مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول13%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35286 / تحميل: 3898
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته فكتب بخطه إلي وأعلمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل فإنه ربما جاء في الاختلاف ما فيه تلف الأموال والنفوس.

٣١ ـ علي بن مهزيار قال قلت روى بعض مواليك عن آبائكعليهم‌السلام أن كل وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة وكل وقف إلى غير وقت معلوم جهل مجهول باطل

قوله عليه‌السلام : « أن يتفاقم » قال في الصحاح : تفاقم الأمر عظم ،قوله عليه‌السلام : « أن يبيع الوقف أمثل » يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر على ما إذا لم يقبض الضيعة الموقوفة ، ولم يدفعها إليهم ، وحاصل السؤال أنه يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف وتشتد ، لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم بسبب الضيعة أو لأمر آخره أيدعها موقفة ويدفعها إليهم أو يرجع من الوقف لعدم لزومه بعد ، ويدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل؟ « فكتبعليه‌السلام : البيع أفضل » لمكان الاختلاف المؤدي إلى تلف النفوس والأموال ، فظهر أنه ليس بصريح في جواز بيع الوقف كما فهمه القوم ، واضطروا إلى العمل به مع مخالفته لأصولهم ، والقرينة عليه أن أول الخبر أيضا محمول على ذلك كما عرفت.

الحديث الحادي والثلاثون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فهو باطل مردود » اختلف الأصحاب فيما إذا قرن الوقف بمدة كسنة مثلا ، وقد قطع جماعة ببطلانه ، وقيل إنما يبطل الوقف ، ولكن يصير حبسا ، وقواه الشهيد الثاني (ره) مع قصد الحبس ، ولو جعله لمن ينقرض غالبا ولم يذكر المصرف بعدهم ففي صحته وقفا أو حبسا أو بطلانه من رأس أقوال ، وعلى القول بصحته وقفا اختلفوا على أقوال : فالأكثر على رجوعه إلى ورثة الواقف ، وقيل بانتقاله إلى ورثة الموقوف عليه ، وقيل : يصرف في وجوه البر.

وقال الوالد العلامة (ره) : ظاهره أن الوقف إذا كان موقتا بوقت معين فهو

٦١

مردود على الورثة وأنت أعلم بقول آبائك فكتبعليه‌السلام هو عندي كذا.

٣٢ ـ وكتب إبراهيم بن محمد الهمذاني إليهعليه‌السلام ميت أوصى بأن يجرى على رجل ما بقي من ثلثه ولم يأمر بإنفاذ ثلثه هل للوصي أن يوقف ثلث الميت بسبب الإجراء فكتبعليه‌السلام ينفذ ثلثه ولا يوقف.

٣٣ ـ محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن سليمان قال كتبت إليه

صحيح واجب لازم على الورثة إمضاؤه في تلك المدة ومردود على الورثة بعد انقضائها فيكون حبسا وإن كان موقتا بوقت مجهول ، كان قال إلى وقت ما مثلا ، فيكون باطلا.

قوله عليه‌السلام : « عندي كذا » قال الوالد العلامة (ره) : إن كان مراد الراوي التفسير ، فتركه لمصلحة كما كانت في المكاتبات غالبا ، وإن كان مراده السؤال عن صحة الخبر فالجواب ظاهر.

الحديث الثاني والثلاثون : صحيح على الظاهر.

قوله : « ما بقي » أي الرجل حيا ،قوله : « بإنفاذ ثلثه » أي ينفذ من ثلثه ما دام الثلث باقيا ، فإن مات قبل التمام كان الباقي للورثة ، ولم يأمر بإنفاذ ثلثه أي لم يوص بأن يعطي الثلث أو لم يوص بأن يجري عليه الثلث ، فإنه لو أوصى كذلك كان الباقي لورثته ،قوله « هل للوصي أن يوقف ثلث المال » أي يجعله وقفا بسبب الإجراء أي حتى يجري عليه من حاصله « فكتبعليه‌السلام ينفذ ثلثه ،ولا يوقف » لأنه ضرر على الورثة ، ولم يوص الميت بأن يوقف : ويحتمل أن يكون المراد بقوله أن يوقف أن يجعله موقوفا بأن يأخذ الوصي الثلث منهم ، ويجري عليه حتى يموت ، فإن فضل شيء يوصل إليهم ، ويكون الجواب أنه لم يوص هكذا بل على الوصي أن يأخذ كل يوم نفقته من الورثة ، ويؤدي إليه ، لكنه بعيد ، بل الظاهر أن للوصي أن يجعل ثلثه موقوفا لا يدعهم أن يتصرفوا.

الحديث الثالث والثلاثون : مجهول.

٦٢

يعني أبا الحسنعليه‌السلام جعلت فداك ليس لي ولد ولي ضياع ورثتها من أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك لي أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين أو أبيعها وأتصدق بثمنها في حياتي عليهم فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي فإن أوقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا فكتبعليه‌السلام فهمت كتابك في أمر ضياعك وليس لك أن تأكل منها من الصدقة فإن أنت أكلت منها لم ينفذ إن كان لك ورثة فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك مثل ما صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٤ ـ محمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمدعليهم‌السلام في الوقف وما روي فيها فوقععليه‌السلام الوقوف على حسب ما يقفها أهلها إن شاء الله.

٣٥ ـ محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام قلت جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفيت المال خبرت أن الأرض وقف فقال لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في مالك ادفعها

قوله عليه‌السلام : « وليس لك » اعلم أن المقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط إخراج نفسه في صحة الوقف ، فلو وقف على نفسه بطل ، وكذا لو شرط أداء ديونه أو الإدرار على نفسه ، إلا أن يوقف على قبيل فصار منهم كالفقراء ، فالمشهور حينئذ جواز الأخذ منه ، ومنع ابن إدريس منه مطلقا ، وهذا الخبر يدل على الحكم في الجملة وإن احتمل أن يكون عدم النفوذ لعدم الإقباض ، لأن الأكل منها يدل عليه ،قوله عليه‌السلام : « وإن تصدقت » أي وقفت وأمسكت لنفسك ما يكفي لقوتك وتجعل البقية وقفا.

الحديث الرابع والثلاثون : صحيح.

الحديث الخامس والثلاثون : مجهول ، وفي الفقيه صحيح.

ويدل على وجوب التصدق إلى أن يعلم المصرف بعينه ، ولعل الأوفق بأصول الأصحاب التعريف ، ثم التخيير بين التصدق والضمان ، أو الضمان أو الوصية به إلا أن يخص الوقف بهذا الحكم ، والفرق بينه وبين غيره ظاهر ، فالعدول عن النص

٦٣

إلى من أوقفت عليه قلت لا أعرف لها ربا قال تصدق بغلتها.

٣٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يوقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا فقال إن كان أوقفها لولده ولغيرهم ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع فيها وإن كانوا صغارا وقد شرط ولايتها لهم حتى يبلغوا فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها وإن كانوا كبارا لم يسلمها إليهم ولم يخاصموا حتى يحوزوها عنه فله أن يرجع فيها لأنهم لا يحوزونها عنه وقد بلغوا.

٣٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال كتبت إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام أسأل عن أرض أوقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان وهم كثير متفرقون في البلاد فأجابعليه‌السلام ذكرت الأرض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان بن فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف وليس لك أن تتبع

الصحيح غير موجه.

الحديث السادس والثلاثون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وقد شرط ولايتها لهم » اختلف الأصحاب في أنه هل يشترط نية القبض من الولي أم يكفي كونه في يده والأشهر الثاني ، والخبر يدل ظاهرا على الأول إلا أن يقرأ شرط على بناء المجهول أي شرط الله وشرع ولايته.

ثم اعلم أنه لا خلاف في الاكتفاء بقبض الأب والجد له مع النية ، وفي الوصي خلاف ،قوله عليه‌السلام : « حتى يحوزوها » أي لم يجبره الأولاد على القبض ولم يسلمها إليهم بالاختيار ، ولا ولاية له عليهم حتى يكفي قبضه عنهم فله الرجوع.

الحديث السابع والثلاثون : مجهول.

وما يتضمنه الخبر هو المشهور بين الأصحاب في الوقف على غير المنحصر ، لكن قالوا : بجواز التتبع في غير البلد أيضا ، ثم اختلفوا فيمن يوجد منهم في البلد فقيل : بوجوب الاستيعاب ، وقيل يجزي الاقتصار على ثلاثة ، وقيل : على اثنين ، وقيل

٦٤

من كان غائبا.

٣٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن نعيم ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال سألته عن رجل جعل دارا سكنى لرجل إبان حياته أو جعلها له ولعقبه من بعده قال هي له ولعقبه من بعده كما شرط قلت فإن احتاج يبيعها قال نعم قلت فينقض بيعه الدار السكنى قال لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبيعليه‌السلام يقول قال أبو جعفرعليه‌السلام لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكن يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط والإجارة قلت فإن رد على المستأجر ماله وجميع ما لزمه من النفقة والعمارة فيما استأجره قال على طيبة النفس ويرضى المستأجر بذلك لا بأس.

٣٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن رافع البجلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له حياته يعني صاحب الدار

على واحد ، وظاهر الخبر هو الأول.

الحديث الثامن والثلاثون : حسن.

إذ الظاهر أن الحسين هو ابن نعيم الصحاف ، ولكن لم ينقل روايته عن الكاظمعليه‌السلام ، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يبطل العمري والسكنى والرقبى بالبيع ، بل يجب أن يوفي المعمر ما شرط له لهذه الحسنة ، واختلف كلام العلامة ، ففي الإرشاد قطع بجواز البيع ، وفي التحرير استقرب عدمه ، لجهالة وقت انتفاع المشتري ، وفي القواعد والمختلف والتذكرة استشكل الحكم ، والأوجه أنه بعد ورود الرواية المعتبرة لا إشكال.

الحديث التاسع والثلاثون : مجهول.

قوله : « حياته » أي فعل ذلك في حياته أي صحته ، أو المراد بصاحب الدار الساكن في الدار ، والظاهر أن الراوي أخطأ في التفسير.

قال الشيخ (ره) في التهذيب : ما تضمن هذا الخبر من قوله يعني صاحب

٦٥

فلما مات صاحب الدار أراد ورثته أن يخرجوه ألهم ذلك قال فقال أرى أن تقوم الدار بقيمة عادلة وينظر إلى ثلث الميت فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه وإن كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه قيل له أرأيت إن مات الرجل الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدار يكون السكنى لعقب الذي جعل له السكنى قال لا.

٤٠ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن عجلان أبي صالح قال أملأ علي أبو عبد اللهعليه‌السلام «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » هذا ما تصدق الله به فلان بن فلان وهو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتى يرثها وارث السماوات والأرض وإنه قد أسكن صدقته هذه فلانا وعقبه فإذا انقرضوا فهي على ذي الحاجة من المسلمين.

حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن عديس ، عن أبان ، عن

الدار حين ذكر أن رجلا جعل لرجل سكنى دار له ، فإنه غلط من الراوي ووهم منه في التأويل ، لأن الأحكام التي ذكرها بعد ذلك إنما يصح إذا كان قد جعل السكنى مدة حياة من جعلت له السكنى فحينئذ يقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادته ونقصانه ، ولو كان الأمر على ما ذكره المتأول للحديث من أنه كان جعله مدة حياته لكان حين مات بطلت السكنى ، ولم يحتج معه إلى تقويمه واعتباره بالثلث انتهى.

وقد عرفت أن بهذا التفصيل قال ابن الجنيد ، ولم يعمل به الأكثر لجهالة الخبر ، قال الشهيد الثاني (ره) : نعم لو وقع في مرض موت المالك اعتبرت المنفعة الخارجة من الثلث لا جميع الدار.

أقول : يمكن حمل الخبر على ذلك بتكلف ، بأن يكون المراد بتقويم الدار تقويم منفعتها تلك المدة ، وقوله عليه‌السلام : « فلهم أن يخرجوه » أي بعد استيفاء قدر الثلث من منفعة الدار.

الحديث الأربعون : ضعيف على المشهور. والسند الثاني مجهول.

٦٦

عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤١ ـ أبان ، عن أبي الجارود قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لا يشتري الرجل ما تصدق به وإن تصدق بمسكن على ذي قرابته فإن شاء سكن معهم وإن تصدق بخادم على ذي قرابته خدمته إن شاء الله.

( باب )

( من أوصى بجزء من ماله )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن عبد الرحمن بن سيابة قال إن امرأة أوصت إلي فقالت ثلثي يقضى به ديني وجزء منه لفلانة فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى فقال ما أرى لها شيئا ما أدري ما الجزء فسألت عنه أبا عبد اللهعليه‌السلام بعد ذلك وخبرته كيف قالت المرأة وما قال ابن أبي ليلى فقال كذب ابن أبي ليلى لها عشر الثلث ـ إن الله عز وجل أمر إبراهيمعليه‌السلام فقال : «اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً »(١) وكانت الجبال يومئذ عشرة والجزء هو

الحديث الحادي والأربعون : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإن شاء سكن » أي برضاهم ، والحاصل أنه لا يكره السكنى معهم كما يكره الشراء منهم ، على أنه يحتمل أن يكون فاعل شاء ذو القرابة ، لكنه بعيد ، وكذا القول في الخادم.

باب من أوصى بجزء من ماله

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وجزء منه » الضمير راجع إلى الثلث ، فلا يخالف الأخبار الآتية ثم اعلم أنه ذهب المحقق وجماعة إلى أن الجزء هو العشر ، استنادا إلى تلك الروايات كما اختاره الكليني (ره) ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه السبع ، استنادا إلى صحيحة البزنطي وغيرها ، حيث دلت عليه ، وعللت بقوله تعالى : «لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ »(٢) وجمع الشيخ بينها بحمل أخبار السبع على أنه يستحب

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٦.

(٢) سورة الحجر الآية ـ ٤٤.

٦٧

العشر من الشيء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله قال جزء من عشرة قال الله عز وجل : «اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً » وكانت الجبال عشرة(١) .

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن أبان بن تغلب قال قال أبو جعفرعليه‌السلام الجزء واحد من عشرة لأن الجبال عشرة والطيور أربعة.

( باب )

( من أوصى بشيء من ماله )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن عمرو ، عن جميل ، عن أبان ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام أنه سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله فقال الشيء في كتاب عليعليه‌السلام واحد من ستة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال أو غيره ، عن جميل ، عن أبان ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله قال الشيء في كتاب عليعليه‌السلام من ستة.

للورثة أن يعطوا السبع ، ويمكن حملها على ما إذا ما دلت القرائن على إرادته.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

الحديث الثالث : حسن.

باب من أوصى بشيء من ماله

الحديث الأول : ضعيف وعليه الفتوى ولا يعلم فيه مخالف.

الحديث الثاني : مرسل.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٦.

٦٨

( باب )

( من أوصى بسهم من ماله )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله فقال السهم واحد من ثمانية لقول الله تبارك وتعالى : «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ »(١) .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان قال سألت الرضاعليه‌السلام ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا سألنا أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن رجل أوصى بسهم من ماله ولا يدرى السهم أي شيء هو فقال ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر ولا عن أبي جعفرعليه‌السلام فيها شيء قلنا له جعلنا فداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا من هذا عن آبائك فقال السهم واحد من ثمانية فقلنا له جعلنا فداك كيف صار واحدا من ثمانية فقال أما تقرأ كتاب الله عز وجل قلت جعلت فداك إني لأقرؤه ولكن لا أدري أي موضع هو فقال قول الله عز وجل : «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ

باب من أوصى بسهم من ماله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ويدل على أن السهم ينصرف إلى الثمن كما هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب الشيخ في أحد قوليه إلى أنه السدس.

أقول لعل مراده أنه لما ذكر الله تعالى هذه الأصناف الثمانية ، وجعل لكل منهم حصة واشتهر في ألسنة الناس التعبير عن حصصهم بالسهام ، فلذا ينصرف السهم عند الإطلاق إلى الثمن ، فلا يرد أن السهم غير مذكور في الآية فأي وجه للاستشهاد بها.

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) سورة التوبة الآية ـ ٦٠.

٦٩

وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ » ثم عقد بيده ثمانية قال وكذلك قسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ثمانية أسهم فالسهم واحد من ثمانية.

( باب )

( المريض يقر لوارث بدين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله قال قلت له الرجل يقر لوارث بدين فقال يجوز إذا كان مليا.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى لبعض ورثته أن له عليه دينا فقال إن كان

وفيه دلالة على حجية خبر الواحد.

باب المريض يقر لوارث بدين

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا كان مليا أي الوارث الذي أقر له » وملاءته قرينة صدقه أو المقر ويكون المراد الصدق والأمانة مجازا ، وفي الثلث وما دونه بأن يبقى ملاءته بعد الإقرار ، بالثلاثين ، وهو الظاهر مما فهمه الأصحاب.

واختلف الأصحاب رضوان الله عليهم ، في إقرار المريض إذا مات في مرضه ، فقيل : ينفذ من الأصل مطلقا ، وقيده جماعة منهم الشيخان والمحقق بل أكثر الأصحاب بما إذا لم يكن متهما ، وإلا فمن الثلث ، وذهب المحقق في النافع إلى أن الإقرار للأجنبي من الأصل مع التهمة ، والإقرار للوارث من الثلث مع عدمها أيضا ، وقوى العلامة في التذكرة اعتبار العدالة في المريض ، وجعلها هي الدافعة للتهمة ، ولعله أخذه من رواية ابن حازم.

الحديث الثاني : صحيح.

٧٠

الميت مرضيا فأعطه الذي أوصى له.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن العلاء بياع السابري قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرتها الوفاة قالت له إن المال الذي دفعته إليك لفلانة وماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل فقالوا له إنه كان لصاحبتنا مال ولا نراه إلا عندك فاحلف لنا أن ما لها قبلك شيء أفيحلف لهم فقال إن كانت مأمونة عنده فيحلف لهم وإن كانت متهمة فلا يحلف ويضع الأمر على ما كان فإنما لها من مالها ثلثه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أقر لوارث له وهو مريض بدين عليه قال يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث.

٥ ـ ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه قال يجوز ذلك قلت فإن أوصى لوارث بشيء قال جائز.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : صحيح.

وظاهره اعتبار قصوره عن الثلث ، ولم يقل به أحد إلا أن يكون« دون » بمعنى عند أو يكون المراد به الثلث وما دون ، ويكون الاكتفاء بالثاني مبنيا على الغالب لأن الغالب إما زيادته عن الثلث أو نقصانه ، وكونه بقدر الثلث من غير زيادة ونقص نادر.

الحديث الخامس : صحيح.

٧١

( باب )

( بعض الورثة يقر بعتق أو دين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل مات وترك عبدا فشهد بعض ولده أن أباه أعتقه قال يجوز عليه شهادته ولا يغرم ويستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أبان بن عثمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل مات وترك غلاما مملوكا فشهد بعض الورثة أنه حر فقال إن كان الشاهد مرضيا جازت شهادته في نصيبه واستسعي فيما كان لغيره من الورثة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل مات فأقر عليه بعض ورثته لرجل بدين قال يلزمه ذلك في حصته.

باب بعض الورثة يقر بعتق أو دين

الحديث الأول : مجهول.

ولعله محمول على طريقة الأصحاب على ما إذا رضي الورثة بالاستسعاء.

قال المحقق في الشرائع : إذا شهد بعض الورثة بعتق مملوك لهم مضى العتق في نصيبه ، فإن شهد آخر وكانا مرضيين نفذ العتق فيه كله ، وإلا مضى في نصيبهما ، ولا يكلف أحدهما شراء الباقي.

الحديث الثاني : مرسل.

ولعل اشتراط كونه مرضيا للاستسعاء ، وإلا فيقبل إقراره على نفسه وإن لم يكن مرضيا ، إلا أن يحمل المرضي على ما إذا لم يكن سفيها.

الحديث الثالث : موثق.

٧٢

( باب )

( الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر بإسناد له أنه سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين أينفق عليهم من ماله قال إن استيقن أن الدين الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم ومحمد بن زياد جميعا ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله إلا أنه قال إن كان يستيقن أن الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم وإن لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن سليمان بن داود أو بعض أصحابنا ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إن رجلا من مواليك مات وترك

باب الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال

الحديث الأول : مرسل كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « من وسط المال » أي من أصل المال دون الثلث ، وقيل : بالمعروف من غير إسراف وتقتير وهو بعيد.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وقال الشيخ في التهذيب(١) : هذا خبر مقطوع مشكوك في روايته ، فلا يجوز العدول إليه من الخبرين المتقدمين ، لأن خبر عبد الرحمن بن الحجاج مسند موافق للأصول كلها ، وذلك أنه لا يصح أن ينفق على الورثة إلا مما ورثوه ، وليس لهم ميراث إذا كان هناك دين على حال ، لأن الله تعالى قال : «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ »(٢) فشرط في صحة الميراث أن يكون بعد الدين. انتهى.

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ١٦٥.

(٢) سورة النساء الآية ـ ١٢.

٧٣

ولدا صغارا وترك شيئا وعليه دين وليس يعلم به الغرماء فإن قضاه لغرمائه بقي ولده وليس لهم شيء فقال أنفقه على ولده.

( باب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية فقال له الورثة إنما لك النصل وليس لك المال قال فقال لا بل السيف بما فيه له قال فقلت رجل أوصى لرجل بصندوق وكان فيه مال فقال الورثة إنما لك الصندوق وليس

أقول : يمكن حمل الخبر على أنهعليه‌السلام كان عالما بأنه لا حق لأرباب الديون في خصوص تلك الواقعة ، أو أنهم نواصب ، فأذن له التصرف في مالهم ، أو على أنهم كانوا بمعرض الضياع والتلف ، فكان يلزم الإنفاق عليهم من أي مال تيسر.

باب

الحديث الأول : ضعيف.

وقال المحقق في الشرائع : لو أوصى بسيف معين وهو في جفن دخل الجفن والحلية في الوصية ، وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب ، أو سفينة وفيها متاع أو جراب وفيه قماش ، فإن الوعاء وما فيه دخل في الوصية ، وفيه قول آخر بعيد.

وقال في المسالك : القول بدخول جميع ما ذكر في الوصية هو المشهور بين المتقدمين والمتأخرين ، والروايات الواردة فيها ضعيفة السند ، إلا إن العرف شاهد بدخول جفن السيف وحليته فيه ، وهو محكم في أمثال ذلك ، وأما الباقي فلا يدل العرف على تناول الظرف للمظروف غالبا ، والرواية قاصرة عن إثبات المطلوب ، فالحكم بعدم الدخول أجود ، والقول الذي أشار إليه للشيخ في النهاية فإنه حكم بدخول هذه الأشياء بشرط أن يكون الموصى عدلا مأمونا ، وإلا لم ينفذ الوصية في أكثر من ثلثه ، وهو بعيد من وجوه. واعلم أنه لا فرق في الحكم على التقديرين

٧٤

لك المال قال فقال أبو الحسنعليه‌السلام الصندوق بما فيه له.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قال هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها وفيها طعام أيعطاها الرجل وما فيها قال هي للذي أوصى له بها إلا أن يكون صاحبها متهما وليس للورثة شيء.

٣ ـ وعنه ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أسأله عن رجل أوصى لرجل بسيف فقال الورثة إنما لك الحديد وليس لك الحلية ليس لك غير الحديد فكتب إلي السيف له وحليته.

٤ ـ عنه ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى لرجل بصندوق وكان في الصندوق مال فقال الورثة إنما لك الصندوق وليس لك ما فيه فقال الصندوق بما فيه له.

بين كون الصندوق مقفلا والجراب مشدودا وعدمه ، خلافا للمفيد (ره) ، حيث قيدهما بذلك.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : حسن.

والظاهر إرجاع الضمير إلى ابن أبي نصر.

٧٥

( باب )

( من لا تجوز وصيته من البالغين )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها قيل له أرأيت إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته قال فقال إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت أجيزت وصيته في الثلث وإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت لم تجز وصيته.

( باب )

( من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد قال كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل كان له ابنان فمات أحدهما وله ولد ذكور وإناث فأوصى لهم جدهم بسهم أبيهم فهذا السهم الذكر والأنثى فيه سواء أم «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » فوقععليه‌السلام ينفذون وصية جدهم كما أمر إن شاء الله قال وكتبت إليه رجل له ولد ذكور وإناث فأقر لهم بضيعة أنها لولده ولم يذكر أنها بينهم على سهام الله عز وجل وفرائضه الذكر والأنثى فيه

باب من لا تجوز وصيته من البالغين

الحديث الأول : صحيح.

عمل به الأكثر وخالف فيه ابن إدريس.

باب من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ولعل الإجمال في الجواب الأول للتقية.

وقال في المسالك : وردت رواية ضعيفة تقتضي قسمة الوصية بين الأولاد الذكور

٧٦

سواء فوقععليه‌السلام ينفذون فيها وصية أبيهم على ما سمى فإن لم يكن سمى شيئا ردوها إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن شاء الله.

٢ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل أوصى بثلث ماله لمواليه ولمولياته الذكر والأنثى فيه سواء أو «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » من الوصية فوقععليه‌السلام جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى به إن شاء الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله فقال لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث.

( باب )

( من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل أوصى إلى امرأة فأشرك في الوصية معها صبيا فقال يجوز ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا ينتظر بلوغ الصبي

والإناث على كتاب الله ، وهي مع ضعفها لم يعمل بها أحد.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

وعمل به الشيخ وجماعة ، والمشهور التسوية بينهم كغيرهم ، وحمله الشهيد (ره) : على ما إذا أوصى على كتاب الله وهو بعيد ، والعمل بالخبر المعتبر أقرب.

باب من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير

الحديث الأول : حسن.

ويدل على جواز إشراك الصبي مع البالغ في الوصية كما هو المشهور ، وقالوا

٧٧

فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير فإن له أن يرده إلى ما أوصى به الميت.

٢ ـ محمد قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليهم‌السلام رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا وفيهم صغار أيجوز للكبار أن ينفذوا وصيته ويقضوا دينه لمن صح على الميت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار فوقععليه‌السلام نعم على الأكابر من الولدان أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك.

( باب )

( من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة )

١ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل مات و

بعدم جواز الوصية إلى الصبي منفردا.

الحديث الثاني : صحيح.

ولا يخفى أن الجواب مخصوص بقضاء الدين ، ولا يفهم منه حكم الوصية ، وعمل الأصحاب بمضمون الخبرين ، قال الشهيد الثاني (ره) : ويدل على جواز تصرف الكبير قبل بلوغ الصغير مضافا إلى الخبرين أنه في تلك الحال وصي منفردا وإنما التشريك بعد البلوغ كما قال أنت وصيي وإذا حضر فلان ، فهو شريكك ومن ثم لم يكن للحاكم أن يداخله ولا أن يضم إليه آخر ليكون نائبا عن الصغير وأما إذا بلغ الصغير فلا يجوز للبالغ التفرد. انتهى ، ولو مات الصبي أو بلغ فاسد العقل فالأشهر أن للبالغ الانفراد ولم يداخله الحاكم وقد تردد فيه العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس.

باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة

الحديث الأول : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب أنه لو أوصى إلى اثنين وشرط اجتماعهما أو أطلق ،

٧٨

أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والآخر بالنصف فوقععليه‌السلام لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت وأن يعملا على حسب ما أمرهما إن شاء الله.

فلا يجوز لأحدهما التصرف بدون إذن صاحبه.

وذهب الشيخ في أحد قوليه ومن تبعه إلى جواز انفراد كل منهما مع الإطلاق ولعله استند إلى رواية بريد.

قوله عليه‌السلام : « وأن يعملا » في الفقيه « ويعملان » وهو أظهر وعلى ما في الكتاب فالظاهر عطفه على« لا ينبغي » أي وقع أن يعملا.

ثم اعلم أن الخبر غير صريح فيما فهمه الأصحاب إذ يحتمل أن يكون المراد أنه إن أمرهما بالتشريك يجب العمل به.

والحاصل أنه يجب عليهما العمل بما فهما من غرض الموصى ، لا أن الإطلاق ظاهر في التشريك ، لكن ما فهمه القوم أظهر من الخبر ، ثم إن الصدوق (ره) بعد إيراد الخبر الثاني قال : لست أفتي بهذا الحديث ، بل أفتي بما عندي بخط الحسن ابن عليعليه‌السلام ، ولو صح الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما أمر به الصادقعليه‌السلام .

وقال الشيخ (ره) في التهذيب(١) رادا على الصدوق (ره) : ليس الأمر على ما ظن ، لأن قوله : « ذلك له » ليس في صريحه أن ذلك للمطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة ، وليس يمتنع أن يكون المراد الذي أبى على صاحبه الانقياد إلى ما أراده ، فيكون تلخيص الكلام أن له أن يأبى عليه فلا تنافي بينهما ، وقال الشهيد الثاني (ره) : لا وجه لحمل تلك الرواية على ذلك الوجه البعيد ، ليوافق هذه ، لأنه ليس في هذه ، ما يدل على وجوب الاجتماع ، لأن لفظة « لا ينبغي » ظاهرة في الكراهة لا الحظر ، ففيها دلالة على جواز الانفراد على كراهية ، وتبقى تلك مؤيدة لها كما فهمه الشيخ في فتوى النهاية ، فإنه أجود مما فهمه في التهذيب ، مع أن المتأخرين كالعلامة في المختلف ومن بعده فهموا من الرواية المنع من الانفراد ، واستحسنوا

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ١٨٠ ج ٤ ص ١٠١.

٧٩

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أخويه محمد وأحمد ، عن أبيهما ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بريد بن معاوية قال إن رجلا مات وأوصى إلي وإلى آخر أو إلى رجلين فقال أحدهما خذ نصف ما ترك وأعطني النصف مما ترك فأبى عليه الآخر فسألوا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فقال ذلك له.

( باب )

( صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة والأئمة عليهم‌السلام ووصاياهم )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الثانيعليه‌السلام قال سألته عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام فقال لا إنما كانت وقفا وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ إليه منها ما ينفق على أضيافه والتابعة يلزمه فيها فلما

حمل الرواية الأخرى على ما ذكره الشيخ ، وربما يرجح العمل بأن « الإباء » أقرب من القسمة ، فعود اسم الإشارة إليه أولى ، وفيه الإشارة « بذلك » إلى البعيد ، حمله على القسمة أنسب ، ويمكن أن يستدل لهم من الرواية الصحيحة لا من جهة قولهم لا ينبغي ، بل منقوله « أن يخالف الميت وأن يعملا على حسب ما أمرهما » فإن ذلك يقتضي حمل إطلاقه على أمره بالاجتماع ، ومع أمره به لا يبقى في عدم جواز المخالفة إشكال ، ويتعين حمل لا ينبغي على التحريم لأنه لا ينافيه ، بل غايته كونه أعم أو متجوزا به فيه بقرينة الألفاظ الباقية ، وهذا أحوط. انتهى.

الحديث الثاني : موثق.

باب صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة والأئمة ووصاياهمعليهم‌السلام

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « التابعة » أي التوابع اللازمة ، ولعله تصحيف التبعة ، وهي ما

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كافية لوجوب قبول حديث الولاية المخرج في المسند، ووافية بالردّ على من طعن فيه

وقال ابن الجوزي في ( كتاب الموضوعات ): « فمتى رأيت حديثاً خارجاً عن دواوين الإِسلام: كالموطأ، ومسند أحمد، والصحيحين، وسنن أبي داود، والترمذي، ونحوها، فانظر فيه، فإن كان له نظير في الصحاح والحسان فرتّب أمره، وإن ارتبت به فرأيته يباين الأصول فتأمّل رجال إسناده واعتبر أحوالهم من كتابنا المسمّى بالضعفاء والمتروكين، فإنّك تعرف وجه القدح فيه »(١). .

وفي هذه العبارة عدّ المسند من دواوين الإسلام، وذكره في عداد الموطأ والصحيحين وغيرها من الكتب غير المحتاج إلى نظر والتأمّل في أسانيد أخبارها

اعتماد أبناء روزبهان وتيمية وحجر على ابن الجوزي

فهذا حكم ابن الجوزي في كتابه الموضوعات ولكم اعتمد أمثال أبناء تيميّة وروزبهان وحجر على أحكام ابن الجوزي في كتابه المذكور، خاصّةً في باب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام وأهل البيت وكذلك صاحب الصواقع و ( الدهلوي ) وأتباعهما ولنذكر نبذة من موارد اعتماد القوم على آراء ابن الجوزي:

قال أبو المؤيد الخوارزمي في أوائل كتابه ( جامع مسانيد أبي حنيفة ): « والدليل على ما ذكرنا أن التعديل متى ترجّح على الجرح يجعل الجرح كأن لم يكن، وقد ذكر ذلك إمام أئمة التحقيق ابن الجوزي في كتاب التحقيق في أحاديث التعليق ».

__________________

(١). الموضوعات ١ / ٩٩.

١٠١

وقال ابن الوزير الصنعاني - في الاُمور الدالة على عدم جواز تكفير أحمد بسبب الإِعتقاد بالتشبيه -: « ومنها - إنّه قد ثبت بالتواتر أنّ الحافظ ابن الجوزي من أئمّة الحنابلة وليس في ذلك نزاع، ولا شك أن تصانيفه في المواعظ وتواليفه في الرقائق مدرس فضلائهم وتحفة علمائهم، فبها يتواعظون ويخطبون، وعليها في جميع أحوالهم يعتمدون، وقد ذكر ابن الجوزي في كتبه هذه ما يقتضي نزاهتهم عن هذه العقيدة، وأنا أورد من كلامه في ذلك »(١). .

وقال ابن حجر المكي - بعد حديث أنا مدينة العلم -: « وقد اضطرب الناس في هذا الحديث، فجماعة منهم ابن الجوزي والنووي وناهيك بهما معرفةً بالحديث وطرقه »(٢). .

وقال ( الدهلوي ) في جواب حديث أنا مدينة العلم: « وذكره ابن الجوزي في الموضوعات».

وقال ابن روزبهان - في بحث حديث النور -: « ذكر ابن الجوزي هذا الحديث بمعناه في كتاب الموضوعات »(٣). .

وقال ابن تيمية في حديث: « أنت أخي ووصيي »: « قال أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب الموضوعات »(٤). .

ثناء ابن خلكان على ابن الجوزي

وأثنى ابن خلكان على ابن الجوزي وبالغ في إطرائه حيث ترجمه، وهذه خلاصتها:

__________________

(١). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

(٢). الصواعق المحرقة: ١٨٩.

(٣). إبطال الباطل - مخطوط.

(٤). منهاج السنّة ٤ / ٩٥.

١٠٢

« أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الفقيه الحنبلي، الواعظ الملقب جمال الدين، الحافظ، كان علّامة عصره، وإمام وقته في الحديث وصناعة الوعظ، صنف في فنون عديدة منها فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطّه شيئاً كثيراً وكانت له في مجالس الوعظ أجوبة نادرة وتوفي ليلة الجمعة ثاني عشر شهر رمضان سنة ٥٩٧ ببغداد، ودفن بباب حرب »(١). .

ثناء الذهبي على ابن الجوزي

وكذلك الذهبي حيث قال:

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق المفسّر صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم حدّث عنه: ابنه الصاحب محيي الدين، وسبطه الواعظ شمس الدين يوسف بن قزغلي، والحافظ عبد الغني، وابن الدبيثي، وابن النجار، وابن خليل والتقي البلداني، وابن عبد الدائم، والنجيب عبد اللطيف، وخلق سواهم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنف هذا الرجل حصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط »(٢). .

ثناء السيوطي على ابن الجوزي

والسيوطي أيضاً أثنى عليه كذلك، قال:

__________________

(١). وفيات الأعيان ٣ / ١٤٠.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٣٤٢.

١٠٣

« ابن الجوزي، الإِمام العلّامة الحافظ، عالم العراق وواعظ الآفاق، جمال الدين أبو الفرج صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم وما علمت أحداً من العلماء صنّف ما صنّف، وحصل له من الحظوة في الوعظ ما لم يحصل لأحدٍ قط. قيل: إنّه حضره في بعض المجالس مائة ألف، وحضره ملوك ووزراء وخلفاء، وقال: كتبت بإصبعي ألف مجلّد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألفاً »(١). .

كلام ابن الوزير في مدح المسند

وقال محمّد بن إبراهيم الصّنعاني المعروف بابن الوزير - بعد ذكر عبارة ابن دحية حول استشهاد الإِمام الحسين بن عليعليهما‌السلام -: « وفيما ذكره ابن دحية اُوضح دليل على براءة المحدّثين وأهل السنّة فيما افتراه عليهم المعترض من نسبتهم إلى التشيع ليزيد وتصويب قتله الحسين. كيف؟ وهذه رواياتهم مفصحة بضد ذلك كما بيّناه، في مسند أحمد، وصحيح البخاري، وجامع الترمذي، وأمثالها.

وهذه الكتب هي مفزعهم وإلى ما فيها مرجعهم، وهي التي يخضعون لنصوصها ويقصرون التعظيم عليها بخصوصها »(٢). .

وعليه، فمسند أحمد مفزع المحدّثين وإليه مرجعهم وهم خاضعون لنصوصه والأحاديث المروية فيه فويل ( للدهلوي ) المقلّد ( للكابلي ) التابع ( لابن تيمية ) هؤلاء الذين أبطلوا حديث الولاية المخرّج في ( المسند ) و ( جامع الترمذي ) وأمثالهما فإنّهم خرجوا عن طريقة المحدّثين،

__________________

(١). طبقات الحفّاظ: ٤٨٠.

(٢). الروض الباسم في الذبّ عن سنّة أبي القاسم.

١٠٤

وشقّوا عصا المجمعين، وخالفوا سنّة رسول ربّ العالمين.

كلام أبي مهدي المغربي في مدح المسند

وقال أبو مهدي عيسى بن محمّد المغربي - وهو أحد المشايخ السبعة الذين يفتخر شاه ولي الله الدهلوي باتّصال أسناده إليهم - في مدح كتاب ( المسند ) ما نصّه:

« وألّف مسنده، وهو أصل من اُصول هذه الاُمة، جمع فيه ما لم يتّفق لغيره وله التصانيف الفائقة، فمنها المسند، وهو ثلاثون ألفاً وبزيادة ابنه عبد الله أربعون ألف حديث وقال فيه - وقد جمع أولاده وقرأه عليهم -: هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفاً، فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فارجعوا إليه، فإنْ وجدتموه فيه وإلّا ليس بحجة »(١). .

كلام عبد الحق الدهلوي في مدح المسند

وقال الشيخ عبد الحقّ الدّهلوي في وصف المسند:

« ومسند الإِمام أحمد معروف بين الناس، جمع فيه أكثر من ثلاثين ألف حديث، وكان كتابه في زمانه أعلى وأرفع وأجمع الكتب »(٢). .

__________________

(١). مقاليد الأسانيد - ترجمة أحمد بن حنبل

(٢). رجال المشكاة - ترجمة أحمد بن حنبل

١٠٥

كلام ولي الله الدهلوي في مدح المسند

وقال عبد الرحيم الدهلوي والد ( الدهلوي ): « الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيحين ولكنها تتلوها، كان مصنّفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحّر في فنون الحديث، لم يرضوا في كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم، فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدّثون والفقهاء طبقة بعد طبقةً، واشتهرت فيما بين الناس وتعلّق بها القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالها واستنباطا لفقهها، وعلى تلك الأحاديث بناء عامّة العلوم، كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهذه الكتب مع الطبقة الاُولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصّحاح، وابن الأثير في جامع الأصول.

وكاد مسند أحمد يكون من جملة هذه الطبقة، فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم. قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه »(١). .

كلام ( الدهلوي ) في مدح المسند

و ( الدهلوي ) نفسه مدح المسند كذلك، ونقل حكاية جمع أحمد أولاده وقراءته عليهم المسند وما قال لهم في وصفه(٢). .

__________________

(١). حجّة الله البالغة - طبقات كتب الحديث.

(٢). بستان المحدّثين - ترجمة أحمد

١٠٦

(٤)

رواية الترمذي

وأخرج الترمذي حديث الولاية في صحيحه قائلاً:

« حدّثنا قتيبة بن سعيد، نا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - جيشاً، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، فمضى في السرية، فأصاب جاريةً، فأنكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقالوا: إذا لقينا رسول الله أخبرناه بما صنع علي، وكان المسلمون إذا رجعوا من سفرٍ بدأوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ثم انصرفوا إلى رحالهم، فلما قدمت السرية سلّموا على النبيّ، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر إلى علي بن أبي طالب صنع كذا وكذا، فأعرض عنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

ثم قام الثاني، فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام إليه الثالث فقال مثل مقالته، فأعرض عنه رسول الله.

ثم قام الرابع فقال مثل ما قالوا: فأقبل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - والغضب يعرف في وجهه - فقال:

ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! ما تريدون من علي! إن علياً منّي وأنا منه وهو ولي كلّ مؤمنٍ من بعدي.

هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلّا من حديث جعفر بن سليمان »(١). .

__________________

(١). صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٢.

١٠٧

وثاقة رجال الإِسناد

ورجال هذا السند كلّهم ثقات بلا كلام:

١ - الترمذي

أما الترمذي نفسه، فغني عن التعريف، وإنْ شئت الوقوف على طرفٍ من كلماتهم في مدحه والثناء عليه وتوثيقه والإِستناد إليه، فراجع الكتب الرجاليّة وغيرها، مثل:

١ - سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٧٠.

٢ - تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٣٣.

٣ - الوافي بالوفيات ٤ / ٢٩٤.

٤ - تهذيب التهذيب ٩ / ٣٨٧.

٥ - البداية والنهاية ١١ / ٦٦.

٦ - العبر ٢ / ٦٢.

٧ - النجوم الزاهرة ٣ / ٨٨.

٨ - طبقات الحفّاظ: ٢٧٨.

٩ - وفيات الأعيان ٤ / ٢٧٨.

١٠ - شذرات الذهب ٢ / ١٧٤.

١١ - مرآة الجنان ٢ / ١٩٣.

١٢ - الكامل في التاريخ ٧ / ١٥٢.

١٣ - المختصر في أخبار البشر ٢ / ٥٩.

١٤ - اللباب في الأنساب ١ / ١٧٤.

١٠٨

٢ - قتيبة بن سعيد

وأما قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، فهو محدّث جليل القدر، روى عنه الشيخان وغيرهما:

السمعاني: « قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله البغلاني، المحدّث المشهور في الشرق والغرب، له رحلة إلى: العراق، والحجاز، والشام، وديار مصر، وعمّر العمر الطويل حتى كتب عنه البطون، ورحل إليه أئمة الدنيا من الأمصار.

سمع مالك بن أنس، والليث، وأقرانهما.

روى عنه الأئمّة الخمسة: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو عيسى، وأبو عبد الرحمن، ومن لا يحصى كثرة »(١). .

الذهبي: « قال أبو بكر الأثرم: وسمعته - يعني أحمد بن حنبل - ذكر قتيبة فأثنى عليه وقال: هو آخر من سمع من ابن لهيعة. وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي: ثقة. زاد النسائي: صدوق. وقال أبو داود: قدم قتيبة بغداد سنة ١٦ فجاء، أحمد ويحيى، وقال ابن خراش: صدوق وقال عبد الله بن محمّد بن سيّار الفرهاني: قتيبة صدوق ليس أحد من الكبار إلّا وقد حمل عنه بالعراق »(٢). .

٣ - جعفر بن سليمان

٤ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - البغلاني ٢ / ٢٥٧.

(٢). تذهيب تهذيب الكمال - مخطوط

١٠٩

٥ - مطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفتهم سابقاً فلا نكرّر

(٥)

رواية النسائي

ورواه أبو عبد الرحمن النسائي بإسناده قائلاً:

« ثنا قتيبة بن سعيد قال: ثنا جعفر - يعني ابن سليمان - عن يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جيشاً واستعمل عليهم علي بن أبي طالب ».

« ثنا واصل بن عبد الأعلى، عن ابن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: بعثنا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلى اليمن مع خالد ابن الوليد وبعث علياً على آخر، وقال: إن التقيتما فعليّ على الناس، وإن تفرّقتما فكل واحدٍ منكما على جنده، فلقينا بني زبيد من أهل اليمن، وظفر المسلمون على المشركين، فقاتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - وأمرني أن أنال منه. قال: فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجلٍ وألزمتني بطاعته فبلّغت ما اُرسلت به. فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لي:

لا تقعنَّ يا بريدة في علي، فإنّ عليّاً منّي وأنا منه وهو وليّكم بعدي »(١). .

وثاقة رجال السند

هذا، وقد روى النسائي في هذا الحديث بطريقين، أوّلهما هو عين سند

__________________

(١). خصائص علي بن أبي طالب: ٧٥.

١١٠

الترمذي المتقدّم الذي عرفت وثاقة رجاله فلا حاجة إلى الإِعادة.

ترجمة النسائي

والنسائي نفسه، وإنْ كان غنياً عن التّعريف، لإِجماع القوم على توثيقه والثناء عليه وعلى كتبه وعلومه حتى أنّ الدار قطني قدّمه على جميع محدّثي زمانه كما في ( تذكرة الحفّاظ )، وقال الذهبي ووالد السبكي: بأنّه أحفظ من مسلم بن الحجاج كما في ( مقاليد الأسانيد ) ولكن لا بأس بإيراد بعض الكلمات في حقّه عن كتاب تذكرة الحفّاظ للذهبي باختصار:

« النسائي، الحافظ الإِمام، شيخ الإِسلام، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب برع في هذا الشأن وتفرّد بالمعرفة والإِتقان وعلوّ الإِسناد قال حافظ خراسان أبو علي النيسابوري: ثنا الإمام في الحديث بلا مدافعة أبو عبد الرحمن النسائي. قال أحمد بن نصر أبو طالب الحافظ: من يصبر على ما يصبر عليه النسائي؟ قال الدارقطني: أبو عبد الرحمن مقدّم على كلّ من يذكر بهذا العلم من أهل عصره. وقال محمّد بن المظفر الحافظ: سمعت مشايخنا بمصر يصفون اجتهاد النسائي في العبادة بالليل والنهار قال الدار قطني: كان أبو بكر الشافعي كثير الحديث ولم يحدّث عن غير النسائي وقال: رضيت به حجة بيني وبين الله وكانت وفاته في شعبان سنة ٣٠٣. وكان أفقه مشايخ مصر في عصره وأعلمهم بالحديث والرجال. قال أبو سعيد بن يونس في تاريخه: كان النسائي إماماً حافظاً ثبتاً »(١). .

وإنْ شئت المزيد فراجع:

وفيات الأعيان ١ / ٧٧.

__________________

(١). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٨.

١١١

الوافي بالوفيات ٦ / ٤١٦.

مرآة الجنان ٢ / ٢٤٠.

طبقات الشّافعية للسبكي ٣ / ١٤.

طبقات الحفّاظ: ٣٠٣.

وغيرها من كتب التاريخ والرجال

اعتبار كتاب الخصائص

وكتاب ( خصائص أمير المؤمنينعليه‌السلام ) للنسائي من أنفس الكتب وأجلّها وأشهرها ألّفه النسائي لمـّا دخل دمشق ووجد المنحرف بها عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كثيراً

وقد اعتمد علماء أهل السنّة على هذا الكتاب ونقلوا عنه، كما أنّ غير واحدٍ منهم ذكروه في بحوثهم مستشهدين به على ولاء أهل السنّة لأهل البيتعليهم‌السلام كما أنّا قد بيّنا في بعض المجلّدات السّابقة - وعلى ضوء كلمات القوم - أن ( خصائص أمير المؤمنين ) للحافظ النسائي إنّما هو قطعة من ( سننه ) الكبير، فتكون الأحاديث الواردة فيه من أحد ( الصحّاح الستّة ) عندهم.

١١٢

(٦)

رواية الحسن بن سفيان النسوي

ورواه الحسن بن سفيان النسوي البالوزي، كما جاء في كتاب الوصابي اليمني حيث روى:

« عن عمران بن حصين -رضي‌الله‌عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: إنّ علياً منّي وأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده، والحسن بن سفيان في فوائده، وأبو نعيم في فضائل الصحابة »(١). .

ترجمة الحسن بن سفيان

والحسن بن سفيان من أكابر المحدّثين الثقات كما يظهر من ترجمته:

١ - السمعاني: « البالوزي - بفتح الباء الموحّدة بعدها الألف واللّام والواو وفي آخرها الزاء - هذه النسبة إلى بالوز، وهي قرية من قرى نسا على ثلاث أو أربع فراسخ منها.

خرجت إليها لزيارة قبر أبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر بن عبد العزيز بن النعمان بن عطاء الشيباني البالوزي النسوي من قرية بالوز.

كان محدّث خراسان في عصره، وكان مقدّماً في الفقه والعلم والأدب، وله الرحلة إلى: العراق، والشام، ومصر، والكوفة وصنّف: المسند

__________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب - مخطوط.

١١٣

الكبير، والجامع، والمعجم. وهو الرّاوية بخراسان لمصنفات الأئمة وكانت إليه الرحلة بخراسان من أقطار الأرض. سمع منه: أبو حاتم محمّد بن حبان البستي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الحافظ، وإمام الأئمة أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة ومات في سنة ٣٠٣ وقبره بقرية بالوز مشهور يزار، زرته »(١). .

٢ - الذهبي: « الحسن بن سفيان بن عامر، الحافظ الإِمام، شيخ خراسان قال الحاكم: كان محدّث خراسان في عصره، متقدّماً في التثبّت والكثرة والفهم والفقه والأدب. وقال ابن حبان: كان الحسن ممّن رحل وصنّف وحدّث على تيقّظ، مع صحة الديانة والصلابة في السنّة. وقال أبو بكر أحمد ابن الرازي الحافظ: ليس للحسن في الدنيا نظير »(٢). .

وكذلك ترجم له السبكي وابن قاضي شهبة في ( طبقاتهما ) والسيوطي في ( طبقات الحفّاظ ) حيث ذكروا كلمة الحاكم وغيره في مدحه، ووصفوه بالحفظ والأمامة والتثبّت، وكذلك تجد ترجمته في غيرها من الكتب.

(٧)

رواية أبي يعلى الموصلي

ورواه أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي حيث قال:

« حدّثنا عبيد الله، ثنا جعفر بن سليمان، نا يزيد الرشك، عن مطرف بن عبد الله، عن عمران بن حصين، قال: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -

__________________

(١). الأنساب - البالوزي ٢ / ٥٨.

(٢). تذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٣.

١١٤

سرية، واستعمل عليهم علي بن أبي طالب، قال: فمضى على السرية. قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا من سفرٍ أو من غزوةٍ أتوا رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قبل أنْ يأتوا منازلهم، فأخبروه بمسيرهم. قال: فأصاب علي جاريةً، فتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا قدموا على رسول الله ليخبروا به. قال: فقدمت السرية على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فأخبروه بمسيرهم، فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، أصاب علي جاريةً. فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

قال: ثم قام الثالث فقال: يا رسول الله، صنع علي كذا وكذا. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع فقال: يا رسول الله صنع علي كذا وكذا.

قال: فأقبل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - مغضباً والغضب يعرف في وجهه فقال: ما تريدون من علي؟ علي منّي فأنا منه وهو وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي »(١). .

وثاقة رجال الإسناد

ولا يخفى وثاقة رجال هذا السند:

١ - عبيد الله القواريري

أمّا عبيد الله، فهو عبيد الله بن عمر القواريري:

__________________

(١). مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ رقم ٣٥٥.

١١٥

السمعاني: « كان ثقةً صدوقاً، مكثراً من الحديث روى عنه: أبو قدامة السرخسي، ومحمّد بن إسحاق الصنعاني، وأبو داود السجستاني، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وأحمد بن أبي خيثمة، وأبو القاسم البغوي، وأبو يعلى الموصلي، وغيرهم.

وكان أحمد بن سيّار المروزي يقول: لم أر في جميع من رأيت مثل مسدّد بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو. وثّقه يحيى بن معين وغيره. وقال أبو علي جزرة الحافظ: القواريري. أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة، وما رأيت أحدا أعلم بحديث البصرة منه.

وتوفي في ذي الحجة سنة ٢٣٥ »(١). .

الذهبي: « خ م د س - عبيد الله بن عمر القواريري، أبو سعيد البصري الحافظ. حدّث بمائة ألف حديث. سمع: حماد بن زيد، وأبا عوانة، وخلقا. وعنه: خ م د، والفريابي، والبغوي، وخلق. وكان يذكر مع مسدّد والزهراني. مات في ذي الحجة ٢٣٥ »(٢). .

ابن حجر: « وعنه: البخاري ومسلم وأبو داود قال ابن معين والعجلي والنسائي: ثقة. وقال صالح جزرة: ثقة صدوق قال: وهو أثبت من الزهراني وأشهر وأعلم بحديث البصرة. قال ابن سعد: ثقة كثير الحديث. وقال أبو حاتم: صدوق وذكره ابن حبان في الثقات. وقال مسلمة بن قاسم: ثقة. وفي الزهرة: روى عنه البخاري خمسة، ومسلم أربعين »(٣). .

٢ - جعفر بن سليمان

٣ - يزيد الرشك

__________________

(١). الأنساب - القواريري

(٢). الكاشف ٢ / ٢٠٣ وانظر العبر ودول الإسلام حوادث سنة ٢٣٥.

(٣). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٦ وانظر تقريب التهذيب أيضاً ١ / ٥٣٧.

١١٦

٤ - المطرف بن عبد الله

وهؤلاء عرفت وثاقتهم وشيئاً من مناقبهم فيما سبق.

ترجمة أبي يعلى

ولنذكر طرفاً من كلماتهم في الثناء على أبي يعلى الموصلي:

١ - ابن حبّان: « أحمد بن علي بن المثنى بن يحيى بن عيسى بن هلال التميمي أبو يعلى، من أهل الموصل، من المتقنين في الروايات والمواظبين على رعاية الدين وأسباب الطاعات. مات سنة ٣٠٧ »(١). .

٢ - الذهبي: « أبو يعلى الموصلي، الحافظ الثقة، محدّث الجزيرة قال يزيد بن محمّد الأزدي: كان أبو يعلى من أهل الصّدق والأمانة والدين والعلم ووثقه ابن حبان ووصفه بالإِتقان والدين ثم قال: وبينه وبين النبيّ ثلاثة أنفس. وقال الحاكم: كنت أرى أبا علي الحافظ معجبا بأبي يعلى وإتقانه وحفظه لحديثه حتى كان لا يخفى عليه منه إلّا اليسير. قال الحاكم: هو ثقة مأمون »(٢). .

٣ - الذهبي أيضاً: « كان ثقة صالحاً متقناً يحفظ حديثه. توفي وله ٩٧ سنة »(٣). .

٤ - الصفدي: « الحافظ صاحب المسند، سمع جماعةً كباراً، وله تصانيف في الزهد وغيره. غلّقت له الأسواق يوم جنازته. وكانت وفاته سنة ٣٠٧ وكنيته أبو يعلى »(٤). .

__________________

(١). الثقات ٨ / ٥٥.

(٢). تذكرة الحفّاظ ٢ / ٧٠٧.

(٣). العبر حوادث ٣٠٧.

(٤). الوافي بالوفيات ٧ / ٢٤١.

١١٧

وكذلك تجد ترجمته في المصادر الاُخرى، وقد وصفوه جميعاً: بالحافظ الثبت الثقة محدّث الجزيرة صاحب المسند

(٨)

رواية ابن جرير الطبري وتصحيحه

رواه محمد بن جرير الطبري في ( تهذيب الآثار ). فقد ذكر المتّقي ما نصه:

« عن عمران بن حصين: بعث رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - سرية واستعمل عليها علياً، فغنموا، فصنع علي شيئاً أنكروه. وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جاريةً، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفرٍ بدءوا برسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فسلّموا عليه ونظروا إليه، ثم ينصرفون إلى رحالهم. فلمـّا قدمت السرية سلّموا على رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - فقام أحد الأربعة فقال:

يا رسول الله، ألم تر أن علياً قد أخذ من الغنيمة جارية؟ فأعرض عنه.

ثم قام الثاني فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الثالث فقال مثل ذلك. فأعرض عنه.

ثم قام الرابع. فأقبل إليه رسول الله يعرف الغضب في وجهه فقال: ما تريدون من علي! علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمنٍ بعدي.

ش. وابن جرير وصحّحه »(١). .

__________________

(١). كنز العمال ١٣ / ١٤٢ رقم ٣٦٤٤٤.

١١٨

ترجمة الطبري

ولابن جرير الطبري في كتب القوم تراجم مفصّلة، نلخص بعضها فيما يلي:

١ - ياقوت الحموي: « قال أبو محمّد عبد العزيز بن محمّد الطبري: كان أبو جعفر من الفضل والعلم والذكاء والحفظ على ما لا يجهله أحد عرفه، لجمعه من علوم الإِسلام ما لم نعلمه اجتمع لأحدٍ من هذه الاُمة، ولا ظهر من كتب المصنّفين وانتشر من كتب المؤلّفين ما انتشر له.

وكان راجحاً في علوم القرآن، والقراءات، وعلم التاريخ من الرسل والخلفاء والملوك، واختلاف الفقهاء، مع الرواية لذلك على ما في كتابه:

البسيط، والتهذيب، وأحكام القراءات، من غير تعويل على المناولات والإجازات ولا على ما قيل في الأقوال، بل يذكر ذلك بالأسانيد المشهورة.

وقد بان فضله في علم اللغة والنحو على ما ذكره في كتاب التفسير وكتاب التهذيب مخبراً عن حاله فيه.

وقد كان له قدم في علم الجدل، يدل على ذلك مناقضاته في كتبه على المعارضين لمعاني ما أتى به.

وكان فيه من الزهد والورع والخشوع والأمانة، وتصفية الأعمال وصدق النية وحقائق الأفعال ما دل عليه كتابه في آداب النفوس ».

« كان أبو جعفر يذهب في جلّ مذاهبه إلى ما عليه الجماعة من السلف وطريق أهل العلم المتمسكين بالسّنن، شديداً على مخالفيهم، ماضياً على منهاجهم، لا تأخذه في ذلك ولا في شيء لومة لائم ».

« كان أبو جعفر يذهب في الإِمامة إلى إمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وما عليه أصحاب الحديث في التفضيل، وكان يكفّر من خالفه في كلّ مذهب

١١٩

إذا كانت أدلّة العقول تدفع كالقول في القدر، وقول من كفّر أصحاب رسول الله من الروافض والخوارج، ولا يقبل أخبارهم ولا شهاداتهم، وذكر ذلك في كتابه في الشهادات، وفي الرسالة، وفي أول ذيل المذيّل »(١). .

٢ - السمعاني: « وكان أحد أئمة العلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه، لمعرفته وفضله. وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحدُ من أهل عصره، وكان حافظاً لكتاب الله، عارفاً بالقراءات، بصيرا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن، عالما بالسّنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها ومنسوخها، عارفا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ومسائل الحلال والحرام، عارفاً بأيّام الناس وأخبارهم قال أبو بكر محمّد بن إسحاق بن خزيمة: ما أعلم على أديم الأرض أعلم من محمّد بن جرير وتوفي سنة ٣١٠ »(٢). .

٣ - النووي: « هو الإِمام البارع في أنواع العلوم، وهو في طبقة الترمذي والنسائي. قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: إستوطن الطبري بغداد فأقام بها حتى توفي، وكان أحد الأئمة والعلماء، يحكم بقوله ويرجع إلى رأيه »(٣). .

٤ - الذهبي: « الإِمام العلم الفرد الحافظ أبو جعفر الطبري، أحد الأعلام وصاحب التصانيف قال أبو بكر الخطيب: كان ابن جرير أحد الأئمة وقال أبو حامد الإسفرائيني: لو سافر رجل إلى الصّين في تحصيل تفسير ابن جرير لم يكن كثيراً قال الفرغاني: بثّ مذهب الشافعي ببغداد سنتين واقتدى به، ثمّ اتّسع علمه وأدّاه اجتهاده إلى ما اختاره في كتبه. وقد عرض عليه القضاء فأبى. قال محمّد بن علي بن سهل الإِمام: سمعت ابن جرير قال: من

__________________

(١). معجم الأدباء ٥ / ٢٥٤ - ٢٦٨.

(٢). الأنساب - الطّبري ٨ / ٢٠٥ - ٢٠٧.

(٣). تهذيب الأسماء واللّغات ١ / ٧٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446