مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28936 / تحميل: 3258
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

وقال ابن سيرين : الجنس الواحد هو العلّة(١) .

وليس بصحيح ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يؤخذ البعير بالبعيرين لـمّا أنفذ بعض الجيوش وقد نفدت الإبل(٢) .

وهذا البحث ساقط عنّا ؛ لأنّا نعتبر النصّ لا القياس ، فمهما دلّ على شي‌ء عملنا به ، وقد سُئل الصادقعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال : « لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن ولا يوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(٣) .

مسألة ٧٦ : قد بيّنّا أنّ كلّ مكيل أو موزون يجري فيه الربا مع الشرائط سواء اُكل أو لا.

أمّا الشافعي حيث علّل بالطعم اعتبره ، فكلّ موضع لا يثبت فيه الطعم لا يثبت فيه الربا إلّا النقدين.

ولا فرق عنده بين أن يُؤكل للتداوي ، كالهليلج والسقمونيا وغيرهما ، وبين ما يؤكل لسائر الأغراض.

وقسّم المطعومات إلى أربعة : ضرْب يؤكل قوتاً ، وآخر يؤكل تأدّماً ، وثالث يؤكل تفكّهاً ، ورابع يؤكل تداوياً. ويجري الربا في ذلك كلّه لا في مأكول الدوابّ ، كالقضب والحشيش والنوى(٤) .

وحُكي وجهٌ للشافعيّة : أنّ ما يهلك كثيره ويستعمل قليله في الأدوية‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢. المغني والشرح الكبير ٤ : ١٣٨.

(٢) علل الحديث ١ : ٣٩٠ / ١١٦٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧.

(٣) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٤) المجموع ٩ : ٣٩٧ و ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ و ٧٣.

١٤١

- كالسقمونيا - لا يجري فيه الربا(١) .

وفي الزعفران عندهم وجهان :

أصحّهما : جريان الربا فيه ؛ لأنّ المقصود الأظهر منه الأكل تنعّماً أو تداوياً إلّا أنّه يمزج بغيره.

والثاني : لا يجري ؛ لأنّه يقصد منه الصبغ واللون(٢) ، وهو قول القاضي أبي حامد(٣) .

والطين الخراساني لا يُعدّ مأكولاً ، ويُسفَّه آكِلُه - وإنّما يأكله قومٌ لعارضٍ بهم - ولو كان مستطاباً ؛ لاشتراك الكلّ في استطابته ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : « لا تأكلي الطين فإنّه يُصفّر اللون »(٤) ويجري آكل ذلك مجرى من يأكل التراب والخزف ، فإنّ من الممكن من يأكل ذلك ، فلا ربا فيه.

وعند بعضهم أنّه ربويّ(٥) .

والأرمني دواء ، كالهليلج.

وفيه وجه آخر لهم : أنّه لا ربا فيه ، كسائر أنواع الطين(٦) ، وهو قول القاضي ابن كج(٧) .

وأمّا دهن البنفسج والورد واللبان ففيه لهم وجهان ، أحدهما : ثبوت الربا ؛ لأنّها متّخذة من السمسم اكتسبت رائحة من غيره ، وإنّما لا يؤكل في‌

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٠٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٢ - ٧٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٤) كما في المغني ٤ : ١٣٩.

(٥و٦) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

١٤٢

العادة ضنّاً بها(١) .

وفي دهن الكتّان وجهان عندهم ، أصحّهما : أنّه ليس بربويّ ؛ لأنّه لا يُعدّ للأكل(٢) .

وكذا دهن السمك ؛ لأنّه يُعدّ للاستصباح وتدهين السُّفُن لا للأكل(٣) .

وفي وجهٍ : أنّه مال ربا ؛ لأنّه جزء من السمك(٤) .

وفي حبّ الكتّان وجهان(٥) ، وكذا في ماء الورد(٦) .

ولا ربا عندهم في العُود والمصطكي(٧) .

وأمّا الماء ففي صحّة بيعه وثبوت الملك فيه وجهان ، فعلى الجديد فيه وجهان أيضاً :

أصحّهما : أنّه ربويّ ؛ لأنّه مطعوم ، لقوله تعالى :( وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ) (٨) .

والثاني : لا ربا فيه ؛ لأنّه ليس مأكولاً(٩) .

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٨ - ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ و ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٢) المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، الوسيط ٣ : ٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٣ : ٧٣.

(٣ و٤ ) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، الوسيط ٣ : ٤٩.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٥.

(٧) كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣.

(٨) البقرة : ٢٤٩.

(٩) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٨ ، المجموع ٩ : ٣٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٤٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٣ - ٧٤.

١٤٣

ولا ربا في الحيوان ؛ لأنّه لا يؤكل على هيئته ، وما يُباح أكله على هيئته كالسمك الصغير على وجهٍ يجري فيه الربا(١) .

والحقّ عندنا في ذلك كلّه ثبوت الربا في كلّ مكيل أو موزون ، سواء كان مأكولاً أو لا. والسمك يوزن ، فيجري فيه الربا مطلقاً.

مسألة ٧٧ : إذا بِيع مالٌ بمالٍ فأقسامه ثلاثة :

الأوّل : أن لا يكون شي‌ء منهما ربويّاً.

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر.

الثالث : أن يكونا ربويّين.

فالأوّل لا يجب فيه رعاية التماثل قدراً ولا الحلول ولا التقابض في المجلس ، اتّحدا جنساً أو لا ، فيجوز بيع ثوبٍ بثوبين ، وعبد بعبدين ، ودابّة بدابّتين ، وبيع ثوبٍ بعبد وعبدين نقداً ونسيئةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عبد الله بن عمرو بن العاص أن يشتري بعيراً ببعيرين إلى أجل(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم عن الشاة بالشاتين والبيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به ما لم يكن فيه كيل ولا وزن »(٤) .

وسأل منصورُ بن حازم الصادقَعليه‌السلام عن البيضة بالبيضتين ، قال : « لا بأس به » والثوب بالثوبين ، قال : « لا بأس به » والفرس بالفرسين ، فقال :

____________________

(١) المجموع ٩ : ٣٩٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٢) المجموع ٩ : ٤٠٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ - ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

(٣) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٧ ، سنن الدار قطني ٣ : ٦٩ / ٢٦١ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٧ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٥٦ - ٥٧.

(٤) التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١٣ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ - ١٠١ / ٣٤٩.

١٤٤

« لا بأس به » ثمّ قال : « كلّ شي‌ء يُكال أو يُوزن فلا يصلح مِثْلين بمِثْلٍ إذا كان من جنسٍ واحد ، فإذا كان لا يُكال ولا يُوزن فليس به بأس اثنين بواحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب بالثوبين »(٢) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز إسلاف الشي‌ء في جنسه(٣) . فلا يجوز بيع فرس بفرسين سلفاً ولا نسيئةً ، بل يجب التقابض في المجلس عنده ، وهو إحدى الروايات عن أحمد ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة(٤) . ولأنّ الجنس أحد وصفَي علّة تحريم التفاضل ، فيحرم فيه النسأ، كالوصف الآخر(٥) .

وتُحمل الرواية على النساء في الطرفين ، أو على أنّ النهي للتنزيه نهي كراهة لا نهي تحريم. والربا عندنا يثبت لا لعلّة ، بل للنصّ على ثبوته في كلّ مكيل أو موزون ، وإباحة التفاضل فيما عداهما ، على أنّه منقوض بإسلاف الدراهم في الحديد.

وقال مالك : يجوز إسلاف أحد الشيئين في مثله متساوياً لا متفاضلاً.

ولا يجوز بيع حيوان بحيوانين من جنسه بصفة يقصد بهما أمراً واحداً إمّا الذبح أو غيره ؛ لأنّ الغرض إذا كان بهما سواء ، كان بيع الواحد باثنين نسيئةً ذريعةً إلى الربا(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٧ ، الاستبصار ٣ : ١٠١ / ٣٥١.

(٢) التهذيب ٧ : ١١٩ / ٥١٨.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٤) سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٠ / ٣٣٥٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٦٣ / ٢٢٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٨ / ١٢٣٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٨ - ٢٨٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥٤ ، المعجم الكبير - للطبراني - ٧ : ٢٤٧ / ٦٨٤٧ ، و ٢٤٨ / ٦٨٥١ ، و ٢٧٣ / ٦٩٤٠.

(٥) المغني ٤ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ٤ : ١٧٩ ، الكافي في فقه الإمام أحمد ٢ : ٣٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٥.

١٤٥

ويبطل بقولهعليه‌السلام : « إذا اختلف الجنسان فبِيعوا كيف شئتم »(١) .

الثاني : أن يكون أحدهما ربويّاً دون الآخر ، كبيع ثوبٍ بدراهم أو دنانير ، أو بيع حيوان بحنطة أو شعير. وحكمه كالأوّل ، فيجوز بيع أحدهما بالآخر - وإن كان أزيد قيمةً منه - نقداً ونسيئةً؛ للإجماع على السلف والنسيئة مع تغاير الثمن - الذي هو أحد النقدين - والمثمن ، إلّا الصرف خاصّةً ، وسيأتي إن شاء الله تعالى.

الثالث كالأوّل عندنا ؛ للإجماع على إسلاف أحد النقدين في البُرّ أو الشعير أو غيرهما من الربويّات والمكيلات ، والنسيئة أيضاً ، وهو قول أبي حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إن اختلفت العلّة فيهما ، كالذهب بالقوت ، فلا تجب رعاية التماثل ولا الحلول ولا التقابض ، فيجوز إسلاف أحد النقدين في البُرّ ، أو بيع الشعير بالذهب نقداً أو نسيئةً.

وإن اتّفقت العلّة ، فإن اتّحد الجنس ، وجب فيه رعاية التماثل والحلول والتقابض في المجلس ، كما لو باع الذهب بالذهب والبُرّ بالبُرّ ، وثبت فيه أنواع الربا الثلاثة - وعندنا لا يجب الثالث إلّا في الصرف - وإن اختلف الجنس ، لم يجب التماثل ، بل الحلول والتقابض في المجلس ؛ لقولهعليه‌السلام : « ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبُرّ بالشعير والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٣) (٤) .

____________________

(١) الجامع لأحكام القرآن ١٠ : ٨٦ ، المغني ٤ : ١٤٦ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٧.

(٢) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٣) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٧ - ٤٨.

١٤٦

والجواب : يحتمل أن يكون التقييد باليد على سبيل الأولويّة ، أو في الصرف.

فروع :

أ - يكره بيع الجنسين المختلفين متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فلا يصلح »(١) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام « ما كان من طعام مختلف أو متاع أو شي‌ء من الأشياء يتفاضل فلا بأس ببيعه مِثْلين بمِثْل يداً بيد ، فأمّا نظرةٌ فإنّه لا يصلح »(٢) .

ب - المصوغ من أحد النقدين لا يجوز بيعه بجنسه‌ من التبر أو المضروب متفاضلاً بل بوزنه وإن كان المصوغ أكثر قيمةً. وكذا الصحيح والمكسّر لا يجوز التفاضل فيهما مع اتّحاد الجنس - وبه قال الشافعي(٣) - لما رواه عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقايةً من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدرداء : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن مثل هذا إلّا مِثْلاً بمثل ، فقال له معاوية : ما أرى بهذا بأساً ، قال أبو الدرداء : مَنْ يعذرني من هذا ، اُخبره عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ويُخبرني عن رأيه ، والله لا ساكنتك بأرضٍ أنت فيها ، ثمّ قدم أبو الدرداء على عمر فذكر له ذلك ، فكتب عمر إلى معاوية أن لا تبع ذلك إلّا وزناً بوزن مِثْلاً بمِثْلٍ(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٩١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٩٣ / ٣٩٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٣ - ٩٤ / ٣٩٦.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٤) سنن البيهقي ٥ : ٢٨٠ ، المغني ٤ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٣.

١٤٧

وقال مالك : يجوز أن يبيعه بقيمته من جنسه(١) . وأنكر أصحابه ذلك ، ونفوه عنه(٢) .

واحتجّ مَنْ أجازه : بأنّ الصنعة لها قيمة ، ولهذا لو أتلفه وجبت قيمته وإن زادت.

والجواب : لا نسلّم أنّ الصنعة تدخل في البيع وإن قوّمت على الغاصب. سلّمنا لكن لا نسلّم أنّه يقوّم بجنسه بل بغير جنسه.

ج - الفلوس يثبت الربا فيها عندنا ؛ لأنّها موزونة ، وبه قال أبو حنيفة(٣) ، وهو وجه ضعيف للشافعيّة ؛ لحصول معنى الثمنيّة(٤) .

وفي الأظهر عندهم : انتفاء الربا ؛ لانتفاء الثمنيّة والطعم ، والوزن والكيل ليسا علّةً عندهم(٥) وقد تقدّم بطلان التعليل.

د - يكره بيع أفراد الجنس الواحد إذا لم يدخله الكيل والوزن متفاضلاً نسيئةً ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « البعير بالبعيرين والدابّة بالدابّتين يداً بيد ليس به بأس »(٦) وهو يدلّ بمفهومه على كراهيّة النسيئة فيه.

ه- لا يشترط التقابض في المجلس مع اتّحاد الجنس واختلافه إلّا في الصرف‌ - وبه قال بعض الشافعيّة(٧) - لأنّهما عينان من غير جنس الأثمان ، فجاز التفرّق فيهما قبل القبض ، كالحديد. نعم ، يشترط الحلول‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤ ، حلية العلماء ٤ : ١٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٤١.

(٢) المصادر في الهامش (١) ما عدا العزيز شرح الوجيز.

(٣) اُنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٤ و ٥) المجموع ٩ : ٣٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٤٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٤.

(٦) الكافي ٥ : ١٩٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٧٧ / ٧٩٧ ، التهذيب ٧ : ١١٨ / ٥١١ ، الاستبصار ٣ : ١٠٠ / ٣٤٧.

(٧) روضة الطالبين ٣ : ٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٥.

١٤٨

مع الاتّفاق جنساً.

وقال بعض الشافعيّة : إذا كانا ربويّين ، وجب فيهما القبض قبل التفرّق ، كالذهب والفضّة(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : « لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق ولا البُرّ بالبُرّ ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلّا سواء بسواء عيناً بعين يداً بيد »(٢) .

والجواب : أنّه لا يدلّ على المنع مع عدم التقابض إلّا من حيث المفهوم ، وهو ضعيف.

مسألة ٧٨ : لعلمائنا قولان في أنّ الحنطة والشعير هل هُما جنس واحد أو جنسان؟

والأقوى عندي : الأوّل - وبه قال مالك والليث والحكم وحمّاد(٣) - لأنّ معمر بن عبد الله بعث غلاماً له ومعه صاع من قمح ، فقال : اشتر شعيراً ، فجاءه بصاع وبعض صاع ، فقال له : ردّه ، فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع الطعام بالطعام إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، وطعامنا يومئذٍ الشعير(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يصلح الشعير بالحنطة إلّا واحداً بواحد »(٥) .

____________________

(١) روضة الطالبين ٣ : ٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٧٦.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٠ ، ١٥٨٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ ، ١١٠٢١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١١ ، المغني ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩ - ١٥٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١٢١٤ / ١٥٩٢ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٤ / ٨٣ و ٨٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٨٣ ، المغني ٤ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٠.

(٥) الكافي ٥ : ١٨٩ / ١٢ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٨.

١٤٩

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا يباع مختومان من شعير بمختوم من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ » وسُئل عن الرجل يشتري الحنطة فلا يجد إلّا شعيراً أيصلح له أن يأخذ اثنين بواحد؟ قال : « لا ، إنّما أصلهما واحد »(١) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تبع الحنطة بالشعير إلّا يداً بيد ، ولا تبع قفيزاً من حنطة بقفيزين من شعير »(٢) .

ولأنّ أحدهما يُغشّ بالآخر ، فهُما كنوعي جنسٍ واحد.

وقال بعض(٣) علمائنا : إنّهما جنسان يباع أحدهما بالآخر متفاضلاً يداً بيد ونسيئةً - وبه قال الشافعي(٤) - لقولهعليه‌السلام : « بيعوا الذهب بالورق ، والورق بالذهب ، والبُرّ بالشعير ، والشعير بالبُرّ كيف شئتم يداً بيد »(٥) .

ولأنّهما لا يشتركان في الاسم الخاصّ ، فكانا جنسين ، كالشعير والذرّة.

وأجابوا عن حديث معمر بأنّه أعمّ من هذا الحديث. والغشّ ينتقض بالفضّة ، فإنّه يُغشّ بها الذهب.

والجواب : أنّ الراوي فهم تناول الطعام لصورة النزاع. وبالجملة فالتعويل على أحاديث الأئمّةعليهم‌السلام . والاختصاص بالاسم لا يُخرج الماهيّات عن التماثل ، كالحنطة والدقيق.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٨.

(٣) هو ابن إدريس في السرائر ٢ : ٢٥٤.

(٤) الاُمّ ٣ : ٣١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١١٠ ، بداية المجتهد ٢ : ١٣٥ ، المحلّى ٨ : ٤٩٢ ، المغني ٤ : ١٥١ ، الشرح الكبير ٤ : ١٤٩.

(٥) سنن البيهقي ٥ : ٢٧٦ ، معرفة السنن والآثار ٨ : ٣٣ - ٣٤ / ١١٠٢١.

١٥٠

مسألة ٧٩ : ثمرة النخل كلّها جنس واحد‌ ، كالبَرْنِيّ والمعقلي والآزاد والدقل وإن كان رديئاً في الغاية لا يجوز التفاضل فيه نقداً ولا نسيئةً ، فلا يباع مُدٌّ من البَرْنيّ بمُدَّيْن من الدقل وكذا البواقي لا نقداً ولا نسيئةً ، وكذا ثمرة الكرم كلّها جنس واحد ، كالأسود والأبيض والطيّان والرازقي ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يباع مختومان من شعير بمختومٍ من حنطة إلّا مِثْلاً بمِثْلٍ ، والتمر مِثْل ذلك»(١) .

وكان عليّعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقين من تمر المدينة بوسق من تمر خيبر(٢) .

وفي حديثٍ آخر ذلك وزيادة : « ولم يكنعليه‌السلام يكره الحلال »(٣) .

وسُئل عن الطعام والتمر والزبيب ، فقال : « لا يصلح شي‌ء منه اثنان بواحد إلّا أن تصرفه نوعاً إلى نوع آخر ، فإذا صرفته فلا بأس به اثنان بواحد وأكثر »(٤) وإطلاق التمر يدلّ على اتّحاده حقيقةً.

وقال الباقرعليه‌السلام : « يكره وسق من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر ، لأنّ تمر المدينة أجودهما»(٥) .

تذنيب : الطلع كالثمرة في الاتّفاق وإن اختلفت اُصولهما‌ ، وطلع الفحل كطلع الإناث.

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٨٧ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٣٩٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٨ ، التهذيب ٧ : ٩٤ / ٤٠٠ ، و ٩٧ / ٤١٣.

(٣) الكافي ٥ : ١٨٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٩٦ - ٩٧ / ٤١٢ ، وصدر الحديث فيهما هكذا :

كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يكره أن يستبدل وسقا من تمر المدينة بوسقين من تمر خيبر.

(٤) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٤ ، التهذيب ٧ : ٩٥ / ٤٠٦.

(٥) الفقيه ٣ : ١٧٨ / ٨٠٥ ، التهذيب ٧ : ٩٥ - ٩٦ / ٤٠٨.

١٥١

مسألة ٨٠ : اللحوم أجناس مختلفة باختلاف اُصولها‌ ، فلحم الغنم ضأنه وما عزه جنس واحد ، ولحم البقر جاموسها وعرابها جنس واحد مغاير للأوّل ، ولحم الإبل عرابها وبخاتيّها جنس آخر مغاير للأوّلين ، وكذا باقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع - وهو أصحّ قولي الشافعي ، وبه قال المزني وأبو حنيفة وأحمد في رواية(١) - لأنّها فروع اُصول مختلفة هي أجناس متعدّدة ، وكانت أجناساً كاُصولها ، كما في الأدقّة والخلول. ولأنّها متفاوتة في المنافع ومتخالفة في الأغراض والغايات ، فأشبهت المختلفات جنساً.

وللشافعي قول آخر : إنّها جنس واحد ، فلحم البقر والغنم والإبل والسموك والطيور والوحوش كلّها جنس واحد - وهو رواية عن أحمد أيضاً - لأنّها اشتركت في الاسم في حال حدوث الربا فيها الذي لا يقع بعده التمييز إلّا بالإضافة ، فكانت جنساً واحداً ، كأنواع الرطب والعنب ، وتخالف الثمار المختلفة بالحقيقة ، فإنّها وإن اشتركت في اسم الثمرة لكنّها امتازت بأساميها الخاصّة(٢) .

والجواب : المنع من الاشتراك في الاسم الخاصّ ، وليس إطلاق لفظ اللحم عليها إلّا كإطلاق الحيوان والجسم عليها.

وقال مالك : اللُّحْمان(٣) ثلاثة أصناف : الإنسي والوحشي صنف واحد ،

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٥.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، الوسيط ٣ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اللحمان : جمع لحم. لسان العرب ١٢ : ٥٣٥ « لحم ».

١٥٢

والطير صنف ، ولحوم ذوات الماء صنف واحد - وهو رواية اُخرى عن أحمد إلّا أنّه جعل الوحشي صنفاً آخر - لأنّ لحم الطير لا تختلف المنفعة به ، ولا يختلف القصد في أكله(١) .

والجواب : يبطل بلحم الإبل ولحم الغنم ، فإنّها تختلف المنفعة بها والقصد إلى أكلها.

فروع :

أ - الوحشيّ من كلّ جنس مخالف لأهليّة ، فالبقر الأهلي مع البقر الوحشيّ جنسان مختلفان ، والغنم الأهليّة والغنم الوحشيّة - وهي الظباء - جنسان ، والحُمُر الوحشيّة والأهليّة جنسان أيضاً عندنا ، وبه قال الشافعي في أصحّ القولين وأحمد(٢) ، خلافاً لمالك(٣) ، وقد سبق.

ب - لحم السمك مخالف لباقي اللحوم ، عند علمائنا أجمع ، وهو أصحّ قولي الشافعي وأحمد في رواية(٤) .

وللشافعي قول : إنّ اللُّحْمان كلّها صنف واحد(٥) ، فعلى هذا القول في السمك عنده قولان:

أحدهما : أنّ لحومها ولحوم باقي الحيوانات البرّيّة جنس واحد ؛

____________________

(١) بداية المجتهد ٢ : ١٣٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ - ١٥٥.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٦٣ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٣) اُنظر : المصادر في الهامش (١).

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، وانظر : المغني ٤ : ١٥٥ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٤.

(٥) اُنظر : المصادر في الهامش (٢) من ص ١٥١.

١٥٣

لشمول الاسم لها ، قال الله تعالى :( وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا ) (١) (٢) .

والجواب : أنّه كشمول الثمار للتمر والتفّاح.

والثاني : أنّ الحيتان مخالفة لباقي اللحوم ؛ لأنّ لها اسماً خاصّاً ، ولهذا لو حلف لا يأكل اللحم ، لم يحنث بلحوم الحيتان. ولأنّه لا يسمّى لحماً عند الإطلاق ، ولهذا لا يضاف اللحم إلى اسمه فيقال : لحم السمك ، كما يقال : لحم الإبل(٣) .

ج - لحم السمك هل هو جنس واحد أو أجناس؟ الأقوى : الأوّل ؛ لشمول اسم السمك للكلّ ، والاختلاف بالعوارض لا يوجب الاختلاف في الحقيقة.

ويحتمل أن يكون أجناساً متعدّدة ، فكلّ ما اختصّ باسمٍ وصفةٍ كان جنساً مخالفاً لما غايره ممّا اختصّ باسمٍ آخر وصفة اُخرى ، فالشبّوط والقطّان والبُنّي أجناس مختلفة ، وكذا ما عداها.

د - الأقوى في الحمام - وهو ما عبّ وهَدَر ، أو كان مطوّقاً على اختلاف التفسير - أنّه جنس واحد ، فلحم القماري والدباسي والفواخت جنس واحد ؛ لشمول اسم الحمام لها ، وتقاربها في المنافع.

ويحتمل تعدّدها بتعدّد ما يضاف إليه.

أمّا الحمام مع غيره من الطيور كالعصافير والدجج فأولى بالتغاير.

ه- الجراد جنس بانفراده مغاير لسائر اللحوم البرّيّة والبحريّة ، وهو ظاهر عند علمائنا حيث أوجبوا اختلاف اللحوم باختلاف اُصولها ، وهو‌

____________________

(١) فاطر : ١٢.

(٢ و ٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥.

١٥٤

أصحّ قولي الشافعي(١) . وفي قول آخر للشافعي : إنّه من جنس اللحوم ، فحينئذٍ هل هو من البرّيّة أو البحريّة؟ وجهان(٢) .

و - أعضاء الحيوان الواحد كلّها جنس واحد مع لحمه ، كالكرش والكبد والطحال والقلب والرئة ، والأحمر والأبيض واحد ، وكذا الشحوم كلّها بعضها مع بعض ومع اللحم جنس واحد ؛ لأنّ أصلها واحد ، وتدخل تحت اسمه.

وللشافعيّة في ذلك طريقان :

الأشهر عندهم أن يقال : إن جعلنا اللحوم أجناساً ، فهذه أولى ؛ لاختلاف أسمائها وصفاتها ، وإن قلنا : إنّها جنس واحد ، ففيها وجهان ؛ لأنّ مَنْ حلف أن لا يأكل اللحم لا يحنث بأكل هذه الأشياء على الصحيح.

والثاني عن القفّال أن يقال : إن جعلنا اللحوم جنساً واحداً ، فهذه مجانسة لها ، وإن جعلناها أجناساً ، فوجهان ؛ لاتّحاد الحيوان ، فأشبه لحم الظهر مع شحمه(٣) .

وكذا المخ جنس آخر عندهم. والجلد جنس آخر. وشحم الظهر مع شحم البطن جنسان. وسنام البعير معهما جنس آخر ، أمّا الرأس والأكارع فمن جنس اللحم(٤) .

والكلّ عندنا باطل ؛ فإنّ الحقّ تساوي هذه الأشياء. والتعلّق بالحنث أو بعدمه غير مفيد ؛ فإنّ اليمين يتبع الاسم وإن كانت الحقيقة واحدةً ، كما لو حلف أن لا يأكل خبزاً ، فأكل دقيقاً ، لم يحنث وإن كان واحداً.

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٥

تنبيه : كلّ ما حكمنا فيه باختلاف الجنس وتغايره ، فإنّه يجوز بيع بعضه ببعض‌ متفاضلاً نقداً ونسيئةً إلّا الصرف ، فلا يجوز النسيئة فيه ، وكلّ ما حكمنا فيه بالتماثل فإنّه لا يجوز التفاضل فيه.

مسألة ٨١ : المشهور المنع من بيع اللحم بحيوان من جنسه‌ - وبه قال الفقهاء السبعة(١) ومالك والشافعي وأحمد(٢) - لما رواه الجمهور عن سعيد بن المسيّب أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن بيع اللحم بالحيوان(٣) . ومراسيل ابن المسيّب حجّة عندهم(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كره اللحم بالحيوان »(٥) .

ولأنّه نوعٌ في الربا بِيع بأصله الذي هو منه فلم يجز ، كما لو باع‌

____________________

(١) وهُمْ : سعيد بن المسيّب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمّد وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار. وفي السابع ثلاثة أقوال ، فقيل : سالم بن عبد الله بن عمر. وقيل : أبو سلمة بن عبد الرحمن. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام.

اُنظر : تهذيب الأسماء واللغات ١ : ١٧٢ ، ١٤٠ ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٠ : ١٨.

(٢) المغني ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، مختصر المزني : ٧٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) الموطّأ ٢ : ٦٥٥ ، ٦٤ ، المراسيل - لأبي داود - : ١٣٣ ، ١٥ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٣٥ ، سنن الدارقطني ٣ : ٧١ ، ٢٦٦.

(٤) اُنظر : مختصر المزني : ٧٨ ، والجرح والتعديل ٤ : ٦١ ، والكفاية - للخطيب البغدادي - : ٤٠٤ ، واللمع : ١٥٩ ، والحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والمجموع ( المقدّمة ) ١ : ٦٠ و ٦١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ١ : ٢٢١.

(٥) الكافي ٥ : ١٩١ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤٥ / ١٩٤ ، و ١٢٠ / ٥٢٥.

١٥٦

الشيرج(١) بالسمسم من غير اعتبارٍ.

والأقرب عندي : الجواز على كراهيّةٍ ؛ للأصل السالم عن معارضة ثبوت الربا ؛ لفقد شرطه ، وهو التقدير بالكيل أو الوزن ، المنفي في الحيوان الحيّ. وأمّا الكراهيّة : فللاختلاف.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني بالجواز ؛ لأنّه باع ما فيه الربا بما لا ربا فيه فجاز ، كما لو باع الحيوان بالدراهم(٢) .

وقال محمّد بن الحسن : يجوز على اعتبار اللحم في الحيوان ، فإن كان دون اللحم الذي في مقابلته ، جاز(٣) .

فروع :

أ - الممنوع إنّما هو بيع لحم الحيوان بجنسه ، أمّا بغير جنسه - كلحم الشاة بالإبل - فإنّه يجوز ؛ لجواز بيع لحم أحدهما بلحم الآخر فبالآخر حيّاً أولى.

أمّا الشافعيّة : ففي كون اللحوم كلّها جنساً واحداً أو أجناساً(٤) متعدّدة عندهم قولان ، فإن قالوا بالوحدة ، لم يجز بيع لحم الشاة بالإبل الحيّة ، ولا لحم البقر بالشاة الحيّة وكذا البواقي. وإن قالوا باختلاف ، فقولان :

____________________

(١) الشيرج : دهن السمسم. تاج العروس ٢ : ٦٤ « شرج ».

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، المغني ٤ : ١٦٠ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، مختصر المزني : ٧٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨.

(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٨٩ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٤ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ٤١ / ١١١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٧.

(٤) في « ق ، ك» والطبعة الحجريّة : « جنس واحد أو أجناس » بالرفع.

١٥٧

أحدهما : المنع ؛ لأنّ أبا بكر منع من بيع العناق بلحم الجزور(١) .

والجواب : أنّ فعل أبي بكر وقوله ليس حجّةً.

والثاني(٢) : الجواز - وبه قال مالك وأحمد - لأنّه يجوز بيعه بلحمه فجواز بيعه به أولى(٣) .

ب - يجوز بيع اللحم بالحيوان غير المأكول كالآدمي والسبع وغيرهما ، عندنا ؛ لجواز بيعه بجنسه فبغيره حيّاً أولى. ولأنّ سبب المنع بيع مال الربا بأصله المشتمل عليه ، وهو منفيّ هنا ، وبه قال مالك وأحمد ، لأنّ الحيوان لا ربا فيه جملة فجاز بيعه بما فيه الربا(٤) .

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، والثاني : المنع - وهو اختيار القفّال - لعموم السنّة(٥) . وهو ممنوع.

ج - يجوز بيع اللحم بالسمكة الحيّة ، ولحم السمك بالحيوان الحيّ عندنا ؛ لما تقدّم.

وعند الشافعي قولان ، أحدهما : أنّ لحم السمك إن كان من جملة اللحم ، كان كما لو باع لحم غنم ببقر. وإن كان ليس من جملة اللُّحْمان ،

____________________

(١) رواه الشافعي في مختصر المزني : ٧٨ ، وأورده أبو إسحاق الشيرازي في المهذّب ١ : ٢٨٤ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٥ : ١٥٨ ، والرافعي في العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، وكذلك ابنا قدامة في المغني ٤ : ١٦٢ ، والشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٢) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» هكذا : وإن قالوا بالتعدّد والثاني. وجملة « وإن قالوا بالتعدّد » زائدة ؛ حيث ذكرها المصنّفقدس‌سره آنفاً بقوله : وإن قالوا بالاختلاف.

(٣) الوسيط ٣ : ٥٧ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٤ - ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠ ، التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٣ - ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩.

(٤) التفريع ٢ : ١٢٩ ، المغني ٤ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٤ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

١٥٨

فقولان ؛ لوقوع اسم اللحم والحيوان عليه. والثاني : الجواز(١) .

د - يجوز بيع الشحم والألية والطحال والقلب والكِلية والرئة بالحيوان عندنا‌ - وللشافعيّة وجهان(٢) - وكذا السنام بالإبل ؛ للنهي عن بيع اللحم بالحيوان ، ولم يرد في غيره.

وأصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّه في معنى اللحم.

وكذا الوجهان في بيع الجلد بالحيوان إن لم يكن مدبوغاً [ وإن كان مدبوغاً ](٣) فلا منع. وعلى الوجهين أيضاً بيع لحم السمك بالشاة(٤) .

ه- يجوز بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة خالية من البيض ، أو بدجاجة فيها بيضة ، أو ببيضة لا غير ؛ لوجود المقتضي ، وهو عموم( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٥) السالم عن معارضة الربا ؛ لانتفاء شرطه ، وهو الكيل أو الوزن هنا.

ومَنَع الشافعيّة من بيع دجاجة فيها بيضة بدجاجة قولاً واحداً ؛ لأنّ ذلك بمنزلة بيع اللبن بالحيوان اللبون(٦) . وسيأتي.

مسألة ٨٢ : الألبان تابعة لاُصولها تختلف باختلافها وتتّفق باتّفاقها‌ ، فلبن الغنم ضأنه ومعزه(٧) جنسٌ ، ولبن الإبل عرابها وبخاتيّها جنسٌ آخر مغاير للأوّل ، ولبن البقر عرابها وجاموسها جنس واحد مخالف للأوّلين.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٥٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٠.

(٣) أضفناها من المصدر.

(٤) نفس المصدر في الهامش (٢).

(٥) البقرة : ٢٧٥.

(٦) الذي عثرنا عليه في المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٥ ، والتهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٥ هو منع بيع بيضة بدجاجة في جوفها بيض.

(٧) في « ق ، ك» : ماعزه.

١٥٩

ولبن الوحشي مخالف للإنسي ، فلبن البقر الوحشي(١) مخالف للبن البقر الإنسي. وكذا لبن الظبي ولبن الشاة جنسان ، عند علمائنا أجمع.

وقد نصّ الشافعي على أنّ الألبان أجناس(٢) ، ولم يذكر غير ذلك ، إلّا أنّ له في اللُّحْمان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد - قاله أصحابه - لا فرق بينها(٣) (٤) ، فجعلوا في الألبان قولين : أحدهما : أنّها جنس واحد ، وهو المشهور عن أحمد. والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : أنّها أجناس ، وبه قال أبو حنيفة(٥) .

لنا : أنّها فروع تابعة لاُصول مختلفة بالحدّ والحقيقة ، فكانت فروعها تابعةً لها ، كالأدهان والخُلول - وهذا بخلاف اللُّحْمان ، فإنّ للشافعي قولاً بالتماثل فيها(٦) - لأنّ الاُصول التي حصل اللبن منها باقية بحالها وهي مختلفة ، فيدام حكمها على الفروع ، بخلاف اُصول اللحم.

احتجّ الآخرون بأنّ الألبان اشتركت في الاسم الخاصّ في أوّل حال‌

____________________

(١) في « ق ، ك» : بقر الوحش.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧.

(٣) في الطبعة الحجريّة و « ق ، ك» : بينهما. والصحيح ما أثبتناه.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٧٩ ، التنبيه في الفقه الشافعي : ٩١ ، حلية العلماء ٤ : ١٦١ - ١٦٢ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٥٤ ، الوسيط ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٥٩ ، المغني ٤ : ١٥٥ ، الشرح الكبير ٤ : ١٥٤ و ١٥٥.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٨٠ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٥٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٩٧ ، الوسيط ٣ : ٥٧ ، المغني والشرح الكبير ٤ : ١٥٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٦٥.

(٦) راجع المصادر في الهامش (٤).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

( باب )

( حد المحارب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم وحميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه جميعا ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي صالح ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قدم على رسول الله قوم من بني ضبة مرضى فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أقيموا عندي فإذا برأتم بعثتكم في سرية فقالوا أخرجنا من المدينة فبعث بهم إلى إبل الصدقة يشربون من أبوالها ويأكلون من ألبانها فلما برءوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كانوا في الإبل فبلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فبعث إليهم علياعليه‌السلام فهم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه قريبا من أرض اليمن فأسرهم وجاء بهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلت هذه الآية عليه «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ »(١) فاختار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القطع فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن طلحة النهدي ، عن سورة بن كليب قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد الحاجة فيلقاه رجل أو يستقفيه فيضربه

باب حد المحارب

وقال في الشرائع : المحارب كل من جرد السلاح لإخافة الناس في بر أو بحر ، ليلا أو نهارا في مصر أو غيره ، وهل يشترط كونه من أهل الريبة ، فيه تردد أصحه أنه لا يشترط مع العلم بقصد الإخافة ويستوي في هذا الحكم الذكر والأنثى ، وفي ثبوت هذا الحكم للمجرد مع ضعفه عن الإخافة تردد أشبهه الثبوت ، ويجتزئ بقصده.

الحديث الأول : موثق على الظاهر ، إذ الظاهر أنأبا صالح هو عجلان.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

٣٨١

ويأخذ ثوبه قال أي شيء يقول فيه من قبلكم قلت يقولون هذه دغارة معلنة وإنما المحارب في قرى مشركية فقال أيهما أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك قال فقلت دار الإسلام فقال هؤلاء من أهل هذه الآية «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » إلى آخر الآية.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ » إلى آخر الآية فقلت أي شيء عليهم من هذه الحدود التي سمى الله عز وجل قال ذلك إلى الإمام إن شاء قطع وإن شاء صلب وإن شاء نفى وإن شاء قتل قلت النفي إلى أين قال ينفى من مصر إلى مصر

ويمكن أن يعد موثقا ، ومحمول على المحارب بل هو الظاهر.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في المسالك : اختلف الأصحاب في عقوبات المحارب هل هي على وجه التخيير أو الترتيب؟ فذهب المفيد وسلار وجماعة إلى الأول ، لظاهر الآية(١) ، وصحيحة جميل ، وصحيحة بريد(٢) .

وذهب الشيخ وأتباعه إلى أن ذلك على الترتيب ، لرواية عبد الله بن إسحاق(٣) ، ومحمد بن مسلم(٤) وغيرهما ، وهي كلها ضعيفة الإسناد مضطربة المتن ، وما ذكره الشيخ من أنه يقتل إن قتل ولو عفا ولي الدم قتله الإمام ، ولو قتل وأخذ المال استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى ، ثم قتل وصلب ، وإن أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفي ، ولو جرح ولم يأخذ المال اقتص منه ونفي ، ولو اقتصر على شهر السلاح والإخافة نفي لا غير ، فهذا لا يستفاد من كل واحدة من الروايات ، وإنما يجتمع منها على اختلاف فيها.

وقال في الشرائع : يصلب المحارب حيا على القول بالتخيير ، ومقتولا على القول الآخر ، وقال : لا يعتبر في قطع المحارب أخذ النصاب ، وفي الخلاف ولا يعتبر

__________________

(١) سورة المائدة : ٣٣.

(٢) الآتية ص ٣٨٣ ح ٥.

(٣) الآتية ص ٣٨٤ ح ٨.

(٤) الآتية ص ٣٨٥ ح ١٢.

٣٨٢

آخر ، وقال إن علياعليه‌السلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » إلى آخر الآية قال لا يبايع ولا يؤوى ولا يتصدق عليه.

٥ ـ عنه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن يحيى الحلبي ، عن بريد بن معاوية قال سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ » قال ذلك إلى الإمام يفعل به ما يشاء قلت فمفوض ذلك إليه قال لا ولكن نحو الجناية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من حمل السلاح بالليل فهو محارب إلا أن يكون رجلا ليس من أهل الريبة.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام

انتزاعه من حرز.

الحديث الرابع : حسن أو موثق.

الحديث الخامس : صحيح.

ولا ينافي هذا الخبر القول بالتخيير إذ مفاده أن الإمام يختار ما يعلمه صلاحا بحسب جنايته لا بما يشتهيه ، وبه يمكن الجمع بين الأخبار المختلفة.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إلا أن يكون » محمول على ما إذا شهر السلاح ، وبه استدل من قال باشتراط كون المحارب من أهل الريبة ويمكن أن يكون الاشتراط في الخبر لتحقق الإخافة.

الحديث السابع : ضعيف.

وقال في الشرائع لا يترك على خشبته أكثر من ثلاثة أيام ثم ينزل ويغسل

٣٨٣

أن أمير المؤمنينعليه‌السلام صلب رجلا بالحيرة ثلاثة أيام ثم أنزله يوم الرابع فصلى عليه ودفنه.

٨ ـ علي ، عن أبيه ، عن عمرو بن عثمان ، عن عبيد الله بن إسحاق المدائني ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال سئل عن قول الله عز وجل : «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا » الآية فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع فقال إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا فقتل قتل به وإن قتل وأخذ المال قتل وصلب وإن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف وإن شهر السيف فحارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال ينفى من الأرض قلت كيف ينفى وما حد نفيه قال ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنه منفي فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه فيفعل ذلك به سنة فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره كتب إليهم بمثل ذلك حتى تتم السنة قلت فإن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قال إن توجه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها.

٩ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن سليمان ، عن عبيد الله بن إسحاق ، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله إلا أنه قال في آخره : يفعل به ذلك سنة فإنه سيتوب قبل ذلك وهو صاغر قال قلت فإن أم أرض الشرك يدخلها قال يقتل.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن حفص ، عن عبد الله بن طلحة ، عن

ويكفن ويصلي عليه ويدفن ، ولعل عدم ذكر التغسيل والتكفين لأمره بهما قبله.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

الحديث التاسع : مجهول.

وبه عمل الأصحاب إلا أنهم يقيدوا النفي بالسنة ، وفي المسالك : ظاهر الأكثر عدم تحديده بمدة بل ينفى دائما إلى أن يتوب ، وقد تقدم في الرواية كونه سنة ، وحملت على التوبة في الأثناء ، وهو بعيد.

الحديث العاشر : ضعيف.

٣٨٤

أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا » الآية هذا نفي المحاربة غير هذا النفي قال يحكم عليه الحاكم بقدر ما عمل وينفى ويحمل في البحر ثم يقذف به لو كان النفي من بلد إلى بلد كأن يكون إخراجه من بلد إلى بلد آخر عدل القتل والصلب والقطع ولكن يكون حدا يوافق القطع والصلب.

١١ ـ علي بن محمد ، عن علي بن الحسن التيمي ، عن علي بن أسباط ، عن داود بن أبي يزيد ، عن عبيدة بن بشير الخثعمي قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قاطع الطريق وقلت إن الناس يقولون إن الإمام فيه مخير أي شيء شاء صنع قال ليس أي شيء شاء صنع ولكنه يصنع بهم على قدر جناياتهم من قطع الطريق فقتل وأخذ المال قطعت يده ورجله وصلب ومن قطع الطريق فقتل ولم يأخذ المال قتل ومن قطع الطريق وأخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله [ من خلافه ] ومن قطع الطريق ولم يأخذ مالا ولم يقتل نفي من الأرض.

١٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال من شهر السلاح في مصر من الأمصار فعقر اقتص منه ونفي من تلك البلدة ومن شهر السلاح في غير الأمصار وضرب وعقر وأخذ المال ولم يقتل فهو محارب فجزاؤه جزاء المحارب وأمره إلى الإمام إن شاء قتله و [ إن شاء ] صلبه

قوله عليه‌السلام : « لو كان النفي » لعل هذا استفهام إنكاري ، أي لو كان مجرد الإخراج من بلد إلى آخر كيف يكون معادلا للقتل والسلب ، بل لا بد أن يكون على هذا الوجه المتضمن للقتل ، حتى يكون معادلا لهما ، ولم يقل بهما أحد من الأصحاب سوى ما يظهر من كلام الصدوق في الفقيه ، حيث قال : وينبغي أن يكون نفيا يشبه الصلب والقتل يثقل رجليه ، ويرمى به في البحر.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

٣٨٥

وإن شاء قطع يده ورجله قال وإن ضرب وقتل وأخذ المال فعلى الإمام أن يقطع يده اليمنى بالسرقة ثم يدفعه إلى أولياء المقتول فيتبعونه بالمال ثم يقتلونه قال فقال أبو عبيدة أصلحك الله أرأيت إن عفا عنه أولياء المقتول قال فقال أبو جعفرعليه‌السلام إن عفوا عنه فإن على الإمام أن يقتله لأنه قد حارب وقتل وسرق قال فقال أبو عبيدة أرأيت إن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه ألهم ذلك قال فقال لا عليه القتل.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن داود الطائي ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المحارب فقلت له إن أصحابنا يقولون إن الإمام مخير فيه إن شاء قطع وإن شاء صلب وإن شاء قتل فقال لا إن هذه أشياء محدودة في كتاب الله عز وجل فإذا ما هو قتل وأخذ قتل وصلب وإذا قتل ولم يأخذ قتل وإذا أخذ ولم يقتل قطع وإذا هو فر ولم يقدر عليه ثم أخذ قطع إلا أن يتوب فإن تاب لم يقطع.

( باب )

( من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يعلم أنها محرمة )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفرعليه‌السلام رجل دعوناه إلى جملة ما نحن عليه من جملة الإسلام فأقر به ثم شرب الخمر وزنى وأكل الربا ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام أقيم عليه الحد إذا جهله قال لا إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد كان أقر بتحريمها.

وفي الصحاح :« عقره » أي جرحه.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

باب من زنى أو سرق أو شرب الخمر بجهالة لا يعلم أنها محرمة

الحديث الأول : صحيح.

٣٨٦

٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عمن رواه ، عن أبي عبيدة الحذاء قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لو وجدت رجلا من العجم أقر بجملة الإسلام لم يأته شيء من التفسير زنى أو سرق أو شرب الخمر لم أقم عليه الحد إذا جهله إلا أن تقوم عليه بينة أنه قد أقر بذلك وعرفه.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن بعض أصحابه ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل دخل في الإسلام فشرب خمرا وهو جاهل قال لم أكن أقيم عليه الحد إذا كان جاهلا ولكن أخبره بذلك وأعلمه فإن عاد أقمت عليه الحد.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن عمرو بن عثمان ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لقد قضى أمير المؤمنين صلوات الله عليه بقضية ما قضى بها أحد كان قبله وكانت أول قضية قضى بها بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وذلك أنه لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأفضى الأمر إلى أبي بكر أتي برجل قد شرب الخمر فقال له أبو بكر أشربت الخمر فقال الرجل نعم فقال ولم شربتها وهي محرمة فقال إنني لما أسلمت ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلونها ولو أعلم أنها حرام فأجتنبها قال فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال ما تقول يا أبا حفص في أمر هذا الرجل فقال معضلة وأبو الحسن لها فقال أبو بكر يا غلام ادع لنا عليا قال عمر بل يؤتى الحكم في منزله فأتوه ومعه سلمان الفارسي فأخبره بقصة الرجل فاقتص عليه قصته فقال عليعليه‌السلام لأبي بكر ابعث معه من يدور به على مجالس المهاجرين والأنصار فمن كان تلا عليه آية التحريم فليشهد عليه فإن لم يكن تلا عليه آية التحريم فلا شيء عليه ففعل أبو بكر بالرجل ما قال عليعليه‌السلام فلم يشهد عليه أحد فخلى سبيله فقال سلمان لعليعليه‌السلام لقد أرشدتهم فقال عليعليه‌السلام إنما أردت أن أجدد تأكيد هذه الآية في وفيهم «أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ».

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : كالحسن.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

٣٨٧

( باب )

( من وجبت عليه حدود أحدها القتل )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يؤخذ وعليه حدود أحدها القتل فقال كان عليعليه‌السلام يقيم عليه الحدود ثم يقتله ولا يخالف عليعليه‌السلام .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يكون عليه الحدود منها القتل قال تقام عليه الحدود ثم يقتل.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قضى أمير المؤمنينعليه‌السلام فيمن قتل وشرب خمرا وسرق فأقام عليه الحد فجلده لشربه الخمر وقطع يده في سرقته وقتله بقتله.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان وابن بكير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل اجتمعت عليه حدود فيها القتل قال يبدأ بالحدود التي هي دون القتل ثم يقتل بعد.

باب من وجبت عليه حدود أحدها القتل

الحديث الأول : صحيح.

وقال في التحرير : إذا اجتمعت حدود مختلفة كالقذف والقطع والقتل بدئ بالجلد ثم القطع ، ولا يسقط ما دون القتل استحقاق القتل ولو أسقط مستحق الطرف حده استوفي الجلد ، ثم قتل ولو كانت الحدود لله تعالى بدئ بما لا يفوت معه الآخر.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : موثق.

الحديث الرابع : حسن.

٣٨٨

( باب )

( من أتى حدا فلم يقم عليه الحد حتى تاب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن حديد وابن أبي عمير جميعا ، عن جميل بن دراج ، عن رجل ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم بذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح فقال إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد.

قال محمد بن أبي عمير قلت فإن كان أمرا قريبا لم يقم قال لو كان خمسة أشهر أو أقل منه وقد ظهر أمر جميل لم يقم عليه الحدود.

وروي ذلك عن بعض أصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام .

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ثم هرب قبل أن يضرب قال إن تاب فما عليه شيء وإن وقع في يد الإمام أقام عليه الحد وإن علم مكانه بعث إليه.

باب من أتى حدا فلم يقم عليه الحد حق تاب

الحديث الأول : مرسل كصحيح بسنديه.

ويدل على أنه يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته وهو موضع وفاق ، والمشهور أنه يتحتم لو تاب بعد البينة ولو تاب بعد الإقرار قيل : يتحتم ، وقيل : يتخير الإمام في الإقامة والعفو.

واختار في المسالك : الأول ، وقوله « لو كان خمسة أشهر » لعله على سبيل المثال ، ولم أر قائلا بالتفصيل سوى ما يظهر من المصنف.

الحديث الثاني : صحيح.

٣٨٩

( باب )

( العفو عن الحدود )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ سارقا فعفا عنه فذاك له فإن رفع إلى الإمام قطعه فإن قال الذي سرق منه أنا أهب له لم يدعه الإمام حتى يقطعه إذا رفع إليه وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام وذلك قول الله عز وجل : «وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ » فإذا انتهى الحد إلى الإمام فليس لأحد أن يتركه.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يأخذ اللص يرفعه أو يتركه فقال إن صفوان بن أمية كان مضطجعا في المسجد الحرام فوضع رداءه وخرج يهريق الماء فوجد رداءه قد سرق حين رجع إليه فقال من ذهب بردائي فذهب يطلبه فأخذ صاحبه فرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال

باب العفو عن الحدود

الحديث الأول : موثق.

وقال في التحرير : لو قامت البينة بالسرقة من غير مرافعة المالك لم يقطع ، وإنما القطع موقوف على مطالبة المالك ، ولو وهبه المسروق سقط الحد ، وكذا لو عفا عن القطع ، فأما بعد المرافعة لا يسقط بهبة ولا عفو.

الحديث الثاني : حسن.

وقال في المسالك : لا شبهة في أن المواضع المطروقة من غير مراعاة المالك ليست حرزا ، وأما مع مراعاة المالك فذهب الشيخ في المبسوط ومن تبعه إلى كونه محرزا بذلك ، ولهذا قطع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سارق رداء صفوان بن أمية من المسجد ، والرواية وردت بطرق كثيرة ، وفي الاستدلال بها للقول بأن المراعاة حرز ، نظر بين لأن المفهوم منها ـ وبه صرح كثير ـ أن المراد بها النظر إلى المال فكيف يجتمع الحكم بالمراعاة مع فرض كون المالك غائبا عنه ، وفي بعض الروايات أن صفوان قام فأخذ

٣٩٠

النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اقطعوا يده فقال صفوان أتقطع يده من أجل ردائي يا رسول الله قال نعم قال فأنا أهبه له فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهلا كان هذا قبل أن ترفعه إلي قلت فالإمام بمنزلته إذا رفع إليه قال نعم قال وسألته عن العفو قبل أن ينتهي إلى الإمام فقال حسن.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يأخذ اللص يدعه أفضل أم يرفعه فقال إن صفوان بن أمية كان متكئا في المسجد على ردائه فقام يبول فرجع وقد ذهب به فطلب صاحبه فوجده فقدمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال اقطعوا يده فقال صفوان يا رسول الله أنا أهب ذلك له فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا كان ذلك قبل أن تنتهي به إلي قال وسألته عن العفو عن الحدود قبل أن ينتهي إلى الإمام فقال حسن.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن ضريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا يعفى عن الحدود التي لله دون الإمام فأما ما كان من حق الناس في حد فلا بأس أن يعفى عنه دون الإمام.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قلت له رجل جنى علي أعفو عنه أو أرفعه إلى السلطان قال هو حقك إن عفوت عنه فحسن وإن رفعته إلى الإمام فإنما طلبت حقك وكيف لك بالإمام.

من تحته ، والكلام فيها كما سبق وإن كان النوم عليه أقرب من المراعاة مع الغيبة وفي المبسوط فرض المسألة على هذا التقدير ، واكتفى في حرز الثوب بالنوم عليه أو الاتكاء عليه أو توسده ، وهذا أوجه.

الحديث الثالث : حسن.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

الحديث الخامس : صحيح.

٣٩١

٦ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن سماعة قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقذف الرجل بالزنى فيعفو عنه ويجعله من ذلك في حل ثم إنه بعد يبدو له في أن يقدمه حتى يجلده قال فقال ليس له حد بعد العفو فقلت له أرأيت إن هو قال يا ابن الزانية فعفا عنه وترك ذلك لله فقال إن كانت أمه حية فليس له أن يعفو العفو إلى أمه متى شاءت أخذت بحقها قال فإن كانت أمه قد ماتت فإنه ولي أمرها يجوز عفوه.

( باب )

( الرجل يعفو عن الحد ثم يرجع فيه والرجل يقول للرجل )

( يا ابن الفاعلة ولأمه وليان )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن أخيه الحسن ، عن زرعة بن محمد ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يفتري على الرجل فيعفو عنه ثم يريد أن يجلده بعد العفو قال ليس له أن يجلده بعد العفو.

٢ ـ علي بن إبراهيم، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى جميعا ، عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم، عن عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام

الحديث السادس : موثق.

وقال في الشرائع(١) : إذا ورث الحد جماعة لم يسقط بعضه بعفو البعض ، وللباقين المطالبة بالحد تاما ، ولو بقي واحد ، أما لو عفا الجماعة أو كان المستحق واحدا فعفي فقد سقط الحد ، ولمستحق الحد أن يعفو قبل ثبوت حقه وبعده وليس للحاكم الاعتراض عليه ، ولا يقام إلا بعد مطالبة المستحق.

باب الرجل يعفو عن الحد ثم يرجع فيه ، والرجل يقول للرجل يا ابن الفاعلة ولأمه وليان

الحديث الأول : موثق.

الحديث الثاني : موثق.

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٦٦.

٣٩٢

لو أن رجلا قال لرجل يا ابن الفاعلة يعني الزنى وكان للمقذوف أخ لأبيه وأمه فعفا أحدهما عن القاذف وأراد أحدهما أن يقدمه إلى الوالي ويجلده أكان ذلك له فقال أليس أمه هي أم الذي عفا قلت نعم ثم قال إن العفو إليهما جميعا إذا كانت أمهما ميتة فالأمر إليهما في العفو فإن كانت حية فالأمر إليها في العفو.

( باب )

( أنه لا حد لمن لا حد عليه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا حد لمن لا حد عليه.

وتفسير ذلك لو أن مجنونا قذف رجلا لم يكن عليه شيء ولو قذفه رجل لم يكن عليه حد.

٢ ـ ابن محبوب ، عن أبي أيوب ، عن فضيل بن يسار قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا حد لمن لا حد عليه يعني لو أن مجنونا قذف رجلا لم أر عليه شيئا ولو قذفه رجل فقال له يا زان لم يكن عليه حد.

( باب )

( أنه لا يشفع في حد )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان

باب أنه لا حد لمن لا حد عليه

الحديث الأول : حسن أو موثق.

قوله وتفسير ذلك لعله من إسحاق أو ابن محبوب ، والمقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط كمال العقل في القاذف والمقذوف للحد.

الحديث الثاني : حسن.

باب أنه لا يشفع في حد

الحديث الأول : مجهول.

٣٩٣

عن سلمة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أسامة بن زيد يشفع في الشيء الذي لا حد فيه فأتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإنسان قد وجب عليه حد فشفع له أسامة فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يشفع في حد.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان لأم سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمة فسرقت من قوم فأتي بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فكلمته أم سلمة فيها فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يا أم سلمة هذا حد من حدود الله عز وجل لا يضيع فقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يشفعن أحد في حد إذا بلغ الإمام فإنه يملكه واشفع فيما لم يبلغ الإمام إذا رأيت الندم واشفع عند الإمام في غير الحد مع الرجوع من المشفوع له ولا تشفع في حق امرئ مسلم ولا غيره إلا بإذنه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط

وقال في الشرائع(١) : لا كفالة في حد ولا تأخير فيه مع الإمكان والأمن من توجه ضرر ، ولا شفاعة في إسقاطه.

الحديث الثاني : كالصحيح.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « فإنه يملكه » لعل المعنى أنه يلزم عليه ولا يمكنه تركه ، فلا تنفع الشفاعة ، ولا يبعد أن يكون « لا يملكه » فسقطت كلمة « لا » من النساخ ، وفي الفقيه(٢) هكذا « فإنه لا يملكه فيما يشفع فيه وما لم يبلغ الإمام فإنه يملكه » وهو أظهر وفي التهذيب(٣) كما هنا.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الشرايع ج ٤ ص ١٦١.

(٢) الفقيه ج ٣ ص ١٩ ح ١.

(٣) التهذيب ج ١٠ ص ١٤٧ ح ١٢.

٣٩٤

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأسامة بن زيد يا أسامة لا تشفع في حد.

( باب )

( أنه لا كفالة في حد )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا كفالة في حد.

( باب )

( أن الحد لا يورث )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سمعته يقول إن الحد لا يورث كما تورث الدية والمال والعقار ولكن من قام به من الورثة فطلبه فهو وليه ومن تركه فلم يطلبه فلا حق له وذلك مثل رجل قذف رجلا وللمقذوف أخ فإن عفا عنه أحدهما

باب أنه لا كفالة في حد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

باب أن الحد لا يورث

الحديث الأول : موثق.

قوله عليه‌السلام : « رجلا » أي أمه مع موت الأم ،قوله عليه‌السلام : « وللمقذوف أخ » وفي بعض النسخ أخوان كما في التهذيب والأظهر ما في الأصل.

وقال في الشرائع : حد القذف موروث يرثه من يرث المال من الذكور والإناث عدا الزوج والزوجة.

وقال في المسالك : المراد من كونه موروثا لمن ذكر ، أن لأقارب المقذوف

٣٩٥

كان للآخر أن يطلبه بحقه لأنها أمهما جميعا والعفو لهما جميعا.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الحد لا يورث.

( باب )

( أنه لا يمين في حد )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام برجل فقال هذا قد قذفني ولم تكن له بينة فقال يا أمير المؤمنين استحلفه فقال لا يمين في حد ولا قصاص في عظم.

( باب )

( حد المرتد )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن

الذين يرثون ماله أن يطالبوا به ، وكذا لكل واحد مع عفو الباقين ، وليس ذلك على حد إرث المال فيرث كل واحد حصته منه ، بل هو مجرد ولاية على استيفائه ، فللواحد من الجماعة المطالبة بتمام الحد ، وبهذا يجمع بين الحكم بكونه موروثا وما ورد من الأخبار بكونه غير موروث ، بمعنى أنه لا يورث على حد ما يورث المال وإلا لورثه الزوجان ، ولم يكن للواحد المطالبة بأزيد من حصته منه.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

باب أنه لا يمين في حد

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

باب حد المرتد

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

٣٩٦

ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المرتد فقال من رغب عن الإسلام وكفر بما أنزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد إسلامه فلا توبة له وقد وجب قتله وبانت منه امرأته ويقسم ما ترك على ولده.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن رجلا من المسلمين تنصر فأتي به أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستتابه فأبى عليه فقبض على شعره ثم قال طئوا يا عباد الله فوطئ حتى مات.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليه‌السلام في المرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل والمرأة إذا ارتدت

وقال في المسالك : المشهور بين الأصحاب أن الارتداد على قسمين ، فطري وملي ، فالأول ارتداد من ولد على الإسلام بأن انعقد حال إسلام أحد أبويه ، وهذا لا يقبل إسلامه لو رجع إليه بحسب الظاهر ، وأما فيما بينه وبين الله تعالى فقبول توبته هو الوجه ، وحينئذ فلو لم يطلع أحد أو لم يقدر على قتله أو تأخر قتله وتاب قبلت توبته فيما بينه وبين الله ، وصحت عباداته ومعاملاته ، ولكن لا تعود ماله وزوجته إليه بذلك ، ويظهر من ابن الجنيد أن الارتداد قسم واحد ، وأنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وهو مذهب العامة على خلاف بينهم في مدة إمهاله ، وعموم الأدلة المعتبرة تدل عليه ، وتخصيص عامها أو تقييد مطلقها برواية عمار لا يخلو من إشكال ، ورواية علي بن جعفر ليست صريحة في التفصيل ، إلا أن المشهور بل المذهب هو التفصيل المذكور.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

وقال في الدروس : وإن أسلم عن كفر ثم ارتد لم يقتل بل يستتاب بما يؤمل معه عوده ، وقيل : ثلاثة أيام للرواية ، فإن لم يتب قتل ، واستتابته واجبة عندنا ، والمرأة لا تقتل مطلقا ، بل تضرب أوقات الصلوات ويدام عليها السجن حتى تتوب

٣٩٧

عن الإسلام استتيبت فإن تابت ورجعت وإلا خلدت في السجن وضيق عليها في حبسها.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصبي يختار الشرك وهو بين أبويه قال لا يترك وذلك إذا كان أحد أبويه نصرانيا.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن حديد ، عن جميل بن دراج وغيره ، عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل رجع عن الإسلام قال يستتاب فإن تاب وإلا قتل قيل لجميل فما تقول إن تاب ثم رجع عن الإسلام قال يستتاب قيل فما تقول إن تاب ثم رجع قال لم أسمع في هذا شيئا ولكنه عندي بمنزلة الزاني الذي يقام عليه الحد مرتين ثم يقتل بعد ذلك : « وقال روى أصحابنا » : أن الزاني يقتل في المرة الثالثة.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام أتي بزنديق

أو تموت ، ولو لحقت بدار الحرب قال في المبسوط : تسترق.

الحديث الرابع : مجهول.

قوله : « نصرانيا » أي والآخر مسلما.

الحديث الخامس : ضعيف.

وقال في الدروس : إن تكررت منه الردة والاستتابة قتل في الرابعة أو الثالثة على الخلاف.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الزنديق بالكسر من الثنوية أو القائل بالنور والظلمة ، أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان ، أو هو معرب « زن دين » ، أي دين المرأة.

٣٩٨

فضرب علاوته.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد من أصحابه ، عن أبان بن عثمان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الصبي إذا شب فاختار النصرانية وأحد أبويه نصراني أو مسلمين قال لا يترك ولكن يضرب على الإسلام.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله قال أتى قوم أمير المؤمنينعليه‌السلام فقالوا السلام عليك يا ربنا فاستتابهم فلم يتوبوا فحفر لهم حفيرة وأوقد فيها نارا وحفر حفيرة أخرى إلى جانبها وأفضى بينهما فلما لم يتوبوا ألقاهم في الحفيرة وأوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا.

٩ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن سالم ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أتي أمير المؤمنين صلوات الله عليه برجل من بني ثعلبة قد تنصر بعد إسلامه فشهدوا عليه فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام ما يقول هؤلاء الشهود قال صدقوا وأنا أرجع إلى الإسلام فقال أما إنك لو كذبت الشهود لضربت عنقك وقد قبلت منك ولا تعد فإنك إن رجعت لم أقبل منك رجوعا بعده.

وقال في التحرير : الزنديق وهو الذي يظهر الإيمان ويبطن الكفر يقتل بالإجماع ، وقال في الصحاح : العلاوة : رأس الإنسان ما دام في عنقه ، يقال : ضرب علاوته أي رأسه.

الحديث السابع : مرسل.

وظاهره عدم قتل الفطري ابتداء ، ويمكن حمله على المراهق للبلوغ.

الحديث الثامن : ضعيف.

الحديث التاسع : صحيح.

لعل القتل على تقدير التكذيب بناء على عدم توبته مع ثبوت ارتداده بالشهود وفيه إشكال.

وكذا فيقوله عليه‌السلام : « لم أقبل منك رجوعا » ويمكن تأويله بأن عدم قبول

٣٩٩

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي النيسابوري ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن مسلم تنصر قال يقتل ولا يستتاب قلت فنصراني أسلم ثم ارتد عن الإسلام قال يستتاب فإن رجع وإلا قتل.

١١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله نبوته وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا تقربه ويقسم ماله على ورثته وتعتد امرأته [ بعد ] عدة المتوفى عنها زوجها وعلى الإمام أن يقتله ولا يستتيبه.

١٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال من أخذ في شهر رمضان وقد أفطر فرفع إلى الإمام يقتل في الثالثة.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن بزيعا يزعم أنه نبي فقال إن سمعته يقول

الرجوع لا يدل على القتل ، فلعلهعليه‌السلام كان يعزره لو فعل ذلك على أن الظاهر في المقامين أنهعليه‌السلام قالهما للتهديد تورية.

الحديث العاشر : موثق.

الحديث الحادي عشر : صحيح.

فظاهره اختصاص الحكم بمن كان أبواه مسلمين ، فلا يشمل من كان أحد أبويه مسلما ، والمشهور بل المتفق عليه الاكتفاء فيه بكون أحدهما مسلما ، ولعله ورد على سبيل المثال.

وقال في الدروس : وقاتل المرتد الإمام أو نائبه ، ولو بادر غيره إلى قتله فلا ضمان ، فإنه مباح الدم ، ولكنه يأثم ويعزر قاله الشيخ ، وقال الفاضل يحل قتله لكل من سمعه وهو بعيد.

الحديث الثاني عشر : موثق.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446