مرآة العقول الجزء ٢٢

مرآة العقول11%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 519

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 519 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 55852 / تحميل: 4170
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وبين الفرات فأخبرته فقال لو كنت عنده لأحببت أن آتيه طرفي النهار.

٥ ـ الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى جميعا ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن غير واحد رفعوه إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال أما إن أهل الكوفة لو حنكوا أولادهم بماء الفرات لكانوا شيعة لنا.

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن حكيم بن جبير قال سمعت سيدنا علي بن الحسينعليه‌السلام يقول إن ملكا يهبط من السماء في كل ليلة معه ثلاثة مثاقيل مسكا من مسك الجنة فيطرحها في الفرات وما من نهر في شرق الأرض ولا غربها أعظم بركة منه.

(باب)

(المياه المنهي عنها)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن هارون بن مسلم ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الاستشفاء بالحميات وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال التي توجد فيها رائحة الكبريت وقيل إنها من فيح جهنم.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان

الحديث الخامس : مجهول مرفوع.

الحديث السادس : مجهول.

باب المياه المنهي عنها

الحديث الأول : ضعيف.

وقال في النهاية فيه « مثل العالم مثل الحمة » الحمة : عين ماء حار يستشفي بها المرضى. وقال فيه « شدة الحر من فوح جهنم » أي شدة غليانها وحرها ويروى بالياء.

الحديث الثاني : ضعيف.

٢٤١

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن نوحا عليه السلام لما كان في أيام الطوفان دعا المياه كلها فأجابته إلا ماء الكبريت والماء المر فلعنهما.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن حمدان بن سليمان النيسابوري ، عن محمد بن يحيى ، عن زكريا وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه جميعا ، عن محمد بن سنان ، عن أبي الجارود ، عن أبي سعيد عقيصا التيمي قال مررت بالحسن والحسين صلوات الله عليهما وهما في الفرات مستنقعان في إزارين فقلت لهما يا ابني رسول الله صلى الله عليكما أفسدتما الإزارين فقالا لي يا أبا سعيد فسادنا للإزارين أحب إلينا من فساد الدين إن للماء أهلا وسكانا كسكان الأرض ثم قالا إلى أين تريد فقلت إلى هذا الماء فقالا وما هذا الماء فقلت أريد دواءه أشرب من هذا المر لعلة بي أرجو أن يخف له الجسد ويسهل البطن فقالا ما نحسب أن الله جل وعز جعل في شيء قد لعنه شفاء قلت ولم ذاك فقالا لأن الله تبارك وتعالى لما آسفه قوم نوح عليه السلام فتح «السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ » وأوحى إلى الأرض فاستعصت عليه عيون منها فلعنها وجعلها ملحا أجاجا وفي رواية حمدان بن سليمان أنهما عليهما السلام قالا يا أبا سعيد تأتي ماء ينكر ولايتنا في كل يوم ثلاث مرات إن الله عز وجل عرض ولايتنا على المياه فما قبل ولايتنا عذب وطاب وما جحد ولايتنا جعله الله عز وجل مرا أو ملحا أجاجا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سنان عمن ذكره ، عن

الحديث الثالث : ضعيف وآخره مرسل.

قولهعليه‌السلام : « لما آسفه » إشارة إلى قوله تعالى «فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ »(١) قال الجوهري : آسفه : أغضبه.

قولهعليه‌السلام : « فاستعصت » يمكن أن يقال أو دع الله فيها في تلك الحال ما تفهم به الخطاب ، ثم أمرها ، ويمكن أن يكون استعارة تمثيلية لبيان عدم قابليتها لترتب خير عليها ، لدناءة أصلها ومنبعها.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة الأحزاب الآية ـ ٥٥.

٢٤٢

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أبي عليه السلام يكره أن يتداوى بالماء المر وبماء الكبريت وكان يقول إن نوحا عليه السلام لما كان الطوفان دعا المياه فأجابته كلها إلا الماء المر وماء الكبريت فدعا عليهما ولعنهما.

(باب النوادر)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن العرزمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال تفجرت العيون من تحت الكعبة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن زكريا المؤمن ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي حمزة الثمالي قال كنت عند حوض زمزم فأتاني رجل فقال لي لا تشرب من هذا الماء يا أبا حمزة فإن هذا يشترك فيه الجن والإنس وهذا لا يشترك فيه إلا الإنس قال فتعجبت من قوله وقلت من أين علم هذا قال ثم قلت لأبي جعفرعليه‌السلام ما كان من قول الرجل لي فقالعليه‌السلام لي إن ذلك رجل من الجن أراد إرشادك.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام ماء نيل مصر يميت القلوب.

باب النوادر

الحديث الأول : موثق.

قولهعليه‌السلام : « تفجرت العيون » أي كلها أو عيون مكة أو عيون بئر زمزم كما مر.

الحديث الثاني : ضعيف.

ولعله أشار أولا إلى الحوض ، وثانيا إلى البئر ، أي اشرب من الدلاء قبل الصب في الحوض ، فإن الحوض ينتفع به الجن أيضا كالأنس فيذهب بركته ، أو لوجه آخر ، ويحتمل أن يكون أشار أولا إلى دلو مخصوص قد علم مشاركة الجن فيه ، وثانيا إلى دلو آخر ، والأول أظهر.

الحديث الثالث : مرفوع.

٢٤٣

٤ ـ عنه ، عن أحمد بن محمد ، عن العباس بن معروف ، عن النوفلي ، عن اليعقوبي ، عن عيسى بن عبد الله ، عن سليمان بن جعفر قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ »(١) فقال يعني ماء العقيق.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن إبراهيم المدائني ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال نهران مؤمنان ونهران كافران فأما المؤمنان فالفرات ونيل مصر وأما الكافران فدجلة ونهر بلخ.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن جعفر عمن ذكره ، عن الخشاب ، عن علي بن الحسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن داود الرقي قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذا استسقى الماء فلما شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ثم

الحديث الرابع : مجهول.

ولعل المراد وادي العقيق ، وإنما ذكرهعليه‌السلام على وجه التمثيل ، أي مثله من المواضع التي ليس فيها ماء ، وإنما فيها برك وغدر يجتمع فيهما ماء السماء ، أو يقال : خص ذلك الموضع لاحتياجهم فيه إلى الماء للدنيا والدين لوقوع غسل الإحرام فيه ، أو يقال : كان أولا نزول الآية لهذا الموضع بسبب من الأسباب لا نعرفه ، وأما حمله على ماء فص العقيق فلا يخفى بعده.

الحديث الخامس : مجهول.

وقال في النهاية : فيه « نهران مؤمنان ، ونهران كافران ، أما المؤمنان فالنيل والفرات ، وأما الكافران فدجلة ونهر بلخ » جعلهما مؤمنين على التشبيه ، لأنهما يفضيان على الأرض فيسقيان الحرث بلا مئونة ، وجعل الآخرين كافرين لأنهما لا يسقيان ولا ينتفع بهما إلا بمئونة وكلفة ، فهذان في الخير والنفع كالمؤمنين ، وهذان في قلة النفع كالكافرين.

الحديث السادس : ضعيف.

__________________

(١) سورة المؤمنون الآية ١٨.

٢٤٤

قال لي يا داود : لعن الله قاتل الحسينعليه‌السلام وما من عبد شرب الماء فذكر الحسينعليه‌السلام وأهل بيته ولعن قاتله إلا كتب الله عز وجل له مائة ألف حسنة وحط عنه مائة ألف سيئة ورفع له مائة ألف درجة وكأنما أعتق مائة ألف نسمة وحشره الله عز وجل يوم القيامة ثلج الفؤاد.

وقال الجوهري : يقال ثلجت نفسي تثلج ثلوجا اطمأنت.

٢٤٥

(أبواب الأنبذة)

(باب)

(ما يتخذ منه الخمر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والبتع من العسل والمزر من الشعير والنبيذ من التمر.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن الحضرمي عمن أخبره ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال الخمر من خمسة أشياء من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل.

محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن ابن أبي نجران ، عن صفوان الجمال ، عن عامر

أبواب الأنبذة

(باب ما يتخذ منه الخمر)

الحديث الأول : حسن كالصحيح على الظاهر ، إذ الظاهر الحجاج مكان الحجال كما في بعض النسخ.

وقال الفيروزآبادي : البتع بكسر الباء وسكون التاء شراب يتخذ من العسل باليمن ، وقال : المرز بالكسر نبيذ يتخذ من الذرة ، وقيل : من الشعير أو الحنطة.

الحديث الثاني : مجهول وسنده الثاني مجهول أيضا.

٢٤٦

بن السمط ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام مثله.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن علي بن جعفر بن إسحاق الهاشمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والبتع من العسل والمزر من الشعير والنبيذ من التمر.

(باب)

( أصل تحريم الخمر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد وسهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أصل الخمر كيف كان بدء حلالها وحرامها ومتى اتخذ الخمر فقال إن آدمعليه‌السلام لما هبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل الله عز وجل عليه قضيبين من عنب فغرسهما فلما أن أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس لعنه الله فحاط عليهما حائطا فقال آدمعليه‌السلام ما حالك يا ملعون فقال إبليس إنهما لي فقال له كذبت فرضيا بينهما بروح القدس فلما انتهيا إليه قص عليه آدمعليه‌السلام قصته وأخذ روح القدس ضغثا من نار ورمى به عليهما والعنب في أغصانهما حتى ظن آدمعليه‌السلام أنه لم يبق منهما شيء وظن إبليس لعنه الله مثل ذلك قال فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث فقال الروح أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله وما بقي فلك يا آدم.

الحسن بن محبوب ، عن خالد بن نافع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٢ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة

الحديث الثالث : مجهول.

باب أصل تحريم الخمر

الحديث الأول : مجهول بسنديه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٢٤٧

عن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن الله عز وجل لما أهبط آدمعليه‌السلام أمره بالحرث والزرع وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان فغرسها ليكون لعقبه وذريته فأكل هو من ثمارها فقال له إبليس لعنه الله يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض وقد كنت فيها قبلك ائذن لي آكل منها شيئا فأبى آدمعليه‌السلام أن يدعه فجاء إبليس عند آخر عمر آدمعليه‌السلام وقال لحواء إنه قد أجهدني الجوع والعطش فقالت له حواء فما الذي تريد قال أريد أن تذيقيني من هذه الثمار فقالت حواء إن آدمعليه‌السلام عهد إلي أن لا أطعمك شيئا من هذا الغرس لأنه من الجنة ولا ينبغي لك أن تأكل منه شيئا فقال لها فاعصري في كفي شيئا منه فأبت عليه فقال ذريني أمصه ولا آكله فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه ولم يأكل منه لما كانت حواء قد أكدت عليه فلما ذهب يعض عليه جذبته حواء من فيه فأوحى الله تبارك وتعالى إلى آدمعليه‌السلام أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس وقد حرمت عليك من عصيرة الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص العنب ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمرها وما يخرج منها ثم إنه قال لحواء فلو أمصصتني شيئا من هذا التمر كما أمصصتني من العنب فأعطته تمرة فمصها وكانت العنب والتمرة أشد رائحة وأزكى من المسك الأذفر وأحلى من العسل فلما مصهما عدو الله إبليس لعنه الله ذهبت رائحتهما وانتقصت حلاوتهما قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ثم إن إبليس لعنه الله ذهب بعد وفاة آدمعليه‌السلام فبال في أصل الكرمة والنخلة فجرى الماء على عروقهما من بول عدو الله فمن ثم يختمر العنب والتمر فحرم الله عز وجل على ذرية آدمعليه‌السلام كل مسكر لأن الماء جرى ببول عدو الله في النخلة والعنب وصار كل مختمر خمرا لأن الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدو الله إبليس لعنه الله.

قولهعليه‌السلام : « فمن ثم يختمر العنب » أي يغلي وينتن ويصير مسكرا.

قولهعليه‌السلام : « لأن الماء اختمر في النخلة » أي غلى وتغير وأنتن من رائحة بول عدو الله.

قال الفيروزآبادي : الخمر بالتحريك : التغيير عما كان عليه ، وقال : اختمار

٢٤٨

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لما هبط نوح عليه السلام من السفينة غرس غرسا وكان فيما غرس عليه السلام الحبلة ثم رجع إلى أهله فجاء إبليس لعنه الله فقلعها ثم إن نوحا عليه السلام عاد إلى غرسه فوجده على حاله ووجد الحبلة قد قلعت ووجد إبليس لعنه الله عندها فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخبره أن إبليس لعنه الله قلعها فقال نوح لإبليس ما دعاك إلى قلعها فو الله ما غرست غرسا أحب إلي منها وو الله لا أدعها حتى أغرسها فقال إبليس وأنا والله لا أدعها حتى أقلعها فقال له اجعل لي منها نصيبا قال فجعل له منها الثلث فأبى أن يرضى فجعل له النصف فأبى أن يرضى فأبى نوح عليه السلام أن يزيده فقال جبرئيلعليه‌السلام لنوح يا رسول الله أحسن فإن منك الإحسان فعلم نوح عليه السلام أنه قد جعل له عليها سلطانا فجعل نوح عليه السلام له الثلثين فقال أبو جعفرعليه‌السلام فإذا أخذت عصيرا فاطبخه حتى يذهب الثلثان وكل واشرب فذاك نصيب الشيطان.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن إبليس لعنه الله نازع نوحا عليه السلام في الكرم فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال إن له حقا فأعطه فأعطاه الثلث فلم يرض إبليس ثم أعطاه النصف فلم يرض فطرح جبرئيل نارا فأحرقت الثلثين وبقي الثلث فقال ما أحرقت النار فهو نصيبه وما بقي فهو لك يا نوح حلال.

الخمر إدراكها وغليانها انتهى.

ويحتمل أن يكون المراد باختمار العنب والتمر تغطية أوانيهما لتصير خمرا وكذا اختمار الماء المراد به احتباسه في الشجرة لكنه بعيد.

الحديث الثالث : حسن أو موثق.

قولهعليه‌السلام : « فيما غرس الحبلة » وفي بعض النسخ النخلة في الموضعين.

وقال في النهاية : فيه « لا تقولوا للعنب الكرم ، ولكن قولوا : العنب ، والحبلة » والحبلة بفتح الحاء والباء ، وربما سكنت : الأصل والقضيب من شجر الأعناب.

الحديث الرابع : موثق.

٢٤٩

(باب)

(أن الخمر لم تزل محرمة)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال ما بعث الله عز وجل نبيا قط إلا وفي علم الله عز وجل أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما إن الدين أنما يحول من خصلة إلى أخرى فلو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال ما بعث الله عز وجل نبيا قط إلا وفي علم الله تبارك وتعالى أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما إنما الدين يحول من خصلة إلى أخرى ولو كان ذلك جملة قطع بهم دون الدين.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن زرارة قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام ما بعث الله عز وجل نبيا قط إلا وفي علم الله أنه إذا أكمل دينه كان فيه تحريم الخمر ولم تزل الخمر حراما وإنما ينقلون من خصلة إلى خصلة ولو حمل ذلك عليهم جملة لقطع بهم دون الدين قال وقال أبو جعفرعليه‌السلام ليس أحد أرفق من الله عز وجل فمن رفقه تبارك وتعالى أنه نقلهم من خصلة إلى خصلة ولو حمل عليهم جملة لهلكوا.

باب أن الخمر لم تزل محرمة

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

٢٥٠

(باب)

(شارب الخمر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الخمر فقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله عز وجل بعثني «رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ » ولأمحق المعازف والمزامير وأمور الجاهلية والأوثان وقال أقسم ربي أن لا يشرب عبد لي في الدنيا خمرا إلا سقيته مثل ما شرب منها من الحميم يوم القيامة معذبا أو مغفورا له ولا يسقيها عبد لي صبيا صغيرا أو مملوكا إلا سقيته مثل ما سقاه من الحميم يوم القيامة معذبا بعد أو مغفورا له.

٢ ـ ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب الخمر بعد ما حرمها الله عز وجل على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب ولا يشفع إذا شفع ولا يصدق إذا حدث ولا يؤتمن على أمانة فمن ائتمنه بعد علمه فيه فليس للذي ائتمنه على الله عز وجل ضمان ولا له أجر ولا خلف.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عمرو بن عثمان ، عن الحسين بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال يؤتى شارب الخمر يوم القيامة مسودا وجهه.

باب شارب الخمر

الحديث الأول : مجهول.

وقال في القاموس : المعازف الملاهي كالعود والطنبور انتهى ، و قوله تعالى «صَبِيًّا » مفعول ثان للسقي.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

٢٥١

مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره وحق على الله عز وجل أن يسقيه من طينة خبال أو قال من بئر خبال قال قلت وما بئر خبال قال بئر يسيل فيها صديد الزناة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شارب الخمر لا يعاد إذا مرض ولا يشهد له جنازة ولا تزكوه إذا شهد ولا تزوجوه إذا خطب ولا تأتمنوه على أمانة.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شارب الخمر إن مرض فلا تعودوه وإن مات فلا تحضروه وإن شهد فلا تزكوه وإن خطب فلا تزوجوه وإن سألكم أمانة فلا تأتمنوه.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن بشير الهذلي ، عن عجلان أبي صالح قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام المولود يولد فنسقيه من الخمر فقال من سقى مولودا خمرا أو قال مسكرا سقاه الله عز وجل من الحميم وإن غفر له.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ودرست وهشام بن سالم جميعا ، عن عجلان أبي صالح قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول قال الله عز وجل من شرب مسكرا أو سقاه صبيا لا يعقل سقيته من ماء الحميم معذبا أو مغفورا له ومن ترك المسكر ابتغاء مرضاتي أدخلته الجنة وسقيته من الرحيق المختوم وفعلت به من الكرامة ما أفعل بأوليائي.

وقال في القاموس : دلع لسانه أخرجه كأدلعه ، وقال في النهاية : الصديد : الدم والقيح الذي يسيل من الجسد.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : حسن كالصحيح على الظاهر.

٢٥٢

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شارب الخمر يوم القيامة يأتي مسودا وجهه مائلا شقه مدلعا لسانه ينادي العطش العطش.

٩ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان بن عثمان ، عن حماد بن بشير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب الخمر بعد أن حرمها الله تعالى على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب ولا يصدق إذا حدث ولا يشفع إذا شفع ولا يؤتمن على أمانة فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيعها فليس للذي ائتمنه على الله عز وجل أن يأجره ولا يخلف عليه وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام إني أردت أن أستبضع بضاعة إلى اليمن فأتيت أبا جعفرعليه‌السلام فقلت له إنني أريد أن أستبضع فلانا بضاعة فقال لي أما علمت أنه يشرب الخمر فقلت قد بلغني من المؤمنين أنهم يقولون ذلك فقال لي صدقهم فإن الله عز وجل يقول : «يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ » ثم قال إنك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله عز وجل أن يأجرك ولا يخلف عليك فاستبضعته فضيعها فدعوت الله عز وجل أن يأجرني فقال يا بني مه ليس لك على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك قال قلت له ولم فقال لي إن الله عز وجل يقول : «وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً »(١) فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر قال ثم قالعليه‌السلام لا يزال العبد في فسحة من الله عز وجل حتى يشرب الخمر فإذا شربها خرق الله عز وجل عنه سرباله وكان وليه وأخوه إبليس لعنه الله وسمعه وبصره ويده ورجله يسوقه إلى كل ضلال ويصرفه عن كل خير.

الحديث الثامن : مرسل.

الحديث التاسع : مجهول.

ويدل على حجية خبر الواحد إذا كان المخبر مؤمنا ، ولعل نهيهعليه‌السلام كان إرشاديا ، فليس في مخالفتهعليه‌السلام ما ينافي العصمة ، وقال في النهاية : السربال القميص وقد يطلق على الدروع.

__________________

(١) سورة النساء الآية ـ ٥.

٢٥٣

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائهعليهم‌السلام قال لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمر وعاصرها ومعتصرها وبائعها ومشتريها وساقيها وآكل ثمنها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه.

١١ ـ الحسين بن محمد ، عن جعفر بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن علي الصوفي ، عن خضر الصيرفي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب النبيذ على أنه حلال خلد في النار ومن شربه على أنه حرام عذب في النار.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يوسف بن علي ، عن نصر بن مزاحم ودرست الواسطي ، عن زرارة وغيره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شارب المسكر لا عصمة بيننا وبينه.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن إسماعيل بن محمد المنقري ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من شرب المسكر ومات وفي جوفه منه شيء لم يتب منه بعث من قبره مخبلا مائلا شدقه سائلا لعابه يدعو بالويل والثبور.

الحديث العاشر : موثق.

وقال في القاموس : عصر العنب ونحوه يعصره فهو معصور وعصير ، واعتصره استخرج ما فيه ، أو عصره ولي ذلك بنفسه ، واعتصره عصر له.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

الحديث الثاني عشر : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : « لا عصمة بيننا » أي لا يلزمنا حفظ عرضه أو أنه غير معتصم بحبل ولايتنا ومحبتنا ، بل نحن منه برآء.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

وقال في القاموس : خبله واختبله جننه وأفسد عقله أو عضوه ، وقال : الثبور : الهلاك.

٢٥٤

١٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن عمرو بن إبراهيم ، عن خلف بن حماد ، عن عمر بن أبان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام من شرب مسكرا كان حقا على الله عز وجل أن يسقيه من طينة خبال قلت وما طينة خبال فقال صديد فروج البغايا.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن خلف بن حماد ، عن محرز ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا أصلي على غريق خمر.

١٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن الشيباني ، عن يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام يا يونس بن ظبيان أبلغ عطية عني أنه من شرب جرعة من خمر لعنه الله عز وجل وملائكته ورسله والمؤمنون فإن شربها حتى يسكر منها نزع روح الإيمان من جسده وركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة فيترك الصلاة فإذا ترك الصلاة عيرته الملائكة وقال الله عز وجل له عبدي كفرت وعيرتك الملائكة سوأة لك عبدي ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام سوأة سوأة كما تكون السوأة والله لتوبيخ الجليل جل اسمه ساعة واحدة أشد من عذاب ألف عام قال ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : «مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً » ثم قال يا يونس ملعون ملعون من ترك أمر الله عز وجل إن أخذ برا دمرته وإن أخذ بحرا غرقته يغضب لغضب الجليل عز اسمه.

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس عشر : مجهول.

وقال في النهاية : في حديث وحشي « أنه مات غرقا في الخمر » أي متناهيا في شربها ، والإكثار ، منه مستعار من الغرق.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : «أَيْنَما ثُقِفُوا » أي وجدوا ولعل الاستشهاد ، لبيان أن من صار ملعونا بلعن الله تعالى ترتفع عنه ذمة الله وأمانه ، لقوله تعالى «أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا »(١) قولهعليه‌السلام : « دمر به » أي أهلكته.

__________________

(١) سورة الأحزاب الآية ـ ٦١.

٢٥٥

١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن خالد ، عن مروك ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أهل الري في الدنيا من المسكر يموتون عطاشا ويحشرون عطاشا ويدخلون النار عطاشا.

علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله وزاد فيه ولو أن رجلا كحل عينه بميل من خمر كان حقيقا على الله أن يكحله بميل من نار.

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن العطار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته ولا يرد علي الحوض لا والله لا ينال شفاعتي من شرب المسكر ولا يرد علي الحوض لا والله.

(باب)

(آخر منه)

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب مسكرا انحبست صلاته أربعين يوما وإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية فإن تاب تاب الله عز وجل عليه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس بن عامر

الحديث السابع عشر : ضعيف على المشهور ، وسنده الثاني مجهول.

وقال في القاموس : الري بالكسر : خلاف العطش.

الحديث الثامن عشر : حسن.

باب آخر منه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

الحديث الثاني : موثق.

٢٥٦

عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب مسكرا لم تقبل منه صلاته أربعين يوما فإن مات في الأربعين مات ميتة جاهلية وإن تاب تاب الله عليه.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن مهران بن محمد ، عن رجل ، عن سعد الإسكاف ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من شرب مسكرا لم تقبل منه صلاته أربعين يوما وإن عاد سقاه الله من طينة خبال قال قلت وما طينة خبال فقال ماء يخرج من فروج الزناة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال من شرب من الخمر شربة لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوما.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن محمد بن مروان ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن لله عز وجل عند فطر كل ليلة من شهر رمضان عتقاء يعتقهم من النار إلا من أفطر على مسكر ومن شرب مسكرا لم تحتسب له صلاته أربعين يوما فإن مات فيها مات ميتة جاهلية.

٧ ـ أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال إنه لما احتضر أبي عليه السلام قال لي يا بني إنه لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة ولا يرد علينا الحوض من أدمن هذه الأشربة فقلت يا أبه وأي الأشربة فقال كل مسكر.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : حسن.

الحديث الخامس : صحيح.

الحديث السادس : مجهول.

الحديث السابع : صحيح.

٢٥٧

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب منكم مسكرا لم تقبل منه صلاته أربعين ليلة.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن عمرو بن شمر قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من شرب شربة خمر لم يقبل الله منه صلاته سبعا ومن سكر لم تقبل منه صلاته أربعين صباحا.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب خمرا حتى يسكر لم يقبل الله عز وجل منه صلاته أربعين صباحا.

١١ ـ علي ، عن أبيه ، عن النضر بن سويد ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب شربة من خمر لم يقبل الله منه صلاته أربعين يوما.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر ، عن الحسين بن خالد قال قلت لأبي الحسنعليه‌السلام إنا روينا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال من شرب الخمر لم تحتسب له صلاته أربعين يوما قال فقال صدقوا قلت وكيف لا تحتسب صلاته أربعين صباحا لا أقل من ذلك ولا أكثر فقال إن الله عز وجل قدر خلق الإنسان فصيره نطفة أربعين يوما ثم نقلها فصيرها علقة أربعين يوما ثم نقلها فصيرها مضغة أربعين يوما فهو إذا

الحديث الثامن : موثق.

الحديث التاسع : ضعيف.

الحديث العاشر : موثق.

الحديث الحادي عشر : حسن.

الحديث الثاني عشر : مجهول.

وهذا منبه لكون التغيير الكامل في بدن الإنسان من حال إلى حال ، لا يكون في أقل من أربعين يوما فقلع بقية الشراب عن البدن لا يكون في أقل منه.

٢٥٨

شرب الخمر بقيت في مشاشه أربعين يوما على قدر انتقال خلقته قال ثم قالعليه‌السلام وكذلك جميع غذائه أكله وشربه يبقى في مشاشه أربعين يوما.

(باب)

(أن الخمر رأس كل إثم وشر)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن إسماعيل بن بشار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سأله رجل فقال له أصلحك الله شرب الخمر شر أم ترك الصلاة فقال شرب الخمر ثم قال أوتدري لم ذاك قال لا قال لأنه يصير في حال لا يعرف معها ربه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن حسان ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن الحلبي وزرارة ومحمد بن مسلم وحمران بن أعين ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام قالا إن الخمر رأس كل إثم.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن العباس بن عامر ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن الخمر رأس كل إثم.

٤ ـ عنه ، عن محمد بن علي ، عن أبي جميلة ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الشرب مفتاح كل شر ومدمن الخمر كعابد وثن وإن الخمر رأس كل إثم وشاربها.

وقال في القاموس : المشاش كغراب : النفس والطبيعة والأصل ، وقال في الصحاح : المشاش : رؤوس العظام اللينة التي يمكن مضغها.

باب أن الخمر رأس كل إثم

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : ضعيف.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : ضعيف.

٢٥٩

مكذب بكتاب الله تعالى لو صدق كتاب الله حرم حرامه.

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان عمن رواه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال إن الله عز وجل جعل للشر أقفالا وجعل مفاتيحها أو قال مفاتيح تلك الأقفال الشراب.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ومحمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن يعقوب بن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إن الله عز وجل جعل للمعصية بيتا ثم جعل للبيت بابا ثم جعل للباب غلقا ثم جعل للغلق مفتاحا فمفتاح المعصية الخمر.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال ما عصي الله عز وجل بشيء أشد من شرب الخمر إن أحدهم ليدع الصلاة الفريضة ويثب على أمه وأخته وابنته وهو لا يعقل.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين رفعه قال قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام إنك تزعم أن شرب الخمر أشد من الزنا والسرقة فقالعليه‌السلام نعم إن صاحب الزنا لعله لا يعدوه إلى غيره وإن شارب الخمر إذا شرب الخمر زنى وسرق وقتل النفس التي حرم الله عز وجل وترك الصلاة.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شرب الخمر مفتاح كل شر.

الحديث الخامس : مرسل.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : مجهول.

الحديث الثامن : مرفوع.

الحديث التاسع : مرفوع.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

الحذر الحذر. (فما نزل حتّى دخلت النظارة المسجد من قبل باب التمّارين يشتدون ويقولون : قد جاء مسلم بن عقيل). فنزل عن المنبر مسرعا وبادر حتّى دخل القصر وأغلق الأبواب.

نهضة مسلم بن عقيلعليه‌السلام

٥٥٤ ـ خروج مسلم بن عقيل للقتال :(لواعج الأشجان ، ص ٤٧)

قال عبد الله بن حازم : أنا والله رسول ابن عقيل إلى القصر لأنظر ما فعل هانئ.فلما ضرب وحبس ، ركبت فرسي فكنت أول داخل الدار على مسلم بن عقيل بالخبر. فإذا نسوة من (مراد) مجتمعات ينادين : يا عبرتاه يا ثكلاه!.

فدخلت على مسلم فأخبرته الخبر ، فأمرني أنادي في أصحابه ، وقد ملأ به الدور حولهم ، وكانوا فيها أربعة آلاف. فقال لمناديه ناد : يا منصور أمت! وكان ذلك شعارهم. (وكان قد بايعه ثمانية عشر ألفا). فتنادى أهل الكوفة واجتمعوا عليه.

فاجتمع إليه أربعة آلاف ، فعقد لعبد الله بن عزيز الكندي على ربع كندة وربيعة ، وقال : سر أمامي في الخيل. وعقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج وأسد ، وقال : انزل في الرجال. وعقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان. وعقد للعباس بن جعدة [بن هبيرة] الجدلي على ربع المدينة. وعبأ ميمنته وميسرته ووقف هو في القلب.

٥٥٥ ـ زحف مسلم إلى القصر ، لقتال ابن زياد المتحصّن فيه :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٦ ؛ ولواعج الأشجان ص ٤٧)

وأقبل مسلم بن عقيل في وقته ذلك ، ومعه ثمانية عشر ألفا أو يزيدون ، وبين يديه الأعلام والسلاح الشاك. وهم في ذلك يشتمون ابن زياد ويلعنون أباه. وأقبل مسلم يسير حتّى خرج في بني الحرث بن كعب ، ثم خرج على مسجد الأنصار ، حتّى أحاط بالقصر.

(قال عبد الله بن حازم : وتداعى الناس واجتمعوا. فما لبثنا إلا قليلا حتّى امتلأ المسجد من الناس والسّوقة. وما زالوا يتوثّبون حتّى المساء.

وبعث عبيد الله إلى وجوه أهل الكوفة ، فجمعهم عنده في القصر. وأحاط مسلم بالقصر فضايق بعبيد الله أمره. وكان أكثر عمله أن يمسك باب القصر ، وليس معه إلا

٤٨١

ثلاثون رجلا من الشرطة وعشرون رجلا من أشراف الناس ، وأهل بيته وخاصته.وأقبل من نأى عنه من أشراف الناس يأتونه من قبل الباب الّذي يلي دار الروميين).

وركب أصحاب ابن زياد ، واختلط القوم فاقتتلوا قتالا شديدا ، وابن زياد في جماعة من الأشراف قد وقفوا على جدار القصر ينظرون إلى محاربة الناس (وأصحاب مسلم يرمونهم بالحجارة ، ويشتمونهم ويفترون على عبيد الله وعلى أمه وأبيه).

٥٥٦ ـ تخذيل الناس عن مسلم :(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٣)

فدعا ابن زياد كثير بن شهاب ، وأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ، فيسير في الكوفة ويخذّل الناس ويخوّفهم من الحرب ، ويحذّرهم عقوبة السلطان. وأمر محمّد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من كندة ، فيرفع راية أمان لمن جاءه من الناس. وقال لشبث بن ربعي وحجّار بن أبجر وشمر بن ذي الجوشن مثل ذلك.

فخرجوا يردّون الناس عن مسلم ويخوّفونهم السلطان ، حتّى اجتمع إليهم عدد كثير من قومهم وغيرهم ، فصاروا إلى ابن زياد.

فقال كثير بن شهاب : أصلح الله الأمير ، معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس وغيرهم!. فبعث عبيد الله إلى الأشراف فجمعهم ، ثم أشرفوا على الناس (من فوق القصر) فمنّوا أهل الطاعة بالزيادة والكرامة ، وخوّفوا أهل المعصية الحرمان والعقوبة وأهل الشام.

٥٥٧ ـ ابن زياد يخذّل الناس عن مسلم ، ويخوّفهم بمجيء جند الشام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٦)

قال : وجعل رجل من أصحاب ابن زياد يقال له : كثير بن شهاب ، ومحمد بن الأشعث ، والقعقاع بن شور ، وشبث بن ربعي ، ينادون فوق القصر بأعلى أصواتهم : ألا يا شيعة مسلم بن عقيل ، ألا يا شيعة الحسين بن علي ، الله الله في أنفسكم وأهليكم وأولادكم ، فإن جنود أهل الشام قد أقبلت ، وإن الأمير عبيد الله قد عاهد الله ، لئن أنتم أقمتم على حربكم ولم تنصرفوا من يومكم هذا ، ليحرمنّكم العطاء ، وليفرّقنّ مقاتلتكم في مغازي أهل الشام ، وليأخذن البريء بالسقيم ، والشاهد بالغائب ، حتّى لا يبقى منكم بقية من أهل المعصية إلا أذاقها وبال أمرها.

٤٨٢

٥٥٨ ـ تفرّق الناس إلى بيوتهم :(المصدر السابق ، ص ٢٠٧)

فلما سمع الناس مقالة أشرافهم أخذوا يتفرقون ويتخاذلون عن مسلم بن عقيل ، ويقول بعضهم لبعض : ما نصنع بتعجيل الفتنة ، وغدا تأتينا جموع أهل الشام!.فينبغي أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتّى يصلح الله ذات بينهم.

قال : وكانت المرأة تأتي أخاها وأباها أو زوجها أو بنيها فتشرده. ثم جعل القوم يتسللون ، والنهار يمضي حتّى غربت الشمس.

٥٥٩ ـ تفرّق الناس عن مسلم حتّى بقي وحيدا :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٤٩ ط نجف)

فلما سمع الناس مقالتهم أخذوا يتفرقون. وكانت المرأة تأتي ابنها وأخاها فتقول : انصرف ، الناس يكفونك. ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول : غدا يأتيك أهل الشام ، فما تصنع بالحرب والشر ، انصرف. فيذهب به فينصرف. فما زالوا يتفرقون حتّى أمسى ابن عقيل في خمسمائة.

فلما اختلط الظلام جعلوا يتفرقون (فدخل مسلم المسجد الأعظم) فصلى المغرب وما معه إلا ثلاثون نفسا في المسجد. فلما رأى أنه قد أمسى وليس معه إلا أولئك النفر ، خرج متوجها إلى أبواب كندة. فلم يبلغ الأبواب إلا ومعه عشرة. ثم خرج من الباب فإذا ليس معه إنسان!.

فالتفت فإذا هو لا يحسّ أحدا يدله على الطريق ولا يدله على منزله ، ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدو. فمضى على وجهه متحيّرا في أزقة الكوفة لا يدري أين يذهب ، حتّى خرج إلى دور بني جبلة من كندة (انظر الشكل ٦ ـ مخطط الكوفة القديمة ، حيث تظهر منازل كندة في جنوبي الكوفة ، وأبواب كندة) صفحة ٥٦٠.

٥٦٠ ـ كيف عمل ابن زياد على تخذيل الناس :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٣)

لما أحيط بابن زياد وهو في القصر ، فكّر بتخذيل الناس عن مسلم ، واستخدم لذلك عدة طرق منها :

١ ـ التخويف من الحرب والتحذير من عقوبة السلطان.

٢ ـ إغراء الناس بإعطاء الأمان لمن يأتيه.

٤٨٣

٣ ـ إغراء المطيع بزيادة العطاء ، وحرمان العاصي من العطاء.

٤ ـ تخويف الناس بأن جيش الشام زاحف إليهم ، وأنهم لا يقدرون عليه.

٥ ـ بعث رجال يشيعون الإنهزامية في نفوس الناس ، حتّى يقول كل واحد : لا علاقة لي بهذا الأمر!.

٥٦١ ـ ابن زياد يصلي العشاء بالناس ويحذّرهم :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٨١)

ولما تفرّق الناس عن مسلم وسكن لغطهم ولم يسمع ابن زياد أصوات الرجال ، أمر من معه في القصر أن يشرفوا على ظلال المسجد لينظروا هل كمنوا فيها ، فكانوا يدلون القناديل ويشعلون النار في القصب ويدلونها بالحبال إلى أن تصل إلى صحن الجامع ، فلم يروا أحدا ، فأعلموا ابن زياد.

فنزل إلى المسجد قبل العتمة [أي وقت صلاة العشاء] وأجلس أصحابه حول المنبر. وأمر فنودي في الكوفة : برئت الذمة من رجل من الشرطة والعرفاء والمقاتلة ، صلى العتمة إلا في المسجد.

فامتلأ المسجد ، ثم صلى بالناس. وقام فحمد الله ، ثم قال : أما بعد ، فإن ابن عقيل السفيه الجاهل قد أتى ما رأيتم من الخلاف والشقاق ، فبرئت الذمة من رجل وجدناه في داره ، ومن أتانا به فله ديّته. فاتقوا الله عباد الله ، والزموا طاعتكم وبيعتكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا.

ثم أمر صاحب شرطته الحصين بن تميم أن يفتش الدور والسكك ، وحذّره بالفتك به إن أفلت مسلم ، وخرج من الكوفة.

فوضع الحصين الحرس على أفواه السكك ، وتتبع الأشراف الناهضين مع مسلم ، فقبض على عبد الأعلى بن يزيد الكلبي ، وعمارة بن صلخب الأزدي ، فحبسهما ثم قتلهما.

٥٦٢ ـ صفة أهل العراق والكوفيين خاصة :

(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي [١٨٤٩ ـ ١٩٢٨ م] ، ص ٧٢)

يقول سيد أمير علي : كان أهل العراق والكوفة ، أنصار علي والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وهم وإن كانوا متحلّين بالحماسة وشدة البأس ، إلا أنهم قوم

٤٨٤

قلبّ يعوزهم الثبات والحزم. فبينما تراهم يوما شديدي الحماسة لعقيدة يدينون بها ، أو متفانين في الإخلاص لشخص يعضدونه ، إذ بهم في اليوم التالي قد أعرضوا عن العقيدة التي آمنوا بها ، وخذلوا الشخص الّذي أجمعوا على نصرته بالأمس.ولقد قرّحوا قلب الإمام عليعليه‌السلام ، ثم خذلوا الإمام الحسنعليه‌السلام ، ثم قتلوا الإمام الحسينعليه‌السلام .

٥٦٣ ـ التجاء مسلم إلى دار طوعة :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٧)

فلما رأى مسلم ذلك استوى على فرسه ومضى في بعض أزقة الكوفة ، وقد أثخن بالجراحات ، لا يدري أين يذهب. حتّى صار إلى امرأة يقال لها (طوعة) ، وقد كانت قبل ذلك أم ولد للأشعث بن قيس ، فتزوجها رجل من حضرموت يقال له أسيد الحضرمي ، فولدت له (بلال) بن أسيد [وهي امرأة عربية موالية لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لها شأن كبير في نساء الكوفة].

وكانت المرأة واقفة على باب دارها تنتظر ابنها. فسلّم عليها مسلم فردّتعليه‌السلام . فقال: يا أمّة الله اسقيني ماء ، فسقته فجلس على بابها.

(ودخلت ثم خرجت) فقالت له : يا عبد الله ، ما شأنك أليس قد شربت؟!. قال :بلى.

(وفي مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٤) : «قالت : فاذهب إلى أهلك ، فسكت.ثم أعادت مثل ذلك فسكت. ثم قالت في الثالثة : يا سبحان الله يا عبد الله ، قم إلى أهلك عافاك الله ، فإنه لا يصلح لك الجلوس على باب داري ولا أحلّه لك. فقام مسلم وقال : يا أمة الله ما لي في هذا المصر أهل ولا عشيرة ، فهل لك في أجر ومعروف ، ولعلي مكافيك بعد اليوم. قالت :

يا عبد الله وما ذاك؟. قال : أنا مسلم بن عقيل ، كذّبني هؤلاء القوم وغرّوني وأخرجوني».

قال السيد أسد حيدر في كتابه (مع الحسين في نهضته) ص ١١٢ :

«وكانت طوعة امرأة عربية موالية لآل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شأنها شأن كبير ، من نساء الكوفة اللواتي أثبت التاريخ مواقفهن الحاسمة في مناصرة أهل البيتعليهم‌السلام . ولكن الإطار الّذي برزت فيه صورتها في هذا الحادث هو غير إطارها الواقعي».

قالت : أنت مسلم؟. قال : نعم. قالت : ادخل ، فدخل إلى بيت [أي غرفة] في

٤٨٥

دارها غير البيت الّذي تكون فيه ، وفرشت له (وجاءته بمصباح) وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ.

٥٦٤ ـ بلال بن طوعة يفشي أمر مسلم بن عقيل :

(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٤)

ولم يكن بأسرع من أن جاء ابنها [بلال] فرآها تكثر الدخول والخروج إلى ذلك البيت (وهي باكية). فألحّ عليها ، فأعلمته بعد أن أخذت عليه العهود بالكتمان.(فسكت الغلام ولم يقل شيئا. ثم أخذ مضجعه ونام).

(وفي مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٨) :

«فلما أصبح ابن زياد ، نادى في الناس أن اجتمعوا. ثم خرج من القصر فدخل المسجد ، ثم صعد المنبر فقال : أيها الناس ، إن مسلم بن عقيل السفيه الجاهل ، أتى هذا البلد وأظهر الخلاف وشق عصا المسلمين ، وقد برئت الذمة من رجل أصبناه في داره. ومن جاء به فله ديته ، والمنزلة الرفيعة من أمير المؤمنين ، وله كل يوم حاجة مقضيّة

وأقبل محمّد بن الأشعث حتّى دخل على عبيد الله بن زياد. فلما رآه قال : مرحبا بمن لا يتّهم في مشورة. وأقبل [بلال] إلى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث فأخبره بمكان مسلم. فقال : اسكت إذن ولا تخبر أحدا. وأقبل عبد الرحمن إلى أبيه فسارّه في أذنه بأن مسلما في منزل طوعة. ثم تنحّى ، فقال ابن زياد : ما الّذي قال لك عبد الرحمن؟. فقال : أصلح الله الأمير ، البشارة الكبرى. قال : وما تلك فمثلك من يبشّر بخير؟. فأخبره بذلك ، فسرّ عدوّ الله ، وقال له : قم فأتني به ولك ما بذلت من الجائزة الكبرى والحظ الأوفى».

٥٦٥ ـ مهاجمة مسلم وإمساكه بعد تمنيته بالأمان الخادع :

(مقتل المقرّم ، ص ١٨٣)

وعند الصباح أعلم ابن زياد بمكان مسلم ، فأرسل ابن الأشعث (ومعه عبيد الله بن العباس السلمي) ليقبض عليه. ولما سمع مسلم وقع حوافر الخيل عرف أنه قد أتي. فعجّل دعاءه الّذي كان مشغولا به بعد صلاة الصبح. ثم لبس لامته [أي درعه] وقال لطوعة : قد أدّيت ما عليك من البرّ ، وأخذت نصيبك من شفاعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ولقد رأيت البارحة عمي أمير المؤمنينعليه‌السلام في المنام ، وهو يقول لي : أنت معي غدا.

٤٨٦

٥٦٦ ـ البسالة الهاشمية :(المصدر السابق)

ثم بادر مسرعا إلى فرسه فأسرجه وألجمه ، وصبّ عليه درعه واعتجر بعمامته وتقلّد سيفه.

وخرج إليهم بسيفه وقد اقتحموا عليه الدار ، فشدّ عليهم يضربهم بسيفه ، حتّى أخرجهم من الدار. ثم عادوا إليه فشدّ عليهم كذلك ، فأخرجهم مرارا من الدار ، وهو يقول:

هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع

فأنت بكأس الموت لا شكّ جارع

فصبرا لأمر الله جلّ جلاله

فحكم قضاء الله في الخلق ذائع

فقتل منهم واحدا وأربعين رجلا.

(وفي مثير الأحزان للجواهري ، ص ٢٥) :

فلما رأوا ذلك أشرفوا عليه من فوق البيت ، وأخذوا يرمونه بالحجارة ، ويلهبون النار في أطنان القصب [جمع طنّ : وهي حزمة القصب] ثم يرمونها عليه من فوق البيت. فلما رأى ذلك خرج إليهم مصلتا سيفه في السكّة ، وكان من قوّته أنه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت.

(وفي كتاب : مع الحسين في نهضته ، ص ١٠٧) :

وقد اشترك في حربه الرجال والنساء والأطفال ؛ فالرجال بالسيوف والرماح والنبال ، والنساء بالنار في أطنان القصب ، تلهب نارا فترميه بها من أعلى السطوح(١) ، والأطفال يرمونه بالحجارة ، وهو يقابل ذلك بشجاعة وبسالة وثبات.

٥٦٧ ـ ابن الأشعث يطلب المدد :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٠٩)

وخرج مسلم في وجوه القوم كالأسد المغضب يضاربهم بسيفه ، حتّى قتل جماعة. وبلغ ذلك ابن زياد ، فأرسل إلى محمّد بن الأشعث : سبحان الله

أبا عبد الرحمن ، بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به ، فثلم في أصحابك ثلمة عظيمة (فكيف إذا أرسلناك إلى غيره؟).

فأرسل إليه محمّد بن الأشعث : أيها الأمير ، أتظن أنك بعثتني إلى بقّال من

__________________

(١) مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٦٨.

٤٨٧

بقّالي الكوفة ، أو جرمقاني من جرامقة الحيرة(١) . أفلا تعلم أيها الأمير أنك بعثتني إلى أسد ضرغام ، وبطل همام ، في كفّه سيف حسام ، يقطر منه الموت الزّؤام؟!.

٥٦٨ ـ الأمان الكاذب :

(المصدر السابق)

فأرسل إليه ابن زياد أن أعطه الأمان ، فإنك لن تقدر عليه إلا بالأمان المؤكد بالأيمان. فجعل محمّد بن الأشعث يناديه : ويحك يابن عقيل لا تقتل نفسك ، لك الأمان. فيقول مسلم : لا حاجة لي في أمان الغدرة الفجرة ، وينشد :

أقسمت لا أقتل إلا حرّا

وإن رأيت الموت شيئا نكرا

كل امرئ يوما ملاق شرّا

ردّ شعاع النفس فاستقرّا

أضربكم ولا أخاف ضرّا

ضرب همام يستهين الدهرا

ويخلط البارد سخنا مرّا

ولا أقيم للأمان قدرا

أخاف أن أخدع أو أغرّا

والأبيات لحمران بن مالك الخثعمي قالها يوم القرن.

٥٦٩ ـ مقاومة حتّى النهاية :(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٨٤)

واشتدّ القتال ، فاختلف مسلم مع بكير بن حمران الأحمري بضربتين ، فضرب بكير فم مسلم فقطع شفته العليا ، وأسرع السيف إلى السفلى ، وفصلت له ثنيّتاه [الثنايا : هي الأسنان الأمامية من الفم]. وضربه مسلم على رأسه ضربة منكرة ، وأخرى على حبل العاتق ، حتّى كادت أن تطلع إلى جوفه.

وأثخنت مسلم الجراحات وأعياه نزف الدم ، فاستند إلى جنب تلك الدار ، فتحاملوا عليه يرمونه بالسهام (والنبل) والحجارة. فقال :

(ويلكم) ما لكم ترموني بالحجارة كما ترمى الكفار ، وأنا من أهل بيت النبي المختار!.(ويلكم) أما ترعون حق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عترته؟!.

فقال له ابن الأشعث : لا تقتل نفسك وأنت في ذمتي. قال مسلم : أؤسر وبي طاقة؟. لا والله لا يكون ذلك أبدا. وحمل على ابن الأشعث فهرب منه.

__________________

(١) الجرامقة : جماعة من العجم سكنوا أول الإسلام في الموصل.

٤٨٨

ثم حملوا عليه من كل جانب وقد اشتدّ به العطش ، فطعنه رجل من خلفه ، فسقط إلى الأرض وأسر.

٥٧٠ ـ كيف احتالوا على مسلم وأمسكوه :

(المنتخب للطريحي ، ص ٤٢٧)

وقيل : إنهم احتالوا عليه ، وحفروا له حفرة عميقة في وسط الطريق ، وأخفوا رأسها بالدغل والتراب ، ثم انطردوا بين يديه ، فوقع بتلك الحفرة ، وأحاطوا به ، فضربه ابن الأشعث على محاسن وجهه ، فلعب السيف في عرنين أنفه ومحاجر عينيه ، حتّى بقيت أضراسه تلعب في فمه. فأوثقوه وأخذوه أسيرا إلى ابن زياد.

٥٧١ ـ مسلم بن عقيل يبكي لقدوم الحسينعليه‌السلام :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢١١)

(وفي رواية) : إن محمّد بن الأشعث لما أعطى مسلما الأمان ، رمى بسيفه ، فأخذوه وحملوه على بغلة ، فدمعت عيناه. فقال محمّد : إني لأرجو أن لا بأس عليك.فقال : ويحك ما هو إلا الرجاء ، فأين أمانكم؟. إنا لله وإنا إليه راجعون ، وبكى.

فقال عبيد الله بن العباس السلمي : من يطلب مثل الّذي طلبت لا يبكي. فقال مسلم : إني والله ما على نفسي أبكي ، لكني أبكي على أهلي المقبلين إليكم ، أبكي على الحسين وآل الحسينعليه‌السلام .

ولما ركب على البغلة ونزع منه السيف ، استرجع وقال : هذا أول الغدر ، وأيس من نفسه ، وعلم أن لا أمان له من القوم.

فقال لمحمد بن الأشعث : إني لأظنك تعجز عن أماني ، أفتستطيع أن تبعث رجلا عن لساني يبلّغ حسينا ، فإني لا أراه إلا قد خرج إلى ما قبلكم ، هو وأهل بيته ، فيقول له : إن مسلما بعثني إليك ، وهو أسير في يد العدو ، يذهبون به إلى القتل ، فارجع بأهلك ، ولا يغرّنّك أهل الكوفة ، فإنهم أصحاب أبيك الّذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل. إن أهل الكوفة قد كذّبوني ، فكتبت إليك وليس لمكذوب رأي.

فقال محمّد : والله لأفعلن. ودعا بإياس الطائي ، وكتب معه إلى الحسينعليه‌السلام ما قاله مسلم عن لسان مسلم. وأعطاه راحلة وزادا. فذهب فاستقبل الحسينعليه‌السلام في (زبالة).

٤٨٩

٥٧٢ ـ مسلم يطلب شربة من الماء :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٦٦)

(وجيء به إلى ابن زياد) فلما جلس مسلم على باب القصر رأى جرة فيها ماء بارد (وكان له يومان ما شرب الماء) ، فقال : اسقوني من هذا الماء. فقال له مسلم بن عمرو الباهلي : أتراها ما أبردها ، والله لا تذوق منها قطرة ، حتّى تذوق الحميم في نار جهنم. فقال له ابن عقيل : من أنت؟. قال : أنا من عرف الحق إذ تركته ، ونصح الأمة والإمام إذ غششته ، وسمع وأطاع إذ عصيته ، أنا مسلم بن عمرو. فقال له ابن عقيل : لأمك الثكل ، ما أجفاك وأفظّك وأقسى قلبك وأغلظك. أنت يابن باهلة أولى بالحميم ، والخلود في نار جهنم مني. (ثم جلس وتساند إلى حائط القصر).

(وفي مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٠) :

ثم قال : ويحكم يا أهل الكوفة ، اسقوني شربة من ماء. فأتاه غلام لعمرو ابن حريث المخزومي بقلّة فيها ماء ، وقدح من قوارير [أي زجاج] ، فصبّ القلّة في القدح وناوله ، فأخذ مسلم القدح بيده. فكلما أراد أن يشرب امتلأ القدح دما ، فلم يقدر أن يشرب من كثرة الدم ، وسقطت ثنيّتاه في القدح ، فامتنع من شرب ذلك الماء (وقال : لو كان من الرزق المقسوم لشربته).

(وفي كتاب المحن لمحمد بن أحمد التميمي ، ص ١٤٥) :

فلما أسر مسلم لغب ، فقال : اسقوني ماء. ومعه رجل من آل أبي معيط (هو عمارة بن عقبة بن أبي معيط) وشمر بن ذي الجوشن. فقال له شمر :

لا نسقيك إلا من النّيل!. فقال المعيطي : والله لا نسقيه إلا من الفرات!. قال :فأمر غلاما له ، فأتاه بإبريق ماء وقدح من قوارير ومنديل. قال : فسقاه ، وتمضمض وخرج الدم ، فما زال يمجّ الدم ولا يسيغ شيئا ، حتّى قال : أخّروه عني.

٥٧٣ ـ ما قاله مسلم بن عقيل لعبيد الله بن زياد حين أدخل عليه وأيقن بالهلاك:

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١١)

ثم أتي بمسلم رضي الله عنه فأدخل على ابن زياد فأوقف ولم يسلّم عليه. فقال له الحرسي : سلّم على الأمير. فقال له مسلم : اسكت لا أم لك ، ما لك والكلام ، ما

٤٩٠

هو لي بأمير فأسلّم عليه(١) .(وفي مقتل المقرم ص ١٨٧ أنه قال) : «السلام على من اتّبع الهدى ، وخشي عواقب الردى ، وأطاع الملك الأعلى». فقال ابن زياد : لا عليك سلّمت أو لم تسلّم ، فإنك مقتول(٢) . فقال مسلم : إن قتلتني فلقد قتل من هو شرّ منك من هو خير مني.

(وفي رواية لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٥٧ ط نجف) :

«فقال له ابن زياد : قتلني الله إن لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في الإسلام. فقال له مسلم : أما إنك أحقّ من أحدث في الإسلام ما لم يكن. وإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة لأحد أولى بها منك».

ثم قال لمسلم : يا شاقّ يا عاقّ ، خرجت على إمامك وشققت عصا المسلمين وألقحت الفتنة!. فقال : كذبت يابن زياد ، إنما شقّ عصا المسلمين معاوية وابنه يزيد ، وإنما ألقح القتنة أنت وأبوك زياد بن عبيد ابن بني علاج من ثقيف. وأنا أرجو أن يرزقني الله الشهادة على يدي شرّ بريّته(٣) فوالله ما خلعت وما غيرت ، وإنما أنا في طاعة الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو أولى بالخلافة من معاوية وابنه وآل زياد. فقال له ابن زياد : يا فاسق ألم تكن تشرب الخمر بالمدينة!.فقال مسلم : الله يعلم أني ما شربتها قط ، وأحقّ مني بشرب الخمر من يقتل النفس الحرام ويقتل على الغضب والعداوة والظنّ ، وهو في ذلك يلهو ويلعب كأن لم يصنع شيئا.

فقال له ابن زياد : يا فاسق منتّك نفسك أمرا حال الله دونه وجعله لأهله. فقال له مسلم : ومن أهله يابن مرجانة؟. فقال له : يزيد بن معاوية. فقال مسلم : الحمد لله (على كل حال) رضينا بالله حكما بيننا وبينكم. فقال له ابن زياد : أتظن أن لك في الأمر شيئا؟. فقال : لا والله ، ما هو بالظن ولكنه اليقين.

فقال ابن زياد له : قتلني الله إن لم أقتلك شرّ قتلة فقال له مسلم : والله لو كان معي عشرة ممن أثق بهم ، وقدرت على شربة ماء ، لطال عليك أن تراني في هذا

__________________

(١) اللهوف ، ص ٣٠ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٢.

(٢) المنتخب للطريحي ، ص ٢٠٠ ؛ ومقتل أبي مخنف ، ص ٣٦.

(٣) مثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ١٧.

٤٩١

القصر. ولكن إن كنت قد عزمت على قتلي فأقم لي رجلا من قريش حتّى أوصي إليه بما أريد.

٥٧٤ ـ وصية مسلم بن عقيلعليه‌السلام :(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٢)

ثم نظر مسلم إلى عمر بن سعد بن أبي وقاص ، فقال له : إن بيني وبينك قرابة ، فاسمع مني ، فامتنع. فقال له ابن زياد : ما يمنعك من الاستماع لابن عمك؟. فقام عمر بن سعد إليه. فقال له مسلم : أوصيك بتقوى الله ، فإن التقوى درك كل خير.ولي إليك حاجة. فقال عمر : قل ما أحببت. فقال : حاجتي إليك أن تستردّ فرسي وسلاحي من هؤلاء القوم ، فتبيعه وتقضي عني سبعمائة درهم استدنتها في مصركم هذا ، وأن تستوهب جثتي إن قتلني هذا الفاسق ، فتواريني التراب ، وأن تكتب للحسينعليه‌السلام أن لا يقدم ، فينزل به ما نزل بي.

فقال عمر بن سعد : أيها الأمير ، إنه يقول كذا وكذا. فقال ابن زياد : يابن عقيل ، أمّا ما ذكرت من دينك فإنما هو مالك تقضي به دينك ، ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحببت. وأما جسدك فإنا إذا قتلناك فالخيار لنا ، ولسنا نبالي ما صنع الله بجثتك.وأما الحسين فلا ، ولا كرامة.

٥٧٥ ـ (رواية أخرى) لوصية مسلمعليه‌السلام :(العقد الفريد ج ٤ ص ٣٠٧)

فنظر مسلم في وجوه الناس ، فقال لعمرو بن سعيد (لعله تصحيف : عمر ابن سعد) : ما أرى قرشيا هنا غيرك ، فادن مني حتّى أكلمك. فدنا منه ، فقال له :

هل لك أن تكون سيد قريش ما كانت قريش؟. إن حسينا ومن معه ـ وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة ـ في الطريق ، فارددهم واكتب لهم بما أصابني.

وقال عمرو لابن زياد : أتدري ما قال لي؟. قال ابن زياد : اكتم على ابن عمك.قال : هو أعظم من ذلك. قال : وما هو؟. قال : قال لي إن حسينا ومن معه أقبل ، وهم تسعون إنسانا ما بين رجل وامرأة ، فارددهم واكتب إليه بما أصابني.

فقال له ابن زياد : أما والله إذ دللت عليه ، لا يقاتله أحد غيرك.

٥٧٦ ـ محاورة مسلم بن عقيل مع عبيد الله بن زياد وقد اتّهم مسلما بالفرقة بين المسلمين ، ومصرع مسلمعليه‌السلام :(مقتل الخوارزمي ج ١ ص ٢١٣)

ثم قال ابن زياد : ولكن أريد أن تخبرني يابن عقيل لماذا أتيت أهل هذا البلد ،

٤٩٢

وأمرهم جميع وكلمتهم واحدة ، فأردت أن تفرّق عليهم أمرهم وتحمل بعضهم على بعض. فقال له مسلم : ليس لذلك أتيت ، ولكنّ أهل هذا المصر زعموا أن أباك قتل خيارهم وسفك دماءهم ، وأن معاوية حكم فيها ظلما بغير رضى منهم ، وغلبهم على ثغورهم التي أفاء الله بها عليهم ، وأن عاملهم يتجبّر ويعمل أعمال كسرى وقيصر ، فأتينا لنأمر بالعدل ، وندعو إلى الحكم بكتاب الله إذ كنا أهله ، ولم تزل الخلافة لنا ـ وإن قهرنا عليها ـ رضيتم بذلك أم كرهتم ، لأنكم أول من خرج على إمام هدى وشقّ عصا المسلمين ، ولا نعلم لنا ولكم مثلا ، إلا قول الله تعالى :( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) [الشعراء : ٢٢٧].

(وفي مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٨٩ تتمة الكلام) : «قال ابن زياد : ما أنت وذاك ، أولم نكن نعمل فيهم بالعدل!. قال مسلم : إن الله يعلم أنك غير صادق ، وأنك لتقتل على الغضب والعداوة وسوء الظن. فشتمه ابن زياد وشتم عليا وعقيلا والحسين(١) . فقال مسلم : أنت وأبوك أحقّ بالشتم ، فاقض ما أنت قاض يا عدوّ الله(٢) . فنحن أهل بيت موكّل بنا البلاء(٣) ».

شهادة مسلم بن عقيلعليه‌السلام

فقال ابن زياد : اصعدوا به إلى أعلى القصر واضربوا عنقه ، وأتبعوا رأسه جسده.فقال مسلم : أما والله يابن زياد ، لو كنت من قريش أو كان بيني وبينك رحم لما قتلتني ، ولكنك ابن أبيك. فازداد ابن زياد غضبا. (قيل : إنه يشير بهذا الكلام إلى أن عبيد الله مثل أبيه زياد ، دعيّان وليسا من قريش).

ودعا ابن زياد برجل من أهل الشام قد كان مسلم ضربه على رأسه ضربة منكرة (وهو بكر بن حمران) فقال له : خذ مسلما إليك وأصعده إلى أعلى القصر واضرب

__________________

(١) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٤ ؛ وتاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٣.

(٢) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ٣١.

(٣) مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٣.

٤٩٣

أنت عنقه بيدك ، ليكون ذلك أشفى لصدرك. قال : فأصعد مسلم إلى أعلى القصر وهو يسبّح الله ويستغفره ويهلله ويكبّره(١) ويقول : الله م احكم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا وكذّبونا. وتوجه نحو المدينة وسلّم على الحسينعليه‌السلام (٢) .

وأشرف به الشامي على موضع الحذّائين ، وضرب عنقه ، ورمى برأسه وجسده إلى الأرض(٣) .

٥٧٧ ـ تاريخ خروج مسلم وقتلهعليه‌السلام :

(في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٦ ط ٢ نجف) :

قال هشام : وخرج الحسينعليه‌السلام من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة. وكان يوم التروية في اليوم الّذي خرج فيه مسلم بن عقيل بالكوفة.

(وفي لواعج الأشجان ، ص ٧٠) : أن استشهاد مسلم كان يوم عرفة ، لتسع خلون من ذي الحجة على رواية المفيد ، (وفي رواية) يوم التروية(٤) لثمان مضين منه.

ترجمة مسلم بن عقيلعليه‌السلام

هو ابن عقيل بن أبي طالب. كان شجاعا باسلا وهماما حازما. صدق فيه قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب لو ولد الناس كلهم لكانوا شجعانا».وقال فيه الحسينعليه‌السلام يخاطب أهل الكوفة : «وأنا باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل». وما يمنعه أن يكون كذلك وإنه في الصميم من هاشم ، والذروة من بني عمرو العلى ، والقلب من آل عبد مناف؟!.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٣.

(٢) أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٥٩.

(٣) مثير الأحزان لابن نما ، ص ١٨.

(٤) سمّي اليوم الثامن من ذي الحجة (يوم التروية) لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء من منى ، ويخرجون إلى عرفات.

٤٩٤

تابع : ترجمة مسلم بن عقيل

وقال السيد الميانجي في (العيون العبرى) ص ٤٦ و ٤٧ :

كان خروج مسلم بالكوفة يوم الثلاثاء لثمان ليال مضين من ذي الحجة ، وقتل يوم الأربعاء يوم عرفة لتسع خلون منه سنة ستين. وكان له من العمر يوم استشهد ما يناهض الستين. وما في بعض الكتب من أنهعليه‌السلام كان يوم قتل ابن ثمانية وعشرين ليس في محله كما هو واضح.

وقال : أمه أم ولد تسمى (عليّة) اشتراها عقيل من الشام ، وكان مسلم صهرا لأمير المؤمنينعليه‌السلام لبنته (رقيّة).

وكفى في فضله وجلالته إرسال الحسينعليه‌السلام إياه سفيرا ورسولا إلى أهل الكوفة.

وفي (أمالي الصدوق) عن ابن عباس ، قال عليعليه‌السلام : يا رسول الله ، إنك لتحبّ عقيلا؟. قال : إي والله ، إني لأحبه حبّين : حبا له ، وحبا لحب أبي طالب له ، وإن ولده لمقتول في محبة ولدك ، فتدمع عليه عيون المؤمنين ، وتصلي عليه الملائكة المقربون. ثم بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى جرت دموعه على صدره. ثم قال : إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي.

ولم أعثر تحقيقا لعدد أولاده ، والذي ثبت منهم : عبد الله بن مسلم قتل في الطف ، ومحمد بن مسلم أمه أم ولد قتل بعد أخيه عبد الله ، وبنت لها إحدى عشرة أو ثلاث عشرة سنة ، كانت مع أهلالبيت ومع بنات الحسينعليهم‌السلام في سفر كربلاء.

وأما الغلامان الصغيران اللذان قتلا في الكوفة بعد الوقعة ، فقد ذهب بعض أرباب المقاتل إلى أنهما كانا من ولد مسلم بن عقيل ، وأنهما بقيا سنة في السجن ثم قتلا (نقلا عن أمالي الشيخ الصدوق) لكنه مما لا يساعده الاعتبار. والذي ذهب إليه العلامة المجلسي في (البحار) أنهما من ولد جعفر الطيارعليه‌السلام .

٤٩٥

٥٧٨ ـ قصة إنجاب عقيل لمسلم بن عقيل من (عليّة):

(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٤٠)

روى المدائني (قال) قال معاوية بن أبي سفيان لعقيل بن أبي طالب يوما : هل من حاجة فأقضيها لك؟. قال : نعم ، جارية عرضت عليّ ، وأبى أصحابها أن يبيعوها إلا بأربعين ألفا.

فأحبّ معاوية أن يمازحه ، فقال : وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا وأنت أعمى؟!. تجتزئ بجارية قيمتها أربعون درهما!. فقال عقيل : أرجو أن أطأها فتلد لي غلاما ، إذا أغضبته ضرب عنقك بالسيف!. فضحك معاوية ، وقال : مازحناك يا أبا يزيد. وأمر فابتيعت له الجارية ، التي أولد منها مسلما.

ولما مات عقيل تخاصم مسلم مع معاوية في أرض بالمدينة ، فامتنع معاوية عن ردّها ، فقال له مسلم : أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا. فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه ، ويقول له : يا بني ، هذا والله ما قاله لي أبوك حين ابتاع أمّك!.

شهادة هانئ بن عروة (رض)

٥٧٩ ـ إخراج هانئ بن عروة رضي الله عنه للقتل :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٥٩ ط نجف)

ثم أمر ابن زياد بهانئ بن عروة أن يخرج فيلحق بمسلم بن عقيل. فقام محمّد بن الأشعث إلى عبيد الله بن زياد فكلمه في شأن هانئ بن عروة ، فقال : إنك قد عرفت منزلة هانئ في المصر وبيته في العشيرة ، وقد علم قومه أني وصاحبي سقناه إليك ، وأنشدك الله لما وهبته لي ، فإني أكره عداوة المصر وأهله. فوعده أن يفعل.

ثم بدا له [أي بدا له شيء جعله يغيّر رأيه] وأمر بهانئ في الحال ، وقال : أخرجوه إلى السوق ، فاضربوا عنقه.

٤٩٦

٥٨٠ ـ مصرع هانئ بن عروة رضي الله عنه :

(مقتل المقرم ، ص ١٩٠)

ثم أخرج هانئ إلى مكان من السوق يباع فيه الغنم وهو مكتوف ، فجعل يصيح :وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم ، واين مني مذحج (يستغيث بقبيلته). فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده ونزعها من الكتاف ، وقال : أما من عصا أو سكين أو حجر أو عظم يدافع رجل عن نفسه!. ووثبوا عليه وأوثقوه كتافا. وقيل له : مدّ عنقك ، فقال : ما أنا بها سخيّ ، وما أنا بمعينكم على نفسي ، فضربه بالسيف مولى لعبيد الله بن زياد تركي اسمه (رشيد) فقتله ، وهو يقول : إلى الله المعاد ، الله م إلى رحمتك ورضوانك.

٥٨١ ـ سحل جثتي مسلم وهانئرحمهما‌الله :

(المصدر السابق)

وأمر ابن زياد بسحب مسلم وهانئ بالحبال من أرجلهما في الأسواق(١) وصلبهما بالكناسة منكوسين(٢) . وأنفذ الرأسين إلى يزيد فنصبهما في درب من دمشق(٣) .

وفي مسلم وهانئرحمهما‌الله يقول عبد الله بن الزبير الأسدي :

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري

إلى هانئ في السوق وابن عقيل

إلى بطل قد هشّم السيف وجهه

وآخر يهوي من طمار قتيل

تري جسدا قد غيّر الموت لونه

ونضح دم قد سال كل مسيل

أصابهما أمر اللعين فأصبحا

أحاديث من يسعى بكل سبيل

شرح : الطمار : بفتح الطاء وكسرها ، المكان المرتفع.

__________________

(١) المنتخب للطريحي ، ص ٣٠١.

(٢) مناقب ابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢١٢ ط إيران ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٥.والكناسة : ضاحية مندرسة ، كانت كناسة لبني أسد ، أي محل رمي الأنقاض لهذه القبيلة ، عند مخرج الكوفة من الغرب ، ثم أصبحت فيها تجارة النقليات وصناعتها (انظر الشكل ٦) ص ٥٦٠.

(٣) تاريخ أبي الفداء ، ج ١ ص ١٩٠ ؛ والبداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ١٥٧.

٤٩٧

ترجمة هانئ بن عروة رضي الله عنه

كان هانئ بن عروة هو وأبوه من وجوه الشيعة في الكوفة. ويروى أنه كان صحابيا كأبيه. وحضر مع أمير المؤمنين عليعليه‌السلام حروبه الثلاث. وكان من أركان حركة حجر بن عديّ الكندي ضد زياد بن أبيه.

وروى المسعودي أنه كان شيخ مراد وزعيمها ، وكان معمّرا ، ذكر بعضهم أنه عاش ٨٣ سنة ، وقيل بضعا وتسعين سنة. وكان يتوكأ على عصا بها زجّ ، وهي التي ضربه ابن زياد بها لما أحضر عنده ، حتّى هشّم أنفه وجبينه. وكان مقتله يوم التروية سنة ٦٠ ه‍ ، في نفس اليوم الّذي قتل فيه مسلم بن عقيل رضوان الله عليهما.

٥٨٢ ـ دفن جثتي مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة رضي الله عنهما :

(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لابراهيم الزنجاني ، ص ٢٠٩)

قال الثعلبي : بقيت تلك الجثة الطاهرة على وجه الأرض من غير غسل ولا كفن.ولما دجى الليل ونامت كل عين ، شدّت زوجة ميثم التمّار على نفسها ، وخرجت إلى الكنائس ، وحملت مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وحنظلة بن مرة إلى دارها.ولما انتصف الليل ونامت كل عين حملتهم إلى جنب المسجد الأعظم [مسجد الكوفة] ودفنتهم بدمائهم ، ولم يعلم بها أحد إلا زوجة هانئ ابن عروة ، لأنها كانت في جوارها.

٥٨٣ ـ كتاب من ابن زياد إلى يزيد مع رأسي مسلم وهانئ رضي الله عنهما :

(مقتل الحسين للسيد عبد الرزاق المقرّم ، ص ١٩١ ط ٣ نجف)

وبعث ابن زياد برأس مسلم بن عقيل إلى يزيد ، وهو أول رأس حمل من رؤوس بني هاشم ، وجثة مسلم أول جثة صلبت منهم.

وكتب إليه : أما بعد ، فالحمد لله الّذي أخذ لأمير المؤمنين بحقه ، وكفاه مؤونة عدوه. أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله : أن مسلم بن عقيل لجأ إلى دار هانئ بن عروة المرادي ، وأني جعلت عليهما العيون ودسست إليهما الرجال ، وكدتهما حتّى

٤٩٨

استخرجتهما ، وأمكن الله منهما ، فقدمتهما فضربت أعناقهما. وقد بعثت إليك برأسيهما والسلام.

٥٨٤ ـ ردّ يزيد على كتاب ابن زياد ، وشكره على صنيعه :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٥٢٦)

فكتب إليه يزيد يشكره ويقول : قد عملت عمل الحازم ، وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش. وقد صدق ظني فيك. وبلغني أن الحسين قد توجه إلى العراق ، فضع له المناظر والمسالح ، واحترس منه ، واحبس على الظنّة ، وخذ على التهمة.واكتب إليّ في كل ما يحدث من خير وشر ، والسلام.

مصرع عبد الأعلى ابن يزيد الكلبيرحمه‌الله

٥٨٥ ـ مقتل عبد الله بن يزيد الكلبي :

(أنصار الحسين للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ١٢٢ ط ٢)

عبد الأعلى الكلبي شاب كوفي ، ممن بايعوا مسلم بن عقيل. لبس سلاحه حين أعلن مسلم تحركه ، بعد القبض على هانئ بن عروة ، وخرج من منزله ليلحق بمسلم في محلة بني فتيان ، فقبض عليه كثير بن شهاب بن الحصين الحارثي من مذحج.وكان كثير قد استجاب لعبيد الله بن زياد حين أمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج ، فيخذّل الناس عن مسلم بن عقيل.

فأخذ كثير بن شهاب الشابّ عبد الأعلى بن يزيد الكلبي ، فأدخله على عبيد الله بن زياد. فقال عبد الأعلى لابن زياد : إنما أردتك ، فلم يصدّقه. وأمر به فحبس (راجع تاريخ الطبري ، ج ٥ ص ٣٦٩).

ثم إن عبيد الله بن زياد لما قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، دعا بعبد الأعلى الكلبي ، فأتي به. فقال له : أخبرني بأمرك. فقال : أصلحك الله ، خرجت لأنظر ما يصنع الناس ، فأخذني كثير بن شهاب. فقال له : فعليك وعليك من الأيمان المغلظة ، إن كان أخرجك إلا ما زعمت!. فأبى أن يحلف. فقال عبيد الله : انطلقوا

٤٩٩

بهذا إلى جبانة السبيع فاضربوا عنقه بها. فانطلقوا به فضربت عنقهرحمه‌الله (راجع تاريخ الطبري ، ج ٥ ص ٣٧٩).

مصرع عمارة ابن صلخب الأزديرحمه‌الله

٥٨٦ ـ مقتل عمارة بن صلخب الأزدي :(المصدر السابق)

عمارة بن صلخب شاب كوفي ، كان قد خرج لنصرة مسلم بن عقيل حين بدأ تحركه ، فقبض عليه وحبس. ثم دعا به عبيد الله بن زياد بعد أن قتل مسلم ابن عقيل وهانئ بن عروة ، فأرسله إلى قبيلته من الأزد (وهم من أكبر أنصاره) فقتله في قومه رضوان الله عليه.

(أقول) : هذان نموذجان حيّان من شبان كثيرين من أهل الكوفة ، قاموا بدافع من شبابهم الغض لينصروا الحق ، فأخذهم ابن زياد اللعين وأعدمهم ، دون أن تصلنا أخبارهم.

٥٨٧ ـ حبس المختار بن أبي عبيدة الثقفي :

(مقتل المقرم ص ١٨١)

وفي يوم مقتل مسلمعليه‌السلام حبس ابن زياد المختار بن أبي عبيدة الثقفي لخروجه مع مسلم(١) .

وكان المختار عند خروج مسلم في قرية له تدعى خطوانية (وهي ناحية في بابل العراق) فجاء بمواليه يحمل راية خضراء ، ويحمل عبد الله بن الحارث راية حمراء ، وركز المختار رايته على باب عمرو بن حريث ، وقال : أردت أن أمنع عمرو(٢) .

ووضح لهما قتل مسلم وهانئ ، وأشير عليهما بالدخول تحت راية الأمان عند عمرو بن حريث ، ففعلا. وشهد لهما ابن حريث باجتنابهما مسلم بن عقيل. وأمر

__________________

(١) الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٦٨.

(٢) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٥.

٥٠٠

ابن زياد بحبسهما بعد أن شتم المختار ، واستعرض وجهه بالقضيب فشتر عينه(١) .وبقيا في السجن إلى أن قتل الحسينعليه‌السلام (٢) .

__________________

(١) أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٥ ص ٢١٥.

(٢) المصدر السابق.

٥٠١

الفصل الخامس عشر :

عزم الحسينعليه‌السلام على المسير إلى العراق

(ونصائح الأصحاب)

إضافة لما ورد في هذا الفصل ، تراجع في الفصول السابقة من هذا الباب (النصائح) المتعددة الموجهة للحسينعليه‌السلام ، وردّ الإمام على هذه النصائح ، ففيها لمحات من فلسفة نهضة الحسينعليه‌السلام ، وفيها الإجابة على تساؤلات كثيرة حول أسباب نهضته المباركة ومراميها البعيدة.

وقد بدأت النصائح من المدينة ، واستمرت أثناء إقامته في مكة.

٥٨٨ ـ أقسام الناصحين :

يمكن تقسيم الذين نصحوا الحسينعليه‌السلام بعدم المسير إلى نوعين :

١ ـ المشفقون : وهم الذين نصحوه من منطلق المحبة والخوف عليه ، ومنهم محمّد بن الحنفية وعبد الله بن عباس وعمر الأطرف والسيدة أم سلمة ، وعبد الله بن مطيع العدوي والمسوّر بن مخرمة وعمرو بن عبد الرحمن المخزومي وغيرهم.

٢ ـ المندّدون : وهم الذين أنكروا عليه خروجه ، ونصحوه من منطلق أنه مخطئ ولا يجوز له ذلك ، وهم غالبا من غير خطّ أهل البيتعليهم‌السلام ، منهم : عبد الله بن عمر وأبو واقد الليثي وعمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وسعيد بن المسيّب ...وغيرهم.

وأما عبد الله بن الزبير ، فظاهره الإشفاق وباطنه غير ذلك.

٥٨٩ ـ الذين نصحوا الحسينعليه‌السلام كان الأولى بهم مناصرته :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٨ طبع حجر إيران)

يقول الفاضل الدربندي : ثم لا يخفى عليك أن علماء أهل الخلاف لو كانوا أخذوا طريق الإنصاف وتركوا الاعتساف ، وتتبعوا الأخبار وتفحصوا السير والآثار ، لعلموا أن ما ظنّ به ابن عمر وابن عباس من أن سيد الشهداءعليه‌السلام لو

٥٠٢

خرج إلى العراق لقتل فيه ، إنما كان منبعثا من قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإخباره بشهادة ولده وريحانته في أرض العراق ، فإنه يقتله أشرار هذه الأمة ، فلا تنالهم شفاعته ، وأن أنصار ولده والمستشهدين بين يديه يكونون في أعلى درجات الجنان معه. فلو كان النصحاء من الكاملين المؤمنين ، لاختاروا نصرة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتركوا النصيحة له. لأنه كما نص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخبر بشهادته مرارا متضافرة ، إخبارا منجّزا ، بأنه يخرج إلى العراق ويقتل ، وأنه قد شاء الله تعالى أن يراه مقتولا ، لا معلّقا بأنه لو خرج لقتل ؛ فكذا قد نصّ بأنه إمام مفترض الطاعة ، وحجة الله على جميع أهل السموات والأرضين بعد أبيه وأخيهعليه‌السلام .

٥٩٠ ـ شخوص الحسينعليه‌السلام إلى المدينة لزيارة قبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٣٩)

قال أبو مخنف : لما قتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة انقطع خبرهما عن الحسينعليه‌السلام فقلق قلقا عظيما. فجمع أهله وأخبرهم بما حدّثته به نفسه. وأمرهم بالرحيل إلى المدينة ، فخرجوا سائرين بين يديه إلى المدينة حتى دخلوها.

٥٩١ ـ زيارة الحسينعليه‌السلام لقبر جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورؤياه :

(المصدر السابق)

فأتى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتزمه وبكى بكاء شديدا ، فهوّمت عيناه بالنوم [أي نام نوما خفيفا] فرأى جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقول : يا ولدي الوحا الوحا العجل العجل ، فبادر إلينا فنحن مشتاقون إليك. فانتبه الحسينعليه‌السلام قلقا مشوقا إلى جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٥٩٢ ـ زيارة الحسينعليه‌السلام لأخيه محمّد بن الحنفية :

(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ١٤١)

وجاء الحسينعليه‌السلام إلى أخيه محمّد بن الحنفية وهو عليل ، فحدّثه بما رأى وبكى. فقال له : يا أخي ماذا تريد أن تصنع؟. قال : أريد الرحيل إلى العراق ، فإني على قلق من أجل ابن عمي مسلم بن عقيل. فقال له محمّد بن الحنفية : سألتك بحق جدك محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا تفارق حرم جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإن لك فيه أعوانا كثيرة. فقال الحسينعليه‌السلام : لا بدّ من العراق. فقال محمّد بن الحنفية : إني والله ليحزنني فراقك ، وما أقعدني عن المسير معك إلا لأجل ما أجده من المرض

٥٠٣

الشديد ، فوالله يا أخي ما أقدر أن أقبض على قائم سيف ولا كعب رمح. فوالله لا فرحت بعدك أبدا. ثم بكى بكاء شديدا حتّى غشي عليه. فلما أفاق من غشيته قال :يا أخي أستودعك الله من شهيد مظلوم.

وودعه الحسينعليه‌السلام ورجع إلى مكة.

٥٩٣ ـ عبد الله بن عمر يشير على الحسينعليه‌السلام بالخضوع ، والحسين يبيّن هوان الدنيا ، وأن الله سينتقم من قتلته كما انتقم من بني إسرائيل :

(المنتخب للطريحي ، ص ٣٨٩)

روى بعض الثقات أن عبد الله بن عمر لما بلغه أن الحسينعليه‌السلام متوجه إلى العراق ، جاء إليه وأشار عليه بالطاعة والانقياد لابن زياد ، وحذّره من مشاقّة أهل العناد.

فقال له الحسينعليه‌السلام : يا عبد الله ، إنّ من هوان هذه الدنيا على الله ، أن رأس يحيى بن زكرياعليه‌السلام أهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل ، فامتلأ به سرورا ، ولم يعجّل الله عليهم بالانتقام ، وعاشوا في الدنيا مغتبطين. ألم تعلم يا عبد الله أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبيا ، ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأنهم لم يفعلوا شيئا ، ولم يعجّل الله عليهم بانتقام ، بل أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

ثم قال : يا عبد الله ، اتّق الله ولا تدعنّ نصرتي ، ولا تركنن إلى الدنيا ، لأنها دار لا يدوم فيها نعيم ، ولا يبقى أحد من شرّها سليم. متواترة محنها ، متكاثرة فتنها.أعظم الناس فيها بلاء الأنبياء ، ثم الأئمة الأمناء ، ثم المؤمنون ، ثم الأمثل بالأمثل.

٥٩٤ ـ خطبة الحسينعليه‌السلام قبيل خروجه من مكة إلى العراق :

(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٩٣)

ولما عزم الحسينعليه‌السلام على الخروج إلى العراق ، قام خطيبا فقال :

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله وما شاء الله ولا قوة إلا بالله وصلّى الله على رسوله.

٥٠٤

خطّ الموت على ولد آدم مخطّ القلادة على جيد الفتاة. وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف!. وخير لي مصرع أنا لاقيه. كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس(١) وكربلا ، فيملأن مني أكراشا جوفا وأجربة سغبا(٢) . لا محيص عن يوم خطّ بالقلم. رضا الله رضانا أهل البيت ، نصبر على بلائه ويوفّينا أجور الصابرين. لن تشذّ عن رسول الله لحمته ، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس(٣) ، تقرّبهم عينه ، وينجز بهم وعده. ألا ومن كان فينا باذلا مهجته ، موطّنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا ، فإني راحل مصبحا إن شاء الله تعالى.

٥٩٥ ـ نصيحة عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي للحسينعليه‌السلام بالعدول عن المسير إلى العراق :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٥)

دخل عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام المخزومي على الحسينعليه‌السلام وقد عزم على المسير إلى العراق ، فقال : يابن رسول الله أتيتك لحاجة أريد أن أذكرها لك ، وأنا غير غاشّ لك فيها ، فهل لك أن تسمعها؟. فقالعليه‌السلام : قل ما أحببت ، فقال : أنشدك الله يابن عم ألا تخرج إلى العراق ، فإنهم من قد عرفت ، وهم أصحاب أبيك ، وولاتهم عندهم ، وهم يجبون البلاد ، والناس عبيد المال ، ولا آمن أن يقاتلك من كتب إليك يستقدمك. فقال الحسينعليه‌السلام : سأنظر فيما قلت ، وقد علمت أنك أشرت بنصح ، ومهما يقض الله من أمر فهو كائن البتة ، أخذت برأيك أم تركت.

__________________

(١) النواويس : أرض تقع شمال غربي كربلاء. والنواويس جمع ناووس : وهو من القبر ما سدّ لحده. وكانت بها مجموعة مقابر للنصارى والأنباط ، واليوم يقال لها أراضي الجمالية.وقيل : إنها في المكان الّذي فيه مزار الحر بن يزيد الرياحي. وعسلان الفلوات : ذئابها.والأوصال : الأعضاء.

(٢) الأكراش : جمع كرش. وجوفا : أي واسعة. والأجربة : الأوعية. والسّغب : الجائعة.وهذا الكلام كناية عن قتلهعليه‌السلام ونبذه بالعراء وتركه عرضة لما ذكر. والمعنى هنا مجازي ، إذ أن جسم المعصوم لا تقربه الوحوش ولا تمسّه بسوء. والمعنى أنهعليه‌السلام ستقتله عصابة وتسلبه ، وتوزّع أهله وتسبي نساءه وأولاده ، عصابة هي أشبه ما تكون بذئاب الفلوات الجائعة ، تقطّع أوصال القتيل وتبعثر أعضاءه. وكنّىعليه‌السلام عن أهله وأولاده بالأوصال ، لأن صلتها به تنقطع بوفاته.

(٣) حظيرة القدس : الجنة.

٥٠٥

فانصرف عنه عمر بن عبد الرحمن وهو يقول :

ربّ مستنصح سيعصى ويؤذى

ونصيح بالغيب يلفى نصيحا

وفي رواية (مثير الأحزان) لابن نما الحلي ، ص ٢٧ :

كم ترى ناصحا يقول فيعصى

وظنين المغيب يلفى نصيحا

٥٩٦ ـ نصيحة المسوّر بن مخرمة :(تاريخ ابن عساكر ، ص ٢٠٢)

وكتب إليه المسوّر بن مخرمة : إياك أن تغترّ بكتب أهل العراق ، ويقول لك ابن الزبير : الحق بهم فإنهم ناصروك. إياك أن تبرح الحرم ، فإنهم إن كانت لهم بك حاجة ، فسيضربون إليك آباط الإبل حتّى يوافوك ، فتخرج في قوة وعدّة.

فجزاه الحسينعليه‌السلام خيرا ، وقال : أستخير الله في ذلك.

٥٩٧ ـ كتاب عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد الأنصارية :

(تاريخ ابن عساكر ، بعد الحديث ٦٥٣ ، ص ١٩٨)

كتبت إلى الحسينعليه‌السلام عمرة بنت عبد الرحمن تعظّم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة ، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه : أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «يقتل حسين بأرض بابل».

فلما قرأعليه‌السلام كتابها ، قال : فلا بدّ لي إذا من مصرعي ، ومضى.

٥٩٨ ـ عبد الله بن الزبير يحمّس الحسينعليه‌السلام على الخروج إلى العراق ليصفو له الجو :(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٧)

قال الخوارزمي : ثم أقبل عبد الله بن الزبير فسلّم على الحسينعليه‌السلام وجلس ساعة. ثم قال : أما والله يابن رسول الله ، لو كان لي بالعراق مثل شيعتك لما أقمت بمكة يوما واحدا ، ولو أنك أقمت بالحجاز ما خالفك أحد ، فعلى ماذا نعطي هؤلاء الدنيّة ونطمعهم في حقنا ، ونحن أبناء المهاجرين ، وهم أبناء المنافقين؟!.

قال : وكان هذا الكلام مكرا من ابن الزبير ، لأنه لا يحب أن يكون بالحجاز أحد يناويه. فسكت الحسينعليه‌السلام وعلم ما يريد.

٥٩٩ ـ كتاب عبد الله بن جعفر الطيار للحسينعليه‌السلام من المدينة يطلب منه عدم التعجل بالمسير إلى العراق :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٧)

٥٠٦

وبعث عبد الله بن جعفر كتابا مع ابنيه محمّد وعون من المدينة هذا نصه :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . للحسين بن علي ، من عبد الله بن جعفر. أما بعد فإني أنشدك الله ألا تخرج من مكة ، فإني خائف عليك من هذا الأمر الّذي قد أزمعت عليه ، أن يكون فيه هلاكك واستئصال أهل بيتك ، فإنك إن قتلت خفت أن يطفأ نور الله ، فأنت علم المهتدين ، ورجاء المؤمنين. فلا تعجل بالمسير إلى العراق(١) فإني آخذ لك الأمان من يزيد ، ومن جميع بني أمية لنفسك ولمالك وأولادك وأهلك ، والسلام.

فكتب إليه الحسينعليه‌السلام : أما بعد ، فإن كتابك ورد عليّ ، فقرأته وفهمت ما فيه. اعلم أني رأيت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي ، فأخبرني بأمر

أنا ماض له ، كان لي الأمر أو عليّ ، فو الله يابن عم لو كنت في جحر هامة من هوام الأرض لاستخرجوني حتّى يقتلوني. وو الله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في يوم السبت ، والسلام(٢) .

٦٠٠ ـ كتاب عمرو بن سعيد بن العاص(٣) من المدينة للحسينعليه‌السلام يعيذه فيه من الشقاق ويدعوه إلى المدينة :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٨)

وكتب عمرو بن سعيد بن العاص والي الحجاز إلى الحسينعليه‌السلام من المدينة :أما بعد ، فقد بلغني أنك قد عزمت على الخروج إلى العراق ، ولقد علمت ما نزل بابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته ، وأنا أعيذك بالله تعالى من الشقاق ، فإني خائف عليك منه ، ولقد بعثت إليك بأخي (يحيى بن سعيد) فأقبل إليّ معه ، فلك عندنا الأمان والصلة ، والبر والاحسان ، وحسن الجوار ، والله بذلك عليّ شهيد ووكيل وراع وكفيل ، والسلام.

فكتب الحسينعليه‌السلام : أما بعد فإنه لم يشاقّ من دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين. وقد دعوتني إلى البر والإحسان ، وخير الأمان أمان الله ، ولن يؤمن الله يوم القيامة من لم يخفه في الدنيا. ونحن نسأله لك ولنا في هذه الدنيا

__________________

(١) مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٩٦.

(٢) المناقب لابن شهراشوب ، ج ٢ ص ٢٤٥ طبع نجف.

(٣) كان عمرو بن سعيد بن العاص والي مكة ، والوليد بن عتبة والي المدينة ، فلما بلغ يزيد ما صنع الوليد عزله عن المدينة وولاها عمرو بن سعيد بن العاص إضافة لمكة ، فقدمها في شهر رمضان من سنة ٦٠ ه‍.

٥٠٧

عملا يرضى لنا يوم القيامة. فإن كنت بكتابك هذا إليّ أردت برّي وصلتي ، فجزيت بذلك خيرا في الدنيا والآخرة ، والسلام.

٦٠١ ـ كتاب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عباس بمكة :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٨ ط ٢ نجف)

قال الواقدي : ولما نزل الحسينعليه‌السلام مكة ، كتب يزيد بن معاوية إلى ابن عباس :

أما بعد ، فإن ابن عمك حسينا ، وعدوّ الله ابن الزبير ، التويا ببيعتي ولحقا بمكة ، مرصدين للفتنة ، معرّضين أنفسهما للهلكة.

فأما ابن الزبير ، فإنه صريع الفنا ، وقتيل السيف غدا.

وأما الحسين ، فقد أحببت الإعذار إليكم أهل البيت مما كان منه. وقد بلغني أن رجالا من شيعته من أهل العراق يكاتبونه ويكاتبهم ، ويمنّونه الخلافة ويمنّيهم الإمرة. وقد تعلمون ما بيني وبينكم من الوصلة وعظيم الحرمة ونتائج الأرحام. وقد قطع ذلك الحسين وبتّه ، وأنت زعيم أهل بيتك وسيد أهل بلادك. فالقه فاردده عن السعي في الفرقة ، وردّ هذه الأمة عن الفتنة ، فإن قبل منك وأناب إليك ، فله عندي الأمان والكرامة الواسعة ، وأجري عليه ما كان أبي يجريه على أخيه ، وإن طلب الزيادة فاضمن له ما أراك الله ، أنفّذ ضمانك وأقوم له بذلك ، وله عليّ الأيمان المغلّظة والمواثيق المؤكدة ، بما تطمئن به نفسه ويعتمد في كل الأمور عليه.

عجّل بجواب كتابي ، وبكل حاجة لك إليّ وقبلي ، والسلام.

قال هشام بن محمّد : وكتب يزيد في أسفل الكتاب :

يا أيها الراكب العادي مطيّته

على عذافرة(١) في سيرها قحم

أبلغ قريشا على نأي المزار بها

بيني وبين الحسين : الله والرّحم

وموقف بفناء البيت أنشده

عهد الإله غدا يوفى به الذّمم

عنّيتم قومكم فخرا بأمّكم

أمّ لعمري حصان عفّة كرم

هي التي لا يداني فضلها أحد

بنت الرسول وخير الناس قد علموا

وفضلها لكم فضل ، وغيركم

من قومكم لهم في فضلها قسم

__________________

(١) العذافرة : الناقة الشديدة ، الوثيقة الظهر.

٥٠٨

إني لأعلم أو ظنّا كعالمه

والظنّ يصدق أحيانا فينتظم

أن سوف يترككم ما تدّعون بها

قتلى تهاداكم العقبان والرّخم

يا قومنا لا تشبّوا الحرب إذ سكنت

وأمسكوا بحبال السلم واعتصموا

قد غرّت الحرب من قد كان قبلكم

من القرون وقد بادت بها الأمم

فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا

فربّ ذي بذخ زلّت به القدم

قال الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٢١٩ :

وأتى كتاب من يزيد بن معاوية إلى عمرو بن سعيد يأمره فيه أن يقرأه على الموسم ، وفيه القصيدة السابقة.

ثم قال : وأتى مثله إلى أهل المدينة ؛ من قريش وغيرهم.

قال : فوجّه أهل المدينة بهذه الأبيات إلى الحسين ولم يعلموه أنها من يزيد.فلما نظرها الحسين علم أنها منه ، وكتب إليهم في الجواب :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ) (٤١) [يونس : ٤١].

٦٠٢ ـ جواب ابن عباس ليزيد على كتابه ، ونصيحته له :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٤٩ ط ٢ نجف)

فكتب ابن عباس ليزيد :

أما بعد ، فقد ورد كتابك تذكر فيه لحاق الحسين وابن الزبير بمكة.

فأما ابن الزبير فرجل منقطع عنا برأيه وهواه ، يكاتمنا مع ذلك أضغانا يسرّها في صدره ، يوري علينا وري الزّناد ، لا فكّ الله أسيرها ، فارأ في أمره ما أنت راء.

وأما الحسين فإنه لما نزل مكة وترك حرم جده ومنازل آبائه ، سألته عن مقدمه ، فأخبرني أن عمّالك بالمدينة أساؤوا إليه وعجلوا عليه بالكلام الفاحش ، فأقبل إلى حرم الله مستجيرا به ، وسألقاه فيما أشرت إليه ، ولن أدع النصيحة فيما يجمع الله به الكلمة ، ويطفئ به النائرة [أي الحرب] ، ويخمد به الفتنة ، ويحقن به دماء الأمة.

فاتقّ الله في السرّ والعلانية ، ولا تبيتنّ ليلة وأنت تريد لمسلم غائلة ، ولا ترصده بمظلمة ، ولا تحفر له مهواة. فكم من حافر لغيره حفرا وقع فيه ، وكم من مؤمّل أملا لم يؤت أمله. وخذ بحظك من تلاوة القرآن ونشر السنّة ، وعليك بالصيام

٥٠٩

والقيام ، لا تشغلك عنهما ملاهي الدنيا وأباطيلها ، فإنّ كل ما اشتغلت به عن الله يضرّ ويفنى ، وكل ما اشتغلت به من أسباب الآخرة ينفع ويبقى ، والسلام.

فلما قرأ يزيد كتاب ابن عباس أخذته العزة بالإثم ، وهمّ بقتل ابن عباس ، فشغله عنه أمر ابن الزبير ، ثم أخذه الله ـ بعد ذلك بيسير ـ أخذا عزيزا.

٦٠٣ ـ نصيحة عبد الله بن عباس للحسينعليه‌السلام وفيها يتخوّف عليه من أهل الكوفة ويدعوه للبقاء في مكة :(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢١٦)

وقدم ابن عباس في تلك الأيام إلى مكة ، وقد بلغه أن الحسين عزم على المسير ، فأتى إليه ودخل عليه مسلّما. ثم قال له : جعلت فداك ، إنه قد شاع الخبر بين الناس وأرجفوا بأنك سائر إلى العراق ، فبيّن لي ما أنت عليه. فقال : نعم قد أزمعت على ذلك في أيامي هذه إنشاء الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فقال ابن عباس : أعيذك بالله من ذلك ، فإنك إن سرت إلى قوم قتلوا أميرهم وضبطوا بلادهم واتقوا عدوهم ، ففي مسيرك إليهم لعمري الرشاد والسداد ، وإن سرت إلى قوم دعوك إليهم وأميرهم قاهر لهم ، وعمّالهم يجبون بلادهم ، فإنما دعوك إلى الحرب والقتال. وأنت تعلم أنه بلد قد قتل فيه.

أبوك ، واغتيل فيه أخوك ، وقتل فيه ابن عمك(١) وقد بايعه الناس ، وعبيد الله في البلد يفرض ويعطي ، والناس اليوم عبيد الدينار والدرهم ، فلا آمن عليك أن تقتل.فاتّق الله والزم هذا الحرم ، فإن كنت على حال لا بدّ أن تشخص ، فصر إلى اليمن ، فإن بها حصونا لك ، وشيعة لأبيك ، فتكون منقطعا عن الناس. فقال الحسينعليه‌السلام : لا بدّ من العراق!. قال : فإن عصيتني فلا تخرج أهلك ونساءك ، فيقال إن دم عثمان عندك وعند أبيك ، فو الله ما آمن أن تقتل ونساؤك ينظرن كما قتل عثمان. فقال الحسينعليه‌السلام : والله يابن عم لأن أقتل بالعراق أحبّ إليّ من أن أقتل بمكة ، وما قضى الله فهو كائن ، ومع ذلك أستخير الله وأنظر ما يكون.

وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٠ :

__________________

(١) يقصد به مسلم بن عقيل. ويستفاد من هذا الكلام أن الحسينعليه‌السلام علم بمقتل مسلم وهو في مكة ، مع أن مسلما استشهد يوم التروية في اليوم الّذي سار فيه الحسينعليه‌السلام إلى العراق.وتدل الروايات المؤكدة على أنهعليه‌السلام لم يبلغه ذلك إلا وهو في منتصف الطريق في (زرود).

٥١٠

قال هشام بن محمّد : ثم إن حسينعليه‌السلام كثرت عليه كتب أهل الكوفة وتواترت إليه رسلهم : «إن لم تصل إلينا ، فأنت آثم». فعزم على المسير ، فجاء إليه ابن عباس ونهاه عن ذلك ، وقال له : يابن عم ، إن أهل الكوفة قوم غدر ؛ قتلوا أباك ، وخذلوا أخاك وطعنوه وسلبوه وأسلموه إلى عدوه ، وفعلوا ما فعلوا.

فقال : هذه كتبهم ورسلهم ، وقد وجب عليّ المسير لقتال أعداء الله.

فبكى ابن عباس ، وقال : وا حسيناه.

وأورد المقرّم في مقتله ، ص ١٩٦ هذا الكلام على النحو التالي :

وقال ابن عباس للحسينعليه‌السلام : يابن العم إني أتصبّر وما أصبر ، وأتخوّف عليك في هذا الوجه الهلاك والاستئصال. إن أهل العراق قوم غدر فلا تقربهم. أقم في هذا البلد ، فإنك سيد أهل الحجاز. وأهل العراق إن كانوا يريدونك كما زعموا فلينفوا عاملهم وعدوهم ، ثم اقدم عليهم. فإن أبيت إلا أن تخرج فسر إلى اليمن ، فإن بها حصونا وشعابا(١) وهي أرض عريضة طويلة ، ولأبيك بها شيعة ، وأنت عن الناس في عزلة ، فتكتب إلى الناس وترسل وتبثّ دعاتك ، فإني أرجو أن يأتيك عند ذلك الّذي تحب في عافية.

فقال الحسينعليه‌السلام : يابن العم إني والله لأعلم أنك ناصح مشفق ، وقد أزمعت على المسير. فقال ابن عباس : إن كنت سائرا فلا تسر بنسائك وصبيتك ، فإني لخائف أن تقتل وهم ينظرون إليك. فقال الحسينعليه‌السلام : والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي ، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلّهم حتّى يكونوا أذلّ من فرام المرأة(٢) .

(وفي رواية) قال ابن عباس : استشارني الحسينعليه‌السلام في الخروج من مكة فقلت : لو لا أن يزري بي وبك لتشبّثت بيدي في رأسك. فقالعليه‌السلام : ما أحبّ أن تستحلّ بي (يعني مكة).

وفي (تاريخ مدينة دمشق) لابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسينعليه‌السلام ص

__________________

(١) روى بعض هذا الكلام أبو مخنف في مقتله ، ص ٤١.

(٢) كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٦ ؛ وفي القاموس المحيط وتاج العروس : الفرام دواء تضيّق به المرأة المسلك. وفي لواعج الأشجان للأمين ص ٧٤ : الفرام هو خرقة الحيض.

٥١١

٢٠٤ ، قال ابن عباس : وكان قوله هذا هو الّذي سلا بنفسي عنه. ثم بكى وقال :أقررت عين ابن الزبير.

ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب ، وابن الزبير على الباب. فلما رآه قال : يابن الزبير قد أتى ما أحببت قرّت عينك ، هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز. ثم قال :

يا لك من قبّرة بمعمر

خلا لك الجوّ فبيضي واصفري

ونقّري ما شئت أن تنقّري

(أقول) : وفي أغلب المصادر أن هذه النصائح من ابن عباس كانت في يومين متتاليين.

وبعث الحسينعليه‌السلام إلى المدينة ، فقدم عليه من خفّ معه من بني عبد المطلب ، وهم تسعة عشر رجلا ، ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم.

٦٠٤ ـ نصيحة عبد الله بن عمر للحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥١ ط ٢ نجف)

قال الواقدي : ولما بلغ عبد الله بن عمر ما عزم عليه الحسينعليه‌السلام دخل عليه بنفر ، فلامه ووبخه ونهاه عن المسير ، وقال له : يا أبا عبد الله ، سمعت جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «مالي وللدنيا ، وما للدنيا ومالي». وأنت بضعة منه. وذكر له نحو ما ذكر ابن عباس.

فلما رآه مصرّا على المسير ، قبّله ما بين عينيه وبكى ، وقال : أستودعك الله من قتيل.

٦٠٥ ـ نصيحة عبد الله بن الزبير للحسينعليه‌السلام وردّها :

(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١١)

(ذكر الطبري عن أبي مخنف) عن عبد الله بن سليم والمنذر بن المشمعل الأسديين ، قالا : خرجنا حاجّين من الكوفة حتّى قدمنا مكة ، فدخلنا يوم التروية فإذا نحن بالحسينعليه‌السلام وعبد الله بن الزبير قائمين عند ارتفاع الضحى فيما بين الحجر والباب. قال : فتقربنا منهما ، فسمعنا ابن الزبير وهو يقول للحسينعليه‌السلام : إن شئت أن تقيم أقمت فوليت هذا الأمر ، فآزرناك وساعدناك ونصحنا لك وبايعناك. فقال الحسينعليه‌السلام : إن أبي حدثني أن بها كبشا سيستحلّ حرمتها ، فما أحبّ أن أكون

٥١٢

أنا ذلك الكبش. فقال له ابن الزبير : فأقم إن شئت وتوليني أنا الأمر ، فتطاع ولا تعصى. فقال : وما أريد هذا أيضا.

(قالا) : ثم إنهما أخفيا كلامهما دوننا ، فما زالا يتناجيان حتّى سمعنا دعاء الناس متوجهين إلى منى عند الظهر.

(قالا) : فطاف الحسين بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، وقصّ شعره ، وحلّ من عمرته. ثم توجه نحو العراق ، وتوجهنا نحو منى(١) .

وفي رواية (مقتل الخوارزمي) ص ٢١٩ : قال عبد الله بن الزبير للحسين بن عليعليه‌السلام : أين تذهب؟. إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك!. فقال له الحسين :لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحبّ إليّ من أن تستحلّ بي (يعني مكة).

وفي رواية المقرّم ، ص ١٩٤ : إن الحسينعليه‌السلام قال لابن الزبير : إن أبي حدثني أن بمكة كبشا به تستحلّ حرمتها ، فما أحبّ أن أكون ذلك الكبش ، ولئن أقتل خارجا منها بشبر أحبّ إليّ من أن أقتل فيها(٢) . وايم الله لو كنت في ثقب هامة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقضوا فيّ حاجتهم ، والله ليعتدنّ عليّ كما اعتدت اليهود في السبت.

وعن معمّر ، قال : وسمعت رجلا يحدّث عن الحسين بن عليعليه‌السلام قال :سمعته يقول لعبد الله بن الزبير : أتتني بيعة أربعين ألفا يحلفون لي بالطلاق والعتاق ، من أهل الكوفة (وفي رواية : من أهل العراق). فقال له عبد الله بن الزبير : أتخرج إلى قوم قتلوا أباك وأخرجوا أخاك؟!.

٦٠٦ ـ موقف عبد الله بن الزبير من الحسينعليه‌السلام :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥١ ط ٢ نجف)

ولما بلغ ابن الزبير عزمه ، دخل عليه وقال : لو أقمت ههنا بايعناك ، فأنت أحقّ من يزيد وأبيه.

وكان ابن الزبير أسرّ الناس بخروجه من مكة ، وإنما قال له هذا ، لئلا ينسبه إلى شيء آخر.

__________________

(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٧.

(٢) في (تاريخ مكة) للأزرقي ، ج ٢ ص ١٠٥ أنه قال ذلك لابن عباس.

٥١٣

وفي كامل ابن الأثير ، ج ٤ ص ١٦ :

ولما خرج من عنده ابن الزبير قال الحسين لمن حضر عنده : إن هذا ليس شيء من الدنيا أحب إليه من أن أخرج من الحجاز ، وقد علم أن الناس لا يعدلونه بي ، فودّ أني خرجت حتّى يخلو له.

٦٠٧ ـ نصيحة أبي محمّد الواقدي :(لواعج الأشجان ، ص ٦٥)

قال أبو محمّد الواقدي وزرارة بن خلج [ذكر ذلك في الله وف ص ٢٦] : لقينا الحسين بن عليعليهما‌السلام قبل أن يخرج إلى العراق ، فأخبرناه ضعف الناس بالكوفة ، وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه. فأومأ بيده نحو السماء ، ففتحت أبواب السماء ، ونزلت الملائكة عددا لا يحصيهم إلا اللهعزوجل ، فقالعليه‌السلام : لو لا تقارب الأشياء وحبوط الأجر ، لقاتلتهم بهؤلاء ، ولكن أعلم يقينا أن من هناك مصرعي وهناك مصارع أصحابي ، لا ينجو منهم إلا ولدي (علي)عليه‌السلام .

٦٠٨ ـ الحسينعليه‌السلام يرفض نصرة الملائكة ، حتّى يحرز الشهادة ::

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٦٢)

عن زرارة بن صالح قال : لقينا الحسين بن عليعليهما‌السلام قبل أن يخرج إلى العراق بثلاث.

إلى أن قال : فأومأ بيده إلى السماء ، ففتحت أبواب السماء ونزلت الملائكة عددا لا يحصيه إلا الله. فقالعليه‌السلام : لو لا تقارب الأشياء وحبوط الأجر نقاتلهم بهؤلاء.

٦٠٩ ـ جبرئيلعليه‌السلام يدعو إلى بيعة الله :(المصدر السابق)

ومن رواية ابن عباس قال : رأيت الحسينعليه‌السلام قبل أن يتوجه إلى العراق على باب الكعبة ، وكفّ جبرئيل في كفه ، وجبرئيل ينادي : هلمّوا إلى بيعة الله. فقال : إن أصحاب الحسينعليه‌السلام لم ينقصوا رجلا ولم يزيدوا رجلا ، نعرفهم بأسمائهم قبل شهودهم.

وفي هذا دلالة تامة على علوّ شأن من استشهدوا بين يدي الحسينعليه‌السلام ، وأن منزلتهم أعلى من الشهداء الذين سبقوهم. وبيان ذلك أن هذا النحو من الدعوة المتمثلة في نداء جبرئيل ودعوته إلى البيعة ، لم يتحقق في شأن دعوة نبي من

٥١٤

الأنبياء. وهذا يدل على أن المتخلّف عن نصرة الحسينعليه‌السلام لا لعذر ، ليس من أهل الإيقان والإيمان.

٦١٠ ـ وصية الحسينعليه‌السلام إلى بني هاشم :

(اللهوف ، ص ٣٦)

ذكر الكليني في كتاب (الرسائل) عن حمزة بن حمران عن الصادقعليه‌السلام قال :ذكرنا خروج الحسينعليه‌السلام وتخلّف ابن الحنفية عنه ، فقال الصادقعليه‌السلام : يا حمزة إني سأحدثك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا. إن الحسين لما فصل متوجها ، أمر بقرطاس وكتب :( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) . من الحسين بن علي إلى بني هاشم : أما بعد ، إنه من لحق بي منكم استشهد ، ومن تخلّف عني لم يبلغ الفتح ، والسلام. وقيل بعثه إلى محمّد بن الحنفية(١) .

يقول الفاضل الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٢١٥ ، معلقا على قول الإمام الحسينعليه‌السلام لبني هاشم : ومن تخلّف لم يبلغ الفتح». أي من تخلّف عن نصرة الحسينعليه‌السلام لم يحرز النجاة والفلاح ، الّذي يحرزه من استشهد مع الحسينعليه‌السلام .

٦١١ ـ يزيد يأمر والي مكة بقتل الحسينعليه‌السلام غيلة ولو في حرم مكة :

(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٦٢ ط نجف)

كان يزيد بن معاوية عزل الوليد بن عتبة عن المدينة ، وولّى عمرو بن سعيد ابن العاص على المدينة ومكة معا ، فأقام عمرو في المدينة. ثم أمره يزيد بالمسير إلى مكة في عسكر عظيم ، وولاه أمر الموسم ، وأمّره على الحاجّ كلهم.

وأوصاه بالقبض على الحسينعليه‌السلام سرا ، وإن لم يتمكن منه يقتله غيلة. وأمره أن يناجز الحسينعليه‌السلام القتال إن هو ناجزه. فلما كان يوم التروية قدم عمرو بن سعيد إلى مكة في جند كثيف.

ثم إن يزيد دسّ مع الحاج في تلك السنة ثلاثين رجلا من شياطين بني أمية ، وأمرهم بقتل الحسينعليه‌السلام على أي حال اتفق [نقل ذلك العلامة المجلسي في كتاب البحار].

__________________

(١) كتاب (الحسين في طريقه إلى الشهادة) للسيد علي بن الحسين الهاشمي ، ص ١٢٥.

٥١٥

فلما علم الحسينعليه‌السلام بذلك ، عزم على التوجه إلى العراق ، وحلّ من إحرام الحج ، وجعلها عمرة مفردة.

٦١٢ ـ الإمام الحسينعليه‌السلام يقصّر حجه إلى عمرة مفردة ، استعدادا للمسير إلى العراق :(مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٩٣)

لما بلغ الحسينعليه‌السلام أن يزيد أنفذ عمرو بن سعيد بن العاص في عسكر كثيف ، وأمّره على الحاج وولاه أمر الموسم ، وأوصاه بالفتك بالحسين أينما وجد(١) وبقتله على أي حال اتفق(٢) ، عزمعليه‌السلام على الخروج من مكة قبل إتمام الحج ، وجعلها عمرة مفردة ، وذلك كراهية أن تستباح به حرمة البيت(٣) .

وكان خروجهعليه‌السلام من مكة يوم التروية لثمان مضين من ذي الحجة ، ومعه أهل بيته ومواليه وشيعته ، من أهل الحجاز والبصرة والكوفة ، الذين انضموا إليه أيام إقامته بمكة فكان الناس يخرجون إلى منى للتزود بالماء ، والحسينعليه‌السلام يخرج إلى العراق. ولم يكن علمعليه‌السلام بمقتل مسلم بن عقيل الّذي استشهد في ذلك اليوم(٤) .

٦١٣ ـ الفرق بين العمرة والحج :

(الكافي للكليني ، ج ٤ ص ٥٣٥)

عن معاوية بن عمار عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : إن المتمتّع مرتبط بالحج ، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء. وقد اعتمر الحسينعليه‌السلام في ذي الحجة ، ثم راح يوم التروية إلى العراق ، والناس يروحون إلى (منى). ولا بأس بالعمرة في ذي الحجة لمن لا يريد الحج.

٦١٤ ـ ابن الزبير يودّع الحسينعليه‌السلام عند ما أزمع على السفر :

(مقتل العوالم للشيخ عبد الله البحراني ، ج ١٧ ص ١٥٥)

عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : إن الحسينعليه‌السلام خرج من مكة قبل التروية بيوم ، فشيّعه عبد الله بن الزبير. فقال : يا أبا عبد الله ، قد حضر الحج وتدعه وتأتي

__________________

(١) المنتخب للطريحي ، ص ٣٠٤ الليلة العاشرة.

(٢) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧١.

(٣) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ١٧٧ ؛ ومثير الأحزان لابن نما ، ص ٨٩.

(٤) لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٧٢.

٥١٦

العراق؟!. فقالعليه‌السلام : يابن الزبير لأن أدفن بشاطئ الفرات أحبّ إليّ من أن أدفن بفناء الكعبة(١) .

٦١٥ ـ نصيحة محمّد بن الحنفية لأخيه الحسينعليه‌السلام ، وفيها يخبر الحسين أخاه برؤياه :(المنتخب للطريحي ، ص ٤٣٥ ط ٢)

وعن بعض الناقلين : إن محمّد بن الحنفية لما بلغه الخبر ، أن أخاه الحسينعليه‌السلام خارج من مكة يريد العراق ، كان في يده طشت فيه ماء وهو يتوضأ ، فجعل يبكي بكاء شديدا ، حتّى سمع وكف دموعه في الطّشت مثل المطر.

ثم إنه صلّى المغرب ، ثم سار إلى أخيه الحسينعليه‌السلام . فلما صار إليه قال له :يا أخي إن أهل الكوفة قد عرفت غدرهم ومكرهم بأبيك وأخيك من قبلك ، وإني أخشى عليك أن يكون حالك كحال من مضى من قبلك. فإن أطعت رأيي قم بمكة ، وكن أعزّ من في الحرم المشرّف. فقال : يا أخي إني أخشى أن تغتالني أجناد بني أمية في حرم مكة ، فأكون كالذي يستباح دمه في حرم الله. فقال :

يا أخي فصر إلى اليمن ، فإنك أمنع الناس به. فقال الحسينعليه‌السلام : والله يا أخي لو كنت في جحر هامة من هوامّ الأرض لاستخرجوني منه حتّى يقتلوني. ثم قال : يا أخي سأنظر فيما قلت.

فلما كان وقت السحر ، عزم الحسينعليه‌السلام على الرحيل إلى العراق. فجاءه أخوه محمّد بن الحنفية وأخذ بزمام ناقته التي هو راكبها ، وقال : يا أخي ألم تعدني النظر فيما أشرت به عليك؟. فقال : بلى. قال : فما حداك على الخروج عاجلا؟.فقال : يا أخي إن جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتاني بعد ما فارقتك وأنا نائم ، فضمّني إلى صدره ، وقبّل ما بين عينيّ ، وقال : يا حسين قرة عيني ، اخرج إلى العراق ، فإن اللهعزوجل قد شاء أن يراك قتيلا مخضبا بدمائك.

فبكى ابن الحنفية بكاء شديدا ، وقال له : يا أخي إذا كان الحال هكذا ، فما معنى حملك هذه النسوة وأنت ماض إلى القتل؟. فقال : يا أخي قد قال لي جدي أيضا :إن اللهعزوجل قد شاء أن يراهنّ سبايا مهتكات ، يسقن في أسر الذل ، وهن أيضا لا يفارقنني ما دمت حيا.

__________________

(١) كامل الزيارات ، ج ٦ ص ٧٣ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٨٦.

٥١٧

فبكى ابن الحنفية بكاء شديدا ، وجعل يقول : أودعتك الله يا حسين في وداعة الله يا حسين.

٦١٦ ـ ورود عمرو بن سعيد إلى مكة يوم التروية :

(الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ، ج ٢ ص ٣)

ثم خرج [والي المدينة] إلى مكة ، فقدمها يوم التروية. فصلى الحسينعليه‌السلام ثم خرج.

فقال الناس للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، لو تقدمت فصليت بالناس. فإنه ليهمّ بذلك إذ جاء المؤذن ، فأقام الصلاة. فتقدم عثمان (والأصح : عمرو ابن سعيد) فكبّر ، فقال للحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله ، إذا أبيت أن تتقدم فاخرج. فقال :الصلاة في الجماعة أفضل.

فلما انصرف عمرو بن سعيد بلغه أن الحسينعليه‌السلام خرج ، فقال : اركبوا كل بعير بين السماء والأرض فاطلبوه.

قال : فكان الناس يعجبون من قوله هذا. قال : فطلبوه ، فلم يدركوه.

٦١٧ ـ محاولة عبد الله بن جعفر إرجاع الحسينعليه‌السلام :

(المصدر السابق)

فأرسل عبد الله بن جعفر ابنيه (عونا ومحمدا) ليردّا الحسينعليه‌السلام فأبى أن يرجع. وخرج الحسينعليه‌السلام بابني عبد الله بن جعفر معه. ورجع عمرو بن سعيد بن العاص إلى المدينة. فأرسل إلى ابن الزبير فأبى أن يأتيه ، وامتنع برجال معه من قريش وغيرهم.

٦١٨ ـ سؤال الحسينعليه‌السلام للشاعر الفرزدق عن حال الناس ، وقد لقيه في الحرم المكي :

(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢١٨ ط نجف)

روي عن الفرزدق الشاعر أنه قال : حججت بأمّي في سنة ستين ، فبينا أنا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم ، إذ لقيت الحسينعليه‌السلام خارجا من مكة مع أسيافه وأتراسه. فقلت : لمن هذا القطار؟. فقيل : للحسينعليه‌السلام . فأتيته ، فسلمت عليه

٥١٨

وقلت : أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب يابن رسول الله ، ما أعجلك عن الحج؟. فقال : لو لم أعجل لأخذت!.

ثم قال لي : من أنت؟. فقلت : رجل من العرب ، فما فتّشني أكثر من ذلك. قال:أخبرني عن الناس خلفك. فقلت : الخبير سألت : «قلوب الناس معك وأسيافهم عليك». ثم حرّك راحلته ومضى (راجع مثير ابن نما ، ص ٢٨).

٦١٩ ـ عبد الله بن عمرو بن العاص يستنكر مقاتلة الحسينعليه‌السلام بالسلاح :

(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢١٨)

كان عبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة ، يأمر الناس باتباع الإمام الحسينعليه‌السلام .

قال الفرزدق بعد ذكر لقائه السابق بالامامعليه‌السلام : ثم مضيت فإذا بفسطاط مضروب في الحرم وهيئته حسنة. فأتيته ، فإذا هو لعبد الله بن عمرو بن العاص ، فسألني فأخبرته بلقاء الحسين بن عليعليهما‌السلام . فقال لي : ويلك فهلّا اتّبعته؟. فوالله سيملكنّ ، ولا يجوز السلاح فيه ولا في أصحابه.

قال الفرزدق : فهممت والله أن ألحق به ، ووقع في قلبي مقالته ، ثم ذكرت الأنبياء وقتلهم ، فصدّني ذلك عن اللحاق بهم.

٦٢٠ ـ كتاب من الوليد بن عتبة إلى ابن زياد بعدم الإساءة للحسينعليه‌السلام :

(مثير الأحزان للشيخ شريف الجواهري ، ص ٣٣)

قال المجلسي : واتصل خبر توجّه الحسينعليه‌السلام إلى العراق بالوليد بن عتبة أمير المدينة ، فكتب إلى ابن زياد : أما بعد ، فإن الحسين قد توجه إلى العراق ، وهو ابن فاطمة ، وفاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فاحذر يابن زياد أن تأتي إليه بسوء ، فتهيج على نفسك وقومك أمرا في هذه الدنيا لا يصدّه شيء ، ولا تنساه الخاصة والعامة أبدا ما دامت الدنيا.

توضيح : أورد الجواهري هذا الكتاب في مثيره أثناء مسير الحسينعليه‌السلام إلى كربلاء. والذي يجب توضيحه أن الوليد بن عتبة لم يكن في ذلك الوقت واليا عليا المدينة ، فقد سبق أن يزيد عزله في منتصف شهر رمضان. فإن صحّت هذه الرواية

٥١٩