مرآة العقول الجزء ٢٢

مرآة العقول11%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 519

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 519 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44798 / تحميل: 3579
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

رفعه قال : قال لا تأكل من لحم حمل يرضع من لبن خنزيرة.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد قال كتبت إليه عليه السلام جعلت فداك من كل سوء امرأة أرضعت عناقا حتى فطمت وكبرت وضربها الفحل ثم وضعت أيجوز أن يؤكل لحمها ولبنها فكتبعليه‌السلام فعل مكروه ولا بأس به.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة فقال قيدوه واعلفوه الكسب والنوى والشعير والخبز إن كان استغنى عن اللبن فإن لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيام ثم يؤكل لحمه.

(باب)

(لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن

الحديث الثالث : مرفوع.

الحديث الرابع : صحيح.

والعناق كسحاب : الأنثى من أولاد المعز ، ذكره الفيروزآبادي ، وقال في الدروس : لو شرب لبن امرأة واشتد كره لحمه انتهى ، وظاهر الخبر عدم الكراهة.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور ، و الكسب بالضم عصارة الدهن.

باب لحوم الجلالات وبيضهن والشاة تشرب الخمر

الحديث الأول : صحيح.

ويدل ظاهرا على تحريم لحوم الجلالة ، والمشهور أنه يحصل الجلل بأن يغتذي الحيوان عذرة الإنسان لا غيره ، والنصوص والفتاوى خالية عن تقدير المدة وربما قدره بعضهم بأن ينمو ذلك في بدنه ويصير جزءا منه ، وبعضهم بيوم وليلة كالرضاع ، وآخرون بأن يظهر النتن في لحمه وجلده ، وهذا قريب ، والمعتبر على

٤١

أبي حمزة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تأكلوا لحوم الجلالات وهي التي تأكل العذرة وإن أصابك من عرقها فاغسله.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تشرب من ألبان الإبل الجلالة وإن أصابك شيء من عرقها فاغسله.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام الدجاجة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تقيد ثلاثة أيام

هذا رائحة النجاسة التي اغتذاها ، لا مطلق الرائحة الكريهة.

وقال الشيخ في الخلاف والمبسوط : إن الجلالة هي التي يكون أكثر غذائها العذرة ، فلم يعتبر تمحض العذرة ، وقال المحقق (ره) : هذا التفسير صواب إن قلنا بكراهة الجلل ، وليس بصواب إن قلنا بالتحريم ، وألحق أبو الصلاح بالعذرة غيرها من النجاسات ، والأشهر الأول ، ثم اختلف الأصحاب في حكم الجلال ، فالأكثر على أنه محرم ، وذهب الشيخ في المبسوط وابن الجنيد إلى الكراهة ، بل قال في المبسوط إنه مذهبنا مشعرا بالاتفاق عليه.

وقال في المسالك : لو قيل بالتفصيل كما قال به المحقق كان وجها.

قولهعليه‌السلام : « فاغسله » ظاهره وجوب الإزالة كما ذهب إليه الشيخان وابن البراج والصدوق ، والمشهور بين المتأخرين الكراهة واستحباب الغسل.

الحديث الثاني : حسن.

ويدل على أن حكم اللبن أيضا حكم اللحم كما هو المشهور بين الفريقين.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

واختلف الأصحاب في المقادير التي يزول بها الجلل في البعض ، واتفقوا على البعض ، فما اتفقوا عليه استبراء الناقة بأربعين يوما ، ومما اختلفوا فيه البقرة ، فقيل بأربعين ، وهو قول الشيخ في المبسوط ، وهو رواية مسمع ، وقيل بعشرين قاله الشيخ في النهاية والخلاف واختاره المحقق والأكثر ، وقيل بثلاثين وهو مذهب

٤٢

والبطة الجلالة خمسة أيام والشاة الجلالة عشرة أيام والبقرة الجلالة عشرين يوما والناقة أربعين يوما.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي جميلة ، عن زيد الشحام ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في شاة تشرب خمرا حتى سكرت ثم ذبحت على تلك الحال قال لا يؤكل ما في بطنها.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن علي بن حسان ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في شاة شربت بولا ثم ذبحت قال فقال يغسل ما في جوفها ثم لا بأس به وكذلك إذا اعتلفت العذرة وما لم تكن جلالة والجلالة التي يكون ذلك غذاءها.

الصدوق ، ومنه الشاة فالمشهور أنه بعشرة ، وقيل بسبعة ، وذهب إليه الشيخ في المبسوط وجماعة ادعوا أن به رواية ، وقيل : بخمسة ، وهو رواية مسمع ، ومنه البطة والمشهور فيه خمسة ، واكتفى الصدوق بثلاثة ، والمشهور في الدجاجة ثلاثة ، واعتبر أبو الصلاح وابن زهرة خمسة ، وجعلا الثلاثة رواية ، وحكى في المبسوط فيها سبعة ويوما إلى الليل ، وحكاه في المقنع رواية ، واعلم ، أن الموجود في الروايات أنها تغذى هذه المدة من غير تقييد بالعلف الطاهر ، وقيده جماعة به.

الحديث الرابع : ضعيف.

وعمل به الأكثر بحمله على الحرمة ، وزادوا فيه وجوب غسل اللحم ، وحكم ابن إدريس بكراهة اللهم خاصة.

وقال في المسالك : هذا إذا ذبحها عقيب الشرب بغير فصل ، أما لو تراخى بحيث يستحيل المشروب لم يحرم ، ونجاسة البواطن حيث لم يتميز فيها عين النجاسة منتفية.

الحديث الخامس : ضعيف.

وعمل به الأكثر ، وأنكر ابن إدريس وجوب الغسل ولم يقل باستحبابه أيضا.

٤٣

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد الأدمي ، عن يعقوب بن يزيد رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الإبل الجلالة إذا أردت نحرها تحبس البعير أربعين يوما والبقرة ثلاثين يوما والشاة عشرة أيام.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الخشاب ، عن علي بن أسباط عمن روى في الجلالات قال لا بأس بأكلهن إذا كن يخلطن.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن أكل لحوم الدجاج في الدساكر وهم لا يمنعونها من شيء تمر على العذرة مخلى عنها وعن أكل بيضهن فقال لا بأس به.

٩ ـ الحسين بن محمد ، عن السياري ، عن أحمد بن الفضل ، عن يونس ، عن الرضاعليه‌السلام في السمك الجلال أنه سأله عنه فقال ينتظر به يوما وليلة وقال السياري إن هذا لا يكون إلا بالبصرة وقال في الدجاج يحبس ثلاثة أيام والبطة سبعة أيام

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : مرسل.

ويدل على أن الجلل لا يحصل إلا باغتذاء العذرة المحضة كما مر.

الحديث الثامن : صحيح.

والدساكر جمع الدسكرة : وهي القرية أو الأرض مستوية أو بناء كالقصر حوله بيوت ذكرها الفيروزآبادي.

الحديث التاسع : ضعيف.

وعمل به الشهيد (ره) في الدروس ، والمشهور استبراؤه يوما إلى الليل.

قوله : « لا يكون إلا بالبصرة » أي الجلل والاستبراء أو هما معا ، وذلك لأن السمك تدخل مع الماء في أنهارهم عند المد فيجعلون فيها حظائر من قصب ، فإذا رجع الماء يبقى السمك في تلك الحظائر ، وقد تكون فيها العذرة فتأكل منها فيتصور فيها الجلل والاستبراء معا ، بخلاف السموك التي في سائر الأنهار ، والحصر مبني على الغالب ، إذ يمكن حصولهما في السموك المحصورة في الحياض أيضا.

٤٤

والشاة أربعة عشر يوما والبقرة ثلاثين يوما والإبل أربعين يوما ثم تذبح.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي إسماعيل قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن بيض الغراب فقال لا تأكله.

١١ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن بسام الصيرفي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الإبل الجلالة قال لا يؤكل لحمها ولا تركب أربعين يوما.

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام الناقة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى أربعين يوما والبقرة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى ثلاثين يوما والشاة الجلالة لا يؤكل لحمها ولا يشرب لبنها حتى تغذى عشرة أيام والبطة الجلالة لا يؤكل لحمها حتى تربط خمسة أيام والدجاجة ثلاثة أيام.

(باب)

(ما لا يؤكل من الشاة وغيرها)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن عبيد الله الدهقان ، عن

قولهعليه‌السلام : « والشاة أربعة عشر » مخالف للمشهور ، وبه قال ابن الجنيد.

الحديث العاشر : مجهول.

ولعله إنما ذكره في هذا الباب ، لأنه يأكل العذرة ولا يخفى ما فيه.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

باب ما لا يؤكل من الشاة وغيرها

الحديث الأول : ضعيف.

٤٥

درست ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال حرم من الشاة سبعة أشياء الدم والخصيتان والقضيب والمثانة والغدد والطحال والمرارة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي يحيى الواسطي رفعه قال مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بالقصابين فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة نهاهم عن بيع الدم والغدد وآذان الفؤاد والطحال والنخاع والخصى والقضيب فقال له بعض القصابين يا أمير المؤمنين ما الكبد والطحال إلا سواء فقال له كذبت يا لكع ائتوني بتورين من ماء أنبئك بخلاف ما بينهما فأتي بكبد وطحال وتورين من ماء فقالعليه‌السلام شقوا الطحال من وسطه وشقوا الكبد من وسطه ثم أمر عليه السلام فمرسا في الماء جميعا فابيضت الكبد ولم ينقص شيء منه ولم يبيض الطحال وخرج ما فيه كله وصار دما كله حتى بقي جلد الطحال وعرقه فقال له هذا خلاف ما بينهما هذا لحم وهذا دم.

وقال المحقق (ره) : المحرمات من الذبيحة خمس ، الطحال ، والقضيب ، والفرث ، والدم ، والأنثيان ، وفي المثانة والمرارة والمشيمة تردد ، والأشبه التحريم ، لما فيها من الاستخباث ، وأما الفرج ، والنخاع والعلباء والغدد وذات الأشاجع وخرزة الدماغ والحدق ، فمن الأصحاب من حرمها ، والوجه الكراهة.

وقال في المسالك : لا خلاف في تحريم الدم من هذه المذكورات ، وفي معناه الطحال ، وإنما الكلام في غيره انتهى.

والمثانة بفتح الميم مجمع البول ، و الغدد بضم الغين المعجمة التي في اللحم وتكثر في الشحم ، و الطحال بكسر الطاء ، والمرارة بفتح الميم التي تجمع المرة الصفراء معلقة مع الكبد كالكيس.

الحديث الثاني : مجهول مرفوع.

وحمل آذان الفؤاد على الكراهة كما صرح به في الدروس ، و النخاع مثلث النون الخيط الأبيض في وسط الظهر ينضم خرز السلسلة في وسطها ، وهو الوتين الذي لا قوام للحيوان بدونه ، ويدل على أن اللحم يصدق على الكبد.

٤٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا تؤكل من الشاة عشرة أشياء الفرث والدم والطحال والنخاع والعلباء والغدد والقضيب والأنثيان والحياء والمرارة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار عنهم عليهم السلام قال لا يؤكل مما يكون في الإبل والبقر والغنم وغير ذلك مما لحمه حلال الفرج بما فيه ظاهره وباطنه والقضيب والبيضتان والمشيمة وهي موضع الولد والطحال لأنه دم والغدد مع العروق والمخ والذي يكون في الصلب والمرارة والحدق والخرزة التي تكون في الدماغ والدم.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا اشترى أحدكم لحما فليخرج منه الغدد فإنه يحرك عرق الجذام.

٦ ـ سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا أنه كره الكليتين وقال إنما هما مجمع البول.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

والعلباء بالمهملة المكسورة فاللام الساكنة ، فالباء الموحدة ، فالألف الممدودة عصبتان عريضتان ممدودتان من الرقبة إلى عجب الذنب ، و الحياء : وهو الفرج ظاهره وباطنه.

الحديث الرابع : مجهول.

وحمل العروق على الاستحباب ، و الحدق يعني حبة الحدقة ، وهو الناظر من العين كله ، و خرزة الدماغ بكسر الدال ، وهي المخ الكائن في وسط الدماغ شبيه الدودة بقدر الحمصة تقريبا ، يخالف لونها لونه ، وهي تميل إلى الغبرة.

الحديث الخامس : ضعيف.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وحمل على الكراهة كما صرح به في الدروس وغيره.

٤٧

(باب)

(ما يقطع من أليات الضأن وما يقطع من الصيد بنصفين)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن الكاهلي

باب ما يقطع من أليات الضأن وما يقطع من الصيد بنصفين

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ويدل على جواز قطع أليات الضأن إذا كان الغرض إصلاح المال ، وأن المقطوع من الضأن ميتة حرام ، وتفصيل القول في هذه المسألة ما ذكره الشهيد الثاني (ره) في المسالك ، حيث قال : إذا رمى الصيد بآلة كالسيف فقطع منه قطعة كعضو منه ، فإن بقي الباقي مقدورا عليه وحياته مستقرة فلا إشكال في تحريم ما قطع منه ، وإن لم يبق حياة الباقي مستقرة ، فمقتضى القواعد حل الجميع لأنه مقتول به ، فكأن بجملته حلالا ، ولو قطعه بقطعتين وإن كانتا مختلفتين في المقدار فإن لم تتحركا فهما حلالان أيضا ، وكذا لو تحركتا حركة المذبوح سواء خرج منهما دم معتدل أم من أحدهما أم لا ، وكذا لو تحرك أحدهما حركة المذبوح دون الآخر سواء في ذلك النصف الذي فيه الرأس وغيره ، وإن تحرك أحدهما حركة مستقرة الحياة وذلك لا يكون إلا في النصف الذي فيه الرأس ، فإن كان قد أثبته بالجراحة الأولى فقد صار مقدورا عليه ، فتعين الذبح ، ولا تجزي سائر الجراحات ، وتحل تلك القطعة دون المبانة ، وإن لم يثبته بها ، ولا أدرك ذبحه ، بل جرحه جرحا آخر مدنفا حل الصيد ، دون تلك القطعة ، وإن مات بهما ففي حلها وجهان : أجودهما العدم ، وإن مات بالجراحة الأولى بعد مضي زمان ولم يتمكن من الذبح حل باقي البدن ، وفي القطعة المبانة الوجهان ، وفي المسألة أقوال منتشرة ، منها أنه مع تحرك النصفين دون الآخر فالحلال هو المتحرك خاصة ، وأن حلهما معا مشروط بتساويهما ، ومع تفاوتهما يؤكل ما فيه الرأس إذا كان أكبر ، ولم يشترط

٤٨

قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده يوما عن قطع أليات الغنم فقال لا بأس بقطعها إذا كنت تصلح بها مالك ثم قالعليه‌السلام إن في كتاب عليعليه‌السلام أن ما قطع منها ميت لا ينتفع به.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في أليات الضأن تقطع وهي أحياء إنها ميتة.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام فقلت له جعلت فداك إن أهل الجبل تثقل عندهم أليات الغنم فيقطعونها فقال حرام هي فقلت جعلت فداك فنصطبح بها فقال أما علمت أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن يعقوب بن يزيد ويحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل ضرب غزالا بسيفه حتى أبانه أيأكله قال نعم يأكل مما يلي الرأس ثم يدع الذنب.

الحركة ولا خروج الدم ، وهو قول الشيخ في كتابي الفروع. ومنها اشتراط الحركة وخروج الدم في كل واحد من النصفين ، ومتى انفرد أحدهما بالشرطين أكل وترك ما لا يجمعهما ولو لم يتحرك واحد منهما حرما ، وهو قول القاضي. ومنها أنه يشترط مع تساويهما خروج الدم منهما ، وإن لم يخرج دم فإن كان أحد الشقين أكبر ومعه الرأس حل ذلك الشق ، وإن تحرك أحدهما حل المتحرك ، وهو قول ابن حمزة.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ويدل على عدم جواز الاصطباح بها مطلقا كما ذكره الأصحاب ، وإنما جوزوا ذلك في الدهن المتنجس تحت السماء.

الحديث الرابع : موثق.

٤٩

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الفضل النوفلي ، عن أبيه ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له ربما رميت بالمعراض فأقتل فقال إذا قطعه جدلين فارم بأصغرهما وكل الأكبر وإن اعتدلا فكلهما.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن بعض أصحابنا رفعه في الظبي وحمار الوحش يعترضان بالسيف فيقدان فقال لا بأس بأكلهما ما لم يتحرك أحد النصفين فإن تحرك أحدهما لم يؤكل الآخر لأنه ميتة.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يضرب الصيد فيقده نصفين قال يأكلهما جميعا فإن ضربه وأبان منه عضوا لم يأكل منه ما أبان [ منه ] وأكل سائره.

(باب)

(ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن

وفي بعض النسخ بعد يحيى بن المبارك عن عبد الله بن المبارك فالخبر مجهول به.

الحديث الخامس : مجهول مرسل.

قال في القاموس : الجدل : العضو.

الحديث السادس : مرفوع.

قال في القاموس : القد القطع المستأصل.

الحديث السابع : موثق.

باب ما ينتفع به من الميتة وما لا ينتفع به منها

الحديث الأول : ضعيف.

ويدل على أن الإنفحة والبيضة من الميتة طاهرتان ، ويجوز أكلهما واستعمالهما وأما سائر المستثنيات من الميتة فقال الشهيدان في اللمعة وشرحها تحل من الميتة ،

٥٠

الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال كنت جالسا في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أقبل رجل فسلم فقال من أنت يا عبد الله قلت رجل من أهل الكوفة فقلت ما حاجتك فقال لي أتعرف أبا جعفر محمد بن عليعليه‌السلام فقلت نعم فما حاجتك إليه قال هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها فما كان من حق أخذته وما كان من باطل تركته قال أبو حمزة فقلت له هل تعرف ما بين الحق والباطل قال نعم فقلت له فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين الحق والباطل فقال لي يا أهل الكوفة أنتم قوم ما تطاقون إذا رأيت أبا جعفرعليه‌السلام فأخبرني فما انقطع كلامي معه حتى أقبل أبو جعفرعليه‌السلام وحوله أهل خراسان وغيرهم يسألونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه وجلس الرجل قريبا منه قال أبو حمزة فجلست حيث أسمع الكلام وحوله عالم من الناس فلما قضى حوائجهم وانصرفوا التفت إلى الرجل فقال له من أنت قال أنا قتادة بن دعامة البصري فقال له أبو جعفرعليه‌السلام أنت فقيه أهل البصرة قال نعم فقال له أبو جعفرعليه‌السلام ويحك يا قتادة إن الله جل وعز خلق خلقا من خلقه فجعلهم حججا على خلقه فهم أوتاد في أرضه قوام بأمره نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه قال فسكت قتادة طويلا ثم قال أصلحك الله والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك قال له أبو جعفرعليه‌السلام ويحك أتدري أين أنت أنت بين يدي «بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ. رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ » فأنت ثم ونحن أولئك فقال له قتادة صدقت والله

عشرة أشياء متفق عليها ، وحادي عشر مختلف فيه ، وهي الصوف ، والشعر والوبر ، والريش فإن جز فهو طاهر ، وإن قلع غسل أصله المتصل بالميتة ، لاتصاله برطوبتها والقرن ، والظلف ، والسن ، والعظم ، وهذه مستثناة من جهة الاستعمال ، أما الأكل فالظاهر جواز ما لا يضر منها بالبدن ، للأصل ، والبيض إذا اكتسى القشر الأعلى الصلب ، وإلا كان بحكمها.

والإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء والحاء المهملة ، وقد يكسر الفاء قال في

٥١

جعلني الله فداك والله ما هي بيوت حجارة ولا طين قال قتادة فأخبرني عن الجبن قال فتبسم أبو جعفرعليه‌السلام ثم قال رجعت مسائلك إلى هذا قال ضلت علي فقال لا بأس به فقال إنه ربما جعلت فيه إنفحة الميت قال ليس بها بأس إن الإنفحة ليس لها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم إنما تخرج «مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ » ثم قال وإنما الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة فهل تؤكل تلك البيضة فقال قتادة لا ولا آمر بأكلها فقال له أبو جعفرعليه‌السلام ولم فقال لأنها من الميتة قال له فإن حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة أتأكلها قال نعم قال فما حرم عليك البيضة وحلل لك الدجاجة ثم قالعليه‌السلام فكذلك الإنفحة مثل البيضة فاشتر الجبن من أسواق المسلمين من أيدي المصلين ولا تسأل عنه إلا أن يأتيك من يخبرك عنه

القاموس : هو شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر ، فيعصر في صوفه فيغلظ كالجبن ، وإذا أكل الجدي فهو كرش ، وظاهر أول التفسير يقتضي كون الإنفحة هي اللبن المستحيل في جوف السخلة ، فيكون من جملة ما لا تحله الحياة.

وفي الصحاح : الإنفحة كرش الحمل والجدي ما لم يأكل ، فإذا أكل فهي كرش ، وقريب منه في الجمهرة ، وعلى هذا فهي مستثناة مما تحله الحياة ، وعلى الأول فهو طاهر وإن لاصق جلد الميت للنص ، وعلى الثاني فما في داخله طاهر قطعا ، وكذا ظاهره بالأصالة ، وهل ينجس بالعرض بملاصقة الميت وجه ، وفي الذكرى : والأولى تطهير ظاهرها ، وإطلاق النص يقتضي الطهارة مطلقا ، نعم يبقى الشك في كون الإنفحة المستثناة هل هي اللبن المستحيل ، أم الكرش؟ بسبب اختلاف أهل اللغة ، والمتيقن منه ما في داخله ، لأنه متفق عليه ، واللبن في ضرع الميتة على قول مشهور بين الأصحاب ، ومستنده روايات صحيحة بعضها.

قولهعليه‌السلام : « ولا تسأل عنه » لعل هذا كلام على سبيل التنزل أو لرفع ما يتوهم فيه ، من سائر أسباب التحريم كعمل المجوس له ونحو ذلك.

٥٢

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس عنهم عليهم السلام قالوا خمسة أشياء ذكية مما فيها منافع الخلق الإنفحة والبيضة والصوف والشعر والوبر لا بأس بأكل الجبن كله مما عمله مسلم أو غيره وإنما يكره أن يؤكل سوى الإنفحة مما في آنية المجوس وأهل الكتاب لأنهم لا يتوقون الميتة والخمر.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن الحسين بن زرارة قال كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام وأبي يسأله عن اللبن من الميتة والبيضة من الميتة وإنفحة الميتة فقال كل هذا ذكي قال فقلت له فشعر الخنزير يعمل حبلا ويستقى به من البئر التي يشرب منها أو يتوضأ منها قال لا بأس به وزاد فيه علي بن عقبة وعلي بن الحسن بن رباط قال والشعر والصوف كله ذكي.

٤ ـ وفي رواية صفوان ، عن الحسين بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الشعر والصوف والوبر والريش وكل نابت لا يكون ميتا قال وسألته عن البيضة تخرج من بطن الدجاجة الميتة قال : تأكلها.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللبأ والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شيء يفصل من الشاة والدابة فهو ذكي وإن أخذته منها بعد أن تموت فاغسله وصل فيه

الحديث الثاني : مجهول. وظاهره طهارة أهل الكتاب.

الحديث الثالث : مجهول.

ويدل ظاهرا إما على عدم تنجس البئر والقليل ، أو على عدم نجاسة ما لا تحله الحياة من نجس العين ، كما ذهب إليه السيد المرتضىرحمه‌الله ، وحمل المشهور على ما إذا لم يصل الشعر إلى الماء ، أو على أن المعنى أن تنجيس البئر ليس بحرام ، وإن كانت بئرا يشرب منها ويتوضأ إذا كان السقي لشيء لا يشترط فيه الطهارة ، كالزراعة وسقي الدواب ونحوهما ، ولا يخفى بعدهما.

الحديث الرابع : مجهول.

الحديث الخامس : حسن. و اللبأ كضلع أول اللبن.

٥٣

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يحيى ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في بيضة خرجت من است دجاجة ميتة فقال إن كانت البيضة اكتست الجلد الغليظ فلا بأس بها.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا ، عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال كتبت إليه عليه السلام أسأله عن جلود الميتة التي يؤكل لحمها إن ذكي فكتب لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب وكل ما كان من السخال من الصوف إن جز والشعر والوبر والإنفحة والقرن ولا يتعدى إلى غيرها إن شاء الله.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عاصم بن حميد ، عن علي بن أبي المغيرة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام جعلت فداك الميتة ينتفع منها بشيء فقال لا قلت بلغنا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مر بشاة ميتة فقال ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها قال تلك شاة كانت لسودة بنت زمعة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا بإهابها أي تذكى

قولهعليه‌السلام « فاغسله » أي إذا أخذ نتفا لنجاسة موضع الملاقاة.

الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : مجهول.

ويظهر من كتب الرجال أن المختار بن هلال بن المختار يروي عن فتح ، وعلى التقادير مجهول.

قولهعليه‌السلام « وكل ما كان » خبره محذوف ، أي ينتفع به.

الحديث الثامن : صحيح.

لأن العلامة وابن داود وثقا علي بن أبي المغيرة ، وربما يعد مجهولا لأن الظاهر اشتباههما من كلام النجاشي في ترجمة الحسن ابنه ، وهو لا يدل إلا على

٥٤

(باب)

(أنه لا يحل لحم البهيمة التي تنكح)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن البهيمة التي تنكح فقال حرام لحمها وكذلك لبنها.

(باب)

(في لحم الفحل عند اغتلامه)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أكل لحم الفحل وقت اغتلامه.

(باب)

(اختلاط الميتة بالذكي)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن

توثيق الابن كما لا يخفى على من راجع إليه.

باب أنه لا يحل لحم البهيمة التي تنكح

الحديث الأول : ضعيف على المشهور ، وعليه الفتوى.

باب في لحم الفحل عند اغتلامه

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وحمل على الكراهة ، وقال الفيروزآبادي : الغلمة بالضم شهوة الضراب ، وقد غلم البعير بالكسر غلمة واغتلم : إذا هاج من ذلك.

باب اختلاط الميتة بالذكي

الحديث الأول : حسن.

٥٥

أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل كانت له غنم وبقر وكان يدرك الذكي منها فيعزله ويعزل الميتة ثم إن الميتة والذكي اختلطا فكيف يصنع به فقال يبيعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه فإنه لا بأس به.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن الحلبي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إذا اختلط الذكي والميتة باعه ممن يستحل الميتة ويأكل ثمنه.

وقال المحقق في الشرائع : إذا اختلط الذكي بالميت ، وجب الامتناع منه حتى يعلم بعينه ، وهل يباع ممن يستحل الميتة؟ قيل : نعم. وربما كان حسنا إن قصد بيع المذكى حسب.

وقال في المسالك : لا إشكال في وجوب الامتناع منه ، والقول ببيعه على مستحل الميتة للشيخ في النهاية ، وتبعه ابن حمزة والعلامة في المختلف ، ومال إليه المصنف مع قصده لبيع المذكى ، والمستند صحيحة الحلبي وحسنته ، ومنع ابن إدريس من بيعه والانتفاع به مطلقا ، لمخالفته لأصول المذهب ، والمصنف وجه الرواية ببيع المذكى حسب ، ويشكل بكون المبيع مجهولا ، وأجاب في المختلف بأنه ليس بيعا حقيقة ، بل هو استنقاذ مال الكافر من يده ، ويشكل بأن مستحل الميتة أعم ممن يباح ماله ، والأولى إما العمل بمضمون الرواية لصحتها ، أو اطراحها لمخالفتها للأصول ، ومال الشهيد في الدروس إلى عرضه على النار ، واختباره بالانبساط والانقباض ، كما سيأتي في اللحم المطروح المشتبه ، ويضعف مع تسليم الأصل ببطلان القياس مع الفارق.

الحديث الثاني : صحيح.

٥٦

(باب)

(آخر منه)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن إسماعيل بن عمر ، عن شعيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل دخل قرية فأصاب بها لحما لم يدر أذكي هو أم ميت قال يطرحه على النار فكل ما انقبض فهو ذكي وكل ما انبسط فهو ميت.

(باب)

(الفأرة تموت في الطعام والشراب)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : إذا وقعت الفأرة في السمن فماتت فيه فإن كان جامدا فألقها وما

باب آخر منه

الحديث الأول : ضعيف.

وقال في المسالك : هذا القول هو المشهور خصوصا بين المتقدمين ، وقال الشهيد في الشرح لم أجد أحدا خالف فيه إلا المحقق في الشرائع والفاضل ، فإنهما أورداه بلفظ قيل المشعر بالضعف ، مع أن المحقق وافقهم في النافع ، وفي المختلف لم يذكرها من مسائل الخلاف ، ولعله لذلك استدل بعضهم عليه بالإجماع ، قال الشهيد : وهو غير بعيد ، ويؤيده موافقة ابن إدريس عليه ، والأصل فيه رواية شعيب ، وظاهر الرواية أنه لا يحكم بحل اللحم وعدمه باختبار بعضه ، بل لا بد من اختبار كل قطعة منه على حدة.

باب الفأرة تموت في الطعام والشراب

الحديث الأول : حسن.

ولا خلاف في جواز الاستصباح بالمتنجس ، وفي عدم جواز استعمال الدهن المأخوذ من الميتة مطلقا ، وهل يختص الجواز بكونه تحت السماء أم يجوز تحت الظلال؟ المشهور هو الأول ، بل ادعى عليه ابن إدريس الإجماع ، ولا يعلم لهم

٥٧

يليها وكل ما بقي وإن كان ذائبا فلا تأكله واستصبح به والزيت مثل ذلك.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له جرذ مات في سمن أو زيت أو عسل فقالعليه‌السلام أما السمن والعسل فيؤخذ الجرذ وما حوله والزيت يستصبح به.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أمير المؤمنينعليه‌السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة قال يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل.

٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن النعمان ، عن سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الفأرة والكلب يقع في السمن والزيت ثم يخرج منه حيا فقال لا بأس بأكله.

دليل ، والأخبار مطلقة ، ومن ثم ذهب الشيخ في المبسوط إلى جواز الاستصباح به تحت الظلال على كراهية ، وكذلك أطلق ابن الجنيد ، وهو أقوى ، وكذا المشهور جواز بيعه مع إعلام المشتري بنجاسته.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قال في الدروس : لو وقع في القدر نجاسة غير الدم كالخمر لم يطهر بالغليان إجماعا ويحرم المرق ، وهل يحل الجامد كاللحم ، والتوابل مع الغسل! المشهور ذلك سواء كان الخمر قليلا أو كثيرا ، وقال القاضي : لا يؤكل منه شيء مع كثرة الخمر ، واحتاط بمساواة القليل له ، ولعله نظر إلى مسألتي الطحال ، والسمك ، وليس بذلك البعيد.

الحديث الرابع : صحيح.

وروى الشيخ في التهذيب هذا الخبر من الحسين بن سعيد عن علي بن النعمان عن الأعرج ، وليس فيه ذكر الكلب ولعله من سهو النساخ.

٥٨

(باب)

(اختلاط الحلال بغيره في الشيء)

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وقد قال سئل عن الجري يكون في السفود مع السمك فقال يؤكل ما كان فوق الجري ويرمى ما سال عليه الجري قال وسئل عليه السلام عن الطحال في سفود مع اللحم وتحته خبز وهو الجوذاب أيؤكل ما تحته قال نعم يؤكل اللحم والجوذاب ويرمى بالطحال لأن الطحال في حجاب لا يسيل منه فإن كان الطحال مثقوبا أو مشقوقا فلا تأكل مما يسيل عليه الطحال

باب اختلاط الحلال بغيره في الشيء

الحديث الأول : موثق.

قال في الصحاح : السفود بالتشديد : الحديدة التي يشوي بها اللحم ، وقال في الدروس : روى عمار عن الصادقعليه‌السلام في الجري مع السمك في سفود بالتشديد مع فتح السين ، يؤكل ما فوق الجري ، ويرمي ما سال عليه ، وعليها ابنا بابويه ، وطرد الحكم في مجامعة ما يحل أكله لما يحرم ، قال الفاضل الأسترآبادي : لم يعتبر علماؤنا ذلك ، والجري طاهر والرواية ضعيفة السند ، وقال : إذا شوي الطحال مع اللحم فإن لم يكن مثقوبا أو كان واللحم فوقه فلا بأس ، وإن كان مثقوبا واللحم تحته حرم ما تحته من لحم وغيره ، وقال الصدوق : إذا لم يثقب يؤكل اللحم إذا كان أسفل ، ويؤكل الجوذاب وهو الخبز انتهى.

ولعل المراد بالجوذاب هنا الخبز المثرود تحت الطحال ، واللحم للذين على السفود ، وفي القاموس : الجوذاب بالضم : طعام من سكر وأرز ولحم.

٥٩

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس عنهم عليهم السلام قال سئل عن حنطة مجموعة ذاب عليها شحم الخنزير قال إن قدروا على غسلها أكلت وإن لم يقدروا على غسلها لم تؤكل وقيل تبذر حتى تنبت.

(باب)

(طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن طعام أهل الكتاب وما يحل منه قال الحبوب.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن طعام أهل الكتاب وما يحل منه قال الحبوب.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عيص بن القاسم.

الحديث الثاني : مجهول.

والظاهر أن « قيل » كلام يونس.

باب طعام أهل الذمة ومؤاكلتهم وآنيتهم

الحديث الأول : موثق.

ويدل على تحريم ذبائح أهل الكتاب.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : صحيح.

وظاهره طهارة أهل الكتاب ، والمشهور بين الأصحاب نجاسة الكفار مطلقا ، ونسب إلى ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد في المسائل الغروية ، والشيخ في النهاية القول بطهارة أهل الكتاب ، والظاهر أن الأخبار الدالة على طهارتهم محمولة

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

واحد.

مسألة ٤٧٣ : والضمان ثابت بالكتاب والسنّة والإجماع.

قال الله تعالى :( وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ) (١) قال ابن عباس : الزعيم الكفيل(٢) .

لا يقال : هذه الآية لا يصحّ لكم الاستدلال بها ؛ لأنّ حمل البعير مجهول. ولأنّها جعالة. ولأنّه حكاية عن منادي يوسفعليه‌السلام ، ولا يلزمنا شرعه.

لأنّا نقول : حمل البعير معروف عندهم ، ولهذا سمّوه وسقاً ، وعلّق عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نصاب الغلّات ، فقال : « ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة »(٣) .

وأمّا الجعالة فنمنع بطلان الكفالة بها ؛ لأنّها تؤول إلى اللزوم.

سلّمنا عدم جواز الضمان فيها ، لكن اللفظ اقتضى جواز الكفالة وجوازها بالجعالة ثمّ قام دليل على أنّ الجعالة لا يتكفّل بها ، وهذا الدليل لا ينفي مقتضى اللفظ عن ظاهره.

وأمّا شرع مَنْ قبلنا فقد قيل(٤) : إنّه يلزمنا إذا لم يدلّ دليلٌ على إنكاره ، وليس هنا ما يدلّ على إنكار الكفالة ، فيكون ثابتاً في حقّنا.

____________________

(١) يوسف : ٧٢.

(٢) صحيفة علي بن أبي طلحة : ٢٩٤ / ٦٦١ ، جامع البيان ( تفسير الطبري ) ١٣ : ١٤ ، المغني والشرح الكبير ٥ : ٧٠.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢١ ، المصنّف - لابن أبي شيبة - ٣ : ١٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ١١٨ / ٨٩٦٨ ، و ٤٦٥ / ١١١٨١.

(٤) لم نتحقّق القائل.

٢٨١

وأيضاً قوله تعالى :( سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ ) (١) .

وأمّا السنّة : فقد روى العامّة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطب يوم فتح مكة(٢) وقال(٣) في خطبته : « العارية مؤدّاة ، والمنحة مردودة ، والدَّيْن مقضيّ ، والزعيم غارم »(٤) .

وعن أبي سعيد قال : كُنّا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة فلمّا وُضعت قال : « هل على صاحبكم من دَيْن؟ » قالوا : نعم ، درهمان ، قال : « صلّوا على صاحبكم » فقال عليّعليه‌السلام : « هُما علَيَّ يا رسول الله وأنا لهما ضامن » فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّى عليه ثمّ أقبل على عليّعليه‌السلام فقال : « جزاك الله عن الإسلام خيراً ، فكّ الله رهانك كما فككت رهان أخيك »(٥) .

وعن جابر بن عبد الله أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يصلّي على رجل عليه دَيْن ، فأُتي بجنازة فقال : « هل على صاحبكم دَيْنٌ؟ » فقالوا : نعم ، ديناران ، فقال : « صلّوا على صاحبكم » فقال أبو قتادة : هُما علَيَّ يا رسول الله ، قال :

فصلّى عليه ، قال : فلمّا فتح الله على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، مَنْ ترك مالاً فلورثته ، ومَنْ ترك دَيْناً فعلَيَّ »(٦) .

وعن سلمة بن الأكوع أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أُتي برجل ليصلّي عليه ، فقال :

____________________

(١) القلم : ٤٠.

(٢) في المصادر : « حجّة الوداع » بدل « يوم فتح مكة ». وما في المتن كما في المبسوط - للطوسي - ٢ : ٣٢٢.

(٣) في « ث » والطبعة الحجريّة : « فقال » بدل « وقال ».

(٤) سنن الترمذي ٤ : ٤٣٣ / ٢١٢٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٤٠ - ٤١ / ١٦٦ ، مسند أحمد ٦ : ٣٥٨ / ٢١٧٩١ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٨ : ١٦٠ / ٧٦١٥.

(٥) المغني ٥ : ٨٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٣ ، ونحوه عن عاصم بن ضمرة عن عليّعليه‌السلام في سنن الدار قطني ٣ : ٤٦ - ٤٧ / ١٩٤ ، وسنن البيهقي ٦ : ٧٣.

(٦) سنن النسائي ٤ : ٦٥ - ٦٦ ، سنن البيهقي ٦ : ٧٣.

٢٨٢

« هل عليه دَيْنٌ؟ » قالوا : نعم ، ديناران ، فقال : « هل ترك لهما وفاءً؟ » قالوا : لا ، فتأخّر فقيل : لِمَ لا تصلّي عليه؟ فقال : « ما تنفعه صلاتي وذمّته مرهونة إلّا قام أحدكم فضمنه » فقال أبو قتادة : هُما علَيَّ يا رسول الله ، فصلّى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عليه(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه عيسى بن عبد الله قال : احتضر عبد الله ابن الحسن ، فاجتمع عليه غرماؤه فطالَبوه بدَيْنٍ لهم ، فقال : ما عندي ما أُعطيكم ولكن ارضوا بمن شئتم من بني عمّي : عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أو عبد الله بن جعفر ، فقال الغرماء : أمّا عبد الله بن جعفر فمليّ مطول ، وعليّ ابن الحسين رجل لا مال له صدوق ، وهو أحبّهما إلينا ، فأرسل إليه فأخبره الخبر ، فقال : « أضمن لكم المال ولي غلّة » ولم تكن له غلّة كملاً(٢) ، فقال القوم : قد رضينا وضمّنوه ، فلمّا أتت الغلّة أتاح الله له بالمال فأدّاه(٣) .

وعن عطاء عن الباقرعليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك ، إنّ علَيَّ دَيْناً إذا ذكرته فسد علَيَّ ما أنا فيه ، فقال : « سبحان الله أَوَما بلغك أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في خطبته : مَنْ ترك ضياعاً فعلَيَّ ضياعه ، ومَنْ ترك دَيْناً فعلَيَّ دَيْنه ، ومَنْ ترك مالاً فلله(٤) ، وكفالة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ميّتاً ككفالته حيّاً ، وكفالته حيّاً ككفالته ميّتاً؟ » فقال الرجل : نفّست عنّي جعلني الله فداك(٥) .

وقد أجمع المسلمون كافّة على جوازه وإن اختلفوا في فروعه.

____________________

(١) المغني ٥ : ٧٠ - ٧١ ، وفيه : « إلّا أن قام » وفي صحيح البخاري ٣ : ١٢٦ ، وسنن النسائي ٤ : ٦٥ ، وسنن البيهقي ٦ : ٧٢ مختصراً.

(٢) في الكافي : « تجمّلاً » بدل « كملاً ». وكلتاهما لم ترد في التهذيب.

(٣) الكافي ٥ : ٩٧ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٢١١ / ٤٩٥ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٤) في المصدر : « فآكله » بدل « فلله ».

(٥) التهذيب ٦ : ٢١١ / ٤٩٤.

٢٨٣

إذا عرفت هذا ، فقد نقل العلماء(١) أنّ امتناع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الصلاة على المديونين [ كان ](٢) في ابتداء الإسلام ، ولم يكنصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي على مَنْ لا يخلّف وفاءً عن ديونه ؛ لأنّ صلاته عليه شفاعة موجبة للمغفرة ، ولم يكن حينئذٍ في الأموال سعة ، فلمّا فتح الله تعالى الفتوح قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم »(٣) وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته : « مَنْ خلّف مالاً أو حقّاً فلورثته ، ومَنْ خلّف كَلّاً أو دَيْناً فكلّه إلَيَّ ودَيْنه علَيَّ » قيل : يا رسول الله وعلى كلّ إمام بعدك؟ قال : « وعلى كلّ إمام بعدي »(٤) .

إذا عرفت هذا ، فأركان الضمان خمسة.

البحث الثاني : في أركان الضمان.

أركان الضمان خمسة :

أ : المضمون عنه.

ب : المضمون له.

ج : الضامن.

د : المال المضمون.

ه : الصيغة.

فالنظر هنا يتعلّق بأُمور خمسة :

النظر الأوّل : في صيغة الضمان.

مسألة ٤٧٤ : لا بدّ في الضمان من صيغةٍ تدلّ على الالتزام‌ ، مثل :

____________________

(١) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٤.

(٢) إضافة يقتضيها السياق.

(٣ و ٤) كما في العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٤.

٢٨٤

ضمنت لك ما لك على فلان ، أو : تكفّلت به ، أو : تحمّلته ، أو : تقلّدته ، أو : التزمته ، أو : أنا بهذا المال ضمين ، أو كفيل ، أو ضامن ، أو زعيم ، أو حميل ، أو قبيل.

وقال بعض الشافعيّة : لفظ القبيل ليس بصريح في الضمان(١) .

وقال أبو حنيفة(٢) كما قلناه من أنّه صريح فيه.

ولو قال : دَيْن فلان علَيَّ ، فهو ضامن.

ولو قال : دَيْن فلان إلَيَّ ، ففيه للشافعيّة وجهان(٣) .

ولو قال : أُؤدّي المال أو أُحضره(٤) ، فهذا ليس بالتزامٍ ، وإنّما هو وَعْدٌ.

مسألة ٤٧٥ : لا يكفي في الضمان الكتابة مع القدرة‌ ، ولا بدّ من النطق صريحاً ، فإن عجز وكتب [ أو ](٥) فَعَل من الإشارة ما يدلّ على الرضا بالضمان ، ثبت ، وإلّا فلا ؛ لإمكان العبث.

ولا فرق بين أن يكون الكاتب غائباً أو حاضراً.

ولو عجز عن النطق والكتابة وأشار بما يدلّ عليه ، صحّ ، كالأخرس.

ولو قيل له : ضمنتَ عن فلان أو تحمّلتَ عنه دَيْنه ، فقال : نعم ، كفى في الإيجاب ؛ لأنّ « نعم » في تقدير إعادة المسئول عنه.

مسألة ٤٧٦ : يشترط في الضمان التنجيز‌ ، فلو علّقه بمجي‌ء الشهر أو‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٢) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٣٧ ، المبسوط - للسرخسي - ١٩ : ١٦٨ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٨٧ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٢٧١.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٢.

(٤) أي : أُحضر الشخص.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « و». والظاهر ما أثبتناه.

٢٨٥

قدوم زيد ، لم يصح.

وكذا لو شرط الضامن الخيار لنفسه ، كان باطلاً ؛ لأنّه ينافي مقصود(١) الضمان ، فإنّ(٢) الضامن على يقين من الغرر(٣) .

ولو شرط الخيار للمضمون له ، لم يضر ؛ لأنّ للمضمون له الخيار في الإبراء والمطالبة أبداً ، سواء شرط له أو لا ، وكذا الكفالة ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال أبو حنيفة : إنّ شرط الخيار لا يُبطلهما ، لكنّه يلغو(٥) .

ولو قال : إن لم يؤدّ إليك غداً فأنا ضامن ، لم يصح عندنا - وبه قال الشافعي(٦) - لأنّه عقد من العقود ، فلا يقبل التعليق ، كالبيع ونحوه - وقال أبو حنيفة : لو قال رجلٌ لآخَر : إن لم يعطك فلان مالك فهو علَيَّ ، فتقاضاه صاحب المال فلم يعطه المديون شيئاً ساعة تقاضاه ، لزم الكفيل ؛ استحساناً(٧) - وكما أنّ عقد الضمان لا يقبل التأقيت [ بأن يقول : ](٨) أنا ضامن إلى شهر فإذا مضى ولم أغرم فأنا بري‌ء.

وقال ابن سريج : إذا جاز على القديم للشافعي ضمان المجهول أو ما لم يجب ، جاز التعليق ؛ لأنّ من ضرورة الضمان قبل الوجوب تعليق‌

____________________

(١) في « ث ، ر » والطبعة الحجريّة : « مقتضى » بدل « مقصود ».

(٢) في النسخ الخطّيّة : « لأنّ » بدل « فإنّ ».

(٣) كذا ، والظاهر : « الغُرْم ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٧) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهنديّة ٣ : ٦٠.

(٨) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فلو قال ». والصحيح ما أثبتناه.

٢٨٦

مقصوده بالوجوب. وبه قال أبو حنيفة(١) .

وقال الجويني : ويجي‌ء في تعليق الإبراء القولان بطريق الأولى ، فإنّ الإبراء إسقاط. قال : وكان لا يمتنع(٢) من جهة القياس المسامحة به في الجديد أيضاً ؛ لأنّ سبب امتناع التعليق في العقود(٣) المشتملة على الإيجاب والقبول خروج الخطاب والجواب بسببه عن النظم اللائق بهما ، فإذا لم يشترط القبول فيه ، كان بمثابة الطلاق والعتاق(٤) .

وكلّ هذا عندنا باطل ، فإن التعليق في الضمان والإبراء مبطل لهما ؛ عملاً بالاستصحاب.

مسألة ٤٧٧ : إذا قال له : إذا بعت عبدك من فلان بألف فأنا ضامن للثمن ، فباعه بألف ، لم يصح الضمان عندنا‌ ؛ لأنّه ضمان ما لم يجب ، وسيأتي بطلانه.

ولو باعه بألفين ، فكذلك.

ومَنْ جوَّز التعليق جوَّز في الأوّل.

وقال أبو يوسف في الثاني : إنّه يصير ضامناً لألف ؛ لأنّ مقصود الضامن أنّ الزيادة على الألف غير ملتزم ، ولا غرض له في قدر الثمن(٥) .

وقال بعض الشافعيّة : إنّه وجهٌ لهم(٦) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « إسقاط مال ، وكان لا يمنع ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الصور » بدل « العقود ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٢٨٧

وقال ابن سريج من الشافعيّة : لا يكون ضامناً لشي‌ء ؛ لأنّ الشرط - وهو البيع بالألف - لم يتحقّق(١) .

ولو باعه بخمسمائة ، ففي كونه ضامناً لها للشافعيّة الوجهان(٢) .

ولو قال : إذا أقرضه عشرة فأنا ضامن لها ، فأقرضه خمسة عشر ، لم يصح الضمان عندنا ؛ لتعليقه على الشرط ، وهو أحد قولي الشافعي ، وعلى الآخَر : يصحّ(٣) .

ويضمن عشرة على الوجهين سواء قلنا : إنّه إذا قال : إذا بعته بألف فأنا ضامن للثمن فباعه بألفين ، يبطل الضمان ؛ لفقدان الشرط ، أو قلنا : إنّه يصحّ ضمان الألف خاصّةً.

والفرق : أنّ مَن اقترض خمسة عشر فقد اقترض عشرة ، وأمّا البيع بخمسة عشر فليس بيعاً بعشرة.

ولو أقرضه خمسة ، فعن ابن سريج : تسليم كونه ضامناً لها(٤) .

قال الجويني : وهو خلاف قياسه ؛ لأنّ الشرط لم يتحقّق(٥) .

مسألة ٤٧٨ : لو ضمن الدَّيْن الحالّ حالّاً أو أطلق ، لزمه الدَّيْن حالّاً. وإن ضمن الدَّيْن المؤجَّل مؤجَّلاً بذلك الأجل أو أطلق ، لزمه كذلك.

وإن ضمن الحالّ مؤجَّلاً إلى أجل معلوم ، صحّ الضمان والأجل عندنا ؛ لأنّ الضمان تبرّع ، فيحتمل فيه اختلاف الدَّيْنين في الكيفيّة للحاجة.

ولأنّ فيه الجمع بين المصالح ، فإنّ صاحب الحقّ قد انتقل حقّه إلى ذمّة أوفى ، والضامن ارتفق بتأخير الحقّ عليه ، وكذا المضمون عنه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة.

____________________

(١ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٣.

٢٨٨

وفي الثاني : أنّه لا يصحّ الضمان ؛ لأنّ الملتزم مخالف لما على الأصيل(١) .

فعلى الأوّل يثبت الأجل ، ولا يطالب الضامن إلّا بعد حلول الأجل ، ولا نقول : التحق الأجل بالدَّيْن الحالّ ، وإنّما ثبت عليه مؤجَّلاً ابتداءً.

ولا استبعاد عند الشافعيّة في الحلول في حقّ الأصيل دون الكفيل ، كما لو مات الأصيل وعليه الدَّيْن المؤجَّل(٢) .

هذا قول بعضهم(٣) .

وادّعى الجويني إجماع الشافعيّة على أنّ الأجل لا يثبت(٤) .

وهل يفسد الضمان بفساد هذا الشرط؟ عندهم وجهان ، أظهرهما : الفساد(٥) .

وقد بيّنّا أنّ الحقّ عندنا صحّة الضمان والأجل ؛ لقولهعليه‌السلام : « المؤمنون عند شروطهم »(٦) وقوله تعالى :( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (٧) والضامن عَقَد مؤجَّلاً ، فلا يثبت عليه إلاّ كذلك.

تذنيب : لو كان الدَّيْن مؤجَّلاً إلى شهر فضمنه مؤجَّلاً إلى شهرين ، فهو كما لو ضمن الحالّ مؤجَّلاً.

وعلى قولنا بصحّة الضمان والشرط ليس لصاحب المال مطالبة الضامن قبل الأجل ، ولا مطالبة المضمون عنه ؛ لأنّ الدَّيْن عندنا قد سقط‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩.

(٣ - ٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٦) التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣.

(٧) المائدة : ١.

٢٨٩

عن ذمّته وتحوّل إلى ذمّة الضامن على ما يأتي.

وأمّا الشافعي فإنّه جوَّز على تقدير صحّة الضمان المؤجَّل مطالبةَ المضمون عنه معجَّلاً - بناءً على أصله من أنّ الضمان غير ناقلٍ ، بل هو مقتضٍ لتشريك الذمّتين بالدَّيْن(١) - وليس له مطالبة الضامن معجَّلاً(٢) .

مسألة ٤٧٩ : لو كان الدَّيْن مؤجَّلاً فضمنه الضامن حالّاً والتزم التبرّع بالتعجيل ، صحّ الضمان عندنا‌ ، كما يصحّ ضمان الحالّ مؤجَّلاً ، وكان عليه أداء المال في الحال كأصل الضمان ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّه لا يصحّ الضمان ؛ لأنّ الضامن فرع المضمون عنه ، فلا يستحقّ مطالبته دون أصيله.

والثالث لهم : أنّه يصحّ الضمان ، ويكون مؤجَّلاً كأصله ، ولا يلزم الضامن تبرّعه بالتعجيل ، كما لو التزم الأصيل التعجيل لم يلزمه ، فكذا الضامن. ولأنّ الضامن فرع الأصيل ، فينبغي أن يكون ما لزمه مضاهياً لما على الأصيل(٣) .

فعلى هذا القول هل يثبت الأجل في حقّه مقصوداً أم تبعاً لقضاء حقّ المشابهة؟ للشافعيّة وجهان(٤) .

وتظهر فائدتهما فيما لو مات الأصيل والحال هذه.

____________________

(١) مختصر المزني : ١٠٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٣٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٨ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٥٥ ، المغني ٥ : ٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٩٥.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٥٧ - ٥٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٤.

٢٩٠

وعَكَس بعض الشافعيّة الترتيبَ ، فقال : في صحّة شرط التعجيل وجهان ، فإن فسد ففي إفساده الضمانَ وجهان(١) .

تذنيب : لو ضمن المؤجَّل إلى شهرين مؤجَّلاً إلى شهر ، فهو كما لو ضمن المؤجَّل حالّاً‌. وعلى قولنا يصحّ ، ويكون لصاحب المال مطالبة الضامن بالمال بعد شهر ، وليس له مطالبة المضمون عنه بشي‌ء.

آخَر (٢) : على قولنا : إنّه يصحّ ضمان المؤجَّل حالّاً إذا أدّى الضامن المال إلى صاحبه‌ ، لم يكن له مطالبة المضمون عنه إلّا عند الأجل إن أذن له في مطلق الضمان.

ولو أذن له في الضمان عنه معجَّلاً ، ففي حلوله عليه إشكال ، أقربه : عدم الحلول أيضاً.

مسألة ٤٨٠ : لو ضمن رجل عن غيره ألفاً وشرط المضمون له أن يدفع إليه الضامن أو المضمون عنه كلّ شهر درهماً لا يحسبه من مال الضمان ، بطل الشرط إجماعاً.

وهل يبطل الضمان؟ الأقوى عندي : بطلانه ؛ بناءً على أنّ كلّ شرطٍ فاسد تضمّنه عقدٌ فإنّ العقد يبطل ببطلانه ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : لا يبطل الضمان ببطلان هذا الشرط(٣) .

مسألة ٤٨١ : لو ضمن دَيْناً أو كفل بدن إنسان ثمّ ادّعى أنّه كفل وضمن ولا حقّ على المضمون عنه أو المكفول به ، فالقول قول المضمون له‌ والمكفول له ؛ لأنّ الضمان والكفالة إنّما يصحّان بعد ثبوت الحقّ على‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٦٩.

(٢) في « ث ، ج » والطبعة الحجريّة : « تذنيب » بدل « آخَر ».

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

٢٩١

المضمون والمكفول.

وهل يحلف المضمون له والمكفول له؟ الأقرب عندي : اليمين ؛ لأنّه منكر لدعوى لو صدق فيها لبطلت دعواه.

وللشافعيّة(١) وجهان(٢) .

فإن قلنا باليمين فنكل ، حلف الضامن والكفيل ، وسقطت المطالبة عنهما.

ولو أقرّ الضامن بأنّه قد ضمن على شرط أو كفل عليه ، فأنكر صاحب الحقّ الشرطَ ، فالقول قول صاحب الحقّ مع اليمين ؛ لصحّة الضمان في نفس الأمر ، وأصالة عدم الشرط.

وقالت الشافعيّة : إنّ هذا مبنيّ على أنّ الإقرار هل يتبعّض أم لا؟ فإن قيل بالتبعيض ، فالقول قول المضمون له. وإن قلنا : لا يتبعّض ، فالقول قول الضامن(٣) .

ولو ادّعى الكفيل أنّ المكفول برئ من الحقّ وارتفعت الكفالة ، وأنكر المكفول له ، فالقول قول المكفول له مع يمينه ، فإن نكل وحلف الكفيل ، برئ من الكفالة ، ولم يبرأ المكفول بيمين الكفيل.

النظر الثاني : الضامن.

مسألة ٤٨٢ : يشترط في الضامن أن يكون صحيحَ العبارة أهلاً للتبرّع ، فلا يصحّ ضمان الصبي والمجنون ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « رُفع القلم عن ثلاث : عن‌

____________________

(١) في « ث ، ر » والطبعة الحجريّة : « للشافعي ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٥.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٧٠ - ١٧١ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٩٦.

٢٩٢

الصبي حتى يبلغ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى ينتبه »(١) .

ولأنّهما غير مكلّفين ، فلم يكن [ لكلامهما ](٢) حكمٌ.

وكذا لا يصحّ ضمان الساهي والغافل والهازل ، كلّ ذلك لسقوط التكليف في حقّ أكثرهم ، وعدم الوثوق بعبارتهم.

والمغمى عليه(٣) والـمُبَرْسَم - الذي يهذي ويخلط في كلامه - والنائم ؛ لأنّه لا عبرة بصيغتهم الصادرة عنهم ، كغيره من العقود.

ولو ضمن السكران ، لم يصح عندنا ؛ لعدم الوثوق بعبارته.

وللشافعي قولان ، كما في سائر تصرّفاته(٤) .

والأخرسِ(٥) الذي ليس له إشارة مفهومة(٦) ولا كتابة ولا يُعلم أنّه ضمن حتى يصحَّح أو يبطل.

وإن كانت له إشارة مفهومة وعُلم ضمانه بها ، صحّ ، كما في بيعه وسائر تصرّفاته ، وبه قال أكثر العامّة(٧) .

وقال بعض الشافعيّة : لا يصحّ ضمانه ؛ لأنّه لا ضرورة إلى الضمان ، بخلاف سائر التصرّفات(٨) .

وهو خطأ ؛ فإنّ الضرورة لا تصحّح الدلالة الباطلة في نفسها.

ولو ضمن بالكتابة ، فإن حصل معها إشارة مفهومة أنّه قصد‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٩٤ ، وبتفاوت في سنن أبي داوُد ٤ : ١٤١ / ٤٤٠٣.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لكلامهم ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) عطف على قوله : « لا يصحّ ضمان ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٥) عطف على قوله : « لا يصحّ ضمان ».

(٦) كذا قوله : « مفهومة » هنا وفيما يأتي ، والظاهر : « مفهمة ».

(٧) المغني ٥ : ٨٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

٢٩٣

الضمان ، صحّ.

وإن انفردت(١) إشارته المفهومة بالضمان ، صحّ أيضاً.

ولو(٢) انفردت كتابته عن الإشارة [ المفهمة ](٣) للضمان ، لم يصح الضمان ، سواء كان يُحسن الإشارة أو لا ؛ لأنّ الكتابة قد تكون عبثاً أو تجربةً للقلم(٤) أو حكايةَ خطٍّ ، فلم يثبت بها(٥) الضمان.

وللشافعيّة في الكتابة المنفردة عن إشارة مُفهمة(٦) أنّه قصد الضمان وجهان ، أصحّهما عندهم : الصحّة عند وجود القرينة المشعرة بالمقصود(٧) .

ونحن أيضاً نقول بذلك ، وليس النزاع فيه ، بل في مجرّد الكتابة.

وهذا الشرط يقتضي نفي الخلاف ، وأنّ الكتابة المجرّدة غير كافية.

أمّا الناطق فلا يكفي في حقّه الكتابة ما لم يتلفّظ بالعقد.

وللشافعيّة فيه الوجهان(٨) ، كما في الأخرس.

مسألة ٤٨٣ : يشترط في الضامن الملاءة بالمال الذي ضمنه وقت الضمان‌ ، أو علم المضمون له بالإعسار ، فلو ضمن المعسر ولم يعلم المضمون له بإعساره ثمّ ظهر الإعسار ، كان بالخيار [ بين ](٩) فسخ الضمان‌

____________________

(١) في « ر » : « تفرّدت ».

(٢) في « ر » : « وإن » بدل « ولو ».

(٣) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « المفهومة ». والصحيح ما أثبتناه.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « وتجربة القلم ». والظاهر ما أثبتناه.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « به » بدل « بها ». والظاهر ما أثبتناه.

(٦) في « ج » والطبعة الحجريّة : « مفهومة » بدل « مُفهمة ». وما في المتن من « ث ، ر ».

(٧) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

(٩) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « في ». والظاهر ما أثبتناه.

٢٩٤

والرجوع على المضمون عنه ، وبين إجازته والصبر على الضامن إلى زمان قدرته.

ولو علم بإعساره وقت الضمان ورضي به ، لم يكن له بعد ذلك خيار ، ولزمه الضمان.

وكذا يلزمه الضمان لو كان الضامن مليّاً وقت الضمان وتجدّد إعساره قبل الأداء ، وليس للمضمون له حينئذٍ الرجوع على المضمون عنه بشي‌ء.

مسألة ٤٨٤ : لو ادّعى المضمون له أنّ الضامن ضمن بعد البلوغ‌ ، وقال الضامن : بل ضمنت لك قبله ، فإن عيّنا للضمان وقتاً وكان البلوغ غير محتمل فيه ، قُدّم قول الصبي ؛ لحصول العلم بعدم البلوغ ، ولا يمين على الصبي ؛ لأنّها إنّما تثبت في المحتمل.

وإن كان الصغر غير محتمل ، قُدّم قول المضمون له من غير يمينٍ ؛ للعلم بصدقه ، فلا يزال باليمين شكٌّ حاصل.

وإن احتمل الأمران أو لم يعيّنا وقتاً ، فالقول قول الضامن مع يمينه - وبه قال الشافعي(١) - لأصالة عدم البلوغ وقت الضمان ، وعدم ثبوت الحقّ عليه.

وقال أحمد : القول قول المضمون له ؛ لأنّ الأصل صحّة العقد وسلامته ، كما لو اختلفا في شرطٍ مبطل(٢) .

والفرق : أنّ المختلفين في الشرط المفسد يُقدّم فيه قول مدّعي الصحّة ؛ لاتّفاقهما على أهليّة التصرّف ، والظاهر أنّ مَنْ له أهليّة التصرّف‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥ - ٧٦.

(٢) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

٢٩٥

لا يتصرّف إلّا تصرّفاً صحيحاً ، فكان القول قولَ مدّعي الصحّة ؛ لأنّه يدّعي الظاهر ، وهنا اختلفا في أهليّة التصرّف ، وليس مع مَنْ يدّعي الأهليّة ظاهرٌ يستند إليه ، ولا أصل يرجع إليه ، فلا مرجّح لدعواه.

وكذا لو ادّعى أنّه ضمن بعد البلوغ وقبل الرشد ، وادّعى المضمون له أنّه بعد الرشد. وكذا لو ادّعى مَنْ يعتوره الجنون أنّه ضمن حال جنونه ، وادّعى المضمون له أنّ ضمانه في حال إفاقته ؛ فإنّ القول قول الضامن ؛ لما تقدّم.

أمّا لو لم يعهد منه جنونٌ سابق فادّعى أنّه حالة الضمان كان مجنوناً ، فإنّه لا تُسمع دعواه ، وله إحلاف المضمون له إن ادّعى علمه بالجنون.

وأمّا مَنْ يعتاد الشرب فادّعى أنّه حالة الضمان كان سكران ، وادّعى صاحب الحقّ أنّه كان حالة الضمان صاحياً ، فالوجه : تقديم قول الضامن مع اليمين.

ولو لم يعهد منه الشرب ، قُدّم قول المضمون له مع اليمين بانتفاء سكره.

مسألة ٤٨٥ : ولا فرق بين أن يكون الصبي مميّزاً أو غير مميّزٍ في بطلان ضمانه‌ ، ولا بين أن يأذن له الوليّ في الضمان أو لا ، وهو قول الشافعي(١) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّه يصحّ ضمان المميّز بإذن الولي ، كما يصحّ إقراره وتصرّفاته بإذن وليّه(٢)

____________________

(١) مختصر المزني : ١٠٩ ، الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التنبيه : ١٠٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٤ - ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٢) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

٢٩٦

والأصل عندنا ممنوع ، على أنّ الفرق واقع بين الضمان والبيع ؛ فإنّ الضمان التزام مال لا فائدة له فيه ، فلم يصح منه ، كالنذر ، بخلاف البيع.

ولو قلنا بالرواية(١) الدالّة على نفاذ تصرّفه في المعروف إذا بلغ عشراً وكان مميّزاً ، احتُمل جواز الضمان إذا كان في معروفٍ.

مسألة ٤٨٦ : شرطنا في صحّة الضمان كون الضامن أهلاً للتبرّع ، فلا يصحّ ضمان العبد والمحجور عليه لسفهٍ ، فإنّه لو ضمن لم ينفذ ؛ لأنّ الضمان إمّا إقراض إن تعقّبه الرجوع ، وإمّا تبرّع إن لم يثبت الرجوع ، وكلاهما يتبع المحجور عليه لتبذيرٍ منه. ولأنّه إثبات مالٍ في ذمّته ، فلم يصح منه ، كالبيع وغيره ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال بعض العامّة : يصحّ ضمانه ، ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه ؛ لأنّه مكلّف يصحّ إقراره ويتبع به بعد فكّ الحجر عنه ، فكذا ضمانه(٣) .

والفرق : أنّ الإقرار إخبار بحقٍّ سابق ، وجاز أن يكون في ذمّته حقٌّ ، فوجب عليه الاعتراف به بحيث يؤدّي بعد فكّ الحجر عنه ، بخلاف الضمان ، فإنّه تبرّعٌ محض ، فكان ممنوعاً منه ، كسائر التبرّعات.

وقال بعض أصحاب الشافعي : إنّه يصحّ الضمان من المحجور عليه للتبذير ؛ لأنّه إقراض لا محض تبرّع ؛ لأنّ الشافعي قال : إذا ضمن في مرض موته بغير إذن مَنْ عليه الحقّ ، فهو محسوب من ثلثه ، وإن ضمن بإذنه ، فهو محسوب من رأس المال ؛ لأنّ للورثة أن يرجعوا على الأصيل(٤) .

____________________

(١) تقدّم تخريجها في ص ٢٤١ ، الهامش (١)

(٢) الحاوي الكبير ٦ : ٤٦١ ، التنبيه : ١٠٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥ ، المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٣) المغني ٥ : ٧٨ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٥.

٢٩٧

والحقّ ما قلناه ؛ لأنّه وإن لم يكن تبرّعاً(١) فإنّه ممنوع منه ؛ كما مُنع(٢) من البيع وسائر التصرّفات الماليّة.

ولو أذن له الولي في الضمان ، فهو كما لو أذن له في البيع.

وأمّا المحجور عليه للفلس فإنّه يصحّ ضمانه مع رضا المضمون له ، ويتبع به بعد فكّ الحجر ؛ لأنّه من أهل التصرّف ، والحجر عليه في ماله لا في ذمّته ، فأشبه الراهن إذا تصرّف في غير الرهن ، وكما لو اقترض أو اشترى في ذمّته ، فإنّه لا يزاحم الغرماء.

مسألة ٤٨٧ : العبد إن أذن له مولاه في الضمان فضمن ، صحّ‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ الحجر لحقّ السيّد ، فإذا أذن له فيه ، زال الحجر ، وكان كما لو أذن له في الاستدانة فاستدان.

وإن ضمن بغير إذنه ، فإن لم يكن مأذوناً له في التجارة ، فالأقرب عندي : صحّة الضمان ، كما لو استدان بغير إذن سيّده ، ويتبع به بعد العتق ، إلّا أنّ الفرق بين الدَّيْن والضمان : أنّ صاحب المال لو وجد عين ماله ، كان له انتزاعها منه ، والمضمون له ليس له انتزاع المال الذي ضمنه ما دام عبداً ؛ لأنّه مكلّف له قول صحيح ، وإنّما مُنع من التصرّف فيما يتعلّق بسيّده ؛ لاشتماله على ضرر سيّده ، والضمان لا ضرر فيه على السيّد ؛ لأنّه إنّما يطالب به بعد العتق ، فلا يُمنع منه ، ولهذا لو أقرّ بدَيْنٍ في ذمّته ، لزمه الإقرار ، وكان للمُقرّ له أن يتبعه به بعد العتق. ولو أقرّ بالجناية ، لم يُقبل.

لا يقال : في ذلك إضرار بالسيّد ؛ لأنّ السيّد يستحقّ إرث ماله بالولاء إذا أُعتق ، وثبوت الدَّيْن يمنع الإرث.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة : « متبرّعاً ».

(٢) في النسخ الخطّيّة : « يُمنع ».

٢٩٨

لأنّا نقول : حكم الإرث لا يمنع الضمان ، بخلاف حكم الملك ، ولهذا لا يمنع الإقرار ، والملك يمنع الإقرار فيه. وكذا الحُرّ لا يمنع من الضمان لحقّ ورثته.

وهو أحد قولي الشافعيّة.

والثاني لهم : أنّه لا يصحّ ضمانه ؛ لأنّه إثبات مال لآدميّ بعقدٍ ، فلم يصح من العبد بغير إذن سيّده ، كالمهر(١) .

والفرق : أنّ المهر يتعلّق بكسبه ، والنفقة بالسيّد ، فيضرّ به على التقديرين.

والشيخرحمه‌الله مالَ إلى بطلان الضمان ؛ لقوله تعالى :( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٢) (٣) وهو الأصحّ عند الشافعيّة ، وبه قال ابن أبي ليلى والثوري وأبو حنيفة(٤) .

وإن كان مأذوناً له في التجارة ، فحكمه حكم غير المأذون في التجارة في الضمان ، إن ضمن بإذن سيّده ، صحّ إجماعاً. وإن ضمن بغير إذن سيّده ، فالقولان.

وقال أبو ثور : إن كان من جهة التجارة ، جاز. وإن كان من غير ذلك ، لم يجز(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٦ : ٤٥٧ ، التنبيه : ١٠٥ - ١٠٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٦ - ٣٤٧ ، حلية العلماء ٥ : ٤٨ - ٤٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الوجيز ١ : ١٨٣ ، الوسيط ٣ : ٢٣٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦ ، المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦.

(٢) النحل : ٧٥.

(٣) الخلاف ٣ : ٣٢١ ، المسألة ١٥.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦ ، المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦.

(٥) المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٦ - ٧٧.

٢٩٩

مسألة ٤٨٨ : إذا ضمن بإذن سيّده ، صحّ قولاً واحداً.

وهل يتعلّق المال بالذمّة أو الكسب؟ الأقرب : الأوّل ؛ لأنّ ذمّة العبد محلّ الضمان ، فعلى هذا يتبع به بعد العتق ، ولا يجب على السيّد شي‌ء ، ولا يستكسب العبد فيه ، كما لو لم يأذن ، وهو أحد قولي الشافعيّة ؛ لأنّه إنّما أذن له في الالتزام دون الأداء.

وأظهرهما عندهم : أنّه يتعلّق بما يكسبه العبد بعد الإذن ؛ لأنّه ثبت بإذن السيّد ، كما لو أذن لعبده في النكاح ، تتعلّق النفقة والمهر باكتسابه(١) .

وحكى بعض الشافعيّة وجهاً غريباً للشافعيّة : أنّه يتعلّق برقبته ، فيباع فيه(٢) .

وعن أحمد روايتان :

إحداهما : أنّه يتعلّق برقبة العبد.

والثانية - وهي الأظهر عنده - : أنّه يتعلّق بذمّة السيّد(٣) .

هذا إذا لم يكن مأذوناً له في التجارة ، ولو كان مأذوناً له فيها فأذن له في الضمان ، فكالأوّل عندنا ، ويتعلّق بذمّته ؛ لما تقدّم من أنّه أذن له في التزام المال خاصّةً ، دون الأداء.

وللشافعيّة وجهان مرتَّبان على الوجهين في غير المأذون ، وأولى بأن [ لا ](٤) يحال على الذمّة ؛ لإشعار ظاهر الحال بخلافه(٥) .

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٤٧ ، حلية العلماء ٥ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٧ - ١٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧٦.

(٣) المغني ٥ : ٧٩ ، الشرح الكبير ٥ : ٧٧.

(٤) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ١٤٨.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519