مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28088 / تحميل: 3194
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

١
٢

٣

حمداً خالداً لولي النعم حيث أسعدني بالقيام بنشر هذا السفر القيم في الملأ الثقافي الديني بهذه الصورة الرائعة. ولرواد الفضيلة الذين وازرونا في انجاز هذا المشروع المقدّس شكر متواصل.

الشيخ محمد الآخوندى

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الوصايا

( باب )

( الوصية وما أمر بها )

١ ـ حدثنا علي بن إبراهيم ، عن علي بن إسحاق ، عن الحسن بن حازم الكلبي ابن أخت هشام بن سالم ، عن سليمان بن جعفر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لم يحسن وصيته عند الموت كان نقصا في مروءته وعقله قيل يا رسول الله وكيف يوصي الميت قال إذا حضرته وفاته واجتمع الناس إليه قال «اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ » الرحمن الرحيم اللهم إني أعهد إليك في دار الدنيا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك وأن الجنة حق وأن النار حق وأن البعث حق وأن الحساب حق والقدر والميزان حق وأن الدين كما وصفت وأن الإسلام كما شرعت وأن القول كما حدثت وأن القرآن كما أنزلت وأنك

كتاب الوصايا

باب الوصية وما أمر بها

الحديث الأول : مجهول.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « والقدر حق » أي تقدير الله تعالى للأشياء خلافا للمفوضة ، ويحتمل أن يكون المراد هنا المجازاة بقدر العملقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « منشورا » إما حال عن فاعل ألقاك ، أو صفة للعهد ، أي اجعل لي هذا العهد يوم القيامة منشوراقوله

٥

أنت الله الحق المبين جزى الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله خير الجزاء وحيا الله محمدا وآل محمد بالسلام اللهم يا عدتي عند كربتي ويا صاحبي عند شدتي ويا ولي نعمتي إلهي وإله آبائي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدا فإنك إن تكلني إلى نفسي طرفة عين أقرب من الشر وأبعد من الخير فآنس في القبر وحشتي واجعل لي عهدا يوم ألقاك منشورا.

ثم يوصي بحاجته وتصديق هذه الوصية في القرآن في السورة التي يذكر فيها مريم في قوله عز وجل «لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً » فهذا عهد الميت والوصية حق على كل مسلم أن يحفظ هذه الوصية ويعلمها وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام علمنيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علمنيها جبرئيلعليه‌السلام .

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن حماد بن عثمان ، عن الوليد بن صبيح قال صحبني مولى لأبي عبد اللهعليه‌السلام يقال له أعين فاشتكى أياما ثم برأ ثم مات فأخذت متاعه وما كان له فأتيت به أبا عبد اللهعليه‌السلام وأخبرته أنه اشتكى أياما ثم برأ ثم مات قال تلك راحة الموت أما إنه ليس من أحد يموت حتى يرد الله عز وجل من سمعه وبصره وعقله للوصية أخذ أو ترك.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال له رجل إني خرجت إلى مكة فصحبني رجل وكان زميلي فلما أن كان في بعض الطريق مرض وثقل ثقلا شديدا فكنت أقوم عليه ثم أفاق حتى لم يكن عندي به بأس فلما أن كان اليوم الذي مات فيه أفاق فمات في ذلك اليوم فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام

تعالى : « إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ » قال البيضاوي : الضمير فيه للعباد ، أي إلا من تحلى بما يستعد به ، ويستأهل أن يشفع للعصاة من الإيمان ، والعمل بالصالح ، وقيل : الضمير للمجرمين والمعنى « لا يملكون الشفاعة فيهم إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا »(١) يستعد به أن يشفع له بالإسلام.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

الحديث الثالث : حسن.

__________________

(١) سورة مريم الآية ـ ٨٦.

٦

ما من ميت تحضره الوفاة إلا رد الله عز وجل عليه من سمعه وبصره وعقله للوصية أخذ الوصية أو ترك وهي الراحة التي يقال لها راحة الموت فهي حق على كل مسلم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الوصية فقال هي حق على كل مسلم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفرعليه‌السلام الوصية حق وقد أوصى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فينبغي للمسلم أن يوصي.

( باب )

( الإشهاد على الوصية )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ

الحديث الرابع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « هي حق » أي لازم وجوبا إذا كانت ذمته مشغولة ، ولم يظن الوصول إلى صاحب الحق إلا بها ، واستحبابا مؤكدا في غيره من الخيرات والمبرات.

الحديث الخامس : صحيح.

باب الإشهاد على الوصية

الحديث الأول : مجهول.

قوله تعالى : «حِينَ الْوَصِيَّةِ » قيل بدل « من إذا حضر » أو ظرف حضر ، والحاصل إن الإشهاد الذي شرع بينكم وأمرتم به فهي مبتدأ واثنان خبر للشهادة ، أو فاعل ساد مسد الخبر على حذف المضاف على التقديرين ، وقال البيضاوي : أي فيما أمرتم شهادة بينكم ، والمرادبالشهادة الإشهاد أو الوصية.

٧

آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ »(١) قلت ما «آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال هما كافران قلت «ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ » فقال مسلمان.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته هل تجوز شهادة أهل ملة من غير أهل ملتهم قال نعم إذا لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم إنه لا يصلح ذهاب حق أحد.

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى «أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال إذا كان الرجل في بلد ليس فيه مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية.

٤ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي ، عن

قوله عليه‌السلام : « هما كافران » بشرط فقد المسلمين مطلقا على قول العلامة « ره » في التذكرة وجماعة ، أو بشرط عدم عدول المسلمين على قول آخر.

الحديث الثاني : حسن.

وقال الشهيدان رحمهما الله في الروضة وشرحه : لا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ، ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح ، خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وإن خالفهم في الملة ، كاليهود على النصارى ، ولا تقبل شهادة غير الذمي إجماعا ، ولا شهادة الذمي على المسلم إجماعا إلا في الوصية عند عدم عدول المسلمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

الحديث الرابع : مجهول كالصحيح.

ويدل على أنه يثبت بشهادة المرأة الواحدة ربع الوصية ، كما ذكره الأصحاب قال في الدروس في سياق أنواع الشهادات : سابعها ما يثبت بشهادة امرأة واحدة ، وهو الوصية بالمال والاستهلال ، فيثبت ربع الوصية ، وربع الميراث ، وبالمرأتين

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٥.

٨

أبي عبد اللهعليه‌السلام في شهادة امرأة حضرت رجلا يوصي ليس معها رجل فقال يجاز ربع ما أوصى بحساب شهادتها.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في وصية لم يشهدها إلا امرأة فأجاز شهادة المرأة في الربع من الوصية بحساب شهادتها.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن عبد الله بن الصلت ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يحيى بن محمد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم تجدوا من أهل الكتاب فمن المجوس لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سن في المجوس سنة أهل الكتاب في الجزية وذلك إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمين أشهد رجلين من أهل الكتاب يحبسان بعد الصلاة «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ » عز وجل «لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ » قال وذلك إذا ارتاب ولي الميت في شهادتهما فإن عثر على أنهما شهدا

النصف ، وبثلاث ، ثلاثة الأرباع ، وبأربع الجميع كل ذلك بغير يمين.

وقال في المسالك : هذا موضع وفاق بين الأصحاب في الأموال ، ويشترط عدالة النساء ، واعتبر العلامة توقف الحكم في جميع الأقسام على اليمين كما في شهادة الواحد ولا يخفى ما فيه ، ولو شهد رجل واحد ففي ثبوت النصف بشهادته بدون اليمين أو الربع خاصة أو سقوط شهادته أصلا أوجه : أوسطها الوسط ، والخنثى كالمرأة على الأقوى ، ولا يشترط في قبول شهادة المرأة هنا تعذر الرجال عملا بالعموم خلافا لابن إدريس وابن الجنيد.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « إذا مات الرجل » ظاهره اشتراط السفر في قبول شهادتهم ، ولم يعتبره الأكثر ، وجعلوه خارجا مخرج الغالب ، والحلف أوجبه العلامة بعد العصر

٩

بالباطل فليس له أن ينقض شهادتهما حتى يجيء بشاهدين فيقومان مقام الشاهدين الأولين «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ » فإذا فعل ذلك نقض شهادة الأولين وجازت شهادة الآخرين يقول الله عز وجل : «ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ».

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن رجاله رفعه قال خرج تميم الداري وابن بيدي وابن أبي مارية في سفر وكان تميم الداري مسلما وابن بيدي وابن أبي مارية نصرانيين وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب وقلادة أخرجها إلى بعض أسواق العرب للبيع فاعتل تميم الداري علة شديدة فلما حضره الموت دفع ما كان معه إلى ابن بيدي وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى ورثته فقدما المدينة وقد أخذا من المتاع الآنية والقلادة وأوصلا سائر ذلك إلى ورثته فافتقد القوم الآنية والقلادة فقال أهل تميم لهما

بصورة الآية.

وقال في المسالك : هو حسن لعدم ظهور المسقط قوله تعالى «بَعْدِ الصَّلاةِ » قال الأكثر : هو صلاة العصر ، لأنه وقت اجتماع الناس ، وقيل مطلق الصلاة «فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ » أي إن ارتاب وشك الوارث في صدقهم أو الحكام فهو اعترض بناء على

قاعدهم بين القسم والمقسوم عليه «لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً » أي قليلا يعني لا نستبدل بالله ، أو بالقسم عوضا من الدنيا ، فإن كل ما في الدنيا قليل بالنسبة إلى الآخرة وعقابه «وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى » يعني يقسمان ويقولان لا نحلف بالله كاذبا ولو كان المحلوف له قريبا منا ، «وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ » أي الشهادة التي أمر الله بإقامتها«ذلِكَ » أي الحكم الذي تقدم أو تحليف الشاهدين «أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها » أي على نحوها حملوها من غير تحريف وخيانة فيها «أَوْ يَخافُوا » أي أقرب إلى أن يخافوا «أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ » أن ترد اليمين على المدعيين ، بعد إيمانهم فيفتضحوا بظهور الخيانة واليمين الكاذبة.

الحديث السابع : مرفوع.

١٠

هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق فيه نفقة كثيرة فقالا لا ما مرض إلا أياما قلائل قالوا فهل سرق منه شيء في سفره هذا قالا لا قالوا فهل اتجر تجارة خسر فيها قالا لا قالوا فقد افتقدنا أفضل شيء كان معه آنية منقوشة بالذهب مكللة بالجوهر وقلادة فقالا ما دفع إلينا فقد أديناه إليكم فقدموهما إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأوجب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليهما اليمين فحلفا فخلى عنهما ثم ظهرت تلك الآنية والقلادة عليهما فجاء أولياء تميم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا رسول الله قد ظهر على ابن بيدي وابن أبي مارية ما ادعيناه عليهما فانتظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الله عز وجل الحكم في ذلك فأنزل الله تبارك وتعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ » فأطلق الله عز وجل شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان في سفر ولم يجد المسلمين «فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ » فهذه الشهادة الأولى التي جعلها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله «فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً » أي أنهما حلفا على كذب «فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما » يعني من أولياء المدعي «مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ » يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما وأنهما قد كذبا فيما حلفا بالله «لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ » فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أولياء تميم الداري أن يحلفوا بالله على ما أمرهم به فحلفوا فأخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله القلادة والآنية من ابن بيدي وابن أبي مارية وردهما إلى أولياء تميم الداري «ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ ».

وقال في الصحاح :الخرج من الأوعية معروف.

١١

( باب )

( الرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيته )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن ربعي ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إن أوصى رجل إلى رجل وهو غائب فليس له أن يرد وصيته فإن أوصى إليه وهو بالبلد فهو بالخيار إن شاء قبل وإن شاء لم يقبل.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي ، عن فضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل يوصى إليه فقال إذا بعث بها إليه من بلد فليس له ردها وإن كان في مصر يوجد فيه غيره فذلك إليه.

٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا أوصى الرجل

باب الرجل يوصي إلى آخر ولا يقبل وصيته

الحديث الأول : حسن.

والمشهور بين الأصحاب أن للموصى إليه أن يرد الوصية ما دام الموصى حيا بشرط أن يبلغه الرد ، ولو مات قبل الرد أو بعده ولم يبلغه لم يكن للرد أثر ، وكانت الوصية لازمة للوصي ، وذهب العلامة في التحرير والمختلف إلى جواز الرجوع ما لم يقبل عملا بالأصل ، ومستند المشهور الأخبار التي نقلها المصنف « ره ».

قال الشهيد الثاني بعد نقل الأخبار المذكورة : والحق أن هذه الأخبار ليست صريحة في المدعى ، لتضمنها أن الحاضر لا يلزمه القبول مطلقا ، والغائب يلزمه مطلقا ، وهي غير محل النزاع. نعم في تعليل رواية منصور بن حازم(١) إيماء إليه ، ثم قال : ولو حملت الأخبار على شدة الاستحباب كان أولى انتهى.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

الحديث الثالث : مجهول.

__________________

(١) الحديث الثالث من هذا الباب.

١٢

إلى أخيه وهو غائب فليس له أن يرد عليه وصيته لأنه لو كان شاهدا فأبى أن يقبلها طلب غيره.

٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن القاسم بن الفضيل ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال في الرجل يوصى إليه قال إذا بعث بها من بلد إليه فليس له ردها.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يوصي إلى رجل بوصية فيكره أن يقبلها فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا يخذله على هذه الحال.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام رجل دعاه والده إلى قبول وصيته هل له أن يمتنع من قبول وصيته فوقععليه‌السلام ليس له أن يمتنع.

الحديث الرابع : حسن.

وقال في المختلف : قال الصدوق : إذا دعي الرجل ابنه إلى قبول الوصية فليس له أن يأبى إن كان حيث لا يجد غيره. وإذا أوصى رجل إلى رجل وهو غائب عنه فليس إلا في الغائب عن(١) امتناع الولد نوع عقوق ، ومتى لم يوجد غيره يتعين لأنه فرض كفاية. وبالجملة فأصحابنا لم ينصوا على ذلك ، ولا بأس بقوله (ره). ذلك ، ولا بأس بقوله (ره).

الحديث الخامس : حسن وظاهره الاستحباب.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

وظاهره الاختصاص بالولد كما فهمه الصدوق (ره).

__________________

(١) هكذا في النسخ والصواب « وفي امتناع الولد ».

١٣

( باب )

( أن صاحب المال أحق بماله ما دام حيا )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن علي ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن أبي الحسن الساباطي ، عن عمار بن موسى أنه سمع أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول صاحب المال أحق بماله ما دام فيه شيء من الروح يضعه حيث شاء.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن علي بن أسباط ، عن ثعلبة ، عن أبي الحسن عمر بن شداد الأزدي والسري جميعا ، عن عمار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز له.

٣ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن إبراهيم بن أبي بكر بن أبي السمال الأسدي عمن أخبره ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الميت أولى بماله ما دام فيه الروح.

باب أن صاحب المال أحق بما له ما دام حيا

الحديث الأول : مجهول.

والمشهور بين الأصحاب أن ما علق بالموت سواء كان في المرض أم لا هو من الثلث ، بل ربما نقل عليه الإجماع ، ونسب إلى علي بن بابويه القول بكونها من الأصل مطلقا ، وأما منجزات المريض فقد اختلف فيه ، والمشهور كون ما فيه المحاباة من الثلث ، واختلف في المرض فقيل المرض المخوف وإن برأ ، والمشهور بين المتأخرين المرض الذي اتفق فيه الموت وإن لم يكن مخوفا واستدل بهذا الخبر على كونها من الأصل.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : مرسل.

ويدل أيضا أنه من الأصل ، وربما يحمل على الوصية فيما إذا لم يكن له وارث ، قال في الدروس : جوز الشيخ الوصية بجميع المال ممن لا وارث له ، وهو

١٤

٤ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أخيه أحمد بن الحسن ، عن عمرو بن سعيد قال أوصى أخو رومي بن عمر أن جميع ماله لأبي جعفرعليه‌السلام قال عمرو فأخبرني رومي أنه وضع الوصية بين يدي أبي جعفرعليه‌السلام فقال هذا ما أوصى لك به أخي وجعلت أقرأ عليه فيقول لي قف ويقول احمل كذا ووهبت لك كذا حتى أتيت على الوصية فنظرت فإذا إنما أخذ الثلث قال فقلت له أمرتني أن أحمل إليك الثلث ووهبت لي الثلثين فقال نعم قلت أبيعه وأحمله إليك قال لا على الميسور عليك لا تبع شيئا.

٥ ـ محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام الرجل يكون له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته قال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت.

٦ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان ، عن مرازم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الرجل يعطي الشيء من ماله في مرضه فقال إذا أبان فيه فهو جائز وإن أوصى به

فتوى الصدوق وابن الجنيد لرواية السكوني ، ومنع الشيخ في الخلاف من الزيادة على الثلث مطلقا.

الحديث الرابع : مجهول.

ولا دلالة لهذا الخبر على أنهعليه‌السلام إنما أخذ الثلث ، لأنه لا يستحق الزائد ، بل يمكن أن يكون هذا على وجه التبرع كما أن نهيهعليه‌السلام عن البيع آخرا كذلك ، ولا يمكن الاستدلال بلفظ الهبة على خلافه ، إذ يمكن أن يكون لكون الأخ وارثا وقد كان نفذ الوصية كما هو الظاهر.

الحديث الخامس : مجهول.

ويمكن أن يكون المرادبإتيان الموت ما يشمل حضور مقدماته ، فيشمل مرض الموت أيضا.

الحديث السادس : مرسل.

١٥

فهو من الثلث.

٧ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن ابن أبي عمير ، عن مرازم ، عن عمار الساباطي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الميت أحق بماله ما دام فيه الروح يبين به قال نعم فإن أوصى به فإن تعدى فليس له إلا الثلث.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته فقال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت.

٩ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن سعيد ، عن أبي المحامل ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال الإنسان أحق بماله ما دام الروح في بدنه.

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبد الله بن المبارك ، عن عبد الله بن جبلة ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت له الرجل له الولد أيسعه أن يجعل ماله لقرابته فقال هو ماله يصنع به ما شاء إلى أن يأتيه الموت إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء ما دام حيا إن شاء وهبه وإن شاء تصدق به وإن شاء تركه إلى أن يأتيه الموت فإن أوصى به فليس له إلا الثلث إلا أن الفضل في أن لا يضيع من يعوله ولا يضر بورثته.

الحديث السابع : موثق.

الحديث الثامن : مجهول.

الحديث التاسع : مجهول.

وقال في المسالك : فإنا نقول بموجبها ، وإن للإنسان أن يوصي بجميع ما له ما دام حيا ، وهو لا ينافي توقف نفوذها بعد موته على إجازة الوارث ، وهذا أولى من حمل الشيخ (ره) لها على من لا وارث له ، لأنا نمنع من الحكم فيه أيضا لأن وارثه العام ، داخل في عموم ما دل على توقف الزائد على إجازته.

الحديث العاشر : مجهول وآخره مرسل.

١٦

وقد روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل من الأنصار أعتق مماليك له لم يكن له غيرهم فعابه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال ترك صبية صغارا يتكففون الناس.

( باب )

( الوصية للوارث )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغراء ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوصية للوارث فقال تجوز.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الميت يوصي للوارث بشيء قال نعم أو قال جائز له.

وقال في الصحاح :استكف وتكفف بمعنى : وهو أن يمد كفه ويسأل الناس.

باب الوصية للوارث

الحديث الأول : حسن.

وقال في المسالك : اتفق أصحابنا على جواز الوصية للوارث كما يجوز لغيره من الأقارب والأجانب ، وأخبارهم الصحيحة به واردة ، وفي الآية الكريمة «كُتِبَ عَلَيْكُمْ »(١) إلى آخره ما يدل على الأمر به ، فضلا عن جوازه. لأن معنى « كتب » فرض وهو هنا بمعنى الحث والترغيب دون الفرض ، وذهب أكثر الجمهور إلى عدم جوازها للوارث كما ، رووا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله « أنه قال : لا وصية للوارث »(٢) واختلفوا في تنزيل الآية ، فمنهم من جعلها منسوخة بآية الميراث ، ومنهم من حمل الوالدين على الكافرين ، وباقي الأقارب على غير الوارث ، ومنهم من جعلها منسوخة بما يتعلق بالوالدين خاصة ،الحديث الثاني : صحيح.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ١٨٠.

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ١١٤ ذيل حديث ٢٨٧٠ وفي المصدر « فلا وصية لوارث ».

١٧

٣ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال الوصية للوارث لا بأس بها.

الفضل بن شاذان ، عن يونس ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر نحوه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن عبد الله بن بكير ، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الوصية للوارث فقال تجوز.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن الوصية للوارث فقال تجوز قال ثم تلا هذه الآية «إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ».

الحديث الثالث : مجهول كالصحيح ، والسند الآخر مجهول كالموثق.

الحديث الرابع : موثق.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور.

والآية هكذا «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ »(١) قوله تعالى «كُتِبَ » قيل : أي فرض أو أثبت وقرر عليكم إذا حضر أحدكم الموت أي أمارات وقوعه ، وقيل : المراد أن تقول حال الصحة إذا حضرنا الموت افعلوا كذا وكذا وبعده واضح «إِنْ تَرَكَ خَيْراً » قيل : هو المال قليلا كان أو كثيرا ، وقيل : ألف درهم إلى خمسمائة ، وعن ابن عباس ثمانمائة درهم ، وروي عن عليعليه‌السلام أنه دخل على ولي له في مرضه وله سبعمائة درهم أو ستمائة ، قال : ألا أوصى؟ فقال : لا إنما قال الله سبحانه «إِنْ تَرَكَ خَيْراً » وليس لك كثير مال ، قال الراوندي بهذا نأخذ ، وفي مجمع البيان(٢) فهذا هو المأخوذ به عندنا ، لأن قوله حجة ، وكان ملخصه قول ابن عباس. «الْوَصِيَّةُ » مرفوع

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ١٨٠.

(٢) المجمع ج ١ ص ٢٦٧.

١٨

٦ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن الحجال ، عن ثعلبة ، عن محمد بن قيس قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض قال نعم ونساءه.

( باب )

( ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحب له من ذلك )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان البراء بن معرور الأنصاري بالمدينة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة وإنه حضره الموت وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة وأصحابه والمسلمون يصلون إلى بيت المقدس وأوصى البراء إذا دفن أن يجعل وجهه إلى تلقاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى القبلة وأوصى بثلث ماله فجرت به السنة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد قال كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسنعليه‌السلام أن درة بنت مقاتل توفيت وتركت ضيعة أشقاصا في مواضع وأوصت لسيدها من أشقاصها بما يبلغ أكثر من الثلث ونحن أوصياؤها وأحببنا أن ننهي إلى سيدنا فإن هو أمر بإمضاء الوصية على وجهها أمضيناها وإن

بكتب و «بِالْمَعْرُوفِ » متعلق بالوصية ، أو بمقدر حال عنها ، وقيل : المراد به المعلوم فلا يصح بمجهول ، وقيل : بالعدل بأن لا يزيد على الثلث ، ويفضل بالقرب والفقر والصلاح ، وأن يقلل الوصية وإن كان الوارث غنيا ، «حَقًّا » نصب على المصدر ، تقديره أحق ذلك حقا أو على الحال ، وقيل : مصدر كتب من غير لفظه «عَلَى الْمُتَّقِينَ » أي حقا ثابتا على الذين يتقون عذاب الله أو معاصيه.

الحديث السادس : صحيح.

باب ما للإنسان أن يوصي به بعد موته وما يستحب له من ذلك

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

الحديث الثاني : صحيح.

١٩

أمر بغير ذلك انتهينا إلى أمره في جميع ما يأمر به إن شاء الله قال فكتبعليه‌السلام بخطه ليس يجب لها من تركتها إلا الثلث وإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا لكم إن شاء الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد بن عيسى ، عن شعيب بن يعقوب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يموت ما له من ماله فقال له ثلث ماله وللمرأة أيضا.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن أبي نجران ، عن عاصم بن حميد ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يقول لأن أوصي بخمس مالي أحب إلي من أن أوصي بالربع ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ومن أوصى بالثلث فلم

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « فلم يترك » قال في المغرب : في لفظ عليعليه‌السلام « من أوصى بالثلث فما اترك » وهو من قولهم فعل فما اترك ، افتعل من الترك غير معدى إلى مفعول ، وعلى أنه قد جاء في الشعر معدى ، فالمعنى أن من أوصى بالثلث لم يترك مما أذن له فيه شيئا ، يعني ما قصر فيه.

قوله « من أوصى بالثلث فلم يترك شيئا » بالتخفيف مع شيئا ، أو بالتشديد من غير ذكر شيئا ، وهكذا لفظ عليعليه‌السلام « من أوصى بالثلث ما اترك » افتعل من الترك غير معدى إلى مفعول ، والمعنى أن من أوصى بالثلث لم يترك مما أذن له فيه شيئا انتهى.

وقال في المسالك : الأكثر عملوا بمضمون هذا الخبر مطلقا ، وفصل ابن حمزة فقال إن كانت الورثة أغنياء كانت الوصية بالثلث أولى. وإن كانوا فقراء فبالخمس وإن كانوا متوسطين فبالربع وأحسن منه ما فصله العلامة في التذكرة ، فقال : لا يبعد عندي التقدير بأنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة لا يستحب الوصية ، ثم

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مسألة ٤١٠ : لو وطئ قبل التلبية أو الإشعار أو التقليد ، لم يكن عليه شي‌ء‌ وإن تلبّس بالإحرام ؛ لأنّ انعقاد الإحرام بأحد الثلاثة ، فإذا وطئ قبلها ، لم يصادف إحراما منعقدا ، لأنّ حريزا روى - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام : « في الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّي »(١) .

مسألة ٤١١ : لو جامع بعد الوقوف بالموقفين ، لم يفسد حجّه ، وعليه بدنة لا غير ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( مَنْ أدرك عرفة فقد تمّ حجّه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا واقع الرجل دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) دلّ بمفهومه على عدم وجوب الحجّ لو جامع بعد الوقوف بالمزدلفة.

وقال الشافعي : لا فرق بين الجماع قبل الوقوف وبعده في الإفساد إذا كان قبل التحلّل الأوّل ، ولو كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويأتي بالطواف ، وعليه الكفّارة ؛ لأنّه وطء عمد صادف إحراماً تامّاً ، فأفسده ، كما لو كان قبل الوقوف(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٣٠ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٣١٦ - ٣١٧ / ١٠٩٠ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٧.

(٢) النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ و ٣٢٥ و ٥١٦ و ٥١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) المغني ٣ : ٥١٦.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٣٨٧ - ٣٨٨ و ٤١٤ ، المغني ٣ : ٥١٦.

٤١

والفرق : أنّ الوطء قبل الوقوف يكون أكثر أفعال الحجّ لم يقع بعد ، بخلاف ما بعده.

وقال مالك وأحمد : يفسد حجّه إن كان قبل التحلّل الأوّل ، وإن كان بعد التحلّل الأوّل بالرمي والحلق ، لم يفسد إحرامه الماضي ، ويفسد ما بقي من إحرامه ، ويجب عليه أن يُحرم بعمرة ويأتي بالطواف في إحرام صحيح ، وتلزمه شاة(١) .

مسألة ٤١٢ : لو كان الوطء بعد الوقوف بعرفة قبل الوقوف بمزدلفة ، فسد حجّه‌ أيضاً ، قاله أكثر العلماء(٢) ؛ لما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : مَنْ وطئ بعد التحلّل فقد تمّ حجّه ، وعليه بدنه(٣) .

والظاهر أنّه قاله نقلاً عن الرسولعليه‌السلام ، وهو يدلّ بمفهومه على عدم التمام لو وطئ قبل التحلّل.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة ، أو قبل أن يأتي مزدلفة ، فعليه الحجّ من قابل »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يفسد ، ويجب عليه بدنة ؛ لما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( الحجّ عرفة مَنْ وقف بعرفة فقد تمّ حجّه )(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٥١٦ و ٥١٩ - ٥٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ و ٣٢٦ - ٣٢٨ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ - ٤٠٨ ، و ٤١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٢) المغني ٣ : ٥١٦ و ٣٢٣ - ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢١٩.

(٤) التهذيب ٥ : ٣١٩ / ١٠٩٩.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٧ ، النتف ١ : ٢١٣ ، الاختيار لتعليل المختار ١ : ٢١٨ ، المغني ٣ : ٣٢٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢١ ، =

٤٢

وهو لا يدلّ على المطلوب إلّا بالمفهوم ، وهو لا يقول به.

مسألة ٤١٣ : لو كرّر الوطء وهو مُحْرم ، وجب(١) عليه بكلّ وطء كفّارة ، وهي بدنة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد(٢) - لأنّه وطء صادف إحراماً لم يتحلّل منه ، فوجب به البدنة ، كما لو كان الإحرام صحيحاً.

ولأنّ الإحرام الفاسد كالصحيح في سائر الكفّارات.

وقال الشافعي : إن وطئ بعد أن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه الكفّارة.

وهل الكفّارة الثانية شاة أو بدنة؟ قولان.

وإن وطئ قبل أن يكفّر ، فأقوال ثلاثة : أحدها : لا شي‌ء عليه. والثاني : شاة. والثالث : بدنة(٣) .

وقال أبو حنيفة : تجب عليه شاة ، سواء كفّر عن الأوّل أو لا ، إلّا أن يتكرّر الوطء في مجلس واحد على وجه الرفض للإحرام ، بأن ينوي به رفض الإحرام ؛ لأنّه وطء صادف إحراماً نقضت حرمته ، فلم تجب به الفدية ، كما لو وطئ بعد التحلّل(٤) .

والفرق : أنّ الوطء بعد التحلّل لم يصادف الإحرام ، أو قد تحلّل من‌

____________________

= الحاوي الكبير ٤ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، الاستذكار ١٢ : ٢٩٤ ، والرواية في الاختيار والبدائع.

(١) في « ن » والطبعة الحجرية : كان.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٢ - ٤٧٣ ، المجموع ٧ : ٤٠٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٦٦ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، وانظر : فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ ، والمجموع ٧ : ٤٢٠ ، وبداية المجتهد ١ : ٣٧١.

٤٣

معظم محظوراته ، بخلاف الوطء في الإِحرام الكامل.

وقال مالك : لا يجب عليه بالوطء الثاني شي‌ء ؛ لأنّه وطء لا يتعلّق به إفساد الحج ، فلا تجب به الكفّارة ، كما لو كان في مجلس واحد(١) .

والجواب : أنّ عدم تعلّق الإفساد به لا يمنع وجوب الكفّارة ، كقتل الصيد ولُبس الثوب وغيرهما من أنواع المحظورات.

وقال أحمد في الرواية الثانية : إن كفّر عن الأوّل ، وجب عليه عن الثاني بدنة ؛ لأنّه وطئ في إحرام لم يتحلّل منه ، ولا أمكن تداخل كفّارته في غيره ، فأشبه الوطء الأوّل(٢) .

والشيخ -رحمه‌الله - تردّد في الخلاف في تكرّر الكفّارة مع عدم التكفير في الأوّل(٣) ، وجزم في المبسوط بالتكرّر مطلقاً(٤) .

مسألة ٤١٤ : لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة ، وجب عليه جزور‌ إن كان موسراً ، فإن عجز ، وجب عليه بقرة ، فإن عجز ، فشاة ؛ لما تقدّم من أنّ من جامع بعد التحلّل الأوّل وجب عليه بدنة ، وقد سبق(٥) الخلاف فيه.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، أنّه سأله : عن متمتّع وقع على أهله ولم يزر ، قال : « ينحر جزورا »(٦) .

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٣٧١ ، المغني ٣ : ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) المغني ٣ : ٣٢٨ - ٣٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٠.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٦٦ - ٣٦٧ ، المسألة ٢٠٤.

(٤) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

(٥) سبق في المسألة ٤١١.

(٦) الكافي ٤ : ٣٧٨ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٤.

٤٤

وسأله عيص بن القاسم : عن رجل واقع أهله حين ضحّى قبل أن يزور البيت ، قال : «يُهريق دماً »(١) .

ولو جامع بعد أن طاف من طواف الزيارة شيئاً ، وجب عليه الكفّارة : بدنة. وكذا لو أتمّ طوافه ثم جامع بعد أن سعى شيئاً من سعيه ، وجبت البدنة. وكذا لو كان بعد تمام السعي قبل طواف النساء ، وجب عليه البدنة ، وحجّه صحيح ، لأنّه وطئ في إحرام ، فكان عليه بدنة ، كما لو جامع بعد الموقفين قبل طواف الزيارة.

ولما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل وقع [ على ](٢) امرأته قبل أن يطوف طواف النساء ، قال : « عليه جزور سمينة ، وإن كان جاهلاً ، فليس عليه شي‌ء »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فلو جامع قبل طواف الزيارة أو بعده قبل طواف النساء جاهلاً بالتحريم أو ناسياً ، لم تجب عليه كفّارة ؛ لأنّهما عذران يسقطان الكفّارة في الوطء قبل الموقفين ، فهنا أولى.

مسألة ٤١٥ : لو جامع بعد أن طاف شيئاً من طواف النساء ، قال الشيخرحمه‌الله : إن كان قد طاف أكثر من النصف ، بنى عليه بعد الغسل ، ولا شي‌ء عليه ، وإن كان أقلّ من النصف ، وجب عليه الكفّارة وإعادة الطواف(٤) ؛ لموافقته الأصل ، وهو : براءة الذمّة.

ولأنّ معظم الشي‌ء يعطي حكم ذلك الشي‌ء غالباً.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢١ / ١١٠٥.

(٢) أضفناها من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٨ ذيل الحديث ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١٠٩.

(٤) النهاية : ٢٣١ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٧.

٤٥

ولأنّ حمران بن أعين سأل الباقرَعليه‌السلام : عن رجل كان عليه طواف النساء وحده ، فطاف منه خمسة أشواط ثم غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثم غشي جاريته ، قال : « يغتسل ثم يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان بقي عليه من طوافه ، ويستغفر ربّه ولا يعود ، وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجّه ، وعليه بدنة ، ويغتسل ثم يعود فيطوف اُسبوعاً »(١) .

مسألة ٤١٦ : ولا فرق في الوطء بين أن يطأ في إحرام حجّ واجب أو مندوب‌؛ لأنّه بعد التلبّس بالإحرام يصير المندوب واجبا ، ويجب عليه إتمامه ، كما يجب عليه إتمام الحجّ الواجب.

ولأنّ الحجّ الفاسد يجب عليه إتمامه ، فالمندوب أولى.

إذا عرفت هذا ، فكلّ موضع قلنا : إنّه يفسد الحجّ الواجب فيه ، كالوطء قبل الموقفين ، فإنّه يفسد الحجّ المندوب فيه أيضاً ، فلو وطئ قبل الوقوف بالموقفين في الحجّ المندوب ، فسد حجّه ، ووجب عليه إتمامه وبدنة والحجّ من قابل ، ولو كان بعد الموقفين ، وجب عليه بدنة لا غير.

وكذا لا فرق بين أن يطأ امرأته الحُرّة أو جاريته المـُحْرمة أو المـُحِلّة إذا كان مُحْرماً ، فإنّ الحكم في الجميع واحد.

فإن كانت أمته مُحْرمةً بغير إذنه ، أو مُحِلّةً ، فإنّه لا تتعلّق بها كفّارة ولا به عنها.

ولو كانت مُحْرمةً بإذنه ، فطاوعته ، فالأقرب : وجوب الكفّارة ، كما في العبد المأذون إذا أفسد.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٩ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ / ١١١٠.

٤٦

ولو أكرهها ، فإن قلنا في المطاوعة بوجوب الكفّارة عنها ، تحمّلها السيّد ، وإلّا فلا.

مسألة ٤١٧ : لو وطئ أمته وهو مُحِلٌّ وهي مُحْرمة ، فإن كان إحرامها بغير إذنه ، فلا عبرة به ، ولا كفّارة عليه ، وإن كان بإذنه ، وجب عليه بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن لم يجد ، فشاة أو صيام ثلاثة أيّام ؛ لأنّه هتك إحراماً صحيحاً.

ولرواية إسحاق بن عمّار عن الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل مُحِلّ وقع على أمة مُحْرمة ، قال : « موسراً أو معسراً؟ » قلت : أجبني عنهما ، قال : « هو أمرها بالإحرام أو لم يأمرها أو أحرمت من قِبَل نفسها؟ » قلت : أجبني عنها ، قال : « إن كان موسراً وكان عالماً أنّه لا ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالإِحرام ، فعليه بدنة ، وإن شاء بقرة ، وإن شاء شاة ، وإن لم يكن أمرها بالإحرام ، فلا شي‌ء عليه موسراً كان أو معسراً ، وإن كان أمرها وهو معسر ، فعليه دم شاة أو صيام »(١) .

إذا ثبت هذا ، فلو كانا مُحْرمين أو كان هو مُحْرماً ، وجبت عليه الكفّارة.

ولو كان هو مُحِلّاً وهي مُحْرمة بإذنه ، وجبت عليه البدنة لا غير ، سواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، وسواء طاوعته أو أكرهها ، لكن لو طاوعته ، فسد حجّها ، ووجب عليه أن يأذن لها في القضاء ؛ لأنّه أذن لها في الابتداء وأحرمت إحراماً صحيحاً ، وكان الفساد منه ، فوجب عليه الإذن في القضاء ، كالصيام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٤ - ٣٧٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ٣٢٠ / ١١٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٠ / ٦٣٩.

٤٧

ولو زنى بامرأة ، تعلّق به من الأحكام ما يتعلّق بالوطء الصحيح ؛ لأنّه أبلغ في هتك الإحرام ، فكانت العقوبة واجبةً عليه.

مسألة ٤١٨ : مَنْ وجب عليه بدنة في إفساد الحجّ فلم يجد ، كان عليه بقرة ، فإن لم يجد ، فسبع شياه على الترتيب ، فإن لم يجد ، فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاماً يتصدّق به ، فإن لم يجد ، صام عن كلّ مدّ يوماً ، وبه قال الشافعي(١) .

وفي [ أصحابه ] من قال : هو مخيّر(٢) .

واستدلّ عليه الشيخ -رحمه‌الله - بإجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة الاحتياط(٣) .

وابن بابويه قال : مَنْ وجبت عليه بدنة في كفّارة فلم يجد ، فعليه سبع شياه ، فإن لم يقدر ، صام ثمانية عشر يوماً بمكّة أو في منزله(٤) .

وعن أحمد روايتان ، إحداهما : أنّها على التخيير إن شاء أخرج أيّ هذه الخمسة(٥) ، التي ذكرناها ، أعني : البدنة والبقرة وسبع شياه وقيمة البدنة والصيام.

لنا : أنّ الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : أوجبوا البدنة في الإفساد ، وذلك‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ٢١٨ ، فتح العزيز ٨ : ٧٥ - ٧٦ ، المجموع ٧ : ٤٠١ و ٤١٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣١١ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٢٤.

(٢) الكلام من بداية المسألة إلى هنا من كلام الشيخ الطوسي في الخلاف ، ونقله المصنّف في المنتهى ٢ : ٨٤١ مصدّراً بقوله : قال الشيخ. وما بين المعقوفين أثبتناه من الخلاف ، وفي « ف » والطبعة الحجرية : ( وفي أصحابنا ) أمّا في « ط ، ن » فلم يتبيّن لنا اللفظ ، لسقوطه.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٧٢ ، المسألة ٢١٣.

(٤) المقنع : ٧٨.

(٥) حلية العلماء ٣ : ٣١٢ ، المجموع ٧ : ٤١٦.

٤٨

يقتضي تعيّنها ، والبقرة دونها جنساً وقيمةً.

ولقولهعليه‌السلام : ( مَنْ راح في الساعة الاُولى فكأنّما قرّب بدنةً ، ومَنْ راح في الثانية فكأنّما قرّب بقرةً )(١) يعني إلى الجمعة.

ولأنّ ذلك سبب يجب به القضاء ، فكانت كفّارته على الترتيب ، كالفوات.

وأحمد قاس على قتل النعامة.

والفرق : أنّ الانتقال في قتل النعامة إلى القيمة ، فكان مخيّراً فيها ، وهنا ينتقل إلى ما هو دونها.

مسألة ٤١٩ : لو وطئ في العمرة قبل السعي ، فسدت عمرته ، ووجب عليه بدنة وقضاؤها - وبه قال الشافعي(٢) - لأنّها عبادة تشتمل على طواف وسعي ، فوجب بالوطء فيها بدنة ، كالحجّ.

ولرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة ، قال : « قد أفسد عمرته ، وعليه بدنة ، ويقيم بمكّة مُحلّاً حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه ثم يخرج إلى الوقت الذي وقّته رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأهل بلاده ، فيُحْرم منه ويعتمر »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ قبل أن يطوف أربعة أشواط ، فسدت‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، الموطّأ ١ : ١٠١ / ١ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ / ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ / ٤٩٩.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧١ ، المجموع ٧ : ٤٢٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٥٣٨ - ٥٣٩ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٧٥ / ١٣٤٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٣ - ٣٢٤ / ١١١١.

٤٩

عمرته ، ووجب عليه القضاء وشاة ؛ لأنّها عبادة لا تتضمّن الوقوف ، ولا يجب عليه بالوطء فيها بدنة ، كما لو قرنها بحجّه(١) .

ونمنع حكم الأصل.

وقال أحمد : يجب بالوطء القضاء وشاة إذا وجد في الإحرام(٢) .

إذا عرفت هذا ، فالبدنة والإفساد يتعلّقان بالوطء في إحرام العمرة قبل السعي ولو كان بعد الطواف - وبه قال الشافعي(٣) - لرواية مسمع عن الصادقعليه‌السلام (٤) .

وقال أبو حنيفة : إذا وطئ بعد أربعة أشواط ، لم تفسد عمرته ، ووجبت الشاة ؛ لأنّه وطئ بعد ما أتى بركن العبادة ، فأشبه ما إذا وطئ بعد الوقوف في الحج ، وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّ الشاة تقوم مقام الطواف والسعي في حقّ المحصر ، فقامت مقام بعض ذلك هنا(٥) .

والجواب : أنّ محظورات الإحرام سواء مثل الطيب واللباس والصيد تستوي قبل الإتيان بأكثر الطواف وبعده ، كذلك الوطء.

مسألة ٤٢٠ : القارن عندنا هو الذي يسوق إلى إحرامه هدياً ، وعندهم هو مَنْ يقرن الإحرامين على ما مضى(٦) الخلاف فيه ، فلو أفسد القارن‌

____________________

(١) الهداية - للمرغيناني - ١ : ١٦٥ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٢ - ٢٣٣ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٤) تقدّمت الرواية في صدر المسألة.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٨ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢٢.

(٦) مضى في ج ٧ ص ١٢٥ ، المسألة ٩٥.

٥٠

حجّه ، وجب عليه بدنة ، وليس عليه دم القرآن ، ويجب عليه القضاء ؛ لأنّه أفسد حجّاً ، فكان عليه بدنة ، كالمتمتّع والمفرد.

وقال الشافعي : إذا وطئ القارن - على تفسيرهم - لزمه بدنة بالوطء ودم القران ، ويقضي قارنا ، ويلزمه دم القران في القضاء أيضا ، فإن قضى مفردا ، جاز ، ولا يسقط عنه دم القران الذي يلزمه في القضاء(١) . وبه قال أحمد إلّا أنّه قال : إذا قضى مفرداً ، لم يجب دم القران(٢) .

وقال أبو حنيفة : يفسد إحرامه ، وتجب عليه شاة لإفساد الحجّ ، وشاة لإفساد العمرة ، وشاة القران ، إلّا أن يكون قد وطئ بعد ما طاف في العمرة أربعة أشواط(٣) .

مسألة ٤٢١ : إذا قضى الحاجّ والمعتمر ، فعليه في قضاء الحجّ الإحرامُ من الميقات ، وعليه في إحرام العمرة الإحرامُ من أدنى الحِلّ - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّه لا يجوز الإحرام قبل الميقات على ما تقدّم(٥) ، فلا يجوز في القضاء ؛ لأنّه تابع.

وأمّا في العمرة : فلأنّ الإحرام من أدنى الحلّ هو الواجب في الأداء ، فكذا في القضاء.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٦ - ٤٧٧ ، المجموع ٧ : ٤١٦ ، المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٢) المغني ٣ : ٥١٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٦.

(٣) انظر : بدائع الصنائع ٢ : ٢١٩ ، والمبسوط - للسرخسي - ٤ : ١١٩ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٧٧ ، والمجموع ٧ : ٤١٦ ، والمغني ٣ : ٤٩٩ و ٥١٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢٥ و ٣٢٦.

(٤) المجموع ٧ : ٤١٥ - ٤١٦ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣.

(٥) تقدّم في ج ٧ ص ١٩٥ ، المسألة ١٤٩.

٥١

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر عائشة أن تقضي عمرتها من التنعيم(١) .

وقال الشافعي : إذا أفسد الحجّ والعمرة ، لزمه القضاء من حيث أحرم بالأداء - وبه قال أحمد - لأنّ كلّ مسافة وجب عليه قطعها مُحْرِماً في الأداء وجب عليه في القضاء ، كما لو أحرم قبل الميقات(٢) .

ونحن نقول بموجبه ؛ لأنّه لا يجب عليه قطع المسافة مُحْرماً إلّا من الميقات.

وينتقض : بأنّه لا يجب عليه في القضاء سلوك طريق الأداء إجماعا ، لكنّ الشافعي أوجب الإحرام من المحاذي للأوّل(٣) .

مسألة ٤٢٢ : إذا أفسد في القضاء ، وجب عليه بدنة اُخرى ، وإتمام القضاء ، والقضاء من قابل‌ ؛ للعمومات ، ويلزمه أن يأتي بالقضاء ، ولا يتكرّر عليه ، بل إذا أتى بحجّة واحدة ، كفاه.

وكذلك إن تكرّر إفساد القضاء ، كفاه قضاء واحد ، لأنّ الحجّ الواجب واحد ؛ فإذا لم يأت به على وجهه ، وجب عليه الإتيان به على وجهه.

ولا يجب عليه أن يأتي بقضاء آخر عوضاً عن إفساد القضاء بمفرده ، بل إذا أتى في السنة الثالثة بحجّة صحيحة ، كفاه عن الفاسد ابتداءً وقضاءً.

ولو أفسد الثالث ، كفاه في الرابعة إتيان حجّة صحيحة عن جميع ما تقدّمه ؛ لأنّ الفاسد إذا انضمّ إليه القضاء ، أجزأ عمّا كان يجزئ عنه الأداء لو لم يفسده ، فهذا القضاء الذي أفسده إذا أتى بعده بالقضاء ، أجزأ عمّا كان‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٨٠ / ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٧ /٩٩٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٧٣ / ٩٢٤.

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ٢٣٣ ، فتح العزيز ٧ : ٤٧٤ ، المجموع ٧ : ٣٨٩ - ٣٩٠ و ٤١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، المغني ٣ : ٣٨٤ - ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٤.

(٣) المجموع ٧ : ٣٩٠.

٥٢

يجزئ عنه الفاسد لو كان صحيحاً ، ولو كان صحيحاً ، سقط به قضاء الأوّل ، كذلك إذا قضاه ، وهذا يقتضي أن يكون هذا القضاء عن القضاء الفاسد.

مسألة ٤٢٣ : لو عقد المـُحْرم لمـُحْرمٍ على امرأة ودخل المـُحْرم ، وجبت على العاقد الكفّارة‌ ، كما تجب على الواطئ. وكذا لو كان العاقد مُحِلّاً ، لرواية سماعة عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للرجل الحلال أن يُزوّج مُحْرماً يعلم أنّه لا يحلّ له » قلت : فإن فعل فدخل بها الـمُحْرم ، قال : « إن كانا عالمين فإنّ على كلّ واحد منهما بدنة ، وعلى المرأة إن كانت محرمة ، وإن لم تكن مُحْرمةً ، فلا شي‌ء عليها إلّا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوّجها مُحْرم ، فإن كانت علمت ثم تزوّجته فعليها بدنة »(١) .

مسألة ٤٢٤ : لو نظر إلى غير أهله فأمنى ، لم يفسد حجّه‌ ، ووجب عليه بدنة ، فإن عجز ، فبقرة ، فإن عجز ، فشاة ، عند علمائنا - وبعدم الإفساد قال ابن عباس وأبو حنيفة والشافعي وأحمد(٢) - لأنّه إنزال عن غير مباشرة ، فأشبه الإنزال عن الفكر والاحتلام.

وقال مالك : إن ردّد النظر حتى أمنى ، وجب عليه الحجّ من قابل - وبه قال الحسن البصري وعطاء - لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأشبه الإنزال بالمباشرة(٣) .

والفرق : أنّ المباشرة أبلغ في اللذّة ، وآكد في استدعاء الشهوة ، والفاحشة فيها أعظم.

ولو نظر إلى غير أهله ولم يكرّر النظر أو كرّره حتى أمنى ، وجب عليه البدنة عندنا ؛ لأنّه إنزال بفعل محظور ، فأوجب البدنة ، كالجماع فيما‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٣٠ - ٣٣١ / ١١٣٨.

(٢و٣) المغني ٣ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

٥٣

دون الفرج.

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل مُحْرم نظر إلى غير أهله فأنزل : « عليه جزور أو بقرة ، فإن لم يجد فشاة »(١) .

وقال ابن عباس وأحمد في إحدى الروايتين : إن كرّر النظر ، وجبت بدنة ، وإن لم يكرّر ، فشاة(٢) .

وقال في الاُخرى : تجب شاة مطلقاً. وهو قول سعيد بن جبير وإسحاق(٣) .

وقال أبو ثور : لا شي‌ء عليه مطلقاً(٤) . وبه قال أبو حنيفة - حكايةً(٥) عنه - [ و ](٦) الشافعي(٧) .

ولو كرّر النظر حتى أمذى ، لم يجب عليه شي‌ء ، لأصالة براءة الذمّة.

وقال أحمد : يجب به دم ، لأنّه جزء من المني(٨) . وليس بشي‌ء.

ولو كرّر النظر ولم يقترن به مني ولا مذي ، لم يكن عليه شي‌ء ، ولا نعلم فيه خلافا ، إلاّ رواية عن أحمد أنّه من جرّد امرأته ولم يكن منه غير التجريد : أنّ عليه شاة(٩) . وليس بشي‌ء.

ولو فكّر فأنزل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّ الفكر يعرض الإنسان من‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٦.

(٤-٢) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٥) « حكاية » : صحّفت في « ف ، ط » والطبعة الحجرية إلى « حكاه » وسقطت في « ن » والصحيح ما أثبتناه اعتماداً على منتهى المطلب - للمصنّف - ٢ : ٨٤٢ والمغني ٣ : ٣٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٦) أضفناها لأجل السياق.

(٧) المغني ٣ : ٣٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ ، المجموع ٧ : ٤١٣.

(٨) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩.

(٩) المغني ٣ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٤٩ - ٣٥٠.

٥٤

غير اختيار ، فلا تتعلّق به عقوبة.

مسألة ٤٢٥ : لو نظر إلى أهله من غير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لا ، لأنّ النظر إلى الزوجة سائغ ، بخلاف الأجنبية.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو محرم ، قال : « لا شي‌ء عليه »(١) .

وإن نظر إليها بشهوة فأمنى ، كان عليه بدنة ، عند علمائنا - ولم يفرّق العامّة بين الزوجة والأجنبية ، بل حكموا بما قلناه عنهم أوّلا(٢) مطلقا - لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « ومن نظر إلى امرأته نظرة بشهوة فأمنى فعليه جزور »(٣) .

مسألة ٤٢٦ : لو مسّ امرأته بشهوة ، فعليه شاة ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، وإن كان بغير شهوة ، لم يكن عليه شي‌ء ، سواء أمنى أو لم يُمْن ، ويكون حجّه صحيحاً على كلّ تقدير ، سواء كان ذلك قبل الوقوف بالموقفين أو بعده ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٤) - لأنّه استمتاع لا يجب بنوعه الحدّ ، فلا يفسد الحجّ ، كما لو أنزل. وإنّما وجبت الشاة ؛ لأنّه فَعَل مُحرَّماً في إحرامه ، فوجبت الفدية.

ولأنّ محمّد بن مسلم سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حمل امرأته وهو محرم فأمنى أو أمذى ، فقال : « إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو لم يُمْن ، أمذى أو لم يُمْذ ، فعليه دم يهريقه ، فإن حملها أو مسّها‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٥ / ١ ، التهذيب ٥ : ٣٢٥ / ١١١٧ ، الإستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤٢.

(٢) في المسألة السابقة.

(٣) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٤) المجموع ٧ : ٤١١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٥ ، المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨.

٥٥

بغير شهوة فأمنى أو لم يُمْن ، فليس عليه شي‌ء »(١) .

وقال مالك : إذا أنزل مع المسّ ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد - لأنّها عبادة يفسدها الوطء ، فأفسدها الإنزال عن المباشرة ، كالصوم(٢) .

والفرق : أنّ الصوم يفسد بفعل جميع ما وجب الإمساك عنه لأجله ، بخلاف الحجّ.

مسألة ٤٢٧ : لو قبَّل امرأته ، فإن كان بشهوة ، كان عليه جزور ، وإن كان بغير شهوة ، كان عليه شاة ، ولا يفسد حجّه على كلّ تقدير ، وسواء كان قبل الوقوف بالموقفين أو بعده - ووافقنا على عدم الإفساد سعيد بن المسيّب وعطاء وابن سيرين والزهري وقتادة والثوري والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّه إنزال بغير وطء ، فلم يفسد به الحجّ ، كالإنزال عن نظر.

وقال مالك : إن أنزل ، فسد حجّه - وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، ورواية عن سعيد بن جبير - لأنّه إنزال عن سبب محرّم ، فأفسد الحجّ ، كالإنزال عن الجماع(٤) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الجماع أبلغ أنواع الاستمتاع ، ولهذا أفسد الحجّ مع الإنزال وعدمه.

إذا عرفت هذا ، فالشيخرحمه‌الله أوجب الشاة في التقبيل بغير شهوة‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢٠.

(٢) المغني ٣ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠.

(٣) المغني ٣ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥ ، المجموع ٧ : ٤٢١ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢١٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٣٢ و ٣٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٥.

٥٦

مطلقاً ، والبدنة فيه مع الشهوة مطلقاً(١) ، ولم يعتبر الإنزال ؛ لأنّ علي بن أبي حمزة سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، قال : « عليه بدنة وإن لم ينزل ، وليس له أن يأكل منه»(٢) .

وقال ابن إدريس : إن قبَّل بشهوة وأنزل ، وجبت البدنة ، وإن لم ينزل ، وجبت الشاة(٣) ؛ للأصل.

ولما رواه مسمع - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « إنّ حال الـمُحْرم ضيّقة ، إن قبَّل امرأته على غير شهوة وهو مُحْرم ، فعليه دم شاة ، ومَنْ قبَّل امرأته على شهوة ، فعليه جزور ، ويستغفر الله »(٤) .

وهو الأقرب.

ويجوز للمُحْرم أن يُقبِّل اُمّه حال الإحرام ؛ لأنّ الحسين بن حمّاد سأل الصادقَعليه‌السلام : عن المحرم يُقبِّل اُمّه ، قال : « لا بأس به ، هذه قُبْلة رحمة ، إنّما تكره قُبْلة الشهوة »(٥) .

ولو لاعب امرأته وهو مُحْرمٌ فأمنى ، كان عليه بدنة ؛ لأنّه إنزال عن سبب مُحرَّم ، فوجبت البدنة ، كما لو أنزل عن نظر.

وهل يجب عليها الكفّارة؟ نصّ الشيخ في التهذيب والمبسوط عليه(٦) ؛ لأنّه أنزل بملاعبة منها لَه ، فوجب عليها بدنة ، كالجماع.

ولأنّ عبد الرحمن بن الحجّاج سأل الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يعبث‌

____________________

(١) المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٣٨.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٣ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٣.

(٣) السرائر : ١٣٠.

(٤) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٣٢٦ / ١١٢١ ، الاستبصار ٢ : ١٩١ / ٦٤١.

(٥) الكافي ٤ : ٣٧٧ / ٩ ، التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٧.

(٦) التهذيب ٥ : ٣٢٧ ذيل الحديث ١١٢٣ ، المبسوط ١ : ٣٣٨.

٥٧

بامرأته حتى يمني وهو مُحْرم من غير جماع ، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ، ما ذا عليهما؟ فقال : « عليهما جميعاً الكفّارة مثل ما على الذي يجامع »(١) .

ولو سمع كلام امرأة أو استمع على مَنْ يجامع من غير رؤية لهما فتشاهى فأمنى ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لتعذّر التحرّز عن مثل ذلك ، فلو وجبت العقوبة لزمه الحرج.

أمّا لو كان برؤية ، فإنّه تجب عليه الكفّارة على ما تقدّم ؛ لأنّ أبا بصير سأل الصادقَعليه‌السلام - في الحسن - عن رجل سمع كلام امرأة من خلف حائط وهو مُحْرم فتشاهى حتى أنزل ، قال : « ليس عليه شي‌ء »(٢) .

وسأله سماعة بن مهران في مُحْرم استمع على رجل يجامع أهله فأمنى ، قال : « ليس عليه شي‌ء»(٣) .

قال المفيدرحمه‌الله : لو قبَّل امرأته وهو مُحْرم ، فعليه بدنة ، أنزل أو لم ينزل ، فإن هوت المرأة ذلك ، كان عليها مثل ما عليه(٤) .

مسألة ٤٢٨ : قد بيّنّا أنّه إذا أفسد حجّه ، وجب عليه إتمامه ، خلافاً لجماعة الظاهرية(٥) .

وقال مالك : يجعل الحجّة عمرة ، ولا يقيم على الحجّ الفاسد(٦) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٣٧٦ / ٥ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ / ١١٢٤.

(٢) الكافي ٤ : ٣٧٧ - ١٠ ، التهذيب ٥ : ٣٢٧ - ٣٢٨ / ١١٢٥.

(٣) التهذيب ٥ : ٣٢٨ / ١١٢٦.

(٤) المقنعة : ٦٨.

(٥) المحلّى ٧ : ١٨٩ - ١٩٠ ، المجموع ٧ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

(٦) الشرح الكبير ٣ : ٣٢٣.

٥٨

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم.

ولا يحلّ من الفاسد ، بل يجب عليه أن يفعل بعد الفساد كلّ ما يفعله لو كان صحيحاً ، ولا يسقط عنه توابع الوقوف من المبيت بالمزدلفة والرمي وغيرهما.

ويحرم عليه بعد الفساد كلّ ما كان مُحرَّماً عليه قبله من الوطء ثانياً وغيره من المـُحرّمات.

ولو جنى في الإحرام الفاسد ، وجب عليه ما يجب في الإحرام الصحيح.

ويجب عليه القضاء من قابل ، سواء كانت الفاسدة واجبةً بأصل الشرع أو النذر ، أو كانت تطوّعاً ، ولا نعلم فيه خلافاً. ويجب على الفور.

ولو أفسد القضاء ، لم يجب قضاؤه ، وإنّما يقضي عن الحجّ الأوّل.

ولو اُحصر في حجّ فاسد ، فله التحلّل إجماعاً ؛ لأنّه يباح له في الصحيح ففي الفاسد أولى.

فلو أحلّ فزال الحصر وفي الوقت سعة ، فله أن يقضي في ذلك العام ، ولا يتصوّر القضاء في عام الإفساد في غير هذه الصورة.

ولو حجّ تطوّعاً فأفسده ثم اُحصر ، كان عليه بدنة للإفساد ودم للإحصار ، ويكفيه قضاء واحد في القابل ؛ لأنّ المقضي واحد.

ويجب القضاء على الفور - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّه لزم وتضيّق بالشروع.

ولقول الصحابة والأئمّةعليهم‌السلام : : إنّه يقضي من قابل.

وللشافعي قول آخر : إنّه على التراخي ، كالأصل.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣ - ٤٧٤.

٥٩

ولأنّ الوقت قد فات ، واستوت بعده الأوقات(١) .

وقد بيّنّا فساده.

وله ثالث : إنّه إن وجبت الكفّارة بعُدْوان فعل ، فعلى الفور ؛ لأنّ التراخي نوع [ ترفيه ](٢) وإن لم يكن بعُدوان ، فعلى التراخي(٣) .

وأجرى الجويني الخلاف في التعدّي بترك الصوم هل هو على الفور أو على التراخي؟ وكذا الصلاة.

أمّا ما يجب فيه القتل ، كترك الصلاة عمداً مع تخلّل التعزير ثلاث مرّات ، فإنّه يجب فيه الفور(٤) و أمّا ما لا عدوان فيه ، فللشافعي وجهان تقدّما :

أحدهما : الفور ، لقولهعليه‌السلام : ( فليصلّها إذا ذكرها ).

والثاني : جواز التأخير ؛ لما رووه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه فاتته صلاة الصبح ، فلم يصلّها حتى خرج من الوادي(٥) .

وقد عرفت أنّه يحرم في القضاء من الميقات.

وقال الشافعي : إن أحرم قبل الميقات ، أحرم في القضاء من ذلك المكان. وقد سبق(٦) .

ولو جاوزه ، أراق دماً ، كما لو جاوز الميقات الشرعي.

وإن كان قد أحرم من الميقات ، فعليه في القضاء مثله.

وإن كان قد أحرم بعد مجاوزة الميقات ، فإن كان مُسيئاً بتجاوزه ،

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٤٧٣.

(٢) « ترفيه » : صحّفت في « ف » والطبعة الحجرية بـ « تفرقة » ولم يتبيّن لنا اللفظ في « ط ، ن » لسقوطه فيهما ، وما أثبتناه من المصدر.

(٣ و ٤ ) فتح العزيز ٧ : ٤٧٤.

(٦) سبق في المسألة ٤٢١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446