مرآة العقول الجزء ٢٤

مرآة العقول15%

مرآة العقول مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 379

المقدمة الجزء ١ المقدمة الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 16794 / تحميل: 2703
الحجم الحجم الحجم
مرآة العقول

مرآة العقول الجزء ٢٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

والمغيّ غير الغاية والغاية موصوفة وكلُّ موصوف مصنوع وصانع الأشياء غير موصوف

________________________________________________________

الأوّل: أنّ تكون الغاية بمعنى الغرض والمقصود، أي كلمة الجلالة مقصود من جعله مقصودا، وذريعة من جعله ذريعة، أي كلّ من كان له مطلب وعجز عن تحصيله بسعيه يتوسل إليه باسم الله، والمغيّى بالغين المعجمة والياء المثناة المفتوحة أي المتوسل إليه بتلك الغاية غير الغاية، أو بالياء المكسورة أي الّذي جعل لنا الغاية غاية هو غيرها، وفي بعض النسخ والمعنى بالعين المهملة والنّون، أي المقصود بذلك التوسّل، أو المعنى المصطلح، غير تلك الغاية التي هي الوسيلة إليه.

الثاني: أنّ يكون المراد بالغاية النهاية، وبالله: الذّات لا الاسم أي الرّب تعالى غاية آمال الخلق يدعونه عند الشدائد بأسمائه العظام، والمغيى بفتح الياء المشددة المسافة ذات الغاية، والمراد هنا الأسماء فكأنها طرق ومسالك توصل الخلق إلى الله في حوائجهم، والمعنى أنّ العقل يحكم بأنّ الوسيلة غير المقصود بالحاجة، وهذا لا يلائمه قوله والغاية موصوفة إلّا بتكلف تام.

الثالث: أنّ يكون المراد بالغاية العلامة وصحفت غاياه بغاياته، وكذا في بعض النسخ أيضا، أي علامة من علاماته، والمعنى أي المقصود، أو المغيى أي ذو العلامة غيرها.

الرابع: أنّ يكون المقصود أنّ الحقّ تعالى غاية أفكار من جعله غاية وتفكر فيه، والمعنى المقصود أعنّي ذات الحقّ غير ما هو غاية أفكارهم، ومصنوع عقولهم، إذ غاية ما يصل إليه أفكارهم ويحصل في أذهانهم موصوف بالصّفات الزائدة الإمكانيّة وكلّ موصوف كذلك مصنوع.

الخامس: ما صحّفه بعض الأفاضل حيث قرأ: عانة من عاناه أي الاسم ملابس من لابسه، قال في النهاية: معاناة الشيء ملابسته ومباشرته، أو مهّم من اهتمّ به من قولهم عنيت به فأنا عان، أي اهتممت به واشتغلت أو أسير من أسَره، وفي النهاية العاني الأسير، وكلّ من ذلّ واستكان وخضع فقد عنا يعنو فهو عان، أو محبوس من حبسه، وفي النهاية وعنوا بالأصوات أي احبسوها، والمعنى أي المقصود بالاسم غير

٤١

بحدّ مسمّى لم يتكوَّن فيعرف كينونيّته بصنع غيره ولم يتناه إلى غاية إلّا كانت غيره لا يزلُّ من فهم هذا الحكم أبداً وهو التّوحيد الخالص فارعوه وصدّقوه

________________________________________________________

العانة أي غير ما نتصورّه ونعقله.

ثمّ اعلم أنّه على بعض التقادير يمكن أنّ يقرأ والله بالكسر، بأنّ يكون الواو للقسم.

قوله: غير موصوف بحدّ، أي من الحدود الجسمانية أو الصّفات الإمكانية، أو الحدود العقلية، وقوله: مسمّى صفة لحد، للتعميم كقوله تعالى «لَمْ يَكُنْ شيئاً مَذْكُوراً »(١) ويحتمل أنّ يكون المراد أنه غير موصوف بالصّفات التي هي مدلولات تلك الأسماء، وقيل: هو خبر بعد خبر أو خبر مبتدإ محذوف.

قوله: لم يتكوّن فيعرف كينونته(٢) بصنع غيره قيل: المراد أنه لم يتكون فيكون محدثا بفعل غيره، فتعرف كينونته وصفات حدوثه بصنع صانعه كما تعرف المعلولات بالعلل.

أقول: لعل المراد أنه غير مصنوع حتّى يعرف بالمقايسة إلى مصنوع آخر، كما يعرف المصنوعات بمقايسة بعضها إلى بعض، فيكون الصنع بمعنى المصنوع وغيره صفة له، أو أنه لا يعرف بحصول صورة هي مصنوعة لغيره، إذ كلّ صورة ذهنية مصنوعة للمدرك، معلولة له.

قوله: ولم يتناه، أي هو تعالى في المعرفة أو عرفانه أو العارف في عرفانه إلى نهاية إلّا كانت تلك النهاية غيره تعالى ومباينة له غير محمولة عليه.

قولهعليه‌السلام : لا يزل، في بعض النسخ بالذال، أي ذل الجهل والضلال من فهم هذا الحكم وعرف سلب جميع ما يغايره عنه، وعلم أنّ كلـمّا يصل إليه أفهام الخلق فهو غيره تعالى.

__________________

(١) سورة الإنسان: ١.

(٢) كذا في النسخ، وفي المتن « كينونيّته ».

٤٢

وتفهّموه بإذن الله من زعم أنّه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك لأنَّ حجابه ومثاله وصورته غيره وإنّما هو واحد متوحّد فكيف يوحّده من زعم

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : من زعم أنّه يعرف الله بحجاب أي بالأسماء التي هي حجب بين الله وبين خلقه، ووسائل بها يتوسّلون إليه، بأنّ زعم أنه تعالى عين تلك الأسماء أو الأنبياء أو الأئمةعليهم‌السلام ، بأن زعم أنّ الربّ تعالى اتحدّ بهم أو بالصّفات الزائدة فإنها حجب عن الوصول إلى حقيقة الذّات الأحديّة أو بأنه ذو حجاب كالمخلوقين « أو بصورة » أي بأنه ذو صورة كما قالت المشبهة، أو بصورة عقلية زعم أنها كنه ذاته وصفاته تعالى « أو بمثال » أي خيالي أو بأنّ جعل له مماثلا ومشابها من خلقه « فهو مشرك » لـمّا عرفت مرارا من لزوم تركبه تعالى وكونه ذا حقائق مختلفة، وذا أجزاء، تعالى الله عن ذلك.

ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّه لا يمكن الوصول إلى حقيقته تعالى بوجه من الوجوه لا بحجاب ورسول يبيّن ذلك، ولا بصورة عقلية ولا خيالية، إذ لا بد بين المعرف والمعرف من مماثلة وجهة اتحاد، وإلّا فليس ذلك الشيء معرفا أصلاً، والله تعالى مجرد الذّات عن كلّ ما سواه، فحجابه ومثاله وصورته غيره من كلّ وجه، إذ لا مشاركة بينه وبين غيره في جنس أو فصل أو مادة أو موضوع أو عارض، وإنّما هو واحدّ موحدّ فرد عمّا سواه، فإنما يعرف الله بالله إذا نفي عنه جميع ما سواه، وكلـمّا وصل إليه عقله كما مرّ أنه التّوحيد الخالص.

وقال بعض المحققّين: من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال أي بحقيقة من الحقائق الإمكانية كالجسم والنور أو بصفة من صفاتها التي هي عليها كما أسند إلى القائلين بالصورة أو بصفة من صفاتها عند حصولها في العقل كما في قول الفلاسفة في رؤية العقول المفارقة فهو مشرك، لأنّ الحجاب والصورة والمثال كلّها مغايرة له غير محمولة عليه، فمن عبد الموصوف بها عبد غيره، فكيف يكون موحّداً له عارفاً به، إنما عرف الله من عرفه بذاته وحقيقته المسلوب عنه جميع ما يغايره، فمن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يكون يعرف غيره.

٤٣

أنّه عرفه بغيره وإنّما عرف الله من عرفه بالله فمن لم يعرفه به فليس يعرفه إنّما يعرف غيره ليس بين الخالق والمخلوق شيء والله خالق الأشياء لا من شيء كان

________________________________________________________

أقول: لا يخفى أنّ هذا الوجه وما أوردته سابقاً من الاحتمالات التي سمحت بها قريحتي القاصرة لا يخلو كلّ منها من تكلّف، وقد قيل فيه وجوه أخر أعرضت عنها صفحاً، لعدم موافقتها لأصولنا، والأظهر عندي أنّ هذا الخبر موافق لـمّا مرّ، وسيأتي في كتاب العدل أيضاً من أنّ المعرفة من صنعه تعالى وليس للعباد فيها صنع، وأنه تعالى يهبها لمن طلبها ولم يقصر فيما يوجب استحقاق إفاضتها، والقول بأنّ غيره تعالى يقدر على ذلك نوع من الشرك في ربوبيّته وإلهيته، فأنّ التّوحيد الخالص هو أنّ يعلم أنّه تعالى مفيض جميع العلوم والخيرات، والمعارف والسعادات كما قال تعالى:

«ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ »(١) فالمراد بالحجاب إمّا أئمة الضّلال وعلماء السوء الذين يدّعون أنّهم يعرفونه تعالى بعقولهم ولا يرجعون في ذلك إلى حجج الله تعالى، فإّنهم حجب يحجبون الخلق عن معرفته وعبادته تعالى، فالمعنى أنّه تعالى إنما يعرّف بما عرف نفسه للناس لا بأفكارهم وعقولهم، أو أئمة الحقّ أيضاً فإنه ليس شأنهم إلّا بيأنّ الحقّ للناس فأما إفاضة المعرفة والإيصال إلى البغية فليس إلّا من الحقّ تعالى كما قال سبحانه: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ »(٢) ويجري في الصّورة والمثال ما مرّ من الاحتمالات، فقولهعليه‌السلام : ليس بين الخالق والمخلوق شيء، أي ليس بينه تعالى وبين خلقه حقيقة أو مادّة مشتركة حتّى يمكنهم معرفته من تلك الجهة، بل أوجدهم لا من شيء كان، ويؤيّد هذا المعنى ما ذكره في التّوحيد تتمّة لهذا الخبر: والأسماء غيره والموصوف غير الواصف، فمن زعم أنه يؤمن بما لا يعرف فهو ضالّ عن المعرفة، لا يدرك مخلوق شيئاً إلّا بالله، ولا يدرك معرفة الله إلّا بالله، والله خلو من خلقه وخلقه خلو منه، وإذا أراد شيئاً كان كما أراد بأمره من غير نطق، لا ملجأ لعباده ممّا قضى، ولا حجة لهم فيما ارتضى

__________________

(١) سورة النساء: ٧٩.

(٢) سورة القصص: ٥٦.

٤٤

والله يسمّى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره

________________________________________________________

لم يقدروا على عمل ولا معالجة ممّا أحدث في أبدانهم المخلوقة إلّا بربّهم، فمن زعم أنه يقوى على عمل لم يرده الله عزّ وجلّ فقد زعم أنّ إرادته تغلب إرادة الله «تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ » ووجه التأييد ظاهر لمن تأمّل فيها.

تذييل:

اعلم أنّ المتكلّمين اختلفوا في أنّ الاسم هل هو عين المسمّى أو غيره، فذهب أكثر الأشاعرة إلى الأوّل والإماميّة والمعتزلة إلى الثاني، وقد وردت هذه الأخبار ردا على القائلين بالعينية وأول بعض المتأخرين كلامهم لسخافته وأنّ كانت كلماتهم صريحة فيما نسب إليهم.

قال شارح المقاصد: الاسم هو اللفظ المفرد الموضوع للمعنى على ما يعم أنواع الكلمة، وقد يقيد بالاستقلال والتجرد عن الزمان، فيقابل الفعل والحرف على ما هو مصطلح النحاة، والمسمّى هو المعنى الّذي وضع الاسم بإزائه، والتسمية هو وضع الاسم للمعنى وقد يراد بها ذكر الشيء باسمه كما يقال يسمّى زيداً ولم يسمّ عمروا، فلا خفاء في تغاير الأمور الثلاثة، وإنّما الخفاء فيما ذهب إليه بعض أصحابنا من أنّ الاسم نفس المسمى، وفيما ذكره الشيخ الأشعريّ من أنّ أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام ما هو نفس المسمّى مثل « الله » الدّال على الوجود، أي الذّات، وما هو غيره كالخالق والرازق ونحو ذلك ممّا يدّل على فعل، وما لا يقال إنه هو ولا غيره كالعالم والقادر وكلّ ممّا يدّل على الصّفات، وأمّا التسمية فغير الاسم والمسمى.

وتوضيحه: أنهم يريدون بالتسمية اللفظ وبالاسم مدلوله كما يريدون بالوصف قول الواصف، وبالصفة مدلوله، وكما يقولون: أنّ القراءة حادثة والمقر وقديم، إلّا أنّ الأصحاب اعتبروا المدلول المطابقي فأطلقوا القول بأنّ الاسم نفس المسمّى للقطع بأنّ مدلول الخالق شيء ماله الخلق لا نفس الخلق، ومدلول العالم شيء ما له العلم لا نفس العلم، والشيخ أخذ المدلول أعم، واعتبر في أسماء الصّفات المعاني المقصودة،

٤٥

( باب معاني الأسماء واشتقاقها )

١ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن تفسير

________________________________________________________

فزعم أنّ مدلول الخالق الخلق وهو غير الذّات، ومدلول العالم العلم وهو لا عين ولا غير « انتهى ».

باب معاني الأسماء واشتقاقها

الحديث الأوّل: ضعيف.

قولهعليه‌السلام : الباء بهاء الله، يظهر من كثير من الأخبار أنّ للحروف المفردة أوضاعاً ومعاني متعدّدة لا يعرفها إلّا حجج اللهعليه‌السلام ، وهذه إحدى جهات علومهم واستنباطهم من القرآن، وقد روت العامة في « الم » عن ابن عباس أنّ الألف آلاء الله واللام لطفه والميم ملكه، والبهاء الحسن، والسناء بالمدّ: الرفعة، والمجد: الكرم والشّرف.

وأقول: يمكن أنّ يكون هذا مبنيا على الاشتقاق الكبير والمناسبة الذاتيّة بين الألفاظ ومعانيها، فالباء لـمّا كانت مشتركة بين المعنى الحرفي وبين البهاء فلا بد من مناسبة بين معانيهما، وكذا الاسم والسناء لـمّا اشتركا في السين فلذا اشتركا في معنى العلوّ والرّفعة، وكذا الاسم لـمّا اشترك مع المجد والملك فلا بد من مناسبة بين معانيها، وهذا باب واسع في اللغة يظهر ذلك للمتتبع بعد تتبع المباني والمعاني، فالمراد بقولهعليه‌السلام والسّين سناء الله، أنّ هذا الحرف في الاسم مناط لحصول هذا المعنى فيه، وكذا البواقي، والتأمل في ذلك يكسر سورة الاستبعاد عن ظاهر هذا الكلام، وهذا ممّا خطر بالبال في هذا المقام.

ولعلّه أقرب ممّا أفاده بعض الأعلام، حيث قال: لـمّا كان تفسيره بحسب معنى حرف الإضافة، ولفظ الاسم غير محتاج إلى البيان للعارف باللغة أجابعليه‌السلام بالتفسير

٤٦

بسم الله الرحمن الرحيم قال: الباء بهاء الله والسين سناء الله والميم مجد الله وروى بعضهم الميم ملك الله والله إله كلّ شيء الرحمن بجميع خلقه والرحيم بالمؤمنين خاصّة.

________________________________________________________

بحسب المدلولات البعيدة، أو لأنّه لـمّا صار مستعملاً للتبرّك مخرجاً عن المدلول الأوّل ففسّره بغيره ممّا لوحظ في التبرك، والمراد بهذا التفسير إما أنّ هذه الحروف لـمّا كانت أوائل هذه الألفاظ الدّالة على هذه الصّفات أخذت للتبرك أو أنّ هذه الحروف لها دلالة على هذه المعاني إمّا على أنّ للحروف مناسبة مع المعاني بها وضعت لها، وهي أوائل هذه الألفاظ فهي أشد حروفها مناسبة وأقواها دلالة لمعانيها أو لأنّ الباء لـمّا دلت على الارتباط والانضياف ومناط الارتباط والانضياف إلى شيء وجدان حسن مطلوب للطالب، ففيها دلالة على حسن وبهاء مطلوب لكلّ طالب، وبحسبها فسرت ببهاء الله، ولـمّا كان الاسم من السمو الدّال على الرفعة والعلو والكرم والشرف، فكلّ من الحرفين بالانضمام إلى الآخر دال على ذلك المدلول فنسبت الدلالة على السناء بحسب المناسبة إلى السين، وفسرها بسناء الله والدلالة على المجد أو الملك بحسبها إلى الميم، وفسرها بالمجد أو الملك على الرواية الأخرى « والله إله كلّ شيء » أي مستحق للعبودية لكلّ شيء والحقيق بها، والرحمن لجميع خلقه.

اعلم أنّ الرحمن أشد مبالغة من الرحيم، لأنّ زيادة البناء تدلّ على زيادة المعنى، وذلك إنّما يعبر تارة باعتبار الكمية وأخرى باعتبار الكيفية، فعلى الأوّل قيل: يا رحمن الدنيا لأنه يعم المؤمن والكافر، ورحيم الآخرة لأنه يخص المؤمن وعلى الثاني قيل: يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما بتخصيص الأوّل بجلائل النعم والثاني بغيرها، والثاني أيضاً يحتمل أنّ يكون محمولا على الوجه الأوّل، أي رحمن الدارين بالنعم العامة، والرحيم فيهما بالنعم الخاصّة بالهداية والتوفيق في الدنيا والجنة ودرجاتها في الآخرة، والأخير في هذا الخبر أظهر.

٤٧

٢ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن أسماء الله واشتقاقها الله ممّا هو مشتقٌّ فقال يا هشام الله مشتق من إله وإله يقتضي مألوها والاسم غير المسمّى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً ومن عبد الاسم والمعنى فقد أشرك وعبد اثنين ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التّوحيد أفهمت يا هشام قال قلت زدني قال لله تسعة وتسعون اسماً فلو كان الاسم هو المسمّى لكان كلّ اسم منها إلها ولكن الله معنى يدّل عليه بهذه الأسماء وكلّها غيره يا هشام الخبز اسم للمأكول والماء اسم للمشروب والثوب اسم للملبوس والنار اسم للمحرق أفهمت يا هشام فهما تدفع به وتناضل به أعداءنا المتخذين مع الله عزّ وجلّ غيره قلت نعم فقال نفعك الله به وثبتك يا هشام قال فو الله ما قهرني أحدّ في التّوحيد حتّى قمت مقامي هذا.

٣ - عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد البرقيّ، عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام قال سئل عن معنى

________________________________________________________

الحديث الثاني: حسن وقد مرّ بعينه متناً وسنداً في باب المعبود فلا نعيد شرحه.

الحديث الثالث: ضعيف.

قولهعليه‌السلام : استولى، لعلّه من باب تفسير الشيء بلازمه، فأنّ معنى الإلهية يلزمه الاستيلاء على جميع الأشياء دقيقها وجليلها، وقيل: السؤال إنما كان عن مفهوم الاسم ومناطه، فأجابعليه‌السلام بأنّ الاستيلاء على جميع الأشياء مناط المعبودية بالحقّ لكلّ شيء.

أقول: الظاهر أنه سقط من الخبر شيء، لأنه مأخوذ من كتاب البرقيّ وروي في المحاسن بهذا السند بعينه عن القاسم عن جدّه الحسن عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام وسئل عن معنى قول الله «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى »(١) فقال: استولى على

__________________

(١) سورة طه: ٥.

٤٨

الله فقال استولى على ما دقّ وجلَّ.

٤ - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن العبّاس بن هلال قال سألت الرّضاعليه‌السلام عن قول الله «اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ »(١) فقال هاد لأهل السماء وهاد لأهل الأرض وفي رواية البرقيّ هدى من في السماء وهدى من في الأرض.

٥ - أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوأنّ بن يحيى، عن فضيل بن عثمان، عن ابن أبي يعفور قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلّ «هُوَ الأوّل وَالْآخِرُ »(٢) وقلت أما الأوّل فقد عرفناه وأمّا الآخر فبين لنا تفسيره فقال إنه ليس شيء إلّا يبيد أو يتغيّر أو يدخله التغيّر والزوال أو ينتقل من لون إلى لون ومن هيئة إلى هيئة ومن صفة إلى صفة ومن زيادة إلى نقصان ومن

________________________________________________________

ما دقّ وجلّ، وروى الطّبرسي في الاحتجاج أيضاً هكذا، فلا يحتاج إلى هذه التكلّفات إذ أكثر المفسّرين فّسروا الاستواء بمعنى الاستيلاء، وقد حقّقنا في مواضع من كتبنا أنّ العرش يطلق على جميع مخلوقاته سبحانه وهذا أحدّ إطلاقاته لظهور وجوده وعلمه وقدرته في جميعها، وهذا من الكليني غريب ولعله من النسّاخ.

الحديث الرابع: ضعيف على المشهور وآخره مرسل.

قولهعليه‌السلام : هاد لأهل السماء أقول: النور ما يكون ظاهراً بنفسه وسببا لظهور غيره، والله سبحانه هو الموجود بنفسه، الموجد لغيره، والعالم بذاته المفيض للعلوم على من سواه، فهو هاد لأهل السماء وأهل الأرض، وهدى لهم بما أوجد وأظهر لهم من آيات وجوده وعلمه وقدرته، وبما أفاض عليهم من العلوم والمعارف.

الحديث الخامس: صحيح.

قولهعليه‌السلام : يبيد، أي يهلك، والرفات: المتكسّر من الأشياء اليابسة، والرّميم ما بلى من العظام، والبلح محرّكة بين الخلال والبسر، قال الجوهري: البلح قبل البسر لأنّ أول التمرّ طلع، ثمّ خلال ثمّ بلح ثمّ بسر ثمّ رطب. أقول: الغرض أن

__________________

(١) سورة النور: ٣٥.

٤٩

نقصأنّ إلى زيادة إلّا ربّ العالمين فإنه لم يزل ولا يزال بحالة واحدة هو الأوّل قبل كلّ شيء وهو الآخر على ما لم يزل ولا تختلف عليه الصّفات والأسماء كما تختلف على غيره مثل الإنسان الّذي يكون ترابا مرَّة ومرَّة لحماً ودماً ومرَّة رفاتاً ورميماً وكالبسر الّذي يكون مرَّة بلحاً ومرَّة بُسراً ومرَّة رطباً ومرَّة تمراً فتتبدَّل عليه الأسماء والصّفات والله جلَّ وعزَّ بخلاف ذلك.

٦ - عليُّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن اُذينة، عن محمّد بن حكيم، عن ميمون البان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام وقد سئل عن الأوّل والآخر فقال الأوّل لا عن أول قبله ولا عن بدء سبقه والآخر لا عن نهاية كما يعقل من صفة المخلوقين ولكن قديم أول آخر لم يزل ولا يزول بلا بدء ولا نهاية لا يقع عليه الحدوث ولا يحول من حال إلى حال «خالِقُ كلّ شَيْءٍ ».

٧ - محمّد بن أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفريّ قال كنت عند أبي جعفر

________________________________________________________

دوام الجنّة والنّار وأهلهما وغيرها لا ينافي آخريته تعالى واختصاصها به فأنّ هذه الأشياء دائماً في التغيّر والتبدل وبمعرض الفناء والزوال، وهو سبحانه باق من حيث الذّات والصّفات، أزلاً وأبداً بحيث لا يعتريه تغيّر أصلاً، فكلّ شيء هالك وفأنّ إلّا وجهه تعالى، وقيل: آخريّته سبحانه باعتبار أنه تعالى يفنى جميع الأشياء قبل القيامة ثمّ يعيدها كما يدّل عليه ظواهر بعض الآيات وصريح بعض الأخبار، وقد بسطنا القول في ذلك في الفرائد الطريفة في شرح الدعاء الأوّل.

الحديث السادس: مجهول ومضمونه قريب من الخبر السابق.

« لا عن أول قبله » أي سابق عليه بالزمأنّ أو علة « ولا عن بدء » بالهمز أي ابتداء أو بدئ على فعيل أي علة « لا عن نهاية » أي من حيث الذّات والصّفات كما مرّ « لا يقع عليه الحدوث » ناظر إلى الأوّلية « ولا يحول » ناظر إلى الآخريّة.

الحديث السابع: مرفوع.

٥٠

الثانيعليه‌السلام فسأله رجلٌ فقال أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه وأسماؤه وصفاته هي هو فقال أبو جعفرعليه‌السلام أنّ لهذا الكلام وجهين أنّ كنت تقول هي هو أي إنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وأنّ كنت تقول هذه الصّفات والأسماء لم تزل فأنّ لم تزل محتمل معنيين فأنّ قلت لم تزل عنده في علمه وهو مستحقّها فنعم وأنّ كنت تقول لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع

________________________________________________________

قوله: له أسماء وصفات: الظّاهر أنّ المراد بالأسماء ما دل على الذّات من غير ملاحظة صفة، وبالصّفات ما دل على الذّات مع ملاحظة الاتّصاف بصفة فأجابعليه‌السلام بالاستفسار عن مراد السائل وذكر محتملاته وهي ثلاثة، وينقسم بالتقسيم الأوّل إلى احتمالين، لأنّ المراد به إما معناه الظاهر أو مأول بمعنى مجازي، لكون معناه الظاهر في غاية السخافة، فالأوّل وهو معناه الظاهر: أنّ يكون المراد كون كلّ من تلك الأسماء والحروف المؤلفة المركبة عين ذاته تعالى، وحكم بأنه تعالى منزه عن ذلك لاستلزامه تركبه وحدوثه وتعدده تعالى الله عن ذلك.

الثاني: أنّ يكون قوله: « هي هو » كناية عن كونها دائما معه في الأزل فكأنها عينه وهذا يحتمل معنيين:

« أحدهما » أنّ يكون المراد أنه تعالى كان في الأزل مستحقا لإطلاق تلك الأسماء عليه، وكون تلك الأسماء في علمه تعالى من غير تعدد في ذاته تعالى وصفاته ومن غير أنّ يكون معه شيء في الأزل فهذا حق.

« وثانيهما » أنّ يكون المراد كون تلك الأسماء والحروف المؤلفة دائما معه في الأزل فمعاذ الله أنّ يكون معه غيره في الأزل، وهذا صريح في نفي تعدد القدماء ولا يقبل تأويل القائلين بمذاهب الحكماء، وقولهعليه‌السلام : تصويرها، أي إيجادها بتلك الصوّر والهيئات، وهجاؤها، أي التكلم بها، وفي القاموس: الهجاء ككساء تقطيع اللفظ بحروفها، وهجيت الحروف وتهجيته « انتهى ».

فقوله: وتقطيع حروفها، كالتفسير له، ثمّ أشارعليه‌السلام إلى حكمة خلق الأسماء

٥١

حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره بل كان الله ولا خلق ثمّ خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرَّعون بها إليه ويعبدونه وهي ذكره وكان الله ولا ذكر والمذكور بالذكر هو الله القديم الّذي لم يزل والأسماء والصّفات مخلوقات والمعاني والمعنّي بها هو الله الّذي لا يليق به الاختلاف ولا الائتلاف وإنّما يختلف ويأتلف المتجزّئ

________________________________________________________

والصّفات بأنّها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرّعون بها إليه ويعبدونه، « وهي ذكره » بالضمير أي يذكر بها، والمذكور بالذكر قديم، والذكر حادث، ومنهم من قرأ بالتاء قال الجوهري: الذِّكر والذِّكرى نقيض النسيان، وكذلك الذّكرة.

قولهعليه‌السلام : والأسماء والصّفات مخلوقات، أقول: ههنا اختلفت نسخ الحديث ففي توحيد الصّدوق مخلوقات المعاني، أي معانيها اللغويّة ومفهوماتها الكلية مخلوقة وفي احتجاج الطبرسيّ ليس لفظ المعاني أصلاً، وفي الكتاب والمعاني بالعطف، فالمراد إمّا مصداق مدلولاتها، ويكون قوله والمعنىّ بها عطف تفسير له، أو هي معطوفة على الأسماء، أي والمعاني وهي حقائق مفهومات الصّفات مخلوقة، أو المراد بالأسماء الألفاظ وبالصّفات ما وضع أسماؤها له، وقوله: مخلوقات والمعاني خبران للأسماء والصّفات، أي الأسماء مخلوقات والصّفات هي المعاني والمعنىّ بها هو الله أي المقصود بها المذكور بالذكر، ومصداق تلك المعاني المطلوب بها هو ذات الله تعالى، والمراد بالاختلاف تكثّر الأفراد أو تكثّر الصّفات، أو الأحوال المتغيّرة أو اختلاف الأجزاء وتباينها بحسب الحقيقة، أو الانفكاك والتحلل وبالائتلاف التركّب من الأجزاء أو اتفاق الأجزاء في الحقيقة، وحاصل الكلام أنّ ذات الله سبحانه ليس بمؤتلف ولا مختلف لأنه واحد حقيقي، وكلّ ما يكون واحداً حقيقيّاً لا يكون مؤتلفاً ولا مختلفاً، إمّا أنه واحدّ حقيقي فلقدمه، ووجوب وجوده لذاته.

وإمّا أنّ الواحد لا يصحّ عليه الائتلاف والاختلاف، لأنّ كلّ متجزّءِ أو متوهّم بالقلة والكثرة مخلوق، ولا شيء من المخلوق بواحد حقيقيّ لمغايرة الوجود والمهيّة وللتحلل إلى المهيّة والتشخص، فلا شيء من الواحد بمتجزّي ولا شيء من

٥٢

فلا يقال الله مؤتلف ولا الله قليل ولا كثير ولكنّه القديم في ذاته لأنَّ ما سوى الواحد متجزئ والله واحدّ لا متجزّئُ ولا متوهّم بالقلة والكثرة وكلّ متجزّئ أو متوهّم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له فقولك أنّ الله قدير - خبّرت أنّه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز وجعلت العجز سواه وكذلك قولك عالمٌ إنّما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالماً.

________________________________________________________

المتجزّىء بواحد، وقولهعليه‌السلام : فقولك أنّ الله قدير، بيان لحال توصيفه سبحانه بالصّفات كالقدرة والعلم، وأنّ معانيها مغايرة للذّات، فمعنى قولك: أنّ الله قدير خبرت بهذا القول إنّه لا يعجزه شيء، فمعنى القدرة فيه نفي العجز عنه لا صفة وكيفية موجودة، فجعلت العجز مغايراً له منفيّاً عنه، ونفي المغاير للشيء مغاير له كالمنفيّ عنه، وكذا العلم وسائر الصّفات.

وقولهعليه‌السلام : فإذا أفنى الله الأشياء استدلال على مغايرته تعالى للأسماء وهجائها وتقطيعها، والمعاني الحاصلة منها من جهة النهاية، كما أنّ المذكور سابقاً كان من جهة البداية.

والحاصل أنّ علمه تعالى ليس عين قولنا عالم، وليس اتّصافه تعالى به متوقّفاً على التكلّم بذلك، وكذا الصوّر الذهنيّة ليست عين حقيقة ذاته وصفاته تعالى، وليس اتّصافه تعالى بالصّفات متوقّفاً على حصول تلك الصوّر إذ بعد فناء الأشياء تفنى تلك الأمور مع بقائه تعالى متصفا بجميع الصّفات الكمالية، كما أنّ قبل حدوثها كان متصفا بها، وهذا الخبر ممّا يدّل على أنه سبحانه يفنى جميع الأشياء قبل القيامة.

ثمّ اعلم أنّ المقصود بما ذكر في هذا الخبر وغيره من أخبار البابين هو نفي تعقل كنه ذاته وصفاته تعالى، وبيان أنّ صفات المخلوقات مشوبة بأنواع النقص والعجز والله تعالى متّصف بها، معرى عن جهات النقص والعجز، كالسمع فإنّه فينا العلم بالمسموعات بالحاسّة المخصوصة، ولـمّا كان توقف علمنا على الحاسّة لعجزنا وكان حصولها لنا من

٥٣

فقال الرَّجل فكيف سميّنا ربّنا سميعاً فقال لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس وكذلك سمّيناه بصيراً لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون أو شخص أو غير ذلك ولم نصفه ببصر لحظة العين وكذلك سمّيناه لطيفاً لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك وموضع

________________________________________________________

جهة تجسّمنا وإمكاننا ونقصنا، وأيضاً ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا وعلمنا حادث لحدوثنا، وليس علمنا محيطاً بحقائق ما نسمعه كما هي، لقصورنا عن الإحاطة، وكلّ هذه نقائص شابت ذلك الكمال، فلذا أثبتنا له سبحانه ما هو الكمال، وهو أصل العلم ونفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي سمات النقص والعجز، ولـمّا كان علمه سبحانه غير متصوّر لنا بالكنه، ورأينا الجهل فينا نقصاً فنفيناه عنه، فكأنا لم نتصوّر من علمه تعالى إلّا عدم الجهل، فإثباتنا العلم له تعالى إنما يرجع إلى نفي الجهل، لأنا لم نتصوّر علمه تعالى إلّا بهذا الوجه، وإذا وفيت في ذلك حق النظر وجدته نافياً لـمّا يدعيه القائلون بالاشتراك اللفظي في الوجود وسائر الصّفات لا مثبتاً له، وقد عرفت أنّ الأخبار الدّالة على نفي التّعطيل ينفي هذا القول.

قولهعليه‌السلام : بالسمع المعقول في الرأس، أي الّذي نتعقله في الرأس ونحكم بأنه فيه، واللطيف قد يكون بمعنى رقيق القوام أو عديم اللون من الأجسام أو صغير الجسم، وفيه سبحانه لا يتصوّر هذه الأمور لكونها من لوازم الأجسام، فقد يراد به التجرّد مجازاً أو بمعنى لطيف الصنعة أو العالم بلطائف الأمور كما فسّر به في هذا الخبر.

وموضع النشو منها، أي الموادّ التي جعلها في أبدانها وبها ينمو وموضع نمو كلّ عضو وقدر نموّها بحيث لا يخرج عن التناسب الطبيعي بين الأعضاء، والنشوء بالهمزة: النموّ، وربّما يقرأ بكسر النون والواو خبراً بمعنى شم الريح، جمع نشوة أي يعلم محل القوّة الشامّة منها، وفي التوحيد: موضع الشبق أي شهوة الجماع، وفي الاحتجاج: موضع المشي والعقل، أي موضع قواها المدركة، والحدب محرّكة التعطف، ويمكن عطفه على موضع النشو وعلى النشو.

٥٤

النشوء منها والعقل والشهوة للسفاد والحدب على نسلها وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأودية والقفار فعلمنا أنّ خالقها لطيف بلا كيف وإنّما الكيفية للمخلوق المكيّف وكذلك سميّنا ربّنا قويّاً لا بقوّة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت قوّته قوَّة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمل الزيّادة وما احتمل الزيّادة احتمل النقصان وما كان ناقصاً

________________________________________________________

وإقام بعضها، الإقام مصدر بمعنى الإقامة كقوله تعالى «أَقامَ الصَّلاةَ »(١) حذفت التاء المعوضة عن العين [ الساقطة من إقوام ] وأقيمت الإضافة مقامها، ويمكن عطف هذه الفقرة على علمه وعلى المعلومات، والفقرات الآتية تؤيد الثاني، والقفار جمع القفر وهو مفازة لا نبات فيها ولا ماء.

قولهعليه‌السلام : لوقع التشبيه قال بعض الأفاضل: أبطل كون قوّته قوّة البطش المعروف من المخلوقين بوجهين:

« أحدهما » لزوم وقوع التشبيه وكونه مادّياً مصوراً بصورة المخلوق « وثانيهما » لزوم كونه سبحانه محتملا للزيادة لأنّ الموصوف بمثل هذه الكيفية لا بد لها من مادة قابلة لها متقومة بصورة جسمانية، موصوفة بالتقدر بقدر، والتناهي والتحدّد بحدّ لا محالة فيكون لا محالة حينئذ موصوفاً بالزيّادة على ما دونه من ذوي الأقدار وكلّ موصوف بالزيّادة الإضافيّة موصوف بالنقصان الإضافي لوجهين:

« أحدهما » أنّ المقادير الممكنة لأحدّ لها تقف عنده في الزيادة، كما لأحدّ لها في النقصان، فالمتقّدر بمقدار متناه يتّصف بالنقص الإضافيّ بالنسبة إلى بعض الممكنات، وأنّ لم يدخل في الوجود.

« وثانيهما » أنّه يكون حينئذ لا محالة موصوفاً بالنقص الإضافيّ بالنسبة إلى مجموع الموصوف بالزيّادة الإضافية، والمقيس إليه، فيكون أنقص من مجموعهما، وما كان ناقصاً بالنسبة إلى غيره من الممكنات لا يكون قديماً واجب الوجود لذاته

__________________

(١) سورة الأنبياء: ٧٣.

٥٥

كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزاً ؛ فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضدّ ولا ندّ ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر ومحرَّمٌ على القلوب أنّ تمثله وعلى

________________________________________________________

لأنّه علّة ومبدء لكلّ ما يغايره، والمبدأ المفيض أكمل وأتمّ من المعلول الصادر عنه المفاض عليه منه، فكلّ ناقص إضافيّ أحقّ بالمعلوليّة من المبدئيّة لـمّا هو أكمل وأزيد منه، وهذا ينافي ربوبيّته ويتمّ به المطلوب لكنّه لـمّا أراد إلزام ما هو أظهر فساداً وهو لزوم عجزه عن قوّته ضم إليه قوله: وما كان غير قديم كان عاجزاً، لأنّه كان معلولا لعلّته ومبدئه، مسخّراً له غير قويّ على مقاومته.

إذا عرفت ذلك فربّنا تبارك وتعالى لا شبه له لأنّ شبه الممكن ممكن، ولا ضدّ له لأنّ الشيء لا يضاد علته، ومقتضى العليّة والمعلولية الملازمة والاجتماع في الوجود، فلا يجامع المضادّة ولا ندّ له، لأنّ المثل المقاوم لا يكون معلولاً ولا قديم سواه بدليل التوحيد، ولا كيف له لكونه تامّاً كاملاً في ذاته، غير محتمل لـمّا يفقده ولا نهاية له لتعاليه عن التقدّر والقابليّة لـمّا يغايره.

ولا يبصار بصر، وفي بعض النسخ ولا تبصار بالتاء، أي التبصّر بالبصر، ومحرم على القلوب أن تمثّله أي أن يجعل حقيقته موجوداً ظليّاً مثاليّاً، ويأخذ منه حقيقة كلية معقولة لكونه واجب الوجود بذاته لا تنفك حقيقته عن كونه موجوداً عينيّاً شخصيّاً، وعلى الأوهام أنّ تحده لعجزها عن أخذ المعاني الجزئية عمّا لا يحصل في القوي والأذهان، ولا يحاط بها فلا تأخذ منه صورة جزئيّة، وعلى الضمائر أن تكوّنه الضمير السرّ وداخل الخاطر والبال، ويطلق على محله كما أنّ الخاطر في الأصل ما يخطر بالبال ويدخله، ثمّ أطلق على محله، والتكوين التحريك، والمعنىّ أنّه محرّم على ما يدخل الخواطر أنّ يدخله، وينقله من حال إلى حال، لاستحالة قبوله لـمّا يغايره، أو المراد بالضمائر خواطر الخلق وقواهم الباطنة، وأنّه يستحيل أنّ يخرجه من الغيبة إلى الحضور والظهور عليهم، أي ليس لها أنّ تجعله بأفعالها متنزّلاً إلى مرتبة الحضور عندهم.

٥٦

الأوهام أن تحدَّه وعلى الضمائر أن تكوّنه جلَّ وعزَّ عن أداة خلقه وسمات بريّته وتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً.

٨ - عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب عمّن ذكره، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال رجلَّ عنده الله أكبر فقال الله أكبر من أيّ شيء فقال من كلّ شيء فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام حددته فقال الرَّجل كيف أقول قال قل الله أكبر من أنّ يوصف.

٩ - ورواه محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن جميع بن عمير قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام أيّ شيء الله أكبر فقلت الله أكبر من

________________________________________________________

اقول: ويحتمل أن يكون دليلاً على امتناع حصوله في المعقول والضمائر، لأنّه يلزم أنّ يكون حقيقته سبحانه مكوّنة مخلوقة ولو في الوجود الذهني، وهو متعال عن ذلك « عن أداة خلقه » أي آلتهم التي بها يفعلون ويحتاجون في أفعالهم إليها و « سمات بريّته » أي صفاتهم.

الحديث الثامن: ضعيف على المشهور.

قولهعليه‌السلام : من أيّ شيء، هذا استعلام عن مراد القائل أنّه هل أراد اتّصافه سبحانه بالشدّة أو الزيّادة في الكبر الّذي يعقل في المخلوقين، فيلزم اتّصافه بالكبر الإضافيّ أو أراد نفي اتّصافه سبحانه بما يعقل عن الصفات في المخلوقات، ولـمّا أجاب القائل بقوله: من كلّ شيء، علم أنّه أراد الأوّل فنبّه على فساده بقوله حدّدته، لأنّ المتّصف بصفات الخلق محدود بحدود الخلق، غير خارج عن مرتبتهم، فلـمّا علم القائل خطاءه قال: كيف أقول؟ فأجابعليه‌السلام بقوله: قل: الله أكبر من أنّ يوصف، ومعناه اتّصافه بنفي صفات المخلوقات عنه وتعاليه عن أنّ يتّصف بها.

الحديث التاسع: مجهول.

قولهعليه‌السلام : أيّ شيء الله أكبر؟ أيّ ما المراد به وما معناه؟

٥٧

كلّ شيء فقال وكان ثَمَّ شيء فيكون أكبر منه فقلت وما هو قال الله أكبر من أنّ يوصف.

١٠ - عليُّ بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس، عن هشام بن الحكم قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن سبحان الله فقال أنفة لله.

١١ - أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن عليّ بن أسباط، عن سليمان مولى طربال، عن هشام الجواليقيّ قال - سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزّ وجلَّ «سبحان اللهِ » ما يعنى به قال تنزيهه.

١٢ - عليُّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد ومحمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعاً، عن أبي هاشم الجعفريّ قال: سألت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام ما معنى الواحد فقال إجماع الألسن عليه بالوحدانيّة كقوله تعالى «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ

________________________________________________________

قولهعليه‌السلام : وكان ثمّ شيء؟ استفهام للإنكار أيّ أكان في مرتبة تداني مرتبته سبحانه، ويصحّ فيها النسبة بينه وبين غيره شيء، والحاصل أنّه يضمحلّ في جنب عظمته وجلاله كلّ شيء، فلا وجه للمقايسة، أو المعنى أنّه لم يكن في الأزل شيء، وكانت هذه الكلمة صادقة في الأزل، والأوّل أعلى وأظهر.

الحديث العاشر: صحيح.

قولهعليه‌السلام : أنفة لله، أيّ براءة وتعال وتنزّه له سبحانه عن صفات المخلوقات ونصب سبحان على المصدر، أيّ أسبّح الله سبحاناً يليق به ويقال: أنف منه أيّ استنكف.

الحديث الحادي عشر: ضعيف.

الحديث الثاني عشر: صحيح.

قولهعليه‌السلام : إجماع الألسن، أيّ معنى الواحد في أسمائه وصفاته سبحانه ما أجمع عليه الألسن من وحدانيّته وتفرّده بالخالقيّة والألوهيّة، كقوله: «وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ » أيّ جميع الخلق إذا راجعوا إلى أنفسهم وجانبوا الأغراض الفاسدة الّتي صرفتهم

٥٨

مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ »(١)

( باب آخر وهو من الباب الأوّل)

( إلّا أنّ فيه زيادة وهو الفرق ما بين المعاني الّتي تحت أسماء الله )

( وأسماء المخلوقين )

١ - عليّ بن إبراهيم، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمدانيّ ومحمّد بن الحسن، عن عبد الله بن الحسن العلويّ جميعاً، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال سمعته يقول : وهو اللّطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، لو كان كما يقول المشبّهة لم يعرف

________________________________________________________

عن مقتضى عقولهم، أو المراد به مشركو مكّة، فأنّ شركهم كان في المعبوديّة لا الخالقيّة، ويحتمل أنّ يكون الواحد في الله سبحانه موضوعاً شرعاً لهذا المعنى، أيّ من أجمعت الألسن على وحدانيّته.

باب آخر وهو من الباب الأوّل إلّا أنّ فيه زيادة، وهو الفرق ما بين

المعاني تحت أسماء الله وأسماء المخلوقين.

الحديث الأوّل: مجهول، وأبو الحسنعليه‌السلام يحتمل الثاني والثالثعليهما‌السلام قال ابن الغضائري: اختلفوا في أنّ مسئول فتح بن يزيد هو الرّضاعليه‌السلام أم الثالث، وصرّح الصّدوق بأنّه الرضاعليه‌السلام .

قولهعليه‌السلام : لم يعرف الخالق، في التّوحيد هكذا «وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحدّ »، منشئ الأشياء ومجسّم الأجسام ومصوّر الصور، ولو كان كما يقولون لم يعرف » وهو أصوب، والمعنىّ أنّه لو كان قول المشبّهة حقّاً لم يتميّز الخالق من المخلوق، لاشتراكهما في الصّفات الإمكانيّة، وعلى ما في الكتاب: المعنى: لا يمكن معرفة الخالق من المخلوق، وبالمقايسة إليه، إذ ليس المخلوق ذاتيّاً لخالقه ولا مرتبطاً به

__________________

(١) سورة الزمر: ٣٨.

٥٩

الخالق من المخلوق ولا المنشئ من المنشأ لكنّه المنشئ فرَّق بين من جسّمه وصوَّره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئاً قلت أجل جعلني الله فداك لكنّك قلت الأحد الصمد وقلت لا يشبهه شيء والله واحدٌ والإنسان واحدٌ أليس قد تشابهت الوحدانيّة قال يا فتح أحلت ثبّتك الله إنّما التشبيه في المعاني فأمّا في الأسماءِ فهي واحدةٌ وهي دالّة على المسمّى وذلك أنّ الإنسان وإن قيل واحدٌ

________________________________________________________

ارتباطاً يصحّح الحمل والقول عليه، والمراد بالخلق إمّا مطلق الإيجاد، فقوله: ولا المنشئ، من المنشأ كالمفسّر والمؤكّد له، أو المراد به التقدير والتصوير، فقوله: ولا المنشأ تعميم، والضمير في لكنّه إمّا للشأنّ أو راجع إليه سبحانه.

قوله: فرق، إمّا اسم أيّ الفرق والامتياز لازم بينه سبحانه وبين من جسّمه أيّ أوجدّه جسماً، أو أعطاه حقيقة الجسميّة، وصوّره أيّ أوجدّه متصوراً بصورة خاصّة وأنشأه من العدم، فقوله: إذ كان تعليل لعدم المعرفة أو الفرق، أو فعل، أيّ فرق وباين بين المهيات وصفاتها ولوازمها، وجعل لكلّ منها حقيقة خاصّة وصفة مخصوصة فقوله: « إذ » يحتمل الظرفية والتعليل، فعلى الأوّل، المعنى: أنّه خلقها في وقت لم يكن متصفاً بشيء من تلك الحقائق والصّفات، ولم يكن في شيء منها شبيهاً بالمخلوقات وعلى الثاني لعل المعنى أنّه أعطى المخلوقات المهيات المتباينة والصّفات المتضادّة لأنّه لم يكن يشبهه شيئاً منها، إذ لو كان متّصفاً بأحدّ تلك الأضداد لم يكن معطياً لضدّها، إذ لو كان حاراً مثلاً لم يكن معطياً ومفيضاً للبرودة، فلـمّا لم يكن متصفاً بشيء منهما صار علّة لكلّ منهما فيما يستحقّه من الموادّ، وأيضاً لو كان مشاركاً لبعضها في المهيّة لم يكن معطياً تلك المهيّة غيره، وإلّا لزم كون الشيء علّة لنفسه.

قولهعليه‌السلام : أحلت، أيّ أتيت بالمحال وقلت به، ثبتّك الله، أيّ على الحق.

قولهعليه‌السلام : إنّما التشبيه بالمعاني، أيّ التشبيه الممنوع منه إنّما هو تشبيه معنى حاصل فيه تعالى بمعنى حاصل للخلق، لا محض إطلاق لفظ واحد عليه تعالى، وعلى الخلق بمعنيين متغايرين، أو المعنى أنّه ليس التشبيه هنا في كنه الحقيقة والذّات،

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

النساء في العذرة وكل عيب لا يراه الرجال.

٨ ـ عنه ، عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا تجوز شهادة النساء في رؤية الهلال ولا تجوز في الرجم شهادة رجلين وأربع نسوة وتجوز في ذلك ثلاثة رجال وامرأتان وقال تجوز شهادة النساء وحدهن بلا رجال في كل ما لا يجوز للرجال النظر إليه وتجوز شهادة القابلة وحدها في المنفوس.

٩ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نجران ، عن مثنى الحناط ، عن زرارة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن شهادة النساء تجوز في النكاح قال نعم ولا تجوز في الطلاق قال وقال عليعليه‌السلام تجوز شهادة النساء في الرجم إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان وإذا كان أربع نسوة ورجلان فلا تجوز في الرجم قلت تجوز شهادة النساء مع الرجال في الدم قال لا.

١٠ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن المرأة يحضرها الموت وليس عندها إلا امرأة أتجوز شهادتها أم لا تجوز فقال تجوز شهادة النساء في المنفوس والعذرة.

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن إبراهيم الحارثي قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول تجوز شهادة النساء فيما لا يستطيع الرجال أن ينظروا

الحديث الثامن : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « في المنفوس » أي في ربع ميراث المستهل.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

الحديث العاشر : ضعيف على المشهور.

وظاهره عدم جواز شهادة النساء في الوصية ، ويمكن حمله على أنه لا تقبل شهادتها في تحقق الموت أو في سائر ما صدر عنها سوى الوصية.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

٢٤١

إليه ويشهدوا عليه وتجوز شهادتهن في النكاح ولا تجوز في الطلاق ولا في الدم وتجوز في حد الزنى إذا كان ثلاثة رجال وامرأتان ولا تجوز إذا كان رجلان وأربع نسوة ولا تجوز شهادتهن في الرجم.

١٢ ـ ابن محبوب ، عن عمر بن يزيد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل مات وترك امرأته وهي حامل فوضعت بعد موته غلاما ثم مات الغلام بعد ما وقع إلى الأرض فشهدت المرأة التي قبلتها أنه استهل وصاح حين وقع إلى الأرض ثم مات قال على الإمام أن يجيز شهادتها في ربع ميراث الغلام.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن أبي نصر ، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال أجيز شهادة النساء في الغلام صاح أم لم يصح وفي كل شيء لا ينظر إليه الرجال تجوز شهادة النساء فيه.

الحديث الثاني عشر : صحيح.

وعليه الفتوى وقالوا : بثبوت النصف بشهادة اثنتين والثلاثة أرباع بشهادة ثلاث ، والكل بشهادة أربع ، واستدلوا على الجميع بهذا الخبر ، وفيه خفاء وورد الجميع في رواية مرسلة رواها الصدوق (ره) ، والاثنتان في صحيحة ابن سنان ، ولعل هذه الأمور مع الشهرة التامة بين الأصحاب تكفي في ثبوت الحكم.

الحديث الثالث عشر : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « صاح أو لم يصح » أي تجوز شهادتهن في أنه صاح فيورث أو لم يصح فلا يورث ، أو المراد أنهن إذا شهدن بالحياة بعد الولادة يورث ، سواء شهدن بالصياح أم لا ، إذ قد يحصل العلم بالحركة وغيرها أيضا.

٢٤٢

( باب )

( شهادة المرأة لزوجها والزوج للمرأة )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال تجوز شهادة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها إذا كان معها غيرها.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار بن مروان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أو قال سأله بعض أصحابنا عن الرجل يشهد لامرأته قال إذا كان خيرا جازت شهادته لامرأته.

( باب )

( شهادة الوالد للولد وشهادة الولد للوالد وشهادة الأخ لأخيه )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن

باب شهادة المرأة لزوجها والزوج للمرأة

الحديث الأول : صحيح.

وقال الشيخ (ره) في بعض كتبه باشتراط انضمام عدل آخر مع الوالد إذا شهد لولده أو عليه ، وكذا في الأخ لأخيه وعليه والزوج لامرأته وعليها وكذا العكس ، وتبعه ابن البراج وابن حمزة والمشهور عدم التقييد.

وقوله عليه‌السلام : « إذا كان معها غيرها » لعل المعنى أن شهادتها إنما تحسب بشهادة واحد إذا كان معها غيرها.

الحديث الثاني : صحيح.

باب شهادة الوالد للولد وشهادة الولد للوالد وشهادة الأخ لأخيه

الحديث الأول : موثق.

٢٤٣

أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن شهادة الولد لوالده والوالد لولده والأخ لأخيه قال فقال تجوز.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن شهادة الوالد لولده والولد لوالده والأخ لأخيه فقال تجوز.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبي المغراء ، عن الحلبي قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام تجوز شهادة الولد لوالده والوالد لولده والأخ لأخيه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار بن مروان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام أو قال سأله بعض أصحابنا عن الرجل يشهد لأبيه أو الأب يشهد لابنه أو الأخ لأخيه قال لا بأس بذلك إذا كان خيرا جازت شهادته لأبيه والأب لابنه والأخ لأخيه.

الحديث الثاني : حسن.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : صحيح.

وقال في المسالك : لا خلاف في قبول شهادة الأقرباء بعضهم لبعض إلا شهادة الولد على والده فإن أكثر الأصحاب ذهبوا إلى عدم قبولها حتى نقل الشيخ في الخلاف عليه الإجماع ، وقد خالف في ذلك المرتضى ، لقوله تعالى «كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ »(١) وغيرها من الآيات والأخبار وإليه ذهب الشهيد في الدروس ، وعلى الأول هل يتعدى الحكم إلى من علا من الآباء وسفل من الأولاد وجهان.

__________________

(١) سورة النساء الآية ـ ١٣٤.

٢٤٤

( باب )

( شهادة الشريك والأجير والوصي )

١ ـ أبو علي الأشعري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى وحميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة جميعا ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ثلاثة شركاء شهد اثنان على واحد قال لا يجوز شهادتهما.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن الصلت قال سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن رفقة كانوا في طريق فقطع عليهم الطريق فأخذوا اللصوص فشهد بعضهم لبعض قال لا تقبل شهادتهم إلا بإقرار من اللصوص أو شهادة من غيرهم عليهم.

٣ ـ محمد بن يحيى قال كتب محمد بن الحسن إلى أبي محمدعليه‌السلام هل تقبل شهادة الوصي للميت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل فوقععليه‌السلام إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدعي يمين وكتب أيجوز للوصي أن يشهد لوارث الميت صغير أو كبير بحق له على

باب شهادة الشريك والأجير والوصي

الحديث الأول : موثق.

ولا خلاف في عدم قبول شهادة الشريك فيما هو شريك فيه.

الحديث الثاني : مجهول.

ولا خلاف في عدم قبول شهادة كل منهم فيما أخذ منه ، ولا في قبول شهادته إذا لم يؤخذ منه شيء ، وفي قبول شهادته في حق الشركاء إذا أخذ منه أيضا خلاف والأشهر عدم القبول ، والخبر يدل عليه.

الحديث الثالث : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « فعلى المدعي يمين » أي لا عبرة بشهادة الوصي ، ومع وجود شاهد

٢٤٥

الميت أو على غيره وهو القابض للوارث الصغير وليس للكبير بقابض فوقععليه‌السلام نعم ينبغي للوصي أن يشهد بالحق ولا يكتم الشهادة وكتب أوتقبل شهادة الوصي على الميت مع شاهد آخر عدل فوقععليه‌السلام نعم من بعد يمين.

آخر يثبت الحق به ، وبيمين الوارث.

قوله عليه‌السلام : « ينبغي للوصي » هذا لا ينافي عدم قبول شهادته في حق الصغير كما هو المشهور من عدم قبول شهادة الوصي فيما هو وصي فيه ، وذهب ابن الجنيد إلى قبولها كما يوهمه الخبر.

قوله عليه‌السلام : « نعم من بعد يمين » يدل مع صحته على ثبوت اليمين الاستظهاري إذا كان الدعوى على الميت إذ لا مانع من قبول شهادة الوصي على الميت ، وإنما لا يقبل إذا كانت له ، ولم يتعرض الأكثر لهذا الخبر في هذا الباب مع صحته ، وإنما استدلوا في ذلك برواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله « قال : قلت للشيخ : أخبرني عن الرجل يدعي قبل الرجل الحق فلا يكون له بينة بماله ، قال : فيمين المدعى عليه ، فإن حلف فلا حق له ، وإن لم يحلف فعليه ، فإن كان المطلوب بالحق قد مات فأقيمت عليه البينة فعلى المدعى عليه اليمين بالله الذي لا إله إلا هو لقد مات فلان ، وأن حقه لعليه ، فإن حلف وإلا فلا حق له لأنا لا ندري لعله قد وفاه ببينة لا نعلم موضعها أو بغير بينة ، قبل الموت ، فمن ثم صارت عليه اليمين مع البينة ، فإن ادعى ولا بينة ، فلا حق له ، لأن المدعى عليه ليس بحي ، ولو كان حيا لألزم اليمين ، أو الحق أو يرد اليمين فمن ثم لم يثبت له حق » ، وفي الرواية على المشهور جهالة.

وقال في المسالك : واعلم أنه مع العمل بمضمون الخبر يجب الاقتصار على ما دل عليه من كون الحلف على المدعي مع دعواه الدين على الميت كما يدل عليه قوله « لعله قد وفاه » فلو كانت الدعوى عينا في يده بعارية دفعت إليه مع البينة من غير يمين انتهى ، ولا يخفى أن إطلاق هذا الخبر الصحيح شامل للعين أيضا ، وإن كان مختصا بمورد خاص إذا العامة(١) والمسألة محل إشكال.

__________________

(١) الظاهر أنّ الصحيح « إذا لعلّة عامّة » والعلّة احتمال أداء ثمنه أو هبته له.

٢٤٦

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن العلاء بن سيابة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يجيز شهادة الأجير.

( باب )

( ما يرد من الشهود )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما يرد من الشهود قال فقال الظنين والمتهم قال قلت فالفاسق والخائن قال ذلك يدخل في الظنين.

الحديث الرابع : مجهول أو ضعيف ، واختلف الأصحاب في قبول شهادة الأجير.

فذهب الشيخ في النهاية والصدوق وأبو الصلاح وجماعة إلى عدم قبول شهادته ما دام أجيرا لكثير من الروايات الدالة بعضها بالمنطوق وبعضها بالمفهوم عليه ، والمشهور بين المتأخرين قبولها ، فمنهم من قدح في طريق الروايات ، ومنهم من حملها على الكراهة ، ولعل مرادهم كراهة الإشهاد وإلا فلا معنى له ومنهم من حملها على ما إذا كان هناك تهمة بجلب نفع أو دفع ضرر ، كما لو شهد لمن استأجره لقصارة الثوب أو خياطته.

باب ما يرد من الشهود

الحديث الأول : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « الظنين » أي الذي يظن به السوء ، والمتهم من يجر بشهادته نفعا كالوصي فيما هو وصي فيه ، وأشباهه.

وقال في النهاية : فيه « لا تجوز شهادة ظنين » أي متهم في دينه ، فعيل بمعنى مفعول ، من الظنة : التهمة.

٢٤٧

٢ ـ عنه ، عن عبد الله بن مسكان ، عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذي يرد من الشهود فقال الظنين والخصم قال قلت فالفاسق والخائن قال فقال كل هذا يدخل في الظنين.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن شعيب ، عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عما يرد من الشهود فقال الظنين والمتهم والخصم قال قلت الفاسق والخائن قال كل هذا يدخل في الظنين.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبان ، عن أبي بصير قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن ولد الزنى أتجوز شهادته فقال لا فقلت إن الحكم بن عتيبة يزعم أنها تجوز قال اللهم لا تغفر ذنبه ما قال الله عز وجل للحكم بن عتيبة «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ».

الحديث الثاني : صحيح.

وحمل الخصم على من يكون له عداوة دنيوية فلا تقبل إذا شهد على خصمه ، وإذا شهد له قبل إذا لم يمنع خصومته عدالته ، بأن لا يتضمن فسقا كما هو المشهور بين الأصحاب.

وقال في الدروس : ومن التهمة المانعة لقبول الشهادة العداوة الدنيوية وإن لم تتضمن فسقا كما هو المشهور ، ويتحقق بأن يعلم من كل منهما السرور بمساءة الآخر وبالعكس أو بالتقاذف ، ولو كانت العداوة من أحد الجانبين اختص بالقبول الخالي منهما دون الآخر ، وإلا لملك كل غريم رد شهادة العدل عليه ، بأن يقذفه أو يخاصمه ، ولو شهد العدو لعدوه ، قبلت إذا لم تتضمن فسقا ، وأما العداوة الدينية فغير مانعة.

الحديث الثالث : صحيح.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

ويدل على عدم قبول شهادة ولد الزنا كما هو المشهور. قال في القواعد : لا تقبل شهادة ولد الزنا مطلقا ، وقيل : تقبل في الشيء الدون مع صلاحه.

٢٤٨

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جراح المدائني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال لا أقبل شهادة الفاسق إلا على نفسه.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام لا تجوز شهادة ولد الزنى.

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه كان لا يقبل شهادة فحاش ولا ذي مخزية في الدين.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن فضال ، عن إبراهيم بن محمد الأشعري ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبيه قال سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول لو أن أربعة شهدوا عندي على رجل بالزنى وفيهم ولد الزنى لحددتهم جميعا لأنه لا تجوز شهادته ولا يؤم الناس.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن موسى ، عن أحمد بن الحسن بن علي ، عن أبيه ، عن علي بن عقبة ، عن موسى بن أكيل النميري ، عن العلاء بن سيابة قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول لا تقبل شهادة صاحب النرد والأربعة عشر وصاحب الشاهين يقول لا والله وبلى والله مات والله شاه وقتل والله شاه وما مات وما قتل.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : صحيح.

الحديث السابع : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ذي مخزية » كالمحدود قبل توبته وولد الزنا والفاسق ، قال في القاموس : خزي : كرضى خزيا بالكسر وخزا وقع في بلية وشهرة فذل بذلك ، كأخزى وأخزاه الله فضحه.

الحديث الثامن : موثق.

الحديث التاسع : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « مات والله شاه » أي مع أنه يقامر يحلف ، وقد نهى الله عنه ، وكذا يكذب وهو قبيح ، ولعل هذه الوجوه الاستحسانية إنما أوردت إلزاما على

٢٤٩

١٠ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا تقبل شهادة سابق الحاج لأنه قتل راحلته وأفنى زاده وأتعب نفسه واستخف بصلاته قلت فالمكاري والجمال والملاح قال فقال وما بأس بهم تقبل شهادتهم إذا كانوا صلحاء.

١١ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال لا يصلى خلف من يبتغي على الأذان والصلاة الأجر ولا تقبل شهادته.

العامة لاعتنائهم بها في المسائل الشرعية ، وإلا فالمجاز ليس بكذب ، وفي الفقيه(١) « والله تعالى ذكره شاهه ما مات ولا قتل » ولا يبعد أن يكون الصدوق فسر الخبر بذلك فرارا عما ذكرنا ، مع أنه لا ينفع كما لا يخفى ، وفي التهذيب كما هنا.

الحديث العاشر : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « سابق الحاج » قال الوالد العلامة : في بعض النسخ بالباء الموحدة ، وفي بعضها بالمثناة من تحت ، وروى الصدوق والبرقي في القوي عن الوليد بن صبيح « أنه قال لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة ، فقال : ما لهذا صلاة ما لهذا صلاة » وروى الكشي في الصحيح عن عبد الله ابن عثمان « قال : ذكر عند الصادقعليه‌السلام أبو حنيفة السابق ، وأنه يسير في أربعة عشر ، فقال : لا صلاة له » فلو كان بالموحدة فالظاهر أنه كان يذهب بالحاج قبل القافلة ، وبالمثناة كان يذهب بالمتخلفين بهذه السرعة ، والذم بالأول أنسب ، وذكروا أيضا أنه ثقة ، فلعله بمعنى عدم الكذب ، أو لم يصل إلى النجاشي هذه الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « وأفنى زاده » إفناء الزاد لأنهم كثيرا ما يطرحونه في الطريق للخفة والاستخفاف بالصلاة لأنهم كانوا يصلون على الراحلة ، وقال يحيى بن سعيد في جامعه : لا تقبل شهادة سابق الحاج فإنه أتعب نفسه وراحلته وأفنى زاده ، واستخف بصلاته ، والأكثر لم يتعرضوا له.

الحديث الحادي عشر : مجهول.

__________________

(١) الفقيه ج ٣ ص ٢٧ ج ٧٦.

٢٥٠

١٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يكن يجيز شهادة سابق الحاج.

١٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن ابن فضال ، عن حماد بن عثمان ، عن حريز ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال رد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شهادة السائل الذي يسأل في كفه قال أبو جعفرعليه‌السلام لأنه لا يؤمن على الشهادة وذلك لأنه إن أعطي رضي وإن منع سخط.

١٤ ـ محمد بن يحيى ، عن العمركي بن علي ، عن علي بن جعفر ، عن أخيه أبي الحسنعليه‌السلام قال سألته عن السائل الذي يسأل في كفه هل تقبل شهادته فقال كان أبيعليه‌السلام لا يقبل شهادته إذا سأل في كفه.

( باب )

( شهادة القاذف والمحدود )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن محمد بن الفضيل ، عن

الحديث الثاني عشر : ضعيف.

الحديث الثالث عشر : موثق.

وقال في الدروس : وأما السائل بكفه فالمشهور عدم قبول شهادته ، لصحيحة علي بن جعفر وموثقة محمد بن مسلم عن الباقرعليه‌السلام لأنه يرضى إذا أعطي ويسخط إذا منع ، وفيه إيماء إلى تهمته ، واستدرك ابن إدريس من دعته الضرورة إلى ذلك وهو حسن ، وفي حكم السائل بكفه الطفيلي.

الحديث الرابع عشر : [ صحيح ].

باب شهادة القاذف والمحدود

الحديث الأول : مجهول.

٢٥١

أبي الصباح الكناني قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن القاذف بعد ما يقام عليه الحد ما توبته قال يكذب نفسه قلت أرأيت إن أكذب نفسه وتاب أتقبل شهادته قال نعم.

٢ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد وحماد ، عن القاسم بن سليمان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الرجل يقذف الرجل فيجلد حدا ثم يتوب ولا يعلم منه إلا خيرا أتجوز شهادته قال نعم ما يقال عندكم قلت يقولون توبته فيما بينه وبين الله ولا تقبل شهادته أبدا فقال بئس ما قالوا كان أبي يقول إذا تاب ولم يعلم منه إلا خيرا جازت شهادته.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أن أمير المؤمنينعليه‌السلام شهد عنده رجل وقد قطعت يده ورجله بشهادة فأجاز شهادته

وقال في التحرير : القاذف إن كان زوجا فبين قذفه بالشهود أو اللعان أو الإقرار أو كان أجنبيا فبينه بالبينة أو الإقرار لم يتعلق بقذفه فسق ولا حد ولا رد شهادة ، وإن لم يبين وجب الحد وحكم بفسقه وردت شهادته ، ولو تاب القاذف لم يسقط الحد ، وزال الفسق إجماعا وقبلت شهادته ، سواء جلد أو لم يجلد وحد التوبة أن يكذب نفسه إن كان كاذبا بمحضر من الناس ويخطئ نفسه إن كان صادقا ، وقيل : يكذب نفسه مطلقا ، ثم إن كان صادقا ورى باطنا ، والأول أقرب ، والثاني مروي وإن كان ليس بعيدا من الصواب ، لأنه تعالى سمى القاذف كاذبا ، والأقرب الاكتفاء بالتوبة وعدم اشتراط إصلاح العمل ، والإصلاح المعطوف على التوبة يحتمل أن يكون المراد به التوبة.

الحديث الثاني : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « ولا تقبل » لعلهم كانوا يستدلون بقوله تعالى : «وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ »(٢) ولم يتعرضعليه‌السلام لدفعه لظهور وهنه فتأمل.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الفقيه جلد ٣ الصفحة ٢٧.

(٢) سورة النور الآية ـ ٤.

٢٥٢

وقد كان تاب و [ قد ] عرفت توبته.

٤ ـ وبهذا الإسناد قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ليس يصيب أحد حدا فيقام عليه ثم يتوب إلا جازت شهادته.

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن الذي يقذف المحصنات تقبل شهادته بعد الحد إذا تاب قال نعم قلت وما توبته قال يجيء ويكذب نفسه عند الإمام ويقول قد افتريت على فلانة ويتوب مما قال.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن سنان قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحدود إن تاب تقبل شهادته فقال إذا تاب وتوبته أن يرجع مما قال ويكذب نفسه عند الإمام وعند المسلمين فإذا فعل فإن على الإمام أن يقبل شهادته بعد ذلك.

( باب )

( شهادة أهل الملل )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن أبي عبيدة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال تجوز شهادة المسلمين على جميع أهل الملل ولا تجوز شهادة أهل الذمة على المسلمين.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن زرعة ، عن سماعة قال

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

الحديث الخامس : مجهول.

الحديث السادس : صحيح.

باب شهادة أهل الملل

الحديث الأول : حسن كالصحيح.

الحديث الثاني : موثق.

٢٥٣

سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن شهادة أهل الملة قال فقال لا تجوز إلا على أهل ملتهم فإن لم تجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد.

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قال أمير المؤمنينعليه‌السلام اليهود والنصارى إذا شهدوا ثم أسلموا جازت شهادتهم.

٤ ـ علي ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال سألته عن الصبي والعبد والنصراني يشهدون بشهادة فيسلم النصراني أتجوز شهادته قال نعم.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن حمران ، عن

وقال في الروضة : لا تقبل شهادة الكافر وإن كان ذميا ولو كان المشهود عليه كافرا على الأصح ، خلافا للشيخ حيث قبل شهادة أهل الذمة لملتهم وعليهم استنادا إلى رواية ضعيفة ، وللصدوق حيث قبل شهادتهم على مثلهم وإن خالفهم في الملة كاليهود والنصارى ، ولا تقبل شهادة غير الذمي إجماعا ، ولا شهادته على المسلم إجماعا إلا في الوصية ، عند عدم عدول المسلمين فتقبل شهادة الذمي بها ، ويمكن أن يريد اشتراط فقد المسلمين مطلقا ، بناء على تقدم المستورين والفاسقين الذين لا يستند فسقهم إلى الكذب ، وهو قول العلامة في التذكرة [ ويضعف ] باستلزامه التعميم في غير محل الوفاق ، وفي اشتراط السفر قولان : أظهرهما العدم ، وكذا الخلاف في إحلافهما بعد العصر ، فأوجبه العلامة عملا بظاهر الآية ، والأشهر العدم ، فإن قلنا به فليكن بصورة الآية بأن يقولا بعد الحلف [ بالله ] : «لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ »(١) .

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « إذا شهدوا » أي صاروا شاهدين.

الحديث الرابع : صحيح.

الحديث الخامس : مجهول.

__________________

(١) سورة المائدة الآية ـ ١٠٦.

٢٥٤

أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن نصراني أشهد على شهادة ثم أسلم بعد أتجوز شهادته قال نعم هو على موضع شهادته.

٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل «أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال إذا كان الرجل في أرض غربة لا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم على الوصية.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن ضريس الكناسي قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن شهادة أهل الملل هل تجوز على رجل من غير أهل ملتهم فقال لا إلا أن لا يوجد في تلك الحال غيرهم فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم في الوصية لأنه لا يصلح ذهاب حق امرئ مسلم ولا تبطل وصيته.

٨ ـ ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل : «ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ » قال فقال اللذان منكم مسلمان واللذان من غيركم من أهل الكتاب قال فإنما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة فيطلب رجلين مسلمين ليشهدهما على وصيته فلم يجد مسلمين فليشهد على وصيته رجلين ذميين من أهل الكتاب مرضيين عند أصحابهما.

( باب )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله

الحديث السادس : حسن.

الحديث السابع : صحيح.

الحديث الثامن : صحيح.

باب

الحديث الأول : صحيح.

٢٥٥

عليه‌السلام في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل فقال لم أشهده فقال تجوز شهادة أعدلهما ولو كان أعدلهما واحدا لم تجز شهادته عدالة فيهما.

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في رجل شهد على شهادة رجل فجاء الرجل فقال لم أشهده فقال تجوز شهادة أعدلهما.

( باب )

( شهادة الأعمى والأصم )

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمد بن قيس ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال سألته عن شهادة الأعمى فقال

قوله : « لم أشهده » أي أعلم أنه كاذب فيما ينسب إلى أو لا أعلم الآن حقية ما يقول ، ويمكن أن يقرأ من باب الأفعال ، ولعله أظهر كما فهمه القوم ، وأما الحكم فالشيخ في النهاية وجماعة عملوا بمدلول الخبرين ، وقالوا : لو كذب الفرع الأصل تعمل بشهادة أعدلهما ، فإن تساويا طرح الفرع ، والأشهر بين المتأخرين هو أنه إن كان قبل حكم الحاكم لا عبرة بشهادة الفرع مع تكذيب الأصل ، وإن كان بعده نفذ حكم الحاكم ، ولا عبرة بقول الأصل ، فيحملون هذين الخبرين على ما إذا شك الأصل قبل حكم الحاكم ، فينفذ بعده مطلقا ، ومنهم من قال به بعد الحكم فيبطل شهادة الفرع قبله مطلقا ، والأول أقوى لصحة الخبر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

باب شهادة الأعمى والأصم

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

وقال في الدروس : تقبل شهادة الأعمى فيما لا يفتقر إلى الرؤية ، ولو تحمل الشهادة مبصرا ثم كف جازت إقامتها إن كانت مما لا يفتقر إلى البصر ، وإلا اشتراط

٢٥٦

نعم إذا أثبت.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحجال ، عن ثعلبة بن ميمون ، عن محمد بن قيس قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الأعمى تجوز شهادته قال نعم إذا أثبت.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن إسماعيل بن مهران ، عن درست ، عن جميل قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن شهادة الأصم في القتل قال يؤخذ بأول قوله ولا يؤخذ بالثاني.

( باب )

( الرجل يشهد على المرأة ولا ينظر وجهها )

١ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن أخيه جعفر بن عيسى بن يقطين ، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام قال لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها أو حضر من يعرفها فأما إن لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى إقرارها دون أن تسفر وينظروا إليها.

معرفته بالمشهود عليه قطعا باسمه ونسبه ، أو يعرفه عنده عدلان أو مقبوضا بيده ، وكذا في تحمل الشهادة على ما يحتاج إلى البصر يفتقر إلى أحد الثلاثة ، ويصح كونه مترجما عند الحاكم ، و [ شهادة ] الأصم مسموع في المبصرات ، وفي رواية جميل عن الصادقعليه‌السلام لو شهد بالقتل أخذنا بأول قوله ، لا ثانيه ، وعليها الشيخ وأتباعه ، ولم يقيدوا بالقتل والأكثر على إطلاق قبول شهادته ، وهو الأصح ، وفي طريق الرواية سهل بن زياد وهو مجروح.

الحديث الثاني : صحيح على الظاهر.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

باب الرجل يشهد على المرأة ولا ينظر وجهها

الحديث الأول : مجهول. وعليه الفتوى.

٢٥٧

( باب النوادر )

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن معاوية بن وهب قال كان البلاط حيث يصلى على الجنائز سوقا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسمى البطحاء يباع فيها الحليب والسمن والأقط وإن أعرابيا أتى بفرس له فأوثقه فاشتراه منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل ليأتيه بالثمن فقام ناس من المنافقين فقالوا بكم بعت فرسك قال بكذا وكذا قالوا بئس ما بعت فرسك خير من ذلك وإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إليه بالثمن وافيا طيبا فقال الأعرابي ما بعتك والله فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سبحان الله بلى والله لقد بعتني وارتفعت الأصوات فقال الناس : رسول الله يقاول الأعرابي فاجتمع ناس كثير فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام ومع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أصحابه إذ أقبل خزيمة بن ثابت الأنصاري ففرج الناس بيده حتى انتهى إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أشهد يا رسول الله لقد اشتريته منه فقال الأعرابي أتشهد ولم تحضرنا وقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أشهدتنا فقال له لا يا رسول الله ولكني علمت أنك قد اشتريت أفأصدقك بما جئت به من عند الله ولا أصدقك على هذا الأعرابي الخبيث قال فعجب له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال يا خزيمة شهادتك شهادة رجلين.

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن جعفر بن يحيى ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن الحسين بن زيد ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن أبيهعليه‌السلام قال أتي عمر بن الخطاب بقدامة بن مظعون وقد شرب الخمر فشهد عليه رجلان

باب النوادر

الحديث الأول : صحيح.

قال الجوهري :البلاط بالفتح الحجارة المفروشة في الدار وغيرها.

الحديث الثاني : ضعيف على الظاهر.

وقال في الروضة : قال الشهيد (ره) في شرح الإرشاد : عليها فتوى الأصحاب لم أقف فيه على مخالف ، والعلامة استشكل الحكم في القواعد من حيث أن القيء

٢٥٨

أحدهما خصي وهو عمرو التميمي والآخر المعلى بن الجارود فشهد أحدهما أنه رآه يشرب وشهد الآخر أنه رآه يقيء الخمر فأرسل عمر إلى أناس من أصحاب رسول الله فيهم أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال لأمير المؤمنينعليه‌السلام ما تقول يا أبا الحسن فإنك الذي قال فيك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنت أعلم هذه الأمة وأقضاها بالحق فإن هذين قد اختلفا في شهادتهما قال ما اختلف في شهادتهما وما قاءها حتى شربها فقال هل تجوز شهادة الخصي قال ما ذهاب لحيته إلا كذهاب بعض أعضائه.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن موسى بن بكر ، عن الحكم بن أبي عقيل قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام إن لي خصما يتكثر علي بالشهود الزور وقد كرهت مكافأته مع أني لا أدري أيصلح لي ذلك أم لا قال فقال لي أما بلغك عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنه كان يقول لا تؤسروا أنفسكم وأموالكم بشهادات الزور فما على امرئ من وكف في دينه ولا مأثم من ربه أن يدفع ذلك عنه كما أنه لو دفع بشهادته عن فرج حرام وسفك دم حرام كان ذلك خيرا

وإن لم يحتمل إلا الشرب ، إلا أن مطلق الشرب لا يوجب الحد ، لجواز الإكراه ، ويندفع بأن الإكراه خلاف الأصل ، ولأنه لو كان لادعاه.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله : « لا تؤسروا » يحتمل أن يكون مشتقا من اليسار ، أي لا تجعلوا أنفسكم موسرة بشهادة الزور ، وعامل أموالكم محذوف كما في قولهم علفته تبنا وماء باردا أي لا تكثروا أموالكم والمعنى أنه لا يصلح أن تأخذ بشهادة الزور منه حقا ليس لك ، ولكن يجوز أن تدفع مالك بشهادة الزور أو بالحق بأن تأتي بشهود على جرح شهوده وغير ذلك من وجوه الدفع ، أو من الأسر على التهديد ، أي لا تشهدوا بالزور فتحبس أنفسكم وأموالكم بسببها ، أو لا تجعلوا أنفسكم وأموالكم أسيرا للناس ، بشهادة الزور(١) عنكم بكل وجه ممكن ، فيصح التفريع بلا تكلف ، وهذا أظهر الوجوه.

وقال في الصحاح :الوكف بالتحريك : الإثم والعيب ، يقال : ليس عليك في

__________________

(١) [ عليكم بل ادفعوا شهادة الزور ] عنكم.

٢٥٩

له وكذلك مال المرء المسلم.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن أنه كتب إلى أبي محمدعليه‌السلام في رجل باع ضيعته من رجل آخر وهي قطاع أرضين ولم يعرف الحدود في وقت ما أشهده وقال إذا ما أتوك بالحدود فاشهد بها هل يجوز له ذلك أو لا يجوز له أن يشهد فوقععليه‌السلام نعم يجوز والحمد لله وكتب إليه رجل كان له قطاع أرضين فحضره الخروج إلى مكة والقرية على مراحل من منزله ولم يؤت بحدود أرضه وعرف حدود القرية الأربعة فقال للشهود اشهدوا أني قد بعت من فلان جميع القرية التي حد منها كذا والثاني والثالث والرابع وإنما له في هذه القرية قطاع أرضين فهل يصلح للمشتري ذلك وإنما له بعض هذه القرية وقد أقر له بكلها فوقععليه‌السلام لا يجوز بيع ما ليس يملك وقد وجب الشراء على البائع على ما يملك وكتب هل يجوز للشاهد الذي أشهده بجميع هذه القرية أن يشهد بحدود قطاع الأرض التي له فيها إذا تعرف حدود هذه القطاع بقوم من أهل هذه القرية إذا كانوا عدولا فوقععليه‌السلام نعم يشهدون على شيء مفهوم معروف وكتب رجل قال لرجل اشهد أن جميع الدار التي له في موضع كذا وكذا بحدودها كلها لفلان بن فلان وجميع ما له في الدار من

هذا وكف أي منقصة وعيب.

الحديث الرابع : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « نعم يجوز » إما مجملا مع عدم العلم بالحدود أو مفصلا مع العلم بها ليوافق المشهور ، وسائر الأخبار.

قوله عليه‌السلام : « ما يملك » أي بنسبته مع الثمن كما هو المشهور ، أو بكله إذا علم المشتري أن المبيع بعض هذه القرية ، وإنما ذكر الكل لعدم علمه بالحدود.قوله : « هل يجوز » لعله يسأل أنه لما كان البيع واقعا على البعض في الصورة المفروضة وعلم بشهادة أهل القرية حدود ذلك البعض يجوز له أن يشهد على بيع ذلك البعض بحدوده بتلك النسبة من الثمن أو بكله على الاحتمالين؟ فأجابعليه‌السلام بالجواز مع العلم والمعرفة.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379