مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36008 / تحميل: 3925
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الزاني إذا جلد الحد قال ينفى من الأرض إلى بلدة يكون فيها سنة.

( باب )

( حد الغلام والجارية اللذين يجب عليهما الحد تاما )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن حمزة بن حمران ، عن حمران قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام قلت له متى يجب على الغلام أن يؤخذ بالحدود التامة وتقام عليه ويؤخذ بها فقال إذا خرج عنه اليتم وأدرك قلت فلذلك حد يعرف به فقال إذا احتلم أو بلغ خمس عشرة سنة أو أشعر أو أنبت قبل ذلك أقيمت عليه الحدود التامة وأخذ بها وأخذت له قلت فالجارية متى تجب عليها الحدود التامة وتؤخذ لها ويؤخذ بها قال إن الجارية ليست مثل الغلام إن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم ودفع إليها مالها وجاز أمرها في الشراء والبيع وأقيمت عليها الحدود التامة وأخذ لها بها قال والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج من اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة أو يحتلم أو يشعر أو ينبت قبل ذلك.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن يزيد الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الجارية إذا بلغت تسع سنين ذهب عنها اليتم وزوجت وأقيمت عليها الحدود التامة عليها ولها قال قلت الغلام إذا زوجه أبوه ودخل

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

باب حد الغلام والجارية اللذين يجب عليهما الحد تاما

الحديث الأول : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « إذا تزوجت » لعل المراد حان لها التزويج.

الحديث الثاني : صحيح على الظاهر ، ويحتمل الجهالة للاشتباه في الكناسي.

٣٠١

بأهله وهو غير مدرك أتقام عليه الحدود وهو على تلك الحال قال فقال أما الحدود الكاملة التي يؤخذ بها الرجال فلا ولكن يجلد في الحدود كلها على مبلغ سنه فيؤخذ بذلك ما بينه وبين خمس عشرة سنة ولا تبطل حدود الله في خلقه ولا تبطل حقوق المسلمين بينهم.

( باب )

( الحد في اللواط )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن سنان ، عن العلاء بن الفضيل قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام حد اللوطي مثل حد الزاني وقال إن كان قد أحصن رجم وإلا جلد.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل أتى رجلا قال إن كان محصنا فعليه القتل وإن لم يكن محصنا فعليه الجلد قال فقلت فما على الموطإ قال عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن آبائهعليهم‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لو كان ينبغي لأحد أن يرجم مرتين لرجم

باب الحد في اللواط

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في المسالك : مذهب الأصحاب أن حد اللائط الموقب القتل ليس إلا ، ويتخير الإمام في جهة قتله ، فإن شاء قتله بالسيف ، وإن شاء ألقاه من شاهق ، وإن شاء أحرقه بالنار ، وإن شاء رجمه وورد روايات بالتفصيل بأنه إن كان محصنا رجم ، وإن كان غير محصن جلد ، ولم يعمل بها أحد.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

٣٠٢

اللوطي.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن بكر بن صالح ، عن محمد بن سنان ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام برجل وامرأة قد لاط زوجها بابنها من غيره وثقبه وشهد عليه بذلك الشهود فأمر به أمير المؤمنينعليه‌السلام فضرب بالسيف حتى قتل وضرب الغلام دون الحد وقال أما لو كنت مدركا لقتلتك لإمكانك إياه من نفسك بثقبك.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن يوسف بن الحارث ، عن محمد بن عبد الرحمن العرزمي ، عن أبيه عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليه‌السلام قال أتي عمر برجل وقد نكح في دبره فهم أن يجلده فقال للشهود رأيتموه يدخله كما يدخل الميل في المكحلة فقالوا نعم فقال لعليعليه‌السلام ما ترى في هذا فطلب الفحل الذي نكحه فلم يجده فقال عليعليه‌السلام أرى فيه أن تضرب عنقه قال فأمر به فضربت عنقه ثم قال خذوه فقد بقيت له عقوبة أخرى قالوا وما هي قال ادعوا بطن من حطب فدعا بطن من حطب فلف فيه ثم أخرجه فأحرقه بالنار قال ثم قال إن لله عبادا لهم في أصلابهم

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في الشرائع : موجب الإيقاب القتل على الفاعل والمفعول إذا كان كل منهما بالغا عاقلا ، ويستوي في ذلك الحر والعبد والمسلم والكافر والمحصن وغيره ، ولو لاط بالصبي موقبا قتل البالغ ، وأدب الصبي وكذا لو لاط المجنون.

الحديث الخامس : مجهول.

وقال في القاموس :الطن بالضم حزمة القصب ، وقال :الغدة طاعون الإبل ولا يكون الغدة إلا في البطن ، والغدة السلعة وما بين الشحم والسنام ، وقال الشهيدان (ره) في اللمعة وشرحها : وقتله إما بالسيف أو الإحراق بالنار أو الرجم بالحجارة وإن لم يكن بصفة الزاني المستحق للرجم أو بإلقاء جدار عليه أو بإلقائه من شاهق كجدار رفيع يقتل مثله ، ويجوز الجمع بين اثنين منها أي من هذه الخمسة ،

٣٠٣

أرحام كأرحام النساء قال فما لهم لا يحملون فيها قال لأنها منكوسة في أدبارهم غدة كغدة البعير فإذا هاجت هاجوا وإذا سكنت سكنوا.

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن العباس بن عامر ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الرحمن العرزمي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وجد رجل مع رجل في إمارة عمر فهرب أحدهما وأخذ الآخر فجيء به إلى عمر فقال للناس ما ترون قال فقال هذا اصنع كذا وقال هذا اصنع كذا قال فقال ما تقول يا أبا الحسن قال اضرب عنقه فضرب عنقه قال ثم أراد أن يحمله فقال مه إنه قد بقي من حدوده شيء ـ قال أي شيء بقي قال ادع بحطب قال فدعا عمر بحطب فأمر به أمير المؤمنينعليه‌السلام فأحرق به.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد الجوهري ، عن عبد الصمد بن بشير ، عن سليمان بن هلال ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يفعل بالرجل قال فقال إن كان دون الثقب فالجلد وإن كان ثقب أقيم قائما ثم ضرب بالسيف ضربة أخذ السيف منه ما أخذ فقلت له هو القتل قال هو ذلك.

بحيث يكون أحدهما الحريق والآخر أحد الأربعة بأن يقتل بالسيف أو الرجم أو الرمي به أو عليه ثم يحرق زيادة في الردع.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « هو ذلك » أي هو القتل ولا بد من أن يقتل به ، فالمرادبقوله عليه‌السلام : « أخذ السيف منه ما أخذ » أي موضع وقع عليه السيف أو المعنى أن الحد هو ما ذكرت لك بأنه يضرب ضربة سواء قتل به أم لا ، والأول أوفق لمذهب الأصحاب وسائر الأخبار والله يعلم.

وقال في المسالك : إن كان اللواط دون الإيقاب بأن فعل بين الأليتين أو بين الفخذين فقد اختلف الأصحاب في حكمه ، والمشهور الجلد لكل منهما ذهب إلى

٣٠٤

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الملوط حده حد الزاني.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله جبلة ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام محرم قبل غلاما من شهوة قال يضرب مائة سوط.

١٠ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل أتى رجلا قال عليه إن كان محصنا القتل وإن لم يكن محصنا فعليه الحد قال قلت فما على المؤتى قال عليه القتل على كل حال محصنا كان أو غير محصن.

ذلك المفيد والمرتضى وابن أبي عقيل وسلار وأبو الصلاح وابن إدريس وسائر المتأخرين وقال الشيخ في كتابي الأخبار والنهاية وتبعه القاضي وجماعة : يرجم إن كان محصنا وإلا جلد مائة جمعا بين الروايات ، ويظهر من الصدوقين وابن الجنيد وجوب القتل مطلقا ، لأنهم فرضوه في غير الموقب وجعلوا الإيقاب هو الكفر بالله تعالى أخذا من رواية حذيفة بن منصور(١) ، وحمل على المبالغة في الذنب أو على المستحل.

الحديث الثامن : موثق كالصحيح.

وقال في القاموس :لاط : عمل عمل قوم لوط ، كلاوط وتلوط.

الحديث التاسع : مجهول.

والمشهور بين الأصحاب وجوب التعزير بالتقبيل مطلقا من غير فرق بين المحرم وغيره.

وقال الشيخ في النهاية(٢) : ومتى قبل غلاما ليس بمحرم له وجب عليه التعزير فإن فعل ذلك وهو محرم غلظ تأديبه كي ينزجر عن مثله في المستقبل. انتهى ولم أر قائلا بمضمون الخبر.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٥٣ ح ٦.

(٢) النهاية ص ٦٠٧.

٣٠٥

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن هارون ، عن أبي يحيى الواسطي رفعه قال سألته عن رجلين يتفاخذان قال حدهما حد الزاني فإن ادعم أحدهما على صاحبه ضرب الداعم ضربة بالسيف أخذت منه ما أخذت وتركت منه ما تركت يريد بها مقتله والداعم عليه يحرق بالنار.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن في كتاب عليعليه‌السلام إذا أخذ الرجل مع غلام في لحاف مجردين ضرب الرجل وأدب الغلام وإن كان ثقب وكان محصنا رجم.

( باب )

( آخر منه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال بينا أمير المؤمنينعليه‌السلام في ملإ من أصحابه إذ أتاه رجل فقال

وقدم تقدم الخبر بعينة متنا وسندا في صدر الباب.

الحديث الحادي عشر : ضعيف.

قوله فإن أدغم في بعض النسخ بالعين المهملة وفي بعضها بالمعجمة قال في القاموس : دعمه كمنعه : مال فأقامه ودعم المرأة جامعها أو طعن فيها أولجه أجمع ، وقال أدغم الفرس اللجام : أدخله في فيهقوله عليه‌السلام « مقتله » أي قتله أو موضع قتله فتدبر.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

وقد مر الكلام فيه في باب ما يوجب الجلد.

باب آخر منه

الحديث الأول : حسن.

وقال الفيروزآبادي :الملأ : كجبل الجماعة ،قوله عليه‌السلام : « مرارا » يطلق المرة على

٣٠٦

يا أمير المؤمنين إني قد أوقبت على غلام فطهرني فقال له يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك فلما كان من غد عاد إليه فقال له يا أمير المؤمنين إني أوقبت على غلام فطهرني فقال له يا هذا امض إلى منزلك لعل مرارا هاج بك حتى فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الأولى فلما كان في الرابعة قال له يا هذا إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت قال وما هن يا أمير المؤمنين قال ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت أو إهداء من جبل مشدود اليدين والرجلين أو إحراق بالنار فقال يا أمير المؤمنين أيهن أشد علي قال الإحراق بالنار قال فإني قد اخترتها يا أمير المؤمنين قال خذ لذلك أهبتك فقال نعم فقال فصلى ركعتين ثم جلس في تشهده فقال اللهم إني قد أتيت من الذنب ما قد علمته وإني تخوفت من ذلك فجئت إلى وصي رسولك وابن عم نبيك فسألته أن يطهرني فخيرني بين ثلاثة أصناف من العذاب اللهم فإني قد اخترت أشدها اللهم فإني أسألك أن تجعل ذلك كفارة لذنوبي وأن لا تحرقني بنارك في آخرتي ثم قام وهو باك حتى جلس في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنينعليه‌السلام وهو يرى النار تتأجج حوله قال فبكى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى أصحابه جميعا فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام قم يا هذا فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الأرض فإن الله قد تاب عليك فقم ولا تعاودن شيئا مما قد فعلت

الصفراء والسوداء ،قوله : « أو إهداء » أي إماتة مسقطا من جبل من قولهم هدأ أي مات ، والأظهر ما في التهذيب(١) « أو إهدارك » والهادر الساقط ، وأظهر منه أنه تصحيف دهدهة أو دهدأة ، يقال : دهده الحجر فتدهده دحرجه فتدحرج كدهدأ فتدهدى ، والمشهور بين الأصحاب لو أقر بحد ثم تاب كان الإمام مخيرا في إقامته رجما كان أو حدا وقيده ابن إدريس بكون الحد رجما ، والمعتمد المشهور ، وفي القاموس :الأجيج ، تلهب النار.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٥٣ ح ٧.

٣٠٧

( باب )

( الحد في السحق )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وهشام وحفص ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه دخل عليه نسوة فسألته امرأة منهن عن السحق فقال حدها حد الزاني فقالت المرأة ما ذكر الله عز وجل ذلك في القرآن فقال بلى قالت وأين هو قال هن أصحاب الرس.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن المرأتين توجدان في لحاف واحد قال تجلد كل واحد منهما مائة جلدة.

باب الحد في السحق

الحديث الأول : حسن.

والمشهور بين الأصحاب أن الحد في السحق مائة جلدة حرة كانت أو أمة مسلمة كانت أو كافرة محصنة أو غير محصنة للفاعلة والمفعولة.

وقال الشيخ في النهاية(١) : ترجم مع الإحصان وتجلد مع عدمه ، وقال في المسالك : ومستند المشهور رواية زرارة ، وفيه نظر لأن المفرد المعرف لا يعم ، والحكم بالحد على المساحقة في الجملة لا إشكال فيه ، وقال الشيخ والقاضي وابن حمزة ترجم المحصنة ، وتجلد غيرها لحسنة ابن أبي حمزة وهشام وحفص.

قوله : « ما ذكر الله عز وجل ذلك » قال في المسالك : إشارة إلى السحق نفسه لا إلى حده ، وإن كان السؤال عقيبه لأنهعليه‌السلام أجابها بأنهن أصحاب الرس ، ورضيت بالجواب ، ومعلوم أنه ليس في القرآن بيان حدهن ، فدل على أن المقصود مجرد ذكرهن ، وقد روي أن ذلك الفعل كان في أصحاب لوط.

الحديث الثاني : موثق.

__________________

(١) النهاية ص ٧٠٦.

٣٠٨

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال السحاقة تجلد.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس لامرأتين أن تبيتا في لحاف واحد إلا أن يكون بينهما حاجز فإن فعلتا نهيتا عن ذلك فإن وجدتا مع النهي جلدت كل واحدة منهما حدا حدا فإن وجدتا أيضا في لحاف جلدتا فإن وجدتا الثالثة قتلتا.

( باب )

( آخر منه )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عمرو بن عثمان وعن أبيه جميعا ، عن هارون بن الجهم ، عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر وأبا عبد اللهعليه‌السلام يقولان بينا الحسن بن عليعليه‌السلام في مجلس أمير المؤمنينعليه‌السلام إذ أقبل قوم فقالوا يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنينعليه‌السلام قال وما حاجتكم قالوا أردنا أن نسأله عن مسألة

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

الحديث الرابع : مختلف فيه.

وقال في الشرائع : الأجنبيتان إذا وجدتا في لحاف مجردتين عزرت كل واحدة دون الحد فإن تكرر الفعل منهما والتعزير مرتين أقيم عليهما الحد في الثالثة ، فإن عادتا قال في النهاية قتلتا ، والأولى الاقتصار على التعزير. انتهى واختار الصدوق فيه الحد كاملا مكان التعزير.

باب آخر منه

الحديث الأول : صحيح.

وقال في الشرائع : لو وطئ زوجته فساحقت بكرا فحملت قال في النهاية(١) : على المرأة الرجم ، وعلى الصبية جلد مائة بعد الوضع ، ويلحق الولد بالرجل ويلزم المرأة المهر ، أما الرجم فعلى ما مضى من التردد ، والأشبه الاقتصار على الجلد ، وأما

__________________

(١) النهاية ص ٧٠٧.

٣٠٩

قال وما هي تخبرونا بها فقالوا امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر فساحقتها فألقت النطفة فيها فحملت فما تقول في هذا فقال الحسنعليه‌السلام معضلة وأبو الحسن لها وأقول فإن أصبت فمن الله ثم من أمير المؤمنينعليه‌السلام وإن أخطأت فمن نفسي فأرجو أن لا أخطئ إن شاء الله يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة لأن الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ثم ترجم المرأة لأنها محصنة ثم ينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويرد الولد إلى أبيه صاحب النطفة ثم تجلد الجارية الحد قال فانصرف القوم من عند الحسنعليه‌السلام فلقوا أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال ما قلتم لأبي محمد وما قال لكم فأخبروه فقال لو أنني المسئول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن علي بن أبي حمزة ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال دعانا زياد فقال إن أمير المؤمنين كتب إلي أن أسألك عن هذه المسألة فقلت وما هي فقال رجل أتى امرأة فاحتملت ماءه فساحقت به جارية فحملت فقلت له فسل عنها أهل المدينة قال فألقى إلي كتابا فإذا فيه سل عنها جعفر بن محمد فإن أجابك وإلا فاحمله إلي قال فقلت له ترجم المرأة وتجلد

جلد الصبية فموجبه ثابت ، وهي المساحقة ، وأما لحوق الولد فلأنه ماء غير زان ، وقد أخلق منه الولد فيلحق به ، وأما المهر فلأنها سبب في إذهاب العذرة وديتها مهر نسائها ، وليست كالزانية في سقوط دية العذرة ، لأن الزانية أذنته في الافتضاض وليس هذه كذا ، وأنكر بعض المتأخرين ذلك ، وظن أن المساحقة مثل الزانية في سقوط دية العذرة ، وسقوط النسب. انتهى والمراد ببعض المتأخرين ابن إدريس ، وقال في المسالك : بقي من أحكام المسألة لحوق الولد بالمرأة ، أما الكبيرة فلا يلحق بها قطعا ، وأما الصغيرة ففي إلحاقه بها وجهان : والأقوى عدم اللحوق.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

٣١٠

الجارية ويلحق الولد بأبيه قال ولا أعلمه إلا قال وهو الذي ابتلي بها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في امرأة افتضت جارية بيدها قال عليها مهرها وتجلد ثمانين.

( باب )

( الحد على من يأتي البهيمة )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن جرير ، عن سدير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يأتي البهيمة قال يحد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة

قوله : « وهو الذي ابتلي بها » أي الخليفة.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في الشرائع(١) : من افتض بكرا بإصبعه لزمه مهر نسائها ، ولو كانت أمة لزمه عشر قيمتها ، وقيل : يلزمه الأرش والأول مروي.

باب الحد على من يأتي البهيمة

الحديث الأول : حسن أو موثق.

وقال في الشرائع(٢) : إذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقر تعلق بوطئها أحكام : تعزير اللائط ، وإغرامه ثمنها إن لم يكن له ، وتحريم الموطوءة ووجوب ذبحها وإحراقها ، أما التعزير فتقديره إلى الإمام ، وفي رواية(٣) يضرب خمسة وعشرين سوطا ، وفي أخرى الحد ،(٤) وفي أخرى يقتل ،(٥) والمشهور الأول. أما التحريم فيتناول لحمها ولبنها ونسلها تبعا لتحريمها ، والذبح إما تلقيا أو لما لا يؤمن من شياع نسلها ، وتعذر اجتنابه ، وإحراقها لئلا تشتبه بعد ذبحها بالمحللة وإن كان الأمر الأهم فيها ظهرها لا لحمها كالخيل والبغال والحمير لم تذبح وأغرم الواطئ ثمنها لصاحبها ، وأخرجت من بلد المواقعة وبيعت في غيره ، إما عبادة لا لعلة مفهومة لنا أو لئلا يعير بها صاحبها، وأما الذي يصنع بثمنها

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٥٨.

(٢) الشرايع ج ٤ ص ١٨٧.

(٣ و ٤ و ٥) الوسائل ج ١٨ ص ٥٧٠ ـ ٥٧٢ ح ١.

٣١١

لصاحبها لأنه أفسدها عليه وتذبح وتحرق وتدفن إن كانت مما يؤكل لحمه وإن كانت مما يركب ظهره أغرم قيمتها وجلد دون الحد وأخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف فيبيعها فيها كيلا يعير بها.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ـ عن الرجل يأتي بهيمة أو شاة أو ناقة أو بقرة قال فقال عليه أن يجلد حدا غير الحد ثم ينفى من بلاد إلى غيرها وذكروا أن لحم تلك البهيمة محرم ولبنها.

٣ ـ علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن بعض أصحابه ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام والحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام وصباح الحذاء ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام في الرجل يأتي البهيمة فقالوا جميعا إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت فإذا ماتت أحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب هو خمسة وعشرين سوطا ربع حد الزاني وإن لم تكن البهيمة له قومت فأخذ ثمنها منه ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ينتفع بها وضرب خمسة وعشرين سوطا فقلت وما ذنب البهيمة فقال لا ذنب لها ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل هذا وأمر به لكيلا يجترئ الناس بالبهائم وينقطع النسل.

قال بعض الأصحاب يتصدق به ولم أعرف المستند ، وقال آخرون يعاد على المغترم وإن كان الواطئ هو المالك دفع إليه وهو أشبه.

الحديث الثاني : موثق.

قوله : « أو شاة » ليست كلمة « أو » في التهذيب(١) ، وهو الأظهرقوله عليه‌السلام :

« غير الحد » أي أقل من الحدود المقررة في الزنا أو من مطلق الحدود.

قوله عليه‌السلام : « ثم ينفى » لم يتعرض الأصحاب للنفي لخلو سائر الأخبار عنه.

قوله : « وذكروا » أي الأئمةعليهم‌السلام ولعله من كلام يونس أو سماعه ، ويحتمل أن يكون من كلام الإمام والأول أظهر.

الحديث الثالث : ضعيف.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ح ٢.

٣١٢

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الذي يأتي البهيمة فيولج قال عليه الحد.

( باب )

( حد القاذف )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام أن الفرية ثلاثة يعني ثلاث وجوه إذ رمى الرجل الرجل بالزنى وإذا قال إن أمه زانية وإذا دعي لغير أبيه فذلك فيه حد

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال الشيخ في التهذيب(١) بعد إيراد هذه الروايات ، وصحيحة جميل(٢) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « في رجل أتى بهيمة قال : يقتل » الوجه في هذه الأخبار أحد شيئين ، أحدهما : أن يكون محمولة على أنه إذا كان الفعل دون الإيلاج ، فإنه يكون فيه التعزير ، وإذا كان الايلاج كان عليه حد الزاني كما تضمنه خبر أبي بصير(٣) من تقييده بالايلاج ، والوجه الآخر أن تكون محمولة على من تكرر منه الفعل وأقيم فيه عليه الحد بدون التعزير حينئذ قتل ، أو أقيم عليه حد الزاني على ما يراه الإمام ، وقالرحمه‌الله في الاستبصار(٤) : يمكن أن يكون خرج مخرج التقية ، لأن ذلك مذهب العامة ، لأنهم يراعون في كون الإنسان زانيا إيلاج فرج في فرج ، ولا يفرقون بين الإنسان وغيره من البهائم ، والأظهر من مذهب الطائفة المحقة الفرق.

أقول : يمكن حمل خبر القتل على قتل البهيمة.

باب حد القاذف

الحديث الأول : حسن.

وقال في الشرائع : لو قال لولده الذي أقر به لست ولدي وجب عليه الحد ،

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٦٢. باختلاف يسير.

(٢ و ٣) التهذيب ج ١٠ ص ٦١ ح ٦.

(٤) الإستبصار ج ٤ ص ٢٢٤.

٣١٣

ثمانون.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الرجل إذا قذف المحصنة قال يجلد ثمانين حرا كان أو مملوكا.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يقذف الرجل بالزنى قال يجلد هو في كتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال وسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة فقال لا يجلد إلا أن يكون قد أدركت أو قاربت.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في امرأة قذفت رجلا قال تجلد ثمانين جلدة.

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن أبي مريم الأنصاري قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام ـ عن الغلام لم يحتلم يقذف الرجل هل يجلد قال لا وذاك لو أن رجلا قذف الغلام لم يجلد.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن

وكذا لو قال لغيره لست لأبيك.

الحديث الثاني : موثق.

قوله عليه‌السلام : « حرا كان أو مملوكا » هذا هو المشهور ، والأظهر بل ادعى جماعة عليه الإجماع ، وقال الشيخ في المبسوط والصدوق : يجلد المملوك نصف الحد أربعين.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

ولعله محمول : فيما إذا قاربت(١) على التعزير الشديد ، إذ لم يفرق الأصحاب ، وظواهر سائر الأخبار في سقوط الحد عمن قذف غير البالغ بين من قارب البلوغ أم لا.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : موثق.

__________________

(١) هكذا في النسخ ولعّله اشتباه من النسّاخ والصواب « قاربت » كما جاء في النصّ أي قاربت البلوغ.

٣١٤

محبوب ، عن الحكم الأعمى وهشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قال لرجل يا ابن الفاعلة يعني الزنى قال فإن كانت أمه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم فتطلب حقها وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خير ضرب المفتري عليها الحد ثمانين جلدة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان الخزاز ، عن الفضل بن إسماعيل الهاشمي ، عن أبيه قال سألت أبا عبد الله وأبا الحسنعليه‌السلام عن امرأة زنت فأتت بولد وأقرت عند إمام المسلمين بأنها زنت وأن ولدها ذلك من الزنى فأقيم عليها الحد وإن ذلك الولد نشأ حتى صار رجلا فافترى عليه رجل هل يجلد من افترى عليه فقال يجلد ولا يجلد فقلت كيف يجلد ولا يجلد فقال من قال له يا ولد الزنى لم يجلد إنما يعزر وهو دون الحد ومن قال له يا ابن الزانية جلد الحد تاما فقلت كيف يجلد هذا هكذا فقال إنه إذا قال يا ولد الزنى كان قد صدق فيه وعزر على تعييره

ويدل على أنه إذا قال : يا ابن الزانية أو يا ابن الفاعلة كان المقذوف الأم وهي المطالبة بالحد كما ذكره الأصحاب.

قوله عليه‌السلام : « ضرب المفتري » وحينئذ كان المطالب بالحد وارثها وذا الحد موروث.

الحديث السابع : مجهول.

وقال في المختلف : قال الشيخ : من قال : لولد الزنا الذي أقيم على أمه الحد بالزنا يا ولد الزنا أو زنت بك أمك لم يكن عليه الحد تاما ، وكان عليه التعزير ، فإن كانت أمه قد تابت وأظهرت التوبة كان عليه الحد تاما وأطلق ، وتبعه ابن البراج. وقال ابن الجنيد وكذلك أي يجب الحد على من قذف من ولد النكاح دارأ فيه الحد أو اللقيط أو ابن المحدودة إذا جاءت تائبة أو مقرة فأقيم عليها الحد وهو جيد ، لأن إقرارها واعترافها وإقامة الحد عليها بسببه توبة منها وندم ، فألحق بالتائبة ولا منافاة في الحقيقة ولا خلاف بين الكلامين.

وقال في الشرائع : لو قال لابن الملاعنة : يا ابن الزانية فعليه الحد ، ولو قال

٣١٥

أمه ثانية وقد أقيم عليها الحد وإذا قال له يا ابن الزانية جلد الحد تاما لفريته عليها بعد إظهارها التوبة وإقامة الإمام عليها الحد.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قذف ملاعنة قال عليه الحد.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سئل عن ابن المغصوبة يفتري عليه الرجل فيقول يا ابن الفاعلة فقال أرى أن عليه الحد ثمانين جلدة ويتوب إلى الله عز وجل مما قال.

١٠ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة وهبت جاريتها لزوجها فوقع عليها فحملت الأمة فأنكرت المرأة أنها وهبتها له وقالت هي خادمي فلما خشيت أن يقام على الرجل الحد أقرت بأنها وهبتها له فلما أقرت بالهبة جلدها

لابن المحدودة قبل التوبة لم يجب به الحد ، وبعد التوبة يثبت الحد.

وقال في المسالك(١) : يدل عليه حسنة إسماعيل بن الفضل الهاشمي. انتهى.

وأقول : يرد عليه أولا أنها ليست بحسنة بل مجهولة ، لأن الفضل ابنه غير مذكور في الرجال(٢) ، وثانيا أن الجلد والتعزير كليهما في الرواية وردا في صورة واحدة فحمل أحدهما على صورة التوبة ، والأخرى على غيرها بعيد ، بل ظاهر الرواية أن الفرق إنما هو في لفظ القذف ، فإنه في الأول قال : يا ولد الزنا فلم ينسب إليها إلا الزنا السابق الذي أقرت ، به فلذا يعزر ، وفي الثاني قال يا ابن الزانية ، وظاهره كونها حين القذف أيضا متصفة بها ، فلذا حكم فيه بالحد ، وهذا وجه متين لم يتعرض له أحد.

الحديث الثامن : حسن.

الحديث التاسع : حسن.

الحديث العاشر : حسن.

__________________

(١) المسالك ج ٢ ص ٤٣٦. وفي المصدر حسنة إسماعيل بن الفضيل. والصواب الفضل بن إسماعيل كما في المتن.

(٢) أقول : ذكر الصدوق في المشيخة في طريقه إلى إسماعيل بن الفضل الهاشمي الفضل بن إسماعيل بن الفضل الهاشمي. لاحظ الفقيه ج ٤ ـ شرح المشيخة ـ ص ١٠١.

٣١٦

الحد بقذفها زوجها.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن الحكم الأعمى وهشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في رجل قال لرجل يا ابن الفاعلة يعني الزنى قال إن كانت أمه حية شاهدة ثم جاءت تطلب حقها ضرب ثمانين جلدة وإن كانت غائبة انتظر بها حتى تقدم فتطلب حقها وإن كانت قد ماتت ولم يعلم منها إلا خير ضرب المفتري عليها الحد ثمانين جلدة.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن بعض أصحابه رفعه قال كان على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلان متواخيان في الله عز وجل فمات أحدهما وأوصى إلى الآخر في حفظ بنية كانت له فحفظها الرجل وأنزلها منزلة ولده في اللطف والإكرام والتعاهد ثم حضره سفر فخرج وأوصى امرأته في الصبية فأطال السفر حتى إذا أدركت الصبية وكان لها جمال وكان الرجل يكتب في حفظها والتعاهد لها فلما رأت ذلك امرأته خافت أن يقدم فيراها قد بلغت مبلغ النساء فيعجبه جمالها فيتزوجها فعمدت إليها هي ونسوة معها قد كانت أعدتهن فأمسكنها لها ثم افترعتها بإصبعها فلما قدم الرجل من سفره وصار في منزله دعا الجارية فأبت أن تجيبه استحياء مما صارت إليه فألح عليها بالدعاء كل ذلك تأبى أن تجيبه فلما أكثر عليها قالت له امرأته دعها فإنها تستحيي أن تأتيك من ذنب كانت فعلته قال لها وما هو قالت كذا وكذا ورمتها بالفجور فاسترجع الرجل ثم قام إلى الجارية فوبخها وقال لها ويحك أما علمت ما كنت أصنع بك من الألطاف والله ما كنت أعدك إلا لبعض ولدي أو إخواني وإن كنت لابنتي فما دعاك إلى ما صنعت فقالت الجارية أما إذا قيل لك ما قيل فو الله ما فعلت الذي رمتني به امرأتك ولقد كذبت علي وإن القصة لكذا وكذا ووصفت له ما صنعت بها امرأته قال فأخذ الرجل بيد امرأته ويد الجارية فمضى بهما حتى أجلسهما بين يدي أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخبره

الحديث الحادي عشر : حسن أو موثق.

وقد مر الخبر آنفا متنا وسندا مع إضافة سند آخر في أول السند.

الحديث الثاني عشر : مرفوع.

٣١٧

بالقصة كلها وأقرت المرأة بذلك قال وكان الحسنعليه‌السلام بين يدي أبيه فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام اقض فيها فقال الحسنعليه‌السلام نعم على المرأة الحد لقذفها الجارية وعليها القيمة لافتراعها إياها قال فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام صدقت ثم قال أما لو كلف الجمل الطحن لفعل.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن سليمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يجلد قاذف الملاعنة.

١٤ ـ ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن عباد البصري ، عن جعفر بن محمدعليه‌السلام قال إذا قذف الرجل الرجل فقال إنك لتعمل عمل قوم لوط تنكح الرجال قال يجلد حد القاذف ثمانين جلدة.

١٥ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب وابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في الرجل يقذف الرجل فيجلد فيعود عليه بالقذف قال إن قال له إن الذي قلت لك حق لم يجلد وإن قذفه بالزنى بعد ما جلد فعليه الحد وإن قذفه قبل أن يجلد بعشر قذفات لم يكن عليه إلا حد واحد.

وقال الجوهري :افترعت البكر : افتضضتهاقوله عليه‌السلام : « أما لو كلف » لعل المراد أن من كلف أمرا يتأتى منه ويقوى عليه يفعله فمثل ذلك للحسنعليه‌السلام ، بأنه يتأتى منه الحكم بين الناس ، لكنه لم يأت أو أنه ولو كلف لفعل ، ويحتمل أن يكون تمثيلا لبيان اضطرار الجارية فيما فعل بها ، والأول أظهر.

الحديث الثالث عشر : مجهول.

الحديث الرابع عشر : مجهول.

الحديث الخامس عشر : صحيح.

وقال في الشرائع : لو قذف فحد فقال : الذي قلت كان صحيحا وجب بالثاني التعزير ، لأنه ليس بصريح والقذف المتكرر يوجب حدا واحدا لا أكثر.

٣١٨

١٦ ـ ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول كان عليعليه‌السلام يقول إذا قال الرجل للرجل يا معفوج ويا منكوح في دبره فإن عليه الحد حد القاذف.

١٧ ـ ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لو أتيت برجل قد قذف عبدا مسلما بالزنى لا نعلم منه إلا خيرا لضربته الحد حد الحر إلا سوطا.

١٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن حمزة بن حمران ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن رجل أعتق نصف جاريته ثم قذفها بالزنى قال فقال أرى عليه خمسين جلدة ويستغفر الله عز وجل من فعله قلت أرأيت إن جعلته في حل من قذفه إياها وعفت عنه قال لا ضرب عليه إذا عفت عنه من قبل أن ترفعه.

١٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال يحد قاذف اللقيط ويحد قاذف ابن الملاعنة.

الحديث السادس عشر : موثق.

وفي القاموس :عفج جاريته جامعها.

الحديث السابع عشر : ضعيف.

ويدل على ما هو المشهور من اشتراط الحرية بالمقذوف لوجوب الحد كاملا بل لا خلاف فيه بين الأصحاب.

الحديث الثامن عشر : مجهول.

وقال الشيخ (ره) في التهذيب(١) : محمول على أنه كان أعتق خمسة أثمانها لأن بذلك يستحق خمسين جلدة ، فأما إذا كان النصف سواء فليس عليه أكثر من الأربعين لأنه نصف الحد ، ويجوز أيضا أن يكون استحق الأربعين بما عتق منه ، وما زاد على ذلك يكون التعزير ، لأن من قذف عبدا يستحق التعزير.

الحديث التاسع عشر : مرسل.

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٧١.

٣١٩

٢٠ ـ عنه ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا سئلت الفاجرة من فجر بك فقالت فلان فإن عليها حدين حدا لفجورها وحدا لفريتها على الرجل المسلم.

٢١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال النصرانية واليهودية تكون تحت المسلم فتجلد فيقذف ابنها قال تضرب حدا لأن المسلم حصنها.

٢٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقذف الجارية الصغيرة قال لا يجلد إلا أن تكون قد أدركت أو قاربت.

٢٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن عاصم بن حميد

الحديث العشرون : ضعيف على المشهور.

الحديث الحادي والعشرون : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « لأن المسلم حصنها » ظاهره أن الحد إنما هو لحرمة زوجها لا ولدها كما فهمه الأصحاب ، إلا أن يقال : المراد أنه بسبب الزوج المسلم صار الولد في حكم المسلم ، فلذا يحد لحرمة الولد ولا يخفى بعده ، بل الأظهر إن ذلك لحرمة الزوج لأنها حرمته.

وقال في الشرائع(١) : لو قال : يا ابن الزانية أو أمك زانية وكانت أمه كافرة أو أمة : في النهاية : عليه الحد تاما لحرمة ولدها والأشبه التعزير وقال في المسالك : الشيخ استند إلى رواية عبد الرحمن ، وفيها قصور في السند والدلالة ، وافق الشيخ على ذلك جماعة ، وقبله ابن الجنيد وذكر أنه مروي عن الباقرعليه‌السلام ، قال : وروى الطبري أن الأمر لم يزل على ذلك إلى أن أشار عبد الله بن عمر على عمر بن عبد العزيز بأن لا يحد المسلم بكافر فترك ذلك ، والأقوى الأول.

الحديث الثاني والعشرون : مرسل وقد مر بسند آخر.

الحديث الثالث والعشرون : صحيح.

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٦٥.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

قال الطبري في تاريخه : زعموا أن الحسن البصري لما بلغه قتل حجر وأصحابه ، قال: صلّوا عليهم وكفنّوهم واستقبلوا بهم القبلة؟. قالوا : نعم. قال : حجّوهم وربّ الكعبة.

وذكر كثير من أهل الأخبار أن معاوية لما حضرته الوفاة ، جعل يغرغر بالموت ، ويقول : إن يومي منك يا حجر بن عدي لطويل.

(أقول) : ولكن هيهات ينفع الندم.

ترجمة حجر بن عدي

(الدرجات الرفيعة للسيد علي خان ، ص ٤٢٣)

هو حجر بن عديّ بن معاوية بن جبلة بن الأدبر الكندي. يكنى أبا عبد الرحمن ، ويسمى حجر الخير.

قال ابن عبد البرّ في (الإستيعاب) : كان حجر من فضلاء الصحابة ، شجاعا من المقدمين.

وقال غيره : كان من الأبدال ، وكان صاحب راية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وهو بعد من الرؤساء والزهاد. وشهد القادسية ، وهو الّذي فتح مرج عذراء. ومحبته وإخلاصه لأمير المؤمنينعليه‌السلام أشهر من أن تذكر. وكان على كندة يوم صفين ، وعلى الميسرة يوم النهروان.

وفي (أعلام الزركلي) : وسكن الكوفة إلى أن قدم زياد ابن أبيه واليا عليها ، فدعا به زياد فجاءه ، فحذّره من الخروج على بني أمية. فما لبث أن عرفت عنه الدعوة إلى مناوأتهم والاشتغال في السرّ بالقيام عليهم. فجيء به إلى دمشق ، فأمر معاوية بقتله بعد أن أعطاه الأمان ، فقتل في مرج عذراء (من قرى دمشق) مع أصحاب له.

٣٩٣ ـ إثارة مروان بن الحكم الفتنة بين معاوية والحسينعليه‌السلام :

(مناقب ابن شهراشوب ، ج ٤ ص ٥١ ط إيران)

روى الكلبي أن مروان بن الحكم قال يوما للحسينعليه‌السلام : لو لا فخركم بفاطمة

٣٦١

بم كنتم تفخرون علينا؟. فوثب الحسين (وكان شديد القبضة) فقبض على حلقه فعصره ، ولوى عمامته على عنقه حتّى غشي عليه ، ثم تركه.

وأقبل الحسينعليه‌السلام على جماعة من قريش ، فقال : أنشدتكم الله إلا صدّقتموني إن صدقت. أتعلمون أن في الأرض حبيبين كانا أحبّ إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مني ومن أخي؟. أو على ظهر الأرض ابن بنت نبي غيري وغير أخي؟. قالوا : الله م لا.قال : وإني لا أعلم أن في الأرض ملعون ابن ملعون غير هذا وأبيه ، طريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والله ما بين جابرسا وجابلقا [مدينتان إحداهما بباب المشرق والأخرى بباب المغرب] رجلان ممن ينتحل الإسلام أعدى لله ولرسوله ولأهل بيته منك ومن أبيك إذ كان ، وعلامة قولي فيك أنك إذا غضبت سقط رداؤك عن منكبك!.

قال : فو الله ما قام مروان من مجلسه حتّى غضب ، فانتفض وسقط رداؤه عن عاتقه.

٣٩٤ ـ دعايات مفتعلة :

شعر معاوية أن الأمة بكافة فصائلها تقدّم الإمام الحسينعليه‌السلام ، باعتباره الحاكم الّذي يلي الخلافة بعد هلاك معاوية وبدون منافس. وذلك لشياع ذكره في الأمصار وعلى كل لسان. فهم كانوا لا يشكّون بأن الخلافة سوف تؤول إليه بعد هلاك معاوية. لذلك بدأ معاوية يختلق القصص المنقولة عن بعض الوشّائين والنمّامين ، بأن الحسينعليه‌السلام يفكر في الخروج عليه. لذلك كتب معاوية للحسينعليه‌السلام كتابا يذكّره فيه بعهده وصلحه.

٣٩٥ ـ كتاب معاوية للحسينعليه‌السلام يتهمه فيه بالفتنة وشقّ عصا الطاعة ، ويتوعده بالبطش به :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ١٣١)

قال السيد علي جلال الحسيني في كتابه (الحسين) ج ١ ص ١٦٤ :

روى ابن قتيبة في (الإمامة والسياسة) ج ١ ص ٢٨٤ وما بعدها ، وأبو عمرو محمّد بن عمر الكشي في (معرفة أخبار الرجال) ، وأبو جعفر الطوسي في (اختيار الرجال) طبع بومبي ص ٣٢ وما بعدها ؛ أن معاوية كتب إلى الحسينعليه‌السلام :

أما بعد ، فقد انتهت إليّ أمور عنك ، إن كانت حقا فقد أظنك تركتها رغبة فدعها ، ولعمر الله إنّ من أعطى الله عهده وميثاقه لجدير بالوفاء ، وإن أحقّ الناس بالوفاء لمن

٣٦٢

أعطى بيعته ، من كان مثلك في خطرك وشرفك ومنزلتك التي أنزلك الله بها. وإن كان الّذي بلغني باطلا ، فإنك أنت أعدل الناس لذلك ، وحظّ نفسك فاذكر ، وبعهد الله أوف!. فإنك متى تنكرني أنكرك ، ومتى تكدني أكدك. فاتّق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن يردّهم الله على يديك في فتنة ، فقد عرفت الناس وبلوتهم ، فانظر لنفسك ولدينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يستخفّنك السفهاء والذين لا يعلمون.

٣٩٦ ـ ردّ الحسينعليه‌السلام على كتاب معاوية ، وبيان بعض أعماله ونقضه للعهد:

(المصدر السابق ، ص ١٣٢)

فلما وصل الكتاب إلى الحسين رضي الله عنه ، كتب إليه :

أما بعد ، فقد بلغني كتابك تذكر فيه أنه انتهت إليك عني أمور أنت لي عنها راغب ، وأنا بغيرها عندك جدير ، وإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله تعالى. وأما ما ذكرت أنه رقى إليك عني ، فإنه إنما رقاه إليك الملّاقون المشّاؤون بالنميمة ، المفرّقون بين الجمع ، وكذب الغاوون. واعلم بأني ما أردت لك حربا ولا عليك خلافا ، وإني لأخشى الله في ترك ذلك منك ، ومن الإعذار فيه إليك ، وإلى أوليائك القاسطين (الجائرين) الملحدين ، حزب الظلمة وأولياء الشيطان.

ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة ، وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ ثم قتلتهم ظلما وعدوانا ، من بعد ما أعطيتهم الأيمان المغلظّة والمواثيق المؤكدة ، جرأة على الله واستخفافا بعهده.

أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، العبد الصالح الّذي أبلته العبادة ، فنحل جسمه واصفر لونه؟. فقتلته بعد ما أمنّته وأعطيته من العهود ما لو فهمته (الوعول) لنزلت من رؤوس الجبال.

أولست بمدّع (زياد بن سمية) المولود على فراش (عبيد) عبد ثقيف؟. فزعمت أنه ابن أبيك ، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «الولد للفراش وللعاهر الحجر». فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعمدا ، واتبعت هواك بغير هدى من الله. ثم سلطّته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسمل عيونهم ويصلبهم على جذوع النخل ، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

٣٦٣

أولست قاتل الحضرمي الّذي كتب إليك فيه زياد بن سمية أنه على دين علي كرم الله وجهه ، فكتبت إليه أن اقتل كلّ من كان على دين عليعليه‌السلام ، فقتلهم ومثّل بهم بأمرك؟!.

وقلت فيما قلت : انظر لنفسك ولدينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتق شقّ عصا هذه الأمة ، وأن تردّهم إلى فتنة. وإني لا أعلم فتنة أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها ، ولا أعظم نظرا لنفسي ولديني ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من أن أجاهدك ، فإن فعلت فإنه قربة إلى الله ، وإن تركته فإني أستغفر الله لديني ، وأسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت : إني إن أنكرك تنكرني ، وإن أكدك تكدني ، فكدني ما بدا لك ، فإني أرجو أن لا يضرني كيدك ، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك ، لأنك قد ركبت جهلك ، وتحرّصت على نقض عهدك ، ولعمري ما وفيت بشرط. ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا وقتلوا ، ولم تفعل ذلك بهم إلا لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقنا ، فقتلتهم مخافة أمر ، لعلك لولم تقتلهم متّ قبل أن يفعلوا ، أو ماتوا قبل أن يدركوا. فأبشر يا معاوية بالقصاص واستيقن بالحساب. واعلم أن لله تعالى كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة وقتلك أولياءه على التّهمة ، ونفيك لهم أولياءه من دورهم إلى دار الغربة ، وأخذك للناس ببيعة ابنك غلام حدث ، يشرب الشراب ويلعب بالكلاب. وما أراك إلا قد خسرت نفسك ، وتبّرت دينك ، وغششت رعيتك ، وأخربت أمانتك ، وسمعت مقالة السفيه الجاهل ، وأخفت الورع التقي ، والسلام.

فقال معاوية : إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا.

استخلاف معاوية ليزيد

٣٩٧ ـ عزم معاوية على البيعة ليزيد بعد وفاة الحسنعليه‌السلام :

(الاستيعاب لابن عبد البر ، ج ١ ص ٣٧٦)

وكان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسنعليه‌السلام وعرّض بها ، بعد أن

٣٦٤

نكث بشروط صلحه مع الحسنعليه‌السلام ، ولكنه لم يكشفها ولا عزم عليها إلا بعد وفاة الحسنعليه‌السلام .

٣٩٨ ـ اعتماد معاوية على داهيتين :

(خطط الشام لمحمد كرد علي ، ج ١ ص ١٣٦)

ولما مات الحسنعليه‌السلام بعد أربعة أشهر من استيلائه على العراق ، صفا الجو لمعاوية وبايع له الناس. فملك العراق والحجاز ومصر ، وأجمعت القلوب على مبايعته طوعا أو كرها. وكان ممن مالأ معاوية على تحقيق رغائبه عمرو بن العاص ، قريبه وعامله على مصر ، والمغيرة بن شعبة عامله على الكوفة. وهما الداهيتان اللتان يقول فيهما الحسن البصري : إنهما أفسدا هذه الأمة ، لاحتيال الأول برفع المصاحف يوم صفين وتقرير التحكيم ، ولأن الثاني كان من الداعين لأخذ البيعة ليزيد.

٣٩٩ ـ المغيرة بن شعبة يشير على معاوية باستخلاف يزيد :

(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢٠٥)

قال الحسن البصري : أفسد أمر الناس اثنان : عمرو بن العاص ، يوم أشار على معاوية برفع المصاحف فحملت ، ونال من القراء ، فحكمّ الخوارج ، فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة.

والمغيرة بن شعبة ، فإنه كان عامل معاوية على الكوفة ، فكتب إليه معاوية : إذا قرأت كتابي فأقبل معزولا ، فأبطأ عنه. فلما ورد عليه قال : ما أبطأ بك؟. قال :أمر كنت أوطّئه وأهيّئه!. قال : وما هو؟. قال : البيعة ليزيد من بعدك. قال : أوقد فعلت؟. قال : نعم. قال : ارجع إلى عملك!.

فلما خرج قال له أصحابه : ما وراءك؟. قال : وضعت رجل معاوية في غرز غيّ ، لا يزال فيه إلى يوم القيامة.

قال الحسن البصري : فمن أجل ذلك بايع هؤلاء لأبنائهم ، ولو لا ذلك لكانت شورى إلى يوم القيامة.

٤٠٠ ـ البيعة ليزيد :(العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٢)

روى أبو الحسن المدائني قال : لما مات زياد بن أبيه سنة ٥٣ ه‍ ، أظهر معاوية عهدا مفتعلا ، فقرأه على الناس ، فيه عقد الولاية ليزيد بعده فلم يزل يروّض الناس لبيعته سبع سنين

٣٦٥

فلما كانت سنة خمس وخمسين كتب معاوية إلى سائر الأمصار أن يفدوا عليه.فوفد عليه من كل مصر قوم. وكان فيمن وفد عليه من البصرة الأحنف بن قيس. ثم جلس معاوية في أصحابه ، وأذن للوفود فدخلوا عليه. وقد تقدّم إلى أصحابه أن يقولوا في يزيد. فأول من تكلم الضحاك بن قيس الخ.

٤٠١ ـ كلام الأحنف بن قيس في يزيد وبيعته :

(المصدر السابق)

ثم تكلم الأحنف بن قيس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أنت أعلم بيزيد ، في ليله ونهاره ، وسرّه وعلانيته ، ومدخله ومخرجه. فإن كنت تعلمه لله رضا ولهذه الأمة فلا تشاور الناس فيه ، وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوّده الدنيا وأنت تذهب إلى الآخرة.

٤٠٢ ـ خطبة مروان في مسجد المدينة يدعو إلى يزيد :

(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ١ ص ١٧١)

أخبرنا سيد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي حدثنا من أدرك مروان بن الحكم ، أنه خطب الناس على المنبر ليدعو إلى يزيد بن معاوية [وكان والي معاوية على المدينة]. فقام عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، فجلس على قوائم المنبر ، فقال : لا ، ولا نعمة عين لك ، أدين الهرقليّة [نسبة إلى هرقل ملك الروم] ، كلما ذهب واحد جاء آخر؟. هلك أبو بكر فترك ولدا هم أطيب وأكثر من ولد معاوية ، ثم نحّاها عنهم وجعلها في رجل من بني عديّ بن كعب. ثم هلك عمر ابن الخطاب فترك ولدا هم أطيب وأكثر من ولد معاوية ، فنحّاها عنهم وجعلها شورى بين الناس.

(قال) : وقالت عائشة : يا مروان ، أما والله إنكم للشجرة الملعونة التي ذكر الله في القرآن.

رواية أخرى للخطبة : (الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ١٧١)

وذكر هذه القصة أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه أطول من هذه.

قال : كتب معاوية إلى مروان بن الحكم يأمره أن يدعو الناس إلى بيعة يزيد ، ويخبره في كتابه أن أهل مصر والشام والعراق قد بايعوا.

٣٦٦

فأرسل مروان إلى وجوه أهل المدينة ، فجمعهم في المسجد الأعظم. ثم صعد المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر الطاعة وحضّ عليها ، وذكر الفتنة وحذّر منها.

ثم قال في بعض كلامه : أيها الناس إن أمير المؤمنين قد كبر سنّه ، ودقّ عظمه ، ورقّ جلده ، وخشي الفتنة من بعده. وقد أراه الله رأيا حسنا ، وقد أراد أن يختار لكم وليّ عهد ، يكون لكم من بعده مفزعا ، يجمع الله به الألفة ويحقن به الدماء ، وأراد أن يكون ذلك عن مشورة منكم وتراض ، فماذا تقولون؟.

(قال) فقال الناس من كل جانب : إنا مانكره ذلك إذا كان رضا. فقال مروان :فإنه قد اختار لكم الرضا الّذي يسير بسيرة الخلفاء الراشدين المهديين ، وهو ابنه (يزيد). قال : فسكت الناس.

وتكلم عبد الرحمن بن أبي بكر ، فقال : كذبت والله ، وكذب من أمّرك بهذا.والله ما (يزيد) بمختار ولا رضا ، ولكنكم تريدون أن تجعلوها هرقلية في يزيد الخمور ، يزيد القرود ، يزيد الفهود.

فقال مروان : إن هذا المتكلم هو الّذي أنزل الله فيه :( وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ) [الأحقاف : ١٧].

(قال) فغضب عبد الرحمن ، وقال : يابن الزرقاء! أفينا تتأوّل القرآن ، وأنت الطريد ابن الطريد!. ثم بادر إليه فأخذ برجليه ، وقال : انزل يا عدوّ الله عن منبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فليس مثلك من يتكلم [بهذا] على أعواده.

قال : فضجّت بنو أمية في المسجد. وبلغ ذلك عائشة فخرجت من منزلها متلفّعة بملاءة لها ، ومعها نسوة من قريش ، حتّى دخلت المسجد. فلما نظر إليها مروان كأنه فزع من ذلك ، فقال : سألتك بالله يا أم المؤمنين إن قلت إلا حقا. فقالت عائشة : لا أقول إلا حقا. أشهد لقد لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أباك ولعنك ، فأنت فضض من لعنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنت الطريد ابن الطريد. أتكلّم أخي عبد الرحمن بما تكلمه!.فسكت مروان ولم يردّ عليها شيئا ، [ورجعت عائشة إلى منزلها] وتفرّق الناس.

٤٠٣ ـ عزل مروان بن الحكم عن المدينة :

ذكر الدينوري في (الإمامة والسياسة) ص ١٧٥ : أن معاوية بعد وفاة الإمام الحسنعليه‌السلام وتولية يزيد ، بعث إلى مروان وكان عامله على المدينة ، يطلب منه أخذ البيعة ليزيد من أهل المدينة ، فحاول مروان ذلك فلم يستطع. فبعث إلى معاوية

٣٦٧

بعدم تجاوب أهل المدينة معه. فعزله ، وعيّن مكانه سعيد بن العاص ، وهو جلف قاس ، فأظهر الغلظة ، وأخذهم بالعزم والشدة. ثم قدم معاوية بنفسه إلى المدينة.

ترجمة مروان بن الحكم

[وأبيه الحكم بن أبي العاص]

هو أبو الحكم ، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية.

قال الذهبي في (العبر في خبر من غبر) ج ١ ص ٧١ :

وكان مروان كاتب السرّ لابن عمه عثمان ، وبسببه جرى على عثمان ما جرى. وكان قصيرا ، كبير الرأس واللحية ، دقيق الرقبة ، أوقص ، أحمر الوجه. يلقّب : خيط باطل ، لدقّة عنقه. عاش ثلاثا وستين سنة.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ج ٥ ص ١٢٥ طبعة أنيقة : وكان والده الحكم مغموصا عليه في إسلامه ، وكان إظهاره الإسلام في يوم فتح مكة ، فكان يمرّ خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيخلج بأنفه ويغمز بعينيه ، فبقي على ذلك التخليج وأصابته خبلة.

وكان الحكم يفشي أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلعنه وسيّره إلى الطائف مع بنيه ، وقال : لا يساكنّي. فلم يزالوا طرداء حتّى ردّهم عثمان ، فكان ذلك مما نقم فيه عليه.

عن أبي هريرة (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رأيت في النوم بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبري كما تنزو القردة «فأصبح كالمتغيّظ. فما رؤي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مستجمعا ضاحكا بعد ذلك حتّى مات (راجع مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ١٧٣).

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) : حدثنا روح بن عبد المؤمن المقري عن عمرو بن مرة الجهني ، قال : استأذن الحكم بن أبي العاص على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «ائذنوا له لعنة الله عليه ، وعلى من يخرج من صلبه ، إلا المؤمنين وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ، ويتّضعون في الآخرة».

٣٦٨

وكانت أم مروان صفية ، ويقال الصعبة بنت أبي طلحة ، وأمها مارية بنت موهب كندية ، وهي الزرقاء التي يعيّرون بها ، فيقال : بنو الزرقاء. وكان موهب قينا (أي عبدا).

وفي (أخبار الدول) للقرماني ، ص ١٣٢ :

روى الحاكم في كتاب (الفتن والملاحم) من المستدرك عن عبد الرحمن بن عوف ، أنه قال : كان لا يولد لأحد ولد إلا أتي به إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيدعو له. فأدخل عليه مروان بن الحكم ، فقال : «هذا الوزغ ابن الوزغ ، الملعون ابن الملعون».

ثم روى الحاكم عن عمرو بن مرة الجهني ، قال : إن الحكم بن أبي العاص استأذن على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعرف صوته ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«ائذنوا له لعنة الله عليه ذو مكر وخديعة. يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق».

٤٠٤ ـ جملة من أعمال مروان المشينة :

(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٩)

ذكر الذهبي وابن عبد البر وغيرهما شيئا من مخازي مروان ، منها : أنه أول من شقّ عصا المسلمين بلا شبهة. وقتل النعمان بن بشير ، أول مولود من الأنصار في الإسلام. وخرج على ابن الزبير بعد أن بايعه على الطاعة. وقتل طلحة بن عبيد الله يوم الجمل (غيلة من خلفه).

٤٠٥ ـ الغدر صفة متأصلة في مروان :

(نهج البلاغة ، خطبة رقم ٧١)

ومما يثبت أن صفة الغدر متأصلة في مروان ، أنه لما أخذ أسيرا يوم الجمل ، استشفع الحسن والحسينعليهما‌السلام إلى الإمامعليه‌السلام في أن يطلق سراحه ، فخلّى سبيله. فقالا لأبيهما : أتحبّ أن يبايعك يا أمير المؤمنين؟. فقالعليه‌السلام : أولم يبايعني بعد قتل عثمان؟ لا حاجة لي في بيعته ، إنها كفّ يهودية ، لو بايعني بكفّه

٣٦٩

لغدر بسبته (أي إسته). أما إنّ له إمرة كلعقة الكلب أنفه. وهو أبو الأكبش الأربعة ، وستلقى الأمة منه ومن ولده يوما أحمر [يقصد بالأكبش الأربعة أولاد عبد الملك بن مروان وهم : الوليد وسليمان ويزيد وهشام].

٤٠٦ ـ هلاك مروان بن الحكم :

روى الواقدي كما في (تاريخ الطبري) ج ٢ ص ٥٧٦ قال :

تزوج مروان أرملة يزيد وهي (فاختة). وكان زواجه منها أشبه بأخذ الميراث ، منه بأن يكون زواجا ومصاهرة. وقد آلم ذلك نفس خالد بن يزيد ، الّذي أصبح في حجره. وكان مروان لا يألو جهدا في إسقاط خالد من أعين الناس ، وأخيرا حرمه مما كان قد وعده به في (الجابية) من أن تكون له الخلافة بعده.

فما كان من فاختة إلا أن انتقمت لابنها خالد من غدر مروان ، فغطّته بالوسادة وهو في سريره ، حتّى قتلته.

وقال الذهبي في (دول الإسلام) :

فلم يلبث أن وثبت عليه زوجته لكونه شتمها ، فوضعت على وجهه مخدّة كبيرة وهو نائم ، وقعدت هي وجواريها فوقها ، حتّى مات.

وقال البلاذري في (أنساب الأشراف) ص ١٥٩ طبع ليدن :

غدر مروان بخالد بن يزيد بن معاوية فيما وعده من ولاية العهد ، وأمه فاختة.ودخل عليه خالد على مرحلة من دمشق ، فقال له مروان : ما أدخلك عليّ في هذا الوقت يابن الرطبة؟!. فقال خالد : أمين مختبر ، أبعدها الله وأسحقها. وأتى أمه فأخبرها بما قال مروان. فقالت له : لن تسمع منه مثلها أبدا. ودخل مروان على أم خالد فتركته حتّى نام ، ثم عمدت إلى مرفقة محشوة ريشا فجعلتها على وجهه ، وجلست وجواريها عليها حتّى مات غمّا. ثم صرخت وجواريها وولولن وقلن :مات أمير المؤمنين بالفجأة.

وقال المسعودي في (مروج الذهب) ج ٣ ص ٩٨ :

فمنهم من رأى أنها وضعت على نفسه وسادة وقعدت فوقها مع جواريها حتّى مات. ومنهم من رأى أنها أعدت له لبنا مسموما ، فلما دخل عليها ناولته إياه فشرب. فلما استقر في جوفه وقع يجود بنفسه وأمسك لسانه. فحضره عبد الملك وغيره من ولده ، فجعل مروان يشير إلى أم خالد ، يخبرهم أنها قتلته ، وأم خالد

٣٧٠

تقول : بأبي وأمي أنت ، حتّى عند النزع لم تشتغل عني ؛ إنه يوصيكم بي حتّى هلك.

٤٠٧ ـ معاوية ينقض عهوده ويحاول تولية يزيد :

(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي ، ص ٧٢)

ولكي يضمن معاوية الخلافة لابنه يزيد ، لم يتردد قط في نكث العهود مع الحسين ابن عليعليهما‌السلام .

وقد كان الصلح المعقود بين الحسنعليه‌السلام ومعاوية ينص على الاعتراف بحق الحسينعليه‌السلام في الخلافة ، ولكن معاوية نقض العهد ، وأخذ لابنه البيعة. فحنق الحسينعليه‌السلام ، وزاد في حنقه فساد يزيد ، فلم يعترف قط بطاغية الشام.

وفي (عمدة الطالب في أنساب أبي طالب) ص ١٨٠ ط نجف :

وكان معاوية قد نقض شرط الحسن بن عليعليه‌السلام بعد موته ، وبايع لابنه يزيد.وامتنع الحسينعليه‌السلام من بيعته. وأعمل معاوية الحيلة حتّى أوهم الناس أنه بايعه ، وبقي على ذلك حتّى مات معاوية.

٤٠٨ ـ قدوم معاوية إلى المدينة لأخذ البيعة ليزيد :

(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ج ٨ ص ١٢٧)

روى ابن قتيبة في كتاب (الإمامة والسياسة) في قدوم معاوية إلى المدينة لأخذ البيعة لابنه يزيد ، أنه لما نزل المدينة دعا الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن عباس رضي الله عنه إلى مجلس يضم خاصته. فلما استقرّ بهم المجلس ابتدأ معاوية فقال :

أما بعد ، فالحمد لله وليّ النعم ومنزل النقم ، وأشهد ألا إله إلا الله ، المتعالي عما يقول الملحدون علوا كبيرا ، وأن محمدا عبده المختص المبعوث إلى الجن والإنس كافة ، لينذرهم بقرآن لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد. فأدّى عن الله وصدع بأمره ، وصبر على الأذى في جنبه ، حتّى وضح دين الله ، وأعزّ أولياءه ، وقمع المشركين ، وظهر أمر الله وهم كارهون. فمضى صلوات الله عليه ، وقد ترك من الدنيا ما بذل له ، واختار منها الترك لما سخّر له ، زهادة واختيارا لله ، وأنفة واقتدارا على الصبر ، بغيا لما يدوم ويبقى. فهذه صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم خلفه رجلان محفوظان وثالث مشكوك ، وبين ذلك خوض طالما عالجناه ، مشاهدة ومكافحة ، ومعاينة وسماعا ، وما أعلم

٣٧١

منه فوق ما تعلمان. وقد كان أمر (يزيد) ما سبقتم إليه وإلى تجويزه ، وقد علم الله ما أحاول به من أمر الرعية ، من سدّ الخلل ولمّ الصدع بولاية يزيد ، بما أيقظ العين وأحمد الفعل. هذا معناي في (يزيد) ، وفيكما فضل القرابة ، وحظوة العلم ، وكمال المروءة ، وقد أصبت من ذلك عند يزيد على المناظرة والمقابلة ، ما أعياني مثله عندكما وعند غيركما ، ومع علمه بالسنة وقراءة القرآن ، والحلم الّذي يرجح بالصم الصلاب. وقد علمتما أن الرسول المحفوظ بعصمة الرسالة ، قدّم على الصدّيق والفاروق ومن دونهما من أكابر الصحابة وأوائل المهاجرين يوم غزوة السلاسل من لم يقارب القوم [يريد بذلك عمرو بن العاص] ، وفي رسول الله أسوة حسنة. فمهلا بني عبد المطلب ، فأنا وأنتم شعبا نفع وجد ، وما زلت أرجو الإنصاف في اجتماعكما ، فما يقول القائل إلا بفضل قولكما ، فردّا على ذي رحم مستعتب ، ما يحمد به البصيرة في عتابكما. وأستغفر الله لي ولكما.

٤٠٩ ـ ردّ الإمام الحسينعليه‌السلام على كلام معاوية :

(المصدر السابق ، ص ١٢٨)

قال : فتيسّر ابن عباس للكلام ونصب يده للمخاطبة ، فأشار إليه الحسينعليه‌السلام وقال : على رسلك ، فأنا المراد ، ونصيبي في التهمة أوفر. فأمسك ابن عباس.

فقام الحسينعليه‌السلام فحمد الله وصلّى على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم قال :

أما بعد يا معاوية ، فلن يؤدّي القائل وإن أطنب في صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع جزءا ، وقد فهمت ما لبّست به الخلف بعد رسول الله من إيجاز الصفة ، والنكب عن استبلاغ البيعة. وهيهات هيهات يا معاوية ، فضح الصبح فحمة الدجى ، وبهرت الشمس أنوار السّرج ، ولقد فضّلت حتّى أفرطت ، واستأثرت حتّى أجحفت ، ومنعت حتّى بخلت ، وجرت حتّى جاوزت ، ما بذلت لذي حق من اسم حقه من نصيب ، حتّى أخذ الشيطان حظه الأوفر ونصيبه الأكمل. وفهمت ما ذكرته عن (يزيد) من اكتماله وسياسته لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . تريد أن توهم الناس في يزيد ، كأنك تصف محجوبا ، أو تنعت غائبا ، أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه ، فخذ ليزيد فيما أخذ به ، من استفزازه الكلاب المهارشة عند التحارش ، والحمام السّبّق لأترابهن ، والقينات ذوات المعازف وضروب الملاهي ، تجده ناصرا. ودع عنك ما تحاول ، فما أغناك أن تلقى الله بوزر

٣٧٢

هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه ، فوالله ما برحت تقدح باطلا في جور ، وحتفا في ظلم ، حتّى ملأت الأسقية. وما بينك وبين الموت إلا غمضة ، فتقدم على عمل محفوظ ، في يوم مشهود ، ولات حين مناص.

ورأيتك عرّضت بنا بعد هذا الأمر ، ومنعتنا عن آبائنا تراثنا ، ولقد لعمر الله أورثنا الرسولعليه‌السلام ولادة ، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسول ، فأذعن للحجة بذلك ، وردّه الإيمان إلى النّصف ، فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل ، وقلتم كان ويكون ، حتّى أتاك الأمر يا معاوية ، من طريق كان قصدها لغيرك ، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأميره له وقد كان ذلك ، ولعمرو بن العاص فضيلة بصحبة الرسول وببيعته له ، وما صار لعمرو يومئذ حتّى أنف القوم إمرته ، وكرهوا تقديمه ، وعدوا عليه فعاله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«لا جرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم». فكيف تحتجّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحوال وأولاها ، بالمجتمع عليه من الصواب؟. أم كيف ضاهيت بصاحب تابعا ، وحولك من يؤمن في صحبته ويعتمد في دينه وقرابته ، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون؟. تريد أن تلبس الناس شبهة ، يسعد بها الباقي في دنياه ، وتشقى بها في آخرتك؟.( أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ ) وأستغفر الله لي ولكم.

٤١٠ ـ جرأة أبي قتادة الأنصاري على معاوية :

(أخبار الدول وآثار الأول للقرماني ، ص ١٢٩)

قال ابن أبي الدنيا : حجّ معاوية سنة إحدى وخمسين ، فلما قدم المدينة لقيه أبو قتادة الأنصاري. فقال له معاوية : تلقّاني الناس كلهم غيركم يا معشر الأنصار!.قال : لم يكن لنا دواب. قال : فأين النواضح؟. قال : عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر. فسكت.

يقول القرماني : ولم نذكر في هذا الكتاب ما شجر بين معاوية وبين عليعليه‌السلام لما يتطرق للنفوس الضعيفة وأهل الأهواء من البغض لمعاوية رضي الله عنه.ونسكت عن حرب الصحابة ، فالذي جرى بينهم كان اجتهادا مجردا.

٣٧٣

تعليق على القرماني :

رغم احترامي للشيخ القرماني الدمشقي ، وثقتي بدينه وتقواه وتعظيمه لأهل البيتعليهم‌السلام ، إلا أن كلامه المتقدم لا يمكن السكوت عليه ، من عدة وجوه :

١ ـ يقول : إن ما شجر بين الصحابة الأولين هو من قبيل أن الواحد منهم قد اجتهد فأخطأ. وأقول : إن الخطأ في الاجتهاد مقبول بالنسبة لأهل العلم والذين قضوا حياتهم في الدين والفقه ، فهؤلاء بعد تحصيلهم كل هذه العلوم إذا اجتهدوا وصدف أن أخطؤوا فيمكن التجاوز عنهم. لكن هذا لا ينطبق على مثل مروان بن الحكم ومعاوية والحجاج وغيرهم. فمعاوية رجل ليس عنده أي رصيد من الدين ، وكل أعماله كانت صادرة من مصلحته الشخصية ، وهذا هو الّذي دعاه إلى تولية يزيد ، وهو يعلم أنه أفجر الناس أجمعين. فليس معاوية من الذين يجوز لهم الاجتهاد في أمور الدين أصلا ، حتّى نقول إنه اجتهد فأخطأ أو أصاب.

٢ ـ إن الاجتهاد الّذي يحتمل فيه الإصابة والخطأ ، هو الاجتهاد في الأمور المبهمة المشتبه فيها ، وليس في الأشياء الواضحة الثابتة مثل خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام . فكيف يجوز لأحد أن يجتهد فيها ، ويقول إنها صحيحة أو غير صحيحة بعد أن اجتمع المسلمون عليها. وهذا انطلاقا من كلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«لا اجتهاد في موضع النص». فما عمله معاوية في عدم مبايعته للإمام عليعليه‌السلام وإراقته الدماء في سبيل ذلك ، هو ليس اجتهاد ، وإنما هو خروج كامل عن الدين والإسلام.

٣ ـ إن القرماني يقول : إن ما شجر بين الصحابة يلزم عدم ذكره بل ستره ، وإذا علمنا أن ما فعله معاوية وأمثاله من العمل على اقتتال المسلمين وإراقة دمائهم ، وبالتالي ضياع الإسلام تشتيت المسلمين ، هو يحصل في كل زمان ، ولا أحد يسكت عنه ، فكيف نسكت عن الأولين الذين هم كانوا أول من فتح باب الفتن والدماء على هذه الأمة ، وهم الذين سنّوا أساس الكفر والنفاق؟ إن هؤلاء أولى بالذكر والتعرية والإنكار ممن جاء بعدهم ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سنّ سنّة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

٣٧٤

٤١١ ـ قصة عن مداهنة الناس لمعاوية لكسب الأموال :

(مرآة الجنان لليافعي ، ج ١ ص ١٤٦ ط ١)

روي أن معاوية لما نصّب ولده يزيد في ولاية العهد ، أقعده في قبة حمراء ، فجعل الناس يسلّمون على معاوية ، ثم يميلون إلى يزيد. حتّى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية ، فقال : يا أمير المؤمنين لو لم تولّ هذا أمور المسلمين لأضعتها.والأحنف بن قيس جالس. فقال له معاوية : ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟. فقال :أخاف الله إن كذبت ، وأخافكم إن صدقت. فقال معاوية [للرجل] : جزاك الله خيرا عن الطاعة ، وأمر له بألوف. فلما خرج لقيه ذلك الرجل ، فقال : يا أبا بحر إني لأعلم كذا وكذا وذمّ يزيد ، ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال ، فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت. فقال الأحنف : إن ذا الوجهين خليق أن لا يكون عند الله وجيها.

٤١٢ ـ أيهما يخدع الآخر؟ :

يروى أنه لما ألزم معاوية الناس على البيعة ليزيد بولاية العهد ، بدأ الناس يتوافدون عليه جماعات لتهنئته وتقريظه. فخلا يزيد بأبيه يوما فقال له : يا أبت ، إني متعجب ما أدري أنحن نخدع الناس ، أم أن الناس يخدعوننا؟. فقال معاوية ليزيد قوله المشهور : يا بني ، من خادعته فتخادع لك ليخدعك ، فقد خدعته.

وهذا يبيّن أن كل أعمال معاوية هي خداع في خداع. ومن أوضح الأمثلة على هذا الخداع قصة أرينب بنت اسحق!.

قصة أرينب بنت اسحق

[التي تدل على كرم أخلاق مولانا الحسين]

[في مقابل دناءة أخلاق معاوية ويزيد]

تمهيد للقصة :

بعد أن ضرب معاوية على فخذه وهو يصلي في مسجد دمشق ، ونجا من الموت بأعجوبة ، جاءته الوفود إلى الشام تهنّئه بالصحة والسلامة. وكان من جملة من جاءه مسلّما واليه على العراق عبد الله بن سلّام ومعه زوجته (أرينب بنت اسحق) ذات

٣٧٥

الجمال الأخّاذ. وكان يزيد يجلس في إحدى شرفات قصر الخضراء حين رآها تدخل مع زوجها ، فهاج في صدره حبّ قديم وكان يعرفها من قبل ، فافتتن بها.

ثم إنه دخل على أبيه معاوية وقال له : لا بدّ لي من زواج (أرينب) مهما كلف الأمر. وبما أن يزيد هو الابن المدلل لأبيه ، والذي لا تردّ له حاجة ، عمل معاوية على تنفيذ رغبة ابنه ، ولو كان في ذلك المهانة والعار ، والدناءة وغضب الجبار.

٤١٣ ـ قصة أرينب بنت اسحق :

(الإتحاف بحب الإشراف للشبراوي ، ص ٢٠١ ـ ٢٠٩)

يقول الشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي :

فمن مكارم أخلاق الإمام الحسينعليه‌السلام ما حكاه ابن بدرون في (شرح قصيدة ابن عبدون) من قصة أرينب بنت اسحق زوجة عبد الله بن سلّام القرشي. وكان عبد الله هذا واليا لمعاوية على العراق ، وكانت أرينب هذه من أجمل نساء وقتها وأحسنهن أدبا وأكثرهن مالا. وكان يزيد بن معاوية قد سمع بجمالها وبما هي عليه من الأدب وحسن الخلق والخلق ، ففتن بها ، فلما عيل صبره استراح في ذلك مع أحد خصيان معاوية ، وكان ذلك الخصي خاصّا بمعاوية واسمه رفيف ، فذكر رفيف ذلك لمعاوية ، وذكر شغفه بأرينب ، وأنه ضاق ذرعه بأمرها.

فبعث معاوية إلى يزيد فاستخبره من أمره ، فبثّ له شأنه ، فقال معاوية : مهلا يا يزيد!. قال : علام تأمرني بالمهل ، وقد انقطع منها الأمل. قال له معاوية : فأين حجاك ومروءتك؟. فقال له يزيد : قد عيل الصبر والحجى ، ولو كان أحد ينتفع به في الهوى ، لكان أولى الناس بالصبر عليه داود حين ابتلي به.

قال له : اكتم أمرك يا بني ، فإن البوح به غير نافعك ، والله بالغ أمره فيك ، ولا بدّ مما هو كائن.

وكانت أرينب بنت اسحق مثلا في أهل زمانها ، لجمالها وتمام كمالها وشرفها وكثرة مالها. فأخذ معاوية في الحيلة حتّى يبلغ يزيد رضاه فيها.

فكتب معاوية إلى (عبد الله بن سلّام) وكان استعمله على العراق ، أن أقبل حين تنظر في كتابي لأمر فيه حظك إنشاء الله ، ولا تتأخر عنه ، وجدّ السير.

وكان عند معاوية يومئذ بالشام أبو هريرة وأبو الدرداء صاحبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .فلما قدم عليه عبد الله بن سلام الشام ، أمر معاوية أن ينزل منزلا قد هيأه له ، وأعدّ

٣٧٦

فيه منزله ، ثم قال لأبي هريرة وأبي الدرداء : إن الله قد قسم بين عباده نعما ، أوجب عليهم شكرها ، وحتم عليهم حفظها ، فحباني منهاعزوجل بأتم الشرف وأكرم الذكر ، وأوسع عليّ رزقه ، وجعلني راعي خلقه وأمينه في بلاده ، والحاكم في أمر عباده ، ليبلوني أأشكر أم أكفر. وأول ما ينبغي للعبد أن يفتقده وينظر فيه ، من استرعاه الله أمره ومن لا غنى له عنه. وقد بلغت لي ابنة [أي أدركت سن البلوغ] أريد إنكاحها ، وأنظر في اختيار من يباعلها ، لعل من يكون بعدي يقتدي فيه بهديي ، ويتّبع فيه أثري ، فإنه قد يبتزّ الملك بعدي ، من يغلب عليه ز هو الشيطان ، وتزيينه إلى تعطيل بناتهم ، فلا يردن لهن كفوا. وقد رضيت لابنتي عبد الله بن سلام القرشي ، لدينه وشرفه ومروءته وأدبه.

فقال أبو هريرة وأبو الدرداء : إن أولى الناس برعاية نعم الله وشكرها وطلب مرضاته فيما خصّه به أنت ، لأنك صاحب رسول الله وكاتبه وصهره. قال معاوية :فاذكرا ذلك عني لعبد الله ، وقد جعلت لها في نفسها شوري ، غير أني لأرجو أن لا تخرج من رأيي إنشاء الله تعالى.

فخرجا من عنده متوجهين إلى منزل عبد الله بن سلام بالذي قاله لهما معاوية.

ثم إن معاوية دخل على ابنته فقال لها : إذا دخل عليك أبو الدرداء وأبو هريرة ، وعرضا عليك أمر عبد الله بن سلّام وإنكاحي إياك منه ، وحضّاك إلى المسارعة إلى هواي ، فقولي لهما : عبد الله بن سلام كفؤ كريم وقريب حميم ، غير أن تحته أرينب بنت اسحق ، وأنا خائفة أن يعرض لي من الغيرة ما يعرض للنساء ، فأتناول منه ما يسخط الله فيه فيعذبني عليه ، ولست بفاعلة حتّى يفارقها.

فلما ذكر ذلك أبو هريرة وأبو الدرداء لعبد الله بن سلام ، وأعلماه بالذي أمرهما معاوية ، وأنهما جاءاه خاطبين!. قال لهما : نعم ، أنتما تعلمان رضاي بذلك وحرصي على صهارة أمير المؤمنين. فرجعا إلى معاوية وذكرا له ذلك. فقال : أنا راض بذلك وطالب له ، لكني قد أعلمتكما أني جعلت لها في نفسها شوري ، فادخلا عليها واعرضا عليها ما أحببته لها. فدخلا عليها وعرضا عليها ذلك ، فقالت كالذي قال لها أبوها.

فأعلما عبد الله بن سلام بذلك ، فلما ظن أنه لا يمنعها منه إلا بقاء أرينب عنده ، أشهدها على طلاقها ثلاثا ، وأرسلهما يعلمان بذلك معاوية وابنته. فأظهر معاوية

٣٧٧

كراهية لما فعله عبد الله بن سلام ، وقال : ما أحببت طلاق زوجته ولا استحسنته ، ولكن انصرفا في عافية. ثم عودا إلينا فإننا نسعى في رضاها ، ويكون ذلك إنشاء الله.

وكتب إلى يزيد يعلمه بما كان من طلاق عبد الله لزوجته أرينب بنت اسحق.

ثم عاد أبو هريرة وأبو الدرداء إلى معاوية ، فأمرهما بالدخول على ابنته وسؤالها رضاها ، تبرّيا من الأمر ، ونظرا في القدر. وقال : لم يكن لي أن أكرهها وقد جعلت لها الشورى في نفسها. فدخلا عليها وأعلماها بطلاق عبد الله بن سلام لزوجته أرينب ليسرّاها ، وذكرا من فضل عبد الله وكمال مروءته وكريم فخره. فقالت : جفّ القلم بما هو كائن ، وإنه في قريش لرفيع القدر ، وقد تعلمان أن التزويج جدّه جدّ وهزله جدّ ، والأناة في الأمور آمن لما يخاف فيها من المحذور ، وأن الأمور إذا جاءت خلاف الهوى بعد التأني فيها ، كان المرء بحسن العزاء خليقا ، وبالصبر عليها حقيقا. وإني سائلة عنه حتّى أعرف دخلة خبره ، ويتضح لي بالذي أريد علمه من أمره ، وإن كنت أعلم أن لا اختيار لأحدهما فيما هو كائن ، ومعلمتكما بالذي يزينه الله في أمره ، ولا قوة إلا بالله. قال الشيخان : وفقك الله وخار لك.

وتحدث الناس بالذي كان من طلاق عبد الله بن سلام امرأته ، وخطبته ابنة معاوية. واستحث عبد الله بن سلام الشيخين ، فأتياها ، فقالا لها : اصنعي ما أنت صانعة واستخيري الله ، فإنه يهدي من استهداه. قالت : أرجو والحمد لله أن يكون الله قد خار ، فإنه لا يكل إلى غيره من توكل عليه. وقد سألت عنه فوجدته غير ملائم ولا موافق لما أريد لنفسي ، مع اختلاف من استشرتهم فيه ، فمنهم الناهي عنه والآمر به ، واختلافهم أقل ما كرهت.

فلما بلغّاه كلامها ، علم أنه مخدوع. وقال متعزيا : ليس لأمر الله رادّ ، ولا لما بدّ منه صادّ ، فإن المرء وإن كمل له علمه واجتمع له عقله ، ليس بدافع عن نفسه قدرا برأي ولا كيد. ولعل ما سرّوا به لا يدوم لهم سروره ، ولا يدفع عنهم محذوره.

وشاع أمره وفشا في الناس ، وقالوا : خدعه معاوية حتّى طلقّ امرأته ، وإنما أرادها لابنه يزيد ، بئس ما صنع.

ولما انقضت أقراؤها (وهي العدّة) وجّه معاوية أبا الدرداء إلى العراق خاطبا لها على ابنه يزيد. فخرج حتّى قدمها ، وبها يومئذ الحسين بن عليعليهما‌السلام . فقال

٣٧٨

أبو الدرداء حين قدم العراق : ما ينبغي لذي نهى أن يبدأ بشيء غير زيارة الحسينعليه‌السلام سيد شباب أهل الجنة ، إذا دخل موضعا هو فيه ، فإذا أديت حقه ذهبت إلى ما جئت إليه.

مبادرة رائعة :

فلما رآه الحسينعليه‌السلام قام إليه وصافحه إجلالا لصحبته من جدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولموضعه من الإسلام. وقال له : ما أتى بك يا أبا الدرداء؟. قال : وجّهني معاوية خاطبا لابنه يزيد (أرينب بنت اسحق) فرأيت عليّ حقا أن لا أبدأ بشيء قبل السلام عليك. فشكر له الحسينعليه‌السلام ذلك وأثنى عليه. ثم قال : لقد كنت أردت نكاحها وعزمت على الإرسال إليها ، إذا انقضت أقراؤها ، فلم يمنعني من ذلك إلا تخيّر فعلك ، فقد أتى الله بك ، فاخطب رحمك الله لي وله [أي يزيد] التحري من تختاره منا ، وهي أمانة في عنقك حتّى تؤديها إليها ، واعطها من المهر مثل ما بذل لها معاوية عن ابنه. فقال : أفعل إنشاء الله.

فلما دخل أبو الدرداء على أرينب ، قال : أيتها المرأة ، إن الله خلق الأمور بقدرته ، وكوّنها بعزته ، فجعل لكل أمر قدرا ، ولكل قدر سببا ، فليس لأحد عن قدر الله مستخلص ، ولا للخروج من عمله مناص ، فكان ما سبق لك وقدّر عليك ، الّذي كان من فراق عبد الله بن سلام إياك ، ولعل ذلك لا يضرّك ، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا. وقد خطبك أمير هذه الأمة وابن مليكها وولي عهده والخليفة من بعده : يزيد ابن معاوية ، والحسين ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن أول من أقرّ به من أمته وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة. وقد بلغك سناهما وفضلهما ، وجئتك خاطبا لهما ، فاختاري أيهما شئت.

فسكتت طويلا ، ثم قالت : يا أبا الدرداء ، لو كان هذا الأمر جاءني وأنت غائب ، لأشخصت فيه الرسل إليك ، واتبعت فيه رأيك ولم أقتطعه دونك. فأما إذ كنت المرسل فيه ، فقد فوّضت أمري بعد الله إليك ، وجعلته في يديك ، فاختر لي أرضاهما لديك ، والله شاهد عليك ، فاقض في قصدي بالتحري ، ولا يصدّنك عن ذلك اتباع هوى ، فليس أمرهما عليك خفيّا ، ولست فيما طوّقتك غبيّا.

قال أبو الدرداء : أيتها المرأة إنما عليّ إعلامك ، وعليك الاختيار لنفسك.فقالت : عفا الله عنك ، إنما أنا بنت أخيك ومن لا غنى به عنك ، فلا تمنعك رهبة

٣٧٩

أحد من قول الحق فيما طوّقتك. فقد وجبت عليك إذا الأمانة فيما حمّلتك. والله خير من روعي وخيف ، إنه بنا خبير لطيف.

فلما لم يجد بدّا من القول والإشارة ، قال : أي بنيّة ، ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحبّ إليّ لك وأرضى عندي ، والله أعلم بخيرهما لك. وقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضعا شفتيه على شفتي حسين ، فضعي شفتيك حيث وضع رسول الله شفتيه.قالت : قد اخترته ورضيته فتزوجها الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام وساق لها مهرا عظيما.

وبلغ معاوية الّذي كان من فعل أبي الدرداء في ذلك ، ونكاح الحسينعليه‌السلام إياها ، فتعاظمه جدا ولامه شديدا. وقال : من يرسل ذا بله وعمى ، يركب خلاف ما يهوى. وكان عبد الله بن سلام قد استودع أرينب قبل فراقها بدرات مملوءة درّا ، وكان ذلك أعظم ماله لديه وأحبه إليه. وقد كان معاوية اطّرحه وقطع عنه جميع روافده لسوء قوله فيه وتهمته أنه خدعه. فلم يزل يجفوه حتّى عيل صبره ، وقلّ ما في يديه ، ولام نفسه على المقام لديه. فرجع إلى العراق ، وهو يذكر ماله الّذي استودعه إياها ، ولا يدري كيف يصنع فيه ، وأنّى يصل إليه ، وهو يتوقع جحودها لسوء فعله بها ، وطلاقه إياها من غير شيء أنكره عليها.

ردّ الحقّ إلى أهله :

فلما قدم العراق لقي الحسينعليه‌السلام فسلّم عليه ، ثم قال له : قد عرفت ما كان من خبري وخبر أرينب. وكنت قبل فراقي إياها قد استودعتها مالا عظيما ، وكان الّذي كان ، ولم أقبضه ، ووالله ما أنكرت منها في طول صحبتها فتيلا ، ولا أظن بها إلا جميلا. فذاكرها أمري وحاضضها على ردّ مالي إليّ ، فإن الله يحسن إليك ذكرك ، ويجزل به أجرك. فسكت عنه.

ولما انصرف الحسينعليه‌السلام إلى أهله ، قال لها : قدم عبد الله بن سلام ، وهو يحسن الثناء عليك ويحمل النشر عنك ، في حسن صحبتك ، وما آنسه قديما من أمانتك ، فسرّني بذلك وأعجبني. وذكر أنه كان استودعك مالا ، فأدّي إليه أمانته ، وردّي عليه ماله ، فإنه لم يقل إلا صدقا ، ولم يطلب إلا حقا. قالت : صدق.استودعني مالا لا أدري ما هو ، وإنه لمطبوع عليه بخاتمه ، ما حوّل فيه شيء إلى يومه ، وها هو فادفعه إليه بطابعه. فأثنى عليها الحسينعليه‌السلام خيرا. وقال : أدخله عليك حتّى تبرئي إليه منه ، كما دفعه إليك.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446