باعتبار كونهم أئمة العدل يستند الخلق إليهم في تدبير معاشهم ومعادهم، ومن حق الامام العادل ان يلحق به التالي المقصر في الدين ويرجع إليه الغالي المفرط المتجاوز في طلبه حد العدل كما يستند إلى النمرقة المتوسطة من على جانبيها ».

٣ - آمالي الطوسي ج ٢ ص ١٤٣ و ١٤٧ باختلاف يسير، البحار ج ٧٧ ص ٩٢.

١١٧

تفضل في السر على العلانية كفضل الفريضة على النافلة - إلى ان قال -: يا أباذرّ ان ربّك عزّوجلّ يباهى الملائكة بثلاثة نفر:

رجل يصبح في أرض قفر فيؤذن، ثم يقيم، ثم يصلى، فيقول ربّك عزّوجلّ للملائكة: انظروا الى عبدى يصلى ولا يراه أحد غيرى، فينزل سبعون ألف ملك، يصلون وراءه، ويستغفرون له إلى الغد من ذلك اليوم »، الخبر.

١٤٠/٤ - كتاب عاصم بن حميد الحناط:، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « ان من أغبط اوليائي عندي رجل خفيف الحال، ذو حظ من صلاة، أحسن عبادة ربّه في الغيب، وكان غامضاً (١) في الناس، جعل رزقه كفافاً فصبر عليه، عجّلت منيّته، مات فقلّ تراثه (٢) وقلّت بواكيه ».

١٤١ / ٥ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: باسناده، عن الحسين بن سعيد، عن اسماعيل بن همام، عن أبي الحسن عليه‌السلام قال: « دعوة العبد سرّاً دعوة واحدة، تعدل سبعين دعوة علانية ».

١٤٢ / ٦ - وعن محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن

____________________________

٤ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٧ باختلاف يسير.

(١) من كان غامضا في الناس: أي من كان خفيا عنهم لايعرف سوى الله تعالى (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢١٩ غمض).

(٢) التراث: ما يخلفه الرجل لورثته (لسان العرب ج ٢ ص ٢٠١ مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٦٧ ورث).

٥ - فلاح السائل ص ٢٦.

٦ - المصدر السابق ص ٢٦.

١١٨

أبى عمير، عن بعض اصحابنا، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « ما يعلم عظم ثواب الدعاء وتسبيح العبد فيما بينه وبين نفسه إلّا الله تبارك وتعالى ».

١٤٣ / ٧ - وعن محمّد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى، عن على بن اسباط، عن رجل، عن صفوان الجمال، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى فرض هذا الأمر على اهل هذه العصابة سراً، ولن (١) يقبله علانية »، قال صفوان، قال أبوعبدالله عليه‌السلام: « إذا كان يوم القيامة، نظر رضوان خازن الجنّة إلى قوم لم يمروا به، فيقول: من أنتم؟ ومن أين دخلتم؟ قال: يقولون: إيهاً (٢) عنّا، فإنّا قوم عبدنا الله سرّاً، فأدخلنا الله الجنّة سرّاً ».

١٤٤ / ٨ - كتاب الغايات لجعفر بن احمد القمى: عن معاذ بن ثابت رفعه، قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « أفضل العبادة أجراً أخفاها ».

١٤٥ / ٩ - سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الانوار: عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « كفى بالرجل بلاء ان يشار إليه بالاصابع في دين أو دنيا ».

١٤٦ / ١٠ - وعن أبي عبدالله عليه‌السلام قال: « ان الله يبغض

____________________________

٧ - فلاح السائل ص ٢٦.

(١) في المصدر: ولم.

(٢) في المصدر: إياك. وايها بمعنى كف (لسان العرب ح ١٣ ص ٤٧٤ ايه).

٨ - كتاب الغايات ص ٧٢.

٩ - مشكاة الانوار ص ٣٢٠.

١٠ - المصدر السابق ص ٣٢٠.

١١٩

الشهرتين شهرة اللباس، وشهرة الصلاة ».

١٤٧ / ١١ - وعنه عليه‌السلام قال: « الشهرة خيرها وشرّها [ في ] (١) النار ».

١٧ - (  باب تأكّد استحباب حبّ العبادة والتفرّغ لها  )

١٤٨ / ١ - الجعفريات: أخبرنا عبدالله، أخبرنا محمّد، حدّثني موسى قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام قال: « أفضل الناس من عشق العبادة وعانقها واحبّها بقلبه وباشرها بجسده وتفرّغ لها، فهو لا يبالى على ما أصبح من الدنيا على يسر أم على عسر (١) ».

١٤٩ / ٢ - كتاب الغايات: لجعفر بن احمد القمى، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مثله.

١٥٠ / ٣ - كتاب درست بن أبي منصور: عن جميل بن دراج، قال: قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام: اصلحك الله ( وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) (١) قال: فقال الناس جميعاً لم يرض لهم الكفر، قال:

____________________________

١١ - المصدر السابق ص ٣٢٠.

(١) اثبتناه من المصدر.

الباب - ١٧

١ - الجعفريات ص ٢٣٢.

(١) في المصدر: ام على غير.

٢ - الغيات ص ٨٣.

٣ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٢.

(١) الزمر ٣٩: ٧.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417