مرآة العقول الجزء ٢٣

مرآة العقول17%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 446

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28378 / تحميل: 3223
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما كان وقف له من ذلك أمرته فكتب بخطه إلي وأعلمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل فإنه ربما جاء في الاختلاف ما فيه تلف الأموال والنفوس.

٣١ ـ علي بن مهزيار قال قلت روى بعض مواليك عن آبائكعليهم‌السلام أن كل وقف إلى وقت معلوم فهو واجب على الورثة وكل وقف إلى غير وقت معلوم جهل مجهول باطل

قوله عليه‌السلام : « أن يتفاقم » قال في الصحاح : تفاقم الأمر عظم ،قوله عليه‌السلام : « أن يبيع الوقف أمثل » يخطر بالبال أنه يمكن حمل الخبر على ما إذا لم يقبض الضيعة الموقوفة ، ولم يدفعها إليهم ، وحاصل السؤال أنه يعلم أنه إذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف وتشتد ، لحصول الاختلاف قبل الدفع بينهم بسبب الضيعة أو لأمر آخره أيدعها موقفة ويدفعها إليهم أو يرجع من الوقف لعدم لزومه بعد ، ويدفع إليهم ثمنها أيهما أفضل؟ « فكتبعليه‌السلام : البيع أفضل » لمكان الاختلاف المؤدي إلى تلف النفوس والأموال ، فظهر أنه ليس بصريح في جواز بيع الوقف كما فهمه القوم ، واضطروا إلى العمل به مع مخالفته لأصولهم ، والقرينة عليه أن أول الخبر أيضا محمول على ذلك كما عرفت.

الحديث الحادي والثلاثون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فهو باطل مردود » اختلف الأصحاب فيما إذا قرن الوقف بمدة كسنة مثلا ، وقد قطع جماعة ببطلانه ، وقيل إنما يبطل الوقف ، ولكن يصير حبسا ، وقواه الشهيد الثاني (ره) مع قصد الحبس ، ولو جعله لمن ينقرض غالبا ولم يذكر المصرف بعدهم ففي صحته وقفا أو حبسا أو بطلانه من رأس أقوال ، وعلى القول بصحته وقفا اختلفوا على أقوال : فالأكثر على رجوعه إلى ورثة الواقف ، وقيل بانتقاله إلى ورثة الموقوف عليه ، وقيل : يصرف في وجوه البر.

وقال الوالد العلامة (ره) : ظاهره أن الوقف إذا كان موقتا بوقت معين فهو

٦١

مردود على الورثة وأنت أعلم بقول آبائك فكتبعليه‌السلام هو عندي كذا.

٣٢ ـ وكتب إبراهيم بن محمد الهمذاني إليهعليه‌السلام ميت أوصى بأن يجرى على رجل ما بقي من ثلثه ولم يأمر بإنفاذ ثلثه هل للوصي أن يوقف ثلث الميت بسبب الإجراء فكتبعليه‌السلام ينفذ ثلثه ولا يوقف.

٣٣ ـ محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى ، عن علي بن سليمان قال كتبت إليه

صحيح واجب لازم على الورثة إمضاؤه في تلك المدة ومردود على الورثة بعد انقضائها فيكون حبسا وإن كان موقتا بوقت مجهول ، كان قال إلى وقت ما مثلا ، فيكون باطلا.

قوله عليه‌السلام : « عندي كذا » قال الوالد العلامة (ره) : إن كان مراد الراوي التفسير ، فتركه لمصلحة كما كانت في المكاتبات غالبا ، وإن كان مراده السؤال عن صحة الخبر فالجواب ظاهر.

الحديث الثاني والثلاثون : صحيح على الظاهر.

قوله : « ما بقي » أي الرجل حيا ،قوله : « بإنفاذ ثلثه » أي ينفذ من ثلثه ما دام الثلث باقيا ، فإن مات قبل التمام كان الباقي للورثة ، ولم يأمر بإنفاذ ثلثه أي لم يوص بأن يعطي الثلث أو لم يوص بأن يجري عليه الثلث ، فإنه لو أوصى كذلك كان الباقي لورثته ،قوله « هل للوصي أن يوقف ثلث المال » أي يجعله وقفا بسبب الإجراء أي حتى يجري عليه من حاصله « فكتبعليه‌السلام ينفذ ثلثه ،ولا يوقف » لأنه ضرر على الورثة ، ولم يوص الميت بأن يوقف : ويحتمل أن يكون المراد بقوله أن يوقف أن يجعله موقوفا بأن يأخذ الوصي الثلث منهم ، ويجري عليه حتى يموت ، فإن فضل شيء يوصل إليهم ، ويكون الجواب أنه لم يوص هكذا بل على الوصي أن يأخذ كل يوم نفقته من الورثة ، ويؤدي إليه ، لكنه بعيد ، بل الظاهر أن للوصي أن يجعل ثلثه موقوفا لا يدعهم أن يتصرفوا.

الحديث الثالث والثلاثون : مجهول.

٦٢

يعني أبا الحسنعليه‌السلام جعلت فداك ليس لي ولد ولي ضياع ورثتها من أبي وبعضها استفدتها ولا آمن الحدثان فإن لم يكن لي ولد وحدث بي حدث فما ترى جعلت فداك لي أن أوقف بعضها على فقراء إخواني والمستضعفين أو أبيعها وأتصدق بثمنها في حياتي عليهم فإني أتخوف أن لا ينفذ الوقف بعد موتي فإن أوقفتها في حياتي فلي أن آكل منها أيام حياتي أم لا فكتبعليه‌السلام فهمت كتابك في أمر ضياعك وليس لك أن تأكل منها من الصدقة فإن أنت أكلت منها لم ينفذ إن كان لك ورثة فبع وتصدق ببعض ثمنها في حياتك وإن تصدقت أمسكت لنفسك ما يقوتك مثل ما صنع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣٤ ـ محمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمدعليهم‌السلام في الوقف وما روي فيها فوقععليه‌السلام الوقوف على حسب ما يقفها أهلها إن شاء الله.

٣٥ ـ محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام قلت جعلت فداك اشتريت أرضا إلى جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفيت المال خبرت أن الأرض وقف فقال لا يجوز شراء الوقف ولا تدخل الغلة في مالك ادفعها

قوله عليه‌السلام : « وليس لك » اعلم أن المقطوع به في كلام الأصحاب اشتراط إخراج نفسه في صحة الوقف ، فلو وقف على نفسه بطل ، وكذا لو شرط أداء ديونه أو الإدرار على نفسه ، إلا أن يوقف على قبيل فصار منهم كالفقراء ، فالمشهور حينئذ جواز الأخذ منه ، ومنع ابن إدريس منه مطلقا ، وهذا الخبر يدل على الحكم في الجملة وإن احتمل أن يكون عدم النفوذ لعدم الإقباض ، لأن الأكل منها يدل عليه ،قوله عليه‌السلام : « وإن تصدقت » أي وقفت وأمسكت لنفسك ما يكفي لقوتك وتجعل البقية وقفا.

الحديث الرابع والثلاثون : صحيح.

الحديث الخامس والثلاثون : مجهول ، وفي الفقيه صحيح.

ويدل على وجوب التصدق إلى أن يعلم المصرف بعينه ، ولعل الأوفق بأصول الأصحاب التعريف ، ثم التخيير بين التصدق والضمان ، أو الضمان أو الوصية به إلا أن يخص الوقف بهذا الحكم ، والفرق بينه وبين غيره ظاهر ، فالعدول عن النص

٦٣

إلى من أوقفت عليه قلت لا أعرف لها ربا قال تصدق بغلتها.

٣٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وأبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار جميعا ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن الرجل يوقف الضيعة ثم يبدو له أن يحدث في ذلك شيئا فقال إن كان أوقفها لولده ولغيرهم ثم جعل لها قيما لم يكن له أن يرجع فيها وإن كانوا صغارا وقد شرط ولايتها لهم حتى يبلغوا فيحوزها لهم لم يكن له أن يرجع فيها وإن كانوا كبارا لم يسلمها إليهم ولم يخاصموا حتى يحوزوها عنه فله أن يرجع فيها لأنهم لا يحوزونها عنه وقد بلغوا.

٣٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر ، عن علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال كتبت إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام أسأل عن أرض أوقفها جدي على المحتاجين من ولد فلان بن فلان وهم كثير متفرقون في البلاد فأجابعليه‌السلام ذكرت الأرض التي أوقفها جدك على فقراء ولد فلان بن فلان وهي لمن حضر البلد الذي فيه الوقف وليس لك أن تتبع

الصحيح غير موجه.

الحديث السادس والثلاثون : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وقد شرط ولايتها لهم » اختلف الأصحاب في أنه هل يشترط نية القبض من الولي أم يكفي كونه في يده والأشهر الثاني ، والخبر يدل ظاهرا على الأول إلا أن يقرأ شرط على بناء المجهول أي شرط الله وشرع ولايته.

ثم اعلم أنه لا خلاف في الاكتفاء بقبض الأب والجد له مع النية ، وفي الوصي خلاف ،قوله عليه‌السلام : « حتى يحوزوها » أي لم يجبره الأولاد على القبض ولم يسلمها إليهم بالاختيار ، ولا ولاية له عليهم حتى يكفي قبضه عنهم فله الرجوع.

الحديث السابع والثلاثون : مجهول.

وما يتضمنه الخبر هو المشهور بين الأصحاب في الوقف على غير المنحصر ، لكن قالوا : بجواز التتبع في غير البلد أيضا ، ثم اختلفوا فيمن يوجد منهم في البلد فقيل : بوجوب الاستيعاب ، وقيل يجزي الاقتصار على ثلاثة ، وقيل : على اثنين ، وقيل

٦٤

من كان غائبا.

٣٨ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسين بن نعيم ، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال سألته عن رجل جعل دارا سكنى لرجل إبان حياته أو جعلها له ولعقبه من بعده قال هي له ولعقبه من بعده كما شرط قلت فإن احتاج يبيعها قال نعم قلت فينقض بيعه الدار السكنى قال لا ينقض البيع السكنى كذلك سمعت أبيعليه‌السلام يقول قال أبو جعفرعليه‌السلام لا ينقض البيع الإجارة ولا السكنى ولكن يبيعه على أن الذي يشتريه لا يملك ما اشترى حتى ينقضي السكنى على ما شرط والإجارة قلت فإن رد على المستأجر ماله وجميع ما لزمه من النفقة والعمارة فيما استأجره قال على طيبة النفس ويرضى المستأجر بذلك لا بأس.

٣٩ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن رافع البجلي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل جعل لرجل سكنى دار له حياته يعني صاحب الدار

على واحد ، وظاهر الخبر هو الأول.

الحديث الثامن والثلاثون : حسن.

إذ الظاهر أن الحسين هو ابن نعيم الصحاف ، ولكن لم ينقل روايته عن الكاظمعليه‌السلام ، والمشهور بين الأصحاب أنه لا يبطل العمري والسكنى والرقبى بالبيع ، بل يجب أن يوفي المعمر ما شرط له لهذه الحسنة ، واختلف كلام العلامة ، ففي الإرشاد قطع بجواز البيع ، وفي التحرير استقرب عدمه ، لجهالة وقت انتفاع المشتري ، وفي القواعد والمختلف والتذكرة استشكل الحكم ، والأوجه أنه بعد ورود الرواية المعتبرة لا إشكال.

الحديث التاسع والثلاثون : مجهول.

قوله : « حياته » أي فعل ذلك في حياته أي صحته ، أو المراد بصاحب الدار الساكن في الدار ، والظاهر أن الراوي أخطأ في التفسير.

قال الشيخ (ره) في التهذيب : ما تضمن هذا الخبر من قوله يعني صاحب

٦٥

فلما مات صاحب الدار أراد ورثته أن يخرجوه ألهم ذلك قال فقال أرى أن تقوم الدار بقيمة عادلة وينظر إلى ثلث الميت فإن كان في ثلثه ما يحيط بثمن الدار فليس للورثة أن يخرجوه وإن كان الثلث لا يحيط بثمن الدار فلهم أن يخرجوه قيل له أرأيت إن مات الرجل الذي جعل له السكنى بعد موت صاحب الدار يكون السكنى لعقب الذي جعل له السكنى قال لا.

٤٠ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن بعض أصحابه ، عن أبان ، عن عجلان أبي صالح قال أملأ علي أبو عبد اللهعليه‌السلام «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » هذا ما تصدق الله به فلان بن فلان وهو حي سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث حتى يرثها وارث السماوات والأرض وإنه قد أسكن صدقته هذه فلانا وعقبه فإذا انقرضوا فهي على ذي الحاجة من المسلمين.

حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن أحمد بن عديس ، عن أبان ، عن

الدار حين ذكر أن رجلا جعل لرجل سكنى دار له ، فإنه غلط من الراوي ووهم منه في التأويل ، لأن الأحكام التي ذكرها بعد ذلك إنما يصح إذا كان قد جعل السكنى مدة حياة من جعلت له السكنى فحينئذ يقوم وينظر باعتبار الثلث وزيادته ونقصانه ، ولو كان الأمر على ما ذكره المتأول للحديث من أنه كان جعله مدة حياته لكان حين مات بطلت السكنى ، ولم يحتج معه إلى تقويمه واعتباره بالثلث انتهى.

وقد عرفت أن بهذا التفصيل قال ابن الجنيد ، ولم يعمل به الأكثر لجهالة الخبر ، قال الشهيد الثاني (ره) : نعم لو وقع في مرض موت المالك اعتبرت المنفعة الخارجة من الثلث لا جميع الدار.

أقول : يمكن حمل الخبر على ذلك بتكلف ، بأن يكون المراد بتقويم الدار تقويم منفعتها تلك المدة ، وقوله عليه‌السلام : « فلهم أن يخرجوه » أي بعد استيفاء قدر الثلث من منفعة الدار.

الحديث الأربعون : ضعيف على المشهور. والسند الثاني مجهول.

٦٦

عبد الرحمن ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام مثله.

٤١ ـ أبان ، عن أبي الجارود قال قال أبو جعفرعليه‌السلام لا يشتري الرجل ما تصدق به وإن تصدق بمسكن على ذي قرابته فإن شاء سكن معهم وإن تصدق بخادم على ذي قرابته خدمته إن شاء الله.

( باب )

( من أوصى بجزء من ماله )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن عبد الرحمن بن سيابة قال إن امرأة أوصت إلي فقالت ثلثي يقضى به ديني وجزء منه لفلانة فسألت عن ذلك ابن أبي ليلى فقال ما أرى لها شيئا ما أدري ما الجزء فسألت عنه أبا عبد اللهعليه‌السلام بعد ذلك وخبرته كيف قالت المرأة وما قال ابن أبي ليلى فقال كذب ابن أبي ليلى لها عشر الثلث ـ إن الله عز وجل أمر إبراهيمعليه‌السلام فقال : «اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً »(١) وكانت الجبال يومئذ عشرة والجزء هو

الحديث الحادي والأربعون : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « فإن شاء سكن » أي برضاهم ، والحاصل أنه لا يكره السكنى معهم كما يكره الشراء منهم ، على أنه يحتمل أن يكون فاعل شاء ذو القرابة ، لكنه بعيد ، وكذا القول في الخادم.

باب من أوصى بجزء من ماله

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « وجزء منه » الضمير راجع إلى الثلث ، فلا يخالف الأخبار الآتية ثم اعلم أنه ذهب المحقق وجماعة إلى أن الجزء هو العشر ، استنادا إلى تلك الروايات كما اختاره الكليني (ره) ، وذهب أكثر المتأخرين إلى أنه السبع ، استنادا إلى صحيحة البزنطي وغيرها ، حيث دلت عليه ، وعللت بقوله تعالى : «لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ »(٢) وجمع الشيخ بينها بحمل أخبار السبع على أنه يستحب

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٦.

(٢) سورة الحجر الآية ـ ٤٤.

٦٧

العشر من الشيء.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه وعدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن ابن فضال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى بجزء من ماله قال جزء من عشرة قال الله عز وجل : «اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً » وكانت الجبال عشرة(١) .

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن أبان بن تغلب قال قال أبو جعفرعليه‌السلام الجزء واحد من عشرة لأن الجبال عشرة والطيور أربعة.

( باب )

( من أوصى بشيء من ماله )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن محمد بن عمرو ، عن جميل ، عن أبان ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام أنه سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله فقال الشيء في كتاب عليعليه‌السلام واحد من ستة.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال أو غيره ، عن جميل ، عن أبان ، عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال سئل عن رجل أوصى بشيء من ماله قال الشيء في كتاب عليعليه‌السلام من ستة.

للورثة أن يعطوا السبع ، ويمكن حملها على ما إذا ما دلت القرائن على إرادته.

الحديث الثاني : موثق كالصحيح.

الحديث الثالث : حسن.

باب من أوصى بشيء من ماله

الحديث الأول : ضعيف وعليه الفتوى ولا يعلم فيه مخالف.

الحديث الثاني : مرسل.

__________________

(١) سورة البقرة الآية ـ ٢٦.

٦٨

( باب )

( من أوصى بسهم من ماله )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه سئل عن رجل يوصي بسهم من ماله فقال السهم واحد من ثمانية لقول الله تبارك وتعالى : «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ »(١) .

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان قال سألت الرضاعليه‌السلام ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان وأحمد بن محمد بن أبي نصر قالا سألنا أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن رجل أوصى بسهم من ماله ولا يدرى السهم أي شيء هو فقال ليس عندكم فيما بلغكم عن جعفر ولا عن أبي جعفرعليه‌السلام فيها شيء قلنا له جعلنا فداك ما سمعنا أصحابنا يذكرون شيئا من هذا عن آبائك فقال السهم واحد من ثمانية فقلنا له جعلنا فداك كيف صار واحدا من ثمانية فقال أما تقرأ كتاب الله عز وجل قلت جعلت فداك إني لأقرؤه ولكن لا أدري أي موضع هو فقال قول الله عز وجل : «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ

باب من أوصى بسهم من ماله

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ويدل على أن السهم ينصرف إلى الثمن كما هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب الشيخ في أحد قوليه إلى أنه السدس.

أقول لعل مراده أنه لما ذكر الله تعالى هذه الأصناف الثمانية ، وجعل لكل منهم حصة واشتهر في ألسنة الناس التعبير عن حصصهم بالسهام ، فلذا ينصرف السهم عند الإطلاق إلى الثمن ، فلا يرد أن السهم غير مذكور في الآية فأي وجه للاستشهاد بها.

الحديث الثاني : حسن.

__________________

(١) سورة التوبة الآية ـ ٦٠.

٦٩

وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ » ثم عقد بيده ثمانية قال وكذلك قسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ثمانية أسهم فالسهم واحد من ثمانية.

( باب )

( المريض يقر لوارث بدين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد الله قال قلت له الرجل يقر لوارث بدين فقال يجوز إذا كان مليا.

٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى لبعض ورثته أن له عليه دينا فقال إن كان

وفيه دلالة على حجية خبر الواحد.

باب المريض يقر لوارث بدين

الحديث الأول : حسن.

قوله عليه‌السلام : « إذا كان مليا أي الوارث الذي أقر له » وملاءته قرينة صدقه أو المقر ويكون المراد الصدق والأمانة مجازا ، وفي الثلث وما دونه بأن يبقى ملاءته بعد الإقرار ، بالثلاثين ، وهو الظاهر مما فهمه الأصحاب.

واختلف الأصحاب رضوان الله عليهم ، في إقرار المريض إذا مات في مرضه ، فقيل : ينفذ من الأصل مطلقا ، وقيده جماعة منهم الشيخان والمحقق بل أكثر الأصحاب بما إذا لم يكن متهما ، وإلا فمن الثلث ، وذهب المحقق في النافع إلى أن الإقرار للأجنبي من الأصل مع التهمة ، والإقرار للوارث من الثلث مع عدمها أيضا ، وقوى العلامة في التذكرة اعتبار العدالة في المريض ، وجعلها هي الدافعة للتهمة ، ولعله أخذه من رواية ابن حازم.

الحديث الثاني : صحيح.

٧٠

الميت مرضيا فأعطه الذي أوصى له.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن العلاء بياع السابري قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن امرأة استودعت رجلا مالا فلما حضرتها الوفاة قالت له إن المال الذي دفعته إليك لفلانة وماتت المرأة فأتى أولياؤها الرجل فقالوا له إنه كان لصاحبتنا مال ولا نراه إلا عندك فاحلف لنا أن ما لها قبلك شيء أفيحلف لهم فقال إن كانت مأمونة عنده فيحلف لهم وإن كانت متهمة فلا يحلف ويضع الأمر على ما كان فإنما لها من مالها ثلثه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أقر لوارث له وهو مريض بدين عليه قال يجوز عليه إذا أقر به دون الثلث.

٥ ـ ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل مريض أقر عند الموت لوارث بدين له عليه قال يجوز ذلك قلت فإن أوصى لوارث بشيء قال جائز.

الحديث الثالث : مجهول.

الحديث الرابع : صحيح.

وظاهره اعتبار قصوره عن الثلث ، ولم يقل به أحد إلا أن يكون« دون » بمعنى عند أو يكون المراد به الثلث وما دون ، ويكون الاكتفاء بالثاني مبنيا على الغالب لأن الغالب إما زيادته عن الثلث أو نقصانه ، وكونه بقدر الثلث من غير زيادة ونقص نادر.

الحديث الخامس : صحيح.

٧١

( باب )

( بعض الورثة يقر بعتق أو دين )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل مات وترك عبدا فشهد بعض ولده أن أباه أعتقه قال يجوز عليه شهادته ولا يغرم ويستسعى الغلام فيما كان لغيره من الورثة.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن بعض أصحابه ، عن أبان بن عثمان ، عن منصور بن حازم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل مات وترك غلاما مملوكا فشهد بعض الورثة أنه حر فقال إن كان الشاهد مرضيا جازت شهادته في نصيبه واستسعي فيما كان لغيره من الورثة.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أبي حمزة وحسين بن عثمان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل مات فأقر عليه بعض ورثته لرجل بدين قال يلزمه ذلك في حصته.

باب بعض الورثة يقر بعتق أو دين

الحديث الأول : مجهول.

ولعله محمول على طريقة الأصحاب على ما إذا رضي الورثة بالاستسعاء.

قال المحقق في الشرائع : إذا شهد بعض الورثة بعتق مملوك لهم مضى العتق في نصيبه ، فإن شهد آخر وكانا مرضيين نفذ العتق فيه كله ، وإلا مضى في نصيبهما ، ولا يكلف أحدهما شراء الباقي.

الحديث الثاني : مرسل.

ولعل اشتراط كونه مرضيا للاستسعاء ، وإلا فيقبل إقراره على نفسه وإن لم يكن مرضيا ، إلا أن يحمل المرضي على ما إذا لم يكن سفيها.

الحديث الثالث : موثق.

٧٢

( باب )

( الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر بإسناد له أنه سئل عن رجل يموت ويترك عيالا وعليه دين أينفق عليهم من ماله قال إن استيقن أن الدين الذي عليه يحيط بجميع المال فلا ينفق عليهم وإن لم يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال.

٢ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن الحسين بن هاشم ومحمد بن زياد جميعا ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، عن أبي الحسنعليه‌السلام مثله إلا أنه قال إن كان يستيقن أن الذي ترك يحيط بجميع دينه فلا ينفق عليهم وإن لم يكن يستيقن فلينفق عليهم من وسط المال.

٣ ـ حميد بن زياد ، عن ابن سماعة ، عن سليمان بن داود أو بعض أصحابنا ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إن رجلا من مواليك مات وترك

باب الرجل يترك الشيء القليل وعليه دين أكثر منه وله عيال

الحديث الأول : مرسل كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « من وسط المال » أي من أصل المال دون الثلث ، وقيل : بالمعروف من غير إسراف وتقتير وهو بعيد.

الحديث الثاني : موثق.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

وقال الشيخ في التهذيب(١) : هذا خبر مقطوع مشكوك في روايته ، فلا يجوز العدول إليه من الخبرين المتقدمين ، لأن خبر عبد الرحمن بن الحجاج مسند موافق للأصول كلها ، وذلك أنه لا يصح أن ينفق على الورثة إلا مما ورثوه ، وليس لهم ميراث إذا كان هناك دين على حال ، لأن الله تعالى قال : «مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ »(٢) فشرط في صحة الميراث أن يكون بعد الدين. انتهى.

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ١٦٥.

(٢) سورة النساء الآية ـ ١٢.

٧٣

ولدا صغارا وترك شيئا وعليه دين وليس يعلم به الغرماء فإن قضاه لغرمائه بقي ولده وليس لهم شيء فقال أنفقه على ولده.

( باب )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ، عن الرضاعليه‌السلام قال سألته عن رجل أوصى لرجل بسيف وكان في جفن وعليه حلية فقال له الورثة إنما لك النصل وليس لك المال قال فقال لا بل السيف بما فيه له قال فقلت رجل أوصى لرجل بصندوق وكان فيه مال فقال الورثة إنما لك الصندوق وليس

أقول : يمكن حمل الخبر على أنهعليه‌السلام كان عالما بأنه لا حق لأرباب الديون في خصوص تلك الواقعة ، أو أنهم نواصب ، فأذن له التصرف في مالهم ، أو على أنهم كانوا بمعرض الضياع والتلف ، فكان يلزم الإنفاق عليهم من أي مال تيسر.

باب

الحديث الأول : ضعيف.

وقال المحقق في الشرائع : لو أوصى بسيف معين وهو في جفن دخل الجفن والحلية في الوصية ، وكذا لو أوصى بصندوق وفيه ثياب ، أو سفينة وفيها متاع أو جراب وفيه قماش ، فإن الوعاء وما فيه دخل في الوصية ، وفيه قول آخر بعيد.

وقال في المسالك : القول بدخول جميع ما ذكر في الوصية هو المشهور بين المتقدمين والمتأخرين ، والروايات الواردة فيها ضعيفة السند ، إلا إن العرف شاهد بدخول جفن السيف وحليته فيه ، وهو محكم في أمثال ذلك ، وأما الباقي فلا يدل العرف على تناول الظرف للمظروف غالبا ، والرواية قاصرة عن إثبات المطلوب ، فالحكم بعدم الدخول أجود ، والقول الذي أشار إليه للشيخ في النهاية فإنه حكم بدخول هذه الأشياء بشرط أن يكون الموصى عدلا مأمونا ، وإلا لم ينفذ الوصية في أكثر من ثلثه ، وهو بعيد من وجوه. واعلم أنه لا فرق في الحكم على التقديرين

٧٤

لك المال قال فقال أبو الحسنعليه‌السلام الصندوق بما فيه له.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن رجل قال هذه السفينة لفلان ولم يسم ما فيها وفيها طعام أيعطاها الرجل وما فيها قال هي للذي أوصى له بها إلا أن يكون صاحبها متهما وليس للورثة شيء.

٣ ـ وعنه ، عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة المفضل بن صالح قال كتبت إلى أبي الحسنعليه‌السلام أسأله عن رجل أوصى لرجل بسيف فقال الورثة إنما لك الحديد وليس لك الحلية ليس لك غير الحديد فكتب إلي السيف له وحليته.

٤ ـ عنه ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل أوصى لرجل بصندوق وكان في الصندوق مال فقال الورثة إنما لك الصندوق وليس لك ما فيه فقال الصندوق بما فيه له.

بين كون الصندوق مقفلا والجراب مشدودا وعدمه ، خلافا للمفيد (ره) ، حيث قيدهما بذلك.

الحديث الثاني : مجهول.

الحديث الثالث : ضعيف.

الحديث الرابع : حسن.

والظاهر إرجاع الضمير إلى ابن أبي نصر.

٧٥

( باب )

( من لا تجوز وصيته من البالغين )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي ولاد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول من قتل نفسه متعمدا فهو في نار جهنم خالدا فيها قيل له أرأيت إن كان أوصى بوصية ثم قتل نفسه من ساعته تنفذ وصيته قال فقال إن كان أوصى قبل أن يحدث حدثا في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت أجيزت وصيته في الثلث وإن كان أوصى بوصية بعد ما أحدث في نفسه من جراحة أو فعل لعله يموت لم تجز وصيته.

( باب )

( من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد قال كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل كان له ابنان فمات أحدهما وله ولد ذكور وإناث فأوصى لهم جدهم بسهم أبيهم فهذا السهم الذكر والأنثى فيه سواء أم «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » فوقععليه‌السلام ينفذون وصية جدهم كما أمر إن شاء الله قال وكتبت إليه رجل له ولد ذكور وإناث فأقر لهم بضيعة أنها لولده ولم يذكر أنها بينهم على سهام الله عز وجل وفرائضه الذكر والأنثى فيه

باب من لا تجوز وصيته من البالغين

الحديث الأول : صحيح.

عمل به الأكثر وخالف فيه ابن إدريس.

باب من أوصى لقراباته ومواليه كيف يقسم بينهم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

ولعل الإجمال في الجواب الأول للتقية.

وقال في المسالك : وردت رواية ضعيفة تقتضي قسمة الوصية بين الأولاد الذكور

٧٦

سواء فوقععليه‌السلام ينفذون فيها وصية أبيهم على ما سمى فإن لم يكن سمى شيئا ردوها إلى كتاب الله عز وجل وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إن شاء الله.

٢ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل أوصى بثلث ماله لمواليه ولمولياته الذكر والأنثى فيه سواء أو «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » من الوصية فوقععليه‌السلام جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى به إن شاء الله.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام في رجل أوصى بثلث ماله في أعمامه وأخواله فقال لأعمامه الثلثان ولأخواله الثلث.

( باب )

( من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن أخيه جعفر بن عيسى ، عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل أوصى إلى امرأة فأشرك في الوصية معها صبيا فقال يجوز ذلك وتمضي المرأة الوصية ولا ينتظر بلوغ الصبي

والإناث على كتاب الله ، وهي مع ضعفها لم يعمل بها أحد.

الحديث الثاني : صحيح.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

وعمل به الشيخ وجماعة ، والمشهور التسوية بينهم كغيرهم ، وحمله الشهيد (ره) : على ما إذا أوصى على كتاب الله وهو بعيد ، والعمل بالخبر المعتبر أقرب.

باب من أوصى إلى مدرك وأشرك معه الصغير

الحديث الأول : حسن.

ويدل على جواز إشراك الصبي مع البالغ في الوصية كما هو المشهور ، وقالوا

٧٧

فإذا بلغ الصبي فليس له أن لا يرضى إلا ما كان من تبديل أو تغيير فإن له أن يرده إلى ما أوصى به الميت.

٢ ـ محمد قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليهم‌السلام رجل أوصى إلى ولده وفيهم كبار قد أدركوا وفيهم صغار أيجوز للكبار أن ينفذوا وصيته ويقضوا دينه لمن صح على الميت بشهود عدول قبل أن يدرك الأوصياء الصغار فوقععليه‌السلام نعم على الأكابر من الولدان أن يقضوا دين أبيهم ولا يحبسوه بذلك.

( باب )

( من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة )

١ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام رجل مات و

بعدم جواز الوصية إلى الصبي منفردا.

الحديث الثاني : صحيح.

ولا يخفى أن الجواب مخصوص بقضاء الدين ، ولا يفهم منه حكم الوصية ، وعمل الأصحاب بمضمون الخبرين ، قال الشهيد الثاني (ره) : ويدل على جواز تصرف الكبير قبل بلوغ الصغير مضافا إلى الخبرين أنه في تلك الحال وصي منفردا وإنما التشريك بعد البلوغ كما قال أنت وصيي وإذا حضر فلان ، فهو شريكك ومن ثم لم يكن للحاكم أن يداخله ولا أن يضم إليه آخر ليكون نائبا عن الصغير وأما إذا بلغ الصغير فلا يجوز للبالغ التفرد. انتهى ، ولو مات الصبي أو بلغ فاسد العقل فالأشهر أن للبالغ الانفراد ولم يداخله الحاكم وقد تردد فيه العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس.

باب من أوصى إلى اثنين فينفرد كل واحد منهما ببعض التركة

الحديث الأول : صحيح.

والمشهور بين الأصحاب أنه لو أوصى إلى اثنين وشرط اجتماعهما أو أطلق ،

٧٨

أوصى إلى رجلين أيجوز لأحدهما أن ينفرد بنصف التركة والآخر بالنصف فوقععليه‌السلام لا ينبغي لهما أن يخالفا الميت وأن يعملا على حسب ما أمرهما إن شاء الله.

فلا يجوز لأحدهما التصرف بدون إذن صاحبه.

وذهب الشيخ في أحد قوليه ومن تبعه إلى جواز انفراد كل منهما مع الإطلاق ولعله استند إلى رواية بريد.

قوله عليه‌السلام : « وأن يعملا » في الفقيه « ويعملان » وهو أظهر وعلى ما في الكتاب فالظاهر عطفه على« لا ينبغي » أي وقع أن يعملا.

ثم اعلم أن الخبر غير صريح فيما فهمه الأصحاب إذ يحتمل أن يكون المراد أنه إن أمرهما بالتشريك يجب العمل به.

والحاصل أنه يجب عليهما العمل بما فهما من غرض الموصى ، لا أن الإطلاق ظاهر في التشريك ، لكن ما فهمه القوم أظهر من الخبر ، ثم إن الصدوق (ره) بعد إيراد الخبر الثاني قال : لست أفتي بهذا الحديث ، بل أفتي بما عندي بخط الحسن ابن عليعليه‌السلام ، ولو صح الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما أمر به الصادقعليه‌السلام .

وقال الشيخ (ره) في التهذيب(١) رادا على الصدوق (ره) : ليس الأمر على ما ظن ، لأن قوله : « ذلك له » ليس في صريحه أن ذلك للمطالب الذي طلب الاستبداد بنصف التركة ، وليس يمتنع أن يكون المراد الذي أبى على صاحبه الانقياد إلى ما أراده ، فيكون تلخيص الكلام أن له أن يأبى عليه فلا تنافي بينهما ، وقال الشهيد الثاني (ره) : لا وجه لحمل تلك الرواية على ذلك الوجه البعيد ، ليوافق هذه ، لأنه ليس في هذه ، ما يدل على وجوب الاجتماع ، لأن لفظة « لا ينبغي » ظاهرة في الكراهة لا الحظر ، ففيها دلالة على جواز الانفراد على كراهية ، وتبقى تلك مؤيدة لها كما فهمه الشيخ في فتوى النهاية ، فإنه أجود مما فهمه في التهذيب ، مع أن المتأخرين كالعلامة في المختلف ومن بعده فهموا من الرواية المنع من الانفراد ، واستحسنوا

__________________

(١) التهذيب ج ٩ ص ١٨٠ ج ٤ ص ١٠١.

٧٩

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن علي بن الحسن ، عن أخويه محمد وأحمد ، عن أبيهما ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بريد بن معاوية قال إن رجلا مات وأوصى إلي وإلى آخر أو إلى رجلين فقال أحدهما خذ نصف ما ترك وأعطني النصف مما ترك فأبى عليه الآخر فسألوا أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك فقال ذلك له.

( باب )

( صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة والأئمة عليهم‌السلام ووصاياهم )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن أبي الحسن الثانيعليه‌السلام قال سألته عن الحيطان السبعة التي كانت ميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمةعليها‌السلام فقال لا إنما كانت وقفا وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يأخذ إليه منها ما ينفق على أضيافه والتابعة يلزمه فيها فلما

حمل الرواية الأخرى على ما ذكره الشيخ ، وربما يرجح العمل بأن « الإباء » أقرب من القسمة ، فعود اسم الإشارة إليه أولى ، وفيه الإشارة « بذلك » إلى البعيد ، حمله على القسمة أنسب ، ويمكن أن يستدل لهم من الرواية الصحيحة لا من جهة قولهم لا ينبغي ، بل منقوله « أن يخالف الميت وأن يعملا على حسب ما أمرهما » فإن ذلك يقتضي حمل إطلاقه على أمره بالاجتماع ، ومع أمره به لا يبقى في عدم جواز المخالفة إشكال ، ويتعين حمل لا ينبغي على التحريم لأنه لا ينافيه ، بل غايته كونه أعم أو متجوزا به فيه بقرينة الألفاظ الباقية ، وهذا أحوط. انتهى.

الحديث الثاني : موثق.

باب صدقات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وفاطمة والأئمة ووصاياهمعليهم‌السلام

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « التابعة » أي التوابع اللازمة ، ولعله تصحيف التبعة ، وهي ما

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

آخر ، لكن هذا الشرط وهو حضور الإمام ، أو نائبه مقطوع به في كلام الأصحاب ، وظاهرهم أنّه موضع وفاق ، واستدلّ عليه في المنتهى بهذه الروايات ؛ وقد عرفت أنّها قاصرة الدلالة على المطلوب ، مع أنّ اللازم من ذلك اعتبار حضورهعليه‌السلام ، وهم لا يقولون به ، وبالجملة : فوجوب هذه الصلاة ثابت بالأخبار ، كصحيحة جميل وغيرها ، وكونه مقيّداً بحضور الإمام أو نائبه يتوقف على دليلٍ ( صالحٍ للتقييد ، وهو منتفٍ ، إلاّ أنّ الأصحاب قاطعون بذلك واتّباعهم من غير دليل )(١) مشكل ، إلاّ أنْ يكون الحكم إجماعياً بحيث يعلم دخول قول المعصومعليه‌السلام في أقوال المجمعين ، وذلك ممّا يقطع هنا بعدمه ، انتهى كلامهقدس‌سره .

ولقائلٍ أنْ يقول : إنّ ما ذكره من إطلاق بعض الأخبار مسلّم ، وهو خبر جميل الصحيح السابق في أوّل الباب(٢) . أمّا ما دلّ على الإمام ففيه ما قدّمناه(٣) .

وقولهقدس‌سره : إنّ الإجماع لا بدّ فيه من العلم بقول المعصوم ، إنْ أراد به ما يعمّ الإجماع المنقول بخبر الواحد ففيه نظر واضح ؛ لأنّ الإجماع المنقول عنده حجّة ، غاية الأمر أنّه من قبيل الخبر ، أو دليل الخبر دليله ، وقد قدّمنا أنّه لا يبعد أنْ يكون الإجماع من مثل العلاّمة والمحقق من قبيل الخبر المرسل ، إذ من المعلوم تعذّر اطلاعهما على الإجماع. نعم ربما يقبل خبرهما ، لحصول العلم الشرعي عندهما من المدّعى بغير واسطة ، أو بواسطة ، وعدم التصريح بالمنقول عنه لا يضر بالحال ، لعدم الاتفاق على‌

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) راجع ص ٢٤٥.

(٣) في ص ٢٤٧.

٢٦١

منعه ، وحينئذٍ يرجع إلى الخبر عمّن يعتقد صحّة قوله ، فعلى تقدير القبول إذا تعارض مع بعض الأخبار المعتبرة الدالّة على أنّ صلاة العيدين فريضة يمكن أنْ يقال بتقديم ما دلّ على الإطلاق ؛ لسلامة سنده ، ويمكن أنْ يقيّد إطلاقه.

وربما يقال : إنّ في خبر جميل ذكر الكسوف مع العيدين قرينة على الإطلاق ، والأخبار المتضمنة للإمام معرّفاً أو منكَّراً لا تخرج عن الإجمال ، أو احتمال مراعاة أهل الخلاف في الجملة ممكن.

وما قاله جدّيقدس‌سره في شرح الإرشاد : من أنّه لا مدخل للفقيه حال الغيبة في ظاهر الأصحاب وإنْ كان [ ما(١) ] في الجمعة من الدليل قد يتمشّى هنا ، إلاّ أنّه يحتاج إلى القائل ، ولعلّ السرّ في عدم وجوبها حال الغيبة مطلقاً بخلاف الجمعة أنّ الوجوب الثابت في الجمعة إنّما هو التخييري ، أمّا العيني فهو منتفٍ بالإجماع ، والتخييري في العيدين غير متصور ؛ إذ ليس معها فرد آخر ، فلو وجبت لوجبت عيناً ، وهو خلاف الإجماع(٢) .

محلّ تأمّل ،أمّا أولاً : فما ذكره من تمشّي الدليل إنْ أراد به أنّ الفقيه منصوب من قبل الإمامعليه‌السلام عموماً فكان كالنائب ؛ ففيه : أنّ دليل كونه منصوباً الإجماع ، وهو منتفٍ في موضع النزاع. واحتمال الاستدلال بمقبول عمر بن حنظلة ، فيه ، أنّ مقبوليته غير معلومة على الإطلاق ليستدل به في موضع الخلاف. ولا أدري الآن معنى كونه مقبولاً ، فإنْ أُريد الصحّة أشكل بعدم معلومية الاتفاق ، وإنْ أُريد العمل بمضمونه أشكل بمحلّ الخلاف ، كما نحن فيه وغيره ، ولو تمّ ذلك أمكن المناقشة ( في دلالته )(٣) ، لتضمّنه‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر لاستقامة المتن.

(٢) روض الجنان : ٢٩٩.

(٣) ما بين القوسين ليس في « رض ».

٢٦٢

نصّ الصادقعليه‌السلام على نصب من تضمّنه ، فيكون كالوكيل ، فيُعزل بموت الإمامعليه‌السلام ، وحينئذٍ لا يتمّ في زمن الغيبة.

وإنْ نوقش في هذا بأنّ أحكامهمعليهم‌السلام لا تتغير ؛ أمكن الجواب : بأنّ هذا في الأحكام الشرعية لا ريب فيه ، بخلاف المنصوب ، والخلاف فيه مذكور في باب القضاء.

وبالجملة : فقولهقدس‌سره : إنّه يتمشّى ، محل بحث.

وأمّا ثانياً : فلأنّ الوجوب التخييري في الجمعة لا يوافقه كلامه في الرسالة ، إلاّ أنْ يكون رجع عنه.

وأمّا ثالثاً : فلأنّ الإجماع في العيدين لا ينبغي الغفلة عن معارضته بما أشرنا إليه ، فليتأمّل.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخلاف قد وقع في صلاة العيدين مع عدم حضور الإمامعليه‌السلام ، ففي المختلف نقل عن المفيد أنّه قال : هذه الصلاة فرض على من لزمته الجمعة على شرط حضور الإمام ، سنّة على الانفراد مع عدم حضور الإمام ، ثم قال يعني المفيد ـ : ومن فاتته صلاة العيد جماعةً صلاّها وحده كما يصلّي في الجماعة ندباً مستحباً.

وقال الشيخ في المبسوط : متى تأخّر عن الحضور ( لعارض ، صلاّها في المنزل منفرداً )(١) سنّةً وفضيلةً ، ثم قال يعني الشيخ ـ : ومن لا تجب عليه صلاة العيد من المسافر والعبد وغيرهما يجوز لهما إقامتها منفردين سنّةً.

وقال المرتضى في المسائل الناصرية : وهما سنّة ، تصلّى على الانفراد عند فقد الإمام واختلال بعض الشرائط.

وقال أبو الصلاح : فإنْ اختلّ شرط من شرائط العيد سقط فرض(٢)

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « رض » : صلاّها منفرداً.

(٢) ليست في النسخ ، أضفناها من المصدر.

٢٦٣

الصلاة ، وقبح الجمع فيها مع الاختلال ، وكان كلّ مكلّفٍ مندوباً إلى هذه الصلاة في منزله ، والإصحار بها أفضل.

قال القطب الراوندي : من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنّة بلا خطبتين.

وقال ابن إدريس : معنى قول أصحابنا : على الانفراد ، ليس المراد بذلك أنْ يصلّي كلّ واحد منهم منفرداً ، بل الجماعة أيضاً عند انفرادها من دون الشرائط مستحبة مسنونة ، قال : ويشتبه على بعض المتفقهة هذا الموضع ، بأنْ يقول على الانفراد أراد مستحبة إذا صلّى كلّ واحد وحده ، لأنّها مع انتفاء الشرائط نافلة ، ولا جماعة في النافلة ؛ وهو قلّة تأمّل ، بل مقصودهم ما ذكرناه من انفرادها عن الشرائط(١) .

قال العلاّمة : وتأويل ابن إدريس بعيد ، مع أنّه روى النهي(٢) عمّار بن موسى ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : هل يؤمّ الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو بيت؟ قال : « لا يؤمّ بهن ولا يخرجن(٣) »(٤) ولو كانت الجماعة مستحبة لاستُحبّت هنا ؛ إذ المستحب في حق الرجل مستحب في حق المرأة ، إلاّ ما خرج بالدليل ، إلاّ أنّ قول أصحابنا في زماننا الجمع فيها ، قال القطب الراوندي : جمهور الإمامية يصلّون هاتين الصلاتين‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٤ ، وهو في المقنعة : ١٩٤ و ٢٠٠ ، وفي المبسوط ١ : ١٦٩ و ١٧١ ، وفي المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٣٩ ، وفي الكافي في الفقه : ١٥٤ ، وفي السرائر ١ : ٣١٥.

(٢) في « رض » زيادة : عن.

(٣) في « فض » : لا يؤمّ بهم ولا يخرجن ، وفي « رض » : لا يؤم بهم ولا يخرجهن ، وفي « م » : لا يؤمهم ولا يخرجن ، وما أثبتناه موافق للتهذيب والمختلف والوسائل.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٩ / ٨٧٢ ، الوسائل ٧ : ٤٧١ أبواب صلاة العيد ب ٢٨ ح ٢.

٢٦٤

جماعةً وعملهم حجّة ، انتهى(١) .

وإنّما نقلناه بطوله لأنّ بعض محقّقي المتأخّرين نقل عن ظاهر المنتهى عدم النزاع في الجماعة ، حيث ما نقل إلاّ خلاف بعض العامّة في جوازها فرادى إلى أن قال ـ : إنّ الشهرة وأدلّة الجماعة مطلقاً والترغيب فيها [ خصوصاً في مثل العيد ] مع عدم النصّ والإجماع الواقع على عدم جوازها في النافلة ، وظاهر الأخبار يدلّ عليها ، ويؤيده ظاهر المنتهى من عدم النزاع ، وإن نقل المحقق الثاني يعني الشيخ عليرحمه‌الله في حاشية الشرائع الخلاف في جواز الجماعة(٢) . انتهى.

ولا يذهب عليك أنّ ما نقله المحقق الثاني قد حكاه العلاّمة نفسه في المختلف كما سمعت ، لكن قول العلاّمة أخيراً : ( إنّ قول أصحابنا في زماننا ،(٣) يشعر بالإجماع المتأخر ، وفيه : أنّ احتمال إرادة المعروفين من الأصحاب )(٤) لا جميع العلماء في زمانه ، لتعذّر الاطّلاع ، بل امتناعه ؛ وقول القطب الراوندي كذلك. وإذا لم يتحقق الإجماع فالأخبار قد دلّ معتبرها على صلاة الإنسان وحده ، والحمل على أنّ الوحدة يراد بها الانفراد عن الشرائط كما قاله ابن إدريس من البعد بمكان.

وقد قدّمنا أنّ الصدوق روى خبر عبد الله بن سنان ، عن جعفر بن ( بشير ، عن عبد الله بن سنان ، وطريقه إليه لا ارتياب فيه(٥) ، وهو ظاهر في‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٥.

(٢) انظر مجمع الفائدة والبرهان ٢ : ٣٩٧ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) في « رض » زيادة : قد.

(٤) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٥) راجع ص ٢٥٥.

٢٦٥

صلاة الإنسان )(١) وحده إذا لم يشهد جماعة من الناس ، وقد أوضحنا الكلام في هذا في كتاب معاهد التنبيه على نكت من لا يحضره الفقيه.

والحاصل أنّ خبر زرارة الصحيح الدالّ على أنّ من لم يصلّ مع الإمام في جماعة فلا صلاة له ، ربما يقتضي حمل حديث : « من لم يشهد جماعة من الناس » على صلاة الفرض ، وفيه : بتقدير عدم انحصار الإمام في إمام الأصل جواز حمل الأحاديث الدالّة على أنّه لا صلاة إلاّ مع الإمام على الصلاة الكاملة ، سواء كانت فرضاً أو نفلاً ، فالفرض مع اجتماع الشرائط ، والنفل مع عدمها ، ولا يشكل بثبوت الصلاة منفرداً ؛ لإمكان الجواب بأنّ الكمال مع الجماعة أزيد.

نعم ربّما يدّعى أنّ نفي الصلاة المفروضة إلاّ مع الإمام أوضح ، وحينئذٍ تدلّ الأخبار على أن الصلاة المفروضة لا تكون إلاّ مع إمام أو الإمام ، وأمّا النفل فلا ، فينفى الدلالة على جواز الجماعة مع عدم اجتماع الشرائط ، فيتّضح(٢) القول بتعيّن الانفراد.

وقد يحمل خبر : « من لم يصلّ مع الإمام فلا صلاة له » على أنّه مع وجود الإمام وصلاته متمكناً إذا لم يحضرها الإنسان مختاراً فلا صلاة له منفرداً وجماعةً ، إلاّ أنّ القائل بهذا غير معلوم كما سبق(٣) .

أمّا ما قاله شيخناقدس‌سره في المدارك من أنّ المستفاد من النصوص المستفيضة أنّها إنّما تصلّى على الانفراد(٤) ؛ ففيه تأمّل يظهر ممّا قرّرناه ـ

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « م ».

(٢) في « فض » : ويتضح. ، وفي « م » : ويتعيّن.

(٣) في ص ٢٥٨.

(٤) المدارك ٤ : ٩٩.

٢٦٦

غير خفي ، وبُعد وصول الأخبار إلى حدّ الاستفاضة.

وكذلك ما ذكرهقدس‌سره من أنّ المستفاد من النصوص المستفيضة أنّها تصلّى على الانفراد مع تعذّر الجماعة ، أو عدم اجتماع العدد(١) ؛ محلّ تأمّل ، والوجه فيه يعلم من الكتاب المشار إليه ، والله تعالى أعلم بالحقائق.

ويبقى الكلام في السابع والثامن ، وكلام الشيخ فيهما واضح.

اللغة‌ :

قال في القاموس : الجبّان والجبّانة مشدّدتين ـ : المقبرة والصحراء والمنبت الكريم و(٢) الأرض المستوية في ارتفاع(٣) .

قوله :

باب من يصلّي(٤) وحده كم يصلي؟

الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « صلاة العيد ركعتان بلا أذان ولا إقامة ،(٥) ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ».

محمّد بن يعقوب ، عن علي ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن عمّار قال : سألته عن صلاة العيدين ، فقال : « ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ».

__________________

(١) المدارك ٤ : ٩٩.

(٢) في المصدر : أو.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ٢١٠.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ : صلّى.

(٥) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٢ زيادة : و.

٢٦٧

سعد ، عن موسى بن الحسن ، عن معاوية بن حكيم ، عن عبد الله ابن المغيرة قال : حدّثني بعض أصحابنا قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن صلاة الفطر والأضحى ، قال : « صلّهما ركعتين في جماعة وغير جماعة ، وكبّر سبعاً وخمساً ».

فأمّا ما رواه أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن جعفر عن أبيه عن علي : قال : « من فاتته(١) العيد فليصلّ أربعاً ».

فالوجه في الرواية التخيير ، لأنّ من صلّى وحده كان مخيّراً بين أن يصلى ركعتين على ترتيب صلاة العيدين وبين أن يصلي أربعاً كيف ما شاء ؛ وإنْ كان الفضل في صلاة الركعتين على ترتيب صلاة العيد.

السند :‌

في الأوّل : ليس فيه ارتياب بعد ملاحظة ما كرّرنا القول فيه(٢) .

والثاني : علي فيه لا يبعد أنْ يكون ابن إبراهيم ، لرواية علي بن إبراهيم عن محمّد بن عيسى بكثرة في الكافي(٣) . لكن الشيخ في التهذيب رواه عن علي بن محمّد(٤) ، فيكون علاّن الثقة. والذي وجدته في الكافي علي عن محمّد بن عيسى(٥) . ولعلّ الأمر سهل. ومحمّد بن عيسى عن‌

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٥ ، والتهذيب ٣ : ١٣٥ / ٢٩٥ زيادة : صلاة.

(٢) في ص ٤٩ ، ١٥٤ ، ٢٨٩.

(٣) الكافي ٣ : ١٦ / ١ ، ١٧ / ٥ ، ١٩ / ١٧ ، ٢١ / ١ ، ٢٤ / ١ و ٣.

(٤) التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨.

(٥) الكافي ٣ : ٤٦٠ الصلاة ب ٩٣ ح ٣.

٢٦٨

يونس مضى القول فيه(١) ممّا حاصله : احتمال ضعف محمّد بن عيسى إذا روى عن يونس ، على اصطلاح المتقدّمين من احتياج الخبر إلى زيادة القرائن ، وهو لا ينافي توثيق النجاشي(٢) .

والثالث : فيه موسى بن الحسن ، وقد قدمنا مكرراً حاله كمعاوية بن حكيم(٣) ، والفائدة في إعادة البيان بعد الإرسال منتفية. واحتمال المعنى الذي فهمه البعض من الإجماع على تصحيح ما يصح عن عبد الله بن المغيرة(٤) يتوقف على ثبوت توثيق معاوية بن حكيم من دون القدح بكونه فطحياً ، والذي يقول بالمعنى المشار إليه يحكم بالجمع بين كونه ثقة وفطحياً ، لعدم منافاة توثيق النجاشي(٥) له مع عدم ذكر الفطحية ، لما ذكره الكشي : من أنّه فطحي(٦) .

وقد قدّمنا(٧) في مثل هذا أنّ من المستبعد اطلاع النجاشي على كونه فطحياً مع عدم ذكره ؛ إذ ليس من شأنه عدم ذكر مخالفة المذهب في الرجال ، كما أنّ اطلاع الكشي على ما لم يطلع عليه النجاشي أشدّ بُعداً ، والعمدة عند القائلين بالجمع هو جواز اطلاع الجارح على ما لم يطلع عليه المعدِّل فيقدّم(٨) عليه مع التعارض ، وما نحن فيه واضح المنافاة لما ذكروه ، فليتأمّل.

__________________

(١) راجع ج ١ : ٧٦ وج ٤ : ٨ ، ١٨٧.

(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣ / ٨٩٦.

(٣) راجع ج ١ : ١٥٢ ، ٣١٥ ، ٣٧٦ ، وج ٢ : ٧٢ وج ٣ : ١٨٧ وج ٥ : ٢٤٩.

(٤) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ / ١٠٥٠.

(٥) رجال النجاشي : ٤١٢ / ١٠٩٨.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٨٣٥ / ١٠٦٢.

(٧) راجع ج ١ : ١١٠ وج ٤ : ٩٣ وج ٦ : ٣٧٢.

(٨) في « رض » و « م » : في تقديمه.

٢٦٩

والرابع : أحمد بن أبي عبد الله فيه البرقي ؛ وأبوه معلوم حينئذٍ والقول في حقيقة حالهما تكرر(١) . ثمّ إنّ الطريق إلى أحمد في المشيخة واضح الصحّة(٢) .

وأمّا أبو البختري فهو وهب بن وهب ، وقد قال الشيخ : إنّه ضعيف(٣) . والنجاشي : إنّه كذّاب(٤) . لكن لا يخفى أنّ الشيخ وغيره من المتقدمين لا يلتفتون إلى الراوي بل إلى مأخذ الرواية من الأُصول والكتب المعتمدة والقرائن الدالة على الصحة ، والعجب من شيخناقدس‌سره في فوائد الكتاب ، حيث قال : إنّ الرواية ضعيفة جدّاً ، فإنّ راويها وهو أبو البختري كان كذّاباً قاضياً عاميا ، فالعجب من تعلّق الشيخ بروايته في إثبات هذا الحكم.

المتن :

في الأخبار الثلاثة الأُول ظاهر الدلالة ، وما تضمنه من نفي الصلاة قبل وبعد في الأوّلين قد قدّمنا فيه القول(٥) ، والثالث يدل على جواز فعل العيدين جماعة وعلى الانفراد ، وأنّ التكبير سبعاً وخمساً ، غاية الأمر أنّ الإجمال واقع فيه من جهة التكبير ، وستسمع القول في ذلك إن شاء الله.

وما تضمنه [ الأوّل(٦) ] من نفي الأذان والإقامة ظاهر في نفي المشروعية فيختص العموم أو يقيّد الإطلاق ؛ وغير بعيد إرادة الأذان‌

__________________

(١) راجع ج ١ ص ٤٧ ، ٩٣ ، ج ٢ ص ٤٠١.

(٢) مشيخة الاستبصار ( الاستبصار ٤ ) : ٣١٤.

(٣) الفهرست : ١٧٣ ، ٧٦٧.

(٤) رجال النجاشي : ٤٣٠ / ١١٥٥.

(٥) في ص ٢٤٨ ٢٥٠.

(٦) ما بين المعقوفين في النسخ : الثاني ، والصواب ما أثبتناه.

٢٧٠

والإقامة المعلومين في اليومية ، فلا ينافي ما روي أنّه ينادي : « الصلاة » ثلاث مرّات.

ويؤيد هذا أنّ الشيخ روى في التهذيب في الزيادات عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : أرأيت صلاة العيدين هل فيهما أذان وإقامة؟ قال : « ليس فيهما أذان ولا إقامة ، ولكن ينادى : الصلاة ، ثلاث مرّات. وليس فيهما منبر ، المنبر لا يحوّل من موضعه ، ولكن يصنع للإمام شي‌ء شبه المنبر من طين ، فيقوم عليه فيخطب الناس ثم ينزل »(١) .

ووجه التأييد ظاهر ، غير أنّه يمكن أنْ يقال : إنّ ظاهر قوله : « وليس فيهما منبر » يدل بمعونة عدم معلومية تحريم المنبر على ( أنّ تحريم الأذان والإقامة غير معلومٍ. ولعلّ جواب هذا سهل. نعم ربما يقال : إنّ الشيخ قد )(٢) روى في التهذيب أيضاً عن محمّد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن زرارة قال : قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ليس في يوم الفطر والأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا » الحديث(٣) .

وهو يدل على أنّ ما تضمنه الخبر المبحوث عنه وغيره من نفي الأذان والإقامة يمكن أن يراد به على تقدير إرادة نفي أذان اليومية وإقامتها أنّ ما تضمنه الخبر الآخر من قوله : « الصلاة ثلاثاً » ليس بأذان ، بل إمّا أنْ يكون إقامة ، وحينئذٍ الأذان طلوع الشمس كما في الخبر المذكور ؛ أو‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٠ / ٨٧٣ ، الوسائل ٧ : ٤٢٨ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ١.

(٢) ما بين القوسين ساقط عن « فض ».

(٣) التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ج ٥.

٢٧١

يقال : إنّ النداء أذان ، فيكون حين الطلوع للإخبار به.

وفي الذكرى : إنّ هذا النداء ليعلم الناس بالخروج إلى المصلّى(١) . وكأنّه فهم هذا ممّا ذكرناه ، ويشكل بدلالة الخبر على انحصار الأذان في طلوع الشمس. وينقل عن أبي الصلاح أنّ محل النداء بالصلاة بعد القيام إلى الصلاة(٢) ؛ ولا يبعد ذلك إلاّ أنّ في البين توقفاً ، ولم أر من حرّر المقام.

فإنْ قلت : رواية إسماعيل غير صحيحة ؛ لأنّ الشيخ في التهذيب لم يذكر طريقه إلى إسماعيل بن جابر ، وفي الفهرست لم يذكر إلاّ الطريق إلى كتابه(٣) ، فلا يفيد لعدم العلم بكونها من الكتاب ؛ وإسماعيل بن جابر فيه كلام.

قلت : قد ذكر الرواية الصدوق عن إسماعيل بن جابر(٤) ؛ وطريقه إليه وإن كان فيه ابن المتوكل ومحمّد بن عيسى إلاّ أنّ إيداعها الفقيه يوجب المزية كما كرّرنا القول فيه(٥) ، على أنّ محمّد بن عيسى قدّمنا احتمال قبول روايته(٦) ، وابن المتوكل معتبر عند مشايخنا(٧) ؛ والعلاّمة حكم بصحة طريق اشتمل عليه(٨) .

__________________

(١) الذكرى ٤ : ١٧٢.

(٢) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٣) الفهرست : ١٥ / ٤٩.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٢ / ١٤٧٣.

(٥) في ص ١٢١١.

(٦) تقدم في ص ٩٠.

(٧) خلاصة العلاّمة : ١٤٩ / ٥٨ ، رجال ابن داود : ١٨٥ ، وانظر فلاح السائل : ١٥٨.

(٨) وهو طريق الصدوق إلى الحسن بن محبوب وثعلبة بن ميمون ، الخلاصة : ٢٧٨ ، ٢٨١.

٢٧٢

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ ما تضمنه الخبر الرابع من الصلاة أربعاً قد نقل في المختلف الاحتجاج به بعد أن حكى عن ابن الجنيد أنّه قال : تصلّى العيد مع الشرائط ركعتين ومع اختلالها أربعاً ؛ وبه قال علي بن بابويه. وقال الشيخ في التهذيب : من فاتته الصلاة يوم العيد لا يجب عليه القضاء ، ويجوز له أنْ يصلّي إنْ شاء ركعتين وإن شاء أربعاً من غير أنْ يقصد بها القضاء(١) .

ثم إنّ العلاّمة اختار المشهور من استحباب صلاتها ركعتين كما يصلّي مع الشرائط ، واحتج بالأخبار المبحوث عنها ، ثم قال : احتج بما رواه أبو البختري ، وذكر الحديث.

والظاهر منه أنّ الاحتجاج للشيخ في التهذيب ، والذي وجدته فيه ما ذكره من كلامه ، ورواية أبي البختري ذكرها في جملة روايات(٢) .

وقد أجاب العلاّمة عن الرواية بالضعف ، وغير خفي عدم مطابقتها لقول الشيخ في التهذيب ، والظاهر عود الاحتجاج لابن الجنيد ؛ لأنّه ذكر مع الرواية ما يناسب المشهور عنه من العمل بالقياس ، وبالجملة فهو دليل في غاية الغرابة ، بل لا ينبغي أن يذكر في كتب الاستدلال ، ومن ثَمّ [ لم ننقله(٣) ] هذا ؛ وما ذكره الشيخ هنا من التخيير لم ينقله العلاّمة في المختلف ، وهو غريب ؛ فإنّه ينقل في الكتاب أقوال الشيخ في الاستبصار.

وعلى كل حال ينبغي أن يعلم أنّ الصدوق في آخر أبواب الصوم ذكر خبراً يقتضي فعل صلاة العيد بعده إذا ثبت الهلال يوم العيد بعد الزوال.

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٧٧.

(٢) التهذيب ٣ : ١٣٥.

(٣) في النسخ : لم ينقله ، والظاهر ما أثبتناه.

٢٧٣

وقد أوضحت الحال فيه في معاهد التنبيه ، فمن أراده وقف عليه.

قوله :

باب سقوط صلاة العيدين عن المسافر.

أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن حمّاد ( بن عثمان وخلف بن حمّاد )(١) ، عن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : « ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى ».

فأمّا ما رواه أحمد بن محمّد ، عن سعد بن سعد الأشعري ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن المسافر إلى مكة وغيرها ، هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى؟ قال : « نعم(٢) ».

فالوجه في هذا الخبر ضرب من الاستحباب دون الفرض والإيجاب.

السند :

في الأوّل : قد تقدّم الكلام فيه عن قريب ، حيث نقلنا رواية غير هذه عن التهذيب بهذا الإسناد ؛ وبينا احتمال عطف خلف بن حماد على محمّد بن سنان فتكون صحيحة ، وعلى حمّاد فلا تكون صحيحة ، وذكرنا حكم العلاّمة بصحتها في المنتهى(٣) .

والثاني : لا ريب فيه.

__________________

(١) ما بين القوسين ساقط عن « فض » و « م ».

(٢) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٢٧ ، والتهذيب ٣ : ٢٨٨ / ٨٦٧ زيادة : إلاّ بمنى يوم النحر.

(٣) راجع ص ٢١١ ٢١٣.

٢٧٤

المتن :

في الأوّل : على تقدير العمل به أفاد مشاركة الجمعة للعيدين ؛ وإطلاق نفي الجمعة عن المسافر لا يخلو من تقييد عند جماعة من الأصحاب(١) ، بل قد نقل الإجماع على أنّ المسافر لو فعل الجمعة جاز وأجزأته عن الظهر(٢) ، لكن في الإجماع تأمّل ؛ لعدم معلومية الناقل ، ووجود أخبار معتبرة دالة على السقوط عنه(٣) .

والثاني : ظاهر الدلالة على جواز العيدين في السفر ، والشيخ كما ترى حملها على الاستحباب ، فإنْ كان مراده أنّ اجتماع الشرائط من حضور الإمامعليه‌السلام كما هو مذهب الشيخ(٤) وغيره(٥) وباقي الشروط غير الإقامة يقتضي استحباب العيدين ، فهو موقوف على دليل اشتراط الإقامة في وجوب العيدين ، والذي وقفت عليه ما نقل عن المنتهى من دعوى الإجماع ، حيث قال : إنّما يجب العيدان بشرائط الجمعة بلا خلاف بين أصحابنا إلاّ الخطبة ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاّها مع الشرائط(٦) وقال : « صلّوا كما رأيتموني أُصلّي ». وقال : الذكورة والعقل والحرّية والحضر شروط فيها ولا نعرف فيه خلافاً(٧) . ولا يخفى عليك الحال.

__________________

(١) الخلاف ١ : ٦١٠ ، السرائر ١ : ٢٩٣ ، المعتبر ٢ : ٢٩٢.

(٢) الذكرى ٤ : ١١٧ ، انظر المدارك ٤ : ٥٣.

(٣) الوسائل ٧ : ٢٩٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٥.

(٥) المختلف ٢ : ٢٧٥.

(٦) في المصدر : شرائط الجمعة.

(٧) المنتهى ١ : ٣٤٢.

٢٧٥

وإنْ كان مراد الشيخ أنّ الصلاة في السفر مستحبة مع عدم حضور الإمامعليه‌السلام فكان ينبغي بيانه ، ولعلّ اعتماد الشيخ على المعلومية اقتضى الإطلاق ، وقد تقدم في خبر جميل الصحيح أنّ صلاة العيدين فريضة ، والتقييد موقوف على الثبوت ، فليتأمّل.

وينبغي أنْ يعلم أنّ الصدوق روى خبر سعد وزاد فيه : « إلاّ بمنى يوم النحر »(١) ولا أدري الوجه في ترك الشيخ ذلك(٢) .

قوله :

باب عدد التكبيرات في صلاة العيد.

الحسين بن سعيد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، قال « اثنتا عشرة تكبيرة ، سبع في الأُولى وخمس في الأخيرة ».

عنه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، قال : « سبع وخمس ».

فأمّا ما رواه محمّد بن علي بن محبوب ، عن محمّد بن الحسين(٣) ، عن يزيد بن إسحاق شعر ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير (٤) في الفطر والأضحى ،

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٨١.

(٢) الزيادة موجودة في التهذيب والاستبصار كما قدّمناه في ص ٢٧٣.

(٣) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٠ : الحسن.

(٤) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٠ زيادة : في العيدين ، قال : « سبع وخمس ». عنه ، عن هارون بن حمزة الغنوي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير.

٢٧٦

فقال : « خمس وأربع ، ولا(١) يضرك إذا انصرفت على وتر ».

وما رواه الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أُذينة ، عن زرارة : أنّ عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن الصلاة في العيدين ، فقال : « الصلاة فيهما سواء ، يكبّر الإمام تكبيرة الصلاة تاماً كما يصنع في الفريضة ، ثم يزيد في الركعة الأُولى ثلاث تكبيرات وفي الأخيرة(٢) ثلاثاً سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود ؛ وإنْ شاء ثلاثاً وخمساً ، وإنْ شاء خمساً وسبعاً بعد أنْ يلحق ذلك إلى وتر ».

فالوجه في هاتين الروايتين التقية ؛ لأنّهما موافقتان لمذاهب كثير من العامة ولسنا نعمل به ، وإجماع الطائفة المحقة على ما قدّمناه

السند :

في الأوّل : فيه محمّد بن الفضيل وهو مشترك(٣) ، والصدوق في الفقيه رواه عن محمّد بن الفضيل(٤) ولم يذكر الطريق إليه ، لكن قد كرّرنا القول في رواياته(٥) .

والثاني : لا ريب فيه ؛ وجميل هو ابن دراج ؛ لرواية ابن أبي عمير عنه في الفهرست(٦) . وفي التهذيب عن ابن أبي عمير وفضالة عن جميل(٧) ، والأمر سهل.

__________________

(١) في الاستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣١ ، والتهذيب ٣ : ٢٨٦ / ٨٥٤ : فلا.

(٢) في الإستبصار ١ : ٤٤٧ / ١٧٣٢ ، والتهذيب ٣ : ١٣٤ / ٢٩٦ : الأُخرى.

(٣) هداية المحدثين : ٢٤٩.

(٤) الفقيه ١ : ٣٢٤ / ١٤٨٥.

(٥) راجع ص ٦٦٩.

(٦) الفهرست : ٤٤ / ١٤٣.

(٧) التهذيب ٣ : ١٢٧ / ٢٧٠.

٢٧٧

والثالث : محمّد بن الحسين فيه ابن أبي الخطاب ، ورجاله تقدم القول فيهم عن قريب وبعيد(١) ، ( والحاصل أنّ يزيد بن إسحاق لا أعلم توثيقه إلاّ من جدّيقدس‌سره في شرح البداية(٢) ، وكأنّه من تصحيح العلاّمة بعض الطريق إلى هارون بن حمزة(٣) )(٤) .

والرابع : لا ارتياب في رجاله إنْ كان زرارة سمع الإمامعليه‌السلام ، كما هو الظاهر من قوله : فقال ، إلى آخره. ويحتمل أنْ يكون الراوي عبد الملك لقول الإمامعليه‌السلام ؛ ولا يخفى بُعده عن الظاهر ، وعبد الملك فيه كلام يعرف ممّا قدّمناه.

المتن :

لا بُدّ قبل الكلام فيه من مقدمة ، وهي أنّ العلاّمة في المختلف قال : لا خلاف في عدد التكبير الزائد ، وأنّه تسع تكبيرات خمس في الأُولى وأربع في الثانية ؛ لكن الخلاف في وضعه ، فالشيخ على أنّه في الأُولى بعد القراءة يكبّر خمس تكبيرات ، ويقنت خمس مرّات عقيب كل تكبيرة قنتة ، ثم يكبّر تكبير الركوع ويركع ؛ وفي الثانية بعد القراءة يكبّر أربع تكبيرات ، يقنت عقيب كل تكبيرة ، ثم يكبّر الخامسة للركوع ؛ وذهب إليه ابن أبي عقيل وابن الجنيد وابن حمزة وابن إدريس. وقال المفيد : يكبّر في الأُولى سبع تكبيرات مع تكبيرة الافتتاح والركوع ، ويقنت خمس مرّات ؛ فإذا نهض إلى الثانية كبّر وقرأ ، ثم كبّر أربع تكبيرات يركع في الرابعة ،

__________________

(١) راجع ج ١ ص ١٨٢ ١٨٣ ، ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) الدراية : ١٣١.

(٣) خلاصة العلاّمة : ٢٧٩.

(٤) ما بين القوسين أثبتناه من « م ».

٢٧٨

ويقنت ثلاث مرّات ؛ وهو اختيار المرتضى وابن بابويه وأبي الصلاح وابن البرّاج وسلاّر(١) . هذا كلامه.

ونقل بعض محقّقي المتأخّرينرحمه‌الله عن المنتهى أنّ فيه نقلاً عن ابن بابويه وابن أبي عقيل : أنّ التكبيرات الزائدة سبع. وعن المفيد : أنّ في الثانية ثلاثاً(٢) .

إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الخبرين الأوّلين ظاهران في أنّ التكبير سبع وخمس ، والأوّل صريح في أنّ السبع في الأُولى والخمس في الأخيرة ، غير أنّ موضع كل غير مفصَّل.

والثالث : كما ترى يدل صدره على الخمس والأربع ؛ وهذا لا ينافي مدلول الأوّلين بجواز إرادة التكبير الزائد ، وهو خمس في الأُولى وأربع في الثانية على ما يقتضيه بعض الأخبار ، لكن قوله : « ولا يضرك إذا انصرفت على وتر » فيه منافاة لما سبق ، من حيث تناوله للأقل من خمسة وأربعة والأكثر.

والرابع : ظاهر المنافاة للأوّلين ، ومفصِّل لإطلاق الثالث.

وما ذكره الشيخ من إجماع الطائفة على ما قدّمه لا يخلو من إجمال ؛ إذ يحتمل أنْ يراد به إجماع الطائفة على أنّ التكبيرات اثنا عشر ؛ والخلاف السابق عن المنتهى ينافيه ، ويوافقه كلام المختلف. ويحتمل أنْ يراد الإجماع على نفي ما تضمنه الخبران ؛ إذ الخلاف السابق لا يتناوله الخبران ؛ لكن العبارة يساعد على الاحتمال الأوّل ، فيحتاج تطبيق ما ذكره في المنتهى‌

__________________

(١) المختلف ٢ : ٢٦٨ ، وهو في النهاية : ١٣٥ ، والمبسوط ١ : ١٧٠ ، وفي الوسيلة : ١١١ ، وفي السرائر ١ : ٣١٦ ، ٣١٧ ، وفي المقنعة : ١٩٤ ، ١٩٥ ، وفي جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٤٥ ، وفي الفقيه ١ : ٣٢٤ ، المقنع : ٤٦ ، وفي الكافي في الفقه : ١٥٣ ، ١٥٤ ، وفي المهذب ١ : ١٢٢ ، وفي المراسم : ٧٨.

(٢) الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٤٠٢ ، وهو في المنتهي ١ : ٣٤٠.

٢٧٩

إلى مراجعة ما نقله عن المذكورين ، ولم يحضرني الآن كلامهم.

وفي التهذيب ذكر الخبر الثاني في مقام الاستدلال على أنّ التكبيرات الزائدة مستحبة ، لأنّه قال بعد عبارة لا أدري أنّها منه أو من المفيد : ومن أخل بالتكبيرات السبع لم يكن مأثوماً ، إلاّ أنّه يكون تاركاً سنّةً ومهمِلاً فضيلةً ، يدل على ذلك ما رواه الحسين بن سعيد إلى آخر الرواية ثم قال : ألا ترى أنّه جوّز الاقتصار على الثلاث تكبيرات وعلى الخمس تكبيرات ، وهذا يدل على أنّ الإخلال بها لا يضر بالصلاة(١) . وكلامه هنا غير خفي أنّه ينافي ما ذكره في التهذيب إلاّ بوجه متكلف.

ومن العجب أنّ العلاّمة في المختلف نقل عن الشيخ في التهذيب أنّه قال : من أخلّ بالتكبيرات السبع(٢) إلى آخر ما ذكره الشيخ ثم نقل احتجاجه بالرواية ، ثم أجاب بأنّ زيادة الثلاث لا تنافي زيادة الأكثر(٣) .

وغير خفي أنّه إنْ أراد بما ذكره أنّ ما دلّ على الزيادة لا ينافي الخبر المذكور ، ففيه : أنّ الخبر مصرِّح بالتخيير بين الثلاث وما زاد ، وما دلّ على السبع والخمس يدل على التعين(٤) فالمنافاة حاصلة.

وإنْ أراد أنّ الرواية لا تدلّ على أنّ التكبير الزائد مستحب مطلقاً ، بل على أنّ ما فوق الثلاث مستحب ، وكلام الشيخ يدلّ على أنّ مطلق التكبير الزائد مستحب ، والرواية لا تدلّ على مطلوبه. ففيه : أنّ العلاّمة اختار وجوب التسع ؛ لأنّ أوّل الكلام يقتضيه ، حيث قال بعد ما سمعته من عبارة التهذيب ، ثم نقل كلام غيره ـ : وأختاره(٥) . والجواب لا يطابق مدّعاه‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٤.

(٢) في « فض » و « رض » : التسع.

(٣) المختلف ٢ : ٢٦٩.

(٤) في « رض » : التعيين.

(٥) المختلف ٢ : ٢٦٩ ، وفيه. وهو الأقرب.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446