مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38465 / تحميل: 4114
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يقذف الصبية يجلد قال لا حتى تبلغ.

( باب )

( الرجل يقذف جماعة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل افترى على قوم جماعة قال إن أتوا به مجتمعين ضرب

باب الرجل يقذف جماعة

الحديث الأول : حسن.

ورواه في التهذيب عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير(١) فالخبر صحيح.

قوله : « جماعة » إما حال عن القوم أي حالكونهم مجتمعين أو صفة له أو صفة لصدر محذوف أي قذفه مجتمعة في اللفظ أو متعددة في مجلس واحد.

ولعل الأول أظهر ثم الثالث.

وقال في الشرائع : إذا قذف جماعة واحدا بعد واحد فلكل واحد حد ، ولو قذفهم بلفظ واحد وجاءوا به مجتمعين فللكل واحد ، ولو افترقوا في المطالبة فلكل واحد حد.

وقال في المسالك : هذا التفصيل هو المشهور ، ومستنده صحيحة جميل ، وإنما حملناه على ما لو كان القذف بلفظ واحد مع أنه أعم جمعا بينه وبين رواية الحسن العطار(٢) ، بحمل الأولى على ما لو كان القذف بلفظ واحد ، والثانية على ما لو جاءوا به مجتمعين وابن الجنيد عكس الأمر فجعل القذف بلفظ واحد موجبا لاتحاد الحد مطلقا ، وبلفظ متعدد موجبا للاتحاد إن جاءوا به مجتمعين وللتعدد إن جاءوا به متفرقين ، ونفى عنه في المختلف البأس محتجا بدلالة الخبر الأول عليه وهو أوضح طريقا ، وإنما يتم دلالة الخبر عليه إذا جعلنا « جماعة » صفة للقذف المدلول عليه بالفعل

__________________

(١) التهذيب ج ١٠ ص ٦٨ ـ ٦٩ ح ١٩.

(٢) التهذيب ج ١٠ ص ٦٨ ـ ٦٩ ح ٢١.

٣٢١

حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل واحد منهم حدا.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الحسن العطار قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل قذف قوما قال قال بكلمة واحدة قلت نعم قال يضرب حدا واحدا فإن فرق بينهم في القذف ضرب لكل واحد منهم حدا.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل افترى على قوم جماعة قال فقال إن أتوا به مجتمعين ضرب حدا واحدا وإن أتوا به متفرقين ضرب لكل رجل حدا.

عنه ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

( باب في نحوه )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن نعيم بن إبراهيم ، عن عباد البصري قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام ـ عن ثلاثة شهدوا

وهو أقوى ، وأريد بالجماعة القذف المتعدد ، ولو جعلناه صفة مؤكدة للقوم شمل القذف المتحد والمتعدد ، فالعمل به يقتضي التفصيل فيهما ، ولا يقولون به وفي الباب أخبار أخر مختلفة غير معتبرة الإسناد.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

الحديث الثالث : مجهول والسند الثاني موثق.

باب في نحوه

الحديث الأول : مجهول.

وقال في القواعد : إذا لم يكمل شهود الزنا حدوا وكذا لو كملوا غير متصفين كالفساق ، ولو كانوا مستورين ولم يثبت عدالتهم ولا فسقهم فلا حد عليهم ، ولا يثبت

٣٢٢

على رجل بالزنى وقالوا الآن نأتي بالرابع قال يجلدون حد القاذف ثمانين جلدة كل رجل منهم.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا أكون أول الشهود الأربعة على الزنى أخشى أن ينكل بعضهم فأجلد.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدق بن صدقة ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل شهد عليه ثلاثة أنه زنى بفلانة وشهد الرابع أنه لا يدري بمن زنى قال لا يجلد ولا يرجم.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله ، عن أبيهعليه‌السلام في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنى فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام أين الرابع فقالوا الآن يجيء فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام حدوهم فليس في الحدود نظرة ساعة.

الزنا ويحتمل أن يجب الحد إن كان رد الشهادة لمعنى ظاهر كالعمى والفسق الظاهر لا لمعنى خفي كالفسق الخفي ، فإن غير الظاهر خفي عن الشهود فلم يقع منهم تفريط.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : موثق.

ويدل على أن مع ذكرهم لمن وقع عليها الزنا يلزم اتفاقهم فيها ، ولا يدل على أنه يجب التعرض لمن وقع عليها كما يفهم من كلام بعض الأصحاب ، وليس في الخبر حد الشهود ، وظاهر الأصحاب أنهم يحدون.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٣٢٣

( باب )

( الرجل يقذف امرأته وولده )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين وأبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل قال لامرأته يا زانية أنا زنيت بك قال عليه حد واحد لقذفه إياها وأما قوله أنا زنيت بك فلا حد فيه إلا أن يشهد على نفسه أربع شهادات بالزنى عند الإمام.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يقذف امرأته قبل أن يدخل بها قال يضرب الحد ويخلى بينه وبينها.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن محمد بن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قذف امرأته قبل أن يدخل بها جلد الحد وهي امرأته.

٤ ـ عنه ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا قذف

باب الرجل يقذف امرأته وولده

الحديث الأول : صحيح.

ولو قال لامرأته : أنا زنيت بك قيل : لا يحد لاحتمال الإكراه ، والمشهور بين الأصحاب ثبوته ما لم يدع الإكراه ، ولا يمكن الاستدلال عليه بهذا الخبر للتصريح فيهبقوله « يا زانية » والشيخ في النهاية فرض المسألة موافقا للخبر ، وحكم بذلك ، وغفل من تأخر عنه عن ذلك ، وأسقطوا قوله « يا زانية » وقال في القواعد :

لو قال لامرأة : أنا زنيت بك حد لها على إشكال ، فإذا أقر أربعا حد للزناء أيضا.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٢٤

الرجل امرأته ثم أكذب نفسه جلد الحد وكانت امرأته وإن لم يكذب على نفسه تلاعنا ويفرق بينهما.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ »(١) قال هو الذي يقذف امرأته فإذا قذفها ثم أقر بأنه كذب عليها جلد الحد وردت إليه امرأته وإن أبى إلا أن يمضي فشهد عليها أربع «شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ » والخامسة يلعن فيها نفسه «إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ » وإن أرادت أن تدرأ عن نفسها العذاب والعذاب هو الرجم شهدت «أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها إِنْ كانَ مِنَ الصَّادِقِينَ » وإن لم تفعل رجمت فإن فعلت درأت عن نفسها الحد ثم لا تحل له إلى يوم القيامة.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عباد بن صهيب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أوقفه الإمام للعان فشهد شهادتين ثم نكل وأكذب نفسه قبل أن يفرغ من اللعان قال يجلد حد القاذف ولا يفرق بينه وبين المرأة.

٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الكريم ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل لاعن امرأته وهي حبلى ثم ادعى ولدها بعد

ولا خلاف في اشتراط الدخول في اللعان بنفي الولد ، وأما اللعان بالقذف فاختلفوا فيه ، والأشهر الاشتراط كما يدل عليه ظواهر هذه الأخبار بل صريحها.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

الحديث السادس : موثق.

الحديث السابع : حسن.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في جواز لعان الحامل إذا قذفها أو نفي ولدها قبل الوضع ، فذهب الأكثر إلى جوازه ، لعموم الآية(٢) وخبر الحلبي وإن

__________________

(١) سورة النور : ٦.

(٢) سورة النور : ٦.

٣٢٥

ما ولدت وزعم أنه منه قال يرد إليه الولد ولا يجلد لأنه قد مضى التلاعن.

٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفتري على امرأته قال يجلد ثم يخلى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول أشهد أنني رأيتك تفعلين كذا وكذا.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في الرجل يقذف امرأته يجلد ثم يخلى بينهما ولا يلاعنها حتى يقول إنه قد رأى من يفجر بها بين رجليها.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن شعيب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قذف امرأته فتلاعنا ثم قذفها بعد ما تفرقا أيضا بالزنى أعليه حد قال نعم عليه حد.

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار

نكلت أو اعترفت لم تحد إلى أن تضعقوله عليه‌السلام : « يرد إليه الولد » بأن يرثه الولد ، ولا يرث هو من الولد.

الحديث الثامن : صحيح.

ولا خلاف في اشتراط دعوى المعاينة في اللعان إذا قذف ، وأما إذا نفى الولد فلا.

الحديث التاسع : صحيح.

الحديث العاشر : موثق.

وقال في الشرائع(١) : إذا قذفها ولم يلاعن فحد ثم قذفها به ، قيل : لا حد ، وقيل : يحد تمسكا بحصول الموجب وهو الأشبه ، وكذا الخلاف فيما إذا تلاعنا ثم قذفها به ، وهنا سقوط الحد أظهر.

وقال في المسالك(٢) : الأقوى السقوط وموضع الخلاف ما إذا كان القذف الثاني لمتعلق الأول ، أما لو قذفها بزنية أخرى فلا إشكال في ثبوت الحد عليه ثانيا.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

__________________

(١) الشرايع ج ٣ ص ١٠١.

(٢) المسالك ج ٢ ص ١٢١ ذيل المسألة الأولى. باختلاف يسير.

٣٢٦

عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قال لامرأته لم أجدك عذراء قال يضرب قلت فإنه عاد قال يضرب فإنه يوشك أن ينتهي.

قال يونس يضرب ضرب أدب ليس بضرب الحدود لئلا يؤذي امرأة مؤمنة بالتعريض.

١٢ ـ يونس ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل قال لامرأته لم تأتني عذراء قال ليس عليه شيء لأن العذرة تذهب بغير جماع.

١٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن رجل قذف ابنه بالزنى قال لو قتله ما قتل به وإن قذفه لم يجلد له قلت فإن قذف أبوه أمه فقال إن قذفها وانتفى من ولدها تلاعنا ولم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه وفرق بينهما ولم تحل له أبدا قال وإن كان قال لابنه وأمه حية يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها جلد الحد لها ولم يفرق بينهما قال

وقال في المختلف : المشهور أن الرجل إذا قال لامرأته بعد ما دخل بها لم أجدك عذراء لم يكن عليه حد ، بل يعزر ، وقال ابن الجنيد : لو قال لها من غير حرد(١) ولأسباب لم أجدك عذراء لم يحد ، وهو يشعر به بأنه لو قال مع الحرد(٢) والسباب كان عليه الحد من حيث المفهوم ، وقال ابن أبي عقيل : ولو أن رجلا قال لامرأته لم أجدك عذراء جلد الحد ، ولم يكن في هذا وأشباهه لعان.

الحديث الثاني عشر : حسن.

الحديث الثالث عشر : مجهول ، ويدل ظاهرا على ما ذهب إليه الصدوق (ره) من أن اللعان لا يكون إلا بنفي الولد ، ويمكن حمله على ما إذا لم يدع المعاينة.

وقال في القواعد : لو قذف الأب ولده عزر ولم يحد ، وكذا لو قذف زوجته الميتة ولا وارث لها سواه ، ولو كان لها ولد من غيره كان له الحد كملا دون الولد الذي من صلبه.

__________________

(١) الحرد : الغضب. أقرب الموارد ج ١ ص ١٧٨.

(٢) كذا في النسخ والظاهر زيادة كلمة « به » من النسّاخ.

٣٢٧

وإن كان قال لابنه يا ابن الزانية وأمه ميتة ولم يكن لها من يأخذ بحقها منه إلا ولدها منه فإنه لا يقام عليه الحد لأن حق الحد قد صار لولده منها وإن كان لها ولد من غيره فهو وليها يجلد له وإن لم يكن لها ولد من غيره وكان لها قرابة يقومون بأخذ الحد جلد لهم.

١٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن ابن مضارب ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من قذف امرأته قبل أن يدخل بها ضرب الحد وهي امرأته.

( باب )

( صفة حد القاذف )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال سألته عن رجل يفتري كيف ينبغي للإمام أن يضربه قال جلد بين الجلدين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا ينزع شيء من ثياب القاذف إلا الرداء.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال يجلد المفتري ضربا بين الضربين يضرب جسده كله.

الحديث الرابع عشر : ضعيف.

باب صفة حد القاذف

الحديث الأول : موثق.

وقال في الشرائع : الحد ثمانون جلدة حرا كان أو عبدا ويجلد بثيابه ولا يجرد ، ويقتصر على الضرب المتوسط ولا يبلغ به الضرب في الزنا.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : موثق.

٣٢٨

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال المفتري يضرب بين الضربين يضرب جسده كله فوق ثيابه.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزاني أشد ضربا من شارب الخمر وشارب الخمر أشد ضربا من القاذف والقاذف أشد ضربا من التعزير.

( باب )

( ما يجب فيه الحد في الشراب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل شرب حسوة خمر قال يجلد ثمانين جلدة قليلها وكثيرها حرام.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له كيف كان يجلد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال فقال كان يضرب بالنعال ويزيد كلما أتي بالشارب ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف على ثمانين أشار بذلك

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

باب ما يجب فيه الحد في الشراب

الحديث الأول : موثق.

وقال في النهاية(١) : « فيه ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام »الحسوة بالضم : الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة واحدة.

الحديث الثاني : صحيح.

قوله : « يزيدون » لعل المراد أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يزيد بسبب كثرة الشاربين

__________________

(١) النهاية ج ٢ ص ٣٨٧.

٣٢٩

عليعليه‌السلام على عمر فرضي بها.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول أقيم عبيد الله بن عمر وقد شرب الخمر فأمر به عمر أن يضرب فلم يتقدم عليه أحد يضربه حتى قام عليعليه‌السلام بنسعة مثنية فضربه بها أربعين.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن بريد بن معاوية قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول إن في كتاب عليعليه‌السلام يضرب شارب الخمر ثمانين وشارب النبيذ ثمانين.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له أرأيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف كان يضرب في الخمر فقال كان

فكأنهم زادوه لأنهم صاروا سببا لذلك.

الحديث الثالث : موثق كالصحيح.

وقال في النهاية :النسعة بالكسر : سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره انتهى.

ويظهر منه ومما سيأتي الاكتفاء بالأربعين إذا كان السوط ذا شعبتين أو مثنيا ولم يتعرض له الأصحاب ، ولعل هذا منشأ توهم جماعة من العامة حيث ذهبوا إلى الاكتفاء بالأربعين مطلقا ، ويمكن أن يكون إنما فعلهعليه‌السلام تقية فضرب بذي الشعبتين ليكون أقرب إلى الحكم الواقعي ، إذ لا خلاف بين الأصحاب في أن حد شرب الخمر ثمانون في الحر ، والمشهور في العبد أيضا ذلك ، وذهب الصدوق (ره) إلى أن حده أربعون.

الحديث الرابع : حسن.

ولا خلاف بيننا في عدم الفرق بين الخمر وسائر المسكرات في لزوم كمال الحد.

الحديث الخامس : حسن.

٣٣٠

يضرب بالنعال ويزيد إذا أتي بالشارب ثم لم يزل الناس يزيدون حتى وقف ذلك على ثمانين أشار بذلك علي صلوات الله عليه على عمر.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعليعليه‌السلام اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر فأمر عليعليه‌السلام فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال إن علياعليه‌السلام كان يقول إن الرجل إذا شرب الخمر سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى فاجلدوه حد المفتري.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال كان عليعليه‌السلام يضرب في الخمر والنبيذ ثمانين الحر والعبد واليهودي والنصراني قلت وما شأن اليهودي والنصراني قال ليس لهم أن يظهروا شربه يكون ذلك في بيوتهم.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

الحديث السابع : موثق.

قوله عليه‌السلام : « وإذا سكر » هذا إما بيان لعلة الحكم واقعا أو إلزام على المخالفين كما يظهر من كتبهم حيث ذكروا أنهعليه‌السلام ألزمهم بذلك فقبلوا منه.

الحديث الثامن : موثق.

وقال في الشرائع : الحد ثمانون جلدة رجلا كان الشارب أو امرأة ، حرا كان أو عبدا ، وفي رواية يحد العبد أربعين ، وهي متروكة ، وأما الكافر فإن تظاهر به حد ، وإن استتر لم يحد ويضرب الشارب عريانا على ظهره وكتفيه ، ويتقى وجهه وفرجه ولا يقام عليه الحد حتى يفيق.

٣٣١

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر والنبيذ ثمانين فقلت ما بال اليهودي والنصراني فقال إذا أظهروا ذلك في مصر من الأمصار لأنهم ليس لهم أن يظهروا شربها.

١٠ ـ يونس ، عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام الحد في الخمر إن شرب منها قليلا أو كثيرا قال ثم قال أتي عمر بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر وقامت عليه البينة فسأل علياعليه‌السلام فأمره أن يجلده ثمانين فقال قدامة يا أمير المؤمنين ليس علي حد أنا من أهل هذه الآية «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ

الحديث التاسع : صحيح.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

ولعل المراد أن الله قيد الحكم بالإيمان والأعمال الصالحة ، فمن شرب محرما لا يكون داخلا فيه ، فالمراد بعدم الجناح أنهم لا يحاسبون يوم القيامة على ما تصرفوا فيه من الحلال ، أو المراد أن ما أحل الله للعباد لا يحل حلا خالصا على غير الصلحاء والله يعلم.

وقال في مجمع البيان(١) لما نزل تحريم الخمر والميسر قالت الصحابة : يا رسول الله ما تقول في إخواننا الذين مضوا وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر؟

فأنزل الله هذه الآية وقيل : إنها نزلت في القوم الذين حرموا على أنفسهم اللحوم وسلكوا طريق الترهب كعثمان بن مظعون وغيره ، والمعنى «لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ »(٢) أي إثم وحرج «فِيما طَعِمُوا » من الحلال وهذه اللفظة صالحة للأكل والشرب جميعا «إِذا مَا اتَّقَوْا » شربها بعد التحريم « وَآمَنُوا بالله وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ » أي الطاعات.

__________________

(١) المجمع ج ٣ ص ٢٤٠.

(٢) سورة المائدة الآية ٩٣.

٣٣٢

فِيما طَعِمُوا » قال فقال عليعليه‌السلام لست من أهلها إن طعام أهلها لهم حلال ليس يأكلون ولا يشربون إلا ما أحله الله لهم ثم قال عليعليه‌السلام إن الشارب إذا شرب لم يدر ما يأكل ولا ما يشرب فاجلدوه ثمانين جلدة.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن حماد بن عثمان ، عن عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في كتاب عليعليه‌السلام يضرب شارب الخمر وشارب المسكر قلت كم قال حدهما واحد.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان عليعليه‌السلام يجلد الحر والعبد واليهودي والنصراني في الخمر ثمانين.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كل مسكر من الأشربة يجب فيه كما يجب في الخمر من الحد.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير قال قال حد اليهودي والنصراني والمملوك في الخمر والفرية سواء وإنما صولح أهل الذمة أن يشربوها في بيوتهم قال وسألته عن السكران والزاني قال يجلدان بالسياط مجردين بين الكتفين فأما الحد في القذف فيجلد على ثيابه ضربا بين الضربين.

١٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر رفعه ، عن أبي مريم قال أتي أمير المؤمنينعليه‌السلام بالنجاشي الشاعر قد شرب الخمر في

الحديث الحادي عشر : حسن.

الحديث الثاني عشر : حسن.

الحديث الثالث عشر : صحيح.

الحديث الرابع عشر : صحيح.

الحديث الخامس عشر : ضعيف.

٣٣٣

شهر رمضان فضربه ثمانين ثم حبسه ليلة ثم دعا به من الغد فضربه عشرين سوطا فقال له يا أمير المؤمنين فقد ضربتني في شرب الخمر وهذه العشرون ما هي فقال هذا لتجريك على شرب الخمر في شهر رمضان.

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له أشربت خمرا قال نعم قال ولم وهي محرمة قال فقال له الرجل إني أسلمت وحسن إسلامي ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها ولو علمت أنها حرام اجتنبتها فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول في أمر هذا الرجل فقال عمر معضلة وليس لها إلا أبو الحسن قال فقال أبو بكر ادع لنا عليا فقال عمر يؤتى الحكم في بيته فقاما والرجل معهما ومن

وقال في التحرير : لو شرب المسكر في رمضان أو موضع شريف أقيم عليه الحد وأدب بعد ذلك بما يراه الإمام.

الحديث السادس عشر : حسن أو موثق.

وقال في النهاية :العضل : المنع والشدة يقال : أعضل في الأمر إذا ضاقت عليك فيه الحيل ، ومنه حديث عمر « أعوذ بالله من كل معضلة ليس لها أبو الحسن » وروي معضلة أراد المسألة الصعبة أو الخطبة الضيقة المخارج من الإعضال والتعضيل ، ويريد بأبي الحسن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قوله « يؤتي الحكم » بالضم أو بالتحريك ، والأخير أظهر ، وهو مثل سائر.

قال الجوهري : الحكم بالتحريك : الحاكم ، وفي المثل في بيته يؤتي الحكم وقال الميداني في مجمع الأمثال وشارح اللباب وغيرهما : هذا مما زعمت العرب عن ألسن البهائم ، قالوا : إن الأرنب التقطت تمرة فاختلسها الثعلب فأكلها فانطلقا يختصمان إلى الضب ، فقالت الأرنب : يا أبا الحسن فقال : سميعا دعوت ، قالت : آتيناك لنختصم إليك ، قال : عادلا حكيما ، قالت : فأخرج إلينا قال : في بيته يؤتي الحكم قالت : وجدت تمرة قال : حلوة فكليها ، قالت : فاختلسها الثعلب قال : لنفسه

٣٣٤

حضرهما من الناس حتى أتوا أمير المؤمنينعليه‌السلام فأخبراه بقصة الرجل وقص الرجل قصته قال فقال ابعثوا معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار من كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه ففعلوا ذلك به فلم يشهد عليه أحد بأنه قرأ عليه آية التحريم فخلى عنه وقال له إن شربت بعدها أقمنا عليك الحد.

( باب )

( الأوقات التي يحد فيها من وجب عليه الحد )

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أبي داود المسترق قال حدثني بعض أصحابنا قال مررت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام بالمدينة في يوم بارد وإذا رجل يضرب بالسوط

بغى الخير قالت : فلطمته ، قال : بحقك أخذت قالت : فلطمني قال : حر انتصر ، قالت : فاقض بيننا ، قال : حدث حديثي امرأة فإن أبت فأربعة ، فذهبت أقواله كلها أمثالا انتهى ، وقال في الشرائع : من شرب الخمر مستحلا استتيب فإن تاب أقيم الحد عليه وإن امتنع قتل ، وقيل : يكون حكمه حكم المرتد وهو قوي ، أما سائر المسكرات فلا يقتل مستحلا لتحقق الخلاف بين المسلمين فيها ، ويقام الحد مع شربها مستحلا ومحرما ، وقال في المسالك : القول باستتابته للشيخين وأتباعهما من غير نظر إلى الفطري وغيره ، نظرا إلى إمكان عروض شبهة : والأصح ما اختاره المصنف والمتأخرون ومنهم ابن إدريس من كونه مرتدا ، فينقسم إلى الفطري والملي كغيره من المرتدين ، لأن تحريم الخمر مما قد علم ضرورة من دين الإسلام ، هذا إذا لم يمكن الشبهة في حقه لقرب عهده بالإسلام ونحوه ، وإلا اتجه قول الشيخين : هذا حكم الخمر ، وأما غيرها من المسكرات والأشربة كالفقاع فلا يقتل مستحلها مطلقا ، ولا فرق بين كون الشارب لها ممن يعتقد إباحتها كالحنفي وغيره فيحد عليها ولا يكفر.

باب الأوقات التي يحد فيها من وجب عليه الحد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

٣٣٥

فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام سبحان الله في مثل هذا الوقت يضرب قلت له وللضرب حد قال نعم إذا كان في البرد ضرب في حر النهار وإذا كان في الحر ضرب في برد النهار.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان ، عن الحسين بن عطية ، عن هشام بن أحمر ، عن العبد الصالحعليه‌السلام قال كان جالسا في المسجد وأنا معه فسمع صوت رجل يضرب صلاة الغداة في يوم شديد البرد قال فقال ما هذا فقالوا رجل يضرب فقال سبحان الله في مثل هذه الساعة إنه لا يضرب أحد في شيء من الحدود في الشتاء إلا في آخر ساعة من النهار ولا في الصيف إلا في أبرد ما يكون من النهار.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن مرداس ، عن سعدان بن مسلم ، عن بعض أصحابنا قال خرج أبو الحسنعليه‌السلام في بعض حوائجه فمر برجل يحد في الشتاء فقال سبحان الله ما ينبغي هذا فقلت ولهذا حد قال نعم ينبغي لمن يحد في الشتاء أن يحد في حر النهار ولمن حد في الصيف أن يحد في برد النهار.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي مريم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يقام على أحد حد بأرض العدو.

وقال في المسالك : لا يقام الحد في الحر والبرد المفرطين خشية الهلاك : بتعاون الجلد والهواء ، ولكن يؤخر إلى اعتدال الهواء وذلك وسط نهار الشتاء ، وطرفي نهار الصيف ، ونحو ذلك مما يراعى فيه السلامة ، وظاهر النص والفتوى أن الحكم على وجه الوجوب لا الاستحباب فلو أقامه لا كذلك ضمن لتفريطه.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

وقال في المسالك : يكره إقامة الحد في أرض العدو وهم الكفار ، مخافة أن بلحق المحدود الحمية فيلحق بهم ، روى ذلك إسحاق ، والعلة مخصوصة بحد

٣٣٦

( باب )

( أن شارب الخمر يقتل في الثالثة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن المعلى ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا أتي بشارب الخمر ضربه ثم إن أتي به ثانية ضربه ثم إن أتي به ثالثة ضرب عنقه.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد الثالثة فاقتلوه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد وابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في شارب الخمر إذا شرب ضرب فإن عاد ضرب

لا يوجب القتل.

باب أن شارب الخمر يقتل في الثالثة

الحديث الأول : صحيح على الظاهر.

والمشهور بين الأصحاب أن الشارب يقتل في الثالثة ، وقال الشيخ في المبسوط والخلاف ، والصدوق في المقنع : يقتل في الرابعة ، ولا يخفى ما فيه من ترك الأخبار الصحيحة الصريحة بلا معارض يصلح لذلك والله يعلم.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٣٧

فإن عاد قتل في الثالثة قال جميل وروى بعض أصحابنا أنه يقتل في الرابعة قال ابن أبي عمير كان المعنى أن يقتل في الثالثة ومن كان إنما يؤتى به يقتل في الرابعة.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه.

٦ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان ، عن يونس ، عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام قال أصحاب الكبائر كلها إذا أقيم عليهم الحدود مرتين قتلوا في الثالثة.

( باب )

( ما يجب على من أقر على نفسه بحد ومن لا يجب عليه الحد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل أقر على نفسه بحد ولم يسم أي حد هو قال أمر أن يجلد حتى يكون

قوله : « إنما يؤتى به » لعل المعنى إن لم يؤت به إلى الإمام في الثالثة وأتى به في الرابعة أو فر في الثالثة فأتى به في الرابعة يقتل في الرابعة ،فقوله : « في الرابعة » يتعلق بيوتي به ويقتل على التنازع.

الحديث الخامس : موثق.

الحديث السادس : صحيح.

باب ما يجب على من أقر على نفسه بحد ومن لا يجب عليه الحد

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

وقال في الشرائع : لو أقر بحد لم يبينه لم يكلف البيان وضرب حتى ينهى عن نفسه ، وقيل : لا يتجاوز به المائة ولا ينقص عن ثمانين ، وربما كان صوابا في طرف الزيادة ، ولكن ليس بصواب في طرف النقصان ، لجواز أن يريد بالحد التعزير.

٣٣٨

هو الذي ينهى عن نفسه [ في ] الحد.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابنا ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل أقر على نفسه بالزنى أربع مرات وهو محصن يرجم إلى أن يموت أو يكذب نفسه قبل أن يرجم فيقول لم أفعل فإن قال ذلك ترك ولم يرجم وقال لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فإن رجع ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن شهود وقال لا يرجم الزاني حتى يقر أربع مرات بالزنى إذا لم يكن شهود فإن رجع ترك ولم يرجم.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أقر الرجل على نفسه بحد أو فرية ثم جحد جلد قلت

الحديث الثاني : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « حتى يقر بالسرقة » هذا هو المشهور ، وذهب الصدوق إلى ثبوت الحد في السرقة بالإقرار مرة ، وتبعه بعض المتأخرين ،قوله عليه‌السلام : « فإن رجع » أي بعد الإقرار مرة وعليه الفتوى.

الحديث الثالث : حسن.

وهذا الخبر وما يوافقه من الأخبار الآتية محمولة على أنه جحد بعد الإقرار فإنه يسقط به الرجم دون غيره من الحدود ، ويكون الحد المذكور في بعض الأخبار محمولا على التعزير ، إذ ظاهر كلامهم أنه مع سقوط الرجم لا يثبت الجلد تاما ، والله يعلم.

وقال في الشرائع : لو أقر بما يوجب الرجم ثم أنكر سقط الرجم ، ولو أقر بحد سوى الرجم لم يسقط بالإنكار ، ولو أقر بحد ثم تاب كان الإمام مخيرا في إقامته رجما كان أو حدا.

وقال في المسالك : تخير الإمامعليه‌السلام : بعد توبة المقر مطلقا هو المشهور وقيده

٣٣٩

أرأيت إن أقر بحد على نفسه يبلغ فيه الرجم أكنت ترجمه قال لا ولكن كنت ضاربه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أقر على نفسه بحد ثم جحد بعد فقال إذا أقر على نفسه عند الإمام أنه سرق ثم جحد قطعت يده وإن رغم أنفه فإن أقر على نفسه أنه شرب خمرا أو بفرية فاجلدوه ثمانين جلدة قلت فإن أقر على نفسه بحد يجب فيه الرجم أكنت راجمه قال لا ولكن كنت ضاربه الحد.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أقر على نفسه بحد أقمته عليه إلا الرجم فإنه إذا أقر على نفسه ثم جحد لم يرجم.

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهماعليهما‌السلام أنه قال إذا أقر الرجل على نفسه بالقتل قتل إذا لم يكن عليه شهود فإن رجع وقال لم أفعل ترك ولم يقتل.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس

ابن إدريس بكون الحد رجما ، والمعتمد المشهور.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

وقال في الشرائع : يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته ، ويتحتم لو تاب بعد البينة ، ولو تاب بعد الإقرار قيل : يتحتم القطع ، وقيل : يتخير الإمام في الإقامة والعفو على رواية فيها ضعف ، وقال في المسالك : الأصح تحتم الحد كالبينة.

الحديث الخامس : حسن.

الحديث السادس : مرسل.

ولعل المراد ما يوجب القتل من الحدود.

الحديث السابع : صحيح.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

وإنما هي ساعتك التي أنت فيها فاصبر فيها على طاعة الله واصبر فيها عن معصية الله.

٥ ـ عنه ، عن بعض أصحابنا رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام احمل نفسك لنفسك فإن لم تفعل لم يحملك غيرك.

٦ ـ عنه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لرجل إنك قد جعلت طبيب نفسك وبين لك الداء وعرفت آية الصحة ودللت على الدواء فانظر كيف قيامك على نفسك.

أم لا ، ومع الوصول لا تعلم حالك فيه « وإنما هي » أي الدنيا التي يلزمك الصبر فيها.

الحديث الخامس : مرفوع.

وضمير عنه هنا وفيما بعده راجع إلى أحمد بن محمد « احمل نفسك » أي عن مواضع المذلة والهوان في الدنيا والآخرة لنفسك للوصول إلى الجنة والدرجات العالية على مركوب الطاعات ، والأعمال الصالحة ، والوجهان متقاربان ، وما يعمله الغير إن كان بالوصية فهو من أعماله وإن لم يكن بالوصية فلا ينفع كثيرا ولا يعتمد على وقوعه.

الحديث السادس : كالسابق ، و الداء الأخلاق الذميمة والذنوب المهلكة ، وآية الصحة العلامات التي بينها الله وبين رسوله والعترة الهادية صلوات الله عليه وعليهم كقوله تعالى : «قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ » ، «الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ » إلى آخر الآيات ، وسائر ما ورد في صفات المؤمنين والموقنين والمتقين والمفلحين ، وقد مر كثير منها في باب صفات المؤمن وغيره ، و الدواء التوبة والاستغفار ومجالسة الأخيار ، ومجانبة الأشرار والزهد في الدنيا ، والتضرع إلى الله والتوسل به والتوكل عليه ، وتتبع علل النفس وعيوبها وأمراضها ، ومعالجة كل منها بضدها.

وقد أشار أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى ذلك بقوله :

دواؤك فيك وما تشعر

وداؤك منك وما تبصر

٣٦١

٧ ـ عنه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لرجل اجعل قلبك قرينا برا أو ولدا واصلا واجعل عملك والدا تتبعه واجعل نفسك عدوا تجاهدها واجعل مالك عارية تردها.

وتحسب أنك جرم صغير

وفيك انطوى العالم الأكبر

وأنت الكتاب المبين الذي

بأحرفه يظهر المضمر

فلا حاجة لك في خارج

يخبر عنك بما سطروا

فانظر كيف قيامك على نفسك في معالجة أدوائها وإن قصرت في ذلك فقد قتلت نفسك ، ومن قتل نفسه فجزاؤه جهنم خالدا.

الحديث السابع : كالسابق.

والقرين : البار المصاحب الصالح المشفق الذي يهديك إلى ما ينفعك ويمنعك عما يضرك ، و الولد الواصل هو الذي ينفعك ويعينك في دنياك وآخرتك ، فشبه القلب أي العقل المتعلق بهما للمشاركة بينه وبينهما في هذا المعنى.

« واجعل عملك » في بعض النسخ بتقديم الميم على اللام وفي بعضها بالعكس ولعله أنسب ، وعلى الأول المراد به العمل الصالح ، والمراد بالنفس النفس الأمارة بالسوء كما روي أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك ، وقد مر تحقيقها ، وشبه المال بالعارية في مشقة ضبطها ، وعدم الانتفاع بها غالبا ، والانتقال بغيره بعد الموت ، أي ينبغي أن لا يتعلق قلبك به كما لا يتعلق القلب بالعارية.

وقال في المصباح : تعاوروا الشيء واعتوروه تداولوه ، و العارية من ذلك والأصل فعلية بفتح العين وهو اسم من الإعارة وعارة مثل أطعته إطاعة وطاعة ، وأجبته إجابة وجابة.

وقال الليث : سميت العارية لأنها عار على طالبها ، وقال الجوهري مثله ، وبعضهم يقول مأخوذة من عار الفرس إذا ذهب من صاحبه لخروجها وهما غلط ، لأن العارية من الواو لأن العرب تقول هم يتعاورون العواري ويتعورونها بالواو وإذا

٣٦٢

٨ ـ وعنه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام اقصر نفسك عما يضرها من قبل أن تفارقك واسع في فكاكها كما تسعى في طلب معيشتك فإن نفسك رهينة بعملك.

٩ ـ عنه ، عن بعض أصحابه رفعه قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام كم من طالب للدنيا لم يدركها ومدرك لها قد فارقها فلا يشغلنك طلبها عن عملك والتمسها من معطيها ومالكها فكم من حريص على الدنيا قد صرعته واشتغل بما أدرك منها

أعار بعضهم بعضا ، والعار وعار الفرس من الياء فالصحيح ما قال الأزهري ، والعارية بتشديد الياء وقد تخفف في الشعر.

الحديث الثامن : كالسابق أيضا.

« أقصر » على بناء الأفعال « من قبل أن تفارقك » أي النفس ، فإن الخطاب ظاهرا إلى البدن أي قبل الموت الذي يسلب الاختيار عنك واسع في فكاكها عن العذاب والارتهان به ، وقال الراغب : الرهن ما يوضع وثيقة للدين والرهان مثله وأصلهما مصدر ، يقال : رهنت الشيء وأرهنته رهانا فهو رهين ومرهون ، وقيل في قوله : «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ »(١) أنه فعيل بمعنى فاعل أي ثابتة مقيمة ، وقيل : بمعنى مفعول أي كل نفس مقامة في جزاء ما قدم من عمله ولما كان الرهن يتصور منه حبسه أستعير ذلك للمحتبس أي شيء كان قال : كل نفس بما كسبت رهينة.

الحديث التاسع : كالسابق.

« كم من طالب » كم خبرية للتكثير ، ومرفوعة محلا بالابتداء و قوله : لم يدركها خبره ، وحاصله أن طالب الدنيا مردد بين أمرين إما أن لا يدركها فيضل سعيه ويبطل عمله ، وإما أن يدركها ويتعلق قلبه بها ثم يفارقها فتبقى عليه حسرتها فينتفع به غيره ، والحساب والعقاب عليه « قد صرعته » أي قتلته وألقته على الأرض أو ألقته من أوج العز على حضيض المذلة والهوان ، يقال : صارعته فصرعته والصريع القتيل ، والمسجون الحقيقي في سجن الأبد من حبسته دنياه عن طلب آخرته فهو

__________________

(١) سورة المدّثّر : ٣٨.

٣٦٣

عن طلب آخرته حتى فني عمره وأدركه أجله.

وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام المسجون من سجنته دنياه عن آخرته.

١٠ ـ وعنه رفعه ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال إذا أتت على الرجل أربعون سنة قيل له خذ حذرك فإنك غير معذور وليس ابن الأربعين بأحق بالحذر من ابن العشرين فإن الذي يطلبهما واحد وليس براقد فاعمل لما أمامك من الهول

مسجون عن القيام بمصالح نفسه أبدا.

الحديث العاشر : كالسابق أيضا.

« قيل له » أي بلسان الحال أو يناديه ملك ، وتظهر الفائدة بعد أخبار الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام « خذ حذرك » في القاموس : الحذر بالكسر ويحرك الاحتراز ، وقال الراغب : الحذر احتراز عن مخيف ، يقال : حذر حذرا وحذرته قال عز وجل : «يَحْذَرُ الْآخِرَةَ »(١) «وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ »(٢) وقال : «خُذُوا حِذْرَكُمْ »(٣) أي ما فيه الحذر من السلاح وغيره.

« فإنك غير معذور » أي لا يقبل عذرك بغلبة الشهوة ، فإنها تنكسر بعد الأربعين ، ولا بقلة التجربة وضعف العقل فإنهما يكملان في الأربعين ، في المصباح : عذرته فيما صنع عذرا من باب ضرب دفعت عنه اللؤم فهو معذور ، أي غير ملوم.

ثم أشارعليه‌السلام إلى عدم المعذورية قبل ذلك وقلة التفاوت في الإنسان لئلا يجترئ الإنسان قبل الأربعين في المعاصي بقوله : وليس ابن الأربعين بأحق بالحذر من ابن العشرين ، أي مثلا وذلك لأن الأحقية إما باعتبار أن طالبهما متعدد ، فيمكن أن يتفاوت الطلب ويتفاوت بتفاوته الحذر بالشدة والضعف ، أو باعتبار أن طالبهما واحد لكنه صالح للرقاد والغفلة فيغفل عن الثاني دون الأول ، أو باعتبار أن طلب الموت لأحدهما أقرب من طلبه للآخر ، وليس شيء من هذه الاعتبارات هنا فانتفت الأحقية كثيرا ، فظهر أن هذا من ألطافه سبحانه حيث يوسع الأمر

__________________

(١) سورة الزمر : ٩.

(٢) سورة آل عمران : ٢٨.

(٣) سورة النساء : ٧١.

٣٦٤

ودع عنك فضول القول.

١١ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن حسان ، عن زيد الشحام قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام خذ لنفسك من نفسك خذ منها في الصحة قبل السقم وفي القوة قبل الضعف وفي الحياة قبل الممات.

١٢ ـ عنه ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن النهار إذا جاء قال يا ابن آدم اعمل في يومك هذا خيرا أشهد لك به عند ربك يوم القيامة فإني لم آتك فيما مضى ولا آتيك فيما بقي وإذا جاء الليل قال مثل ذلك.

١٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن شعيب بن عبد الله

قليلا قبل الأربعين ، فلا ينبغي أن يغتر الإنسان بذلك.

والمراد بترك فضول القول عدم التكلم وعدم استماعه ، لأن ذلك مفسد للسان والسمع والقلب ، ومانع عن إدراك الحق وعن ذكر الله ، وكأنه من باب التشبيه بالأدنى على الأعلى أي فكيف الاشتغال بالمحرمات بهما وبسائر الجوارح ، ويمكن أن يراد به الاغترار والتسويف في العمل بأن يقول : الله كريم يغفر الذنوب أو سأفعل بعد ذلك عند المشيب ، وأمثال ذلك مما يوجب ترك العمل.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

ولما كان كل من السقم والضعف بكبر السن والموت مانعا من الأعمال الحسنة وكانت القدرة في أضدادها أمرعليه‌السلام بالمبادرة إلى تلك الأعمال في حال الاقتدار عليها ، فإن الفرصة غنيمة.

الحديث الثاني عشر : مرسل.

والقول إما بلسان الحال وهو قول الملك الموكل باليوم ، وقد يقال أن للأيام والساعات والشهور والسنين شعورا لكنه بعيد من طور العقل.

الحديث الثالث عشر : ضعيف.

٣٦٥

عن بعض أصحابه رفعه قال جاء رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال يا أمير المؤمنين أوصني بوجه من وجوه البر أنجو به قال أمير المؤمنينعليه‌السلام أيها السائل استمع ثم استفهم ثم استيقن ثم استعمل واعلم أن الناس ثلاثة زاهد وصابر وراغب فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من قلبه فلا يفرح بشيء من الدنيا ولا يأسى على شيء منها فاته فهو مستريح وأما الصابر فإنه يتمناها بقلبه فإذا

« استمع » أي ما يلقى عليك من الكتاب والسنة أو ما ألقيه عليك في هذا الوقت والأمور الأربعة مترتبة فإن العمل موقوف على اليقين ، واليقين موقوف على الفهم ، والفهم موقوف على الاستماع من أهل العلم.

« واعلم أن الناس ثلاثة » وجه الحصر أن الإنسان إما أن يخرج حب الدنيا من قلبه أو لا ، والثاني إما أن يمنع نفسه عن تحصيلها أو لا ، فالأول زاهد والثاني صابر ، والثالث راغب.

فقد خرجت الأفراح والأحزان ، أي الدنيوية من قلبه و الأسي بالفتح والقصر الحزن ، أسي يأسى من باب علم أسي فهو آس وهو إشارة إلى ما مر عن علي بن الحسينعليه‌السلام حيث قال : ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله عز وجل : «لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ »(١) .

والحاصل أن قلب الزاهد متعلق بالله ويأمر الآخرة لا بالدنيا ، فلا يفرح بشيء منها يأتيه ولا يحزن على شيء منها فاته ، لأن الفرح بحصول محبوب والحزن بفواته ، وشيء من الدنيا ليس بمحبوب عند الزاهد.

« فهو مستريح » أي في الدنيا والآخرة أما الدنيا فلفراغه من مشاق الكسب وشدائد الصبر على فواته ، وأما الآخرة فلنجاته من الحساب والعقاب ، و الشناءة كالشناعة : البغض ، والمراد هنا قباحتها في نظر عقله وإن مال طبعه إليها ، و الحزم الأخذ بالثقة ، والنظر في العاقبة وقال الفيروزآبادي : العرض بالكسر النفس ، وجانب الرجل يصونه من نفسه وحسبه أن ينتقص ويثلب أو سواء كان في نفسه أو

__________________

(١) سورة الحديد : ٢٣.

٣٦٦

نال منها ألجم نفسه عنها لسوء عاقبتها وشنآنها لو اطلعت على قلبه عجبت من عفته وتواضعه وحزمه وأما الراغب فلا يبالي من أين جاءته الدنيا من حلها أو من حرامها ولا يبالي ما دنس فيها عرضه وأهلك نفسه وأذهب مروءته فهم في غمرة يضطربون.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن محمد بن حكيم عمن حدثه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا يصغر ما ينفع يوم القيامة ولا يصغر ما يضر يوم القيامة فكونوا فيما أخبركم الله عز وجل كمن عاين.

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعلي بن محمد القاساني جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله يقول إن قدرت أن لا تعرف فافعل وما عليك ألا يثني عليك الناس وما عليك أن تكون

سلفه أو من يلزمه أمره أو موضع المدح والذم منه أو ما يفتخر به من حسب وشرف.

« وأهلك » عطف على دنس أو لا يبالي ، والمروة آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات ، والغمرة الرحمة والشدة والانهماك في الباطل ، ومعظم البحر ، وكأنهعليه‌السلام شبهه بمن غرق في البحر يضطرب ولا يمكنه الخروج منه.

الحديث الرابع عشر : ضعيف على المشهور.

وصغر ككرم وفرح صار صغيرا ويمكن أن يقرأ على المجهول من بناء التفعيل أي لا يعد صغيرا كمن عاين هو مرتبة عين اليقين كما مر.

الحديث الخامس عشر : (١)

« إن قدرت إن لا تعرف فافعل » هذا مما يدل على أن العزلة أفضل من

__________________

(١) كذا في جميع النسخ التي عندنا.

٣٦٧

مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند الله ثم قال قال أبي علي بن أبي طالبعليه‌السلام :

المعاشرة ، واختلف العلماء في ذلك ، والآيات والأخبار أيضا متعارضة فمن قال العزلة أحسن نظر إلى آفات المعاشرة من الحسد والعداوة والبغضاء والغيبة والنميمة والرياء وحب الدنيا وعدم فراغ القلب للذكر والفكر وتضييع العمر ، وعدم الانتفاع بمعاشرة أكثر الخلق وأشباه ذلك ، ومن قال المعاشرة أفضل نظر إلى فوائد المعاشرة من التعليم والتعلم والاهتداء بسيرة العلماء وأخلاقهم ، وتحصيل المثوبات العظيمة من زيارة الإخوان وعيادتهم وتشييع جنائزهم والسعي في قضاء حوائجهم وهداية الخلق وإحياء مراسم الدين والحضور في الجماعات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمثال ذلك ، وكل ذلك يفوت بالعزلة.

فالحق القول بالتفصيل في الأشغال والأحوال والأزمان والأشخاص فالعزلة المطلوبة عن شرار الخلق إذا يئس عن هدايتهم كما قال إبراهيمعليه‌السلام عند اليأس عن هدايتهم : «وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ »(١) لا العزلة التامة بحيث يترك الأمور الواجبة كالتعليم والتعلم وحضور الجمعات والجماعات وسائر ما أشرنا إليه سابقا ، والمعاشرة إنما تكون مطلوبة إذا كانت متضمنة لمنفعة دينية خالية عن المفاسد المذكورة وغيرها.

وأيضا ذلك يختلف باختلاف الأشخاص ، فالعلماء والفقهاء إذا اعتزلوا صار سببا لضلالة الخلق وحيرتهم واستيلاء شياطين الجن والإنس عليهم ، وكثير من سائر الخلق لا ضرورة في معاشرتهم.

وأيضا الأزمنة مختلفة ، فقد ورد في الخبر : سيأتي على الناس زمان لا ينجو فيه إلا النومة كما أن سيد الساجدين صلوات الله عليه اعتزل الخلق لفساد الزمان واستيلاء بني أمية على الخلق والباقر والصادقعليهما‌السلام عملا بخلاف ذلك لتمكنهم من

__________________

(١) سورة مريم : ٤٨.

٣٦٨

لاخير في العيش إلا لرجلين رجل يزداد كل يوم خيرا ورجل يتدارك منيته بالتوبة وأنى له بالتوبة والله لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل الله تبارك وتعالى منه إلا بولايتنا أهل البيت ألا ومن عرف حقنا ورجا الثواب فينا ورضي بقوته نصف مد في كل يوم وما ستر عورته وما أكن رأسه وهم والله في ذلك خائفون وجلون

هداية الخلق.

وبالجملة ينبغي أن يكون الإنسان طبيب نفسه ، فإنه أعرف بأدوائها وعارفا بزمانه وأهله ، فإذا عرف أن صلاحه في العزلة اعتزل اعتزالا لا يضر بحاله ، وإذا علم أن صلاحه في المعاشرة اختارها على وجه لا يضر بنياته وأعماله وينبغي أن ينظر في أحوال أهل زمانه فيختار للأخوة والمصاحبة من كان مصلحا لأحواله ولا يكون مضيعا لعمره كما سيأتي تحقيقه في كتاب العشرة إن شاء الله ، وقد بسطنا الكلام في ذلك بعض البسط في كتاب عين الحياة والله الموفق.

وأما هذا الخبر فالظاهر أن الراوي وهو حفص بن غياث لما كان عاميا قاضيا من قبل هارون طالبا للشهرة عند الولاة وخلفاء الجور ، ولذا عدل عن الحق واتبع أهل الضلال ، وكان المناسب بحاله ترك الشهرة والاعتزال أمرهعليه‌السلام بذلك.

« لا خير في العيش » أي عيش الدنيا ويحتمل الأعم من عيش الدنيا والآخرة والمراد بالرجل الأول من لم يذنب أصلا أو إلا نادرا وبالثاني من يبتلي بالمعاصي ثم يتوب وهو المفتن التواب كما مر.

ثم بينعليه‌السلام إن قبول التوبة مشروط بحسن الاعتقاد لئلا يغتر السامع بذلك فإنه كان من أهل الضلال ، وألا بالتخفيف حرف تنبيه « ورجا الثواب » كان خبر الموصول مقدر وقيل : استفهام للتقليل « ونصف » مجرور بالبدلية « لقوته » أو منصوب بالحالية أو تميز مثل قولهم : رضيت بالله ربا ، و « في كل يوم » صفة نصف مد ، « وما ستر » عطف على قوته والواو في قوله وهم للحالية ، وقيل : للاستئناف ، والضمير في قوله : وهم راجع إلى أصحاب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين لم يرتدوا بعده وهو بعيد ،

٣٦٩

ودوا أنه حظهم من الدنيا وكذلك وصفهم الله عز وجل فقال : «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ »(١) ثم قال ما الذي آتوا آتوا والله مع الطاعة المحبة والولاية وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا

١٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم بن مهزم ، عن الحكم بن سالم قال دخل قوم فوعظهم ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد عاين الجنة وما فيها وعاين النار وما فيها إن كنتم تصدقون بالكتاب.

والجمع بين الخوف والوجل للإشارة إلى الآيات الواردة في ذلك.

« ودوا أنه حظهم » أي هم راضون بما قدر لهم من الدنيا لا يريدون أكثر من ذلك لئلا يطغوا «وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا » قال في مجمع البيان : أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة وقيل : أعمال البر كلها «وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ » أي خائفة عن قتادة ، وقال الحسن : المؤمن جمع إحسانا وشفقة ، والمنافق جمع إساءة وأمتا ، وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : معناه خائفة أن لا يقبل منهم ، وفي رواية أخرى يؤتى ما آتى وهو خائف راج ، وقيل : إن في الكلام حذفا وإضمارا ، وتأويله وجلة أن لا يقبل منهم لعلمهم أنهم إلى ربهم راجعون ، أي لأنهم يوقنون بأنهم يرجعون إلى الله تعالى يخافون أن لا يقبل منهم ، وإنما يخافون ذلك لأنهم لا يأمنون التفريط.

الحديث السادس عشر : مجهول بالحكم وهو غير مذكور في كتب الرجال وإبراهيم الراوي عنه من أصحاب الصادقعليه‌السلام والكاظمعليه‌السلام فالمروي عنه في الخبر يحتمل الصادق والباقرعليهما‌السلام واحتمال الكاظمعليه‌السلام بعيد ، والمعنى أن في القرآن المجيد أحوال الجنة ودرجاتها وما فيها وأوصاف النار ودركاتها وما فيها ، والله سبحانه أصدق الصادقين ، فمن صدق بالكتاب كان كمن عاينهما وما فيهما ومن عاينهما ترك المعصية قطعا فمن ادعى التصديق بالكتاب وعصى ربه فهو كاذب في دعواه ، وتصديقه ليس في درجة اليقين.

__________________

(١) سورة المؤمنون : ٦٢.

٣٧٠

١٧ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة قال سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول لا تستكثروا كثير الخير وتستقلوا قليل الذنوب فإن قليل الذنوب يجتمع حتى يصير كثيرا وخافوا الله في السر حتى تعطوا من أنفسكم النصف وسارعوا إلى طاعة الله واصدقوا الحديث وأدوا الأمانة فإنما ذلك لكم ولا تدخلوا فيما لا يحل لكم فإنما ذلك عليكم.

١٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سمعته يقول ما أحسن الحسنات بعد السيئات وما أقبح السيئات بعد الحسنات.

الحديث السابع عشر : موثق.

وقد مضى صدره في باب استصغار الذنب « لا تستكثروا كثير الخير » فإنه يوجب العجب والفخر والإدلال والاعتقاد لخروج النفس عن حد التقصير ، وكل ذلك مهلك كما مر « وخافوا الله في السر » إنما خص السر بالذكر لأن الناس يتسامحون في السر ما لا يتسامحون في العلانية ، وأيضا هو يستلزم الخوف في العلانية بدون العكس ، وهو أشد على النفس أيضا « حتى تعطوا من أنفسكم النصف » أي الإنصاف بأنكم خفتم الله أو تنصفوا من أنفسكم ولم تحتاجوا إلى حاكم يحكم بينكم.

« فإنما ذلك لكم » كان المراد لا ينفعكم إلا ذلك ، وكذا قوله عليكم ، أو للإشعار بأنهم لما لم يعلموا بهذا العلم فكأنهم لا يعلمونه ، وقيل : هذا وإن كان بينا لكن ذكره للتنبيه عن الغفلة.

الحديث الثامن عشر : حسن كالصحيح.

« وما أحسن الحسنات » إلى آخره ، قيل : هذا كلام موجز يندرج فيه التوبة بعد المعصية ، والمعصية بعد التوبة ، وكل خير بعد شر ، وكل شر بعد خير سواء كانا ضدين كالإحسان والإساءة أم لا كالصلاة والزنا.

٣٧١

١٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إنكم في آجال مقبوضة وأيام معدودة والموت يأتي بغتة من يزرع خيرا يحصد غبطة ومن يزرع شرا يحصد ندامة ولكل زارع ما زرع ولا يسبق البطيء منكم حظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له من أعطي خيرا فالله أعطاه ومن وقي شرا فالله وقاه.

الحديث التاسع عشر : مرسل.

« في آجال » أي أعمار « مقبوضة » أي يقبض منها آنا فآنا وساعة فساعة ، وهي في النقص دائما أو لقلتها وسرعة نفادها كأنها قبضت والأول أظهر ، « وأيام معدودة » أي عدت وقدرت لا تزيد ولا تنقص « والموت يأتي بغتة » أي لا يعلم وقت نزوله وتتسبب أسبابه من غير علم منكم بها ، أو قد يأتي فجأة ، والبغتة بالفتح والتحريك الفجأة ، والغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة ، وأن يتمنى غيره حاله ، وفي الكلام تمثيل أو استعارة تبعية ، والحصاد ترشيح ، والتنكير في غبطة وندامة للتعظيم « ولكل زارع ما زرع » أي لا يحصل له إلا ما زرعه إشارة إلى قوله تعالى : «وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى »(١) .

« لا يسبق البطيء منكم حظه » الفعل على بناء الفاعل ، وحظه مرفوع بالفاعلية والبطيء منصوب بالمفعولية أي لا يصير بطوءه سببا لأن يفوته حظه ، أي ما قدر له من الرزق.

وأقول : يمكن أن يقرأ على بناء المفعول ، فالبطيء مرفوع وحظه منصوب بنزع الخافض ، أي لا يسبقه غيره إلى حظه ولا يدرك حريص ما لم يقدر له ، وما يتوهم أنه زاد بسعيه باطل ، إذ لعله مع عدم هذا السعي أيضا يصل إليه ، أو يقال : أن السعي إنما ينفع في الزيادة إذا كانت مقدرة فلا يترك التوسل إلى الله والتوكل عليه ، ولا يعتمد على سعيه فإنا نرى من يسعى أكثر من سعيه ، ولا يحصل له شيء.

__________________

(١) سورة النجم : ٣٩.

٣٧٢

٢٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان ، عن واصل ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال جاء رجل إلى أبي ذر فقال يا أبا ذر ما لنا نكره الموت فقال لأنكم عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب فقال له فكيف ترى قدومنا على الله فقال أما المحسن منكم فكالغائب يقدم على أهله وأما المسيء منكم فكالآبق يرد على مولاه قال فكيف ترى حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على الكتاب إن الله يقول ـ «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ »(١) قال فقال الرجل فأين رحمة الله قال رحمة الله «قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ».

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام وكتب رجل إلى أبي ذررضي‌الله‌عنه يا أبا ذر أطرفني بشيء من العلم فكتب إليه أن العلم كثير ولكن إن قدرت أن لا تسيء إلى من تحبه فافعل قال فقال له الرجل وهل رأيت أحدا يسيء إلى من يحبه فقال له نعم نفسك أحب الأنفس إليك فإذا أنت عصيت الله فقد أسأت إليها.

والحاصل أنه ليس مستقلا في التحصيل ، بل هو داخل تحت قضاء الرب الجليل ، ولذا قال بعده : من أعطى خيرا فالله أعطاه ، وقيل : لا ينافيه وجدان الحريص زيادة ، لأن تلك الزيادة ليست من قوته المفتقرة هو إليه في البقاء بل هو لغيره والحساب عليه وما ذكرنا أظهر.

الحديث العشرون : ضعيف سندا ومتنه يدل على صحته.

« عمرتم الدنيا » من باب قتل أو التفعيل أي سعيتم في عمارتها وهو ضد أخربتم والعمران بضم العين المعمور.

« يرد » بالتخفيف على بناء المعلوم من الورود ، أو بالتشديد على بناء المجهول من الرد وهو أنسب « رحمة الله قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ » أي لا بد في الرحمة من استحقاقها ولو بصحة المذهب وحسن العقيدة ، وفي المصباح : الطرفة ما يستطرف أي يستملح

__________________

(١) سورة الإنفطار : ١٤.

٣٧٣

٢١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول اصبروا على طاعة الله وتصبروا عن معصية الله فإنما الدنيا ساعة فما مضى فليس تجد له سرورا ولاحزنا

والجمع طرف مثل غرفة وغرف ، وأطرف إطرافا جاء بطرفة وقال الجوهري : الطارف والطريف من المال المستحدث والاسم الطرفة وأطرف فلان إذا جاء بطرفة.

الحديث الحادي والعشرون : موثق.

« اصبروا على طاعة الله » لما كانت اللذة في فعل المعصية أكثر منها في ترك الطاعة كان الصبر على المعصية أشق على النفس من الصبر على فعل الطاعة ، فلذا قال في الطاعة اصبروا في المعصية تصبروا وهو تكلف الصبر وحمل النفس عليه كما هو مقتضى البابين وإن لم يفرق اللغويون بينهما ، قال الفيروزآبادي : الصبر نقيض الجزع صبر يصبر فهو صابر وتصبر واصطبروا صبر.

وقال الراغب : الصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل أو الشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه ، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمي صبرا لا غير ، ويضاده الجزع وإن كان في محاربة سمي شجاعا ويضاده الجبن وإن كان في نائبه مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده التضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا.

وقد سمى الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله : «وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ »(١) وساق الكلام إلى قوله : «اصْبِرُوا وَصابِرُوا » أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم وقوله : عز وجل «وَاصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ »(٢) أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله تعالى : «أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا »(٣) أي تحملوه من الصبر

__________________

(١) سورة البقرة : ١٧٣.

(٢) سورة مريم : ٦٥.

(٣) سورة الفرقان : ٧٥.

٣٧٤

ومالم يأت فليس تعرفه فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت.

٢٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن رجل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال الخضر لموسىعليه‌السلام يا موسى إن أصلح يوميك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو وأعد له الجواب فإنك موقوف ومسئول وخذ موعظتك

في الوصول إلى مرضات الله ، انتهى.

« فليس تعرفه » أي لا تعرف حالك فيه تبلغ إليه أم لا ، ومع البلوغ لا تعلم أنك فيه على حزن أو سرور ، على طاعة أو معصية « فكأنك قد اغتبطت » على بناء المعلوم أي عن قريب تصير بعد الموت في حالة حسنة يغبطك الناس لها ويتمنون حالك ولا تبقى عليك مرارة صبرك ، في القاموس : الغبطة بالكسر حسن الحال والمسرة وقد اغتبط ، والحسد ، وتمنى نعمة على أن لا تتحول عن صاحبها.

وأقول : لا يبعد أن يكون بالعين المهملة على بناء المفعول أي اغتنم الفرصة ولا تعتمد على العمر فكأنك قدمت فجأة على غفلة بلا عمل ولا توبة ، قال في النهاية : كل من مات بغير عمله فقد اغتبط ، ومات فلان غبطة أي شابا صحيحا ، وفي بالي إني وجدت في بعض نسخ الحديث هكذا.

الحديث الثاني والعشرون : مرسل.

« أن أصلح يوميك » المراد باليوم ما مر أنه مقدار من الزمان اختص بواقعة والمراد هنا يوم الدنيا ويوم الآخرة ، واليوم الذي أمامه الآخرة ، وكونه أصلح المراد به أنه أحرى وأولى بأن يراعى ويسعى في إصلاحه ، ويتوقع النفع منه ، فإنه أبدي والدنيا فان ، ومنافع الأول ولذاته أشد وأخلص وأقوى من لذات الآخر.

« فانظر أي يوم هو » أي يوم راحة أو يوم تعب ومشقة ، أو المراد باليوم الثاني يوم القيامة ، وبقوله : فانظر أي يوم هو ، أي تذكر أحوال هذا اليوم وأهواله

٣٧٥

من الدهر فإن الدهر طويل قصير فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ليكون أطمع لك في الآخرة فإن ما هو آت من الدنيا كما هو قد ولى منها.

وصعوبته والسؤال والحساب فيه ، فأعد له الجواب وحاسب نفسك قبل ذلك ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله بالتفكر في فنائها وسرعة انقضائها ، وكون لذاتها فانية مشوبة بالآلام الكثيرة ، والنظر في عواقب السعداء والأشقياء.

« فإن الدهر طويل قصير » هذه الفقرة تحتمل وجوها : الأول : أن دهر الموعظة طويل لأنه يمكنه أن يعتبر ويتفكر في أحوال السعداء والأشقياء من أول الدهر إلى زمانه فكأنه قد عاش معهم جميعا كما قال أمير المؤمنين في وصية للحسنعليهما‌السلام : ودهر العمل واللذات التي فيها قصير.

الثاني : أن الدهر من جهة الموعظة طويل يمكنه الاتعاظ بأقل زمان لأن الدهر دائما في الانقلاب ، ومن جهة العمل قصير ينبغي اغتنام الفرصة فيه.

الثالث : أنه للمحسنين طويل لأنه يمكنهم اكتساب السعادات العظيمة في أقل زمان ، فهم في أعمارهم القليلة يعملون أعمالا كثيرة ، وتبقى منهم آثار جليلة ، وللمسيئين قصير لأنه تفني لذاتهم وتبقى عليهم تبعاتهم ولا ينتفعون بشيء من أعمارهم.

الرابع : أن المعنى أن تمام العمر وإن كان طويلا لكن ما بيده منها قصير ، وهو الساعة التي هو فيها لأن ما مضى قد خرج من يده ، وما يأتي لا يعلم حاله فيه كما مر مرارا ، وقيل : المعنى أنه وإن كان طويلا لكن نظرا إلى انقطاعه قصير.

وأقول : هذه الفقرات سيأتي أمثالها في مناجاة الله تعالى لموسىعليه‌السلام في الروضة حيث قال : يا موسى ما أريد به وجهي فكثير قليله ، وما أريد به غيري فقليل كثيره وإن أصلح أيامك الذي هو أمامك فانظر أي يوم هو ، فأعد له الجواب فإنك موقوف به ومسئول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويله قصير وقصيره طويل

٣٧٦

وكل شيء فان فاعمل كأنك ترى ثواب عملك ، لكي يكون أطمع لك في الآخرة لا محالة ، فإن ما بقي من الدنيا كما ولي منها ، وكل عامل يعمل على بصيرة ومثال فكن مرتادا لنفسك يا بن عمران.

فالظاهر منه أن طويله قصير لفنائه وسرعة انقضائه ، وقصيره طويل لإمكان تحصيل السعادات العظيمة في القليل منه ، وإن احتمل بعض الوجوه الأخر.

« فاعمل كأنك ترى ثواب عملك » أي إذا أخذت موعظتك من الدهر ، وعرفت فناءها وسرعة انقضائها ينبغي أن تقبل على عملك الموجب لتحصيل المثوبات الأخروية لك مع اليقين بترتب الثواب كأنك تراه فإن من كان كذلك يكون قلبه فارغا عن حب الدنيا ، والميل إلى شهواتها ، فيكون عمله مع حضور القلب ورعاية آدابها فيكون أطمع له في الأجر ، واللام للتعدية.

والحاصل أنه يكون عمله في درجة الكمال ومظنة القبول ، وإن كان الأولى بالنسبة إليه أن يعد نفسه مقصرا ، ولا يعتمد على عمله ، أو المعنى أنك إذا كنت في اليقين بحيث كأنك ترى بعينك ثواب عملك تكون تلك الحالة ادعى لك على العمل الذي هو موجب لحصول الأجر ، فأشار إلى الحرص على العمل بذكر لازمه ، وهو الطمع في الأجر ، وعلى التقادير يدل على أن قصد الثواب لا ينافي الإخلاص ، بل كماله ، فإن ما هو آت من الدنيا كما قد ولى منها أي في سرعة الانقضاء وعدم الاعتماد عليه في البقاء ، فهو تعليل لأخذ الموعظة أو له ولما يترتب عليه من العمل الخالص والحرص عليه ، أو لرؤية ثواب الآخرة وقرب حصوله فإن بقية العمر في عدم الوثوق عليه كالماضي ، فالآخرة قريبة منك كأنك تراه وتسعى إليه ، أو للأمر بالعمل الخالص في الحال لمرور الماضي بالتقصير وعدم الوثوق على الآتي كما مر ، وقيل : أي لا تكن في تدبير ما يأتي من العمر بتحصيل المال كما أنك لا تتفكر فيما مضى.

٣٧٧

٢٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن يعقوب بن يزيد عمن ذكره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام عظنا وأوجز فقال الدنيا حلالها حساب وحرامها عقاب وأنى لكم بالروح ولما تأسوا بسنة نبيكم

الحديث الثالث والعشرون : ضعيف على المشهور.

« حلالها حساب » الحمل على المبالغة ، وظاهره أنه تعالى يحاسب العبد بما كسب من الحلال ، وصرف فيه.

وينافيه بعض الأخبار كما سيأتي في كتاب الأطعمة عن الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : ثلاثة أشياء لا يحاسب عليهن المؤمن طعام يأكله ، وثوب يلبسه ، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه ، وعن أبي حمزة عنهعليه‌السلام قال : الله أكرم وأجل من أن يطعمكم طعاما فيسوغكموه ثم يسألكم عنه ، ولكن يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد ، وروى العياشي بإسناده في حديث طويل قال سأل أبو حنيفة أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قوله تعالى : «ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ »(١) فقال له : ما النعيم عندك يا نعمان؟ قال : القوت من الطعام ، والماء البارد ، فقال : لئن أوقفك الله بين يديه يوم القيامة حتى يسألك عن كل أكلة أكلتها ، أو شربة شربتها ليطولن وقوفك بين يديه؟ قال : فما النعيم جعلت فداك؟ قال : نحن أهل البيت الذي أنعم الله بنا على العباد ، وبنا ائتلفوا بعد ما كانوا مختلفين وبنا ألف الله بين قلوبهم ، فجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء وبنا هداهم الله للإسلام وهو النعمة التي لا تنقطع ، والله مسائلهم عن حق النعيم الذي أنعم به عليهم ، وهو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعترتهعليهم‌السلام .

واختلفت العامة في ذلك فقال الحسن : لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار ، وقال أكثرهم : يسأل الكل عن كل نعيم ، وقيل : النعيم المسؤول عنه الصحة والفراغ وقيل : الأمن والصحة ، روي ذلك عن ابن مسعود ومجاهد ، وروي ذلك في أخبارنا

__________________

(١) سورة التكاثر : ٨.

٣٧٨

تطلبون ما يطغيكم ولا ترضون ما يكفيكم.

أيضا ، وقيل : يسأل عن كل نعيم إلا ما خصه الحديث وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يسأل عنها العبد ، خرقة يواري بها عورته ، أو كسرة يسد بها جوعته ، أو بيت يكنه من الحر والبرد.

وأقول : يمكن الجمع بين الأخبار بحمل أخبار عدم الحساب على المؤمنين ، وأخبار الحساب على غيرهم وهو الظاهر من أكثر الأخبار ، أو الأولى على ما يصرف في الأمور الضرورية كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن والمنكح ، والأخرى على ما زاد على الضرورة كجمع الأموال زائدا على ما يحتاج إليه ، أو صرفها فيما لا يدعوه إليه ضرورة ، ولا يستحسن شرعا ، كما يومئ إليه بعض الأخبار.

ويمكن حمل أخبار الحساب على التقية والأولى الأيمان بالحساب مجملا ، فإنه من ضروريات الدين ، والسكوت عما لا يعلم من التفاصيل.

والمراد بالروح الراحة والخلاص من أهوال القيامة وبسنة النبي طريقته في ترك الدنيا والزهد فيها ، وترك طلب الفضول ، كما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم ارزق محمدا وآل محمد العفاف والكفاف ، أو الأعم منها فإن من صرف عمره في طلب فضول الدنيا لا يمكنه الإتيان بها.

« تطلبون ما يطغيكم » إشارة إلى قوله تعالى : «إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى »(١) .

__________________

(١) سورة العلق : ٧.

٣٧٩

باب

من يعيب الناس

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال إن أسرع الخير ثوابا البر وإن أسرع الشر عقوبة البغي وكفى

باب من يعيب الناس

يرجع حاصل أخبار هذا الباب إلى المنع من تتبع عيوب الناس وتعييرهم وذمهم.

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

والظاهر أن المراد بالبر الإحسان إلى الغير ، وقد يطلق على مطلق أعمال الخير ، و بالبغي الظلم والتطاول على الناس ، وقد يطلق على الزنا ، والظاهر هنا الأول ، ويحتمل أن يكون المراد الخروج على الإمام ، وسرعة الثواب والعقاب فيهما باعتبار أن نفع الأول وضرر الثاني يلحقهم في الدنيا ، وعيبا تميز وتعدية العمى بعن كأنه لتضمين معنى التغافل والإعراض ، والتعدية بعلى كما في سائر الأخبار أظهر وأشهر كقوله تعالى : «فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ »(١) وعلى ما هنا المستتر في يعمى راجع إلى المرء ، والبارز في عنه إلى الموصول ، وعلى ما في سائر الروايات بالعكس ، وكان نسبة العمى إلى الأمر والنبإ من قبيل المجاز في الإسناد.

وقال الجوهري : العمى ذهاب البصر ، وقد عمي فهو أعمى ، وتعامي الرجل أرى من نفسه ذلك ، وعمي عليه الأمر إذا التبس ، ومنه قوله : «فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ » ورجل عمي القلب أي جاهل ، انتهى.

__________________

(١) سورة القصص : ٦٦.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446