مرآة العقول الجزء ١٨

مرآة العقول0%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 439

مرآة العقول

مؤلف: الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي ( العلامة المجلسي )
تصنيف:

الصفحات: 439
المشاهدات: 20228
تحميل: 2444


توضيحات:

المقدمة الجزء 1 المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20 الجزء 21 الجزء 22 الجزء 23 الجزء 24 الجزء 25 الجزء 26
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 439 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 20228 / تحميل: 2444
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء 18

مؤلف:
العربية

عن أبي حمزة الثمالي قال قلت لعلي بن الحسين صلوات الله عليهما إن عليا عليه‌السلام سار في أهل القبلة بخلاف سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في أهل الشرك قال فغضب ثم جلس ثم قال سار والله فيهم بسيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الفتح إن عليا عليه‌السلام كتب إلى مالك وهو على مقدمته يوم البصرة بأن لا يطعن في غير مقبل ولا يقتل مدبرا ولا يجيز على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن فأخذ الكتاب فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوا فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة ثم فتح الكتاب فقرأه ثم أمر مناديا فنادى بما في الكتاب.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن أبي بكر الحضرمي قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لسيرة علي عليه‌السلام في أهل البصرة كانت خيرا لشيعته مما طلعت عليه الشمس إنه علم أن للقوم دولة فلو سباهم لسبيت شيعته. قلت فأخبرني عن القائم عليه‌السلام يسير بسيرته قال لا إن عليا صلوات الله عليه سار فيهم

والسكك جمع سكة وهي الزقاق.

الحديث الرابع : مجهول. ويدل على أنه عليه‌السلام إنما أعرض عن سبيهم لضرب من المصلحة والحكم فيهم مع عدم المصلحة جواز السبي.

وقال في الدروس : كيفية قتال البغاة كالمشركين إلا أن البغاة إذا كان لهم فئة أجهز على جريحهم وتبع مدبرهم وقتل أسيرهم ، وإن لم يكن لهم فئة اقتصر على تفريقهم.

ونقل الحسن : أنهم يعرضون على السيف فمن مات منهم ترك وإلا قتل ، ولا يجوز سبي نساء الفريقين ، ونقل الحسن : أن للإمام ذلك إذا شاء لمفهوم قول علي عليه‌السلام أني مننت على أهل البصرة كما من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على أهل مكة وقد كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يسبي فكذا للإمام وهو شاذ ولا تقسم أموالهم التي لم يحوها العسكر إجماعا ، وجوز المرتضى قتالهم بسلاحهم على دوابهم لعموم «فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ »(١) وما حواه العسكر إذا رجعوا إلى طاعة الإمام

__________________

(١) سورة الحجرات ، الآية.

٣٦١

بالمن للعلم من دولتهم وإن القائم عجل الله فرجه يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لأنه لا دولة لهم.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن محمد بن عذافر ، عن عقبة بن بشير ، عن عبد الله بن شريك ، عن أبيه قال لما هزم الناس يوم الجمل قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لا تتبعوا موليا ولا تجيزوا على جريح ومن أغلق بابه فهو آمن فلما كان يوم صفين قتل المقبل والمدبر وأجاز على جريح فقال أبان بن تغلب لعبد الله بن شريك هذه سيرتان مختلفتان فقال إن أهل الجمل قتل طلحة والزبير وإن معاوية كان قائما بعينه وكان قائدهم.

(باب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن صالح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال كان يقول من فر من رجلين في القتال من الزحف فقد فر ومن فر من ثلاثة في القتال من الزحف فلم يفر.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن

حرام وإن أصروا فالأكثر على قسمته كقسمة الغنيمة ، وأنكره المرتضى وابن إدريس.

الحديث الخامس : مجهول. والإجازة والإجهاز على الجريح إتمام أمره وقتله.

باب(١)

الحديث الأول : ضعيف ويدل على جواز الفرار إذا كان العدو أكثر من الضعف وعدمه إذا كان ضعفا أو أقل كما هو المذهب وعلى عدم الفرق بين الجماعات والآحاد.

الحديث الثاني : ضعيف. وقال في المغرب : استأسر الرجل للعدو إذا

__________________

(١) هكذا في الأصل بدون ذكر العنوان.

٣٦٢

عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لما بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ببراءة مع علي عليه‌السلام بعث معه أناسا وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من استأسر من غير جراحة مثقلة فليس منا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال من استأسر من غير جراحة مثقلة فلا يفدى من بيت المال ولكن يفدى من ماله إن أحب أهله.

(باب)

(طلب المبارزة)

١ ـ حميد بن زياد ، عن الخشاب ، عن ابن بقاح ، عن معاذ بن ثابت ، عن عمرو بن جميع ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن المبارزة بين الصفين بعد إذن الإمام عليه‌السلام قال لا بأس ولكن لا يطلب إلا بإذن الإمام.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن جعفر بن محمد الأشعري ، عن ابن القداح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال دعا رجل بعض بني هاشم إلى البراز فأبى أن يبارزه فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام ما منعك أن تبارزه قال كان فارس العرب وخشيت أن يغلبني فقال له أمير المؤمنين صلوات الله عليه فإنه بغى عليك ولو بارزته لغلبته ولو.

أعطى يده بيده وانقاد ، وهو لازم كما ترى ولم نسمعه متعديا إلا في حديث عبد الرحمن وصفوان أنهما استأسرا المرأتين اللتين كانتا عندهما من هوازن.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

باب طلب المبارزة

الحديث الأول : ضعيف. وقال في الدروس : يكره المبارزة بين الصفين بغير إذن الإمام ويحرم إن منع ويجب إن ألزم.

الحديث الثاني : ضعيف.

٣٦٣

بغى جبل على جبل لهد الباغي وقال أبو عبد الله عليه‌السلام إن الحسين بن علي عليه‌السلام دعا رجلا إلى المبارزة فعلم به أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال لئن عدت إلى مثل هذا لأعاقبنك ولئن دعاك أحد إلى مثلها فلم تجبه لأعاقبنك أما علمت أنه بغي.

(باب)

(الرفق بالأسير وإطعامه)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما قال إذا أخذت أسيرا فعجز عن المشي وليس معك محمل فأرسله ولا تقتله فإنك لا تدري ما حكم الإمام فيه قال وقال الأسير إذا أسلم فقد حقن دمه وصار فيئا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إطعام الأسير حق على من أسره وإن كان يراد من الغد قتله فإنه ينبغي أن يطعم ويسقى و [ يظل ] ويرفق به كافرا كان أو غيره.

وقال الفيروزآبادي : « الهد » الهدم الشديد والكسر(١) .

قوله عليه‌السلام : « دعا رجلا » كان ترك أولى ، ويحتمل أن يكون تأديبه عليه‌السلام لتعليم غيره.

باب الرفق بالأسير وإطعامه

الحديث الأول : وقال في الدروس لو عجز الأسير عن المشي احتمل فإن أعوز لم يحل قتله وأمر بإطلاقه.

في النهاية ويجب إطعام الأسير وسقيه ، وإن أريد قتله سريعا ، ويتخير في القتل بين ضرب العنق وقطع اليد والرجل بغير حسم لينزفوا.

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٤٧.

٣٦٤

٣ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن حمدان القلانسي ، عن محمد بن الوليد ، عن أبان بن عثمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال الأسير طعامه على من أسره حق عليه وإن كان كافرا يقتل من الغد فإنه ينبغي له أن يرؤفه ويطعمه ويسقيه.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام في طعام الأسير فقال إطعامه حق على من أسره وإن كان يريد قتله من الغد فإنه ينبغي أن يطعم ويسقى ويظل ويرفق به كافرا كان أو غيره.

(باب)

(الدعاء إلى الإسلام قبل القتال)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري قال دخل رجال من قريش على علي بن الحسين صلوات الله عليهما فسألوه كيف الدعوة إلى الدين قال تقول «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » أدعوكم إلى الله عز وجل وإلى دينه وجماعه أمران أحدهما معرفة الله عز وجل والآخر العمل برضوانه وإن معرفة الله عز وجل أن يعرف بالوحدانية والرأفة والرحمة والعزة والعلم والقدرة والعلو على كل شيء وأنه النافع الضار القاهر لكل شيء الذي «لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » وأن محمدا عبده ورسوله وأن ما جاء به هو الحق من عند الله عزوجل

الحديث الثالث : مختلف فيه.

الحديث الرابع : مجهول.

باب الدعاء إلى الإسلام قبل القتال

الحديث الأول : ضعيف. وقال في الدروس : لا يجوز القتال إلا بعد الدعاء إلى الإسلام بإظهار الشهادتين والتزام جميع أحكام الإسلام ، والداعي هو الإمام أو نائبه ولو قوتلوا مرة بعد الدعاء كفى بما بعدها.

وقال الجزري : فيه حدثني بكلمة تكون جماعا ، الجماع : ما جمع عددا ، أي كلمة تجمع كلمات(١) .

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ١ ص ٢٩٥.

٣٦٥

وما سواه هو الباطل فإذا أجابوا إلى ذلك فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام لما وجهني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن قال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه إلى الإسلام وايم الله لأن يهدي الله عز وجل على يديك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت ولك ولاؤه.

(باب)

(ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه‌السلام به عند القتال)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن أبي حمزة ، عن عقيل الخزاعي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان إذا حضر الحرب يوصي للمسلمين بكلمات فيقول تعاهدوا الصلاة وحافظوا عليها واستكثروا منها وتقربوا بها فإنها «كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » وقد علم ذلك الكفار حين سئلوا «ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ

وقال فيه العزيز تعالى : وهو الغالب القوي العزيز الذي لا يغلب وأصل العزة : الشدة والقوة والغلبة(١) .

الحديث الثاني : ضعيف.

باب ما كان يوصي له أمير المؤمنين عليه‌السلام به عند القتال

الحديث الأول : مجهول.

قوله تعالى : «كِتاباً مَوْقُوتاً » أي مفروضا مكتوبا موقتا ، وفي النهج بعد قوله «كِتاباً مَوْقُوتاً »(٢) ألا تستمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا «ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ »(٣) «قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ »(٤) وإنها لتحت الذنوب حت الورق ، وتطلقها

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٢٢٨.

(٢) سورة النساء : ١٠٣.

(٣) سورة المدّثّر الآية : ٤٢.

(٤) سورة المدّثّر الآية : ٤٣.

٣٦٦

الْمُصَلِّينَ » وقد عرف حقها من طرقها وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زين متاع ولا قرة عين من مال ولا ولد يقول الله عزوجل «رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ » وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منصبا لنفسه بعد البشرى له بالجنة من ربه فقال عزوجل «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها » الآية فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه.

ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام على أهل الإسلام ومن لم يعطها

إطلاق الريق وشبهها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالحمة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة واليوم خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه من الدرن ، وقد عرف حقها إلى قوله وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نصبا بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه «وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ » واصطبر عليها فكان يأمر بها أهله ويصبر عليها نفسه ثم إن الزكاة جعلت مع الصلاة قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها إلى قوله عليه‌السلام ولكن أشفقن من العقوبة وعقلن ما جهل من هو أضعف منهن وهو الإنسان أنه كان ظلوما جهولا ، إن الله سبحانه لا يخفى عليه بالعباد مقترفون في ليلهم ونهارهم لطف به خبرا وأحاط به علما أعضاؤكم شهوده ، وجوارحكم جنوده ، وضمائركم عيونه ، وخلواتكم عيانه انتهى.

قوله عليه‌السلام : « من طرقها » لعله من الطروق بمعنى : الإتيان بالليل أي : وأضب عليها في الليالي.

وقيل : أي جعلها دأبه وصنعته من قولهم هذا طرقة رجل أي صنعته ، ولا يخفى عدم استقامته ، ولا يبعد أن يكون تصحيف طوق بها على المجهول ، أي ألزمها كالطوق بقرينة أكرم بها على بناء المجهول أيضا ، وفي النهج وقد عرف حقها رجال من المؤمنين الذين لا يشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال.

قوله عليه‌السلام : « منصبا » أي متعبا.

قوله عليه‌السلام : « مع الصلاة قربانا » لعله سقط هنا شيء ، وفي النهج البلاغة قربانا لأهل الإسلام فمن أعطاها طيب النفس بها فإنها تجعل له كفارة ومن النار حجابا ووقاية فلا يتبعنها أحد نفسه ، ولا يكثرن عليها لهفه ، فإن من أعطاها غير

٣٦٧

طيب النفس بها يرجو بها من الثمن ما هو أفضل منها فإنه جاهل بالسنة مغبون الأجر ضال العمر طويل الندم بترك أمر الله عز وجل والرغبة عما عليه صالحو عباد الله يقول الله عزوجل «وَمَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى » من الأمانة فقد خسر من ليس من أهلها وضل عمله عرضت على السماوات المبنية والأرض المهاد والجبال المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم لو امتنعن من طول أو عرض أو عظم أو قوة أو عزة امتنعن ولكن أشفقن من العقوبة.

ثم إن الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام وهو قوام الدين والأجر فيه عظيم مع العزة والمنعة وهو الكرة فيه الحسنات والبشرى بالجنة بعد الشهادة وبالرزق غدا عند الرب والكرامة

طيب النفس بها يرجو بها ما هو أفضل منها فهو جاهل بالنسبة مغبون الأجر ضال العمل طويل النوم ثم أداء الأمانة فقد خاب إلى آخره.

قوله عليه‌السلام : « من الأمانة » لعله بيان لسبيل المؤمنين أي المراد بسبيل المؤمنين ولاية أهل البيت عليهم‌السلام وهي الأمانة المعروضة ، والصواب ما في النهج وفيه هكذا : ثم أداء الأمانة فقد خاب من ليس من أهلها أنها عرضت على السماوات المبنية والأرضين المدحوة والجبال ذات الطول المنصوبة فلا أطول ولا أعرض ولا أعلى ولا أعظم منها ولو امتنع شيء منها بطول أو عرض أو قوة أو عز لامتنعن ولكن أشفقن من العقوبة إلى آخر ما سيأتي.

قوله عليه‌السلام : « على السماوات المبنية » قال ابن ميثم (ره) ذكر كون السماوات مبنية وغيرها تنبيه للإنسان على جرأته على المعاصي وتضييع هذه الأمانة إذ أهل لها وحملها وتعجب منه في ذلك ، وقوله : « ولو امتنع شيء إلى آخره » إشارة إلى أن امتناعهن لم يكن لعزة وعظمة أجساد ولا استكبار عن الطاعة وأنه لو كان كذلك لكانت أولى بالمخالفة لأعظمية أجرامها ، بل إنما ذلك عن ضعف وإشفاق من خشية الله وعقلهن ما جهل الإنسان.

قيل إن الله تعالى عند خطابها خلق فيها فهما وعقلا.

وقيل : إن إطلاق العقل مجاز في مسببه وهو الامتناع عن قبول هذه الأمانة.

قوله عليه‌السلام : « وهو الكرة » أي الحملة على العدو وهي في نفسها أمر مرغوب

٣٦٨

يقول الله عزوجل «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ » الآية ثم إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين وسلب للدنيا مع الذل والصغار وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال يقول الله عزوجل «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ » فحافظوا على أمر الله عز وجل في هذه المواطن التي الصبر عليها كرم وسعادة ونجاة في الدنيا والآخرة من فظيع الهول والمخافة فإن الله عز وجل لا يعبأ بما العباد مقترفون ليلهم ونهارهم لطف به علما وكل ذلك «فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى » فاصبروا وصابروا واسألوا النصر ووطنوا أنفسكم على القتال واتقوا الله عز وجل فإن «اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ».

٢ ـ وفي حديث يزيد بن إسحاق ، عن أبي صادق قال سمعت عليا عليه‌السلام يحرض الناس في ثلاثة مواطن الجمل وصفين ويوم النهر يقول عباد الله اتقوا الله وغضوا الأبصار واخفضوا الأصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على المنازلة والمجادلة والمبارزة والمناضلة والمنابذة والمعانقة والمكادمة و «فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ».

فيه أو ليس هو إلا مرة واحدة وحملته فيها سعادة الأبد ويمكن أن يقرأ بالهاء أي هو مكروه عند العباد وهو الأصوب ، فيكون إشارة إلى قوله تعالى «كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ »(١) .

قوله عليه‌السلام : « زحفا » قال الزمخشري الزحف الجيش الدهم الذي يرى لكثرته كأنه يزحف أو يدب دبيبا ، من زحف الصبي إذا دب على استه قليلا قليلا ، سمي بالمصدر والجمع زحوف وهو حال من الذين كفروا أو من الفريقين أي مزاحفين هم وأنتم أو من المؤمنين(٢) .

الحديث الثاني : مرسل مجهول.

__________________

(١) سورة البقرة الآية : ٢١٦.

(٢) اساس البلاغة للزمخشريّ : ص ٢٦٨.

٣٦٩

٣ ـ وفي حديث عبد الرحمن بن جندب ، عن أبيه أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا فيقول لا تقاتلوا القوم حتى يبدءوكم فإنكم بحمد الله على حجة وترككم إياهم حتى يبدءوكم حجة لكم أخرى فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل.

وقال الفيروزآبادي : كدم الصيد : طرده(١) والفشل الجبن(٢) .

الحديث الثالث : مرسل مجهول.

قوله عليه‌السلام : « على حجة » قال ابن ميثم من وجهين.

أحدهما : دخولهم في حرب الله وحرب رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوله « يا علي حربك حربي » ، وتحقق سعيهم في الأرض بالفساد بقتلهم النفس التي حرم الله فتحقق دخولهم في قوله تعالى : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً »(٣) الآية.

وثانيهما : دخولهم في قوله تعالى «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ »(٤) .

قوله عليه‌السلام : « فإذا هزمتموهم » في النهج فإذا كانت الهزيمة بإذن الله فلا تقتلوا مدبرا ولا تصيبوا معورا ولا تجهزوا على جريح.

وقال في النهاية : في تفسير قوله معورا أعور الفارس إذا بدا فيه موضع خلل للضرب(٥) .

وقال ابن ميثم : هو من معتصم منك في الحرب بإظهار عورته لتكف عنه ، ويجوز أن يكون للعور هاهنا المريب الذي يظن أنه من القوم وليس منهم لعله حضر لأمر آخر.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ١٧٠.

(٢) القاموس المحيط ج ٤ ص ٢٩.

(٣) سورة المائدة : الآية : ٣٣.

(٤) سورة البقرة : الآية : ١٩٤.

(٥) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٣١٩.

٣٧٠

٤ ـ وفي حديث مالك بن أعين قال حرض أمير المؤمنين صلوات الله عليه الناس بصفين فقال إن الله عز وجل دلكم «عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » وتشفي بكم على الخير الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله وجعل ثوابه مغفرة للذنب «وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ » وقال عز وجل «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ » فسووا صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجد

الحديث الرابع : مرسل.

وقال الجوهري : أشفى على الشيء : أشرف عليه(١) .

وقال رصصت الشيء أرصه رصا : أي ألصقت بعضه بعضا ، ومنه بنيان مرصوص(٢) .

والدارع : الذي عليه الدرع ، والحاسر : الذي لا مغفر عليه ولا درع.

وقال : ابن ميثم « ره » النواجد أقاصي الأضراس ونبأ السيف إذا رجع في الضربة ولم يعمل ، وفائدة الأمر بالعض على النواجد ما ذكر وهو أن ينبو السيف عن الهامة وعلته أن العض على الناجذ يستلزم ، وتصلب العضلات والأعصاب المتصلة بالدماغ فيقادم ضربة السيف ويكون نكايته فيه أقل ، والضمير في قوله فإنه يعود إلى المصدر الذي دل عليه عضوا كقولك من أحسن كان خيرا له.

وقال بعض الشارحين : عض الناجذ ، كناية عن تسكين القلب ، وطرد الرعدة وليس المراد حقيقته.

قلت : هذا وإن كان محتملا لو قطع النظر عن التعليل إلا أنه غير مراد هنا لأنه يضيع تعليله بكونه أنبأ للسيوف عن الهام انتهى.

والقائل القطب الراوندي (ره) ويمكن توجيه التعليل على تأويله فإن الجرأة وثبات القدم وعدم التزلزل سبب للغلبة على العدو وعدم تأثير حربته في البدن فيكون ذكر الهام على سبيل المثال ، لكون الغالب وقوع السيف عليه.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٣٩٤.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٣ ص ١٠٤١.

٣٧١

فإنه أنبأ للسيوف على الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة وغضوا الأبصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الأصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ولا تمثلوا بقتيل وإذا وصلتم إلى رجال

قوله عليه‌السلام : « والتووا » في القاموس تلوى انعطف كالتوى(١) ، والمور : التحرك ، والاضطراب أي إذا وصلت إليكم أطراف الرماح فانعطفوا ليزلق ويتحرك فلا ينفذ ، وحمله ابن ميثم على الالتواء عند إرسال الرمح إلى العدو بأن يميل صدره ويده فإن ذلك أنفذ ، وهو بعيد.

قوله عليه‌السلام : « وغضوا الأبصار » أمرهم بذلك لئلا يروا ما يهولهم وبإماتة الأصوات ، لأنه علامة الشجاعة. والجبان : يصيح ويرعد ويبرق.

وقال الجوهري : الجأش جاش القلب ، وهو رواعه إذا اضطرب عند الفزع.

يقال : فلان رابط الجأش أي يربط نفسه عن الفرار لشجاعته(٢) .

قوله عليه‌السلام : « ولا تميلوا براياتكم » في النهج هكذا : ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها ولا تجعلوها إلا بأيدي شجعانكم ، والمانعين الذمار منكم فإن الصابرين على نزول الحقائق هم الذين يحفون براياتهم ويكتنفونها حفا فيها ورائها إلى آخر ،

قال الجوهري : قولهم فلان حامي الذمار أي إذا ذمر وغضب حمأ ، ويقال : الذمار ما وراء الرجل مما يحق عليه أن يحميه لأنهم قالوا حامي الذمار كما قالوا حامي الحقيقة وسمي ذمارا لأنه يجب على أهله التذمر له وسميت حقيقة لأنه يحق على أهله الدفع عنها انتهى(٣) .

فالأظهر أن الحقائق هنا جمع الحقيقة بمعنى ما يحق للرجل أن يحميه ، و

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٤ ص ٣٨٧.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٣ ص ٩٩٧.

(٣) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٣٢٠.

٣٧٢

القوم فلا تهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات وإن كان الرجل ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده واعلموا أن أهل الحفاظ هم الذين يحفون

المراد بنزول الحقائق نزولها به أو نزوله بها وما يعرض للإنسان في الحرب هي حالة يحق أن يحمى عنها ، وقال ابن ميثم : أي الشدائد الحقة المتيقنة انتهى.

ويحتمل أن يكون جمع الحقيقة : بمعنى الراية كما ذكره الجوهري(١) والفيروزآبادي(٢) .

وأما ما ذكره ابن أبي الحديد وتبعه غيره من أن الحقائق جمع حاقة وهي الأمر الحق الشديد ففي كونها جمعا لها نظر.

والحفاظ بالكسر : الذب عن المحارم ، والأنفة. وقوله : « عفا فيها » متعلق بقوله يكتنفونها ، أو بقوله يصبرون أيضا على التنازع.

قوله عليه‌السلام : « فإنهن ضعاف » في النهج « ضعيفات فيه وإن كنا » وبعد قوله يتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعير بها ، والفهر : الحجر ملء الكف أو مطلقا ، والهراوة : العصا.

وقوله عليه‌السلام : « عقبه » معطوف على المستكن المرفوع في يعير ، وترك التأكيد للفصل بقوله بها كقوله تعالى «ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا »(٣) .

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٤٦١.

(٢) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٢١.

(٣) سورة الأنعام : الآية ١٤٨.

٣٧٣

براياتهم ويكتنفونها ويصيرون حفافيها ووراءها وأمامها ولا يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها رحم الله امرأ واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى قرنه على أخيه هاربا منه ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله عز وجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عزوجل «لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً » وايم الله لئن فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ والصدق فإنما ينزل النصر بعد الصبر فجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ ولا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.

وقال عليه‌السلام حين مر براية لأهل الشام أصحابها لا يزولون عن مواضعهم فقال عليه‌السلام إنهم لن يزولوا عن مواقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسيم وضرب يفلق الهام و

قوله عليه‌السلام : « ويكتنفونها » في النهج ويكتفونها حفا فيها بدون لفظ ويصبرون وعلى تقدير وجوده فيحتمل أن يكون ، ويصرون من الإصرار.

وقال في الصحاح : أصررت على الشيء أي أقمت ودمت(١) .

وحفافا : الشيء بالكسر : جانباه ، والمراد هنا اليمين واليسار.

وفي بعض النسخ النهج : بدون الواو فهما الوراء والإمام.

وفي النهج : مكان لا تسلمون « لا تسلموا ».

قوله عليه‌السلام : « من سيوف الأجلة » سمي عقاب الله على فرارهم وتخاذلهم سيفا على الاستعارة ومجاز المشاكلة.

قوله عليه‌السلام « دراك » قال ابن ميثم : أي متتابع يتلو بعضه بعضا ، وقال يخرج منه النسيم أي لسعته ، وروي يخرج منه النسم أي طعن يخرق الجوف بحيث يتنفس المطعون من الطعنة ، وروي القشم بالقاف والسين المعجمة ، وهو اللحم والشحم ، وهو بعيد انتهى.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٢ ص ٧١١.

٣٧٤

يطيح العظام ويسقط منه المعاصم والأكف حتى تصدع جباههم بعمد الحديد وتنثر حواجبهم على الصدور والأذقان أين أهل الصبر وطلاب الأجر فسارت إليه عصابة من المسلمين فعادت ميمنته إلى موقفها ومصافها وكشفت من بإزائها فأقبل حتى انتهى إليهم.

وقال عليه‌السلام إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم تحوزكم الجفاة والطغاة وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن ودعوة أهل الحق إذ ضل الخاطئون فلو لا إقبالكم بعد إدباركم وكركم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما يجب على المولي يوم الزحف دبره وكنتم فيما أرى من الهالكين ولقد هون علي بعض وجدي وشفى بعض حاج صدري إذا رأيتكم حزتموهم كما حازوكم فأزلتموهم

وفي النهج : ويطيح العظام ، ويندر السواعد والأقدام ، ثم بعد ذلك ليس بين النسختين اتفاق ، والفلق : الشق ، والهام : جمع الهامة ، وهي رأس كل شيء يقال : طاح يطوح ويطيح : أي هلك وسقط ، والمعصم : موضع السوار من الصاعد والصدع : الشق.

قوله عليه‌السلام : « جولتكم » الجولة الدورة.

وقال الفيروزآبادي : انحاز عنه : عدل ، والقوم تركوا مراكزهم(١) وإنما عبر عليه‌السلام عن هزيمتهم بهذه الألفاظ تكرما وحياء وفي النهج مكان الطغاة : الطغام بالميم ، وهم أوغاد الناس وأراذلهم.

وقال ابن ميثم : لهاميم العرب أجوادهم واستعار لهم لفظ السنام لمشاركتهم إياه في العلو والرفعة ، والكر : الرجوع في الحملة.

قوله عليه‌السلام : « بعض حاج صدري » أي خلجانه ،

قال الفيروزآبادي : الحاج : شوك ، وما في صدري ، حوجاء ولا لو جاء لا مرية ولا شك انتهى(٢) .

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ١٧٤.

(٢) القاموس المحيط : ج ١ ص ١٨٤.

٣٧٥

عن مصافهم كما أزالوكم وأنتم تضربونهم بالسيوف حتى ركب أولهم آخرهم كالإبل المطرودة الهيم الآن فاصبروا نزلت عليكم السكينة وثبتكم الله باليقين وليعلم المنهزم بأنه مسخط ربه وموبق نفسه إن في الفرار موجدة الله والذل اللازم والعار الباقي وفساد العيش عليه وإن الفار لغير مزيد في عمره ولا محجوز بينه وبين يومه ولا يرضى ربه ولموت الرجل محقا قبل إتيان هذه الخصال خير من الرضا بالتلبيس بها والإقرار عليها.

وفي كلام له آخر وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا بدءوا بكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وعضوا على الأضراس فإنه أنبأ للسيوف عن الهام وغضوا الأبصار ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلوا الكلام فإنه أطرد للفشل وأذهب بالوهل ووطنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجادلة واثبتوا واذكروا الله عز وجل كثيرا فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم ويضربون حافتيها وأمامها وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد وعليكم

وفي النهج ولقد شفى وحاوح صدري : أي حرقها وحرارتها ، والحوز : الجمع ، والسوق : اللين.

قوله عليه‌السلام : « كالإبل المطرودة » شبههم في ركوب بعضهم لبعض مولين بالإبل العطاش التي اجتمعت على الحياض لتشرب ، ثم طردت ورميت عنها بالسهام ، فإن طردها على ذلك الاجتماع يوجب لها أن يركب بعضها بعضا ويقع بعضها على بعض ، والموجدة : الغضب.

قوله عليه‌السلام : « والعار الباقي » أي في الأعقاب أوله بين الناس ، ويوم أجله المقدر لموته.

وقال الفيروزآبادي : نهد الرجل : نهض ، ولعدوه صمد لهم(١) .

قوله عليه‌السلام : « ومدوا » لعل المراد بهما تسوية الصفوف وإقامتها راكبين وراجلين ، أو كناية عن تحريكها وتوجيهها إلى جانب العدو ، والوهل : الضعف والفزع.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٣٤٢.

٣٧٦

بالتحامي فإن الحرب سجال لا يشدون عليكم كرة بعد فرة ولا حملة بعد جولة ومن ألقى إليكم السلم فاقبلوا منه «وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ » فإن بعد الصبر النصر من الله عزوجل «إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ».

٥ ـ أحمد بن محمد الكوفي ، عن ابن جمهور ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام وعن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه لأصحابه إذا لقيتم عدوكم في الحرب فأقلوا الكلام واذكروا الله عز وجل ولا «تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ » فتسخطوا الله تبارك وتعالى وتستوجبوا غضبه وإذا رأيتم من إخوانكم المجروح ومن قد نكل به أو من قد طمع عدوكم فيه فقوه بأنفسكم.

(باب)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في السبي يأخذه العدو

وقال في النهاية : فيه « والحرب بيننا سجال » أي مرة لنا ومرة علينا ، وأصله أن المستقين بالسجل يكون لكل واحد منهم سجل ، وقال : والسجل : الدلو الملأى ماء ويجمع على سجال(١) .

قوله عليه‌السلام : « من ألقى إليكم السلم » أي الاستسلام والانقياد.

الحديث الخامس : ضعيف.

باب(٢)

الحديث الأول : مرسل.

قوله عليه‌السلام : « يأخذ العدو » وقال في الدروس : لو وجد في الغنيمة أموال المسلمين فهي لأربابها ولو عرفت بعد القسمة على الأصح.

__________________

(١) نهاية ابن الأثير : ج ٣ ص ٣٤٤.

(٢) هكذا في الأصل بدون العنوان.

٣٧٧

من المسلمين في القتال من أولاد المسلمين أو من مماليكهم فيحوزونهم ثم إن المسلمين بعد قاتلوهم فظفروا بهم وسبوهم وأخذوا منهم ما أخذوا من مماليك المسلمين وأولادهم الذين كانوا أخذوه من المسلمين كيف يصنع بما كانوا أخذوه من أولاد المسلمين ومماليكهم قال فقال أما أولاد المسلمين فلا يقامون في سهام المسلمين ولكن يردون إلى أبيهم أو أخيهم أو إلى وليهم بشهود وأما المماليك فإنهم يقامون في سهام المسلمين فيباعون ويعطى مواليهم قيمة أثمانهم من بيت مال المسلمين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن رجل لقيه العدو وأصاب منه مالا أو متاعا ثم إن المسلمين أصابوا ذلك كيف يصنع بمتاع الرجل فقال إذا كان أصابوه قبل أن يحوزوا متاع

وفي النهاية : تقوم العبيد والأموال في سهم المقاتلة ، وتدفع القيمة إلى أربابها من بيت المال ، أما الأحرار فلا سبيل عليهم إجماعا.

قوله عليه‌السلام : « فلا يقامون » لعله محمول على ما بعد القسمة ، والمراد بالإقامة في سهامهم إبقاؤها على القسمة ، والمراد بالبيع : التقويم أي يقومون ويعطى مواليهم قيمتهم من بيت المال ولا ينقص القسمة ، ويمكن حمله على ما قبل القسمة فالمراد بالموالي أرباب الغنيمة ، وعلى المشهور يمكن حمل ما بعد القسمة عليه بأن يكون المراد : رد العبيد على الموالي السابقة ، وإعطاء الثمن الموالي اللاحقة ، ولو كان المراد بالموالي السابقة يمكن أن يقرأ « يعطي » على بناء المعلوم فلا ينافي خبر الحلبي.

قوله عليه‌السلام : « بشهود » أي مع ثبوت كونهم أحرارا بالشهود لأنها في أيدي الغانمين لا يؤخذ منهم إلا بعد الثبوت أو المراد أنه لا يردون إلى وليهم إلا بعد الإشهاد عليهم لئلا يبيعوهم.

الحديث الثاني : حسن.

٣٧٨

الرجل رد عليه وإن كان أصابوه بعد ما حازوه فهو فيء للمسلمين وهو أحق بالشفعة.

(باب)

(أنه لا يحل للمسلم أن ينزل دار الحرب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جيشا إلى خثعم فلما غشيهم استعصموا بالسجود فقتل بعضهم فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ألا إني بريء من كل مسلم نزل مع مشرك في دار الحرب.

قوله عليه‌السلام : « فيء المسلمين » قال الوالد العلامة قدس‌سره أي لو باعه الغانم فيأخذه بالثمن ويرجع بالثمن على بيت المال ، وإن أراد أن يأخذ العين أخذها ورجع الغانم بقيمتها على بيت المال ، وإن شاء أخذ قيمتها من بيت المال.

باب أنه لا يحل للمسلم أن ينزل دار الحرب

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « نصف العقل » لم أر من أصحابنا من تعرض لهذا الحكم ، وهذا الخبر مروي من طرق المخالفين.

وقال في النهاية : « العقل» الدية ، ومنه حديث جرير فاعتصم ناس منهم بالسجود ، فأسرع فيهم القتل ، فبلغ ذلك النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر لهم بنصف العقل ، وإنما أمر لهم بالنصف بعد علمه بإسلامهم ، لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار ، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره ، فتسقط حصة جنايته من الدية(١) .

__________________

(١) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٢٧٩.

٣٧٩

(باب)

(قسمة الغنيمة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن معاوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام السرية يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسم قال إن قاتلوا عليها مع أمير أمره الإمام عليهم أخرج منها الخمس لله وللرسول وقسم بينهم أربعة أخماس وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كل ما غنموا للإمام يجعله حيث أحب.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود ، عن حفص بن غياث قال كتب إلي بعض إخواني أن أسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن مسائل من السنن فسألته أو كتبت بها إليه فكان فيما سألته أخبرني عن الجيش إذا غزا أرض الحرب فغنموا غنيمة ثم لحقهم جيش آخر قبل أن يخرجوا إلى دار السلام ولم يلقوا عدوا حتى خرجوا إلى دار السلام هل يشاركونهم فقال نعم وعن سرية كانوا في سفينة ولم يركب صاحب الفرس فرسه كيف تقسم الغنيمة بينهم فقال للفارس سهمان وللراجل

باب قسمة الغنيمة

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ثلاثة أخماس » هذا نادر لم يقل به أحد ، ولعله كان مذهب بعض المخالفين صدر ذلك تقية منهم ، ورواية الكليني له غريب.

الحديث الثاني : ضعيف. وقال العلامة في التحرير إذا خرج الجيش من بلد غازيا فبعث الإمام فيه سرية فغنمت شاركها الجيش ، وكذا لو غنم الجيش شاركهم السرية ، ولو بعث منهم سريتين إلى جهة واحدة فغنما اشترك الجيش والسريتان جميعا ، ولو بعثهما إلى جهتين فكذلك.

٣٨٠