مرآة العقول الجزء ٢١

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 399

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 399 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 33296 / تحميل: 4326
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

- عن أبي سعيد، مردود بتوثيق ابن سعد له، فقد قال ابن حجر العسقلاني: « قال ابن سعد: خرج عطية مع ابن الاشعث، فكتب الحجاج الى محمد بن القاسم أن يعرضه على سب علي، فان لم يفعل فاضربه أربعمائة سوط وأحلق لحيته فاستدعاه، فأبى أن يسب، فأمضى حكم الحجاج فيه، ثم خرج الى خراسان فلم يزل بها حتى ولي عمر بن هبيرة العراق، فقدمها فلم يزل بها الى أن توفي سنة ١١٠، وكان ثقة إن شاء الله تعالى، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به»(١) .

وليعلم أن توثيق ابن سعد - مع عداوته الكثيرة وبغضه الشديد لاهل البيتعليهم‌السلام الى حد ضعف الامام جعفر الصادقعليه‌السلام ، ووصف روايته بالاختلاف والاضطراب، الى غير ذلك من آيات اعراضه عن أهل البيت والائمة الطاهرين منهم - لعطية هذا دليل قاطع على صحة روايته، ومن لم يحتج به فأولئك أشد حرورية واعوجاجاً من ابن سعد.

٢٤ - عطية من رجال أحمد

ان عطية هذا من رجال أحمد بن حنبل في ( مسنده ) - كما ستعرف - وأحمد لا يروى الا عن ثقة، كما قال التقي السبكي في مقام توثيق رجال سند حديث: « من زار قبري وجبت له شفاعتي » وهو الحديث الاول من الباب الاول من كتابه، قال بعد كلام له: « وأحمدرحمه‌الله لم يكن يروي الا عن ثقة، وقد صرح الخصم [ يعنى ابن تيمية ] بذلك في الكتاب الذي صنفه في الرد على البكري بعد عشر كراريس منه، قال: ان القائلين بالجرح والتعديل من علماء الحديث نوعان، منهم من لم يرو الا عن ثقة عنده كما لك وأحمد بن حنبل وقد كفانا الخصم بهذا الكلام مؤنة تبيين أن أحمد لا يروى الا عن ثقة، وحينئذ لا يبقى له مطعن فيه »(٢) .

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٦.

(٢). شفاء الاسقام ١٠ - ١١.

٤١

وبعد الاطلاع على ذلك لا يبقى ريب في كون عطية ثقة، لان عدم رواية أحمد عن غير الشقة لا يخلو اما انه لا يروي عنه سواء بواسطة أو بلا واسطة، وذلك هو الظاهر بل المتعين كما ستعرفه عن قريب، فلا شك في وثوق عطية، وأما أنه لا يروي عنه بلا واسطة، لكن المانع من الرواية عنه مباشرة موجود في هذه الصورة أيضاً، فلا شك في ثقته على الصورتين.

٢٥ - اكثار أحمد الرواية عن عطية

لقد أخرج أحمد في ( مسنده ) عن عطية روايات كثيرة، كما لا يخفى على من طالعه، بل انه أخرج حديث الثقلين بالخصوص عنه عن أبي سعيد الخدري، وظاهر أن أحمد لم يرو الا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، كما ذكر عبد الوهاب السبكي في ( طبقات الشافعية ) حيث قال بترجمته: « وقال أبو موسى المديني لم يخرج الا عمن ثبت عنده صدقه وديانته، دون من طعن في أمانته ».

وبهذا كله ظهر أن نسبة تضعيف عطية الى أحمد افك عظيم وظلم كبير، فالعجب من ابن الجوزي كيف خاض في غمار جحود فضائل أهل البيت حتى أنكر الحقائق ونفى البديهيات، وكيف صدرت منه هذه المجازفة بحق أحمد ومسنده وهو حنبلي المذهب؟

٢٦ - وثاقة عطية عند سبط ابن الجوزي

لقد صرح الحافظ سبط ابن الجوزي بوثاقة عطية، ورد تضعيفه حيث قال(١) بعد أن أورد قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام : لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك « فان قيل: فعطية ضعيف، قالوا والدليل على ضعف الحديث أن الترمذي قال: وحدثت بهذا الحديث أو

__________________

(١). تذكرة خواص الامة: ٤٢.

٤٢

سمع مني هذا الحديث محمد بن اسماعيل - يعني البخاري - فاستطرفه.

والجواب: ان عطية العوفي قد روى عن ابن عباس والصحابة وكان ثقة، وأما قول الترمذي عن البخاري فانما استطرفه لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « لا أحله الا لطاهر لا لحائض ولا جنب »، وعند الشافعي يباح للجنب العبور في المسجد وعند أبي حنيفة لا يباح حتى يغتسل للنص، ويحمل حديث علي على أنه كان بذلك كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مخصوصاً بأشياء ».

٢٧ - قال ابن معين: صالح

ان نسبة تضعيف عطية الى يحيى بن معين مردودة بنقل الدوري - وهو من كبار العلماء الثقات - عن ابن معين بأنه صالح، فقد قال الحافظ ابن حجر بترجمة عطية ما نصه: « قال الدوري عن ابن معين صالح »(١) .

فسقط ما نسبه ابن الجوزي الى ابن معين.

٢٨ - عطية من رجال بعض الصحاح

ان عطية من رجال ( الادب المفرد ) للبخاري و ( صحيح الترمذي ) و ( صحيح أبي داود )، وهذان الاخيران من ( الصحاح الستة ) عندهم، بل ان الترمذي روى حديث الثقلين بالذات عن عطية في صحيحه.

وعظمة مرويات ( الصحاح الستة ) وجلالة رواتها عند ابناء السنة قديماً وحديثاً واضحة لا تحتاج الى بيان، فان أفاد قدح ابن الجوزي في عطية شيئاً فانما يفيد اسقاط الصحاح لا غير.

٢٩ - لم يتفرد عطية عن أبى سعيد به

ان اقدام ابن الجوزي على القدح في عطية - كمحاولة يائسة

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢٥.

٤٣

لتضعيف حديث الثقلين - دليل واضح على عدم اطلاعه في الحديث، وذلك: أن عطية على فرض كونه ضعيفاً غير متفرد بنقل حديث الثقلين عن أبي سعيد، فلا يضر في حديث الثقلين في رواية أبي سعيد فضلا عن مطلق الحديث الوارد بالاسانيد والطرق والالفاظ المتكثرة.

نعم لم يتفرد عطية في نقل حديث الثقلين عن أبي سعيد، بل رواه عنه أبو الطفيل أيضاً - وهو من طبقة الصحابة - وذلك واضح كل الوضوح لمن راجع ( استجلاب ارتقاء الغرف ) للسخاوي، و ( جواهر العقدين ) للسمهودي، و ( وسيلة المآل ) لابن باكثير و ( الصراط السوي ) للشيخاني القادري.

٣٠ - ثبوت الحديث غير متوقف على رواية أبى سعيد

ثم انه لو سلمنا كون عطية ضعيفاً، وسلمنا تفرده برواية الحديث عن أبي سعيد، فلا ضرر على صحة حديث الثقلين كذلك، لعدم توقف صحته على رواية أبي سعيد، فقد وقفت - بحمد الله تعالى ومنه - على تنصيص جماعة من أعلام المحققين على رواية أكثر من عشرين من الصحابة حديث الثقلين عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا العدد أكثر من عدد التواتر بمراتب عديدة، كما فصلناه في مجلد حديث الولاية.

٣١ - توثيق ابن الطباع عبد الله بن عبد القدوس

وأما قدح ابن الجوزي في عبد الله بن عبد القدوس فهو مردود بتوثيق الحافظ محمد بن عيسى بن الطباع اياه، كما قال الحافظ المقدسي بترجمة عبد الله المذكور: « وحكى ابن عدي عن محمد بن عيسى انه قال: هو ثقة »(١) .

__________________

(١). الكمال في أسماء الرجال - مخطوط.

٤٤

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني: « وحكي عن محمد بن عيسى انّه قال: هو ثقة »(١) .

ترجمة محمد بن عيسى بن الطباع

قال الذهبي بترجمته: « ابن الطباع، محمد بن عيسى بن الطباع الحافظ الكبير، قال أبو حاتم: ثقة مأمون، ما رأيت من المحدثين أحفظ للابواب منه، وقال أبو داود: ثقة.

قلت: توفى سنة أربع وعشرين مائتين، وهو في عشر الثمانين، وله تصانيف ومعارفرحمه‌الله

قال الاثرم: قال أحمد بن حنبل: ان ابن الطباع لبيب كيس - يعني محمد بن عيسى - و قال البخاري: سمعت علياً قال: سمعت عبد الرحمن ويحيى يسألان ابن الطباع عن حديث هشيم وما أعلم به منه، وقال أبو حاتم: سمعت محمد بن عيسى يقول: اختلف ابن مهدي وأبو داود في حديث لهشيم هل سمعه أو دلسه؟ فتراضيا بي فأخبرتهما »(٢) .

وترجم له أيضاً بقوله: « وفيها أبو جعفر محمد بن عيسى ابن الطباع الحافظ نزيل الثغر بأذنة، سمع مالكاً وطبقته، قال أبو حاتم: ما رأيت أحفظ للابواب منه، وقال أبو داود: كان يتفقه ويحفظ نحواً من أربعين ألف حديث »(٣) .

٣٢ - توثيق ابن حبان عبد الله بن عبد القدوس

وعبد الله بن عبد القدوس موثوق عند ابن حبان أيضاً، فقد أورده في الثقات قائلا: « عبد الله بن عبد القدوس التميمي الرازي من أهل الري،

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣.

(٢). تذكرة الحفاظ ١ / ٤١١.

(٣). العبر ١ / ٢٩٣.

٤٥

يروي عن الاعمش وابن أبي خالد، روى عنه سعيد بن سليمان و [ محمد ] ابن حميد، [ ربما أغرب ] »(١) .

وقال ابن حجر بترجمته: « ذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أغرب »(٢) .

ثم ان لتوثيق ابن حبان قيمة كبيرة ودرجة من الاعتبار عظيمة، ذلك لان ابن حبان ممن يعادي أهل البيتعليهم‌السلام ويسيء اليهم، فقد زعم بالنسبة الى الامام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام بأنه آت بالعجائب وواهم ومخطيء كما لا يخفى على من راجع ( الميزان للذهبي ٣ / ١٥٨ ) و ( تهذيب التهذيب ٧ / ٣٨٨ ) لابن حجر العسقلاني.

وظاهر أن هكذا ناصبي عنيد لا يوثق الرافضي أبداً.

٣٣ - توثيق البخاري عبد الله بن عبد القدوس

ولقد وثق البخاري - مع ما هو عليه من التعصب والتعسف - عبد الله بن عبد القدوس على ما نقل عنه الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) اذ قال: « وثقه البخاري وابن حبان ».

وقال العسقلاني بترجمته: « قال البخاري: هو في الاصل صدوق، الا أنه يروي من أقوام ضعاف »(٣) .

ولا يخفى أن الرواية عن الضعاف أمر قلما سلم منه أسلافهم، كما لا يخفى على من راجع ( المنهاج ) لابن تيمية وغيره، فلو كان هذا - على تقدير تسليمه - قدحاً في عبد الله بن عبد القدوس لتوجه الى جمهور علمائهم، ولا تسع الخرق على الراقع.

هذا كله مع أن عبد الله بن عبد القدوس قد روى حديث الثقلين

__________________

(١). الثقات ٧ / ٤٨.

(٢). تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣.

(٣). تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣.

٤٦

- الذي أورده ابن الجوزي - عن الاعمش وهو ثقة، فلا كلام حينئذ أصلا

٣٤ - عبد الله بن عبد القدوس من رجال البخاري

وعبد الله بن عبد القدوس من رجال ( صحيح البخاري ) في تعليقاته، كما في رمز « خت » الموضوع له في ( الكاشف ٢ / ١٠٥ ) و ( تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣ ) و ( تقريب التهذيب ١ / ٤٣٠ ) وغيرها.

ولما ثبت من كلمات علمائهم المحققين أن تخريج البخاري عن رجل دليل على عدالته وان كان في تعليقاته، فلا قيمة لطعن أي طاعن.

قال ابن حجر العسقلاني في مقدمة فتح الباري في شرح صحيح البخاري في مقام الجواب عن الطعن في رجال البخاري: « وقبل الخوض فيه ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لاي راو كان مقتض لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته. ولا سيما ما انضاف الى ذلك من اطباق جمهور الأئمة على تسمية الكتابين بالصحيحين، وهذا معنى لم يحصل لغير من خرج عنه في الصحيح، فهو بمثابة اجماع الجمهور على تعديل من ذكر فيهما هذا اذا خرج له في الاصول.

فأما ان أخرج له في المتابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجاته من اخراج له فيهم في الضبط وغيره، مع حصول اسم الصدق لهم، وحينئذ إذا وجدنا لغيره من أحد منهم طعنا، فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الامام، فلا يقبل الا مبين السبب مفسرا بقادح يقدح في عدالة هذا الراوي أو في ضبطه مطلقاً او في ضبطه لخبر بعينه، لان الاسباب الحاملة للائمة على الجرح متفاوتة، منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح، وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح: هذا جاز القنطرة، يعني بذلك انه لا يلتفت الى ما قيل فيه. قال الشيخ أبو الفتح القشيري في مختصره: وهكذا نعتقد وبه نقول ولا نخرج عنه الا بحجة ظاهرة،

٤٧

وبيان شاف يزيد في غلبة الظن على المعنى الذي قدمناه، من اتفاق الناس بعد الشيخين على تسمية كتابيهما بالصحيحين ومن لوازم ذلك تعديل رواتهما »(١) .

وبما ذكره صرح الشيخ ملا علي القاري في شرح المشكاة عند ما ذكر الصحيحين(٢) .

فعلى فرض ثبوت طعن يحيى بن معين في عبد الله بن عبد القدوس، فان الوقوف على هذين النصين وأمثالهما يكفي للاعراض عنه وعدم الالتفات اليه واغترار ابن الجوزي به كاشف عن عدم خبرته ومجازفته.

٣٥ - عبد الله بن عبد القدوس من رجال الترمذي

وان عبد الله بن عبد القدوس من رجال ( صحيح الترمذي ) أيضاً، كما يعلم من رمز « ت » المعين له في ( الكاشف ٢ / ١٠٥ ) و ( تهذيب التهذيب ٥ / ٣٠٣ ) وغيرهما.

٣٦ - جرح عبد الله بن عبد القدوس لا يقدح في الحديث

ولو تنزلنا، وفرضنا عبد الله بن عبد القدوس رجلا مقدوحاً، فان ذلك لا يخل بثبوت أصل حديث الثقلين، بل لا يضر فيه حتى برواية الاعمش عن عطية عن أبي سعيد، لعدم تفرد عبد الله بن عبد القدوس بروايته عن الاعمش، فلقد رواه عن الاعمش: محمد بن طلحة بن مصرف اليامي، ومحمد بن فضيل ابن غزوان الضبي، كما لا يخفى على من راجع ما تقدم عن ( مسند أحمد ) و ( صحيح الترمذي ).

فما ادعاه ابن الجوزي لا يفيده بحال، بل لو تأملت جيداً لظهر لك ان

__________________

(١). هدى الساري ٢ / ١٤٢ - ١٤٤.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ١ / ١٦.

٤٨

رواية عبد الله لهذا الحديث عن الاعمش مؤيدة لصدق سائر رواته عنه، ويظهر أيضاً لك صدقه في روايته عن الاعمش.

أضف الى هذا أنه كما لم يتفرد عبد الله في روايته حديث الثقلين عن الاعمش، كذلك الاعمش لم يتفرد في روايته عن عطية، فقد رواه عنه أيضاً: عبد الملك بن أبي سليمان ميسرة العزرمي، وأبو اسرائيل اسماعيل بن خليفة العبسي الملائي، وهارون بن سعد العجلى، وكثير بن اسماعيل التيمي النواء، كما هو غير خاف على ناظر أحاديث ( مسند ) أحمد و ( معاجم ) الطبرانيّ في الباب.

٣٧ - ما أورده في جرح ابن داهر مجمل

وأما قول ابن الجوزي في الطعن في عبد الله بن داهر: « واما ابن داهر فقال احمد ويحيى ليس بشىء، ما يكتب منه انسان فيه خبر » فهو مردود بأن الطعن هذا - على تقدير ثبوت صدوره عنهما - مبهم، كما لا يخفى على من راجع ( التدريب ) للسيوطي وغيره، ويتضح لكل متتبع لاقوال الفحول والمحققين من القوم: ان الطعن المبهم لا يقبل من أي كائناً من كان، وقد جاء بيان ذلك بالتفصيل في مجلد حديث الولاية.

ثم ان السبب في اساءة ظنهما - على تقدير الثبوت - بعبد الله بن داهر انما هو اكثاره رواية فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، كما قال الذهبي: « قال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل علي، وهو متهم في ذلك »(١) .

ولا شك في ان الطعن في هكذا رجال لمثل هذه الاسباب غير مسموع، لانه ناشئ عن كمال بغضهم وانحرافهم عن اهل البيتعليهم‌السلام .

__________________

(١). ميزان الاعتدال ٢ / ٤١٧.

٤٩

٣٨ - عبد الله بن داهر غير واقع في طرق الحديث

وذكر ابن الجوزي لعبد الله بن داهر بصدد الطعن في حديث الثقلين عجيب جداً، لانه لم يقع في سند من أسانيد هذا الحديث الشريف، وهذه أسانيده وطرقه مذكورة في كتب أعاظم الحفاظ وكبار أعلام أهل السنة، بل وكذلك عبد الله بن عبد القدوس، فان وقوعهما في سند هذا الحديث يختص بهذا السند الطريف الذي ذكره ابن الجوزي تمهيدا للطعن فيه، وكأنّه غافل عن أن المراجعة الواحدة لمسند احمد وصحيح مسلم وصحيح الترمذي يظهر تلبيسه ويكشف سوء نيته.

٣٩ - استنكار المحققين قدح ابن الجوزي في الحديث

ولما ذكرنا وغيره استنكر جماعة من اكابر محققيهم وأعاظم محدثيهم ايراد ابن الجوزي حديث الثقلين في كتابه ( العلل المتناهية ) ومنهم:

١ - سبطه ، حيث قال في ( التذكرة ) بعد أن نقل الحديث عن مسند احمد: « فان قيل: فقد قال جدك في كتاب ( الواهية ): أنبأنا عبد الوهاب الانماطي، عن محمد بن المظفر، عن محمد العتيقى، عن يوسف بن الدخيل عن ابى جعفر العقيلي، عن احمد الحلواني، عن عبد الله بن داهر، ثنا عبد الله ابن عبد القدوس، عن الاعمش، عن عطية، عن ابى سعيد، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمعناه. ثم قال جدك: عطية ضعيف، وابن عبد القدوس رافضي، وابن داهر ليس بشيء.

قلت: الحديث الذي رويناه أخرجه احمد في ( الفضائل )، وليس في اسناده احد ممن ضعفه جدي، وقد اخرجه ابو داود في سننه والترمذي أيضاً وعامة المحدثين، وذكره رزين في الجمع بين الصحاح. والعجب كيف خفى عن جدي ما روى مسلم في صحيحه من حديث زيد بن ارقم: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - الى آخر ما سبق ».

٢ - السخاوي حيث قال بعد ايراد الحديث وتأييده « وتعجبت من

٥٠

ايراد ابن الجوزي له في ( العلل المتناهية )، بل أعجب من ذلك قوله « انه حديث لا يصح » مع ما سيأتي من طرقه التي بعضها في ( صحيح ) مسلم »(١) .

٣ - السمهودي بعد اثبات الحديث وروايته عن الصحاح والمسانيد، قال: « ومن العجيب ذكر ابن الجوزي له في ( العلل المتناهية )، فاياك أن تغتر به، وكأنه لم يستحضره حينئذ »(٢) .

ولا يخفى أن هذا الكلام حسن ظن به، وكيف يصدق عاقل ذلك ويذعن أن يكون ابن الجوزي - مع ما هو عليه من سعة النظر وكثرة الاطلاع كما يقول مترجموه - غافلا عن طرق حديث الثقلين المتكاثرة المروية في الصحاح والمسانيد والمعاجم، أمثال مسند ابن راهويه، ومسند أحمد، ومسند عبد بن حميد، ومسند الدارمي، وصحيح مسلم، وصحيح الترمذي، وفضائل القرآن لابن أبى الدنيا، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي، وكتاب السنة لابن ابى عاصم، ومسند البزار، والخصائص للنسائي، ومسند أبى يعلى، والذرية الطاهرة للدولابي، وصحيح ابن خزيمة، وصحيح أبى عوانة، والمصاحف لابن الانباري، والامالي للمحاملى، والولاية لابن عقدة، والطالبيين للخفاجى، والمعاجم الثلاثة للطبراني، والمستدرك للحاكم، وشرف النبوة للخركوشي، ومنقبة المطهرين، وحلية الاولياء لابي نعيم، وكتاب طرق حديث الثقلين لابن طاهر المقدسي وغيرها.

ألم يكن في هذه الكتب غير الطريق الذي ذكره ابن الجوزي؟

نعم كان، الا أنه شاء ان يخدع ناظر كتابه بأن روايته منحصرة بهذا الطريق، وبما أن رجاله ضعفاء بزعمه فالحديث إذا لا يصح. هكذا شاء الا ان الله كشف سره وهتك ستره بأيدى أهل نحلته. والحمد لله رب العالمين.

٤ - ابن حجر في ( الصواعق المحرقة ) و ( تتمة الصواعق )، فقال بعد أن

__________________

(١). استجلاب ارتقاء الغرف - مخطوط.

(٢). جواهر العقدين - مخطوط.

٥١

روى الحديث عن بعض المصادر المعتبرة: « وذكر ابن الجوزي لذلك في ( العلل المتناهية ) وهم أو غفلة عن استحضار بقية طرقه، بل في صحيح مسلم عن زيد بن ارقم أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ذلك يوم غدير خم ».

ثم جعل يؤيد الحديث ويثبته بأقوال العلماء ورواياته الكثيرة.

وقال في ( تتمة الصواعق ): « ولم يصب ابن الجوزي في ايراده في ( العلل المتناهية ) ».

٥ - المناوى : « قال الهيثمي: رجاله موثقون، ورواه ابو يعلى بسند لا بأس به، والحافظ عبد العزيز ابن الاخضر. ووهم من زعم ضعفه كابن الجوزي »(١) .

٦ - حسن زمان في ( القول المستحسن ) عن المناوي بلفظه.

٧ - الشيخانى القادرى في ( الصراط السوي ) بعد أن ذكر الحديث قال: « وقد أخطأ ابن الجوزي حيث ذكر هذا في ( واهياته ) على عادته في ذلك، غافلا عما ذكر مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم ».

٤٠ - رواية ابن الجوزي حديث الثقلين

لقد عثرنا على رواية ابن الجوزي حديث الثقلين في ( كتاب المسلسلات )(٢) في سياق يدل على اعتقاده بصحته، وأما ايراده اياه في ( العلل المتناهية في الاحاديث الواهية ) فلعله كان قبل روايته اياه بهذا الطريق، أو أنه يقدح في طريقه المذكور هناك فقط، ان لم يكن غفلة أو تعصباً وعلى كل حال فهذا نص ما جاء في المسلسلات:

__________________

(١). فيض القدير ٣ / ١٤ - ١٥.

(٢). نسخة دار الكتب الظاهرية، وهي نسخة قديمة كتبت في حياة المؤلف سنة ٥٨١ كتبها على بن ملكداد الجنزى وفي آخرها قراءات وسماعات أهمها ما هو بخط المؤلف. وهي ضمن المجموع رقم ٣٧ ق ٦ - ٢٧، انظر فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية ) فهرس حديث ص ٤٠ ) وهذا الحديث في الورقة ٨ أ - ب.

٥٢

« الحديث الخامس »: قال شيخنا أدام الله أيامه: انا محمد بن ناصر قال: انا محمد بن علي بن ميمون قال: انا أبو عبد الله محمد بن علي العلوي قال: ثنا القاضي محمد بن عبد الله الجعفي قال: ثنا الحسين بن محمد الفزاري قال: ثنا الحسن بن علي بن بزيع قال: ثنا يحيى بن حسن بن فرات قال: ثنا أبو عبد الرحمن المسعودي عن الحارث بن حصيرة عن صخر بن الحكم عن حبان بن الحارث الازدي عن الربيع بن جميل الضبي عن مالك بن ضمرة:

عن أبى بكر أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: يرد علي الحوض راية علي أمير المؤمنين وامام الغر المحجلين، وأقدم وآخذ بيده في بياض وجهه ووجوه أصحابه، فأقول: ما خلفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون: تبعنا الأكبر وصدقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقاتلنا معه، فأقول: ردوا رواء، فيشربون شربة لا يظمأون بعدها أبداً، وجه امامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر أو كأضوأ نجم في السماء.

قال الشيخ: اشهدوا علي عند الله ان أبا الفضل بن ناصر حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان أبا الغنائم بن النرسي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان أبا عبد الله محمد بن علي العلوي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان القاضي محمد بن عبد الله حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان الحسين بن محمد بن الفرزدق حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان الحسن بن علي بن بزيع حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان يحيى بن حسن حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله أن أبا عبد الرحمن حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان الحارث بن حصيرة حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان صخر بن الحكم حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان حبان بن الحارث حدثني بهذا، قال: اشهدوا علي عند الله ان الربيع بن جميل الضبي حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان مالك بن ضمرة حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان أبا ذر الغفاري حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدثني بهذا قال: اشهدوا علي عند الله ان

٥٣

جبرئيلعليه‌السلام حدثني بهذا عن الله جل وجهه وتقدست أسماؤه ».

٥٤

*(٣)*

قدح ابن تيمية

قال ابن تيمية في كتابه الذي ألفه رداً على العلامة الحلّيرضي‌الله‌عنه :

« قال الرافضي: العاشر - ما رواه الجمهور من قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض. وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق. وهذا يدل على وجوب التمسك بقول أهل بيته وعلي سيدهم، فيكون واجب الطاعة على الكل فيكون هو الامام.

والجواب من وجوه:

أحدها - ان لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بماء يدعى خماً بين مكة والمدينة فقال: اما بعد أيها الناس انما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب

٥٥

ربي، وانّي تارك فيكم ثقلين كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي.

وهذا اللفظ يدل على أن الذي أمر بالتمسك به وجعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله، وهكذا جاء في غير هذا الحديث كما في صحيح مسلم عن جابر في حجة الوداع لما خطب يوم عرفة وقال: قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده ان اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد انك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال باصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكبها الى الناس: اللهم اشهد - ثلاث مرات.

واما قوله « وعترتي فإنهما لم يفترقا حتى يردا علي الحوض »، فهذا رواه الترمذي، وقد سئل عنه أحمد، وضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا أنه لا يصح.

وقد أجاب عنه طائفة بما يدل على ان أهل بيته كلهم لا يجتمعون على ضلالة قالوا: ونحن نقول بذلك، كما ذكر ذلك القاضي أبو يعلى وغيره، لكن أهل البيت لم يتفقوا ولله الحمد على شيء من خصائص مذهب الرافضة، بل هم المبرءون المنزهون عن التدنس بشيء منه »(١) .

وهذا الكلام يشتمل على أباطيل:

١ - دعوى عدم دلالة الحديث على وجوب التمسك بالعترة

أما ما زعمه من دلالة لفظ حديث الثقلين في ( صحيح مسلم ) على وجوب التمسك بالكتاب فقط، وأنه لا دلالة فيه على وجوب التمسك بالعترة، فهو - بالاضافة الى بعده عن دأب المحدثين وأهل الكلام - يفيد سوء فهمه وكثرة وهمه. ولما كان كلام الشيخ محمد أمين بن محمد معين السندي - وهو

__________________

(١). منهاج السنة ٤ / ١٠٤ - ١٠٥.

٥٦

من أكابر محدثي أبناء السنة المتأخرين - حول رواية مسلم المذكورة كافياً في الرد على هذا الزعم الفاسد، فاننا ننقله بنصه:

تحقيق محمد أمين السندي في معنى الحديث

« ووجدنا في أهل البيت سلام الله تعالى عليهم أجمعين وتحيته، حديث التمسك المشهور، وفتشنا عن مخرجيه، فاذا هو أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري في صحيحه، ولفظه من حديث زيد بن أرقم قال: قام فينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد يا أيها الناس انما أنا بشر مثلكم يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيبه، واني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور، فتمسكوا بكتاب الله عز وجل وخذوا به، وحث فيه ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي - ثلاث مرات - الحديث.

فنظرنا فيه فوجدناه يعبر عن القرآن واهل البيت بالثقلين، وهو كل نفيس خطير مصون، ففهمنا نفاسة أهل البيت وخطرهم وصونهم من قبيل كل تلك الاوصاف التي للقرآن، للجمع بينهما بذلك، وعلمنا أن هذه الأوصاف وغيرها للقرآن، يرجع عمدتها الى إفادة علوم المعارف الالهية والاحكام الشرعية، فظننا أنها في أهل البيت على منوالها في القرآن راجعة الى افادة تلك العلوم، وقد اعتضدنا في هذا بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الحديث: « يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيبه واني تارك فيكم الثقلين »، فان النبي لا يوصى أمته بعده الا بالقيام على الحق والسنة، فترك الثقلين فيها والوصية بهما ليس الا لكونهما خليفتين منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الارشاد الى ذلك.

فظننا أنه كما وقع التصريح بالتمسك بكتاب الله فكذا المراد التمسك بأهل البيت، ان كان قوله « أهل بيتي » عطفاً على أولهما بتقدير لفظ « ثانيهما » بقرينة القرين أو فهمه من غير تقدير، ولا صحة لعطفه على « كتاب الله »

٥٧

للزوم كونهما أولين وعدم ذكر الثاني رأساً، فحملنا قوله « أذكركم الله » على مبالغة التثليث فيه على التذكير بالتمسك بهم والردع عن عدم الاعتداد بأقوالهم وأحوالهم وفتياهم وعدم الاخذ بمذهبهم. وان كان عطفاً على « بكتاب الله » في قوله: « فتمسكوا بكتاب الله » - وهو القريب الظاهر من الوجه الاول - وفيهم كونه ثاني الامرين من الامر بالتمسك كالاول، كان التصريح بالتمسك بهم في حديث مسلم هذا كالتمسك بالقرآن.

وهذا كله في لفظ هذا الحديث بناءاً على ظاهر الكلام، فانتظرنا لفظاً في هذا الحديث يفسر حديث مسلم على ما فهمنا، فاذا الترمذي أخرج - وقال حسن غريب - انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.

فنظرنا فإذا هو مصرح بالتمسك بهم، وبأن اتباعهم كاتباع القرآن على الحق الواضح، وبأن ذلك امر متحتم من الله تعالى لهم، ولا يطرأ عليهم في ذلك ما يخالفه حتى الورود على الحوض، وإذا فيه حث بالتمسك بهما بعد حث على وجه ابلغ، وهو قوله: « فانظروا كيف تخلفوني فيهما » فقلنا حديث مسلم حديث صحيح ظاهر في معنى فسره على ذلك المعنى حديث حسن آخر، فثبت معناه نصاً من بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فآمنا به في نظائره من صحاح الاحاديث، والحمد لله رب العالمين.

ومع هذا لم نال جهداً في طلب الطرق الاخرى تزيد الصحة على الصحة ويؤيد بعضها بعضاً، فوجدنا أخرج أحمد في مسنده ولفظه: انى أوشك أن أدعي فأجيب، وانّي تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء الى الارض، وعترتي أهل بيتي، وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض، فانظروني بما تخلفوني فيهما وسنده لا بأس به.

٥٨

فازددنا منه أن كل اخباراتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وان كان وحياً من الله سبحانه - لكن هذا وحي أظهره به وأسنده الى الله سبحانه فقال: « أخبرني اللطيف الخبير »، وفيه من تأكد أخبار كونهم على الحق كالقرآن، وصونهم أبداً عن الخطأ كالوحي المنزل ما لا يخفى على الخبير. وفيه ان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « انهما لن يفترقا » ليس بدعاء مجرد - على بعد أن يكون مراداً - بل هو اخبار من الله سبحانه وتعالى، وان قوله في بعض الروايات « اني سألت لهما ذلك » دعاء مجاب متحتم باخبار اللطيف تعالى.

ومن تجلي ألفاظ لطفه أن سرى روح القدس الحق في علومهم كسرايته في القرآن، أو سرى سر الاتحاد بين مداركهم وبين القرآن فنيطت به أشد نياط لن يتفرقا بسببه أبداً، والى ذلك التلويح باختيار اللطيف هاهنا من بين اسماء الله تعالى.

وعدم الافتراق هذا بينهما انما هو في الحكم، فلا يحكمون بحكم لا يحكم به الكتاب، والسنة في هذا الحديث داخل في الكتاب على ما صرحوا به، فظاهر الحث بالتمسك بهم التمسك بأخذ الاحكام الالهية منهم، دليله قرانهم في ذلك بكتاب الله والاخبار بترتب عدم الضلال عليه كما بالتمسك بالكتاب، فلا احتمال لان يحمل التمسك بهم من حيث المودة والصلة بهم في هذا الحديث وكان ذلك ظاهر من هذا الحديث كما ذكرنا كالنص به.

ولكن مع هذا انتظرنا ما يدل على تصريح التمسك بهم في أخذ العلوم من حديث آخر، فيفسر هذا الحديث ويعينه في ظاهره، فاذاً قد ورد في خبر قريش: « وتعلموا منهم فانهم اعلم منكم »، فقلنا اذا ثبت هذا العموم في علماء قريش فأهل البيت أولى منهم بذلك، لانهم امتازوا عنهم بخصوصيات لا تشاركهم فيها بقيتهم.

ولما كان هذا بطريق دلالة النص انتظرنا نصاً فيهم يدلنا على امامتهم في العلم، فوجدنا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت » فعلمنا انهم الحكماء العارفون العلماء الوارثون الذين وقع الحث

٥٩

على التمسك في دين الله تعالى وأخذ العلوم عنهم، وايدنا في ذلك ما أخرج الثعلبي في تفسير قوله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً ) عن جعفر الصادقرضي‌الله‌عنه قال: نحن حبل الله الذي قال الله تعالى:( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) انتهى.

وكيف لا وهم أحد الثقلين، فكما أن القرآن حبل ممدود من السماء فكذلك اهل هذا البيت المقدس صلوات الله تعالى وتسليماته عليهم أجمعين. وقد قال قائلهم (ع) مخبراً عن نفسه القدسي وسائر رهطه المطهرين:

وفينا كتاب الله انزل صادقاً

وفينا الهدى والوحي والخير يذكر

ومما نزل فيهم من الكتاب الآية المتقدمة، وقد ذكر جملة ما نزلت فيهم من الآيات الشيخ أبو الفضل ابن حجر في الصواعق فليطلب فيه.

وكذلك أيدنا فيه ما ثبت عن سيد الساجدين عليه وعلى آبائه التسليمات الناميات المباركات والتحيات الطيبات الزاكيات: انه اذا كان تلى قوله تعالى:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) يقرأ دعاءاً طويلا يشتمل على طلب اللحوق بدرجة الصادقين والدرجات العلية، وعلى وصف المحن وما انتحلته المبتدعة المفارقون لائمة الدين والشجرة النبوية، ثم يقول: « وذهب آخرون الى التقصير في أمرنا، واحتجوا بمتشابه القرآن فتأولوا بآرائهم، واتهموا مأثور الخبر » الى ان قال: « فإلى من يفزع خلف هذه الامة وقد درست أعلام الملة ودانت الامة بالفرقة والاختلاف، يكفر بعضهم بعضا والله تعالى يقول:( وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ) ، فمن الموثوق به على ابلاغ الحجة وتأويل الحكم، الا أهل الكتاب وأبناء أئمة الهدى ومصابيح الدجى، الذين احتج الله تعالى بهم على عباده، ولم يدع الخلق سدى من غير حجة، هل تعرفونهم أو تجدونهم الا من فروع الشجرة المباركة، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وبرأهم من الافات، وافترض مودتهم في الكتاب » انتهى. و ذكره ابن حجر في الصواعق.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

أن يكفر قال يستغفر الله ويمسك حتى يكفر.

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن المملوك أعليه ظهار فقال نصف ما على الحر من الصوم وليس عليه كفارة صدقة ولا عتق.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد الله أو أبي الحسنعليه‌السلام في رجل كان له عشر جوار فظاهر منهن كلهن جميعا بكلام واحد قال عليه عشر كفارات.

١٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة وغير واحد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال إذا واقع المرة الثانية قبل أن يكفر فعليه كفارة أخرى قال ليس في هذا اختلاف.

١٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن سيف التمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يقول لامرأته أنت علي كظهر أختي أو عمتي أو

بالوطء ، ونسبوا القول بالتعدد إلى الإمامية.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عليه عشر كفارات » عليه فتوى الأصحاب إلا ابن الجنيد فإنه قال : لا يجب إلا كفارة واحدة.

الحديث السابع عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « ليس في هذا اختلاف » أي لا خلاف بين العامة والخاصة في لزوم الكفارة للوطء الثاني ، وإنما الخلاف في لزوم كفارة أخرى للوطء الأول فالمراد بقولهعليه‌السلام : « إذا واقع » أراد أن يواقع ، ويحتمل أن يكون كلام بعض الرواة ، أي ليس بين الشيعة فيه اختلاف.

الحديث الثامن عشر : صحيح.

٢٦١

خالتي قال فقال إنما ذكر الله الأمهات وإن هذا لحرام.

١٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن مهزيار قال كتب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسنعليه‌السلام جعلت فداك إن بعض مواليك يزعم أن الرجل إذا تكلم بالظهار وجبت عليه الكفارة حنث أو لم يحنث ويقول حنثه كلامه بالظهار وإنما جعلت عليه الكفارة عقوبة لكلام وبعضهم يزعم أن الكفارة لا تلزمه حتى يحنث في الشيء الذي حلف عليه فإن حنث وجبت عليه الكفارة وإلا فلا كفارة عليه فوقععليه‌السلام بخطه لا تجب الكفارة حتى يجب الحنث.

٢٠ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان قال سأل الحسين بن مهران أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن رجل ظاهر من أربع نسوة فقال يكفر لكل واحدة منهن كفارة وسأله عن رجل ظاهر من امرأته وجاريته ما عليه قال عليه لكل

قوله عليه‌السلام : « إنما ذكر الله الأمهات » ظاهره أن ما دلت عليه الآية هي الأمهات ، لكن التشبيه بسائر المحرمات أيضا محرم يظهر من السنة ، أو أن ما يترتب عليه الحكم بالظهار هي الأمهات ، وأما غيرها فحرام لكنه غير محرم ، واستدل به ابن إدريس على عدم التحريم حملا له على المعنى الأخير.

الحديث التاسع عشر : صحيح.

وحمل الشيخ هذا الخبر على الظهار المشروط ، وحنثه هو تحقق الشرط الذي علق عليه الظهار ، ويمكن أن يعم بحيث يشمل غير المشروط أيضا فإن إرادة الوطء في غير المشروط هو الحنث ، إذ مقتضى الظهار ترك الوطء فإذا أراده فقد حنث ويحتمل أن يكون الخبر محمولا على التقية.

الحديث العشرون : صحيح.

ويدل على عدم وقوع الظهار بملك اليمين ، واختلف الأصحاب فيه هل يقع بها الظهار أم لا؟ فالمشهور الوقوع ، وذهب المفيد والمرتضى وابن إدريس وجماعة من القدماء إلى العدم ، وحملت الكفارة على الترتيب ، للإجماع على كونها مرتبة ، وإن

٢٦٢

واحدة منهما كفارة عتق رقبة أو صيام «شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ » أو إطعام «سِتِّينَ مِسْكِيناً ».

٢١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل مملك ظاهر من امرأته فقال لي لا يكون ظهار ولا إيلاء حتى يدخل بها.

٢٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقول لامرأته هي عليه كظهر أمه قال تحرير رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا والرقبة يجزئ عنه صبي ممن ولد في الإسلام.

٢٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل وابن بكير وحماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المظاهر إذا طلق سقطت عنه الكفارة.

قال علي بن إبراهيم إن طلق امرأته أو أخرج مملوكته من ملكه قبل أن يواقعها

كان ظاهر الخبر التخيير.

الحديث الحادي والعشرون : صحيح.

وما تضمنته من اشتراط الدخول هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب المرتضى وابن إدريس إلى عدم الاشتراط.

الحديث الثاني والعشرون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « صبي ممن ولد في الإسلام » بخلاف كفارة القتل ، فإن فيه خلافا ثم اعلم أنه لا يشمل الصبي التابع للسابي في الإسلام على القول به.

الحديث الثالث والعشرون : حسن.

فلا خلاف ظاهرا في أنه إذا طلق المظاهرة وراجعها في العدة لم يحل وطؤها حتى يكفر ، واختلف الأصحاب فيما إذا طلقها بائنا أو رجعيا وخرجت من العدة ثم تزوجها بعقد جديد وأراد العود إليها ، فذهب الأكثر إلى أنه لا كفارة عليه ، وقال أبو الصلاح : إذا طلق المظاهر قبل التكفير فتزوجت المرأة ثم طلقها

٢٦٣

فليس عليه كفارة الظهار إلا أن يراجع امرأته أو يرد مملوكته يوما فإذا فعل ذلك فلا ينبغي له أن يقربها حتى يكفر.

٢٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن القاسم بن محمد الزيات قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إني ظاهرت من امرأتي فقال كيف قلت قال قلت أنت علي كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا فقال لا شيء عليك ولا تعد.

٢٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن الرضاعليه‌السلام قال الظهار لا يقع على الغضب.

٢٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الظهار الواجب قال الذي يريد به الرجل الظهار بعينه.

٢٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا قالت المرأة زوجي علي حرام كظهر أمي فلا كفارة عليها قال وجاء رجل من الأنصار من بني النجار إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال إني ظاهرت من امرأتي فواقعتها قبل أن أكفر فقال وما حملك على ذلك قال لما ظاهرت رأيت بريق خلخالها وبياض ساقها في القمر فواقعتها قبل أن أكفر فقال له اعتزلها حتى تكفر وأمره بكفارة واحدة وأن يستغفر الله.

الثاني أو مات عنها وتزوج بها الأول لم يحل له وطؤها حتى يكفر.

الحديث الرابع والعشرون : ضعيف على المشهور. وحمل على اليمين كما عرفت.

الحديث الخامس والعشرون : صحيح.

الحديث السادس والعشرون : موثق.

قوله عليه‌السلام : « يريد به » أي لا الطلاق ولا ملاطفة الزوجة وإكرامها ولا ـ اليمين ، فإن الغرض فيه ليس إيقاع الظهار ، بل ترك المحلوف عليه.

الحديث السابع والعشرون : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فلا كفارة عليها » لا خلاف فيه بين الأصحاب.

٢٦٤

٢٨ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار أو غيره ، عن الحسن بن علي ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل ظاهر ثم طلق قال سقطت عنه الكفارة إذا طلق قبل أن يعاود المجامعة قيل فإنه راجعها قال إن كان إنما طلقها لإسقاط الكفارة عنه ثم راجعها فالكفارة لازمة له أبدا إذا عاود المجامعة وإن كان طلقها وهو لا ينوي شيئا من ذلك فلا بأس أن يراجع ولا كفارة عليه.

٢٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار والرزاز ، عن أيوب بن نوح جميعا ، عن صفوان قال حدثنا أبو عيينة ، عن زرارة قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام إني ظاهرت من أم ولد لي ثم واقعت عليها ثم كفرت فقال هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا واقع كفر.

٣٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل ظاهر ثم واقع قبل أن يكفر فقال لي أوليس هكذا يفعل الفقيه.

٣١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن

الحديث الثامن والعشرون : مرسل.

ولم يقل بهذا التفصيل أحد من الأصحاب ، إلا أن يحمل الأخير على ما إذا خرجت من العدة وتزوجها بنكاح جديد.

الحديث التاسع والعشرون : مجهول.

وحمله الشيخ في الكتابين على ما إذا كان الظهار مشروطا بالجماع ، فإنه إذا كفر قبله لم يكن مجزئا وكان تلزمه كفارة أخرى بعده ، فالفقيه في هذا الفرض لا يكفر إلا بعد الجماع ، وكذا الأخبار الآتية وهو حسن.

الحديث الثلاثون : حسن.

الحديث الحادي والثلاثون : ضعيف على المشهور.

وحمله الشيخ تارة على ما إذا واقعها جهلا أو نسيانا فإنه حينئذ لا يلزمه الكفارة

٢٦٥

الحسن الصيقل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يظاهر من امرأته قال فليكفر قلت فإنه واقع قبل أن يكفر قال أتى حدا من حدود الله عز وجل وليستغفر الله وليكف حتى يكفر.

٣٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الظهار ضربان أحدهما فيه الكفارة قبل المواقعة والآخر بعدها فالذي يكفر قبل المواقعة الذي يقول أنت علي كظهر أمي ولا يقول إن فعلت بك كذا وكذا والذي يكفر بعد المواقعة هو الذي يقول أنت علي كظهر أمي إن قربتك.

٣٣ ـ محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن معاوية بن حكيم ، عن صفوان ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا حلف الرجل بالظهار فحنث فعليه الكفارة قبل أن يواقع وإن كان منه الظهار في غير يمين فإنما عليه الكفارة بعد ما يواقع.

قال معاوية وليس يصح هذا على جهة النظر والأثر في غير هذا الأثر أن يكون الظهار لأن أصحابنا رووا أن الأيمان لا يكون إلا بالله وكذلك نزل بها القرآن.

إلا عند إرادة وطء آخر ، وأخرى على ما مر من كونه مشروطا بالوقاع ، ويمكن حمله على التقية أو الكفارة المتعددة ، مع أنه ليس فيه نفي صريح للكفارة للوطء السابق.

الحديث الثاني والثلاثون : حسن كالصحيح.

وظاهره أن الظهار بالشرط إنما يتحقق إذا كان الشرط الجماع لا غير ، وليس ببعيد عن فحوى الأخبار ، لكنه خلاف المشهور بين الأصحاب.

الحديث الثالث والثلاثون : موثق.

قوله : « أن يكون الظهار » بدل اشتمال لاسم الإشارة.

٢٦٦

٣٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن يزيد الكناسي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها تطليقة فقال إذا طلقها تطليقة فقد بطل الظهار وهدم الطلاق الظهار قال فقلت فله أن يراجعها قال نعم هي امرأته فإن راجعها وجب عليه ما يجب على المظاهر «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا » قلت فإن تركها حتى يخلو أجلها وتملك نفسها ثم تزوجها بعد ذلك هل يلزمه الظهار قبل أن يمسها قال لا قد بانت منه وملكت نفسها قلت فإن ظاهر منها فلم يمسها وتركها لا يمسها إلا أنه يراها متجردة من غير أن يمسها هل يلزمه في ذلك شيء فقال هي امرأته وليس يحرم عليه مجامعتها ولكن يجب عليه ما يجب على المظاهر قبل أن يجامعها وهي امرأته قلت فإن رفعته إلى السلطان وقالت هذا زوجي وقد ظاهر مني وقد أمسكني لا يمسني مخافة أن يجب عليه ما يجب على المظاهر قال فقال ليس عليه أن يجبر على العتق والصيام

الحديث الرابع والثلاثون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « ليس عليه أن يجبره » لعل المراد أنه حينئذ يجبره على الطلاق بخصوصه ، أو الاستغفار على القول ببدليته ، وذلك بعد إنظار ثلاثة أشهر من حين المرافعة على ما هو المشهور ، ثم اعلم أن المظاهر إن قدر على إحدى الخصال الثلاث لا يحل له الوطء حتى يكفر إجماعا ، وإن عجز عن الثلاث هل لها بدل؟ قيل : نعم. واختلفوا في البدل ، قال الشيخ في النهاية : إن للإطعام بدلا ، وهو صيام ثمانية عشر يوما ، فإن عجز عنها حرم عليه وطؤها حتى يكفر ، وقال ابن بابويه مع العجز عن الإطعام يتصدق بما يطيق.

وقال ابن حمزة : إذا عجز عن صوم الشهرين صام ثمانية عشر يوما فإن عجز تصدق عن كل يوم بمدين ، وقال ابن إدريس : إن عجز عن الثلاث فبدلها الاستغفار ويكفي في حل الوطء ، ولا يجب عليه قضاء الكفارة بعد ذلك وإن قدر عليها ، وللشيخ قول آخر بذلك ، لكن تجب الكفارة بعد القدرة ، وذهب جماعة منهم الشيخ

٢٦٧

والإطعام إذا لم يكن له ما يعتق ولم يقو على الصيام ولم يجد ما يتصدق به قال فإن كان يقدر على أن يعتق فإن على الإمام أن يجبره على العتق والصدقة من قبل أن يمسها ومن بعد ما يمسها.

٣٥ ـ ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل ظاهر من امرأته ثم طلقها قبل أن يواقعها فبانت منه أعليه كفارة قال لا.

٣٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صالح بن سعيد ، عن يونس ، عن بعض رجاله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قال لامرأته أنت علي كظهر أمي أو كيدها أو كبطنها أو كفرجها أو كنفسها أو ككعبها أيكون ذلك الظهار وهل يلزمه فيه ما يلزم المظاهر فقال المظاهر إذا ظاهر من امرأته فقال هي كظهر أمه أو كيدها أو كرجلها أو كشعرها أو كشيء منها ينوي بذلك التحريم فقد لزمه الكفارة في كل قليل منها أو كثير وكذلك إذا هو قال كبعض ذوات المحارم فقد لزمته الكفارة.

في قول ثالث والمفيد وابن الجنيد إلى أن الخصال لا بدل لها أصلا ، بل يحرم عليه وطؤها إلى أن يؤدي الواجب منها.

الحديث الخامس والثلاثون : صحيح.

الحديث السادس والثلاثون : مجهول.

ويدل على وقوع الظهار بالتشبيه بغير الظهر من أجزاء المظاهر منها ، وذهب إليه الشيخ وجماعة وذهب السيد مدعيا للإجماع ، وابن إدريس وابن زهرة وجماعة إلى أنه لا يقع بغير لفظ الظهر استضعافا للخبر.

٢٦٨

(باب اللعان)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يقع اللعان حتى يدخل الرجل بأهله.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا تكون الملاعنة ولا الإيلاء إلا بعد

باب اللعان

اللعان لغة : المباهلة المطلقة من اللعن أو جمع له ، وهو الطرد والإبعاد من الخير ، والاسم اللعنة ، وشرعا المباهلة بين الزوجين في إزالة حد أو نفي ولد بلفظ مخصوص عند الحاكم.

الحديث الأول : موثق.

وقال في المسالك : يشترط الدخول في اللعان بنفي الولد ، فإن الولد قبل الدخول لا يتوقف نفيه على اللعان إجماعا ، وأما لعانها بالقذف فقد اختلفوا في اشتراطه ، فذهب الشيخ وأتباعه وابن الجنيد إلى الاشتراط ، وذهب ابن إدريس إلى عدمه ، لعموم الآية(١) وهو حسن ، إلا أنه جعل التفصيل باشتراطه بالدخول لنفي الولد ، وعدمه للقذف جامعا بين الأدلة والأقوال ، بحمل ما دل على اشتراطه على ما إذا كان لنفي الولد ، والآخر على القذف ، وليس كذلك ، فإن بعض الروايات صريح في أنه بسبب القذف ، والأقوال تابعة للأدلة ، ويظهر من المحقق وغيره أن من الأصحاب من قال بعدم الاشتراط في اللعان بالسببين ، وقائله غير معلوم ، وهو غير موجه لما عرفت.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة النور الآية ـ ٤.

٢٦٩

الدخول.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن المثنى ، عن زرارة قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ » قال هو القاذف الذي يقذف امرأته فإذا قذفها ثم أقر أنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه امرأته وإن أبى إلا أن يمضي فيشهد عليها «أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ » والخامسة يلعن فيها نفسه «إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ » فإن أرادت أن تدفع عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم شهدت «أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ » فإن لم تفعل رجمت وإن فعلت درأت عن نفسها الحد ثم لا تحل له إلى يوم القيامة قلت أرأيت إن فرق بينهما ولها ولد فمات ـ قال ترثه أمه وإن ماتت أمه ورثه أخواله ومن قال إنه ولد زنى جلد الحد قلت يرد إليه الولد إذا أقر به قال لا ولا كرامة ولا يرث الابن ويرثه الابن.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الرحمن بن الحجاج قال إن عباد البصري سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا حاضر كيف يلاعن الرجل المرأة فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إن رجلا من المسلمين أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال يا رسول الله أرأيت لو أن رجلا دخل منزله فوجد مع امرأته رجلا يجامعها ما كان يصنع قال فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وانصرف ذلك الرجل وكان ذلك الرجل هو الذي ابتلي بذلك من

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وقال في المسالك : إذا كذب نفسه بعد اللعان لم يتغير الحكم المترتب على اللعان من التحريم المؤبد وانتفاء الإرث ، إلا أنه بمقتضى إقراره يرثه الولد من غير عكس ، ولا يرث أقرباء الأب ولا يرثونه إلا مع تصديقهم ، واختلف في الحد هل تثبت عليه بذلك أم لا؟ بسبب اختلاف الروايات ، فذهب إلى العدم الشيخ والمحقق والعلامة في أحد قوليه ، وذهب إلى الثبوت المفيد والعلامة في القواعد وهو أقوى.

الحديث الرابع : حسن.

٢٧٠

امرأته قال فنزل عليه الوحي من عند الله عز وجل بالحكم فيهما فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك الرجل فدعاه فقال له أنت الذي رأيت مع امرأتك رجلا فقال نعم فقال له انطلق فأتني بامرأتك فإن الله عز وجل قد أنزل الحكم فيك وفيها قال فأحضرها زوجها فأوقفهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال للزوج اشهد «أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللهِ » إنك لمن الصادقين فيما رميتها به قال فشهد ثم قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمسك ووعظه ثم قال اتق الله فإن لعنة الله شديدة ثم قال له اشهد الخامسة أن لعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين قال فشهد ثم أمر به فنحي ثم قال للمرأة اشهدي أربع شهادات بالله إن زوجك لمن الكاذبين فيما رماك به قال فشهدت ثم قال لها أمسكي فوعظها وقال لها اتقي الله فإن غضب الله شديد ثم قال لها اشهدي الخامسة أن غضب الله عليك إن كان زوجك من الصادقين فيما رماك به قال فشهدت قال ففرق بينهما وقال لهما لا تجتمعا بنكاح أبدا بعد ما تلاعنتما.

٥ ـ الحسن بن محبوب ، عن عباد بن صهيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أوقفه الإمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل فأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان قال يجلد حد القاذف ولا يفرق بينه وبين امرأته.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قذف الرجل امرأته فإنه لا يلاعنها حتى يقول رأيت بين

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فنحي » على بناء المجهول ، ولعله محمول على تنحية قليلة بحيث لا يخرج عن المجلس ، والمشهور بين الأصحاب أن الوعظ بعد الشهادة على الاستحباب.

الحديث الخامس : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « يجلد حد القاذف » لا خلاف فيه إذا كان اللعان بالقذف ، وأما إذا كان بنفي الولد ولم يقذفها بأن جوز كونه لشبهة لم يلزمه الحد.

الحديث السادس : حسن.

قوله عليه‌السلام : « حتى يقول » لا خلاف فيه بين الأصحاب في اشتراط دعوى المعاينة

٢٧١

رجليها رجلا يزني بها قال وسئل عن الرجل يقذف امرأته قال يلاعنها ثم يفرق بينهما فلا تحل له أبدا فإن أقر على نفسه قبل الملاعنة جلد حدا وهي امرأته.

قال وسألته عن المرأة الحرة يقذفها زوجها وهو مملوك قال يلاعنها ثم يفرق بينهما فلا تحل له أبدا فإن أقر على نفسه بعد الملاعنة جلد حدا وهي امرأته.

قال وسألته عن الحر تحته أمة فيقذفها قال يلاعنها.

قال وسألته عن الملاعنة التي يرميها زوجها وينتفي من ولدها ويلاعنها ويفارقها ثم يقول بعد ذلك الولد ولدي ويكذب نفسه فقال أما المرأة فلا ترجع إليه أبدا وأما الولد فإني أرده إليه إذا ادعاه ولا أدع ولده وليس له ميراث ويرث الابن الأب ولا يرث الأب الابن ويكون ميراثه لأخواله فإن لم يدعه أبوه فإن أخواله يرثونه ولا يرثهم فإن دعاه أحد ابن الزانية جلد الحد.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن

إذا قذف ، وأما إذا(١) ( لم يدع المعاينة فلا لعان ) ويلزم منه أن لا يكون لعان قذف من الأعمى ، بل يحد إن قذف ، واستشكله الشهيد (ره) وهو في محله.

قوله عليه‌السلام : « يلاعنها » تفسير القول في ذلك أن الزوجين إما حران أو مملوكان ، أو الزوجة حرة والزوج عبد أو بالعكس ، والثلاثة الأول لا خلاف في ثبوت اللعان بينهما ، وإنما الخلاف في الرابع فجوزه الأكثر ، ومنعه المفيد وسلار ، وفصل ابن إدريس بصحته في نفي الولد دون القذف.

قوله عليه‌السلام : « ولا يرثهم » قال المحقق (ره) : هل يرث قرابة أمه؟ قيل : نعم ، لأن نسبه من الأم ثابت ، وقيل : لا يرث إلا أن يعترف به الأب وهو متروك انتهى.

وأقول : القول للشيخ في الاستبصار مستندا بهذا الخبر وخبر آخر ، ويمكن حمله على المعنى أنه لا يرثهم مع وجود وارث أقرب منه ، بخلافهم فإنهم يرثونه مع وجود بعض من هو أقرب بالأب والأخوة من الأب.

الحديث السابع : حسن.

__________________

(١) الظاهر أنّه كان في العبارة سقطا ونحن صحّحناه على القرائن.

٢٧٢

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الحر بينه وبين المملوكة لعان فقال نعم وبين المملوك والحرة وبين العبد والأمة وبين المسلم واليهودية والنصرانية ولا يتوارثان ولا يتوارث الحر والمملوكة.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل لاعن امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعد ما ولدت وزعم أنه منه قال يرد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قذف امرأته وهي خرساء قال يفرق بينهما.

١٠ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن جميل ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الملاعن والملاعنة كيف يصنعان قال يجلس الإمام مستدبر القبلة فيقيمهما بين يديه مستقبلا القبلة بحذائه ويبدأ بالرجل ثم المرأة والتي يجب عليها الرجم

قوله عليه‌السلام : « واليهودية » قال به الأكثر ، وشرط ابن الجنيد وجماعة إسلامها.

الحديث الثامن : حسن أو موثق.

قوله عليه‌السلام : « وهي حبلى » المشهور جواز لعان الحامل ، لكن يؤخر الحد إلى أن تضع ، وقيل : يمنع اللعان.

قوله عليه‌السلام : « ولا يجلد » وذكره في المسالك وفيه بدله « لا يحل له » ، ثم قال في الاستدلال على عدم الحد : إنه لو كان الحد باقيا لذكره ، وإلا لتأخر البيان عن وقت الخطاب ، ثم قال : وعليها عمل الشيخ والمحقق والعلامة في أحد قوليه وخالف في ذلك المفيد والعلامة في القواعد ، واختاره الشهيد الثاني ، والأول أقوى.

الحديث التاسع : حسن.

الحديث العاشر : حسن.

والأشهر وجوب قيامهما معا عند تلفظ كل منهما ، وذهب الصدوق والشيخ

٢٧٣

ترجم من ورائها ولا يرجم من وجهها لأن الضرب والرجم لا يصيبان الوجه يضربان على الجسد على الأعضاء كلها.

١١ ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام قلت له أصلحك الله كيف الملاعنة قال فقال يقعد الإمام ويجعل ظهره إلى القبلة ويجعل الرجل عن يمينه والمرأة عن يساره.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن رجل لاعن امرأته فحلف أربع شهادات بالله ثم نكل في الخامسة قال إن نكل في الخامسة فهي امرأته وجلد وإن نكلت المرأة عن ذلك إذا كانت اليمين عليها فعليها مثل ذلك.

قال وسألته عن الملاعنة قائما يلاعن أو قاعدا قال الملاعنة وما أشبهها من قيام.

قال وسألته عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها فادعت أنها حامل قال :

في المبسوط والمحقق إلى وجوب قيام كل منهما عند تلفظه لا عند تلفظ الآخر.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور ، والأمران محمولان على الاستحباب.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

وقال السيد في شرح النافع : إذا طلق الرجل امرأته فادعت الحمل منه فأنكر ، فإن كان بعد الدخول لحق به الولد إجماعا ، ولم ينتف عنه إلا باللعان وإن كان قبل الدخول بغير لعان اتفاقا ، وإن ادعت المرأة الدخول وأنكر الزوج فالمطابق لمقتضى القواعد أن عليه اليمين على عدم الدخول ، فإن حلف ثبت عليه نصف المهر ، وانتفى عنه الولد ، وقال الشيخ في النهاية : فإن أقامت البينة أنه أرخى سترا وخلا بها ، ثم أنكر الولد لا عنها ، ثم بانت منه وعليه المهر كملا ، وإن لم تقم بذلك بينة كان عليه نصف المهر ، ووجب عليها مائة سوط بعد أن يحلف بالله تعالى أنه ما دخل بها. ومستنده صحيحة علي بن جعفر ، وناقشه ابن إدريس في هذا الحكم فقال : إنه مبني على

٢٧٤

إن أقامت البينة على أنه أرخى سترا ثم أنكر الولد لاعنها ثم بانت منه وعليه المهر كملا.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن الحلبي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل لاعن امرأته وهي حبلى قد استبان حملها فأنكر ما في بطنها فلما وضعت ادعاه وأقر به وزعم أنه منه قال فقال يرد إليه ولده ويرثه ولا يجلد لأن اللعان قد مضى.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام أنه سئل عن عبد قذف امرأته قال يتلاعنان كما يتلاعن الحران.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفتري على امرأته قال يجلد ثم يخلى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول أشهد أني رأيتك تفعلين كذا وكذا.

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال لا يكون اللعان إلا بنفي ولد وقال إذا قذف

أن الخلوة بمنزلة الدخول وهو ضعيف.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

وقال في المسالك : اختلف العلماء في جواز لعان الحامل إذا قذفها أو نفي ولدها قبل الوضع ، فذهب الأكثر إلى جوازه ، لعموم الآية وخبر الحلبي وإن نكلت أو اعترفت لم تحد إلى أن تضع.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

الحديث الخامس عشر : حسن.

الحديث السادس عشر : ضعيف.

ولعل المراد نفي اللعان الواجب أو الحصر بالنسبة إلى دعوى غير المشاهدة

٢٧٥

الرجل امرأته لاعنها.

١٧ ـ محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها.

١٨ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن رجل قذف امرأته بالزنى وهي خرساء صماء لا تسمع ما قال قال إن كان لها بينة فشهدوا عند الإمام جلد الحد وفرق بينهما ثم لا تحل له أبدا وإن لم تكن بينة فهي حرام عليه ما أقام معها ولا إثم عليها منه.

كما حمله الشيخ ، ونقل عن الصدوق في المقنع ، أنه قال : لا يكون اللعان إلا بنفي الولد ، فلو قذفها ولم ينكر ولدها حد.

الحديث السابع عشر : صحيح.

ولا خلاف في اشتراط دوام العقد في لعان نفي الولد ، وأما اشتراطه في لعان القذف فهو قول المعظم ، ويدل عليه الروايات ، وقال المرتضى : بوقوعه بها لعموم الآية.

الحديث الثامن عشر : صحيح.

وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وظاهرهم أنه موضع وفاق ، ومقتضى الرواية اعتبار الصمم والخرس معا ، وبذلك عبر جماعة من الأصحاب واكتفى الأكثر ومنهم المفيد في المقنعة. والشيخ والمحقق بأحد الأمرين ، واستدل عليه في التهذيب بهذه الرواية ، وأوردها بزيادة لفظة ، « أو » بين خرساء وصماء ، ثم أوردها في كتاب اللعان بحذف « أو » كما هنا وكيف كان فينبغي القطع بالاكتفاء بالخرس وحده إن أمكن انفكاكه عن الصمم لحسنة الحلبي ، ومحمد ابن مسلم ، ورواية محمد بن مروان.

ويستفاد من قول المحقق أن التحريم إنما يثبت إذا رماها بالزنا مع دعوى المشاهدة وعدم البينة ، والأخبار مطلقة في ترتب الحكم على مجرد القذف ، ولا

٢٧٦

١٩ ـ عنه ، عن الحسن ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في امرأة قذفت زوجها وهو أصم قال يفرق بينها وبينه ولا تحل له أبدا.

٢٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن مروان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في المرأة الخرساء كيف يلاعنها زوجها قال يفرق بينهما ولا تحل له أبدا.

٢١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن أبان ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا يكون اللعان حتى يزعم أنه قد عاين.

(باب)

( طلاق الحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن حر تحته أمة أو عبد تحته حرة كم طلاقها وكم

فرق بين كون الزوجة مدخولا بها وعدمه ، لإطلاق النص.

الحديث التاسع عشر : مرسل.

وقال السيد (ره) : لو انعكس الفرض بأن قذف السليمة الأصم والأخرس ففي إلحاقه بقذفه لها نظر ، أقربه العدم قصرا لما خالف الأصل على مورد النص. وقيل : بالمساواة ، وهو ظاهر اختيار ابن بابويه (ره) : ويدل عليه رواية ابن محبوب وإرسالها يمنع من العمل بها.

الحديث العشرون : ضعيف.

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور.

باب طلاق الحرة تحت المملوك والمملوكة تحت الحر

الحديث الأول : حسن.

وقال السيد (ره) أما إن عدة الأمة في الطلاق قرآن ، فهو موضع نص ووفاق

٢٧٧

عدتها فقال السنة في النساء في الطلاق فإن كانت حرة فطلاقها ثلاث وعدتها ثلاثة أقراء وإن كان حر تحته أمة فطلاقها تطليقتان وعدتها قرءان.

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا كانت الحرة تحت العبد فالطلاق والعدة بالنساء يعني تطليقها ثلاثا وتعتد ثلاث حيض.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار والرزاز ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيص بن القاسم قال إن ابن شبرمة قال الطلاق للرجل فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام الطلاق للنساء وتبيان ذلك أن العبد يكون تحته الحرة فيكون تطليقها ثلاثا ويكون الحر تحته الأمة فيكون طلاقها تطليقتين.

٤ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال طلاق المملوك للحرة ثلاث تطليقات وطلاق الحر للأمة تطليقتان.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال طلاق الحر إذا كان عنده أمة تطليقتان وطلاق الحرة إذا كانت تحت المملوك ثلاث.

وأما أن القرء هو الطهر ، فللأخبار الصحيحة. لكن ورد في الأمة أخبار معتبرة دالة على أنه الحيض هنا ، وليس لها معارض صريحا فيتجه العمل بها.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

٢٧٨

(باب)

( طلاق العبد إذا تزوج بإذن مولاه)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا كان العبد وامرأته لرجل واحد فإن المولى يأخذها إذا شاء وإذا شاء ردها وقال لا يجوز طلاق العبد إذا كان هو وامرأته لرجل واحد إلا أن يكون العبد لرجل والمرأة لرجل وتزوجها بإذن مولاه وإذن مولاها فإن طلق وهو بهذه المنزلة فإن طلاقه جائز.

٢ ـ محمد ، عن أحمد ، عن ابن فضال ، عن مفضل بن صالح ، عن ليث المرادي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العبد هل يجوز طلاقه فقال إن كانت أمتك فلا إن الله عز وجل يقول : «عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ » وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرة جاز طلاقه.

باب طلاق العبد إذا تزوج بإذن مولاه

الحديث الأول : مجهول.

ويظهر من الروايات أنه يكفي في فسخ المولى كل لفظ دل عليه من الأمر بالافتراق والاعتزال وفسخ العقد ، ولا تشترط لفظ الطلاق ، ولو أتى بلفظ الطلاق انفسخ النكاح ، لدلالته على إرادة التفريق بينهما ، لكنه لا يعد طلاقا شرعيا ولا يلحقه أحكام الطلاق ، وقيل : إن الفسخ الواقع من المولى طلاق مطلقا ، فيعتبر فيه شروط الطلاق ، ويعد من المطلقات ، وقيل : إن وقع بلفظة الطلاق كان طلاقا ، فإن اختل أحد شرائطه وقع باطلا ، وإلا كان فسخا وهما ضعيفان.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٧٩

٣ ـ محمد ، عن أحمد ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يأذن لعبده أن يتزوج الحرة أو أمة قوم الطلاق إلى السيد أو إلى العبد قال الطلاق إلى العبد.

٤ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن زياد ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل تزوج غلامه جارية حرة فقال الطلاق بيد الغلام فإن تزوجها بغير إذن مولاه فالطلاق بيد المولى.

٥ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن محمد بن أبي حمزة ، عن علي بن يقطين ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال سألته عن رجل تزوج غلامه جارية حرة فقال الطلاق بيد الغلام.

قال وسألته عن رجل زوج أمته رجلا حرا فقال الطلاق بيد الحر.

وسألته عن رجل زوج غلامه جاريته فقال الطلاق بيد المولى.

وسألته عن رجل اشترى جارية ولها زوج عبد فقال بيعها طلاقها.

الحديث الثالث : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب أن الطلاق بيد العبد ، وذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل إلى نفي ملكية العبد للطلاق رأسا ، للروايات الصحيحة الدالة على أنه ليس للعبد الطلاق إلا بإذن مولاه ، والآخرون حملوها على ما إذا تزوج بأمة مولاه جمعا ، والظاهر من مذهب من قال بوقوفه على إذن السيد أنه لا يقول : بأن له إجباره على الطلاق نعم لأبي الصلاح قول ثالث بأن للسيد إجباره عليه.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور. وسقط شرحه عن المصنف.

قوله عليه‌السلام « بيعها طلاقها » أي للمشتري فسخ العقد ، ولا خلاف في خيار المشتري إذا بيعت الأمة ، وكذا إذا بيع العبد إذا كان تحته أمة ، وإذا كان تحته حرة فالأكثرون على ثبوت الخيار أيضا خلافا لابن إدريس وظاهر المحقق.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399